الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 24 أغسطس 2020

الطعن 16992 لسنة 85 ق جلسة 9 / 12 / 2015 مكتب فني 66 ق 124 ص 833

 جلسة 9 من ديسمبر سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد القوي أيوب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أبو بكر البسيوني ، إبراهيم عوض ومحمد العشماوي نواب رئيس المحكمة ومحمود إبراهيم .
---------

(124)

الطعن رقم 16992 لسنة 85 القضائية

(1) ولى طبيعي . وكالة . محاماة . نقض " الصفة في الطعن " .

الطعن في الأحكام الجنائية . وجوب رفعه من المحكوم عليه شخصيًا أو من وكيله الخاص لهذا الغرض .

الولي الطبيعي . نائب جبري عن ولده القاصر بحكم القانون ينظر في شئونه الخاصة بالنفس أو المال . له أن يرفع بهذه الصفة الطعن بطريق النقض وغيره في الأحكام التي تصدر على قاصره .

التقرير بالطعن بالنقض من محام بصفته وكيلاً عن والد المحكوم عليه القاصر وخلو الأوراق من دليل على أن الأخير قاصراً . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً . علة ذلك؟

(2) إرهاب " الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون " . حكم " بيانات التسبيب " " بيانات حكـم الإدانة " " تسبيبـه . تسبيب معـيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

حكم الإدانة طبقاً للمادة 310 إجراءات جنائية . بياناته ؟

المراد بالتسبيب المعتبر ؟

إدانة الحُكم للطاعنين بجريمة الانضمام لعصابة هاجمت المواطنين وقاومت بالسلاح رجال السُلطة العامة القائمين على تنفيذ أحكام القوانين دون التدليل على وجود تلك العصابة والعلم بالغرض من تأسيسها قبل الانضمام إليها وكيفية الانضمام لها . قصور . يوجب نقضه .

(3) إثبات " أوراق رسمية " " خبرة " . طفل . محكمة الطفل . اختصاص " الاختصاص الولائي " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . قانون " تفسيره " " تطبيقه " . محكمة النقض " سلطتها " . حكم " بطلانه " " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

      صدور القانون 12 لسنة 1996 المُعدَّل بالقانون 126 لسنة 2008 . أثره : نسخه لأحكام القانون 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث .

     المواد 2 ، 122 من القانون 12 لسنة 1996 المعدل ، 127 من القانون 126 لسنة 2008 بشأن الطفل . مفادها ؟

وجوب تحديد المحكمة سن الطفل على وجه الدقة . علة ذلك : تحديد الاختصاص الولائي وتوقيع العقوبة المناسبة عليه وفقاً لسن الطفل .

تعرض محكمة النقض لتقدير سن الأطفال المُتهمين . غير جائز . علة وحد ذلك؟

خلو الحكم من استظهار سن الأطفال الطاعنين ومن وضع تقرير المراقب الاجتماعي ومناقشة واضعه . قصور يبطله ويوجب نقضه .

(4) إثبات " بوجه عام " . تجمهر . تعطيل المواصلات . حكم " بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " "تسبيبه . تسبيب معيب " . تظاهر . جريمة " أركانها " . قصد جنائي.

عبارة بيان حكم الإدانة للواقعة الواردة بالمادة 310 إجراءات . المقصود بها ؟

القصد الجنائي في جريمة تعريض وسائل النقل العام للخطر وتعطيل سيرها . تحققه : بارتكاب الجاني الفعل كما صوره القانون عمداً بقصد تعطيل وسائل النقل وتعريضها للخطر . وجوب تحدث الحكم عنه استقلالاً .

مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة بجرائم التظاهر والتجمهر وتعطيل المواصلات عمداً .

(5) إثبات " بوجه عام " " خبرة " . سلاح . جريمة " أركانها " . تظاهر . قصد جنائي . عقوبة " تطبيقها " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " " أثر الطعن " .

جريمة إحراز وحيازة الأسلحة النارية . ماهيتها ؟

إدانة الحكم الطاعنين بجريمة حيازة وإحراز أسلحة نارية استعملت في الإطلاق على قوات الأمن بتظاهرة دون تحديد شخص مُحرزها أو القبض عليه وخلوه من دليل فني يحدد نوع السلاح وصلاحيته للاستعمال . قصور . علة وأثر ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لمَّا كَان المُحَامي / .... قَرَّر بالنقض بصفته وكيلاً عن والد المحكوم عليه " .... " باعتباره ولياً طبيعياً عليه ، وكَان الطعن في الأحكام الجنائية يجب أن يُرفَع من المحكوم عليه شخصياً ، أو ممن يُوكله توكيلاً خاصًا لهذا الغرض ، ولئن كَان الولي الشرعي نائباً جبرياً عن ولده القاصر بحُكم القانون ، ينظر في شئونه الخاصة بالنفس أو المال ، فله أن يَرفع بهذه الصفة الطعن بطريق النقض وغيره في الأحكام التي تَصدر على قاصره ، إلَّا أنه لمَّا كَانت الأوراق خلواً من دليل على أن المحكوم عليه قاصر ، وكَان التوكيل الصَادر من والد المحكوم عليه لمُحَاميه لا يُعَد حاسماً في هذا الخصوص ، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً للتقرير به من غير ذي صفة .

2- لمَّا كَان الشارع يُوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يَشتمل الحُكم على الأسباب التي بُني عليها وإلَّا كَان باطلاً ، والمُرَاد بالتسبيب المُعتَبر تَحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمُنتجة هي له ، سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يَتحقق الغرض منها يجب أن يكون في بيان جلي مُفصَّل ، بحيث يُستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به ، أما إفراغ الحُكم في عبارات عامة مُعماة ، أو وضعه في صورة مُجمَلة مُجهَّلة ، فلا يُحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يُمكِّن محكمة النقض من مُرَاقبة تَطبيق القانـــون على الواقعة كما صار إثباتها في الحُكم . وكَان لحُكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة الانضمام إلى عصابة ألَّفها مجهولون هاجمت المواطنين بشوارع مدينة .... ، وقاومت بالسلاح رجال السُلطة العامة المُكلَّفين بتنفيذ القوانين ، دون أن يُدلِّل على وجود تلك العصابة ، والغرض من تأسيسها ، قبل انضمامهم إليها ، وكيفية انضمامهم لتلك العصابة ، وعلمهم بالغرض من تأسيسها ، مُكتفيًا بإيراد عبارات عامة مُجمَلة ، مُجهَّلة ، - لدى بيانه لتلك الجريمة – لا يبين منها مدى تأييدها للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ، ومبلغ اتفاقها مع باقي الأدلة في الدعوى ، ومن ثم فإنه – والأمر كذلك – لا يُحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تَسبيب الأحكام ، ولا يُمكِّن محكمة النقض من مُرَاقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحُكم ، الأمر الذي يصمه بالقصور ، ويوجب نقضه .

3- لمَّا كَان الحُكم المطعون فيه قد أورد ضمن المواد المُنطَبقة على الجرائم المُسنَدة إلى المُتَهمين المواد 2 ، 95 ، 111 ، 122 ، 129 ، 140 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل ، والمُعدَّل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ، وانتهى إلى إعمالها في حق المُتَهمين الأحداث ، وإعفائهم من المصاريف الجنائية ، كما أنه تم تأجيل نَظر الدعوى ، لجلسة .... كطلب الدفاع للاطلاع والاستعداد ... ولإرفاق تقارير الباحث الاجتماعي للمُتَهمين الأحداث ، الأمر الذي يَقطع أن من بين المُتَهمين أطفالاً ، في حين أنه لم يشر إلى وجودهم في الدعوى ، فلم يعْن بتحديدهم ، واستظهار سنهم . وكَان القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل، المُعدَّل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ، قد صَدر ناسخاً لأحكام القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث ، ونص في مادته الثانية أنه : " يقصد بالطفل في مجال الرعاية المنصوص عليها في هذا القانون كُل من لم تتجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة ، وتثبت السن بموجب شهادة الميلاد أو بطاقة الرقم القومي أو أي مستند رسمي آخر ، فإذا لم يوجد المستند الرسمي أصلاً قدرت السن بمعرفة إحدى الجهات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزير الصحة " ، مما مفاده أن كُل من لم يتجاوز ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة كَان طفلاً ، تراعى في حالته كَافة الضوابط التي وضعها الشارع سياجاً لحمايته ، ويلزم المحكمة وجوباً وتنصيصاً أن تثبت بأسبابها المُستند الرسمي الذي ارتكنت إليه في تَحديد سن الطفل ، وكَانت المادة 111 من القانون رقم 126 لسنة 2008 المُستَبدلة بالمادة 112 من القانون رقم 12 لسنة 1996 ، قد أجازت الحُكم عـلى المُتَهم الطفل إذا زاد سنه على خمس عشرة سنة ولم يتجاوز الثامنة عشرة سنة بعقوبة السجن ، مع عدم الإخلال بسُلطة المحكمة في تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات ، كما أن المادة 122 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 ، تقضي باختصاص محكمة الأحداث ، دون غيرها ، بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم ، إلَّا أنها استثنت الطفل الذي يتجاوز سنه خمس عشرة سنة ، ويَرتكب جنــــــاية ، متى أسهَّم في الجريمة غير طفل ، واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل ، حيث يَنعقد الاختصاص حينئذ لمحكمة الجنايات . لمَّا كَان ذلك ، فإن تَحديد سن الطفل على وجه الدقة يضحى أمراً لازماً لتَحديد الاختصاص الولائي ، ولتوقيع العقوبة المُنَاسبة ، حسبما أوجب القانون ، ومن ثم بات مُتعيَّناً على المحكمة ، قَبل توقيع أية عقوبة على الطفل ، أن تَستظهر سنه وفق ما رَسمه القانون ، هذا إلى أن المادة 127 من القانون رقم 126 لسنة 2008 بشأن الطفل ، قد أوجبت على المحكمة قَبل الحُكم على الطفل في الحالات التي أوردها النص ، ومنها مواد الجنايات على إطلاقها ، مُنَاقشة المُرَاقب الاجتماعي بعد تَقديمه تقريراً يَتضمَّن فحصاً كاملاً لحالة الطفل التعليمية والنفسية والعقلية والبدنية والاجتماعية ، وهو في تكييفه الحق ووضعه الصحيح إجراء من الإجراءات الجوهرية ، قَصد به الشارع مصلحة المُتَهم الطفل بما يتغياه من إحاطة المحكمة بالظروف الاجتماعية والبيئية والعوامل التي دَفعت الطفل إلى ارتكاب الجريمة ، وذلك حتى تكون على بينة من تلك العوامل ، وما لها من أثر في تقدير العقاب المُلائم للطفل بغية إصلاحه ، وأن عدم وضع ذلك التقرير ، ومُنَاقشة المُرَاقب الاجتماعي بشأنه ، يكون قعوداً عن هذا الإجراء الجوهري يَترتَّب عليه البُطلان . لمَّا كَان ذلك ، وكَان البين من محاضر الجلسات ومن مدونات الحُكم المطعون فيه ، أنها خَلت كُلية من أي إشارة إلى الأطفال المُتَهمين في الواقعة محل الاتهام ، أو إلى أي مُستَند أو وثيقة رسمية تفيد سنهم ، أو إرفاق تقرير المُرَاقب الاجتماعي ومُنَاقشة واضعه بشأنه ، ولمَّا كَان الأصل أن تقدير السن أمر مُتعلِّق بموضوع الدعوى لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض له ، إلَّا أن تكون محكمة الموضوع قد تناولته بالبحث والتقدير ، وأتاحت للمُتَهم وللنيابة العامة إبداء مُلاحظاتهما في خصوصه ، وإذ كَان الحُكم المطعون فيه لم يعْن البتة في مدوناته بتحديد هؤلاء الأطفال ، واستظهار سنهم ، - على النحو السالف بسطه ، كما خَلت مدوناته ومحاضر الجلسات من وضع تقرير المُرَاقب الاجتماعي ، ومُنَاقشة واضعه فيه ، قَبل الحُكم على الطاعنين ، فإن الحُكم يكون قد تَعــيَّب بالبُطلان ، المُوجب لنقضه ، فوق قصوره في التسبيب ، الذي يُعجز محكمة النقض عن مُرَاقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة .

4- لمَّا كَان من المُقرَّر أن المقصود ببيان واقعة الدعوى التي تَطلَّبتها المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية في كُل حُكم بالإدانة ، هو أن يثبت قاضي الموضوع في حُكمه كُل الأفعال والمقاصد التي تَتَكوَّن منها الجريمة ، وكَانت جريمة تعريض وسائل النقل العام للخطر عمدًا أو تَعطيل سيرها المُؤثَّمة بنص المادة 167 من قانون العقوبات هي جريمة عمدية ، يَتحقق القصد الجنائي فيها متى تَعمَّد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي صَوَّرها القانون ، واتجاه إرادته إلى تعريضها للخطر أو تَعطيلها ، وعلمه بأنه يحدثه بغير حق ، وهو ما يقتضي أن يَتحدَّث الحُكم عنه استقلالاً ، وأن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يَكفي للدلالة على قيامه ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بهذه الجريمة واقتصر على القول بأنهم قاموا بالتظَاهُر والتَجمهُّر بشوارع مدينة .... ، وهو الأمر الذي من شأنه أن يُعرض السلم العام للخطر ، وقد تَرتَّب عليه تَعطيل حركة المرور والمواصلات العامة بالطرق دون أن يُبيِّن نوع وسيلة النقل ، وكيفية تَعريضها للخطر ، أو تَعطيل سيرها ، وهل هي من وسائل النقل التي كَفل القانون حمايتها بالنص المُشَار إليه ، أم أنها غير ذلك ، والأفعال المادية التي أتاها الطاعنون وتَرتَّب عليها تَعطيل تلك الوسيلة ، أو تَعريضها للخطر ، كما لم يَستظهر القصد الجنائي المُتطلَّب في هذه الجريمة ، وما يفيد تَعمُّد الطاعنين تَعريض تلك الوسائل للخطر أو تَعطيلها ، الأمر الذي يكون معه الحُكم المطعون فيه مشوبًا بالقصور في البيان - من هذه الناحية – أيضاً .

5- لمَّا كَان الحُكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة إحراز وحيازة أسلحة نارية " بنادق آلية " مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها ، وكَان من المُقرَّر أن مناط العقاب على جريمة إحراز وحيازة الأسلحة النارية هو الحيازة المادية طالت أم قصرت ، ويَتحقق القصد الجنائي العام المُتطلَّب في هذه الجريمة بإدراك وعلم الجاني بأنه يحوز ويحرز ذلك السلاح مما لا يجوز له حيازته أو إحرازه ، وكَان الإحراز أو الحيازة في صحيح القانون يتم بالاستيلاء على السلاح استيلاءً مادياً ، أو بسط سُلطان الجاني عليه ، مع علمه بأن الاستيلاء أو بسط السُلطان واقع على سلاح مما لا يجوز حيازته أو إحرازه ، وكَان الحُكم المطعون قد أطلق القول بإطلاق المُتظاهرين النار على قوات الأمن من أسلحة آلية ، ثم عاد فأورد أنه تم ضبــــط ســـــــلاح أبيض مع أحد المُتَهمين ، وثلاثة أفردة خرطوش بمكان التَجمهُّر ، بينما انتهى إلى ثبوت حيازتهم وإحرازهم للسلاح الآلي - فقط - دون أن يعْن بتحديد من منهم قد ثبت في حقه إحراز أو حيازة تلك الأسلحة الآلية مادياً أو بسط سُلطانه عليها ، فجاء قاصراً في بيان الرُكنين المادي والمعنوي ، سيما وأنه لم يتم ضبط أي منهم مُحرزاً أو حائزاً لأسلحة آلية ، كما خلا من دليل فني يُحدد نوع السلاح المُستَخدم في الإطلاق وصلاحيته للاستعمال ، وهي من المسائل الفنية البحتة التي لا تَستطيع المحكمة أن تشـــق طريقها فيها بنفسها ، الأمر الذي يعيبه من هذه الناحية - كذلك - ، فضلاً عن التنَاقُض ، والقصور في بيان أركان تلك الجريمة ، مما يَتعيَّن معه نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين وللمحكوم عليهما حضوريًا " .... ، و.... " لاتصال أوجه الطعن التي بُني عليها النقض بهما ، ودون كُل من الطاعن الواحد والثلاثين - الذي قُضي بعدم قبول طعنه شكلاً - ، وباقي المحكوم عليهم معه في جُنحـــة السرقة - ، الخامس والتسعين ، والسادس والتسعين ، والسابع والتسعين ، والثامن والتسعين ، والتاسع والتسعين ، والمائة وواحد لصدور الحُكم عليهم في تلك الجُنحة المُستقلة عن باقي واقعات الدعوى ، وباقي المحكوم عليهم لصدور الحُكم عليهم غيابياً من محكمة الجنايات .

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهــمت النيابـة العامـة الطاعنين - وآخرين – بأنهم :

أولاً - المُتَهمون من الأول حتى الثاني عشر :

1 - دبَّروا تَجمهُّراً مُؤلَّفاً من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يَجعل السلم العام في خطر وكَان الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص ، والمُمتلكات العامة والخاصة ، والتأثير على رجال السُلطة العامة في أداء عملهم بالقوة والعُنف ، واتحدت إرادتهم على ارتكابها فوقعت الجرائم محل باقي الاتهامات بناءً على ذلك .

2 - ألَّفوا عصابة هاجمت المواطنين بشوارع مدينة .... ، وقاومت بالسلاح رجال السُلطة العامة في تنفيذ القوانين ، على النحو المُوضَّح بالأوصاف التالية .

ثانياً - المُتَهمون من الثالث عشر حتى الرابع والتسعين : اشتركوا وآخرون مجهولون في تَجمهر مُؤلَّف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر ، وكَان الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص ، والمُمتلكات العامة والخاصة ، والتأثير على رجال السُلطة العامة في أداء عملهم بالقوة والعُنف ، حال حمل بعضهم أسلحة نارية وأدوات مما تُستَــــعمل في الاعـــتداء على الأشخاص ، وقد وقعت تنفيذاً للغرض المقصود من التَجمهر ، مع علمهم ، به الجرائم الآتية :

1 – استعملوا هم وآخرون مجهولون القوة والعُنف مع موظفين عموميين - ضباط وأفراد الشرطة بقسمي .... وقوات مديرية أمن .... - لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم ، وهدَّدوهم بالأسلحة النارية والبيضاء ، وتَعدوا عليهم ، فأحدّثوا بهم الإصابات الواردة بتقرير الطب الشرعي ، وقد بلغوا من ذلك مقصدهم بأن مَكَّنوا آخرين من أنصارهم من الهَرب .

2 – استعرضوا هم وآخرون مجهولون القوة ولوَّحوا بالعُنف ضد المجني عليهم ، وكَان ذلك بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم وفرض السطوة عليهم ، بأن تَجمَّع المُتَهمون وآخرون مجهولون من أعضاء الإخوان المُسلمين والموالين لهم بشوارع دائرتي قسمي .... ، .... وكَان بعضهم حاملاً أسلحة نارية وبيضاء وأدوات مُعدَّة للاعتداء على الأشخاص ، وما إن تَمكَّنوا من المجني عليهم حتى باغتوهم بالاعتداء بتلك الأسلحة والأدوات ، مما تَرتَّب عليه تَعريض حياة المجني عليهم وسلامتهم وأموالهم للخطر ، وتَكدير الأمن والسكينة العامة .

3 – انضموا إلى العصابة المنسوب تأليفها إلى المُتَهمين من الأول حتى الثاني عشر والتي هاجمت المواطنين بشوارع دائرتي قسمي .... وقاومت بالسلاح رجال السُلطة العامة المُكلَّفين بتنفيذ القوانين .

4 – خرَّبوا وأتلفوا هم وآخرون مجهولون عمداً مباني وأملاكاً عامة " نُقطة شرطة .... ، ونقطة .... ، والسيارات الخاصة بمديرية أمن .... ، وبنك .... ، ومصرف .... ، وبنك .... " ، وكذا أموال منقولة " سيارات خاصة مملوكة للمجني عليهم المستشار / .... ، والمستشار / .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... " ، ونادي قضاة .... ، ومحطة .... للبترول المملوكة لـ .... ، وأموال ثابتة - دار .... - ، وفندق .... ، والمنازل المملوكة لـ .... ، و.... ، و.... ، ومحلات .... ، وشركة .... ، وحوانيت خاصة بالمجني عليهم " .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... " ، والكنائس " .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... " ، بأن اقتحموا المقرات المذكورة وحطموا كَافة محتوياتها وأضرموا النيران في المركبات سالفة البيان ، مما تَرتَّب عليه تعطيل أعمال مصلحة ذات منفعة عامة وجعل حياة الناس وأمـــــنهم في خطر وكَان ذلك تنــــفيذًا لغــرض إرهابي في زمن هياج ، بقصد إشاعة الفوضى .

5 – حازوا وأحرزوا بالذات والواسطة أسلحة مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها " بنادق آلية " ، وأسلحة نارية مُششخنة " مسدسات " ، وغير مُششخنة " بنادق وأفردة خرطوش" بغير ترخيص ، وكَان ذلك بأحد أماكن التجمعات وبقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام .

6 – حازوا وأحرزوا بالذات والواسطة ذخائر مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو بإحرازها ، وكَان ذلك بأحد أماكن التجمعات بقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام .

7 – حازوا وأحرزوا بالذات والواسطة أسلحة بيضاء وأدوات مما تُستَعمل في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني أو مُبرِّر من الضرورة المهنية أو الحرفية ، وكَان ذلك بأحد أماكن التجمعات ، وبقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام .

ثالثا- المُتَهمون من الخامس والتسعين حتى الأخير :

1 – سرقوا هم وآخرون مجهولون المنقولات المُبيَّنة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لنادي قضاة .... ، وكَان ذلك بطريق الإكراه ، بأن اقتحموه حال حملهم أسلحة بيضاء ، وتَمكَّنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على مُحتوياته ، كما هو مُبيَّن بالتحقيقات .

2 – حازوا وأحرزوا بالذات والواسطة أسلحة بيضاء وأدوات مما تُستَعمل في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني أو مُبرِّر من الضرورة المهنية أو الحرفية ، وكَان ذلك بأحد أماكن التجمعات ، وبقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمُحَاكمتهم وفقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

وادعى كُل من : " .... زوجة المرحوم / .... ، و.... ، و.... ، .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... " قِبَل المُتَهمين المحبوسين بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المُؤقت ، كما ادعى / .... بصفته وكيلاً عن كنيسة .... مدنيًا قِبَل المُتَهمين ذاتهم بمبلغ خمسين ألف جُنيه على سبيل التعويض المدني المُؤقت .

والمحكمة المذكورة قَضت حضورياً للمُتَهمين من الأول حتى الخـــامس ، والحـــادي عشر ، ومن الثالث عشر حتى الثامن عشر ، والعشرين ، والواحد والعشرين ، والسادس والعشرين ، ومن التاسع والعشرين حتى الخامس والثلاثين ، ومن السابع والثلاثين حتى الواحد والخمسين ، ومن الرابع والخمسين حتى الثاني والستين ، والرابع والستين ، ومن السادس والستين حتى الواحد والسبعين ، ومن الرابع والسبعين حتى التاســــــع والثمانين ، والــواحد والتسعين ، والثاني والتسعين ، ومن الرابع والتسعين حتى الأخير، وغيابياً للمُتَهمين من السادس حتى العاشر ، والثاني عشر ، والتاسع عشر ، ومن الثاني والعشرين حتى الخامس والعشرين ، والسابع والعشرين ، والثامن والعشرين ، والسادس والثلاثين ، والثـــاني والخمسين والثالث والخمسين والثالث والستين ، والخامس والستين ، والثاني والسبعين ، والثالث والسبعين ، والتسعين ، والثالث والتسعين ، أولاً : بمُعَاقبة المُتَهمين / .... ، و.... بالسجن المُشدَّد لمُدة خمس عشرة سنة عمَّا أُسند إليهما . ثانيًا : بمُعَاقبة المُتَهمين / .... ، و.... ، و.... بالسجن المُشدَّد لمُدة عشر سنوات عمَّا أُسند إليهم . ثالثًا: بمُعَاقبة المُتَهمين / .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... بالسجن المُشدَّد لمُدة خمس سنوات عمَّا أُسند إليهم . رابعاً: بمُعَاقبة المُتَهمين / .... ، و.... ، و.... محمد بالسجن المُشدَّد لمُدة ثلاث سنوات عمَّا أُسند إليهم . خامساً : بمُعَاقبة المُتَهمين / .... ، و.... ، و.... بالسجن لمُدة ثلاث سنوات عمَّا أُسند إليهم . سادساً : بإلزام المحكوم عليهم سالفي الذكر مُتضَامنين بدفع مبلغ 844011,75 فقط " ثمانمائة وأربعـة وأربعين ألفاً وأحد عشر جُنيه وخمسة وسبعين قرشاً " قيمة المباني والأملاك التي خَرَّبوها . سابعاً : بوضع المحكوم عليهم سالفي الذكر تَحت مُرَاقبة الشرطة لمُدة سنتين . ثامناً : بإلزام المحكوم عليهم بالمصاريف الجنائية عدا الأحداث بالبند خامساً ، وأمرت بمُصَادرة المضبوطات . تاسعاً : وفي الدعاوى المدنية المُقَامة قِبَل المحكوم عليهم سالفي الذكر - عدا الأحداث بالبند خامساً - بإحالتها إلى المحكمة المدنية المُختصة بلا مصاريف . عاشرًا : بمُعَاقبة المُتَهمين / .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... بالحبس مع الشُغل لمُدة سنة واحدة عمَّا أُسند إليهم ، وألزمتهم بالمصاريف الجنائية عدا الأحداث . حادي عشر : ببراءة كُلٍ من / .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... مما أُسند إليهم ، وبمُصَادرة المضبوطات .

فطعن من المحكوم عليهم في هذا الحُكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

أولاً : عن الطعن المُقدَّم من الطاعن / .... :

حيث إن المُحَامي / .... قَرَّر بالنقض ، بصفته وكيلاً عن والد المحكوم عليه " .... " باعتباره ولياً طبيعياً عليه ، وكَان الطعن في الأحكام الجنائية يجب أن يُرفَع من المحكوم عليه شخصياً ، أو ممن يُوكله توكيلاً خاصاً لهذا الغرض ، ولئن كَان الولي الشرعي نائباً جبرياً عن ولده القاصر بحُكم القانون ، ينظر في شئونه الخاصة بالنفس أو المال ، فله أن يَرفع بهذه الصفة الطعن بطريق النقض وغيره في الأحكام التي تَصدر على قاصره ، إلَّا أنه لمَّا كَانت الأوراق خلواً من دليل على أن المحكوم عليه قاصر ، وكَان التوكيل الصَادر من والد المحكوم عليه لمُحَاميه لا يُعَد حاسماً في هذا الخصوص ، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً للتقرير به من غير ذي صفة .

ثانياً : عن الطعن المُقدَّم من الطاعنين من الأول حتى الثلاثين :

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحُكم المطعون فيه – بمُذكرات أسباب طعونهم - إنه إذ دانهم بجرائم الاشتراك في تَجمهُّر مُؤلَّف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يَجعل السلم العام في خطر ، وكَان الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص ، حال حمل بعضهم لأسلحة نارية وأدوات مما تُستَعمل في الاعتداء ، ووقعت منهم تنفيذًا للغرض من التَجمهُّر جرائم الانضمام إلى عصابة ألَّفها مجهولون لمُهَاجمة المواطنين ، وإحراز وحيازة أسلحة نارية مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها بالذات والواسطة " بنادق آلية " وأسلحة مُششخنة وغير مُششخنة بغير ترخيص ، وذخائر مما تُستَعمل عليها ، بأحد أماكن التَجمُعات ، وبقصد استعمالها في الإخلال بالنظام العام ، واستعمال القوة والعُنف مع رجال الضبط لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم ، مع تَهديدهم بالأسلحة النارية والبيضاء ، والاعتداء عليهم بها ، فأحدثوا ببعضهم الإصـــــابات الــــــواردة بتــــقرير الطب الشرعي ، وقد بلغوا مقصدهم بأن مَكَّنوا آخرين من أنصارهم من الهرب ، واستعراض القوة والتلويح بالعُنف ضد المجني عليهم بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم ، والتخريب والإتلاف العمدي لمبانٍ وأملاك عامة وخاصة ، وتَعريض سلامة وسائل النقل العامة البرية للخطر ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وران عليه البُطلان ، ذلك بأن اعتوره الغموض والتَعميم وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها ، ولم يَستظهر في بيانٍ وافٍ أركان الجرائم التي دانهم بها ، كما أورد بمدوناته المواد الخاصة بقانون الطفل وأعملها في حقهم ، ولم يلزمهم بالمصـاريف الجنائية ، بما مفاده أن من بين المُتَهمين أطفالاً ، بيد أنه خلا كُليةً من الإشارة إليهم ، أو تحديدهم ، أو بيان سنهم ، ولم يثبت تقرير المُرَاقب الاجتماعي بحالتهم ، ومُنَاقشته فيه ، مما يعيب الحُكم ويستوجب نقضه .

حيث إن الشارع يُوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يَشتمل الحُكم على الأسباب التي بُني عليها وإلَّا كَان باطلاً ، والمُرَاد بالتسبيب المُعتَبر تَحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمُنتجة هي له ، سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يَتحقق الغرض منها يجب أن يكون في بيان جلي مُفصَّل ، بحيث يُستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به ، أما إفراغ الحُكم في عبارات عامة مُعماة ، أو وضعه في صورة مُجمَلة مُجهَّلة ، فلا يُحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يُمكِّن محكمة النقض من مُرَاقبة تَطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحُكم . وكَان الحُكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة الانضمام إلى عصابة ألَّفها مجهولون هاجمت المواطنين بشوارع مدينة .... ، وقاومت بالسلاح رجال السُلطة العامة المُكلَّفين بتنفيذ القوانين ، دون أن يُدلِّل على وجود تلك العصابة ، والغرض من تأسيسها ، قبل انضمامهم إليها ، وكيفية انضمامهم لتلك العصابة ، وعلمهم بالغرض من تأسيسها ، مُكتفيًا بإيراد عبارات عامة مُجمَلة ، مُجهَّلة ، - لدى بيانه لتلك الجريمة – لا يبين منها مدى تأييدها للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ، ومبلغ اتفاقها مع باقي الأدلة في الدعوى ، ومن ثم فإنه – والأمر كذلك – لا يُحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تَسبيب الأحكام ، ولا يُمكِّن محكمة النقض من مُرَاقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحُكم ، الأمر الذي يصمه بالقصور ، ويوجب نقضه . لمَّا كَان ذلك ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد أورد ضمن المواد المُنطَبقة على الجرائم المُسنَدة إلى المُتَهمين المواد 2 ، 95 ، 111 ، 122 ، 129 ، 140 من القانون رقــــــم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل ، والمُعدَّل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ، وانتهى إلى إعمالها في حق المُتَهمين الأحداث ، وإعفائهم من المصاريف الجنائية ، كما أنه تم تأجيل نَظر الدعوى ، لجلسة .... كطلب الدفاع للاطلاع والاستعداد ... ولإرفاق تقارير الباحث الاجتماعي للمُتَهمين الأحداث ، الأمر الذي يَقطع أن من بين المُتَهمين أطفالاً ، في حين أنه لم يشر إلى وجودهم في الدعوى ، فلم يعْن بتحديدهم ، واستظهار سنهم ، وكَان القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل ، المُعدَّل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ، قد صَدر ناسخاً لأحكام القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث ، ونص في مادته الثانية أنه : " يقصد بالطفل في مجال الرعاية المنصوص عليها في هذا القانون كُل من لم تتجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة ، وتثبت السن بموجب شهادة الميلاد أو بطاقة الرقم القومي أو أي مستند رسمي آخر ، فإذا لم يوجد المستند الرسمي أصلاً قدرت السن بمعرفة إحدى الجهات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزير الصحة " ، مما مفاده أن كُل من لم يتجاوز ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة كَان طفلاً ، تراعى في حالته كَافة الضوابط التي وضعها الشارع سياجاً لحمايته ، ويلزم المحكمة وجوباً وتنصيصاً أن تثبت بأسبابها المُستند الرسمي الذي ارتكنت إليه في تَحديد سن الطفل ، وكَانت المادة 111 من القانون رقم 126 لسنة 2008 المُستَبدلة بالمادة 112 من القانون رقم 12 لسنة 1996 ، قد أجازت الحُكم على المُتَهم الطفل إذا زاد سنه على خمس عشرة سنة ولم يتجاوز الثامنة عشرة سنة بعقوبة السجن ، مع عدم الإخلال بسُلطة المحكمة في تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات ، كما أن المادة 122 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 ، تقضي باختصاص محكمة الأحداث ، دون غيرها ، بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم ، إلَّا أنها استثنت الطفل الذي يتجاوز سنه خمس عشرة سنة ، ويَرتكب جنــــــاية ، متى أسهَّم في الجريمة غير طفل ، واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل ، حيث يَنعقد الاختصاص حينئذ لمحكمة الجنايات . لمَّا كَان ذلك ، فإن تَحديد سن الطفل على وجه الدقة يضحى أمراً لازماً لتَحديد الاختصاص الولائي ، ولتوقيع العقوبة المُنَاسبة ، حسبما أوجب القانون ، ومن ثم بات مُتعيَّناً على المحكمة ، قَبل توقيع أية عقوبة على الطفل ، أن تَستظهر سنه وفق ما رَسمه القانون ، هذا إلى أن المادة 127 من القانون رقم 126 لسنة 2008 بشأن الطفل ، قد أوجبت على المحكمة قَبل الحُكم على الطفل في الحالات التي أوردها النص ، ومنها مـــــواد الجـــــــنايات عـــلى إطلاقها ، مُنَاقشة المُرَاقب الاجتماعي بعد تَقديمه تقريراً يَتضمَّن فحصاً كاملاً لحالة الطفل التعليمية والنفسية والعقلية والبدنية والاجتماعية ، وهو في تكييفه الحق ووضعه الصحيح إجراء من الإجراءات الجوهرية ، قَصد به الشارع مصلحة المُتَهم الطفل بما يتغياه من إحاطة المحكمة بالظروف الاجتماعية والبيئية والعوامل التي دَفعت الطفل إلى ارتكاب الجريمة ، وذلك حتى تكون على بينة من تلك العوامل ، وما لها من أثر في تقدير العقاب المُلائم للطفل بغية إصلاحه ، وأن عدم وضع ذلك التقرير ، ومُنَاقشة المُرَاقب الاجتماعي بشأنه ، يكون قعوداً عن هذا الإجراء الجوهري يَترتَّب عليه البُطلان . لمَّا كَان ذلك ، وكَان البيِّن من محاضر الجلسات ومن مدونات الحُكم المطعون فيه ، أنها خَلت كُلية من أية إشارة إلى الأطفال المُتَهمين في الواقعة محل الاتهام ، أو إلى أي مُستَند أو وثيقة رسمية تفيد سنهم ، أو إرفاق تقرير المُرَاقب الاجتماعي ومُنَاقشة واضعه بشأنه ، ولمَّا كَان الأصل أن تقدير السن أمر مُتعلِّق بموضوع الدعوى لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض له ، إلَّا أن تكون محكمة الموضوع قد تناولته بالبحث والتقدير ، وأتاحت للمُتَهم وللنيابة العامة إبداء مُلاحظاتهما في خصوصه ، وإذ كَان الحُكم المطعون فيه لم يعْن البتة في مدوناته بتحديد هؤلاء الأطفال ، واستظهار سنهم ، - على النحو السالف بسطه - ، كما خَلت مدوناته ومحاضر الجلسات من وضع تقرير المُرَاقب الاجتماعي ، ومُنَاقشة واضعه فيه ، قَبل الحُكم على الطاعنين ، فإن الحُكم يكون قد تَعيَّب بالبُطلان ، المُوجب لنقضه ، فوق قصوره في التسبيب ، الذي يعجز محكمة النقض عن مُرَاقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة . لمَّا كَان ذلك ، وكَان من المُقرَّر أن المقصود ببيان واقعة الدعوى التي تَطلَّبتها المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية في كُل حُكم بالإدانة ، هو أن يثبت قاضي الموضوع في حُكمه كُل الأفعال والمقاصد التي تَتَكوَّن منها الجريمة ، وكَانت جريمة تعريض وسائر النقل العام للخطر عمداً أو تَعطيل سيرها المُؤثَّمة بنص المادة 167 من قانون العقوبات هي جريمة عمدية ، يَتحقق القصد الجنائي فيها متى تَعمَّد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي صَوَّرها القانون ، واتجاه إرادته إلى تعريضها للخطر أو تَعطيلها ، وعلمه بأنه يحدثه بغير حق ، وهو ما يقتضي أن يَتحدَّث الحُكم عنه استقلالاً ، وأن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يَكفي للدلالة على قيامه ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بهذه الجريمة واقتصر على القول بأنهم قاموا بالتظَاهُر والتَجمهُّر بشوارع مدينة .... ، وهو الأمر الذي من شأنه أن يُعرِّض السلم العام للخطر ، وقد تَرتَّـــب علــيه تَعطيل حركة المرور والمواصلات العامة بالطرق دون أن يُبيِّن نوع وسيلة النقل ، وكيفية تَعريضها للخطر ، أو تَعطيل سيرها ، وهل هي من وسائل النقل التي كَفل القانون حمايتها بالنص المُشَار إليه ، أم أنها غير ذلك ، والأفعال المادية التي أتاها الطاعنون وتَرتَّب عليها تَعطيل تلك الوسيلة ، أو تَعريضها للخطر ، كما لم يَستظهر القصد الجنائي المُتطلَّب في هذه الجريمة ، وما يفيد تَعمُّد الطاعنين تَعريض تلك الوسائل للخطر أو تَعطيلها ، الأمر الذي يكون معه الحُكم المطعون فيه مشوباً بالقصور في البيان - من هذه الناحية - أيضًا - . لمَّا كَان ذلك ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة إحراز وحيازة أسلحة نارية " بنادق آلية " مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها ، وكَان من المُقرَّر أن مناط العقاب على جريمة إحراز وحيازة الأسلحة النارية هو الحيازة المادية طالت أم قصرت ، ويَتحقق القصد الجنائي العام المُتطلَّب في هذه الجريمة بإدراك وعلم الجاني بأنه يحوز ويحرز ذلك السلاح مما لا يجوز له حيازته أو إحرازه ، وكَان الإحراز أو الحيازة في صحيح القانون يتم بالاستيلاء على السلاح استيلاءً مادياً ، أو بسط سُلطان الجاني عليه ، مع علمه بأن الاستيلاء أو بسط السُلطان واقع على سلاح مما لا يجوز حيازته أو إحرازه ، وكَان الحُكم المطعون قد أطلق القول بإطلاق المُتظاهرين النار على قوات الأمن من أسلحة آلية ، ثم عاد فأورد أنه تم ضبط سلاح أبيض مع أحد المُتَهمين ، وثلاثة أفردة خرطوش بمكان التَجمهُّر ، بينما انتهى إلى ثبوت حيازتهم وإحرازهم للسلاح الآلي - فقط - دون أن يعْن بتحديد من منهم قد ثبت في حقه إحراز أو حيازة تلك الأسلحة الآلية مادياً أو بسط سُلطانه عليها ، فجاء قاصراً في بيان الرُكنين المادي والمعنوي ، سيما وأنه لم يتم ضبط أي منهم مُحرزاً أو حائزاً لأسلحة آلية ، كما خلا من دليل فني يُحدد نوع السلاح المُستَخدم في الإطلاق وصلاحيته للاستعمال ، وهي من المسائل الفنية البحتة التي لا تَستطيع المحكمة أن تشـــق طريقها فيها بنفسها ، الأمر الذي يعيبه من هذه الناحية - كذلك - ، فضلاً عن التنَاقُض ، والقصور في بيان أركان تلك الجريمة ، مما يَتعيَّن معه نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين وللمحكوم عليهما حضورياً " .... ، و.... " لاتصال أوجه الطعن التي بُني عليها النقض بهما ، ودون كُل من الطاعن الواحد والثلاثين - الذي قُضي بعدم قبول طعنه شكلاً - ، وباقي المحكوم عليهم معه في جُنحـــة السرقة - ، الخامس والتسعين ، والسادس والتسعين ، والسابع والتسعين ، والثامن والتسعين ، والتاسع والتسعين ، والمائة وواحد لصدور الحُكم عليهم في تلك الجُنحة المُستقلة عن باقي واقعات الدعوى ، وباقي المحكوم عليهم لصدور الحُكم عليهم غيابياً من محكمة الجنايات .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 8589 لسنة 81 ق جلسة 10 / 1 / 2015 مكتب فني 66 ق 5 ص 97

 جلسة 10 من يناير سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / عبد الفتاح حبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / على سليمان ، محمود عبد الحفيظ ، نـبـيـل مسعود وعباس عبد السلام نـواب رئيس المحكمة .
-----------

(5)

الطعن رقم 8589 لسنة 81 القضائية

دعوى البطلان . قانون " تطبيقه " " تفسيره " . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " . حكم " بطلانه " . محكمة النقض " اختصاصها " " سلطتها في الرجوع عن أحكامها ". قضاة " صلاحيتهم " . التماس إعادة النظر .

أحكام محكمة النقض . باتة . الطعن فيها بأي طريق . غير جائز . حد ذلك ؟

طلب الحكم ببطلان حكم محكمة النقض برفض التماس إعادة النظر في حكمها الصادر بقبول الطعن شكلاً ورفضه دون توافر موجبه . حقيقته : طلب بسحب الحكم الأول . غير مقبول .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما كان الطاعن قد تقدم بطلبه أمام هذه المحكمة طالباً بطلان الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم .... لسنة .... ق على سند من القول أن السيد المستشــــار رئيس الدائرة مصدرة الحكم في الطعن المذكور الصادر بشأن الالتماس رقم .... لسنة .... قد امتنع عليه نظر الالتماس لاشتراك سيادته في أعمال لجنة شئون الأحزاب بشأن حزب ....، وما تضمنه من إبداء رأى سيادته في الطالب ، وكونه وكيل مؤسسي هذا الحزب الذي قضى بعدم قبول أوراق الحزب ورفض قيده ، كما أن سيادته قد أصبح ممنوعاً من نظر الالتماس أو المداولة فيه أو المشاركة في إصدار حكمه منذ قيامه بالطعن في قرار اللجنة بالطعن رقم .... لسنة .... ق إدارية عليا استناداً إلى نص المادتين 146 ، 147 من قانون المرافعات .

وحيث إن البيِّن من مطالعة الأوراق أن الطاعن سبق وأن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم الصادر ضده بتاريخ .... بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات .... إلخ حيث قضت محكمة النقض بتاريخ .... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه ، فتقدم المحكوم عليه بطلب التماس إعادة النظر في هذا الحكم ، وقضي فيه بجلسة .... بقبول الالتماس شكلاً وفي الموضوع برفضه ، فأقام المحكوم عليه طلبه الماثل أمام هذه المحكمة طالباً بطلان الحكم الصادر من محكمة النقض في الالتماس المذكور استناداً إلى الأسباب آنفة البيان . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أحكام محكمة النقض تعتبر أحكاماً نهائية لا يجوز الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن ، إلَّا إذا توافرت حالة من حالات إعادة النظر المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية ، وهو ما نصّت عليه المادة 47 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المضافة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 أو إذا قام لدى أحد أعضاء الدائرة مصدرة الحكم سبب من أسباب عدم الصلاحية وفقاً لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات ، وكان القانون رقم 57 لسنة 1959 آنف البيان قد خلت نصوصه من حكم هذه الحالة ، فإنه يتعيّن الرجوع إلى نصوص قانون المرافعات المنظمة لقواعد الطعن بالنقض في المواد المدنية والتجارية باعتباره قانوناً عاماً يُرجع إليه لسد ما في القانون رقم 57 لسنة 1959 من نقص. لما كان ذلك ، وكانت المادة 272 من قانون المرافعات تنص على أنه " لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن" مؤداه ـــ وعلى ما جرى به قضاء النقض ــــ أن محكمة النقض هي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي وأحكامها باتة ولا سبيل إلى الطعن فيها ، وأن المشّرع اغتني عن النص على منع الطعن في أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن العادية وغير العادية لعدم إمكان تصورها على أحكام هذه المحكمة ، ولم يستثن من ذلك الأصل إلَّا ما أورده في نص الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروه سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من هذا القانون زيادة في الاصطيان والتحوط لسمعة القضاة ، وسبيل الخصم على الطعن ببطلان حكم النقض - طبقاً لهذا النص - يكون بطلب يقدمه لمحكمة النقض التي اختصّها المشرع بنظره غير مقيدة في تقديمه بميعاد حتمي أخذاً بعموم النص وإطلاقه ، ولأنه لا يعد طعناً بطريق النقض وإنما هو بمثابة دعوى بطلان أصلية ، ومن ثم فلا يجرى عليه الميعاد المقرر للطعن - طبقاً لهذا النص - فإذا ثبت لمحكمة النقض أن الطلب قد توافرت فيه موجبات قبوله ألغت الحكم الصادر منها في الطعن وأعادت نظر الطعن أمام دائرة أخرى ، وإن تبيّن لها أن الطلب لم يكن كذلك حكمت بعدم قبوله . لما كان ذلك ، وكان الثابت من المستندات التي أمرت المحكمة بضمّها أن السيد المستشار .... لم يكن من بين الهيئة التي أصدرت القرار الخاص بلجنة الأحزاب الذي تناوله الطاعن في طعنه وخلت الأوراق من ثمّة خصومة قائمة بينه وبين الطاعن ، ومن ثم يكون الطعن المقدم من الطاعن هو في حقيقته طلب سحب حكم محكمة النقض في الالتماس رقم .... لسنة ..... الصادر في الطعن رقم ..... لسنة .... لا يستند إلى سبب يندرج ضمن أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها تحديداً وحصراً في المادة 146 من قانون المرافعات ، ومن ثم يكون طلب الطاعن بطلان الحكم الصادر في الالتماس آنف البيان على غير أساس ، بما يتعّين معه رفض الطعن مع مصادرة الكفالة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الـوقــائــع

اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1ـــ .... " طاعن " 2ـــ .... 3ــــ .... 4ــــ .... 5ـــــ .... 6ــــ .... 7ــــ .... بأنهم : أولاً: المتهمون من الأول وحتى الرابع :

قلدوا بأنفسهم وبواسطة الغير أختام وعلامات مصالح حكومية بأن قلّدوا أختام شعار الجمهورية والأختام الكودية والعلامات الخاصة بمكاتب توثيق .... و.... و.... ، واستعملوها بأن وضعوا بصماتها على التوكيلات الخاصة المصطنعة المنسوبة إلى بعض مؤسسي حزب .... مع علمهم بتزويرها ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

ثانياً: المتهمون من الثاني وحتى السابعة :

ارتكبوا تزويراً في محررات رسمية هي التوكيلات الخاصة المنسوبة لبعض مؤسسي حزب .... والتي بلغ عددها .... توكيلاً ، وكان ذلك بطريق الاصطناع وبإثبات بيانات مخالفة ، وأثبتوا بها على خلاف الحقيقة أن الموكلين فيها قد أوكلوا إلى المتهم الأول وآخر اتخاذ إجراءات تأسيس حزب .... وتمثيلهم أمام لجنة شئون الأحزاب السياسية على خلاف الحقيقة ، ومهروها على خلاف الحقيقة ، ومهروها بأختام وتوقيعات نسبوها زوراً إلى مكاتب توثيق .... و.... و.... وموظفيها.

ثالثاً: المتهم الأول أيضاً:

1ــــ اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الثاني وحتى السابعة في ارتكاب جريمة التزوير المبيّنة بالتهمة ثانياً بأن حرّضهم واتفق معهم على تزوير المحررات سالفة البيان وساعدهم على ذلك بأن سلّمهم عدداً من التوكيلات الصحيحة بغيّة اصطناع التوكيلات المضبوطة على غرارها ، وأمدّهم بمبالغ نقدية للإنفاق منها على تدبير الوسائل والأدوات اللازمة لإحداث التزوير.

2ــــ استعمل التوكيلات الخاصة المزورة موضوع التهمة ثانياً والبند (1) ثالثاً بأن قدمها ضمن .... توكيلاً للموظف المختص بلجنة شئون الأحزاب السياسية للحصول منها على قرار بالموافقة على تأسيس حزب .... مع علمه بتزويرها.

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

وادعّت المتهمة ..... مدنياً قبل المتهم ..... بإلزامه بأن يؤدى لها مبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.

والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للمتهم الخامس وحضورياً للباقين عملاً بالمواد 30 ، 40 ، 41/1 ، 206 ، 211 ، 212 ، 214 من قانون العقوبات . مع إعمال نص المادة 32 من ذات القانون . أولاً: بمعاقبة المتهم / .... بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عما أسُند إليه. ثانياً: بمعاقبة كل من / .... (طاعن) ، .... ، .... بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات . ثالثاً: بمعاقبة كل من ..... ، .... ، ..... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عمّا أسُند إليهم . رابعاً: بمصادرة الأوراق المزورة . خامساً: بإحالة الدعوى المدنية المقامة من .... ضد .... إلى محكمة .... الابتدائية.

فطعن المحكوم عليه / .... في هذا الحكم بطريق النقض . ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه .

فتقدم الطاعن بالتماس إعادة النظر، وقيد التماسه برقم .... لسنة .... . ومحكمة النقض قضت بقبول الالتماس شكلاً وفي الموضوع برفضه.

فطعن الأستاذ/ .... المحامي ــــ بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه ــــ في هذا الحكم بطريق النقض ـــ .... إلخ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

حيث إن الطاعن قد تقدم بطلبه أمام هذه المحكمة طالباً بطلان الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم .... لسنة .... ق على سند من القول أن السيد المستشــــار رئيس الدائرة مصدرة الحكم في الطعن المذكور الصادر بشأن الالتماس رقم .... لسنة .... ذقد امتنع عليه نظر الالتماس لاشتراك سيادته في أعمال لجنة شئون الأحزاب بشأن حزب ....، وما تضمنه من إبداء رأى سيادته في الطالب ، وكونه وكيل مؤسسي هذا الحزب الذي قضى بعدم قبول أوراق الحزب ورفض قيده ، كما أن سيادته قد أصبح ممنوعاً من نظر الالتماس أو المداولة فيه أو المشاركة في إصدار حكمه منذ قيامه بالطعن في قرار اللجنة بالطعن رقم .... لسنة .... ق إدارية عليا استناداً إلى نص المادتين 146 ، 147 من قانون المرافعات.

وحيث إن البيِّن من مطالعة الأوراق أن الطاعن سبق وأن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم الصادر ضده بتاريخ .... بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات .... الخ حيث قضت محكمة النقض بتاريخ .... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه ، فتقدم المحكوم عليه بطلب التماس إعادة النظر في هذا الحكم ، وقضي فيه بجلسة .... بقبول الالتماس شكلاً وفي الموضوع برفضه ، فأقام المحكوم عليه طلبه الماثل أمام هذه المحكمة طالباً بطلان الحكم الصادر من محكمة النقض في الالتماس المذكور استناداً إلى الأسباب آنفة البيان . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أحكام محكمة النقض تعتبر أحكاماً نهائية لا يجوز الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن ، إلَّا إذا توافرت حالة من حالات إعادة النظر المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية ، وهو ما نصّت عليه المادة 47 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المضافة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 أو إذا قام لدى أحد أعضاء الدائرة مصدرة الحكم سبب من أسباب عدم الصلاحية وفقاً لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات ، وكان القانون رقم 57 لسنة 1959 آنف البيان قد خلت نصوصه من حكم هذه الحالة ، فإنه يتعيّن الرجوع إلى نصوص قانون المرافعات المنظمة لقواعد الطعن بالنقض في المواد المدنية والتجارية باعتباره قانوناً عاماً يُرجع إليه لسد
ما في القانون رقم 57 لسنة 1959 من نقص. لما كان ذلك ، وكانت المادة 272 من قانون المرافعات تنص على أنه " لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن" مؤداه ـــ وعلى ما جرى به قضاء النقض ــــ أن محكمة النقض هي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي وأحكامها باتة ولا سبيل إلى الطعن فيها ، وأن المشّرع اغتني عن النص على منع الطعن في أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن العادية وغير العادية لعدم إمكان تصورها على أحكام هذه المحكمة ، ولم يستثن من ذلك الأصل
إلَّا ما أورده في نص الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروه سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من هذا القانون زيادة في الاصطيان والتحوط لسمعة القضاة ، وسبيل الخصم على الطعن ببطلان حكم النقض - طبقاً لهذا النص - يكون بطلب يقدمه لمحكمة النقض التي اختصّها المشرع بنظره غير مقيدة في تقديمه بميعاد حتمي أخذاً بعموم النص وإطلاقه ، ولأنه لا يعد طعناً بطريق النقض وإنما هو بمثابة دعوى بطلان أصلية ، ومن ثم فلا يجرى عليه الميعاد المقرر للطعن - طبقاً لهذا النص - فإذا ثبت لمحكمة النقض أن الطلب قد توافرت فيه موجبات قبوله ألغت الحكم الصادر منها في الطعن وأعادت نظر الطعن أمام دائرة أخرى ، وإن تبيّن لها أن الطلب لم يكن كذلك حكمت بعدم قبوله . لما كان ذلك ، وكان الثابت من المستندات التي أمرت المحكمة بضمّها أن السيد المستشار .... لم يكن من بين الهيئة التي أصدرت القرار الخاص بلجنة الأحزاب الذي تناوله الطاعن في طعنه وخلت الأوراق من ثمّة خصومة قائمة بينه وبين الطاعن، ومن ثم يكون الطعن المقدم من الطاعن هو في حقيقته طلب سحب حكم محكمة النقض في الالتماس رقم .... لسنة ..... الصادر في الطعن رقم ..... لسنة .... لا يستند إلى سبب يندرج ضمن أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها تحديداً وحصراً في المادة 146 من قانون المرافعات ، ومن ثم يكون طلب الطاعن بطلان الحكم الصادر في الالتماس آنف البيان على غير أساس ، بما يتعّين معه رفض الطعن مع مصادرة الكفالة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجمعة، 21 أغسطس 2020

الطعن 32919 لسنة 83 ق جلسة 6 / 1 / 2015 مكتب فني 66 ق 3 ص 67

 جلسة 6 من يناير سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / جاب الله محمد أحمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد سامي إبراهيم ، عابد راشد ، سامح مروان وهشام الجندي نواب رئيس المحكمة .
----------

(3)

الطعن رقم 32919 لسنة 83 القضائية

(1) قتل عمد . جريمة " أركانها ". قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

 قصد القتل . أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر . إدراكه بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي.

 مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل .

(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب " أسباب الإباحة . الدفاع الشرعي " . دفوع " الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 انتفاء حالة الدفاع الشرعي . متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه .

 تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها . موضوعي .

 مثال لتسبيب سائغ لرفض الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي.

(3) إثبات " بوجه عام " " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".

الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟

(4) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

 استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .

 وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

 أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشهود . مفاده ؟

تناقض الشهود واختلاف روايتهم في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه .

اطمئنان المحكمة لأقوال الشهود وتحصيلها بغير تناقض . لا عيب .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل أمام محكمة النقض . غير جائز .

(5) إجراءات " إجراءات التحقيق" . نيابة عامة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".

اطراح المحكمة دفع الطاعن باستبدال وكيل النيابة المحقق لكاتب التحقيق بآخر دون الإفصاح عن اسمه وصفته أو تحليفه اليمين القانونية استناداً لاطمئنانها لصحة التحقيقات ومباشرتها بمعرفة وكيل النيابة المختص وتحريرها بمعرفة أمين السر والتوقيع عليها منهما . صحيح . أساس وعلة ذلك ؟

تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم . علة ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 1- لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله : " .... وكان الثابت من ظروف وملابسات الدعوى وأدلة الثبوت فيها والتي اطمأنت إليها المحكمة والأداة المستخدمة في الجريمة أن نية القتل متوافرة وآية ذلك عدد الضربات التي ضربها المتهم باستخدام السكين والذى أعده قبل قدومه للمجنى عليه والإسراع في طعنه بمجرد رؤيته ودون أي حوار وبعد أن شل حركته وكانت بعض تلك الضربات في أماكن قاتلة من جسد المجنى عليه " وإذا كان هذا الذى استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكافٍ في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الخصوص .

2- لما كان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي واطرحه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع بأن المتهم كان في حالة دفاع شرعي عن زوجته وشقيقته ووالدتهما ودليل ذلك إصابته في يده وأن المجنى عليه هو الذى كان يحمل سكيناً فإنه لكى يكون هناك حق للدفاع الشرعي يجب 1ــــ أن يكون هناك اعتداء أو خطر اعتداء 2ــــ وأن يكون استعمال القوة لازماً وضرورياً لرده لأنه ليست هناك وسيلة أخرى لرده ودفعه ويشترط في الاعتداء أو خطره المنشئ حق الدفاع أن يكون أ ــــ اعتداء يعد جريمة على النفس أو المال ب ـــــ وأن يكون حينذاك الاعتداء حالاً أو على وشك الوقوع ج ــــ وأن يكون هذا الاعتداء حقيقياً أو تصورياً مبنياً على أسباب معقولة ، ولما كان ما تقدم ، وكان البيِّن من التحقيق أن ما بدر من المجنى عليه هو نهر بالكلام لزوجته وابنتيه وهذا الفعل لا يعد جريمة يجوز الدفاع ضدها كما وأن البيِّن من التحقيقات وأقوال الشهود أيضاً أن المتهم حضر بعد إبعاد المجنى عليه ووجوده على درج المنزل ومن ثم فإن النهر بالكلام قد انتهى فعلاً وأما بشأن حمل المجنى عليه لسكين فهو أمر نفاه شهود الإثبات والذين اطمأنت المحكمة إلى شهادتهم كما أن إصابة المتهم بيده وإن كانت موجودة فعلاً إلَّا أنه لا يمكن إرجاع سببها إلى حمل المجنى عليه لسكين إذ إن تقرير الطب الشرعي والذى تطمئن إليه المحكمة قد انتهى إلى أنه لا يمكن تصور حدوث إصابات المجنى عليه على نحو مثل التصوير الذى قرره المتهم بالتحقيقات والتي فحواها أن المجنى عليه كان يحاول ضربه بسكين فكانت الضربات تأتى منه وأنه أصابه في يده ، ولما كان ما تقدم جميعاً فإن الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي يكون على غير سند من القانون والواقع وترفضه المحكمة . " وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدي إلى ما انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون ذلك أن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذى اعتدى على المجنى عليه ، وإذ كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبه عليها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله .

3- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول .

4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض الشهود واختلاف روايتهم في بعض تفاصيلها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود – التي حصلتها بغير تناقض – وصحة تصويرهم للواقعة فإن كافة ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .

5- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن استبدال وكيل النيابة المحقق لكاتب التحقيق دون أن يفصح عن اسمه وصفته أو يحلفه اليمين القانونية واطرحه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع باستبدال أميناً للسر بآخر في تحقيقات النيابة العامة دون إثبات اسمه وتحليفه اليمين القانونية فهو في غير محله إذ أن البيِّن من التحقيقات أن من استكمل التحقيق هو أمين للسر آخر من بين أمناء السر المحددين قانوناً في النيابة المختصة بالتحقيق ومن ثم فإن عدم إثبات اسمه لا يبطل التحقيق وهو سهو وتحليفه عند كل تحقيق ليس بلازم إذ إنه حلف اليمين في بداية استلامه العمل كما وأن الدفاع لم ينازع في أن التحقيق تم بمعرفة النيابة العامة وأن عضو النيابة المختصة استصحب معه كاتباً قام بتدوين التحقيق عملاً بالمادتين 199 ، 173 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن المحكمة تعتبر كل ما تم في التحقيق من إجراءات هي إجراءات قانونية " وكان ما ردت به المحكمة على دفاع الطاعن في هذا الصدد كافياً وسائغاً لرفض دفاعه ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة وسلامة التحقيقات ومباشرتها بمعرفة وكيل النيابة المختص وتحريرها بمعرفة أمين السر والتوقيع عليها منهما – وهو ما لا ينازع الطاعن فيه – فإن ما ينعاه الطاعن يكون قد جـانبه الصواب ، فضلاً عن أنه لا يعـدو أن يكون تعـييباً للإجراءات السـابقة عـلى المحاكمة بما لا يصلح سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابـة العامة كلاً من 1- .... (طاعن) ، 2- .... بأنهما المتهم الأول :ـ1ـــ قتل المجنى عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على ذلك وأعد لذلك الغرض سلاحاً أبيض " سكين " وتوجه إلى مكان تواجده وما أن ظفر به حتى انهال عليه طعناً في صدره ورأسه باستخدام السلاح سالف الذكر فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق والتي أودت بحياته قاصداً من ذلك قتله .

2- أحرز سلاحاً أبيض " سكين " مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لحمله أو إحرازه مسوغ قانوني .

المتهم الثاني :ــ وضع النار عمداً في مسكن المجنى عليها .... الكائن .... وذلك بأن أوصل مصدراً حرارياً سريع ذا لهب مباشر بمنطقتي بداية الحريق بالمسكن فامتدت النيران إلى محتوياته وأحرقتها.

وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكـــورة قضت حضورياً عمـلاً بالمـــــــادتين 234/1 ، 252/1 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكرراً /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم (6) من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 وأعمل في حق المتهم الأول المادة 32 من قانون العقوبات أولاً : بمعاقبة .... بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عما أسند إليه وبإلزامه بأن يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية عن نفسها وبصفتها مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت ، بعد استبعاد ظرف سبق إصرار . ثانياً : غيابياً بمعاقبة .... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه .

 فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .    

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد وإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر نية القتل في حقه وأن ما ساقه في هذا الخصوص مجرد أفعال مادية لا يستقى منها أن الطاعن ابتغى إزهاق روح المجنى عليه واطرح ما دفع به الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي بما لا يسوغ ملتفتاً عما قدمه من مستندات تأييداً لدفعه وعول على أقوال شهود الإثبات معتنقاً تصويرهم للواقعة رغم تناقض أقوالهم بشأن تفصيلات الحادث ، وأخيراً فقد استعان وكيل النيابة المحقق بكاتب للتحقيق دون أن يفصح عن اسمه وصفته أو أن يحلفه اليمين القانونية ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجـب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله : " .... وكان الثابت من ظروف وملابسات الدعوى وأدلة الثبوت فيها والتي اطمأنت إليها المحكمة والأداة المستخدمة في الجريمة أن نية القتل متوافرة وآية ذلك عدد الضربات التي ضربها المتهم باستخدام السكين والذى أعده قبل قدومه للمجنى عليه والإسراع في طعنه بمجرد رؤيته ودون أي حوار وبعد أن شل حركته وكانت بعض تلك الضربات في أماكن قاتلة من جسد المجنى عليه " وإذا كان هذا الذى استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكافٍ في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي واطرحه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع بأن المتهم كان في حالة دفاع شرعي عن زوجته وشقيقته ووالدتهما ودليل ذلك إصابته في يده وأن المجنى عليه هو الذى كان يحمل سكيناً فإنه لكى يكون هناك حق للدفاع الشرعي يجب 1ــــ أن يكون هناك اعتداء أو خطر اعتداء 2ــــ وأن يكون استعمال القوة لازماً وضرورياً لرده لأنه ليست هناك وسيلة أخرى لرده ودفعه ويشـترط في الاعـتداء أو خـطره المنشئ حق الدفاع أن يكون : أ ــــ اعـتداء يعد جـريمة عـلى النفـس أو المال ب ـــــ وأن يكون حينذاك الاعتداء حالاً أو على وشك الوقوع ج ــــ وأن يكون هذا الاعتداء حقيقياً أو تصورياً مبنياً على أسباب معقولة ، ولما كان ما تقدم ، وكان البيِّن من التحقيق أن ما بدر من المجنى عليه هو نهر بالكلام لزوجته وابنتيه وهذا الفعل لا يعد جريمة يجوز الدفاع ضدها كما وأن البيِّن من التحقيقات وأقوال الشهود أيضاً أن المتهم حضر بعد إبعاد المجنى عليه ووجوده على درج المنزل ومن ثم فإن النهر بالكلام قد انتهى فعلاً وأما بشأن حمل المجنى عليه لسكين فهو أمر نفاه شهود الإثبات والذين اطمأنت المحكمة إلى شهادتهم كما أن إصابة المتهم بيده وإن كانت موجودة فعلاً إلَّا أنه لا يمكن إرجاع سببها إلى حمل المجنى عليه لسكين إذ إن تقرير الطب الشرعي والذى تطمئن إليه المحكمة قد انتهى إلى أنه لا يمكن تصور حدوث إصابات المجنى عليه على نحو مثل التصوير الذى قرره المتهم بالتحقيقات والتي فحواها أن المجنى عليه كان يحاول ضربه بسكين فكانت الضربات تأتى منه وأنه أصابه في يده ، ولما كان ما تقدم جميعاً فإن الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي يكون على غير سند من القانون والواقع وترفضه المحكمة . " وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدى إلى ما انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون ذلك أن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذى اعتدى على المجنى عليه ، وإذ كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبه عليها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن منعي الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحـت جميع الاعـتبارات التي سـاقها الدفـاع لحملها على عـدم الأخذ بها ، كما أن تناقض الشهود واختلاف روايتهم في بعض تفاصيلها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود – التي حصلتها بغير تناقض – وصحة تصويرهم للواقعة فإن كافة ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن استبدال وكيل النيابة المحقق لكاتب التحقيق دون أن يفصح عن اسمه وصفته أو يحلفه اليمين القانونية واطرحه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع باستبدال أمين للسر بآخر في تحقيقات النيابة العامة دون إثبات اسمه وتحليفه اليمين القانونية فهو في غير محله إذ إن البيِّن من التحقيقات أن من استكمل التحقيق هو أمين للسر آخر من بين أمناء السر المحددين قانوناً في النيابة المختصة بالتحقيق ومن ثم فإن عدم إثبات اسمه لا يبطل التحقيق وهو سهو وتحليفه عند كل تحقيق ليس بلازم إذ إنه حلف اليمين في بداية استلامه العمل كما وأن الدفاع لم ينازع في أن التحقيق تم بمعرفة النيابة العامة وأن عضو النيابة المختصة استصحب معه كاتباً قام بتدوين التحقيق عملاً بالمادتين 199 ، 173 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن المحكمة تعتبر كل ما تم في التحقيق من إجراءات هي إجراءات قانونية " وكان ما ردت به المحكمة على دفاع الطاعن في هذا الصدد كافياً وسائغاً لرفض دفاعه ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة وسلامة التحقيقات ومباشرتها بمعرفة وكيل النيابة المختص وتحريرها بمعرفة أمين السر والتوقيع عليها منهما – وهو ما لا ينازع الطاعن فيه – فإن ما ينعاه الطاعن يكون قد جانبه الصواب ، فضلاً عن أنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة بما لا يصلح سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخميس، 20 أغسطس 2020

الطعن 2308 لسنة 54 ق جلسة 3/ 1 / 1985 مكتب فني 36 ق 3 ص 48

جلسة 3 من يناير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ احمد أبو زيد، ومصطفى طاهر، وحسن عميرة، ومحمد زايد.

--------------

(3)
الطعن رقم 2308 لسنة 54 القضائية

 (1)رشوة. جريمة "اركانها". موظفون عموميون.
متى تتحقق الرشوة في حق الموظف العام ومن في حكمة؟
تنفيذ الغرض من الرشوة. ليس ركنا في الجريمة.
تسوية الشارع بما استحدثه من نصوص بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة فيه.
 (2)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذى يعيب الحكم. ماهيته؟
انتهاء الحكم إلى إطراح التسجيل وعدم أخذه بالدليل المستمد منه لا يتعارض مع ما أورده من أقوال الشاهد. أساس ذلك؟

---------------
1 - إن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله سواء كان العمل الذى يدفع الجعل لتنفيذه حقا أو غير حق ولا يستطيع الموظف أو لا ينتوي القيام به لمخالفته لأحكام القانون لان تنفيذ الغرض من الرشوة بالفعل ليس ركنا في الجريمة ولان الشارع سوى في نطاق جريمة الرشوة بما استنه في نصوصه التي استحدثها بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الاتجار فيها وان الشارع قدر أن الموظف لا يقل استحقاقا للعقاب حين يتجر في أعمال الوظيفة على أساس موهوم منه حين يتجر فيها على اساس من الواقع اذ هو يجمع بين اثنين هما الاحتيال والارتشاء.
2 - لما كان من المقرر ان التناقض الذى يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، فان ما انتهى اليه الحكم المطعون فيه من اطراح التسجيل وعدم أخذه بالدليل المستمد منه لا يتعارض مع ما أورده من أقوال الشاهد عضو الرقابة الادارية من أنه بعد أن كشف استماعه الى الحديث المسجل عند انتهاء اللقاء أسرع الى ضبط الطاعن وتفتيشه ما دام انه لم يحصل في اقواله مضمون ما تناوله الحديث ولم يستند الى شيء من أقواله في هذا الخصوص ومن ثم فقد انحسر الحكم قالة التناقض في التسبيب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه - بصفته موظفا عموميا مأمور ضرائب بمأمورية ضرائب التمغة بالقاهرة. طلب وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب مبلغ ألف جنيه قبل منه مبلغ ثلاثمائة جنيه من... على سبيل الرشوة مقابل تقدير ضريبة التمغة المستحقة عليه على نحو يتفق وحجم نشاطه ووفق الاسس القانونية السليمة. واحالته الى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمادة 103 من قانون العقوبات مع اعمال المادة 17 من هذا القانون بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث ان مبنى الطعن هو ان الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجريمة طلب وأخذ رشوه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه تناقض في التسبيب ذلك بأن دفاع الطاعن قام على ان ما وقع منه يخرج عن نطاق التأثيم لان تقدير الضريبة المزعوم لا يعدو أن يكون واقعة وهمية لا تتحقق بها جريمة الرشوة أو الشروع في النصب اذ كان المبلغ على علم بالتقدير الحقيقي للضريبة المستحقة عليه بتوقيعه على محضر الأعمال الا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يتفق وصحيح القانون، كما انه بعد أن أفصح في مدوناته آن المحكمة. لا تعول على الحديث المسجل عاد واستند الى أقوال الشاهد "....." بأنه قام بضبط الطاعن بعد ان سمع من الحديث المسجل انتهاء اللقاء بينه وبين المبلغ مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه قد أثبت بيانا للواقعة أن الطاعن - وهو مأمور ضرائب التمغة بضرائب القاهرة - توجه الى الشركة التي يديرها المبلغ وعرفه ان ضريبة التمغة المستحقة على الشركة تبلغ عدة آلاف من الجنيهات وأبدى له استعداده لإعداد تقرير بتخفيض قيمة الضريبة لقاء تقاضيه منه مبلغ الف جنيه فتظاهر بالموافقة واتفق معه على لقاء آخر وأبلغ الامر لعضو الرقابة الادارية الذى طلب منه مسايرة الطاعن وفى اللقاء الثاني توصل الاتفاق بينهما الى تخفيض الجعل الى ثلاثمائة جنيه وعد المبلغ بتدبيره في لقاء ثالث وقام عضو الرقابة الادارية بإثبات ارقام المبلغ بمحضره واستصدر اذنا من النيابة العامة بالضبط والتفتيش وأعد كمينا منه وأفراد القوة المرافقة له كما أعد اجراءات تسجيل الحديث بين الطاعن والمبلغ، وفى الموعد المحدد حضر الطاعن الى مقر الشركة وتم اللقاء بينه وبين المبلغ واثر خروجه قام بالقبض عليه وبتفتيش الحقيبة التي كان يحملها عثر بداخلها على المبلغ الثابت أرقامه بمحضره. ودلل الحكم على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الادلة، واثبت على الطاعن من شهادة رئيس مأمورية ضرائب التمغة بالقاهرة تحديدا لاختصاصه الوظيفي أنه يعمل مأمور ضرائب بالمأمورية ويدخل في اختصاصه مراجعة مستندات الشركات ومعاملاتها للتحقق من سداد ضريبة التمغة المقررة وتقديرها وانهاء اجراءات تحصيل ما لم يحصل منها، وانتهى من تقريره واستدلاله الى أدانة الطاعن بجريمة الرشوة المقامة وهو تقرير صحيح في الواقع سديد في القانون، ذلك بأنه يبين من المساق المتقدم أن الطاعن طلب الرشوة وأخذها ليقوم بعمل معين هو اعداد تقرير بتخفيض قيمة ضريبة التمغة المستحقة على الشركة وهو عمل وظيفي يدخل في اختصاصه والذى دفع الجعل مقابلا له. لما كان ذلك، وكانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله سواء كان العمل الذى يدفع الجعل لتنفيذه حقا أو غير حق ولا يستطيعه الموظف أو لا ينتوي القيام به لمخالفته لأحكام القانون لان تنفيذ الغرض من الرشوة بالفعل ليس ركنا في الجريمة ولان الشارع سوى في نطاق جريمة الرشوة بما استنه في نصوصه التي استحدثها بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الاتجار فيها وان الشارع قدر أن الموظف لا يقل استحقاقا للعقاب حين يتجر في أعمال الوظيفة على أساس موهوم منه حين يتجر فيها على اساس من الواقع اذ هو يجمع بين اثنين هما الاحتيال والارتشاء، ومن ثم فلا حجة لما يثيره الطاعن من أن تقدير الضريبة الذى طلب وأخذ الجعل من أجل تخفيضه هو تقدير وهمى كان المبلغ على بينة من أمره لعلمه بالتقدير الحقيقي ما دام قد طلب وأخذ الجعل ثمنا لاتجاره بوظيفته واستغلالها ولو لم يكن منتويا القيام بهذا العمل وبصرف النظر عن اعتقاد المبلغ بصحة أو عدم صحة هذا التقدير الذى وعد الطاعن بتخفيضه، واذ كان الحكم المطعون فيه قد تفطن الى المعاني القانونية المتقدمة في رده على دفاع الطاعن فانه لا يكون قد أخطأ في شيء ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، فان ما انتهى اليه الحكم المطعون فيه من اطراح التسجيل وعدم أخذه بالدليل المستمد منه لا يتعارض مع ما أورده من أقوال الشاهد عضو الرقابة الادارية من أنه بعد أن كشف استماعه الى الحديث المسجل عند انتهاء اللقاء أسرع الى ضبط الطاعن وتفتيشه ما دام انه لم يحصل في اقواله مضمون ما تناوله الحديث ولم يستند الى شيء من أقواله في هذا الخصوص ومن ثم فقد انحسر الحكم قالة التناقض في التسبيب. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.


الطعن 7719 لسنة 54 ق جلسة 2/ 1 / 1985 مكتب فني 36 ق 2 ص 43

جلسة 2 من يناير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ابراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة، ومحمد وممدوح سالم، نائب رئيس المحكمة، ومحمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة، ومحمود بهى الدين عبد الله.

--------------

(2)
الطعن رقم 7719 لسنة 54 القضائية

 (1)نيابة عامة. نقض "المصلحة في الطعن والصفة فيه" "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها". طعن "الصفة في الطعن".
للنيابة العامة الطعن في الحكم. ولو كانت المصلحة للمحكوم عليه. اساس ذلك؟
 (2)عمل. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". "الحكم في الطعن".
عدم توفير وسائل الاسعاف الطبية هو من قبيل الاحكام التنظيمية العامة التي لا تمس حقوق العمال. لا تتعدد عقوباتها بتعدد عدد العمال.
(3) محكمة ثان درجة "نظرها الدعوى والحكم فيها". حكم "اصداره".
ايجاب اجماع قضاة محكمة ثان درجة عند تشديد العقوبة او الغاء حكم البراءة. مقصور على حالات الخلاف بينها وبين محكمة اول درجة في تقدير الوقائع والادلة والعقوبة ولا ينصرف الى حالة الخطأ في القانون. علة ذلك؟

-------------
1 - لما كانت النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص اعتبارا بأنها تمثل الصالح العام وتسعى الى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية، فلها بهذه المثابة أن تطعن في الأحكام وان لم تكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه فان مصلحتها في الطعن الماثل تكون قائمة ولو أن الحكم قد قضى بإدانة المطعون ضده.
2 - من المقرر أن ما أوجبه قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 في الفقرة الاولى من المادة 121 منه على صاحب العمل من توفير وسائل الاسعاف الطبية للعمال - حسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - هو من قبيل الاحكام التنظيمية العامة التي لا تمس حقوق العمال فرداً فرداً فلا يجوز عند الإدانة لعدم توفيرها، الحكم بتعدد الغرامة بقدر عدد العمال.
3 - إن مراد الشارع من النص في المادة 417 من قانون الاجراءات الجنائية على وجوب اجماع قضاة المحكمة عند تشديد العقوبة أو الغاء حكم البراءة مقصور على حالات الخلاف بينها وبين محكمة أول درجة في تقدير الوقائع والادلة وأن تكون هذه الوقائع والأدلة كافية في تقرير مسئولية المتهم واستحقاقه للعقوبة أو اقامة التناسب بين هذه المسئولية ومقدار العقوبة وكل ذلك في حدود القانون ايثارا من الشارع لمصلحة المتهم، أما النظر في استواء حكم القانون فلا يصح أن يرد عليه خلاف والمصير الى تطبيقه على وجهه الصحيح لا يحتاج الى اجماع بل لا يتصور أن يكون الاجماع ذريعة الى تجاوز حدود القانون أو اغفال حكم من أحكامه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: 1 - لم يقم بتوفير وسائل الاسعاف الطبية المناسبة. 2 - لم يقم بتوفير وسائل الحريق المناسبة. 3 - لم يقم بتغطية الاسلاك الكهربائية. وطلبت عقابة بمواد القانون رقم 137 لسنة 1981. ومحكمة جنح قسم السويس الجزئية قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم عشرين جنيها على كل تهمة. استأنف كل من المحكوم عليه والنيابة العامة - وقيد استئنافهما برقم 1037 لسنة 1983. ومحكمة السويس الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع قبل وتعديل الى تغريم المتهم خمسين جنيها عن التهمتين الثانية والثالثة والتعدد بالنسبة للتهمة الاولى وتأييده فيما عدا ذلك. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث ان النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والبطلان، ذلك بأنه دان المطعون ضده بجرائم عدم توفير وسائل الاسعاف الطبية للعمال وعدم توفير وسائل مكافحة الحريق وعدم تغطية الاسلاك الكهربائية في المنشأة وقضى بتعدد الغرامة في الجريمة الاولى بقدر عدد العمال وأفرد عقوبة مستقلة عن كل من الجريمتين الثانية والثالثة مع أن الجريمة الاولى لا تتعدد فيها الغرامة لان الالتزام بتوفير وسائل الاسعاف الطبية من قبيل الاحكام التنظيمية، كما أن الجريمتين الثانية والثالثة قوامها فعل واحد هو عدم توفير وسائل السلامة والصحة المهنية في أماكن العمل مما يوجب الحكم فيهما بعقوبة واحدة طبقا للفقرة الاولى في المادة 32 من قانون العقوبات وأخطأ الحكم أيضا حين قضى بتشديد العقوبة دون أن تنص على صدوره بإجماع قضاة المحكمة كل ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث انه لما كانت النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص اعتبارا بأنها تمثل الصالح العام وتسعى الى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية، فلها بهذه المثابة أن تطعن في الاحكام وان لم تكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه فان مصلحتها في الطعن الماثل تكون قائمة ولو أن الحكم قد قضى بإدانة المطعون ضده، وقد استوفى الطعن الشكل المقرر في القانون. ومن حيث ان الدعوى الجنائية أقيمت على المطعون ضده بانه: (أولا) لم يقم بتوفير وسائل الاسعاف الطبية المناسبة. (ثانيا) لم يقم بتوفير وسائل مكافحة الحريق في المنشأة. (ثالثا) لم يقم بتغطية الاسلاك الكهربائية في المنشأة وطلبت النيابة العامة عقابه بالقانون رقم 137 لسنة 1981. ومحكمة أول درجة قضت غيابيا بتغريم المتهم عشرين جنيها عن كل تهمة فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم للخطأ في تطبيق القانون ومحكمة ثاني درجة قضت غيابيا بتاريخ 3/ 12/ 1983 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف الى تغريم المطعون ضده خمسين جنيها على التهمتين الثانية والثالثة وتعدد العقوبة بالنسبة للتهمة الاولى وتأييده فيما عدا ذلك، وقد أعلن هذا الحكم للمطعون ضده في 24/ 12/ 1983 وانقضى ميعاد المعارضة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ما أوجبه قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 في الفقرة الأولى من المادة 121 منه على صاحب العمل من توفير وسائل الاسعاف الطبية للعمال - حسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - هو من قبيل الأحكام التنظيمية العامة التي لا تمس حقوق العمال فردا فردا فلا يجوز عند الادانة لعدم توفيرها، الحكم بتعدد الغرامة بقدر عدد العمال. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتعدد الغرامة عنها، فانه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتغريم المطعون ضده خمسين جنيها عن التهمتين الثانية والثالثة، فانه يكون قد قضى فيها بعقوبة واحدة على خلاف ما ذهبت اليه النيابة العامة بوجه النعي، ويكون النعي بهذا الوجه لا محل له. لما كان ذلك وكان من المقرر - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن مراد الشارع من النص في المادة 417 من قانون الاجراءات الجنائية على وجوب اجماع المحكمة عند تشديد العقوبة أو الغاء حكم البراءة مقصور على حالات الخلاف بينها وبين محكمة أول درجة في تقدير الوقائع والادلة وأن تكون هذه الوقائع والادلة كافية في تقرير مسئولية المتهم واستحقاقه للعقوبة أو اقامة التناسب بين هذه المسئولية ومقدار العقوبة وكل ذلك في حدود القانون ايثارا من الشارع لمصلحة المتهم، أما النظر في استواء حكم القانون فلا يصح أن يرد عليه خلاف والمصير الى تطبيقه على وجهه الصحيح لا يحتاج الى اجماع بل لا يتصور أن يكون الاجماع ذريعة الى تجاوز حدود القانون أو اغفال حكم من أحكامه، واذ ما كان حكم محكمة أول درجة قد أخطأ في تطبيق القانون بالنسبة للجريمتين الثانية والثالثة اذ نزل بالعقوبة فيها عن الحد الادنى المقرر في القانون، فان الحكم المطعون فيه اذ قضى بتشديد العقوبة عنهما الى حدها الادنى يكون قد اقتصر على تطبيق القانون على وجهه الصحيح ولا يشترط لذلك اجماع قضاة المحكمة، ومن ثم يكون ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء ما قضى به من تعدد الغرامة المقضي بها عن التهمة الاولى ورفض الطعن فيما عدا ذلك.