الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 20 يناير 2019

الطعن 14296 لسنة 83 ق جلسة 20 / 4 / 2014


باسم الشعب
محكمـة النقــض
الدائرة العمالية
-----
برئاسة السيد القاضي/  عـــــــــــزت البنـــــــــــــــــدارى           نـائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة / منصــور العشــــــــرى     ،      محمــــــــــــد منيعـــــــــــــــــم
   محمـــــــــــد خلــــــــــــــــــف      و   خالـــــــــــــــــد مدكـــــــــــــور
                                          نواب رئيس المحكمـة
ورئيس النيابة السيد / أحمد فهمى .
وأمين السر السيد / عادل الحسينى .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الاحد 20 من جمادى الأخر سنة 1435هـ الموافق 20 من إبريل سنة 2014 م .
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 14296 لسنة 83 قضائية .
المرفـوع من :
-       السيد / رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة العربية المتحدة للشحن والتفريغ بصفته.
ومقره 13 شارع أحمد عرابى – قسم العطارين – الاسكندرية .
حضر عنه الأستاذ / ......... المحامى .
ضـــد
أولا السادة:
1-  السيد / ........ .  المقيم فى الورديان – ... قسم مينا البصل – الإسكندرية .
2-  السيد / .... .
3-  السيد / ..........
المقيم ....– الإسكندرية .
ثانياً : السيد / الممثل القانونى للشركة القابضة للنقل البحرى والبرى بصفته . 8 طريق الحرية – قسم العطارين – الإسكندرية .
لم يحضر عنهم أحد .
الوقائـع
فى يــــــــوم 5/8/2013 طعــــــن بطريـــــــــــق النقــــــض فى حكـــم محكمــة استئـــــــنـــــــــاف الإسكندرية الصادر بتاريخ 11/6/2013 فى الاستئناف رقم 1552 لسنـة 67 ق وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكــــــــم المطعون فيه  .  
وفى نفس اليوم أودعت الطاعنة مذكرة شارحة .
ثم أعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن .
وفى 25/9/2013 أودعت المطعون ضدها ثانياً مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقضه .  
وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فـــــــرأت أنه جديـر بالنظـر فحددت لنظـره جلسة 20/4/2014 للمرافعة وبها سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هـو مبين بمحضر الجلسة - حيث صمم محامى الطاعنة والنيابة كل على ما جاء بمذكرته - والمحكمة أصدرت الحكم بجلسـة اليوم .
المحكمــة
        بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السـيـد القاضى المقـرر / .... " نائب رئيس المحكمة "  والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما سجله الحكمين الابتدائى والمطعون فيه – تتحصل في أن المطعون ضدهم أولاً أقاموا على الطاعنة – الشركة العربية المتحدة للشحن والتفريغ – الدعوى رقم 1487 لسنة 2009 عمال الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم ختامياً ببطلان عقود إنهاء خدمتهم بالمعاش المبكر الاختيارى قبل بلوغهم سن الستين في 20/12/2005 وإلزام الطاعنة بأداء فروق المكافأة التعويضية بين قيمة ما تقاضوه والمكافأة المحددة بقرار وزير الاستثمار رقم 21 لسنة 2005 وقالوا بياناً لدعواهم إنهم كانوا من العاملين لدى الطاعنة ، وانتهت خدمتهم لديها بالخروج على المعاش المبكر الاختيارى بالقرار رقم 328 لسنة 2005 وطبقاً لقواعد النظام اعلنته في 8/11/2005 ، وقد سويت مستحقاتهم المالية وفقاً لهذه القواعد ، وإذ أصدر وزير الاستثمار القرار المشار إليه بنظام تعويض العاملين بشركات قطاع الأعمال العام عن ترك الخدمة الاختيارية متضمناً مزايا مالية أفضل للعاملين ، وامتنعت الطاعنة عن تطبيق هذا القرار على حالة المطعون ضدهم أولاً فقد أقاموا الدعوى . ندبت المحكمة خبيراً ، وبعد أن قدم تقريره حكمت برفض الدعوى . استأنف المطعون ضدهم أولاً هذا الحكم لدى محكمـــة استئـــناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 1552 لسنة 67ق ، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت لأقوال شهود الطرفين قضت بتاريخ 11/6/2013 بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بأحقية المطعون ضدهم أولاً في صرف الفروق المالية المستحقة لهم وفقاً للمعادلة التعويضية وقرار وزير الاستثمار رقم 21 لسنة 2005 في 15/12/2005 بشأن نظام المعاش المبكر الاختيارى ، وألزمت الطاعنة باحتساب الفروق المالية المستحقة وأدائها لهم ، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه ، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها . 
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك إنه قضى بأحقية المطعون ضدهم " أولاً " في صرف الفروق المالية مستنداً في ذلك إلى حكم المادة 125 من القانون المدنى لقيام الطاعنة بالتدليس والغش المتمثل في حرمانهم من نظام أكثر سخاءً من النظام الذى خرجوا على المعاش في ظله نص عليه قرار وزير الاستثمار رقم 21 لسنة 2005 والمعمول به اعتباراً من 15/1/2006 ، وإلى حكم المادة 119 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 حال أن المطعون ضدهم " أولاً " قبلوا بإرادتهم دون غش أو إكراه إحالتهم على المعاش المبكر الاختيارى طبقاً للنظام الذى أعلنت عنه الشركة الطاعنة في شهر نوفمبر عام 2005 ولم يقدموا طلبات كتابية بعدولهم عن ذلك ، كما وأن القرار المذكور لا يعمل به إلا من تاريخ 15/1/2006 وأنها لم يتصل علمها به إلا بالخطاب المؤرخ 22/2/2006 وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى سديد ، ذلك أنه لما كان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الإعلان الذى توجهه الطاعنة للعاملين بشأن الإحالة على المعاش المبكر التعويضى لا يعد إيجاباً ، بل الإيجاب هو الذى يصدر من العاملين طالبى الاستفادة مما ورد بالإعلان ولا ينعقد العقد إلا بقبولها لكل حالة على حدة ، فإذا اختلف قبولها عن إيجاب العامل معدلاً فى هـــذا الإيجاب ، فإن ذلك يعد رفضاً لطلبهم متضمناً إيجاباً جديداً محدداً التعويضات التى تلتزم بها فإذا قبل العامل ذلك انعقد العقد طبقاً للمادة  96 من القانون المدنى واعتبرت استقالته مقبولة وتنتهى بها خدمته . لما كان ذلك  وكان البين – وعلى ما سجله الحكم المطعون فيه – أن المطعون ضدهم " أولاً " قد انتهت خدمتهم لدى الطاعنة بطلبهم الإحالة على المعاش المبكر التعويضى ، فإنه ينطوى ضمناً – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على طلب الاستقالة وإنهاء خدمتهم ، وقد قبلت هذه الاستقالات اعتباراً من 20/12/2005 والذى بمقتضاه يحصل كل منهم على مبلغ التعويض المستحق له ، وإذ كان من المقرر قانوناً طبقاً للمادة 147 من القانون المدنى أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون ، وبالتالى فلا يجوز للمطعون ضدهم " أولاً " سحب استقالاتهم أو العدول عنها بعد صدور القرار بقبولها وكذا لا يجوز لهم المطالبة بفروق المكافأة المطالب بها ما دامت الطاعنة لم تقبل ذلك ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأحقية المطعون ضدهم " أولاً " فى صرف الفروق المالية المستحقة لهم وفقاً للمعادلة التعويضية وقرار وزير الاستثمار رقم 21 لسنة 2005 بشأن نظام المعاش المبكر الاختيارى للعاملين بشركات قطاع الأعمال العام والمعمول به اعتباراً من 15/1/2006 تأسيساً على أنه يحق لهم العدول عن استقالتهم ، وأن هذا القرار هو الأصلح لهم والواجب التطبيق على واقعة النزاع ، وأنه يعتد فى العمل به بتاريخ صدوره وليس من تاريخ بدء العمل به ، وأن الشركة الطاعنة أخفت عنهم وجود نظام جديد أصلح لهم بما يعد تدليساً ، فى حين أنه لا يجوز انسحاب تطبيق هذا القرار على حالة المطعون ضدهم " أولاً " لما هو مقرر من أن أحكام القوانين والقرارات واللوائح لا تسرى إلا على ما يقع من تاريخ صدورها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها إلا إذا كانت تلك القرارات واللوائح صادرة لقوانين ذات أثر رجعى ، وهو ما لم ينص عليه القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن قطاع الأعمال العام ، كما وأنه لم يدع أياً من الخصوم بنشر هذا القرار فى جريدة الوقائع المصرية وخلت الأوراق مما يدل على ذلك ، بما ينتفى معه علم الشركة الطاعنة بنظام المعاش المبكر الجديد الذى وضعته اللجنة المشكلة بالقرار المذكور فى تاريخ صدوره ، ويكون تاريخ إعلانها به فى 22/2/2006 بموجب كتاب الشركة القابضة للنقل البحرى والبرى هو الواجب الاعتداد به ، وبالتالى لا تكون قد سكتت عمداً عن ذكر هذا النظام الجديد عن العاملين قبل قبولها لاستقالاتهم وتنتفى قبلها شبهة التدليس التى استخلصها الحكم استخلاصاً غير سائغاً لما سلف بيانه ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه الفساد فى الاستدلال بما يوجـــــــــب نقضه . 
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ، ولما تقدم يتعين القضاء فى موضوع الاستئناف رقم 1552 لسنة 67 ق الإسكندرية برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهم " أولاً " المصروفات ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة وأعفتهم من الرسوم القضائية وحكمت فى الاستئناف رقم 1552 لسنة 67 ق الإسكندرية برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة وأعفتهم من الرسوم القضائية .

الطعن 1531 لسنة 73 ق جلسة 21 / 6 / 2015 مكتب فني 66 ق 138 ص 909

جلسة 21 من يونية سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ منصور العشري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مصطفى عبد العليم، خالد مدکور، بهاء صالح وأحمد قاعود نواب رئيس المحكمة.
--------------

(138)

الطعن رقم 1531 لسنة 73 القضائية

(1) دعوى "شطب الدعوى: اعتبار الدعوى كأن لم تكن".
القضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن بعد تجديدها من الشطب والسير فيها. شرطه. غياب طرفيها وعدم صلاحيتها للفصل فيها. هدفه. ضمان جدية التقاضي وعدم إطالة أمده. م 82/1 مرافعات. التزام الحكم المطعون فيه ذلك وقضاؤه في الموضوع رغم تغيب الطرفين عقب التجديد من الشطب الأول. صحيح.

(2) نقض "أسباب الطعن: السبب المجهل".

النعي على الحكم في صيغة عامة يشوبها الغموض والتجهيل. نعي مجهل. أثره. غير مقبول.

(3) المعاش "المعاش المبكر الاختياري: تاريخ استحقاق الزيادة في المعاش" .
صدور القانون رقم 91 لسنة 1998 بزيادة المعاشات المستحقة قبل 1/7/1998. أثره. عدم سريان الزيادة على المعاشات المستحقة بعد هذا التاريخ. صدور القرار الإداري رقم 417 لسنة 1998 بإنهاء خدمة المطعون ضده الأول اعتبارا من 30/6/1998 بالإحالة للمعاش المبكر الاختياري وتقدمه بطلب صرف المعاش في 1/7/1998. مؤداه. استحقاقه المعاش من أول الشهر الذي قدم فيه طلب الصرف وعدم استحقاقه الزيادة بنسبة 10 %. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك. خطأ ومخالفة للقانون. علة ذلك.

-----------------

1 - مفاد المادة 82/1 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 أنه يشترط للقضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن بعد تجديدها من الشطب والسير فيها غياب طرفيها وعدم صلاحيتها للفصل فيها، إذ لا يقبل ألا يتم شطب الدعوى في حالة صلاحيتها للفصل فيها رغم غياب الطرفين بينما يقضي باعتبارها كأن لم تكن بعد تجديدها من الشطب لمجرد غياب طرفيها فقط رغم أنها أصبحت أكثر صلاحية للفصل فيها من ذي قبل، لا سيما وأن الحكمة التشريعية من هذا التعديل- وعلى ما يبين من مذكرته الإيضاحية المذكورة- هي ضمان جدية التقاضي وعدم إطالة أمده والقضاء على ظاهرة تكرار الشطب، مما لا يعدو هذا الاعتبار أن يكون في حقيقته شطب الدعوى يتقيد بما يتقيد به الشطب وهو عدم صلاحية الدعوى للفصل فيها، كما لا يعقل أن يعاود المشرع إضافة شرط عدم الصلاحية مرة أخرى بعد التجديد من الشطب للحكم بالاعتبار وإلا عد ذلك تكرار لا طائل منه في ذات الفقرة التي تضمنها الشطب، ومن ثم فإن هذا الشرط الذي جاء في بدايتها إنما قصد به المشرع وضع قاعدة عامة وشرط لازم ينسحب أثره لكليهما . لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن محكمة الاستئناف قد أحالت الدعوى للتحقيق، وبعد أن استمعت للشهود أعادت الدعوى للمرافعة، وبجلسة 23/9/2002 شطبت الدعوى لعدم حضور المستأنف وانسحاب المستأنف ضدها تاركة الاستئناف للشطب، فجددها المستأنف من الشطب ومثل الطرفان كل بوكيل بالجلسة التالية، وبجلسة المرافعة الختامية تغيب الطرفان فقررت المحكمة حجزها للحكم وفصلت في موضوعها، بما مفاده أنها رأت صلاحيتها للفصل فيها، ومن ثم فإنها تكون قد التزمت صحيح القانون.

2 - إذ كانت الطاعنة قد أوردت نعيها بهذا الوجه في صيغة عامة يشوبها الغموض والتجهيل، فلم تبين على وجه التحديد ماهية المستندات التي قدمتها والتفت عنها الحكم والتي أوردتها بنعيها وأثر ذلك في قضائه وموضعه منه، فإنه يكون مجهلا وغير مقبول.

3 - مفاد المادة الأولى من قانون زيادة المعاشات رقم 91 لسنة 1998 المعمول به أعتبارا من أول يوليو 1998، يدل على أن الزيادة المذكورة قاصرة على المعاشات المستحقة قبل 1/7/1998 بموجب القوانين المبينة به ومنها تلك المستحقة بموجب قانون التأمين الاجتماعي السالف، أما المعاشات التي تستحق بعد هذا التاريخ فلا تسري عليها هذه الزيادة، ولما كان المعاش المبكر يستحق وفقا للمادة 25 من القانون رقم 79 لسنة 1975 من أول الشهر الذي قدم فيه طلب الصرف، وكان البين من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها الثانية قد أصدرت القرار الإداري رقم ... لسنة 1998 بتاريخ 20/6/1998 بإنهاء خدمة المطعون ضده الأول اعتبارا من 30/9/1998 بالإحالة للمعاش المبكر الاختياري، وأنه تقدم بطلب صرف المعاش المستحق له في 1/7/1998، ومن ثم فإن استحقاقه إياه يكون من أول هذا الشهر الذي قدم فيه طلب الصرف، ولا يستحق بالتالي زيادة نسبة إلى 10% المطالب بها المقررة بالقانون رقم 91 لسنة 1998، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى له بمعاشه المستحق اعتبارا من أول يونيه 1998 وإضافة نسبة ال 10% الزيادة في المعاش المطالب بها استنادا لما قرره الشهود في التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف من أنه تقدم بطلب الخروج للمعاش المبكر في أوائل يونيه 1998 رغم أن خدمته مستمرة حتى نهاية هذا الشهر ويتقاضى راتبا عنه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

--------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ..... لسنة 1999 عمال بورسعيد الابتدائية على الطاعنة (الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي) والمطعون ضدها الثانية (الشركة ..... للصوامع والتخزين) والمطعون ضده الثالث رئيس قطاع الشركة فرع بورسعيد، بطلب الحكم بإلزام الطاعنة بأن تؤدي له معاشه المستحق اعتبارا من أول شهر يونيو 1998 شاملا الزيادة المقررة بالقانون رقم 91 لسنة 1998 بنسبة 10% وما يترتب على ذلك من آثار، وقال بيانا لها إنه كان من العاملين لدى الشركة المطعون ضدها الثانية إلى أن أصدرت القرار الإداري رقم .... لسنة 1998 بتاريخ 20/6/1998 بإنهاء خدمته اعتبارا من 30/6/1998، وإذ احتسبت الطاعنة المعاش المستحق له اعتبارا من 1/7/1998، مما أدى إلى حرمانه من الزيادة المطالب بها، ورفضت لجنة فحص المنازعات تظلمه فقد أقام الدعوى، ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره رفضت الدعوى بحكم استأنفه المطعون ضده الأول لدى محكمة استئناف الإسماعيلية- مأمورية بورسعيد- بالاستئناف رقم .... لسنة 41 ق، وأحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، وبعد أن استمعت لأقوال شاهدي المطعون ضده الأول حكمت له بإلغاء الحكم المستأنف وبطلباته، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي في الموضوع بنقضه. وإذ عرض الطعن على المحكمة- في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن أستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وبالثاني مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان الوجه الأول من السبب الأول تقول إن الحكم المطعون فيه قضى في موضوع الاستئناف رغم أنه كان يتعين عليه القضاء باعتباره كأن لم يكن عملاً بالمادة 82/1 مرافعات المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 وذلك لسبق شطبه بجلسة 23/9/2000 بسبب عدم حضور المطعون ضده الأول، ثم تكرار غيابه وباقي الخصوم بجلسة المرافعة الختامية في 16/2/2003 بعد تجديدها من الشطب وموالاة السير فيها، مما يكون قد خالف القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان النص في المادة 82 /1 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون 23 لسنة 1992 على أنه "إذا لم يحضر المدعي ولا المدعى عليه حكمت المحكمة في الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها وإلا قررت شطبها فإذا أنقضى ستون يوما ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها أو لم يحضر الطرفان بعد السير فيها اعتبرت كأن لم تكن" مفاده أنه يشترط للقضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن بعد تجديدها من الشطب والسير فيها غياب طرفيها وعدم صلاحيتها للفصل فيها، إذ لا يقبل ألا يتم شطب الدعوى في حالة صلاحيتها للفصل فيها رغم غياب الطرفين بينما يقضي باعتبارها كأن لم تكن بعد تجديدها من الشطب لمجرد غياب طرفيها فقط رغم أنها أصبحت أكثر صلاحية للفصل فيها من ذي قبل، لاسيما وأن الحكمة التشريعية من هذا التعديل- وعلى ما يبين من مذكرته الإيضاحية المذكورة- هي ضمان جدية التقاضي وعدم إطالة أمده والقضاء على ظاهرة تكرار الشطب، مما لا يعدو هذا الاعتبار أن يكون في حقيقته شطب للدعوى يتقيد بما يتقيد به الشطب وهو عدم صلاحية الدعوى للفصل فيها، كما لا يعقل أن يعاود المشرع إضافة شرط عدم الصلاحية مرة أخرى بعد التجديد من الشطب للحكم بالاعتبار وإلا عد ذلك تكرار لا طائل منه في ذات الفقرة التي تضمنها الشطب، ومن ثم فإن هذا الشرط الذي جاء في بدايتها إنما قصد به المشرع وضع قاعدة عامة وشرط لازم ينسحب أثره لكليهما. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن محكمة الاستئناف قد أحالت الدعوى للتحقيق، وبعد أن استمعت للشهود أعادت الدعوى للمرافعة، وبجلسة 23/9/2002 شطبت الدعوى لعدم حضور المستأنف وانسحاب المستأنف وانسحاب المستأنف ضدها تاركه الاستئناف للشطب، فجددها المستأنف من الشطب ومثل الطرفان كل بوكيل بالجلسة التالية، وبجلسة المرافعة الختامية تغيب الطرفان فقررت المحكمة حجزها للحكم وفصلت في موضوعها، بما مفاده أنها رأت صلاحيتها للفصل فيها، ومن ثم فإنها تكون قد التزمت صحيح القانون، وهو ما يضحى معه النعي بالوجه الأول من السبب الأول على خلاف ذلك على غير أساس.
وحاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الثاني أن الحكم التفت عن المستندات التي قدمتها للتدليل على قيام المطعون ضده الأول بتقديم طلب الصرف في 1/7/1998 مدونا بياناته بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كانت الطاعنة قد أوردت نعيها بهذا الوجه في صيغة عامة يشوبها الغموض والتجهيل، فلم تبين على وجه التحديد ماهية المستندات التي قدمتها والتفت عنها الحكم والتي أوردتها بنعيها وأثر ذلك في قضائه وموضعه منه، فإنه يكون مجهلا وغير مقبول.
وفي بيان الوجهين الثاني والثالث من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني تقول الطاعنة إن المعاش المبكر يستحق وفقا للمادة 25 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 من أول الشهر الذي قدم فيه المؤمن عليه طلب الصرف، ولما كان الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أنه قد صدر القرار الإداري رقم ..... لسنة 1998 في 20/6/1998 بإنهاء خدمة المطعون ضده الأول اعتبارا من 30/6/1998، وتقدم بطلب صرف معاشه في 1/7/1998 إلى جهة عمله مدونا به بياناته، ومن ثم فلا يعد صاحب معاش قبل هذا التاريخ، ولا يستحق بالتالي نسبة ال 10% الزيادة المقررة بالقانون رقم 91 لسنة 1998، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى له بمعاشه اعتبارا من 1/6/1998 والزيادة المذكورة اعتبارا من 1/7/1998 وما يترتب على ذلك من آثار، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان النص في المادة الأولى من قانون زيادة المعاشات رقم 91 لسنة 1998 المعمول به اعتبارا من أول يوليو 1998 على أن "تزاد بنسبة 10% اعتبارا من 1/7/1998 المعاشات المستحقة قبل هذا التاريخ وفقا لأحكام القوانين التالية:- 1- ...، 2- قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 93 لسنة 1980، وتعتبر هذه الزيادة جزء من المعاش"، يدل على أن الزيادة المذكورة قاصرة على المعاشات المستحقة قبل 1/7/1998 بموجب القوانين المبينة به ومنها تلك المستحقة بموجب قانون التأمين الاجتماعي السالف، أما المعاشات التي تستحق بعد هذا التاريخ فلا تسري عليها هذه الزيادة، ولما كان المعاش المبكر يستحق وفقا للمادة 25 من القانون 79 لسنة 1975 من أول الشهر الذي قدم فيه طلب الصرف، وكان البين من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها الثانية فد أصدرت القرار الإداري رقم ....... لسنة 1998 بتاريخ 20/6/1998 بإنهاء خدمة المطعون ضده الأول اعتباراً من 30/6/1998 بالإحالة للمعاش المبكر الاختياري، وأنه تقدم بطلب صرف المعاش المستحق له في 1/7/1998 ومن ثم فإن استحقاقه إياه يكون من أول هذا الشهر الذي قدم فيه طلب الصرف، ولا يستحق بالتالي زيادة نسبة ال 10% المطالب بها المقررة بالقانون رقم 91 لسنة 1998، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى له بمعاشه المستحق اعتبارا من أول يونيو 1998 وإضافة نسبة ال 10 % الزيادة في المعاش المطالب بها استنادا لما قرره الشهود في التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف من أنه تقدم بطلب الخروج للمعاش المبكر في أوائل يونيه 1998 رغم أن خدمته مستمرة حتى نهاية هذا الشهر ويتقاضى راتبا عنه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم .... لسنة 41 ق الإسماعيلية– مأمورية بورسعيد– بتأييد الحكم المستأنف
.

السبت، 19 يناير 2019

الطعن 542 لسنة 34 ق جلسة 2 / 1 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 3 ص 14


برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حامد، وعلي عبد الرحمن.
--------------
إثبات " طرق الإثبات . شهادة الشهود". محكمة الموضوع " سلطتها في  تقدير قيام المانع".
جواز الإثبات بالبينة عند وجود مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي تقدير قيام المانع متروك لقاضي الموضوع. م 403/1 مدني.
لما كانت الفقرة الأولى من المادة 403 من القانون المدني إذ أجازت الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة عند وجود مانع مادى أو أدبى يحول دون الحصول على دليل كتابي لم تضع قيودا لقيام المانع بل جاء نصها عاما مطلقا فإن تقدير قيام المانع ماديا كان أو أدبيا متروك لقاضى الموضوع بحسب ما يتبينه من ظروف كل حالة و ملابساتها و من ثم فإن تقدير المانع بجميع ظروفه و منها القرابة أو النسب أو غيرها من الصلات لا يخضع لرقابة محكمة النقض متى كان مستخلصا من أمور مؤدية إليه .
------------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 258 سنة 1961 مدني كلي بنها على الطاعن بصفته قيما على المحجور عليه ...... طلب فيها القضاء بتثبيت ملكيته إلى 12ف و8ط و6س موضحة بالصحيفة، وقال شرحا لدعواه إنه بموجب عقد مؤرخ أول أغسطس سنة 1955 ومسجل في 15 سبتمبر سنة 1955 باع القدر المذكور إلى ابن أخيه المحجور عليه المشمول بقوامة الطاعن ونص بالعقد أن البيع تم نظير ثمن قدره 2250 ج وأن البائع تسلمه قبل تحرير العقد. وأنه إذ كان هذا العقد صوريا صورية مطلقة لأنه لم يقصد به نقل الملكية إلى المشتري وإنما قصد نقل التكليف باسمه فحسب ليوفر له بذلك النصاب المالي اللازم للترشيح لمنصب العمدية بعد أن تقدم السن بوالده وعزم على ترك هذا المنصب وحتى تحتفظ به أسرة ... التي ينتمي إليها الجميع، إلا أن المحجور عليه المتصرف له سلك مسلكا غير قويم انتهى به إلى اقتراف جناية سرقة بإكراه عوقب من أجلها بالأشغال الشاقة وعين صهره قيما عليه، وحالت هذه العقوبة بينه وبين تولي منصب العمدية، وبذلك انتفت الحكمة من صدور العقد إليه إذ كان هذا فإن المطعون ضده رفع هذه الدعوى بطلب استرداد الأطيان المتصرف فيها بسبب صورية التصرف صورية مطلقة، ودلل على هذه الصورية وعلى عدم دفع الثمن المذكور في العقد بأن المتصرف له ليس لديه أي مال يستطيع معه دفع هذا الثمن وأن الأطيان المتصرف فيها لا زالت تحت يده ولم يضع المتصرف له يده عليها في أي وقت وانتهى المطعون ضده إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الصورية التي يدعيها، قائلا إن علاقة القربى والمودة التي تربطه بالمتصرف له تعتبر مانعا أدبيا يحول دون حصوله من ابن أخيه على ورقة ضد، وأنكر الطاعن صورية العقد واعترض على إثبات الصورية المدعاة بشهادة الشهود مقررا أنها لا تثبت بين العاقدين إلا بالكتابة. وبتاريخ 26 مارس سنة 1962 قضت محكمة الدرجة الأولى بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة أن عقد البيع موضوع النزاع هو عقد صوري صورية مطلقة وصرحت للطاعن بالنفي بذات الطرق مؤسسة قضاءها على جواز إثبات الصورية المطلقة في هذه الحالة بكافة الطرق لقيام المانع الأدبي، وبعد أن سمعت شهود الطرفين قضت بتاريخ 30/12/1962 بتثبيت ملكية المطعون ضده إلى 12ف و8ط و6س موضوع العقد ومحو كافة التسجيلات الموقعة عليها. استأنف الطاعن الحكم المذكور وقيد استئنافه برقم 274 سنة 13 ق طنطا وضمن أسباب استئنافه تمسكه بعدم جواز إثبات صورية العقد بالبينة ومحكمة الاستئناف قضت في 17/6/1964 بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن في أولها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى في 26/3/1962 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده صورية عقد البيع الصادر منه للطاعن أقام قضاءه بجواز الإثبات بالبينة في هذه الحالة على أن المطعون ضده عم الطاعن يحدب عليه ويشمله بعطفه مما دعاه إلى أن يوصي له ببضعة أفدنة زراعية. الأمر الذي يتوافر معه قيام المانع الأدبي الذي يحول دون حصول المطعون ضده على ورقة ضد تثبت صورية العقد الصادر منه. وهذه الاعتبارات التي أقام الحكم عليها قضاءه تنطوي على فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، ذلك أن القول بقيام المانع الأدبي من الحصول على كتابة يجب أن يقوم على استخلاص سائغ مقبول. وإذ كان الأصل أن يتوافر المانع الأدبي لدى الجانب الأضعف من المتعاقدين كالزوجة بالنسبة لزوجها والخادم بالنسبة لمخدومه وكان المطعون ضده هو الجانب القوي بالنسبة للطاعن ولم يكن مكرها على التصرف إليه فإنه لا يمكن القول في هذه الحالة بقيام المانع الأدبي ويكون الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قرر قيام المانع الأدبي دون إيراد أسباب معقولة مما يعيبه بالقصور هذا إلى أن الحكم المذكور قد استند في قيام هذا المانع إلى أن الطاعن ابن أخ شقيق للمطعون ضده دون أن يكون بالأوراق ما ينبئ عن ذلك
وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك أن الحكم الابتدائي الصادر في 26 مارس سنة 1962 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي صورية العقد الصادر من المطعون ضده للطاعن أقام قضاءه بجواز إثبات الصورية بالبينة على قوله "إنه في خصوص العلاقة بين المدعي (المطعون ضده) والمدعى عليه (الطاعن) فإنها موسومة بطابع الحدب والعطف من جانب المدعي يشهد على ذلك الباعث الإنساني الذي تتحدث عنه الوصية الرسمية الصادرة منه إلى أشخاص من ذوي قرباه من بينهم المدعى عليه (الطاعن) ووالده فبسط لهما من ماله شيئا كثيرا، فإذا أضافت المحكمة إلى جانب الدلالة المستفادة من هذه الوصية أن المدعى عليه ليس غريبا عن المدعي بل هو ابن أخ شقيق له يكون قد قامت بينهما علاقة تقرب من علاقة الأب بابنه في مظهرها المادي والمعنوي ولا شك أن مثل هذه العلاقة تعصم المدعي (المطعون ضده) - وهذه منزلته في نفس المدعى عليه (الطاعن) - من أن يطلب من هذا الأخير ورقة ضد فيما لو كان عقد البيع موضوع هذه الدعوى صوريا كما يدعي المدعي. ومن ثم ترى المحكمة إجابة المدعي إلى طلبه بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الصورية المدعاة بالبينة لتوفر قيام المانع الأدبي من الحصول على كتابة". ولما كانت الفقرة الأولى من المادة 403 من القانون المدني إذ أجازت الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة، عند وجود مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي لم تضع قيودا لقيام المانع بل جاء نصها عاما مطلقا. فإن تقدير قيام المانع ماديا كان أو أدبيا متروك لقاضي الموضوع بحسب ما يتبينه من ظروف كل حالة وملابساتها فتقدير المانع بجميع ظروفه ومنها القرابة أو النسب أو غيرها من الصلات لا يخضع لرقابة محكمة النقض متى كان مستخلصا من أمور مؤدية إليه. لما كان ذلك وكانت الظروف والاعتبارات التي أوردها الحكم القاضي بالإحالة إلى التحقيق والمؤيد بالحكم المطعون فيه تسوغ اعتبار صلة القربى التي بين المتعاقدين مانعا أدبيا يحول دون حصول المطعون ضده على ورقة ضد من ابن أخيه المتصرف إليه وكانت صلة القربى هذه ثابتة بإقرار الطاعن في مذكرته المودعة برقم 6 بملف محكمة الدرجة الأولى إذ ورد فيها أن المطعون ضده عمه وكانت النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه لا تتأثر بكون الطاعن ابن أخ شقيق للمطعون ضده أو ابن أخ غير شقيق، لما كان ذلك فإن النعي بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال من ثلاثة أوجه ويقول في بيان الوجهين الأولين أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأن العقد لم يقصد به تمليك الطاعن الأطيان محل النزاع وإنما قصد به توفير النصاب المالي اللازم لترشيحه لمنصب العمدية بعد وفاة والده. أقام الحكم قضاءه بذلك على اعتبارات لا تؤدي إلى ما انتهى إليه. إذ القول بوجود العمدية في الأسرة منذ سنة 1895 وبقيام صلة القربى بين الطرفين لا ينهض دليلا على صورية التصرف الحاصل من المطعون ضده للطاعن ولا يصلح سندا لترجيح أقوال شهود المطعون ضده. كما استند الحكم المذكور في ترجيح أقوال هؤلاء الشهود وفي القول بصورية العقد على أن قانون العمد والمشايخ رقم 141 سنة 1947 الذي صدر العقد في ظل أحكامه اشترط توافر نصاب مالي لدى من يرشح للعمدية وأن يكون هذا النصاب قائما قبل خلو منصب العمدية مع أن اشتراط القانون المذكور وجود هذا النصاب لا يصلح أساسا للقول بأن العقد المطعون فيه صوري لم يقصد به التمليك وإنما قصد به توفير النصاب المالي للطاعن. ويقول الطاعن بيانا للوجه الثالث أن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي فيما قرره من أن النهاية التي انتهى إليها الطاعن بسلوكه سبيل الخارجين على القانون من شأنها أن تثير الشكوك والشبهات حول حقيقة المستندات التي قدمها لإثبات ملاءته وتوافر النصاب المالي لديه قبل صدور العقد المطعون عليه، هذا في حين أن المطعون ضده لم يجحد هذه المستندات ومن بينها عقد بيع محرر في 23/11/1957 عن قطعة أرض زراعية بناحية دجوي مساحتها 6ط وعقد بيع محرر في 31/7/1958 صادر من نفس المطعون ضده، كما أن استبعاد التصرفات الصادرة إلى الطاعن في 23/11/1957 و31/7/1958 من عناصر التدليل على ملاءته استنادا إلى أنها تمت بعد تحرير العقد المطعون عليه، ينطوي على فساد في الاستدلال لأن ثبوت ملاءة الطاعن عند تحرير عقد 31/7/1958 لا ينتفي معها قيامها في 1/8/1955 تاريخ تحرير العقد المطعون عليه. وإذ لم يورد الحكم أدلة مقبولة على عدم توافر الملاءة لدى الطاعن وقت تحرير العقد الأخير فإنه يكون قاصر البيان
وحيث إن النعي بالوجهين الأولين مردود بأن الحكم المطعون فيه استند في إثبات صورية العقد صورية مطلقة إلى أقوال شهود الإثبات التي رجحها على أقوال شهود النفي للاعتبارات التي أفصح عنها والتي من بينها ما دللت عليه المحكمة من أن أسرة ..... التي ينتمي إليها المتعاقدان درجت على أن تحتفظ بمنصب العمدية منذ سنة 1895 حتى الوقت الحاضر وأن والد المتصرف إليه استمر يشغل هذا المنصب حتى وفاته في سنة 1958 وشغله بعده ابنه .... أخ المحجور عليه المتصرف إليه وكان في نية كبار الأسرة أن يشغله الأخير لولا ارتكابه الجناية التي حكم عليه من أجلها بالأشغال الشاقة وأن المطعون ضده أصدر العقد المطعون عليه استجابة لهذه الرغبة لمجرد توفير النصاب المالي لديه قبل أن يترك والده العمدية وهو النصاب الذي كان قانون العمد والمشايخ رقم 141 سنة 1947 يشترط توافره لدى من يعين عمدة وأن يكون متوافرا قبل خلو الوظيفة. ولما كانت أقوال شهود الإثبات التي استند إليها الحكم المطعون فيه تؤدي إلى ما انتهى إليه من صورية العقد صورية مطلقة وكان تقدير أقوال مختلف الشهود مرهونا بما يطمئن إليه وجدان المحكمة منها وكانت الاعتبارات التي أوردها الحكم لتبرير ترجيحه لأقوال شهود الإثبات على أقوال شهود النفي سائغة ولا يشوبها فساد في الاستدلال فإن النعي بهذين الوجهين يكون على غير أساس. والنعي في وجهه الثالث مردود أيضا بأن الحكم دلل على عدم ملاءة الطاعن وقت حصول التصرف المطعون عليه بقوله "وحيث إنه مما يعزز أقوال هؤلاء الشهود ويؤيدها من أن المدعى عليه لم يكن يملك وقت صدور التصرف المطعون عليه شيئا يستطيع منه أن يدفع المبلغ المسمى في هذا العقد، أن مستندات المدعى عليه (الطاعن) على كثرتها لا تفيد أنه كان له مصدر دخل ثابت كنشاط تجاري أو زراعي مستقل يمده بالمال الوفير. أما العقود المقدمة منه فلا تصلح دليلا على ملاءته من وجهين فهي مجرد تصرفات لا تدل بفرض صحتها على يسار المدعى عليه وملاءته، ومن جهة أخرى فإنها صادرة بعد تحرير العقد المطعون عليه اللهم إلا عقدا واحدا مؤرخا 1/3/1954 قيمته 250 ج وهذا المبلغ زهيد. ثم إن النهاية التي انتهت بها حياة المدعى عليه (الطاعن) وهي سلوكه سبيل الخارجين على القانون تثير ظنونا وشبهات حول حقيقة هذه التصرفات". ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه استند في التدليل على عدم قدرة المتصرف إليه - الذي يمثله الطاعن - على دفع الثمن المذكور في العقد على ما قرره شهود الإثبات الذين اطمأنت المحكمة إلى أقوالهم من عدم وجود مال لديه وقت صدور هذا العقد يمكنه دفع الثمن منه، ولم ير الحكم في عقود البيع المقدمة من الطاعن ما ينقض هذا الذي قرره الشهود لأنها فيما عدا واحد منها لاحقة لتاريخ العقد المطعون عليه بأكثر من سنتين وهي بذلك لا تدل على يسار المتصرف إليه في التاريخ المذكور أما العقد السابق منها على هذا التاريخ فإن قيمته 250 ج وهي قيمة زهيدة بالنسبة للثمن المذكور في العقد المطعون عليه قدره 2250 ج ومن ثم فلا يدل على قدرة المتصرف إليه على أداء هذا الثمن. ولما كان هذا الذي استند إليه الحكم في التدليل على عدم ملاءة المتصرف إليه الذي يمثله الطاعن وعدم قدرته بالتالي على دفع الثمن المذكور في العقد المطعون عليه وفي إطراح المستندات المقدمة منه لإثبات هذه الملاءة سائغا ولا عيب فيه ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم فإن النعي عليه بهذا الوجه لا يعدو في حقيقته أن يكون مجادلة موضوعية مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بصورية عقد البيع وبعدم أداء الطاعن ثمن المبيع على ما قرره من اطمئنان إلى أقوال الشهود الأول والثالث والرابع من شهود الإثبات وإلى أقوال الشاهد الأول من شهود النفي. في حين أن الثابت من محضر التحقيق الذي تم أمام محكمة الدرجة الأولى أن الشاهد الأول من شهود النفي قرر أن المحجور عليه يمتلك 12 فدانا وكسور اشتراها من المطعون ضده بالعقد المسجل المطعون عليه ودفع فيها مبلغ 2250 ج وأنه يضع يده عليها ويدفع عنها الأموال الأميرية وأنه سلم المبلغ إلى المحجور عليه الذي سلمه إلى المطعون ضده بدوره في مجلس العقد. ومن هذه الأقوال يبين أن الشاهد المذكور قرر عكس ما نسبه إليه الحكم المطعون فيه. وهذا الخطـأ في الإسناد يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الثابت أن محكمة الدرجة الأولى قالت في خصوص ما يثيره الطاعن في هذا السبب ما نصه "وحيث إن المحكمة يداخلها اطمئنان فيما شهد به شهود المدعي (المطعون ضده) من أن العقد صوري ولم يدفع فيه ثمن ولا وضع المدعى عليه (الطاعن) يده على الأطيان ذلك أن الشاهد الأول تربطه بطرفي الخصومة صلة من قرابة وهو في الوقت نفسه كان شاهدا سواء في العقد الابتدائي أم في العقد المسجل وحمل أعباء مباشرة إجراءات شهره ودليل ذلك أقوال الشاهد الأول من شهود النفي وبدليل أنه مؤشر على هامش العقد المسجل بما يفيد أن طلب الشهر مقدم من الشاهد المذكور." ومفاد ذلك أن محكمة الموضوع لم تستند إلى أقوال الشاهد الأول من شهود النفي في التدليل على صورية العقد بل إنها استندت في ذلك إلى أقوال شهود الإثبات فحسب وأن استنادها إلى أقوال الشاهد الأول من شهود النفي إنما كان في معرض التدليل على أنه أيد ما قرره أحد شهود الإثبات من أنه وقع على العقد كشاهد وحمل أعباء مباشرة إجراءات شهره. ولما كان شاهد النفي المذكور قد شهد فعلا في التحقيق بذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في الإسناد يكون منهار الأساس لابتنائه على ما لا أصل له في الحكم المطعون فيه
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 472 لسنة 34 ق جلسة 2 / 1 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 2 ص 7


برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.
----------
حكم " الفساد في  الاستدلال . ما يعد كذلك". عقد " انحلال العقد . الفسخ". محكمة الموضوع " سلطتها في مسائل الواقع".
استخلاص نية المتعاقدين على التفاسخ الضمني وتحصيل فهم الواقع في الدعوى بما تستقل به محكمة الموضوع. عليها بيان كيف تلاقت إرادتا الطرفين على حل العقد وذلك بأسباب سائغة. استخلاص التفاسخ مع استمرار تمسك كل من الطرفين بالعقد دون أن يدعى أيهما حصول التفاسخ عنه. فساد في الاستدلال.
لئن كان استخلاص نية المتعاقدين على التفاسخ الضمني و تحصيل فهم الواقع في  الدعوى هو مما تستقل به محكمة الموضوع إلا أنها متى قالت بهذا التفاسخ فإن عليها أن تورد من الوقائع و الظروف ما اعتبرته كاشفا عن إرادتي طرفي التعاقد و أن تبين كيف تلاقت هاتان الإرادتان على حل العقد و أن يكون ما تورده من ذلك من شأنه أن يؤدى عقلا إلى ما انتهت إليه . فإذا كان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من اتجاه نية طرفي العقد إلى التفاسخ عنه يتنافى مع إصرار كل منهما على التمسك به في  الدعوى التي أقامها على الآخر و طالب فيها بالتعويض على أساس إخلال الطرف الآخر بالتزاماته الناشئة عن العقد و مع استمرار كل منهما متمسكا بالعقد و بإخلال الطرف الآخر بالتزاماته الناشئة عنه طوال نظر الدعوى أمام درجتي التقاضي دون أن يدعى أيهما حصول التفاسخ عنه فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالفساد في  الاستدلال .
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 701 سنة 1962 تجاري كلي القاهرة على ا لمطعون ضدهما طالبة الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 2526 ج و930م. وقالت بيانا للدعوى أن الشركة الزراعية للشرق الأوسط حصلت من مراقبة الاستيراد على الترخيص رقم 715875 المؤرخ 4 ديسمبر سنة 1960 باستيراد 37.5 طن من الشطة الرفيعة من السودان في حدود مبلغ اثني عشر ألف جنيها على أن تكون طريقة الدفع بفتح اعتماد أو ضد المستندات أو بموجب كمبيالات تدفع بالنقد المصري عن طريق الحساب السوداني وقد عهدت تلك الشركة بتنفيذ ذلك الترخيص إلى المطعون ضده الأول الذي فوض المطعون ضده الثاني في شراء الشطة لحسابه فأبرم هذا الأخير لحساب الأول مع وكيل الشركة الطاعنة في القاهرة العقد المؤرخ 24 يناير سنة 1961 متضمنا شراء المطعون ضده الأول منها 37.5 طنا من الشطة السوداني مقابل ثمن قدره 285ج للطن على أن يلتزم المشتري بفتح اعتماد مستندي لصالح الشركة البائعة في أحد بنوك الخرطوم في ميعاد غايته 14 فبراير سنة 1961 وأن يدفع عمولة لوكيلها في القاهرة مقدارها خمسة جنيهات عن كل طن على أن تقوم الشركة بشحن البضاعة إلى ميناء السويس خلال ثلاثة شهور من تاريخ إخطارها بفتح الاعتماد، وسدد المشتري (المطعون ضده الأول) قيمة العمولة لوكيل الطاعنة في القاهرة، وأنها سارعت بعد إبرام العقد إلى شراء الشطة المتعاقد عليها لأنها من السلع الموسمية التي لا يتيسر الحصول عليها في غير موسمها وأودعتها مخازنها في ميناء بور سودان توطئة لشحنها فور إخطارها من المشتري بفتح الاعتماد غير أنها فوجئت في 11 أكتوبر سنة 1960 بخطاب مسجل من المشتري يزعم فيه أنها لم تنفذ التزامها وأن أضرارا كثيرة قد لحقت به من جراء ذلك ويطلب تسوية الأمر وديا، فأنذرته على يد محضر في 18 نوفمبر سنة 1961 بأنه هو الذي أخل بالتزامه بفتح الاعتماد على أحد بنوك الخرطوم وأنه لذلك مسئول عن فرق السعر إذ كان قد هبط بمقدار 50ج للطن بسبب ظهور المحصول الجديد كما أنه مسئول عن فوائد استثمار الثمن ومقدارها 566ج و291م فضلا عن مصاريف التخزين
ولما لم يرد المشتري على هذا الإنذار اضطرت لإقامة الدعوى بطلباتها سالفة الذكر. ولدى نظر الدعوى تنازلت عن طلب الفوائد وتركت الأمر في تقدير مصروفات التخزين للمحكمة. وقد أجاب المشتري (المطعون ضده الأول) على الدعوى بأن الشركة هي التي أخلت بالتزاماتها الناشئة عن العقد المؤرخ 24 يناير سنة 1961، وأقام عليها دعوى فرعية قيدت برقم 2305 سنة 62 تجاري كلي القاهرة طالبا إلزامها بأن تدفع له 1046ج و250م على سبيل التعويض بسبب إخلالها بتلك الالتزامات وقد أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الشركة الطاعنة أنها نفذت العقد بشرائها الشطة لحساب المشتري وأنها قامت بتخزينها مع تحديد تاريخ الشراء ولتثبت أيضا سعر شرائها لها وسعر بيعها مع تحديد تاريخ هذا البيع وصرحت للمشتري بالنفي. وبجلسة 14 مارس سنة 1963 قرر الحاضر عن الشركة أنه ليس لديه شهود لأن الوقائع المطلوب إثباتها حدثت في السودان وأنه يعول في الإثبات على ما قدمه من المستندات. وبناء على هذا لم ينفذ حكم التحقيق. وبتاريخ 27 يونيه سنة 1963 قضت محكمة القاهرة الابتدائية (أولا) في دعوى الشركة الطاعنة رقم 701 سنة 1962 بإلزام المشتري (المطعون ضده الأول) بأن يدفع لها مبلغ 1700ج (ثانيا) في دعوى المشتري (المطعون ضده الأول) رقم 2305 سنة 1962 برفضها. استأنف المطعون ضده المذكور هذا الحكم بالاستئناف رقم 639 سنة 70ق لدى محكمة استئناف القاهرة. وبتاريخ 19 مايو سنة 1964 قضت تلك المحكمة في الدعوى رقم 701 بإلغاء الحكم المستأنف ورفضها وفي الدعوى رقم 2305 بتأييد الحكم المستأنف
طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صممت النيابة على هذا الرأي.

-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعواها على ما استخلصه من أن نية كل من طرفي العقد المؤرخ 24 يناير سنة 1961 قد انصرفت إلى العدول عنه وأن إرادتيهما قد تلاقيتا على هذا الأمر، واستدل الحكم على ذلك أن المشتري لم يكشف عن نيته في تنفيذ التزامه بفتح الاعتماد في أحد بنوك السودان ولم يطالب الشركة البائعة بالأوراق اللازمة لفتح هذا الاعتماد، وأنه اشترى بضاعة مماثلة من شركة أخرى وبأن الشركة البائعة لم تسجل عليه تقصيره في فتح الاعتماد ولم تخطره بشرائها لحسابه البضاعة المتفق عليها وهذا من الحكم استدلال غير سائغ لأن التعاقد المؤرخ 24 يناير سنة 1961 كان باتا ملزما لطرفيه فلا يلزم له من بعد تعبير عن إرادة تنفيذ ما ترتب عليه من التزامات، وإذا كان المشتري لم يقم بتنفيذ التزامه بفتح الاعتماد فهو مقصر يسأل عن تقصيره وبتحمل تبعته ما لم ترفض الشركة إعفاءه منها وهو ما لم يحصل وعلى ذلك فإنه لا يسوغ تفسير نكول المشتري عن تنفيذ التزام منصوص عليه في العقد بأنه عدول عن التعاقد وحتى على فرض أن نيته اتجهت إلى العدول - وهو ما لم يقع - فإن ذلك ما كان ليؤثر في قيام التعاقد لأنه لم يلق قبولا من جانب الشركة البائعة، ولأن عدم مطالبة المشتري للشركة بأية مستندات قد تكون لازمة لفتح الاعتماد هو الآخر تقصير منه، فإذا كان فتح الاعتماد لا يتطلب إلا الترخيص والعقد وهما في حوزته فإن وجه التقصير يكون واضحا. ولا يمكن أن يؤخذ عدم تسجيل الشركة على المشتري لتقصيره في فتح الاعتماد دليلا على قصد العدول من جانبها لأنه يحمل على التسامح والثقة المتبادلة بين التجار لاسيما في المعاملات ذات الصبغة الدولية التي تطول فيها لإجراءات وتقتضي الرجوع إلى مراقبة النقد الأجنبي وجهات عديدة أخرى. كما أن عدم إخطار المشتري بشراء البضاعة لا يمكن أن يفيد العدول عن التعاقد لأن العقد لم يفرض على الشركة القيام بهذا الإخطار أما شراء المطعون ضده الأول بضاعة مماثلة من شركة أخرى دون أن يتصل بالشركة الطاعنة أو يعذرها فهو سلوك ينطوي على الالتواء ولا ينهض حجة على تلاقي نية الطرفين على العدول عن التعاقد وبخاصة وأن المشتري اضطرب في دفاعه فهو تارة ينكر علمه بالتعاقد ولا يتصور أن ينسب إلى من أنكر التعاقد قصد العدول عنه وتارة يتمسك بالتعاقد ويقيم الدعوى الفرعية مطالبا بالتعويض عن إخلال الشركة بالتزاماتها ولا يمكن أن ينسب إلى من يتمسك بالتعاقد قصد العدول عنه، فأيا ما كان دفاع الطاعن تنصلا من التعاقد أو تمسكا به فإنه يتنافى مع نسبة العدول إليه بل إن الحكم قد استخلص نية الطرفين المشتركة في العدول عن التعاقد من عزل إرادة كل متعاقد عن الآخر وبذلك خلا من بيان الأدلة على كيفية تلاقيهما عليه
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استند في استخلاصه للتفاسخ إلى قوله "إنه بعد إبرام العقد قد انصرفت نية كلا الطرفين إلى العدول عنه وتلاقت نية كليهما في ذلك ويستفاد ذلك مما يأتي (أولا) لقد تم التعاقد على الصفقة في 24/1/1961 على أن يقوم المستأنف (المطعون ضده الأول) بفتح الاعتماد ولم يصدر منه ما يدل على نيته في تنفيذ ذلك كما أن الشركة البائعة (الطاعنة) لم يصدر منها ما يدل على تسجيل تقصير المستأنف في هذا الشأن من إعذار أو تنبيه كما أن المستأنف لم يصدر منه ما يفيد مطالبة الشركة بالأوراق اللازمة لفتح الاعتماد (ثانيا) أن الشركة البائعة لم تخطر المستأنف بقيامها بشراء البضاعة المتعاقد عليها في حينه بل سكتت حتى أرسل إليها السيد محامي المستأنف خطابه المؤرخ 11/10/1961 (ثالثا) إن ادعاء الشركة بشراء البضاعة وتخزينها ادعاء لا ترى المحكمة ما يؤيد صحته ... وأنه لو صح ما تدعيه الشركة وكانت جادة في تنفيذ العقد وتخشى أن ينقضي الموسم ويحل موسم جديد تنخفض معه أسعار محصول الموسم السابق كما تقول لقامت بإنذار المستأنف ولجأت إلى القضاء لاستئذانه في بيع المحصول وفقا لما تخوله لها المادة 337 مدني (رابعا) أن المستأنف قد قام بشراء ما يحتاج إليه من الشطة من شركة أخرى وذلك دون أن يتصل بالشركة المستأنف عليها أو يعذرها وقبل إرسال خطاب محاميه المؤرخ 11/10/1961 (خامسا) أن خطاب المستأنف لا يطلب فيه تنفيذ التعاقد وإنما يطلب تسوية الموضوع وأن رد الشركة البائعة بإنذارها إنما تناول ما قالت إنه يحق المطالبة به كتعويض دون أن تبدي استعدادها لتنفيذ التعاقد. وحيث إن المحكمة تخلص مما سبق إيضاحه أن العقد المبرم بين الطرفين قد انحل ولم يعدله وجود بتلاقي نية الطرفين وإرادتهما وذلك بتصرفاتهما السلبية والإيجابية على السواء وعلى النحو المتقدم بيانه الأمر الذي تنعدم معه مسئولية كل منهما قبل الآخر". وهذا الذي أقام الحكم عليه قضاءه ينطوي على فساد في الاستدلال ذلك أنه وإن كان استخلاص نية المتعاقدين على التفاسخ الضمني وتحصيل فهم الواقع في الدعوى هو مما تستقل به محكمة الموضوع إلا أنها متى قالت بهذا التفاسخ فإن عليها أن تورد من الوقائع والظروف ما اعتبرته كاشفا عن إرادتي طرفي التعاقد وأن تبين كيف تلاقت هاتان الإرادتان على حل العقد وأن يكون ما تورده من ذلك من شأنه أن يؤدي عقلا إلى ما انتهت إليه، ومتى كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على العقد المؤرخ 24 يناير سنة 1961 أن المشتري قد التزم فيه بفتح اعتماد بالثمن على أحد بنوك الخرطوم على أن يتم شحن البضاعة خلال ثلاثة شهور من تاريخ إخطاره الشركة البائعة بفتح هذا الاعتماد، وعلى ذلك يكون شحن البضاعة وتسليمها معلقا على تنفيذ التزام المشتري بفتح الاعتماد فإذا هو لم يفتح ذلك الاعتماد أو يطالب الشركة بتزويده بالأوراق اللازمة لذلك - لو صح ما يقوله من أن فتح الاعتماد كان في حاجة إلى غير الترخيص والعقد اللذين كانا في حوزته - واشترى ما يحتاج إليه من الشطة من شركة أخرى دون أن يتصل بالشركة الطاعنة فإن ذلك كله يكون إخلالا منه بالتزاماته الواردة في العقد لا يصح أن يستفاد منه أن نيته قد انصرفت إلى العدول عن تنفيذه وبخاصة أنه في خطابه المؤرخ 11 أكتوبر سنة 1961 الذي أرسله إلى الشركة الطاعنة أخذ عليها فيه عدم تنفيذها للعقد وذكر أن ذلك قد أضر به لأنه كان ملتزما مع عملائه بارتباطات مترتبة على تنفيذه ثم أقام على الشركة دعوى فرعية يطلب التعويض على أساس أنها أخلت بالتزاماتها الواردة في العقد، ولا يسوغ بعد أن أفصح هو عن تمسكه بالعقد على هذا النحو أن ينسب الحكم إليه نية العدول عنه وأن يستدل على ذلك بتقصيره في تنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد. لما كان ذلك وكان استدلال الحكم المطعون فيه على نية الشركة الطاعنة في حل العقد بأنها لم تخطر المشتري بقيامها بشراء البضاعة المتعاقد عليها في حينه ولم تسجل عليه تقصيره في فتح الاعتماد وبأنها لم تلجأ إلى القضاء لاستئذانه في بيع المحصول بالمزاد وفقا للمادة 337 من القانون المدني هذا الاستدلال هو أيضا غير سائغ لأن العقد لم يلق على الشركة واجب إخطار المشتري بشراء البضاعة ولأن تقصيرها في أن تسجل عليه التأخير في فتح الاعتماد لا يمكن أن يدل على نيتها في العدول عن تنفيذ العقد بعد أن أفصحت عن نيتها في التمسك به في إنذارها المعلن في نوفمبر سنة 1961 ونبهت فيه على المشتري بأن يدفع لها المبالغ التي حددتها في هذا الإنذار كتعويض لها عن الأضرار التي أصابتها بسبب إخلاله بالتزاماته الناشئة عن العقد ولأن التجاءها إلى القضاء لاستئذانه في بيع المحصول وفقا للمادة 337 من القانون المدني هو أمر جوازي لها متروك لمشيئتها فإذا هي قدرت أنه لا مصلحة لها في اتخاذ هذا الإجراء فإنه لا يمكن أن يتخذ قعودها عنه قرينة على نيتها في العدول عن التعاقد، لما كان ذلك وكان ما انتهى إليه الحكم من اتجاه نية طرفي العقد إلى التفاسخ عنه يتنافى مع إصرار كل منهما على التمسك به في الدعوى التي أقامها على الآخر وطالب فيها بالتعويض على أساس إخلال الطرف الآخر بالتزاماته الناشئة عن هذا العقد ومع استمرار كل منهما متمسكا بالعقد وبإخلال الطرف الآخر بالتزاماته الناشئة عنه طوال نظر الدعوى أمام درجتي التقاضي دون أن يدعى أيهما حصول التفاسخ عنه. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 145 لسنة 32 ق جلسة 1 / 1 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 1 ص 3


برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.
--------------
ضرائب " الضريبة العامة على الإيراد ".
إيراد العقار الذي تم التصرف فيه بعقد لم يسجل يدخل في وعاء الضريبة العامة بالنسبة للمتصرف إليه الذي دخل العقار فعلا في حيازته وحصل على إيراده لا في وعاء الضريبة العامة للمالك قانونا.
النص في  الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 بعد تعديلها بالقانون رقم 218 لسنة 1951 على أن "تسوى الضريبة على المجموع الكلى للإيراد السنوي الصافي الذى حصل عليه الممول خلال السنة السابقة " . يدل على أن الشارع قصد فرض الضريبة العامة على ما يقتضيه الممول من إيراد سنوي صاف يجاوز حد الإعفاء و يملك التصرف فيه و لو لم يكن مالكا" لمصدره ، و من ثم فإن إيراد العقار الذى تم التصرف فيه بعقد لم يسجل يدخل في  وعاء الضريبة العامة بالنسبة للمتصرف إليه الذى دخل العقار فعلا في  حيازته و حصل على إيراده لا في  وعاء الضريبة العامة للمالك قانونا" .
-------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن مأمورية ضرائب منوف قدرت إيرادات المرحوم "......" الخاضعة للضريبة العامة على الإيراد في كل من سنتي 1949 و1950 بمبلغ 1459 جنيها وفي كل من السنوات من 1951 إلى 1956 بمبلغ 1709ج وفي الفترة من أول يناير سنة 1957 حتى تاريخ وفاته في 22/9/1957 بمبلغ 1282ج، وأخطرت ورثة الممول بهذه التقديرات وبربط الضريبة على أساسها، وإذ لم يوافق الورثة عليها وأحيل الخلاف على لجنة الطعن وبتاريخ 14/2/1960 أصدرت قرارها بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بتخفيض صافي إيراد الممول إلى مبلغ 1172ج و217م عن كل من سنتي 1949 و1950 وإلى مبلغ 1339ج و676م عن كل من السنوات من 1951 إلى 1956 وإلى مبلغ 973ج عن فترة سنة 1957 وذلك قبل خصم حد الإعفاء المقرر له قانونا، فقد أقامت مصلحة الضرائب الدعوى رقم 41 سنة 1960 شبين الكوم الابتدائية ضد ورثة الممول بالطعن في هذا القرار طالبة إلغاءه والحكم بتأييد تقديرات المأمورية. وبتاريخ 28/1/1961 حكمت المحكمة بتأييد القرار المطعون فيه. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها وقيد هذا الاستئناف برقم 35 سنة 11ق. وبتاريخ 18/2/1962 حكمت المحكمة حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المصلحة المستأنفة بالمصروفات الاستئنافية وبمبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليهم رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتين الأولى والثانية وطلبت رفض الطعن.
-------------
المحكمة
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه اعتمد في قضائه على أن مساحة الأطيان التي كان يملكها مورث المطعون عليهم والخاضعة إيراداتها للضريبة العامة على الإيراد هي 73 ف و20 ط و22 س وليست 91 ف و20 ط و17 س مستندا في ذلك إلى أن الثابت من مشارطة التحكيم المؤرخة 2/6/1944 ومن عقود الشراء الصادرة سنة 1949 أن المساحة التي اتخذها أساسا لربط الضريبة هي كل ما كان يملكه المورث في سنوات النزاع، وأنه لا يؤثر في ذلك أن مشارطة التحكيم عرفية ولم تشهر لأن أحكام القانون المدني والشهر العقاري لم تهدر حجية المحررات العرفية في الإثبات ولم تقلل من كفايتها في ترتيب الأثر الملزم للاتفاقات المثبتة بها، وأن الشهر - وفقا لقانون تنظيمه - إجراء مستقل عن التصرف لا يؤثر إغفاله في انعقاده ولا إهماله في الالتزام بآثاره بل يشكل شرطا تكميليا لنقل الحقوق العينية، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، لأن أحكام المادة 934 من القانون المدني والمادة 9 من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 والمادة الأولى من قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 تقضي بأن الملكية في المواد العقارية والحقوق العينية الأخرى لا تنتقل لا فيما بين المتعاقدين ولا في حق الغير إلا بالتسجيل، وأنه لم يرد في القانون رقم 99 لسنة 1949 الخاص بفرض ضريبة عامة على الإيراد أي نص يتعارض مع القوانين المشار إليها الأمر الذي يتحتم معه إعمال هذه القوانين بشأن تعيين الملكية عند تحديده وعاء الضريبة العامة على الإيراد، خاصة وأنه من المبادئ المقررة أنه في حالة سكوت القانون الخاص عن تنظيم مسألة معينة يتعين الرجوع في خصوصها إلى القانون العام وإذ قدر الحكم المطعون فيه إيراد الممول الناتج من الأطيان الزراعية في كل من سنوات النزاع على أساس أن مجموع ما يملكه هو 73 ف و20 ط و32 س مستبعدا القدر الذي اختص به أولاد أخيه ومساحته 19 فدانا استنادا إلى مشارطة تحكيم عرفية فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 بعد تعديلها بالقانون رقم 218 لسنة 1951 على أن "تسري الضريبة على المجموع الكلي للإيراد على أن الشارع قصد فرض الضريبة العامة على ما يقتضيه الممول من إيراد سنوي صافي يجاوز حد الإعفاء ويملك التصرف فيه ولو لم يكن مالكا لمصدره، ومن ثم فإيراد العقار الذي تم التصرف فيه بعقد لم يسجل يدخل في وعاء الضريبة العامة بالنسبة للمتصرف إليه الذي دخل العقار فعلا في حيازته وحصل على إيراده، لا في وعاء الضريبة العامة للمالك قانونا
إذا كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على أنه "ثابت بمشارطة التحكيم الحاصلة بتاريخ 2/6/1944 بين المورث وأولاد أخيه أن مورث المستأنف ضدهم اختص بتسعة وستين فدانا زيدت بعض أفدنة بطريق الشراء في سنة 1949 فأصبحت 73 ف و20 ط و22 س وأن وعاء الضريبة العامة على الإيراد يتكون من المصادر المنتجة لذلك الإيراد، وأن الملكية العقارية وإن تكن أحد هذه المصادرة إلا إنها ليست كذلك في بعض الأحوال، من ذلك بقاء العقار في ملك بائعه بموجب عقد لم يشهر مع أيلولة حيازته إلى المشتري الذي يستحق غلته كأثر للتعاقد" ورتب على ذلك "أن لجنة الطعن تكون على حق بما نهجت من تقدير لمشارطة التحكيم وتخفيض إيراد المورث الخاضع للضريبة العامة على مقتضاها". فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن مشارطة التحكيم المؤرخة 2/6/1944 لم يصدق عليها من القاضي المختص ولم يوضع عليها أمر التنفيذ وفقا للمادة 844 من قانون المرافعات، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري فإنه يكون مشوبا بالقصور
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الطاعنة لم تقدم ما يدل على سبق التمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع ومن ثم فإنه يكون عاريا من الدليل.

الطعن 298 لسنة 33 ق جلسة 9 / 1 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 3 ص 20

جلسة 9 من يناير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله.

---------------

(3)
الطعن رقم 298 لسنة 33 القضائية

(أ) التزام. "أوصاف الالتزام". "التضامن". "التضامن بين المدينين". "التأمينات الشخصية". "الكفالة". ضرائب. "الضريبة على العقارات المبنية". تضامن "التضامن بين المدينين".
التضامن بين المدينين لا يفترض. عدم وضوحه بجلاء في العبارة التي تضمنته. مؤدى ذلك تفسيرها لمصلحة المدينين لأن الأصل هو عدم تضامنهم. مثال.
(ب) تأمينات. "التأمينات العينية". امتياز.
حق الامتياز المقرر بالمادة 27 من القانون 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية، حق تبعي ضامن للوفاء بالحق الأصلي. عدم نزعه صفة الكفيل عن صاحب الأرض وجعله مديناً أصلياً بهذه الضريبة.

---------------
1 - التضامن بين المدينين لا يجوز افتراضه ويجب ألا يكون محل شك في العبارة التي تضمنته، فإذا لم يكن واضحاً بجلاء فسرت العبارة لمصلحة المدينين لأن الأصل هو عدم تضامنهم. ومؤدى ذلك مرتبطاً بنص الفقرة الأولى من المادة 26 من القانون 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية أن يكون مالك الأرض التي أقيم عليها البناء المطالب بضريبته كفيلاً متضامناً مع مالك البناء في أداء هذه الضريبة باعتبار التزام مالك الأرض التزاماً تابعاً لالتزام مالك البناء المدين أصلاً بالضريبة.
2 - إن حق الامتياز المقرر في المادة 27 من القانون 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية لا يعدو أن يكون حقاً تبعياً "ضامناً" للوفاء بالحق الأصلي ولا ينزع صفة الكفيل عن صاحب الأرض ويجعله مديناً أصلياً بهذه الضريبة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على - ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 294 سنة 1961 مدني كلي القاهرة ضد محافظ القاهرة بصفته رئيساً لمجلس المحافظة - الطاعن - طالباً الحكم ببراءة ذمته من مبلغ قدره 511 ج و820 م، وقال شرحاً لدعواه إنه يملك مع آخرين قطعة أرض بحي بولاق وقد أجروا هذه الأرض للغير وأقام المستأجرون مبان عليها من مالهم وكلفت بأسمائهم وتعهدوا في عقد الإيجار بسداد الأموال التي تربط عليها، ثم صدر للمطعون ضده عدة أحكام بإخلاء هذه الأرض من مستأجريها وبدأ في تنفيذها في شهر يوليه سنة 1955 وأخطر الطاعن ليعمل على تحصيل الضرائب والرسوم المستحقة قبل هؤلاء المستأجرين إلا أن الطاعن لم يتخذ أي إجراء ضدهم وعمد إلى مطالبته هو بالمبلغ السالف الإشارة إليه باعتباره مديناً متضامناً مع ملاك هذه المباني المستأجرين أصلاً للأرض في أداء الضريبة المطلوبة عليها مع أنه لا يعدو أن يكون كفيلاً متضامناً طبقاً لنص المادة 26 من القانون رقم 56 لسنة 1954 ومن حقه طبقاً لأحكام الكفالة أن يسائل الدائن عن إهماله في أعمال التأمينات المقررة له. وإذ غفل الطاعن - وهو الدائن - عن مطالبة هؤلاء المستأجرين فإن ذمة المطعون ضده باعتباره كفيلاً تبرأ بقدر ما أضاعه الدائن بخطئه من التأمينات. وفي 1/ 12/ 1962 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى. فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 29/ 80 ق. وفي 26 مايو سنة 1963 قضت محكمة الاستئناف قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء الحسابيين بوزارة العدل لتصفية الحساب بين الطاعن والمطعون ضده على أساس أن هذا الأخير كفيل متضامن مع المستأجرين الذين أقاموا الأبنية المطالب بالضريبة عنها في أداء هذه الضريبة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ أقام قضاءه باعتبار المطعون ضده كفيلاً متضامناً مع المستأجرين في أداء الضريبة عن المباني المقامة منهم تأسيساً على أن مالك الأرض يعتبر كفيلاً متضامناً مع المستأجر في سداد الضرائب المستحقة على البناء الذي أقامه هذا الأخير على الأرض المؤجرة إليه ثم أحال الحكم الدعوى إلى خبير لإثبات ما أضاعه الدائن - الطاعن - من ضمانات حتى تبرأ ذمة المطعون ضده - الكفيل - بقدر ما ضاع من هذه الضمانات. هذا في حين أن المادة 26 من القانون رقم 56 لسنة 1954 في شأن الضريبة على العقارات المبنية تقضي بأن الالتزام بأداء الضريبة عن المباني يقع على عاتق ملاكها ومستأجريها ومالكي الأرض المقامة عليها بالتضامن وليس في عبارة النص ما يحمل القول بأن المشرع قصد أن يكون التزام مالك الأرض بأداء الضريبة عن البناء تابعاً لالتزام مالك البناء حتى يمكن اعتباره كفيلاً متضامناً. هذا بالإضافة إلى أن نص المادة 27 من ذلك القانون جعل للحكومة فيما يختص بتحصيل الضريبة حق الامتياز على الأراضي المقامة عليها الأبنية سواء أكانت هذه الأراضي ملكاً لأصحاب المباني أم لغيرهم مما يفيد أن صاحب الأرض مدين متضامن مع صاحب المباني المقامة عليها في أداء الضريبة المستحقة على هذه المباني.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت المادة 26 من القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية قد نصت في الفقرة الأولى منها على أنه "يكون المستأجرون مسئولين بالتضامن مع أصحاب العقارات عن أداء الضريبة" فإن مفاد هذا النص أن مالك البناء هو المدين الملتزم أصلاً بالضريبة المستحقة على هذا البناء. وإذ نصت الفقرة الأخيرة من تلك المادة على أن "يعتبر صاحب الأرض متضامناً مع صاحب المباني في أداء الضريبة المستحقة". وكان التضامن بين المدينين لا يجوز افتراضه ويجب ألا يكون محل شك في العبارة التي تضمنته فإذا لم يكن واضحاً بجلاء فسرت العبارة لمصلحة المدينين لأن الأصل هو عدم تضامنهم. فإن مؤدى ذلك - مرتبطاً بنص الفقرة الأولى من المادة المذكورة - أن يكون مالك الأرض التي أقيم عليها البناء المطالب بضريبته كفيلاً متضامناً مع مالك البناء في أداء هذه الضريبة باعتبار التزام مالك الأرض التزاماً تابعاً لالتزام مالك البناء المدين أصلاً بالضريبة. لما كان ذلك، وكان لا عبرة لما يثيره الطاعن من أن المادة 27 من ذلك القانون قد نصت على أن للحكومة فيما يختص بتحصيل الضريبة حق الامتياز على الأراضي المقامة عليها المباني سواء أكانت هذه الأراضي ملكاً لأصحاب المباني أم لغيرهم ذلك أن حق الامتياز المقرر بتلك المادة لا يعدو أن يكون حقاً تبعياً ضامناً للوفاء بالحق الأصلي ولا ينزع صفة الكفيل عن صاحب الأرض ويجعله مديناً أصلياً بهذه الضريبة. لما كان ما تقدم، وكان الثابت مما قرره الحكم أن المباني أقامها المستأجرون وكلفت بأسمائهم وأن الأرض كانت قد أجرت إليهم فضاء وكانت ملكية المطعون ضده قاصرة على الأرض دون المباني. فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى باعتبار المطعون ضده كفيلاً متضامناً وليس مديناً متضامناً في أداء الأموال المستحقة على هذه المباني لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بذلك على غير أساس متعين الرفض.

الطعن 99 لسنة 32 ق جلسة 9 / 1 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 2 ص 14

جلسة 9 من يناير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وعثمان زكريا.

-----------------

(2)
الطعن رقم 99 لسنة 32 القضائية

(أ) وقف. "حق الانتفاع بأعيان الوقف". حق عيني. وضع اليد "حسن النية". "تملك الثمرات".
حق المستحق في الوقف حق عيني في الانتفاع بأعيان الوقف. تملكه ما يقبضه من ثماره متى كان حسن النية.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات". "الإقرار". "الإقرار غير القضائي".
الإقرار غير القضائي ليس حجة قاطعة على المقر. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع.
(ج) محكمة الموضوع. "سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل". إثبات. "طرق الإثبات". "القرائن".
استقلال قاضي الموضوع بتقدير القرائن.

---------------
1 - إن حق المستحق في الوقف - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - حق عيني في الانتفاع بأعيان الوقف يضع المستحق اليد عليه بواسطة ناظر الوقف وله الحق في تملك ما يقبضه من ثماره متى كان حسن النية (1).
2 - لا يعتبر الإقرار غير القضائي - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - حجة قاطعة على المقر بل يكون خاضعاً لتقدير محكمة الموضوع. ولهذه المحكمة بعد تقدير الظروف التي صدر فيها وملابسات الدعوى أن تعتبره دليلاً مكتوباً أو مبدأ ثبوت بالكتابة أو مجرد قرينة. كما أن لها ألا تأخذ به أصلاً ولا معقب على تقديرها في ذلك متى بني على أسباب سائغة (2).
3 - تقدير القرائن مما يستقل به قاضي الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه منها متى كان استنباطه سائغاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 69 سنة 1957 كلي الإسكندرية ضد المطعون عليهم بصحيفة معلنة في 8 و10/ 12/ 1956 يطلبون الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهم مبلغ 21653 ج و869 م. وقالوا شرحاً لها إنه بموجب حجة مؤرخة 24/ 12/ 1924 وقف المرحوم متولي رجب أطياناً له بمديرية البحيرة على أولاده الخمسة وعلى الخيرات، وخص الطاعن الأول بالقسم الثالث من الوقف ومساحته 350 فداناً وخص المرحوم محمد متولي رجب والد المطعون عليهم بالقسم الرابع منه ومساحته 501 ف و7 ط و22 س، ولم يفرز الواقف هذين النصيبين بل تركهما شائعين فيما بين مستحقيهما، بأن خص الطاعن الأول 169 ف و4 س ومورث المطعون عليهم 69 ف و2 ط و4 س شيوعاً فيما بينهما في الأطيان الكائنة بحوض صهيب والقرافة رقم 2، وخص الطاعن الأول 180 ف و23 ط و12 س ومورث المطعون عليهم 363 ف و6 ط و12 س شيوعاً فيما بينهما في الأطيان الكائنة بحوض النشو، وقصد الواقف من تعيين الاستحقاق على هذه الصورة أن يحقق التعادل بين النصيبين في القيمة. وبعد وفاة الواقف آل لكل من الطاعن الأول ومورث المطعون عليهم النظر على نصيبه، وتولى كل منهما إدارة مساحة معينة من الأطيان الموقوفة في كل من قسمي الوقف على أن يصفى الحساب بينهما فيما بعد. وفي سنة 1931 توفى المرحوم محمد متولي رجب فآل نصيبه إلى المطعون عليهم عملاً بشرط الواقف وتولى المطعون عليه الأول النظر على هذا النصيب. ولما أن صدر قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 وتبعه قانون إنهاء الوقف على غير الخيرات رقم 180 لسنة 1952، وكان للطاعن الأول 350 فداناً خص نفسه منها بمائتي فدان وخص أولاده باقي الطاعنين بمائة فدان وأصبح للإصلاح الزراعي أن يستولى على المساحة الزائدة وقدرها خمسون فداناً ولم يكن لأي من المطعون عليهم أكثر من مائتي فدان ليستولي الإصلاح الزراعي على أطيان منهم، فقد قام الإصلاح الزراعي بمسح أطيان الوقف جميعها لتحديد المساحة التي يحوزها كل من المستحقين وتبين أن الطاعن الأول يحوز أقل من استحقاقه في الوقف بما مساحته 27 ف و7 ط و14 س منها 22 ف و21 ط و3 س تحت يد المطعون عليهم بحوض صهيب والقرافة رقم 2 زيادة عن نصيبهم العددي في الوقف بأسره، كما ظهر أنهم يحوزون في هذا الحوض 52 ف و6 ط و16 س زيادة عن نصيبهم العددي فيه. وإذ استحق الطاعنون في ذمة المطعون عليهم ريع هاتين المساحتين عن المدة من سنة 1941 حتى سنة 1955 وقدره 21653 ج و869 م وامتنع المطعون عليهم عن دفعه إليهم فقد أقاموا دعواهم للحكم لهم بطلباتهم. رد المطعون عليهم بأنهم حازوا ما زاد عن استحقاقهم في الوقف بحسن نية فتملكوا ما قبضوه من ثماره. وبتاريخ 20/ 11/ 1958 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 38 سنة 15 ق استئناف الإسكندرية ومحكمة الاستئناف حكمت في 28/ 1/ 1962 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض.
وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن. وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، ذلك أن الحكم أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين تأسيساً على أن الاستحقاق في الوقف حق عيني في الانتفاع وأن حيازة هذا الحق بركنيها المادي والمعنوي قد توافرت لدى المطعون عليهم بوضعهم اليد على بعض أعيان الوقف باعتبارها تمثل استحقاقهم، وأنهم كانوا حسنى النية في حيازتهم فيكتسبون ما قبضوه من ريع هذه الأعيان زائداً عن استحقاقهم. في حين أنه ليس للمستحق في الوقف حق عيني يرد مباشرة على أعيانه وإنما له حق شخصي يجعله دائناً للوقف، فإذا قبض ما يزيد على حصته في غلة الوقف تعين عليه رده ولو كان حسن النية. هذا إلى أن كلاً من المطعون عليه الأول ووالده من قبله كان يضع اليد على أطيان الوقف باعتباره ناظراً ينوب عن الوقف فتكون يده عارضة لا تتحقق بها الحيازة القانونية ولا يمتلك الثمار التي قبضها بحسن نية. أما القسمة التي تمت بين الطاعن الأول ومورث المطعون عليهم ومن بعده المطعون عليه الأول فلم تكن قسمة انتفاع بأعيان الوقف، وإنما اقتصرت على النظارة فحسب وظل الاستحقاق شائعاً في الأطيان الموقوفة، فإذا حصل أحد الناظرين على ريع يزيد على المستحق له كان للآخر أن يطالبه بهذا الفرق الذي انتقص من نصيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن حق المستحق في الوقف هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حق عيني في الانتفاع بأعيان الوقف يضع المستحق اليد عليه بواسطة ناظر الوقف وله الحق في تملك ما يقبضه من ثماره متى كان حسن النية - ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الأول كان إلى جانب نظارته على الوقف مستحقاً فيه مع باقي المطعون عليهم، وكان الحكم قد حصل أن كلاً من طرفي الخصومة اختص بجزء من الأطيان الموقوفة على أنه يمثل استحقاقه وأن المطعون عليهم قد حازوا حق الانتفاع بوضعهم اليد على الجزء الممثل لأنصبتهم وباعتبار أنهم يستحقون ثمار هذا الجزء الذي خصص لهم على أساس أنهم أصحابه وأنهم كانوا حسني النية في حيازتهم، وكان مؤدى ذلك من الحكم أن المطعون عليهم قد وضعوا اليد على حق الانتفاع بالنسبة للجزء الذي اختصوا به في الوقف والقدر الزائد عنه بواسطة ناظر الوقف المطعون عليه الأول وهم يعتقدون بحسن نية أن ذلك الحق حقهم، لما كان ذلك، فإنهم لا يكونون مسئولين عن رد ما قبضوه من ريع القدر الزائد عن استحقاقهم. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم المستأنف برفض دعوى الطاعنين بالمطالبة بهذا الريع، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم استند إلى عدم إجراء المحاسبة بين الطرفين منذ سنة 1931 حتى تاريخ رفع الدعوى واعتبر ذلك قرينة على أنهما ارتضيا أن يحصل كل منهما على ثمار الجزء الذي اختص به باعتباره ممثلاً لاستحقاقه، هذا في حين أن هذه القرينة تتعارض مع إقرار المطعون عليهم بأن الاستحقاق بقى شائعاً في الأطيان الموقوفة وذلك في الدعوى رقم 512 سنة 1953 أبو حمص التي رفعها الطاعن الأول بطلب وضع الحدود بين الأطيان التي تحت نظارته وتلك التي تحت نظارة المطعون عليه الأول، وهذا الإقرار غير القضائي ثابت بالكتابة ولا يصح إثبات عكسه إلا بالكتابة فضلاً عن أن هذه القرينة لا تؤدي إلى النتيجة التي استخلصها الحكم.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود ذلك أن الإقرار غير القضائي - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعتبر حجة قاطعة على المقر بل يكون خاضعاً لتقدير محكمة الموضوع، ولهذه المحكمة بعد تقدير الظروف التي صدر فيها وملابسات الدعوى أن تعتبره دليلاً مكتوباً أو مبدأ ثبوت بالكتابة أو مجرد قرينة، كما أن لها ألا تأخذ به أصلاً ولا معقب على تقديرها في ذلك متى بني على أسباب سائغة، ولما كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه لم يأخذ بقيام حالة الشيوع في الأطيان الموقوفة واستند في ذلك إلى أن المطعون عليهم وضعوا اليد على ما في حيازتهم باعتبار أنه نصيبهم الوارد في حجة الوقف واستغلوه على هذا الأساس وأنهم تلقوا الحيازة عن مورثهم الذي كان يضع اليد على هذا القدر من تاريخ وفاة الواقف الأصلي ولم يتغير وضع اليد طوال هذه المدة كما أن الطاعن الأول لم يعترض عليه، وإذ كانت هذه الأسباب سائغة وتحمل الرد على ما قرره المطعون عليهم في الدعوى رقم 512 سنة 1953 أبو حمص من أن الاستحقاق بقى شائعاً في الأطيان الموقوفة، فإن النعي بهذا الشق يكون على غير أساس. والنعي في شقه الثاني مردود بأن الحكم المطعون فيه اتخذ من عدم المحاسبة بين الطرفين طوال المدة من سنة 1931 حتى تاريخ رفع الدعوى قرينة ترجح قول المطعون عليهم بأن الطرفين ارتضيا أن يحصل كل منهما على ثمار الجزء الذي اختص به باعتباره ممثلاً لاستحقاقه، وإذ كانت هذه القرينة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها الحكم وكان تقدير القرائن مما يستقل به قاضي الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه منها متى كان استنباطه سائغاً، فإن النعي بهذا الشق يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 13/ 5/ 1937. الطعن رقم 4 لسنة 7 ق، مجموعة القواعد القانونية لربع قرن ص 1223 القاعدة 47.
(2) راجع نقض 27/ 12/ 1945 - الطعن رقم 4 لسنة 15 ق، نقض 8/ 4/ 1948. الطعن 31 لسنة 17، مجموعة القواعد القانونية لربع قرن ص 34 القاعدة 68 و69. ونقض 19/ 12/ 1963 - الطعن 199 لسنة 39 ق مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 1187. ونقض 9/ 3/ 1967 - الطعن 199 لسنة 33 ق مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 599.