جلسة 5 من يونيو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / عادل الشوربجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / رضا القاضي ، محمد محجوب ، نبيل الكشكي وحسام خليل نواب رئيس المحكمة .
------------
(57)
الطعن 14764 لسنة 83 ق
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع
الأسباب " .
التقرير
بالطعن بالنقض في الميعاد دون إيداع أسبابه . يوجب عدم قبوله شكلاً . أساس ذلك ؟
(2) الاتجار بالبشر . إثبات
" خبرة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم
" تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها
" .
دفاع الطاعن المتضمن منازعته الجادة فيما إذا كانت الدماء من الأعضاء
والأنسجة البشرية المُجَرَّم الاتجار فيها بالمادة الثانية من القانون 64 لسنة
2010 . دفاع جوهري . وجوب تحقيقه عن طريق المختص فنياً . مخالفة الحكم
هذا النظر وإيراده رداً عليه قاصراً . يوجب نقضه والإعادة . علة ذلك ؟
مثال .
(3) نقض " أثر الطعن " .
نقض الحكم لأحد الطاعنين
واتصال وجه النقض بطاعنين آخرين . يوجب نقضه بالنسبة لهم . دون المحكوم عليه غيابياً . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الطاعن الثاني .... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد
إلا أنه لم يُودع أسباباً لطعنه ، ومن ثم يتعين
القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض
الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل .
2- لما كان
يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول أشار إلى أن الدماء لا
تُعد من الأنسجة ، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير لجنة وزارة الصحة عدم
اتباع الإجراءات القانونية والأعراف الطبية السليمة بشأن تنظيم عمليات جمع وتخزين
الدم ومركباته وذلك ببنك الدم المركزي بجمعية .... وبنك دم مستشفى .... وكان
الدفاع الذي أبداه الطاعن الأول في الدعوى المطروحة يتضمن المنازعة الجادة فيما
إذا كانت الدماء من الأعضاء والأنسجة البشرية التي جُرِّم الاتجار فيها بالمادة
الثانية من القانون رقم 64 لسنة 2010 وقد رد الحكم على هذا الدفاع بقوله : "
وحيث إنه عما أثاره الدفاع من قالة أن الدم سائل ولا يُقطع من الجسم ومن ثم عدم
انطباق أحكام القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر فإنه بادئ ذي
بدء أن مثار التساؤل هنا هو مدى انطباق عبارة الأنسجة البشرية الواردة في نهاية
المادة 2 من القانون المذكور آنفاً ومدى اعتبار مدلولها ينطبق على سجلات سحب الدم
من الجسم والتعامل فيه بأي صورة من صور التعامل المحظور الواردة بصدر هذه المادة
كجريمة اتجار بالبشر ، فلقد استقر أهل العلم على اعتبار التعامل في الدم كالأنسجة
المتجددة بالجسم مثل الجلد وبالتالي فإن دماء الإنسان كلما نقصت أو أُخذ منها
تجددت تلقائياً وبأصول طبيعية وحسناً فعل المشرع المصري بتجريم الاتجار بالبشر
وبتحريم التعامل بأي صورة في شخص طبيعي بما في ذلك البيع أو الشراء أو النقل أو
التسليم أو الإيواء أو الاستقبال وبالطرق المنصوص عليها فيه ومنها استغلال حالة
الضعف أو الحاجة وكل ما أوردته المادة الثانية من القانون المذكور آنفاً ، فضلاً
عن أنه لا يعتد برضاء المجني عليه على
الاستغلال في أي من صور الاتجار بالبشر متى استخدمت فيها أي وسيـــلة من الوسائل
المنصوص عليها في المادة 2 من ذات القانون سواء أكان الرضا صادراً من
المجني عليه البالغ أو الطفل أو عديمي الأهلية أو رضاء المسئول عنه أو متولي تربيته ، فضلاً عما ورد باللائحة
التنفيذية للقانون الصادر بها قرار رئيـس الوزراء رقم 2353 لسنة 2010 في
عدم التقيد بتحديد أشكال الاتجار بالبشر وذلك لفتح الباب أمام أية أفعال أخرى
تتوافر فيها أركان جريمة الاتجار وعدم الاعتداء برضاء الضحية " المجني عليه
" على الاستغلال وعدم معاقبته عن أي جريمة نشأت أو ارتبطت مباشرة بكونه ضحية
، وعليه فإن المحكمة تعتبر بأن عبارة " الأنسجة " ضمنها الدماء المحظور
الاتجار فيها بصورة
التعامل الواردة بذلك القانون " . لما كان ذلك
، وكان الدفاع الذي أبداه الطاعن في الدعوى المطروحة - على ما سلف بيانه - يعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل
المقدم فيها والمستمد من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير لجنة وزارة الصحة وهو دفاع
قد ينبني عليه - لو صح - تغيير وجه الرأي في الدعوى ، مما كان يقتضى من المحكمة
وهي تواجه مسألة تحديد عما إذا كانت الدماء تُعد من الأنسجة البشرية التي جُرِّم
الاتجار فيها بالمادة الثانية من القانون رقم 64 لسنة 2010 - وهي مسألة فنية بحتة
- أن تتحذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها بتحقيق هذا
الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً أما وهي لم تفعل ، فإن حكمها يكون معيباً
بالقصور ، فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم من رد
قاصر لا يُغني في مقام التحديد لأمر يتطلبه ذلك وأنه وإن كان الأصل أن المحكمة لها
كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث إلا
أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا
تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقاً لإبداء الرأي فيها - كما هو واقع الحال في
خصوصية الدعوى المطروحة - لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً
بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول دون حاجة لبحث باقي أوجه طعنه .
3- لما كان
الوجه الذي بُني عليه النقض يتصل بالطاعنين الثالث والرابع والطاعن الثاني الذي لم يقبل طعنه شكلاً ، فإنه
يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة لهم أيضاً وذلك عملاً
بالمادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم
57 لسنة 1959 بغير حاجة لبحث أوجه الطعن المقدمة من الثالث والرابع ، دون المتهم
الأول/ .... لكون الحكم بالنسبة له غير نهائي لصدوره عليه غيابياً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة
العامة كلاً من 1- .... 2- .... " طاعن " 3- .... " طاعن " 4- .... " طاعن " 5- .... " طاعن " بأنهم : المتهمون
جميعاً : 1- تعاملوا في أشخاص
طبيعيين وهم المجني عليهم / .... ، .... ، .... وآخرين مجهولين بأن
استدرجوهم إلى شقة أعدوها لغرض غير مشروع بقصد استغلالهم في الحصول على دمائهم مقابل
مبالغ مالية والاتجار فيها وبيعها للمستشفيات والحصول على ربح من ورائها
وقد تم ذلك بواسطة استغلال حال الضعف الاقتصادي لديهم واحتياجاتهم إلى المال حال
كون المجني عليهم الثاني والثالث طفلين (17 سنة) وقد ارتكبت تلك الجريمة بواسطة
جماعة إجرامية منظمة تضم المتهمين ومُدارة بمعرفتهم على النحو المبين بالتحقيقات .
2 ــ قاموا بالمساس بحق الطفلين /
.... ، .... في الحماية من الاتجار بهما بأن قاموا باستغلالهما في غرض غير مشروع
هو موضوع التهمة الأولى .
المتهم الثالث: 1- زاول مهنة الطب دون أن يكون مقيداً
بسجل الأطباء بوزارة الصحة وبجدول نقابة الأطباء البشريين .
2- حاز عدد وأدوات طبية دون سبب مشروع حال كونه
غير مرخصاً له في مزاولة مهنة الطب .
المتهم الرابع: 1- ارتكب تزويراً في محررات عرفية -
فواتير شراء أكياس الدم - ونسبها إلى مركز نقل الدم بمستشفى وهمية تدعى مستشفى
.... وكان ذلك بوضع إمضاء وأختام مزورة على النحو المبين بالتحقيقات .
2- استعمل المحررات المزورة سالفة
الذكر موضوع التهمة الأولى وذلك بتقديمها إلى مستشفى .... وتوريد أكياس الدم لها
المشتراة من المجني عليهم بموجبها مستغلاً عمله كأخصائي تحاليل بها حال كونه
عالماً بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات ....
لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للأول
وحضورياً للباقين عملاً بالمواد 1 /1 ، 2 ، 3 ، 6 /1 - 4 - 6 - 7 ،
13 من القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر والمواد 211 ، 215 ،
291 /2 من قانون العقوبات والمادة 116 مكرراً من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996
المضافة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 والمواد 1 ، 2 ، 5 ، 10 ، 11 من القانون رقم 415 لسنة 1954 بشأن مزاولة مهنة الطب المعدل
بالقوانين أرقام 491 لسنة 1955 ، 29 ، 46 لسنة 1965 مع إعمال المادتين رقمي 17 ،
32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريم كل منهم مبلغ مائة ألف جنيه
عما أسند إليه وبمصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم
بطريق النقض ... إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً: حيث إن الطاعن الثاني .... وإن قرر بالطعن بالنقض في
الميعاد إلا أنه لم يُودع أسباباً لطعنه ، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعنه
شكلاً عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر
بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل .
ثانياً: وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الأول والثالث والرابع
استوفى الشكل المقرر قانوناً .
وحيث إن مما
ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه وآخرين بجريمتي التعامل في
أشخاص طبيعيين بقصد استغلالهم في الحصول على دمائهم حال كونهم جماعة إجرامية منظمة
والمساس بحق طفلين في الحماية من الاتجار بهما قد شابه القصور في التسبيب والإخلال
بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه تمسك في دفاعه بأن الدم سائل ولا يعد من الأعضاء أو الأنسجة
البشرية التي أشارت إليها المادة الثانية من القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر بيد أن الحكم رد على هذا
الدفاع برد غير سائغ ومخالف للقانون ، مما يستوجب نقضه .
وحيث إنه
يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول أشار إلى أن الدماء لا
تُعد من الأنسجة ، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير لجنة وزارة الصحة عدم
اتباع الإجراءات القانونية والأعراف الطبية السليمة بشأن تنظيم عمليات جمع وتخزين
الدم ومركباته وذلك ببنك الدم المركزي بجمعية .... وبنك دم مستشفى .... وكان
الدفاع الذي أبداه الطاعن الأول في الدعوى المطروحة يتضمن المنازعة الجادة فيما
إذا كانت الدماء من الأعضاء والأنسجة البشرية التي جُرِّم الاتجار فيها بالمادة
الثانية من القانون رقم 64 لسنة 2010 وقد رد الحكم على هذا الدفاع بقوله : "
وحيث إنه عما أثاره الدفاع من قالة أن الدم سائل ولا يُقطع من الجسم ومن ثم عدم انطباق أحكام القانون رقم 64 لسنة
2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر فإنه بادئ ذي بدء أن مثار التساؤل هنا هو
مدى انطباق عبارة الأنسجة البشرية الواردة في نهاية المادة 2 من القانون المذكور
آنفاً ومدى اعتبار مدلولها ينطبق على سجلات سحب الدم من الجسم والتعامل فيه بأي
صورة من صور التعامل المحظور الواردة بصدر هذه المادة كجريمة اتجار بالبشر ، فلقد
استقر أهل العلم على اعتبار التعامل في الدم كالأنسجة المتجددة بالجسم مثل الجلد
وبالتالي فإن دماء الإنسان كلما نقصت أو أُخذ منها تجددت تلقائياً وبأصول طبيعية
وحسناً فعل المشرع المصري بتجريم الاتجار بالبشر وبتحريم التعامل بأي صورة في شخص
طبيعي بما في ذلك البيع أو الشراء أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستقبال
وبالطرق المنصوص عليها فيه ومنها استغلال حالة الضعف أو الحاجة وكل ما أوردته
المادة الثانية من القانون المذكور آنفاً ، فضلاً عن أنه لا يعتد برضاء المجني
عليه على الاستغلال في أي من صور الاتجار بالبشر متى استخدمت فيها أي وسيلة من
الوسائل المنصوص عليها في المادة 2 من ذات القانون سواء أكان الرضا صادراً من
المجني عليه البالغ أو الطفل أو عديمي الأهلية أو رضاء المسئول عنه أو متولي
تربيته ، فضلاً عما ورد باللائحة التنفيذية للقانون الصادر بها قرار رئيس الوزراء
رقم 2353 لسنة 2010 في عدم التقيد بتحديد أشكال الاتجار بالبشر وذلك لفتح الباب
أمام أية أفعال أخرى تتوافر فيها أركان جريمة الاتجار وعدم الاعتداء برضاء الضحية
" المجني عليه " على الاستغلال وعدم معاقبته عن أي
جريمة نشأت أو ارتبطت مباشرة بكونه ضحية وعليه ، فإن المحكمة تعتبر بأن عبارة
" الأنسجة " ضمنها الدماء المحظور الاتجار فيها بصورة التعامل الواردة
بذلك القانون " . لما كان ذلك ، وكان
الدفاع الذي أبداه الطاعن في الدعوى المطروحة - على ما سلف بيانه - يعد دفاعاً
جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم فيها والمستمد من أقوال شهود الإثبات ومن
تقرير لجنة وزارة الصحة وهو دفاع قد ينبني عليه - لو صح - تغيير وجه الرأي في
الدعوى ، مما كان يقتضي من المحكمة وهي تواجه مسألة تحديد عما إذا كانت الدماء
تُعد من الأنسجة البشرية التي جُرِّم الاتجار فيها بالمادة الثانية من القانون رقم
64 لسنة 2010 - وهي مسألة فنية بحتة - أن تتحذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً
إلى غاية الأمر فيها بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً أما وهي لم
تفعل ، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور ، فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع ولا يرفع هذا
العوار ما أورده الحكم من رد قاصر لا يُغني في مقام التحديد لأمر يتطلبه ؛
ذلك وأنه وإن كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث
إلا أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتـة التي
لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقاً لإبداء الرأي فيها - كما هو واقع الحال في
خصوصية الدعوى المطروحة - لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما
يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول دون حاجة لبحث باقي أوجه طعنه . لما كان
ذلك ، وكان الوجه الذي بُني عليه النقض يتصل بالطاعنين الثالث والرابع والطاعن
الثاني الذي لم يقبل طعنه شكلاً ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة
بالنسبة لهم أيضاً وذلك عملاً بالمادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام
محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بغير حاجة لبحث أوجه الطعن المقدمة
من الثالث والرابع ، دون المتهم الأول/ .... لكون الحكم بالنسبة له غير نهائي
لصدوره عليه غيابياً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ