الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 7 مارس 2019

الطعن 7895 لسنة 60 ق جلسة 3 / 11 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 153 ص 1092


جلسة 3 من نوفمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا وحسن عشيش نائبي رئيس المحكمة ومحمد شتا وسمير أنيس.
---------------
(153)
الطعن رقم 7895 لسنة 60 القضائية

 (1)قتل عمد. أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
الحالات التي يجوز فيها الدفاع الشرعي عن المال وفقاً للفقرة الثانية من المادة 246 عقوبات؟ مثال لتسبيب سائغ لانتفاء حالة الدفاع الشرعي عن المال
 (2)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". إثبات "بوجه عام". حكم "بياناته" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد
حق الدفاع الشرعي شرع لرد العدوان ومنع استمراره. وليس من قبيل القصاص والانتقام والعدوان حد ذلك؟
مثال لتسبيب سائغ لانتفاء حالة الدفاع الشرعي عن النفس
 (3)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض
 (4)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. التفاتها عن أي دليل آخر. مفاده؟
 (5)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
 (6)قتل عمد. قصد جنائي. باعث. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
الباعث ليس من أركان الجريمة. عدم بيانه تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله كلية لا يقدح في سلامة الحكم
 (7)إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت. حد ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض
 (8)إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
ثبوت صحة ما نسبه الحكم للطاعن من اعتراف بارتكاب الجريمة. النعي عليه بالخطأ في الإسناد على غير أساس
 (9)قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن، ما لا يقبل منها". 
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني استخلاص توافره. موضوعي
الجدل في توافر نية القتل. موضوعي. عدم جواز إثارته أمام النقض

------------
1 - من المقرر أن الدفاع الشرعي عن المال وفقاً للفقرة الثانية من المادة 246 من قانون العقوبات لا يبيح استعمال القوة إلا لرد فعل يعتبر جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الأبواب الثاني "الحريق العمد" والثامن "السرقة والاغتصاب" والثالث عشر "التخريب والتعييب والإتلاف" والرابع عشر "انتهاك حرمة ملك الغير" من الكتاب الثالث من هذا القانون - الجنايات والجنح التي تحصل لآحاد الناس - وفي المادة 379/ 4 المعدلة بالقانون 169 لسنة 1981 "الدخول أو المرور بغير حق في أرض مهيأة للزراعة أو مبذور فيها زرع أو محصول والمادة 361/ 1 المعدلة بالقانونين 120 لسنة 1962، 29 لسنة 1983 "خرب أو أتلف عمداً أموالاً منقولة للغير" والمادة 379/ 4 والمعدلة بالقانون رقم 169 لسنة 1981 من ترك بهائمه أو دوابه ترعى في أرض مهيأة للزرع أو مبذور فيها زرع بغير حق - وإذ كانت الوقعة كما أوردها الحكم يبين منها أنه لصلة القربى التي تربط الطاعن بالمجني عليهما في شراء قطعة أرض زراعية وبعد أن أتم المجني عليهما ذلك، راقت لهما فكرة غصب تلك الأطيان لزراعتها لحسابهما، وإذ حقق ذلك نشب خلاف بينهما وبين الطاعن في أحقية هذه الأطيان في الملكية والمزارعة وقد تدخل أهل الثقة للصلح بينهما وبالفعل تم ذلك على أن يترك المجني عليهما الأرض موضوع النزاع إلى الطاعن بعد جني محصول الطماطم كما أن الثابت مما أورده الحكم أن الأرض موضوع النزاع كانت بعيدة عن مسرح الحادث ولم يكن هناك أي شبهة حول انتهاك حرمة ملك الغير وأن الطاعن لا يدعي أن المجني عليهما كانا قادمين لا ركاب أي جريمة من الجرائم سالفة الذكر ومن ثم ففي هذه الواقعة - لا يتوافر حق الدفاع الشرعي عن المال إذ أن ذلك ليس من بين الأفعال التي تصح المدافعة عنها قانوناً باستعمال القوة فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله
2 - من المقرر أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع أو غيره وإذ كان ما أورده الحكم أن الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس في اعتدائه على المجني عليه.....، بل كان معتدياً قاصداً إلحاق الأذى بالمجني عليه لا دفع اعتداء وقع عليه وكان ما نقله الحكم عن سبب إصابات الطاعن يرتد إلى ما ثبت من أوراق الدعوى أنه بعد الإجهاز على المجني "......." التفت خلفه فوجد المجني عليه الثاني في مواجهته وحاول ضربه بفأس بقصد الانتقام فتلقاها على ذراعه الأيمن فحدثت إصابته وكان للمتهم الحق في الدفاع الشرعي عن النفس بالقدر المناسب لرد هذا الاعتداء ولكن عاجل المجني عليه المذكور بطعنه أولى في صدره بالسونكى وفي مقتل فشل حركته ومقاومته وتلاه بطعنه أخرى في الظهر وفي مقتل بذات السونكى تاركاً إياه في ظهره حتى فارق الحياة ونظراً لجسامة الطعنتين وسوء نية إحداث ضرر لا يتناسب مع ما يستلزمه حق الدفاع الشرعي - فإن مقاومة الطاعن لأفعال التعدي التي أتاها الطاعن تكون من قبيل القصاص والانتقام والعدوان لعدم تناسبها وهو ما تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي معرفة به في القانون ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد
3 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتقاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها ما دام استدلالها سائغاً سليماً يؤدي إلى ما رتبه إليه ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجاً في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل على جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض
4 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه وعدم التعويل عليه - ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم إغفال إصاباته لا يكون له محل
5 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها وهو ما خلا الحكم منه وأن ما أورده الحكم في مدوناته ورده على الدفع بعدم توافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال لا تناقض فيه، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص ولا محل له
6 - لما كان لا ينال من سلامة الحكم نعي الطاعن عليه أنه أغفل بيان الباعث على القتل لأن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو خطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير قويم
7 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيه شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداها ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها، ومن ثم فإن منعى الطاعن في شأن أقوال شهود الإثبات إنما ينحل في واقعه إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض
8 - لما كان الثابت من المفردات المضمومة صحة ما نسبه الحكم للطاعن من اعتراف بارتكاب الجريمة المسندة إليه، فإن ما يثيره من قالة الخطأ في الإسناد يكون على غير أساس
9 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاض الموضوع في حدود سلطته التقديرية - ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية القتل لدى المتهم بالنسبة للمجني عليهما فهي متوافرة في حقه وذلك لاستعمال آلة قاتلة بطبيعتها "سونكى" وطعن كل مجني عليه في موضع من جسمه يعد مقتلاً وكذلك شدة الطعنات التي صوبها لجسد كل مجني عليه وتعددها دون دواعي وكذلك وجود ضغينة بينه والمجني عليهما لاستيلاء الأخيرين على فدانين ملكه ومنازعتهما في حيازتهما" فإن هذا حسبه للتدليل على نية القتل حسبما هي معرفة به في القانون وليس على المحكمة من بعد أن تناقش كل الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع بعد أن اطمأنت إلى أدلة الثبوت التي أوردتها وينحل جدل الطاعن في توافر نية القتل إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - قتل ....... عمداً بأن طعنه عدة طعنات بآلة حادة (سنوكى) قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر قتل....... عمداً بأن طعنه طعنتين بالآلة السالفة الإشارة إليها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - 2 - أحرز بغير ترخيص سلاحا أبيض (سونكى) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات دمياط لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى...... وآخرين مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات والمواد 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 7 من الجدول رقم (1) المرفق مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات وأعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة السلاح المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض قيد بجدول محكمة النقض برقم..... قضائية. ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات دمياط لتفصل فيها من جديد مشكلة من هيئة أخرى ومحكمة الإعادة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 234/ 1، 2 من قانون العقوبات والمواد 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 المرفق مع تطبيق المادتين 32، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة عما نسب إليه ومصادرة السلاح الأبيض المضبوط وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة لنظرها
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المقترن قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ في الإسناد، ذلك بأن الطاعن أسس دفاعه على أنه كان في حالة دفاع شرعي عن المال والنفس بيد أن الحكم أطرح هذا الدفاع بأسباب غير سائغة ولم يحقق إصابة الطاعن وأثرها في الدفاع الشرعي، وقد عول الحكم على وقائع شابها التناقض واختلال صورة الواقعة بشأن الرد على الدفاع الشرعي ولم يوضح الحكم الباعث وراء هذا العدوان من وجود منازعة على الحيازة وخلافات لدى الطاعن والمجني عليهما، ولم يورد مضمون أقوال شهود الإثبات تفصيلاً، كما عول على اعتراف الطاعن على خلاف الثابت بالأوراق بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن المال والنفس وأخيراً فإن - الحكم قد اقتصر في استظهار نية القتل لدى الطاعن وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للرد على دفاع الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن المال بقوله: حيث إنه عن الدفع بكون المتهم كان في حالة دفاع شرع عن المال فإنه لا يجوز للمتهم التمسك به وإثارته أمام المحكمة ذلك لأن الدفاع الشرعي عن المال لا يجوز بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 246 عقوبات إلا إذا كان ما ارتكبه المجني عليه مكوناً لجريمة من الجرائم المشار إليها في هذا النص وهي المبينة في الأبواب الثاني والثامن والثالث عشر من الكتاب الثالث وفي الفقرة الرابعة من المادة (279) عقوبات ومن ثم فإنه لما كان المتهم لم يدع أن المجني عليهما قد ارتبكا فعلاً مكوناً لجريمة من تلك الجرائم ومن ثم فليس له أن يتمسك بحق الدفاع الشرعي عن المال"، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفاع الشرعي عن المال وفقاً للفقرة الثانية من المادة - 246 من قانون العقوبات لا يبيح استعمال القوة إلا لرد فعل يعتبر جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الأبواب الثاني "الحريق العمد" والثامن "السرقة والاغتصاب" والثالث عشر "التخريب والتعيب والإتلاف" والرابع عشر "انتهاك حرمة ملك الغير" من الكتاب الثالث من هذا القانون - الجنايات والجنح التي تحصل لآحاد الناس - وفي المادة 379/ 4 المعدلة بالقانون 169 لسنة 1981 "الدخول أو المرور بغير حق في أرض مهيأة للزراعة أو مبذور فيها زرع أو محصول" والمادة 361/ 1 المعدلة بالقانونين 120 لسنة 1962، 29 لسنة 1983 "خرب أو أتلف عمداً أمولاً منقولة للغير "والمادة 379/ 4 والمعدلة بالقانون رقم 169 لسنة 1981 "من ترك بهائمه أو دوابه ترعى في أرض مهيأة للزرع أو مبذور فيها زرع بغير حق" وإذ كانت الواقعة كما أوردها الحكم يبين منها أنه لصلة القربى التي تربط الطاعن بالمجني عليهما في شراء قطعة أرض زراعية وبعد أن أتم المجني عليهما ذلك، راقت لهما فكرة غصب تلك الأطيان لزراعتها لحسابهما، وإذ حقق ذلك نشب خلاف بينهما وبين الطاعن في أحقية هذه الأطيان في الملكية والمزارعة وقد تدخل أهل الثقة للصلح بينهم بالفعل تم ذلك على أن يترك المجني عليهما الأرض موضوع النزاع إلى الطاعن بعد جني محصول الطماطم، كما أن الثابت مما أورده الحكم أن الأرض موضوع النزاع كانت بعيدة عن مسرح الحادث ولم يكن هناك أي شبهة حول انتهاك حرمة ملك الغير وأن الطاعن لا يدعي أن المجني عليهما كانا قادمين لارتكاب أي جريمة من الجرائم سالفة الذكر ومن ثم ففي هذه الواقعة - لا يتوافر حق الدفاع الشرعي عن المال إذ أن ذلك ليس من بين الأفعال التي تصح المدافعة عنها قانوناً باستعمال القوة فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع بعدم توافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس بقوله "وحث إنه عن الدفع المبدى من المتهم بتوافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس لما كان ذلك وكان المشرع قد ضمن المواد 245 حتى 251 من قانون العقوبات أحكام الدفاع الشرعي عن النفس والظروف التي ينشأ عنها هذا الحق والقيود التي يرتبط بها فنص في المادة 245 عقوبات على أنه لا عقوبة مطلقاً على من قتل غيره أو أصابه أثناء استعماله لحق الدفاع الشرعي ونصت المادة 246 - عقوبات على أن للشخص أن يستعمل القوة اللازمة لدفع أي فعل يعتبر جريمة على النفس منصوصاً عليها في قانون العقوبات وضمنت المادة 249/ 1 حكماً هو أن الدفاع الشرعي عن النفس لا يجوز أن يبيح القتل العمد إلا إذا كان مقصوداً به دفع فعل يتخوف منه أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخويف أسباباً معقولة لا يثبت المادة 251 عقوبات حالة تجاوز الدفاع الشرعي - وعليه فباستقراء تلك النصوص يتضح جلياً أن المتهم لم يكن في حالة دفاع شرعي عند قتله المجني عليه الأول...... وأنه وإن كان في حالة دفاع شرعي عند قتله المجني عليه الثاني....... فإنه قد جاوز حدود هذا الدفاع وذلك للاعتبارات الآتية أولاً: أنه من المقرر قانوناً أنه يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد وقع فعل إيجابي من المجني عليه يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي ولا يشترط أن يكون قد حصل بالفعل اعتداء من المجني عليه على النفس بل يكفي أن يكون قد صدر منه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته بل يكفي أن يكون كذلك في اعتقاد المتهم تصوره بشرط أن يكون هذا الاعتقاد أو التصوير مبنياً على أسباب معقولة لما كان ذلك وكان الثابت من إقرار المتهم في تحقيقات النيابة أنه شاهد المجني عليه....... على مسافة عشرة أمتار أو اثني عشر متراً قادماً من الطريق الفاصل بين زراعته وزراعة....... حاملاً فأس بيده وهي من مستلزمات مهنته وأثناء عبوره المروى وقبل التأكد من سبب حضوره أو وجهته ودون أن يبدر منه أي فعل أو قول هرول هو إليه وطعنه أولى شل حركته وأعجزه عن المقاومة بل تابع الطعنات وفي مقتل حتى فارق الحياة ومن ثم فالاعتداء على المجني عليه كان بقصد الانتقام لا بقصد الدفاع الشرعي، ثانياً: أن المتهم لم ير أي عدواناً حالاً بادره المجني عليه الأول...... أو كان وشيك الوقوع عليه أو صدر منه فعلاً خطراً حقيقياً في اعتقاده أو تصوره وكان هذا الاعتقاد أو التصوير مبنياً على أسباب معقولة حتى يباح له رده وعليه تنتفي حالة الدفاع الشرعي لديه - ثالثا: أن حق الدفاع الشرعي عن النفس طبقاً للفقرة الأولى من المادة 249 عقوبات لا يبيح القتل العمد إلا إذا كان مقصوداً به رد فعل يتخوف منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباباً معقولة لما كان ذلك وكان المجني عليه الأول...... لم يصدر منه أن فعل يتخوف منه الموت أو جراح بالغة على المتهم ولم يدع الأخير ذلك ومن ثم فلا يحق للمتهم طعنه في مقتل حتى يفارق الحياة وبالتالي فلا يكون في حالة دفاع شرعي - رابعاً: الثابت من التحقيقات أن المتهم هو الذي بادر بالاعتداء على المجني عليه الأول...... دون أن يصدر منه أي اعتداء ومن ثم فلا يجوز للمتهم الادعاء بأنه كان في حالة دفاع شرعي لأن الدفاع الشرعي لرد أي اعتداء على نفس المدافع وعلى نفس غيره ولم يشرع للانتقام - خامساً: بالنسبة لقتل المجني عليه الثاني...... فإنه لما كان الثابت من أوراق الدعوى أن المتهم إذا انتهى من الإجهاز على المجني عليه الأول....... والتفت خلفه وجد المجني عليه الثاني...... في مواجهته وحاول الأخير ضربه بفأس بقصد الانتقام لشقيقه تلقاه المتهم على ذراعه الأيمن فحدثت بها إصابات ومن ثم فهذا الاعتداء يتخوف منه أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة ويكون للمتهم الحق في الدفاع عن النفس بالقدر المناسب لرد هذا الاعتداء ولكن إذا عاجل المتهم المجني عليه طعنه أولى في صدره بالسونكى وفي مقتل فشل حركته ومقاومته فزال بذلك الخطر وإذ تلاه بطعنه أخرى في الظهر وفي مقتل بذات السونكى تاركاً إياه في ظهره حتى فارق الحياة ومن ثم فنظراً لجسامة الطعنتين وكونهما في مقتل يكون اعتداء المتهم وقتله للمجني عليه لا يتناسب وفعل المجني عليه ويكون بالتالي قاصداً وبسوء نية إحداث ضرر أشد مما يستلزمه حق الدفاع الشرعي وبالتالي فلا يعفى من العقوبة لتجاوزه حدود الدفاع الشرعي - وحيث إن المتهم طعن كل مجني عليه بآلة حادة قاتلة بطبيعتها وهي سونكى مما يستعمل في الأسلحة النارية محدثاً بكل منهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما ومن ثم توافرت لكل جريمة ركنها المادي وهو الاعتداء على حياة الغير ترتب عليه وفاته" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع أو غيره وإذ كان ما أورده الحكم أن الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس في اعتدائه على المجني عليه الثاني......، بل كان معتدياً قاصداً إلحاق الأذى بالمجني عليه لا دفع اعتداء وقع عليه وكان ما نقله الحكم عن سبب إصابات الطاعن يرتد إلى ما ثبت من أوراق الدعوى أنه بعد الإجهاز على المجني عليه "......." التفت خلفه فوجد المجني عليه الثاني في مواجهته وحاول ضربه بفأس بقصد الانتقام فتلقاها على ذراعه الأيمن فحدثت إصابته وكان للمتهم الحق في الدفاع الشرعي عن النفس بالقدر المناسب لرد هذا الاعتداء ولكن عاجل المجني عليه المذكور بطعنه أولى في صدره بالسونكى وفي مقتل فشل حركته ومقاومته وتلاه بطعنه أخرى في الظهر وفي مقتل بذات السونكى تاركاً إياه في ظهره حتى فارق الحياة ونظراً لجسامة الطعنتين وسوء نية إحداث ضرر لا يتناسب مع ما يستلزمه حق الدفاع الشرعي - فإن مقاومة الطاعن لأفعال التعدي التي - أتاها الطاعن تكون من قبيل القصاص والانتقام والعدوان لعدم تناسبها وهو ما تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي - معرفة به في القانون ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد - لما كان ذلك وكان المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو - انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها ما دام استدلالها سائغاً سليماً يؤدي إلى ما رتبه إليه - ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجاً في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه من ورفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه وعدم التعويل عليه - ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم إغفال إصاباته لا يكون له محل لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها وهو ما خلا الحكم منه وأن ما أورده الحكم في مدوناته ورده على الدفع بعدم توافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال لا تناقض فيه، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك، وكان لا ينال من سلامة الحكم نعي الطاعن عليه أنه أغفل بيان الباعث على القتل على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو خطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير قويم - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداها ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها، ومن ثم فإن منعى الطاعن في شأن أقوال شهود الإثبات إنما ينحل في واقعه إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات المضمومة صحة ما نسبه الحكم للطاعن من اعتراف بارتكاب الجريمة المسندة إليه، فإن ما يثيره من قالة الخطأ في الإسناد يكون على غير أساس، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاض الموضوع في حدود سلطته التقديرية - ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية القتل لدى المتهم بالنسبة للمجني عليهما فهي متوافرة في حقه وذلك لاستعماله آلة قاتلة بطبيعتها "سونكى" وطعن كل مجني عليه في موضع من جسمه يعد مقتلاً وكذلك شدة الطعنات التي صوبها لجسد كل مجني عليه وتعددها دون دواعي وكذلك وجود ضغينة بينه والمجني عليهما لاستيلاء الأخيرين على فدانين ملكه ومنازعتهما في حيازتهما فإن هذا حسبه للتدليل على نية القتل حسبما هي معرفة به في القانون وليس على المحكمة من بعد أن تناقش كل الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع بعد أن اطمأنت إلى أدلة الثبوت التي أوردتها وينحل جدل الطاعن في توافر نية القتل إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله - لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 8210 لسنة 60 ق جلسة 24 / 10 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 147 ص 1065


جلسة 24 من أكتوبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعمار إبراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف وبهيج القصبجي.
-------------
(147)
الطعن رقم 8210 لسنة 60 القضائية

سرقة "بإكراه". جريمة "أركانها". قصد جنائي. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع المسئولية". مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". دفوع "الدفع بانتفاء المسئولية الجنائية".
الغيبوبة المانعة من المسئولية في مفهوم المادة 62 عقوبات؟ 
تناول الجاني مادة مخدرة اختياراً أو عن علم بحقيقتها يتوافر به القصد الجنائي لديه
تطلب القانون ثبوت قصد جنائي خاص في بعض الجرائم كالسرقة. عدم الاكتفاء في ثبوته بافتراضات قانونية. وجوب التحقق من قيامه بأدلة مستمدة من الواقع
إطلاق القول بأن تناول العقاقير المخدرة اختياراً. لا ينفي المسئولية الجنائية دون بيان أن تناول الطاعن لها كان لتشجيعه على اقتراف الجريمة أو مبلغ تأثير هذه العقاقير المخدرة في إدراكه وشعوره. خطأ في القانون
مثال لتسبيب معيب للرد على دفع بانتفاء مسئولية الطاعن لتناوله جواهر مخدرة قبل الحادث مما أفقده شعوره وإدراكه في جريمة سرقه بإكراه

---------------
لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه رد على دفع الطاعن الوارد بوجه الطعن بقوله: "وإذ كان المقرر بأن تعاطي الجواهر المخدرة على فرض أن ما تعاطاه المتهم بالفعل منها - عن اختيار ورغبة دون أن يكره على ذلك لا يعدم مسئولية متعاطيها عما يرتكبه من أفعال مؤثمة". لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد استقر على أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات - هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها، فإن مفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة مختاراً وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها، فالقانون في هذه الحالة يجرى عليه حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه، إلا أنه لما كانت هناك بعض جرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص فإنه لا يمكن القول باكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد بافتراضات قانونية، بل يجب التحقق من قيامة من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع، لما كان ذلك، وكانت جرائم السرقة مما يتطلب القانون فيها قصداً جنائياً خاصاً، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة السرقة بإكراه واقتصر في الرد على دفعه بانتفاء مسئوليته لتناول عقاقير مخدرة أفقدته الشعور والإدراك - على مطلق القول بأن تناول العقاقير المخدرة اختياراً لا ينفي المسئولية الجنائية دون أن يحقق هذا الدفاع بلوغاً إلى غاية الأمر فيه - ويبين مبلغ تأثير هذه العقاقير المخدرة في إدراك الطاعن وشعوره على الرغم مما لهذا الدفاع - لو صح - من أثر في قيام القصد الخاص في الجريمة التي دانه بها أو انتفائه أو يبين أنه كانت لديه النية على ارتكاب الجريمة من قبل ثم أخذ العقاقير المخدرة لتكون مشجعاً له على اقترافها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ما يوجب نقضه، وإذ كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن تحقيق واقعة تناول العقاقير المخدرة التي قال بها الطاعن وأثرها في توافر القصد الجنائي لديه أو انتفائه فإن يتعين أن يكون مع النقض الإعادة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه سرق النقود والأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق المملوكة...... بطريق الإكراه بأن ضربة بأداة حديدية (بلطة) على رأسه فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وتمكن بهذه الوسيلة من الإكراه من شل مقاومته وإتمام السرقة وأحالته إلى محكمة جنايات المنيا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 314 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامه بأن يؤدي للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة بالإكراه قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه دفع بانتفاء مسئوليته تأسيساً على القول بتناوله جواهر مخدرة قبل ارتكاب الحادث مما أفقده. شعوره وإدراكه غير أن الحكم أطرح دفعه بما لا يصلح لإطراحه بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه رد على دفع الطاعن الوارد بوجه الطاعن بقوله: "وإذ كان المقرر بأن تعاطي الجواهر المخدرة على فرض أن ما تعاطاه المتهم بالفعل منها - عن اختيار ورغبة دون أن يكره على ذلك لا يعدم مسئولية متعاطيها عما يرتكبه من أفعال مؤثمة". لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد استقر على أن الغيبوبة المانعة في المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات - هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجنائي قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها، فإن مفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة مختاراً وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها، فالقانون في هذه الحالة يجرى عليه حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توفر القصد الجنائي لديه، إلا أنه لما كانت هناك بعض جرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص فإنه لا يمكن القول باكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد بافتراضات قانونية، بل يجب التحقق من قيامه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع، لما كان ذلك، وكانت جرائم السرقة مما يتطلب القانون فيها قصداً جنائياً خاصاً، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة السرقة بإكراه واقتصر في الرد على دفعه بانتفاء مسئوليته لتناوله عقاقير مخدرة أفقدته الشعور والإدراك - على مطلق القول بأن تناول العقاقير المخدرة اختياراً لا ينفي المسئولية الجنائية دون أن يحقق هذا الدفاع بلوغاً إلى غاية الأمر فيه - ويبين مبلغ تأثير هذه العقاقير المخدرة في إدراك الطاعن وشعوره على الرغم مما لهذا الدفاع - لو صح - من أثر في قيام القصد الخاص في الجريمة التي دانه بها أو انتفائه أو يبين أنه كانت لديه النية على ارتكاب الجريمة من قبل ثم أخذ العقاقير المخدرة لتكون مشجعاً له على اقترافها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه، وإذ كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن تحقيق واقعة تناول العقاقير المخدرة التي قال بها الطاعن وأثرها في توافر القصد الجنائي لديه أو انتفائه فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة.

الطعن 8203 لسنة 60 ق جلسة 24 / 10 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 146 ص 1057


جلسة 24 من أكتوبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعمار إبراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف وبهيج القصبجي.
---------------
(146)
الطعن رقم 8203 لسنة 60 القضائية

(1) سرقة "بإكراه". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". 
مثال لتوافر العناصر القانونية لجناية السرقة بإكراه المنصوص عليها في المادة 315/ 1، 2 عقوبات
 (2)محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". تقرير تلخيص
وضع محكمة الجنايات تقرير تلخيص. غير واجب. اقتصاره على الدوائر الاستئنافية. أساس ذلك؟ 
 (3)إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهد إلى ما حصله من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. متى كانت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق". استعراف. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
عدم رسم القانون صورة خاصة للتعرف على المتهم
لمحكمة الموضوع أن تأخذ بتعريف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه. متى اطمأنت إليه. علة ذلك؟ 
عدم التزام المحكمة بالرد على كل شبهة يثيرها المتهم في دفاعه الموضوعي. استفادة الرد عليها من قضاء المحكمة بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. استقلال محكمة الموضوع بالفصل فيه بغير معقب
 (5)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
إثارة الطاعن أنه ليس المقصود بالاتهام لأول مرة أمام النقض. غير جائز
النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير مقبول

--------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله أنه حال سير المجني عليه في الطريق في ساعة متأخرة من ليلة الحادث اعترض طريقه الطاعن وآخران وهدده الطاعن وأحد مرافقيه بمديتين كما جذبه إحداهما من ملابسه ومكنا ثالثهم من سرقة سترته وحذائه تحت تأثير التهديد بالاعتداء عليه، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ولم يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح في الأوراق. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على النحو سالف الإشارة، تتوافر به كافة العناصر القانونية لجناية السرقة المنصوص عليها في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 315 من قانون العقوبات فإن الحكم إذ خلص إلى إدانة الطاعن على هذا الأساس يكون قد اقترن بالصواب ويضحى من ثم ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد
2 - الشارع لم يوجب على محكمة الجنايات وضع تقرير تلخيص، ذلك أنه إذا أوجب في المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية على الدوائر التي تنظر الاستئناف وضع تقرير تلخيص قد قصر هذا الإجراء على الدوائر الاستئنافية فحسب فلا ينسحب حكم هذا النص على محكمة الجنايات، يدل على ذلك أن المادة 381 من القانون المشار إليه التي نظم فيها الشارع الإجراءات التي تتبع أمام محكمة الجنايات قد أحالت في شأنها إلى الأحكام التي تتبع في الجنح والمخالفات وقد خلت هذه الأحكام من إيجاب وضع مثل هذا التقرير، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً
3 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما حصله من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها. وكان الحكم قد استند في إدانة الطاعن إلى اعتراف المحكوم عليه الآخر في محضر الضبط وأحال في صدد بيان مضمون اعترافه إلى ما حصله من أقوال المجني عليه والمتهم الحدث مضيفاً أن كلاً من المحكوم عليه الآخر والطاعن أخرج مديته بينما استولى المتهم الحدث على سترة المجني عليه وحذائه وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن أقوال المحكوم عليه الآخر متفقة مع الأقوال التي أحال الحكم عليها، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون في غير محله
4 - لما كان القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل إذا لم يتم عليها، وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه ما دامت قد اطمأنت إليه، إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه، فلا على المحكمة إن هي عولت ضمن أدلة الدعوى على الدليل المستمد من تعرف المجني عليه على الطاعن ما دام تقديره قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها ولا على المحكمة إن هي التفتت عما آثاره الدفاع من تشكيك في عملية العرض التي أجرتها النيابة العامة إذ المقصود به هو إثارة الشبهة في الدليل المستمد منها والذي اطمأنت إليه ووثقت فيه محكمة الموضوع وتساندت إليه بجانب الأدلة الأخرى القائمة في الدعوى وذلك لما هو مقرر من أن محكمة الموضوع لا تلتزم بحسب الأصل بالرد على كل شبهة يثيرها المتهم في دفاعه الموضوعي إنما يستفاد الرد عليها دلالة من قضاء المحكمة بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت وتضحى عودة الطاعن إلى ما يثيره في هذا الخصوص من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الدليل مما تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيه بغير معقب عليها
5 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً مما ذهب إليه بوجه طعنه من أنه ليس المقصود بالاتهام، فلا يسوغ له أن يثير مثل هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ولا يقبل منه النعي على المحكمة إغفال الرد على دفاع لم يثره أمامها، هذا فضلاً عن أن دفاع الطاعن بأنه ليس المقصود بالاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تتطلب رداً خاصاً، ويكفي رداً عليها ما أورده الحكم من أدلة الثبوت القائمة في الدعوى.


الوقائع
اتهمت النيابة الطاعن بأنه سرق وآخران الأشياء المبينة الوصف بالأوراق المملوكة لـ...... بالطريق العام حالة كونهم حاملين أسلحة ظاهرة (مدى) بطريق الإكراه الواقع على المجني عليه بتهديده باستخدام أسلحتهم وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من شل مقاومته والاستيلاء على المسروقات. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 315/ 1 - 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه مع آخرين بجريمة السرقة بالإكراه في الطريق العام ومع حمل السلاح قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والبطلان والقصور في التسبيب، ذلك بأنه دانه بالمادة 315 من قانون العقوبات بفقرتيها الأولى والثانية في حين أن الواقعة - على فرض صحتها - لا تعدو أن تكون جنحة تندرج تحت المادة 317 من القانون آنف الذكر، وأغفل الحكم ومحضر الجلسة بيان مواد الاتهام وخليا من الإشارة إلى تلاوة تقرير التلخيص واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى اعتراف المتهم الآخر..... في محضر الضبط دون أن يبين مضمونه ووجه الاستدلال به، والتفت عما أثاره الطاعن بشأن ما شاب عملية العرض التي أجرتها النيابة العامة وأنه ليس المقصود بالاتهام وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما حاصله أنه حال سير المجني عليه في الطريق في ساعة متأخرة من ليلة الحادث اعترض طريقه الطاعن وآخران وهدده الطاعن وأحد مرافقيه بمديتين كما جذبه أحدهما من ملابسه ومكنا ثالثهم من سرقة سترته وحذائه تحت تأثير التهديد بالاعتداء عليه، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ولم يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح في الأوراق. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على النحو سالف الإشارة، تتوافر به كافة العناصر القانونية لجناية السرقة المنصوص عليها في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 315 من قانون العقوبات فإن الحكم إذ خلص إلى إدانة الطاعن على هذا الأساس يكون قد اقترن بالصواب ويضحى من ثم ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد في ديباجته القيد والوصف اللذين أوردتهما النيابة العامة في أمر الإحالة أفصح في عجزه عن مؤاخذة الطاعن بالمادة 315/ 1 - 2 من قانون العقوبات. فإن ذلك حسبه بياناً لمادة العقاب، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الشارع لم يوجب على محكمة الجنايات وضع تقرير تلخيص، ذلك أنه إذ أوجب في المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية على الدوائر التي تنظر الاستئناف وضع تقرير تلخيص قد قصر هذا الإجراء على الدوائر الاستئنافية فحسب فلا ينسحب حكم هذا النص على محكمة الجنايات، يدل على ذلك أن المادة 381 من القانون المشار إليه التي نظم فيها الشارع الإجراءات التي تتبع أمام محكمة الجنايات قد أحالت في شأنها إلى الأحكام التي تتبع في الجنح والمخالفات وقد خلت هذه الأحكام من إيجاب وضع مثل هذا التقرير، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً لما كان ذلك، وكان المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما حصله من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان الحكم قد استند في إدانة الطاعن إلى اعتراف المحكوم عليه الآخر في محضر الضبط وأحال في صدد بيان مضمون اعترافه إلى ما حصله من أقوال المجني عليه والمتهم الحدث مضيفاً أن كلاً من المحكوم عليه الآخر والطاعن أخرج مديته بينما استولى المتهم الحدث على سترة المجني عليه وحذائه وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن أقوال المحكوم عليه الآخر متفقة مع الأقوال التي أحال الحكم عليها، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل إذا لم يتم عليها، وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه ما دامت قد اطمأنت إليه، إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه، فلا على المحكمة إن هي عولت ضمن أدلة الدعوى على الدليل المستمد من تعرف المجني عليه على الطاعن ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها ولا على المحكمة إن هي التفتت عما أثاره الدفاع من تشكيك في عملية العرض التي أجرتها النيابة العامة إذ المقصود به هو إثارة الشبهة في الدليل المستمد منها والذي اطمأنت إليه ووثقت فيه محكمة الموضوع وتساندت إليه بجانب الأدلة الأخرى القائمة في الدعوى وذلك لما هو مقرر من أن محكمة الموضوع لا تلتزم بحسب الأصل بالرد على كل شبهة يثيرها المتهم في دفاعه الموضوعي إنما يستفاد الرد عليها دلالة من قضاء المحكمة بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت وتضحى عودة الطاعن إلى ما يثيره في هذا الخصوص من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الدليل مما تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيه بغير معقب عليها. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما ذهب إليه بوجه طعنه من أنه ليس المقصود بالاتهام، فلا يسوغ له أن يثير مثل هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ولا يقبل منه النعي على المحكمة إغفال الرد على دفاع لم يثره أمامها، هذا فضلاً عن أن دفاع الطاعن بأنه ليس المقصود بالاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تتطلب رداً خاصاً، ويكفي رداً عليها ما أورده الحكم من أدلة الثبوت القائمة في الدعوى. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 8201 لسنة 60 ق جلسة 24 / 10 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 145 ص 1053


جلسة 24 من أكتوبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعمار إبراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين.
-----------
(145)
الطعن رقم 8201 لسنة 60 القضائية

نقض "أسباب الطعن. توقيعها". 
وجوب توقيع أسباب الطعن بالنقض المرفوع من غير النيابة العامة من محام مقبول أمام محكمة النقض. أساس ذلك؟ 
بقاء أسباب الطعن خالية من التوقيع حتى نظر الطعن، أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. لا يغير من ذلك حضور. محام بالجلسة وإقراره بصدور مذكرة أسباب الطعن

------------
لما كان الحكم المطعون فيه صدر في.... فقرر المحكوم عليه بشخصه الطعن عليه بطريق النقض في..... وقدمت في.... مذكرة بأسباب الطعن تحمل ما يشير إلى صدورها من مكتب المحاميين .....، ..... إلا أنه لم يوقع عليها من أصلها أو في صورها حتى فوات ميعاد الطعن لما كان ذلك، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بعد أن نصت على وجوب التقرير بالطعن بالنقض وإيداع أسبابه في أجل غايته أربعون يوماً من تاريخ النطق به، أوجبت في فقرتها الأخيرة بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من غير النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض وبهذا التنصيص على الوجوب فقد دل الشارع على أن تقرير الأسباب ورقة شكلية من أوراق الإجراءات في الخصومة والتي يجب أن تحمل بذاتها مقومات وجودها بأن يكون موقعاً عليها ممن صدرت عنه على الوجه المعتبر قانوناً ولا يجوز تكملة هذا البيان بدليل خارج عنها غير مستمد منها، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على تقرير البطلان جزاءً عن إغفال التوقيع على الأسباب بتقدير أن ورقة الأسباب من أوراق الإجراءات الصادرة من الخصوم والتي يجب أن يكون موقعاً عليها من صاحب الشأن فيها وإلا عدت ورقة عديمة الأثر في الخصومة وكانت لغواً لا قيمة له، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً ولا يغير من ذلك حضور المحامي...... بالجلسة وتقريره أن مذكرة أسباب الطعن صادرة منه، ما دام الثابت أنها بقيت حتى فوات ميعاد الطعن خلواً من توقيعه أو غيره من المحامين المقبولين أمام هذه المحكمة. لما كان ما تقدم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: ضرب عمداً....... بأن طوق عنقه بذراعه وضغط عليه بشدة فأحدث به الإصابات وكذا الأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي ساهمت في موته ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، وادعى كل من أرملة المجني عليه وابنته مدنياً قبل المتهم بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسون جنيهاً، على سبيل التعويض المؤقت
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر في...... فقرر المحكوم عليه بشخصه الطعن عليه بطريق النقض في...... وقدمت في...... مذكرة بأسباب الطعن تحمل ما يشير إلى صدورها من مكتب المحاميين.....، ...... إلا أنه لم يوقع عليها في أصلها أو في صورها حتى فوات ميعاد الطعن لما كان ذلك، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بعد أن نصت على وجوب التقرير بالطعن بالنقض وإيداع أسبابه في أجل غايته أربعون يوماً من تاريخ النطق به، أوجبت في فقرتها الأخيرة بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من غير النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض وبهذا التنصيص على الوجوب فقد دل الشارع على أن تقرير الأسباب ورقة شكلية من أوراق الإجراءات في الخصومة والتي يجب أن تحمل بذاتها مقومات وجودها بأن يكون موقعاً عليها ممن صدرت عنه على الوجه المعتبر قانوناً ولا يجوز تكملة هذا البيان بدليل خارج عنها غير مستمد منها، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على تقرير البطلان جزاءً عن إغفال التوقيع على الأسباب بتقدير أن ورقة الأسباب من أوراق الإجراءات الصادرة من الخصوم والتي يجب أن يكون موقعاً عليها من صاحب الشأن فيها وإلا عدت ورقة عديمة الأثر في الخصومة وكانت لغواً لا قيمة له، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً ولا يغير من ذلك حضور المحامي...... بالجلسة وتقريره أن مذكرة أسباب الطعن صادرة منه، ما دام الثابت أنها بقيت حتى فوات ميعاد الطعن خلواً من توقيعه أو غيره من المحامين المقبولين أمام هذه المحكمة، لما كان ما تقدم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.

الأربعاء، 6 مارس 2019

الطعن 15083 لسنة 61 ق جلسة 14 / 4 / 1993 مكتب فني 44 ق 53 ص 388

جلسة 14 من إبريل سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم فرج نائبي رئيس المحكمة ومحمد إسماعيل موسى ومصطفى محمد صادق.
-------------
(53)
الطعن رقم 15083 لسنة 61 القضائية
 (1)إثبات "بوجه عام". تزوير "الاشتراك في التزوير". اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاشتراك في التزوير. تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. يكفي لثبوته اعتقاد المحكمة بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها اعتقاداً سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
 (2)وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". اشتراك.
التعديل بإضافة مادة تعريفية دون تعديل في وصف التهمة أو الوقائع المرفوعة بها الدعوى يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع.
حق المحكمة في إسباغ الوصف الصحيح على الواقعة. دون لفت نظر الدفاع. ما دامت الواقعة المادية التي اتخذتها أساساً لوصفها هي بذاتها الواقعة الواردة بأمر الإحالة.
 (3)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تزوير "أوراق رسمية".
تحصيل الحكم أقوال الشاهد بأن محضر التصديق مزور بطريق الاصطناع. ولم يصدر عن المأمورية المنسوب إليها إصداره. ولم ينقل عنه ما ذهب إليه الطاعن من أن الشاهد امتنع عن التصديق على العقد لعدم اختصاصه المكاني. النعي عليه بالخطأ في الإسناد. غير سليم.
 (4)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "بطلانه". بطلان
إيراد الحكم نقلاً عن كتاب الضابط المختص في وحدة المرور عبارة دون تشكك في صحة الأختام في حين أن حقيقتها أنه يتشكك في صحة الأختام. خطأ مادي. غير مؤثر في منطقه. ما دام أقام قضاءه على أسباب غير متناقضة.
العبرة في الأحكام بالمعاني لا بالألفاظ والمباني
 (5)حكم "بطلان الحكم" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
------------
1 -  من المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم - على السياق المتقدم - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ومن ثم يضحي ما يثيره الطاعن في هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض
2 - لما كان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم بإضافة المادة 42 من قانون العقوبات إلى مواد القيد - على الرغم من عدم انطباقها ودون لفت نظر المدافع عنه إلى ذلك - فإنه - وبفرض صحته - لا يتضمن تعديلاً في وصف التهم أو الوقائع التي رفعت بها الدعوى الجنائية - والتي كانت مطروحة على بساط البحث وجرت مرافعة المدافع عن الطاعن على أساسها - وأن التعديل - كما يسلم الطاعن في أسباب طعنه اقتصر على إضافة المادة 42 من قانون العقوبات وهي في حقيقتها وجوهرها مادة تعريفية تحدد مسئولية الشريك في حالة توافر إحدى حالات امتناع العقاب بالنسبة للطاعن - وهو ما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع. ذلك أن الأصل في أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك. ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً إذ أوجب القانون على المحكمة أن تطبق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وليس في ذلك خروج في واقعة الدعوى أو افتئات على حق مقرر للمتهم، ولا ينبئ ذلك عن ثمة تناقض أو تضارب وقع فيه الحكم بإضافة المادة سالفة الذكر مع إيراد المادة 42 من ذات القانون التي جرى نصها على تحديد عقوبة الشريك في الجريمة. ومن ثم يضحى هذا النعي في غير محله.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال الشاهد....... بما مفاده أن محضر التصديق - محل الجريمة مزور بطريق الاصطناع ولم يصدر عن المأمورية المنسوبة إليها إصداره وأن بيانات محضر التصديق الصحيح تغاير ما تضمنه المحرر المزور من بيانات وعن واقعة أخرى. ولم ينقل الحكم على لسانه ما ذهب إليه الطاعن بمقولة أنه - الشاهد المذكور - امتنع عن التصديق على العقد لعدم اختصاصه المكاني. وكان البين من مدونات الحكم أنه قد حصل هذا المعنى منسوباً إلى الطاعن والمحكوم عليه الآخر فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد من قالة الخطأ في الإسناد يكون على غير سند.
4 - لما كان الطاعن يسلم في أسباب طعنه أن حقيقة العبارة التي تضمنها كتاب الرائد....... أنه يتشكك في صحة الأختام، وهو ذات المعنى الذي سايره منطق الحكم وهو بذاته ما يتمشى مع العقل ويتسق مع المنطق ذلك أنه لو لم يتشكك الضابط المختص في وحدة المرور في سلامة محضر التصديق لما كان هناك ثمة مدعاة لإبلاغ رئاسته واستكمال التحري والبحث في شأن الواقعة والذي أسفر عن أن ذلك المحرر مزور بطريق الاصطناع وأنه يحمل أختاماً مقلدة. ومن ثم فإن ما أورده الحكم نقلاً عن ذلك الكتاب من عبارة دون تشكك في صحة الأختام لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ المادي الغير مؤثر في منطق الحكم وسلامة استدلاله ما دام أنه قد أقام قضاءه على أسباب صحيحة غير متناقضة كافية لحمل قضائه. وذلك لما هو مقرر من أن العبرة في الأحكام هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني. ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن بدوره غير مقبول.
5 - لما كانت صورة الواقعة كما استقرت في عقيدة المحكمة وأقام الحكم قضاءه عليها مفادها أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر لم يوقعا على ذلك المحرر وأن شخصاً آخر قد وقعه نيابة عنهما. وأن هذا القول ورد على لسان الطاعن والمتهم الآخر في التحقيقات، ولا يماري الطاعن في سلامة ما حصله الحكم من أقواله والمتهم الآخر في هذا الخصوص، فإن ما أورده الحكم من بيانات محضر التصديق محل التزوير من توقيع الطاعن والمتهم الآخر على ذلك المحضر يكون بمثابة إفراغ لفحوى المحرر دون أن يقطع في صحة هذين التوقيعين وصدورهما عن المنسوب إليهما وذلك من عدمه. ولا ينبئ عن تناقض أو اضطراب في الحكم. وذلك لما هو مقرر من أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما أولاً: وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا مع آخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير محرر رسمي هو عقد بيع السيارة الرقمية....... ملاكي الإسكندرية المنسوب توثيقه إلى مكتب الوايلي برقم...... لسنة....... بأن اتفقا معه على ذلك وساعداه في ذات بأن قدماً إليه البيانات المطلوب إثباتها فدونها بالمحرر ووقع عليها بإمضاءات نسبها زوراً للموظفين المختصين بتلك الجهة وبصمها ببصمتي خاتم شعار الجمهورية الخاص بمأمورية توثيق الوايلي والخاتم الكودي لذات المأمورية. ثانياً: قلدا بواسطة الغير خاتمين الأول هو خاتم شعار الجمهورية الخاص بمأمورية توثيق الوايلي والثاني الخاتم الكودي لذات المأمورية بأن اصطنعاهما على غرار الخاتمين الصحيحين واستعمالهما بأن بصما بهما على المحرر المزور موضوع التهمة الأولى مع علمهما بتقليدهما ثالثاً: المتهم الأول (الطاعن) استعمل المحرر المزور موضوع التهمة الأولى بأن قدمه لوحدة مرور الوايلي مع علمه بتزويره على النحو المبين بالتحقيقات وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للطاعن وغيابياً للآخر عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41/ 1، 42، 206/ 3، 4 ،211، 212، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة كل منهما بالحبس لمدة سنة مع الشغل عما أسند إليهما ومصادرة المحرر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه وكل من الأستاذين..... و..... المحاميان نيابة عن المحكوم عليه ذاته في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في التزوير وتقليد أختام إحدى الجهات الحكومية، واستعمال محرر مزور مع علمه بتزويره قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتعسف في الاستنتاج والتناقض والاضطراب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد. ذلك بأنه جاء قاصراً في التدليل على توافر عناصر الاشتراك في حقه واتخذ من مجرد تمسكه بالمحرر وتقديمه لوحدة المرور دليلاً على علمه بتزويره ورتب على ذلك توافر الاتفاق بينه والمحكوم عليه الآخر مع الفاعل الأصلي المجهول على ارتكاب التزوير برغم عدم صلاحيته بذلك لإثبات الاتفاق الذي لا ترشح له ظروف الواقعة وتنبئ في حقيقتها - وكما أوردها الحكم - عن عدم تحقق جريمة التزوير، واستند الحكم في رفض دفاعه القائم على انتفاء القصد الجنائي لديه إلى أدلة الثبوت المعول عليها في حين أنه ليس من شأنها إثبات علمه بالتزوير كما وأن ما تساند إليه الحكم في هذا الشأن - لا يؤدي إلى توافر هذا العلم - وأورد الحكم المادة 42 من قانون العقوبات ضمن مواد القيد على الرغم من عدم إدراجها ضمن مواد الإحالة - دون أن تلفت المحكمة نظر الدفاع إلى ذلك فضلاً عن عدم انطباقها على الواقعة وخلا الحكم من بيان سنده في ذلك هذا إلى أن تطبيق حكم هذا المادة 41 من القانون آنف الإشارة ينبئ عن اضطراب فكرة الحكم في خصوص تكييف الواقعة، وأورد الحكم نقلاً عن الشاهد....... الموثق بمأمورية الشهر العقاري أن امتناعه عن التصديق على العقد يرجع إلى عدم اختصاصه المكاني في حين أن ذلك القول لم يرد على لسانه، والتفت الحكم عما أثاره المدافع عن الطاعن بشأن الاختصاص المكاني وأنه خاص بتسجيل العقارات، وحصل الحكم من كتاب الرائد....... الموجه إلى إدارة المرور عبارة "دون تشكك في صحة الأختام المبصوم بها محضر التصديق خلافاً إلى ما ورد به من تشككه في صحة الأختام" وأورد الحكم في مقام الرد على دفاع الطاعن سداده للرسم المقرر - خلافاً للثابت في الأوراق الذي يظاهره خلو محضر الجلسة من إثبات ثمة ملاحظات بشأن السداد لدى فض الحرز. وبينما أورد الحكم في عدة مواضع منه أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر لم يوقعا على العقد فإذ به يذهب إلى عكس ذلك في موضع آخر منه. وذلك كله يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى في قوله "أن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من مطالعة أوراقها وما دار بشأنها بالجلسة تتحصل في أن المتهم الأول........ - الطاعن - اشترى من المتهم الثاني........ المقيم بمدينة الإسكندرية السيارة رقم....... ملاكي الإسكندرية وأراد أن ينقل إليه ملكية تلك السيارة واستخراج ترخيص تسييرها باسمه فتوجه صحبه المتهم الثاني لمأمورية الوايلي للشهر العقاري للتصديق على عقد بيع السيارة المحرر بينهما إلا أن الموظف المختص بذلك امتنع عن التصديق على ذلك العقد لعدم اختصاصه المكاني بذلك حيث إن الاختصاص ينعقد لمأمورية الشهر العقاري الذي يقع بدائرته محل إقامة البائع، فما كان من المتهمين إلا أن سلما العقد المذكور إلى شخص آخر مجهول واتفقا معه على تزوير محضر يفيد التصديق عليه بمعرفة مأمورية الوايلي للشهر العقاري، وأمده كل منهما ببياناته فاصطنع ذلك المجهول محضر التصديق رقم.... لسنة.... ودون البيانات التي أمده بها المتهمان ووقع عليه بإمضاءات نسبها زوراً للموظفين المختصين بالمأمورية السالفة وبصمه ببصمته لخاتم شعار الجمهورية مقلد نسبه زوراً لذات الجهة السابقة وأخرى لخاتم كودي نسبه هو الآخر زوراً لها وقدم المتهم الأول - الطاعن - ذلك العقد لوحدة مرور الوايلي وهو عالم بتزوير محضر التصديق آنف الذكر لاستخراج ترخيص السيارة باسمه" أورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها استمدها مما تضمنه كتاب وحدة مرور الوايلي، وما أثبته رئيس وحدة مباحث شرق القاهرة في محضره ومما شهد به........ الموثق بمأمورية الوايلي للشهر العقاري، وما تضمنته تلك المأمورية وما ثبت من تقرير شعبة فحص التزوير والتزييف بالمعمل الجنائي ومن أقوال المتهمين في التحقيقات - التي حصلها بما يتفق وما أورده في بيان الواقعة - وسجل الحكم على لسان الطاعن والمتهم الآخر قولهما في التحقيقات، أنهما إذ توجها إلى مأمورية توثيق الشهر العقاري بالوايلي للتصديق على عقد شراء الطاعن للسيارة من المتهم الثاني - وإزاء رفض الموظف المختص اتخاذ هذا الإجراء بمقولة أنه غير مختص مكانياً - تقابلاً مع أحد الأشخاص في الطريق أبدى استعداده لإنجاز هذا العمل - فسلماه العقد وعاد إليهما بعد برهة قصيرة وقدمه إليهما موثقاً - وأضافا أنهما لم يوقعا على ذلك العقد وتولى ذلك الشخص توقيعه نيابة عنهما. واستدل الحكم من تلك الأقوال المنسوبة للطاعن والمتهم الآخر - والتي لا يماري الطاعن في صدورها عنه وأن لها أصلها الثابت في الأوراق. على ثبوت علمهما بتزوير ذلك المحرر بالإضافة إلى باقي الأدلة الأخرى القائمة في الدعوى. ثم عرض الحكم لدفع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي لديه (قصد التزوير) وخلص إلى رفضه استناداً إلى إقرار الطاعن بعدم التوقيع على هذا العقد لدى التصديق عليه - برغم وجوب ذلك كإجراء أساسي من إجراءات التصديق ومن عدم تقديمه ما يدل على سداد الرسم المقرر مقابل التصديق على المحرر والذي ثبت تزويره لعدم صدوره عن مأمورية الشهر العقاري المنسوب إليها فإن في هذا ما يكفي للتدليل على اشتراكه في التزوير وذلك لما هو مقرر من أن - الاشتراك يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم - على السياق المتقدم - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم بإضافة المادة 42 من قانون العقوبات إلى مواد القيد - على الرغم من عدم انطباقها ودون لفت نظر المدافع عنه إلى ذلك - فإنه - وبفرض صحته - لا يتضمن تعديلاً في وصف التهم أو الوقائع التي رفعت بها الدعوى الجنائية - والتي كانت مطروحة على بساط البحث وجرت مرافعة المدافع عن الطاعن على أساسها - وأن التعديل - كما يسلم الطاعن في أسباب طعنه اقتصر على إضافة المادة 42 من قانون العقوبات وهي في حقيقتها وجوهرها مادة تعريفية تحدد مسئولية الشريك في حالة توافر إحدى حالات امتناع العقاب بالنسبة للطاعن - وهو مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع. ذلك أن الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك. ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً إذا أوجب القانون على المحكمة أن تطبق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وليس في ذلك خروج في واقعة الدعوى أو افتئات على حق مقرر للمتهم، ولا ينبئ ذلك عن ثمة تناقض أو تضارب وقع فيه الحكم بإضافة المادة سالفة الذكر مع إيراد المادة 41 من ذات القانون التي جرى نصها على تحديد عقوبة الشريك في الجريمة. ومن ثم يضحى هذا النعي في غير محله. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال الشاهد....... بما مفاده أن محضر التصديق - محل الجريمة مزور بطريق الاصطناع ولم يصدر عن المأمورية المنسوب إليها إصداره وأن بيانات محضر التصديق الصحيح تغاير ما تضمنه المحرر المزور من بيانات وعن واقعة أخرى. ولم ينقل الحكم على لسانه ما ذهب إليه الطاعن بمقولة أنه - الشاهد المذكور - امتنع عن التصديق على العقد لعدم اختصاصه المكاني. وكان البين من مدونات الحكم أنه قد حصل هذا المعنى منسوباً إلى الطاعن والمحكوم عليه الآخر فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد من قالة الخطأ في الإسناد يكون على غير سند. لما كان ذلك. وكان الطاعن يسلم في أسباب طعنه أن حقيقة العبارة التي تضمنها كتاب الرائد........ أنه يتشكك في صحة الأختام، وهو ذات المعنى الذي سايره منطق الحكم وهو بذاته ما يتمشى مع العقل ويتسق مع المنطق ذلك أنه لو لم يتشكك الضابط المختص في وحدة المرور في سلامة محضر التصديق لما كان هناك ثمة مدعاة لإبلاغ رئاسته واستكمال التحري والبحث في شأن الواقعة والذي أسفر عن أن ذلك المحرر مزور بطريق الاصطناع وأنه يحمل أختاماً مقلدة. ومن ثم فإن ما أورده الحكم نقلاً عن ذلك الكتاب من عبارة دون تشكك في حصة الأختام لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ المادي الغير مؤثر في منطق الحكم وسلامة استدلاله ما دام أنه أقام قضاءه على أسباب صحيحة غير متناقضة كافية لحمل قضائه. وذلك لما هو مقرر من أن العبرة في الأحكام هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني. ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن بدوره غير مقبول. لما كان ذلك، وكان البين أن الحكم المطعون فيه في مقام رده على دفاع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي لديه لم يتساند في رفضه له إلى سداد الطاعن للرسم المقرر - بل أنه على العكس من ذلك قد أورد أنه لم يقدم ما يفيد سداد الرسم المقرر مقابل التصديق على العقد. ذلك بالإضافة إلى القرائن الأخرى المستمدة من ظروف الواقعة وملابساتها فإنه من ثم يكون ما زعمه الطاعن في هذا الشأن غير صحيح - لما كان ذلك وكانت صورة الواقعة كما استقرت في عقيدة المحكمة وأقام الحكم قضاءه عليها مفادها أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر لم يوقعا على ذلك المحرر وأن شخصاً آخر قد وقعه نيابة عنهما. وأن هذا القول ورد على لسان الطاعن والمتهم الآخر في التحقيقات، ولا يماري الطاعن في سلامة ما حصله الحكم من أقواله والمتهم الآخر في هذا الخصوص، فأن ما أورده الحكم من بيانات محضر التصديق محل التزوير من توقيع الطاعن والمتهم الآخر على ذلك المحضر ويكون بمثابة إفراغ لفحوى المحرر دون أن يقطع في صحة هذين التوقيعين وصدورهما عن المنسوب إليهما وذلك من عدمه. ولا ينبئ عن تناقض أو اضطراب في الحكم. وذلك لما هو مقرر من أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.