الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 5 مارس 2019

الطعن 600 لسنة 62 ق جلسة 22 / 12 / 1993 مكتب فني 44 ق 188 ص 1238


جلسة 22 من ديسمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ علي الصادق عثمان وأحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب نواب رئيس المحكمة ومجدي أبو العلا.
--------------
(188)
الطعن رقم 600 لسنة 62 القضائية

 (1)اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة الاختلاس. غير لازم. كفاية الاستدلال على قيامه مما أورده من وقائع وظروف
مثال. لتسبيب سائغ لاستظهار نية الاختلاس في جريمة اختلاس أموال أميرية.
 (2)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الجنون والعاهة العقلية". مسئولية جنائية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
مثال. لرد سائغ لإطراح الدفع بانعدام المسئولية لمرض عصبي
 (3)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الجنون والعاهة العقلية". مسئولية جنائية. إثبات "خبرة". قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
المرض العقلي الذي تنعدم به المسئولية قانوناً وفقاً للمادة 62 عقوبات. هو الذي يعدم الشعور والإدراك
الأحوال النفسية التي تفقد الشخص شعوره وإدراكه ليست سبباً لانعدام المسئولية
انتهاء الحكم المطعون فيه أخذاً بتقرير الطب الشرعي إلى أن مرض الطاعن بالاضطراب العصبي لا تنعدم به مسئوليته الجنائية. صحيح
 (4)أسباب الإباحة موانع العقاب "الجنون والعاهة العقلية". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الحالة العقلية". 
تقدير حالة المتهم العقلية. موضوعي. ما دام سائغاً
 (5)إثبات "خبرة" "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن. موضوعي. لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير
الجدل في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض
 (6)إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
إسناد الحكم للطاعن اعترافه بتحصيل المبلغ المختلس وادعاءه سرقته. دون أن ينسب إليه اعترافاً باختلاسه. لا محل للنعي على الحكم
 (7)إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". اختلاس
الاعتراف في المسائل الجنائية. ماهيته؟ 
لمحكمة الموضوع تجزئة الاعتراف والأخذ منه بما تطمئن إلى صدقه وإطراح ما عداه
ورود الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها. غير لازم. كفاية وروده على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى اقتراف الجاني للجريمة
 (8)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
كفاية إيراد الحكم الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه. تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. مفاد التفاته عنها أنه أطرحها
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض

--------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاختلاس والتزوير في محررات رسمية واستعمالها التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات والمستندات وتقرير اللجنة المشكلة لجرد أعماله وتقرير مكتب خبراء وزارة العدل واعتراف المتهم بالتحقيقات - وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها - استطرد بياناً لنية الاختلاس قوله "وحيث إنه يكفي لقيام جريمة الاختلاس أن يضيف المتهم المبالغ التي حصلها أو جزء منها إلى ملكيته وأن يتصرف فيها على اعتبار أنها مملوكة له وتقوم الجريمة ولو رد المتهم المبالغ التي اختلسها بعد ذلك دون طلب لأن المطالبة ليست شرطاً لتحقق الجريمة ولأن الظروف التي قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها ولا تؤثر في كيانها". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في مدوناته كافياً وسائغاً في بيان نية الاختلاس، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون ما أورد من وقائع وظروف يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يدعيه الطاعن من قصور في التسبيب في هذا الصدد غير سديد
2 - لما كان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع عن الطاعن من فقدانه الشعور والتركيز في أداء عمله بسبب مرض عصبي ورد عليه بقوله "وحيث إنه بشأن ما دفع به الحاضر مع المتهم عن عدم مسئوليته لإصابته باضطراب عقلي فإنه إزاء ما ثبت من التقرير الطبي الشرعي 663 طب شرعي طنطا لسنة 1974 من أنه بعد مناقشة المتهم وبالكشف عليه والاطلاع على ملف الدعوى وملف خدمة المتهم وعلى جميع التقارير الطبية المرفقة والمحررة بمعرفة مفتش الصحة والعيادة النفسية بمستشفى المنصورة العام عنه حالته وخاصة أن أول تقرير طبي كان بتاريخ 28/ 9/ 1964 - ويتضمن إصابة باضطراب عصبي وهبوط عام وأن هذه الحالة جائزة الحدوث لأي شخص عادي سليم عقب القرار الإداري.... بتاريخ..... بنقله من المنصورة إلى الإسماعيلية وأن المتهم لم يصاب بأي حالة نفسية أو عصبية قبل التاريخ سالف الذكر..... وانتهى التقرير إلى أن المتهم كان مسئولاً عن عمله في تاريخ الواقعة لما كان ما تقدم وكان من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانوناً هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية ومن ثم فإن ما ذهب إليه الدفاع لم يقم عليه دليل" فإن ما أورده الحكم فيما تقدم كاف وسائغ في الرد على ما يثيره الطاعن في هذا الصدد
3 - من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية الجنائية قانوناً - على ما تقضى به المادة 62 من قانون العقوبات - هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك، أما سائر الأحوال النفسية التي تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية، فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه أخذاً بتقرير الطبيب الشرعي أن مرض الطاعن وهو الاضطراب العصبي والهبوط العام لا يؤثر على سلامة عقله وصحة إدراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه يكون صحيحاً في القانون
4 - من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية هي من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة
5 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعة إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة. وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما جاء بتقرير الطبيب الشرعي عن حالة المتهم العقلية فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض
6 - لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عندما أورد مؤدى اعتراف الطاعن الذي عّول عليه لم ينسب له اعترافاً باختلاسه المبلغ موضوع الجريمة - على خلاف ما يذهب إليه بوجه النعي - وإنما أسند إليه أنه اعترف بتحصيله هذا المبلغ وأنكر اختلاسه له مدعياً سرقته. وهو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه ومن ثم فإن نعيه في هذا المقام يكون ولا محل له
7 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف فلها أن تجزئ هذا الاعتراف، وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح سواه مما لا تثق به، دون أن تكون ملزمة بيان علة ذلك، كما لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة
8 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في شأن أن المبلغ قد سرق منه وأطرحه بقوله "ولا تلتفت المحكمة إلى ما ذكر عن سرقة تلك المبالغ التي لم يوردها إذ لم يقم ثمة دليل في الأوراق تطمئن إليه المحكمة إلى وقوع هذه السرقة فهو لم يبلغ الشرطة أو جهة عمله أو يبين على وجه يطمئن إليه عن كيفية سرقة هذه المبالغ منه" فإن هذا حسبه للرد على هذا الدفاع، ذلك أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: بصفته موظفاً عمومياً (معاون أملاك بهندسة السكة الحديد) اختلس المبلغ المبين قيمته بالتحقيقات والمسلم إليه بسبب وظيفته حالة كونه من مأموري التحصيل بهيئة السكة الحديد، ثانياً، بصفته سالفة الذكر ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في أوراق أميرية هي صور القسائم والاستمارات المبينة بالتحقيقات بأن أثبت تغييراً بتلك الأوراق على خلاف الحقيقة الثابتة بأصولها. ثالثاً: استعمل الأوراق المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها بأن قدمها للجهة المختصة. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بطنطا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112، 1- 2، 118، 119، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنين وتغريمه ألف جنيه وعزله من وظيفته
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاختلاس وتزوير أوراق رسمية واستعمالها، قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه لم يستظهر نية الاختلاس بما يوفرها وعوّل على أن الطاعن قد اعترف بالتحقيقات بارتكابه للواقعة في حين أنه لم يعترف إلا بتحصيل المبلغ دون اختلاسه، وأطرح دفاعه القائم على أن المبلغ سرق منه تأسيساً على عدم إبلاغه بتلك الواقعة رغم أن ذلك لا يعنى بالضرورة أنه اختلسه كما عّول في إطراح دفاعه بأنه أصيب في عام 1964 بمرض عصبي أفقده القدرة على التركيز في أداء عمله مما تنتفي معه مسئوليته عن الجريمة المسندة إليه على ما جاء بتقرير الطبيب الشرعي مع أنه قد وقع الكشف عليه بعد مضي سنوات على مرضه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاختلاس والتزوير في محررات رسمية واستعمالها التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات والمستندات وتقرير اللجنة المشكلة لجرد أعماله وتقرير مكتب خبراء وزارة العدل واعتراف المتهم بالتحقيقات - وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها - استطرد بياناً لنية الاختلاس قوله "وحيث إنه يكفي لقيام جريمة الاختلاس أن يضيف المتهم المبالغ التي حصلها أو جزء منها إلى ملكيته وأن يتصرف فيها على اعتبار أنها مملوكة له وتقوم الجريمة ولو رد المتهم المبالغ التي اختلسها بعد ذلك دون طلب لأن المطالبة ليست شرطاً لتحقق الجريمة ولأن الظروف التي قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها ولا تؤثر في كيانها". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في مدوناته كافياً وسائغاً في بيان نية الاختلاس، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة ومن ثم فإن ما يدعيه الطاعن من قصور في التسبيب في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع عن الطاعن من فقدانه الشعور والتركيز في أداء عمله بسبب مرض عصبي ورد عليه بقوله "وحيث إنه بشأن ما دفع به الحاضر مع المتهم عن عدم مسئوليته لإصابته باضطراب عقلي فإنه إزاء ما ثبت من التقرير الطبي الشرعي...... طب شرعي طنطا لسنة..... من أنه بعد مناقشة المتهم وبالكشف عليه والاطلاع على ملف الدعوى وملف خدمة المتهم وعلى جميع التقارير الطبية المرفقة والمحررة بمعرفة مفتش الصحة والعيادة النفسية بمستشفى المنصورة العام عن حالته وخاصة أن أول تقرير طبي كان بتاريخ..... - ويتضمن إصابته باضطراب عصبي وهبوط عام وأن هذه الحالة جائزة الحدوث لأي شخص عادي سليم عقب القرار الإداري.... بتاريخ.... بنقله من المنصورة إلى الإسماعيلية وأن المتهم لم يصاب بأي حالة نفسية أو عصبية قبل التاريخ سالف الذكر 28/ 1/ 64 وانتهى التقرير إلى أن المتهم كان مسئولاً عن عمله في تاريخ الواقعة لما كان ما تقدم وكان من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانوناً هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية ومن ثم فإن ما ذهب إليه الدفاع لم يقم عليه دليل فإن ما أورده الحكم فيما تقدم كاف وسائغ في الرد على ما يثيره الطاعن في هذا الصدد. لما كان ذلك. وكان يبين من أسباب الطعن ما يثيره الطاعن مبناه انعدام مسئوليته بسبب مرض عصبي أصابه منذ فترة يفقده التركيز في أداء العمل، وكان من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية الجنائية قانوناً - على ما تقضى به المادة 62 من قانون العقوبات - هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك، أما سائر الأحوال النفسية التي تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية، فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه أخذاً بتقرير الطبيب الشرعي أن مرض الطاعن وهو الاضطراب العصبي والهبوط العام لا يؤثر على سلامة عقله وصحة إدراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه يكون صحيحاً في القانون، وحسبه أنه من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية هي من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة - وهو ما لم تخطئ في تقديره - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعة إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة. وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما جاء بتقرير الطبيب الشرعي عن حالة المتهم العقلية فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عندما أورد مؤدى اعتراف الطاعن الذي عّول عليه لم ينسب له اعترافاً باختلاسه المبلغ موضوع الجريمة - على خلاف ما يذهب إليه بوجه النعي - وإنما أسند إليه أنه اعترف بتحصيله هذا المبلغ وأنكر اختلاسه له مدعياً سرقته. وهو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه ومن ثم فإن نعيه في هذا المقام يكون ولا محل له. هذا فضلاً عن أنه لما كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف فلها أن تجزئ هذا الاعتراف، وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح سواه مما لا تثق به، دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك، كما لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة. كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فلا يجدي الطاعن نعيه على الحكم بأنه أغفل ما استطرد إليه من أقواله من أنه يختلس المبلغ موضوع الجريمة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في شأن أن المبلغ قد سرق منه وأطرحه بقوله" ولا تلتفت المحكمة إلى ما ذكر عن سرقة تلك المبالغ التي لم يوردها إذ لم يقم ثمة دليل في الأوراق تطمئن إليه المحكمة إلى وقوع هذه السرقة فهو لم يبلغ الشرطة أو جهة عمله أو يبين على وجه يطمئن إليه عن كيفية سرقة هذه المبالغ منه" فإن هذا حسبه للرد على هذا الدفاع، ذلك أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1349 لسنة 62 ق جلسة 23 / 12 / 1993 مكتب فني 44 ق 191 ص 1256


جلسة 23 من ديسمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي ومحمد حسين نواب رئيس المحكمة ومحمود شريف فهمي.
--------
(191)
الطعن رقم 1349 لسنة 62 القضائية

 (1)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب أبدي أمام هيئة سابقة أو الرد عليه. ما دام مقدمه لم يصر عليه أمامها.
(2) دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش" "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان إذن التفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائز ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته. علة ذلك؟
الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش أو ببطلان إذن التفتيش. وجوب إبدائه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
مثال لقول مرسل لا يحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
 (4)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مجادلة الطاعن فيما اطمأنت إليه المحكمة أن المخدر المضبوط هو الذي جرى تحليله. جدل في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
 (5)دفوع "الدفع بشيوع التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. كفاية الأخذ بأدلة الثبوت رداً عليه.
 (6)نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط في حجرة نومه. متى كان الحكم أثبت مسئوليته عن المخدر المضبوط في سرواله الذي كان يرتديه.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته. موضوعي.
إدانة الطاعن استناداً لأقوال الضابط. مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحمل المحكمة على عدم الأخذ بها.
 (8)دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. الرد عليه صراحة. غير لازم.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. تقصيها في كل جزئية وبيان العلة فيما أعرضت عنه من شواهد النفي أو أخذت به من أدلة الثبوت. غير لازم.
(9) حكم "بيانات التسبيب" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ليس على الحكم أن يورد إلا ما له أثر في حكمه.
 (10)إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصلح سبباً للنعي على الحكم.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه. غير مقبول.

-------------
1 - من المقرر أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة طلب أو الرد عليه إلا إذا كان من قدمه قد أصر عليه، وكان الثابت في الاطلاع على محاضر الجلسات أن الطاعن لم يتمسك أمام الهيئة الجديدة التي نظرت الدعوى وأصدرت الحكم المطعون فيه بطلب ضم دفتر الأحوال والذي كان قد أبداه أمام هيئة سابقة، فلا يكون له أن يطالب هذه الهيئة بالرد على دفاع لم يبد أمامها، ومن ثم يكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص في غير محله.
2 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش أو ببطلان إجراءاته، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة ولا يقدح في ذلك أن يكون الدفاع عن الطاعن قد ضمن مرافعته نعياً على التحريات لعدم شمولها باقي أفراد أسرته إذ هو قول مرسل على إطلاقه لا يحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش أو بطلان إجراءات القبض والتفتيش الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
3 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
4 - لما كان ما يثيره الطاعن من انقطاع الصلة بين المخدر المضبوط وما جرى عليه التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من وزن له عند التحريز وما ثبت في تقرير التحليل من وزن إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الواقعة ومن عملية التحليل التي اطمأنت إليها المحكمة فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها وفي تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها ويضحى والحال كذلك - ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في الرد على ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص.
5 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد إطراحه.
6 - من المقرر أن انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بخصوص المخدر المضبوط في حجرة نومه ما دام أن وصف التهمة التي دين بها يبقى سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر المضبوط في سرواله الذي كان يرتديه.
7 - وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته متروكاً لمحكمة الموضوع، وكان مؤدى قضاء الحكم بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال الضابط هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحمل المحكمة على عدم الأخذ بها مما لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض.
8 - الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً وكان الحكم في الدعوى الماثلة قد اعتبر دفاع الطاعن بتلفيق الاتهام لا يطمئن إليه للأسباب السائغة التي أوردها، فإن ذلك من إطلاقات السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير معقب عليها لما هو مقرر من أنها لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وتقصيها في كل جزئية منها وبيان العلة فيما أعرضت عنه من شواهد النفي أو أخذت به من أدلة الثبوت ما دام لقضائها وجه مقبول.
9 - من المقرر أنه ليس على الحكم إلا أن يورد ما له أثر في حكمه فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله.
10 - لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة عن مواجهته بالشكوى المقدمة من زوجته ضد ضابط الواقعة لا يعدو أن يكون تعيباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص أو الاستعلام عن تصرف النيابة العامة في هذه الشكوى أو اتخاذ إجراء معين في خصوص ما أثاره من اختلاف وزن ما ضبط من مخدر عما جرى تحليله أو إجراء معاينة لمكان الضابط فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز وحاز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (أفيون وحشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً - وإحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 40 لسنة 66، 122 لسنة 1989 والبندين رقمي 9، 57 من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه عما أسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن إحراز المخدر كان مجرداً من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهرين مخدرين مجرداً من القصود قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن المحكمة عدلت عن قرار سابق لها بضم دفتر الأحوال بناء على طلب الدفاع لبيان تحركات الضابط يوم الضبط دون أن تشير في حكمها إلى أن الدفاع عدل عن هذا الطلب أو تبرر هذا العدول رغم تعلق ذلك بدفاع جوهري للطاعن. كما أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش وبطلان إجراءاته لإنشائهما على تحريات غير جدية لعدم الاهتداء إلى معرفة أقارب الطاعن القاطنين معه في المسكن غير أن الحكم لم يعرض لهذا الدفع الجوهري أو يرد عليه بما يفنده كذلك أقام الطاعن دفاعه على شيوع التهمة بينه وبين أقاربه المشاركين له في المسكن - مما كان يتعين معه أن تجري المحكمة معاينة لمكان الضبط - وباختلاف وزن ما ضبط من مخدر عما جرى تحليله مما كان لزاماً معه أن تجرى المحكمة تحقيقاً في هذا الشأن - وبتلفيق الاتهام من قبل الضابط الذي عول الحكم - رغم ذلك - على أقواله في إدانته ودلل بالشكوى المقدمة من زوجته ضد هذا الضابط - إلا أن الحكم رد على كل هذا الدفاع بما لا يصلح رداً، مع أنه لم يذكر شيئاً عن هذه الشكوى المذكورة - والتي لم تواجهه النيابة العامة بها، ولم تستعلم المحكمة عن تصرف بشأنها كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهرين مخدرين مجرداً من القصود التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة طلب أو الرد عليه إلا إذا كان من قدمه قد أصر عليه، وكان الثابت في الاطلاع على محاضر الجلسات أن الطاعن لم يتمسك أمام الهيئة الجديدة التي نظرت الدعوى وأصدرت الحكم المطعون فيه بطلب ضم دفتر الأحوال والذي كان قد أبداه أمام هيئة سابقة، فلا يكون له أن يطالب هذه الهيئة بالرد على دفاع لم يبد أمامها، ومن ثم يكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش أو ببطلان إجراءاته، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة ولا يقدح في ذلك أن يكون الدفاع عن الطاعن قد ضمن مرافعته نعياً على التحريات لعدم شمولها باقي أفراد أسرته إذ هو قول مرسل على إطلاقه لا يحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش أو بطلان إجراءات القبض والتفتيش الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، هذا فضلاً عن أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون لا محل له ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من انقطاع الصلة بين المخدر المضبوط وما جرى عليه التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من وزن له عند التحريز وما ثبت في تقرير التحليل ومن وزن إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الواقعة ومن عملية التحليل التي اطمأنت إليها المحكمة فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها وفي تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها ويضحى والحال كذلك - ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في الرد على ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد إطراحه وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط في سكنه تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد هذا بالإضافة إلى انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بخصوص المخدر المضبوط في حجرة نومه ما دام أن وصف التهمة التي دين بها يبقى سليما لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر المضبوط في سرواله الذي كان يرتديه. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدى فيها شهادته متروكاً لمحكمة الموضوع، وكان مؤدى قضاء الحكم بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال الضابط هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحمل المحكمة على عدم الأخذ بها مما لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً وكان الحكم في الدعوى الماثلة قد اعتبر دفاع الطاعن بتلفيق الاتهام لا يطمئن إليه للأسباب السائغة التي أوردها، فإن ذلك من إطلاقات السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير معقب عليها لما هو مقرر من أنها لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وتقصيها في كل جزئية منها وبيان العلة فيما أعرضت عنه من شواهد النفي أو أخذت به من أدلة الثبوت ما دام لقضائها وجه مقبول، ومن ثم يضحى ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك، وكان عدم ذكر الحكم الشكوى المقدمة من زوجة الطاعن ضد ضابط الواقعة ليس له أثر في قيام الجريمة التي دان الطاعن بها وكان من المقرر أنه ليس على الحكم إلا أن يورد ما له أثر في حكمه فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة عن مواجهته بالشكوى المقدمة من زوجته ضد ضابط الواقعة لا يعدو أن يكون تعيباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص أو الاستعلام عن تصرف النيابة العامة في هذه الشكوى أو اتخاذ إجراء معين في خصوص ما أثاره من اختلاف وزن ما ضبط من مخدر عما جرى تحليله أو إجراء معاينة لمكان الضبط فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 39708 لسنة 59 ق المحكمة الإدارية العليا جلسة 28 / 2 / 2018

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة العاشرة (موضوع) 
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ حسني درويش عبد الحميد درويش نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة 
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / جعفر محمد قاسم عبد الحميد نائب رئيس مجلس الدولة 
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أشرف حسن أحمد حسن نائب رئيس مجلس الدولة 
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / إيهاب عاشور الشهاوي عبد العاطي نائب رئيس مجلس الدولة 
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / ناصر محمد عبد الموجود نائب رئيس مجلس الدولة 
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد محمود نادر مفوض الدولة 
وسكرتارية السيد كريم نبيل جمعة أمين سر المحكمة 
أصدرت الحكم الآتي 
في الطعن رقم 39708 لسنة 59 ق . عليا
------
الوقائع
في يوم الأربعاء الموافق 25/9/2013 أودع الأستاذ / ..... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا وكيلا عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن الماثل في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ (الدائرة الأولى) بجلسة 4/9/2013 في الدعوى رقم 9106 لسنة 12 ق والذي قضى بقبول الدعوى شكلا وإلزام الهيئة العامة للتأمين الصحي بصرف مصاريف انتقال للمدعي عن كل جلسة غسيل كلوي ، وذلك على النحو المبين بالأسباب .
وطلب الطاعن بصفته ـ للأسباب المبينة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبوله شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون عليه ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي .
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت في ختامه الحكم ــ بعد إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده ــ بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام جهة الإدارة المصروفات .
وقد تدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 24/5/2017قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة العاشرة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة30/7/2017،وقد نظرت هذه المحكمة الطعن ، على النحو المبين بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 24/1/2018 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم 28/2/2018 ، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به .
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة قانونا .
حيث إن الطعن أقيم خلال الميعاد القانوني المقرر مستوفيا سائر أوضاعه الشكلية المقررة فمن ثم يكون مقبولا شكلا .
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق – في أنه وبتاريخ 17/9/2012 أقام المطعون ضده أمام محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ الدعوى رقم 9106 لسنة 12 ق طالبا في ختام صحيفتها الحكم بقبول الدعوى شكلا 
وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن صرف مصاريف الانتقال بواقع خمسين جنيها عن كل جلسة غسيل كلوي اعتبارا من 1/12/2010 وما يترتب على ذلك من آثار وتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
وذكر المدعي ـ المطعون ضده في الطعن الماثل ـ شرحا لدعواه أنه بالمعاش ومريض بمرض مزمن هو الفشل الكلوي وقرر الأطباء المعالجين بأنه يحتاج إلى عدد ثلاث جلسات غسيل كلوي أسبوعيا بواقع ثلاثة عشر جلسة شهريا كما قرر الأطباء أنه يحتاج وسيلة مواصلات خاصة تقوم بنقله من محل إقامته إلى المستشفى ..... والعودة لإجراء هذه الجلسات وتكلفة وسيلة المواصلات خمسون جنيها في الجلسة الواحدة وقد بدأت الجلسة اعتبارا من 1/12/2010 وطالب الجهة الإدارية بصرف مصروفات الانتقال فامتنعت عن صرفه مما حدا به إلى إقامة هذه الدعوى مختتما صحيفتها بطلباته سالفة الذكر .
وبجلسة 4/9/2013 حكمت محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ (الدائرة الأولى) بقبول الدعوى شكلا وألزمت الهيئة العامة للتأمين الصحي بصرف مصاريف انتقال للمدعي عن كل جلسة غسيل كلوي وذلك على النحو المبين بالأسباب ، وقد شيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعي من المنتفعين بالتأمين الصحي ومريض بالفشل الكلوي المزمن ويقوم بعمل غسيل كلوي على نفقة التأمين الصحي بمستشفى كفر الشيخ العام وذلك اعتبارا من 1/12/2010 وأنه يحتاج إلى وسيلة انتقال خاصة للانتقال من محل إقامته الكائن بالروضة بمركز كفر الشيخ إلى المستشفى المذكورة لإجراء الغسيل الكلوي له ، ومن ثم فإن الهيئة العامة للتأمين الصحي تلتزم بسداد تكاليف انتقال المدعي من محل إقامته المذكور إلى المستشفى المشار إليه والعكس ، وتقدر المحكمة هذه التكاليف بمبلغ (20) جنيها عن كل جلسة ذهابا وإيابا ، الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلزام الهيئة المدعى عليها بصرف مصاريف انتقال للمدعي بواقع عشرين جنيها عن كل جلسة غسيل كلوي له ذهابا وإيابا وذلك اعتبارا من 1/12/2010 تاريخ بداية عملية الغسيل الكلوي للمدعي .
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الجهة الإدارية الطاعنة فقد طعنت عليه بالطعن الماثل تأسيسا على خطأ الحكم في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وذلك على سند من أن المشرع قد قرر في نص المادة (50) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 ونص المادة (80) من ذات القانون عبارة مفادهما أن يتبع في شأن تنظيم مصاريف الانتقال القواعد التي يصدر بها قرار من وزير التأمينات بناء على اقتراح مجلس الإدارة ، وعلى ذلك فإن كل من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والهيئة العامة للتأمين والمعاشات يعدا هما فقط صاحبتي الصفة في أداء مصروفات انتقال المصاب أو المريض ، فتختص الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بذلك أثناء خدمة الموظف وتختص الهيئة العامة للتأمين والمعاشات بأداء تلك المصروفات بعد بلوغه سن المعاش ، واختتمت الجهة الإدارية الطاعنة تقرير الطعن بطلباتها المشار إليها في الإجراءات .
ومن حيث إن المادة (47) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 تنص على أنيقصد بالعلاج والرعاية الطبية ما يأتي :-
(1)- الخدمات الطبية التي يؤديها الممارس العام .
(2)- الخدمات الطبية على مستوى الأخصائيين بما في ذلك أخصائي الأسنان .
(3)- الرعاية الطبية المنزلية عند الاقتضاء .
(4)-...............".
وتنص المادة (72) من ذات القانون على أن " يمول تأمين المرض مما يأتي :
{1}- الاشتراكات الشهرية وتشمل :
أ )-.......................
(ب)- حصة المؤمن عليهم وتقدر على النحو الآتي :
(1)- 1% من الأجور بالنسبة للعاملين .
(2)- 1% من المعاش بالنسبة لأصحاب المعاشات الذين يطلبون الانتفاع بأحكام العلاج والرعاية الطبية الواردة 
في هذا الباب .............." .
وتنص المادة (74) من القانون المذكور على أن " تسري أحكام العلاج والرعاية الطبية المنصوص عليها في هذا الباب 
على أصحاب المعاشات ما لم يطلبوا عدم الانتفاع بها في تاريخ تقديم طلب صرف المعاش ...........".
وتنص المادة (80) من القانون المشار إليه على أن " تتحمل الجهة المختصة بصرف تعويض الأجر مصاريف انتقال المريض بوسائل الانتقال العادية من محل الإقامة إلى مكان العلاج إذا كان يقع خارج المدينة التي يقيم بها وبوسائل الانتقال الخاصة متى قرر الطبيب المعالج أن حالة المريض الصحية لا تسمح باستعماله وسائل الانتقال العادية.
وتتبع في تنظيم الانتقال ومصاريفه القواعد التي يصدر بها قرار من وزير التأمينات بناء على اقتراح مجلس الإدارة " .
وتنص المادة (83) من القانون سالف الذكر على أن " ينشأ صندوق لعلاج الأمراض وإصابات العمل وتتكون أمواله من الموارد الآتية :
{1}- الاشتراكات التي تؤديها الهيئة من اشتراكات تأمين إصابات العمل بالنسب الآتية :
.............
{2}- الاشتراكات التي تؤديها الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي من اشتراكات تأمين المرض بواقع النسب الآتية :
أ )- 4 % من أجور المؤمن عليهم .
(ب)- 1 % من معاشات أصحاب المعاشات .
{3}-........." .
وتنص المادة (84) من ذات القانون على أن " تتولى إدارة الصندوق هيئة عامة تسمى الهيئة العامة للتأمين الصحي وتكون لها الشخصية الاعتبارية ..........." .
كما تنص المادة (85) من القانون المشار إليه على أن " تتولى الهيئة العامة للتأمين الصحي علاج المصاب أو المريض ورعايته طبيا إلى أن يشفى أو يثبت عجزه ...... ويقصد بالعلاج والرعاية الطبية ما هو منصوص عليه في المادة (47)......".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم ، أن المشرع في قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه قرر سريان الأحكام المتعلقة بالعلاج والرعاية الطبية المنصوص عليها في هذا القانون على أصحاب المعاشات ما لم يطلبوا عدم الانتفاع بها في تاريخ تقديم طلب صرف المعاش ، ويخصم منهم نظير ذلك نسبة (1%) من المعاش الذي يتقاضونه حيث يتم توجيه هذه النسبة إلى صندوق علاج الأمراض وإصابات العمل المنشأ لهذا الغرض والذي تقوم على إدارته الهيئة العامة للتأمين الصحي طبقا لأحكام القانون المذكور ، ولما كان ما يخصص لهذا الصندوق من موارد ومنها ما يوجه إليه من اشتراكات العاملين وأصحاب المعاشات بالنسب المنصوص عليها في القانون المشار إليه إنما يمثل الوعاء الذي ينفق منه على كل ما يتعلق بعلاج المرضى والمصابين ورعايتهم طبيا سواء كانوا من العاملين أو أصحاب المعاشات، وكان انتقال المريض المستحق للمعاش من محل إقامته لتلقي العلاج والرعاية الطبية والعودة يمثل واقعا لازما لا يمكن فصله بحال من الأحوال عن ضرورة وحتمية تلقيه ما يحتاجه من العلاج والرعاية الطبية المقررة لحالته الصحية ، ومن ثم تلتزم الهيئة العامة للتأمين الصحي القائمة على إدارة هذا الصندوق بأداء جميع نفقات انتقال المريض المستحق للمعاش من محل إقامته لتلقي العلاج والرعاية الطبية المقررة له والعودة وإلا كان تقرير العلاج دون تحمل نفقات الانتقال للمريض من محل إقامته لتلقيه والعودة ضربا من العبث ، بل قد يحمل تهديدا بالخطر على حياة المريض ، فإذا كان توفير العلاج للعاملين وأصحاب المعاشات هو أمر واجب على الهيئة العامة للتأمين الصحي ، على النحو السالف بيانه ، فإن تحمل نفقات انتقال المريض من محل إقامته إلى المكان المخصص لتلقي العلاج والعودة مرة أخرى يعد أيضا أمرا واجبا على الهيئة المذكورة إذا ما قرر الطبيب المعالج ضرورة انتقال المريض إلى مكان تلقي العلاج والعودة في وسيلة انتقال ، إذ بدون هذا الانتقال ـ ذهابا وعودة ـ لا يتسنى للهيئة القيام بواجبها في تقديم العلاج والرعاية الطبية للمريض وأنه إعمالا للقاعدة الأصولية فإن ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب إذ لا يتم العلاج إلا بهذا الانتقال إلى مكان تلقيه والعودة على نحو يضمن سلامة المريض ، وتقرير ذلك يأتي أيضا قياسا على ما قرره المشرع في المادة (47) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه حيث أورد من بين ما حدده لتعريف العلاج والرعاية الطبية توفير الرعاية الطبية المنزلية عند الاقتضاء، وهو ما يفيد التزام الهيئة العامة للتأمين الصحي بتوفير تلك الرعاية للمريض في منزله وأن يتوجه إليه الطبيب إذا ما اقتضت الضرورة ذلك ، فإنه يستوي في ذلك الأمر حالة إذا ما قرر الطبيب حاجة المريض إلى وسيلة انتقال خاصة من محل إقامته إلى المكان المخصص لتلقيه العلاج والعودة فيعد واجبا أيضا على الهيئة في هذه الحالة أداء مصاريف الانتقال ، فلا وجه للمغايرة في الحكم بين حالة من تقتضي الضرورة تلقيه العلاج والرعاية الطبية بمنزله بما يستدعيه ذلك من انتقال الطبيب إليه في منزله وبين حالة من تقتضي الضرورة انتقاله من محل إقامته إلى مكان تلقي العلاج والعودة فمبدأ المساواة والفهم القانوني السليم يتأبيان المغايرة بين الحالتين بما يقتضي تحمل الهيئة العامة للتأمين الصحي نفقات العلاج والانتقال في الحالتين .
ومن حيث إنه لا يسوغ في هذا المقام لإلقاء تبعة الالتزام بتحمل مصروفات انتقال المريض المستحق للمعاش على غير الهيئة العامة للتأمين الصحي الاستناد إلى المادة (80) من القانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه والتي تقتضي بأن تتحمل الجهة المختصة بصرف تعويض الأجر مصاريف انتقال المريض بوسائل الانتقال العادية من محل الإقامة إلى مكان العلاج إذا كان يقع خارج المدينة التي يقيم بها وبوسائل الانتقال الخاصة متى قرر الطبيب المعالج أن حالة المريض الصحية لا تسمح باستعماله وسائل الانتقال العادية ، ذلك أن حكم هذه المادة إنما ينصرف إلى العامل الموجود بالخدمة ويتقاضى أجرا ـ أو تعويضا عن الأجر ـ ولا ينصرف بحال إلى من أحيل إلى المعاش وأضحى من أصحاب المعاشات الذين لا يتقاضون أجرا أو تعويضا عن الأجر ، والقول بغير ذلك وبانصراف حكم المادة (80) المذكورة إلى أصحاب المعاشات يتنافى مع صراحة النص وفيه تحميل وتأويل للنص بما لا يحتمل في ضوء ما تفصح عنه عبارات النص بجلاء على أن حكمه مقصور على العاملين الذين يتقاضون أجرا أو تعويضا عن الأجر وهو ما ينصرف فقط إلى العاملين بالخدمة دون سواهم من أصحاب المعاشات .
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم والثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول بالمعاش ويعاني من مرض الفشل الكلوي ومقرر له ثلاث جلسات غسيل كلوي أسبوعيا وذلك اعتبارا من 1/12/2010 ، وأورد المطعون ضده الأول في صحيفة دعواه الصادر بشأنها الحكم المطعون فيه أن الأطباء قرروا أنه لا يستطيع الانتقال في وسائل المواصلات العادية ، بل يحتاج إلى وسيلة مواصلات خاصة تنقله من محل إقامته إلى المكان المخصص لإجراء جلسات الغسيل الكلوي ذهابا وإيابا ، وإذ لم تجحد جهة الإدارة في أية مرحلة من مراحل نظر المنازعة ما ذكره المطعون ضده الأول في هذا الخصوص ، ولم تقدم ما يخالفه الأمر الذي يتعين معه إلزام الهيئة العامة للتأمين الصحي بأداء مصروفات انتقال المطعون ضده الأول من محل إقامته إلى مكان تلقيه جلسات الغسيل الكلوي المقررة له والعودة إلى محل إقامته وذلك بوسيلة انتقال خاصة طوال مرات الغسيل الكلوي المقرر له ، وإذ قدرت المحكمة في حكمها المطعون فيه هذه المصروفات بمبلغ عشرين جنيها عن كل جلسة غسيل كلوي مصروفات انتقال من محل إقامة المطعون ضده الأول إلى المستشفى الذي يتلقي فيه جلسات الغسيل الكلوي والعكس (ذهابا وإيابا) ولم يكن هذا التقدير محل طعن من أطراف الخصومة ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه والحال هكذا مفتقد إلى سنده القانوني السليم جديرا بالرفض .
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (270) من قانون المرافعات المدنية والتجارية . 
فلهـذه الأسبـــاب 
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا ، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات .
صدر هذا الحكم وتلي علنا بالجلسة المنعقدة يوم الأربعاء 12جماد آخر سنة 1439هجرية الموافق 28 فبراير سنة2018 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره . 

الاثنين، 4 مارس 2019

الطعن 2313 لسنة 60 ق جلسة 13 / 12 / 1992 مكتب فني 43 ق 178 ص 1142


جلسة 13 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور جبري نائب رئيس المحكمة ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عماره.
------------
(178)
الطعن رقم 2313 لسنة 60 القضائية

 (1)بناء. جريمة. ارتباط. عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
جريمتا إقامة بناء بدون ترخيص وإقامته دون الارتداد المسافة المقررة قانوناً. قيامهما على فعل مادي واحد. يوجب توقيع عقوبة الجريمة الأشد طبقاً للمادة 32/ 1 عقوبات دون العقوبات المقررة للجريمة الأخف أصلية كانت أم تكميلية.
عقوبة جريمة إقامة بناء بدون ترخيص. أشد من عقوبة إقامة البناء دون الارتداد المسافة المقررة. أساس ذلك؟
 (2)بناء. عقوبة "تطبيقها" "العقوبة التكميلية". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "أسباب الطعن. ما يقبل منها". محكمة النقض "سلطتها".
العقوبة المقررة لجريمة إقامة بناء بدون ترخيص وتلك المقررة لجريمة إقامة بناء على خلاف أحكام القانون في مفهوم المادة 22 من القانون 106 لسنة 1976 والمادة 22 مكرراً (1) منه المضافة بالقانون 30 لسنة 1983؟
قضاء الحكم المطعون فيه بعقوبتي سداد ضعف رسم الترخيص والإزالة. خطأ في القانون يوجب نقضه نقضاً جزئياً بإلغائهما عملاً بالمادتين 35/ 2، 39 من القانون 57 لسنة 1959.
 (3)نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "المصلحة في الطعن".
لا محل للقول بخطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون لأنه جمع بين الغرامة الأصلية والإضافية في عقوبة واحدة في حين أنه كان يتعين القضاء بكل غرامة على حدة. علة ذلك؟

---------------
1 - لما كانت جريمة إقامة بناء بدون ترخيص وإقامته دون الارتداد المسافة المقررة قانوناً، إنما تقومان على فعل مادي واحد هو إقامة البناء، فالواقعة التي تتمثل في إقامة البناء هي عنصر مشترك بين كافة الأوصاف القانونية التي يمكن أن تعطى لها والتي تتباين صورها بتنوع وجه مخالفة القانون، غير أنها كلها متولدة عن فعل البناء الذي تم مخالفاً للقانون، مما يوجب تطبيق الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم بعقوبة الجريمة الأشد دون العقوبات المقررة للجريمة الأخف - أصلية كانت أم تكميلية. لما كان ذلك، وكانت جريمة إقامة بناء بدون ترخيص هي الجريمة ذات العقوبة الأشد - في خصوصية هذه الدعوى - بحسبان أن قيمة الأعمال المخالفة فيها أكبر منها في جريمة إقامة البناء دون الارتداد المسافة المقررة قانوناً.
2 - لما كان البين من المادتين 22 و22 مكرراً (1) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 الذي وقعت الجريمة في ظله - أن المشرع فرض عقوبتي الحبس والغرامة التي تعادل قيمة الأعمال المخالفة أو إحداهما، فضلاً عن غرامة إضافية لصالح الخزانة العامة تعادل قيمة الأعمال المخالفة إذا لم تقرر جهة الإدارة إزالة البناء وذلك عن جريمة إقامة البناء بدون ترخيص، أما عقوبة الإزالة أو التصحيح أو الاستكمال فقد رصدها لجريمة إقامة البناء على خلاف أحكام القانون، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعقوبتي سداد ضعف رسم الترخيص والإزالة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه نقضاً جزئياً بإلغائهما عملاً بالمادتين 35/ 2 و39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
3 - لا محل للقول بأن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون لأنه جمع بين الغرامة الأصلية والإضافية في عقوبة واحدة، في حين أنه كان يتعين القضاء بكل غرامة على حدة، مما يجيز لها نقض الحكم من تلقاء نفسها عملاً بنص المادة 35 سالفة الذكر لانتفاء مصلحة الطاعن في هذا الخصوص.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أقام بناء بدون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة، وطلبت عقابه بالمادتين 4، 22 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983. كما اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قام بتعلية مبنى قائم بغير ترخيص من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالمواد 4، 22/ 1، 22 مكرراً/ 1 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانونين رقمي 30 لسنة 1983، 54 لسنة 1984. ومحكمة جنح مركز أبو تيج بعد أن قررت ضم الجنحتين قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام أولاً: في الجنحة رقم...... بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. ثانياً: في الجنحة رقم....... بتغريم المتهم خمسة عشر ألف جنيه وسداد ضعف رسوم الترخيص والإزالة عن التهمتين. استأنف، ومحكمة أسيوط الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من عقوبة الإزالة قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المشرع لم يرصد هذه العقوبة لجريمة إقامة بناء بدون ترخيص التي دين الطاعن بها، فضلاً عن أنه لا يجوز الجمع بينها وبين عقوبة الغرامة الإضافية نزولاً على حكم المادة 22 مكرراً (1) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء والمضافة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن قام ببناء الأدوار من الثاني حتى الرابع بدون ترخيص، ودون الارتداد المسافة المقررة قانوناً، وبتكلفة قدرها 7500 جنيه. لما كان ذلك، وكانت جريمة إقامة بناء بدون ترخيص وإقامته دون الارتداد المسافة المقررة قانوناً، إنما تقومان على فعل مادي واحد هو إقامة البناء، فالواقعة التي تتمثل في إقامة البناء هي عنصر مشترك بين كافة الأوصاف القانونية التي يمكن أن تعطى لها والتي تتباين صورها بتنوع وجه مخالفة القانون، غير أنها كلها متولدة عن فعل البناء الذي تم مخالفاً للقانون، مما يوجب تطبيق الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم بعقوبة الجريمة الأشد دون العقوبات المقررة للجريمة الأخف - أصلية كانت أم تكميلية. لما كان ذلك، وكانت جريمة إقامة بناء بدون ترخيص هي الجريمة ذات العقوبة الأشد - في خصوصية هذه الدعوى - بحسبان أن قيمة الأعمال المخالفة فيها أكبر منها في جريمة إقامة البناء دون الارتداد المسافة المقررة قانوناً، وكان البين من المادتين 22 و22 مكرراً (1) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 الذي وقعت الجريمة في ظله - أن المشرع فرض عقوبتي الحبس والغرامة التي تعادل قيمة الأعمال المخالفة أو إحداهما، فضلاً عن غرامة إضافية لصالح الخزانة العامة تعادل قيمة الأعمال المخالفة إذا لم تقرر جهة الإدارة إزالة البناء وذلك عن جريمة إقامة البناء بدون ترخيص، أما عقوبة الإزالة أو التصحيح أو الاستكمال فقد رصدها لجريمة إقامة البناء على خلاف أحكام القانون، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعقوبتي سداد ضعف رسم الترخيص والإزالة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه نقضاً جزئياً بإلغائهما عملاً بالمادتين 35/ 2 و39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. وتنوه المحكمة إلى أنه لا محل للقول بأن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون لأنه جمع بين الغرامة الأصلية والإضافية في عقوبة واحدة، في حين أنه كان يتعين القضاء بكل غرامة على حدة، مما يجيز لها نقض الحكم من تلقاء نفسها عملاً بنص المادة 35 سالفة الذكر لانتفاء مصلحة الطاعن في هذا الخصوص.