القضية رقم 220 لسنة 19 ق " دستورية "جلسة 1 / 4 / 2012
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، الأول من أبريل سنة 2012م ،
الموافق التاسع من جماد الأول سنة 1433 هـ .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : الدكتور حنفي على جبالي ومحمد خيري طه
وتهاني محمد الجبالى ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمي إسكندر والدكتور حمدان حسن
فهمي نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 220 لسنة 19
قضائية " دستورية ".
المقامة من
1 - السيد / عبد المنعم على حسن
2 - السيد / إبراهيم حسين أمين
3 - السيد / فتحى سليمان أبو رواش
ضد
أولاً - السيد رئيس مجلس الوزراء
ثانيًا - السيد وزير القوى العاملة
ثالثًا - السيد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر
رابعًا - السيد رئيس النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج
خامسًا - السيد مدير مديرية القوى العاملة بالجيزة بصفته رئيس اللجنة
العامة المشرف على الانتخابات العمالية بالجيزة
سادسًا - السيد / عبد المنعم عوض خليل بصفته رئيس اللجنة النقابية
للعاملين بشركة النصر للغزل والنسيج والتريكو" الشوربجى سابقًا "
سابعًا - أعضاء مجلس إدارة اللجنة النقابية للعاملين بمصنع الشوربجى
وهم :
1 - السيد / إبراهيم صديق محمد
2 - السيد / زكريا مختار شرف
3 - السيد / سامى سلامة محمد
4 - السيد / سليم خيرى محمد
5 - السيدة / زينب أحمد على
6 - السيد / حسن محمد باشا
7 - السيد / سعد عويضة
8 - السيد / محمود صابر شعراوى
9 - السيد / محمد عبد العال جبر
10 - السيد / رأفت إسماعيل أبو عمر
الإجراءات
بتاريخ الرابع عشر من شهر ديسمبر سنة 1997 ، أودع المدعون صحيفة هذه
الدعوى ، قلم كتاب المحكمة ، طلبًا للحكم بعدم دستورية المادة (4) من القانون رقم
35 لسنة 1976 بإصدار قانون النقابات العمالية ، والمواد 4 ، 7/1 ، 19 ، 20 ، 22 ،
23 ، 25 ، 26 ، 28 ، 29 ، 30 ، 31 ، 32 ، 35 ، 36/ب ، 41 ، 61 من قانون النقابات
العمالية سالف الذكر ، والمادة الرابعة من القانون رقم 12 لسنة 1995 بتعديل بعض
أحكام قانون النقابات العمالية ، وقرارات وزير القوى العاملة أرقام 117 ، 118 ،146
، 147 لسنة 1996 والخاصة بتنظيم الانتخابات النقابية العمالية .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت في ختامها الحكم أصليًا : بعدم
قبول الدعوى ، واحتياطيًا : رفضها .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل
في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 260 لسنة 1996 (عمال) أمام محكمة بندر
إمبابة الجزئية ، ضد المدعى عليهما ثانيًا ورابعًا ، طلبًا للحكم بإعادة الفرز
وتصحيح البطلان الذى شاب انتخابات اللجنة النقابية التي أجريت بشركة النصر للغزل
والنسيج والتريكو " الشوربجى سابقًا " ، وأثناء نظر الدعوى عدل المدعون
طلباتهم ، فاستقرت على طلب الحكم بإلغاء الانتخابات التي تمت لاختيار أعضاء مجلس
اللجنة النقابية بالشركة وإعادة فرز الأصوات وإعلان النتيجة بعد إعادة الفرز طبقًا
للقانون ، كما دفع المدعون بعدم دستورية قراري وزير القوى العاملة رقمي 146 ، 147
لسنة 1996 ، والمادة الرابعة من القانون رقم 35 لسنة 1976 بإصدار قانون النقابات
العمالية ، والمواد 4 ، 41/3 من القانون المشار إليه ، لمخالفتها المواد ( 47 ، 56
، 62 ) من الدستور ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع ، وأذنت للمدعين بإقامة
الدعوى الدستورية ، فقد أقاموا الدعوى الماثلة .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقرير اختصاصها ولائيًا بنظر
دعوى بذاتها ، سابق بالضرورة على الخوض في شروط قبولها أو الفصل في موضوعها ، إذ
لا يتصور أن تفصل هذه المحكمة في توافر شروط اتصال الخصومة القضائية بها ، وفقًا
للأوضاع المنصوص عليها في قانونها ، قبل أن تتحقق من أن النزاع موضوعها ، يدخل
ابتداء في ولايتها . لما كان ذلك ، وكان الدستور قد عهد – بنص المادة (175) منه
إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولي الرقابة القضائية على دستورية
القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون ، وبناء على هذا التفويض أصدر
المشرع قانون هذه المحكمة مبينًا اختصاصاتها ، محددًا ما يدخل في ولايتها حصرًا ،
مستبعدًا من مهامها ما لا يندرج تحتها ، فخولها اختصاصًا منفردًا بالرقابة على
دستورية القوانين واللوائح ، ينحصر في النصوص التشريعية أيًا كان موضوعها أو نطاق
تطبيقها أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها . فلا تنبسط هذه الولاية إلا على القانون
بمعناه الموضوعي باعتباره من صرفًا إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز
عامة مجردة ، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة
التشريعية ، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود
صلاحيتها التي ناطها الدستور بها ، وأن تنقبض تلك الرقابة – تبعًا لذلك – عما
سواها .
وحيث إن قرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 147 لسنة 1966 اقتصر
على تحديد مواعيد الترشيح والانتخاب لتشكيلات المنظمات النقابية لدورة بعينها هي
دورة 96/2001 ، فإنه لا يعدو أن يكون قرارًا تنفيذيًا لا ينطوي على قاعدة عامة
مجردة ، وإنما يتحدد مجال تطبيقه بواقعة محددة بذاتها ، فيستنفد موضوعه بمجرد
سريانه ، ولا يتضمن تبعًا لذلك أية شروط أو قواعد تنظيمية عامة تسبغ عليه وصف
القرار اللائحي ( التشريع الفرعي ) الذى تختص هذه المحكمة بالرقابة على دستوريته ،
بما يتعين معه الحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظره .
وحيث إنه بالنسبة للمادة الرابعة من القانون رقم 35 لسنة 1976 بإصدار
قانون النقابات العمالية ، والمادة (41) من القانون المشار إليه ، فقد سبق للمحكمة
الدستورية العليا أن حسمت المسألة الدستورية المثارة بشأن– أولاهما – بحكمها
الصادر في الدعوى رقم 206 لسنة 20 قضائية "دستورية " بجلسة 3/11/2002 ،
والذى قضى برفض الدعوى ، وقد نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (46)
بتاريخ 14/11/2002 ، كما حسمت المسألة الدستورية المثارة بشأن – ثانيتهما –بحكمها
الصادر في الدعوى رقم 77 لسنة 19 قضائية " دستورية " بجلسة 7/2/1998 ،
والذى قضى برفض الدعوى ، وقد نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بعددها رقم (8)
بتاريخ 19/2/1998 . ولما كان مقتضى المادتين ( 48 ، 49 ) من قانون المحكمة
الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، أن يكون لقضاء هذه المحكمة
في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة ، وبالنسبة للدولة بسلطاتها
المختلفة ، باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها ، بما لا يجوز معه أية
رجعة إليها ، فإن الدعوى الماثلة في هذا النطاق تكون غير مقبولة .
وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية ،
وفى الحدود التي تقدر فيها محكمة الموضوع جديته ، وكان يشترط لقبول هذه الدعوى
توافر المصلحة فيها ، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في
الطلبات المثارة في النزاع الموضوعى المرتبطة بهذه المسألة فلا تتعداها . ولما كان
مبنى النزاع الموضوعي – طلب الحكم ببطلان انتخابات مجلس إدارة اللجنة النقابية
بالشركة التي يعمل بها المدعون – بوصفهم كانوا مرشحين لعضوية مجلس إدارة هذه
المنظمة النقابية ولم يحالفهم الحظ لما شاب عملية الانتخاب على حد قولهم من بطلان
، مرجعه هيمنة الإدارة على تشكيل وعمل اللجان الفرعية المشرفة على الانتخابات بما
ينال من حيدتها – فإن المادة (11) من قرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 146
لسنة 1996 بشأن إجراءات الترشيح والانتخاب لتشكي لات المنظمات النقابية العمالية (
عن الدورة 1996/2001 ) ، والتي تتناول القواعد والأحكام المتعلقة بتشكيل تلك
اللجان ، هي التي تمثل من الدعوى الدستورية بنيانها ، ليضحي نطاقها محصورًا في هذه
المادة دون سواها من أحكام وردت بالقرار المشار إليه .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن " حماية هذه المحكمة
للدستور ، إنما تنصرف إلى الدستور القائم ، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس ذا
أثر رجعى ، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذى صدر القانون المطعون عليه
في ظل العمل بأحكامه ، طالما أن هذا القانون قد عمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو
استبدال نص آخر به خلال مدة سريان ذلك الدستور " . متى كان ذلك ، وكان القرار
المطعون فيه قد تم إلغاؤه بموجب قرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 148 لسنة
2001 ، قبل نفاذ الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30 مارس سنة 2011 بسنوات عديدة ،
ومن ثم فإنه لا يمكن الاحتكام إلى ما ورد بأحكام ذلك الإعلان الدستوري فيما يتعلق
بالنص المطعون عليه ، وإنما يتعين الاحتكام بشأنه إلى ما ورد بدستور سنة 1971 ،
الذى صدر القرار المشتمل على النص محل الطعن في ظل العمل بأحكامه .
وحيث إن المادة (144) من
دستور سنة 1971 كانت تنص على أن " يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة
لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن
يفوض غيره في إصدارها ، ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه
"
وحيث إن المادة (41) من قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم
35 لسنة 1976 تنص على أن " مدة الدورة النقابية لمستويات المنظمات النقابية
خمس سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ نشر نتيجة انتخاب مجالس إدارة المنظمات النقابية
بكافة مستوياتها في الوقائع المصرية . ويجب إجراء الانتخابات لتجديد هذه المجالس
بالاقتراع السرى المباشر خلال الستين يومًا الأخيرة من الدورة النقابية على الأكثر
، ويراعى توحيد مواعيد إجراء الانتخابات بالنسبة لكل مستوى من مستويات البنيان
النقابى ، ويتم الترشيح والانتخاب تحت إشراف لجان يرأسها أعضاء من الهيئات
القضائية بدرجة قاض أو ما يعادلها على الأقل يرشحهم وزير العدل بناء على طلب
الوزير المختص وتحدد مواعيد وإجراءات الترشيح والانتخابات لمجالس إدارة المنظمات
النقابية بقرار يصدر من الوزير المختص بعد موافقة الاتحاد العام لنقابات العمال
"
وحيث إنه تنفيذًا للنص المتقدم ، أصدر وزير القوى العاملة والتدريب
القرار رقم 146 لسنة 1996 – والذى أُلغى بالقرار رقم 148 لسنة 2001 – ونص في
المادة (11) على أن " تشكل لجنة الانتخابات الفرعية برئاسة أحد العاملين
بوزارة القوى العاملة والهجرة أو مديرياتها الإقليمية وعضوين يختارهما الرئيس من
بين أعضاء الجمعية العمومية ".
وحيث إن الأصل في اللوائح التنفيذية التي تصدر وفقًا لنص المادة (144)
من دستور سنة 1971 – كما هو شأن القرار المطعون فيه – أنها تفصل ما ورد إجمالاً من
النصوص القانونية ، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها – فالغرض
من صدور اللائحة التنفيذية للقانون يتعين أن ينحصر في وضع القواعد والتفاصيل
اللازمة لتنفيذه ، دون أن تنطوي على تعديل أو إلغاء أو تعطيل لنصوصه . لما كان ذلك
، وكان المشرع قد أوجب بنص المادة (41) من قانون النقابات العمالية الصادر
بالقانون رقم 35 لسنة 1976 – أن يتم الترشيح والانتخاب لمجالس إدارة المنظمات
النقابية بالاقتراع السرى المباشر تحت إشراف لجان يرأسها أعضاء من الهيئات
القضائية لا تقل درجة العضو عن قاض أو ما يعادلها ، يرشحهم وزير العدل بناء على
طلب الوزير المختص ، ولما كانت عبارة " لجان يرأسها أعضاء من هيئات قضائية
"، تفيد العموم والشمول ، وكان من الأصول المسلمة أن العام يبقى على عمومه ما
لم يخصص ، فإن مؤدى ذلك ولازمه أن رئاسة أعضاء الهيئات القضائية للجان الترشيح
والانتخاب لمجالس إدارة المنظمات النقابية إنما يشمل اللجان العامة والفرعية على
سواء .
وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان النص المطعون فيه – المادة (11) من
قرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 146 لسنة 1996 – قد قضى بتشكيل لجان
الانتخابات الفرعية برئاسة أحد العاملين بوزارة القوى العاملة أو مديرياتها
الإقليمية وعضوين يختارهما الرئيس من بين أعضاء الجمعية العمومية ، فإنه يكون قد
خالف نص المادة (41) من قانون النقابات العمالية المشار إليه وتضمن تعديلاً
لأحكامها ، وتعطيلاً لها ، بما يبعدها عن الغاية من تقريرها ، ويفرغها من مضمونها
، الأمر الذى يصمه بعيب مخالفة المادة (144) من الدستور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (11) من قرار وزير القوى العاملة
والتدريب رقم 146 لسنة 1996 ، وإلزام الحكومة المصروفات ، ومبلغ مائتي جنيه مقابل
أتعاب المحاماة .