الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 15 يناير 2019

الطعن 2 لسنة 39 ق جلسة 13 / 10 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 نقابات ق 2 ص 999


برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني, وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني, ومحمد السيد الرفاعي, ومصطفى الأسيوطي, ومحمد ماهر محمد.
------------
- 1  نقابات. محاماة. "شروط القيد بجدول المحاماة". "الأهلية اللازمة للقيد بجدول المحاماة". رد اعتبار. "آثاره".
رد الاعتبار وإن كان يمحو حكم الإدانة بالنسبة للمستقبل ويزيل ما يترتب عليه من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق، إلا أنه لا يمحو الجريمة ذاتها لأنها واقع لا يمحى. صحة رفض طلب القيد بجدول المحاماة، رغم رد اعتبار طالب القيد إليه. أساس ذلك؟
لئن كان الحكم برد الاعتبار يترتب عليه عملاً بنص المادة 555 من قانون الإجراءات الجنائية محو الحكم القاضي بالإدانة بالنسبة للمستقبل وزوال كل ما يترتب عليه من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق وسائر الآثار الجنائية إلا أنه لا يمكن أن يترتب عليه محو الجريمة في ذاتها لأن ما حدث بالفعل قد أضحى من الواقع، والواقع لا يمحى، ولئن أمكن أن تزول آثاره فعلاً أو قانوناً، فإن معانيه ودلالاته قد تبقى لتنبئ عنه، والأمر في ذلك بالنظر إلى قانون المحاماة تقديري يرجع فيه إلى الهيئة التي تفصل في طلبات القيد متى كان تقديرها سائغاً.
- 2  نقابات. محاماة. "شروط القيد بجدول المحاماة". "الأهلية اللازمة للقيد بجدول المحاماة". رد اعتبار. "آثاره".
مجرد رد اعتبار طالب القيد بجدول المحاماة إليه. لا يكسبه حقا في القيد.
إن رد الاعتبار لا يكسب طالب القيد بجدول المحاماة حقاً خالصاً في القيد.
- 3  نقابات. محاماة. "شروط القيد بجدول المحاماة". "الأهلية اللازمة للقيد بجدول المحاماة". رد اعتبار. "آثاره".
حيازة طالب القيد بجدول المحاماة للاحترام الواجب لمهنة المحاماة، شرط للقيد بجدول المحاماة. ثبوت تخلف هذا الشرط بحكم. غير لازم. رفض قيد الطاعن بجدول المحاماة لسبق الحكم عليه في جناية اختلاس أموال أميرية. دخوله في السلطة التقديرية للجنة القيد.
استوجب قانون المحاماة فيمن يقيد اسمه بالجدول أن يكون حسن السمعة، حائزاً بوجه عام على ما يؤهله للاحترام الواجب للمهنة، وهي مهنة ذات طابع خاص. وإذ كان ما تقدم، وكان لا يلزم لتخلف هذا الشرط أن يثبت عدم الأهلية بحكم، فإن لجنة قبول القيد بجدول المحاماة إذ رفضت قيد الطاعن استنادا إلى ما تبينته من ماضيه المتمثل في سبق الحكم عليه في جناية اختلاس أموال أميرية، تكون قد استعملت سلطتها في التقدير بما يسوغه.
----------
الوقائع
تتحصل وقائع هذا الطعن في أن الطاعن حصل على ليسانس في القانون عام 1968 جامعة القاهرة. وبتاريخ 9 أكتوبر سنة 1968 تقدم إلى لجنة قبول المحامين بمحكمة استئناف القاهرة يطلب قيده محاميا بجدول المحامين تحت التمرين. وبتاريخ 19 ديسمبر سنة 1968 قررت اللجنة المذكورة غيابيا رفض طلبه. فعارض, وقضي في معارضته بتاريخ 10 فبراير سنة 1969 برفض المعارضة. وبتاريخ 6 من أبريل سنة 1969 طعن في هذا القرار أمام محكمة النقض... إلخ.
------------
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على القرار المطعون فيه أنه أخطأ في القانون إذ انتهى إلى تأييد القرار القاضي برفض طلب قيده بجدول المحامين استنادا إلى سبق الحكم عليه بالعقوبة في جناية اختلاس متخذا من ذلك دليلا على أنه ليس أهلا للاحترام الواجب للمهنة رغم الحكم القاضي برد اعتباره إليه، ووجه الخطأ في ذلك أن رد الاعتبار يترتب عليه محو الحكم الصادر بالإدانة بالنسبة إلى المستقبل وزوال آثاره من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق وسائر الآثار الجنائية، فيحق للطاعن بناء على ذلك -وخلافا لما ذهب إليه القرار- أن يباشر حقوقه العامة ومنها مزاولة المهن التي ينظم الشارع الاشتغال بها كالطب والمحاماة، هذا إلى أن الحكم برد الاعتبار قد بني على تحقيقات أجرتها النيابة وعلى شهادات قدمها الطالب أثبتت أنه محمود السيرة وأهل للاستجابة لطلبه، لكن اللجنة أغفلت حجية هذا الحكم وخالفت مدلول البيانات التي بني عليها والتي تخالف ما انتهى إليه القرار
وحيث إنه يبين من الاطلاع على القرار المطعون فيه أنه بعد أن أوضح أن الطاعن حكم عليه في القضية رقم 4744 سنة 1959 جنايات الخليفة بتاريخ 5/12/1960 بالسجن ثلاث سنوات وبتغريمه خمسمائة جنيه وعزله من وظيفته لارتكابه جناية اختلاس أموال أميرية وبعد أن أشار القرار إلى أن الطاعن قد رد اعتباره عن هذا الحكم قال "ولما كان من الشروط التي يتطلبها القانون فيمن يقيد بجدول المحامين (مادة 51 فقرة رابعا) أن يكون محمود السيرة، حسن السمعة، أهلا للاحترام الواجب للمهنة وألا يكون قد صدرت ضده أحكام جنائية أو تأديبية أو اعتزل وظيفته أو مهنته أو انقطعت صلته بها لأسباب ماسة بالشرف أو الأمانة، أو الأخلاق. ولما كانت مقارفة الطالب لجريمة الاختلاس تخل بالاحترام الواجب للمهنة والثقة التي يجب توافرها فيمن يعمل بمهنة المحاماة، ولا يغير من الأمر الحكم برد الاعتبار". وانتهت اللجنة إلى رفض طلبه. لما كان ذلك، وكان الحكم برد الاعتبار وإن ترتب عليه عملا بنص المادة 555 من قانون الإجراءات الجنائية محو الحكم القاضي بالإدانة بالنسبة للمستقبل وزوال كل ما يترتب عليه من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق وسائر الآثار الجنائية، إلا أنه لا يمكن أن يترتب عليه محو الجريمة في ذاتها لأن ما حدث بالفعل قد أضحى من الواقع والواقع لا يمحى على أنه وإن أمكن أن تزول آثاره فعلا أو قانونا فإن معانيه ودلالاته قد تبقى لتنبئ عنه، والأمر في ذلك وبالنظر إلى قانون المحاماة تقديري يرجع فيه إلى الهيئة التي تفصل في طلبات القيد متى كان تقديرها سائغا. لما كان ما تقدم، وكان رد الاعتبار بناء على ما سبق لا يكسب الطاعن حقا خالصا في القيد بجدول المحاماة وكان قانون المحاماة لم يدع كما فعلت بعض القوانين إلى إغفال هذا النظر، بل استوجب فيمن يقيد اسمه بالجدول أن يكون حسن السمعة، حائزا بوجه عام على ما يؤهله للاحترام الواجب للمهنة، وهي مهنة ذات طابع خاص، وكان لا يلزم لتخلف هذا الشرط أن يثبت عدم الأهلية بحكم. ولما كانت اللجنة عندما رفضت قيد الطاعن استنادا إلى ما تبينته من ماضيه قد استعملت سلطتها في التقدير، وكان تقديرها سائغا تقرها عليه هذه المحكمة وتأخذ به، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً وتأييد القرار المطعون فيه.

الاثنين، 14 يناير 2019

الطعن 1797 لسنة 38 ق جلسة 20 / 1 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 29 ص 137

جلسة 20 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

--------------

(29)
الطعن رقم 1797 لسنة 38 القضائية

إجراءات المحاكمة. محكمة الجنايات. "الإجراءات أمامها". دعوى جنائية. "نظرها والحكم فيها". محكمة الجنح. "اختصاصها". ارتباط. "ارتباط بسيط". طعن. "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". نقض. "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". اختصاص. "تنازع الاختصاص. التنازع السلبي".
حق محكمة الجنايات في الاقتصار على نظر الجنايات وفصل الجنح المرتبطة بها ارتباطاً بسيطاً وإحالتها إلى محكمة الجنح. نطاقه؟

الطعن بالنقض في حكم محكمة الجنايات بإحالة الجنحة إلى محكمة الجنح. غير جائز أساس ذلك. الحكم غير منه للخصومة.
---------------
متى كان يبين من الاطلاع على الأوراق وعلى الحكم السابق صدوره من محكمة الجنح بعدم الاختصاص، أن هذا الحكم كان مقصوراً على تهمة الجناية المسندة إلى المتهم الأول فقط بعد أن تخلف لدى أحد المجني عليهم عاهة مستديمة، ومن ثم فهو لم يشمل الجنح المسندة إلى باقي المتهمين إلا بحكم ارتباطها ارتباطاً بسيطاً بواقعة الجناية، ولما كان هذا الارتباط قد زال بعد صدور قرار محكمة الجنايات بفصل الجنح وقصر نظرها للدعوى على الجناية فقط فإنه لم يعد هناك مانع قانوني يحول دون الفصل في الجنح المسندة إلى باقي المتهمين من محكمة الجنح بعد أن زال أثر الحكم الصادر فيها بعدم الاختصاص بزوال الارتباط بين واقعة الجناية التي قضت فيها محكمة الجنايات بالحكم المطعون فيه وبين الجنح المسندة إلى باقي المتهمين والتي قضى بإحالتها إلى محكمة الجنح - وهو الشق الذي ينصب عليه الطعن - وبالتالي فإن الحكم فيما قضي به من الإحالة لا يكون منهياً للخصومة ولا ينبني عليه منع السير في الدعوى، ومن ثم فهو لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة كلا من المطعون ضده وآخرين بأنهم في يوم 9/ 5/ 1964 بدائرة مركز أرمنت. المتهم الأول: ضرب المتهم الرابع فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً. والمتهم الثاني: ضرب علي موسى علي فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً، والمتهم الثالث: ضرب المتهم الثاني فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. والمتهم الرابع: ضرب المتهم الثالث فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. والمتهم الخامس: ضرب المتهم الأول فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وقدمتهم إلى محكمة جنح أرمنت الجزئية لمعاقبتهم بالمادتين 241/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات. فقضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى النيابة العامة لإجراء شئونها فيها بعد أن تبين لها أن إصابة المتهم الرابع تخلف عنها عاهة مستديمة. وقد حققت النيابة العامة الدعوى وانتهت إلى طلب إحالة المتهمين إلى مستشار الإحالة بوصف أنهم في يوم 9/ 5/ 1964 بدائرة مركز أرمنت محافظة قنا. المتهم الأول: ضرب عمداً محمد الشاذلي علي الشهير بالشاذلي علي عزت بعصا على يده اليمنى فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي إعاقة في حركة الإصبع الخنصر الأيمن مما يقلل من كفاءته على العمل بنحو 4% المتهم الثاني: ضرب عمداً المجني عليه سالف الذكر على وجهه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. المتهم الثالث: ضرب عمداً علي موسى علي فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. المتهم الرابع: ضرب حماية علي موسى الشهير بمحمد علي موسى فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. المتهم الخامس: ضرب عمداً فراج محمد الشاذلي فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً الأمر المنطبق على الجناية المنصوص عليها في المادة 240/ 1 من قانون العقوبات والجنحة المنصوص عليها في المادتين 241/ 1 و242/ 1 من ذلك القانون. فقرر مستشار الإحالة إحالة المتهمين إلى محكمة جنايات قنا لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً عملاً بالمواد 240/ 1 و55 و56 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم وإحالة الجنح المسندة إلى باقي المتهمين إلى محكمة الجنح المختصة للفصل فيها. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه هو أن محكمة الجنايات قد أخطأت في تطبيق القانون حين أمرت بفصل جنح الضرب البسيط وإحالتها إلى محكمة الجنح لعدم الارتباط بينها وبين جناية العاهة المستديمة على الرغم من سبق قضاء محكمة الجنح بعدم اختصاصها بنظر جميع الوقائع المسندة لكل المتهمين في الدعوى مما سوف يترتب عليه حتماً قضاء محكمة الجنح بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق وعلى الحكم السابق صدوره من محكمة الجنح بعدم الاختصاص أن هذا الحكم كان مقصوراً على تهمة الجناية المسندة إلى المتهم الأول فقط بعد أن تخلف لدى أحد المجني عليهم عاهة مستديمة، ومن ثم فهو لم يشمل الجنح المسندة إلى باقي المتهمين إلا بحكم ارتباطها - ارتباطاً وثيقاً - بواقعة الجناية، ولما كان هذا الارتباط قد زال بعد صدور قرار محكمة الجنايات بفصل الجنح وقصر نظرها للدعوى بالنسبة إلى الجناية فقط فإنه لم يعد هناك مانع قانوني يحول دون الفصل في الجنح المسندة إلى باقي المتهمين من محكمة الجنح بعد أن زال أثر الحكم الصادر منها بعدم الاختصاص بزوال الارتباط بين واقعة الجناية التي قضت فيها محكمة الجنايات بالحكم المطعون فيه وبين الجنح المسندة إلى باقي المتهمين. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه فيما أمر به من إحالة الجنح المسندة إلى باقي المتهمين إلى محكمة الجنح - وهو الشق الذي ينصب عليه الطعن - لا يكون منهياً للخصومة ولا ينبني عليه منع السير في الدعوى، ومن ثم فهو لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض.

الطعن 1790 لسنة 38 ق جلسة 20 / 1 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 28 ص 133


برياسة السيد المستشار/ محمد صبري, وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ , ومحمود العمراوي, ومحمود عطيفة, والدكتور أحمد إبراهيم.
--------------
عمل. مسئولية جنائية. مؤسسات عامة. جمعيات تعاونية. "زراعية". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". قرارات وزارية.
رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية. يعد صاحب العمل المسئول عن تنفيذ أحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959. تعيين مدير أو مشرف له سلطة الإشراف والإدارة. اعتباره المسئول عن تنفيذ القانون المذكور. اختصاص المشرف الزراعي وفقا لقرار وزير الزراعة رقم 166 لسنة 1961 هو التوجيه والإرشاد والمراقبة.
مؤدي نص المادتين 26, 72 من القانون رقم 317 لسنة 1956 في شأن الجمعيات التعاونية, أن رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية هو بحسب الأصل رب العمل المسئول عن تنفيذ أحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 ولا يرفع عنه هذا الوصف إلا إذا عين مجلس الإدارة - بعد موافقة الجمعية العمومية - مديراً أو مشرفاً يمنحه سلطة الإشراف الإداري ويكون من اختصاصه - وفقاً لنظام الجمعية - مراعاة تنفيذ أحكام القوانين واللوائح. ولا يغير من ذلك أن يكون للمؤسسة المصرية التعاونية الزراعية العامة مشرف بكل جمعية تعاونية زراعية, ذلك بأن اختصاص المشرف - وفقاً للمادة الأولى من القرار رقم 166 لسنة 1961 الصادر في 30 ديسمبر سنة 1961 - هو مجرد التوجيه والإرشاد والمراقبة دون الإدارة التي يختص بها مجلس إدارة الجمعية التعاونية, وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر, فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده, بأنه في يوم 30 أغسطس سنة 1967 بدائرة مركز أدفو: (أولا) شغل متعطلين دون أن يكونا حاصلين علي شهادة قيد من أحد مكاتب التخديم المختصة. (ثانيا) لم يخطر مكتب التخديم المختص عن الوظائف والأعمال التي خلت لديه في الميعاد المقرر (ثالثا) لم يقدم ما يثبت تقاضي العمال أجورهم. (رابعا) لم يقدم ما يثبت حصول العمال علي أجازاتهم السنوية: (خامسا) لم يحرر عقد عمل من نسختين لكل عامل باللغة العربية: (سادسا) لم ينشئ إضبارة خاصة لكل عامل متضمنة البيانات المقررة. وطلبت عقابه بالمواد 11 و12 و14 و16 و20 و42 و43 و58 و69 و215 و216 و221 و235 من القانون رقم 91 لسنة 1959 والقرارات المنفذة. ومحكمة ادفو الجزئية قضت في الدعوى غيابيا عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائتي قرش عن كل تهمة مع تعدد العقوبة بقدر عدد العمال فعارض. وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة أسوان الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في الاستئناف حضوريا بقبوله شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما اسند إليه. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-------------
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك بأنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من التهم المسندة إليه الخاصة بمخالفة أحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 بالنسبة لعمال الجمعية التعاونية الزراعية التي يرأس مجلس إدارتها، قد أقام قضاءه على أن الإشراف الإداري على شئون الجمعية وبالتالي تنفيذ أحكام القانون منوط بالمشرف على الجمعية دون رئيس مجلس الإدارة طبقاً لحكم المادة 72 من القانون رقم 317 لسنة 1956 والقرار الوزاري رقم 166 لسنة 1961، مع أن المستفاد من نص المادة 72 من ذلك القانون والقرار الوزاري المشار إليه هو أن الجمعية التعاونية الزراعية هي التي تقوم بتنفيذ القوانين والقرارات الوزارية وينحصر اختصاص المشرف في المراقبة والإشراف على هذا التنفيذ. ولما كانت الجمعية التعاونية الزراعية لها شخصية معنوية ويمثلها قانوناً رئيس مجلس إدارتها فإنه يكون مسئولاً عن مخالفة القانون ما دام أن مجلس الإدارة لم يعين مديراً لتولي أعمال الجمعية
وحيث إن النيابة العامة اتهمت المطعون ضده - وهو رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية بإدفو - بأنه شغل متعطلين دون أن يكونا حاصلين على شهادة قيد من أحد مكاتب القوى العاملة المختصة ولم يخطر هذا المكتب عن الوظائف والأعمال التي خلت لديه في الميعاد المقرر ولم يقدم ما يثبت تقاضي العمال أجورهم وحصولهم على أجازاتهم السنوية ولم يحرر عقد عمل من نسختين لكل عامل باللغة العربية ولم ينشئ إضبارة خاصة لكل عامل متضمنة البيانات المقررة، وقضى الحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده وبنى قضاءه في ذلك على قوله "إن المادة 72 من القانون رقم 317 سنة 1956 تنص على أنه يجوز لمجلس الإدارة أن يعين مشرفاً أو مديراً يقوم بتصريف شئون الجمعية وقد نص القرار الوزاري رقم 166 لسنة 1961 في 30/12/1966 (وزارة الزراعة) في بيان اختصاص المشرف واختصاص الجمعية التعاونية واختصاص الأخيرة قاصر على زيادة الإنتاج وتوفير حاجيات الأعضاء كما ينص القرار 3442 لسنة 1967 على أن المشرف هو المختص بجميع الأعمال الإدارية (وهو غير منطبق على واقعة الدعوى)... وأن المراد بصاحب العمل في خطاب الشارع في قانون العمل هو صاحب الأمر بحسب النظام الموضوع للمنشأة في الإشراف والإدارة على شئون العمال المنوط به الاختصاص بتنفيذ ما افترضه القانون ... وأنه متى كان ذلك وكان المتهم بوصفه رئيس مجلس الإدارة ليس هو المشرف إدارياً على شئون الجمعية فإنه لا يكون رب عمل ولا تجوز مساءلته عن تنفيذ أحكام القانون رقم 91 لسنة 1959". وهذا الذي قال به الحكم المطعون فيه غير سديد في القانون، ذلك بأن المادة 26 من القانون رقم 317 لسنة 1956 في شأن الجمعيات التعاونية تنص على أن "يكون لكل جمعية تعاونية مجلس إدارة يدير شئونها ويؤلف من ثلاثة أعضاء ويمثل مجلس الإدارة الجمعية قبل الغير". كما تنص المادة 72 من القانون المذكور على أن "لمجلس الإدارة أن يعين بعد موافقة الجمعية العمومية مشرفاً أو مديراً من أعضاء الجمعية أو من الغير يقوم بتصريف الشئون الجارية للجمعية.... ويبين نظام كل جمعية اختصاصات المشرف أو المدير وحقوقه". ومؤدى ذلك أن رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية هو بحسب الأصل رب العمل المسئول عن تنفيذ أحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 ولا يرفع عنه هذا الوصف إلا إذا عين مجلس الإدارة - بعد موافقة الجمعية العمومية - مديراً أو مشرفاً يمنحه سلطة الإشراف الإداري ويكون من اختصاصه - وفقاً لنظام الجمعية - مراعاة تنفيذ أحكام القوانين واللوائح. ولا يغير من ذلك أن يكون للمؤسسة المصرية التعاونية الزراعية العامة مشرفاً بكل جمعية تعاونية زراعية, ذلك بأن اختصاص المشرف - وفقاً للمادة الأولى من القرار رقم 166 لسنة 1961 الصادر في 30 ديسمبر سنة 1961 - هو مجرد التوجيه والإرشاد والمراقبة دون الإدارة التي يختص بها مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 1369 لسنة 38 ق جلسة 20 / 1 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 27 ص 129


برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس, ونصر الدين عزام, ومحمد أبو الفضل حفني, وأنور خلف.
--------------
تأمينات اجتماعية. عمل. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إصابة خطأ.
إصابات العمل التي تلتزم هيئة التأمينات الاجتماعية بعلاجها وإعانة المصابين المؤمن عليهم في مدة العجز أو أداء تعويض أو ترتيب معاش لهم؟ ليس للمصاب فيما يتعلق بتلك الإصابات التمسك قبل الهيئة بأحكام أي قانون آخر, ولا يجوز له ذلك أيضا بالنسبة إلى صاحب العمل إلا إذا كانت إصابته قد نشأت عن خطأ جسيم من جانبه. المادتان (1/ د), 42 من القانون 63 لسنة 1964. مثال لإخلال بدفاع جوهري في هذا الصدد.
تقضي الفقرة ( د ) من المادة الأولى الواردة في الباب الأول من القانون رقم 63 لسنة 1964 في شأن التأمينات الاجتماعية بأنه يعد ضمن إصابات العمل التي تلتزم هيئة التأمينات الاجتماعية بعلاجها وإعانة المصابين المؤمن عليهم في مدة العجز أو أداء تعويض أو ترتيب معاش لهم - وفقاً للشروط والقواعد المنصوص عليها في الفصلين الثاني والثالث من الباب الرابع من القانون المذكور - أية إصابة نتيجة حادث أثناء تأدية العمل أو بسببه وكل حادث يقع للمؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة العمل وعودته منه بشرط أن يكون الذهاب والإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعي. كما تنص المادة 42 من الفصل الرابع من الباب الثاني على أنه لا يجوز للمصاب فيما يتعلق بإصابات العمل أن يتمسك ضد الهيئة بأحكام أي قانون آخر ولا يجوز له ذلك أيضاً بالنسبة إلى صاحب العمل إلا إذا كانت إصابته قد نشأت عن خطأ جسيم من جانبه. وإذا كان الطاعن بصفته صاحب العمل قد تمسك في دفاعه بحكم هذه المادة استنادا إلى أن المصابين والمتهم من عماله وأن الحادث من حوادث العمل, فإن ذلك كان يقتضي من المحكمة - حتى يستقيم قضاؤها - أن تعمل على تحقيق هذا الدفاع بلوغاً إلى غاية الأمر فيه لأنه هو دفاع جوهري قد ينبني عليه لو صح تغير وجه الرأي في الدعوى, أما وهي لم تفعل ولم تعرض إطلاقاً - على ما يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه - لهذا الدفاع, فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في البيان والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة (.....) بأنه في يوم 14/3/1965 بدائرة قسم مصر الجديدة: تسبب خطا في إصابة ...... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه مخالفا القوانين واللوائح بان قاد سيارة أجرة بسرعة والتي نجم عنها الخطر فصدم بها إحدى الجرارات التي كانت تعمل في رصف الطرق فحدثت إصابات المجني عليهم. وطلبت عقابه بالمادة 244/1-3 من قانون العقوبات. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت غيابيا عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة خمسمائة قرش لإيقاف التنفيذ. فعارض, ولدي نظر المعارضة ادعى كل من ..... و...... و......و..... مدنيا بمبلغ 51ج قبل المتهم والسيد رئيس مجلس إدارة مؤسسة الطيران العربية المتحدة بصفته المسئول عن الحقوق المدنية وذلك علي سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف والأتعاب - ثم قضت المحكمة بقبول المعارضة شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه وفي الدعوى المدنية بإلزام المتهم والمسئول مدنيا بأن يدفعا متضامنين لكل من المدعيين بالحق المدني مبلغ 51ج علي سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومائتي قرش أتعاب للمحاماة. فاستأنف المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية هذا الحكم, ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم 10ج وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن وكيل المسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن - المسئول عن الحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى في الدعوى المدنية بإلزامه بالتضامن مع المتهم بأن يدفع لكل من المدعين بالحقوق المدنية مبلغ 51ج على سبيل التعويض المؤقت، قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الطاعن قد تمسك أمام المحكمة الاستئنافية بأن إصابات المدعين بالحقوق المدنية - وهم عمال بالشركة العامة لخدمات الطيران التي يمثلها - قد حدثت أثناء عودتهم من مقر عملهم بسيارة الشركة مما تعد معه من إصابات العمل في حكم الفقرة "د" من المادة الأولى من القانون رقم 63 لسنة 1964 بشأن التأمينات الاجتماعية التي تلتزم هيئة التأمينات الاجتماعية بعلاجها وإعانة المصابين في مدة العجز أو ترتيب معاش لهم في حالة العجز المستديم وفقاً لنصوص المواد 21 و25 و28 و29 من القانون المذكور ولا يجوز للعمال المصابين طبقاً لنص المادة 42 من هذا القانون التمسك قبل الطاعن بصفته صاحب عمل بأحكام أي قانون آخر إلا إذا كانت إصاباتهم نتيجة خطأ جسيم من جانبه وهو ما لم تثبته الأوراق، ولكن الحكم المطعون فيه أيد حكم محكمة أول درجة لأسبابه فيما قضى به من إلزامه بالتضامن مع المتهم بقيمة التعويض للمدعين بالحقوق المدنية دون أن يعرض لدفاعه أو يفنده، مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 19/1/1967 في الدعوى المدنية والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بعد أن انتهى إلى إدانة المتهم .... الذي يعمل هو والمطعون ضدهم بمؤسسة الطيران العربية المتحدة - الجهة الطاعنة - بجريمة إصابة خطأ عرض إلى الدعوى المدنية المقامة من المجني عليهم وهم المطعون ضدهم وقضى فيها بإلزام الطاعنة بالتضامن مع المتهم بدفع مبلغ 51ج على سبيل التعويض المؤقت لهم استناداً إلى أحكام المسئولية المدنية التقصيرية والمادة 174 من القانون المدني التي تقضي بمسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها كما يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعن قد تمسك أمام المحكمة الاستئنافية في مذكرته المصرح له بتقديمها بعدم جواز مطالبة المدعين بالحقوق المدنية للمؤسسة التي يمثلها بالتعويضات المدنية استناداً إلى أحكام أي قانون آخر. لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى فقرة "د" من الباب الأول من هذا القانون تقضي بأنه يعد ضمن إصابات العمل التي تلتزم هيئة التأمينات الاجتماعية بعلاجها وإعانة المصابين المؤمن عليهم في مدة العجز أو أداء تعويض أو ترتيب معاش لهم وفقاً للشروط والقواعد المنصوص عليها في الفصلين الثاني والثالث من الباب الرابع من القانون أية إصابة نتيجة حادث أثناء تأدية العمل أو بسببه وكل حادث يقع للمؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة العمل وعودته منه بشرط أن يكون الذهاب والإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعي، وكانت المادة 42 من الفصل الرابع من الباب الثاني تنص على أنه لا يجوز للمصاب فيما يتعلق بإصابات العمل أن يتمسك ضد الهيئة بأحكام أي قانون آخر ولا يجوز له ذلك أيضاً بالنسبة إلى صاحب العمل إلا إذا كانت إصابته قد نشأت عن خطأ جسيم من جانبه، وإذ كان الطاعن بصفته هو صاحب العمل وقد تمسك في دفاعه بحكم هذه المادة استناداً إلى أن المصابين والمتهم من عماله وأن الحادث من حوادث العمل فإن ذلك كان يقتضي من المحكمة - حتى يستقيم قضاؤها - أن تعمل على تحقيق هذا الدفاع بلوغاً إلى غاية الأمر فيه لأنه هو دفاع جوهري قد ينبني عليه - لو صح - تغير وجه الرأي في الدعوى أما وهي لم تفعل ولم تعرض إطلاقاً، على ما يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه، لهذا الدفاع فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في البيان والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإحالة فيما قضى به في الدعوى المدنية مع إلزام المدعين بالحقوق المدنية بالمصاريف المدنية.

الطعن 2000 لسنة 38 ق جلسة 13 / 1 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 26 ص 124


برياسة السيد/ المستشار محمد صبري, وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي, ونصر الدين عزام, ومحمد أبو الفضل حفني, وأنور أحمد خلف.
------------
حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". "خبرة". قتل عمد.
متى يكون الحكم معيبا بالفساد في الاستدلال؟ مثال في مجال التوفيق بين الدليلين القولي والفني. وجوب بناء الأحكام الجنائية على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال.
إذا كان الحكم المطعون فيه في مجال التوفيق بين الدليلين القولي والفني قد أفترض من عنده أن المجني عليه كان عند إطلاق النار عليه قد خر على الأرض منكمشاً على نفسه ليستقيم له تصحيح رواية شاهدي الحادث وهو في ذلك قد نقض ما سبق له أن أثبته نقلاً عنهما من رؤيتهما رأى العين للواقعة على الصورة التي أدليا بها والتي مؤداها أن المجني عليه كان واقفاً يستدير للمتهمين عند إطلاق العيار الأول عليه ثم يستقبلهما عند إصابته بالعيار الثاني, وجهد في المواءمة والملائمة بين هاتين الصورتين المختلفتين باعتبارات عامة مجردة لا تصدق في كل الأحوال, وكان هذا الافتراض لا سند له ولا شاهد عليه حسبما أثبته الحكم وبينه في مدوناته, وكانت الأحكام الجنائية يجب أن تبنى بالجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المجردة, فإن الحكم المطعون فيه يكون فاسد الاستدلال معيباً بما يوجب نقضه.
----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 2 يولية سنة 1965 بدائرة مركز أسيوط محافظة أسيوط: (أولا) - قتلا عمدا ..... بأن أطلقا عليه أعيرة نارية من بندقيتين يحمل كل منهما واحدة منها فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهما في الزمان والمكان نفسه شرعا في قتل ...... و..... عمدا ومع سبق الإصرار والترصد بأن انتويا قتلهما وعقدا العزم علي ذلك واعدا لهذا الغرض سلاحين ناريين (بندقيتين) وترصداهما في المكان الذي أيقنا سلفا تواجدهما فيه وما أن ظفرا بهما حتى أطلقا عليهما عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتلهما وخاب اثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو عدم إحكام الرماية. (ثانيا) أحرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين مششخنين. (ثالثا) أحرزا طلقات مما تستعمل في السلاحين الناريين السالفين دون أن يكون مرخصا لهما في حيازتهما وإحرازهما. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلي محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 45 و46 و230 و231 و232 و234/2 من قانون العقوبات والمواد 1/1 و6 و26/2-4 و30 من القانونين رقمي 394 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند (ب) من القسم الأول جدول 3 المرفق, فقرر بذلك. وادعت مدنيا ...... أرملة المجني عليه وطلبت القضاء لها قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحدا علي سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا عملا بالمواد 230/2 و234/2 من قانون العقوبات و61 و26/2-4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والجدول 3 المرافق مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة عن التهم المسندة إليهما وألزمتهما متضامنين أن يؤديا إلي ...... قرشا واحدا علي سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف المدنية وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
---------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن المدافع عنهما أثار أمر الخلاف بين الدليلين القولي والفني في شأن كيفية إصابة المجني عليه، مدللاً بذلك على كذب شاهدي الرؤية، ولكن الحكم افترض أن المجني عليه أصيب وهو جالس القرفصاء منكمشاً على نفسه مما لا سند له من أقوالهما التي تتضمن أنه أصيب وهو واقف يستدير المتهمين تارة، ويستقبلهما تارة أخرى والجميع في مستوى واحد من الأرض، واعتمد هذه الأقوال في الإدانة في موضع ثم استبعدها بما يجرحها في موضع آخر، مما يعيبه بما يبطله ويوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لما أثاره الدفاع عن الطاعنين من أمر الخلاف بين الدليلين القولي والفني على أساس أن الطبيب الشرعي انتهى في تقريره وفي شهادته بجلسة المحاكمة إلى أن إطلاق النار على المجني عليه كان بميل من أسفل إلى أعلا، وأن ذلك يتنافى مع ما قرره شاهد الرؤية من أن الإطلاق كان على مستوى أفقي واحد في الوضع القائم وأنه أصيب أولاً من الخلف بعيار ثم استدار فأصيب بالعيار الثاني من أمام ورد على هذا الدفاع بما نصه "وحيث إن المحكمة إذ استدعت كبير الأطباء الشرعيين الدكتور ... بجلسة اليوم وعرضت عليه التقرير الطبي ومحضر المعاينة وأقوال الشهود، وطلبت منه بيان كيفية إصابة المجني عليه بالصورة الواردة بالتقرير الطبي الشرعي، فأبان بأنه لا يمكن تعليل مستوى الأعيرة النارية إلا بأن المجني عليه قد جلس على الأرض أثناء الإطلاق، وفي هذه الحالة يكون الفخد الأيمن أعلا من الحوض فينقلب المستوى بدلاً من أعلا إلى أسفل كالمنتظر، فيكون من أسفل إلى أعلا، وقد ذهب الدفاع إلى افتراض أن يكون الجاني مختفياً في الترعة المواجهة لدكان "...." وبندقيته على مستوى الأرض والمجني عليه واقفاً فمن الممكن أن تكون إصابته على الصورة التي ظهرت في تقرير الصفة التشريحية، وقد أيد كبير الأطباء الحاضر هذه الصورة. وإن ما ذهب إليه الدفاع مردود بأن المحكمة على يقين تام من وقوع الحادث على الصورة التي رواها الشهود ومن قدوم المتهمين - الطاعنين - ومحاولتهما قتل الشاهدين .... و.... ثم إطلاقهما النار على .... فقتلاه وهربا على الصورة التي شهد بها كل من "...." و"....." "و......" "و......". ولا ترى المحكمة في اختلاف تصوير الشاهدين .... و.... عن موقف المجني عليه وقت الإطلاق عما ظهر من تقرير الصفة التشريحية ذلك أن موقف المجني عليه يرجع إلى حركاته التي تحكمها حالته وقدرته على التفكير وهو بين براثن الاعتداء، واختلاف الشاهد في ذلك أمر طبيعي لأنه لا يتصور ما فعله الجاني بعقله وفكره هو في الوقت الذي يكون الشاهد مصوباً أعصابه الموترة صوب الجاني الذي يخشى منه ويلحظه بالاهتمام الأكبر، وبالنسبة للشاهد "..." ففضلاً عما ذكره بأنه ليس من الأسرة المطلوب منها الثأر، إلا أنه لا شك كان يخشى الاعتداء عليه أو إصابته خطأ فلابد أن يكون قد اتخذ ساتراً يرى منه الحادث، ويقي نفسه شره، ولا تعول المحكمة على ذكره في هذا الصدد من تحديد موقف المجني عليه على وجه الدقة وقت إصابته, أما الشاهد "...." وسنه لا يزيد على 14 عاماً فإن المحكمة لا تعتقد أنه بعد رؤيته للمتهمين يطلقان النار على "...." ورؤيته لهذين المتهمين يقفان أمام دكانه أن يتمالك أعصابه ويظل واقفاً في مواجهتهما رغم احتمال إصابته شخصياً ..... وأن المحكمة فضلاً عما سلف ترى بيقين أن المجني عليه إذ شاهد واقعة الإطلاق الأولى التي لم تسفر عن إصابته وعاد المتهمان من ذات الطريق توقع شراً فما أن وقف المتهمان أمامه حتى خر على الأرض يحاول أن يجعل نفسه في أقل حيز ممكن، ولكن المتهمين لم يمهلاه فأطلقا عليه العيارين اللذين أصابا منه مقتلاً ... وأن التصوير الذي فرضه الدفاع قد جاء مخالفاً للثابت في التحقيقات بل إن المعاينة التي لم تسفر عن أثر لمثل هذا الفرض قد أبانت أن الطلقين كانا بالطريق أمام الدكان وهو ما يقطع بأن الجانبين كانا بالطريق على الصورة التي ذكرها الشهود" ومفاد ما تقدم أن الحكم المطعون فيه - في مجال التوفيق بين الدليلين القولي والفني - قد افترض من عنده أن المجني عليه كان عند إطلاق النار عليه قد خر على الأرض منكمشاً على نفسه ليستقيم له تصحيح رواية الشاهدين، وهو في ذلك قد نقض ما سبق له أن أثبته نقلاً عنهما من رؤيتهما رأى العين للواقعة على الصورة التي أدليا بها والتي مؤداها أن المجني عليه كان واقفاً يستدير المتهمين عند إطلاق العيار الأول عليه ثم يستقبلهما عند إصابته بالعيار الثاني, وجهد في المواءمة والملاءمة بين هاتين الصورتين المختلفتين باعتبارات عامة مجردة لا تصدق في كل الأحوال, ولما كان هذا الافتراض لا سند له ولا شاهد عليه حسبما أثبته الحكم وبينه في مدوناته, وكانت الأحكام الجنائية يجب أن تبنى بالجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر، ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المجردة, فإن الحكم المطعون فيه يكون فاسد الاستدلال معيباً بما يوجب النقض والإحالة، وذلك دون حاجة للتصدي لسائر أوجه الطعن.

الطعن 1955 لسنة 38 ق جلسة 13 / 1/ 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 25 ص 118


برياسة السيد المستشار/ محمد صبري, وعضوية السادة المستشارين: عبد المنعم حمزاوي, ونصر الدين عزام, ومحمد أبو الفضل حفني, وأنور أحمد خلف.
-------------
- 1  قانون. "سريانه من حيث الزمان". "القانون الأصلح". دقيق. رده. تموين. قرارات وزارية. إثبات. "إثبات بوجه عام".
تغاير مواصفات الرده على توالي القرارات الوزارية الصادرة بتحديدها لا يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم, ما دامت جميعها متفقة على تحديد مواصفات لاستخراجها وتأثيم عدم مطابقتها لهذه المواصفات.
إن مقتضى قاعدة شرعية الجريمة والعقاب أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلا أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه وهذا هو ما قننته الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات بنصها على أن "يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها". أما ما أوردته المادة المشار إليها في فقرتها الثانية من أنه "ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره", فإنما هو استثناء من الأصل العام يؤخذ في تفسيره بالتضييق ويدور وجوداً وعدماً مع العلة التي دعت إلى تقريره لأن المرجع في فض التنازع بين القوانين من حيث الزمان هو قصد الشارع الذي لا تجوز مصادرته فيه. ولما كان التأثيم في جريمة استخراج ردة معدة لرغف العجين غير مطابقة للمواصفات يكمن أساساً في مخالفة أمر الشارع بالتزام مواصفات معينة في استخراج الردة, وكانت القرارات التموينية التي تحدد تلك المواصفات إنما تخضع لاعتبارات اقتصادية بحت لا تتصل بمصلحة مستخرجي الردة في شيء ولا تعدو أن تكون من قبيل التنظيمات التي تمليها تلك الظروف في غير مساس بقاعدة التجريم أو العناصر القانونية للجريمة, ومن ثم فإن تغاير مواصفات الردة على توالي القرارات الوزارية الصادرة بتحديدها لا يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم ما دامت جميعها متفقة على تحديد مواصفات لاستخراجها وتأثيم عدم مطابقتها لهذه المواصفات, ويكون المرجع في تحديد مواصفات الردة المعدة لرغف العجين إلى القرار الساري وقت استخراجها مخالفة لهذه المواصفات دون أن يرفع عن الفعل صفة الجريمة ما يصدر من قرارات تالية بتعديل تلك المواصفات.
- 2   قانون. "سريانه من حيث الزمان". "القانون الأصلح". دقيق. رده. تموين. قرارات وزارية. إثبات. "إثبات بوجه عام".
عدم اشتراط القرار رقم 90 لسنة 1957 في شأن استخراج الدقيق وصناعة الخبز المعدل وجوب فحص العينة بطريقي النخل والتحليل الكيمائي معا وأن تكون المخالفة في نسبتين على الأقل من النسب المقررة للمواصفات.
إذ نصت المادة 35 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957 في شأن استخراج الدقيق وصناعة الخبز المعدلة بالقرارين رقمي 146 لسنة 1958 و92 لسنة 1959 - على أنه : " ترسل عينات الدقيق والردة والخبز وغيرها التي تؤخذ من المطاحن والمخابز ومحال بيع الدقيق والخبز والمحال العامة إلى إدارة منتجات الحبوب بوزارة التموين لتعطى رقماً سرياً ثم ترسل إلى قسم الكيمياء بوزارة الزراعة أو إلى مصلحة المعامل بوزارة الصحة لفحصها والتحقق من مطابقتها للمواصفات المقررة لكل صنف وتعتبر العينة غير مطابقة للمواصفات المطلوبة إذا كانت مخالفة لنسبة واحدة من النسب المقررة لتلك المواصفات" فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أنه لا يعتد في فحص عينات الدقيق والردة المقررة بما كانت تقضي به المادة 17 من القرار رقم 259 لسنة 1947 الملغى بمقتضى المادة 39 من القرار رقم 90 لسنة 1957 - من وجوب فحص العينة بطريقتي النخل والتحليل الكيمائي معاً وأن تكون المخالفة في نسبتين على الأقل من النسب المقررة للمواصفات.
- 3  إثبات. "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير آراء الخبراء".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. أمر موكول إلى قاضي الموضوع.
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها دون أن تلزم بندب خبير آخر ولا بإعادة المهمة إلى ذات الخبير ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه هو استناد سليم لا يجافي المنطق والقانون.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 10 فبراير سنة 1965 بدائرة مركز منيا القمح محافظة الشرقية: أنتج ردة غير مطابقة للمواصفات علي النحو الموضح بالمحضر. وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 95 لسنة 1945. ومحكمة منيا القمح الجزئية قضت حضوريا ببراءة المتهم. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم ومحكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم 100 قرش مع المصادرة. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
--------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة استخراج ردة معدة لرغف العجين غير مطابقة للمواصفات قد أخطا في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قرار من وزير التموين رقم 116 لسنة 1967 بتعديل مواصفات الردة المعدة لرغف العجين وذلك برفع نسبة الرماد المسموح بها إلى 6% و1 و6% و2 و6% وإذ كانت الواقعة المسندة إلى الطاعن أنه تجاوز نسبة الرماد المحددة في قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1975 وكانت نسبة الرماد في هذه الواقعة أقل من النسبة المسموح بها بموجب القرار رقم 116 لسنة 1967 فإن هذا القرار يعتبر القانون الأصلح للمتهم طبقاً للفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات ويجب تطبيقه على الواقعة التي أصبحت غير مؤثمة بمقتضى القرار الأخير. ثم إن الحكم أطرح طلب الطاعن إعادة تحليل العينات بقوله إن المحكمة تطمئن إلى سلامة إجراءات التحليل دون أن يبين مضمون التحليل الذي اطمئن إلى نتيجته وهل روعي فيه أن يكون فحص العينات بطريق النخل والتحليل الكيمائي معاً على ما تقضي به المادة 17 من القرار الوزاري رقم 259 لسنة 1947
وحيث إن مقتضى قاعدة شرعية الجريمة والعقاب أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلا أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه وهذا هو ما قننته الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات بنصها على أن "يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها". أما ما أوردته المادة المشار إليها في فقرتها الثانية من أنه "ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانوناً أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره" فإنما هو استثناء من الأصل العام يؤخذ في تفسيره بالتضييق ويدور وجوداً وعدماً مع العلة التي دعت إلى تقريره لأن المرجع في فض التنازع بين القوانين من حيث الزمان هو قصد الشارع الذي لا تجوز مصادرته فيه. ولما كان التأثيم في جريمة استخراج ردة معدة لرغف العجين غير مطابقة للمواصفات يكمن أساساً في مخالفة أمر الشارع بالتزام مواصفات معينة في استخراج الردة, وكانت القرارات التموينية التي تحدد تلك المواصفات إنما تخضع لاعتبارات اقتصادية بحت لا تتصل بمصلحة مستخرجي الردة في شيء ولا تعدو أن تكون من قبيل التنظيمات التي تمليها تلك الظروف في غير مساس بقاعدة التجريم أو العناصر القانونية للجريمة, ومن ثم فإن تغاير مواصفات الردة على توالي القرارات الوزارية الصادرة بتجديدها لا يتفق به معنى القانون الأصلح للمتهم ما دامت جميعها متفقة على تحديد مواصفات لاستخراجها وتأثيم عدم مطابقتها لهذه المواصفات, ويكون المرجع في تحديد مواصفات الردة المعدة لرغف العجين إلى القرار الساري وقت استخراجها مخالفة لهذه المواصفات دون أن يرفع عن الفعل صفة الجريمة ما يصدر من قرارات تالية بتعديل تلك المواصفات. لما كان ذلك، وكان القرار الساري وقت استخراج الردة موضوع الدعوى المطروحة هو القرار رقم 90 لسنة 1957، وكان الطاعن لا ينازع في أن الردة التي استخرجها بمطحنه لا تطابق المواصفات المنصوص عليها في هذا القرار، فإن انطباق هذه المواصفات على ما جاء بالقرار رقم 116 لسنة 1967 لا يتحقق فيه معنى القانون الأصلح في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين مؤدى تقرير معامل التحليل بما مفاده أن العينة ردة غير مطابقة للمواصفات المنصوص عليها في القرار الوزاري رقم 90 لسنة 1957 لتجاوز نسبة الرماد بها وهي 3.5% عن الحد المقرر ولوجود مخلفات على منخل 25 يقدر بعشرة في المائة قد أفصح عن اطمئنان المحكمة إلى سلامة إجراءات أخذ العينة وما أسفر عنه تحليلها ولم تر المحكمة من بعد ثمت مبرر لإجابة الطاعن إلى طلبه بإعادة تحليل العينة. لما كان ذلك، وكان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها دون أن تلزم بندب خبير آخر ولا بإعادة المهمة إلى ذات الخبير ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه هو استناد سليم لا يجافي المنطق والقانون، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى تقرير معامل التحليل وبين النتيجة التي أسفر عنها فحص العينات المضبوطة فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم بدعوى عدم بيانه مؤدى تقرير التحليل وعدم إجابته إلى طلبه إعادة تحليل العينات يكون في غير محله. أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور لأنه لم يبين أن العينات قد تم فحصها بطريق النخل والتحليل معاً على ما تقضي به المادة 17 من القرار الوزاري رقم 259 لسنة 1947 فمرود بأن هذا القرار قد ألغى بمقتضى المادة 39 من قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957 في شأن استخراج الدقيق وصناعة الخبز والمطبق على واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من القرار الأخير المعدلة بالقرار رقم 146 لسنة 1958 والقرار رقم 92 لسنة 1959 إذ نصت على أنه "ترسل عينات الدقيق والردة والخبز وغيرها التي تؤخذ من المطاحن والمخابز ومحال بيع الدقيق والخبز والمحال العامة إلى إدارة منتجات الحبوب بوزارة التموين لتعطي رقماً سرياً ثم ترسل إلى قسم الكيمياء بوزارة الزراعة أو إلى مصلحة المعامل بوزارة الصحة لفحصها والتحقق من مطابقتها للمواصفات المقررة لكل صنف وتعتبر العينة غير مطابقة للمواصفات المطلوبة إذا كانت مخالفة لنسبة واحدة من النسب المقررة لتلك المواصفات" فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أنه لا يعتد في فحص عينات الدقيق والردة بما كانت تقضي به المادة 17 من القرار الملغي رقم 259 لسنة 1947 من وجوب فحص العينة بطريق النخل والتحليل الكيمائي معاً وأن تكون المخالفة في نسبتين على الأقل من النسب المقررة للمواصفات، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 1777 لسنة 38 ق جلسة 13 / 1 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 24 ص 108


برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل, ومحمود عباس العمراوي, ومحمود عطيفه, والدكتور أحمد محمد إبراهيم.
------------
- 1  مؤسسات عامة. أشخاص اعتبارية. موظفون عموميون. اختلاس. "أموال أميرية. أموال مشروعات خاصة". جريمة. "أركان الجريمة". قصد جنائي. تزوير. "الأوراق الرسمية". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المؤسسات العامة هي مرافق عامة يديرها أحد أشخاص القانون العام. العاملون في المؤسسات العامة يعدون من الموظفين أو المستخدمين العامين.
المؤسسات العامة على ما يبين من قوانين إصدارها رقم 32 لسنة 1957 ورقم 60 لسنة 1963 و32 لسنة 1966 هي مرافق عامة يديرها أحد أشخاص القانون العام، ومن ثم فإن العاملين فيها يعدون من الموظفين أو المستخدمين العامين.
- 2  مؤسسات عامة. أشخاص اعتبارية. موظفون عموميون. اختلاس. "أموال أميرية. أموال مشروعات خاصة". جريمة. "أركان الجريمة". قصد جنائي. تزوير. "الأوراق الرسمية". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نطاق سريان المادة 112 عقوبات؟ العامل بالمؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز. في حكم الموظف العام.
جرى قضاء محكمة النقض على أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 يشمل كل موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمه ممن نصت عليهم المادة 111 من قانون العقوبات يختلس مالاً تحت يده متى كان المال المختلس قد سلم إليه بسبب وظيفته، ويتم الاختلاس في هذه الصورة متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية من مال سلم إليه أو وجد في عهدته بسبب وظيفته، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عد المتهم الأول باعتباره موظفاً بالمؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز في حكم الموظفين العموميين وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة 111 والمادة 119 من قانون العقوبات وطبق في حقه المادة 112 من هذا القانون، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح.
- 3  مؤسسات عامة. أشخاص اعتبارية. موظفون عموميون. اختلاس. "أموال أميرية. أموال مشروعات خاصة". جريمة. "أركان الجريمة". قصد جنائي. تزوير. "الأوراق الرسمية". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
متى تتحقق جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات؟
تتحقق جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات متى كان المال المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادتين 111 و119 من ذلك القانون بسبب وظيفته، يستوي في ذلك أن يكون المال أميرياً أو مملوكاً لأحد الأفراد، لأن العبرة هي بتسليم المال للجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته، ولما كان المتهم الأول لا يجادل في أنه موظف بالمؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز، وقد أثبت الحكم قبله أنه قام بغير حق وبوصفه مديراً للمنشأتين التابعتين لهذه المؤسسة بصرف مبالغ من أموالها المودعة بالبنوك والمسلمة إليه قانوناً بصفته إلى المتهم الثاني بمقتضى شيكات، وذلك بنية اختلاس هذه الأموال، فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد.
- 4  مؤسسات عامة. أشخاص اعتبارية. موظفون عموميون. اختلاس. "أموال أميرية. أموال مشروعات خاصة". جريمة. "أركان الجريمة". قصد جنائي. تزوير. "الأوراق الرسمية". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سريان المادة 113 مكررا عقوبات على كل عضو مجلس إدارة أو مدير أو مستخدم في المشروعات الخاصة الواردة بها حصرا ولا تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها بأية صفة. خروج العاملين بالمؤسسات العامة عن نطاق المادة 113 مكررا عقوبات. المؤسسة العامة. شخصية اعتبارية مستقلة. اتباع أساليب القانون العام في إدارتها. تمتعها بقسط من حقوق السلطة العامة بالقدر اللازم لتحقيق أغراضها.
إن المادة 113 مكرراً في قانون العقوبات التي أضيفت بالقانون رقم 120 لسنة 1962 لتوافق تطور المجتمع الجديد ولتوائم مقتضياته، إنما تنطبق على كل عضو مجلس إدارة أو مدير أو مستخدم في مشروعات خاصة وردت فيها على سبيل الحصر ولا تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها بأية صفة كانت، ومن ثم فإن المؤسسات العامة تخرج بطبيعة تكوينها عن نطاق تطبيق هذه المادة لأن هذه المؤسسات بحسب الأصل أجهزة إدارية لها شخصية اعتبارية مستقلة تنشئها الدولة لتباشر عن طريقها بعض فروع نشاطها العام، وتتبع في إدارتها أساليب القانون العام وتتمتع في ممارستها بقسط من حقوق السلطة العامة بالقدر اللازم لتحقيق أغراضها.
- 5 مؤسسات عامة. أشخاص اعتبارية. موظفون عموميون. اختلاس. "أموال أميرية. أموال مشروعات خاصة". جريمة. "أركان الجريمة". قصد جنائي. تزوير. "الأوراق الرسمية". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحدث الحكم استقلال عن القصد الجنائي في جريمة التزوير. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال، ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
- 6  تزوير. "الأوراق الرسمية". جريمة. فاعل أصلي. اشتراك. "اتفاق. مساعدة". إثبات. "إثبات بوجه عام". "قرائن". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
ماهية الاشتراك بطريق الاتفاق؟
الاشتراك بطريق الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، ويتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه.
- 7  تزوير. "الأوراق الرسمية". جريمة. فاعل أصلي. اشتراك. "اتفاق. مساعدة". إثبات. "إثبات بوجه عام". "قرائن". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
متى يتحقق الاشتراك بطريق المساعدة؟
يتحقق الاشتراك بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناطاً لعقاب الشريك.
- 8  تزوير. "الأوراق الرسمية". جريمة. فاعل أصلي. اشتراك. "اتفاق. مساعدة". إثبات. "إثبات بوجه عام". "قرائن". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته من الأدلة المباشرة أو غير المباشرة. مثال.
متى كان للقاضي الجنائي مطلق الحرية في تكوين عقيدته من وقائع الدعوى، فإن له إذا لم يقم على الاتفاق دليل مباشر أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم في خلال الفترة من 23 أغسطس سنة 1965 إلى 15 يونيو سنة 1966 بدائرة مركز إمبابة محافظة الجيزة: المتهم الأول (أولا) بصفته موظفا عموميا ومن الأمناء على الودائع "مدير مطحني دار السلام وكساب التابعين للمؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز "اختلس أموالا مسلمة إليه بسبب وظيفته بأن اختلس مبلغ 17015ج و580م سبعة عشر ألف وخمسة عشر جنيهاً وخمسمائة وثمانين مليماً من أموال المطحنين قيمة الشيكات المبينة بالأوراق والمسلمة إليه بحكم وظيفته. (ثانيا) - بصفته سالفة الذكر ارتكب تزويراً في محررات لإحدى المنشآت التابعة لتلك المؤسسة وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها حالة كونه مختصا بتحرير هذه المحررات بأن أصدر الشيكات المبينة بالتحقيقات للمتهم الثاني ( ...) وأخر بما يفيد استحقاقهما للمبالغ المدونة فيها على خلاف الحقيقة واثبت كذبا في كعوب بعض هذه الشيكات ما يفيد أنها دفعت ثمنا لقمح للمطحنين وذلك بقصد اختلاس المبالغ المدونة في هذه الشيكات موضوع التهمة الأولى - المتهمين الثاني والثالث: اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة الاختلاس موضوع التهمة الأولى بأن اتفقا معه على اختلاس هذه المبالغ وساعداه على ذلك بأن قام أولهما بصرف مبلغ 14353ج و860م أربعة عشر ألف وثلاثمائة وثلاثة وخمسين جنيها وثمانمائة وستين مليماً قيمة شيكات مزورة أصدرها المتهم الأول بأمره وقام ثانيهما بإثبات بيانات شيكات مزورة قيمتها 11372ج و60م إحدى عشر ألف وثلثمائة واثنين وسبعين جنيهاً وستين مليماً بدفتري بوستة الصندوق والبنك لهذين المطحنين وقد تمت الجريمة فعلا بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. المتهم الرابع: - ارتكب تزويرا في محرر لإحدى المنشآت التابعة للمؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت على خلاف الحقيقة في كشف القمح الوارد لمطحن كساب برطي المؤرخ 17 يوليو سنة1966 ما يفيد ورود 400 أردب قمح كما اثبت هذا البيان المزور في دفتر تموين المطحن وفي باقي مستندات المطحن المبينة بالتحقيقات. المتهم الخامس: ارتكب تزويرا في محرر لإحدى المنشآت التابعة للمؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن اثبت على خلاف الحقيقة في كشف الإنتاج الخاص بشهر يوليو سنة 1966 الخاص بمطحن كساب برطي ما يفيد ورود أربعمائة أردب قمح للطحن. وطلبت من مستشار الإحالة أن يأمر بإحالة جميع المتهمين إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقا لنص المواد 40/2-3 و41 و111/6 و112/1-2 و118 و119 و211 و213 و214/1 مكرر من قانون العقوبات. فقررت بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين جميعا والمادتين 55/1 و56/1 من القانون ذاته بالنسبة إلى المتهمين الرابع والخامس- أولاً: - بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته - ثانيا: بمعاقبة المتهم الثاني بالسجن لمدة ثلاث سنوات - ثالثا - ببراءة المتهم الثالث من التهمة المسندة إليه - رابعا - بمعاقبة كل من المتهمين الرابع والخامس بالحبس مع الشغل لمدة سنة وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها على كل منهما لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم - خامسا - بتغريم المتهمين الأول والثاني متضامنين مبلغ 14353ج و860م أربعة عشر ألفاً وثلاثمائة وثلاث وخمسين جنيهاً وثمانمائة وستين مليماً وبتغريم المتهم الأول وحده أيضا مبلغ 2661ج و720م ألفين وستمائة وواحد وستين جنيهاً وسبعمائة وعشرين مليماً وهو ما يساوي باقي قيمة المبلغ المختلس. فطعن المحامي عن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض كما طعن فيه بالنقض أيضا المحامي عن المحكوم عليه الأول... إلخ.
---------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الأول هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمتي اختلاس أموال مملوكة لمنشأتين تابعتين للمؤسسة العامة للمطاحن وارتكاب تزوير في محررات لإحدى المنشآت التابعة لتلك المؤسسة، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه اعتبر الطاعن موظفاً عاماً وطبق في حقه المادة 112 من قانون العقوبات مع أن الثابت أنه موظف بمؤسسة المطاحن والمضارب، وأموالها ليست أموالاً عامة ومن ثم فإذا صحت الجريمة المسندة إليه فإن المادة 113 مكرر من قانون العقوبات تكون هي الواجبة التطبيق، وجاء الحكم قاصراً عن بيان واقعة الدعوى وعن الإحاطة بدفاع الطاعن، ولم يرد على ما أثاره الدفاع عنه من انتفاء نية تملك المبالغ التي صرفت والتي كان القصد من صرفها شراء آلات وأدوات وسيارة للمطحن، وقد تحقق بالفعل شراء بعضها كما في صفقة "السيور" وقد كان على المحكمة أن تحقق هذا الدفاع للتحقق من مدى صحته أو أن ترد عليه رداً سائغاً. كما أثار الدفاع أنه حتى ولو لم يستقم جدلاً أن المبالغ قد صرفت لشراء شيء من تلك الأدوات وإنما جرى أخذها بنية ردها فإن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة 113 مكرراً من قانون العقوبات لانتفاء نية الاختلاس أصلاً. وقد جاءت أسباب الحكم قاصرة عن إطراح هذا الدفاع وخاطئة عندما قالت بأن الطاعن هو صاحب اليد على الأموال المودعة بالبنك بوصفه صاحب الصفة في الصرف منها رغماً عن أن هذه اليد لا تقوم له ولا تتوافر له هذه الصفة، ولم يتحدث الحكم عن قصد التزوير وشاب أسبابه الغموض والإبهام والتواتر، وذلك كله مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الاختلاس والتزوير اللتين دين الطاعن بهما، وأقام عليهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المؤسسات العامة على ما يبين من قوانين إصدارها رقم 32 لسنة 1957 ورقم 60 سنة 1963، ورقم 32 سنة 1966 هي مرافق عامة يديرها أحد أشخاص القانون العام ومن ثم فإن العاملين فيها يعدون من الموظفين أو المستخدمين العامين، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 يشمل كل موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمه ممن نصت عليهم المادة 111 من قانون العقوبات يختلس مالاً تحت يده متى كان المال المختلس قد سلم إليه بسبب وظيفته، ويتم الاختلاس في هذه الصورة متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية من مال سلم إليه أو وجد في عهدته بسبب وظيفته، فإن الحكم المطعون فيه وإذ عد الطاعن باعتباره موظفاً بالمؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز في حكم الموظفين العموميين وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة 111، والمادة 119 من قانون العقوبات، وطبق في حقه المادة 112 من هذا القانون يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ولا محل لما يثيره الطاعن في انطباق المادة 113 مكرراً على واقعة الدعوى ذلك لأن هذه المادة التي أضيفت بالقانون رقم 120 لسنة 1962 لتوافق تطور المجتمع الجديد ولتوائم مقتضياته، إنما تنطبق على كل عضو مجلس إدارة أو مدير أو مستخدم في مشروعات خاصة وردت فيها على سبيل الحصر لا تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها بأية صفة كانت. ومن ثم فإن المؤسسات العامة تخرج بطبيعة تكوينها عن نطاق تطبيق هذه المادة لأن هذه المؤسسات بحسب الأصل أجهزة إدارية لها شخصية اعتبارية مستقلة تنشئها الدولة لتباشر عن طريقها بعض فروع نشاطها العام وتتبع في إدارتها أساليب القانون العام وتتمتع في ممارستها بقسط من حقوق السلطة العامة بالقدر اللازم لتحقيق أغراضها. لما كان ذلك، وكانت جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات تتحقق متى كان المال المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادتين 111 و119 من ذلك القانون بسبب وظيفته يستوي في ذلك أن يكون المال أميرياً أو مملوكاً لأحد الأفراد لأن العبرة هي بتسليم المال للجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته، وكان الطاعن لا يجادل في أنه موظف بالمؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز، وقد أثبت الحكم أنه قام بغير حق - وبوصفه مديراً للمنشأتين التابعتين لهذه المؤسسة بصرف مبالغ من أموالها المودعة بالبنوك والمسلمة إليه قانوناً بصفته إلى المتهم الثاني بمقتضى شيكات، وذلك بنية اختلاس هذه الأموال، فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية الاختلاس لدى الطاعن فأثبتها في حقه بقوله. "وحيث إن المحكمة لا تعول على دفاع المتهم الأول (الطاعن) ذلك أن دفع المبالغ للمتهم الثاني بالشيكات رغم استمراره مدة سنة كاملة فإن المتهم الأول استمر في هذه العملية دون أن يورد المتهم الثاني شيئاً ولأنه لم يثبت أن أياً من آلات وسيارات المطحن كان في حاجة إلى إصلاح كما أنه لم يثبت أنه كان في احتياج لسيارة ولم يوضح المتهم في أقواله على التحديد الآلات والسيارات المعينة التي دفع المبالغ من أجل إحضار قطع الغيار والموتورات لها ولأن المتهم الأول لم يثبت في كعوب الشيكات عن إصدارها أن قيمتها ثمن قطع غيارات وموتورات سيارات ثم إثباته في هذه الكعوب في مطحن كساب عند قرب استلام المدير الجديد الشاهد الثاني إدارته منه أن القيمة ثمن قمح على خلاف الواقع بالإضافة إلى أن القيد الذي تم في الدفاتر تم على أساس أن المبالغ الصادر بها الشيكات هي ثمن قمح واستمرار المتهم الأول في القيام بهذه العملية في المطحن الثاني الذي نقل إليه من مطحن دار السلام وعدم قيام المتهم الأول بإخطار أحد من المسئولين بالمؤسسة بالمطعون بقيامه بهذه العملية" ثم قول الحكم بعد ذلك "إن نية الاختلاس ثابتة في حق المتهم الأول بعد أن أهدرت المحكمة دفاعه الذي مقتضاه أنه سلم الشيكات بعد قيامه بتحريرها إلى المتهم الثاني الصادرة لصالحه الشيكات والذي قام بصرفها وذلك لشراء قطع غيار للمطحن بقيمتها". فإن هذا الذي أورده الحكم من أدلة وشواهد سائغ وكاف للتدليل على ثبوت قصد الاختلاس. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكان باقي ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى والتحقيقات التي تمت فيها لا يخرج عن كونه جدلاًً موضوعياً في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الثاني هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة الاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة الاختلاس قد شابه قصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يستظهر بالنسبة للطاعن طريقة الاشتراك في الجريمة ولم يبين عناصر الاتفاق المكون له والأدلة على ثبوته في حق الطاعن، وقد جاء الحكم خلواً من بيان علم الطاعن بظروف الجريمة وإلمامه بها. هذا إلى أن صرف الطاعن لقيمة الشيكات يعد عملاً لاحقاً لقيام جريمة الاختلاس وهو ما لا يتوافر به الاشتراك بالمساعدة التي تستلزم أن تكون بفعل معاصر لارتكاب الجريمة وليس لاحقاً لها
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلة الثبوت فيها، وأورد مؤدى أقوال الطاعن بما مفاده أنه اعترف باستلامه قيمة جميع الشيكات المحررة باسمه لشراء موتورات لعربات النقل، وأنه كان يعلم بأن النقود التي تسلمها هي من أموال المطحنين، وأنه لم يدفع شيئاً كعربون لشراء هذه الآلات دلل الحكم على ثبوت اشتراك الطاعن مع المتهم الأول في جريمة الاختلاس بقوله "وحيث إن اشتراك المتهم الثاني (الطاعن) مع المتهم الأول ثابت في حقه من إصدار المتهم الأول الشيكات لصالحه وقيامه بصرف قيمتها بعد أن أهدرت المحكمة دفاع المتهم الأول الذي مقتضاه أن المتهم المذكور سلم المبالغ قيمة الشيكات للمتهم الثاني لإحضار قطع غيار للآلات موتورات للسيارات مع عدم وجود أية معاملات أو صلة بين المتهم الثاني وبين المطحنين اللذين عمل المتهم الأول مديراً لهما على التعاقب ولا صحة لما ذكره الدفاع من أن المتهم تاجر قطع غيار وإنما هو حسبما جاء في أقواله صاحب رشة سمكرة وادعى أنه سيستورد القطع المطلوبة عن طريق الغير من الخارج, فأن ما أورده الحكم فيما تقدم يتوافر به الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة، كذلك أن الاشتراك بطريق الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ويتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه وإذا كان للقاضي الجنائي مطلق الحرية في تكوين عقيدته من وقائع الدعوى، فإن له إذا لم يقم على الاتفاق دليل مباشر أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره. ولما كانت الأدلة والقرائن التي ساقها الحكم للتدليل على اشتراك الطاعن بطريق الاتفاق والمساعدة من شأنها أن تؤدي إلى ثبوته، في حقه، وكان الاشتراك بالمساعدة إنما يتحقق بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناطاً لعقاب الشريك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل في الواقع إلى جدل في موضوع الدعوى وفي تقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ما تقدم, فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.