الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 20 مايو 2020

الطعن 538 لسنة 46 ق جلسة 27 / 2 / 1983 مكتب فني 34 ج 1 ق 124 ص 561

جلسة 27 من فبراير سنة 1983
برئاسة السيد المستشار محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة عبد العزيز فوده، وليم رزق بدوي، ومحمد لبيب الخضري.
---------------
(124)
الطعن رقم 538 لسنة 46 القضائية
(1) دفوع "الدفع بعدم القبول". نقض "المصلحة في الطعن". التزام. تضامن.
الحكم في التزام بالتضامن. اختصاص المتضامنين في الطعن المرفوع من أحدهم منضمين إليه في طلباته. إفادتهم من الطعن المرفوع منه. م 218 مرافعات.
(2 ، 3)  دستور. قانون. قضاه.
2 - مبدأ الفصل بين السلطات. المقصود به. تحقيق التوازن والتعاون بين السلطات وتوفير الحيدة لكل منها في مجال اختصاصها.
3 - سلطات الدولة شأنها شأن الأفراد. خضوعها لسيادة القانون. لكل مواطن حق التقاضي أمام قاضيه الطبيعي. التزام القاضي بإصدار حكمه وفقاً للقانون وإلا عد منكراً للعدالة.
(4)  اختصاص "الاختصاص الولائي".
اختصاص المحاكم العادية بالفصل في كافة المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص.
(5) دستور.
الحصانة البرلمانية. حصانة لأعمال المجلس وأخرى لأعضائه. ماهية ونطاق كل منهما.
(6 – 9) اختصاص "الاختصاص الولائي". قوة الأمر المقضيدستور. تعويض.
6 - اختصاص مجلس الشعب بالفصل في صحة العضوية. استثنائي. اكتساب قراره في شأنها حجية الأمر المقضي. شرطه.
7 - الفصل في المسائل المتعلقة بعملية الانتخاب وصحة إبداء الناخب رأيه. منوط بلجنة الفرز دون مجلس الشعب. قرار المجلس بصحة العضوية لا يتضمن فصلاً في قرار اللجنة. علة ذلك.
8 - قرار لجنة الفرز والمواعيد والإجراءات المتعلقة بتحقيق الطعن في صحة العضوية وإحالته إلى المجلس للفصل فيه. لا يحّصنُها قرار مجلس الشعب بصحة أو بطلان العضوية.
9 - إجراءات عملية الانتخابات وإحالة الطعن للمجلس على نحو مخالف للدستور والقانون. طلب التعويض عن الأضرار المادية والأدبية الناجمة عنها. انعقاده للمحاكم العادية.
10 - اختصاص "الاختصاص الولائي". قوة الأمر المقضي.
القضاء الصادر من جهة ذات اختصاص قضائي استثنائي في حدود اختصاصها. اكتسابه حجية الأمر المقضي به. شرطه. القرار الصادر من مجلس الشعب في صحة العضوية. لا يتضمن قضاء بصحة إجراءات عملية الانتخاب. علة ذلك.
(11 – 15) دستور. قانون "القانون الواجب التطبيق". بطلان. قرار إداري.
11 - مباشرة الناخب حقه في انتخاب أعضاء المجلس التشريعي. شرطه. أن يكون في نطاق العدد المطلوب. مخالفة ذلك. أثره. بطلان بطاقة إبداء الرأي الخاصة به. علة ذلك.
12 - قرار وزير الداخلية 2 سنة 1964 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 73 سنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية والقانون رقم 158 لسنة 1963 بشأن مجلس الأمة. سريانها على انتخابات مجلس الشعب التي تمت في 3/ 11/ 1971. علة ذلك.
13 - حكم المادة 15 من قرار وزير الداخلية رقم 2 سنة 1964. موافقته للقانونين 73 سنة 1956، 158 سنة 1963. مؤداه.
14 - مجلس الشعب. فصله في صحة عضوية أعضائه لا يكون إلا من خلال طعن مقدم إليه. م 93 من الدستور.
15 - عضوية مجلس الشعب. بطلانها. شرطه. صدور قرار من المجلس بأغلبية ثلثي أعضائه. القول بأن الطعن قاصر على تقرير صحة العضوية دون البطلان وأنه لا يستلزم هذه الأغلبية مخالف للدستور. علة ذلك.
--------------
1 - توجب المادة 218 من قانون المرافعات إذا كان الموضوع التزاماً بالتضامن اختصام المتضامنين في الطعن المرفوع من أحدهم لكي ينضم إليه في طلباته ويستفيد تلقائياً من الحكم الذي يصدر لصالحه في الطعن ومن ثم فإنه يكفي لكي يستفيد مجلس الشعب من الطعن أن يكون مختصماً فيه بصرف النظر عن وجود من ينوب عنه في ذلك وتكون مصلحة المطعون ضده في الدفع نظرية صرف, ولا يقبل دفع لا تكون لمبديه مصلحة حقيقية فيه.
2 - مقتضى مبدأ الفصل بين السلطات أن يكون بين السلطات الثلاث تعاون وأن يكون لكل منها رقابة على الأخرى في نطاق اختصاصها بحيث يكون نظام الحكم قائماً على أساس أن السلطة تحد السلطة فتعمل كل سلطة في نطاق وظيفتها على وقف السلطة الأخرى عن تجاوز حدود سلطتها القانونية فيؤدي ذلك إلى تحقيق حريات الأفراد وضمان حقوقهم واحترام القوانين وحسن تطبيقها تطبيقاً عادلاً وسليماً.
3 - مؤدى نصوص المواد 64، 65، 68، 57، 62 من الدستور أن الدولة بجميع سلطاتها تخضع للقانون شأنها شأن الأفراد فلا سيادة لأحد فوق القانون وأن لكل مواطن الحق في التقاضي وفي أن يلجأ إلى قاضيه الطبيعي مطالباً بحقه فيصدر القاضي حكمه وفقاً للقانون وإلا اعتبر منكراً للعدالة ومرتكباً لجريمة يعاقب عليها القانون ولا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية عنها بالتقادم.
4 - المحاكم هي صاحبة الولاية العامة للقضاء فتختص بالفصل في كافة المنازعات أياً كان نوعها وأياً كان أطرافها ما لم تكن إدارية أو يكون الاختصاص بالفصل فيها مقرراً بنص الدستور أو القانون لجهة أخرى استثناء لعلة أو لأخرى فليست العبرة بثبوت العلة وإنما بوجود النص.
5 - مؤدى نص المادتين 86، 98 من الدستور أن الحصانة البرلمانية نوعان حصانة لأعمال المجلس البرلمانية مقيدة بأن يكون العمل قد تم على الوجه المبين في الدستور وحصانة مطلقة لأعضاء المجلس تمنع مؤاخذتهم عما يبدونه من الأفكار والآراء في أداء أعمالهم في المجلس أو في لجانه ولو تجاوزوا فيها حدود القانون، وهذه الحصانة بنوعيها استثنائية لا يتوسع فيها ولا يقاس عليها.
6 - مؤدى نص المادة 93 من الدستور أن اختصاص مجلس الشعب بالفصل في صحة عضوية أعضائه اختصاص استثنائي فلا يتوسع ولا يقاس عليه فيقتصر على الطعن في صحة العضوية به ويكون لقراره في شأنها حجية الأمر المقضي به طبقاً لشروط الحجية المنصوص عليها في المادة 101 إثبات.
7 - ناطت المادة 35 من القانون رقم 73 سنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية إلى لجان الفرز الاختصاص بالفصل في جميع المسائل المتعلقة بعملية الانتخاب وفي صحة إبداء كل ناخب رأيه أو بطلانه ولم يخص الدستور مجلس الشعب بالفصل في صحة قرارها، وإنما يكون عرضه عليه عند فصله في صحة عضوية أعضائه لا للفصل في صحته وإنما كعنصر من عناصر التحقيق في الطعن الذي ينظره، شأنه في ذلك شأن قرار محكمة النقض فيما تجريه من تحقيق في الطعن، وأي من القرارين - قرار لجن الفرز وقرار محكمة النقض - يخضع لتقدير المجلس ولكن لا يجوز الحجية ولو صدر قرار المجلس بصحة العضوية أو بطلانها على مقتضاه.
8 - قرار مجلس الشعب بصحة أو بطلان العضوية هو الذي يحوز الحجية.. ولا يتعداها إلى قرار لجنة الفرز بصحة إبداء الناخب رأيه أو بطلانه والمواعيد والإجراءات المتعلقة بتحقيق الطعن وإحالته إلى المجلس للفصل فيه والإصرار على نظر الطعن ورفض طلب التأجيل فهذه لا تحصنها حجية الأمر المقضي وإنما الذي يحصنها هو أن تكون قد تمت على الوجه المبين بالدستور فلا تكون قد خالفت نصاً فيه أو نصاً في قانون أحال عليه في شأنها فإذا ما تبين من أن أياً منها قد خالف الدستور أو القانون فيكون قد فقد سند مشروعيته واستحال إلى عمل غير مشروع إذا ما تسبب عنه ضرر يستحق معه من أصابه الضرر التعويض عنه طبقاً للقانون ويكون سبيله للحصول على حقه هو اللجوء إلى قاضيه.
9 - إذ كان المطعون ضده لم يلجأ إلى المحاكم للطعن في قرار مجلس الشعب بصحة عضوية منافسه الذي حاز حجية الأمر المقضي فإن هذه الحجية لا تتعدى إلى صحة إبداء الناخب لرأيه أو بطلانه أو الالتزام بأحكام الدستور في المواعيد والإجراءات المتعلقة بتحقيق الطعن وإحالته إلى المجلس للفصل فيه ورفض طلب التأجيل، كما لم يلجأ للمحاكم لمؤاخذة عضو من أعضاء المجلس عن إبداء فكره ورأيه، وإنما لجأ للمحاكم للمطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته بسبب أن هذه الأعمال المشار إليها غير مشروعة لمخالفتها للدستور وأحكام القانون، ولئن كان من بينها ما هو منسوب لمجلس الشعب وصدرت منه أثناء توليه لأعماله إلا أنه متى ثبت أنها لم تتم على الوجه المبين بالدستور فقدت سند مشروعيتها وأضحت أعمالاً غير مشروعة إذا ما تسبب عنها ضرر كان لمن أصابه الضرر الحق في التعويض عنه، ولما كان الاختصاص بذلك غير معقود بنص الدستور أو القانون لمجلس الشعب أو لأية جهة أخرى استثناء ولا يعتبر منازعة إدارية فهو باقي للمحاكم على أصل ولايتها العامة.
10 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القضاء الصادر من جهة ذات اختصاص قضائي استثنائي في حدود اختصاصها تكون له حجية الأمر المقضي به شأن سائر أحكام المحاكم إلا أن ذلك مشروط بأن يكون ما يحتج به الخصوم هو القرار القضائي الذي فصل في الحق محل المنازعة وأن الذي يحوز الحجية هو منطوق القرار والأسباب المرتبطة به ارتباطاً لا يقبل التجزئة وقرار مجلس الشعب في صحة عضوية أعضائه غير مرتبط بأسباب يبنى عليها ولا يتوقف نظر المجلس للطعن على القضاء بصحة إجراءات التحقيق أو إجراءات إحالة الطعن إلى المجلس وعرضه عليه لنظره ومن ثم فإن قرار المجلس بصحة العضوية أو بطلانها لا يتضمن قضاء بصحة الإجراءات المذكورة وإذ كانت هذه الأمور تعرض على المجلس عند فصله في الطعن فهي تعرض عليه لا للفصل فيها وإنما لتكون تحت نظره وتخضع لتقديره فإن القول بأن قرار مجلس الشعب لا ينفصل عن إجراءاته قول لا أساس له من الدستور أو القانون.
11 - متى نص القانون على أن ينتخب من كل دائرة انتخابية عدد معين من الأعضاء في المجلس التشريعي فإن ذلك خطاب من الشارع إلى كل ناخب في الدائرة بأن يباشر حقه السياسي في انتخاب أعضاء المجلس على هذا الوجه من العدد المطلوب فإذا خالف الناخب ذلك فإنه لا يكون قد باشر حقه السياسي وفقاً للقانون وتكون بطاقة إبداء الرأي الخاصة به باطلة لأنها لا تعبر عن مباشرته لحقه السياسي كما أراده الشارع يستوي في ذلك أن يكون قد ترك البطاقة بيضاء أو علق رأيه فيها على شرط أو كان قد انتخب أكثر أو أقل من العدد المقرر.
12 - يبين من استقراء نصوص القوانين المتعاقبة المعنية بالحقوق السياسية ومباشرتها وعلى القانون رقم 73 سنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية والقانون رقم 246 سنة 1956 بشأن عضوية مجلس الأمة وقرار المؤتمر الوطني للقوى الشعبية في 30/ 6/ 1962 وقرار الميثاق الوطني والقانون رقم 158 سنة 1963 في شأن مجلس الأمة المعدل بالقانون رقم 172 سنة 1963 ودستور 25 مارس سنة 1964 وأخيراً دستور جمهورية مصر العربية الصادر في سبتمبر سنة 1971 أن قرار وزير الداخلية رقم 2 سنة 1964 صحيح وغير مخالف للقانون وأن أحكامه هي الواجبة التطبيق على عملية الانتخاب محل هذا الطعن التي تمت في 3/ 11/ 1971 إذ أن القانون رقم 73 سنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية نظم عملية الانتخاب في وقت لم يكن للناخب فيه أن ينتخب غير عضو واحد وقد نص القانون رقم 246 سنة 1956 على ذلك بالنسبة لمجلس الأمة وهذا العضو الواحد هو الحد الأدنى ولا حد أدنى له سواه يمكن للناخب أن ينزل عنه ومن ثم فلم يكن القانون رقم 73 سنة 1956 المنظم لعملية الانتخاب في حاجة لأن يبطل الرأي الذي يعطى لأقل من العدد المقرر إذ لن يكون هناك على الإطلاق رأي أقل من الرأي الواحد حتى ينص على إبطاله فكان النص على ذلك حينئذ عبث ولا تستفاد صحة هذا الأقل المعدوم أصلاً من نص المادة 33 من القانون 73 سنة 1956 فلما صدر القانون رقم 158 سنة 1963 في شأن مجلس الأمة ووضع تنظيماً جديداً للمجلس التشريعي ونص فيه على أن يتألف المجلس من 350 عضواً يكون نصفهم على الأقل من بين العمال والفلاحين كما نص على أن ينتخب عن كل دائرة انتخابية عضوان في المجلس كان لابد من مواجهة ما استحدث به بلائحة تنفيذية جديدة للقانونين رقم 73 سنة 1956 ورقم 158 لسنة 1963 معاً إذ أصبح كل منهما مكملاً للآخر فصدر قرار وزير الداخلية رقم 2 سنة 1964 بإجراءات ترشيح وانتخاب أعضاء المجلس التشريعي على النحو المبين في القانونين معاً لما هو واضح في ديباجته ونصوصه من الإحالة إليهما معاً ولأنه ألغى في المادة 20 منه القرار رقم 25 سنة 1957 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 246 سنة 1957 بشأن عضوية مجلس الأمة قبل تنظيمه بالقانون رقم 158 سنة 1963 الذي أعاد تنظيم هذا المجلس، وإذ نصت المادة 15 من اللائحة التنفيذية الجديدة للقانونين 73 سنة 1956، 158 سنة 1963 الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 2 سنة 1964، على أن تعتبر بطاقة إبداء الرأي باطلة إذا انتخب الناخب أكثر أو أقل من مرشحين وكان هذه الحكم من شقين أولهما ترديد للحكم المنصوص عليه في المادة 33 من القانون رقم 73 سنة 1956 بشأن انتخاب أكثر من العدد المقرر، وثانيهما حكم مكمل له بشأن انتخاب أقل من العدد المقرر وهو ما أصبح لازماً في ظل القانون رقم 158 سنة 1963 ولم يكن متصوراً عقلاً عند صدور القانون رقم 73 سنة 1956 والقانون رقم 246 سنة 1956 فإن هذا الحكم الجديد بشقيه هو الذي واجه به المشرع عملية انتخاب أعضاء المجلس التشريعي بتنظيمه الجديد ولما كان دستور مارس سنة 1964 قد التزم في تنظيمه لمجلس الشعب نفسه القاعدة التي تقررت بقانون مجلس الأمة رقم 158 سنة 1963 من أن يكون نصف أعضاء المجلس على الأقل من العمال والفلاحين فإن إحالته في المادة 49 منه على القانون في بيان شروط العضوية وأحكام الانتخاب تعني القانون رقم 73 سنة 1956 والقانون رقم 158 سنة 1963 واللائحة التنفيذية لهما معاً الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 2 سنة 1964، ولئن كان دستور سبتمبر سنة 1971 قد غير اسم المجلس التشريعي من مجلس الأمة إلى مجلس الشعب فذلك لا ينفي عن المجلس ماهيته وأن هذا الدستور قد التزم في نصوصه نفس القاعدة بأن يكون نصف أعضاء المجلس من العمال والفلاحين وهي القاعدة التي تقررت بالمادة الأولى من القانون رقم 158 سنة 1963 وصدر هذا القانون في شأن تنظيم المجلس على أساسها ولم يكن قد صدر قانون آخر بتنظيم مجلس الشعب فتكون الإحالة بالمادة 88 من الدستور المذكور إلى القانون رقم 73 سنة 1956 مكملاً بالقانون رقم 158 سنة 1963 ولائحته التنفيذية خاصة وأن المادة 191 من الدستور نفسه نصت على أن كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور يبقى صحيحاً ونافذاً ما لم يلغ بالإجراءات المقررة بالدستور، مؤدى ذلك أن القانون رقم 73 سنة 1956 والقانون رقم 158 سنة 1963 وقرار وزير الداخلية رقم 2 سنة 1964 باللائحة التنفيذية لهما معاً تبقى نافذة ويكون القول بأن القرار المذكور باطل لمخالفته حكم المادة 33 من القانون 73 سنة 1956 لا أساس ولا سند له من القانون.
13 - جاء حكم المادة 15 من قرار وزير الداخلية رقم 2 سنة 1964 الذي يقضي ببطلان بطاقة إبداء الرأي إذا انتخب الناخب أكثر أو أقل من مرشحين موافقاً لحكم القانون رقم 73 سنة 1956 فيما نصت علية المادة 33 منه من بطلان الآراء التي تعطي لأكثر من العدد المقرر وغير مخالف له في بطلان الآراء التي تعطى لأكثر من العدد المقرر وغير مخالف له في بطلان الآراء التي تعطى لأقل من العدد المقرر إذ لم يرد فيه صراحة أن مثل هذه الآراء تكون صحيحة ولا يستفاد منه ذلك لأن محل الحكم وهو العدد الأقل من واحد لم يكن متصوراً حينئذ بل كان معدوماً ولا يستنتج الحكم المعدوم ومن ثم تكون صحة قرار وزير الداخلية رقم 2 سنة 1964 غير متوقفة على الحكم بعدم دستورية القانون رقم 73 سنة 1956 يضاف إلى ذلك أن المادة المذكورة موافقة لحكم القانون رقم 158 سنة 1963 وهو قانون لاحق يقضي بانتخاب عضوين في المجلس التشريعي عن كل دائرة انتخابية مما مؤداه أن تكون باطلة الآراء التي تعطى لأقل أو أكثر من العدد المقرر وتكون صحة القرار سالف الذكر غير متوقفة على عدم دستورية القانون رقم 158 سنة 1963 أيضاً ويكون تطبيق الحكم المطعون فيه للقرار ليس معناه القضاء بعدم دستورية أي من القانونين المذكورين.
14 - مؤدى نص المادة 93 من الدستور أن مجلس الشعب لا يفصل في صحة عضوية أعضائه إلا من خلال فصله في طعن مقدم فيها فإذا لم يكن طعن فهي باقية على أصلها من الصحة عندما أعلن انتخاب المرشح فلا يلزم أبداً عرض صحة العضوية على المجلس لتقريرها يؤكد ذلك أن نص المادة المذكورة أوجب إحالة الطعن لا إحالة صحة العضوية إلى محكمة النقض لتحقيقه وأوجب أن تعرض نتيجة التحقيق والرأي الذي انتهت إليه المحكمة على المجلس للفصل في صحة الطعن لا للفصل في صحة العضوية التي لم تكن تحتاج إلى فصل فيها لولا وجود الطعن.
15 - قررت المادة 93 من الدستور أن العضوية لا تعتبر باطلة إلا بقرار يصدر من المجلس بأغلبية ثلثي أعضائه ويستحيل أن تتحقق هذه الأغلبية من المجلس مشكلاً بأقل من ثلثي أعضائه ولا يكون هذا التشكيل الأقل صالحاً لنظر الطعن أياً كانت النتيجة التي انتهت إليها اللجنة التشريعية لأن رأي اللجنة التشريعية غير ملزم للمجلس والقول بغير ذلك من أن صحة العضوية التي انتهت إليها اللجنة هي التي تعرض وحدها على المجلس لا تحتاج إلا للأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين فيه ارتداد إلى الأصل المقرر بإعلان انتخاب المرشح للعضوية والذي لم يكن في حاجة على تقريره من المجلس وفيه مصادرة للمجلس على حقه في نظر الطعن لأن موضوع الطعن هو بطلان العضوية أما صحة العضوية فهي الأثر الحتمي لرفض الطعن بقاء على الأصل ومن ثم فلا تنظر للطعن بنظر صحة العضوية دون نظر بطلانها ولا تنظر لبطلان العضوية إذا كان المجلس مشكلاً بأقل من ثلثي أعضائه؛ إذ لا يستطيع المجلس بهذا التشكيل أن يقررها ولو أبدى الأعضاء الحاضرون جميعهم الرأي إلى جانبها وإذا تأجل نظرها تغير التشكيل وتغيرت مداولات الأعضاء فلا يتحد الأساس الذي بني عليه أخذ الرأي في طعن واحد في جلستين اختلف فيهما القضاة وهم الأعضاء واختلفت المداولات إذ يدخل في التشكيل الجديد قضاة جدد لم يشتركوا في المداولة السابقة وقد يخرج منه قضاة لا يشتركون في المداولة الجديدة، وإذا كان قرار المجلس رغم بطلانه قد تحصن بقوة الأمر المقضي، فإن ذلك لا ينفي أن الإصرار على نظر الطعن والمجلس بتشكيله الأقل من ثلثي أعضائه تم على وجه مخالف للدستور يؤكد ذلك أن الفصل في النزاع يقتضي أن يكون وجها الرأي فيه مطروحين معاً على الهيئة ذات الاختصاص القضائي بتشكيلها الصالح لتقرير أي منهما فإذا كان المعروض أحدهما لتقريره وحده انتفى الفصل والحسم لأن الفصل والحسم إنما يكون فصلاً بين الأمرين في حالة وجودهما معاً والحسم يقتضي إزالة أحدهما ليبقى الآخر وبغير ذلك لا يتحقق غرض الدستور من الفصل في صحة العضوية.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 4276 سنة 1973 مدني كلي جنوب القاهرة بمطالبة الطاعنين وآخر متضامنين بمبلغ 30000 جنيه، وقال شرحاً لدعواه إنه يستحق قبلهم هذا المبلغ تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته من جراء الأخطاء الدستورية والقانونية الجسيمة التي شابت عملية فرز الأصوات وإجراءات فحص طعنه وعرضه على مجلس الشعب والتي انتهت إلى عدم نجاحه في الوصول إلى عضوية مجلس الشعب وفوز منافسه بدون وجه حق رغم انتهاء التحقيق الذي أجرته محكمة النقض إلى بطلان الأصوات المرجحة لفوز منافسه، ولذا فقد أقام دعواه بطلباته السالفة البيان، وفي 9/ 6/ 1974 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي والدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة لوزارتي الداخلية والحربية، وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لوزارة المالية، وبرفض الدفع بسقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم، وبإلزام وزيري الداخلية والحربية ورئيس مجلس الشعب بصفاتهم بأن يدفعوا متضامنين للمدعي مبلغ 10000 جنيه. استأنفت إدارة قضايا الحكومة الحكم بالاستئناف رقم 3913 سنة 91 ق نيابة عن الطاعنين، واستأنفه محام موكل عن رئيس مجلس الشعب بصفته بالاستئناف رقم 3917 سنة 91 ق. كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 3945 سنة 91 ق القاهرة. وبجلسة 19/ 4/ 1976 حكمت المحكمة بعدم قبول الاستئناف رقم 3917 سنة 91 ق لرفعه بغير الطريق القانوني وفي الاستئنافين 3993 سنة 91 ق و3945 سنة 91 ق القاهرة برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف. طعنت إدارة قضايا الحكومة في هذا الحكم بطريق النقض نيابة عن الطاعنين وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها دفع وكيل المطعون ضده بعدم قبول الطعن من إدارة قضايا الحكومة نيابة عن مجلس الشعب، والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع من المطعون ضده أن إدارة قضايا الحكومة لا تنوب عن مجلس الشعب إذ أن قانون تنظيمها حدد الجهات التي تنوب عنها بأنها الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية ولا يدخل فيها مجلس الشعب لأن الدستور عرف الحكومة في المادة 153 منه بأنها الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة وتتكون من رئيس الوزراء ونوابه الوزراء ونوابهم.
وحيث إن الدفع - أياً ما كان موجه الرأي فيه - غير منتج لأن المطعون ضده طلب الحكم على الطاعنين متضامنين بمبلغ التعويض عملاً بالمادة 169 من القانون المدني وصدر الحكم المطعون فيه عليهم بذلك، وتوجب المادة 218 من قانون المرافعات إذا كان الموضوع التزاماً بالتضامن اختصام المتضامنين في الطعن المرفوع من أحدهم كي ينضم إليه في طلباته ويستفيد تلقائياً من الحكم الذي صدر لصالحه في الطعن، ومن ثم فإنه يكفي لكي يستفيد مجلس الشعب من الطعن أن يكون مختصماً فيه بصرف النظر عن وجود من ينوب عنه في ذلك، وتكون مصلحة المطعون ضده في الدفع نظرية صرف, ولا يقبل دفع لا تكون مصلحة حقيقية فيه.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الأول والثالث والوجهين الرابع والخامس من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الأصول الدستورية العامة ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إن نظام الحكم في الدولة يقوم على أساس مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وقد ناط الدستور في المادة 12 منه الاختصاص بشأن صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب للمجلس نفسه وقرارات المجلس في ذلك من قبيل الأعمال البرلمانية التي تنأى عن مسئولية الدولة في التعويض عنها أياً ما مكان وجه الرأي فيها، ولا يجوز أن يفسر سكون الدستور عن تنظيم طريق للطعن في قرارات المجلس سواء بالإلغاء أو بالتعويض بأنه يسمح للقضاء بأن يمارس رقابة على هذه القرارات، ولما كان طلب التعويض عن قرار المجلس هو بديل عن إلغائه وكلاهماً وجهان لعملة واحدة باعتبار أن الفصل في طلب التعويض يتعرض للقرار ذاته، فلا يتصور الفصل بين القرار وإجراءاته التي بني عليها، وإذ كان في قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض ما يعني مساءلة الدولة عن التعويض عن عمل مجلس الشعب البرلماني كما يمس القرار الذي أصدره مجلس الشعب بصحة عضوية أحد أعضائه وفيه معنى استعداء القضاء على حق مجلس الشعب واختصاصه بالطعن في صحة انتخاب أعضائه بما يهدر مبدأ الفصل بين السلطات، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بمخالفة الأصول الدستورية العامة ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب بما يؤدي إلى نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك لأن مبدأ الفصل بين السلطات ليس معناه إقامة سياج مادي يفصل فصلاً تاماً بين سلطات الحكم ويحول دون مباشرة كل منه لوظيفتها بحجة المساس بالأخرى، وإنما معناه توزيع وظائف الحكم الرئيسية التشريعية والتنفيذية والقضائية، على هيئات منفصلة ومتساوية تستقل كل منها عن الأخرى في مباشرة وظيفتها حتى لا تتركز السلطة في يد واحدة فتسيء استعمالها وتستبد بالمحكومين استبداداً ينتهي بالقضاء على حريات الأفراد وحقوقهم، ومن ثم فإن من مقتضى مبدأ الفصل بين السلطات أن يكون بين السلطات الثلاث تعاون وأن يكون لكل منها رقابة على الأخرى في نطاق اختصاصها بحيث يكون نظام الحكم قائماً على أساس أن السلطة تحد السلطة فتعمل كل سلطة في نطاق وظيفتها على وقف السلطة الأخرى عن تجاوز حدود سلطتها القانونية فيؤدي ذلك إلى تحقيق حريات الأفراد وضمان حقوقهم واحترام القوانين وحسن تطبيقها تطبيقاً عادلاً وسليماً، فهذا ما يتفق وحكمة الأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات التي هي تحقيق التعاون بين السلطات وتوفير الحيدة لكل منها في مجال اختصاصها، وإذا كان قد تفرع عن مبدأ الفصل بين السلطات مبدأ آخر هو عدم مسئولية الدولة عن الأعمال البرلمانية التي تصدر من المجلس التشريعي أو هيئاته أو أعضائه في أداء وظيفتهم، فإن ذلك إنما يكون طبقاً لما نص عليه الدستور الذي يبين طريقة الحكم ويحدد علاقة سلطاته بعضها ببعض، ويبين من استقراء نصوص الدستور أنه كما ورد بوثيقة إعلانه التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ منه - يقوم على أساس سيادة القانون "ليس باعتبارها ضماناً مطلوباً لحرية الفرد فحسب لكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة في نفس الوقت"، وفي الباب الرابع منه وعنوانه " - سيادة القانون" تنص المادة 64 على أن "سيادة القانون أساس الحكم في الدولة". كما تنص المادة 65 على أن "تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانتان أساسيتان لحماية الحقوق والحريات" وتنص المادة 68 على أن "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي.. ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء"، وفي باب "الحريات والحقوق والواجبات العامة" وورد نص المادة 57 متضمناً أن "كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخارجية للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء"، كما تضمنت المادة 62 من ذات الباب أن "للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون، ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني"، كما يبين من النصوص الواردة في باب نظام الحكم في الدولة أنه يقوم على سلطة تشريعية يتولاها - أصلاً - مجلس الشعب، وسلطة تنفيذية تتولاها الحكومة برئيسها ووزرائها ووحداتها الإدارية المختلفة ومهمتها الأساسية تنفيذ القوانين، وسلطة قضائية تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون، ومؤدى ذلك كله مجتمعاً أنه طبقاً لأحكام الدستور فإن الدولة بجميع سلطاتها تخضع للقانون شأنها شأن الأفراد فلا سيادة لأحد فوق القانون وأن لكل مواطن الحق في التقاضي وفي أن يلجأ إلى قاضيه الطبيعي مطالباً بحقه فيصدر القاضي حكمه وفقاً للقانون وإلا اعتبر منكراً للعدالة ومرتكباً لجريمة يعاقب عليها القانون ولا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية عنها بالتقادم وقد نص الدستور على أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون ونصت المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 46 سنة 1972 على أنه "فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة، تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما استثنى بنص خاص"، وبذلك تكون المحاكم هي صاحبة الولاية العامة للقضاء فتختص بالفصل في كافة المنازعات أياً كان نوعها وأياً كان أطرافها ما لم تكن إدارية أو يكون الاختصاص بالفصل فيها مقرراً بنص الدستور أو القانون لجهة أخرى استثناء لعلة أو لأخرى فليست العبرة بثبوت العلة وإنما بوجود النص، ولازم ذلك أولاً: أنه إذا لم يوجد نص في الدستور أو القانون يجعل الاختصاص بالفصل في النزاع لجهة أخرى غير المحاكم، فإن الاختصاص بالفصل يكون باقياً للمحاكم على أصل ولايتها العامة حتى لا يحرم صاحب الحق فيه من التقاضي بشأنه، ثانياً: أن فصل الجهة - غير المحاكم - في نزاع تختص بالفصل في غير عمل قضائي له كل خصائص العمل القضائي ولا يسلبه اختصاصها به طبيعته الأصلية فيكون لقرارها القضائي حجية الأمر المقضي به طبقاً للقانون، ثالثاً: أن أي عمل يتعلق به حق لأحد لا يتحصن ضد التقاضي ابتغاء حصول صاحب الحق عليه إلا بنص في الدستور لأن الدستور هو الذي كفل حق التقاضي وحق اللجوء إلى القاضي، رابعاً: أن اختصاص أية جهة غير المحاكم بالفصل في نزاع ما اختصاص استثنائي وأن تحصين أي عمل ضد التقاضي في شأنه إذا ما تعلق به حق لأحد أمر استثنائي، ومن المقرر أن الاستثناء يفسر تفسيراً ضيقاً وحصرياً فلا يجوز التوسع فيه ولا القياس عليه. لما كان ذلك، وكان الدستور قد حدد عمل مجلس الشعب كسلطة تشريعية من سلطات الحكم بما نص عليه في المادة 86 منه من أنه "يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع، وتقرير السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك على الوجه المبين في الدستور" ونص صراحة على الحصانة لأعضاء المجلس بما نص عليه في المادة 98 منه من أنه "لا يؤاخذ أعضاء مجلس الشعب عما يبدونه من الأفكار والآراء في أداء أعمالهم في المجلس أو في لجانه" فإن مؤدى ذلك أن الحصانة البرلمانية نوعان حصانة لأعمال المجلس البرلمانية مقيدة بأن يكون العمل قد تم على الوجه المبين في الدستور طبقاً لما تقضي به المادة 86 منه التي حصرت وعددت هذه الأعمال ونصت على أن يتولاها المجلس على الوجه المبين بالدستور، وحصانة مطلقة لأعضاء المجلس تمنع مؤاخذتهم عما يبدونه من الأفكار والآراء في أداء أعمالهم في المجلس أو في لجانه ولو تجاوزوا فيها حدود القانون، وهذه الحصانة بنوعيها استثنائية لا يتوسع فيها ولا يقاس عليها، وإذ نص الدستور في المادة 93 منه على أن يختص المجلس بالفصل في صحة عضوية أعضائه فإن هذا الاختصاص القضائي الاستثنائي لا يتوسع فيه ولا يقاس عليه فيقتصر على الطعن في صحة العضوية به ويكون قرار المجلس في شأنها حجية الأمر المقضي به طبقاً لشروط الحجية المنصوص عليها في المادة 101 من قانون الإثبات، ومن ثم فإنه ولئن كان لعمل مجلس الشعب البرلماني حصانة ولعمل مجلس الشعب القضائي حجية، فإن ذلك مشروط بأن يكون العمل البرلماني قد تم على الوجه المبين في الدستور وأن يكون العمل القضائي قد توافرت له شروط الحجية، والحجية لا تكون إلا للحكم أن القرار القضائي فيما فصل فيه من الحقوق، والحكم أو القرار القضائي هو ما يعبر به المجلس عن فكره في استعماله للسلطة القضائية فيما يختص ولائياً بالفصل فيه. لما كان ذلك، وكان ما خُصَّ المجلس بالفصل فيه استثناء هو صحة عضوية أعضائه، فإن ذلك لا يتعدى صحة العضوية إلى عملية فرز الأصوات التي ناطها القانون رقم 73 سنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية بلجان الفرز ونص في المادة 35 منه على أن تفصل لجنة الفرز في جميع المسائل المتعلقة بعملية الانتخاب وفي صحة إبداء كل ناخب رأيه أو بطلانه، ولم يخص الدستور مجلس الشعب بالفصل في صحة قرارات لجنة الفرز، وإنما يكون عرض قرار لجنة الفرز على مجلس الشعب عند فصله في صحة عضوية أعضائه لا للفصل في صحته وإنما كعنصر من عناصر التحقيق في الطعن الذي ينظره شأنه في ذلك شأن قرار محكمة النقض فيما تجريه من تحقيق في الطعن. وأي من القرارين - قرار لجنة الفرز وقرار محكمة النقض يخضع لتقدير المجلس ولكن لا يجوز الحجية ولو صدر قرار المجلس بصحة العضوية أو بطلان على مقتضاه، وإنما الذي يحوز الحجية هو قرار المجلس بصحة أو بطلان العضوية فهو الذي عبَّر به عن فكره القضائي في استعمال السلطة القضائية الاستثنائية، وهو القرار الذي فصل في الحق محل النزاع الذي هو صحة العضوية لا يتعداها إلى قرار لجنة الفرز بصحة إبداء الناخب رأيه أو بطلانه كما تقدم به القول ولا إلى غير ذلك من المواعيد والإجراءات المتعلقة بتحقيق الطعن وإحالته إلى المجلس للفصل فيه والإصرار على نظر الطعن ورفض طلب التأجيل، فهذه لا تحصِّنها حجية الأمر المقضي فيه وإنما الذي يحصنها هو أن تكون قد تمت على الوجه المبين بالدستور فلا تكون قد خالفت نصاً فيه أو نصاً في قانون أحال عليه في شأنها، فإذا ما تبين أن أياً منها قد خالف الدستور أو القانون فيكون قد فقد سند مشروعيته واستحال إلى عمل غير مشروع إذا ما تسبب عنه ضرر يستحق معه من أصابه الضرر التعويض عنه طبقاً للقانون، ويكون سبيله للحصول على حقه هو اللجوء إلى قاضيه، فإذا كان الاختصاص بالفصل في التعويض المطلوب لمجلس الشعب أو ولاية جهة أخرى غير المحاكم كان سبيله للتقاضي في شأنه إلى هذه الجهة، أما إذا لم يكن الاختصاص قد تقرر لمجلس الشعب أو لأية جهة قضائية استثنائية أخرى فإن الاختصاص يكون باقياً للمحاكم على أصل ولايتها العامة للقضاء، فإذا أضيف إلى من تقدم أن الضمانات العامة التي كفلها الدستور للأفراد مقدمة على الضمانات المكفولة لأية سلطة من سلطات الحكم وآية ذلك أن الدستور نص عليها في الأبواب الثاني والثالث والرابع منه مقدمة على نظام الحكم بسلطاته المختلفة الذي نص عليه في الباب الخامس وجاءت السلطة التشريعية "مجلس الشعب" في الفصل الثاني من هذا الباب، يؤكد ذلك أن الدستور صادر من الشعب كمنحة منه لنفسه لتحقيق ما جاء في مقدمته ومن بينه الحرية للإنسان المصري وعزته وكرامته وسيادة القانون باعتبارها لأساس الوحيد لمشروعية السلطة، لما كان ما تقدم، كان المطعون ضده لم يلجأ إلى المحاكم للطعن في قرار مجلس الشعب بصحة عضوية منافسه الذي حاز حجية الأمر المقضي وعلى ما تقدم به القول، فإن هذه الحجية لا تتعدى إلى الأمور المتقدم ذكرها من صحة إبداء الناخب لرأيه أو بطلانه أو الالتزام بأحكام الدستور في المواعيد والإجراءات المتعلقة بتحقيق الطعن وإحالته إلى المجلس للفصل فيه ورفض طلب التأجيل، كما لم يلجأ للمحاكم لمؤاخذة عضو من أعضاء المجلس عن إبداء فكره ورأيه، وإنما لجأ للمحاكم للمطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته بسبب أن هذه الأعمال المشار إليها غير مشروعة لمخالفتها للدستور وأحكام القانون، ولئن كان من بينها ما هو منسوب لمجلس الشعب وصدرت منه أثناء توليه لأعماله إلا أنه متى ثبت أنها لم تتم على الوجه المبين بالدستور، فقدت سند مشروعيتها وأضحت أعمالاً غير مشروعة إذا ما تسبب عنها ضرر كان لمن أصابه الضرر الحق في التعويض عنه، ولما كان الاختصاص بذلك غير معقود بنص الدستور أو القانون لمجلس الشعب أو لأية جهة أخرى استثناء ولا يعتبر منازعة إدارية فهو باق للمحاكم على أصل ولايتها العامة، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه صحيحاً في القانون على ما سيأتي في الرد على باقي أسباب الطعن إلى أن الأعمال المنسوبة لمجلس الشعب قد تمت على خلاف ما تقضي به أحكام الدستور ومن ثم فقد سند مشروعيتها وأصبحت أعمالاً غير مشروعة لا حصانة لها ضد التقاضي في شأن تعويض من أصابه ضرر منها عن هذا الضرر، فإنه لا يكون قد خالف الأصول الدستورية العامة ولا أحكام القانون بل يكن قد انتهى إلى نتيجة سديدة في القانون ومحمولة على ما يكفي لحملها وبحسبه ذلك فلا يؤدي على نقضه ما يكون قد تزيَّد به وغير لازم لقضائه الذي يبقي قائماً ومحمولاً بدونه.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني والوجه الأول من السبب الرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والتناقض في الأسباب، وفي بيان ذلك يقولون إن اختصاص مجلس الشعب بالفصل في صحة العضوية يعتبر عملاً قضائياً خصه به الدستور ومن ثم حكماً له حجية الأحكام لا ينفصل عن إجراءاته وإذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن قرر بأن ليس للقضاء اختصاص في مراقبة ما يصدره المجلس من قرارات بصحة أو بطلان العضوية أهدر حجيته وقضى بأن القرار الصادر في هذا الشأن لا يحوز حجية الشيء المحكوم فيه، فإنه يكون فضلاً عن مخالفة القانون قد عابه التناقض.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأنه ولئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القضاء الصادر من جهة ذات اختصاص قضائي استثنائي في حدود اختصاصها تكون له حجية الأمر المقضي به شأن أحكام المحاكم إلا أن ذلك مشروط كما تقدم في الرد على السببين الأول والثالث والوجهين الرابع والخامس من السبب الرابع من أسباب الطعن بأن يكون ما يحتج به الخصوم هو القرار القضائي الذي فصل في الحق محل المنازعة فذلك هو الذي يعبَّر به القاضي عن فكره القضائي في ممارسته لسلطته القضائية، ولما كان ما نص عليه الدستور هو اختصاص مجلس الشعب بالفصل في صحة عضوية أعضائه، فإن قراره في ذلك بصحة العضوية أو ببطلانها هو الذي يحوز الحجية وأن هذه الحجية لا تتسع لتشمل قرار لجنة الفرز بصحة إبداء الناخب لرأيه أو بطلانه ولا لتجاوز المواعيد المنصوص عليها بالدستور لتحقيق الطعن وبحث اللجنة التشريعية له وقرارها فيه وإجراءات تحقيق الطعن وإحالته إلى المجلس وعرضه عليه لنظره والإصرار على ذلك ورفض طلب التأجيل وهى الأمور التي نعى عليها المطعون ضده مخالفتها للدستور والقانون، يضاف إلى ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ما يحوز الحجية هو منطوق القرار والأسباب المرتبطة به ارتباطاً لا يقبل التجزئة وقرار مجلس الشعب في صحة عضوية أعضائه غير مرتبط بأسباب يبنى عليها ولا يتوقف نظر المجلس للطعن على القضاء بصحة إجراءات التحقيق وإجراءات إحالة الطعن إلى المجلس وعرضه عليه لنظره ومن ثم فإن قرار المجلس بصحة العضوية أو بطلانها لا يتضمن قضاء بصحة الإجراءات المذكورة وإذ كانت هذه الأمور كلها تعرض على المجلس عند فصله في الطعن فهي تعرض عليه لا للفصل فيها وإنما لتكون تحت نظره وتخضع لتقديره، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير الدليل لا يحوز قوة الأمر المقضي وأنه لا تثريب على المحكمة إن هي خالفت محكمة أخرى في شأن دليل أخذت به في قضائها أو لم تأخذ. لما كان ذلك، فإن القول بأن قرار مجلس الشعب لا ينفصل عن إجراءاته قول لا أساس له من الدستور أو القانون وإذا كان الحكم المطعون فيه قد تعرض لتشكيل المجلس وقت نظره للطعن وصدور القرار بصحة العضوية فإن تشكيل المجلس لم يكن محل منازعة معروضة عليه للفصل فيها وإنما عرض على الأعضاء الحاضرين موضوع رفض الطعن وتقرير صحة العضوية وطلب أخذ الرأي برفع اليد على ما هو مبين بمضبطة الجلسة الحادية والسبعين (3 يوليه 1973) كما أن تعرض الحكم المطعون فيه لقرار مجلس الشعب بقالة أنه ليس حكماً كالأحكام التي تصدر من السلطة القضائية... وأنه لا يصح القول بأنه يحوز حجية الأمر المقضي بحيث يمتنع التعقيب عليه أو الرجوع فيه أو العدول عنه، فقد جاء ذلك عرضاً في معرض تسبيب الحكم لقضائه برفض الدفع بعدم ولاية القضاء بنظر الدعوى تسبيباً قانونياً، وقد تبين في الرد على السببين الأول والثاني والوجهين الرابع والخامس من السبب الرابع أن قضاء الحكم برفض الدفع صحيح قانوناً لغير ذلك من الأسباب القانونية، كما أن لحكم لم يعتمد عليه في تسبيبه لقضائه في الموضوع الذي بدأه بأن وزارتي الداخلية والحربية ومجلس الشعب قد ارتكبوا الأخطاء الدستورية والقانونية التالية ثم تعرض الحكم للقانون رقم 158 سنة 1963 فيما ألزم به الناخب بانتخاب اثنين من المرشحين وأن بطاقة إبداء الرأي تعتبر باطلة إذا انتخب الناخب أكثر أو أقل من مرشحين اثنين، وقد تقدم أن عرض نتيجة فرز الأصوات على المجلس لم يكن لتقرير صحتها وإنما لتقديرها كدليل شأنها شأن قرار محكمة النقض في التحقيق الذي تجريه ومن ثم فإن صدور قرار مجلس الشعب على مقتضاها لا يقيد الحكم في شأن موافقتها للقانون أو مخالفتها له كما لا يقيده فيما انتهى إليه من أنها نتيجة غير صحيحة ومخالفة للقاعدة التي توجب على كل ناخب أن يختار اثنين من المرشحين ولسوف يتبين أن هذا القول يتفق وصحيح القانون على ما سيأتي في الرد على سائر أسباب الطعن، ثم تعرض الحكم بعد ذلك للمواعيد المحددة بالمواد 93، 94، 101، 113، 118، 136 من الدستور مقرراً أنه يجب احترام ما نص عليه الدستور من مواعيد وهو قول سديد في القانون، كما تعرض الحكم للأغلبية التي بمقتضاها تعتبر العضوية باطلة وأنه يجب حضور ثلثي أعضاء المجلس أثناء مناقشة الطعن ولكنه لم يرتب على ذلك بطلان قرار المجلس وإنما كل ما قرره أن رئيس المجلس لم يراع توافر هذه النسبة مقرراً أنها غير لازمة فقط إلا حين أخذ الرأي على بطلان العضوية، ثم قال الحكم إن هذا خطأ لأنه يجب توافر النسبة عند مناقشة الطعن سواء كان التصويت على صحة العضوية أو بطلانها وهذا قول سديد في القانون ولا ينال من قرار المجلس بصحة العضوية الذي لم يتعرض له الحكم بما يتعارض مع حجيته، ثم انتقل الحكم إلى تفسير المادة 300 من اللائحة الداخلية للمجلس فيما يتعلق بطلب التأجيل عند نظر الطعن وقال إنه تفسير خاطئ وهو قول صحيح في القانون ولا يتعارض مع حجية قرار المجلس. لما كان ذلك، وكان قول الحكم المطعون فيه إن قرار مجلس الشعب في صحة عضوية أعضائه لا تكون له حجية الأحكام جاء فيه تزيداً ولم يكن لازماً لقضائه برفض الدفع بعدم ولاية القضاء، وأن قضاء الحكم في الموضوع لم يتأسس عليه وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التعارض الذي يفسد الحكم ويؤدي إلى بطلانه هو التعارض في الأسباب الواقعية وأن يكون تعارضاً حقيقياً ولا وهمياً وأن تتماحى به الأسباب حتى لا يبقي منه ما يكفي لحمل قضائه وأن الخطأ في الأسباب القانونية لا يؤدي إلى نقض الحكم ما دامت النتيجة التي انتهى إليها في قضائه صحيحة قانوناً فيكون على محكمة النقض تصحيح هذه الأسباب ويضحى بذلك غير منتج. ولما كان ذلك كذلك، يكون نعي الطاعنين في الأسباب المذكورة على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الرابع والوجه الأول من السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وعابه الفساد في الاستدلال حين رد على دفاع الطاعنين - أن قرار الداخلية رقم 2 سنة 1964 جاء على خلاف القانونين رقمي 73 سنة 1956 و158 سنة 1963 ويتعين عدم إعماله - رد عليه بأن دستور سنة 1964 أتى بحكم جديد لم يكن موجوداً عند صدور القانون رقم 73 سنة 1956 وكان عليها أن تسحبه أو تعدله إذا ما ادعت بطلانه فضلاً عن أن الانتخابات جرت بجميع الدوائر وفقاً للقرار المذكور، وإذا كان عدم سحبه دليلاً على مشروعيته وكانت المادة 33 من القانون رقم 73 سنة 1956 تنص على بطلان الآراء المعلقة على شرط معين والتي تعطي لأكثر من العدد المقرر بانتخابه بما مفاده أن التي تعطى لأقل منه لا تبطل كما أن الحكم لم يبين سنده بالنسبة لإعمال القرار في باقي الدوائر، فإنه يكون قد أخطأ في القانون ومارس الرقابة المتخصصة لدستورية القوانين المعقودة للمحكمة العليا وحدها وعابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه إذا ما نص القانون على أن ينتخب من كل دائرة انتخابية عدد معين من الأعضاء في المجلس التشريعي فإن ذلك خطاب من الشارع إلى كل ناخب في الدائرة بأن يباشر حقه السياسي في انتخاب أعضاء المجلس على هذا الوجه من العدد المطلوب فإذا خالف الناخب ذلك فإنه لا يكون قد باشر حقه السياسي وفقاً للقانون وتكون بطاقة الرأي الخاصة به باطلة لأنها لا تعبر عن مباشرته لحقه السياسي كما أراده الشارع، يستوي في ذلك أن يكون قد ترك البطاقة بيضاء أو علق رأيه فيها على شرط أو كان قد انتخب أكثر أو أقل من العدد المقرر ومن ثم تكون اللائحة التنفيذية للقانون المقررة لهذا الحكم موافقة له وحكمها صحيح ومن استقراء نصوص القوانين المتعاقبة المعنية بالحقوق السياسية ومباشرتها وهي القانون رقم 73 سنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية والقانون رقم 246 سنة 1956 بشأن عضوية مجلس الأمة وقرار المؤتمر الوطني للقوى الشعبية في 30/ 6/ 1962 وقرار الميثاق الوطني والقانون رقم 158 سنة 1963 في شأن مجلس الأمة المعدل بالقانون رقم 72 لسنة 1963 ودستور 25 مارس سنة 1964 وأخيراً دستور جمهورية مصر العربية الصادر في سبتمبر سنة 1971 - من استقراء النصوص المذكورة - يتبين أن قرار وزير الداخلية رقم 2 سنة 1964 صحيح وغير مخالف للقانون وأن أحكامه هي الواجبة التطبيق على عملية الانتخاب محل هذا الطعن التي تمت في 3/ 11/ 1971 إذ أن القانون رقم 73 سنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية نظم عملية الانتخاب في وقت لم يكن للناخب فيه أن ينتخب غير عضو واحد وقد نص القانون رقم 246 سنة 1956 على ذلك بالنسبة لمجلس الأمة وهذا العضو الواحد هو الحد الأدنى ولا حد أدنى له سواه يمكن للناخب أن ينزل عنه ومن ثم فلم يكن القانون رقم 73 سنة 1956 المنظم لعملية الانتخاب في حاجة لأن يبطل الرأي الذي يعطى لأقل من العدد المقرر إذ لن يكون هناك على الإطلاق رأي أقل من الرأي الواحد حتى ينص على إبطاله فكان النص على ذلك حينئذ عبث ولا تستفاد صحة هذا الأقل المعدومة أصلاً من نص المادة 33 من لقانون 73 سنة 1956، فلما صدر القانون رقم 158 سنة 1963 في شأن مجلس الأمة ووضع تنظيماً جديداً للمجلس التشريعي ونص فيه على أن يتألف المجلس من 350 عضواً يكون نصفهم على الأقل من بين العمال والفلاحين كما نص على أن ينتخب عن كل دائرة انتخابية عضوان في المجلس كان لابد من مواجهة ما استحدث به بلائحة تنفيذية جديدة للقانونين رقم 73 سنة 1956 ورقم 158 سنة 1963 معاً إذ أصبح كل منهما مكملاً للآخر فصدر قرار وزير الداخلية رقم 2 سنة 1964 بإجراءات ترشيح وانتخاب أعضاء المجلس التشريعي على النحو المبين في القانونين معاً لما هو واضح في ديباجته ونصوصه من الإحالة إلى القانونين معاً ولأنه ألغى في المادة 20 منه القرار رقم 25 سنة 1957 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 246 سنة 1956 بشأن عضوية مجلس الأمة قبل تنظيمه بالقانون رقم 158 سنة 1963 الذي أعاد تنظيم هذا المجلس، وإذ نصت المادة 15 من اللائحة التنفيذية الجديدة للقانونين 73 سنة 1956 و158 سنة 1963 الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 2 سنة 1964 على أن تعتبر بطاقة إبداء الرأي باطلة إذا انتخب الناخب أكثر أو أقل من مرشحين وكان هذه الحكم من شقين أولهما ترديد للحكم المنصوص عليه في المادة 33 من القانون رقم 73 سنة 1956 بشأن انتخاب أكثر من العدد المقرر، وثانيهما حكم مكمل له بشأن انتخاب أقل من العدد المقرر وهو ما أصبح لازماً في ظل القانون رقم 158 سنة 1963 ولم يكن متصوراً عقلاً عند صدور القانون رقم 73 سنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية والقانون رقم 246 سنة 1956 في شأن عضوية مجلس الأمة، فإن هذا الحكم الجديد بشقيه هو الذي واجه به إلى المشرع عملية انتخاب أعضاء المجلس التشريعي بتنظيمه الجديد، ولما كان دستور مارس سنة 1964 قد التزم في تنظيمه لمجلس الشعب نفس القاعدة التي تقررت بقانون مجلس الأمة رقم 158 سنة 1963 من أن يكون نصف أعضاء المجلس على الأقل من العمال والفلاحين فإن إحالته في المادة 49 منه على القانون في بيان شروط العضوية وأحكام الانتخاب تنعى القانون رقم 73 سنة 1956 والقانون رقم 158 سنة 1963 واللائحة التنفيذية لهما معاً الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 2 سنة 1964، ولئن كان دستور سبتمبر سنة 1971 قد غير اسم المجلس التشريعي من مجلس الأمة إلى مجلس الشعب فذلك لا ينفي عن المجلس ماهيته وأن هذا الدستور قد التزم في نصوصه نفس القاعدة بأن يكون نصف أعضاء المجلس من العمال والفلاحين وهى القاعدة التي تقررت بالمادة الأولى من القانون رقم 158 سنة 1963 وصدر هذا القانون في شأن تنظيم المجلس على أساسها ولم يكن قد صدر قانون آخر بتنظيم مجلس الشعب فتكون الإحالة بالمادة 88 من الدستور المذكور إلى القانون رقم 73 سنة 1956 مكملاً بالقانون رقم 158 سنة 1963 ولائحته التنفيذية خاصة وأن المادة 191 من الدستور نفسه نصت على أن كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور يبقى صحيحاً ونافذاً ما لم يلغ بالإجراءات المقررة بالدستور، ومؤدى ذلك أن القانون رقم 73 سنة 1956 والقانون رقم 158 سنة 1963 وقرار وزير الداخلية رقم 2 سنة 1964 باللائحة التنفيذية لهما معاً تبقى نافذة ويكون القول بأن القرار المذكور لمخالفته حكم المادة 33 من القانون رقم 73 سنة 1956 مع أنه على ما تقدم به القول لم يرد في هذه المادة حكم صريح خالفه القرار ولا يستفاد هذا الحكم المخالف منه ضمناً - يكون القول بذلك لا أساس ولا سند له من القانون، ذلك لأن حكم المادة 15 من القرار المذكور الذي يقضي ببطلان بطاقة إبداء الرأي إذا انتخب الناخب أكثر أو أقل من مرشحين موافقاً لحكم القانون رقم 73 سنة 1956 فيما نصت عليه المادة 33 منه من بطلان الآراء التي تعطى لأقل من العدد المقرر إذ لم يرد فيه صراحة أن مثل هذه الآراء تكون صحيحة ولا يستفاد منه ذلك لأن محل الحكم وهو العدد الأقل من واحد لم يكن متصوراً حينئذ بل كان معدوماً ولا يستنتج الحكم لمعدوم ومن ثم تكون صحة قرار وزير الداخلية رقم 2 سنة 1964 غير متوقفة على الحكم بعدم دستورية القانون رقم 73 سنة 1956 يضاف إلى ذلك أن المادة 15 من قرار وزير الداخلية المذكور بشقيه موافق لحكم القانون رقم 158 سنة 1963 وهو قانون لاحق يقضي بانتخاب عضوين في المجلس التشريعي عن كل دائرة انتخابية مما مؤداه أن تكون باطلة الآراء التي تعطى لأقل أو أكثر من العدد المقرر وتكون صحة قرار وزير الداخلية غير متوقفة على عدم دستورية القانون رقم 158 سنة 1963 أيضاً، لما كان ذلك - يكون تطبيق الحكم المطعون فيه لقرار وزير الداخلية رقم 2 سنة 1964 ليس معناه القضاء بعدم دستورية أي من القانونين المذكورين ومن ثم فلا تجاوز فيه لاختصاص المحكمة ولا تعدٍّ به على اختصاص المحكمة الدستورية العليا، وبحسب الحكم المطعون فيه أن يكون قد انتهى في قضائه إلى نتيجة سديدة في القانون، فلا يؤدي إلى نقضه ما يكون قد ورد في أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة ذلك أنه حسبما تقدم به القول إن ما يؤدي إلى بطلان الحكم عملاً بالمادة 178 من قانون المرافعات هو القصور في أسبابه الواقعية أما الأسباب القانونية فإن محكمة النقض تقوم بتصحيحها فتكون مصلحة الطاعنين في النعي مصلحة نظرية بحته ولا يقبل نعي لا تكون مصلحة الطعن فيه مصلحة جدية وحقيقية ويتعين رفض هذا النعي.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثالث من السبب الرابع وبالوجهين الثاني والثالث من السبب الخامس مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إن الميعاد الوارد بالمادة 93 من الدستور في شأن الفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب هو ميعاد تنظيمي لا يترتب البطلان على مخالفته كما أن مفاد نص المادة المذكورة 284 من اللائحة الداخلية للمجلس أن ما يعرض على أعضاء المجلس لمناقشته وأخذ الرأي عليه هو تقرير اللجنة التشريعية فإذا كان رأيها الذي انتهت إليه هو صحة العضوية فهو الذي يؤخذ عليه الرأي من المجلس بالموافقة أو الرفض وهذا لا يشترط له أغلبية خاصة بل يكتفي في شأنه بالأغلبية المطلقة للحاضرين، أما إذا كان تقرير اللجنة التشريعية ببطلان العضوية فهو الذي يعرض على المجلس ويلزم فيه صدور قرار بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، ويضيف الطاعنون إلى ذلك أن إجابة طلب التأجيل من سلطات رئيس المجلس التقديرية، ولما كانت اللجنة التشريعية قد انتهت في تقريرها إلى صحة عضوية العضو المطعون عليه وكان ذلك لا يحتاج إلا إلى الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين وقد اتبع رئيس المجلس ذلك وأجرى التصويت على صحة العضوية بالأغلبية المطلقة يكون عمله صحيحاً، وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه تجاوز الميعاد المنصوص عليه بالمادة 93 من الدستور خطأ كما اعتبر إجراءات التصويت خاطئة بما ذهب إليه من أن ما كان معروضاً على المجلس هو قرار بطلان العضوية وأنه يشترط لذلك حضور ثلثي أعضاء المجلس وأن المادة 300 من لائحة المجلس توجب على رئيسه تأجيل نظر الطعن إلى جلسة أخرى فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وعابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك لأن المادة 93 من الدستور تنص على أن "تختص مجلس بالفصل في صحة عضوية أعضائه وتختص محكمة النقض بالتحقيق في صحة الطعون المقدمة إلى المجلس بعد إحالتها من رئيسه، ويجب إحالة الطعن إلى محكمة النقض خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علم المجلس به، ويجب الانتهاء من التحقيق خلال تسعين يوماً من تاريخ إحالته إلى محكمة النقض، وتعرض نتيجة التحقيق والرأي الذي انتهت إليه المحكمة على المجلس للفصل في صحة الطعن خلال ستين يوماً من تاريخ عرض نتيجة التحقيق على المجلس ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس" ومؤدى هذه العبارة الواضحة التي لا تحتاج إلى تفسير أو تأويل أن المجلس لا يفصل في صحة عضوية أعضائه إلا من خلال فصله في الطعن مقدم فيها فإذا لم يكن طعن فهي باقية على أصلها من الصحة عندما أعلن انتخاب المرشح فلا يلزم أبداً عرض صحة العضوية على المجلس لتقريرها، يؤكد ذلك أن نص المادة المذكورة أوجب إحالة الطعن لا إحالة صحة العضوية إلى محكمة النقض لتحقيقه وأوجب أن تعرض نتيجة التحقيق والرأي الذي انتهت إليه المحكمة على المجلس للفصل في صحة الطعن لا للفصل في صحة العضوية التي لم تكن تحتاج إلى فصل فيها لولا وجود الطعن، ثم قررت المادة بعد ذلك أن العضوية لا تعتبر باطلة إلا بقرار يصدر من المجلس بأغلبية ثلثي أعضائه، ويستحيل أن تتحقق هذه الأغلبية من المجلس مشكلاً بأقل من ثلثي أعضائه ولا يكون هذا التشكيل الأقل صالحاً لنظر الطعن أياً كانت النتيجة التي انتهت إليها اللجنة التشريعية لأن رأي اللجنة التشريعية غير ملزم للمجلس والقول بغير ذلك من أن صحة العضوية التي انتهت إليها الجنة هي التي تعرض وحدها على المجلس وأنها لا تحتاج إلا للأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، فيه ارتداد إلى الأصل المقرر بإعلان انتخاب المرشح للعضوية والذي لم يكن في حاجة على تقريره من المجلس وفيه مصادرة للمجلس على حقه في نظر الطعن، لأن موضوع الطعن هو بطلان العضوية أما صحة العضوية فهي الأثر الحتمي لرفضه الطعن بناء على الأصل ومن ثم فلا ينظر للطعن بنظر صحة العضوية دون نظر بطلانها ولا نظر لبطلان العضوية إذا كان المجلس مشكلاً بأقل من ثلثي أعضائه؛ إذ لا يستطيع المجلس بهذا التشكيل أن يقررها ولو أبدى الأعضاء الحاضرون جميعهم الرأي إلى جانبها وإذا تأجل نظرها تغير التشكيل وتغيرت مداولات الأعضاء فلا يتحد الأساس الذي بني عليه أخذ الرأي في طعن واحد في جلستين اختلف فيهما القضاة وهم الأعضاء واختلفت المداولات إذ يدخل في التشكيل الجديد قضاة جدد لم يشتركوا في المداولة السابقة وقد يخرج منه قضاة لا يشتركون في المداولة الجديدة، ومن المقرر أن القضاة الذين نظروا النزاع واشتركوا في المداولة هم الذي يصدرون الحكم وإلا كان الحكم باطلاً، وإذ كان قرار المجلس رغم بطلانه قد تحصن بقوة الأمر المقضي فإن ذلك لا ينفي أن الإصرار على نظر الطعن والمجلس بتشكيله الأقل من ثلثي أعضائه تم على وجه مخالف للدستور، يؤكد ذلك أن الفصل في النزاع يقتضي أن يكون وجها الرأي فيه مطروحين معاً على الهيئة ذات الاختصاص القضائي بتشكيلها الصالح لتقرير أي منهما فإذا كان المعروض أحدهما لتقريره وحده انقضى الفصل والحسم لأن الفصل والحسم إنما يكون فصلاً بين الأمرين في حال وجودهما معاً والحسم يقتضي إزالة أحدهما ليبقى الآخر وبغير ذلك لا يتحقق غرض الدستور من الفصل في صحة العضوية، وإذن فمجلس الشعب بتشكيله الذي يقل فيه عدد الأعضاء الحاضرين عن ثلثي أعضائه مهما كان عدد الآراء التي أبديت لا يصلح لنظر الطعن بصرف النظر عن القرار الذي صدر بصحة العضوية والذي تحصن بالحجية ولا سبيل للطعن عليه ويكون رفض الطلب التأجيل والإصرار على نظر الطعن بهذا التشكيل الباطل قد فوت على المطعون ضده فرصة كانت متاحة له بالدستور إذا ما تأجل نظر الطعن لجلسة يستكمل فيها المجلس تشكيله الصالح لنظره. ولا يقدح في ذلك أن تكون اللائحة الداخلية للمجلس قد جعلت قرار تأجيل نظر الطعن خاضعاً لمطلق تقدير رئيس المجلس إذا طلب عضو أو أكثر ذلك التأجيل، لأن سلطة رئيس المجلس التقديرية إنما تكون تقديراً لحق الأعضاء في التأجيل وحق رئيس المجلس في قبوله أو رفضه فلا يكون للأعضاء حق في الاعتراض على قرار رئيس المجلس أياً كان ذلك القرار حتى يستتب للمجلس نظامه الداخلي ولكن هذه السلطة التقديرية لا تكون على حساب أحكام الدستور التي يتعين على المجلس التزامها حتى ولو لم يطلب أحد من الأعضاء تأجيل نظر الطعن، ومن ثم فإن الإصرار على نظر الطعن والمجلس بتشكيله الأقل من ثلثي أعضائه والذي لا يصلح به لنظر الطعن هو الذي جاء على خلاف أحكام الدستور وهو الذي من مقتضاه أن يكون تأجيل نظر الطعن حتمياً بصرف النظر عن طلب الأعضاء له موافقة العضو الذي تعلق الطعن بصحة عضويته عليه ومن ثم فلا وجه للتحدي بالمادة 300 من اللائحة الداخلية للمجلس لأن ذلك ليس مجالها، لما كان ذلك، وكان الإصرار على نظر الطعن لا يعتبر قراراً قضائياً صادراً من المجلس يتحصن بقوة الأمر المقضي به واعتباره عملاً برلمانياً لم يتم على الوجه المبين بالدستور وبذلك يفقد سند مشروعيته ويضحى عملاً غير مشروع إذا ترتب عليه ضرر كان لمن أصابه الضرر الحق في التقاضي بشأنه والحق في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي ليصدر حكمه فيه وفق القانون، وهذا القاضي الطبيعي هو المحاكم طبقاً لما تقدم به القول في الرد على أسباب الطعن الأخرى، كما أن تجاوز المواعيد المقرر بالمادة 93 من الدستور مخالفة أخرى لأحكامه وخطأ آخر موجب للمسئولية، ولا يقدح في ذلك أن تكون المواعيد تنظيمية ولا يترتب على تجاوزها بطلان قرار المجلس لأن الدعوى الماثلة ليس محلها بطلان القرار وإنما تعويض عن الأضرار المترتبة على مخالفة أحكام الدستور والقانون يكفي فيها أن يكون الإجراء مخالفاً للقانون فيزول سند مشروعيته وتكون مخالفة القانون ذاتها هي الخطأ الذي إذا ترتب عليه ضرر وجوب تعويض هذا الضرر وفقاً لأحكام القانون في المسئولية التقصيرية المبينة في المواد 163 وما بعدها من القانون المدني، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون وجاء قضاؤه صحيحاً ومحمولاً على ما يكفي لحمله والنعي عليه بغير ذلك لا أساس له ومتعيناً رفضه.

الطعن 1402 لسنة 47 ق جلسة 17 / 2 / 1983 مكتب فني 34 ج 1 ق 110 ص 498


جلسة 17 من فبراير سنة 1983
برئاسة السيد المستشار محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عزت حنوره، علي السعدني، محمد مختار منصور، ومحمود نبيل البناوي.
---------------------
(110)
الطعن رقم 1402 لسنة 47 القضائية

شهر عقاري. قضاء مستعجل. قضاة "قاضي الأمور الوقتية".
التزام صاحب الشأن باللجوء إلى قاضي الأمور الوقتية في حالة الاعتراض على قرار مكتب الشهر العقاري باستيفاء بيان لا يرى صاحب الشأن وجهاً له أو بسقوط طلبه بسبب ذلك دون سلوك الطريق العادي للتقاضي. اقتصاره على هذه الحالة. م 35 ق 114 لسنة 1946.

------------------
النص في المادة 35 من القانون رقم 114 لسنة 1946 على أن "لمن أشر على طلبه باستيفاء بيان لا يرى وجهاً له، ولمن تقرر سقوط أسبقية طلبه بسبب ذلك، أن يتقدم بالمحرر نفسه أو بالمحرر مصحوباً بالقائمة على حسب الأحوال وذلك في عشرة أيام من وقت إبلاغ قرار الاستيفاء أو السقوط إليه ويطلب من أمين المكتب.. إعطاء هذا المحرر رقماً وقتياً.. وفي هذه الحالة يجب على أمين المكتب... أن يرفع الأمر إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية التي يقع المكتب في دائرتها، ويصدر القاضي... قراراً مسبباً خلال أسبوع من رفع الأمر إليه بإبقاء الرقم الوقتي بصفة دائمة أو بإلغائه تبعاً لتحقق أو تخلف الشروط التي يتطلب القانون توافرها لشهر المحرر أو القائمة ويكون القرار الصادر في هذا الشأن نهائياً "يدل على أن الشارع لم يلزم صاحب الشأن باللجوء إلى قاضي الأمور الوقتية، دون سلوك الطريق العادي للتقاضي إلا في حالة الاعتراض على قرار مكتب الشهر باستيفاء بيان لا يرى صاحب الشأن وجهاً له أو بسقوط طلبه بسبب ذلك.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع، على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 6927 لسنة 1975 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضدهما الأولَين - وزير العدل وأمين مكتب الشهر العقاري بالجيزة - طالبين القضاء بشهر الحكم الصادر في الدعوى رقم 622 لسنة 1974 مدني كلي جنوب القاهرة وقالوا بياناً لدعواهم أنهم بتاريخ 27/ 4/ 1974 حصلوا على حكم في الدعوى برقم 622 لسنة 1974 مدني كلي جنوب القاهرة قضى بتثبيت ملكيتهم لمساحة قدرها 11 فدان و12 قيراط شائعة في مساحة 12 فدان و7 قيراط و8 أسهم مبينة الحدود والمعالم بصحيفة تلك الدعوى، وبعد أن أصبح الحكم نهائياً قدموا طلباً لشهره إلا أن مأمورية الشهر العقاري بالجيزة أخطرتهم بعدم موافقتها على ذلك بدعوى أن الحكم صدر بناء على تسليم المحكوم عليهم بالطلبات هو أمر يعد بمثابة صلح في الدعوى. وإذ كان الحكم المطلوب شهره قد قضى بتثبيت ملكيتهم لتلك المساحة بعد تحقق المحكمة من ملكيتهم لها بوضع اليد عليها المدة الطويلة فقد أقاموا الدعوى للحكم لهم بطلبهم. بتاريخ 17/ 2/ 1976 ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت للطاعنين بتاريخ 2/ 11/ 1976 بطلبهم. استأنف المطعون ضدهما الأولين هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3610 لسنة 93 ق طالبين إلغائه والحكم برفض الدعوى. طلب المطعون ضدهما الثالث والرابع قبول تدخلهما منضمين إلى المستأنفين في طلبهما. بتاريخ 26/ 6/ 1977 حكمت المحكمة بقبول تدخل المطعون ضدهما الثالث والرابع وإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون في الوجه الثالث من السبب الأول والشق الثاني من السبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى على إنه كان يتعين عليهم الالتجاء أولاً إلى قاضي الأمور الوقتية ليقول كلمته في رفض مكتب الشهر العقاري شهر الحكم عملاً بالمادة 35 من القانون رقم 114 لسنة 1946. وإذ كانت هذه المادة لا تجيز لصاحب المصلحة أن يلجأ على قاضي الأمور الوقتية إلا إذا أشر المكتب المختص على طلب الشهر باستيفاء بيان لا يرى صاحب الشأن وجهاً له أو إذا رأى المكتب سقوط أسبقية الطلب، وكان النزاع المعروض على المحكمة يخرج عن هاتين الحالتين إذ هو يتعلق بعدم الموافقة على شهر الحكم بدعوى أنه بني على صلح بين أطرافه, فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أنه لما كان النص في المادة 35 من القانون رقم 114 لسنة 1946 على أن "لمن أشر على طلبه باستيفاء بيان لا يرى وجهاً له، ولمن تقرر سقوط أسبقية طلبه بسبب ذلك أن يتقدم بالمحرر نفسه أو بالمحرر مصحوباً بالقائمة على حسب الأحوال وذلك في عشرة أيام من وقت إبلاغ قرار الاستيفاء أو السقوط إليه ويطلب من أمين المكتب.. إعطاء هذا المحرر رقماً وقتياً.. وفي هذه الحالة يجب على أمين المكتب... أن يرفع الأمر إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية التي يقع المكتب في دائرتها، ويصدر القاضي... قرار مسبباً خلال أسبوع من رفع الأمر إليه بإبقاء الرقم الوقتي بصفة دائمة أو بإلغائه تباعاً لتحقق أو تخلف الشروط التي يتطلب القانون توافرها لشهر المحرر أو القائمة ويكون القرار الصادر في هذا الشأن نهائياً" يدل على أن الشارع لم يلزم صاحب الشأن باللجوء إلى قاضي الأمور الوقتية، دون سلوك الطريق العادي للتقاضي، إلا في حالة الاعتراض على قرار مكتب الشهر باستيفاء بيان لا يرى صاحب الشأن وجهاً له أو بسقوط أسبقية طلبه بسبب ذلك. وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنون أسسوا طلبهم في الدعوى على أن مكتب الشهر رفض شهر الحكم الصادر لصالحهم في الدعوى رقم 622 لسنة 1974 مني كلي جنوب القاهرة على سند من أنه صدر بناء على تسليم المحكوم عليهم بالطلبات فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى على مجرد أن الطاعنين سبق لهم أن التجأوا إلى قاضي الأمور الوقتية وأن الأمر ما زال مطروحاً عليه دون أن يبين ما إذا كان النزاع الماثل مما ينطبق عليه حكم المادة سالفة الذكر أم لا بما يعجز هذه المحكمة عن مراقبة تطبيق القانون على وجه صحيح فإنه يكون قاصراً بما يتعين نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 946 لسنة 49 ق جلسة 23 / 2 / 1983 مكتب فني 34 ج 1 ق 120 ص 544


جلسة 23 من فبراير سنة 1983
برئاسة السيد المستشار محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، محمد إبراهيم خليل، عبد المنصف هاشم، وأحمد شلبي.
--------------------
(120)
الطعن رقم 946 لسنة 49 القضائية

دعوى "تقدير قيمة الدعوى". استئناف "نصاب الاستئناف".
تقدير قيمة الدعوى لتحديد نصاب الاستئناف. وجوب الاعتماد على قواعد قانون المرافعات وليس على القيمة التي يحددها المدعي. م 223 مرافعات.

-----------------
لا يجوز الاعتماد في تقدير قيمة الدعوى لتحديد نصاب الاستئناف على القيمة التي يحددها المدعي بل يجب على المحكمة أن تعتمد في ذلك على القواعد التي نص عليها قانون المرافعات في المواد من 36 إلى 41 وذلك عملاً بالمادة 223 من ذات القانون.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 1870 سنة 1975 مدني سوهاج الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليه الثاني بطلب الحكم بأحقيته في أخذ ثلاث قطع من الأرض الزراعية مبينة بالأوراق بالشفعة نظير ثمن مقداره 621 جنيهاً و200 مليماً وقال بياناً للدعوى إنه علم أن المطعون عليه الثاني باع للطاعن تلك الأرض بموجب عقد مسجل بتاريخ 9/ 2/ 1975 وهي شائعة في أرض أخرى يشترك مع البائع في ملكيتها فأقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 26/ 3/ 1978 حكمت المحكمة بأحقية المطعون عليه الأول في أخذ قطعتين من الأرض المذكورة بالشفعة لقاء ثمن قدره 291 جنيهاً و750 مليماً.
استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 212 سنة 53 القضائية مدني "مأمورية سوهاج" طالباً إلغاءه. وبتاريخ 27/ 2/ 1979 حكمت المحكمة بعدم جواز الاستئناف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قدر قيمة الدعوى على أساس المبلغ الذي حدده المطعون عليه الثاني كإيجار للأرض سالفة الذكر في طلب استصدار أمر حجز صدر لصالحه بتاريخ 1/ 7/ 1969 في حين أن الدعوى رفعت سنة 1975 ويوجب القانون تقدير قيمتها باعتبارها يوم رفعها، وكان يتعين البحث في قيمة الضريبة الأصلية المفروض على الأطيان محل النزاع في سنة 1975 من واقع الكشوف الرسمية الخاصة بذلك فيكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يجوز الاعتماد في تقدير قيمة الدعوى لتحديد نصاب الاستئناف على القيمة التي يحددها المدعي بل يجب على المحكمة أن تعتمد في ذلك على القواعد التي نص عليها قانون المرافعات في المواد من 36 إلى 41 وذلك عملاً بالمادة 223 من ذات القانون، وإذ كان ذلك وكانت قيمة الدعوى إنما تقدير باعتبارها يوم رفعها وفقاً لنص المادة 36 من القانون المذكور وكانت المادة 37 منه قد أرست قاعدة عامة يرجع إليها في تقدير قيمة العقار كلما جعل القانون من هذه القيمة أساساً في تقدير قيمة الدعوى فتقدر قيمة الدعوى التي يرجع في تقدير قيمتها إلى قيمة العقار إن كان من الأراضي باعتبار سبعين مثلاً لقيمة الضريبة الأصلية المربوطة عليه، لما كان ذلك وكانت الدعوى المطروحة قد رفعت بتاريخ 30/ 6/ 1975 وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قدر قيمة الدعوى وفقاً لما ورد بصورة أمر حجز صادر لصالح المطعون عليه الثاني ضد الطاعن بتاريخ 1/ 7/ 1969 أشير في طلب استصداره إلى مبلغ حدده عقد إيجار مبرم بتاريخ 22/ 5/ 1969 بأنه قيمة إيجار الفدان من الأرض آنفة الذكر، ورتب الحكم على ذلك قضاءه بعدم جواز الاستئناف وحجب الحكم نفسه عن بحث مقدار الضريبة الأصلية المربوطة على الأرض سالفة الذكر من واقع السجلات والكشوف الخاصة بذلك في وقت رفع الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابة القصور في التسبيب مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

الثلاثاء، 19 مايو 2020

الطعن 1285 لسنة 49 ق جلسة 13 / 1 / 1983 مكتب فني 34 ج 1 ق 48 ص 194


جلسة 13 من يناير سنة 1983
برئاسة السيد المستشار عاصم المراغي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة، مصطفى صالح سليم، درويش عبد المجيد، وإبراهيم زغو.
--------------------
(48)
الطعن رقم 1285 لسنة 49 القضائية

تقادم. تأمين. مسئولية.
دعوى المؤمن له قبل المؤمن. بدء سريان مدة تقادمها من وقت مطالبة المضرور للمؤمن له بالتعويض. ادعاء المضرور مدنياً أثناء نظر الجنحة. وجواب احتساب مدة التقادم من تاريخ الادعاء.

-----------------------
مؤدي نص الماد الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري والمسئولية المدنية عن حوادث السيارات أن يكون للمؤمن له حق الرجوع على المؤمن تنفيذاً لعقد التأمين وإذ كانت المادة 752/ 1 من القانون المدني تنص على أن تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها هذه الدعاوى، ولما كانت مطالبة المضرور للمؤمن له بالتعويض هي - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - الواقعة التي يسري بحدوثها التقادم المسقط بالنسبة إلى دعوى المؤمن له قبل المؤمن، وكان البين من الأوراق أن المضرور ادعى مدنياً قبل مرتكب الحادث والشركة الطاعنة مبلغ 200 جنيهاً على سبيل التعويض عن إصابة وتلف سيارته أثناء نظر قضية الجنحة رقم.. بتاريخ 29/ 11/ 1971 وإذ أعمل الحكم المطعون فيه المادة 752/ 1 من القانون الذي احتسب مدة السقوط في خصوص دعوى المؤمن لها "الطاعنة" قبل المؤمن "المطعون ضدها" من التاريخ سالف الذكر فإنه يكون التزم صحيح القانون.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن.... أقام الدعوى رقم 3257 سنة 1974 مدني كلي الإسكندرية ضد الشركة الطاعنة "المؤمن لها" والشركة المطعون ضدها "المؤمن لديها" بطلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له بالتضامن مبلغ 1500 جنيهاً وقال شرحاً لها أنه بتاريخ 15/ 6/ 1971 تسبب...... أثناء قيادته السيارة المملوكة للشركة الطاعنة والمؤمن عليها لدى الشركة المطعون ضدها في إصابة وإتلاف سيارته وتحرر عن الحادثة الجنحة رقم 2076 لسنة 1971 أبو حمص وأنه ادعى مدنياً في الجنحة المذكورة ضد مرتكب الحادث والشركة الطاعنة بتعويضه عن الإصابات التي لحقت به وعن الإصابات التي لحقت به وعن تلف السيارة وقضى فيها نهائياً بمبلغ مائة جنيه بالنسبة للتعويض عن الإصابات التي لحقت به وعدم اختصاص المحكمة بالنسبة لطلب التعويض عن تلف سيارته وأنه لما كانت سيارته قد تهشمت تماماً وحرم من الانتفاع بها فقد أقام دعواه بالمطالبة بالتعويض السابق بيانه، وأثناء نظر الدعوى وجهت الطاعنة دعوى ضمان فرعية على المطعون ضدها للحكم عليها بما عساه أن يحكم به عليها، ودفعت بسقوط حق الطاعنة في الدعوى الفرعية بالتقادم الثلاثي، وبتاريخ 19/ 6/ 1978 قضت محكمة أول درجة أولاً: بإلزام الطاعنة والمطعون ضدها بأن يدفعا للمدعي مبلغ 1500 جنيهاً بالتضامن ثانياً: بسقوط حق الطاعنة في إقامة دعوى الضمان الفرعية قبل المطعون ضدها استأنف المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 685 سنة 34 قضائية الإسكندرية كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 692 سنة 34 قضائية الإسكندرية وبتاريخ 18/ 4/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام الشركة المطعون ضدها وبرفض الدعوى قبلها وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى فيه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أنه باعتبارها المؤمن لها من حقها الرجوع بالضمان على المطعون ضدها - المؤمنة - وفقاً للمادة الخامسة من القانون رقم 652 سنة 1955 فلا تسري عليها مدة سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين والواردة بالمادة 752 من القانون المدني إذ أن ميعاد الثلاث سنوات المنصوص عليها في هذه المادة هو ميعاد سقوط يرد على دعوى المضرور قبل المؤمن أما حقها في الرجوع فلا ينشأ إلا من وقت وفائها بالتعويض وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد ذلك أنه كانت المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري والمسئولية المدنية عن حوادث السيارات قد نصت على التزام المؤمن بتغطية المسئولية المدنية عن حوادث السيارات قد نصت على التزام المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أي إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارات وأن يكون هذا الالتزام بقيمة ما يحكم به قضائياً من تعويض مهما بلغت قيمته فإن مؤدى ذلك أن يكون للمؤمن له حق الرجوع على المؤمن تنفيذاً لعقد التأمين، وإذ كانت المادة 752/ 1 من القانون المدني تنص على أن "تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها هذه الدعاوى "ولما كانت مطالبة المضرور للمؤمن له بالتعويض هي - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - الواقعة التي يسري بحدوثها التقادم المسقط بالنسبة إلى دعوى المؤمن له قبل المؤمن وكان البين من الأوراق أن المضرور ادعي مدنياً قبل مرتكب الحادث والشركة الطاعنة بمبلغ 2000 جنيهاً على سبيل التعويض عن إصاباته وتلف سيارته أثناء نظر قضية الجنحة رقم 2076 سنة 1971 أبو حمص بتاريخ 29/ 11/ 1971 وإذ أعمل الحكم المطعون فيه المادة 752/ 1 من القانون المدني احتسب مدة السقوط في خصوص دعوى المؤمن لها "الطاعنة" قبل المؤمن "المطعون ضدها" من التاريخ سالف الذكر فإنه يكون التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
ولما كان ما تقدم فإنه يتعين رفض الطعن.

الطعن 934 لسنة 49 ق جلسة 12 / 1 / 1983 مكتب فني 34 ج 1 ق 47 ص 188

جلسة 12 من يناير سنة 1983
برئاسة السيد المستشار محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، محمد إبراهيم خليل، عبد المنصف هاشم وأحمد شلبي.
------------------
(47)
الطعن رقم 934 لسنة 49 القضائية
(1) تعويض. مسئولية. محكمة الموضوع.
التعويض. تقديره بمقدار الضرر المادي والضرر الأدبي المباشر الذي أحدثه الخطأ. استقلال محكمة الموضوع به ما دام قضاؤها قد بني على أسباب سائغة تكفي لحمله.
(2) خبرة. محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع. لها الأخذ بتقرير الخبير كله أو بعضه.
(3 – 4) استئناف "الطلبات الجديدة". نظام عام. تعويض. دفوع.
(3) الدفع بعد قبول طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف. م 235 مرافعات. متعلق بالنظام العام. الطلب الجديد. ماهيته.
(4) قضاء محكمة أول درجة للمستأنف بطلب التعويض المؤقت. مطالبته زيادته أمام محكمة الاستئناف طلب جديد. علة ذلك.
(5) استئناف.
الاستئناف الفرعي. شرطة. وجود استئناف أصلي.

--------------
1 - البيّن من نصوص المواد 170، 221، 222 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في المساءلة المدنية أن التعويض عموماً يقدر بمقدار الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ، ويستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي على أن يراعي القاضي في تقدير التعويض الظروف الملابسة للمضرور، وتقدير الضرر ومراعاة الظروف الملابسة عند تقدير التعويض الجابر له مسألة موضوعية تستقل بها محكمة الموضوع وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
2 - لمحكمة الموضوع سلطة تقدير قيمة عمل الخبير ولها أن تأخذ بتقرير الخبير كله أو أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح البعض الآخر وتقضي بما يطمئن إليه وجدانها.
3 - مفاد نص المادة 235 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع اعتبر الدفع بعدم قبول طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف متعلقاً بالنظام العام وأوجب على تلك المحكمة إذا ما تبينت أن المعروض عليها هو طلب جديد أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم قبوله إلا أن يكون هذا أن يكون هذا الطلب في حدود الاستثناء الوارد في الفقرتين الثانية والرابعة من المادة سالفة الذكر، ويعتبر الطلب جديد ولو لم يتغير عن موضوع الطلب المبدى أمام محكمة أول درجة متى كان يجاوزه في مقداره ما لم تكن تلك الزيادة مما نص عليه في الفقرة الثانية من تلك المادة.
4 - إذ كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام دعواه أمام محكمة أول درجة مطالب بمبلغ 5000 جنيه كتعويض، وبعد أن قدم الخبير المنتدب تقريره طلب الطاعن الحكم له بمبلغ 4700 جنيه مؤقتاً وقد أجابته محكمة أول درجة إلى طلبه هذا فأقام استئناف فرعياً مطالباً زيادة مقدار التعويض إلى 18224.702 جنيه، فلا مراء في أن طلب هذه الزيادة يعتبر طلباً جديداً، ذلك أن التعويضات التي أجازت الفقرة الثانية من المادة 235 من قانون المرافعات المطالبة بزيادتها استثناء أمام محكمة الاستئناف هي التعويضات التي طرأ عليها ما يدر زيادتها عما صدرت به في الطلبات الختامية أمام محكمة أول درجة نتيجة تفاقم الأضرار المبررة للمطالبة بها.
5 - يشترط لرفع الاستئناف الفرعي وجود استئناف أصلي، فلا يرفع الاستئناف الفرعي عن حكم لم يسبق استئنافه.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 270 سنة 1970 مدني القاهرة الابتدائية التي قيدت برقم 2271 سنة 1971 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 5000 جنيه، وقال بياناً للدعوى أنه بموجب عقد مؤرخ 22/ 6/ 1949 أتفق مع المرحوم.... مورث المطعون عليهم الستة الأول على إعداد شرح لغوي مختصر للأحاديث النبوية الشريفة التي وردت بمصنف الموطأ للإمام مالك وترتيب فهارس لها، وعلى أن يكون للطاعن حق طبع هذا المصنف، وحظر على المورث المذكور أن يتعاقد مع أي ناشر أخر على طبع هذا المصنف، غير أنه فوجئ بتاريخ 10/ 11/ 1969 - بالمطعون عليها السابعة تعيد طبعة وطرحه للبيع بعد أن اتفقت مع المطعون عليهم الستة الأول على ذلك بتاريخ 15/ 2/ 1969 مما ألحق ضرراً بالطاعن يقدر التعويض عنه بالمبلغ المطالب به، فأقام الدعوى بطلبه سالف البيان، وأقامت المطعون عليها السابعة دعوى فرعية ضد باقي المطعون عليهم بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لها ما قد يحكم به عليها، كما أقام المطعون عليهم الستة الأول دعوى فرعية ضد الطاعن بطلب الحكم بفسخ العقد المؤرخ 22/ 6/ 1949، وبتاريخ 13/ 6/ 1970 حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية بالنسبة للمطعون عليها السابعة وبرفض الدعوى الفرعية المرفوعة من المطعون عليهم الستة الأول ضد الطاعن وندبت مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة لبيان عدد النسخ التي طبعها كل من الطاعن والمطعون عليها السابعة من المصنف موضوع النزاع ومقدار ما بيع منها وما حققه كل منهما من ربح وما يكون قد فات الطاعن من كسب أو لحقه من خسارة، وبعد أن قدم الخبير تقديره حكمت المحكمة بتاريخ 30/ 11/ 1977 بإلزام المطعون عليهم الستة الأول بأن يدفعوا إلى الطاعن مبلغ 4700 جنيه استأنف المطعون عليهم الستة الأول الحكم الصادر بتاريخ 13/ 6/ 1970 لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1380 سنة 87 قضائية مدني كما استأنفوا الحكم الصادر بتاريخ 30/ 11/ 1977 بالاستئناف رقم 8 سنة 95 قضائية مدني. أقام الطاعن استئنافاً فرعياً عن الحكمين سالفي الذكر قيد برقم 2460 سنة 95 قضائية مدني وطلب إلزام المطعون عليهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 18224.702 جنيه، وبتاريخ 27/ 2/ 1979 حكمت المحكمة بعدم قبول الاستئناف الفرعي وبرفض الاستئناف رقم 3180 سنة 87 قضائية مدني وتأييد الحكم المستأنف، وفي الاستئناف رقم 8 سنة 95 قضائية مدني بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون عليهم الستة الأول بأن يدفعوا للطاعن مبلغ 168.805 جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت إنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه قد التفت عن النتيجة التي خلص إليها الخبير المنتدب في تقريره وعول على بعض ما جاء بالتقرير، ولم يبرر ذلك تبريراً كافياً، وأغفل تعويض الطاعن عما فاته من كسب يتمثل فيما عاد على المطعون عليها السابعة من ربح من جراء توزيع المصنف سالف الذكر مع مراعاة ما أنفقه الطاعن من مصروفات للإعلان عن المصنف، وهو ما يدخل ضمن عناصر الضرر الذي لحق بالطاعن، فيكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي برمته مردود، ذلك أن البين من نصوص المواد170 و121 و222 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في المساءلة المدنية أن التعويض عموماً يقدر بمقدار الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ، ويستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي على أن يراعي القاضي في تقدير التعويض الظروف الملابسة للمضرور، وتقدير الضرر ومراعاة الظروف الملابسة عند تقدير التعويض الجابر له مسألة موضوعية تستقل بها محكمة الموضوع وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وراعى في تقدير التعويض المقضي به الظروف الملابسة للطاعن والضرر المباشر الذي حاق به لما لحقه من خسارة وما فاته من كسب، وأوضح الحكم عناصر الضرر وعول في ذلك على بعض ما ورد بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى وأقام قضاءه في هذا الخصوص على أسباب لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمله وتواجه دفاع الطاعن، لما كان ما تقدم وكان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير قيمة عمل الخبير ولها أن تأخذ بتقرير الخبير كله أو أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح البعض الآخر وتقضي بما يطمئن إليه وجدانها، فلا على محكمة الموضوع في هذه الحالة إذ طرحت بعض ما ورد بتقرير الخبير آنف الذكر، ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه أقام استئنافاً فرعياً طالباً الحكم بإلزام المطعون عليهم بأن يدفعوا مبلغ 18224.702 جنيه على سند من القول أن هذا الطلب كان مطروحاً أمام محكمة أول درجة فاتصل به علم الخصوم، وقد طلبه بصفه احتياطية حتى لا يطيل أمد التقاضي، ولا يغير من ذلك أنه وافق أمام المحكمة المذكورة على أن يحكم له بمبلغ 4700 جنيه كتعويض مؤقت، إذ يجوز له أن يطلب أمام محكمة الاستئناف التي طرحت عليها الدعوى بحالتها التي كانت عليها - زيادة هذا التعويض عملاً بنص المادة 235 من قانون المرافعات، هذا إلى أن المطعون عليها مسئولة مع باقي المطعون عليهم عن التعويض، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول هذا الاستئناف بالنسبة لطلب زيادة التعويض تأسيساً على أنه طلب جديد وكذلك الحال بالنسبة لمسئولية المطعون عليها السابعة رغم ما قدمه من مستندات تدل على انتفاء حسن نيتها عندما قامت بطبع المصنف سالف الذكر، فيكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد في شقه الأول، ذلك أن المادة 235 من قانون المرافعات قد جرى نصها بأنه "لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها ومع ذلك يجوز أن يضاف على الطلب الأصلي الأجور والفوائد والمرتبات وسائر الملحقات التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى وما يزيد من التعويضات بعد تقديم هذه الطلبات وكذلك يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة تغيير سببه والإضافة إليه ويجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات إذا كان الاستئناف قد قصد به الكيد" مما مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع اعتبر الدفع بعدم قبول طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف متعلقاً بالنظام العام وأوجب على تلك المحكمة إذا ما تبينت أن المعروض عليها هو طلب جديد أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم قبوله إلا أن يكون هذا الطلب في حدود الاستثناء الوارد في الفقرتين الثانية والرابعة من المادة سالفة الذكر، ويعتبر الطلب جديداً ولو لم يتغير عن موضوع الطلب المبدى أمام محكمة أول درجة متى كان يجاوزه في مقداره ما لم تكن تلك الزيادة مما نص عليه في الفقرة الثانية من تلك المادة، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام دعواه أمام محكمة أول درجة مطالباً بمبلغ 5000 جنيه كتعويض على النحو سالف البيان، وبعد أن قدم الخبير تقريره طلب الطاعن الحكم بمبلغ 4700 جنيه مؤقتاً وقد أجابته محكمة أول درجة إلى طلبه هذا فأقام استئنافاً فرعياً مطالباً زيادة مقدار التعويض إلى مبلغ 18224.702 جنيه، فلا مراء في أن طلب هذه الزيادة، يعتبر طلباً جديداً ذلك أن التعويضات التي أجازت الفقرة الثانية من المادة 235 المشار إليها المطالبة بزيادتها استثناء أمام محكمة الاستئناف هي التعويضات التي طرأ عليها ما يبرر زيادتها عما حددت به في الطلبات الختامية أمام محكمة أول درجة نتيجة تفاقم الأضرار المبررة للمطالبة بها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر الزيادة في الحالة طلباً جديداً فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، هذا والنعي في شقه الثاني من غير محله، ذلك أنه يشترط لرفع الاستئناف الفرعي وجود استئناف أصلي، فلا يرفع الاستئناف الفرعي عن حكم لم يسبق استئنافه، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الحكم الصادر بتاريخ 13/ 6/ 1970 - الذي قضى برفض دعوى الطاعن قبل المطعون عليها الأخيرة لم يكن محل طعن بالاستئناف المرفوع من المطعون عليهم الستة الأول، فإن الاستئناف الفرعي بطلب الحكم بإلزام المطعون عليها الأخيرة بالتعويض بالتضامن مع باقي المطعون عليهم يكون غير مقبول، وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ومن ثم يكون هذا النعي لا أساس له.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 832 لسنة 48 ق جلسة 31 / 1 / 1983 مكتب فني 34 ج 1 ق 80 ص 355


جلسة 31 من يناير سنة 1983
برئاسة السيد المستشار الدكتور سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: صلاح عبد العظيم نائب رئيس المحكمة، الدكتور أحمد حسني، يحيى الرفاعي، ومحمد طموم.
-----------------
(80)

الطعن رقم 832 لسنة 48 القضائية

1 - عقد "شروط العقد". نقل "نقل بحري".

إضافة المتعاقدين شرطاً مكتوباً إلى العقد المطبوع. أثره وجوب إعمال هذا الشرط ولو تعارض مع شرط مطبوع.
2 - عقد "عقد النقل البحري". التزام. "التزامات الناقل البحري". مسئولية. نقل "نقل بحري".
التزام الناقل البحري بتسليم البضاعة المشحونة. التزام بتحقيق غاية. قيام مسئولية الناقل البحري حتى تمام التسليم الفعلي. تفريغ المرسل إليه للبضاعة لا ينبئ بذاته عن تمام التسليم الفعلي قبل التفريغ. إقامة الحكم قضاءه بنفي مسئولية الناقل عن العجز في البضاعة على أساس قيام المرسل إليه بالتفريغ. خطأ. إطراح الحكم دلالة محضر التسليم وتقرير مكتب مراقبة البضائع. قصور ومخالفة للثابت بالأوراق.
3 -  نقل "نقل بحري". عقد "شروط العقد".
نظام "فيو" دلالته.

------------------

1 - إذا استعمل المتعاقدان نموذجاً مطبوعاً للعقد وأضافا إليه - بخط اليد أو بأية وسيلة أخرى - شروطاً تتعارض مع الشروط المطبوعة وجب تغليب الشروط المضافة باعتبارها تعبر تعبيراً واضحاً عن إرادة المتعاقدين.
2 - أن التزام الناقل البحري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو التزام بتحقيق غاية، هي تسليم البضاعة المشحونة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول أياً كانت الطريقة المتفق عليها في العقد لهذا التسليم. ومن ثم فإن عقد النقل البحري لا ينقضي ولا تنتهي معه مسئولية الناقل إلا بتسليم البضاعة المشحونة إلى المرسل إليه أو نائبه تسليماً فعلياً بالقدر والحال التي وصفت بها في سند الشحن - أو إذا أثبت الناقل أن العجز أو التلف يرجع إلى قوة قاهرة أو إلى سبب أجنبي لا يد له فيه - ولما كان تفريغ البضاعة من السفينة بمعرفة المرسل إليه لا يدل بذاته على أنه تسلم البضاعة تسليماً فعلياً قبل التفريغ وتمكن من فحصها والتحقق من حالتها على نحو يرتب اعتبار العجز أو التلف الذي يتم اكتشافه بعد التفريغ حاصلاً أثناء عملية التفريغ وبسببها، لما كان ذلك، وكان الثابت من الرجوع إلى محضر التسليم المؤرخ 29/ 5/ 1975 أنه حرر بعد الانتهاء من عمليات التفريغ والتسليم التي استغرقت أربعة أيام ولم تتم إلا في تاريخ تحرير المحضر وأسفرت عن عجز قدره 228 عبوة "كرتونة"... وهو ما ثبت بتقرير مكتب المراقبة والمعاينة المقدم بأوراق الطعن، وكانت هذه الأوراق قد خلت مما يدل على أن تسليماً قانونياً تم على ظهر السفينة قبل التفريغ، فإن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - إذا اتخذ من قيام المرسل إليه بالتفريغ دليلاً على أنه تسلم الرسالة كاملة على ظهر السفينة وأن العجز والتلف حدث أثناء عملية التفريغ وبسببها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وأهدر دلالة محضر التسليم وتقرير مكتب مراقبة ومعاينة البضائع المشار إليه بما يشوبه بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق.
3 - ورود الرسالة تحت نظام "فيوF. I. O. مما يرمز له بعبارة “Free in and out” يعني أن الناقل، وهو المؤجر في مشارطات الإيجار، لا يتحمل مصروفات الشحن والتفريغ فحسب، ولا شأن لهذا النظام بمسئولية الناقل عن تسليم البضاعة المشحونة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول.



المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الهيئة الطاعنة أقامت على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 1702 لسنة 1975 تجاري كلي الإسكندرية بطلب الحكم بإلزامها أن تؤدي لها مبلغ 4794 جنيهاً و435 مليم وفوائده بواقع 5%.. وقالت بياناً لذلك أنه بتاريخ 24/ 5/ 1975 وردت لها بميناء الإسكندرية على الباخرة "ربويسايا" رسالة من الدواجن المجمدة تبين عند تسليمها في 29/ 5/ 1975 وجود عجز وتلف بها يقدر بالمبلغ المدعى به، فبادرت بالاحتجاج يومئذ لدى الشركة الطعون ضدها وأقامت دعواها بالطلبات سالفة الذكر. ومحكمة أول درجة حكمت في 17/ 5/ 1977 برفض الدعوى. استأنفت الهيئة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 273 لسنة 33 قضائية الإسكندرية. وبتاريخ 7/ 3/ 1978 قضت محكمة استئناف الإسكندرية بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الهيئة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني منهما الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق. وفي بيان ذلك تقول أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه اعتد بشرط الجهل بالوزن والعدد الوارد بسند الشحن ورتب على ذلك رفض الدعوى، رغم تمسكها بأن هذا الشرط ورد مطبوعاً بنموذج السند وأن عبارة "Clean on board" - المضافة إلى السند والتي تضمنتها بصمة خاتم أزرق اللون تفيد أن ما دون بالسند من بيانات يطابق ما تم شحنه فعلاً، وهذه الإضافة قاطعة الدلالة على أن إرادة الطرفين اتجهت إلى إعمال البيان المضاف دون الشرط المطبوع الذي يناقضه, وإذ اعتد الحكم بالشرط المطبوع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه إذا استعمل المتعاقدان نموذجاً مطبوعاً للعقد وأضافا إليه - بخط اليد أو بأية وسيلة أخرى شروطاً تتعارض مع الشروط المطبوعة وجب تغليب الشروط المضافة باعتبارها تعبر تعبيراً واضحاً عن إرادة المتعاقدين، لما كان ذلك، وكان الثابت من الرجوع إلى سند الشحن موضوع النزاع - المقدم ضمن مستندات الطعن - أنه وإن كان قد تضمن بين شروطه المطبوعة نصاً مؤداه "أن الوزن والقياس والنوع والكمية والحالة والمحتويات والقيمة غير معروفة" إلا أنه توجد في صدره عبارة مضافة تضمنتها بصمة خاتم واضحة تقرأ "Clean on board" وهى تفيد أن السند صدر نظيفاً خالياً من التحفظات، وهو ما يناقض بشكل ظاهر الشرط المطبوع سالف الذكر، ويدل بوضوح على أن إرادة المتعاقدين قد اتجهت إلى إلغاء الشرط المطبوع وإعمال البيان المضاف، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه برفض دعوى الطاعنة إلى الشرط المطبوع رغم تعارضه مع البيان المضاف على نحو ما سلف، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن الهيئة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالوجهين الأول والثاني من السبب الأول من سببي الطعن الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعواها على دعامة ثانية حاصلها أن الهيئة الطاعنة هي التي قامت بالتفريغ وأن مؤدى ذلك أن عقد النقل انتهى بالتسليم الحاصل على ظهر السفينة قبل بدء التفريغ، وأن العجز والتلف المدعى به لم يحصل ولم يكتشف عند التسليم بل اكتشف عند الصرف فيكون حاصلاً أثناء عملية التفريغ وبسببها. وهذه النتيجة التي انتهى إليها الحكم تخالف البيانات الثابتة في محضر التسليم والاستلام المحرر بعد إتمام التفريغ وفي تقرير مكتب مراقبة ومعاينة البضائع، إذْ لم يتضمن أيهما أن تسليماً سابقاً تم بين الطرفين على ظهر السفينة بمحضر مستقل وبدون عجز، بل أن الثابت بهما أن تفريغ وتسليم الشحنة استغرقت عدة أيام ولم يتم إلا عند تحرير هذا المحضر يوم 29/ 5/ 1975 وأسفر عن عجز مقداره 228 عبوة (كرتونة) وإذ كان الحكم قد أهدر هذين المستندين فإنه يكون مخطئاً في تطبيق القانون، ومشوباً بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق..
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن التزام الناقل البحري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو التزام بتحقيق غاية، هي تسليم البضاعة المشحونة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول أياً كانت الطريقة المتفق عليها في العقد لهذا التسليم، ومن ثم فإن عقد النقل البحري لا ينقضي ولا تنتهي معه مسئولية الناقل إلا بتسليم البضاعة المشحونة إلى المرسل إليه أو نائبه تسليماً فعلياً بالقدر والحال التي وصفت بها في سند الشحن - أو إذا أثبت الناقل أن العجز أو التلف يرجع إلى قوة قاهرة أو إلى سبب أجنبي لا يد له فيه - ولما كان تفريغ البضاعة من السفينة بمعرفة المرسل إليه لا يدل بذاته على أنه تسلم البضاعة تسليماً فعلياً قبل التفريغ وتمكن من فحصها والتحقق من حالتها على نحو يرتب اعتبار العجز أو التلف الذي يتم اكتشافه بعد التفريغ حاصلاً أثناء عملية التفريغ وبسببها، لما كان ذلك، وكان الثابت من الرجوع إلى محضر التسليم المؤرخ 29/ 5/ 1975 أنه حرر بعد الانتهاء من عمليات التفريغ والتسليم التي استغرقت أربعة أيام ولم تتم إلا في تاريخ تحرير المحضر وأسفرت عن عجز قدره 228 عبوة "كرتونة".. وهو ما ثبت بتقرير مكتب المراقبة والمعانية المقدم بأوراق الطعن، وكانت هذه الأوراق قد خلت مما يدل على أن تسليماً قانونياً تم على ظهر السفينة قبل التفريغ، فإن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - إذ اتخذ من قيام المرسل إليه بالتفريغ دليلاً على أنه تسلم الرسالة كاملة على ظهر السفينة وأن العجز والتلف حدث أثناء عملية التفريغ وبسببها - يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وأهدر دلالة محضر التسليم وتقرير مكتب مراقبة ومعاينة البضائع المشار إليهما بما يشوبه بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، ولا يغير من ذلك ما تمسكت به الشركة المطعون ضدها في محضر التسليم من أن الرسالة وردت تحت نظام (فيو F. I. O.  (مما يرمز له بعبارة “Free in and out” ذلك أن النظام وبافتراض صحة الاتفاق عليه - يعني أن الناقل، وهو المؤجر في مشارطات الإيجار، لا يتحمل مصروفات الشحن والتفريغ فحسب، ولا شأن لهذا النظام بمسئولية الناقل عن تسليم البضاعة المشحونة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول على نحو ما سلف البيان.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن..