الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 8 أكتوبر 2020

الطعن 27686 لسنة 84 ق جلسة 18 / 5 / 2015 مكتب فني 66 ق 66 ص 480

 جلسة 18 من مايو سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / إيهاب عبد المطلب نائب رئيس المحكـمة وعضوية السادة القضاة / أحمد سيد سليمان ، هشام أنور ، حسين النخلاوي والسيد أحمد نواب رئيس المحكمة .
------------

(66)

الطعن رقم 27686 لسنة 84 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات جنائية .

 عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

(2) تجمهر . تظاهر . قانون " تفسيره " . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

 المواد 8/1 ، 11 ، 19 من القرار بقانون 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية . مفادها ؟

 حصول التجمهر عرضاً ومن غير اتفاق سابق . كاف لحصول التجمهر واستحقاق المتجمهرين للعقاب . صدور أمر القائد الميداني لقوات الأمن المعينين لاتخاذ إجراءات تأمين الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة والتنبيه المتكرر على المتظاهرين بالتفرق . غير لازم . مادامت المظاهرة ممنوعة في ذاتها أو بسبب عدم الإخطار عنها . أساس ذلك ؟

 الجدل في تقدير الدليل . إثارته أمام محكمة النقض. غير جائزة .

 مثال لتسبيب سائغ لتوافر عناصر جريمة الاشتراك في تظاهرة بدون إخطار.

(3) تلبس . إثبات " بوجه عام " .

 تقدير قيام أو انتفاء حالة التلبس . موضوعي . مادام سائغاً .

(4) جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر أركان جريمة الجهر بالصياح لإثارة الفتن المؤثمة بالمادة 102 عقوبات .

(5) دفوع " الدفع ببطلان التحقيق " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 اطراح الحكم الدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة لمخالفته المادة 206 مكرراً إجراءات سائغاً . لا إخلال .

(6) استجواب . محاماة . دفوع " الدفع ببطلان الاستجواب " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

 نعي الطاعن ببطلان استجوابه بتحقيق النيابة في جنحة . غير مقبول . أساس وعلة ذلك ؟

(7) نيابة عامة . قرارات وزارية . اختصاص" الاختصاص النوعي" . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 قرار وزير العدل بإنشاء نيابة أمن الدولة العليا . تنظيمي . لا يسلب النيابات بالمحاكم العادية سلطاتها واختصاصها الشامل لكافة الجرائم . التزام الحكم هذا النظر . صحيح .

(8) اشتراك . تظاهر . الجهر بالصياح لإثارة الفتن . إثبات "بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

 استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .

 سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له . لا ينال من سلامة أقواله .

 وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

 أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟

 لا يشترط لثبوت جريمتي الجهر بالصياح لإثارة الفتن والاشتراك في تظاهرة بدون إخطار والحكم علي مرتكبها بالعقوبة المقررة وجود شهود رؤية أو توافر أدلة معينة . للمحكمة تكوين اعتقادها بالإدانة بها من ظروف الدعوي وقرائنها .

 الجدل الموضوعي في تقدير الدليل أمام محكمة النقض . غير جائز .

(9) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم" تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

 عدم تقيد القاضي في المحاكمات الجنائية بدليل معين . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟

 النعي بخلو الأوراق من شاهد رؤية على الواقعة أو معاينة أو إخطار من أي جهة . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .

(10) إثبات " بوجه عام . استدلالات . دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة .

 النعي بعدم جدية التحريات لعدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته . غير مقبول .

 اطراح الحكم الدفع بعدم جدية التحريات بردٍ سائغ . لا إخلال .

(11) إثبات " بوجه عام ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 التناقض الذى يعيب الحكم . ماهيته ؟

 لمحكمة الموضوع تقدير الدليل وتجزئة أقوال الشهود والتحريات والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما لا تثق فيه .

 للمحكمة الأخذ بتحريات الشرطة وأقوال الضابط بشأن اقتراف الطاعن لجريمتي الجهر بالصياح لإثارة الفتن والتظاهر بدون إخطار دون الأخذ بها بشأن ارتكابه جرائم أخرى قضت بتبرئته منها . أساس وعلة ذلك ؟

 الجدل الموضوعي في تقدير الدليل أمام محكمة النقض . غير جائز .

(12) تقرير التلخيص . تزوير " الادعاء بالتزوير " .

 عدم جواز جحد ما أثبته الحكم من تلاوة تقرير التلخيص إلَّا بالطعن بالتزوير .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 1- لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها ، وكان يبين مما سطَّره الحكم أنه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعـــن بهما وأورد على ثبوتهمــا في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .

 2- لما كان البيّن من استقراء مواد القرار بقانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية أنها قد دلت في صريح عباراتها وواضح دلالتها على أن كل اجتماع يقام في مكان أو محل عام وكل موكب أو تظاهرة يقام أو يسير في مكان أو طريق أو ميدان عام مؤلف من عشرة أشخاص على الأقل ولو حصل بآراء أو أغراض غير سياسية أو بمطالب أو احتجاجات سياسية محظور بمقتضى المادة السابعة منه ، متى كان من شأنه الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل مصالح المواطنين أو إيذائهم أو تعريضهم للخطر أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أو التأثيـر على سيـر العدالة أو المرافق العامة أو قطع الطرق أو المواصلات أو النقل البرى أو المائي أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة أو تعريضها للخطر ، لذا أوجبت الفقرة الأولى من المادة الثامنة على من يريد تنظيم مظاهرة أن يخطر كتابة بذلك القسم أو مركز الشرطة الذى يقع في دائرته مكان المظاهرة ويتم الإخطار قبل بدء المظاهرة بثلاثة أيام ، هذا وقد يكون التظاهر المخطر عنه ــــــ بريئاً في تكوينه ـــــــ إلَّا أنه يقع فيه ما يشكل جريمة يعاقب عليها القانون أو يخرجه عن الطابع السلمى للتعبير عن الرأي ، لذا أوجبت المادة الحادية عشرة من القانون ذاته أن لقوات الأمن بالزي الرسمي وبناءً على أمر من القائد الميداني المختص فض التظاهر والقبض على المتهمين بارتكاب الجريمة ، وحقت الإشارة على كل من شارك في التظاهر العقوبة المنصوص عليها في المادة التاسعة عشر من هذا القانون ، وكان من المقرر أنه يكفى في حكم القانون حصول التجمهر عرضاً ومن غير اتفاق سابق لاستحقاق المتجمهرين للعقاب . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الاشتراك في تظاهرة بدون إخطار وأن الطاعن كان ضمن هذه التظاهرة - وكان الطاعن لا يماري في أن التظاهرة كانت بدون إخطار - وكان صدور الأمر من القائد الميداني لقوات الأمن - بالزي الرسمي - المعينين لاتخاذ ما يلزم من إجراءات وتدابير لتأمين الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة والتنبيه المتكرر على المتظاهرين بالتفرق ليس بلازم ما دامت المظاهرة ممنوعة في ذاتها أو بسبب عدم الإخطار عنها طبقاً للمادتين 11 ، 12 من القانون رقم 107 لسنة 2013 المار بيانه مقارنة بالمادة 115 من القانون رقم 14 لسنة 1923 الملغى ، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة المقبولة التي أوردتها المحكمة وفى مبلغ اطمئنانها إليها وهو ما لا يجوز مصادرة المحكمة في عقيدتها بشأنه ولا الخوض فيه أمام محكمة النقض .

 3- من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، فإن ما يثيره الطاعن من أن الواقعة لم يكن متلبساً بها يكون غير سديد .

 4- لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه على إثر الاستفتاء على الدستور تظاهر المتهم وآخرون وأخذ يصيح بهتافات معادية للجيش والشرطة ومحرضة على عدم إتمام إجراء الاستفتاء على دستور البلاد إلى آخر ما جاء بعبارة الحكم والتي أخذت بها المحكمة . وحيث إنه يؤخذ من رواية الحكم أن المتهم كان معه آخرون وأن الصياح كان علناً وأن سببه تحريض المواطنين على عرقلة ووقف السير في إجراءات الاستفتاء على دستور البلاد ، فإن أركان الجريمة المؤثمة بالمادة 102 من قانون العقوبات مستوفاة قانوناً ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد .

 5- لما كان ما رد به الحكم على ما دفع به الطاعن ببطلان تحقيقات النيابة العامة لأنها تمت بالمخالفة للمادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية يتفق وصحيح القانون ويضحى معه النعي على الحكم في هذا الخصوص ولا محل له .

 6- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يعلن اسم محاميه سواء للمحقق في محضر الاستجواب أو قبل استجوابه بتقرير في قلم الكتاب أو مأمور السجن فإن استجوابه في تحقيق النيابة في واقعة جنحة وليس جناية يكون قد تم صحيحاً في القانون فضلاً عن أن الحكم لم يعول على دليل مستمد من الاستجواب المدعى ببطلانه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .

 7 - لما كان قرار وزير العدل بإنشاء نيابة أمن الدولة العليا هو قرار تنظيمي لم يأت بأي قيد يحد من السلطات المخولة قانوناً للنيابات بالمحاكم العادية أو ينقص من اختصاصها الشامل لكافة الجرائم وليس من شأنه سلب ولايتها في مباشرة تحقيق أي جريمة من الجرائم التي تختص بها محاكم أمن الدولة العليا فإن مباشرة نيابة .... الجزئية التحقيق في الدعوى - موضوع الطعن الماثل - بعد ضبط الطاعن يتفق وصحيح القانون ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه يكون قد اقترن بالصواب مما يضحى النعي عليه في هذا الخصوص ولا محل له .

 8- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له ــــ لا ينال من سلامة أقواله ـــــ وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع على عدم الأخذ بها ، وكان من المقرر أن القانون لا يشترط لثبوت جريمتي الجهر بالصياح لإثارة الفتن والاشتراك في تظاهرة بدون إخطار وجود شهود رؤيا أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانــــــة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي وردت بأقوالهم والتي أيدها باقي أدلة الثبوت الأخرى ، وكان ما أورده في هذا الخصوص سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث ولا يجادل الطاعن أن له معينه الصحيح في الأوراق , فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها التـــــي لا تجوز مصادرتها فيــــها لدى محكمة النقض .

 9- لما كان الشارع لـم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بدليل معين إلَّا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة ، وإنما ترك حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ، ما دام أن له مأخذه في الأوراق . وكان ما يثيره الطاعن في شأن خلو الأوراق مــــن شاهد رؤيــــة على الواقعة أو معاينة أو إخطار من أي جهة لا يعدو جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصــر الدعوى واستنبــاط معتقدها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها .

 10- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ، ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث . كما أنه لا محل للاستناد إلى عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته في القول بعدم جدية التحريات ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات ورد عليه بردٍ سائغ ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون لا سند له .

 11- لما كان التناقض الذى يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان تقدير الأدلة هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهى حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ، ولها تجزئة الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها ، كما أن لها أن تجزئ تحريات الشرطة فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه فليس هناك ما يمنعها بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات الشرطة وأقوال ضابط الواقعة ما يقنعها باقتراف الطاعن لجريمتي الجهر بالصياح لإثارة الفتن والتظاهر بـــدون إخطار ولا ترى في هــــذه الأدلـــة ما يقنعها بارتكابه باقي الجرائم التي كانت مسندة إليه وقضت المحكمة بتبرئته منها ، وكان تبرئة الطاعن من التهم الأخرى التي كانت مسندة إليه لعدم توافر أركانها والدليل عليها لا يتعارض مع إدانته عن التهمتين سالفة الذكر ، لاستقلال كل من الجرائم عن الأخرى في عناصرها ولا يعتبر هذا الذى تناهى إليه الحكم افتئاتاً منه على الدليل أو ما يقوم به التناقض في التسبيب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض .

 12- لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه تمت تلاوة تقرير التلخيص فإنه لا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم إلَّا بطريق الطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

وحيث إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها ، وكان يبين مما سطَّره الحكم أنه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعـــن بهما وأورد على ثبوتهمــا في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البيّن من استقراء مواد القرار بقانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية أنها قد دلَّت في صريح عباراتها وواضح دلالتها على أن كل اجتماع يقام في مكان أو محل عام وكل موكب أو تظاهر يقام أو يسير في مكان أو طريق أو ميدان عام مؤلف من عشرة أشخاص على الأقل ولو حصل بآراء أو أغراض غير سياسية أو بمطالب أو احتجاجات سياسية محظور بمقتضى المادة السابقة منه ، متى كان من شأنه الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل مصالح المواطنين أو إيذائهم أو تعريضهم للخطر أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أو التأثيــــر على سيــــر العدالة أو المرافق العامة أو قطع الطرق أو المواصلات أو النقل البــــــرى أو المائـــــي أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الرواح أو الممتلكات العامــــــة أو الخاصة أو تعريضها للخطر ، لذا أوجبت الفقرة الأولى من المادة الثامنة على من يريد تنظيم مظاهرة أن يخطر كتابة بذلك القسم أو مركز الشرطة الذى يقع في دائرته مكان المظاهرة ويتم الإخطار قبل بدء المظاهرة بثلاثة أيام ، هذا وقد يكون التظاهر المخطر عنه ــــــ بريئاً في تكوينه ـــــــ إلَّا أنه يقع فيه ما يشكل جريمة يعاقب عليها القانون أو يخرجه عن الطابع السلمى للتعبير عن الرأي ، لذا أوجبت المادة الحادية عشرة من القانون ذاته أن لقوات الأمن بالزي الرسمي وبناءً على أمر من القائد الميداني المختص فض التظاهر والقبض على المتهمين بارتكاب الجريمة ، وحقت الإشارة على كل من شارك في التظاهر العقوبة المنصوص عليها في المادة التاسعة عشرة من هذا القانون ، وكان من المقرر أنه يكفى في حكم القانون حصول التجمهر عرضاً ومن غير اتفاق سابق لاستحقاق المتجمهرين للعقاب . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الاشتراك في تظاهرة بدون إخطار وأن الطاعن كان ضمن هذه التظاهرة - وكان الطاعن لا يمارى في أن التظاهرة كانت بدون إخطار - وكان صدور الأمر من القائد الميداني لقوات الأمن - بالزي الرسمي - المعينين لاتخاذ ما يلزم من إجراءات وتدابير لتأمين الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة والتنبيه المتكرر على المتظاهرين بالتفرق ليس بلازم ، ما دامت المظاهرة ممنوعة في ذاتها أو بسبب عدم الإخطار عنها طبقاً للمادتين 11 ، 12 من القانون رقم 107 لسنة 2013 المار بيانه مقارنة بالمادة 115 من القانون رقم 14 لسنة 1923 الملغى ــــ فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة المقبولة التي أوردتها المحكمة وفى مبلغ اطمئنانها إليها وهو ما لا يجوز مصادرة المحكمة في عقيدتها بشأنه ولا الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، فإن ما يثيره الطاعن من أن الواقعة لم يكن متلبساً بها يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه على إثر الاستفتاء على الدستور تظاهر المتهم وآخرون وأخذ يصيح بهتافات معادية للجيش والشرطة ومحرضة على عدم إتمام إجراء الاستفتاء على دستور البلاد إلى آخر ما جاء بعبارة الحكم والتي أخذت بها المحكمة . وحيث إنه يؤخذ من رواية الحكم أن المتهم كان معه آخرين وأن الصياح كان علناً وأن سببه تحريض المواطنين على عرقلة ووقف السير في إجراءات الاستفتاء على دستور البلاد ، فإن أركان الجريمة المؤثمة بالمادة 102 من قانون العقوبات مستوفاة قانوناً ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما ردَّ به الحكم على ما دفع به الطاعن ببطلان تحقيقات النيابة العامة لأنها بالمخالفة للمادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية يتفق وصحيح القانون ويضحى معه النعي على الحكم في هذا الخصوص ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يعلن اسم محاميه سواء للمحقق في محضر الاستجواب أو قبل استجوابه بتقرير في قلم الكتاب أو مأمور السجن فإن استجوابه في تحقيق النيابة في واقعة جنحة وليس جناية يكون قد تم صحيحاً في القانون ، فضلاً عن أن الحكم لم يعوَّل على دليل مستمد من الاستجواب المدعى ببطلانه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان قرار وزير العدل بإنشاء نيابة أمن الدولة العليا هو قرار تنظيمي لم يأت بأي قيد يحد من السلطات المخولة قانوناً للنيابات بالمحاكم العادية أو ينقص من اختصاصها الشامل لكافة الجرائم وليس من شأنه سلب ولايتها في مباشرة تحقيق أي جريمة من الجرائم التي تختص بها محاكم أمن الدولة العليا ، فإن مباشرة نيابة .... الجزئية التحقيق في الدعوى - موضوع الطعن الماثل - بعد ضبط الطاعن يتفق وصحيح القانون وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد اقترن بالصواب مما يضحى النعي عليه في هذا الخصوص ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له - لا ينال من سلامة أقواله - وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع على عدم الأخذ بها ، وكان من المقرر أن القانون لا يشترط لثبوت جريمتي الجهر بالصياح لإثارة الفتن والاشتراك في تظاهرة بدون إخطار وجود شهود رؤيا أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي وردت بأقوالهم والتي أيدها باقي أدلة الثبوت الأخرى ، وكان ما أورده في هذا الخصوص سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث ولا يجادل الطاعن أن له معينه الصحيح في الأوراق , فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها التـــــي لا تجوز مصادرتها فيــــها لدى محكمة النقض ، لما كان ذلك ، وكــــان الشارع لــــم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بدليل معين إلَّا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة ، وإنما ترك حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ، ما دام أن له مأخذه في الأوراق . وكان ما يثيره الطاعن في شأن خلو الأوراق مــــن شاهد رؤيــــة على الواقعة أو معاينة أو إخطار من أي جهة لا يعدو جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصــر الدعوى واستنبــاط معتقدها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث . كما أنه لا محل للاستناد إلى عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته في القول بعدم جدية التحريات ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات ورد عليه برد سائغ ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون لا سند له . لما كان ذلك ، وكان التناقض الذى يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان تقدير الأدلة هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهى حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ولها تجزئة الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها ، كما أن لها أن تجزئ تحريات الشرطة فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه فليس هناك ما يمنعها بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات الشرطة وأقوال ضابط الواقعة ما يقنعها باقتراف الطاعن لجريمتي الجهر بالصياح لإثارة الفتن والتظاهر بـــدون إخطار ولا ترى في هــــذه الأدلـــة ما يقنعها بارتكابه باقي الجرائم التي كانت مسندة إليه وقضت المحكمة بتبرئته منها ، وكان تبرئة الطاعن من التهم الأخرى التي كانت مسندة إليه لعدم توافر أركانها والدليل عليها لا يتعارض مع إدانته عن التهمتين سالفة الذكر ، لاستقلال كل من الجرائم عن الأخرى في عناصرها ولا يعتبر هذا الذى تناهى إليه الحكم افتئاتاً منه على الدليل أو ما يقوم به التناقض في التسبيب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض ، لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه تمت تلاوة تقرير التلخيص فإنه لا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم إلَّا بطريق الطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً التقرير بعدم قبوله موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عدم دستورية تقييد رأفة القاضي في السلاح (الفقرتين الثالثة والرابعة)

القضية رقم 196 لسنة 35 ق " دستورية " جلسة 8 / 11 / 2014

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من نوفمبر سنة 2014م، الموافق الخامس عشر من المحرم سنة 1436 هـ.

برئاسة السيد المستشار / عدلى محمود منصور     رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين / أنور رشاد العاصى وعبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوى ومحمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر                     نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار / محمود محمد غنيم       رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع       أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 196 لسنة 35 قضائية " دستورية " . بعد أن أحالت محكمة جنايات دمنهور بحكمها الصادر بجلسة 11/11/2013 في الجناية المقيدة برقم 18006 لسنة 2012 إيتاى البارود والمقيدة برقم 339 لسنة 2012، كلى جنوب دمنهور .


المقامة من

النيابة العامة

ضد

1 -  السيد / صبرى عوض أبو شادى

2 -  السيد / عوض صبرى عوض أبو شادى

 

" الإجراءات"

        بتاريخ 24 ديسمبر 2013، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الجناية رقم 18006 لسنة 2012 إيتاى البارود، والمقيدة برقم 339 لسنة 2012 كلى جنوب دمنهور، بعد أن قضت محكمة جنايات دمنهور " الدائرة الرابعة الجزئية " بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر بعد استبدالها بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 .

       وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليًّا، بعدم قبول الدعوى ، واحتياطيًّا : برفضها .

       وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

       ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

 

" المحكمة "

        بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .

       حيث إن الوقائع - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة ، كانت قد اتهمت 1 - صبري عوض أبو شادي 2 - عوض صبري عوض أبو شادى في الجناية رقم 18006 لسنة 2012 إيتاى البارود بأنهما في يوم 10/5/2012، بدائرة مركز إيتاى البارود، محافظة البحيرة : أ - حازا سلاحًا ناريًّا مششخنًا ( بندقية آلية ) مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه . ب - حازا ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري محل الاتهام الأول وهو ما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه . ج - قاما بأنفسهما باستعراض القوة والتلويح بالعنف والتهديد واستخدامه ضد المجنى عليه / محمود عبد الحميد عبد الفتاح وذلك بقصد ترويعه والتأثير في إرادته لفرض السطوة عليه، وكان من شأن ذلك الفعل والتهديد إلقاء الرعب في نفسه، كما أسندت النيابة العامة إلى المتهم الأول أيضًا أنه : ضرب المجنى عليه / محمود عبد الحميد عبد الفتاح عمدًا فأحدث به إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على العشرين يومًا وكان ذلك باستخدام أداة ( دبشك السلاح الناري محل الاتهام الأول ). وطلبت معاقبة المتهمين بالمواد (241/1-2، 375 مكرر) من قانون العقوبات المعدل بالمرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011، والمواد (1/1، 6، 26 الفقرتين 3 ، 5) من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول . وتدوولت القضية أمام محكمة جنايات دمنهور إلى أن أصدرت فيها قرار إحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا، تأسيسًا على ما تبين لها من أن الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 قد حظرت النزول بالعقوبة بالنسبة للجرائم الواردة في المادة المذكورة ، استثناء من أحكام المادة (17) من قانون العقوبات وأن إلغاء سلطة القاضي في النزول بالعقوبة هو في حقيقته إلغاء لسلطته في تفريدها التي تعتبر أحد خصائص الوظيفة القضائية ، مما ينطوي عليه من إهدار لحقوق أصيلة كفلها الدستور، وافتئات من السلطة التشريعية على السلطة القضائية وتدخلاً في شئون العدالة .

 

       وحيث إن المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر مستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 تنص على أن :

الفقرة الأولى : " يعاقب بالسجن وغرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من يحوز أو يحرز بالذات أو بالواسطة بغير ترخيص سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليها بالجدول رقم (2) المرافق " .

الفقرة الثانية : " ويعاقب بالسجن المشدد وغرامة لا تجاوز خمسة عشر ألف جنيه كل من يحوز أو يحرز بالذات أو بالواسطة بغير ترخيص سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليها بالقسم الأول من الجدول رقم (3) المرافق " .

الفقرة الثالثة : " وتكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه إذا كان الجاني حائزًا أو محرزًا بالذات أو بالواسطة سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليها بالقسم الثاني من الجدول رقم (3) .

الفقرة الرابعة : " ويعاقب بالسجن وغرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من يحوز أو يحرز بالذات أو بالواسطة ذخائر مما تستعمل في الأسلحة المنصوص عليها بالجدولين رقم (2 و3) " .

الفقرة الخامسة : " وتكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه إذا كان الجاني من الأشخاص المذكورين بالبنود من (ب) إلى (و) من المادة (7) من هذا القانون .

الفقرة السادسة : " ومع عدم الإخلال بأحكام الباب الثاني مكررًا من قانون العقوبات تكون العقوبة السجن المشدد أو المؤبد ......... " .

الفقرة السابعة ( المحالة من محكمة الموضوع والتي ارتأت أن بها شبهة عدم الدستورية ) : " واستثناءً من أحكام المادة (17) من قانون العقوبات لا يجوز النزول بالعقوبة بالنسبة للجرائم الواردة في هذه المادة " .

 

       وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية ، لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة ينحصر في نص الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 في مجال إعمالها في شأن جريمة حيازة سلاح من الأسلحة المنصوص عليها بالقسم الثاني من الجدول رقم (3) وجريمة حيازة ذخائر مما تستعمل في الأسلحة المنصوص عليها بالجدولين رقمي (2) ، (3) المعاقب عليهما بالفقرتين رقمي (3)، (4) من المادة ذاتها .

 

       وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة على أساس أن صحيفتها لم تتضمن البيانات الجوهرية التي تطلبتها المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا لإغفالها تحديد النص الدستوري المدعى بمخالفته .

 

       وحيث إن هذا الدفع مردود بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ما توخاه المشرع بنص المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا يعتبر متحققًا كلما تضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى ما يعين على تحديد المسألة الدستورية سواء كان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر، إذ ليس لازمًا للوفاء بالأغراض التى استهدفتها المادة (30) من قانون هذه المحكمة أن يتضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى تحديدًا مباشرًا وصريحًا للنص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة ، بل يكفى أن تكون المسألة الدستورية التي يراد الفصل فيها قابلة للتعيين، بأن تكون الوقائع التي تضمنها قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى - في ترابطها المنطقي - مفضية إليها جلية في دلالة الإفصاح عنها. متى كان ذلك وكان قرار إحالة الدعوى الماثلة واضحًا في دلالته على أن نص الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012، يخالف أحكام الدستور بسلبه سلطة القاضي في تفريد العقوبة التي تعتبر أحد خصائص الوظيفة القضائية ، كما أنه يتضمن افتئاتًا من السلطة التشريعية على السلطة القضائية وتدخلاً في شئون العدالة ، وكان من شأن هذا البيان تحديد المخالفة الدستورية المنسوبة للنص المحال فإن الدفع بعدم قبول الدعوى يكون على غير أساس متعين الرفض .

 

       وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من تشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة . ومن ثم فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه - محددًا نطاقًا على النحو المتقدم بيانه - من خلال أحكام الوثيقة الدستورية القائمة والصادرة في 18 يناير سنة 2014 .

 

       وحيث إن الدستور كفل في مادته السادسة والتسعين، الحق في المحاكمة المنصفة بما تنص عليه من أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة ، تُكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه . وهو حق نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادتيه العاشرة والحادية عشرة التي تقرر أولاهما : أن لكل شخص حقًّا مكتملاً ومتكافئًا مع غيره في محاكمة علنية ، ومن صفة ، تقوم عليها محكمة مستقلة ومحايدة ، تتولى الفصل في حقوقه والتزاماته المدنية ، أو في التهمة الجنائية الموجهة إليه . وتُرَدِدْ ثانيتهما : في فقرتها الأولى حق كل شخص وجهت إليه تهمة جنائية ، في أن تفترض براءته إلى أن تثبت إدانته في محاكمة علنية توفر له فيها الضمانات الضرورية لدفاعه وهذه الفقرة تؤكد قاعدة استقر العمل على تطبيقها في الدول الديمقراطية ، وتقع في إطارها مجموعة من الضمانات الأساسية تكفل بتكاملها مفهومًا للعدالة يتفق بوجه عام مع المقاييس المعاصرة المعمول بها في الدول المتحضرة وهى بذلك تتصل بتشكيل المحكمة ، وقواعد تنظيمها، وطبيعة القواعد الإجرائية المعمول بها أمامها، وكيفية تطبيقها من الناحية العملية ، كما أنها تعتبر في نطاق الاتهام الجنائي ، وثيقة الصلة بالحرية الشخصية التي كفلها الدستور، ولا يجوز بالتالي تفسير هذه القاعدة تفسيرًا ضيقًا، إذ هي ضمان مبدئي لرد العدوان عن حقوق المواطن وحرياته الأساسية ، وهى التي تكفل تمتعه بها في إطار من الفرص المتكافئة ، ولأن نطاقها - وإن كان لا يقتصر على الاتهام الجنائي - إنما يمتد إلى كل دعوى ولو كانت الحقوق المثارة فيها من طبيعة مدنية ، إلا أن المحاكمة المنصفة تعتبر أكثر لزومًا في الدعوى الجنائية وذلك أيًا كانت طبيعة الجريمة ، وبغض النظر عن درجة خطورتها .

 

       وحيث إنه على ضوء ما تقدم، تتمثل ضوابط المحاكمة المنصفة في مجموعة من القواعد المبدئية التي تعكس مضامينها نطاقًا متكامل الملامح، يتوخى بالأسس التي يقوم عليها، صون كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية ، ويحول بضماناته دون إساءة استخدام العقوبة بما يخرجها عن أهدافها، وذلك انطلاقًا من إيمان الأمم المتحضرة بحرمة الحياة الخاصة ، وبوطأة القيود التي تنال من الحرية الشخصية ، ولضمان أن تتقيد الدولة عند مباشرتها لسلطاتها في مجال فرض العقوبة صونًا للنظام الاجتماعي ، بالأغراض النهائية للقوانين العقابية ، التي ينافيها أن تكون إدانة المتهم هدفًا مقصودًا لذاته، أو أن تكون القواعد التي تتم محاكمته على ضوئها، مصادمة للمفهوم الصحيح لإدارة العدالة الجنائية إدارة فعالة بل يتعين أن تلتزم هذه القواعد مجموعة من القيم التي تكفل لحقوق المتهم الحد الأدنى من الحماية ، التي لا يجوز النزول عنها أو الانتقاص منها .

 

       وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في العقوبة هو معقوليتها، فلا يكون التدخل فيها إلا بقدر، نأيًا بها عن أن تكون إيلامًا غير مبرر، يؤكد قسوتها في غير ضرورة ، ذلك أن القانون الجنائي ، وإن اتفق مع غيره من القوانين في تنظيم بعض العلائق التي يرتبط بها الأفراد فيما بين بعضهم البعض، أو من خلال مجتمعهم بقصد ضبطها، إلا أن القانون الجنائي يفارقها في اتخاذ العقوبة أداة لتقويم ما يصدر عنهم من أفعال نهاهم عن ارتكابها . وهو بذلك يتغيا أن يحدد - ومن منظور اجتماعي - ما لا يجوز التسامح فيه من مظاهر سلوكهم، وأن يسيطر عليها بوسائل يكون قبولها اجتماعيًّا ممكنًا، بما مؤداه أن الجزاء على أفعالهم لا يكون مبررًا إلا إذا كان مفيدًا من وجهة اجتماعية ، فإن كان مجاوزًا تلك الحدود التي لا يكون معها ضروريًّا، غدا مخالفًا للدستور .

 

       وحيث إن قضاء هذه المحكمة ، قد جرى على أن المتهمين لا تجوز معاملتهم بوصفهم نمطًا ثابتًا، أو النظر إليهم باعتبار أن صورة واحدة تجمعهم لتصبهم في قالبها، بما مؤداه أن الأصل في العقوبة هو تفريدها لا تعميمها، وتقرير استثناء تشريعي من هذا الأصل - أيًا كانت الأغراض التي يتوخاها - مؤداه أن المذنبين جميعهم تتوافق ظروفهم، وأن عقوبتهم يجب أن تكون واحدة لا تغاير فيها، وهو ما يعنى اتباع جزاء في غير ضرورة بما يفقد العقوبة تناسبها مع وزن الجريمة وملابساتها والظروف الشخصية لمرتكبها، وبما يقيد الحرية الشخصية دون مقتض . ذلك أن مشروعية العقوبة - من زاوية دستورية - مناطها أن يباشر كل قاض سلطته في مجال التدرج بها وتجزئتها، تقديرًا لها، في الحدود المقررة قانونًا، فذلك وحده الطريق إلى معقوليتها وإنسانيتها جبرًا لآثار الجريمة من منظور عادل يتعلق بها وبمرتكبها .

 

       وحيث إنه من المقرر أن شخصية العقوبة وتناسبها مع الجريمة محلها مرتبطان بمن يكون قانونًا مسئولاً عن ارتكابها على ضوء دوره فيها، ونواياه التي قارنتها، وما نجم عنها من ضرر، ليكون الجزاء عنها موافقًا لخياراته بشأنها . متى كان ذلك، وكان تقدير هذه العناصر جميعها، داخلاً في إطار الخصائص الجوهرية للوظيفة القضائية ؛ فإن حرمان من يباشرون تلك الوظيفة من سلطتهم في مجال تفريد العقوبة بما يوائم بين الصيغة التى أفرغت فيها ومتطلبات تطبيقها في كل حالة بذاتها؛ مؤداه بالضرورة أن تفقد النصوص العقابية اتصالها بواقعها، فلا تنبض بالحياة ، ولا يكون إنفاذها إلا عملاً مجردًا يعزلها عن بيئتها دالاًّ على قسوتها أو مجاوزتها حد الاعتدال، جامدًا، فجًّا، منافيًا لقيم الحق والعدل .

 

       وحيث إن الدستور الصادر عام 2014 إذ نص في المادة (94) منه على خضوع الدولة للقانون وأن استقلال القضاء، وحصانته، وحيدته، ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات، كما أكد على هذه المبادئ في المادتين (184) و (186) من الدستور ذاته، فقد دلَّ على أن الدولة القانونية هي التي تتقيد في كافة مظاهر نشاطها - وأيًا كانت طبيعة سلطاتها - بقواعد قانونية تعلو عليها وتكون بذاتها ضابطًا لأعمالها وتصرفاتها في أشكالها المختلفة ، ذلك أن ممارسة السلطة لم تعد امتيازًا شخصيًّا لأحد ولكنها تباشر نيابة عن الجماعة ولصالحها، ولأن الدولة القانونية هي التي يتوافر لكل مواطن في كنفها الضمانة الأولية لحماية حقوقه وحرياته، ولتنظيم السلطة وممارستها في إطار من المشروعية ، وهى ضمانة يدعمها القضاء من خلال استقلاله وحصانته لتصبح القاعدة القانونية محورًا لكل تنظيم، وحدًّا لكل سلطة ، ورادعًا ضد كل عدوان .

 

       وحيث إنه من المقرر قانونًا أن العقوبة التخييرية ، أو استبدال عقوبة أخف أو تدبير احترازي بعقوبة أصلية أشد - عند توافر عذر قانوني جوازي مخفف للعقوبة - أو إجازة استعمال الرأفة في مواد الجنايات بالنزول بعقوبتها درجة واحدة أو درجتين إذا اقتضت أحوال الجريمة ذلك التبديل عملاً بنص المادة (17) من قانون العقوبات، أو إيقاف تنفيذ عقوبتي الغرامة أو الحبس الذى لا تزيد مدته على سنة إذا رأت المحكمة من الظروف الشخصية للمحكوم عليه أو الظروف العينية التي لابست الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بعدم العودة إلى مخالفة القانون على ما جرى به نص المادة (55) من قانون العقوبات، إنما هي أدوات تشريعية يتساند القاضي
إليها - بحسب ظروف كل دعوى - لتطبيق مبدأ تفريد العقوبة ، ومن ثم ففي الأحوال التي يمتنع فيها إعمال أحدى هذه الأدوات، فإن الاختصاص الحصري بتفريد العقوبة المعقود للقاضي يكون قد أُستغلق عليه تمامًا، بما يفتئت على استقلاله، ويسلبه حريته في تقدير العقوبة ، ويفقده جوهر وظيفته القضائية ، وينطوي على تدخل محظور في شئون العدالة والقضايا .

 

       وحيث إن العقوبة المقررة لجريمة حيازة سلاح ناري من الأسلحة المنصوص عليها بالقسم الثانى من الجدول رقم (3) المسندة للمتهمين في الدعوى الموضوعية هي السجن المؤبد وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه، كما أن العقوبة المقررة لجريمة حيازة ذخائر مما تستعمل في الأسلحة المنصوص عليها بالجدولين رقمي (2)، (3)، المسندة للمتهمين أيضًا، هى السجن وغرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه، ومن ثم فإن هاتين العقوبتين تعدان من العقوبات غير التخييرية ، والتي لم يُنص على أعذار قانونية جوازية مخففة لهما، ويمتنع بالنص المطعون فيه النزول عن هاتين العقوبتين فيما لو اتضح لقاضى الموضوع قسوتهما، على ضوء أحوال الجريمة التي تقتضى رأفته، بما يحول بينه وبين إعمال سلطته في تفريد العقوبة .

       وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن النص المطعون فيه يكون قد أهدر من خلال إلغاء سلطة القاضي في تفريد العقوبة ، جوهر الوظيفة القضائية ، وجاء منطويًا كذلك على تدخل في شئونها، مقيدًا الحرية الشخصية في غير ضرورة ، ونائيًا عن ضوابط المحاكمة المنصفة ، ومخلاً بخضوع الدولة للقانون، وواقعًا بالتالي في حمأة مخالفة أحكام المواد (94)، (96)، (99)، (184)، (186) من الدستور .

فلهذه الأسباب

       حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر، المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنه من استثناء تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات بالنسبة للجريمتين المنصوص عليهما بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها ،وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الطعن 5452 لسنة 84 ق جلسة 4 / 3 / 2015 مكتب فني 66 ق 36 ص 270

 جلسة 4 من مارس سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / مجدي أبو العلا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / قدري عبد الله ، خالد حسن محمد ، بهاء محمد إبراهيم وجمال حسن جودة نواب رئيس المحكمة .

-------------

(36)

الطعن رقم 5452 لسنة 84 القضائية

محكمة دستورية . قانون " القانون الأصلح " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " أثر الطعن " . سلاح . ذخائر . ضرب " ضرب بسيط " .

المادة 49 من القانون 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا . مؤداها ؟

القضاء بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 26 من قانون الأسلحة والذخائر ‏بالنسبة للجريمتين الواردتين بفقرتيها الأولى والرابعة . أصلح للمتهم . أثره : وجوب القضاء بنقض الحكم بإدانة الطاعن بجرائم إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بغير ترخيص والضرب البسيط والإعادة للارتباط . علة وأساس ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرة بغير ترخيص والضرب البسيط وعاقبه – عن الجريمة الأشد – بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في الدعويين رقمي 196 لسنة 38 ، 88 لسنة 36 قضائية " دستورية " بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنته من استثناء تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للجريمتين المنصوص عليهما بالفقرتين الأولى والرابعة من المادة ذاتها ، ونشر هذين الحكمين في الجريدة الرسمية بتاريخي 12/11/2014 ، 25/2/2015 ، وكانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 قد نصت على أن : " أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة والكافة وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة الرسمية .... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره ، فإذا كان الحكم متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن . " ويبين من هذا النص أن المشرع قد أعمل فكرة الأثر الرجعي إذا تعلق الحكم بعدم الدستورية بنصوص أو أحكام جنائية صادرة بالإدانة ولو كانت أحكاماً باتة . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون مار الذكر تحظر – قبل صدور حكمي المحكمة الدستورية آنفي البيان – على القاضي استعمال المادة 17 من قانون العقوبات بالنسية للجريمتين المنصوص عليهما في الفقرتين الأولى والرابعة من المادة ذاتها ، وبصدور حكمي المحكمة الدستورية ونشرهما صارت هاتان الفقرتان طليقتين من قيد الحظر ، ومن ثم يكون قضاء الدستورية قد أنشأ للمتهم مركزاً قانونياً جديداً لم يكن له من قبل بأن أعاد للقاضي حقه في استعمال الرأفة وفقاً للمادة 17 من قانون العقوبات – إن ارتأى ذلك – وهو ما يتحقق به معنى النص الأصلح للطاعن وهو ما يصلح سبباً يخول محكمة النقض أن تنقض الحكم المطعون فيه لمصلحة الطاعن من تلقاء نفسها عملاً بالحق المقرر لها بنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بـقـانـون رقــم 57 لســنة 1959 ، ولما كان تقدير العقوبة وتقدير موجبات الرأفة هو من إطلاقات محكمة الموضوع ، ومن ثم يتعين أن يكون نقض الحكم المطعون فيه مقروناً بالإعادة في جميع التهم لما بينها من ارتباط وحتى تتاح للطاعن فرصة محاكمته في ظل نص المادة 26 سالفة الإشارة بعد إلغاء فقرتها الأخيرة فيما نصت عليه من عدم جواز النزول بالعقوبة وفقاً للمادة 17 من قانون العقوبات .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

 اتهمت النيابـة العامـة الطاعن بأنه : 1- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن " فرد " . 2- أحرز ذخائر " عدة طلقات " مما تستعمل على السلاح الناري حال كونه غير مرخص له بحيازته أو إحرازه . 3- ضرب .... عمداً بأن أطلق صوبه عياراً نارياً من سلاحه الناري سالف الذكر فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي ، والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً .

وأحالتـه إلى محكمة جنايات .... لمعـاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحـالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 6 ، 26/1-4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل ، والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول والمادة 242/1-3 ، مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

من حيث إن الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرة بغير ترخيص والضرب البسيط وعاقبه – عن الجريمة الأشد – بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في الدعويين رقمي 196 لسنة 38 ، 88 لسنة 36 قضائية " دستورية " بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنته من استثناء تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للجريمتين المنصوص عليهما بالفقرتين الأولى والرابعة من المادة ذاتها ، ونشر هذين الحكمين في الجريدة الرسمية بتاريخي 12/11/2014 ، 25/2/2015 ، وكانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 قد نصت على أن : " أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة والكافة وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة الرسمية .... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره ، فإذا كان الحكم متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن . " ويبين من هذا النص أن المشرع قد أعمل فكرة الأثر الرجعي إذا تعلق الحكم بعدم الدستورية بنصوص أو أحكام جنائية صادرة بالإدانة ولو كانت أحكاماً باتة . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون مار الذكر تحظر – قبل صدور حكمي المحكمة الدستورية آنفي البيان – على القاضي استعمال المادة 17 من قانون العقوبات بالنسية للجريمتين المنصوص عليهما في الفقرتين الأولى والرابعة من المادة ذاتها ، وبصدور حكمي المحكمة الدستورية ونشرهما صارت هاتان الفقرتان طليقتين من قيد الحظر ، ومن ثم يكون قضاء الدستورية قد أنشأ للمتهم مركزاً قانونياً جديداً لم يكن له من قبل بأن أعاد للقاضي حقه في استعمال الرأفة وفقاً للمادة 17 من قانون العقوبات – إن ارتأى ذلك – وهو ما يتحقق به معنى النص الأصلح للطاعن وهو ما يصلح سبباً يخول محكمة النقض أن تنقض الحكم المطعون فيه لمصلحة الطاعن من تلقاء نفسها عملاً بالحق المقرر لها بنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بـقـانـون رقــم 57 لســنة 1959 ، ولما كان تقدير العقوبة وتقدير موجبات الرأفة هو من إطلاقات محكمة الموضوع ، ومن ثم يتعين أن يكون نقض الحكم المطعون فيه مقروناً بالإعادة في جميع التهم لما بينها من ارتباط وحتى تتاح للطاعن فرصة محاكمته في ظل نص المادة 26 سالفة الإشارة بعد إلغاء فقرتها الأخيرة فيما نصت عليه من عدم جواز النزول بالعقوبة وفقاً للمادة 17 من قانون العقوبات ، وذلك دون حاجة إلى بحث أسباب الطعن .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 31111 لسنة 84 ق جلسة 7 / 11 / 2015 مكتب فني 66 ق 112 ص 729

 جلسة 7 من نوفمبر سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / فؤاد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / جمال عبد المجيد ، ناجي عز الدين ، وعمرو الحناوي نواب رئيس المحكمة وخالد الحادي .
-----------

(112)

الطعن رقم 31111 لسنة 84 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراد أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

مثال 
 (2) استجواب . قانون " تفسيره ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . بطلان . 

المادة 124 إجراءات . مؤداها ؟ 

مخالفة الحكم المطعون فيه المادة 124 إجراءات . لا تبطله . علة ذلك ؟ 

(3) قانون " تفسيره " . نيابة عامة . إجراءات" إجراءات التحقيق " . دفوع " الدفع ببطلان التحقيق " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

المواد 65 ، 69 ، 199 ، 206 ، 206 مكرراً إجراءات . مفادها ؟

الدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة لمباشرتها من عضو بها بدرجة أقل من رئيس نيابة . غير مقبول . مادام باشرها في نطاق سلطات النيابة دون سلطات قاضي التحقيق .

(4) استدلالات . دفوع " الدفع ببطلان التحريات " . نقض" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

الدفع ببطلان التحريات لعدم اختصاص مجريها مكانياً . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة ذلك ؟

(5) تجمهر . تظاهر . عقوبة " العقوبة المبررة " . ارتباط . نقض " المصلحة في الطعن " .

          النعي على الحكم بشأن جريمة التجمهر . غير مجد . مادام طبق المادة 32 عقوبات وعاقبه بعقوبة الجريمة الأشد المقررة لجريمة التظاهر.

(6) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره" .

         الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً صريحاً . ما دام الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

(7) إتلاف . تظاهر . ارتباط . عقوبة " تطبيقها " " عقوبة الجرائم المرتبطة " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .

إدانة الحكم الطاعن بجريمتي التظاهر وإتلاف المباني والمنشآت المُعدة للنفع العام عمداً وتشويه مظهرها الحضاري ومعاقبته بعقوبة مستقلة عن كلٍ منهما . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه وتصحيحه . علة وأساس ذلك ؟

(8) عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .

نزول الحكم بالعقوبة المقضي بها عن الحد المقرر قانوناً . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك ؟

مثال . 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن النعي بهذا الوجه يكون لا محل له .

2- لما كانت المادة 124 من قانون الإجراءات إذ نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود إلَّا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد على النحو المقرر في هذه المادة ، وأوجبت على المحقق إذا لم يعين المتهم محامياً أن يندب له محامياً ، فإن هذا الإلزام يكون فيما يتعلق باستجواب المتهم أو مواجهته بغيره من الشهود وفي غير حالة التلبس . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالحكم توافر حالة التلبس في الواقعة ، هذا فضلاً عن أن القانون لم يُرتب البطلان جزاء على مخالفة هذه المادة ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .

3- لما كان البيّن من نص المادة 199 من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص الأصيل بالتحقيق الابتدائي في جميع الجرائم ، واستثناءً يجوز ندب قاضٍ للتحقيق في جريمة معينة أو جرائم من نوع خاص ، ومتى أُحيلت الدعوى إليه ؛ كان مختصاً دون غيره بالتحقيقات ، وذلك حسبما يبين من نص المادتين 65 ، 69 من القانون سالف البيان ، وحدد القانون إجراءات التحقيق التي يختص بها قاضي التحقيق والتي يحظر على أعضاء النيابة العامة اتخاذ أي إجراء منها قبل الحصول مقدماً على إذن مسبب من القاضي الجزئي وليس التحقيق من بين هذه الإجراءات ، ومن ثم يظل عضو النيابة العامة أياً كانت درجته هو صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرة التحقيق في جميع الجرائم مع مراعاة القيد الذي يرد على سلطتها تلك فيما يخص إجراءات التحقيق المبينة بالمادة 206 من القانون سالف البيان ، ودرجة من يباشر سلطات قاضي التحقيق من أعضاء النيابة العامة في الجرائم المبينة بالمادة 206 مكرراً من القانون سالف البيان لا تقل عن درجة رئيس نيابة ، وإذ كان الطاعن لا يدعي أن إجراء من تلك الإجراءات قد باشره عضو من أعضاء النيابة العامة بدرجة أقل من رئيس نيابة وإنما اقتصر وجه النعي على أن التحقيقات قد باشرها من هو أقل من درجة رئيس نيابة - فإنه وبفرض صحة ذلك - ؛ فإن مباشرته تلك التحقيقات تكون صحيحة لا بطلان فيها ، ما دام قد باشرها في نطاق سلطات النيابة العامة دون سلطات قاضي التحقيق ، فإن دعوى بطلان التحقيقات لهذا السبب لا يكون لها وجه .

4- لما كان البيّن من الاطلاع على محضري جلستي المحاكمة أن الطاعن لم يُثر شيئاً بخصوص بطلان التحريات لعدم اختصاص من قام بإجرائها مكانياً ، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ، لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .

5- من المقرر أنه لا جدوى للطاعن مما يثيره بشأن جريمة التجمهر ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بجريمة التظاهر لأغراض سياسية – الجريمة الثانية – باعتبارها الجريمة الأشد ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول .

6- من المقرر أن الدفع بعدم معقولية الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يُستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

7- لما كانت جريمة إتلاف المباني والمنشآت المُعدة للنفع العام عمداً وتشويه مظهرها الحضاري – الجريمة الثالثة الواردة بوصف الاتهام المقدم من النيابة العامة - هي من قبيل الأفعال التي تندرج ضمن الأفعال المحظورة على المتظاهر في تظاهرة لأغراض سياسية ارتكابها أثناء التظاهر المبينة بالمادة 7 من القانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية والمعاقب على مخالفتها بموجب المادة 19 من القانون سالف البيان التي هي بذاتها موضوع جريمة التظاهر لأغراض سياسية – الجريمة الثانية من وصف الاتهام – الذي عاقبه الحكم المطعون فيه بعقوبتها باعتبارها الأشد عن الجريمة الأولى ، وليست جريمة مستقلة الأركان لها عقوبتها ، وقد سايرت محكمة الموضوع النيابة العامة في خطئها بأن عاقبت الطاعن بشأنها بعقوبة مستقلة ، فإنها بذلك تكون قد أخطأت في تطبيق القانون وتأويله ، مما يستوجب معه والحال كذلك تصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء ما قضى به الحكم من عقوبة في هذا الشأن .

8- لما كانت العقوبة المقررة للجريمة الثانية التي عوقب الطاعن بها – باعتبارها الأشد – وفقاً لنص المادة 19 من القانون سالف البيان هي الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنين وبالغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف ذلك وقضى بمعاقبة الطاعن بحبسه سنة مع الشغل والنفاذ ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلَّا أن المحكوم عليه هو من قام بالطعن بالنقض على ذلك الحكم دون النيابة العامة ، فإنه لا سبيل إلى تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الـوقـائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

1- اشترك وآخرون مجهولون في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر وكان الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص ورجال السلطة العامة حال أداء أعمالهم .

2 - شارك وآخرون مجهولون في تظاهرة لها أغراض سياسية دون الإخطار عنها على النحو الذي نظمه القانون ، وأخلوا خلالها بالأمن والنظام العام وتعطيل حركة المرور وإتلاف الممتلكات العامة .

3- أتلف عمداً المباني والمنشآت المُعدة للنفع العام وتشويه مظهرها الحضاري ، بأن قام بكتابة عبارات مسيئة للجيش والشرطة والنظام الحاكم بالبلاد مستخدماً عبوات الإسبراي في ذلك .

وطلبت عقابه بالمواد 2 ، 3 ، 3 مكرراً /1 من القانون رقم 10 لسنة 1914 المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1968 ، والمواد 1 ، 3 ، 4 ، 7 ، 19 ، 22 من القانون رقم 107 لسنة 2013 .

ومحكمة جنح .... الجزئية قضت حضورياً بحبسه سنة مع الشغل والنفاذ عن التهمتين الأولى والثانية ، وسنة مع الشغل والنفاذ عن التهمة الثالثة .

استأنف ومحكمة .... الابتدائية " بهيئة استئنافية " قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن النعي بهذا الوجه يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات إذ نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود إلَّا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد على النحو المقرر في هذه المادة ، وأوجبت على المحقق إذا لم يعين المتهم محامياً أن يندب له محامياً ، فإن هذا الإلزام يكون فيما يتعلق باستجواب المتهم أو مواجهته بغيره من الشهود وفي غير حالة التلبس . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالحكم توافر حالة التلبس في الواقعة ، هذا فضلاً عن أن القانون لم يُرتب البطلان جزاء على مخالفة هذه المادة ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البيّن من نص المادة 199 من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص الأصيل بالتحقيق الابتدائي في جميع الجرائم ، واستثناءً يجوز ندب قاضٍ للتحقيق في جريمة معينة أو جرائم من نوع خاص ، ومتى أُحيلت الدعوى إليه ؛ كان مختصاً دون غيره بالتحقيقات ، وذلك حسبما يبين من نص المادتين 65 ، 69 من القانون سالف البيان ، وحدد القانون إجراءات التحقيق التي يختص بها قاضي التحقيق والتي يحظر على أعضاء النيابة العامة اتخاذ أي إجراء منها قبل الحصول مقدماً على إذن مسبب من القاضي الجزئي وليس التحقيق من بين هذه الإجراءات ، ومن ثم يظل عضو النيابة العامة أياً كانت درجته هو صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرة التحقيق في جميع الجرائم مع مراعاة القيد الذي يرد على سلطتها تلك فيما يخص إجراءات التحقيق المبينة بالمادة 206 من القانون سالف البيان ، ودرجة من يباشر سلطات قاضي التحقيق من أعضاء النيابة العامة في الجرائم المبينة بالمادة 206 مكرراً من القانون سالف البيان لا تقل عن درجة رئيس نيابة ، وإذ كان الطاعن لا يدعي أن إجراء من تلك الإجراءات قد باشره عضو من أعضاء النيابة العامة بدرجة أقل من رئيس نيابة وإنما اقتصر وجه النعي على أن التحقيقات قد باشرها من هو أقل من درجة رئيس نيابة - فإنه وبفرض صحة ذلك - ؛ فإن مباشرته تلك التحقيقات تكون صحيحة لا بطلان فيها ، ما دام قد باشرها في نطاق سلطات النيابة العامة دون سلطات قاضي التحقيق ، فإن دعوى بطلان التحقيقات لهذا السبب لا يكون لها وجه . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الاطلاع على محضري جلستي المحاكمة أن الطاعن لم يُثر شيئاً بخصوص بطلان التحريات لعدم اختصاص من قام بإجرائها مكانياً ، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى للطاعن مما يثيره بشأن جريمة التجمهر ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بجريمة التظاهر لأغراض سياسية – الجريمة الثانية – باعتبارها الجريمة الأشد ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم معقولية الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يُستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لما كان ذلك ، وكانت جريمة إتلاف المباني والمنشآت المعدة للنفع العام عمداً وتشويه مظهرها الحضاري – الجريمة الثالثة الواردة بوصف الاتهام المقدم من النيابة العامة - هي من قبيل الأفعال التي تندرج ضمن الأفعال المحظورة على المتظاهر في تظاهرة لأغراض سياسية ارتكابها أثناء التظاهر المبينة بالمادة 7 من القانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية والمعاقب على مخالفتها بموجب المادة 19 من القانون سالف البيان التي هي بذاتها موضوع جريمة التظاهر لأغراض سياسية – الجريمة الثانية من وصف الاتهام – الذي عاقبه الحكم المطعون فيه بعقوبتها باعتبارها الأشد عن الجريمة الأولى ، وليست جريمة مستقلة الأركان لها عقوبتها ، وقد سايرت محكمة الموضوع النيابة العامة في خطئها بأن عاقبت الطاعن بشأنها بعقوبة مستقلة ، فإنها بذلك تكون قد أخطأت في تطبيق القانون وتأويله ، مما يستوجب معه والحال كذلك تصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء ما قضى به الحكم من عقوبة في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة للجريمة الثانية التي عوقب الطاعن بها – باعتبارها الأشد – وفقاً لنص المادة 19 من القانون سالف البيان هي الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنين وبالغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف ذلك وقضى بمعاقبة الطاعن بحبسه سنة مع الشغل والنفاذ ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلَّا أن المحكوم عليه هو من قام بالطعن بالنقض على ذلك الحكم دون النيابة العامة ، فإنه لا سبيل إلى تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه . ولما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ