جلسة 9 من ديسمبر سنة 2015
(124)
الطعن رقم 16992 لسنة 85 القضائية
(1) ولى طبيعي . وكالة . محاماة . نقض
" الصفة في الطعن " .
الطعن في الأحكام الجنائية . وجوب
رفعه من المحكوم عليه شخصيًا أو من وكيله الخاص لهذا الغرض .
الولي الطبيعي . نائب جبري عن ولده
القاصر بحكم القانون ينظر في شئونه الخاصة بالنفس أو المال . له أن يرفع بهذه
الصفة الطعن بطريق النقض وغيره في الأحكام التي تصدر على قاصره .
التقرير بالطعن بالنقض من محام بصفته
وكيلاً عن والد المحكوم عليه القاصر وخلو الأوراق من دليل على أن الأخير قاصراً .
أثره : عدم قبول الطعن شكلاً . علة ذلك؟
(2) إرهاب
" الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون " . حكم " بيانات
التسبيب " " بيانات حكـم الإدانة " " تسبيبـه . تسبيب معـيب "
. نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
حكم الإدانة طبقاً للمادة 310 إجراءات
جنائية . بياناته ؟
المراد بالتسبيب المعتبر ؟
إدانة الحُكم للطاعنين بجريمة
الانضمام لعصابة هاجمت المواطنين وقاومت بالسلاح رجال السُلطة العامة القائمين على تنفيذ أحكام القوانين دون التدليل على
وجود تلك العصابة والعلم بالغرض من تأسيسها قبل الانضمام إليها وكيفية الانضمام
لها . قصور . يوجب نقضه .
(3) إثبات
" أوراق رسمية " " خبرة " . طفل . محكمة الطفل . اختصاص
" الاختصاص الولائي " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . قانون
" تفسيره " " تطبيقه " . محكمة النقض " سلطتها " .
حكم " بطلانه " " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن
. ما يقبل منها " .
صدور القانون 12 لسنة 1996 المُعدَّل
بالقانون 126 لسنة 2008 . أثره : نسخه لأحكام القانون 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث .
المواد
2 ، 122 من القانون 12 لسنة 1996 المعدل ، 127 من القانون 126 لسنة 2008 بشأن
الطفل . مفادها ؟
وجوب تحديد المحكمة سن الطفل على وجه
الدقة . علة ذلك : تحديد الاختصاص الولائي وتوقيع العقوبة المناسبة عليه وفقاً لسن
الطفل .
تعرض محكمة النقض لتقدير سن الأطفال
المُتهمين . غير جائز . علة وحد ذلك؟
خلو الحكم من استظهار سن الأطفال
الطاعنين ومن وضع تقرير المراقب الاجتماعي ومناقشة واضعه . قصور يبطله ويوجب نقضه
.
(4) إثبات " بوجه عام " . تجمهر . تعطيل المواصلات . حكم "
بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " "تسبيبه . تسبيب
معيب " . تظاهر . جريمة " أركانها " . قصد جنائي.
عبارة بيان حكم
الإدانة للواقعة الواردة بالمادة 310 إجراءات . المقصود بها ؟
القصد الجنائي
في جريمة تعريض وسائل النقل العام للخطر وتعطيل سيرها . تحققه : بارتكاب الجاني
الفعل كما صوره القانون عمداً بقصد تعطيل وسائل النقل وتعريضها للخطر . وجوب تحدث
الحكم عنه استقلالاً .
مثال لتسبيب
معيب لحكم صادر بالإدانة بجرائم التظاهر والتجمهر وتعطيل المواصلات عمداً .
(5) إثبات " بوجه عام "
" خبرة " . سلاح . جريمة " أركانها " . تظاهر . قصد جنائي .
عقوبة " تطبيقها " . حكم " تسبيبه
. تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " " أثر
الطعن " .
جريمة
إحراز وحيازة الأسلحة النارية . ماهيتها ؟
إدانة
الحكم الطاعنين بجريمة حيازة وإحراز أسلحة نارية استعملت في الإطلاق على قوات
الأمن بتظاهرة دون تحديد شخص مُحرزها أو القبض عليه وخلوه من دليل فني يحدد نوع
السلاح وصلاحيته للاستعمال . قصور . علة وأثر ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لمَّا
كَان المُحَامي / .... قَرَّر بالنقض بصفته وكيلاً عن والد المحكوم عليه " ....
" باعتباره ولياً طبيعياً عليه ، وكَان الطعن في الأحكام الجنائية يجب
أن يُرفَع من المحكوم عليه شخصياً ، أو ممن يُوكله توكيلاً خاصًا لهذا الغرض ،
ولئن كَان الولي الشرعي نائباً جبرياً عن ولده
القاصر بحُكم القانون ، ينظر في شئونه الخاصة بالنفس أو المال ، فله أن يَرفع
بهذه الصفة الطعن بطريق النقض وغيره في الأحكام التي تَصدر على قاصره ، إلَّا أنه
لمَّا كَانت الأوراق خلواً من دليل على أن المحكوم عليه قاصر ، وكَان التوكيل الصَادر
من والد المحكوم عليه لمُحَاميه لا يُعَد حاسماً في هذا الخصوص ، فإن الطعن يكون
غير مقبول شكلاً للتقرير به من غير ذي صفة .
2- لمَّا كَان الشارع يُوجب في المادة
310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يَشتمل الحُكم على الأسباب التي بُني عليها
وإلَّا كَان باطلاً ، والمُرَاد بالتسبيب المُعتَبر تَحديد الأسانيد والحجج المبني
هو عليها والمُنتجة هي له ، سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يَتحقق
الغرض منها يجب أن يكون في بيان جلي مُفصَّل ، بحيث يُستطاع الوقوف على مسوغات ما
قضى به ، أما إفراغ الحُكم في عبارات عامة مُعماة ، أو وضعه في صورة مُجمَلة مُجهَّلة
، فلا يُحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب
تسبيب الأحكام ، ولا يُمكِّن محكمة النقض من مُرَاقبة تَطبيق القانـــون على
الواقعة كما صار إثباتها في الحُكم . وكَان لحُكم المطعون فيه قد دان
الطاعنين بجريمة الانضمام إلى عصابة ألَّفها مجهولون هاجمت المواطنين بشوارع مدينة
.... ، وقاومت بالسلاح رجال السُلطة العامة المُكلَّفين بتنفيذ القوانين ، دون أن
يُدلِّل على وجود تلك العصابة ، والغرض من تأسيسها ، قبل انضمامهم إليها ، وكيفية
انضمامهم لتلك العصابة ، وعلمهم بالغرض من تأسيسها ، مُكتفيًا بإيراد عبارات عامة
مُجمَلة ، مُجهَّلة ، - لدى بيانه لتلك الجريمة – لا يبين منها مدى تأييدها
للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ، ومبلغ اتفاقها مع باقي الأدلة في الدعوى ، ومن
ثم فإنه – والأمر كذلك – لا يُحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تَسبيب
الأحكام ، ولا يُمكِّن محكمة النقض من مُرَاقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما
صار إثباتها في الحُكم ، الأمر الذي يصمه بالقصور ، ويوجب نقضه .
3- لمَّا كَان الحُكم المطعون فيه قد
أورد ضمن المواد
المُنطَبقة على الجرائم المُسنَدة إلى
المُتَهمين المواد 2 ، 95 ، 111 ، 122 ، 129 ، 140 من القانون رقم 12 لسنة 1996
بشأن الطفل ، والمُعدَّل بالقانون رقم 126 لسنة
2008 ، وانتهى إلى إعمالها في حق المُتَهمين الأحداث
، وإعفائهم من المصاريف الجنائية ، كما أنه تم تأجيل نَظر الدعوى ، لجلسة .... كطلب
الدفاع للاطلاع والاستعداد ... ولإرفاق تقارير الباحث الاجتماعي للمُتَهمين
الأحداث ، الأمر الذي يَقطع أن من بين
المُتَهمين أطفالاً ، في حين أنه لم يشر إلى وجودهم في الدعوى ، فلم يعْن بتحديدهم ، واستظهار سنهم . وكَان القانون
رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل، المُعدَّل بالقانون رقم 126 لسنة
2008 ، قد صَدر ناسخاً لأحكام القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث ، ونص في
مادته الثانية أنه : " يقصد بالطفل في مجال الرعاية المنصوص عليها في هذا
القانون كُل من لم تتجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة ، وتثبت السن بموجب
شهادة الميلاد أو بطاقة الرقم القومي أو أي مستند رسمي آخر ، فإذا لم يوجد المستند
الرسمي أصلاً قدرت السن بمعرفة إحدى الجهات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل
بالاتفاق مع وزير الصحة " ، مما مفاده أن
كُل من لم يتجاوز ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة كَان طفلاً ، تراعى في
حالته كَافة الضوابط التي وضعها الشارع سياجاً لحمايته ، ويلزم المحكمة وجوباً
وتنصيصاً أن تثبت بأسبابها المُستند الرسمي الذي ارتكنت إليه في تَحديد سن الطفل ،
وكَانت المادة 111 من القانون رقم 126 لسنة 2008 المُستَبدلة بالمادة 112 من
القانون رقم 12 لسنة 1996 ، قد أجازت الحُكم عـلى المُتَهم الطفل إذا زاد سنه على
خمس عشرة سنة ولم يتجاوز الثامنة عشرة سنة بعقوبة السجن ، مع عدم الإخلال بسُلطة
المحكمة في تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات ، كما أن المادة 122 من قانون
الطفل رقم 12 لسنة 1996 ، تقضي باختصاص محكمة الأحداث ، دون غيرها ، بالنظر في أمر
الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم ، إلَّا أنها استثنت الطفل الذي يتجاوز سنه خمس
عشرة سنة ، ويَرتكب جنــــــاية ، متى أسهَّم في الجريمة غير طفل ، واقتضى الأمر
رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل ، حيث يَنعقد الاختصاص حينئذ لمحكمة الجنايات .
لمَّا كَان ذلك ، فإن تَحديد سن الطفل على وجه الدقة يضحى أمراً لازماً لتَحديد
الاختصاص الولائي ، ولتوقيع العقوبة المُنَاسبة ، حسبما أوجب القانون ، ومن ثم بات
مُتعيَّناً على المحكمة ، قَبل توقيع أية عقوبة على الطفل ، أن تَستظهر سنه وفق ما
رَسمه القانون ، هذا إلى أن المادة 127 من القانون رقم 126 لسنة 2008 بشأن الطفل ،
قد أوجبت على المحكمة قَبل الحُكم على الطفل في
الحالات التي أوردها النص ، ومنها مواد الجنايات على إطلاقها ، مُنَاقشة المُرَاقب
الاجتماعي بعد تَقديمه تقريراً يَتضمَّن فحصاً كاملاً لحالة الطفل التعليمية والنفسية
والعقلية والبدنية والاجتماعية ، وهو في تكييفه الحق ووضعه الصحيح إجراء من
الإجراءات الجوهرية ، قَصد به الشارع مصلحة المُتَهم الطفل بما يتغياه من إحاطة
المحكمة بالظروف الاجتماعية والبيئية والعوامل التي دَفعت الطفل إلى ارتكاب
الجريمة ، وذلك حتى تكون على بينة من تلك العوامل ، وما لها من أثر في تقدير
العقاب المُلائم للطفل بغية إصلاحه ، وأن عدم
وضع ذلك التقرير ، ومُنَاقشة المُرَاقب الاجتماعي بشأنه ، يكون قعوداً عن
هذا الإجراء الجوهري يَترتَّب عليه البُطلان . لمَّا كَان ذلك ، وكَان البين من
محاضر الجلسات ومن مدونات الحُكم المطعون فيه ، أنها خَلت كُلية من أي إشارة إلى
الأطفال المُتَهمين في الواقعة محل الاتهام ، أو إلى أي مُستَند أو وثيقة رسمية
تفيد سنهم ، أو إرفاق تقرير المُرَاقب الاجتماعي ومُنَاقشة واضعه بشأنه ، ولمَّا
كَان الأصل أن تقدير السن أمر مُتعلِّق بموضوع الدعوى لا يجوز لمحكمة النقض أن
تعرض له ، إلَّا أن تكون محكمة الموضوع قد تناولته بالبحث والتقدير ، وأتاحت
للمُتَهم وللنيابة العامة إبداء مُلاحظاتهما في خصوصه ، وإذ كَان الحُكم المطعون
فيه لم يعْن البتة في مدوناته بتحديد هؤلاء الأطفال ، واستظهار سنهم ، - على النحو
السالف بسطه ، كما خَلت مدوناته ومحاضر الجلسات من وضع تقرير المُرَاقب الاجتماعي
، ومُنَاقشة واضعه فيه ، قَبل الحُكم على الطاعنين ، فإن الحُكم
يكون قد تَعــيَّب بالبُطلان ، المُوجب لنقضه ، فوق قصوره في التسبيب ،
الذي يُعجز محكمة النقض عن مُرَاقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة .
4- لمَّا كَان من المُقرَّر أن
المقصود ببيان واقعة الدعوى التي تَطلَّبتها المادة 310 من قانون الإجراءات
الجنائية في كُل حُكم بالإدانة ، هو أن يثبت قاضي الموضوع في حُكمه كُل الأفعال
والمقاصد التي تَتَكوَّن منها الجريمة ، وكَانت جريمة تعريض وسائل النقل العام
للخطر عمدًا أو تَعطيل سيرها المُؤثَّمة بنص المادة 167 من قانون العقوبات هي
جريمة عمدية ، يَتحقق القصد الجنائي فيها متى تَعمَّد الجاني ارتكاب الفعل المنهي
عنه بالصورة التي صَوَّرها القانون ، واتجاه إرادته إلى تعريضها للخطر أو تَعطيلها
، وعلمه بأنه يحدثه بغير حق ، وهو ما يقتضي أن يَتحدَّث
الحُكم عنه استقلالاً ، وأن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يَكفي للدلالة على
قيامه ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بهذه الجريمة واقتصر على
القول بأنهم قاموا بالتظَاهُر والتَجمهُّر
بشوارع مدينة .... ، وهو الأمر الذي من شأنه أن يُعرض السلم العام للخطر ، وقد
تَرتَّب عليه تَعطيل حركة المرور والمواصلات العامة بالطرق دون أن يُبيِّن نوع
وسيلة النقل ، وكيفية تَعريضها للخطر ، أو تَعطيل سيرها ، وهل هي من وسائل
النقل التي كَفل القانون حمايتها بالنص المُشَار إليه ، أم أنها غير ذلك ،
والأفعال المادية التي أتاها الطاعنون وتَرتَّب عليها تَعطيل تلك الوسيلة ، أو
تَعريضها للخطر ، كما لم يَستظهر القصد الجنائي المُتطلَّب في هذه الجريمة ، وما
يفيد تَعمُّد الطاعنين تَعريض تلك الوسائل للخطر أو تَعطيلها ، الأمر الذي يكون
معه الحُكم المطعون فيه مشوبًا بالقصور في البيان - من هذه الناحية – أيضاً .
5-
لمَّا كَان الحُكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة إحراز وحيازة أسلحة نارية "
بنادق آلية " مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها ، وكَان من المُقرَّر
أن مناط العقاب على جريمة إحراز وحيازة الأسلحة النارية هو الحيازة المادية طالت
أم قصرت ، ويَتحقق القصد الجنائي العام المُتطلَّب في هذه الجريمة بإدراك وعلم
الجاني بأنه يحوز ويحرز ذلك السلاح مما لا يجوز له حيازته أو إحرازه ، وكَان
الإحراز أو الحيازة في صحيح القانون يتم بالاستيلاء على السلاح استيلاءً مادياً ،
أو بسط سُلطان الجاني عليه ، مع علمه بأن
الاستيلاء أو بسط السُلطان واقع على سلاح مما لا يجوز حيازته أو إحرازه ،
وكَان الحُكم المطعون قد أطلق القول بإطلاق المُتظاهرين النار على قوات الأمن من
أسلحة آلية ، ثم عاد فأورد أنه تم ضبــــط ســـــــلاح أبيض مع أحد المُتَهمين ،
وثلاثة أفردة خرطوش بمكان التَجمهُّر ، بينما انتهى إلى ثبوت حيازتهم وإحرازهم
للسلاح الآلي - فقط - دون أن يعْن بتحديد من منهم قد ثبت في حقه إحراز أو حيازة تلك الأسلحة الآلية مادياً أو بسط سُلطانه عليها ،
فجاء قاصراً في بيان الرُكنين المادي والمعنوي ، سيما وأنه لم يتم ضبط أي
منهم مُحرزاً أو حائزاً لأسلحة آلية ، كما خلا من دليل فني يُحدد نوع السلاح
المُستَخدم في الإطلاق وصلاحيته للاستعمال ، وهي من المسائل الفنية البحتة التي لا
تَستطيع المحكمة أن تشـــق طريقها فيها بنفسها
، الأمر الذي يعيبه من هذه الناحية - كذلك - ، فضلاً عن التنَاقُض ،
والقصور في بيان أركان تلك الجريمة ، مما يَتعيَّن معه نقضه والإعادة بالنسبة
للطاعنين وللمحكوم عليهما حضوريًا " .... ، و.... " لاتصال أوجه الطعن
التي بُني عليها النقض بهما ، ودون كُل من
الطاعن الواحد والثلاثين - الذي قُضي بعدم قبول طعنه شكلاً - ، وباقي المحكوم
عليهم معه في جُنحـــة السرقة - ، الخامس والتسعين ، والسادس والتسعين ، والسابع
والتسعين ، والثامن والتسعين ، والتاسع والتسعين ، والمائة وواحد لصدور
الحُكم عليهم في تلك الجُنحة المُستقلة عن باقي واقعات الدعوى ، وباقي المحكوم
عليهم لصدور الحُكم عليهم غيابياً من محكمة الجنايات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهــمت النيابـة العامـة الطاعنين - وآخرين – بأنهم
:
أولاً - المُتَهمون من الأول حتى الثاني عشر :
1 - دبَّروا تَجمهُّراً مُؤلَّفاً من أكثر من
خمسة أشخاص من شأنه أن يَجعل السلم العام في خطر وكَان الغرض منه ارتكاب جرائم
الاعتداء على الأشخاص ، والمُمتلكات العامة والخاصة ، والتأثير على رجال السُلطة
العامة في أداء عملهم بالقوة والعُنف ، واتحدت إرادتهم على ارتكابها فوقعت الجرائم
محل باقي الاتهامات بناءً على ذلك .
2 - ألَّفوا عصابة هاجمت المواطنين بشوارع مدينة .... ، وقاومت بالسلاح رجال السُلطة العامة في
تنفيذ القوانين ، على النحو المُوضَّح بالأوصاف التالية .
ثانياً - المُتَهمون من الثالث عشر حتى الرابع
والتسعين : اشتركوا وآخرون
مجهولون في تَجمهر مُؤلَّف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام في
خطر ، وكَان الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص ، والمُمتلكات العامة
والخاصة ، والتأثير على رجال السُلطة العامة في
أداء عملهم بالقوة والعُنف ، حال حمل
بعضهم أسلحة نارية وأدوات مما تُستَــــعمل في الاعـــتداء على الأشخاص ،
وقد وقعت تنفيذاً للغرض المقصود من التَجمهر ، مع علمهم ، به الجرائم الآتية :
1 – استعملوا هم وآخرون مجهولون القوة والعُنف
مع موظفين عموميين - ضباط وأفراد الشرطة بقسمي .... وقوات مديرية أمن .... -
لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم ، وهدَّدوهم بالأسلحة
النارية والبيضاء ، وتَعدوا عليهم ، فأحدّثوا بهم الإصابات الواردة بتقرير الطب
الشرعي ، وقد بلغوا من ذلك مقصدهم بأن مَكَّنوا آخرين من أنصارهم من الهَرب .
2 – استعرضوا هم وآخرون مجهولون القوة ولوَّحوا
بالعُنف ضد المجني عليهم ، وكَان ذلك بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى المادي والمعنوي
بهم وفرض السطوة عليهم ، بأن تَجمَّع المُتَهمون وآخرون مجهولون من أعضاء الإخوان
المُسلمين والموالين لهم بشوارع دائرتي قسمي .... ، .... وكَان بعضهم حاملاً أسلحة
نارية وبيضاء وأدوات مُعدَّة للاعتداء على الأشخاص ، وما إن تَمكَّنوا من المجني
عليهم حتى باغتوهم بالاعتداء بتلك الأسلحة والأدوات ، مما تَرتَّب عليه تَعريض
حياة المجني عليهم وسلامتهم وأموالهم للخطر ، وتَكدير الأمن والسكينة العامة .
3 – انضموا إلى العصابة المنسوب تأليفها إلى
المُتَهمين من الأول حتى الثاني عشر والتي هاجمت المواطنين بشوارع دائرتي قسمي
.... وقاومت بالسلاح رجال السُلطة العامة المُكلَّفين بتنفيذ القوانين .
4 – خرَّبوا وأتلفوا هم وآخرون مجهولون عمداً
مباني وأملاكاً عامة " نُقطة شرطة .... ،
ونقطة .... ، والسيارات الخاصة بمديرية أمن .... ، وبنك .... ، ومصرف ....
، وبنك .... " ، وكذا أموال منقولة " سيارات خاصة مملوكة للمجني عليهم المستشار / .... ، والمستشار / .... ، و.... ،
و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ،
و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ،
و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... " ، ونادي قضاة .... ، ومحطة .... للبترول المملوكة لـ .... ،
وأموال ثابتة - دار .... - ، وفندق .... ، والمنازل المملوكة لـ .... ،
و.... ، و.... ، ومحلات .... ، وشركة .... ، وحوانيت خاصة بالمجني عليهم "
.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و....
" ، والكنائس " .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... " ،
بأن اقتحموا المقرات المذكورة وحطموا كَافة محتوياتها وأضرموا النيران في المركبات
سالفة البيان ، مما تَرتَّب عليه تعطيل أعمال مصلحة
ذات منفعة عامة وجعل حياة الناس وأمـــــنهم في خطر وكَان ذلك تنــــفيذًا لغــرض
إرهابي في زمن هياج ، بقصد إشاعة الفوضى .
5 – حازوا وأحرزوا بالذات
والواسطة أسلحة مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها " بنادق آلية " ، وأسلحة نارية مُششخنة
" مسدسات " ، وغير
مُششخنة " بنادق وأفردة خرطوش" بغير ترخيص ، وكَان ذلك بأحد أماكن
التجمعات وبقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام .
6 – حازوا وأحرزوا بالذات
والواسطة ذخائر مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو بإحرازها ، وكَان ذلك بأحد أماكن التجمعات بقصد استعمالها
في الإخلال بالنظام والأمن العام .
7 – حازوا وأحرزوا بالذات والواسطة أسلحة بيضاء
وأدوات مما تُستَعمل في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني أو مُبرِّر من
الضرورة المهنية أو الحرفية ، وكَان ذلك بأحد أماكن التجمعات ، وبقصد استعمالها في
الإخلال بالنظام والأمن العام .
ثالثا- المُتَهمون من الخامس والتسعين حتى
الأخير :
1 – سرقوا هم وآخرون
مجهولون المنقولات المُبيَّنة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لنادي قضاة .... ، وكَان ذلك بطريق الإكراه ، بأن اقتحموه حال حملهم أسلحة بيضاء ،
وتَمكَّنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على مُحتوياته ، كما هو مُبيَّن
بالتحقيقات .
2 – حازوا وأحرزوا بالذات والواسطة أسلحة بيضاء
وأدوات مما تُستَعمل في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني أو مُبرِّر من الضرورة
المهنية أو الحرفية ، وكَان ذلك بأحد أماكن التجمعات ، وبقصد استعمالها في الإخلال
بالنظام والأمن العام .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات
.... لمُحَاكمتهم وفقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى كُل من : "
.... زوجة المرحوم / .... ، و.... ، و.... ، .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و....
" قِبَل المُتَهمين المحبوسين بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض
المدني المُؤقت ، كما ادعى / .... بصفته وكيلاً عن كنيسة .... مدنيًا قِبَل
المُتَهمين ذاتهم بمبلغ خمسين ألف جُنيه على سبيل التعويض المدني المُؤقت .
والمحكمة المذكورة قَضت
حضورياً للمُتَهمين من الأول حتى الخـــامس ، والحـــادي عشر ، ومن الثالث عشر حتى الثامن عشر ، والعشرين ،
والواحد والعشرين ، والسادس والعشرين ، ومن التاسع والعشرين حتى الخامس والثلاثين
، ومن السابع والثلاثين حتى الواحد والخمسين ، ومن الرابع والخمسين حتى الثاني
والستين ، والرابع والستين ، ومن السادس والستين حتى الواحد والسبعين ، ومن الرابع والسبعين حتى التاســــــع
والثمانين ، والــواحد والتسعين ، والثاني والتسعين ، ومن الرابع والتسعين حتى الأخير، وغيابياً للمُتَهمين
من السادس حتى العاشر ، والثاني عشر ، والتاسع عشر ، ومن الثاني والعشرين
حتى الخامس والعشرين ، والسابع والعشرين ، والثامن والعشرين ، والسادس والثلاثين ،
والثـــاني والخمسين والثالث والخمسين والثالث والستين ، والخامس والستين ، والثاني والسبعين ، والثالث والسبعين ، والتسعين ،
والثالث والتسعين ، أولاً : بمُعَاقبة المُتَهمين / .... ، و.... بالسجن المُشدَّد لمُدة خمس عشرة سنة
عمَّا أُسند إليهما . ثانيًا : بمُعَاقبة المُتَهمين / ....
، و.... ، و.... بالسجن المُشدَّد لمُدة عشر سنوات عمَّا أُسند إليهم . ثالثًا:
بمُعَاقبة المُتَهمين / .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ،
و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ،
و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... بالسجن المُشدَّد لمُدة خمس سنوات
عمَّا أُسند إليهم . رابعاً: بمُعَاقبة
المُتَهمين / .... ، و.... ، و.... محمد بالسجن المُشدَّد لمُدة ثلاث سنوات عمَّا
أُسند إليهم . خامساً : بمُعَاقبة المُتَهمين / .... ، و.... ،
و.... بالسجن لمُدة ثلاث سنوات عمَّا أُسند إليهم
. سادساً : بإلزام المحكوم عليهم سالفي الذكر مُتضَامنين بدفع مبلغ
844011,75 فقط " ثمانمائة وأربعـة وأربعين ألفاً وأحد عشر جُنيه وخمسة
وسبعين قرشاً " قيمة المباني والأملاك التي خَرَّبوها . سابعاً : بوضع
المحكوم عليهم سالفي الذكر تَحت مُرَاقبة الشرطة لمُدة سنتين . ثامناً :
بإلزام المحكوم عليهم بالمصاريف الجنائية عدا الأحداث بالبند خامساً ، وأمرت
بمُصَادرة المضبوطات . تاسعاً : وفي الدعاوى المدنية المُقَامة قِبَل
المحكوم عليهم سالفي الذكر - عدا الأحداث بالبند خامساً - بإحالتها إلى المحكمة
المدنية المُختصة بلا مصاريف . عاشرًا :
بمُعَاقبة المُتَهمين / .... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و....
بالحبس مع الشُغل لمُدة سنة واحدة عمَّا أُسند إليهم ، وألزمتهم بالمصاريف الجنائية عدا الأحداث . حادي عشر : ببراءة كُلٍ من /
.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ،
و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ،
و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ،
و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ،
و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... ،
و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، .... ،
و.... ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... مما أُسند إليهم ، وبمُصَادرة المضبوطات .
فطعن من المحكوم عليهم في هذا الحُكم بطريق
النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً : عن الطعن المُقدَّم من الطاعن
/ .... :
حيث إن
المُحَامي / .... قَرَّر بالنقض ، بصفته وكيلاً عن والد المحكوم عليه " .... "
باعتباره ولياً طبيعياً عليه ، وكَان الطعن في الأحكام الجنائية يجب أن يُرفَع من
المحكوم عليه شخصياً ، أو ممن يُوكله توكيلاً خاصاً لهذا الغرض ، ولئن كَان الولي
الشرعي نائباً جبرياً عن ولده القاصر بحُكم القانون ، ينظر في شئونه الخاصة بالنفس
أو المال ، فله أن يَرفع بهذه الصفة الطعن بطريق النقض وغيره في الأحكام التي تَصدر
على قاصره ، إلَّا أنه لمَّا
كَانت الأوراق خلواً من دليل على أن المحكوم عليه قاصر ، وكَان التوكيل الصَادر من
والد المحكوم عليه لمُحَاميه
لا يُعَد حاسماً في هذا الخصوص ، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً للتقرير به من
غير ذي صفة .
ثانياً : عن الطعن المُقدَّم من
الطاعنين من الأول حتى الثلاثين :
حيث إن مما
ينعاه الطاعنون على الحُكم المطعون فيه – بمُذكرات أسباب طعونهم - إنه إذ دانهم بجرائم الاشتراك في تَجمهُّر
مُؤلَّف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يَجعل السلم العام في خطر ، وكَان الغرض
منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص ، حال حمل بعضهم لأسلحة نارية وأدوات مما تُستَعمل
في الاعتداء ، ووقعت منهم تنفيذًا للغرض من التَجمهُّر جرائم الانضمام إلى عصابة
ألَّفها مجهولون لمُهَاجمة المواطنين ، وإحراز وحيازة أسلحة نارية مما لا يجوز
الترخيص بحيازتها أو إحرازها بالذات والواسطة " بنادق آلية " وأسلحة مُششخنة وغير مُششخنة بغير ترخيص ، وذخائر مما تُستَعمل
عليها ، بأحد أماكن التَجمُعات ، وبقصد استعمالها في الإخلال بالنظام العام
، واستعمال القوة والعُنف مع رجال الضبط لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم ، مع تَهديدهم بالأسلحة
النارية والبيضاء ، والاعتداء عليهم بها ، فأحدثوا ببعضهم الإصـــــابات الــــــواردة
بتــــقرير الطب الشرعي ، وقد بلغوا مقصدهم بأن مَكَّنوا آخرين من أنصارهم من
الهرب ، واستعراض القوة والتلويح بالعُنف ضد المجني عليهم بقصد ترويعهم وإلحاق
الأذى المادي والمعنوي بهم ، والتخريب والإتلاف العمدي لمبانٍ وأملاك عامة وخاصة ،
وتَعريض سلامة وسائل النقل العامة البرية للخطر ، قد شابه القصور في التسبيب ،
والفساد في الاستدلال ، وران عليه البُطلان ، ذلك
بأن اعتوره الغموض والتَعميم وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها ، ولم يَستظهر في
بيانٍ وافٍ أركان الجرائم التي دانهم بها ، كما أورد بمدوناته المواد الخاصة بقانون الطفل وأعملها في حقهم ، ولم يلزمهم
بالمصـاريف الجنائية ، بما مفاده أن من بين المُتَهمين أطفالاً ، بيد أنه
خلا كُليةً من الإشارة إليهم ، أو تحديدهم ، أو بيان سنهم ، ولم يثبت تقرير المُرَاقب
الاجتماعي بحالتهم ، ومُنَاقشته فيه ، مما يعيب الحُكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الشارع يُوجب في المادة 310 من
قانون الإجراءات الجنائية أن يَشتمل الحُكم على الأسباب التي بُني عليها وإلَّا
كَان باطلاً ، والمُرَاد بالتسبيب المُعتَبر تَحديد الأسانيد والحجج المبني هو
عليها والمُنتجة هي له ، سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يَتحقق الغرض منها يجب أن يكون في بيان جلي مُفصَّل ، بحيث يُستطاع
الوقوف على مسوغات ما قضى به ، أما إفراغ الحُكم في عبارات عامة مُعماة ،
أو وضعه في صورة مُجمَلة مُجهَّلة ، فلا يُحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب
تسبيب الأحكام ، ولا يُمكِّن محكمة النقض من مُرَاقبة تَطبيق القانون على الواقعة
كما صار إثباتها في الحُكم . وكَان الحُكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة
الانضمام إلى عصابة ألَّفها مجهولون هاجمت المواطنين بشوارع مدينة .... ، وقاومت
بالسلاح رجال السُلطة العامة المُكلَّفين بتنفيذ القوانين ، دون أن يُدلِّل على
وجود تلك العصابة ، والغرض من تأسيسها ، قبل
انضمامهم إليها ، وكيفية انضمامهم لتلك العصابة ، وعلمهم بالغرض من تأسيسها
، مُكتفيًا بإيراد عبارات عامة مُجمَلة ، مُجهَّلة ، - لدى بيانه لتلك الجريمة –
لا يبين منها مدى تأييدها للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة ، ومبلغ اتفاقها مع باقي
الأدلة في الدعوى ، ومن ثم فإنه – والأمر كذلك – لا يُحقق الغرض الذي قصده الشارع
من استيجاب تَسبيب الأحكام ، ولا يُمكِّن محكمة النقض من مُرَاقبة صحة تطبيق
القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحُكم ، الأمر الذي يصمه بالقصور ، ويوجب
نقضه . لمَّا كَان ذلك ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد أورد ضمن المواد
المُنطَبقة على الجرائم المُسنَدة إلى المُتَهمين المواد 2 ، 95 ، 111 ، 122 ، 129
، 140 من القانون رقــــــم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل ، والمُعدَّل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ، وانتهى إلى إعمالها في حق المُتَهمين الأحداث ، وإعفائهم من المصاريف
الجنائية ، كما أنه تم تأجيل نَظر الدعوى ، لجلسة .... كطلب الدفاع للاطلاع
والاستعداد ... ولإرفاق تقارير الباحث الاجتماعي للمُتَهمين الأحداث ، الأمر الذي يَقطع أن من بين المُتَهمين أطفالاً ، في
حين أنه لم يشر إلى وجودهم في الدعوى ، فلم
يعْن بتحديدهم ، واستظهار سنهم ، وكَان القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون
الطفل ، المُعدَّل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ، قد صَدر ناسخاً لأحكام
القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث ، ونص في مادته الثانية أنه : " يقصد
بالطفل في مجال الرعاية المنصوص عليها في هذا القانون كُل من لم تتجاوز سنه
الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة ، وتثبت السن بموجب شهادة الميلاد أو بطاقة الرقم
القومي أو أي مستند رسمي آخر ، فإذا لم يوجد المستند الرسمي أصلاً قدرت السن
بمعرفة إحدى الجهات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزير الصحة " ، مما مفاده أن كُل من لم
يتجاوز ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة كَان طفلاً ، تراعى في حالته كَافة
الضوابط التي وضعها الشارع سياجاً لحمايته ، ويلزم المحكمة وجوباً وتنصيصاً أن
تثبت بأسبابها المُستند الرسمي الذي ارتكنت إليه في تَحديد سن الطفل ، وكَانت
المادة 111 من القانون رقم 126 لسنة 2008 المُستَبدلة بالمادة 112 من القانون رقم
12 لسنة 1996 ، قد أجازت الحُكم على المُتَهم الطفل إذا زاد سنه على خمس عشرة سنة
ولم يتجاوز الثامنة عشرة سنة بعقوبة السجن ، مع عدم الإخلال بسُلطة المحكمة في
تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات ، كما أن المادة 122 من قانون الطفل رقم
12 لسنة 1996 ، تقضي باختصاص محكمة الأحداث ، دون غيرها ، بالنظر في أمر الطفل عند
اتهامه في إحدى الجرائم ، إلَّا أنها استثنت الطفل الذي يتجاوز سنه خمس عشرة سنة ،
ويَرتكب جنــــــاية ، متى أسهَّم في الجريمة غير طفل ، واقتضى الأمر رفع الدعوى
الجنائية عليه مع الطفل ، حيث يَنعقد الاختصاص حينئذ لمحكمة الجنايات . لمَّا كَان
ذلك ، فإن تَحديد سن الطفل على وجه الدقة يضحى أمراً لازماً لتَحديد الاختصاص
الولائي ، ولتوقيع العقوبة المُنَاسبة ، حسبما أوجب القانون ، ومن ثم بات مُتعيَّناً
على المحكمة ، قَبل توقيع أية عقوبة على الطفل ، أن تَستظهر سنه وفق ما رَسمه القانون
، هذا إلى أن المادة 127 من القانون رقم 126 لسنة 2008 بشأن الطفل ، قد أوجبت على المحكمة
قَبل الحُكم على الطفل في الحالات التي أوردها النص ، ومنها مـــــواد الجـــــــنايات
عـــلى إطلاقها ، مُنَاقشة المُرَاقب الاجتماعي بعد تَقديمه تقريراً يَتضمَّن فحصاً
كاملاً لحالة الطفل التعليمية والنفسية والعقلية والبدنية والاجتماعية ، وهو في
تكييفه الحق ووضعه الصحيح إجراء من الإجراءات الجوهرية ، قَصد به الشارع مصلحة
المُتَهم الطفل بما يتغياه من إحاطة المحكمة بالظروف الاجتماعية والبيئية والعوامل
التي دَفعت الطفل إلى ارتكاب الجريمة ، وذلك حتى تكون على بينة من تلك العوامل ،
وما لها من أثر في تقدير العقاب المُلائم
للطفل بغية إصلاحه ، وأن عدم وضع ذلك التقرير ، ومُنَاقشة المُرَاقب الاجتماعي
بشأنه ، يكون قعوداً عن هذا الإجراء الجوهري يَترتَّب عليه البُطلان .
لمَّا كَان ذلك ، وكَان البيِّن من محاضر الجلسات ومن مدونات الحُكم المطعون فيه ،
أنها خَلت كُلية من أية إشارة إلى الأطفال المُتَهمين في الواقعة محل الاتهام ، أو
إلى أي مُستَند أو وثيقة رسمية تفيد سنهم ، أو إرفاق تقرير المُرَاقب الاجتماعي
ومُنَاقشة واضعه بشأنه ، ولمَّا كَان الأصل أن تقدير السن أمر مُتعلِّق بموضوع
الدعوى لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض له ، إلَّا أن تكون محكمة الموضوع قد تناولته
بالبحث والتقدير ، وأتاحت للمُتَهم وللنيابة العامة إبداء مُلاحظاتهما في خصوصه ،
وإذ كَان الحُكم المطعون فيه لم يعْن البتة في
مدوناته بتحديد هؤلاء الأطفال ، واستظهار سنهم ، - على النحو السالف بسطه - ،
كما خَلت مدوناته ومحاضر الجلسات من وضع تقرير
المُرَاقب الاجتماعي ، ومُنَاقشة واضعه فيه ، قَبل الحُكم على الطاعنين ،
فإن الحُكم يكون قد تَعيَّب بالبُطلان ، المُوجب لنقضه ، فوق قصوره في التسبيب ،
الذي يعجز محكمة النقض عن مُرَاقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة . لمَّا كَان
ذلك ، وكَان من المُقرَّر أن المقصود ببيان واقعة الدعوى التي تَطلَّبتها المادة
310 من قانون الإجراءات الجنائية في كُل حُكم بالإدانة ، هو أن يثبت قاضي الموضوع
في حُكمه كُل الأفعال والمقاصد التي تَتَكوَّن منها الجريمة ، وكَانت جريمة تعريض
وسائر النقل العام للخطر عمداً أو تَعطيل سيرها المُؤثَّمة بنص المادة 167 من
قانون العقوبات هي جريمة عمدية ، يَتحقق القصد الجنائي فيها متى تَعمَّد الجاني
ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي صَوَّرها القانون ، واتجاه إرادته إلى
تعريضها للخطر أو تَعطيلها ، وعلمه بأنه يحدثه بغير حق ، وهو ما يقتضي أن يَتحدَّث الحُكم عنه استقلالاً ، وأن يكون فيما
أورده من وقائع وظروف ما يَكفي للدلالة على قيامه ، وكَان الحُكم المطعون
فيه قد دان الطاعنين بهذه الجريمة واقتصر على
القول بأنهم قاموا بالتظَاهُر والتَجمهُّر بشوارع مدينة .... ، وهو الأمر الذي من شأنه أن يُعرِّض السلم العام للخطر
، وقد تَرتَّـــب علــيه تَعطيل حركة المرور والمواصلات العامة بالطرق دون
أن يُبيِّن نوع وسيلة النقل ، وكيفية تَعريضها للخطر ، أو تَعطيل سيرها ، وهل هي
من وسائل النقل التي كَفل القانون حمايتها بالنص المُشَار إليه ، أم أنها غير ذلك
، والأفعال المادية التي أتاها الطاعنون وتَرتَّب عليها تَعطيل تلك الوسيلة ، أو
تَعريضها للخطر ، كما لم يَستظهر القصد الجنائي المُتطلَّب في هذه الجريمة ، وما يفيد تَعمُّد الطاعنين تَعريض تلك
الوسائل للخطر أو تَعطيلها ، الأمر الذي
يكون معه الحُكم المطعون فيه
مشوباً بالقصور في البيان - من هذه الناحية - أيضًا - . لمَّا كَان ذلك ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة
إحراز وحيازة أسلحة نارية " بنادق آلية " مما لا يجوز الترخيص
بحيازتها أو إحرازها ، وكَان من المُقرَّر أن مناط العقاب على جريمة إحراز وحيازة
الأسلحة النارية هو الحيازة المادية طالت أم قصرت ، ويَتحقق القصد الجنائي العام
المُتطلَّب في هذه الجريمة بإدراك وعلم الجاني بأنه يحوز ويحرز ذلك السلاح مما لا
يجوز له حيازته أو إحرازه ، وكَان الإحراز أو الحيازة في صحيح القانون يتم
بالاستيلاء على السلاح استيلاءً مادياً ، أو بسط سُلطان الجاني عليه ، مع علمه بأن الاستيلاء أو بسط السُلطان واقع
على سلاح مما لا يجوز حيازته أو إحرازه ، وكَان الحُكم المطعون قد أطلق
القول بإطلاق المُتظاهرين النار على قوات الأمن من أسلحة آلية ، ثم عاد فأورد أنه
تم ضبط سلاح أبيض مع أحد المُتَهمين ، وثلاثة أفردة خرطوش بمكان التَجمهُّر ،
بينما انتهى إلى ثبوت حيازتهم وإحرازهم للسلاح
الآلي - فقط - دون أن يعْن بتحديد من منهم قد ثبت في حقه إحراز أو حيازة تلك
الأسلحة الآلية مادياً أو بسط سُلطانه عليها ، فجاء قاصراً في بيان الرُكنين
المادي والمعنوي ، سيما وأنه لم يتم ضبط أي منهم مُحرزاً أو حائزاً لأسلحة آلية ،
كما خلا من دليل فني يُحدد نوع السلاح المُستَخدم في الإطلاق وصلاحيته للاستعمال ،
وهي من المسائل الفنية البحتة التي لا تَستطيع
المحكمة أن تشـــق طريقها فيها بنفسها ، الأمر الذي يعيبه من هذه الناحية - كذلك -
، فضلاً عن التنَاقُض ، والقصور في بيان
أركان تلك الجريمة ، مما يَتعيَّن معه نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين وللمحكوم
عليهما حضورياً " .... ، و.... " لاتصال أوجه الطعن التي بُني عليها
النقض بهما ، ودون كُل من الطاعن الواحد والثلاثين - الذي قُضي بعدم قبول طعنه
شكلاً - ، وباقي المحكوم عليهم معه في جُنحـــة السرقة - ، الخامس والتسعين ،
والسادس والتسعين ، والسابع والتسعين ، والثامن والتسعين ، والتاسع والتسعين ،
والمائة وواحد لصدور الحُكم عليهم في تلك الجُنحة المُستقلة عن باقي واقعات
الدعوى ، وباقي المحكوم عليهم لصدور الحُكم عليهم غيابياً من محكمة الجنايات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ