الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 17 أكتوبر 2020

الطعن 1394 لسنة 36 ق جلسة 14 / 3 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 78 ص 415

جلسة 14 من مارس سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.

----------------

(78)
الطعن رقم 1394 لسنة 36 القضائية

(أ، ب) ضرر. " الضرر المادي. الضرر الأدبي". مسئولية مدنية. " مسئولية تقصيرية ". تعويض. حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
(أ) شرط توافر الضرر المادي هو الإخلال بحق أو بمصلحة للمضرور. للمجني عليه الذي يموت عقب إصابته مباشرة الحق في التعويض عن الضرر الذي لحقه. انتقال هذا الحق من بعده إلى ورثته. لهم مطالبة المسئول بجبر الضرر الذي لحق بمورثهم.
(ب) الضرران المادي والأدبي سيان في إيجاب التعويض لمن أصابه شيء منهما. تقديره في كل منهما. موضوعي.
إحاطة الحكم بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية. لا تثريب عليه إن هو لم يبين مقدار التعويض الذي قضى به عن كل من الضررين على حدة.

---------------------
1  - إن شرط توافر الضرر المادي هو الإخلال بحق أو بمصلحة للمضرور، وفي اعتداء الجاني على المجني عليه والقضاء على حياته إخلال جسيم بحقه في سلامة جسمه وصون حياته، وإذ كان الاعتداء يسبق بداهة الموت بلحظة فإن المجني عليه يكون خلالها - مهما قصرت - أهلا لكسب الحقوق ومن بينها الحق في التعويض عن الضرر الذي لحقه وحسبما يتطور إليه هذا الضرر ويتفاقم، ومتى ثبت له ذلك الحق قبل الموت فإنه ينتقل من بعده إلى ورثته فيحق له مطالبة المسئول بجبر الضرر الذي لحق مورثهم من جراء الجروح التي أحدثها به ومن جراء الموت الذي أدت إليه تلك الجروح باعتباره من مضاعفاتها. ولئن كان الموت على كل إنسان إلا أن التعجيل به بفعل الغير عن عمد أو خطأ يلحق بالمجني عليه ضررا ماديا محققا بل هو أبلغ الضرر إذ يسلبه أثمن ما يمتلكه الإنسان وهو الحياة، والقول بغير ذلك وامتناع الحق في التعويض على المجني عليه الذي يموت عقب الإصابة مباشرة وبجواز ذلك الحق لمن يبقى على قيد الحياة مدة عقب الإصابة يؤدي إلى نتيجة تتأبي على المنطق، وإلا كان الجاني الذي يصل في اعتدائه إلى حد الإجهاز على ضحيته فورا في مركز يفضل ذلك الذي يقل عنه خطورة فيصيب المجني عليه بأذى دون الموت.
2 - الضرران المادي والأدبي سيان في إيجاب التعويض لمن أصابه شيء منهما، وتقديره في كل منهما خاضع لسلطة محكمة الموضوع بغير معقب عليها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، فإنه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية. ولا تثريب عليه بعد ذلك إذ هو لم يبين مقدار التعويض الذي قضى به عن كل من الضررين على حدة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - محمود محمد سالمان. 2 - محمدي علي سعودي بأنهما في يوم 30 من يوليه سنة 1963 بدائرة مركز بلبيس محافظة الشرقية: قتلا محمود عبد الله محمود الأعرج عمدا بأن توافقا على قتله وطلب المتهم الثاني من الأول إطلاق النار عليه من السلاح الناري الذي كان يحمله المتهم الأول ووقف المتهم الثاني بجواره يشد أزره فأطلق المتهم الأول عيارا ناريا قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. وبجلسة 11 ديسمبر سنة 1965 طلبت النيابة العامة في مواجهة المتهمين تعديل القيد والوصف كالآتي: (أولا) المتهم الأول قتل عمدا محمود عبد الله محمود الأعرج بأن أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته. (ثانيا) المتهم الثاني اشترك مع المتهم الأول بطريق التحريض على قتل المجني عليه سالف الذكر بأن حثه على ذلك فوقعت الجريمة بناء على ذلك التحريض وأضافت المادتين 40/ 1 و41 من قانون العقوبات إلى مدة القيد. وادعى والد المجني عليه مدنيا في تحقيق النيابة قبل المتهمين طالبا إلزامهما بقرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت ثم عدل طلباته أمام مستشار الإحالة إلى ألفي أجنيه بالتضامن بينهما ووزير الداخلية بصفته مسئولا عن الحقوق المدنية ثم قرر الحاضر عن المدعي بالحقوق المدنية بجلسة المحاكمة أن موكله توفى ووجه طلباته المعدلة من ورثته جوده وأحمد الجميل وعبد الحميد ومنجدة وفاطمة (أولاده) والسيدة نبوية عبد الوهاب حمد إلى المتهمين والمسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة جنايات الزقازيق انتهت إلى تعديل الوصف إلى أن المتهم الأول أحدث بمحمود عبد الله محمود الأعرج الإصابات النارية المبينة في التقرير الطبي الشرعي ولم يكن يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى إلى موت وقضت حضوريا بتاريخ 12 من ديسمبر سنة 1965 عملا بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهم الثاني بمعاقبة المتهم الأول بالسجن خمس سنين وإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين أن يؤديا إلى المدعين بالحقوق المدنية بصفتهم مبلغ خمسمائة جنيه وفوائده القانونية بواقع 4% من يوم الحكم حتى تاريخ السداد والمصاريف المدنية المناسبة وببراءة المتهم الثاني مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله. فطعنت إدارة قضايا الحكومة عن وزارة الداخلية المسئولة عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن - وزير الداخلية - بصفته أن يؤدي التعويضات المحكوم بها باعتباره مسئولا عن الحقوق المدنية قد أخطأ في القانون، ذلك بأن الحكم أقام قضاءه بالتعويض عن الضرر المادي على أساس قيام حق المجني عليه في اقتضاء تعويض عن موته وأن هذا الحق قد انتقل من بعده إلى ورثته - مع أن الثابت أن المجني عليه خر صريعا فور إطلاق النار عليه مما لا يتصور معه القول بأنه يستحق تعويضا عن موته وأن هذا الحق قد انتقل إلى والده من بعده، لأنه في اللحظة التي تولد فيها الحق في التعويض عن الوفاة كان المورث قد فارق الحياة وامتنع أن تكون له ذمة مالية تتلقى ذلك الحق حتى يصح لورثته من بعده المطالبة به نيابة عن المورث. ومن ناحية أخرى فإن الحكم لم يحدد مقدار التعويض المادي الذي يستحقه المجني عليه عن موته وإنما أدمجه في التعويض عن الضرر الأدبي الذي لحق والد المجني عليه عن فقد ولده مفترضا أن الأب هو الوارث الوحيد للمجني عليه بغير أن يفطن إلى أن والدة المجني عليه تستحق نصيبا في ذلك التعويض المادي حسب الفريضة الشرعية. وخاصة أن المحكمة لم تشر في حكمها إلى أن التعويض المادي المقضي به يقتصر على نصيب المحكوم له وحده.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان المتهم الأول بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. عرض إلى الدعوى المدنية بقبولها قبل المتهم الأول والمسئول عن الحقوق المدنية ورفضها قبل المتهم الثاني المحكوم ببراءته في قوله: " إنه بالنسبة للدعوى المدنية فقد أقيمت أصلا من المرحوم عبد الله الأعرج والد المجني عليه والذي ادعى مدنيا في تحقيق النيابة بتاريخ 5 من أغسطس سنة 1963 بمبلغ قرش صاغ ضد المتهمين، وبجلسة 22 مارس سنة 1964 أمام السيد مستشار الإحالة عدل طلباته إلى مبلغ 2000 ج بالتضامن بين المتهمين والسيد وزير الداخلية - الطاعن - طبقا للمادة 174 مدني باعتباره مسئولا عن أعمالهما أثناء وبسبب تأدية وظيفتهما. وبجلسة 21 يناير سنة 1965 قرر الحاضر عن المدعي بالحق المدني المذكور أن موكله قد توفي لرحمة الله في نوفمبر سنة 1964 وأنه يحضر عن ورثته جوده وأحمد الجميل وعبد الحميد ومنجده وفاطمة أولاده والسيدة نبوية عبد الوهاب حمد حتى يستمر سير الدعوى المدنية طبقا للمادة 299 مرافعات دون أن تنقطع سير الخصومة ووجه طلباته المعدلة إلى المتهمين والمسئول عن الحقوق المدنية بالتضامن فيما بينهم بعرائض معلنة في 24 و25 و26 مايو سنة 1965 بناء على طلباتهم باعتبارهم ورثة لمورثهم المرحوم عبد الله الأعرج رافع الدعوى ووالد المجني عليه القتيل وبذلك فإن الدعوى قاصرة على حقوقهم كورثة لهذا بما كان له الحق ولو استمر حيا لا باعتبارهم أصلا..... وإنه عن الدعوى المدنية المذكورة فهي بالنسبة للمتهم الثاني المحكوم ببراءته في غير محلها لانعدام ركن الخطأ من جانبه... أما بالنسبة الأول المحكوم بإدانته ومعاقبته عن جناية الضرب المفضي إلى الموت التي ثبتت في حقه فإن ركن الخطأ يتوافر بثبوت هذا الفعل. وأما عن ركن الضرر الذي لحق مورث المدعيين المرحوم عبد الله الأعرج باعتباره والدا للمجني عليه القتيل والتي بنيت الدعوى المرفوعة منه على أساسه فإن هذا الضرر نوعان مادي وأدبي. أما بالنسبة للتعويض المادي فإن هناك ضررا ماديا أصاب المجني عليه نفسه ذلك أن التعدي عليه بضربه ضربا أفضى إلى موته يمثل في حد ذاته إخلالا بحقه في سلامة حياته وسلامة جسمه وهو أبلغ أنواع الضرر المادي الذي لحق به عند الموت والذي فقد به أثمن شئ مادي يملكه وهو حياته وخلفه (والده مورث المدعين) أن يطالب مكانه بتعويض هذا الضرر المادي الذي ينتقل إليه باعتباره خلفا عاما له وينتقل بدوره إلى ورثته المدعيين الحاليين وهذا هو الشق الأول من عناصر التعويض أما عن القول بحصول ضرر مادي أصاب والد المجني عليه من جراء موت ابنه فإنه ليس بالأوراق ما يدل على حصوله مثل هذا الضرر إذ لم يثبت أن هذا الابن المجني عليه كان عائلا لوالده أو مقيما معه. أما بالنسبة للتعويض الأدبي فإنه لا محل للقول بأن هناك ضررا أدبيا أصاب الميت (المجني عليه) نفسه لأن هذا الضرر الأدبي الذي أصابه هو لا ينتقل إلى ورثته إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق أو طالب به الدائن أمام القضاء طبقا للمادة 222 مدني وهو ما لم يحدث لوفاته عقب إصابته. ولكن هناك محلا للقول بأن ضررا أدبيا أصاب رافع الدعوى (مورث المدعين) في عواطفه وشعوره الشخصي من جراء وفاة ابنه المجني عليه القتيل باعتباره الابن الأكبر له ويستحق ذلك المورث تعويضا عما أصابه من ألم حقيقي بموت إبنه المصاب وهو ضرر يصيبه بطريق مباشر وباعتبار أنه الدرجة الأولى بالنسبة لابنه ويدخل في نطاق من يجوز له المطالبة بالتعويض الأدبي وفقا للفقرة الثانية من المادة 222 مدني وهذا هو الشق الثاني من عناصر التعويض والذي ينتقل حقه فيه إلى ورثته المدعين باعتبار أنه من الحقوق المالية التي تعد جزءا من تركته وتنتقل بوفاته إلى المدعيين باعتبارهم ورثة له..... وإن هذا الضرر الذي حاق بالمدعيين إنما جاء نتيجة للخطأ الذي وقع من جانب المتهم الأول باعتباره مسئولا عن فعله غير المشروع طبقا للمادة 163 مدني وتقدر المحكمة التعويض بعنصريه سالفي الذكر بمبلغ 500 ج وإنه بالنسبة للمسئول عن الحقوق المدنية فإن وزارة الداخلية مسئولة باعتبار أن المتهم الأول وهو خفير نظامي تابع لها وقد وقع هذا الفعل الغير مشروع منه أثناء وبسبب تأدية وظيفته طبقا للمادة 174 مدني التي توافرت عناصرها من توافر رابطة التبعية ومن وجود سلطة فعلية للوزارة المذكورة على المتهم الأول باعتباره خفيرا نظاميا ومن ثبوت حقها توجيهه ورقابتها عليه في تنفيذه لأوامرها وقد حصل الخطأ أثناء وبسبب تأدية الوظيفة بأن ضرب المجني عليه وأحدث به الإصابات التي أفضت لموته أثناء قيامه بتنفيذ أمر ضبط المجني عليه وبذلك يتعين الحكم بإلزام المسئول عن الحقوق المدنية بالتضامن مع المتهم الأول بمبلغ التعويض سالف الذكر ". لما كان ذلك، وكان مؤدى ذلك ما أورده الحكم فيما تقدم أن المحكمة بعد أن ثبت لديها أن المتهم الأول قد اقترف الفعل الضار الذي أودى بحياة المجني عليه قضت بإلزام الجاني والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين أن يؤديا إلى المدعي بالحقوق المدنية تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية، أما الضرر المادي فيعود إلى حق المجني عليه في اقتضاء تعويض عن موته وأن ذلك الحق قد انتقل من بعده إلى خلفه، وأما التعويض الأدبي فيرجع إلى ما أصاب والد المجني عليه - مورث المطعون ضدهم - مباشرة في عواطفه وشعوره من جراء وفاة إبنه. وما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من خطأ في القانون حين قضى للمدعين بالحقوق المدنية بالتعويض عن الضرر المادي الذي لحق المجني عليه بالوفاة الفورية على إثر إطلاق النار عليه تأسيسا على أنه بهذا الموت الفوري لا تكون له ذمة مالية تتلقي حق التعويض ومن ثم فلا ينتقل من بعده إلى ورثته، ما ينعاه الطاعن من ذلك مردود بأن شرط توافر الضرر المادي هو الإخلال بحق أو بمصلحة للمضرور، وفي اعتداء الجاني على المجني عليه والقضاء على حياته إخلال جسيم بحقه في سلامة جسمه وصون حياته، وإذ كان الاعتداء يسبق بداهة الموت بلحظة فإن المجني عليه يكون خلالها - مهما قصرت - أهلا لكسب الحقوق ومن بينها الحق في التعويض عن الضرر الذي لحقه وحسبما يتطور إليه الضرر ويتفاقم ومتى ثبت له ذلك الحق قبل الموت فإنه ينتقل من بعده إلى ورثته فيحق لهم مطالبة المسئول بجبر الضرر الذي لحق مورثهم من جراء الجروح التي أحدثها به ومن جراء الموت الذي أدت إليه تلك الجروح باعتباره من مضاعفتها. ولئن كان الموت حقا على كل إنسان، إلا أن التعجيل به - بفعل الغير عن عمد أو خطأ - يلحق بالمجني عليه ضررا ماديا محققا بل هو أبلغ الضرر، إذ يسلبه أثمن ما يمتلكه الإنسان وهو الحياة. والقول بغير ذلك، وبامتناع الحق في التعويض على المجني عليه الذي يموت عقب الإصابة مباشرة وبجواز ذلك الحق لمن يبقى على قيد الحياة مدة عقب الإصابة يؤدي إلى نتيجة تتأبى على المنطق وإلا كان الجاني يصل في اعتدائه إلى حد الإجهاز على ضحيته فورا في مركز يفضل ذلك يقل عنه خطورة فيصيب المجني عليه بأذى دون الموت. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى لخلف المجني عليه بالتعويض عن الضرر المادي الذي لحق مورثه بسبب وفاته فإنه لا يكون مخالفا للقانون. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد قدرت مبلغ التعويض الذي قضت به بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وارتأت تناسبه مع الضرر المادي والأدبي الذي وقع نتيجة للفعل الضار الذي قارفه الجاني وكان الضرران المادي والأدبي سيان في إيجاب التعويض لمن أصابه شيء منهما وتقديره في كل منهما خاضع لسلطة محكمة الموضوع بغير معقب عليها. وإذا كان الحكم المطعون فيه قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية فإنه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية، ولا تثريب عليه بعد ذلك إذ هو لم يبين مقدار التعويض الذي قضى به عن كل من الضررين على حدة، ولا يعيبه كذلك أنه لم يحدد نصيب والدة المجني عليه في التعويض المحكوم به عن الضرر المادي ما دام أنها كانت طرفا في الدعوى المدنية بعد وفاة والد المجني عليه وقضى لها بالتعويض مع باقي الورثة، عن وجهي الضرر جملة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه.

الطعن 1454 لسنة 36 ق جلسة 14 / 3 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 79 ص 422

جلسة 14 من مارس سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمود عزيز الدين سالم، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.

------------------

(79)
الطعن رقم 1454 لسنة 36 القضائية

إشكال. " سلطة محكمة الإشكال ".
سلطة محكمة الإشكال. نطاقها. تحديدها بطبيعة الإشكال ذاته الذي لا يرد إلا على تنفيذ حكم بطلب وقفه مؤقتا حتى يفصل في النزاع نهائيا وفقا للمادتين 524، 525 إجراءات.

-------------------
سلطة محكمة الإشكال محدد نطاقها بطبيعة الإشكال ذاته، الذي لا يرد على تنفيذ حكم بطلب وقفه مؤقتا حتى يفصل في النزاع نهائيا وفقا للمادتين 524، 525 من قانون الإجراءات الجنائية، فهو نعى على التنفيذ لا على الحكم. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن محكمة الإشكال قد تصدت في قضائها إلى موضوع الحكم المتشكل فيه فأيدته ثم استظهرت مبررات وقف التنفيذ مستندة إلى أمور هي في جملتها سابقة على الحكم، فإنها تكون بذلك قد جاوزت ولايتها وأهدرت الحكم المستشكل فيه. ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما قضى به من تأييد الحكم المستأنف وإيقاف تنفيذ العقوبة وتصحيحه بإلغاء ما أمر به من وقف تنفيذ تلك العقوبة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في خلال شهر أغسطس سنة 1955 بدائرة قسم أول طنطا: بدد المهمات المبينة بالمحضر والمملوكة لمحسن محمد عبد الفتاح وآخرين وكانت قد سلمت إليه بصفة كونه وكيلا للمتهم فاختلسها لنفسه إضرارا بالمجني عليه. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. ومحكمة قسم أول طنطا قضت غيابيا بتاريخ 12 من فبراير سنة 1958 عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم أربعة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة قرش لإيقاف التنفيذ. فعارض المحكوم عليه وقضى في معارضته بتاريخ 29 من مارس سنة 1961 بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف هذا الحكم كل من النيابة العامة والمحكوم عليه. ومحكمة طنطا الابتدائية قضت - بهيئة استئنافية - غيابيا بتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1964 (أولا) بعدم قبول استئناف المتهم شكلا للتقرير به بعد الميعاد (ثانيا) قبول استئناف النيابة شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل. فعارض المتهم وقضى في معارضته بتاريخ 3 من مايو سنة 1965 باعتبارها كأن لم تكن. فاستشكل المحكوم عليه وقضى في إشكاله بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1965 بقبوله شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم الجنائي المستشكل فيه أمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم صدور هذا الحكم (حكم الإشكال). فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ تصدى للفصل في الإشكال المرفوع من المحكوم عليه وقضى بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المحكمة تعرضت لموضوع الدعوى الذي سبق الفصل فيه بحكم نهائي وأهدرت بقضائها حجية الحكم المستشكل في تنفيذه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد مبنى الإشكال عرض لموضوع الدعوى في قوله: " ومن حيث أنه لما كانت التهمة ثابتة قبل المتهم ثبوتا كافيا إذ لم يقم الدليل بعد على أنه رد هذه المهمات إلى شركة أولاد عبد الفتاح التي استلمها منها على سبيل عارية الاستعمال، ومن ثم يكون الحكم القاضي بإدانته في محله قانونا وعلى سند صحيح من الوقائع ومن القانون ويتعين لذلك تأييده ورفض الإشكال موضوعا، إلا أن المحكمة ترى من ظروف الدعوى وملابساتها ومن خلو صحيفة المتهم من السوابق ومن كبر سنه وقد تجاوز السبعين ما يساعد على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مقارفة الجريمة مستقبلا ومن ثم تأمر بوقف تنفيذ العقوبة عملا بنص المادتين 55 و56 عقوبات. وما انتهى إليه الحكم فيما قضى به من تأييد الحكم الاستئنافي وإيقاف تنفيذ العقوبة غير سديد، ذلك بأن سلطة محكمة الإشكال محدد نطاقها بطبيعة الإشكال ذاته الذي لا يرد إلا على تنفيذ حكم بطلب وقفه مؤقتا حتى يفصل في النزاع نهائيا وفقا للمادتين 524 و525 من قانون الإجراءات الجنائية فهو نعي على التنفيذ لا على الحكم. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن محكمة الإشكال قد تصدت في قضائها إلى موضوع الحكم المستشكل فيه فأيدته ثم استظهرت مبررات وقف التنفيذ مستندة إلى أمور هي في جملتها سابقة على الحكم فإنها تكون بذلك قد جاوزت ولايتها وأهدرت حجية الحكم المستشكل فيه لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما قضى به من تأييد الحكم المستأنف وإيقاف تنفيذ العقوبة وتصحيحه بإلغاء ما أمر به من وقف تنفيذ تلك العقوبة.

الطعن 1986 لسنة 36 ق جلسة 14 / 3 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 80 ص 425

جلسة 14 من مارس سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ حسين السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: جمال المرصفاوي، ومحمد محفوظ، وحسين سامح، ومحمود عطيفه.

-----------------

(80)
الطعن رقم 1986 لسنة 36 القضائية

(أ) تأمينات اجتماعية. عمل.
سريان قانون التأمينات الاجتماعية على جميع العاملين في الدولة عدا من استثنى منهم ومن بينهم ذوي المهن الحرة. عدم سريان هذا القانون على الفئات المستثناة لا يرفع عن كاهلهم وجوب الاشتراك في الهيئة عن العمال الذين يستخدمونهم ويؤدون لهم أجرا ويخضعون لسلطتهم وإشرافهم: شرط سريان القانون المذكور على تلك الفئات ؟ صدور قرار جمهوري بذلك.
(ب) نقض. " الطعن بالنقض. نطاقه". " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام ". ارتباط.
الطعن بالنقض في الحكم الصادر ضد المتهم عن جريمتين مرتبطتين ارتباطا لا يقبل التجزئة - وإن اقتصر على إحدى الجريمتين - يتناول حتما ما قضي به الحكم فيما يتعلق بالجريمة الثانية، ولو كانت إحدى الجريمتين مخالفة.
متى يجوز الطعن بالنقض في الحكم الصادر في مخالفة ؟ إذا كان محل الطعن جنحة ومخالفة مرتبطة بها.

-------------------
1 - البين من استقراء نصوص المادتين 2، 4 من القانون رقم 63 لسنة 1964 بشأن التأمينات الاجتماعية أن الأصل أن قانون التأمينات الاجتماعية إنما يسري بوجه عام على جميع العاملين في الدولة على مختلف فئاتهم عدا من استثنى منهم وعددهم القانون على سبيل الحصر، ومن هؤلاء ذوي المهن الحرة والمشتغلين لحسابهم - ممن لا يندرجون في عداد العاملين طبقا لأحكام قانون العمل - وأصحاب الحرف والمشتغلين في منازلهم صاحب العمل وأصحاب الأعمال أنفسهم. وقد تطلب القانون لخضوع هذه الفئات لقانون التأمينات الاجتماعية صدور قرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح وزير العمل وبعد موافقة مجلس الإدارة بسريان أحكام القانون عليهم. وعدم صدور قرار رئيس الجمهورية وإن حال بين هذه الفئات وبين الانتفاع بمزايا القانون - لأنهم لا يعتبرون عمالا في مجال تطبيق قانون العمل - إلا أنه لا يرفع عن كاهلهم - بوصف كونهم أصحاب عمل - واجبا ألزمهم القانون به وهو الاشتراك في الهيئة عن العمال الذين يستخدمونهم ويؤدون لهم أجرا ويخضعون لسلطتهم وإشرافهم. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالبراءة على أساس أن قرارا لم يصدر بسريان أحكام قانون التأمينات الاجتماعية على ذوي المهن الحرة (ومنهم المطعون ضده) فإنه يكون قد خلط بين انتفاع المطعون ضده بمزايا القانون - وهو لا يتأتى إلا بصدور قرار رئيس الجمهورية - وبين الواجب الذي ألزمه القانون به (بصفته رب عمل) وهو اشتراكه في الهيئة لصالح من يستخدمهم من عمال.
2 - من المقرر أنه إذا كانت الجريمتان المسندتان إلى المتهم قد ارتكبتا لغرض واحد وكانت كل منهما مرتبطة بالأخرى ارتباطا لا يقبل التجزئة وفصلت المحكمة فيهما بحكم واحد، فإن الطعن في هذا الحكم - وإن اقتصر على إحدى الجريمتين - يتناول حتما ما قضى به الحكم فيما يتعلق بالجريمة الثانية حتى يمكن إنزال حكم القانون في هذه الحالة بتوقيع عقوبة واحدة هي عقوبة الجريمة الأشد، ولا يحول دون ذلك أن تكون إحدى هاتين الجريمتين مخالفة، ذلك بأن النص على عدم جواز الطعن بطريق النقض على أحكام المخالفات مرده الطعن الموجه إلى المخالفة وحدها، أما إذا كانت المخالفة مرتبطة بجنحة فإنها يصح أن تكون محلا للطعن الذي يرفع عنها وعن جريمة الجنحة معا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 5/ 5/ 1965 بدائرة مركز منوف: (أولا) بصفته رب عمل لم يشترك لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية عن العامل الموضح اسمه بالمحضر. (ثانيا) بصفته سالف الذكر لم يعد في محل العمل السجلات والدفاتر المقررة. وطلبت معاقبته بالمواد 1 و2 و4 و126 و130 من القانون رقم 63 لسنة 1964. ومحكمة منوف الجزئية قضت حضوريا في أول ديسمبر سنة 1965 عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم 100 ق عن كل تهمة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا في 24/ 3/ 1966 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة المتهم مما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده - وهو من ذوي المهن الحرة - من جريمتي عدم اشتراكه لدى الهيئة العامة للتأمينات عن عامل لديه وعدم إعداده بمحل العمل السجلات والدفاتر المقررة استنادا إلى أن المادة الثانية من القانون رقم 63 سنة 1964 بشأن التأمينات الاجتماعية قد علقت سريانه على ذوي المهن الحرة - على صدور قرار من رئيس الجمهورية، وأن هذا القرار لم يصدر بعد، قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله، ذلك بأن هذه المادة نصت على سريان أحكام القانون على جميع العاملين وكذا المتدرجين منهم عدا فئات معينة - لا يندرج فيها عامل المطعون ضده - كما أن القانون إذ استثنى من تطبيق أحكامه ذوي المهن الحرة والمشتغلين لحسابهم إنما عنى من يشتغلون لحسابهم الشخصي.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده - وهو محام - بوصف أنه (أولا) بصفته رب عمل لم يشترك لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية عن العامل الموضح اسمه بالمحضر. و(ثانيا) بصفته سالفة الذكر لم يعد بمحل العمل السجلات والدفاتر المقررة. وطلبت النيابة العامة بمعاقبته بالمواد 1 و2 و4 و126 و130 من القانون رقم 63 لسنة 1964. ومحكمة أول درجة قضت بتغريمه مائة قرش عن كل تهمة. فاستأنف، ومحكمة ثاني درجة - بحكمها المطعون فيه - قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المطعون ضده مما أسند إليه، واستندت في قضائها إلى القول " إنه بمطالعة المادة 2 من القانون رقم 63 لسنة 1964 تبين أنها نصت على تعليق سريان قانون التأمينات الاجتماعية على صدور قرار من وزير الشئون الاجتماعية. وحيث إنه لم يصدر قرار وزير الشئون الاجتماعية بسريان هذا القانون على المشتغلين بالمهن الحرة غير التجارية. ومن ثم تكون التهمة على غير أساس. لما كان ذلك، وكانت المادة الثانية من القانون 63 لسنة 1964 بشأن التأمينات الاجتماعية تنص على أنه " تسري أحكام هذا القانون على جميع العاملين وكذا المندرجين منهم فيما عدا الفئات الآتية: 1 - العاملين في الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة ووحدات الإدارة المحلية المنتفعين بأحكام قوانين التأمين والمعاشات. 2 - العاملين في الزراعة إلا فيما يرد به نص خاص. 3 - خدم المنازل. ولرئيس الجمهورية بناء على اقتراح وزير العمل وبعد موافقة مجلس الإدارة أن يصدر قرارا بسريان أحكام هذا القانون على الفئات الآتية كلها أو بعضها وبين في هذا القرار شروط وأوضاع الانتفاع بالتأمينات الاجتماعية وطريقة حساب الأجور والمزايا بالنسبة إلى هذه الفئات: 1 - العاملون المشار إليهم في البندين 2 و3 من الفقرة السابقة. 2 - المشتغلون في منازلهم لحساب صاحب العمل. 3 - ذوي المهن الحرة المشتغلين لحسابهم وأصحاب الحرف. 4 - أصحاب الأعمال أنفسهم ". ونصت المادة الرابعة على أنه " يكون التأمين في الهيئة وفقا لأحكام هذا القانون إلزاميا بالنسبة إلى جميع أصحاب الأعمال والعاملين لديهم. ولا يجوز تحميل العاملين أي نصيب في نفقات التأمين إلا فيما يرد به نص خاص ". ولما كان البين من استقراء نصوص هاتين المادتين أن الأصل أن قانون التأمينات الاجتماعية إنما يسري بوجه عام على جميع العاملين في الدولة على مختلف فئاتهم عدا من استثنى منهم وعددهم القانون على سبيل الحصر - ومن هؤلاء ذوي المهن الحرة والمشتغلين لحسابهم - ممن لا يندرجون في عداد العاملين طبقا لأحكام قانون العمل - وأصحاب الحرف والمشتغلين في منازلهم لحساب صاحب العمل وأصحاب الأعمال أنفسهم. وقد تطلب القانون لخضوع هذه الفئات لقانون التأمينات الاجتماعية صدور قرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح وزير العمل وبعد موافقة مجلس الإدارة بسريان أحكام القانون عليهم. لما كان ذلك، وكان عدم صدور قرار رئيس الجمهورية وإن حال بين هذه الفئات وبين الانتفاع بمزايا القانون - لأنهم لا يعتبرون عمالا في مجال تطبيق القانون قانون العمل - إلا أنه لا يرفع عن كاهلهم - بوصف كونهم أصحاب عمل - واجبا ألزمهم القانون به وهو الاشتراك في الهيئة عن العمال الذين يستخدمونهم ويؤدون لهم أجرا ويخضعون لسلطتهم أو إشرافهم. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالبراءة على أساس أن قرارا لم يصدر بسريان أحكام قانون التأمينات الاجتماعية على ذوي المهن الحرة ومنهم المطعون ضده، فإنه يكون قد خلط بين انتفاع المطعون ضده بمزايا القانون - وهو لا يتأتى إلا بصدور قرار من رئيس الجمهورية - وبين الواجب الذي ألزمه القانون به - بصفته رب عمل - وهو اشتراكه في الهيئة لصالح من يستخدمهم من عمال. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كانت الجريمتان المسندتان إلى المتهم قد ارتكبتا لغرض واحد وكانت كل منهما مرتبطة بالأخرى ارتباطا لا يقبل التجزئة وفصلت المحكمة فيهما بحكم واحد، فإن الطعن في هذا الحكم - وإن اقتصر على إحدى الجريمتين - يتناول حتما ما قضى به الحكم فيما يتعلق بالجريمة الثانية حتى يمكن إنزال حكم القانون في هذه الحالة بتوقيع عقوبة واحدة هي عقوبة الجريمة الأشد، ولا يحول دون ذلك أن تكون إحدى الجريمتين مخالفة، ذلك بأن النص على عدم جواز الطعن بطريق النقض في أحكام المخالفات مرده الطعن الموجه إلى المخالفة وحدها. أما إذا كانت المخالفة مرتبطة بجنحة فإنها يصح أن تكون محلا للطعن الذي يرفع عنها وعن جريمة الجنحة معا، وإذ كان التقرير بالطعن قد انصب على الحكم المطعون فيه جملة، وكانت الجريمتان المنسوبتان إلى المطعون ضده وإن تميزت الواقعة في كل منهما عن الأخرى إلا أنهما ترتدان لسبب واحد ويجمعهما غرض واحد بما يجعلهما مرتبطتين ارتباطا لا يقبل التجزئة. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد حاد عن صواب القانون، فإنه يكون معيبا متعينا نقضه بالنسبة للتهمتين المسندتين إلى المطعون ضده معا، وإذ ما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن بحث موضوع الدعوى، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 1876 لسنة 36 ق جلسة 27 / 3 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 81 ص 430

جلسة 27 من مارس سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: جمال المرصفاوي، ومحمد محفوظ، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه.

---------------

(81)
الطعن رقم 1876 لسنة 36 القضائية

(أ , ب، ج) تزييف. موانع العقاب. مسئولية جنائية .
(أ) شرط تطبيق الفقرة الأولى من المادة 205 عقوبات: صدور الإخبار قبل الشروع في التحقيق.
)ب) شرط انطباق الفقرة الثانية من المادة المذكورة: تمكين إخبار الجاني السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة.
)ج) الفصل في أمر تسهيل القبض على باقي الجناة. موضوعي.

-------------
1 - تشترط الفقرة الأولى من المادة 205 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 68 لسنة 1956 للإعفاء من العقاب صدور الإخبار قبل الشروع في التحقيق.
2  - إنه وإن لم تستلزم الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات المعدلة - المبادرة بالإخبار، إلا أن القانون اشترط - في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار - أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثله لها في النوع والخطورة. فموضوع الإخبار في هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات جدية صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على مرتكبي الجريمة، فإذا كانت السلطات قد تمكنت من معرفة الجناة والقبض عليهم من غير ذلك الطريق فلا إعفاء.
3 - من المقرر أن الفصل في أمر تسهيل القبض على باقي الجناه هو من خصائص قاضي الموضوع وله في ذلك التقدير المطلق ما دام يقيمه على أسباب تسوغه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم في يوم 25 فبراير سنة 1962 بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة: (أولا) المتهمين الأربعة: زيفوا بطريق الاصطناع عملات معدنية من المتداولة قانونا في الجمهورية العربية المتحدة بأن اصطنعوا بطريق الصب قطعا معدنية (خمسين قطعة) من فئة العشرة قروش على غرار العملات الصحيحة (ثانيا) المتهمين الثاني والثالث: روجا قطعا معدنية مزيفة (السالفة الذكر) مع علمهم بتزييفها بأن دفعوا بها إلى التعامل على اعتبار أنها صحيحة (ثالثا) المتهمين الثالث والرابع: حازا بغير مسوغ أدوات وآلات ومعدات مما تستعمل في تقليد العملة المعدنية وتزيفها. وبتاريخ 12 من أبريل سنة 1964 أحيل المتهمون إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا بتاريخ 31 يناير سنة 1966 عملا بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية عن تهمة الترويج المسندة إلى المتهمين الثاني والثالث والمادة 204 مكررا من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الثالث والرابع والمادة 202/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين جميعا مع تطبيق المواد 17 و30 و32 من قانون العقوبات: (أولا) بمعاقبة كل من المتهمين الأربعة بالحبس مع الشغل سنتين ومصادرة جميع المضبوطات (ثانيا) ببراءة كل من المتهمين الثاني والثالث من تهمة الترويج المسندة إليهما. فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

(أولا) عن تقرير الأسباب المقدم من الطاعن الأول سمير بخيت عزازي. حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن المشار إليه هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة تزييف عملة معدنية متداولة قانون في الجمهورية العربية المتحدة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال، ذلك بأن المدافع عن الطاعن طلب إعفاءه من العقاب لأن إخباره السلطات عن باقي الجناة قد مكنها من القبض عليهم، إلا أن الحكم أطرح ذلك الدفاع بأسباب غير سائغة استنادا إلى أن القبض على أولئك الجناة إنما تم بإرشاد شاهد الإثبات حسين الهواري، مع أن إرشاده عن منزل المتهم الثالث في الدعوى لم يسفر عن ضبط شيء من أدوات الجريمة كما أنه أخطا في الإرشاد عن منزل المتهم الرابع وقد أرشد الطاعن عن مسكنه الصحيح وأسفر ذلك عن ضبط بعض أدوات التزييف عنده، كما أرشد عن المتهم الثاني عند ضبطه بالمحطة، وقدم الطاعن ما كان في حوزته من أدوات استعملت في الجريمة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجناية تزييف العملة المعدنية فئة العشرة قروش المتداولة قانونا في البلاد - التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق - عرض لدفاع الطاعن الأول ورد عليه وفنده بقوله: " وحيث إن الدفاع عن المتهم الأول - الطاعن - ذهب إلى أنه يتمتع بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 205 من قانون العقوبات بمقولة إنه أرشد الضابط عن منزل المتهمين الثالث والرابع بعد أن اعترف بالواقعة كما أرشد عن المتهم الثاني وهو يهم بركوب القطار " وحيث إنه لما كان الثابت من التحقيق على النحو الذي سلف بيانه في تفصيل واقعة الدعوى أن حسين الهواري أبلغ الشرطة بالواقعة وبأسماء المتهمين القائمين بالتزييف فقام رجال الشرطة بالمراقبة والتحري وانتهى الحال إلى ضبط المتهمين الأمر الذي يقطع بأن أمر المتهمين الثاني والثالث والرابع كان معروفا للسلطات العامة قبل اعتراف المتهم الأول ومن ثم فإن المتهم المذكور لم يبادر بإخبار الحكومة بجناية التزييف قبل الشروع في التحقيق فلا يتمتع بالإعفاء المنصوص عنه في الفقرة الأولى من المادة 205 ع. كما أنه وقد بدأ التحقيق لم يمكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة موضوع التحقيق لأن أمر هؤلاء المتهمين كان معروفا لتلك السلطات قبل إدلائه باعترافه وبذلك فإنه لا مجال لإعمال حكم الفقرة الثانية من المادة 205 سالفة الذكر، ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الدفاع من أن المتهم المذكور أرشد الضابط عن منزلي المتهمين الثالث والرابع ذلك أنه ولئن كان النقيب جميل مصطفي عزيز قد أثبت في محضر التفتيش المحرر في 25 فبراير سنة 1962 أنه صحب المتهم سمير عزازي للإرشاد عن منزل المتهم الرابع محمد مصطفى الجندي كما صحبه عندما توجه إلى منزل المتهم الثالث عزت عشماوي فإن الضابط المذكور كان قد أثبت في محضره المؤرخ 19 فبراير سنة 1962 أن حسين الهواري أرشد عن منزل المتهمين الثالث والرابع لمراقبتهما الأمر الذي يقطع في الدلالة على أن أمر هذين المنزلين كان معلوما للضابط قبل أن يصطحب المتهم الأول إليهما، ويفيد أن اصطحاب المتهم المذكور إنما كان بقصد اتخاذ إجراءات التفتيش في حضور الجميع، أما بالنسبة للمتهم الثاني فقد أثبت الضابط في محضر التفتيش أن المتهم الأول أخبره أنه لا يعرف عنوان منزله كما أثبت في محضره المؤرخ 26 من فبراير سنة 1962 أنه انتقل مع المتهم الأول للإرشاد عن منزل المتهم الثاني ولكنه لم يرشده، وإذا كان الضابط قد أثبت في محضر ضبط المتهم أنه تمكن من ضبطه عند ركوبه القطار من محطة باب اللوق متجها إلى مقر عمله بإرشاد المتهم الأول فإن هذا لا يفيد أن المتهم الأول قد ساهم في ضبط المتهم الثاني لأن الثابت من مطالعة المحضر المحرر بمعرفة النقيب جميل مصطفى عزيز في يوم 19 فبراير سنة 1962 أي قبل اكتشاف الواقعة أنه شاهد شخصا ذكر أوصافه يسير مع المرشد حسين الهواري وعلم من هذا الأخير أنه المتهم الثاني الأمر الذي يفيد أن الضابط عرف المتهم الثاني في هذه المقابلة فلم يكن إذن في حاجة إلى المتهم الأول ليرشده عنه عند ركوبه القطار وأن اصطحابه المتهم الأول في هذا الوقت إنما قصد منه أن يكون حاضرا الضبط لاتخاذ ما يلزم من إجراءات جمع الاستدلالات على الفور، ومن ذلك كله يبين أن المتهم لم يساهم بأي صورة من الصور في تمكين السلطات من التوصل إلى الكشف عن غيره من المتهمين وبذلك لا يكون ثمة مجال لإعمال حكم المادة 205 من قانون العقوبات في شأن المتهم المذكور". وما أورده الحكم فيما تقدم يسوغ ما انتهى إليه من أن أخبار الطاعن كان بعد الشروع في التحقيق ولم يمكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة لأن أمرهم كان معروفا لتلك السلطات من قبل بناء على إرشاد المرشد حسين الهواري ومن المراقبة التي قام بها الضابط للمتهمين. ولما كان الطاعن يسلم في أسباب طعنه بأنه أدلى بإقراره عقب القبض عليه وتفتيشه بإذن من النيابة العامة فقد دل بذلك على صدور الإخبار في الشروع في التحقيق ومن ثم فقد تخلفت مقومات الإعفاء المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 205 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 68 لسنة 1956 التي تشترط للإعفاء صدور الإخبار قبل الشروع في التحقيق. وإذ لم يخالف الحكم هذا النظر، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون - أما بالنسبة إلى الفقرة الثانية من المادة المشار إليها فإنها وإن لم تستلزم المبادرة بالإخبار،إلا أن القانون اشترط - في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار - أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة. فموضوع الإخبار في هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات جدية صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على مرتكبي الجريمة، فإن كانت السلطات قد تمكنت من معرفة الجناة والقبض عليهم من غير ذلك الطريق فلا إعفاء. لما كان مؤدى ما حصله الحكم أن الضابط كان قد تمكن من معرفة باقي الجناة والقبض عليهم لا عن طريق الطاعن بل عن طريق المرشد حسين الهواري ومن المراقبة الدقيقة التي قام بها الضابط نفسه وتعرف منها على منزل المتهمين الثالث والرابع ومشاهدة المتهم الثاني وتعرفه على أوصافه التي دونها بالمحضر - كل ذلك من قبل إخبار الطاعن - وقد تمكن بذلك من القبض عليهم، وأن مصاحبة الضابط للطاعن أثناء الضبط لم يقصد به سوى إتمام التفتيش في حضور الجناة جميعا. ولما كان الطاعن لا ينازع في صحة ما أثبته الحكم من وقائع أو أدلة لها مأخذها الصحيح من الأوراق، وكان من المقرر أن الفصل في أمر تسهيل القبض على باقي الجناة هو من خصائص قاضي الموضوع وله في ذلك التقدير المطلق ما دام يقيمه على أسباب تسوغه، فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل، إذ لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا حول القوة التدليلية للعناصر التي استنبطت منها المحكمة معتقدها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو مجادلتها في شأنه أمام محكمة النقض، ومن ثم فلا يقبل النعي على المحكمة فيما قدرته من أن إخبار الطاعن لم يكن بذاته مؤديا إلى القبض على باقي الجناة ويكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
(ثانيا) عن تقرير الأسباب المقدم من الطاعن الثاني السيد السيد مندور.
حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن المذكور هو القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم المطعون فيه عول في إدانته بجريمة تزييف العملة المعدنية المبينة فيما سلف على أقوال الشاهد حسين الهواري مع أنه لا يبين منها وجه مساهمة الطاعن فيها وقد جاءت نقلا عن المتهمين الأول والثالث ولم يسفر التحقيق عن ضبط شيء من متعلقات الجريمة بحوزته. هذا إلى أن المحكمة لم تحقق دفاعه بأنه كان مريضا في الفترة التي وقع فيها الحادث. كما لم تحقق إنكاره شراء السبيكة - المستعملة في الجريمة - من متجر يوسف حمصي وذلك بسؤال هذا الأخير والتأكد منه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا حول سلطة المحكمة التقديرية في الأخذ بقول شاهد أو قول متهم على آخر متى كانت قد اطمأنت إليها مما لا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها عليه، هذا إلى أن ضبط جسم الجريمة في حوزة المتهم غير لازم لإدانته ما دامت المحكمة قد اقتنعت بإدانته من أدلة الثبوت التي أوردتها المؤدية إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن المؤسس على مرضه في فترة ارتكاب الحادث وإنكاره شراء السبيكة ورد عليه ردا سائغا أشار به إلى أن فترة مرضه التي قضاها بالمستشفى من 10 إلى 13 فبراير سنة 1962 هي فترة سابقة على الإبلاغ عن الحادث بواسطة المرشد الذي تم في يوم 16 فبراير سنة 1962 وأن مشاهدة الضابط له بصحبة المرشد كانت في يوم 19 منه ولم ينسب المرشد المذكور أو المتهمون الأول والثالث والرابع إلى الطاعن شيئا في الفترة التي قال بمرضه فيها.
وحيث إنه لما تقدم، يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 2084 لسنة 36 ق جلسة 27 / 3 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 82 ص 436

جلسة 27 من مارس سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.

-----------------

(82)
الطعن رقم 2084 لسنة 36 القضائية

ربا فاحش. إثبات. " إثبات بوجه عام".
عقد القرض بالربا الفاحش لا ينفك عن جريمة الربا التي تنشأ منه وتلازمه. اعتباره في جملته واقعة واحدة يتكون منها الفعل الجنائي المعاقب عليه. جواز إثباتها وإثبات الاعتياد عليها بكافة طرق الإثبات.

---------------
إن عقد القرض بالربا الفاحش لا ينفك عن جريمة الربا لأنها تنشأ منه وتلازمه، فعقود القرض بهذه المثابة تعتبر في جملتها واقعة واحدة ومنها يتكون الفعل الجنائي المعاقب عليه بمقتضى المادة 339/ 3 من قانون العقوبات فتجري عليها ما يجري على نظائرها من المسائل الجنائية من طرق الإثبات ويجوز إذن إثباتها وإثبات الاعتياد عليها بكافة الطرق القانونية دون ما قيد على ذلك من القيود الخاصة بالإثبات في المواد المدنية فلا يلزم من بعد توافر القرائن القوية التي تعزز الادعاء بأن الدليل الكتابي يتضمن تحايلا على القانون أو مخالفة للنظام العام حتى يجوز الإثبات بالبينة والقرائن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها في يوم 25 مارس سنة 1965 بدائرة قسم قصر النيل: اعتادت على إقراض نقود تزيد عن الحد الأقصى الممكن الاتفاق عليه. وطلبت عقابها بالمادة 339/ 3 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح قصر النيل الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 24 يونيه سنة 1965 عملا بمواد الاتهام بحبس المتهمة سنتين مع الشغل وكفالة 100 ج وتغريمها 100 ج بلا مصاريف جنائية. فاستأنفت المتهمة هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 12 ديسمبر سنة 1965 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة الحبس وتأييده فيما قضى به من عقوبة الغرامة. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة الاعتياد على إقراض نقود بفائدة تزيد عن الحد الأقصى للفائدة الممكن الاتفاق عليها قانونا قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه القصور والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه استند في قضائه برفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم جواز الإثبات بالبينة على أن واقعة الإقراض بالربا الفاحش تكون ذات الركن المادي للجريمة فيجوز إثباتها بكافة الطرق مع أن الركن المادي لجريمة الاعتياد إنما يتكون من ثبوت الاعتياد على الإقراض بربا فاحش لا من مجرد القرض الربوي الذي لا يعدو أن يكون تصرفا مدنيا يخضع لقواعد الإثبات المدنية التي لا تجيز إثبات ما يخالف الثابت بالكتابة بالبينة إلا إذا كان السند الكتابي ينطوي على أمور غير مشروعة أو تحايلا على القانون وبشرط توافر قرائن قوية دالة عليه وتنبئ عن أن الظاهر يخالف القانون، وعلى الرغم من أن الدفاع عن الطاعنة قد تمسك أمام محكمة الدرجة الثانية بأن قرائن الأحوال في الدعوى تكشف عن كذب المقترضين وأنهم إنما يكيدون للطاعنة، فإن الحكم المطعون فيه لم يعن بالرد على هذا الدفاع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمة التي دان الطاعنة بها عرض للدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة ورد عليه في قوله. " ومن حيث إنه من المقرر قانونا أن واقعة الإقراض بربا فاحش هي نفس الركن المادي المكون للجريمة ولذلك فإنها تثبت بكل الطرق ولو بشهادة الشهود طبقا للقاعدة العامة في الإثبات الجنائي فالأدلة إقناعية في القانون الجنائي ولا تسري في هذه الحالة قواعد الإثبات المدنية ". وما انتهى إليه الحكم من جواز الإثبات بالبينة سديد في القانون، ذلك بأن عقد الإقراض بالربا الفاحش لا ينفك عن جريمة الربا فهي تنشأ منه وتلازمه وهو بهذه المثابة يعتبر في جملته واقعة واحدة ومنها يتكون الفعل الجنائي المعاقب عليه بمقتضى المادة 339/ 3 من قانون العقوبات فتجري عليها ما يجري على نظائرها من المسائل الجنائية من طرق الإثبات ويجوز إذن إثباتها وإثبات الاعتياد عليها بكافة الطرق القانونية دون ما قيد على ذلك من القيود الخاصة بالإثبات في المواد المدنية فلا يلزم - من بعد - توافر القرائن القوية التي تعزز الادعاء بأن الدليل الكتابي يتضمن تحايلا على القانون أو مخالفة للنظام العام حتى يجوز الإثبات بالبينة والقرائن. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أدان الطاعنة استنادا إلى أقوال شهود الإثبات التي اطمأن إليها ووثق بها، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير أن تكون مطالبة ببيان أسباب ذلك وهي غير ملزمة من بعد بأن تتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وحسبها في هذا الشأن أن تقيم الأدلة على مقارفته للجريمة التي دين بها بما يحمل قضاءها كما هو الحال في هذه الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

الطعن 2 لسنة 36 ق جلسة 8 / 5 / 1967 مكتب فني 18 ج 2 نقابات ق 5 ص 469

جلسة 8 من مايو سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ حسين السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جمال المرصفاوي، ومحمد محفوظ، وحسين سامح، ومحمود عطيفه.

------------------

(5)
الطعن رقم 2 لسنة 36 القضائية "صحافة"

صحافة. انتخاب. " انتخاب مجلس النقابة والنقيب ".
صدور قرار من رئيس الوزراء بحل مجلس النقابة القائم وقت صدوره، وصدور قرار من وزير الإرشاد القومي بتشكيل لجنة مؤقتة حددت موعدا لإجراء انتخاب مجلس نقابة جديد.
ما استهدفه الطاعن من طعنه ببطلان انتخاب مجلس النقابة الذي تقرر حله بمقتضى قرار رئيس الوزراء سالف الذكر يصبح غير ذي موضوع مما يتعين معه رفضه.

----------------
متى كان يبين من قرار رئيس الوزراء رقم 1022 لسنة 1967 الصادر بتاريخ 15 مارس سنة 1967 والذي نشر في 4 أبريل سنة 1967 أنه قضى بحل مجلس نقابة الصحفيين القائم وقت صدوره، كما يبين من قرار وزير الإرشاد القومي رقم 68 لسنة 1967 الصادر في 15 مارس سنة 1967 أنه قد تم بمقتضاه تشكيل اللجنة المؤقتة المنصوص عليها في المادة 66 من القانون رقم 185 سنة 1955 بشأن نقابة الصحفيين، ويبين أيضا من كتاب سكرتير نقابة الصحفيين أن اللجنة المؤقتة سالفة الذكر قد حددت موعدا لإجراء انتخاب مجلس النقابة الجديد. وكان ما استهدفه الطاعن من طعنه - ببطلان انتخاب مجلس نقابة الصحفيين - قد تحقق بحل المجلس الذي جرى الانتخاب لعضويته بمقتضى قرار رئيس الوزراء سالف الذكر، فإن الطعن يصبح غير ذي موضوع بما يتعين معه رفضه.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن حسبما جاء بتقرير الطعن - في أنه بتاريخ 31/ 5/ 1966 قضت محكمة النقض ببطلان انتخاب أعضاء مجلس نقابة الصحفيين والنقيب الحاصل في 3/ 12/ 1965 تأسيسا على أن انتخاب النقيب قد تم أولا ثم تلاه انتخاب أعضاء مجلس النقابة بالمخالفة للقانون رقم 185 لسنة 1955 الخاص بنقابة الصحفيين. وفي يوم أول يونيه سنة 1966 أعلن المطعون ضده عن عقد الجمعية العمومية للنقابة في يوم 10 يونيه سنة 1966 لإجراء انتخابات جديدة لأعضاء مجلس النقابة والنقيب والتي أسفرت عن فوزه نقيبا وذلك قبل إعلانه بالحكم الصادر من محكمة النقض السالف الذكر وهذا الإجراء الذي اتخذه قد تم على الأساس الباطل الذي سبق أن دعيت إليه الجمعية العمومية في 3/ 12/ 1965 ودون فتح باب الترشيح لإتاحة الفرصة أمام من أحجم عن دخول الانتخاب السابق المقضي ببطلانه، هذا فضلا عن اشتراك عدد كبير ممن ليس لهم حق حضور الجمعية العمومية في عملية التصويت. كذلك اعتبر المطعون ضده أن حكم النقض قاصر على بطلان جزء من إجراءات الجمعية العمومية مع أنه يشمل بطلان انتخاب مجلس النقابة والنقيب وكافة الإجراءات المترتبة على ذلك. وبتاريخ 20/ 6/ 1966 قرر الطاعن الطعن بطريق النقض....الخ.


المحكمة

حيث إنه لما كان ما يرمي إلى الطاعن من طعنه هو الحكم ببطلان الانتخاب الذي جرى في يوم 10 يونيه سنة 1966 لعضوية مجلس نقابة الصحفيين - وانتخاب النقيب الذي تلاه، وكان يبين من قرار رئيس الوزراء رقم 1022 لسنة 1967 الصادر بتاريخ 15 مارس سنة 1967 والذي نشر في 4 أبريل سنة 1967 أنه قد قضى بحل مجلس نقابة الصحفيين القائم وقت صدوره، كما يبين من قرار وزير الإرشاد القومي رقم 68 لسنة 1967 الصادر في 15 مارس سنة 1967 أنه قد تم بمقتضاه تشكيل اللجنة المؤقتة المنصوص عليها في المادة 66 من القانون رقم 185 لسنة 1955 بشأن نقابة الصحفيين، ويبين أيضا من كتاب سكرتيرية نقابة الصحفيين الموجه إلى المحامي العام لدى محكمة النقض في 17 أبريل سنة 1967 أن اللجنة المؤقتة سالفة الذكر قد حددت يوم 30 يونيه سنة 1967 موعدا لإجراء انتخاب مجلس النقابة الجديد. لما كان ذلك، وكان ما استهدفه الطاعن من طعنه قد تحقق بحل المجلس الذي جرى الانتخاب لعضويته في يوم 10 يونيه سنة 1966 - وهو الانتخاب محل الطعن، فإن الطعن المقدم من الطاعن يصبح بذلك غير موضوع، مما يتعين معه رفضه.

الطعن 1223 لسنة 36 ق جلسة 3 / 4 / 1967 مكتب فني 18 ج 2 ق 89 ص 472

جلسة 3 من أبريل سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ حسين السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جمال المرصفاوي، ومحمد محفوظ، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه.

------------------

(89)
الطعن رقم 1223 لسنة 36 القضائية

(أ) نقض. " الطعن بالنقض ". " التقرير به ".
إبداء المتهم السجين رغبته في الطعن بالنقض في الحكم الصادر ضده في الميعاد وإثبات هذه الرغبة كتابة وتوقيعه عليها. اعتبار ذلك تقريرا بالطعن وإن لم يحرر حسب الأوضاع المقررة قانونا.
(ب) حكم. " تسبيبه. تسبيب معيب ". قتل عمد.
مثال لتسبيب معيب بصدد رفع التناقض بين الدليلين القولي والفني.

----------------
1 - متى كان الثابت أن المتهم قد أبدى وهو بالسجن رغبته في أن يطعن في الحكم الصادر ضده بطريق النقض في الميعاد، وأثبتت هذه الرغبة كتابة بالأوراق ووقع عليها، فإن ذلك يعتبر قانونا تقريرا بالطعن ولو أنه لم يحرر طبقا لما يتطلبه القانون في هذا الشأن، ويكون الطعن مقبولا شكلا.
2 - متى كان يبين من الاطلاع على المفردات أن تقرير الصفة التشريحية أثبت أن المجني عليه لم يصب إلا بإصابة واحدة، وكان ما نقله الحكم من تقرير الصفة التشريحية وأورده منه أن المجني عليه أصيب بإصابات رضية - بصيغة الجمع - وهو ما يفيد تعدد إصابات المجني عليه، إنما يخالف الثابت بتقرير الصفة التشريحية من أن المجني عليه أصيب بإصابة واحدة. وإذ ما كان هذا الخطأ مؤثرا بحيث لا يعرف رأي المحكمة لو أنها فطنت إليه، وكان ما أثاره الدفاع من قيام التناقض بين الدليلين القولي والفني يعد جوهريا، مما كان يتعين معه على الحكم أن تورد في حكمها ما يفيد أنها عندما قضت في الدعوى كانت على بينة منه وترد عليه بما يزيل هذا التعارض، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيبا بما يستوجب نقضه.


الوقائع


اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 18/ 5/ 1963 بدائرة مركز جرجا محافظة سوهاج. ضربا صدقي أحمد عثمان عمدا بعصى على رأسه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما على محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمادة 236 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. وأدعى أحمد عثمان نجم - والد القتيل - مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 100 ج على سبيل التعويض مع المصاريف والأتعاب. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا في 24 مارس سنة 1965 عملا بمادتي الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ 100 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ 300 قرش أتعابا للمحاماة. فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض في.... وقدم محامي المحكوم عليهما تقريرا بالأسباب في..... الخ.


المحكمة

من حيث إنه يبين من الأوراق أن المحكوم عليه فراج نور الدين محمد قد أبدى كتابة رغبته في الطعن في الحكم الصادر بإدانته بتاريخ 24 مارس سنة 1965 ووقع ببصمته على هذه الرغبة وكان ذلك منه وهو بسجن سوهاج وقبل ترحيله إلى ليمان طرة بتاريخ 8 أبريل سنة 1965 ثم قدم الأستاذ محمد مصطفى القللي المحامي بتاريخ أول مايو سنة 1965 أسباب الطعن إلى قلم كتاب محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان التقرير بالنقض وإن لم يحرر حسب الأوضاع المقرر قانونا إلا أن هذا المتهم وقد أبدى في الميعاد رغبته في أن الطعن في الحكم بطريق النقض وأثبت ذلك كتابة بالأوراق ووقع على ما أثبت من ذلك، فإن ذلك يعتبر قانونا تقريرا بالطعن ولو أنه لم يحرر طبقا لما يتطلبه القانون في هذا الشأن ويكون الطعن بالصورة التي تقدم بها مقبولا شكلا.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه وآخر بجريمة الضرب المفضي إلى الموت المقترن بظرفي سبق الإصرار والترصد قد شابه تناقض وقصور في التسبيب وخطأ في الإسناد ذلك بأنه حصل أقوال الشاهد محمود عثمان نجم بما مؤداه أن الطاعن ضرب المجني علي على أذنه فسقط على الأرض واعتدى عليه المتهم الثاني بأن ضربه على رأسه ثم أضاف هذا الشاهد في أقواله بمحضر الجلسة أن المتهم الثاني ضرب المجني عليه ضربة ثالثة على صدره مما مفاده أن إصابات المجني عليه قد تعددت، في حين أن الثابت من التقرير الطبي وتقرير الصفة التشريحية أن المجني عليه أصيب في رأسه إصابة واحدة رضية أحدثت كسورا بالجمجمة ونزيفا على سطح المخ... ومع ذلك فقد عول الحكم في الإدانة على هذين الدليلين القولي والفني معا على ما بينهما من تعارض، هذا فضلا عن أن الحكم قد نقل خطأ من تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليه أصيب بإصابات رضية أحدثت كسورا بالجمجمة ونزيفا بالمخ أدت إلى وفاته وهو ما يفيد أن المحكمة قد توهمت أن إصابات المجني عليه قد تعددت وعلى الرغم من أن الدفاع كان قد تمسك بهذا التعارض بين الدليلين القولي والفني، إلا أن المحكمة لم تعن بالرد عليه مع جوهريته، مما يعيب حكمها المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن والمتهم الثاني خرجا من مكمنهما في مندرة مملوكة لثانيهما وضربا المجني عليه بالعصي على رأسه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالكشف الطبي وتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته واستند الحكم فيما استند إليه من أدلة الثبوت إلى أقوال الشاهد محمود عثمان نجم وإلى ما جاء بالكشف الطبي وتقرير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن المتهمين أثار في مرافعته أنه " توجد تناقضات غريبة في شخصية إصابات المجني عليه بأنها رضية في الأذن وإصابة في الرأس بينما الكشف الطبي أورى أن الموجود بالمجني عليه إصابة واحدة ولم يشاهد بالجثة آثار اصابية أخرى ظاهرة " وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حصل أقوال الشاهد محمود عثمان نجم بما مؤداه أنه شاهد الطاعن الأول يضرب المجني عليه بعصا على أذنه فسقط على الأرض ثم قام المتهم الثاني بضرب المجني عليه أيضا بعصا على رأسه ونقل الحكم من الكشف الطبي أن المجني عليه أصيب بكسر منخسف متفتت بعظمة الصدغية اليمنى للجمجمة ونزيف شديد فوق سطح المخ كما نقل عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه رضية حيوية حديثة تنشأ عن المصادمة بجسم صلب راض أيا كان نوعه وتعزي الوفاة إلى ما أحدثته الإصابات الرضية من كسور بالجمجمة ونزيف على سطح المخ. ولما كان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن تقرير الصفة التشريحية أثبت أن المجني عليه أصيب بإصابة رضية حيوية حديثة أحدثت كسورا بالجمجمة ونزيفا على سطح المخ مما يفيد أن المجني عليه لم يصب إلا بإصابة واحدة.
لما كان ذلك، وكان ما نقله الحكم من تقرير الصفة التشريحية على النحو سالف البيان وإيراده منه أن المجني عليه أصيب بإصابات رضية بصيغة الجمع وهو ما يفيد تعدد إصابات المجني عليه إنما يخالف الثابت بتقرير الصفة التشريحية من أن المجني عليه أصيب بإصابة واحدة - وإذ ما كان هذا الخطأ مؤثرا بحيث لا يعرف رأي المحكمة لو أنها فطنت إليه. ولما كان ما أثاره الدفاع من قيام التناقض بين الدليلين القولي والفني على الوجه المتقدم يعد جوهريا مما كان يتعين معه على المحكمة أن تورد في حكمها ما يفيد أنها عندما قضت في الدعوى كانت على بينة منه وترد عليه بما يزيل هذا التعارض. لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون معيبا ويتعين نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى وذلك بالنسبة إلى الطاعن وإلى المحكوم عليه الثاني محمد محمود عبد اللطيف الذي لم يقرر بالطعن لوحدة الواقعة واتصال وجه النعي به.


الطعن 1996 لسنة 36 ق جلسة 4 / 4 / 1967 مكتب فني 18 ج 2 ق 93 ص 492

جلسة 4 من أبريل سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمود عزيز الدين سالم، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

------------------

(93)
الطعن 1996 رقم لسنة 36 القضائية

(أ) تعويض. دعوى مدنية. حكم.
الحكم بالتعويض غير مرتبط بالحكم بالعقوبة. جواز الحكم به ولو قضى بالبراءة. شرط ذلك: ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة، أو على عدم صحتها، أو عدم ثبوت إسنادها إلى المتهم.
(ب) دخان. عقوبة. " مصادرة ". غش.
الأدخنة العادية لا تخرج عن دائرة التعامل إلا إذا كون خلطها غشا. ثبوت أن الدخان المضبوط من الأدخنة العادية. إبطال الحكم دليل غشه بإبطاله محضر الضبط المثبت له. عدم جواز الحكم بالمصادرة.

-----------------
1 -  الأصل أن الحكم بالتعويض المدني لا يرتبط حتما بالحكم بالعقوبة، إذ يصح الحكم به ولو قضى بالبراءة، إلا أن شرط ذلك ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة أصلا، أو على عدم صحتها أو عدم ثبوت إسنادها إلى المتهم، لأنه في هذه الأحوال لا تملك المحكمة أن تقضى بالتعويض على المتهم أو على المسئول عنه لقيام المسئوليتين الجنائية والمدنية معا على ثبوت حصول الواقعة وصحة إسنادها إلى صاحبها. ولما كان مؤدى ما قضى به الحكم المطعون فيه من تبرئة المتهم تأسيسا على بطلان محضر الضبط لحصوله قبل الطلب أنه استبعد الدليل المستمد من ذلك الإجراء والذي لا يوجد في الدعوى دليل سواه، فإن الواقعة التي بني عليها طلب التعويض تكون قد فقدت دليل إسنادها إلى المتهم، فلا تملك المحكمة القضاء بالتعويض عنها لطالبته.
2 - متى كان الدخان المضبوط هو من الأدخنة العادية التي لا تخرج بذاتها عن دائرة التعامل إلا إذا كون خلطها غشا، وكان الحكم المطعون فيه قد أبطل دليل الغش - بفرض وقوعه - حين أبطل محضر الضبط المثبت له، فإن القضاء بالمصادرة سواء بصفتها تدبيرا وقائيا أو بصفتها تعويضا مدنيا يكون ممتنعا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 6 من ديسمبر سنة 1960 بدائرة مركز طلخا: أحرز دخانا "معسلا" مغشوشا. وطلبت عقابه بالمادتين 1 و6/ 1 من القانون رقم 74 لسنة 1933 المعدل بالقانونين 79 لسنة 1944 و86 لسنة 1948. وادعت مصلحة الجمارك مدنيا قبل المتهم بمبلغ 1750 ج على سبيل التعويض. محكمة طلخا الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 19 من فبراير سنة 1962 عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم ممن أسند إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعية بالحقوق المدنية مصارف دعواها المدنية. فاستأنف هذا الحكم كل من النيابة العامة ومصلحة الجمارك.
ومحكمة المنصورة الابتدائية قضت - بهيئة إستئنافية - حضوريا بتاريخ 17 يونيه سنة 1962 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت مصلحة الجمارك في هذا الحكم بطريق النقض في 26 يوليه سنة 1962. وبتاريخ 20 من أبريل سنة 1964 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الدعوى المدنية وإحالة القضية إلى محكمة المنصورة الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى وألزمت المطعون ضده المصروفات. ومحكمة المنصورة الابتدائية قضت في الدعوى من جديد بتاريخ 15 من فبراير سنة 1966 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعى بصفته المصاريف. فطعنت المدعية بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ رفض دعوى التعويض المدني الذي تطالب به الطاعنة - مصلحة الجمارك - ولم يقض بالمصادرة في جريمة غش الدخان المسندة إلى المطعون ضده قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أسس قضاءه على ما انتهى إليه من بطلان محضر ضبط الواقعة المحرر، بمعرفة مفتش الإنتاج لإجرائه قبل صدور الطلب باتخاذه من مصلحة الجمارك وخلص إلى تبرئة المطعون ضده، مع أن القضاء بالبراءة لا يلزم عنه حتما رفض التعويض لمن أصابه الضرر من الفعل الجنائي، ولأن للمصادرة في هذا الصدد صفة التعويض المدني الذي يتعين القضاء به من تلقاء المحكمة طبقا للمستفاد من صريح نص المادة الثانية من الأمر العالي الصادر في 21 من ديسمبر سنة 1890 والمادة السادسة من القانون رقم 74 لسنة 1933 المعدل، ولأن الدخان المخلوط من المواد التي يحظر القانون إحرازها ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان إجراءات ضبط الواقعة التي حرر محضرها بمعرفة الإنتاج في 21 من ديسمبر سنة 1960 لحصولها قبل صدور الطلب في 4 يناير سنة 1961 من مصلحة الجمارك وفقا لحكم المادة 4 من القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ وأهدر الدليل المستمد منه، وقضى ببراءة المطعون ضده لانعدام الدليل عليه، ورتب على ذلك رفض الدعوى المدنية. ولما كان من المقرر أنه إذا كان الأصل أن الحكم بالتعويض المدني لا يرتبط حتما بالحكم بالعقوبة، إذ يصح الحكم به ولو قضى بالبراءة، إلا أن شرط ذلك ألا تكون البراءة قد بنيت على عدم حصول الواقعة أصلا، أو على عدم صحة أو عدم ثبوت إسنادها إلى المتهم لأنه في هذه الأحوال لا تملك المحكمة أن تقضي بالتعويض على المتهم أو على المسئول عنه لقيام المسئوليتين الجنائية والمدنية معا على ثبوت حصول الواقعة وصحة إسنادها إلى صاحبها. ولما كان مؤدى ما قضى به الحكم المطعون فيه من تبرئة المتهم تأسيسا على بطلان محضر الضبط لحصوله قبل الطلب أنه استبعد الدليل المستمد من ذلك الإجراء والذي لا يوجد في الدعوى دليل سواه، فإن الواقعة التي بني عليها طلب التعويض تكون قد فقدت دليل إسنادها إلى المتهم، فلا تملك المحكمة القضاء بالتعويض عنها لطالبته. لما كان ذلك، وكان الدخان المضبوط هو من الأدخنة العادية التي لا تخرج بذاتها عن دائرة التعامل، إلا إذا كون خلطها غشا. وكان الحكم المطعون فيه قد أبطل دليل الغش - بفرض وقوعه - حين أبطل محضر الضبط المثبت له، فإن القضاء بالمصادرة سواء بصفتها تدبيرا وقائيا، أو بصفتها تعويضا مدنيا - يكون ممتنعا للعلة ذاتها التي يمتنع بها القضاء بالتعويض المدني البحت. لما كان ما تقدم، فإن الطعن بوجهيه يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعا، وإلزام الطاعنة المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة.