جلسة 3 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/
محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. علي فاضل
حسن وعبد الوهاب الخياط وعبد اللطيف أبو النيل نواب رئيس المحكمة وعمار إبراهيم.
-----------
(5)
الطعن رقم 60 لسنة 60
القضائية
(1)قتل
عمد. ظروف مشددة. سبق إصرار. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب
معيب". عقوبة "تطبيقها" "العقوبة المبررة". ارتباط.
إعدام. سرقة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
سبق الإصرار. اقتضاؤه.
قيام القصد المصمم لدى الجاني على ارتكاب جريمته بعد أن تسنى له التفكير فيها في
هدوء وروية.
البحث في توافر سبق
الإصرار. لمحكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وملابساتها شرط ذلك؟
توافر نية السرقة
والتصميم عليها. عدم انعطافه حتماً على جريمة القتل.
يكفي لتغليظ العقاب عملاً
بالمادة 234/ 3 عقوبات. أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المرتبطة عن جناية القتل
وتميزها عنها وقيام الارتباط السببي بينهما.
مثال لتسبيب معيب للتدليل
على توافر ظرف سبق الإصرار.
(2) قتل عمد. ظروف مشددة. جريمة "أركانها".
سبق إصرار. عقوبة "تطبيقها". إعدام. ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب
معيب".
العقوبة المقررة لجناية
القتل العمد مع سبق الإصرار أو الترصد المنصوص عليها في المادة 230 عقوبات هي
الإعدام. عقوبة جناية القتل العمد المجرد من سبق الإصرار والترصد والمرتبط بجنحة
المنصوص عليها في المادة 234/ 3 عقوبات. هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة.
قيام الحكم بالإعدام
استناداً إلى قيام سبق الإصرار والارتباط في حق الطاعن. قصوره في التدليل على ظرف
سبق الإصرار. أثره؟
(3)نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها". نقض "نظر الطعن
والحكم فيه". إعدام.
وجوب عرض النيابة العامة
الحكم الصادر حضورياً بالإعدام على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها. أساس ذلك؟
(4) نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها". نقض
"نظر الطعن والحكم فيه" "أثر الطعن". إعدام.
اندراج العيب الذي شاب
الحكم تحت حكم المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959. أثره: وجوب نقض الحكم.
وحدة الواقعة وحسن سير
العدالة. توجب امتداد أثر الطعن لمحكوم عليه لم يقرر بالطعن.
------------
1 - لما كان سبق الإصرار
- كما هو معرف به في القانون - يقتضي أن يكون الجاني قد قام لديه القصد المصمم على
ارتكاب جريمته بعد أن تسنى له التفكير في عمله في هدوء وروية، وكان البحث في توافر
هذا الظرف، ولئن كان من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وملابساتها
إلا أن ذلك مشروط بأن يكون موجب تلك الظروف والملابسات غير متنافر عقلاً مع ذلك
الاستنتاج، وإذ كان ما ساقه الحكم المعروض استظهاراً لتوافر سبق الإصرار في حق
المحكوم عليهم، وإن كان يوحي في ظاهره بتوافر هذا الظرف إلا أنه لا يعدو في حقيقته
أن يكون ترديداً لما أسلف الحكم بيانه من وقائع الحادث مما لا يفيد سوى اتفاق
المحكوم عليهم على سرقة حلي المجني عليها وتدبيرهم لارتكاب هذه السرقة وتصميمهم
عليها، وهو ما لا يقطع في ذاته بقيام القصد المصمم لديهم على قتل المجني عليها لأن
توافر نية السرقة والتصميم عليها لا ينعطف أثره حتماً على جريمة القتل لتغاير ظروف
كل من الجريمتين خاصة وأن ما حصله الحكم من أدلة تمثلت في أقوال رئيس المباحث
واعترافات المحكوم عليها الأولى قد خلا مما يدل يقيناً على توافر سبق الإصرار على
ارتكاب جريمة القتل، بل إن الحكم في بيانه لاعترافات المحكوم عليها الأولى - وهي
عماد قضائه - قد نقل عنها أن ما قامت به بناءً على اتفاق مع المحكوم عليهما
الآخرين من استدراج المجني عليها إنما كان بقصد الاستيلاء على حليها الذهبية دون
الإشارة إلى أن قتل المجني عليها كان يدخل في تنفيذ الخطة الموضوعة للاستيلاء على
تلك الحلي، الأمر الذي كان يتعين معه على الحكم المعروض أن يوضح كيف انتهى على
الرغم من ذلك إلى توافر ظرف سبق الإصرار لدى المحكوم عليهم، وأن يورد الإمارات
والمظاهر الخارجية المنتجة التي تكشف عن توافره، وإذ فاته ذلك فإنه يكون قد تعيب
بالقصور في التسبيب، ولا يشفع له في ذلك أن تكون عقوبة الإعدام التي أنزلها
بالمحكوم عليهما الثاني والثالث مقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجنحة سرقة
طبقاًَ للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات ذلك بأنه وإن كان يكفي لتغليظ
العقاب عملاً بهذه المادة أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل
وتميزها عنها وقيام الارتباط السببي بينهما - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره -
إلا أنه لا جدال في أن لكل من الجريمتين أركانها وظروفها والعقوبة المقررة لها.
2
- أوجبت المادة 230 من
قانون العقوبات عند انتفاء موجبات الرأفة إنزال العقوبة الوحيدة وهي عقوبة الإعدام
بكل من قتل نفساً عمداً مع سبق الإصرار والترصد في حين تنص المادة 234 من قانون
العقوبات في فقرتها الثالثة على أنه "وأما إذا كان القصد منها - أي من جناية
القتل العمد المجرد من سبق الإصرار والترصد - التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها
أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيحكم بالإعدام أو
بالأشغال الشاقة المؤبدة". ولما كان الحكم المعروض - وعلى ما يبين من مدوناته
- قد جمع في قضائه بين الظرفين المشددين - سبق الإصرار والاقتران - وجعلهما معاً
عماده في إنزال عقوبة الإعدام بالمحكوم عليهما الثاني والثالث، فإنه وقد شاب
استدلاله على ظرف سبق الإصرار قصور يعيبه فلا يمكن - والحالة هذه - الوقوف على ما
كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان
يتركه تخلف الظرف المشار إليه، في وجدان المحكمة لو أنها اقتصرت على إعمال الظرف
المشدد الآخر - وهو الاقتران - الذي يبرر عند توافره توقيع عقوبة تخييرية أخرى مع
الإعدام.
3 - إن المادة 46 من
قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف البيان تنص على أنه "إذا
كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية
على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة
34، وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين
الثانية والثالثة من المادة 39.
4 - لما كان العيب الذي
لحق الحكم يندرج تحت حكم الفقرة الثانية من المادة 30 التي أحالت إليها الفقرة
الثانية من المادة 39، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم
المعروض والإعادة بالنسبة للمحكوم عليهما الثاني والثالث المقضي عليهما بعقوبة
الإعدام وأيضاً بالنسبة للمحكوم عليها الأولى التي لم تطعن في الحكم، وذلك لوحدة
الواقعة وحسن سير العدالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنين بأنهم قتلوا..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على
قتلها وكان ذلك بأن توجهت إليها المتهمة الأولى بمنزلها وأقنعتها بالخروج للنزهة
وما أن تقابل معهما المتهمان الآخران انقض أولهما عليها وكتم أنفاسها وساعده
ثانيهما في ذلك قاصدين من ذلك قتلها فأحدثوا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة
التشريحية والتي أودت بحياتها وقد ارتكبوا هذه الجناية بقصد ارتكاب جنحة وهي أنهم
في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا المصوغات الذهبية المبينة وصفاً وقيمة
بالتحقيقات المملوكة للمجني عليها الأمر المعاقب عليه بالمادة 317/ خامساً عقوبات.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات بنها لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة، والمحكمة المذكورة قررت حضورياً وبإجماع الآراء إحالة الأوراق إلى فضيلة
مفتي الجمهورية. وحددت جلسة....... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة
حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 3 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من
ذات القانون أولاً: بمعاقبة المتهمة الأولى بالأشغال الشاقة المؤبدة، ثانياً:
وبإجماع الآراء بمعاقبة كل من المتهمين الآخرين بالإعدام شنقاً.
وقد عرضت النيابة العامة
القضية مشفوعة بمذكرة برأيها.
المحكمة
من حيث إن النيابة العامة
عرضت القضية على هذه المحكمة طبقاً لما هو مقرر بالمادة 46 من قانون حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وقدمت في
الميعاد المبين بالمادة 34 من هذا القانون مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم
الصادر بإعدام المحكوم عليهما الثاني والثالث.
ومن حيث إن الحكم
المعروض، بين واقعة الدعوى في قوله "أن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة
من مطالعة الأوراق وما تم فيها من تحقيقات ودار بشأنها في الجلسة تتحصل في أن كلاً
من المتهمين..... و...... اتفقا مع المتهمة..... على استدراج المجني
عليها...... لقتلها وسرقة مصاغها لما يعلمانه من علاقة الجوار والصداقة التي
تربطهما والتي وصلت إلى الحد الذي كانت تبوح فيه الأخيرة للأولى بأسرارها ومن تحب
ومن تكره فتقابلت معها وزعمت لها أن من يدعى...... وهي من تحبه المجني عليها يريد
مقابلتها صباح يوم الأحد بميدان أم المصريين بالجيزة واتفقا على اللقاء أمام إحدى
المكتبات ومن هناك توجهت بها إلى ناحية مستشفى أم المصريين حيث كان ينتظرهما
المتهمان في إحدى سيارات الأجرة وقد ترددت المجني عليها بادئ الأمر في الركوب
فأقنعتها حتى ركبت إلى جوار المتهمين في المقعد الخلفي بينما ركبت المتهمة بجوار
السائق، وكان المتهمان يوجهانه حتى وصل الجمع إلى منطقة أبي زعبل فنزلوا وانصرفت
السيارة بعد أن نقد المتهم...... قائدها عشرة جنيهات وتوجهوا ناحية المقابر ودخلوا
أرضاً منزرعة بالفول وجلسوا تحت شجرة حيث جلس....... والمجني عليها وقبالتهم جلست
المتهمة وزميلها........ متظاهرين بالمزاح وفجأة انقض عليها المتهم الثاني مكمماً
فمها بمنديل أخرجه من جيبه بينما قام زميله المتهم الثالث بالضغط على رقبتها
بإيشارب كانت ترتديه قاصدين قتلها وكانت المتهمة الأولى بجوارها ترقب كل ذلك حتى
اطمأن الثلاثة إلى موتها فقاموا بسرقة سوارين من الذهب كانتا بيدها اليمنى وغادروا
المكان"، واستند الحكم في ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو إلى أدلة استقاها
من شهادة الرائد...... رئيس مباحث مركز شبين القناطر ومن اعتراف المتهمة الأولى
بالتحقيقات ومما ورد بتقرير الصفة التشريحية وقد حصل الحكم أقوال الشاهد بما مؤداه
أن تحرياته دلت على أن المتهمة الأولى شوهدت مع المجني عليها صباح يوم الحادث، وإذ
ناقشها في ذلك فقد اعترفت له بمضمون ما اعترفت به في التحقيقات وقد أورد الحكم
مؤدى هذا الاعتراف في قوله "واعترفت المتهمة....... في التحقيقات بأن
المتهمين..... و..... كانا قد اتفقا معها على استدراج المجني عليها......
للاستيلاء على حليها الذهبية فتوجهت إلى المذكورة وزعمت لها بأن من يدعى.....
تربطه بها علاقة عاطفية يريد مقابلتها واتفقا على اللقاء صباح يوم الحادث وما إن
التقيا حتى توجهت بها إلى ناحية مستشفى أم المصريين حيث كان ينتظرهما المتهمان في
سيارة أجرة وقد ترددت في الركوب فأقنعتها بالإذعان وقد ركبت بجانب السائق بينما
ركبت المجني عليها في الخلف بجوار المتهمين وتوجهت السيارة بإرشاد المذكورين إلى
منطقة أبي زعبل حيث نزلوا بعد أن قام المتهم..... بإعطاء قائدها عشرة جنيهات ودلف
ثلاثتهم إلى أرض منزرعة بالفول وجلسوا تحت شجرة وكان المتهم........ يجلس بجوار
المجني عليها وكانت هي تجلس قبالتهما مع المتهم..... وبعد فترة مزاح قام المتهم.......
بإخراج منديل من جيب بنطلونه وضعه على فم المجني عليها بينما قام المتهم........
بلف إيشارب كانت تلتفح به على رقبتها حتى فاضت روحها، ثم قام المتهم...... بنزع
سوارين من الذهب كانت باليد اليمنى للمجني عليها وعادوا إدراجهم - وبعد أن أورد
الحكم مؤدى تقرير الصفة التشريحية، وأورد دفاع المتهمين، ورد عليه، وعرض لذلك
القتل منتهياً إلى توافرها تحدث عن ظرف سبق الإصرار في قوله: "وحيث إنه عن
سبق الإصرار فهو متوافر في حق المتهمين الذين دبروا لجريمتهم غير مدفوعين أو
انفعال وحسبما اتفقوا عليه توجهت المتهمة الأولى إلى منزل المجني عليها لتخبرها أن
صديقاً لها تربطه بها علاقة عاطفية تقابلت معه وأبدى رغبته في لقاء تلك المجني
عليها صباح يوم الحادث وفي الموعد المضروب تقابلت المتهمة الأولى مع المذكورة في
المكان الذي حدداه بينما كان الاتفاق بينهما وبين زميليها المتهمين الثاني والثالث
أن ينظراها بسيارة أمام مستشفى أم المصريين وأركبتها السيارة بعد تردد منها وساروا
إلى مكان تقل فيه السابلة في ظاهر من الود وحسن العلاقات حتى إذ وصلوا إلى المكان
الذي اختاروه مسرحاً لجريمتهم صرفوا السيارة التي كانوا يستقلونها فيما جلسوا إلى
جذع شجرة وقد انتحى المتهم الثاني بالمجني عليها جانباً متظاهراً بمداعبتها بينما
جلست المتهمة الأولى وزميلها المتهم الثالث قبالتهما وبعدها انقض عليها المتهم
الثاني كالوحش الكاسر مكمماً فمها بمنديل حتى قام زميله المتهم الثالث بالضغط على
رقبتها بإيشارب كانت ترتديه قاصدين قتلها وكانت المتهمة الأولى بجوارهما ترقب كل
ذلك حتى اطمأنوا إلى موتها فقاموا بسرقتها وغادروا المكان". لما كان ذلك،
وكان سبق الإصرار - كما هو معرف به في القانون - يقتضي أن يكون الجاني قد قام لديه
القصد المصمم على ارتكاب جريمته بعد أن تسنى له التفكير في عمله في هدوء وروية،
وكان البحث في توافر هذا الظرف، ولئن كان من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من
ظروف الدعوى وملابساتها إلا أن ذلك مشروط بأن يكون موجب تلك الظروف والملابسات غير
متنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وإذ كان ما ساقه الحكم المعروض استظهاراً لتوافر
سبق الإصرار في حق المحكوم عليهم، وإن كان يوحي في ظاهره بتوافر هذا الظرف إلا أنه
لا يعدو في حقيقته أن يكون ترديداً لما أسلف الحكم بيانه من وقائع الحادث مما لا
يفيد سوى اتفاق المحكوم عليهم على سرقة حلي المجني عليها وتدبيرهم لارتكاب هذه
السرقة وتصميمهم عليها، وهو ما لا يقطع في ذاته بقيام القصد المصمم لديهم على قتل
المجني عليها لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها لا ينعطف أثره حتماً على جريمة
القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين خاصة وأن ما حصله الحكم من أدلة تمثلت في أقوال
رئيس المباحث واعترافات المحكوم عليها الأولى قد خلا مما يدل يقيناً على توافر سبق
الإصرار على ارتكاب جريمة القتل، بل إن الحكم في بيانه لاعترافات المحكوم عليها
الأولى - وهي عماد قضائه - قد نقل عنها ما قامت به بناءً على اتفاق مع المحكوم
عليهما الآخرين من استدراج المجني عليها إنما كان بقصد الاستيلاء على حليها
الذهبية دون الإشارة إلى أن قتل المجني عليها كان يدخل في تنفيذ الخطة الموضوعة
للاستيلاء على تلك الحلي، الأمر الذي كان يتعين معه على الحكم المعروض أن يوضح كيف
انتهى على الرغم من ذلك إلى توافر ظرف سبق الإصرار لدى المحكوم عليهم، وأن يورد
الأمارات والمظاهر الخارجية المنتجة التي تكشف عن توافره، وإذ فاته ذلك فإنه يكون
قد تعيب بالقصور في التسبيب، ولا يشفع له في ذلك أن تكون عقوبة الإعدام التي
أنزلها بالمحكوم عليهما الثاني والثالث مقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجنحة
سرقة طبقاًَ للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات ذلك بأنه وإن كان يكفي
لتغليظ العقاب عملاً بهذه المادة أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية
القتل وتميزها عنها وقيام الارتباط السببي بينهما - وهو ما لم يخطئ الحكم في
تقديره - إلا أنه لا جدال في أن لكل من الجريمتين أركانها وظروفها والعقوبة المقررة
لها، فقد أوجبت المادة 230 من قانون العقوبات عند انتفاء موجبات الرأفة إنزال
العقوبة الوحيدة وهي عقوبة الإعدام بكل من قتل نفساً عمداً مع سبق الإصرار أو
الترصد في حين تنص المادة 234 من قانون العقوبات في فقرتها الثالثة على أنه
"وأما إذا كان القصد منها - أي من جناية القتل العمد المجرد من سبق الإصرار
أو الترصد - التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها أو مساعدة مرتكبيها أو
شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيحكم بالإعدام أو بالأشغال الشاقة
المؤبدة". ولما كان الحكم المعروض - وعلى ما يبين من مدوناته - قد جمع في
قضائه بين الظرفين المشددين - سبق الإصرار والاقتران - وجعلهما معاً عماده في
إنزال عقوبة الإعدام بالمحكوم عليهما الثاني والثالث، فإنه وقد شاب استدلاله على
ظرف سبق الإصرار قصور يعيبه فلا يمكن - والحالة هذه - الوقوف على ما كانت تنتهي
إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان يتركه تخلف
الظرف المشار إليه، في وجدان المحكمة لو أنها اقتصرت على إعمال الظرف المشدد الآخر
- وهو الاقتران - الذي يبرر عند توافره توقيع عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام. لما
كان ما تقدم، وكانت المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض
سالفة البيان تنص على أنه "إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب
على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم
وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34، وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة
الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 - وكان العيب الذي
لحق الحكم يندرج تحت حكم الفقرة الثانية من المادة 30 - التي أحالت إليها الفقرة
الثانية من المادة 39، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم
المعروض والإعادة بالنسبة للمحكوم عليهما الثاني والثالث المقضى عليهما بعقوبة
الإعدام وأيضاً بالنسبة للمحكوم عليها الأولى التي لم تطعن في الحكم، وذلك لوحدة
الواقعة وحسن سير العدالة.