الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 1 أبريل 2020

الطعن 1153 لسنة 46 ق جلسة 8 / 5 / 1977 مكتب فني 28 ق 116 ص 547


جلسة 8 من مايو سنة 1977
برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد وهبه، وأحمد موسى.
----------------
(116)

الطعن رقم 1153 لسنة 46 القضائية

(1) حكم. "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". إثبات. "اعتراف". "سرقة". "السرقة بإكراه". إكراه

إقرار المتهم بالسرقة بإكراه. بالتحقيقات. بأنه أمسك بالمجني عليها لتقيد حركتها. قول الحكم بأنه كم فاها بعد أن أمسك بها. لا عيب. أساس ذلك ؟
 (2)إثبات. "اعتراف". شهادة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تقدير قيمة الاعتراف وصحته. موضوعي.
حق محكمة الموضوع في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه. وحق غيره وأن عدل عنه متى أطمأنت إليه.
( 3، (4 سرقة. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. حكم. "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
 (3)كفاية استخلاص الحكم لركن الاختلاس. في جريمة السرقة. التحدث عنه صراحة. غير لازم.
(4) معنى القصد الجنائي في جريمة السرقة ؟
التحدث عن هذا القصد استقلالاً. غير لازم.
 (5)ارتباط. قتل. سرقة.
مناط أعمال المادة 32/ 2 عقوبات.

------------------

1 - لما كان ما أورده الحكم له معينه من الأوراق فلا يؤثر في صحته أنه قد نسب إلى الطاعن قيامه بوضع يده على فم المجني عليها بعد أن أمسك بها طالما أن الطاعن أقر بالتحقيقات بأنه أمسك بالمجني عليها بقصد تقييد حركتها وهو ما تتحقق به المساهمة في الجريمة التي دين بها. وليس بذي مال أن تكون المساهمة بتقييد حركة المجني عليها أو بتكميم فمها.
2 - أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وأن عدل عنه من بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والوقائع.
3 - يكفي أن تستخلص المحكمة وقوع السرقة لكي يستفاد توافر فعل الاختلاس دون حاجة إلى التحدث عنه صراحة.
4 - القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام المسلم عند الجاني وقت ارتكابه الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد بل يكفي أن يكون مستفاداً منه.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن انطباق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بقوله: "وحيث إنه عن الطلب الخاص بتطبيق المادة 32/ 2 عقوبات فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن الجناية رقم 986 لسنة 1972 باب الشعرية والتي حكم فيها على المتهمين كانت سابقة بمدة على الجناية الحالية ومختلفة موضوعاً فمن ثم لا يمكن القول أن الجريمتين قد انتظمتهما خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منهما مجتمعه الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد بالمادة 32/ 2 عقوبات بل أن في حصول الجريمتين في تاريخ وأمكنه وظروف مختلفة هو ما يعتبر بذاته أن ما وقع من المتهمين في كل جريمة لم يكن وليد نشاط إجرامي واحد وبذلك لا يتحقق الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين الجريمة وموضوع الدعوى مما يكون معه هذا الطلب على غير أساس سليم فتعين رفضه". وهذا الذي أورده الحكم يتفق في جملته وصحيح القانون ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات تنص على أنه إذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، فتطبيق هذا النص يتطلب توافر شرطين أولهما وحدة الغرض والثاني عدم القابلية التجزئة. لما كان ذلك، وكان لا يصح القول بوحدة الواقعة فيهما يختص بالأفعال المسندة إلى الطاعن إلا إذا اتحد الحق المعتدى عليه فإذا اختلف فإن السبب لا يكون واحداً على الرغم من وحدة الغرض. ولما كان الحق المعتدى عليه في الجناية رقم 986 لسنة 1972 باب الشعرية هو قتل ...... بقصد السرقة يختلف اختلافاً بيناً عن الحق المعتدى عليه في الجناية موضوع الطعن وهو شروع في سرقة (......) بالإكراه فان النعي في هذا الخصوص يكون غير سديد



الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر حكم ببراءته بأنهم في ليلة 6 من أبريل سنه 1972 بدائرة قسم العجوزة محافظة الجيزة شرعوا في سرقة نقود...... بطريق الإكراه الواقع عليها والتهديد باستعمال السلاح وبدخول المتهمين الأول والثاني والثالث مسكنها بواسطة تزي المتهم الأول بزي ضابط شرطة حالة كونه حاملاً سلاحاً ظاهراً (سكيناً) هددها به وكمم الثاني فاها وأمسك الثالث بها بينما كان المتهمان الرابع والخامس بأسفل المسكن لشد أزرهم وإذ قاومتهم المجني عليها طعنها الأول بالسكين فأحدث إصابتها الموصوفة بالتقرير الطبي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو استغاثة المجني عليها وفرارهم خشية ضبطهم. المتهم الأول: ليس علانية كسوه رسمية بغير أن يكون حائزاً للرتبة التي تخول له ذلك وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. فقرر ذلك. وادعت....... (المجني عليها) مدنياً قبل المتهمين جميعاً بالتضامن بمبلغ 51 ج واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 و46 و313 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات (أولاً) بمعاقبة المتهمين الأول والثاني (الطاعنين) بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشرة سنة. (ثانياً) بمعاقبة المتهمين الثالث والرابع (الطاعنين) بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات. (ثالثاً) بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض الأول والثاني في 15 من أبريل سنة 1977 والثالث والرابع في 17 من أبريل سنة 1977 وقدم الأستاذ..... المحامي تقرير الأسباب في 24 من الشهر ذاته موقعاً عليه منه كما قدم أيضاً الأستاذ........ المحامي تقريراً بالأسباب في 21 مايو سنة 1975 موقعاً عليه منه، وذلك عن الطاعن الثاني ولم يقدم باقي الطاعنين أسباباً لطعنهم.


المحكمة
من حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التقرير بالطعن في الحكم هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه. لما كان ذلك، وكان الطاعنون الأول والثالث والرابع وإن قرروا بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم، فإنه يكون غير مقبول شكلاً.

وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني....... قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة شروع في سرقة بالإكراه قد أخطأ في الإسناد وشابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن خطأ الحكم في تحصيل الواقعة التي دين بها الطاعن بأن أورد أن اتفاقاً تم بين الطاعن وباقي المحكوم عليهم على سرقة نقود المجني عليها رغم نفي الطاعن بإقراره بالتحقيقات ذلك الاتفاق وإنما قرر بأنه توجه معهم لقضاء سهرة بمسكن المجني عليها. كما نسب الحكم للمجني عليها القول بأن الطاعن كمم فمها وأن المحكوم عليهما الأخيرين حضرا إلى مسكنها قبل الحادث وذلك خلافاً لما قررته بأن الطاعن كان يجلس أثناء الحادث على مقعد أمامها. كما استند الحكم لأقوال أميني الشرطة ومعاون المستشفى رغم أنهم لم يشاهدوا الواقعة. وهذا الخطأ أدى بالحكم إلى الفساد في استخلاص صورة الواقعة الصحيحة للدعوى، إذ لم تنسب المجني عليها للطاعن والآخرين سؤالها عن نقودها أو حتى محاولتهم البحث عنها وهو ما ينتفي به قصد السرقة الذي فات الحكم التحدث عنه ولا تعدو أن تكون الواقعة بذلك جنحة دخول منزل "فيلاً" من أكثر من شخص مع حمل سلاح بقصد منع حيازته بالقوة. هذا وقد التفت الحكم عن طلب الطاعن المبدى بمذكرته المقدمة بجلسة 10 من ديسمبر سنة 1974 بمناقشة أميني الشرطة، وقد أثبت بمحضر الجلسة تنازله عن سماعهما خلافاً لما أبداه. كما لم يعرض الحكم للدفع الذي أبداه بتلك المذكرة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر عليه في الجناية رقم 986 لسنة 1972 باب الشعرية وأوقع الحكم عقوبة مستقلة رغم أنها وتلك الجناية مرتبطتان ارتباطا لا يقبل التجزئة وتكونان نشاطاً إجرامياً واحداً لغرض واحد مما كان يتعين معه الاكتفاء بالعقوبة الصادرة في الجناية رقم 986 لسنة 1972 باب الشعرية باعتبارها الجريمة الأشد عملاً بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات. هذا فضلاً عن أن الحادث ارتكب صباحاً مما يتخلف معه ظرف الليل أحد أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 313 عقوبات التي دين بها الطاعن كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حصل صورة الواقعة بما مجمله أن اتفاقاً تم بين الطاعن وباقي المحكوم عليهم و....... على سرقة نقود المجني عليها وتنفيذاً لهذا الغرض صعد المحكوم عليهما الأخيران ليلة الحادث إلى مسكنها للتحقق من وجودها به بمفردها وحينما تأكد لهما ذلك انصرفوا جميعاً ثم عادوا الساعة 4 و30 دقيقة فوقف الأخيران أسفل المنزل لمراقبة الطريق بينما صعد الطاعن والمحكوم عليه الأول و........ إلى مسكن المجني عليها وارتدى ثانيهم سترة ضابط شرطة وطرقوا الباب ففتحته المجني عليها بعد أن أوهموها أنهم من رجال الشرطة فسمحت لهم بالدخول وزعموا لها أن أخاها متهم في قضية مخدرات وطلبوا مرافقتهم إلى القسم وإذ رفضت وفتحت الباب لينصرفوا أمسك بها الطاعن...... وكمم أولهما فمها وأشهر المحكوم عليه الأول سكيناً في وجهها وحينما قاومتهم ضربها بذلك السكين فأحدث إصاباتها إلا أنها تمكنت من رفع يد الطاعن عن فمها واستغاثت فلاذوا بالفرار خشية ضبطهم. ثم أورد الحكم أدله على ثبوت الواقعة في حق الطاعن مستمدة من أقوال المجني عليها تتفق مع ما حصله الحكم وتعرفها على الطاعن في العرض القانوني ومن أقوال أمين الشرطة....... و........ عن ضبطهم المحكوم عليه الأول والأخيرين بحالة مربية أمام مستشفى العجوزة ومما قرره....... عن عثوره على ستره ضابط ملوثه بالدماء بفناء المستشفى، ومن اعتراف المحكوم عليهم و....... بالتحقيقات بارتكابهم الحادث ومما ثبت من التقرير الطبي الشرعي عن حدوث إصابات المجني عليها من السكين المضبوط. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه – فيما سلف بيانه – له معينه الصحيح من أوراق الدعوى على ما يبين من الاطلاع علي المفردات المضمومة إذ أقر المحكوم عليهم الآخرين باعترافهم في التحقيقات يسبق اتفاقهم مع الطاعن....... على سرقة نقود المجني عليها من مسكنها قبل ارتكاب الحادث. وأقر الطاعن أنه و........ صحبا المحكوم عليه الأول إلى مسكن المجني عليها وأنهما أمسكا بها لتقييد حركتها حينما حاولت الاستغاثة وأضاف بأقواله الشفوية أن استغاثتها كانت بسبب محاولة سرقتها. وأقر......... بأقواله بتحقيقات الجناية رقم 986 لسنة 1972 باب الشعرية المرفقة صورتها أن الطاعن والمحكوم عليه الأول انقضا على المجني عليها. كما أن المجني عليها تعرفت على الطاعن و....... - في العرض القانوني الذي أجرته النيابة العامة – على أنهما شريكا المحكوم عليه الأول في ارتكاب الحادث وقررت في التحقيقات أنهما أمسكا بها وكمم أحدهما فمها وأن المحكوم عليه الأول أشهر السكين عليها وضربها به، كما قررت أن المحكوم عليه........ وآخر لم تتبينه حضرا إلى مسكنها مساءاً وسأل أولهما عن شخص لا تعرفه. وقرر أمينا الشرطة ومعاون المستشفى بالتحقيقات بما يتفق مع ما نقله الحكم عنهم. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم له معينه من الأوراق فلا يؤثر في صحته أنه قد نسب إلى الطاعن قيامه بوضع يده على فم المجني عليها بعد أن أمسك بها طالما أن الطاعن أقر بالتحقيقات بأنه أمسك بالمجني عليها بقصد تقييد حركتها وهو ما تتحقق به المساهمة في الجريمة التي دين بها. وليس بذي بال أن تكون المساهمة بتقييد حركة المجني عليها أو بتكميم فمها، أما عن نفي الطاعن الاتفاق السابق مع باقي المحكوم عليهم على ارتكاب الحادث فإن الحكم لم يسند إليه القول بوجود هذا الاتفاق وإنما استخلصه من اعتراف باقي المحكوم عليهم بالتحقيقات – السالف بيانها – لما هو مقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه من بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، ومن ثم تنحسر عن الحكم قاله الخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان يكفي أن تستخلص المحكمة وقوع السرقة لكي يستفاد توافر فعل الاختلاس دون حاجة إلى التحدث عنه صراحة، وكان القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكابه الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الشروع في السرقة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدله سائغا لها أصلها في الأوراق حسبما سبق بيانه – فإن منعي الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة التي بدأت في 11 مارس سنه 1974 وتكرر تأجيلها حتى نظرت بجلسة 7 من أبريل سنه 1975 وفيها أثبت أن النيابة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات التي تليت بتلك الجلسة وقد ترافع الدفاع عن الطاعن دون أن يطلب سماع شهود الإثبات فإنه يعد متنازلاً عن طلبه المبدي بمذكرته المقدمة بجلسة 10 من ديسمبر سنة 1974 ذلك أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية ولما هو مقرر أن نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديل القانون رقم 113 لسنه 1957 يجيز للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، أما نعي الطاعن بطلان إجراءات المحاكمة لإثبات تنازله عن سماع الشهود خلافاً لما أبداه فمردود بأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما ثبت بمحضر الجلسة عن تنازله عن سماع الشهود إلا بالطعن بالتزوير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن انطباق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بقوله: "وحيث إنه عن الطلب الخاص بتطبيق المادة 32/ 2 عقوبات فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن الجناية رقم 986 لسنة 1972 باب الشعرية والتي حكم فيها على المتهمين كانت سابقة بمدة على الجناية الحالية ومختلفة موضوعاً فمن ثم لا يمكن أن الجريمتين قد انتظمتهما خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منهما مجتمعة الوحدة الإجرامية التي أعناها الشارع بالحكم الوارد بالمادة 32/ 2 عقوبات بل أن في حصول الجريمتين في تاريخ وأمكنه وظروف مختلف هو ما يعتبر بذاته أن ما وقع من المتهمين في كل جريمة لم يكن وليد نشاط إجرامي واحد بذلك لا يتحقق الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين الجريمة وموضوع الدعوى مما يكون معه هذا الطلب على غير أساس فيتعين رفضه". وهذا الذي أورده الحكم يتفق في جملته وصحيح القانون ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات تنص على أنه إذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لاتقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، فتطبيق هذا النص يتطلب توافر شرطين أولهما وحدة الغرض والثاني عدم القابلية للتجزئة. لما كان ذلك، وكان لا يصح القول بوحدة الواقعة فيما يختص بالأفعال المسندة إلى الطاعن إلا إذا اتحد الحق المعتدى عليه فإذا اختلف فإن السبب لا يكون واحداً على الرغم من وحدة الغرض. لما كان الحق المعتدى عليه في الجناية رقم 986 لسنة 1972 باب الشعرية هو قتل....... بقصد السرقة يختلف اختلافاً بيناً عن الحق المعتدى عليه في الجناية موضوع الطعن وهو شروع في سرقة...... بالإكراه فإن النعي في هذا الخصوص يكون غير سديد. وترتيباً على ما تقدم فإن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الجناية رقم 986 لسنة 1972 باب الشعرية يكون على غير أساس ولا تثريب على المحكمة إن لم ترد عليه لما هو مقرر أن الدفع القانوني ظاهر البطلان لا يستأهل من المحكمة رداً. لما كان ذلك، وكان لا جدوى مما يعيبه الطاعن على الحكم بصدد إثباته توافر ظرف الليل وتطبيقه بالتالي نص المادة 313 من قانون العقوبات – بدلاً من نص المادة 314 من هذا القانون – طالما أن العقوبة المقضي بها تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها في المادة 304 سالفة الذكر والتي ينعي على الحكم عدم إعمالها في حقه وذلك بغرض عدم توافر ظرف الليل – لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.


الطعن 1159 لسنة 46 ق جلسة 8 / 5 / 1977 مكتب فني 28 ق 117 ص 556


جلسة 8 من مايو سنة 1977
برياسة السيد المستشار/ حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد وهبه، وأحمد موسى.
-------------
(117)
الطعن رقم 1159 لسنة 46 القضائية

 (1)مواد مخدرة. جلب. جريمة. "أركانها".
معنى جلب المخدر في حكم القانون 182 لسنة 1960؟
نقل مخدر من مركب أجنبي إلى سفينة في نطاق المياه الإقليمية على خلاف أحكام القانون يتحقق به الجلب.
(2) جريمة "أركانها" قصد جنائي. مواد مخدرة. جلب.
قيام المتهم بفض أجولة ووضعه أكياس النايلون المعبأة بالأفيون التي كانت بداخل هذه الأجولة في مكان خفي بجسم سفينة. يتوافر به علمه بكنه هذا المخدر.

------------------
1 - إن الجلب في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 – في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها – غير مقصور على صورة استيراد الجواهر المخدرة من خارج جمهورية مصر العربية وإدخالها إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدد دولياً فحسب، بل إنه يمتد ليشمل كذلك كافة الصور التي يتحقق بها نقل المخدر – ولو في داخل نطاق ذلك المجال – على خلاف أحكام الجلب المنصوص عليها في المواد من 3 إلى 6 التي رصد لها المشرع الفصل الثاني من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة وتصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الإلزام والوجوب، فضلاً عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله، وإيجابه على مصلحة الجمارك تسلم هذا الإذن من صاحب الشأن وإعادته إلى تلك الجهة، وتحديده كيفيه الجلب بالتفصيل. يؤكد هذا النظر – فوق دلالة المعنى اللغوي للفظ "جلب"، أي ساق من موضع إلى آخر – أن المشرع لو كان يعنى الاستيراد بخاصة لما عبر عنه بالجلب بعامة، ولما منعه من إيراد لفظ "استيراد" قرين لفظ "تصدير" على غرار نهجه في القوانين الخاصة بالاستيراد والتصدير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين نقلا الجوهر المخدر من المركب الأجنبي خارج بوغاز رشيد – في نطاق المياه الإقليمية – على ظهر السفينة إلى داخل البوغاز , على خلاف أحكام القانون المنظمة لجلب الجواهر المخدرة – وأخصها استيفاء الشروط التي نص عليها، والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة التي حددها – فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به في القانون.
2 - لما كان الحكم قد أورد في بيان واقعة الدعوى أن الطاعنين الثاني والثالث قاما – بناء على تكليف من رئيس البحارة الطاعن الأول – بفض محتويات الأجولة العشرين التي نقلاها من المركب الأجنبي إلى ظهر السفينة ووضعا أكياس النايلون المعبأة بالأفيون، التي كانت بداخل تلك الأجولة – بواقع أربعين كيساً في الجوال الواحد. في مكان خفي بجسم السفينة، عبارة عن حاجز مفرغ صنع بين حجرة الماكينة وحجرة الثلاجة له فتحة في جدار هذه الحجرة لها غطاء يثبت بطريق الحشر ولا يظهر للعيان، وقد أدخلا كميات الأفيون من الفتحة وأحكما تركيب الغطاء بحيث لم يمكن الاهتداء إليها إلا بعد قيام رجال حرس السواحل بتفتيش السفينة بحثًا عنها قرابة ثلاث ساعات وبعد شروعهم في كسر أجزاء من جدار الثلاجة، ثم استخلص الحكم – من واقع أدلة الثبوت في الدعوى – توافر أركان الجريمة في حق الطاعنين بقوله وإذ يثبت من أدله الثبوت سالفة الإشارة إليها اشتراكهما في تفريغ المخدرات من حمولتها ونقلها إلى المخبأ السري بالثلاجة فهو يفصح عن فعل من جانبهم يسهم بذاته في إتمام عملية جلب المخدر بمدلولها القانوني، لما كان ذلك، وكان هذا الذي ساقه الحكم من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها كافياً في الدلالة على توافر علم الطاعنين بكنه الجوهر المخدر المضبوط الذي استخرجاه بأكياسه من الأجولة التي نقلاها من المركب الأجنبي، وأخفياه في مخبأ سرى بالسفينة – توافراً فعلياً – بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن الحكم يكون مبرأ من قالة القصور في التسبيب التي يرميه بها الطاعنان.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم في يوم 9 من أبريل سنه 1970 بدائرة مركز رشيد محافظة البحيرة جلبوا جواهر مخدرة (أفيوناً) بغير ترخيص وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للمواد 1 و2 و3 و4 و33/ أ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1960 والبند 1 من الجدول المرفق. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و30 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين (الطاعنين) بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهم ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليهم (الطاعنين) في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد، إلا أنه لم يودع الأسباب التي بنى عليها طعنه. ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة بالطعن وإن إيداع أسبابه في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وإن التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بنى عليها يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه، فإن الطعن المقدم من هذا الطاعن يكون غير مقبول شكلاً لعدم إيداع أسبابه.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الثاني والثالث قد استوفى الشكل المقرر في القانون. وحيث إن مبنى هذا الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة جلب جوهر مخدر، قد انطوى على تناقض وخطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب. ذلك بأن الحكم وإن خلص من استعراضه أدلة الثبوت في الدعوى إلى أن الطاعنين قد تسلما الجوهر المخدر من مركب أجنبي وقاما بنقله داخل المياه الإقليمية، مما مفاده أن الحكم ذهب إلى أن النقل قد تم من خارج تلك المياه، إلا أنه في مستهل تحصيله واقعه الدعوى أورد – على عكس ذلك – أن السفينة التي يعمل الطاعنان ملاحين بها حصلت على المخدر في المياه الإقليمية، مع أن هذا الفعل لا يتوافر به الركن المادي لجريمة جلب الجواهر المخدرة إذا هو لا يتحقق إلا باستيراد المخدر من دولة أجنبية. ثم إن الحكم المطعون فيه، مع تسليمه بأن سلطة رئيس البحارة على الطاعنين أثناء الرحلة سلطة مطلقة – في حدود أوامره المشروعة – وبالرغم من أن الأمر الذي صدر منه لهما كان منصباً على نقل أجولة مغلقه من المركب الأجنبي إلى ظهر السفينة، فإن الحكم ساءلهما عن فعل الجلب دون أن يورد ما يدل على توافر علمهما بكنه ما بداخل هذه الأجولة وقت قيامهما بتنفيذ ذلك الأمر.
وحيث إن البين من الحكم المطعون فيه – سواء في معرض بيانه واقعه الدعوى، أو في صدد استخلاصه من أدلة الثبوت فيها تحقق فعل الجلب في حق الطاعنين – أنه استقر على أنهما قاما بنقل الجوهر المخدر المضبوط من مركب أجنبي، داخل المياه الإقليمية، إلى السفينة – التي يعملان ملاحين بها – بعد خروجها من بوغاز رشيد إلى عرض البحر، ثم تمت واقعة الضبط بعد عودة السفينة إلى البوغاز ودخولها منه إلى شاطئ المصيف، ومن ثم فلا أثر في الحكم للتناقض الذي يعيبه عليه الطاعنان. لما كان ذلك، وكان الجلب في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 – في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها – غير مقصور على صورة استيراد الجواهر المخدرة من خارج جمهورية مصر العربية وإدخالها إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدود دولياً فحسب، بل إنه يمتد ليشمل كذلك كافة الصور التي يتحقق بها نقل المخدر – ولو في داخل نطاق ذلك المجال – على خلاف أحكام الجلب المنصوص عليها في المواد من 3 إلى 6 التي رصد لها المشروع الفصل الثاني من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة وتصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الإلزام والوجوب، فضلاً عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله. وإيجابه على مصلحه الجمارك تسلم هذا الإذن من صاحب الشأن وإعادته إلى تلك الجهة، وتحديده كيفية الجلب بالتفصيل. يؤكد هذا النظر – فوق دلالة المعنى اللغوي للفظ "جلب". أي ساق من موضع إلى آخر – أن المشرع لو كان يعنى الاستيراد بخاصة لما عبر عنه بالجلب بعامة، ولما منعه مانع من إيراد لفظ "استيراد" قرين لفظ "تصدير" على غرار نهجه في القوانين الخاصة بالاستيراد والتصدير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين نقلا الجوهر المخدر من المركب الأجنبي خارج بوغاز رشيد – في نطاق المياه الإقليمية – على ظهر السفينة إلى داخل البوغاز، على خلاف أحكام القانون المنظمة لجلب الجواهر المخدرة – وأخصها استيفاء الشروط التي نص عليها، والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة التي حددها – فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به في القانون، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيقه غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم قد أورد في بيان واقعه الدعوى أن الطاعنين الثاني والثالث قاما – بناء على تكليف من رئيس البحارة الطاعن الأول – بفض محتويات الأجولة العشرين التي نقلاها من المركب الأجنبي إلى ظهر السفينة ووضعا أكياس النايلون المعبأة بالأفيون، التي كانت بداخل الأجولة – بواقع أربعين كيساً في الجوال الواحد – في مكان خفي بجسم السفينة، عبارة عن حاجز مفرغ صنع بين حجرة الماكينة وحجرة الثلاجة له فتحة في جدار هذه الحجرة لها غطاء يثبت بطريق الحشر ولا يظهر للعيان، وقد أدخلا كميات الأفيون من الفتحة وأحكما تركيب الغطاء بحيث لم يمكن الاهتداء إليها إلا بعد قيام رجال حرس السواحل بتفتيش السفينة بحثاً عنها قرابة ثلاث ساعات وبعد شروعهم في كسر أجزاء من جدار الثلاجة، ثم استخلص الحكم – من واقع أدلة الثبوت في الدعوى – توافر أركان الجريمة في حق الطاعنين بقوله "وإذ ثبت من أدلة الثبوت سالفة الإشارة إليها إشتراكهما في تفريغ المخدرات من حمولتها ونقلها إلى المخبأ السري بالثلاجة فهو يفصح عن فعل من جانبهم يسهم بذاته في إتمام عملية جلب المخدر بمدلولها القانوني". وإذ كان هذا الذي ساقه الحكم من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها كافياً في الدلالة على توافر علم الطاعنين بكنه الجوهر المخدر المضبوط الذي استخرجاه بأكياسه من الأجولة، التي نقلاها من المركب الأجنبي، وأخفياه في مخبأ سرى بالسفينة – توافراً فعلياً – بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن الحكم يكون مبرأ من قالة القصور في التسبيب التي يرميه بها الطاعنين. لما كان ما تقدم، فإن طعنهما برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 958 لسنة 46 ق جلسة 9 / 5 / 1977 مكتب فني 28 ق 120 ص 569


جلسة 9 من مايو سنة 1977
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وإسماعيل محمود حفيظ، والسيد محمد مصري شرعان، ومحمد عبد الحميد صادق.
--------------
(120)
الطعن رقم 958 لسنة 46 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطنها في تقدير الدليل". إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات. "بوجه عام". "قرائن".
حق القاضي في تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها. ما لم يقيده القانون بدليل معين.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "شهود". استيلاء على مال إحدى الشركات المملوكة للدولة. 
جناية تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الشركات أو الإضرار العمدي بمصالحها أو التزوير في محرراتها. ليس لها طريق خاص للإثبات.
تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع.
(3) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات. "بوجه عام".
لا يعيب الحكم التفاته عن دفاع المتهم الموضوعي. حسبه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه.
 (4)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". "إجراءات المحاكمة" إثبات. "بوجه عام".
حق المحكمة في الإعراض عن تحقيق دفاع الطاعن ما دامت الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى قد وضحت لديها.
(5) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي
(6) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام"
عدم تقيد المحكمة بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر فقط. حقها في الركون في سبيل تكوين عقيدتها إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المطروحة.
 (7)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية.
(8) إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناقضة الصورة الصحيحة التي ارتسمت في وجدان القاضي. مستمداً إياها مما له معينه من الأوراق. غير مقبولة.
 (9)إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات. "بوجه عام". "شهود". 
وجوب طرح كافه المستندات وأدلة الثبوت على بساط البحث بالجلسة. أساس ذلك.

--------------
1 - من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
2 - لما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الشركة أو الإضرار العمدي بمصالحها أو التزوير في محرراتها طريقاً خاصاً، وكان الحكم المطعون فيه عول على أقوال شهود الإثبات وما خلص إليه تقرير لجنه الفحص وما ثبت للمحكمة من اطلاعها على مستندات الصرف في ثبوت الاتهام وإدانة الطاعنين، وكان من المقرر أن تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع فلا يعيبه الالتفات عن أي دفاع موضوعي.
3 - لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على ما أثاره الطاعنان من أوجه دفاع موضوعية وحبسه أنه أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجرائم المسندة إليهما ولا عليه إن هو لم يتعقب المتهم في كل جزئية من جزيئات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
4 - لما كانت الواقعة قد وضحت للمحكمة مما ساقته من أدلة وقرائن وخلصت إلى صورتها الصحيحة التي ارتسمت في وجدانها من جماع الأدلة المطروحة أمامها على بساط البحث والتي لها أصل في الأوراق، فإنه لا تثريب عليها إن هي أعرضت عن دفاع الطاعنين بمعاينة السيارات أو ضم مستندات أخرى بعد أن توصلت إلى حقيقة الأمر في الدعوى مما لا يدعو إلى مزيد من التحقيق. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن دعوى القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.
5 - وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشهود دل ذلك على إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - قول الدفاع بوهمية الإصلاحات مردود بأن المحكمة غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر بل لها أن تركن في سبيل عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المطروحة عليها.
7 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال قناعة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
8 - لما كان الطاعنان لا يماريان في أن ما حصله الحكم من أقوال الشهود له معينه من الأوراق فلا يعدو الطعن بدعوى الخطأ في الإسناد أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض.
9 - لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة بجلسة 11/ 3/ 1970 عرضت على الشاهد الأوراق المودعة بالقضية وطلبت منه الإرشاد عن الفواتير ومدى اتصالها بالمتهمين وذلك في حضور الطاعنين والمدافع عنهما. كما عرضت عليه إحدى الفواتير لإبداء ملحوظاته عليها، الأمر الذي يفيد أن الفواتير المزورة كانت على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم ليبدي كل منهم رأيه فيها ويطمئن إلى أنها هي التي دارت مرافعته عليها، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم خلال الفترة من يناير سنة 1965 حتى يونيه سنة 1965 المتهمون الأول والثاني والثالث (أولاً) بصفتهم موظفين عموميين الأول رئيس ورشة فرع الزقازيق بشركة النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا التابعة للقطاع العام والثاني المدير المالي لها والثالث رئيس قسم المراجعة والميزانية المالية بها – سهلوا للمتهم الرابع الاستيلاء بغير حق على مبلغ 500 م 2494 جنيهاً من مال الشركة المذكورة بأن قاموا باعتماد فواتير غير صحيحة قدمها المتهم الرابع والتي تفيد القيام بعمليات إصلاح وهمية والتأشير عليها بما يفيد مراجعتها وصلاحيتها للصرف وبذلك مكنوا للمتهم الرابع من صرف قيمتها. (ثانياً) بصفتهم السابقة أحدثوا عمداً إضراراً بأموال ومصالح شركة النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا التي يعملون بها بأن تسببوا بالطرق السابقة قى ضياع أموالها. المتهمان الأول والثاني أيضاً بصفتهما السابقة البيان سهلا للمتهم الرابع الاستيلاء كذلك بغير حق على مبلغ 3113 جنيهاً من مال الشركة المذكورة بأن قام باعتماد فواتير غير صحيحة قدمها المتهم الرابع بقصد إثبات عمليات إصلاح وهمية وأشر عليها بما يفيد الاعتماد والصلاحية للصرف فمكناه بذلك من صرف هذا المبلغ. المتهم الرابع (أولاً) اشترك مع المتهمين الثلاثة الأول بطريق الإنفاق في ارتكاب الجريمتين سالفتي الذكر بأن اتفق معهم على تقديم فواتير غير صحيحة تفيد قيامه بإجراء إصلاحات وهمية لصرف قيمتها إليه وذلك بأن اصطنع هذه الفواتير تنفيذاً لهذا الاتفاق وقدمها لهم فأشروا عليها بما يفيد الاعتماد والصلاحية للصرف فكان أن تمت هاتين الجريمتين بناء على ذلك الاتفاق. (ثانياً) ارتكب تزويراً في محررات شركة النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا التابعة للقطاع العام بأن اصطنع الفواتير أرقام 8024 و8025 و8028 و8031 و8030 و8017 و8270 و8017 و8317 و8368 و8365 و8373 و8376 و8378 و8381 و8384 و8387 وأثبت فيها على خلاف الحقيقة قيامه بإجراء إصلاحات وهمية لبعض معدات الشركة بغية الحصول على قيمة هذه الإصلاحات بغير وجه حق. (ثالثاً) استعمل المحررات المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها بأن حولها لهؤلاء الموظفين لاتخاذ اللازم نحو اعتمادها وصرفها إليه. المتهم الثاني أيضاً: اشترك بطريق المساعدة مع موظف حسن النية هو....... الموظف بالإدارة المالية بالشركة في ارتكاب تزوير في محررات الشركة هي أوامر الإصلاح المبينة بالأوراق بأن قدمها له وطلب منه تحرير أوامر الإصلاح المذكورة من واقع الفواتير المزورة سالفة الذكر فكان أن تمت الجريمة بناء على هذه المساعدة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام فصدر قراره بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت في الدعوى حضورياً (أولاً) بمعاقبة كل من....... (الطاعن الأول)....... و........ و.......... (الطاعن الثاني) بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات.(ثانياً) بعزل المتهمين الثلاثة الأول من وظائفهم. (ثالثاً) بإلزامهم جميعاً برد مبلغ 2994 ج و500 م وتغريمهم مثله. (رابعاً) بإلزام الأول والثاني والرابع برد مبلغ 3113 وتغريمهم مثله. (خامساً) باعتبار المدعين بالحق المدني تاركين لدعواهم وإلزامهم المصاريف. فطعن المحكوم عليهما الأول والرابع في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين الطاعن الأول – مع آخرين – بجرائم تسهيل الاستيلاء بغير وجه حق على مال لإحدى شركات القطاع العام والإضرار عمداً بمصالحها والطاعن الثاني بالاشتراك في ذلك وتزوير محررات الشركة واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والبطلان في الإجراءات، ذلك بأن المدافع عن الطاعنين تمسك بأن الإصلاحات التي تضمنتها الفواتير هي إصلاحات حقيقية تمت بالفعل بسيارات الشركة وكانت في حاجة إليها بحكم قدمها واستهلاكها وطلب معاينتها بمعرفة الخبراء الفنيين للوقوف على حقيقتها غير أن المحكمة أعرضت عن هذا الدفاع ولم تعن بتحقيقه رغم جوهريته. كما التفتت عن طلبه استكمال مستندات الدعوى الناقصة والتي كانت مجال تحقيقات سابقة من جهات الرقابة انتهت إلى عدم صحة ما نسب إلى الطاعنين. كما استدل الحكم على وهمية الإصلاحات الموضحة بالفواتير موضوع الدعوى بما قرره شهود الإثبات وما أثبته تقرير لجنة الفحص من مخالفتها للإجراءات والأصول المقررة باللوائح والكتب الدورية للشركة في حين أن دفاع الطاعنين قد انصبت على أنه لم تكن هناك لائحة منظمة لقواعد العمل في غضون الواقعة بل صدرت لائحة لاحقة عليها في سنة 1970، وأن بعض شهود الإثبات شهدوا بعدم وجود تعليمات أو لائحة تحكم قواعد الإصلاح ولم يجزموا بوهمية الإصلاحات وبالرغم من ذلك تساند الحكم إلى أقوالهم. كما خلت محاضر جلسات المحاكم مما يفيد فحص مستندات الدعوى في حضرة المتهمين أو المدافعين عنهم، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين في مدوناته ما تكفى لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما بيتها المحكمة وبما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير لجنة الفحص في شأن ما أسفر عنه فحص مستندات الصرف وفحص دفتر بوابة فرع القاهرة وما ثبت للمحكمة من الاطلاع على الفواتير موضوع التحقيق ومستندات صرفها وما ورد بتعليمات رئيس مجلس إدارة الشركة بتاريخ 17 مارس سنة 1963 في شأن الإصلاحات الخارجية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه. لما كان ذلك، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الشركة أو الإضرار العمدي بمصالحها أو التزوير في محرراتها طريقاً خاصاً، وكان الحكم المطعون فيه عول على أقوال شهود الإثبات وما خلص إليه تقرير لجنة الفحص وما ثبت للمحكمة من اطلاعها على مستندات الصرف من ثبوت الاتهام وإدانة الطاعنين، وكان من المقرر أن تقدر أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على ما أثاره الطاعنان من أوجه دفاع موضوعية وحسبه أنه أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما أستخلصه من وقوع الجرائم المسندة إليهما ولا عليه إن هو لم يتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت من واقع تقرير لجنة فحص المستندات وأقوال....... رئيس اللجنة أن حجم عمليات الإصلاح الخارجية التي تم صرفها من خزينة الإدارة العامة خلال الفترة من يناير سنة 1962 إلى آخر يونيه سنة 1965 قد انفرد بها الطاعن الثاني وبلغت قيمة المبالغ المنصرفة عن هذه العمليات 23137 ج و300 م وبلغ عدد أذون الصرف الخاصة بهذه العمليات 59 إذناً لم يعثر منها إلا على اثنى عشر إذناً مجموع قيمتها 5607 ج و500 م قدم منها ثلاثة وعشرين فاتورة وهى المتعلقة بالفترة من يناير إلى يونيه سنة 1965 والتي دار في شأنها تحقيق النيابة، وأنه تبين من فحص أذون الصرف سالفة الذكر والمستندات المرفقة بها أن عمليات الإصلاح تكاد تكون متشابهة وبأعداد ضخمة متقاربة وأنه لم يتخذ بشأنها الإجراءات السليمة التي تتطلبها مثل تلك العمليات لعدم وجود مقايسة من المهندس المختص بتحديد الأصناف المطلوب عمل إصلاحات لها والقيمة التقديرية للإصلاحات التي تتطلبها وعدم إيضاح رأى الورش الفنية التابعة للشركة في شأن إمكانية قيامها بالإصلاح المطلوب وعدم إجراء مناقصة أو ممارسة لمثل تلك العمليات وعدم وجود إجراءات مخزنية تفيد خروج الأدوات المستعملة من مخزن الاستبدال أو إعادتها إليه بعد عمليات الإصلاح وعدم وجود محضر لجنة الفحص بتقرير حاله القطع المستصلحة وأن الطاعن الأول لم يقم باستيفاء الإجراءات الضرورية سالفة الذكر وبالنسبة للفواتير موضوع التحقيق وأنه نظراً لوهميتها فقد أشر على أوامر إصلاحها بإرسالها للإدارة العامة للصرف حتى يظل أمر وهمية ما بها من إصلاحات خافياً على فرع القاهرة المختص بالصرف في حين أنه كان يلتزم التعليمات والإجراءات السليمة فيما يختص بالفواتير المنصرفة من خزينة الفرع قد ثبت من فحص دفاتر مخزن القاهرة ودفتر البوابة أن شيئاً مما دون بالفواتير موضوع التحقيق قد قيد بأن الدفترين بالرغم من إثبات فواتير أخرى مقدمة من الطاعن الثاني عن إصلاحات حقيقية أجراها لحساب فرع القاهرة ووجدت مقيدة بدفتر البوابة وبدفتر المخزن حال إرسالها وحال إعادتها. لما كان ذلك، وكانت الواقعة قد وضحت للمحكمة مما ساقته من أدلة وقرائن وخلصت إلى صورتها الصحيحة التي ارتسمت في وجدانها من جماع الأدلة المطروحة أمامها على بساط البحث والتي لها أصل في الأوراق، فإنه لا تترتب عليها إن هي أعرضت عن دفاع الطاعنين بمعاينة السيارات أو ضم مستندات أخرى بعد أن توصلت إلى حقيقة الأمر في الدعوى مما لا يدعو إلى مزيد من التحقيق. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن دعوى القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشهود دل ذلك على إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان في شأن تعويل الحكم على أقوال الشهود لا يكون له محل. أما من دفاعهما بأن بعض الشهود لم تجزم بوهمية الإصلاحات فمردود بأن المحكمة غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهرة بل لها أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المطروحة عليها، وأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال قناعة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، ولما كانت الأدلة التي حمل عليها الحكم قضاءه بإدانة الطاعنين سائغة ومقبولة لترتيب استخلاصه لواقعة الدعوى وهى منتجة فيما أسند إليهما من جرائم فإن نعيهما على الحكم بقالة الفساد في الاستدلال يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الطاعنان لا يماريان في أن ما حصله الحكم من أقوال الشهود له معينه من الأوراق فلا يعدو الطعن بدعوى الخطأ في الإسناد أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أنه بجلسة 11 مارس 1975 عرضت المحكمة على الشاهد....... الأوراق المودعة بالقضية وطلبت منه الإرشاد عن الفواتير ومدى اتصالها بالمتهمين وذلك في حضور الطاعنين والمدافع عنهما. كما عرضت عليه إحدى الفواتير لإبداء ملحوظاته عليها، الأمر الذي يفيد أن الفواتير المزورة كانت على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم ليبدي كل منهم رأيه فيها ويطمئن إلى أنها هي التي دارت مرافعته عليها. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 120 لسنة 46 ق جلسة 15 / 5 / 1977 مكتب فني 28 ق 126 ص 596

جلسة 15 من مايو سنة 1977
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، وأحمد علي موسى، ومحمد فاروق راتب.
-----------------
(126)
الطعن رقم 120 لسنة 46 القضائية
 (1)دفوع. "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه". اعتراف. بطلان. "بطلان الاعتراف". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات. "اعتراف".
الدفع بحصول الاعتراف. نتيجة إكراه أو تهديد. لا يقبل لأول مرة أمام النقض. قول الدفاع بأن ما أدلى به المتهم كان بإيعاز من الضابط. لا يعد دفعاً ببطلان الاعتراف للإكراه.
(2) إثبات. "شهادة " حكم. "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". 
حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال شاهد. ولو خالفت قولاً آخر له. دون بيان العلة.
(3) ضرب. "ضرب أفضى إلى الموت". جريمة. "أركانها". رابطة السببية. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير رابطة السببية".
تقدير توافر أو انتفاء رابطة السببية. بين الإصابات والوفاة. في جريمة الضرب المفضي إلى الموت. موضوعي. مادام سائغاً.
 (4)نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب. "استعمال حق مقرر بمقتضى القانون". حق التأديب. ضرب. "ضرب أفضى إلى الموت".
دفاع المتهم بأنه متولي أمر المجني عليهما. موضوعي. لا يقبل لأول مرة أمام النقض.
 (1)مدى حق التأديب المباح.
--------------
1 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أحداً من الطاعن أو المدافع عنه أو والدة المجني عليها لم يثر شيئاً بصدد انتزاع اعتراف الطاعن بطريق الإكراه أو صدور أقوال والدة المجني عليها تحت وطأه التهديد، وإنما قصارى ما أثبت بالمحضر وأطرحه الحكم المطعون فيه هو مجرد قول المدافع عن الطاعن أن ما ذكره الأخير من أقوال كان بإيعاز من ضابط المباحث وإذ كانت كلمة "الإيعاز" هذه لا تحمل معنى الإكراه ولا التهديد المدعى بهما، فإنه لا يقبل من الطاعن أن يثيرهما لأول أمام محكمة النقض لما يتطلبه كل منهما من إجراء تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في قضائها على قول الشاهد ولو خالف قولاً آخر له وهى غير ملزمة بأن تعرض لكلا القولين أو تذكر علة أخذها بأحدهما دون الآخر.
3 - من المقرر أن تقدير قيام رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت أو انتقائها هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة.
4 - إن ما يدعيه الطاعن من توليه أمر المجني عليها، فضلاً عن أنه لا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة لما هو ثابت من محضر جلسة المحاكمة من أنه لم يسبق له التمسك بهذا الدفاع الموضوعي أمام محكمة الموضوع، فإنه – بفرض صحته – لا يجديه لما هو مقرر شرعاً من أن التأديب المباح لا يجوز أن يتعدى الضرب البسيط الذي لا يحدث كسراً أو جرحاً ولا يترك أثراً ولا ينشأ عنه مرض.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب...... بقدمه في رقبتها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد عن ذلك قتلها ولكن الضرب أفضى إلى موتها. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.

المحكمة
حيث أن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة ضرب أفضى إلى الموت، قد أنطوى على إخلال بحق الدفاع وتناقض في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن المحكمة لم تسمع شهوداً، وعولت في حكمها على اعتراف الطاعن وأقوال والدة المجني عليها في التحقيق رغم انتزاع ذلك الاعتراف بطرق الإكراه وصدور هذه الأقوال تحت وطأه التهديد من جانب ضابط المباحث، ورغم ما يستفاد من أقوال والدة المجني عليها – إثر الواقعة – من أن الوفاة حدثت نتيجة سقوط المجني عليها على الأرض. هذا إلى أن الحكم بعد ما جزم بأن اعتداء الطاعن على المجني عليها هو الذي أدى إلى وفاتها، عاد فنقل عن تقرير الصفة التشريحية أن هذه الحالة نادرة، وهوشك يتعارض مع ذلك الحزم ويفسر لمصلحة الطاعن. ومتى انتفت علاقة السببية بين فعل الاعتداء الواقع على المجني عليها ووفاتها، فإن أحكام قانون العقوبات لا تسرى على هذا الفعل لأن الطاعن إنما ارتكبه - وفقاً لما نصت عليه المادة 60 من ذلك القانون – بنية سليمة عملاً بحقه في تأديب أخته المجني عليها باعتباره المتولي أمرها بعد وفاة والدها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان بها الطاعن، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها استقاها من أقوال والدة المجني عليها واعتراف الطاعن في التحقيق ومن أقوال أخيه وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية، لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لمحكمة الموضوع أن تستغني عن سماع الشهود متى قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أنه بعد سماع شهادة والدة المجني عليها اكتفى المدافع عن الطاعن بتلاوة أقوال باقي الشهود كما هي مبينة بالتحقيقات فتليت، فليس للطاعن – من بعد – أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهم. لما كان ذلك، وكان البين من ذلك المحضر أيضاً أن أحداً من الطاعن أو المدافع عنه أو والدة المجني عليها لم يثر شيئاً بصدد انتزاع اعتراف الطاعن بطريق الإكراه أو صدور أقوال والدة المجني عليها تحت وطأه التهديد، وإنما قصارى ما أثبت بالمحضر وأطرحه الحكم المطعون فيه هو مجرد قول المدافع عن الطاعن أن ما ذكره الأخير من أقوال كان بإيعاز من ضابط المباحث. وإذ كانت كلمة "الإيعاز" هذه لا تحمل معنى الإكراه ولا التهديد المدعي بهما، فإنه لا يقبل من الطاعن أن يثيرهما لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه كل منهما من إجراء تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يماري فيما نقله الحكم عن رواية والدة المجني عليها التي أدلت بها في التحقيق، فإنه - بفرض صحة ما يدعيه من إبداء هذه الشاهدة قولاً آخر إثر وقوع الواقعة - لا يحق له أن ينعي على المحكمة تعويلها على تلك الرواية دون هذا القول، لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تعول في قضائها على قول للشاهد ولو خالف قولاً آخر له وهى غير ملزمة بأن تعرض لكلا القولين أو تذكر علة أخذها بأحدهما دون الآخر، لما كان ذلك، وكان لا أثر في الحكم للتناقض الذي يعيبه الطاعن، ذلك بأن الحكم إذ حصل وقوع الاعتداء من الطاعن وحده على المجني عليها وأنه صفعها على وجهها وركلها برجله في رقبتها أثناء جلوسها على الأرض وانتهى إلى حدوث الوفاة نتيجة ذلك الاعتداء، قد أورد – نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية – أن بالجسم أماكن حساسة كمقدم العنق ومنطقة الحنجرة ومنطقة الصدغ والأذن قد يتسبب عن الإصابة الطفيفة فيها الحدث الفجائي وفى هذه الحالة – وهى حالة نادرة – قد يتوقف القلب تماماً دون أن يتمكن من الاستمرار في عمله والخروج من تأثير العصب الحائر عليه وبذلك يموت المصاب عقب حصول الإصابة كما هي الحال في وفاة المجني عليها التي نشأت عن الصدمة العصبية بالفعل المنعكس والنهى البار اسمباتى للقلب نتيجة الإصابات الراضة التي وقعت على العنق والصدغ ومقدم الصدر، وهذا الذي أورده الحكم يتفق ولا يتعارض مع الجزم بأن الاعتداء الواقع من الطاعن – دون سواه – على المجني عليها هو الذي أدى بالفعل إلى وفاتها وإن كانت هذه الحالة نادرة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير قيام رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت أو انتقائها هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة – كما هي الحال في الدعوى الماثلة – وكان ما يدعيه الطاعن من تولية أمر المجني عليها، فضلاً عن أنه لا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة لما هو ثابت من محضر جلسة المحاكمة من أنه لم يسبق له التمسك بهذا الدفاع الموضوعي أمام محكمة الموضوع، فإنه – بفرض صحته – لا يجديه، لما هو مقرر شرعاً من أن التأديب المباح لا يجوز أن يتعدى الضرب البسيط الذي لا يحدث كسراً أو جرحاً ولا يترك أثراً ولا ينشأ عنه مرض. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


[(1)] قارب السنة 26 ص 622

الطعن 1220 لسنة 46 ق جلسة 5 / 6 / 1977 مكتب فني 28 ق 141 ص 666


جلسة 5 من يونيه سنة 1977
برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد وجدي عبد الصمد، ومحمد فاروق راتب.
---------------
(141)
الطعن رقم 1220 لسنة 46 القضائية

(1) دعوى جنائية. "انقضاؤها". دعوى مدنية. "نظرها والحكم فيها". محكمة النقض. "نظرها الطعن والحكم فيه". إجراءات المحاكمة. 
انقضاء الدعوى الجنائية لسبب خاص بها. لا أثر له في سير الدعوى المدنية التابعة أمام المحكمة الجنائية.
وفاة أحد الخصوم. لا يمنع من القضاء في الدعوى المدنية التابعة على حسب الطلبات الختامية. متى كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها.
متى تعتبر الدعوى مهيأة للحكم. أمام محكمة النقض؟
(2) تزوير. "الادعاء بالتزوير". "محكمة الموضوع". "سلطتها في تقدير الدليل".
الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى الجنائية وسيلة دفاع. خضوعه لتقدير المحكمة.

--------------
1 - إن المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه "وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها، ومفاد ذلك أنه إذا انقضت الدعوى الجنائية لسبب من الأسباب الخاصة بها كموت المتهم أو العفو عنه، فلا يكون لذلك تأثير في الدعوى المدنية وتستمر المحكمة الجنائية في نظرها إذا كانت مرفوعة إليها لما كان ذلك، وكانت وفاة أحد طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع – على ما تقضى به المادة 131 مرافعات من الحكم فيها على موجب الأقوال والطلبات الختامية – وتعتبر الدعوى مهيأة أمام محكمة النقض بحصول التقرير بالطعن وتقديم الأسباب في الميعاد القانوني، كما هو الحال في الطعن الحالي – ومن ثم فلا محل لإعلان ورثة الطاعن.
2 - من المقرر أن محكمة الموضوع لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وأن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير المحكمة.


الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة الساحل الجزئية ضد الطاعن بوصف أنه بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة تسلم من المدعى مبلغ ثلثمائة جنيه على سبيل الأمانة لتسليمه إلى....... فاستولى عليه إضراراً به. وطلب عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 5 جنيهات لوقف التنفيذ. وإلزامه أن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ عشرة جنيهات على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف المحكوم عليه والمدعي بالحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به الدعوى المدنية. فطعن الأستاذ...... بصفته وكيلاً عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إنه يبين من الأوراق أن الطاعن قد توفى إلى رحمة الله – ومن ثم يتعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاته عملاً بالمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه "وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها ومفاد ذلك أنه إذا انقضت الدعوى الجنائية لسبب من الأسباب الخاصة بها كموت المتهم أو العفو عنه، فلا يكون لذلك تأثير في الدعوى المدنية وتستمر المحكمة الجنائية في نظرها إذا كانت مرفوعة إليها. لما كان ذلك، وكانت وفاة أحد طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع – على ما تقضى به المادة 131 مرافعات من الحكم فيها على موجب الأقوال والطلبات الختامية – وتعتبر الدعوى مهيأة أمام محكمة النقض بحصول التقرير بالطعن وتقديم الأسباب في الميعاد القانوني، كما هو الحال في الطعن الحالي – ومن ثم فلا محل لإعلان ورثة الطاعن.
وحيث إنه فيما يتعلق بالدعوى المدنية، فإن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن دفاع الطاعن قام على أن الخاتم الموقع به على السند هو خاتمه ولكنه ليس هو الذي وقع به على السند المزور وأن الذي قام بالتوقيع هو المدعي بالحق المدني بعد سرقة خاتمه من منزله وبذلك كان على محكمة الموضوع تحقيق ذلك الدفاع ليثبت المدعي بالحق المدني أن الطاعن هو الذي وقع فعلاً بخاتمه على السند هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد أعرض عن الأخذ بأدلة النفي في الدعوى والتي تتمثل في عدم اعتياد الطاعن التوقيع بخاتمه على أوراقه وتضارب المدعي بالحق المدني في رواية بشأن استلام الطاعن المبلغ المدعى بتبديده
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسباب الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن الطعن بالتزوير في السند موضع الدعوى وأثبت إحالته إلى النيابة العامة لتحقيقه وما تم في التحقيق ثم انتهى بعد ذلك بإطراح هذا الدفاع ورد عليه بقوله "وحيث أن عن واقعة الطعن بالتزوير فلا دليل على ادعاء المتهم بسرقة خاتمه، كما أن بلاغه عن فقده خاتمه جاء لاحقاً لإعلانه بالاتهام الموجه إليه، ومن ثم ترفض المحكمة الطعن بالتزوير وترى أن الإيصال صحيح وصادر عن المتهم وموقع عليه ببصمة خاتمه. لما كان ذلك، وكان البين مما تقدم أن المحكمة قد حققت دفاع الطاعن ثم أفصحت عن عدم اطمئنانها له وأطرحته بأدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبته عليها وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وأن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير المحكمة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله.
وحيث إن الحكم الابتدائي – المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التبديد التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال المجني عليه وإيصال الأمانة التي اطمأن إليها، لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الأدلة أن تأخذ بما ترتاح إليها منها وفى اطمئنانها إلى أقوال المجني عليه ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض. ومن ثم كان ما يثيره الطاعن من أن محكمة الموضوع قد أعرضت عن الأخذ بأدلة النفي في الدعوى التي تتمثل في عدم اعتباره التوقيع بخاتمة على الأوراق وتضارب المدعي بالحق المدني في روايته في تسليم المبلغ، يكون غير سديد. لما كان كل ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 1249 لسنة 46 ق جلسة 5 / 6 / 1977 مكتب فني 28 ق 142 ص 670


جلسة 5 من يونيه سنة 1977
برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد محمد وهبه، وأحمد علي موسى.
---------------------
(142)
الطعن رقم 1249 لسنة 46 القضائية

كحول. رسم إنتاج. حكم. "بيانات التسبيب".
تقدير الحكم. رسم الإنتاج أو الاستهلاك على الكحول. يستوجب بيان الأساس الذي تقيم عليه المحكمة تقدير الرسم. مخالفة ذلك. قصور.

------------------
لما كانت المادة الثانية من القانون رقم 363 لسنة 1956 بتنظيم تحصيل رسم الإنتاج أو الاستهلاك على الكحول قد نصت على أنه "يحصل رسم الإنتاج أو الاستهلاك على أساس الكحول الصرف الموجود في المنتجات المذكورة في المادة السابقة سواء فصل منها الكحول أم لم يفصل، وفى كل الأحوال يؤخذ مقاس الكحول بالحجم في المائة وهو درجة 15 سنتيجرام وفيما يختص بالكحول النقي المنتج محلياً بدرجة 95 ظاهرية الذي يصرف بالوزن يحصل رسم الإنتاج على أساس أن كل مائة كيلو جرام تعادل 124.3 لتراً سائلاً بصرف النظر عن درجة الحرارة". وأوجبت المادة 20 من هذا القانون الحكم – فضلاً عن العقوبات المنصوص عليها في القانون رقم 328 سنة 1952 – بأداء الرسم الذي يكون مستحقاً في جميع الحالات ولو لم تضبط المنتجات. كما نصت المادة 21 منه على أنه: "مع عدم الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها في المواد السابقة يجوز الحكم على المخالف بأداء تعويض للخزانة العامة لا يزيد على ثلاثة أمثال الرسوم المستحقة. وإذا تعذر معرفة مقدار الرسم قدرت المحكمة التعويض بما لا يزيد على ألف جنيه. وفى حالة العود خلال سنة يضاف الحد الأقصى للتعويض". لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي رسماً مقداره 3896 ج و855 م وتعويضاً قدره 11690 ج و565 م مكتفياً في بيان عناصر قضاءه بذلك بما تضمنه تقرير التحليل من بيان عن الكميات المضبوطة من مخمر المولاس ومخمر عرقي البلح ونسبة الدرجة الكحولية من العينات الخمس التي أخذت وأخذ بمقدار الرسم والتعويض اللذين طلبتهما الجمارك دون بيان للأساس الذي أقيمت عليه هذه المطالبة وكيفية احتساب هذا الرسم وما إذا كان قد تم احتسابه على قدر السائل المخمر أم على أساس سعة الأواني التي كانت بها هذه الخمور إذ أن حجم السائل المخمر في بعض هذه الأواني كان يقل في مقداره عن قدر سعتها على ما هو ثابت من مذكرة مدير عام شئون الإنتاج المؤرخة 24/ 8/ 1970 المرفقة بالمفردات هذا فضلاً عن أن نسب الكحول الصافي الواردة بتقرير التحليل احتسبت على خمس عينات أخذت من بعض الآنية ولا يبين من الأوراق ما إذا كان قد تم احتساب نسبة الكحول في كل إناء على حدة من عدمه إذ قد تختلف هذه النسبة من إناء إلى آخر الأمر الذي بعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم مما يعيبه بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز الكحول المبين بالمحضر دون أن يؤدي عنه رسوم الإنتاج أو الاستهلاك وطلبت عقابه بالمواد 1 و15 و20 و21 و22 من القانون رقم 363 لسنة 1956 والمادة رقم 1 من القانون رقم 328 لسنة 1957 وادعى وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك مدنياً بمبلغ 15587 ج و420 م قبل المتهم على سبيل التعويض. ومحكمة أرمنت الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً وإلزامه بأداء الرسم المستحق وقدره 3896 ج و855 م إلى مصلحة الجمارك وبغلق محل الضبط لمدة ستة شهور وألزمت المتهم بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية بصفته تعويضاً مدنياً قدره 11660 ج و565 م ومصاريف الدعوى المدنية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة قنا الابتدائية – بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ 12 مارس سنة 1973 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة قنا الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى مع إلزام المطعون ضدها المصاريف المدنية ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة قنا الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت في الدعوى من جديد حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة عدم أداء رسم الإنتاج عن الكحول وقضى بحبسه ستة شهور وإلزامه بأداء الرسم وقدره 3896 جنيه و855 مليماً، وتعويض قدره 11690 و565 مليماً قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه اكتفى في بيان الأسس والعناصر التي بنى عليها الرسم والتعويض بما تضمنه تقرير التحليل من بيان عن الكميات المضبوطة من مخمر المولاس ومخمر البلح ونسبة الدرجة الكحولية من العينات الخمس التي جرى التحليل عليها وقضى بمقدار الرسم والتعويض اللذين طلبتهما مصلحة الجمارك دون بيان الأساس الذي أقيمت عليه هذه المطالبة ومدى مطابقته للقيود والضوابط التي انتظمتها المادتان 20 و21 من القانون رقم 363 لسنة 1956
وحيث إن المادة الثانية من القانون رقم 363 لسنة 1956 بتنظيم تحصيل رسم الإنتاج أو الاستهلاك على الكحول قد نصت على أنه "يحصل رسم الإنتاج أو الاستهلاك على أساس الكحول الصرف الموجود في المنتجات المذكورة في المادة السابقة سواء فصل منها الكحول أم لم يفصل، وفى كل الأحوال يؤخذ مقاس الكحول بالحجم في المائة وهو درجة 15 سنتجرام وفيما يختص بالكحول النقي المنتج محلياً بدرجة 95 ظاهرية والذي يصرف بالوزن يحصل رسم الإنتاج على أساس أن كل مائة كيلو جرام تعادل 124.3 لتراً سائلاً بصرف النظر عن درجة الحرارة". وأوجبت المادة 20 من هذا القانون الحكم – فضلاً عن العقوبات المنصوص عليها في القانون رقم 328 سنة 1952 – بأداء الرسم الذي يكون مستحقاً في جميع الحالات ولو لم تضبط المنتجات، كما نصت المادة 21 منه على أنه: "مع عدم الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها في المواد السابقة يجوز الحكم على المخالف بأداء تعويض للخزانة العامة لا يزيد على ثلاثة أمثال الرسوم المستحقة. وإذا تعذر معرفة مقدار الرسم قدرت المحكمة التعويض بما لا يزيد على ألف جنيه. وفى حالة العود خلال سنة يضاعف الحد الأقصى للتعويض". لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي رسماً مقداره 3896 و855 مليماً وتعويضاً قدره 11690 جنيه و565 مليماً مكتفياً في بيان عناصر قضاءه بذلك بما تضمنه تقرير التحليل من بيان عن الكميات المضبوطة من مخمر المولاس ومخمر عرقي البلح ونسبة الدرجة الكحولية من العينات الخمس التي أخذت وأخذ بمقدار الرسم والتعويض اللذين طليتهما الجمارك دون بيان للأساس الذي أقيمت عليه هذه المطالبة وكيفية احتساب هذا الرسم وما إذا كان قد تم احتسابه على قدر السائل المخمر أو على أساس سعة الأواني التي كانت بها هذه الخمور إذ أن حجم السائل المخمر في بعض هذه الأواني كان يقل في مقداره عن قدر سعتها على ما هو ثابت من مذكرة مدير عام شئون الإنتاج المؤرخة 24/ 8/ 1970 المرفقة بالمفردات، هذا فضلاً عن أن نسب الكحول الصافي الواردة بتقرير التحليل احتسبت على خمس عينات أخذت من بعض الآنية ولا يبين من الأوراق ما إذا كان قد تم احتساب نسبة الكحول في كل إناء على حدة من عدمه إذا قد تختلف هذه النسبة من إناء إلى آخر الأمر الذي يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم مما يعيبه بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه. لما كان هذا الطعن للمرة الثانية فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع عملاً بالمادة 45 من القانون رقم 58 سنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.