الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 17 مارس 2019

الطعن 979 لسنة 57 ق جلسة 31 / 12 / 1992 مكتب فني 43 ج 2 ق 300 ص 1473

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، عبد العال السمان، محمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة وعلي شلتوت.
------------
(300)
الطعن رقم 979 لسنة 57 القضائية
 (1)دعوى "نظر الدعوى: تقديم المستندات، الدفاع في الدعوى". محكمة الموضوع. دفوع.
عدم جواز قبول مذكرات أو أوراق من أحد الخصوم دون إطلاع الخصم الآخر عليها. م 168 مرافعات. علة ذلك. عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم في إبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه. حجز المحكمة الدعوى للحكم وتصريحها للخصوم بتقديم مذكرات خلال أجل معين دون أن تحدد لكل منهم ميعاداً يقدم المذكرة خلاله. لكل منهم الحق في تقديمها في أي وقت خلال الأجل المحدد.
 (2)تزوير. دعوى "المصلحة في الدعوى" "الدفاع في الدعوى". دفوع
قاعدة عدم جواز الحكم بصحة الورقة أو تزويرها وفي الموضوع معاً. م 44 إثبات. مقررة لمصلحة الخصم مبدي الدفع بالتزوير. علة ذلك. ليس للخصم الآخر المتمسك بالورقة المطعون عليها التمسك بها.
(5 - 3) عقد "تفسير العقد". محكمة الموضوع. حكم "تسبيبه" "تسبيب كاف". إثبات.
(3) محكمة الموضوع. سلطتها في تفسير المستندات وصيغ العقود بما تراه أوفى بمقصود العاقدين.
 (4)محكمة الموضوع. سلطتها في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة. حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وإقامة قضاءها على ما يكفي لحمله. عدم التزامها بتتبع حجج الخصوم والرد عليها استقلالاً.
(5) محكمة الموضوع. استخلاصها الحقيقة الواقعة في الدعوى استخلاصاً سائغاً. عدم التزامها بأن تتعقب كل حجة للخصم وترد عليها استقلالاً.
(6) استئناف "أحوال عدم جواز الاستئناف": قبول الحكم" "الاستئناف الفرعي". حكم. "الطعن في الحكم".
حق المستأنف عليه في رفع استئناف فرعي ولو بعد مضي ميعاد الاستئناف في حق رافعه أو بعد قبوله للحكم المستأنف. قصر حالة القبول على تلك التي تتم قبل رفع الاستئناف الأصلي. طلب المستأنف عليه - ولو في صحيفة تعجيل الاستئناف بعد نقض الحكم أو في صحيفة تعجيله من الانقطاع بعد وفاة أحد الخصوم - تأييد الحكم المستأنف. يعتبر قبولاً منه لذلك الحكم بعد دفع الاستئناف الأصلي. منعه إياه من إقامة استئناف فرعي.
 (7)حكم "عيوب التدليل" "التناقض".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته.
(8، 9) نقض "أثر نقض الحكم". استئناف "نطاق الاستئناف" "سلطة محكمة الاستئناف" "أثر نقض الحكم والإحالة".
 (8)نقض الحكم. أثره. وجوب التزام محكمة الإحالة بالمسألة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض. م 269/ 2 مرافعات. المقصود بالمسألة القانونية. ما طرح على محكمة النقض وأدلت برأيها فيه فاكتسب حجية الأمر المقضي. امتناع محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى عن المساس بهذه الحجية. لها بناء حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى.
(9) نقض الحكم لقصور في التسبيب ولو تطرق لبيان أوجه القصور. لا يتضمن حسماً لمسألة قانونية تلتزم محكمة الإحالة بإتباعها.
----------
1 - إن ما ترمي إليه المادة 168 من قانون المرافعات من عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها إنما هو عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لإبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه.
2 - لئن كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - تطبيقاً للمادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع عند قضائها بعدم قبول الطعن بالتزوير أن تقضي في موضوع الدعوى، بل يجب عليها أن تجعل حكمها مقصوراً على الطعن بالتزوير إلا أن تقرير هذه القاعدة مستهدف به إتاحة الفرصة لمبدي هذا الدفع من إبداء ما قد يعن له من أوجه دفاع أو دفوع أخرى في الدعوى فيكون هو صاحب المصلحة في تعييب الحكم إذ خالفها للإخلال بحقه في الدفاع دون الخصم الآخر المتمسك بالورقة المطعون عليها.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة في تفسير المستندات وصيغ العقود والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين وفي استخلاص ما يمكن استخلاصه منها ولا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارة الورقة تحتمل المعنى الذي حصلته محكمة الموضوع.
4 - لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير قيمة كل ما يقدم لها من أدلة ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات قانوناً وحسبها أن تتبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
5 - متى كانت محكمة الموضوع قد أقامت الحقيقة الواقعة التي استخلصتها على ما يقيمها فإنها لا تكون بعد ملزمة بأن تتعقب كل حجة للخصم وترد عليها استقلالاً لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها.
6 - لئن أجاز المشرع بالفقرة الثانية من المادة 237 من قانون المرافعات للمستأنف عليه أن يرفع استئنافاً فرعياً في مواجهة المستأنف ولو بعد مضي ميعاد الاستئناف في حق رافعه أو بعد قبوله للحكم المستأنف، فقد قصر حالة القبول على تلك التي تتم قبل رفع الاستئناف الأصلي، لأن علة جواز الاستئناف الفرعي هي أن المستأنف عليه ما فوت على نفسه ميعاد الطعن أو قبل الحكم إلا لاعتقاده برضاء خصمه بالحكم، هذه العلة تنتفي إذا ما قبل المستأنف عليه الحكم بعد رفع الاستئناف الأصلي ويعتبر طلب المستأنف عليه بتأييد الحكم المستأنف قبولاً منه لذلك الحكم مانعاً إياه من إقامة استئناف فرعي بطلب تعديل الحكم المستأنف.
7 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه.
8 - لئن كانت الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات قد نصت في عجزها على أنه "يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة......" إلا أنه لما كان المقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصر فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه في حدود المسألة أو المسائل التي تكون قد بتت فيها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض، ولمحكمة الإحالة بهذه المثابة أن تبنى حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حرة من جميع عناصرها.
9 - نقض الحكم لقصور في التسبيب - أياً كان وجه هذا القصور - لا يعدو أن يكون تعييباً للحكم المنقوض لإخلاله بقاعدة عامة فرضتها المادة 176 من قانون المرافعات التي أوجبت أن "تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة" بما لا يتصور معه أن يكون الحكم الناقض قد حسم مسألة قانونية بالمعنى المشار إليه آنفاً حتى ولو تطرق لبيان أوجه القصور في الحكم المنقوض.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم أولاً أقام الدعوى رقم 81 لسنة 1974 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن الأول - رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية لبناء المساكن لأعضاء هيئة التدريس وموظفي هيئات الأزهر - والمطعون ضده الثاني - رئيس مجلس إدارة شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير - بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 2/ 6/ 1966 المتضمن بيع الطاعن الأول له قطعة الأرض الفضاء المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والبالغ مساحتها 654.50 متراً مربعاً لقاء ثمن مقداره 400 مليم و2094 جنيه والتسليم وقال بياناً لذلك إن المطعون ضده الثاني خصص لمورث المطعون ضدهم الخمسة الأولين أرضاً فضاء مقسمة بالمنطقة الثامنة بمدينة نصر وقد قبل الطاعن الأول عضويته في الجمعية وحصل منه قيمة اشتراكه بالإيصال المؤرخ 2/ 6/ 1966 وفي ذات الوقت باع له قطعة الأرض موضوع التداعي وقبض منه مبلغ مائة جنيه مقدم ثمنها بموجب الإيصال المؤرخ 1/ 1/ 1970 ثم أرسل له خطاباً آخر لكي يسدد باقي الثمن إلى المطعون ضده الثاني فبادر إلى سداده بالإيصال المؤرخ 7/ 6/ 1971 ولامتناع الطاعن الأول والمطعون ضده الثاني عن تسليمه الأرض المبيعة وإنجاز العقد فقد أقام الدعوى، بتاريخ 2/ 5/ 1974 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان لعدم سداد كامل الثمن، استأنف مورث المطعون ضدهم أولاً هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2782 لسنة 91 ق وعرض باقي الثمن على الطاعن الأول وإذ رفض قبوله أودعه خزانة المحكمة، تدخل الطاعن الثاني خصماً منضماً إلى الطاعن الأول في طلباته على سند أنه عضو بالجمعية وخصصت له قطعة الأرض موضوع التداعي، وبتاريخ 27/ 1/ 1976 حكمت المحكمة بقبول تدخل الطاعن الثاني خصماً منضماً إلى الطاعن الأول وبإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 2/ 6/ 1966 المتضمن بيع الطاعن الأول والمطعون ضده الثاني لمورث المطعون ضدهم أولاً قطعة الأرض المبينة المساحة والحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والمسجلة برقم 6950 في 31/ 10/ 1974 شهر عقاري القاهرة لقاء ثمن مقداره 400 مليم و2094 جنيه والتسليم، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 279 لسنة 46 ق وبتاريخ 27/ 1/ 1981 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، عجل الطاعنان الاستئناف أمام تلك المحكمة وطلبا الحكم برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وبتاريخ 3/ 3/ 1982 حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوفاة مورث المطعون ضدهم أولاً، فعجل الطاعنان الاستئناف ضد ورثته وطلبا أيضاً الحكم برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وبتاريخ 21/ 4/ 1983 أقام الطاعنان استئنافاً فرعياً بمذكرة وطلبا تعديل الحكم المستأنف إلى القضاء برفض الدعوى قيد برقم 3440 لسنة 100 ق القاهرة، قدم الطاعن الأول النظام الداخلي للجمعية فطعن عليه المطعون ضدهم أولاً بالتزوير في خصوص عبارة "العاملين بهيئات الأزهر" المضافة بخط اليد وبتاريخ 11/ 2/ 1987 حكمت المحكمة أولاً بعدم قبول الاستئناف الفرعي وبعدم قبول الادعاء بالتزوير وبإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 2/ 6/ 1966 موضوع الدعوى والتسليم، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنان بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والبطلان وفي بيان ذلك يقولان إن محكمة الاستئناف قررت بجلسة 6/ 12/ 1986 حجز الدعوى للحكم وصرحت بتقديم مذكرات في خلال شهر فيكون آخر ميعاد لتقديم المطعون ضدهم أولاً مذكرتهم هو يوم 22/ 12/ 1986 إلا أنهم قدموها في 6/ 1/ 1987 متجاوزين بذلك الميعاد الذي حددته المحكمة مما كان يتعين عليها استبعادها وعدم الاعتداد بما جاء بها وإذ قبلت المحكمة تلك المذكرة واعتدت بها فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن ما ترمى إليه المادة 168 من قانون المرافعات من عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها إنما هو عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لإبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن محكمة الاستئناف حجزت الدعوى للحكم بتاريخ 6/ 12/ 1986 وحددت للنطق به جلسة 11/ 2/ 1987 وصرحت للخصوم بتقديم مذكرات في خلال شهر ولم تحدد لكل منهما ميعاداً ليقدم المذكرة خلاله فيكون له الحق في تقديمها في أي وقت خلال الأجل المحدد، وكان الطاعنان قدما مذكرة سلمت صورتها لوكيل المطعون ضدهما أولاً كما أودع الأخيرين مذكرة معلنة للطاعنين في 5/ 1/ 1987 في خلال الأجل الذي حددته المحكمة فإن الغاية التي استهدفها المشرع بالمادة 168 من قانون المرافعات تكون قد تحققت ولا تثريب على المحكمة إن هي قبلت هذه المذكرة ويضحي النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه قضى في الإدعاء بالتزوير وفي الموضوع معاً بحكم واحد مخالفاً بذلك القاعدة المقررة بالمادة 44 من قانون الإثبات بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك بأنه وإن كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - تطبيقاً للمادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع عند قضائها بعدم قبول الطعن بالتزوير أن تقضي في موضوع الدعوى، بل يجب عليها أن تجعل حكمها مقصوراً على الطعن بالتزوير إلا أن تقرير هذه القاعدة مستهدف به إتاحة الفرصة لمبدي هذا الدفع من إبداء ما قد يعن له من أوجه دفاع أو دفوع أخرى في الدعوى فيكون هو صاحب المصلحة في تعييب الحكم إذ خالفها للإخلال بحقه في الدفاع دون الخصم الآخر المتمسك بالورقة المطعون عليها وإذ كان الثابت من واقع الدعوى أن المطعون ضدهم هم الذين أبدوا الدفع بتزوير النظام الداخلي للجمعية الذي تمسك به الطاعنان فإن هذين الأخيرين تنتفي مصلحتهما ولا يكون لهما شأن في إثارة نعى على الحكم المطعون فيه بإخلاله بحق الدفاع خصمه فيما قضى به من عدم قبول الطعن بالتزوير وفي موضوع الدعوى معاً.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام المحكمة بأن التعديل الذي أدخل على نظام الجمعية باستبدال عبارة "العاملين بهيئات الأزهر" بلفظ "المواطنين" تم بإجماع المؤسسين، واكتساب الشخص للعضوية لا يكون إلا بإجراءات نص عليها نظام الجمعية وهي غير متوافرة في حق مورث المطعون ضدهم أولاً كما أن توزيع الأراضي على الأعضاء يكون حسب ترتيب اشتراكهم في سجل قيدهم ولا يكون ذلك إلا بموافقة مجلس إدارة الجمعية أو رئيسها الذي يعتد في هذا الصدد بالإيجاب الصادر منه لصحة عقد البيع، كما حدد نظام الجمعية اختصاص أمين الصندوق ولم يخول له الحق في إعطاء خطابات للأعضاء بتخصيص قطع أراضي لهم، ولما كان مورث المطعون ضدهم أولاً ليس من بين أعضاء هيئة تدريس وموظفي الأزهر فلا يكون عضواً بالجمعية، ولا يعتد في هذا الصدد بالمستندات التي قدمها وجميعها صادرة من أمين صندوق الجمعية وهي غير ملزمة للجمعية لصدورها من شخص لا صفة له في إصدارها وتمت بالتواطؤ فيما بينهما ومن أجل ذلك تم عزله وإبلاغ النيابة ضده، غير أن الحكم المطعون فيه اعتد بعضويته وأورد تبريراً لذلك أن نظام الجمعية لا يرتب البطلان على مخالفة شروط العضوية ورتب على ذلك الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع الدعوى لاستيفائه أركانه القانونية بحسبانه من العقود الرضائية في حين أن نظام الجمعية اشترط تحرير العقد كتابة بين الجمعية وبين العضو بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة في تفسير المستندات وصيغ العقود والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين وفي استخلاص ما يمكن استخلاصه منها ولا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارة الورقة تحتمل المعنى الذي حصلته محكمة الموضوع، وأن لها سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير قيمة كل ما يقدم لها من أدلة ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات قانوناً وحسبها أن تتبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف - في حدود سلطتها التقديرية - استخلصت من الأوراق المقدمة في الدعوى أن الجمعية وافقت على التحاق مورث المطعون ضدهم أولاً عضواً بالجمعية وأنها وافقت على تخصيص قطعة الأرض موضوع التداعي له وأقامت قضاءها على أن "..... يبين من الاطلاع على كتاب الجمعية المستأنف ضدها المرسل لشركة مدينة نصر المقدم من الشركة المؤرخ 3/ 4/ 1968 الموقع من رئيس الجمعية والكشف الملحق به المؤرخ بذات التاريخ أن الجمعية المذكورة تقر بعضوية مورث المستأنفين بها وإتمام حجز القطعة رقم 9 بلوك 25 بالمنطقة الثامنة وذلك باعتباره عضواً بالجمعية المستأنف ضدها وكذلك خطاب رئيس الجمعية المؤرخ 1/ 1/ 1970 الموجه إلى مورث المستأنفين بمطالبته بسداد باقي عشر الثمن المستحق على قطعة الأرض المخصصة له بالمنطقة الثامنة بمدينة نصر ومصاريف التسجيل المقدم للشهر العقاري المرفق صورته بحافظة مستندات المستأنفين، كذلك إيصال شركة مدينة نصر باستلام المبلغ المستحق على مورث المستأنفين سداداً لباقي عشر الثمن، ولما كان النظام الأساسي للجمعية المستأنف ضدها لا يرتب البطلان على مخالفة شروط العضوية، ويحظر على الغير أن يكون عضواً بها، ومن ثم يكون الإدعاء بالتزوير غير منتج في النزاع... وحيث إنه لما كان عقد البيع من العقود الرضائية التي لا يلزم إفراغها في شكل خاص ويكفي في شأنها التقاء الإيجاب والقبول على التعاقد وتحديد المبيع والثمن وكانت الجمعية المستأنف ضدها قد خصصت لمورث المستأنفين قطعة الأرض المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى وقد وافقت الجهة المالكة للأرض وهي الشركة المستأنف ضدها الثانية وقد تحدد الثمن بموجب الخطاب الموجه من الجمعية المذكورة إلى مورث المستأنفين بسعر المتر 200 مليم و3 جنيه ومن ثم يكون عقد البيع موضوع الدعوى قد استوفى أركانه القانونية من إيجاب وقبول..... ويكون العقد قد انعقد صحيحاً...." وهي أسباب سائغة تكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه وتؤدي إليه عبارات المستندات المقدمة بملف الدعوى ولا تخرج عن المعنى الذي تحتمله، فإن ما ينعاه الطاعنان بسبب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحي النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم لم يعرض للقرار الصادر بتاريخ 25/ 3/ 1974 من مجلس إدارة الجمعية بتخصيص قطعة الأرض موضوع التداعي إلى الطاعن الثاني وهو الإيجاب الصحيح الصادر من ذي صفة الذي ينعقد به البيع ولم توازن المحكمة بين هذا التصرف وبين تصرف أمين صندوق الجمعية السابق بتخصيص قطعة الأرض إلى مورث المطعون ضدهم أولاً وهو لا صفة له في إصداره وإذ التفت الحكم عن هذا الدفاع الجوهري فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأنه متى كانت المحكمة قد أقامت الحقيقة الواقعة التي استخلصتها على ما يقيمها فإنها لا تكون بعد ملزمة بأن تتعقب كل حجة للخصم وترد عليها استقلالاً لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، لما كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف قد استخلصت صحيحاً من الأوراق المقدمة بملف الدعوى أن مورث المطعون ضدهم كان عضواً بالجمعية وأنها خصصت له قطعة الأرض موضوع التداعي، وأقامت قضاءها في هذا الصدد على أسباب سائغة تكفي لحمله - على ما سلف في الرد على السبب السابق من أسباب النعي - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه من قصور لإغفاله الرد على بعض أوجه دفاعهما يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم قضى بعدم قبول الاستئناف الفرعي المرفوع منهما استناداً إلى أنهما قبلا الحكم المستأنف قبل رفعه، المستفاد من طلبهما الحكم برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف في صحيفة تعجيل الاستئناف بعد نقض الحكم وفي صحيفة تعجيله من الانقطاع بعد وفاة مورث المطعون ضدهم أولاً، ولما كان الطاعنان لا يستطيعان تعديل طلباتهما في صحيفة التعجيل وهو عمل إداري لا يثبت به حق أو ينفيه ومن ثم فإن استدلال الحكم المطعون فيه على قبولهما الحكم المستأنف بما لا يجوز لهما رفع استئناف فرعي يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه وإن أجاز الشارع بالفقرة الثانية من المادة 237 من قانون المرافعات للمستأنف عليه أن يرفع استئنافاً فرعياً في مواجهة المستأنف ولو بعد مضي ميعاد الاستئناف في حق رافعه أو بعد قبوله للحكم المستأنف، فقد قصر حالة القبول على تلك التي تتم قبل رفع الاستئناف الأصلي، لأن علة جواز الاستئناف الفرعي هي أن المستأنف عليه ما فوت على نفسه ميعاد الطعن أو قبل الحكم إلا لاعتقاده برضاء خصمه بالحكم، هذه العلة تنتفي إذا ما قبل المستأنف عليه الحكم بعد رفع الاستئناف الأصلي ويعتبر طلب المستأنف عليه بتأييد الحكم المستأنف قبولاً منه لذلك الحكم مانعاً إياه من إقامة استئناف فرعي بطلب تعديل الحكم المستأنف، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنين قبلا الحكم المستأنف بعد رفع الاستئناف الأصلي إذ طلبا في صحيفة تعجيل الاستئناف الأصلي بعد نقض الحكم ثم في صحيفة تعجيله من الانقطاع بعد وفاة مورث المطعون ضدهم أولاً رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وإذ استخلص الحكم المطعون فيه من ذلك أنهما قبلا الحكم المستأنف بما لا يجوز لهما رفع استئناف فرعي فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحي النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه التناقض وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم إذ قضى بعدم قبول الاستئناف الفرعي فإنه يكون قد قضى ضمناً بصحة نظام الجمعية بما لحقه من إضافة بقصر العضوية على العاملين بالأزهر، إلا أن الحكم المطعون فيه عاد وأورد في موضع آخر بأحقية مورث المطعون ضدهم أولاً في عضوية الجمعية بما يعيب الحكم بالتناقض فضلاً عن مخالفته قضاء محكمة النقض السابق الذي انتهى إلى عدم صحة عضوية مورث المطعون ضدهم أولاً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه، ولما كان ذلك وكان قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الاستئناف الفرعي المرفوع من الطاعنين لا يتضمن قضاءً ضمنياً بصحة النظام الأساسي للجمعية، وهو ما لا يتناقض مع ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من صحة ونفاذ عقد البيع موضوع التداعي باعتبار أن مورث المطعون ضدهم أولاً عضواً بالجمعية هذا ولئن كانت الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات قد نصت في عجزها على أنه "يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة....." إلا أنه لما كان المقصود بالمسألة القانونية في هذا المجال - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة.... - أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأولت برأيها فيها عن قصد وبصر فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه في حدود المسألة أو المسائل التي تكون قد بتت فيها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض، ولمحكمة الإحالة بهذه المثابة أن تبنى حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حرة من جميع عناصرها وكان نقض الحكم لقصور في التسبيب - أياً كان وجه هذا القصور - لا يعدو أن يكون تعييباً للحكم المنقوض لإخلاله بقاعدة عامة فرضتها المادة 176 من قانون المرافعات التي أوجبت أن "تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة" بما لا يتصور معه أن يكون الحكم الناقض قد حسم مسألة قانونية بالمعنى المشار إليه آنفاً حتى ولو تطرق لبيان أوجه القصور في الحكم المنقوض، لما كان ذلك وكان الحكم الناقض قد عاب على الحكم المنقوض قصوراً في التسبيب لإغفاله الرد على دفاع الطاعن الثاني من أن مورث المطعون ضدهم الأولين ليس عضواً بالجمعية التي تقصر عضويتها على العاملين بالأزهر طبقاً للنظام الداخلي للجمعية ولم يصدر قرار من مجلس الإدارة بتخصيص قطعة الأرض له ولا عبرة بالتصرف الصادر من أمين صندوق الجمعية السابق ولالتفاته عن المستندات التي قدمها الطاعن المذكور رغم ما لها من دلائل، وكان هذا الذي أورده الحكم الناقض لا يتضمن فصلاً في مسألة قانونية اكتسبت قوة الأمر المقضي بحيث تحول بين محكمة الإحالة وبين معاودة النظر في دفاع الطاعن الثاني ومستنداته أو تحول بينها وبين الرد على هذا الدفاع بما يكفي لحمله، أو تحول بينها وبين دحض دلالة هذه المستندات بدلالة أقوى بل لا تحول بينها وبين أن تبنى حكمها على فهم جديد تحصله حرة من جميع عناصر الدعوى وهي في ذلك لا يقيدها إلا التزامها بتسبيب حكمها خضوعاً لحكم المادة 176 من قانون المرافعات، وإذ استكمل الحكم المطعون فيه القصور الذي شاب الحكم المنقوض وأقام قضاءه على أسباب سائغة وكافية لحمله على النحو السالف بيانه في الرد على أسباب الطعن وأحاط بتقريرات الحكم الناقض والتزم به وأتبع مفهومه في سداد يتفق وصحيح الواقع والقانون ومن ثم يضحي النعي برمته على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 2507 لسنة 57 ق جلسة 31 / 12 / 1992 مكتب فني 43 ج 2 ق 301 ص 1485

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، عبد العال السمان، محمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة وعبد الملك نصار.
--------------
(301)
الطعن رقم 2507 لسنة 57 القضائية
 (1)نقض "أحوال الطعن: مخالفة حجية حكم سابق" "الأحكام الجائز الطعن فيها" "الأحكام غير الجائز الطعن فيها".
الطعن بالنقض. قصره على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف والأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرتها - إذا صدرت - على خلاف حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي. الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بوصفها محكمة أول درجة. عدم جواز الطعن فيها بطريق النقض. المادتان 248، 249 مرافعات.
 (2)إعلان "الإعلان في الموطن المختار". حكم "الطعن في الحكم". استئناف.
إعلان الطعن. وجوب أن يكون لشخص الخصم أو في موطنه الأصلي. إعلان الطعن في الموطن المختار. حالتاه. أن يكون مبيناً في ورقة إعلان الحكم أو أن يكون المطعون عليه هو المدعي ولم يبين في صحيفة الدعوى موطنه الأصلي. إعلان الطعن - في غير هاتين الحالتين - في الموطن المختار. غير صحيح. م 214/ 1 مرافعات.
 (3)إعلان. دعوى. استئناف "عوارض الخصومة في الاستئناف: اعتبار الاستئناف كأن لم يكن". دفوع "الدفوع الشكلية". 
عدم إعلان المستأنف عليه بصحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم الكتاب. جزاؤه. اعتبار الاستئناف كأن لم يكن. جواز الحكم به إذا تمسك به صاحب المصلحة ما لم يتنازل عن طلب توقيعه أو يسقط حقه فيه بالتكلم في الموضوع. مجرد فوات الميعاد المذكور. قاطع في عدم تحقق الغاية من الإجراء.
 (4)استئناف. نقض "أسباب الطعن: السبب الوارد على غير محل".
الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلان صحيفته خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها إلى قلم الكتاب. لا محل معه للتعرض للموضوع. النعي الوارد على الحكم الابتدائي بالخطأ في تطبيق القانون. نعي وارد على غير محل وغير مقبول.
-----------
1 - مؤدى نص المادتين 248، 249 من قانون المرافعات أن يقتصر الطعن بطريق النقض على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف وعلى الأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرتها إذا صدرت على خلاف حكم سابق صدر بين ذات الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، أما الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى فلا يجوز الطعن فيها بطريق النقض وإنما يكون الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف بتأييدها أو بإلغائها أو بتعديلها.
2 - إن الأصل - وعلى ما جرى به نص الفقرة الأولى من المادة 214 من قانون المرافعات - أن يكون إعلان الطعن لشخص الخصم أو في موطنه، وأن إعلان الطعن في الموطن المختار لا يكون إلا إذا كان هذا الموطن مبيناً في ورقة إعلان الحكم أو كان المطعون ضده هو المدعي ولم يكن قد بين في صحيفة افتتاح الدعوى موطنه الأصلي، وفي غير هاتين الحالتين لا يصح إعلان الطعن في الموطن المختار.
3 - إن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن هو جزاء نص عليه المشرع لعدم إعلان صحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها إلى قلم الكتاب، ومجرد فوات الميعاد دون اتخاذ هذا الإجراء يقطع في عدم تحقق الغاية منه، وقد قرر المشرع ذلك الجزاء لمصلحة المستأنف عليه حتى يتفادى ما يترتب على تراخي المستأنف في إعلان الاستئناف من إطالة الأثر المترتب على تقديم صحيفته لقلم الكتاب وجعل الأمر في توقيع الجزاء بعد ذلك جوازياً للمحكمة ومتروكاً لمطلق تقديرها في حالة طلبه من صاحب المصلحة ما لم يتنازل عن طلب توقيعه أو يسقط حقه فيه بالتكلم في موضوع الدعوى فإذا استعلمت المحكمة سلطتها التقديرية وأعملت الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن فلا يجوز الطعن في حكمها لاستعمالها الرخصة المخولة لها بالمادة 70 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 75 لسنة 1976.
4 - إذا كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد وقف عند القضاء باعتبار الاستئناف كأن لم يكن ولم يعرض لموضوع النزاع فإن النعي على الحكم الابتدائي الصادر من محكمة أول درجة بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير مقبول ولا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 115 سنة 1977 مدني الجيزة الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بطرده من الشقة المبينة بصحيفة الدعوى وقال بياناً لذلك إنه استأجر الشقة سالفة البيان بتاريخ 11/ 4/ 1964 وعلى أثر نشوب خلاف بينه وبين زوجته انتهى بطلاقها مكنت مطلقته الطاعن وهو ابن شقيقتها من الشقة إضراراً به مستغلة في ذلك وجوده في بعثة دراسية بالخارج وإذ كان الطاعن يضع يده على الشقة بدون سند فقد أقام الدعوى، أدخل المطعون ضده الأول المطعون ضدهما الثانية والثالثة خصمين في الدعوى بصفتهما مالكتين للعقار الكائن به شقة النزاع. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين قررت بتاريخ 22/ 12/ 1983 شطب الدعوى جدد الطاعن السير في الدعوى بصحيفة معلنة للمطعون عليهم في 4/ 4/ 1984 كما أقام الدعوى 695 سنة 1984 مدني الجيزة الابتدائية على الطاعن والمطعون ضدهما الثانية والثالثة بذات الطلبات مستنداً إلى الدعوى السابقة فيما تضمنته من مستندات ومذكرات وتحقيق، وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين حكمت بتاريخ 7/ 3/ 1985. أولاً في الدعوى رقم 115 سنة 1977 مدني الجيزة الابتدائية باعتبارها كأن لم تكن. ثانياً في الدعوى رقم 695 سنة 1984 بإخلاء الطاعن من الشقة موضوع التداعي، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3799 سنة 102 ق وبتاريخ 13/ 5/ 1987 حكمت المحكمة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. طعن الطاعن في هذا الحكم والحكمين الصادرين في الدعويين رقمي 115 سنة 1977، 695 سنة 1984 مدني الجيزة الابتدائية بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز الطعن على الحكمين الأخيرين بالنقض وبرفض الطعن على الحكم الأول. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى دفع النيابة بعدم جواز الطعن في الحكمين رقمي 115 سنة 1977، 695 سنة 1984 مدني الجيزة الابتدائية أنهما صادران من محكمة ابتدائية فلا يجوز الطعن فيهما بطريق النقض.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن مؤدى نص المادتين 248، 249 من قانون المرافعات أن يقتصر الطعن بطريق النقض على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف وعلى الأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرتها إذا صدرت على خلاف حكم سابق صدر بين ذات الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، أما الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى فلا يجوز الطعن فيها بطريق النقض وإنما يكون الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف بتأييدها أو بإلغائها أو بتعديلها، لما كان ذلك، وكان الطاعن قد طعن بالنقض في الحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية بتاريخ 7/ 3/ 1985 في الدعويين رقمي 115 سنة 1977، 695 سنة 1984 مدني الجيزة الابتدائية وطلب في صحيفة الطعن نقضهما بالإضافة إلى الحكم الصادر في الاستئناف رقم 3799 سنة 102 ق القاهرة الذي قضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن فإن الطعن في هذين الحكمين بطريق النقض يكون غير جائز.
وحيث إن الطعن في الحكم الصادر في الاستئناف 3799 سنة 102 ق القاهرة قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه لما كانت صحيفة الاستئناف أودعت بتاريخ 14/ 4/ 1985 - وأعلنت للمطعون ضده الأول بتاريخ 3/ 5/ 1985 على محل إقامته الكائن في...... شارع...... بالزمالك وحضر بالجلسة الأولى بتاريخ 11/ 6/ 1985 ثم بالجلسة الثانية بتاريخ 9/ 2/ 1986 ودفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وكان ذلك قبل مرور مدة التسعين يوماً فإن الغاية من الإعلان تكون قد تحققت ولا يحكم بالبطلان عملاً بالمادة 20 من قانون المرافعات وإذ قضى الحكم رغم ذلك باعتبار الاستئناف كأن لم يكن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الأصل - وعلى ما جرى به نص الفقرة الأولى من المادة 214 من قانون المرافعات - أن يكون إعلان الطعن لشخص الخصم أو في موطنه، وأن إعلان الطعن في الموطن المختار لا يكون إلا إذا كان هذا الموطن مبيناً في ورقة إعلان الحكم أو كان المطعون ضده هو المدعي ولم يكن قد بين في صحيفة افتتاح الدعوى موطنه الأصلي، وفي غير هاتين الحالتين لا يصح إعلان الطعن في الموطن المختار، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأول - وهو المدعي - لم يبين في صحيفة افتتاح الدعويين 115 سنة 1977، 695 سنة 1984 مدني الجيزة الابتدائية موطنه الأصلي وإنما اتخذ فيهما موطناً مختاراً هو مكتب الأستاذ/ ....... المحامي بالقاهرة الكائن........، أيضاً اتخذ هذا الموطن المختار في ورقة إعلان الحكم الابتدائي المعلنة إلى الطاعن إلا أن الأخير وجه إعلان صحيفة الاستئناف إلى المطعون ضده الأول على العنوان......... شارع........ بالزمالك وإذ توجه المحضر لإعلانه به أثبت عدم إقامته وأنه سكن مطلقته - قريبة المستأنف - ومن ثم فإن إعلان صحيفة الاستئناف يكون قد وقع باطلاً لعدم إعلان المطعون ضده الأول في موطنه المختار المبين بصحيفة افتتاح الدعويين وفي ورقة إعلان الحكم الصادر فيها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم الكتاب، ولا محل للتحدي بأن الغاية قد تحققت من الإجراء بحضور المطعون ضده الأول بالجلسة عملاً بنص المادة 20 من قانون المرافعات، ذلك أن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن هو جزاء نص عليه المشرع لعدم إعلان صحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها إلى قلم الكتاب، ومجرد فوات الميعاد دون اتخاذ هذا الإجراء يقطع في عدم تحقق الغاية منه، وقد قرر المشرع ذلك الجزاء لمصلحة المستأنف عليه حتى يتفادى ما يترتب على تراخي المستأنف في إعلان الاستئناف من إطالة الأثر المترتب على تقديم صحيفته لقلم الكتاب وجعل الأمر في توقيع الجزاء بعد ذلك جوازياً للمحكمة ومتروكاً لمطلق تقديرها في حالة طلبه من صاحب المصلحة ما لم يتنازل عن طلب توقيعه أو يسقط حقه فيه بالتكلم في موضوع الدعوى فإذا استعلمت المحكمة سلطتها التقديرية وأعملت الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن فلا يجوز الطعن في حكمها لاستعمالها الرخصة المخولة لها بالمادة 70 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 75 لسنة 1976، وإذ كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه لم يعتد بإعلان المطعون ضده بصحيفة الاستئناف على عنوانه..... شارع.... بالزمالك ورتب على ذلك الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلان المطعون ضده الأول بصحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم الكتاب بعد أن طلب المطعون ضده الأول إعمال هذا الجزاء قبل أن يتكلم في موضوع الدعوى فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الخصومة في الدعوى الأولى رقم 115 سنة 1977 مدني الجيزة الابتدائية بعد أن حكم باعتبارها كأن لم تكن قد زالت آثارها منذ انعقادها، وإذ رفع المطعون ضده الأول الدعوى الثانية رقم 695 سنة 1984 مدني الجيزة الابتدائية فإنه يكون قد مضى على رفع الدعوى الأولى أكثر من عام الأمر الذي يترتب عليه سقوط الخصومة في الدعوى الثانية مما كان يتعين على محكمة أول درجة الحكم بعدم قبول هذه الدعوى، كما أنه يقيم في الشقة موضوع التداعي منذ عام 1974 وأقام المطعون ضده الأول الدعوى في عام 1977 مما يدل على أن إقامته فيها كانت برضائه وموافقته وإذ انتهى الحكم الصادر من محكمة أول درجة إلى أن وضع يده يد غاصب فإنه يكون غير سديد، أيضاً يترتب على هذا الحكم أن يصبح المطعون ضده الأول محتجزاً لمسكنين في مدينة واحدة وهو ما يعيب الحكم الصادر من محكمة أول درجة ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد وقف عند القضاء باعتبار الاستئناف كأن لم يكن ولم يعرض لموضوع النزاع فإن النعي على الحكم الابتدائي الصادر من محكمة أول درجة بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير مقبول ولا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1315 لسنة 61 ق جلسة 22 / 1 / 1992 مكتب فني 43 ج 1 ق 47 ص 215


جلسة 22 من يناير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد أمين طموم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد جمال شلقاني، محمد رشاد مبروك السيد خلف نواب رئيس المحكمة، وفؤاد شلبي.
-------------
(47)
الطعن رقم 1315 لسنة 61 القضائية

(3 - 1) إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني لعقد الإيجار". حكم "عيوب التدليل". "الفساد في الاستدلال". أحوال شخصية.
(1) اختلاف الحماية التي أسبغها المشرع على كل من طائفتي الأقارب في المادة 29/ 1 ق 49 لسنة 1977 وتمييزه للطائفة الأولى منهم على باقي أفراد الطائفة الثانية. مؤداه. امتداد عقد الإيجار إلى أفراد الطائفة الثانية منهم منوط بعدم وجود أي من أفراد الطائفة الأولى وهم أقارب المستأجر من الدرجة الأولى. علة ذلك.
(2) التزام الزوج بإعداد مسكن الزوجية مقابل حقه على زوجته في الاحتباس والقرار فيه. مؤداه. إقامة الزوجة في منزل الزوجية - حقيقة أو حكماً - هي الإقامة الوحيدة التي لها صفة الاعتياد والاستقرار حال قيام الزوجية. إقامتها في غير مسكن الزوجية مهما استطالت وأياً كان مبعثها ودواعيها. لا تسوغ امتداد عقد الإيجار إليها وفقاً لحكم المادة 29 ق 49 لسنة 1977.
(3) ترك المطعون ضده الأول للعين سنة 1975 لوالديه وشقيقته (المطعون عليها الثانية). أثره. امتداد عقد الإيجار إلى الوالدين دون المطعون عليها الثانية. وفاة الوالد في سنة 1981 ثم الوالدة في 1982. مؤداه. امتداد عقد الإيجار للابنة المطعون ضدها الثانية. مناطه. توافر إقامتها المستقرة بالعين وقت وفاة والدتها. تمسك الطاعنات أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليها المذكورة لها إقامة بمنزل الزوجية المعد لها بمدينة الزقازيق. إقامة الحكم المطعون فيه قضاءه بإلزام الطاعنات بتحرير عقد إيجار لها استناداً لما استخلصه من أدلة لا تؤدي لما انتهى إليه من أن إقامتها استمرت بالعين بعد زواجها في سنة 1976 وحتى وفاة والديها. خطأ وفساد في الاستدلال.

------------
1 - النص في الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - يدل على أن المشرع تقديراً منه لقوة الرابطة التي تجمع بين المستأجر وبين زوجه وأولاده ووالديه والتي قد تقوم عليها التزامات قانونية وواجبات أدبية بإعالتهم ورعايتهم خص هذه الطائفة من الأقارب وهم أقارب الدرجة الأولى نسباً بميزة امتداد عقد الإيجار إليهم متى توافرت إقامتهم بالعين وقت وفاة المستأجر أو تركه لها دون اشتراط استطالة هذه الإقامة مدة معينة تميزاً لهم عن باقي المقيمين بالعين من أقارب المستأجر من الدرجتين الثانية والثالثة الذين استلزم المشرع لاستفادتهم من امتداد عقد الإيجار أن تستطيل إقامتهم بالعين مدة سنة متصلة سابقة على الوفاة أو الترك باعتبار أن تمتعهم بالإقامة في العين كان قياماً من المستأجر بالتزامات وواجبات أدبية ذات طابع خاص قابلة للتغيير والتبديل، مما لازمه أن يكون مناط امتداد عقد الإيجار إلى أقارب المستأجر من الدرجتين الثانية والثالثة المقيمين معه في العين مدة سنة سابقة على الوفاة أو الترك هو عدم وجود أي من أقارب الدرجة الأولى المشار إليها تحقيقاً لما ابتغاه المشرع من تفضيل أفراد قرابة الدرجة الأولى عما سواهم، وباعتبار أن الامتداد القانوني لعقد الإيجار هو استثناء من الأصل في أن هذا العقد بطبيعته من العقود الرضائية الموقوتة وأن الضرورة التي فرضت على المشرع تقرير الاستثناء إنما تقدير بقدرها فلا ينبغي التوسع في تطبيق هذا الاستثناء.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الزوج هو الملزم شرعاً بإعداد منزل الزوجية وله على زوجته حق الاحتباس والقرار فيه مما لازمه أن تكون إقامة الزوجة في بيت الزوجية - حقيقة أو حكماً - تنفيذاًَ لحق الاحتباس الشرعي هي الإقامة الوحيدة التي يكون لها صفة الاعتياد والاستقرار حال قيام الزوجية فتخرج بذلك إقامتها في غير مسكن الزوجية عن هذا المدلول ولا تسوغ امتداد عقد إيجار إليها وفقاً للمادة 29 المشار إليها مهما استطالت وأياً كان مبعثها أو دواعيها.
3 - الواقع في الدعوى أن المستأجر الأصلي للعين محل النزاع - المطعون عليه الأول - ترك العين في سنة 1975 وكان يقيم معه وقت الترك والداه وشقيقته - المطعون عليها الثانية - فامتد عقد الإيجار إلى الوالدين دون المطعون عليها الثانية باعتبار أنها من أقارب الدرجة الثانية للمستأجر الأصلي فكانت إقامتها بالعين بعد ذلك مستمده من إقامة والديها الذين صارا وحدهما المستأجرين الأصليين للعين من تاريخ الترك سالف البيان، وإذ توفي والدها في سنة 1981 ثم والدتها في سنة 1982 فإن امتداد عقد الإيجار إلى ابنتهما - المطعون عليها الثانية - يكون منوط بتوافر الإقامة المستقرة لها بالعين وقت وفاة والدتها باعتبار أنها صارت من أقارب الدرجة الأولى بالنسبة لوالديها المستأجرين الأصليين، وكان الثابت في الدعوى أن الطاعنات تمسكن أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليها الثانية لها إقامة بمنزل الزوجية المعد لها بمدينة الزقازيق، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعنات بتحرير عقد إيجار للمطعون عليها الثانية على ما استخلصه من أقوال شاهديها من أنها تقيم بالعين محل النزاع مدة سنة سابقة على ترك شقيقها - المستأجر الأصلي - للعين في سنة 1975، وأن إقامتها استمرت بتلك العين بعد زواجها في سنة 1979 وحتى وفاة والديها وأن إعلانها بمدينة الزقازيق لا ينفي إقامتها بالعين محل النزاع لعدم إعلانها لشخصها ولرفض زوجها استلام الإعلان لعدم إقامتها معه، وأفصح الحكم أن سبب اطمئنانه لأقوال الشاهدين المذكورين هو ما عزز هذه الأقوال بالثابت في شهادة الثانوية العامة ومحضري الخطبة والزواج الخاصة بالمطعون عليها الثانية من أن محل إقامتها هو العين محل النزاع حال أن ورود عنوان العين بتلك الأوراق كمحل لإقامة المطعون عليها الثانية لا يدل بذاته على إقامتها بتلك العين كما أن الثابت بالإعلان الموجه إلى المطعون عليها الثانية بمدينة الزقازيق أن زوجها رفض استلامه لغياب زوجته وقت الإعلان وهو بذلك لا يدل على إقامتها بالعين محل النزاع ونفي وجود منزل الزوجية بتلك المدينة بما لا يواجه دفاع الطاعنات القائم على أن للمطعون عليها الثانية إقامة بمنزل الزوجية المعد لها بمدينة الزقازيق منذ زواجها سنة 1979 بما يرتب نفي إقامتها المستقرة الدائمة بالعين محل النزاع وهو ما يشوب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة الأولى أقامت الدعوى رقم 7269 لسنة 1983 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه الأول بطلب الحكم بإلزامه بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم، وقالت بياناً لها إنه استأجر بموجب عقد مؤرخ 1/ 2/ 1959 من مورثها تلك الشقة لسكناه ثم تركها لوالديه وأقام بشقة أخرى وإذ توفيا دون أن يكون أحداً من أقاربهما مقيماً معهما إقامة مستقرة فإنه يكون محتجزاً لأكثر من مسكن دون مقتضى بالمخالفة لنص المادة 8/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فقد أقامت الدعوى بطلبيها سالفي البيان، تدخلت المطعون عليها الثانية خصماً هجومياً في الدعوى كما أقامت الدعوى رقم 14485 لسنة 1984 مدني شمال القاهرة ضد الطاعنات والمطعون عليه الأول بطلب الحكم بإلزام الطاعنات بتحرير عقد إيجار لها عن العين محل النزاع تأسيساً على امتداد عقد الإيجار إليها وقت ترك شقيقها المستأجر الأصلي للعين لإقامتها معه مدة سنة سابقة على الترك وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين للارتباط وأحالتهما للتحقيق حكمت بتاريخ 31/ 12/ 1986 في الدعوى الأولى بإجابة الطاعنة الأولى إلى طلباتها وفي الدعوى الثانية برفضها. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 1748، 1749 لسنة 104 ق لدى محكمة استئناف القاهرة وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف وأحالتهما للتحقيق حكمت بتاريخ 9/ 1/ 1991 بإلغاء الحكم المستأنف وبإجابة المطعون عليها الثانية إلى طلباتها. طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنات على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقلن إنهن تمسكن أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليها الثانية لم تكن لها إقامة بالعين محل النزاع وقت وفاة والديها حيث كانت تقيم منذ زواجها بمسكن الزوجية بمدينة الزقازيق واستدللن على ذلك بإعلانها في ذلك المسكن، إلا أن الحكم أقام قضاءه بامتداد عقد الإيجار لديها على ما خلص إليه من إقامتها بالعين حتى وفاة والديها استناداً على ما قرره شاهداها، وأوضح الحكم أن سبب اطمئنانه لأقوالهما دون أقوال شاهدي الطاعنات هو ما يؤيدها من مستندات حصلها في شهادة الثانوية العامة ومحضري الخطبة والزواج الخاصة بالمطعون عليها الثانية فيما تضمنته من أن العين محل النزاع هي محل إقامتها وهو استدلال فاسد إذ أن ذلك لا يفيد إقامتها بالعين على النحو الذي يستلزمه القانون حتى تاريخ وفاة والديها ولا يواجه دفاع الطاعنات بإقامتها بمنزل الزوجية منذ زواجها قبل وفاة والديها.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة (8) من هذا القانون رقم لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً أو مصاهرة حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه العين أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل" يدل على أن المشرع تقديراً منه لقوة الرابطة التي تجمع بين المستأجر وبين زوجه وأولاده ووالديه والتي قد تقوم عليها التزامات قانونية وواجبات أدبية بإعالتهم ورعايتهم خص هذه الطائفة من الأقارب وهم أقارب الدرجة الأولى نسباً بميزة امتداد عقد الإيجار إليهم متى توافرت إقامتهم بالعين وقت وفاة المستأجر أو تركه لها دون اشتراط استطالة هذه الإقامة مدة معينة تميزاً لهم عن باقي المقيمين بالعين من أقارب المستأجر من الدرجتين الثانية والثالثة الذين استلزم المشرع لاستفادتهم من امتداد عقد الإيجار أن تستطيل إقامتهم بالعين مدة سنة متصلة سابقة على الوفاة أو الترك باعتبار أن تمتعهم بالإقامة في العين كان قياماً من المستأجر بالتزامات وواجبات أدبية ذات طابع خاص قابلة للتغيير والتبديل، مما لازمه أن يكون مناط امتداد عقد الإيجار إلى أقارب المستأجر من الدرجتين الثانية والثالثة المقيمين معه في العين مدة سنة سابقة على الوفاة أو الترك هو عدم وجود أي من أقارب الدرجة الأولى المشار إليها تحقيقاً لما ابتغاه المشرع من تفضيل أفراد قرابة الدرجة الأولى عما سواهم، وباعتبار أن الامتداد القانوني لعقد الإيجار هو استثناء من الأصل في أن هذا العقد بطبيعته من العقود الرضائية الموقوتة وأن الضرورة التي فرضت على المشرع تقرير الاستثناء إنما تقدير بقدرها فلا ينبغي التوسع في تطبيق هذا الاستثناء بما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الزوج هو الملزم شرعاً بإعداد منزل الزوجية وله على زوجته حق الاحتباس والقرار فيه مما لازمه أن تكون إقامة الزوجة في بيت الزوجية - حقيقة أو حكماً - تنفيذاًَ لحق الاحتباس الشرعي هي الإقامة الوحيدة التي تكون لها صفة الاعتياد والاستقرار حال قيام الزوجية فتخرج بذلك إقامتها في غير مسكن الزوجية عن هذا المدلول ولا تسوغ امتداد عقد إيجار إليها وفقاً للمادة 29 المشار إليها مهما استطالت وأياً كان مبعثها أو دواعيها. وكان الواقع في الدعوى أن المستأجر الأصلي للعين محل النزاع - المطعون عليه الأول - ترك العين في سنة 1975 وكان يقيم معه وقت الترك والداه وشقيقته - المطعون عليها الثانية - فامتد عقد الإيجار إلى الوالدين دون المطعون عليها الثانية باعتبار أنها من أقارب الدرجة الثانية للمستأجر الأصلي فكانت إقامتها بالعين بعد ذلك مستمده من إقامة والديها الذين صارا وحدهما المستأجرين الأصليين للعين من تاريخ الترك سالف البيان، وإذ توفي والدها في سنة 1981 ثم والدتها في سنة 1982 فإن امتداد عقد الإيجار إلى ابنتهما - المطعون عليها الثانية - يكون منوط بتوافر الإقامة المستقرة لها بالعين وقت وفاة والدتها باعتبار أنها صارت من أقارب الدرجة الأولى بالنسبة لوالديها المستأجرين الأصليين، وكان الثابت في الدعوى أن الطاعنات تمسكن أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليها الثانية لها إقامة بمنزل الزوجية المعد لها بمدينة الزقازيق، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعنات بتحرير عقد إيجار للمطعون عليها الثانية على ما استخلصه من أقوال شاهديها من أنها تقيم بالعين محل النزاع مدة سنة سابقة على ترك شقيقها - المستأجر الأصلي - للعين في سنة 1975، وأن إقامتها استمرت بتلك العين بعد زواجها في سنة 1979 وحتى وفاة والديها وأن إعلانها بمدينة الزقازيق لا ينفي إقامتها بالعين محل النزاع لعدم إعلانها لشخصها ولرفض زوجها استلام الإعلان لعدم إقامتها معه، وأفصح الحكم أن سبب اطمئنانه لأقوال الشاهدين المذكورين هو ما عزز هذه الأقوال بالثابت في شهادة الثانوية العام ومحضري الخطبة والزواج الخاصة بالمطعون عليها الثانية من أن محل إقامتها هو العين محل النزاع حال أن ورود عنوان العين بتلك الأوراق كمحل لإقامة المطعون عليها الثانية لا يدل بذاته على إقامتها بتلك العين، كما أن الثابت بالإعلان الموجه إلى المطعون عليها الثانية بمدينة الزقازيق أن زوجها رفض استلامه لغياب زوجته وقت الإعلان وهو بذلك لا يدل على إقامتها بالعين محل النزاع ونفي وجود منزل الزوجية بتلك المدينة بما لا يواجه دفاع الطاعنات القائم على أن للمطعون عليها الثانية إقامة بمنزل الزوجية المعد لها بمدينة الزقازيق منذ زواجها سنة 1979 بما يرتب نفي إقامتها المستقرة الدائمة بالعين محل النزاع وهو ما يشوب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 598 لسنة 44 ق جلسة 21 / 6 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 291 ص 1510

جلسة 21 من يونيه سنة 1978
برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، صلاح نصار ومحمود رمضان.
-----------
(291)
الطعن رقم 598 لسنة 44 القضائية
 (1)إيجار.
حق المستأجر شخصي ولو ورد على عقار.
(2) وكالة. محكمة الموضوع.
الوكالة نطاقها. استقلال قاضي الموضوع بتقدير مداها. ورودها على عمل معين مقتضاه شمولها توابعه ولوازمه الضرورية.
(3، 4، 5 ) وكالة. إيجار "إيجار الأماكن".
 (3)التوكيل الرسمي العام في بيع وشراء المنقولات. اتساع نطاقه إلى التنازل عن حق الإيجار. علة ذلك.
 (4)التنازل عن الإيجار. ماهيته. عدم نفاذه في حق المؤجر إلا من وقت إعلانه به أو قبوله له. مادة 305 مدني.
 (5)التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن لمهجر طبقاً للقانون 76 لسنة 1969. شرطه. أن يكون عقد الإيجار الأصلي صحيحاً وقائماً.
------------
1 - مفاد المادة 558 من القانون المدني أن حق المستأجر في طبيعته حق شخصي وليس حقاً عينياً، وهو بهذه المثابة يعتبر مالاً منقولاً ولو كان محل الإجارة عقاراً، كما يعد عقد الإيجار من أعمال الإدارة لا من أعمال التصرف.
2 - تختلف سعة الوكالة باختلاف الصيغة التي يفرغ فيها التوكيل ومؤدى نص المادة 702 من القانون المدني أن الوكالة الخاصة تحدد بعمل أو أعمال قانونية معينة وترد على أعمال التصرف وأعمال الإدارة على السواء وهي وإن اقتصرت على عمل معين فهي تشمل كذلك توابعه ولوازمه الضرورية وفقاً لطبيعة الأشياء والعرف الساري، وتحديد مدى الوكالة مسألة واقع بيت فيها قاضي الموضوع بما له من السلطة في تعرف حقيقة ما أراده العاقدان مستعيناً بعبارة التوكيل وبظروف الدعوى وملابساتها طالما كان الاستخلاص سائغاً.
3 - إذ كان البين من مطالعة التوكيل الصادر من المستأجرة الأصلية إلى المطعون عليه الثاني أنه توكيل رسمي عام تضمن توكيلاً خاصاً مضافاً إليه في "البيع والشراء فيما يتعلق بالمنقولات وكل ما هو منقول وثابت والتوقيع على عقد البيع الابتدائي وقبض الثمن.." فإن نطاق هذه الوكالة الخاصة يتسع لتصرف المطعون عليه الثاني في التنازل عن حق الإيجار باعتباره بيعاً لمنقول.
4 - التنازل عن الإيجار هو حوالة حق بالنسبة إلى حقوق المستأجر وحوالة دين بالنسبة لالتزاماته فيتعين اتباع الإجراءات التي تخضع لها الحوالة في القانون المدني في نطاق الحدود التي لا تتعارض مع التنظيم التشريعي لعقد الإيجار فلا يصير النزول نافذاً في حق المؤجر وفق المادة 305 من القانون المدني إلا من وقت إعلانه به أو من وقت قبوله له.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط للاستفادة من أحكام القانون رقم 76 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 48 لسنة 1970 بشأن إيقاف إجراءات التنفيذ والإجراءات المترتبة على التنازل عن عقد الإيجار والتأجير من الباطن للمهجرين من محافظات القناة وسيناء أن يكون عقد المستأجر الأصلي المتنازل صحيحاً وقائماً عند حصوله، فإن انقضى هذا العقد لسبب أو لآخر فلا يجوز لهذا المستأجر التنازل اعتباراً بأنه يتصرف في حق زائل لا يملكه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن شركة الشرق للتأمين - الطاعنة - أقامت الدعوى رقم 1148 سنة 1972 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد المطعون عليه الثاني طالبة الحكم بإخلائه من الشقة الموضحة بصحيفة الدعوى وتسليمها إليها خالية مما يشغلها وقالت بياناً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 18/ 11/ 1941 أجرت لشقيقه المطعون عليه الثاني شقة بالعقار رقم...... لاستعمالها سكناً خاصاً لها؛ وظلت تقيم بها بمفردها حتى أدركها الموت في سنة 1972 وانتهت بذلك العلاقة الإيجارية، وإذ وضع المطعون عليه الثاني يده عليها دون سند فقد أقامت الدعوى. طلبت المطعون عليها الأولى قبولها خصماً متدخلاً في الدعوى استناداً إلى تنازل المطعون عليه الثاني لها باعتبارها من مهجري القناة عن العين المؤجرة وذلك بوصفه وكيلاً عن المستأجرة الأصلية. وبتاريخ 18/ 4/ 1973 حكمت المحكمة: (أولاً) بقبول تدخل المطعون عليها الأولى خصماً في الدعوى (ثانياً) بإخلاء العين المؤجرة وتسليمها للطاعنة خالية مما يشغلها. استأنف المطعون عليها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 956 لسنة 29 ق الإسكندرية وفي 21 مارس سنة 1974 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر؛ وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم ذهب إلى أن تنازل المطعون عليه الثاني عن الإيجار للمطعون عليها الأولى تصرف صحيح يتسع له نطاق الوكالة الصادرة إليه من المستأجرة الأصلية في حين أن هذا التوكيل عام لا يخول الوكيل صفة إلا في أعمال الإدارة دون التصرف طبقاً للمادة 701 من القانون المدني، وإذ جاءت عبارات التوكيل خلواً من إباحة التنازل عن أي حق من الحقوق، ولا يجوز الحكم للمطعون عليه الثاني تأسيساً على هذه الوكالة العامة التنازل عن الإجارة المعقودة من المستأجرة الأصلية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان مفاد المادة 558 من القانون المدني أن من حق المستأجر في طبيعته حق شخصي وليس حقاً عينياً وهو بهذه المثابة يعتبر مالاً منقولاً ولو كان محل الإجارة عقاراً كما يعد عقد الإيجار من أعمال الإدارة لا من أعمال التصرف، لما كان ذلك وكانت سمة الوكالة تختلف باختلاف الصيغة التي يفرغ فيها التوكيل، وكان مؤدى المادة 702 من القانون المدني أن الوكالة الخاصة تحدد بعمل أو أعمال قانونية معينة، وترد على أعمال التصرف وأعمال الإدارة على سواء، وهي إن اقتصرت على عمل معين فهي تشمل كذلك توابعه ولوازمه الضرورية وفقاً لطبيعة الأشياء والعرف الساري. لما كان ما تقدم وكان البين من مطالعة التوكيل الصادر من المستأجرة الأصلية إلى المطعون عليه الثاني أنه توكيل رسمي عام تضمن توكيلاً خاصاً مضافاً إليه في "البيع والشراء فيما يتعلق بالمنقولات، وكل ما هو منقول وثابت والتوقيع على عقد البيع الابتدائي وقبض الثمن"، فإن نطاق هذه الوكالة الخاصة يتسع لتصرف المطعون عليه الثاني في التنازل عن حق الإيجار باعتباره بيعاً لمنقول على ما سلف بيانه. لما كان ذلك وكان تحديد مدى الوكالة مسألة واقع بيت فيها قاضي الموضوع بما له من السلطة في تعرف حقيقة ما أراده المتعاقدان، مستعيناً بعبارة التوكيل وبظروف الدعوى وملابساتها طالما كان الاستخلاص سائغاً، وكان ما حصله الحكم مبرراً بما ساقه من أسباب لا تتعارض مع نصوص عقد الوكالة، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم اعتد بتنازل المطعون عليه الثاني عن الإجارة للمطعون عليها الأولى وجعله نافذاً في حق الشركة مالكة العقار المؤجر، في حين أن التنازل هو حوالة للحق فلا تكون نافذة في حق المؤجر إلا من تاريخ الإعلان الرسمي أو التاريخ الثابت لقبول المدين طبقاً للمادة 305 من القانون المدني، وإذ يحظر عقد الإيجار التنازل إلا بموافقة المؤجر الصريحة كتابة وأسقط الحكم ضرورة إعلان التنازل إلى الشركة الطاعنة كشرط أساسي لنفاذ التنازل في حقها، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كان التنازل عن الإيجار هو حوالة حق بالنسبة إلى حقوق المستأجر وحوالة دين بالنسبة لالتزاماته فيتعين اتباع الإجراءات التي تخضع لها الحوالة في القانون المدني في نطاق الحدود التي لا تتعارض مع التنظيم التشريعي لعقد الإيجار فلا يصير النزول نافذاً في حق المؤجر وفق المادة 305 من القانون المدني إلا من وقت إعلانه به أو من وقت قبوله له إلا أنه لما كانت الأوراق خلوا مما يفيد تمسك الشركة الطاعنة أمام محكمة الموضوع بعدم نفاذ التنازل عن عقد الإيجار للمطعون عليها الأولى تجاهها فلا يجوز لها إثارة هذا الدفاع ولأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع، ويكون النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم استند في قضائه بصحة التنازل الصادر من المطعون عليه الثاني إلى المطعون عليها الأولى لأحكام القانون رقم 76 لسنة 1969 باعتبار إنها من مهجري منطقة القناة، في حين أنه يشترط للإفادة من أحكام هذا القانون أن يكون عقد الإيجار الأصلي قائماً، وقد جاء التنازل لاحقاً لوفاة المستأجرة الأصلية وبعد انقضاء إجارتها، مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط للاستفادة من أحكام القانون رقم 76 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 48 لسنة 1970 بشأن إيقاف إجراءات التنفيذ والإجراءات المترتبة على التنازل عن عقد الإيجار والتأجير من الباطن للمهجرين من محافظات القناة وسيناء، أن يكون عقد المستأجر الأصلي المتنازل صحيحاً وقائماً عند حصوله، فإن انقضى هذا العقد لسبب أو لآخر، فلا يجوز لهذا المستأجر التنازل اعتباراً بأنه يتصرف في حق زائل لا يملكه. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه إن وفاة المستأجرة الأصلية في غضون سنة 1972 لاحقة للتنازل الحاصل في شهر إبريل سنة 1971 أي أثناء سريان عقد إيجار المستأجرة وحيازتها، فإن النعي يكون في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن

السبت، 16 مارس 2019

الطعن 9392 لسنة 84 ق جلسة 8 / 6 / 2015 مكتب فني 66 ق 127 ص 840

جلسة 8 من يونيه سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ فتحي محمد حنضل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أحمد فراج، علي كمونة، طارق خشبة وصالح مصطفى نواب رئيس المحكمة.
---------------
(127)
الطعن رقم 9392 لسنة 84 القضائية

(1 - 4) حكم "حجية الأحكام: حجية الحكم الجنائي".
(1) حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. شرطها: أن يكون باتا باستنفاد طرق الطعن الجائزة أو لفوات مواعيدها.
(2) ميعاد استئناف الحكم الصادر باعتبار المعارضة كأن لم تكن عشرة أيام من تاريخ صدوره. المادتان 402/ 1، 406/ إ3.ج. المعارضة في الحكم الغيابي لا تكون إلا مرة واحدة. الحكم الصادر فيها. اعتباره دائما حضوريا بقوة القانون ولو كان صادرا في غيبة المعارض أيا ما كان الحكم.
(3) قيام مسئوليتين جنائية ومدنية عن فعل واحد. إقامة دعوى المسئولية أمام المحكمة المدنية. أثره. وجوب وقف السير فيها لحين الفصل نهائية في الدعوى الجنائية المرفوعة قبل أو أثناء السير في الدعوى المدنية. م 265/ 1 إ.ج. اعتباره نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي. المادتان 456 إ.ج، 102 إثبات.
(4) ثبوت عدم صيرورة الحكم الجنائي بإدانة قائد السيارة أداة الحادث والمؤمن من مخاطرها لدى الطاعنة نهائياً وباتا وخلو الأوراق من أي ما يدل على استنفاد الطعن فيه بطريق الاستئناف أو فوات هذه المواعيد. اعتداد الحكم المطعون فيه بذلك الحكم في ثبوت خطأ قائد السيارة أداة الحادث الذي أودى بحياة مورث المطعون ضدهم مرتباً على ذلك مسئولية الطاعنة عن التعويض رغم عدم بيتوتته ومتحجباً الرد على دفاع الطاعنة بعدم نهائية الحكم للطعن عليه بالنقض ودلالة المستندات المؤيدة له. خطأ.

----------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الحكم الجنائي تكون له قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية إذا كان باتا لا يقبل الطعن فيه إما لاستفاد مواعيد الطعن الجائزة فيه أو لفوات مواعيدها.

2 - إن مفاد النص في المادتين 402/ 1، 406/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية يدل على أن ميعاد استئناف الحكم الصادر باعتبار المعارضة كأن لم تكن عشرة أيام من تاريخ صدوره، وأن القاعدة العامة هي أن المعارضة في الحكم الغيابي لا تكون إلا مرة واحدة، فإذا عارض المحكوم عليه في الحكم الغيابي، فإن الحكم الصادر في المعارضة يكون دائما حضوريا بقوة القانون حتى ولو كان صادرة في غيبة المعارض، وتستوي في ذلك جميع الأحكام التي تصدر في المعارضة أي سواء كانت فاصلة في الموضوع أم كانت باعتبارها كأن لم تكن أم بعدم جواز المعارضة أو عدم قبولها شكلا.

3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مؤدي نص المادة 265/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية أنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان جنائية ومدنية، ورفعت دعوى المسئولية المدنية أمام المحكمة المدنية، فإن رفع الدعوى الجنائية سواء قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها يوجب على المحكمة المدنية أن توقف السير في الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نهائيا وبحكم بات في الدعوى الجنائية طالما أنه يجمعهما أساس مشترك، والوقف الوجوبي في هذه الحالة نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها عملا بالمادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات.

4 - إذ كان الثابت من الأوراق أن الحكم الجنائي الصادر بإدانة قائد السيارة أداة الحادث والمؤمن من مخاطرها لدى الطاعنة لم يصبح نهائيا وباتا، إذ صدر في المعارضة فيه حكم باعتبارها كأن لم تكن، واذ خلت الأوراق من ثمة ما يدل على استفاد الطعن فيه بطريق الاستئناف أو فوات هذه المواعيد، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد بالحكم الجنائي المشار إليه في ثبوت خطأ قائد السيارة أداة الحادث الذي أودى بحياة مورث المطعون ضدهم، ورتب على ذلك مسئولية الطاعنة عن التعويض بالرغم من أن الحكم الجنائي لم يصبح نهائيا وباتا ملتفتا عن نفاع الطاعنة (أن هذا الحكم لم يصبح باتا للطعن عليه بطريق النقض) وما يقتضيه من البحث والتمحيص، ولم يعرض لدلالة المستندات المؤيدة له مع ما قد يكون لها من أثر فإنه يكون معيبا (بالخطأ في تطبيق القانون).

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم ... لسنة 2009 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية على الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليهم مبلغ ستمائة ألف جنيه تعويضا، وقالوا بيانا لذلك إن من يدعى ... "غير المختصم في الدعوى" قد تسبب بخطئه – حال قيادته السيارة المؤمن عليها لدى الطاعنة – في وفاة مورثهم، وضبط عن ذلك الجنحة رقم ... لسنة 2007 النوبارية، حيث قضى فيها بإدانة المتهم سالف الذكر، وإذ لحقت بالمطعون ضدهم من جراء ذلك أضرار مادية وأدبية وموروثة يقدر التعويض الجابر لها بالمبلغ المطالب به فقد أقاموا الدعوى. حكمت المحكمة بالتعويض الذي قدرته. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 16 ق القاهرة، كما استأنفه المطعون ضدهم بالاستئناف رقم ... لسنة 16 ق القاهرة, وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 11/ 3/ 2014 بالتأييد. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

----------------

المحكمة

بعد الاطلاع علي الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى بإلزامها بأداء التعويض للمطعون ضدهم مستندا في ذلك إلى مسئوليتها عن أداء التعويض مقيدا بحجية الحكم الجنائي الذي صدر بإدانة قائد السيارة المؤمن عليها لديها، في حين أن هذا الحكم لم يصبح باتا للطعن عليه بطريق النقض، مما يعيب الحكم المطعون فيه، ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الحكم الجنائي تكون له قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية إذا كان باتا لا يقبل الطعن فيه إما لاستنفاد مواعيد الطعن الجائزة فيه أو لفوات مواعيدها، والنص في المادة 402/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "لكل من المتهم والنيابة العامة أن يستأنف الأحكام الصادرة في الدعوى الجنائية من المحكمة الجزئية في مواد الجنح" وفي المادة 406/ 1 من ذات القانون على أنه "يحصل الاستئناف بتقرير في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم في ظرف عشرة أيام من تاريخ النطق بالحكم الحضوري أو إعلان الحكم الغيابي أو من تاريخ الحكم الصادر في المعارضة في الحالات التي يجوز فيها ذلك" يدل على أن ميعاد استئناف الحكم الصادر باعتبار المعارضة كأن لم تكن عشرة أيام من تاريخ صدوره، وأن القاعدة العامة هي أن المعارضة في الحكم الغيابي لا تكون إلا مرة واحدة، فإذا عارض المحكوم عليه في الحكم الغيابي فإن الحكم الصادر في المعارضة يكون دائما حضوريا بقوة القانون حتى ولو كان صادرا في غيبة المعارض، وتستوي في ذلك جميع الأحكام التي تصدر في المعارضة أي سواء كانت فاصلة في الموضوع أم كانت باعتبارها كأن لم تكن أم بعدم جواز المعارضة أو عدم قبولها شكلا، ومؤدى نص المادة 265/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية أنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان جنائية ومدنية، ورفعت دعوى المسئولية المدنية أمام المحكمة المدنية فإن رفع الدعوى الجنائية سواء قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها يوجب على المحكمة المدنية أن توقف السير في الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نهائيا وبحكم بات في الدعوى الجنائية طالما أنه يجمعهما أساس مشترك والوقف الوجوبي في هذه الحالة نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها عملا بالمادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الحكم الجنائي الصادر بإدانة قائد السيارة أداة الحادث والمؤمن من مخاطرها لدى الطاعنة لم يصبح نهائيا وباتا، إذ صدر في المعارضة فيه حكم باعتبارها كأن لم تكن، وإذ خلت الأوراق من ثمة ما يدل على استنفاد الطعن فيه بطريق الاستئناف أو فوات هذه المواعيد، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد بالحكم الجنائي المشار إليه في ثبوت خطأ قائد السيارة أداة الحادث الذي أودى بحياة مورث المطعون ضدهم، ورتَّب على ذلك مسئولية الطاعنة عن التعويض بالرغم من أن الحكم الجنائي لم يصبح نهائياً وباتاً ملتفتاً عن دفاع الطاعنة وما يقتضيه من البحث والتمحيص، ولم يعرض لدلالة المستندات المؤّيِدة له مع ما قد يكون لها من أثر فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.

الطعن 23574 لسنة 4 ق جلسة 27 / 11 / 2013 مكتب فني 64 ق 145 ص 944

جلسة 27 من نوفمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / يحيى خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد عيد سالم ، محمد محمود ، منصور القاضي ورفعت طلبة نواب رئيس المحكمة .
-----------
(145)
الطعن 23574 لسنة 4 ق
(1) دعوى مدنية . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .
الطعن بطريق النقض فيما يتعلق بالدعوى المدنية وحدها . غير جائز . إذا كانت التعويضات المطلوبة لا تجاوز نصاب الطعن بالنقض المنصوص عليه في قانون المرافعات المدنية والتجارية . المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في الدعوى المدنية . غير جائز . إلا إذا كانت قيمة الدعوى تجاوز مائة ألف جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة . المادة 248 من قانون المرافعات المدنية والتجارية .
ادعاء المدعية بالحقوق المدنية أمام محكمة أول درجة بمبلغ يقل عن النصاب المقرر بالمادة 248 من قانون المرافعات المدنية والتجارية . أثره ؟
(2) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
كفاية تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة .
للقاضي مطلق الحرية في المحاكمة . عدم تقيده بشيء مما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على المتهم ذاته .
الجـدل في تقدير الدليل أمام محكمة النقض . غير جائز .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 الواردة في صدر الباب الثاني من القانون المذكور وعنوانه ( الطعن في المواد الجزائية ) والمستبدلة بالمادة الثالثة من القانون رقم 74 لسنة 2007 المعمول به منذ الأول من شهر أكتوبر سنة 2007 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية لا تجيز الطعن بطريق النقض فيما يتعلق بالدعوى المدنية وحدها إذا كانت التعويضات المطلوبة لا تجاوز نصاب الطعن بالنقض المنصوص عليه في قانون المرافعات المدنية والتجارية ، وكانت المادة 248 من القانون الأخير والمستبدلة بالقانون رقم 76 لسنة 2007 لا تجيز للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف إلا إذا كانت قيمة الدعوى تجاوز مائة ألف جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة ، وكان المستفاد من الجمع بين نص المادتين المشار إليهما أن الشارع قد استحدث نصاباً جديداً للطعن بطريق النقض في الدعوى المدنية وحدها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه ، وإذ كان الشارع بما نص عليه بوضوح في المادتين 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، 248 من قانون المرافعات - وفق ما سلف بيانه - قد حسم الأمر في مناط الحق في الطعن بطريق النقض في الدعوى المدنية وحدها فلم يجزه إلا إذا كانت التعويضات المطلوبة تجاوز مائة ألف جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة ، وكان الثابت من مطالعـة أوراق الطعن أن الطاعنة - المدعية بالحقوق المدنية - قد ادعت مدنياً أمام محكمة أول درجة بمبلغ 10001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت وهو ما لا يجاوز نصاب الطعن بالنقض المار بيانه ، فإن الطعن المقدم منها يكون غير جائز ، وهو ما يتعين التقرير به ، مع مصادرة الكفالة ، وتغريم الطاعنة مبلغاً مساوياً لها .
2- من المقرر إن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه مادام مطروحاً عليها يقتنع منه القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته مستقلاً في تكوين عقيدتها بنفسه، وكان الحكم المطعون قد خلص إلى براءة المطعون ضدهم من التهمة المسندة إليهم في الجنحة المار بيانها على أسباب مبناها تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إليهم وعدم اطمئنانها إلى أدلة الثبوت في الدعوى بعد أن ألم الحكم بها مفصحاً عن عدم قناعة المحكمة بصحتها ، وكان يكفي في المحاكمات الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضي له بالبراءة ، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل مادام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - ومن المقرر أنه إذا استنتجت المحكمة استنتاجاً ما من واقعة مطروحة عليها ، فإن هذا الاستنتاج لا يحوز حجية ولا يمنع محكمة أخرى من أن تستنبط من واقعة مماثلة ما تراه متفقاً وملابسات الدعوى المطروحة ، إذ إنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اعتقادها مادامت بنت اقتناعها على أسباب سائغة ، إذ الأمر يتعلق بتقدير الدليل ، ذلك أنه من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على المتهم ذاته ، ولا مبالياً بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر، ومن ثم فإن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل يهدف إلى التشكيك فيما خلصت إليه المحكمة - في يقين - مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ويكون الطعن مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من المدعية بالحقوق المدنية :
لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 الواردة في صدر الباب الثاني من القانون المذكور وعنوانه (الطعن في المواد الجزائية) والمستبدلة بالمادة الثالثة من القانون رقم 74 لسنة 2007 المعمول به منذ الأول من شهر أكتوبر سنة 2007 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية لا تجيز الطعن بطريق النقض فيما يتعلق بالدعوى المدنية وحدها إذا كانت التعويضات المطلوبة لا تجاوز نصاب الطعن بالنقض المنصوص عليه في قانون المرافعات المدنية والتجارية ، وكانت المادة 248 من القانون الأخير والمستبدلة بالقانون رقم 76 لسنة 2007 لا تجيز للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف إلا إذا كانت قيمة الدعوى تجاوز مائة ألف جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة ، وكان المستفاد من الجمع بين نص المادتين المشار إليهما أن الشارع قد استحدث نصاباً جديداً للطعن بطريق النقض في الدعوى المدنية وحدها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه، وإذ كان الشارع بما نص عليه بوضوح في المادتين 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، 248 من قانون المرافعات - وفق ما سلف بيانه -قد حسم الأمر في مناط الحق في الطعن بطريق النقض في الدعوى المدنية وحدها فلم يجزه إلا إذا كانت التعويضات المطلوبة تجاوز مائة ألف جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة ، وكان الثابت من مطالعة أوراق الطعن أن الطاعنة - المدعية بالحقوق المدنية - قد ادعت مدنياً أمام محكمة أول درجة بمبلغ 10001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت وهو ما لا يجاوز نصاب الطعن بالنقض المار بيانه ، فإن الطعن المقدم منها يكون غير جائز ، وهو ما يتعين التقرير به ، مع مصادرة الكفالة ، وتغريم الطاعنة مبلغاً مساوياً لها .
ثانياً : بالنسبة للطعن المقدم من النيابة العامة في الحكم الصادر بتاريخ .... بتأييد حكم البراءة في الجنحة الرقيمة .... :
ومن حيث إنه من المقرر إن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه مادام مطروحاً عليها يقتنع منه القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته مستقلاً في تكوين عقيدتها بنفسه، وكان الحكم المطعون قد خلص إلى براءة المطعون ضدهم من التهمة المسندة إليهم في الجنحة المار بيانها على أسباب مبناها تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إليهم وعدم اطمئنانها إلى أدلة الثبوت في الدعوى بعد أن ألم الحكم بها مفصحاً عن عدم قناعة المحكمة بصحتها ، وكان يكفي في المحاكمات الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضي له بالبراءة ، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل مادام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - ومن المقرر أنه إذا استنتجت المحكمة استنتاجاً ما من واقعة مطروحة عليها ، فإن هذا الاستنتاج لا يحوز حجية ولا يمنع محكمة أخرى من أن تستنبط من واقعة مماثلة ما تراه متفقاً وملابسات الدعوى المطروحة ، إذ إنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اعتقادها مادامت بنت اقتناعها على أسباب سائغة ، إذ الأمر يتعلق بتقدير الدليل ، ذلك أنه من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على المتهم ذاته ، ولا مبالياً بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر، ومن ثم فإن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه لا يعدو أن يكون جـدلاً في تقدير الدليل يهدف إلى التشكيك فيما خلصت إليه المحكمة - في يقين - مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ويكون الطعن مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ