الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 10 فبراير 2019

الطعن 1168 لسنة 47 ق جلسة 16 / 5 / 1984 مكتب فني 35 ج 1 ق 254 ص1326


برياسة السيد المستشار/ يحيى العموري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جهدان حسين عبد الله، نائب رئيس المحكمة، وماهر قلادة واصف، الحسيني الكناني وحمدي محمد علي.
--------------
- 1 إيجار "إيجار الأماكن". "التنازل عن إيجار مكتب المحامي". نقض "المصلحة في الطعن".
مستأجر المكان لمزاولة مهنة المحاماة له ولورثته الحق في التنازل عنه لمن يزاول مهنة حرة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو ضارة بالصحة . م 55 ق 17 لسنة 1983 . سريان هذا التنازل في حق المؤجر ولو لم يأذن به .
صدور القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة المعمول به اعتباراً من 1983/4/1 وقد نص في الفقرة الثانية من المادة 55 منه على أنه " واستثناء من حكم المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 يجوز للمحامي أو لورثته التنازل عن حق إيجار مكتب المحاماة لمزاولة مهنة حرة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو ضارة بالصحة " يدل على أن للمحامي ولورثته التنازل عن إيجار مكتبه في الحالات الواردة بالنص ، وينتج هذا التنازل أثره في حق المؤجر ، فيظل عقد الإيجار قائماً ومستمراً لصالح المتنازل له .
- 2 إيجار "إيجار الأماكن". "التنازل عن إيجار مكتب المحامي". نقض "المصلحة في الطعن".
تعلق النص القانوني بالنظام العام. اثره. انطباق حكمه بأثر مباشر وفوري على المراكز القانونية القائمة ولو نشأت في تاريخ سابق عليه.
إذ كان حكم النص في المادة 55 القانون رقم 1983/17 آمراً ومتعلقاً بالنظام العام باعتباره من أحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية فإنه يسرى بأثر مباشر وفوري من تاريخ العمل به على المراكز القانونية القائمة ولو كانت ناشئة في تاريخ سابق على نفاذه لما كان ذلك وكان الثابت أن المستأجر المتنازل عن شقة النزاع يعمل محامياً فإنه عملاً بأحكام الفقرة الثانية من القانون 17 لسنة 1983 سالفة الذكر يضحى التنازل الصادر منه عن إيجار هذه الشقة للمطعون عليه الأول - المحامي بمناسبة شرائه مكتب المحاماة الذى أعده فيها المستأجر - تنازلاً مشروعاً وصحيحاً في نظر القانون رغم عدم الإذن الكتابي به من المؤجر الطاعن وبالتالي فلا يصلح سبباً للحكم بإخلاء عين النزاع .
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن -تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 112 لسنة 1974 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد المطعون عليهم طالبا الحكم بإخلائهم من الشقة المؤجرة والتسليم. وقال بيانا للدعوى أن مورث المطعون عليهما ثانيا، استأجر شقة النزاع لاستعمالها مكتبا للمحاماة، وإذ أحيل إلى المعاش فقد أخطره بأنه تنازل عن المكتب وباعه للمطعون عليه الأول بالجدك، فخالف بذلك شروط العقد، كما استبان له أن كلا من المطعون عليهما الثالثة والرابع يشغل حجرة بالشقة يزاول فيها المحاماة لحسابه الخاص. قضت محكمة الدرجة الأولى بإخلاء المطعون عليهم من العين والتسليم، استأنف المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 140 سنة 13ق الإسكندرية وبتاريخ 17/5/1977 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى وبالترخيص للمطعون عليه الأول في النزول له عن إيجار المكتب طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، رأت أنه جدير بالنظر، فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث أن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في فهم الواقع والفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى على اعتبار أن مكتب المحامي يعد متجرا يجوز بيعه بالجدك، عملا بالمادة 594/3 من القانون المدني في حين أن مزاولة المحاماة تقوم على النشاط الذهني أساسا ولا تدر على مزاولها ربحا بالمعنى المعروف به في القانون التجاري، كما أن الحكم اعتبر وجود المطعون عليهم بالعين لا يستند إلى تأجير من الباطن بمقولة أن العرف جرى على أن يشرك المحامي زميلا له ليعاونه في العمل، مع أن المشاركة المقصودة هنا تنتهي بانتهاء عمل المحامي الأصلي كذلك اخطأ الحكم إذ رتب على اعتبار الواقعة مشاركة، جواز إثباتها بالبينة والقرائن، مخالفا بذلك حكم المادة 507 من القانون المدني التي أوجبت أن تكون الشركة ثابتة بالكتابة هذا إلى خطأ الحكم حين ذهب إلى القول بأن إخطار المستأجر الأصلي للطاعن بالبيع وبتكليفه بالتعامل مع مشتري الجدك يعد بمثابة استئذانه في التأجير من الباطن، بالإضافة إلى خطئه حين قرر أنه لا يلزم الحصول على موافقة المؤجر قبل بيع الجدك. كذلك فإن الحكم قد شابه فساد في الاستدلال عندما خلص من التوكيلات الصادرة من بعض الموكلين إلى أن المستأجر الأصلي قد أشرك معه المطعون عليه الأول في مكتب ثم شاركهما المطعون عليهما الثالثة والرابع، ذلك أن ذكر اسم أكثر من محام في توكيل واحد لا يؤدي إلى القول بقيام هذه المشاركة
وحيث أن النعي بهذه الأسباب أيا كان وجه الرأي فيه قد أضحى غير منتج بعد صدور القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة المعمول به اعتبار من 1/1/1983 إذ أن النص في الفقرة الثانية من المادة 55 منه على أنه "واستثناء من حكم المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 يجوز للمحامي أو لورثته التنازل عن حق إيجار مكتب المحاماة لمزاولة مهنة حرة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو ضارة بالصحة" يدل على أن للمحامي ولورثته من بعده التنازل عن إيجار مكتبه في الحالات الواردة بالنص، وينتج هذا التنازل أثره في حق المؤجر فيظل عقد الإيجار قائما ومستمرا لصالح المتنازل له، وإذ كان الحكم نص في المادة 55 من القانون رقم 17/1983 آمر ومتعلقا بالنظام العام باعتباره من أحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية فإنه يسري بأثر مباشر وفوري من تاريخ العمل به على المراكز القانونية القائمة ولو كانت ناشئة في تاريخ سابق على نفاذه لما كان ذلك، وكان الثابت أن المستأجر المتنازل عن شقة النزاع يعمل محاميا، فإنه عملا بأحكام الفقرة الثانية من القانون 17 لسنة 1983 سالفة الذكر يضحى التنازل الصادر منه عن إيجار هذه الشقة للمطعون عليه الأول - المحامي - بمناسبة شرائه مكتب المحاماة الذي أعده فيها المستأجر تنازلا مشروعا وصحيحا في نظر القانون رغم عدم الإذن الكتابي به من المؤجر الطاعن وبالتالي فلا يصلح سببا للحكم بإخلاء عين النزاع، وهو ما سوف تلتزم به محكمة الاستئناف مكرره به من جديد قضاءها بالحكم المطعون فيه إذا ما نقض وأحيلت إليها الدعوى ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون في هذا الصدد لا تتحقق به للطاعن إلا مصلحة نظرية بحته وهي لا تصلح أساس للطعن
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 10 لسنة 53 ق جلسة 15 / 5 / 1984 مكتب فني 35 ج 1 ق 253 ص 1323


برياسة السيد المستشار/ محمد جلال الدين رافع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جلال الدين أنسى، هاشم قراعه، مرزوق فكري، وواصل علاء الدين.
-------------
دعوى "دعوى المخاصمة". طعن "الطعن بالنقض".
الحكم الصادر في دعوى المخاصمة . الطعن فيه بغير طريق النقض . غير جائز . علة ذلك ؟
لما كان قانون المرافعات أورد أحكام التماس إعادة النظر في مواد الفصل الثالث من الباب الثاني عشر منه الخاص بطريق الطعن في الأحكام باعتبار أن الالتماس طريق غير عادى للطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية وكان المشرع وإن جعل الأصل قابلية هذه الأحكام للطعن فيها بهذا الطريق في الأحوال المبينة على سبيل الحصر في المادة 241 منه ، إلا أنه إذ أحاط إجراءات دعوى مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة - وعلى ما بينه المذكرة الإيضاحية - بالضمانات الكفيلة بتفادي دواعي الطعن في الحكم فيها بطريق التماس إعادة النظر - استثنى من ذلك الأصل الحكم الصادر في دعوى المخاصمة ، فنص في المادة 500 من هذا القانون على عدم جواز الطعن فيهيا بغير طريق النقض .
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -تتحصل في أن الطاعن أقام دعوى المخاصمة رقم 5807 لسنة 97ق أمام محكمة استئناف القاهرة ضد المطعون عليه وبتاريخ 21/1/1982 حكمت المحكمة بعدم جواز قبول المخاصمة. طعن الطاعن في هذا الحكم بالتماس إعادة النظر رقم 79 لسنة 99 ق القاهرة وفي 26/12/1982 حكمت المحكمة بعدم جواز الالتماس. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى الطاعن به على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بعدم جواز الالتماس على سند من أن الحكم الملتمس إعادة النظر فيه إذ صدر في دعوى مخاصمة لا يقبل الطعن فيه إلا بطريق النقض طبقا للمادة 500 من قانون المرافعات في حين أنه لا مجال لتطبيق هذا النص على التماس إعادة النظر لأنه ليس طريقا من طرق الطعن في الأحكام وإنما مجرد سبيل لإعادة النظر فيها في الأحوال المنصوص عليها في قانون المرافعات والتي تغاير الأحوال التي يجوز فيها الطعن في الأحكام بطريق النقض وأن الأخذ بمنطوق الحكم المطعون فيه مؤداه إغلاق سبيل إعادة النظر في الحكم الصادر في دعوى المخاصمة وهو ما لم يتجه إليه قصد المشرع مما يعيب الحكم بمخالفة القانون
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان قانون المرافعات قد أورد أحكام التماس إعادة النظر في مواد الفصل الثالث من الباب الثاني عشر منه الخاص بطريق الطعن في الأحكام باعتبار أن الالتماس طريق غير عادي للطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية، وكان المشرع وأن جعل الأصل قابلية هذه الأحكام للطعن فيها بهذا الطريق في الأحوال المبينة على سبيل الحصر في المادة 241 منه، إلا أنه إذ أحاط إجراءات دعوى مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة - وعلى ما تبينه المذكرة الإيضاحية - بالضمانات الكفيلة بتفادي دواعي الطعن في الحكم فيها بطريق التماس إعادة النظر استثنى من ذلك الأصل الحكم الصادر في دعوى المخاصمة، فنص في المادة 500 من هذا القانون على عدم جواز الطعن فيه بغير طريق النقض، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى على هذا الأساس بعدم جواز الالتماس إعادة النظر في الحكم الصادر في دعوى مخاصمة المطعون عليه لا يكون قد خالف القانون
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

السبت، 9 فبراير 2019

الطعن 479 لسنة 29 ق جلسة 22 / 6 / 1967 مكتب فني 18 ج 3 ق 200 ص 1316


برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.
-------------
- 1  تكييف . دعوى " سبب الدعوى".
ليس لمحكمة الموضوع تغيير سبب الدعوي من تلقاء نفسها . دعوي المطالبة بفروق عملة ناتجة عن عملية تحويل استمارات خاصة بثمن بضاعة مستوردة . إقامة الحكم قضاءه علي أساس أنها دعوي تعويض واعتبار أن مسئولية المحكوم ضده مسئولية تقصيرية . تغيير لأساس الدعوي وخطأ في تكييفها وخروج علي وقائعها بواقع جديد.
لا تملك محكمة الموضوع تغيير سبب الدعوى من تلقاء نفسها في المواد المدنية ويجب عليها أن تقصر بحثها على السبب الذى أقيمت عليه الدعوى. فإذا كان الواقع في الدعوى أنها رفعت على البنك بطلب فروق العملة الناتجة عن عمليات تحويله الاستمارات الخاصة بثمن البضاعة التي استوردها المدعى إلى عميل للبنك فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام مسئولية الطاعن " مدير عام البنك " على وقوع خطأ شخصي منه هو إغفاله تدوين العملية مثار النزاع في دفاتر البنك وأن هذا الخطأ قد أضر بمصلحة المطعون ضده رافع الدعوى وبحقه الصريح في تتبع أعماله التجارية وهو ما يفيد أن الحكم اعتبر مسئولية الطاعن مسئولية تقصيرية وأن الدعوى المرفوعة عليه هى دعوى تعويض فإنه يكون قد غير أساس الدعوى وأخطأ في تكييفها وخرج على وقائعها بواقع جديد من عنده ومن ثم يكون مخالفاً للقانون.
- 2 دعوى " تكييف الدعوى". محكمة الموضوع " سلطتها في تغيير سبب الدعوى".
عدم تقيد محكمة الموضوع في تكييف الدعوي بتكييف الخصوم لها . ليس لها الخروج علي الوقائع المطروحة عليها.
لا تتقيد محكمة الموضوع في تكييفها للدعوى بتكليف الخصوم لها إلا أنها ملزمة بعدم الخروج على الوقائع المطروحة عليها منهم.
- 3  إثبات " عبء الإثبات". محكمة الموضوع " سلطتها في تغيير سبب الدعوى". مسئولية " المسئولية التقصيرية ".
التصرفات الصادرة من المورث خلال الخمس سنوات السابقة على وفاته إلى وارث له عدم محاجة مصلحة الضرائب بها تكييف هذه الفترة فترة ريبة التصرفات السابقة عليها عدم خضوعها لرسم الأيلولة مسجلة كانت هذه التصرفات أو غير مسجلة.
ليس لمحكمة الموضوع أن تقيم المسئولية التقصيرية على خطأ لم يدعه المدعى متى كان أساسها خطأ مما يجب إثباته إذ أن عبء إثبات الخطأ يقع في هذه الحالة على عاتق المدعى المضرور فلا يصح للمحكمة أن تتطوع بإثبات ما لم يثبته ومن باب أولى ما لم يدعه من الخطأ كما لا يجوز لها أن تنتحل ضررا لم يقل به لأنه هو الملزم أيضا بإثبات الضرر.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 719 سنة 1954 كلي تجاري القاهرة على المطعون ضدهما الثاني والثالث وعلى الطاعن وانتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 3575ج و904م وفوائده القانونية من تاريخ المطالبة القضائية وقال في بيان دعواه إنه بتاريخ 9 من أبريل سنة 1947 استورد بضاعة حريرية من سوريا إلى مصر بمبلغ 19900ج تحت إشراف مراقبة النقد بموجب قسائم واستمارات وشهادات جمركية قابلة للتحويل على بنك ........ بلندن (حساب حر سوريا) وأنه إذ كانت مراقبة النقد تحتم أن تتم عملية تحويل الثمن عن طريق أحد البنوك المرخص لها بمزاولة عمليات النقد الأجنبي فقد عهد إلى البنك ......... فرع القاهرة بالقيام بهذه العملية ومباشرتها طبقا لتعليمات وزارة المالية لقاء عمولة قدرها 1% وأصبح البنك بذلك وكيلا عنه بالعمولة، وتقدم هذا البنك إلى مراقبة النقد بطلب على الاستمارة الخاصة بذلك مصحوبة بجميع المستندات المتعلقة بهذا التحويل موضحا بها طلبه تحويل ثمن البضاعة إلى بنك ..... ووافقت مراقبة النقد على هذا الطلب غير أنه لركود السوق تأخر هو – أي المطعون ضده الأول – في تحويل هذا الثمن بسبب عجزه عن تصريف البضاعة ولما أوشك الأجل المحدد في القانون لإجراء هذا التحويل على الانتهاء قامت مراقبة النقد بإخطار البنك ..... بصفته نائبا عنه بضرورة تصفية العملية قبل انتهاء هذا الأجل وقام البنك بدوره بإخطاره بذلك ولما كان عاجزا في هذا الوقت عن تحويل قيمة البضاعة عرض عليه البنك أن يحول الاستمارة إلى أحد عملاء البنك وهو ....... فقبل ذلك وفوض البنك في إجراء هذا التحويل محتفظا لنفسه بالحق في فرق العملة بين الجنيه الاسترليني والجنيه المصري على أن يتقاضى البنك نظير هذا العمل عمولة قدرها 1% وقام البنك فعلا بموجب هذا التفويض بتحويل الاستمارة وأنه – أي المطعون ضده الأول – عندما طالب البنك بقيمة فرق العملة الذي احتفظ بحقه فيه في التفويض الصادر منه إلى البنك امتنع عن أدائه له، وإذ كان مقدار هذا الفرق في العملة هو مبلغ 3575ج و904م حسبما هو ثابت من الشهادة التي استخرجها أخيرا من بورصة العملة الأجنبية والمصدق عليها من الجهات الرسمية فقد انتهى في دعواه إلى طلب إلزام المطعون ضده الثاني بصفته المدير الحالي للبنك .... والمطعون ضده الثالث بصفته رئيسا لمجلس إدارة هذا البنك والطاعن بوصف أنه كان مديرا لهذا البنك وقت تعامله معه عن هذه العملية بأن يدفعوا له متضامنين هذا المبلغ وفوائده القانونية – وقد تحصل دفاع البنك في أن الاتفاق على تحويل الاستمارة إلى ..... تم بين الأخير والمطعون ضده الأول وأنه تنفيذا لهذا الاتفاق قام البنك بالإجراءات مع احتفاظه بحقه في العمولة المتفق عليها من قبل وأنكر البنك صدور تفويض إليه من المطعون ضده الأول بتحويل الاستمارة إلى ...... واحتفاظ المطعون ضده المذكور في هذا التفويض بحقه في فروق العملة – وبتاريخ 9 من ديسمبر سنة 1954 قضت المحكمة الابتدائية وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل للاطلاع على مستندات الطرفين وعلى دفاتر البنك والملف المودع به أصول المكاتبات المتبادلة بينهما بشأن العملية مثار النزاع ولتحقيق دفاع المدعي وبيان نوع هذه العملية وما تم بشأنها ومقدار ما يستحقه المدعي عنها بالعملة المصرية وقد قام أحد خبراء المكتب بهذه المأمورية وقدم تقريرا انتهى فيه إلى النتائج الآتية (1) إن المدعي استورد بضائع من سوريا قيمتها 19986ج و248م وتقدم إلى إدارة النقد عن طريق البنك ...... فرع القاهرة في شهر فبراير سنة 1947 بطلب تحويل هذا المبلغ إلى عملة إنجليزية ووافقت إدارة النقد في شهر مارس سنة 1947 على هذا التحويل (2) قام البنك ...... بهذه العملية باعتباره وكيلا بالعمولة (3) أن هذه العملية قد حولت إلى محلات ....... وإخوته بناء على طلب البنك وموافقة المدعي (4) لم يثبت أن المدعي قد احتفظ لنفسه بالحق في فرق العملة وأن صورة الخطاب المؤرخ 15 حزيران (يونيه) سنة 1947 المقدمة منه ليست دليلا كافيا على احتفاظه بهذا الحق لعدم تقديم المدعي ما يدل على إرسال هذا الخطاب إلى البنك بل إن الخطاب المقدم بحافظة المدعي والمرسل إليه من ....... الموظف بالبنك ...... يفيد أن الاتفاق كان على عمولة يأخذها المدعي وليس على فرق عملة – وبتاريخ 25 من ديسمبر سنة 1956 قضت المحكمة الابتدائية برفض دعوى المطعون ضده الأول تأسيسا على أن القضية خلت تماما مما يدل على أن البنك قد التزم قبل المدعي بفرق العملة المطالب به فاستأنف المطعون ضده المذكور هذا الحكم بالاستئناف رقم 142 سنة 74 قضائية القاهرة وانتهى في صحيفة استئنافه إلى طلب إلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف ضدهم (المطعون ضدهما الثاني والثالث والطاعن) بدفع مبلغ 3575ج مصريا مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية لغاية تمام السداد وإلزامهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين – ولم يطلب التضامن – وبتاريخ 20 من مايو سنة 1958 قضت محكمة استئناف القاهرة بقبول الاستئناف شكلا وقبل الفصل في موضوعه بإلزام البنك المستأنف ضده بأن يقدم أصل التفويض الذي تضمنه الخطاب المرسل إليه من المستأنف والمؤرخ 15 حزيران (يونيه) سنة 1947 واستندت المحكمة في قضائها بذلك إلى نص المادة 253 من قانون المرافعات قائلة إنه تبين لها أن هذا التفويض ليس من نسج الخيال وأن النزاع بشأنه ينحصر في مضمون هذا المستند – وقد أصر البنك على إنكار إرسال هذا الخطاب إليه وقال إن الخبير الذي عينته محكمة أول درجة لم يجد له أصلا في أوراق البنك وأنه لذلك لا يمكنه تنفيذ قرار المحكمة بإلزامه بتقديم هذا الأصل وبجلسة 19 من يناير سنة 1959 استجوبت المحكمة المستأنف شخصيا (المطعون ضده الأول) فأجاب على سؤال من المحكمة عمن استلم فرق العملة بأن البنك هو الذي استلم هذا الفرق وأنه استلمه من العميل الذي حولت إليه العملية والذي تبين أنه .......... وبعد أن حجزت المحكمة القضية للحكم عادت وفتحت باب المرافعة فيها وأمرت بإدخال الممثل القانوني لمؤسسة .......... ليدلي بما لديه من معلومات وقد تم إدخاله في الدعوى واستجوبته المحكمة فقرر أنه لا يذكر شيئا عن العملية المتنازع عليها وأن مثل هذه العملية تترتب على استمارة استيراد ولما سئل عما يدعيه المستأنف من أنه ترتب على هذه العملية فرق تحويل عملة من الاسترليني إلى العملة السورية ومنها إلى المصرية أجاب بأنه لا يستحق هذا الفرق بالنسبة للاستيراد أما بالنسبة للتصدير فيجوز ذلك – وبتاريخ 30 من يونيه سنة 1959 حكمت محكمة الاستئناف (أولا) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم وجود دليل على التفويض المرسل من المستأنف من بيروت بتاريخ 10 حزيران (يونيه) سنة 1947 والمبين تفصيلا في أسباب هذا الحكم واعتبار هذا المستند صحيحا مع إثبات حق المستأنف (المطعون ضده الأول) فيما تضمنه من شروط واعتبار البنك المستأنف ضده والمستأنف ضده الثالث مسئولين بالتضامن عن دفع المبلغ الذي ينتج عن فروق العملة تنفيذا للتفويض سالف الذكر وأن يكون المستأنف ضده الثالث مسئولا عن ذلك بصفته الشخصية وذلك كله دون الإخلال بحق المستأنف فيما قد يعود عليه من الفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد. (ثانيا) وقبل الفصل في تحديد المبلغ المذكور أمرت المحكمة بندب مكتب الخبراء لتحديد تلك الفروق – وبتقرير تاريخه 29 يوليه سنة 1959 طعن السيد/ ......... بطريق النقض فيما تضمنه هذا الحكم من قضاء قطعي وقيد طعنه برقم 479 سنة 29 قضائية وهو الطعن الماثل كما طعن فيه في نفس اليوم السيد .......... بصفته المدير العام للبنك ........ بالطعن رقم 480 سنة 29 قضائية.

الطعن 946 لسنة 46 ق جلسة 29 / 5 / 1987 مكتب فني 29 ج 2 ق 264 ص 1359

جلسة 29 من مايو سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى الفقي وعضوية السادة المستشارين: حافظ رفقي، جميل الزيني، محمود حسن حسين، محمود حمدي عبد العزيز.

------------------

(264)
الطعن رقم 946 لسنة 46 القضائية

 (1)موطن. تعويض.
دعوى التعويض عن وفاة عامل نتيجة حادث سيارة مملوكة لرب العمل. ثبوت أن الأخير صاحب السيارة النقل. جواز إعلانه في محله التجاري. علة ذلك.
 (2)إعلان. تزوير
إثبات المحضر في أصل الإعلان أنه وجه خطاباً مسجلاً للمعلن إليه يخطره فيه بتسليم الصورة لجهة الإدارة. عدم جواز المجادلة في ذات إلا بسلوك سبيل الادعاء بالتزوير.
 (3)نقض "سبب الطعن". استئناف.
النعي بوفاة المستأنف قبل توجيه إعلان الصحيفة إلى المستأنف عليه. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو كان الطاعن قد تخلف عن المثول في الاستئناف طالما ثبت صحة إعلانه بصحيفته.
 (4)دعوى "سبب الدعوى" مسئولية. تعويض.
دعوى التعويض عن المسئولية. للمحكمة من تلقاء نفسها أن تجدد الأساس القانوني الصحيح للدعوى. لا يعد ذلك تغييراً للسبب فيها.
(5) حكم "حجية الحكم". قوة قاهرة.
قضاء المحكمة الجنائية ببراءة التابع لعدم قيام الدليل على ثبوت الخطأ في جانبه إضافتها أن الحادث كان وليد القوة القاهرة تزيد لا يكتسب حجية أمام المحكمة المدنية. ففي هذه المحكمة قيام السبب الأجنبي عند الفصل في دعوى التعويض عن المسئولية الشيئية لا خطأ.
(6) حكم "تسبيب الحكم". نقض.
التناقض في الحكم. ماهيته. إقامة الحكم قضاءه بالتعويض على أساس المسئولية الشيئية ومسئولية المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة. لا تناقض.

--------------
1 - المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة يعتبر موطناً فيما يتعلق بأعمال إدارة هذه التجارة أو الحرفة وفقاً لنص المادة 41 من القانون المدني. وإذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعن مهنته صاحب مكتب لسيارات النقل وأن المجني عليه كان يعمل مساعد ميكانيكي لديه وأن وفاته نتجت عن انقلاب سيارة نقل أثناء قطرها بسيارة نقل أخرى وأن السيارتين مملوكتان للطاعن فإن مفاد ذلك أن الحادث نتج عن النشاط التجاري للطاعن ومن ثم يكون إعلانه في محله التجاري صحيحاً في القانون.
2 - إن ما يثبته المحضر في أصل ورقة الإعلان من خطوات اتبعها لا يسوغ الطعن فيه إلا بطريق الادعاء بالتزوير ومن ثم لا يقبل من الطاعن المجادلة في صحة ما أثبته المحضر في أصل إعلان صحيفة الاستئناف من أنه وجه خطاباً مسجلاً للطاعن يخطره فيه بتسليم صورة الصحيفة لجهة الإدارة لغلق محله طالما لم يسلك سبيل الإدعاء بالتزوير.
3 - ادعاء الطاعن بوفاة مورث المطعون ضدهم الستة الأول قبل إعلان صحيفة الاستئناف يعتبر دفاعاً يخالطه واقع لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة ولو كان قد تخلف عن المثول أمام محكمة الاستئناف طالما كان تخلفه راجعاً إلى تقصيره بعد أن ثبت صحة إعلانه.
4 - إن محكمة الموضوع لا تتقيد في تحديد طبيعة المسئولية التي استند إليها المضرور في طلب التعويض أو النص القانوني الذي اعتمد عليه في ذلك إذ أن هذا الاستثناء يعتبر من وسائل الدفاع في دعوى التعويض لا تلتزم بها المحكمة بل يتعين عليها من تلقاء نفسها أن تحدد الأساس الصحيح للمسئولية وأن تقتضي الحكم القانوني المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها ولا يعد ذلك منها تغييراً لسبب الدعوى أو موضوعها إذا أن كل ما تولد به للمضرور حق في التعويض عما أصابه من ضرر قبل من أحدثه أو تسبب فيه يعتبر هو السبب المباشر لدعوى التعويض مهما اختلفت أسانيدها.
5 - الحكم الصادر في الدعوى الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعلة وإذ كان الثابت من الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم.... سنة 1973 جنح ناصر أنه قضى ببراءة السائقين المتهمين لخلو الأوراق من دليل قاطع على وقوع خطأ من أيهما وكانت هذه الأسباب كافية لحمل قضائه بالبراءة؛ فإن ما تزيد فيه من تقرير عن سبب الحادث وإنه كان وليد القوة القاهرة يكون غير لازم للفصل في الدعوى ولا يكتسب حجية أمام المحكمة المدنية، لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف قد نفت في حدود سلطتها التقديرية السبب الأجنبي فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
6 - التناقض الذي يفسد الحكم هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه. والمسئولية الشيئية ومسئولية المتبوع من أنظمة المسئولية التقصيرية يكمل كل منهما الآخر وليس في القانون ما يمنع من أن تتحقق مسئولية مالك السيارة على الأساسين معاً؛ فالسيارة تعتبر في حراسة مالكها ولو أسند قيادتها إلى سائق تابع له ومن ثم يسأل كمتبوع عن أخطاء تابعه فضلاً عن مسئوليته كحارس على السيارة عما تلحقه من ضرر بالغير؛ لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالتناقض يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن - المطعون ضدها الأولى ومورث المطعون ضدهم الستة الأول أقاما الدعوى رقم 7438 سنة 1974 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعن والمطعون ضدها السابعة بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن بأن يدفعا لهما مبلغ 10000 ج وفوائده القانونية تأسيساً على أنه بتاريخ 2/ 3/ 1973 تسبب السائقان......، ...... التابعان للطاعن أثناء قطر سيارة نقل معطلة مملوكة له في وقوع حادث أدى إلى سقوط السيارة الأخيرة في مصرف ووفاة ابنهما المرحوم...... الميكانيكي الذي كان بالسيارة المعطلة وقدم السائقان للمحاكمة الجنائية حيث قضى ببراءتهما استناداً إلى عدم ثبوت خطأ في جانب أي منهما، ولما كان الطاعن مالك وحارس على السيارة التي تسبب في وقوع الحادث وكانت المطعون ضدها السابعة مؤمناً لديها على تلك السيارة فقد أقاما عليهما الدعوى بالطلبات السابقة وبتاريخ 22/ 3/ 1975 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية برفض الدعوى. فاستأنفت المطعون ضدها الأولى ومورث المطعون ضدهم الستة الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 1943 سنة 92 ق وبتاريخ 22/ 3/ 1976 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضدهم الستة الأول مبلغ 1000 جنيه وفوائده القانونية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بأولها وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم المطعون فيه وذلك من أربعة أوجه حاصل الأول منها أن صحيفة الاستئناف وإعادة إعلانها وجهت إلى الطاعن في محل عمله رغم عدم تعلق الدعوى بإدارة أعماله المتصلة بحرفته وكان يتعين إعلانه بها في موطنه كما تقضي بذلك المادة العاشرة من قانون المرافعات، وحاصل الوجه الثاني أن المحضر لم يرسل إليه خطاباً مسجلاً لإخطاره بتسليم صورة صحيفة الاستئناف إلى جهة الإدارة وكما تدل على ذلك الشهادة المقدمة منه والصادرة من مكتب البريد، وحاصل الوجه الثالث أن صحيفة الاستئناف وجه إعلانها إليه بناء على طلب مورث المطعون ضدهم الستة الأول في حين أن هذا المورث كان قد توفى قبل توجيه الإعلان، وحاصل الوجه الرابع أنه وقد شاب إعلان صحيفة الاستئناف البطلان ولم يعلن الطاعن إعلاناً صحيحاً بها خلال الثلاثة أشهر التالية لإيداعها قلم الكتاب فإن الاستئناف يعتبر كأن لم يكن، وإذ كانت إجراءات الإعلان قد شابها البطلان فإن الحكم المطعون فيه وقد بني على تلك الإجراءات يكون بدوره باطلاً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول ذلك أنه لما كان المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة يعتبر موطناً قيماً يتعلق بأعمال إدارة هذه التجارة أو الحرفة وفقاً لنص المادة 41 من القانون المدني. وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن مهنته صاحب مكتب لسيارات النقل وأن المجني عليه كان يعمل مساعد ميكانيكي لديه وأن وفاته نتجت عن انقلاب سيارة نقل أثناء قطرها بسيارة نقل أخرى وأن السيارتين مملوكتان للطاعن فإن مفاد ذلك أن الحادث نتج عن النشاط التجاري للطاعن ومن ثم يكون إعلانه في محله التجاري صحيحاً في القانون، والنعي في وجهه الثاني مردود ذلك أن من المقرر أن ما يثبته المحضر في أصل ورقة الإعلان من خطوات اتبعها لا يسوغ الطعن فيه إلا بطريق الادعاء بالتزوير ومن ثم لا يقبل من الطاعن المجادلة في صحة ما أثبته المحضر في أصل إعلان صحيفة الاستئناف من أنه وجه خطاباً مسجلاً للطاعن يخطره فيه بتسليم صورة الصحيفة لجهة الإدارة لغلق محله طالما لم يسلك سبيل الادعاء بالتزوير، والنعي في وجهه الثالث مردود بأن إدعاء الطاعن وفاة مورث المطعون ضدهم الستة الأول قبل إعلان صحيفة الاستئناف يعتبر دفاعاً يخالطه واقع لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة ولو كان قد تخلف عن المثول أمام محكمة الاستئناف طالما كان تخلفه راجعاً إلى تقصيره بعد أن ثبت صحة إعلانه على ما سبق بيانه، والنعي في وجهه الرابع مردود بأنه وقد انتهت المحكمة إلى صحة إعلان الطاعن بصحيفة الاستئناف خلال الثلاثة أشهر التالية لإيداعها قلم الكتاب فإن الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن يضحى على غير أساس ويكون النعي بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين حاصل أولهما أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى بمطالبته بالتعويض تأسيساً على المسئولية الشيئية بصفته حارساً وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بالتعويض على أساس مسئولية المتبوع فإنه يكون قد غير سبب الدعوى بما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون، وحاصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أساس المسئولية الشيئية ولما كانت هذه المسئولية ترتفع عن الحارس متى ثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه وكان الحكم الجنائي الصادر ببراءة السائقين قد قطع بقيام هذا السبب الأجنبي فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن بالتعويض يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود وجهه الأول ذلك أن محكمة الموضوع لا تتقيد في تحديد طبيعة المسئولية التي استند إليها المضرور في طلب التعويض أو النص القانوني الذي اعتمد عليه في ذلك إذ أن هذا الاستثناء يعتبر من وسائل الدفاع في دعوى التعويض لا تلتزم بها المحكمة بل يتعين عليها من تلقاء نفسها أن تحدد الأساس الصحيح للمسئولية وأن تقتضي الحكم القانوني المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها ولا يعد ذلك منها تغييراً لسبب الدعوى أو موضوعها إذا أن كل ما تولد به للمضرور حق في التعويض عما أصابه من ضرر قبل من أحدثه أو تسبب فيه يعتبر هو السبب المباشر لدعوى التعويض مهما اختلفت أسانيدها لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه تغييره سبب الدعوى يكون في غير محله، والنعي مردود في وجهه الثاني ذلك أنه لما كان الحكم الصادر في الدعوى الجنائية تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله وإذ كان الثابت من الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم 493 سنة 1973 جنح ناصر أنه قضى ببراءة السائقين المتهمين لخلو الأوراق من دليل قاطع على وقوع خطأ من أيهما وكانت هذه الأسباب كافية لحمل قضائه بالبراءة فإن ما تزيد فيه من تقرير عن سبب الحادث وأنه كان وليد القوة القاهرة يكون غير لازم للفصل في الدعوى ولا يكتسب حجية أمام المحاكم المدنية لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف قد نفت - في حدود سلطتها التقديرية - السبب الأجنبي فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإلزامه بالتعويض على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال تابعيه وإذ كان الثابت من الحكم الجنائي المقدم أنه قضى ببراءة تابعيه - السائقين اللذين اتهما بارتكاب الحادث - فإن الحكم المطعون فيه إذ ألزمه بالتعويض باعتباره متبوعاً يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذ بني على دعامتين كل منهما مستقلة عن الأخرى وكانت إحداهما كافية لحمل قضائه فإن النعي عليه في الدعامة الأخرى أياً كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقيم على دعامتين كل منهما مستقلة عن الأخرى الأولى مسئولية الطاعن بصفته متبوعاً والثانية مسئوليته بصفته مالكاً للسيارة التي تسببت في الحادث وحارساً له السيطرة الفعلية عليها وإذ كانت هذه الدعامة الأخيرة كافية وحدها لحمل قضاء الحكم فإن النعي عليه في الدعامة الأولى - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه التناقض في الأسباب وفي ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضائه تارة على أساس مسئولية المتبوع وأخرى على أساس المسئولية الشيئية بما ينطوي على خلط بينهما لا يعرف معه الأساس الذي أقام عليه قضاءه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان التناقض الذي يفسد الأحكام هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه وكانت المسئولية الشيئية ومسئولية المتبوع من أنظمة المسئولية التقصيرية يكمل كل منهما الآخر وليس في القانون ما يمنع من أن تتحقق مسئولية مالك السيارة على الأساسين معاً فالسيارة تعتبر في حراسة مالكها ولو أسند قيادتها إلى سائق تابع له ومن ثم يسأل كمتبوع عن أخطاء تابعه فضلاً عن مسئوليته كحارس على السيارة عما تلحقه من ضرر بالغير لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فهي بالتناقض يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 5196 لسنة 62 ق جلسة 20 / 5 / 1993 مكتب فني 44 ج 2 ق 212 ص 466


برئاسة السيد المستشار/ محمود نبيل البناوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، محمد محمد محمود نائبي رئيس المحكمة، وعبد الملك نصار وعلي شلتوت.
-----------
- 1  إختصاص " الاختصاص المحلى ". جمعيات . شركات " الاختصاص المحلى بالدعاوى المتعلقة بالشركات ".
الدعاوى المتعلقة بالشركات أو الجمعيات أو المؤسسات الخاصة. اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها مركز إدارتها بنظرها. جواز رفع الدعوى أمام المحكمة التي يقع في دائرتها فرع إحدى هذه الجهات إذا كان موضوع الخصومة متعلقاً أو ناشئاً عن أعماله أو عن حوادث وقعت بدائرته. م 52 مرافعات.
النص في المادة 52 من قانون المرافعات على أنه "في الدعاوى المتعلقة بالشركات أو الجمعيات القائمة أو التي في دور التصفية أو المؤسسات الخاصة يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها مركز إدارتها سواء أكانت الدعوى على الشركة أو الجمعية أو المؤسسة على أحد الشركاء أو الأعضاء أم من شريك أو عنصر على آخر ويجوز رفع الدعوى إلى المحكمة التي يقع في دائرتها فرع الشركة أو الجمعية أو المؤسسة وذلك في المسائل المتصلة بهذا الفرع" يدل على أن المشرع وإن اعتد في تحديد الاختصاص بالنسبة للشركات أو الجمعيات القائمة أو تلك التي في دور التصفية والمؤسسات الخاصة بالمحكمة التي يقع بها مركز إدارتها إلا أنه أجاز في الفقرة الثانية تيسيرا على المتقاضين رفع الدعوى التي يقع في دائرتها في الشركة أو الجمعية أو المؤسسة إذا كان موضوع الخصومة متعلقا بالفرع أو ناشئا عن أعماله أو عن حوادث وقعت بدائرته طالما كان الفرع حقيقيا يمارس نوع أعمال المركز الرئيسي وينوب عنه.
- 2 تأمينات اجتماعية " تأمين إصابات العمل ".
سريان أحكام تأمين إصابات العمل على المتدرجين والتلاميذ الصناعيين. م 3/ 2 ق 79 لسنة 1975.
تقضي الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 ـ المنطبق على واقعة الدعوى ـ بسريان أحكام تأمين إصابات العمل على المتدرجين والتلاميذ الصناعيين.
- 3  تأمينات اجتماعية "تأمين إصابات العمل ". تعويض " التعويض عن إصابة العمل". مسئولية "مسئولية صاحب العمل عن إصابة العمل".
رجوع العامل المضرور بالتعويض على صاحب العمل. مناطه. ثبوت أن إصابة العمل قد نشأت عن خطأ شخصي من جانب صاحب العمل يرتب مسئوليته الذاتية. 2/ 68 ق 79 لسنة 1975. مؤداه. لا محل معه لتطبيق أحكام المسئولية المفترضة المنصوص عليها بالمادة 178 مدني.
مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 68 من القانون رقم 79 لسنة 1975 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مناط رجوع العامل المضرور بالتعويض على صاحب العمل أن يثبت أن إصابة العمل قد نشأت عن خطأ شخصي من جانب صاحب العمل يرتب مسئوليته الذاتية عن هذا التعويض، وهو ما لا محل معه لتطبيق أحكام المسئولية المفترضة الواردة بنص المادة 178 من القانون المدني.
- 4  تعويض "تكييف الدعوى ". دعوى "تكييف الدعوى". محكمة الموضوع " سلطتها بالنسبة للمسئولية ". مسئولية "تكييف المحكمة للخطأ على خلاف تكييف المدعى".  نقض " حالات الطعن . مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
محكمة الموضوع. التزامها بتقصي الحكم القانوني الصحيح المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض. عدم تقيدها بطبيعة المسئولية التي استند إليها المضرور أو النص القانوني الذي اعتمد عليه. لا يعد ذلك منها تغييراً لسبب الدعوى أو موضوعها مما لا تملكه المحكمة من تلقاء نفسها. خطؤها في ذلك. مؤداه. جواز الطعن في الحكم بطريق النقض لمخالفة القانون ولو لم يكن الطاعن قد نبه محكمة الموضوع إلى ذلك.
يتعين على محكمة الموضوع في كل حال أن تتقصى من تلقاء نفسها الحكم القانوني الصحيح المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها باعتبار أن كل ما تولد به للمضرور حق في التعويض عما أصابه من ضرر قبل من أحداثه أو تسبب فيه إنما هو السبب المباشر المولد للدعوى بالتعويض مهما كانت طبيعة المسئولية التي استند إليها المضرور في تأييد طلبه أو النص القانوني الذي اعتمد عليه في ذلك لأن هذا الاستناد يعتبر من وسائل الدفاع في دعوى التعويض التي يتعين على محكمة الموضوع أن تأخذ منها ما يتفق وطبيعة النزاع المطروح عليها وأن تنزل حكمه على واقعة الدعوى ولا يعد ذلك منها تغييرا لسبب الدعوى أو موضوعها مما لا تملكه من تلقاء نفسها، فإن هي أخطأت في ذلك جاز لمن تكون له مصلحة من الخصوم أن يطعن في الحكم بطريق النقض على أساس مخالفته للقانون ولو لم يكن قد نبه محكمة الموضوع إلى قواعد المسئولية الواجبة التطبيق لالتزامها هي بإعمال أحكامها من تلقاء نفسها.
-----------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1587 لسنة 1987 مدني المنصورة الابتدائية على الشركة الطاعنة وآخرين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا إليه مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه تعويضا، وقال بيانا لذلك إنه بموجب عقد تلمذة صناعية التحق بالعمل لدى الشركة الطاعنة في وظيفة معاون كهرباء، وبتاريخ 5/11/1978 وقع له حادث أثناء عمله نجم عنه بتر كامل لقدمه اليمنى حرر عنه المحضر 350 لسنة 1978 عوارض ميت غمر، وإذ كان الحادث قد وقع بسبب خطأ الطاعنة التي لم تتخذ الاحتياطيات اللازمة لتأمين حياته فقد أقام دعواه ليقضى له بالتعويض المطالب به جبرا لما أصابه من ضرر
أدخل المطعون ضده الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية خصما في الدعوى ثم طلب الحكم بإلزامها بالتضامن والطاعنة بمبلغ التعويض المطالب به دفعت الطاعنة بعدم اختصاص محكمة المنصورة محليا بنظر الدعوى. وبتاريخ 26 من مارس سنة 1988 رفضت المحكمة الدفع بعدم الاختصاص المحلي وندبت الطبيب الشرعي لتقدير نسبة العجز، وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 19 من ديسمبر سنة 1988 برفض الدعوى بالنسبة لهيئة التأمينات الاجتماعية وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي إليه مبلغ عشرة آلاف جنيه. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 35 لسنة 41 ق، كما استأنفته الطاعنة أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 231 لسنة 41 ق، وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني إلى الأول حكمت بتاريخ 17 من يونيو سنة 1992 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن حاصل النعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الأول الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم إذ رفض الدفع بعدم اختصاص محكمة أول درجة محليا بنظر الدعوى رغم أن مركزها الرئيسي والمدعى عليهما الآخرين وزير الصناعة والتأمينات الاجتماعية بالقاهرة فضلا عن أنه قضى بإخراج الآخرين من الدعوى فإنه يكون قد خالف نص المادتين 49، 52 من قانون المرافعات بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 52 من قانون المرافعات على أنه "في الدعاوى المتعلقة بالشركات أو الجمعيات القائمة أو التي في دور التصفية أو المؤسسات الخاصة يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها مركز إدارتها سواء أكانت الدعوى على الشركة أو الجمعية أو المؤسسة أم من الشركة أو الجمعية أو المؤسسة على أحد الشركاء أو الأعضاء أم من شريك أو عضو على آخر. ويجوز رفع الدعوى إلى المحكمة التي يقع في دائرتها فرع الشركة أو الجمعية أو المؤسسة وذلك في المسائل المتصلة بهذا الفرع "يدل على أن المشرع وإن اعتد في تحديد الاختصاص بالنسبة للشركات أو الجمعيات القائمة أو تلك التي في دور التصفية والمؤسسات الخاصة بالمحكمة التي يقع بها مركز إدارتها إلا أنه أجاز في الفقرة الثانية تيسيرا على المتقاضين رفع الدعوى أمام المحكمة التي يقع في دائرتها فرع الشركة أو الجمعية أو المؤسسة إذا كان موضوع الخصومة متعلقا بالفرع أو ناشئا عن أعماله أو عن حوادث وقعت بدائرته طالما كان الفرع حقيقيا يمارس نوع أعمال المركز الرئيسي وينوب عنه. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الحادث موضوع الخصومة متعلقا بفرع الشركة الطاعنة وهو ما لم تجحده الأخيرة أو تقدم لمحكمة الموضوع ما ينال منه وهو ما يبرر رفع الدعوى أمام المحكمة الكائن في دائرتها ذلك الفرع فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى صحيحا في قضائه إلى رفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية محليا بنظر الدعوى يكون قد صادف صحيح القانون، ويضحى النعي عليه فيما ساقه من أسباب في هذا الصدد – أياً كان وجه الرأي فيه – غير منتج
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه في السبب الأول من سببي الطعن مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم إذ أقام قضاءه بالتعويض على افتراض الخطأ في جانبها إعمالا لأحكام المسئولية الشيئية الواردة في القانون المدني في حين أن أحكام قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 هي الواجبة التطبيق لسريانه على المتدرجين والتلاميذ الصناعيين فيما يتعلق بتأمين إصابات العمل طبقا للمادة الثالثة منه فما لا محل معه لأحكام المسئولية المفترضة يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 – المنطبق على واقعة الدعوى – تقضي بسريان أحكام تأمين إصابات العمل على المتدرجين والتلاميذ الصناعيين وكان مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 68 من القانون السالف – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مناط رجوع العامل المضرور بالتعويض على صاحب العمل أن يثبت أن إصابة العمل قد نشأت عن خطأ شخصي من جانب صاحب العمل يرتب مسئوليته الذاتية عن هذا التعويض، وهو ما لا محل معه لتطبيق أحكام المسئولية المفترضة الواردة بنص المادة 178 من القانون المدني. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضائه بالتعويض على افتراض الخطأ من جانب الطاعنة عنه بالتطبيق لأحكام المسئولية الشيئية المنصوص عليها في المادة 178 من القانون المدني مع أن الخطأ في حقها واجب الإثبات فإنه يكون قد خالف القانون ولا يغير من ذلك أنه لم يسبق للطاعنة التمسك بهذا السبب أمام محكمة الموضوع ذلك أنه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – يتعين على محكمة الموضوع في كل حال أن تتقصى من تلقاء نفسها الحكم القانوني الصحيح المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها باعتبار أن كل ما تولد به للمضرور حق في التعويض عما أصابه من ضرر قبل من أحدثه أو تسبب فيه إنما هو السبب المباشر المولد للدعوى بالتعويض مهما كانت طبيعة المسئولية التي استند إليها المضرور في تأييد طلبه أو النص القانوني الذي اعتمد عليه في ذلك لأن هذا الاستناد يعتبر من وسائل الدفاع في دعوى التعويض التي يتعين على محكمة الموضوع أن تأخذ منها ما يتفق وطبيعة النزاع المطروح عليها وأن تنزل حكمه على واقعة الدعوى ولا يعد ذلك منها تغييرا لسبب الدعوى أو موضوعها مما لا تملكه من تلقاء نفسها. فإن هي أخطأ في ذلك جاز لمن تكون له مصلحة من الخصوم أن يطعن في الحكم بطريق النقض على أساس مخالفته للقانون ولو لم يكن قد نبه محكمة الموضوع إلى قواعد المسئولية الواجبة التطبيق لالتزامها هي بإعمال أحكامها من تلقاء نفسها ومن ثم فإن ما أثارته الطاعنة بوجه النعي لا يعد إبداء لسبب جديد مما لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث باقي سببي الطعن.

الطعن 49 لسنة 44 ق جلسة 12 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 196 ص 999

جلسة 12 من إبريل 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري؛ صلاح نصار وإبراهيم فراج.

---------------

(196)
الطعن رقم 49 لسنة 44 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن". نظام عام. بطلان. إثبات "القرائن".
الاتفاق على أجرة تجاوز المقرر قانوناً. باطل بطلاناً مطلقاً. تعلق ذلك بالنظام العام. التراخي في رفع دعوى تحديد الأجرة القانونية. عدم اعتباره قرينة على انتفاء التحايل.
(2) إيجار "إيجار الأماكن". إثبات. حكم "تسبيبه".
للقاضي أن يقضي بما يحصله استقاء من خبرته بالشئون العامة المفروض إلمام الكافة بها. مثال فيما لا يعد كذلك في دعوى إيجار.
(3) إيجار "إيجار الأماكن".
أجرة المثل. ماهيتها. عدم اشتراط التطابق التام في الموقع وعدد الحجرات بين شقة النزاع وعين المثل. لمحكمة الموضوع سلطة تقدير التماثل بينهما مع مراعاة الفروق المؤثرة على تحديد الأجرة.

-----------------
1 - المستفاد من نصوص القانون رقم 121 لسنة 1947 الذي يحكم واقعة الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الاتفاق على أجرة تجاوز الحد الأقصى للأجرة المقررة بهذا القانون يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لتعلقه بالنظام العام فلا يزول بالتنازل عنه صراحة أو ضمناً ولا يعتبر السكوت عن التمسك به نزولاً عنه، ومن ثم فإن الحكم إذا اتخذ من تراخي الطاعن في رفع الدعوى قرينة على جدية شرط التصريح بالتأجير من الباطن وعدم إيراده تحايلاً على قواعد تحديد الأجرة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - المبدأ الأساسي الذي يحكم النظرية العامة في الإثبات هو مبدأ حياد القاضي، فلا يجوز له أن يقضي بعلمه الشخصي عن وقائع الدعوى دون أن يكون من قبيل ذلك ما يحصله استقاء من خبرته بالشئون العامة المفروض إلمام الكافة بها، وإذ كان تقرير الحكم المطعون فيه أن العادة جرت في حي الزمالك الذي تقع به شقة النزاع على التأجير مفروشاً استناداً إلى قرارات وزارة الإسكان ليس من قبيل استعانة القاضي في قضائه بما هو متعارف عليه بين الناس، ولا يبرره الاستناد إلى قرارات وزارية صدرت بعد مرور قرابة عشرين سنة على التعاقد وفي ظل ظروف اقتصادية تختلف عن تلك التي حرر فيها العقد، فلا يبرأ بذلك من عيب الفساد في الاستدلال.
3 - المقصود بأجرة المثل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أجرة مكان مماثل من جميع الوجوه بقدر الإمكان لشقة المثل في شهر الأساس وأن توافر التماثل بين عين النزاع وعين المثل أو انعدامه لا يعدو أن يكون من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع طالما كان استخلاصه سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه خلص إلى عدم توافر التماثل بين شقة النزاع وبين شقة المثل من مجرد عدم تطابقهما في الموقع وعدد الوحدات وهو ما لا يستقيم به التدليل على عدم صلاحية الشقة المقيسة لاتخاذها مثلاً لشقة النزاع، ذلك أنه لا يشترط لتحقق التماثل في هذا الحالة التي تتحد الشقتان تماماً في الموقع وعدد الوحدات بحيث يتعين أن يشملها مبنى واحد وأن يتطابق عدد الغرف فيهما وإنما يكفي لذلك أن تتوافر أوجه التماثل بينهما ولو اختلفا من حيث الموقع وعدد الوحدات على أن يراعي ما قد يوجد بينهما من فروق مؤثرة على تحديد مقدار الأجرة، لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد أخطا في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 4110 لسنة 1970 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما بطلب الحكم بتخفيض أجرة الشقة استئجاره المبينة بالصحيفة إلى مبلغ 720.6 مليمجـ شهرياً منذ بدء الإيجار في 1/ 5/ 1952 ثم زيادتها أو إنقاصها طبقاً للقوانين اللاحقة، وقال شرحاً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 2/ 4/ 1952 استأجر الشقة رقم 6 بالمنزل رقم 8 شارع الشيخ المرصفي بالزمالك القاهرة من المطعون عليها الثانية ومورثها والمطعون عليه الأول لقاء أجرة شهرية قدرها 13 جنيهاً، وقد حرصا على إضافة بند صوري بتخويله الحق في تأجير غرفتين من الباطن لتبرير تجاوز الأجرة الحقيقة تحايلاً على القانون، وإذ بادر إلى التنصل منه بموجب خطابات مسجلة، ونازع المطعون عليهما في إلغائه ورد المتحصل عنه، فقد أقام الدعوى. دفع المطعون عليهما بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وانعدام المصلحة، وبتاريخ 12/ 12/ 1970 حكمت المحكمة بندب خبير لبيان مقدار أجرة شقة النزاع في إبريل سنة 1941 أو أجرة المثل إن لم تكن مؤجرة فيه وإضافة الزيادة المقررة بالقانون رقم 121 لسنة 1947 ومقابل التحسينات المستحدثة إن وجدت ومقابل السماح بتأجير غرفتين من الباطن وإجراء التعديلات بالزيادة أو النقص وفقاً لقوانين الإيجار التالية، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وحكمت بتاريخ 19/ 2/ 1972 أولاً برفض الدفعين المبدين من المطعون عليهما ثانياً: بإلزام المطعون عليهما متضامنين بتخفيض إيجار الشقة المؤجرة للطاعن بعقد الإيجار المؤرخ 2/ 4/ 1952 وجعله 12 جنيه و717 مليم شهرياً من 1/ 5/ 1952 إلى 1/ 5/ 1953 و9 جنيه و420 مليم شهرياً من 2/ 5/ 1953 إلى 30/ 11/ 1961 و8 جنيه و478 مليم شهرياً من 1/ 2/ 1961 إلى 30/ 6/ 1998، 8 جنيه و648 مليم شهرياً من 1/ 7/ 1968 حتى الآن. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 962 لسنة 89 ق القاهرة طالبين إلغاءه، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 1075 لسنة 89 ق طالباً تعديله، وبعد ضم الاستئنافين حكمت محكمة الاستئناف بتاريخ 28/ 11/ 1973 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب، ينعى الطاعن بالأسباب الأربعة الأولى منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم خلص إلى جدية الشرط بالتصريح بالتأجير من الباطن استناداً إلى أن أجرة المثل وفق ما جاء بتقرير الخبير وهي 12 جنيه 717 مليم بخلاف الجراج تقارب الأجرة المتعاقد عليها بما فيها ميزة التأجير من الباطن مما يقطع بعدم تجاوزها الأجرة القانونية، وأن أكثر المؤجرين والمستأجرين في حي الزمالك اعتادوا التأجير مفروشاً وفقاً لقرارات وزارة الإسكان، وإن الطاعن تراخى في إقامة دعواه ولم يقدم ما يؤيد صورية هذا الشرط تحايلاً على القانون، حالة أن البطلان المترتب على مخالفة قواعد تحديد الأجرة القانونية للأماكن متعلق بالنظام العام فلا يجوز التنازل عنه صراحة أو ضمناً ولا يصح اعتبار سكوته مدة من الزمن نزولاً عن الحق في التمسك به، بالإضافة إلى أن الثابت من تقرير الخبير أن أجرة المثل المتخذة أساساً لتحديد الأجرة القانونية لشقة النزاع تشمل مقابل استعمال الجراج وقد ترك الخبير أمر تقديره للمحكمة خلافاً لما أورده الحكم، علاوة على أن الأوراق خالية من الأدلة على اعتياد غالبية المستأجرين في حي الزمالك على التأجير من الباطن مفروشاً مما يندرج ضمن قضاء القاضي بعلمه، كما لم تصدر قرارات وزارة الإسكان المنظمة لقواعد التأجير مفروشاً إلا بعد إبرام العقد بعدة سنوات. هذا إلى أنه قدم العديد من المراسلات والشكاوى التي تشير إلى مبادرته إلى الاعتراض على إضافة الشرط بالتصريح بالتأجير من الباطن وإلى اتباع المؤجرين ذات السبيل مع مستأجرين آخرين اعترضوا بدورهم على إيراده في عقودهم وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على جدية الشرط الوارد بالعقد بالتصريح للطاعن بالتأجير من الباطن وأورد في هذا الخصوص قوله "... ويبين من أجرة المثل التي اتخذها الخبير أساساً في التقدير أن الأجرة المناسبة لعين النزاع تبلغ في تاريخ التعاقد 12 جنيه و717 مليم بخلاف الجراج مما يستنتج منه أن الأجرة المتفق عليها بين طرفي الخصومة وهي 13 جنيه في الشهر مقابلة للميزة التي سبق بيانها لم تتجاوز الحدود القانونية وفضلاً عن ذلك فإن شقة النزاع كائنة بحي الزمالك الذي اعتاد أكثر المؤجرين والمستأجرين فيه على التأجير مفروشاً استناداً إلى قرارات وزارة الإسكان مما يقطع بأن شرط التصريح بالتأجير من الباطن جدي وغير صوري ولم يقصد به التحايل على القانون والتخلص من قيود الأجرة ويؤيد ذلك أيضاً تراخي المستأجر سنين طويلة في إقامة دعواه وخاصة أن المستأجر لم يقدم بالأوراق ما يسانده في أن ورود هذه الرخصة بالتعاقد قصد بها التحايل على القانون"، وكان المستفاد من نصوص القانون رقم 121 لسنة 1947 الذي يحكم واقعة الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الاتفاق على أجرة تجاوز الحد الأقصى للأجرة المقررة بهذا القانون يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لتعلقه بالنظام العام فلا يزول بالتنازل عنه صراحة أو ضمناً ولا يعتبر السكوت عن التمسك به نزولاً عنه، فإن الحكم إذا اتخذ من تراخي الطاعن في رفع الدعوى قرينة على جدية شرط التصريح بالتأجير من الباطن وعدم إيراده تحايلاً على قواعد تحديد الأجرة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان المبدأ الأساسي الذي يحكم النظرية العامة في الإثبات هو مبدأ حياد القاضي، فلا يجوز له أن يقضي بعلمه الشخصي عن وقائع الدعوى، دون أن يكون من قبيل ذلك ما يحصله استقاء من خبرته بالشئون العامة المفروض إلمام الكافة بها، وكان تقرير الحكم المطعون فيه أن العادة جرت في حي الزمالك الذي تقع به شقة النزاع على التأجير مفروشاً استناداً إلى قرارات وزارة الإسكان ليس من قبيل استعانة القاضي في قضائه بما هو متعارف عليه بين الناس، ولا يبرره الاستناد إلى قرارات وزارية صدرت بعد مرور قرابة عشرين سنة على التعاقد، وفي ظل ظروف اقتصادية تختلف عن تلك التي حرر فيها العقد، فلا يبرأ بذلك من عيب الفساد في الاستدلال. لما كان ما تقدم، وكان البين من الأوراق أن أجرة المثل المحددة بتقرير الخبير تشمل أجرة الجراج التي ترك أمر تقديرها للمحكمة، وأن - الطاعن قدم تأييداً لصورية الشرط المشار إليه المكاتبات التي أرسلها إلى المؤجرين بعد إبرام العقد والشكاوى التي تقدم بها وضمنها اعتراضاً على إضافة هذا الشرط تحايلاً على القانون، فإن الحكم إذ خلص إلى جديته على سند من أن أجرة شقة النزاع بما فيها ميزة التأجير من الباطن تضاهي أجرة المثل باعتبار عدم اشتمالها على مقابل استعمال الجراج خلافاً لما أثبت بتقرير الخبير من أنه أحد عناصرها وأن أمر تقديره ترك للمحكمة لعدم تحديده استقلالاً، وإذ نفي تقديم الطاعن أية مستندات تؤيد الصورية التي يدعيها مغفلاً الرد على ما قدمه من مكاتبات وشكاوى تفيد اعتراضه هو ومستأجرين آخرين على ما لجأ إليه المؤجرون من إضافة شرط التصريح بالتأجير من الباطن يقصد التحايل على قواعد تحديد الأجرة، فإنه يكون معيباً أيضاً بمخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الخامس والسادس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم أقام قضاءه على سند من أن شقة المثل التي أرشد عنها لا تصلح لأن تكون مثلاً لشقة النزاع لوجود اختلافات جوهرية بينهما، في حين أن الثابت من تقرير الخبير أن شقة المثل تفضل شقة النزاع من حيث الموقع وعدد الوحدات وأنه لا يشترط التطابق الكامل بين شقة المثل وشقة النزاع وإنما يكفي أن تكون بينهما أوجه تشابه تراعي معها أوجه الاختلاف عند تقدير الأجرة، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كان المقصود بأجرة المثل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي أجرة مكان مماثل من جميع الوجوه بقدر الإمكان لشقة المثل في شهر الأساسي، وأن توافر التماثل بين عين النزاع وعين المثل أو انعدامه لا يعدو أن يكون من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع طالما كان استخلاصه سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه خلص إلى عدم توافر التماثل بين شقة النزاع وبين شقة المثل من مجرد عدم تطابقهما في الموقع وعدد الوحدات وهو ما لا يستقيم به التدليل على عدم صلاحية الشقة المقيسة لاتخاذها مثلاً لشقة النزاع ذلك أنه لا يشترط لتحقق التماثل في هذه الحالة التي تتحد الشقتان تماماً في الموقع وعدد الوحدات بحيث يتعين أن يشملها مبنى واحد وأن يتطابق عدد الغرف فيهما وإنما يكفي لذلك أن تتوافر أوجه التماثل بينهما ولو اختلفا من حيث الموقع وعدد الوحدات على أن يراعي ما قد يوجد بينهما من فروق مؤثرة على تحديد مقدار الأجرة لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد أخطا في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه لهذين السببين أيضاً.