الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 22 مارس 2018

دستورية حق المطلق في العودة إلى مسكنه بعد انتهاء مدة الحضانة

القضية رقم 119 لسنة 21 ق " دستورية " .
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 19 ديسمبر سنة 2004 ، الموافق 7 من ذى القعدة سنة 1425 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : محمد على سيف الدين ومحمد عبد العزيز الشناوى وماهر سامى يوسف والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 119 لسنة 21 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيدة / ........
ضد
1 السيد رئيس الجمهورية
2 السيد رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب
3 السيد / .........
" الإجراءات "
بتاريخ 29 من يونيو سنة 1999، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالبة الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من المادة (18) مكرراً (ثالثاً) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية ، المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعى عليه الثالث كان قد أقام الدعوى رقم 4047 لسنة 1996 كلى شمال القاهرة ، أمام محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية "ولاية على النفس"، ضد المدعية ، بطلب الحكم باسترداد الشقة المبينة بصحيفة الدعوى ، والمؤجرة له بعقد الإيجار المؤرخ 30/4/1988، وتسليمها إليه ومنع تعرض المدعية له فيها، على سند من القول بأنه تزوج المدعية بتاريخ 8/11/1982، وبعد أن أنجب منها الصغيرين أحمد وياسمين، طلقها وترك لها العين المشار إليها لكونها حاضنة ، وإذ بلغ الصغير ان أقصى سن مقرر لحضانة النساء، فإنه يحق له استرداد المسكن، إعمالاً لنص المادة (18) مكرراً (ثالثاً) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية ، المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية . وقد حكمت المحكمة غيابياً باسترداده مسكن الزوجية ، فعارضت المدعية في هذا الحكم طالبة إلغاءه، فحكمت المحكمة برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وإذ لم ترتض المدعية هذا الحكم، فقد أقامت الاستئناف رقم 1401 لسنة 1 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة ، بطلب الحكم بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى . وأثناء نظر الاستئناف، دفعت المدعية بعدم دستورية نص المادة (18) مكرراً "ثالثاً" المشار إليها، وإذ صرحت محكمة الموضوع للمدعية -بعد تقديرها لجدية دفعها- بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقامت الدعوى الماثلة .
وحيث إن المدعية تنعى على النص المطعون فيه مخالفته لأحكام المواد (2، 7، 9، 12) من الدستور، تأسيساً على أن من مبادئ الشريعة الإسلامية أن من لها حق إمساك الولد، وليس لها سكن، فإن على الأب سكناهم جميعاً، وأن الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وما يقوم عليه المجتمع من تضامن اجتماعي ، وبقاء المسكن في حيازة المدعية وولديها فيه تحقيق للغاية المنشودة ، وهي رعاية الصغار وحماية الأسرة .
وحيث إن المادة (18) مكرراً " ثالثاً " -المطعون عليها - تنص على ما يأتي :
"على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب، فإذا لم يفعل خلال مدة العدة ، استمروا في شغل مسكن الزوجية المؤجر دون المطلق مدة الحضانة .
وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر، كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به، إذا هيأ لهم المسكن المناسب بعد انقضاء مدة العدة .
ويخير القاضي الحاضنة بين الاستقلال بمسكن الزوجية ، وبين أن يقرر لها أجر مسكن مناسب للمحضونين ولها .
فإذا انتهت مدة الحضانة ، فللمطلق أن يعود للمسكن مع أولاده، إذا كان من حقه ابتداء الاحتفاظ به قانوناً .
وللنيابة العامة أن تصدر قراراً فيما يثور من منازعات بشأن حيازة مسكن الزوجية المشار إليه، حتى تفصل المحكمة فيها".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة -وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسائل الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها. متى كان ذلك، وكانت دعوى الموضوع المقامة من المدعى عليه الثالث ضد المدعية -والتي أثير فيها الدفع بعدم الدستورية - تتوخى الحكم له باسترداد مسكن الزوجية بعد انتهاء مدة الحضانة ، استناداً إلى نص الفقرة الرابعة من المادة (18) مكرراً "ثالثاً"، ومن ثم تقوم المصلحة الشخصية المباشرة للمدعية في الطعن على نص هذه الفقرة وحدها، ويتحدد بها -دون غيرها- نطاق الدعوى الدستورية الماثلة .
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد اطرد على أن ما نص عليه الدستور في مادته الثانية -بعد تعديلها في سنة 1980- من أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، إنما يتمخض عن قيد يجب على السلطة التشريعية أن تتحراه وتنزل عليه في تشريعاتها الصادرة بعد هذا التعديل -ومن بينها أحكام القانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية - فلا يجوز لنص تشريعي أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعاً، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية ، وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً. ومن غير المتصور بالتالي أن يتغير مفهومها تبعاً لتغير الزمان والمكان، إذ هي عصية على التعديل، ولا يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها. وتنصب ولاية المحكمة الدستورية العليا في شأنها على مراقبة التقيد بها، وتغليبها على كل قاعدة قانونية تعارضها. ذلك أن المادة الثانية من الدستور، تقدم على هذه القواعد أحكام الشريعة الإسلامية في أصولها ومبادئها الكلية ، إذ هي إطارها العام، وركائزها الأصلية التي تفرض متطلباتها دوماً بما يحول دون إقرار أية قاعدة قانونية على خلافها؛ وإلا اعتبر ذلك تشهياً وإنكاراً لما عُلم من الدين بالضرورة . ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معاً، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها، ولا تمتد لسواها. وهى بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان، لضمان مرونتها وحيويتها، ولمواجهة النوازل على اختلافها، تنظيماً لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً، ولا يعطل بالتالي حركتهم في الحياة ، على أن يكون الاجتهاد دوماً واقعاً في إطار الأصول الكلية للشريعة بما لا يجاوزها، ملتزماً ضوابطها الثابتة متحرياً مناهج الاستدلال على الأحكام العملية ، والقواعد الضابطة لفروعها، كافلاً صون المقاصد العامة للشريعة بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال .
وحيث إن الحضانة - في أصل شرعتها - هي ولاية للتربية ، غايتها الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه في الفترة الأولى من حياته. والأصل فيها مصلحة الصغير، وهى تتحقق بأن تضمه الحاضنة - التي لها الحق في تربيته شرعاً- إلى جناحها، باعتبارها أحفظ عليه وأحرص على توجيهه وصيانته، ولأن انتزاعه منها -وهي أشفق عليه وأوثق اتصالاً به وأكثر معرفة بما يلزمه وأوفر صبراً- مضرة به، إبان الفترة الدقيقة التي لا يستقل فيها بأموره. وحين يقرر ولي الأمر حدود هذه المصلحة معرفة بأبعادها، فذلك لأن الشريعة الإسلامية في مبادئها الكلية لا تقيم للحضانة وما يتعلق بها تخوماً لا يجوز تجاوزها، ومن ثم تعين أن تتحدد بما يكون لازماً للقيام على مصلحة الصغير ودفع المضرة عنه، وقد دل الفقهاء باختلافهم حول مسألة الحضانة على أن مصلحة الصغير هي مدار أحكامها، وأنها من المسائل الاجتهادية التي تتباين الآراء حولها، لكلٍ وجهة يعتد فيها بما يراه أكفل لتحصيل الخير للصغير في إطار من الحق والعدل. وباستقراء أقوال الفقهاء يدل على أن اجتهاداتهم في شأن الحضانة متباينة ، مدارها نفع المحضون. وفى ذلك قدر من المرونة التي تسعها الشريعة الإسلامية في أحكامها الفرعية المستجيبة دوماً للتطور، توخياً لربطها بمصالح الناس واحتياجاتهم المتجددة ، وأعرافهم المتغيرة ، التي لا تصادم حكماً قطعياً، وهى مرونة ينافيها أن يتقيد المشرع بآراء بذاتها لا يريم عنها، أو يقعد باجتهاده عند لحظة زمنية معينة تكون المصالح المعتبرة شرعاً قد جاوزتها، وتلك هي الشريعة في أصولها ومنابتها، شريعة مرنة غير جامدة ، يتقيد الاجتهاد فيها -بما يقوم عليه من استفراغ الجهد للوصول إلى حكم فيما لا نص فيه- بضوابطها الكلية وبما لا يعطل مقاصدها. ولئن صح القول بأن أهمية الاجتهاد ولزومه لا يوازيها إلا خطره ووقته، فإن الصحيح كذلك أن لولي الأمر الاجتهاد في الأحكام الظنية بمراعاة المصلحة الحقيقية التي يقوم برهانها من الأدلة الشرعية . فلا يصد اجتهاد اجتهاداً أو يكتسب عصمة من دونه .
وحيث إن الأصل في حضانة الصغير والصغيرة هو تعهدهما بالرعاية ، بما يحول دون الإضرار بهما، فكان لزاماً على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته، ولحاضنتهم، مسكناً مستقلاً مناسباً، وإلا استمروا من دونه في شغل مسكن الزوجية ، إلا أن هذا الالتزام يدور وجوداً وعدماً مع المدة الإلزامية للحضانة التي قررتها الفقرة الأولى من المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية ، وهي بلوغ الصغير سن العاشرة والصغيرة اثنتى عشرة سنة ، ومن ثم فإن ما قرره النص الطعين من أن للمطلق الحق في أن يعود إلى مسكنه بعد انتهاء مدة الحضانة إذا كان من حقه الاحتفاظ به قانوناً، لا يعدو أن يكون اجتهاداً غير مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية في أصولها الثابتة ومبادئها الكلية ، إذ ليس ثمة نص قطعي في هذا الأمر ولا ينال مما تقدم قالة أن للقاضي أن يأذن للحاضنة ، بعد انتهاء المدة الإلزامية للحضانة ، بإبقاء الصغير في رعايتها حتى الخامسة عشرة ، والصغيرة حتى تتزوج، إذا تبين أن مصلحتهما تقتضى ذلك، إذ أن ما يأذن به القاضي على هذا النحو، لا يعتبر امتداداً لمدة الحضانة الإلزامية ، بل منصرفاً إلى مدة استبقاء، تقدم الحاضنة خلالها خدماتها متبرعة بها. وليس للحاضنة بالتالي أن تستقل بمسكن الزوجية خلال المدة التي شملها هذا الإذن، ذلك أن مدة الحضانة التي عناها المشرع بنص الفقرتين الأولى والرابعة من المادة (18) مكرراً (ثالثاً) - والتي جعل من نهايتها نهاية لحق الحاضنة وصغيرها من مطلقها في شغل مسكن الزوجية - هي المدة الإلزامية للحضانة على ما تقدم، وغايتها بلوغ الصغير سن العاشرة والصغيرة اثنتى عشرة سنة . وببلوغها يسقط حقها في الاستقلال بمسكن الزوجية ، ليعود إليه الزوج المطلق منفرداً في الانتفاع به، إذا كان له ابتداء أن يحتفظ به قانوناً، ومن ثم فإن ما قرره النص المطعون فيه لا يكون مناقضاً لأحكام الدستور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعية بالمصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره , أما السيد المستشار سعيد مرعي عمرو الذي سمع المرافعة و حضر المداولة و وقع علي مسودة الحكم فقد جلس بدلا منه عند تلاوته السيد المستشار حمدي محمد علي. 

دستورية اختيار الحكمين من غير أهل الزوجين


القضية رقم 12 لسنة 19 ق "دستورية ".
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 2 يناير سنة 1999 الموافق 14 رمضان سنة 1419هـ .
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولى الدين جلال  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : حمدى محمد على والدكتور/ عبد المجيد فياض وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله       
وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ حمدى أنور صابر      أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 12 لسنة 19 قضائية "دستورية ".
المقامة من
السيد / محمد عمر طوسون عبد الواحد
ضد
1- السيد / رئيس الجمهورية بصفته
2- السيد / رئيس مجلس الشعب بصفته
3- السيد / رئيس مجلس الوزراء بصفته
4- السيد / وزير العدل بصفته
5- السيدة / نجوى محمد على مفتاح معبد
" الإجراءات "
فى السادس عشر من يناير سنة 1997، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية المواد (6، 7، 10، 11، 11 مكرراً، 11 مكرراً ثانياً، 18 مكرراً ثانياً، 20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية والمادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمادة (251) من قانون المرافعات المدنية والتجارية .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم، أصلياً: بعدم قبول الدعوى واحتياطياً: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع- على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعى عليها الخامسة كانت قد أقامت ضد المدعى الدعوى رقم 612 لسنة 1993 شرعى كلى الفيوم بطلب الحكم بعدم الاعتداد بإنذار الطاعة الموجه إليها من المدعى بتاريخ 13/10/1993. وأثناء نظر الدعوى أضافت المدعى عليها إلى طلبها الأصلي طلباً جديداً بتطليقها من المدعى طلقة بائنة للضرر والشقاق، فدفع المدعى بعدم دستورية المواد أرقام (7، 8، 9، 10، 11) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام دعواه الماثلة .
وحيث إن من المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذى أثير أمام محكمة الموضوع، وفى الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته وذلك عملاً بالبند (ب) من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979. إذ كان ذلك وكان التصريح بإقامة الدعوى الدستورية قد اقتصر على المواد (7، 8، 9، 10، 11) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه، إلا أن الطلبات الختامية في صحيفة الدعوى الدستورية قد تضمنت طعناً بعدم دستورية مواد أخرى لم يشملها ذلك التصريح، كما خلت من الطعن على المادتين (8، 9) من المرسوم بقانون المشار إليه ؛ ومن ثم فإن النطاق الذى تتحدد به الدعوى الماثلة إنما يقتصر على المواد التي رخصت محكمة الموضوع للمدعى في إقامة الدعوى بالنسبة لها وأو ردها في صحيفة دعواه وذلك طبقاً لحكم المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا، وهى المواد (7، 10، 11) من المرسوم بقانون المشار إليه دون غيرها؛ بما مؤداه: انتفاء اتصال الدعوى - في شقها الخاص بالطعن على النصوص الأخرى - بهذه المحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع التي رسمها قانونها والتي لا يجوز الخروج عليها بوصفها ضوابط جوهرية فرضها المشرع لمصلحة عامة حتى ينتظم التقاضي في المسائل الدستورية وفقاً للقواعد التي حددها، الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليها.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن باشرت رقابتها القضائية على دستورية المادتين العاشرة والحادية عشرة من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929 فأصدرت بجلسة 5/7/1997 حكمها في القضية رقم 82 لسنة 17 قضائية "دستورية " برفض الدعوى بالنسبة إلى الطعن بعدم دستورية المادة الحادية عشرة ، وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 19/7/1997، ثم أصدرت بتاريخ 9/5/1998 حكمها في القضية رقم 121 لسنة 19 قضائية "دستورية " برفض الدعوى بعدم دستورية المادة العاشرة ؛ وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 21/5/1998. إذ كان ذلك وكانت أحكام المحكمة الدستورية العليا قولاً فصلاً لا يقبل تعقيباً ولا تأويلاً من أي جهة كانت، فإن الخصومة الدستورية بالنسبة لهاتين المادتين- وهي عينية بطبيعتها –تكون قد انحسمت فلا رجعة إليها.
وحيث إن المادة السابعة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه تنص على ما يأتي "يشترط في الحَكَمَين أن يكونا عدلين من أهل الزوجين إن أمكن وإلا فمن غيرهم ممن لهم خبرة بحالهما وقدرة على الإصلاح بينهما"؛ وينعى المدعى على هذه المادة مخالفتها للنص القرآني الذى أوجب أن يكون الحَكَمان من أهل الزوجين.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة ، أن حكم المادة الثانية من الدستور- بعد تعديلها في 22 من مايو سنة 1980- يقيد السلطة التشريعية اعتباراً من تاريخ العمل بهذا التعديل وأن مؤداه: ألا تناقض تشريعاتها مبادئ الشريعة الإسلامية التي لا يجوز الاجتهاد فيها، والتي تمثل ثوابتها- مصدراً وتأويلاً- إذ هي عصية على التأويل فلا يجوز تحريفها، بل يتعين رد النصوص القانونية إليها للفصل في تقرير اتفاقها أو مخالفتها للدستور. ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها، أو بهما معاً، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها، ولا تمتد لسواها؛ إذ هي بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والم كان؛ لضمان مرونتها وحيويتها، ولمواجهة النوازل على اختلافها، تنظيماً لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً؛ ولا يعطل بالتالي حركتهم في الحياة ؛ على أن يكون الاجتهاد دوماً واقعاً في إطار الأصول الكلية للشريعة بما لا يجاوزها؛ ملتزماً ضوابطها الثابتة ، متحرياً مناهج الاستدلال على الأحكام العملية والقواعد الضابطة لفروعها، كافلاً صون المقاصد الكلية للشريعة بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال.
وحيث إن الأصل في بعث الحَكَمَين عند وقوع شقاق بين الزوجين هو قوله تعالى "وإن خفتم شقاق بينهما فأبعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً". ولئن كان اللفظ القرآني الكريم صريحاً في دلالته على أن يكون الحكمان من أهل الزوجين أي من ذوى قرابتهما تقديراً من الشارع الحكيم أن ما ينشأ من خلاف منذر بالفرقة بين الزوجين يكون عادة معلوماً لدى أهلهما، فضلاً عن أن الحَكَمين- بحكم الوشائج الحميمة المترتبة على تلك القرابة - يكونان أدنى إلى نفس الزوجين فلا يستحيان من الإفضاء لهما بما تنطوي عليه سرائرهما من مكنونات يؤثران- صوناً لكرامتهما- عدم البوح بها لأجانب عنه ما؛ بيد أنه وقد سكت العليم الخبير- لحكمة قدرها- عن بيان الحكم إذا لم يكن من بين الأهل من يحوز أهلية التحكيم- وأخصها الرشد والعدالة - أو كان الزوجان ممن لا أهل لهما ؛ فكان حتماً مقضياً- حتى لا يشق الأمر على القاضي - أن يتدخل ولي الأمر لبيان من يجوز اختياره للتحكيم من غير أهل الزوجين في هذه الحالة ؛ وهو ما نحا إليه النص المطعون فيه- تخريجاً على مذهب المالكية الذى استمد منه- حين أجاز للقاضي تعيين أجنبيين ممن لهم خبرة بحال الزوجين وقدرة على الإصلاح وإزالة الخلاف بينهما إن لم يوجد من يصلح من أهلهما لمهمة التحكيم. وليس ذلك إلا إعمال للعقل بقدر ما تقتضيه الضرورة بما لا ينافى مقاصد الشريعة الإسلامية ؛ وبمراعاة أصولها، وبالتالي فإن النعي على هذا النص بمخالفته للمادة الثانية من الدستور يكون حرياً بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، ومصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

دستورية اعتبار القاضي مستقيلاً إذا انقطع عن عمله 30 يوماً متصلة بدون إذن


القضية رقم 139 لسنة 21 ق " دستورية "
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
    بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 مارس سنة 2004 م ، الموافق 16 من المحرم سنة 1425 ه .
برئاسة السيد المستشار / حمدى محمد على نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : محمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصى وعبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما                       رئيس هيئة   المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
           في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 139 لسنة 21 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد / ...........
ضد
1 السيد رئيس الجمهورية
2 السيد رئيس مجلس الوزراء
3 السيد وزير العدل
4 السيد رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى
5 السيد مساعد وزير العدل لشئون التفتيش القضائي

" الإجراءات  "
بتاريخ الأول من أغسطس سنة 1999، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طلباً للحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (77) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدلة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
" المحكمة   "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعى كان قد أقام الطلب رقم 164 لسنة 62 قضائية أمام دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض ضد المدعى عليهما الثالث والرابع، طالباً الحكم بإلغاء قرار وزير العدل رقم 255 لسنة 1986 الصادر بتاريخ 20/1/1986 باعتباره مستقيلاً من وظيفته اعتباراً من 1/8/1985 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال بياناً لطلبه انه بتاريخ 1/8/1979 أعير للعمل بدولة قطر وتجددت إعارته لمدة ست سنوات، ولدى تجديد إعارته للسنة السابعة أخطرته وزارة العدل بعدم الموافقة على هذا التجديد، وإذ لم يتلق رداً على طلبه إرجاء عودته حتى انتهاء العام الدراسي ، فقد قرّ في نفسه أن إعارته قد جددت أسوة بزملاء له، غير أنه علم فيما بعد بصدور القرار المطعون فيه، فتظلم منه أمام مجلس القضاء الأعلى فرفض تظلمه، فأقام طلبه للحكم له بطلباته سالفة الذكر. وأثناء نظر الطلب دفع بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (77) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدلة بالقانون رقم 35 لسنة 1984، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن المادة (77) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدلة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 تنص على أنه "لا يجوز للقاضي أن يتغيب عن مقر عمله قبل إخطار رئيس المحكمة .
ولا أن ينقطع عن عمله لغير سبب مفاجئ قبل أن يرخص له في ذلك كتابة ، فإذا أخل القاضي بهذا الواجب نبهه رئيس المحكمة إلى ذلك كتابة .
وفضلاً عن ذلك فإنه إذا زادت مدة الانقطاع بدون ترخيص كتابي عن سبعة أيام في السنة اعتبرت المدة الزائدة إجازة عادية لمدة تحسب من تاريخ اليوم التالي لآخر جلسة حضرها القاضي وتنتهى بعودته إلى حضور جلساته. فإذا استمر القاضي في مخالفة حكم هذه المادة وجب رفع الأمر إلى مجلس التأديب.
ويعتبر القاضي مستقيلاً إذا انقطع عن عمله مدة ثلاثين يوماً متصلة بدون إذن ولو كان ذلك بعد انتهاء مدة أجازته أو إعارته أو ندبه لغير عمله.
فإذا عاد وقدم أعذاراً عرضها الوزير على مجلس القضاء الأعلى ، فإن تبين له جديتها اعتبر غير مستقيل، وفى هذه الحالة تحسب مدة الغياب إجازة من نوع الإجازة السابقة أو إجازة عادية بحسب الأحوال".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن تتوافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي ، وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية التي تدعى هذه المحكمة لنظرها لازماً للفصل فيما يرتبط بها من الطلبات الموضوعية ، ولما كان جوهر النزاع الموضوعي ينحصر في طلب المدعى إلغاء قرار وزير العدل باعتباره مستقيلاً من عمله إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة (77)، فإن حسم المسألة الدستورية المثارة من شأنه أن يكون كافلاً لمصلحة المدعى في الدعوى الموضوعية ، مما تتحقق معه مصلحته الشخصية في إقامة الدعوى الدستورية الماثلة .
وحيث إن حاصل مناعي المدعى على النص الطعين، الإخلال بمبدأ استقلال القضاء الذى يمثل ركيزة أساسية لنظام الحكم في الدولة القانونية ، ولا يقوم هذا المبدأ إلا إذا أحيط القاضي بسياج من الحصانات والضمانات أهمها عدم قابليته للعزل، ولا استثناء لهذا المبدأ الأخير إلا عند مساءلة القاضي تأديبياً وفقاً للضمانات الدستورية المقررة وأهمها كفالة حق الدفاع، بيد أن النص الطعين يجيز عزل القاضي -حتى دون أن تتجه إرادته إلى ذلك- ودون تمكينه من استخدام حقه في الدفاع مما يجعله عرضة للجزاء التأديبي دون ضمانات فعلية ، رغم أن القاضي يحاط بهذه الضمانات عند ارتكابه المخالفة الأقل وهي انقطاعه عن العمل لمدة سبعة أيام فقط، هذا بالإضافة إلى أن النص الطعين يخل بمبدأ أصل البراءة وضمان المحاكمة المنصفة ، كما يهدر الحق في التقاضي إذ لا سبيل للطعن على القرار الصادر برفض التظلم من اعتبار القاضي مستقيلاً، ومن ناحية أخرى فإنه يخالف مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، إذ يضع القاضي -رغم عدم قابليته للعزل- في وضع أسوأ من العاملين المدنيين بالدولة ، الذين لا يجوز اعتبارهم مستقيلين من عملهم بمجرد انقطاعهم عن العمل قبل إنذارهم كتابة ، ومن ثم يكون النص الطعين قد خالف أحكام المواد (40، 64، 65، 66، 67، 165، 166، 168) من الدستور .
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود، ذلك أن المقرر -في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في اختصاص المشرع بسلطة تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تعتبر حدوداً لها وفواصل لا يجوز له تجاوزها، وأن الدولة القانونية -وفقاً لنص المادتين (64، 65) من الدستور - هي التي تتقيد في كافة مظاهر نشاطها بقواعد قانونية تعلو عليها وتكون ضابطاً لأعمالها وتصرفاتها. وأن استقلال السلطة القضائية أمر لازم لضمان الخضوع للقانون، وقد كفل الدستور للسلطة القضائية استقلالها وجعل هذا الاستقلال عاصماً من التدخل في أعمالها أو التأثير في مجرياتها باعتبار أن القرار النهائي في شأن حقوق الأفراد وواجباتهم وحرياتهم هو بيد أعضائها. واطرد قضاء هذه المحكمة –كذلك- على أن عدم قابلية القضاة للعزل حصانة قررها الدستور والمشرع حماية للوظيفة القضائية وكضمانة لاستقلال السلطة القضائية ، وهى تلازمهم دوماً طالما ظل سلوكهم موافقاً لواجباتهم الوظيفية مستجيباَ لمتطلباتها معتصماً بالاستقامة والبعد عما يشينها. لما كان ذلك، وكان عمل القاضي لا يقاس بغيره من الموظفين العامين، ولا هو يؤاخذ بالضوابط المعمول بها في شأن واجباتهم الوظيفية ، وإنما يتعين أن تكون مقاييس سلوكه أكثر صرامة وأشد حزماً، لأن المغايرة في هذا الخصوص تقوم على أساس موضوعي مرده إلى اختلاف المركز القانوني للقاضي عن المركز القانوني لسواه، فضلاً عما هو مفترض في القاضي من ضرورة إلمامه إلماماً تاماً بما يرد في القوانين المختلفة التي يدعى إلى تطبيقها، خاصة تلك القوانين التي تحكم سلوكه وأداءه الوظيفي . لما كان ذلك، وكان المشرع -في حدود سلطته التقديرية - قد قدر أن انقطاع القاضي عن عمله مدة طويلة ، وتخليه عن النهوض بما هو منوط به من مسئوليات جسام في إقامة العدل وإرساء دعائم القانون، إنما هو قرينة على رغبته في الاستقالة ، فإن بان أن انقطاعه عن العمل فيما بعد كان لأسباب قهرية ، جاز لمجلس القضاء الأعلى المهيمن على شئون رجال القضاء، إن ارتأى جدية هذه الأسباب عند نظره في تظلم القاضي ، أن يعيده إلى عمله، فإن رفض تظلمه، كان له أن يلجأ إلى الدائرة المختصة بنظر طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض. وكان هذا التنظيم الذى ارتآه المشرع إنما يقوم على أسس موضوعية راعت في جوهرها طبيعة وقدسية عمل القاضي ، وما يستلزمه ذلك من ضرورة انتظام سير العمل بالمحاكم، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن الاستقالة الحكمية هي تعبير عن الإرادة الضمنية للعامل، إعراباً منه عن عزوفه عن العمل وإعراضه عن أدائه، فلا يجوز إجباره عليه، وكلتاهما- الاستقالة وما في حكمها- يأتي تقنيناً لمبدأ حرية العمل الذى قننته المادة (13 فقرة ثانية ) من الدستور، ومن ثم لا يكون النص الطعين قد تضمن في حقيقته أي عقوبة تأديبية ، كما أن قالة الإخلال بمبدأ استقلال القضاء، أو إهدار مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل، أو الإخلال بالحق في التقاضي ، أو الحق في الدفاع، أو الحق في المحاكمة المنصفة ، تكون قائمة على أساس غير صحيح، كما أن الإخلال بمبدأ أصل البراءة -كما ذهب المدعى - يكون مقحماً في دائرة لا تتعلق به، ولا تتصل بأبعاده .
وحيث إن ما ينعاه المدعى من إخلال النص المطعون فيه بحكم المادة (40) من الدستور، مردود بأن مبدأ المساواة في الحقوق بين المواطنين أمام القانون لا يعني أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تباين في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة ، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة (40) المشار إليها، بما مؤداه: أن التمييز المنهي عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكمياً، لما كان ذلك، وكان المشرع تقديراً منه لطبيعة عمل القاضي وطبيعة تكوينه القانوني قد ارتأى أنه لا ضرورة لإنذاره كتابة إذا انقطع عن العمل مدة ثلاثين يوماً متصلة قبل اعتباره مستقيلاً من عمله، بينما اشترط ذلك بالنسبة لمن سواه من الخاضعين لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ، تبصيراً لهم بأحكامه حتى يكونوا على بينة من أمرهم، فإن هذه المغايرة قد تقررت بالنظر إلى اختلاف المركز القانوني للقاضي عن غيره من العاملين المدنيين، وتوكيداًٍ لأغراض بعينها تقتضيها المصلحة العامة ، ومن ثم فإن قالة الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون تكون فاقدة لأساسها حرية بالرفض .
وحيث أن النص المطعون فيه لا يتعارض مع أي حكم آخر من أحكام الدستور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة

الأربعاء، 21 مارس 2018

دستورية وجوب العرض على لجان التوفيق في بعض المنازعات (ق 7 لسنة 2000)


القضية رقم 11 لسنة 24 ق " دستورية ".
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 9 مايو سنة 2004 م ، الموافق 19 من ربيع الأول سنة 1425 هـ  .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : إلهام نجيب نوار وماهر سامى يوسف والسيد عبدالمنعم حشيش ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما  رئيس هيئة   المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن  أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 11 لسنة 24 قضائية " دستورية ".
المقامة من
السيد / صابر محمد العش
ضد
1 السيد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضريبة على المبيعات
2 السيد رئيس مجلس الوزراء
الإجراءات
بتاريخ الرابع عشر من يناير سنة 2002 ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية المادة الحادية عشرة من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
          بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
          حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل في أن المدعى في الدعوى الدستورية أقام الدعوى رقم 135 لسنة 2001 مدنى كلى بورسعيد ، ضد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات ، طالباً الحكم بإلزامه بأن يرد له مبلغ 126811 جنيها والمصروفات ، تأسيساً على أنه يعمل تاجراً بمحافظة بورسعيد ، وأن مصلحة الضرائب على المبيعات قامت بتحصيل ضريبة المبيعات منه على البضائع التي يقوم باستيرادها من الخارج مرتين بالمخالفة لأحكام القانون . وبجلسة 28/3/2001 قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لإقامتها بغير الطريق الذى رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 المشار إليه . وإذ لم يرتض المدعى هذا القضاء فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 428 لسنة 42 قضائية استئناف الإسماعيلية مأمورية استئناف بورسعيد ، وأثناء نظره دفع بعدم دستورية نص المادة الحادية عشرة من القانون رقم 7 لسنة 2000 سالف الذكر ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع ، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة خلال الأجل القانوني المقرر .
          وحيث إن المادة الحادية عشرة من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها تنص على أنه : " عدا المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل ، ومنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض ، والطلبات الخاصة بأوامر الأداء ، وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ ، لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية ، أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول ، وفقاً لحكم المادة السابقة " .
          وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية الماثلة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة يتحدد أصلاً بالنصوص القانونية التي تعلق بها الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع ، وكان الدفع المبدى من الحاضر عن المدعى أمام محكمة الاستئناف قد ورد على نص المادة الحادية عشرة آنفة البيان ، إلا أن نطاق هذه الدعوى ينحصر فيما نصت عليه المادة المذكورة من أنه " لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة " إذ أن الفصل في دستورية نص هذه المادة في حدود النطاق المتقدم هو الذى سيكون له انعكاس على قضاء محكمة الموضوع حال نظرها الاستئناف المطروح عليها.
          وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين إخلاله بحق التقاضي بوضعه قيداً يحد من حريته في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي إلا إذا لجأ إلى لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تصدر توصية غير ملزمة ، كما اشترط النص مرور فترة زمنية قبل عرض النزاع على القاضي الطبيعي بما يصيب المتقاضى بأضرار بالغة ، فضلاً عن بعد مقار اللجان عن محل إقامة المتقاضين ، وأن هذه المثالب التي انطوى عليها النص المطعون عليه تخل بالحماية المقررة بنص المادة (68) من الدستور وما كفلته من ضمانات التقاضي .
          وحيث إن ما ينعاه المدعى على نحو ما تقدم مردود ، وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أولاً : بأن أداء اللجان المنصوص عليها في المادة الحادية عشرة من القانون رقم 7 لسنة 2000 ، لا ينال من حق التقاضي سواء في محتواه أو في مقاصده . ذلك أن نشاطها يمثل مرحلة أولية لفض النزاع حول حقوق يدعيها ذوو الشأن ، فإن استنفدتها ، وكان قرارها في شأن هذه الحقوق لا يرضيهم ، ظل طريقهم إلى الخصومة القضائية متاحاً ليفصل قضاتها في الحقوق المدعى بها ، سواء بإثباتها أو بنفيها . ومردود ثانياً : بأن ضمانة سرعة الفصل في القضايا المنصوص عليها في الدستور ، غايتها أن يتم الفصل في الخصومة القضائية بعد عرضها على قضاتها خلال فترة زمنية لا تجاوز باستطالتها كل حد معقول ، ولا يكون قصرها متناهياً ، وإذ كان نص المادة الحادية عشرة المطعون عليه قد اشترط تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول قبل الالتجاء إلى القضاء في هذه المنازعات ، وكان هذا الميعاد معقولاً ، وكانت سرعة الفصل في القضايا شرط في الخصومة القضائية لا يثور إلا عند استعمال الحق في الدعوى ، ولا يمتد إلى المراحل السابقة عليها كلما كان تنظيمها متوخياً تسوية الحقوق المتنازع عليها قبل طلبها قضاء ، فإن النعي بمخالفة النص الطعين لنص المادة (68) من الدستور يكون شططاً .
          وحيث إن تقريب جهات القضاء من المتقاضين يتوخى ضمان حماية أكثر فعالية لحق التقاضي ، إلا أن اللجان المشار إليها بنص المادة الحادية عشرة المطعون عليها لا صلة لها بجهات القضاء ، ولا بمواقعها التي تباشر فيها وظائفها ، ولا شأن للدستور بقربها منها أو نأيها عنها ، ولذلك يكون الادعاء بمخالفتها لأحكامه خليقاً بالالتفات عنه .
          وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك على أن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق ، أنها سلطة تقديرية ، طالما بقيت حركتها محدودة بنطاق الضوابط الدستورية ، وجوهرها هو التفرقة بين تنظيم الحق وبين المساس به على نحو يهدره كلياً أو جزئياً ، كما أن الحق في التقاضي من الحقوق الدستورية التي يجوز للمشرع أن يتدخل ، وفى دائرة سلطته التقديرية ، بتنظيمها على نحو يكفل بلوغ الغاية منه ، وهو تحقيق العدالة ورد الحقوق إلى أصحابها .
          وحيث إنه متى كان ما تقدم ، فإن النعي على النص الطعين بمخالفة نص المادة (68) من الدستور يضحى غير قائم على سند صحيح .
          وحيث إن النص المطعون عليه لا يتعارض مع أحكام الدستور من أوجه أخرى.
فلهذه الأسباب
            حكمت المحكمة برفض الدعوى ، ومصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة

دستورية دخول المحضر مسكن المدين المحجوز عليه بغير إذن قضائي مسبب


القضية رقم 140 لسنة  27 ق "دستورية "
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا
     بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 13 مايو سنة 2007 م ، الموافق 26 من ربيع الآخر سنة 1428 ه .
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين :ماهر البحيرى وأنور رشاد العاصى وإلهام نجيب نوار والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى .
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما         رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن  أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
    في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 140 لسنة  27 قضائية "دستورية "
المقامة من
السيد / عبد الباسط سيد إبراهيم
ضد
1 السيد رئيس مجلس الوزراء
2 السيد رئيس مجلس الشعب
3 السيد وزير العدل
4 السيد رئيس قلم المطالبة بمأمورية الاستئناف العالي ببنها


الإجراءات
    بتاريخ الحادي عشر من يونيو سنة 2005 ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة (353) من قانون المرافعات ، فيما لم تضمنه من اشتراط الحصول على إذن قضائي مسبب لدخول المحضر مسكن المدين المحجوز عليه ، وتوقيع شاهدين على محضر الحجز .
    وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم : أصلياً بعدم قبول الدعوى ، واحتياطياً برفضها .
    وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين ، تقريراً برأيها .
    ونُظرت الدعوى ، على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة
    بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
   وحيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى في القضية رقم 6233 لسنة 2003 جنح قسم ثان شبرا الخيمة ، وطلبت عقابه بمقتضى المادتين (341) و (342) من قانون العقوبات ، بوصف أنه بدد المنقولات المحجوز عليها قضائياً لصالح محكمة استئناف طنطا " مأمورية بنها " ، وبجلسة 5/4/2003 قضت المحكمة غيابياً بحبس المدعى سنة مع الشغل . وإذ عارض المدعى في هذا الحكم ودفع أثناء نظر المعارضة بعدم دستورية نص المادة (353) من قانون المرافعات ، وإذ قدرت المحكمة جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .

   وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى لانعدام مصلحة المدعى ، على سند من القول بأنه قدم للمحاكمة الجنائية لمخالفته أحكام المادتين (341) و(342) من قانون العقوبات ، لقيامه بتبديد المنقولات المملوكة له والمحجوز عليها قضائياً لصالح قلم كتاب محكمة استئناف طنطا " مأمورية بنها " ، ومن ثم فلا صلة بين سند هذا الاتهام والنص الطعين .   
وحيث إن هذا الدفع مردود ، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يصبح الفصل في النزاع الموضوعي كلياً أو جزئياً متوقفاً على الفصل في المسائل الدستورية التي تدعى هذه المحكمة لنظرها ، وإذ كان جوهر النزاع الموضوعي يتعلق باتهام المدعى بتبديد المنقولات المحجوز عليها قضائياً إعمالاً للنص الطعين ، فإن الفصل في دستورية هذا النص من شأنه أن يصبح أداة لحسم النزاع الموضوعي الذى انبنى الاتهام الجنائي فيه بالتبديد على خرق مقتضيات هذا الحجز .   
وحيث إن النص في المادة (353) من قانون المرافعات على أن " يجرى التنفيذ بموجب محضر يحرر في مكان توقيعه وإلا كان باطلاً ويجب أن يشتمل المحضر فضلاً عن البيانات الواجب ذكرها في أوراق المحضرين على ما يأتي :   
1 ذكر السند التنفيذي .
   2 الموطن المختار الذى اتخذه الحاجز في البلدة التي بها مقر محكمة المواد الجزئية الواقع في دائرتها الحجز .
    3 مكان الحجز وما قام به المحضر من الإجراءات وما لقيه من العقبات والاعتراضات أثناء الحجز وما اتخذه في شأنها .
   4 مفردات الأشياء المحجوزة بالتفصيل مع ذكر نوعها وأوصافها ومقدارها ووزنها أو مقاسها وبيان قيمتها بالتقريب .
   5 تحديد يوم للبيع وساعته والم كان الذى يجرى فيه .   

ويجب أن يوقع محضر الحجز كل من المحضر والمدين إن كان حاضراً ، ولا يعتبر مجرد توقيع المدين رضاء منه بالحكم .   
وحيث إن حاصل ما ينعاه المدعى على النص الطعين ، أنه إذ خلا من اشتراط توقيع شاهدين على محضر الحجز والحصول على إذن قضائي مسبب قبل دخول مسكن المدين المحجوز عليه لتوقيع الحجز ، فإنه يكون مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية التي أوجبت توقيع شاهدين على أي تصرف قانوني أو تعاقدي ، بالإضافة إلى انتهاكه الحرية الشخصية وحرمة المسكن وإخلاله بالمساواة ، ذلك أن المشرع اشترط توقيع شاهدين على محضر الحجز الإداري ، وضرورة الحصول على إذن قضائي مسبب لدخول وتفتيش مسكن المتهم بجريمة أو تفتيش شخص المدين المحجوز عليه ، دون اشتراط ذلك في النص الطعين ، الأمر الذى يخالف أحكام المواد (2) و(40) و(41) و(44) من الدستور .   
وحيث إن النعي بمخالفة النص الطعين للمادة الثانية من الدستور مردود بأن حكم هذه المادة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة يدل على أنه ، واعتباراً من تاريخ العمل بهذا التعديل والذى أدخل عليها في 22 مايو سنة 1980 قد أتى بقيد على السلطة التشريعية مؤداه إلزام ها فيما تقره من النصوص التشريعية بأن تكون غير مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية بعد أن اعتبرها الدستور أصلاً ترد إليه هذه النصوص أو تستمد منه لضمان توافقها مع مقتضاه ويتعين بالضرورة أن يكون سابقاً في وجوده على هذه النصوص ذاتها ، ولما كان هذا القيد هو مناط الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح ، فإن النصوص التشريعية الصادرة قبل نفاذه تظل بمنأى عن الخضوع لأحكامه . إذ كان ذلك وكان النص المطعون عليه صادراً قبل نفاذ التعديل الذي أدخل على نص المادة الثانية من الدستور في 22 مايو سنة 1980 ، ولم يلحقه أي تعديل بعد هذا التاريخ ، فإن النعي بمخالفته حكمها يكون غير سديد .   
وحيث إن النعي بمخالفة النص الطعين للمواد (40) و(41) و(44) من الدستور ، بقالة انتهاكه للحرية الشخصية وحرمة المسكن والإخلال بالمساواة ، فهو مردود في جملته ، إذ المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في سلطة المشرع في تنظيم الحقوق هو إطلاقها ، باعتبار أن جوهر تلك السلطة هو المفاضلة التي يجريها بين البدائل المختلفة التي تتصل بالموضوع محل التنظيم التشريعي ، موازناً بينها مرجحاً ما يراه أنسبها لفحواها ، وأحراها بتحقيق الأغراض التي يتوخاها ، وأكفلها لأكثر المصالح وزناً في مجال إنفاذها ، وليس ثمة قيد على مباشرة المشرع لسلطته هذه ، إلا ما يكون الدستور قد فرضه في شأن ممارستها من ضوابط محددة ، تعتبر تخوماً لها لا يجوز تجاوزها .   
وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون لا يعني أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة ، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها ، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة (40) من الدستور ، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكمياً ، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصوداً لذاته ، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم سبيلاً إليها . لما كان ذلك وكان لحق التقاضي غاية نهائية يتوخاها تمثلها الترضية القضائية التي يناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التي أصابتهم من جراء العدوان على حقوق يطلبونها ، فإذا أرهقها المشرع بقيود تعسر الحصول عليها ، أو تحول دونها ، كان ذلك إخلالاً بالحماية التي كفلها الدستور لهذا الحق ، وأنه بغير اقتران الترضية القضائية بوسائل تنفيذها وحمل الملزمين بها على الرضوخ لها ، فإن هذه الترضية تغدو هباء منثورا ، وتفقد قيمتها من الناحية العملية . كذلك فإن الترضية القضائية التي لا يقهر المدين بها على تنفيذها إذا ماطل فيها ، هي في واقعها خروج على مبدأ خضوع الدولة للقانون ، ونكول عن تأسيس العدالة وتثبيتها من خلال السلطة القضائية بأفرعها المختلفة وتنظيماتها المتعددة ، وهي السلطة التي تصدر أحكامها وفق القانون على ما تنص عليه المادة (165) من الدستور ، ولا يعدو الامتناع عن تنفيذها أو عرقلة هذا التنفيذ أو تعطيله بعمل تشريعي ، أن يكون عدواناً من السلطة التشريعية على الولاية التابعة للسلطة القضائية ، واقتحاماً للحدود الفاصلة بين هاتين السلطتين ، وهو كذلك تدخل مباشر في شئون العدالة ، بما يقلص من دورها ويناقض ما تدل عليه المادة (72) من الدستور من أن الحماية القضائية للحق أو الحرية على أساس من سيادة القانون وخضوع الدولة لأحكامه لازمها التمكين من اقتضائها والمعاونة في تنفيذها ولو باستعمال القوة عند الضرورة ، لما كان ذلك وكان من المقرر أن أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه ، والأصل أن هذه الأموال عدا ما استثنى منها بنصوص خاصة يجوز التنفيذ عليها ، وللدائن بالتالي أن يتخذ في شأنها الطرق التحفظية والتنفيذية ، وكانت نصوص المواد (274) و(280) و(281) و(282) من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، تقضى بأن التنفيذ يجرى تحت إشراف قاضي التنفيذ ، ويعاونه في ذلك عدد كاف من المحضرين المؤهلين فنياً وإدارياً لهذا العمل ، باتباع الإجراءات المقررة ، ولا يكون التنفيذ جبراً على أموال المدين إلا بسند تنفيذي يكون قد صار به الدين حقيقة قانونية أو قضائية يجوز التنفيذ بمقتضاها ، وأو رد المشرع بياناً حصرياً للسندات التنفيذية ومنها أوامر تقدير الرسوم القضائية النهائية مشترطاً ضرورة تذييل هذه السندات بالصيغة التنفيذية ، وأوجب إعلانها قبل البدء في إجراءات التنفيذ لشخص المدين أو في موطنه الأصلي وإلا كان باطلاً ، مع تكليفه بالوفاء بالمبلغ المطلوب تحديداً ، وأوجب على المحضر عند قيامه بالتنفيذ قبض الدين عند عرضه عليه مع إعطائه مخالصة بذلك دون حاجة إلى تفويض خاص ، كما حظر على المحضر بنص المادة (351) مرافعات ، كسر الأبواب وفض الأقفال بالقوة لتوقيع الحجز إلا بحضور أحد مأموري الضبط القضائي الذي يوقع على محضر الحجز ، كما حظر على المحضر تفتيش المدين لتوقيع الحجز على ما في جيبه إلا بإذن سابق من قاضي التنفيذ ، وأجاز في المادة (312) من القانون ذاته للمدين المحجوز عليه الاستشكال في التنفيذ سواء أمام المحضر أو بدعوى مستقلة ، وخول المحضر الحق في إيقاف التنفيذ أو المضي فيه على سبيل الاحتياط مع تكليف الخصوم في الحالين بالحضور أمام قاضى التنفيذ ولو بميعاد ساعة وفى منزله عند الضرورة ، ولا يجوز التنفيذ في هذه الحالة قبل أن يصدر القاضي حكمه ، لما كان ذلك . وكان الحجز الإداري وفقاً لنص المادة (4) من القانون رقم 308 لسنة 1955 ، إنما يتم بمعرفة أحد تابعي الشخص العام الذى أصدر أمر تقدير الدين وتوقيع الحجز ، فإن استلزام المشرع أن يرافق مندوب الحجز شاهدان يجب توقيعهما على محضر الحجز ، هو إجراء له ما يبرره بالنسبة لهذا النوع من الحجز ، على خلاف الحجز التنفيذي المحاط بسياج كاف من الضمانات وتحت إشراف قاض ، وهو أهم تلك الضمانات ، كما أن اشتراط الحصول على إذن قضائي مسبق لدخول مسكن المتهم بجريمة جنائية وتفتيشه بحثاً عن أدلة الجريمة له ما يبرره أيضاً ، إذ أن الاتهام بجريمة جنائية أمر له خطورته على الحرية الشخصية وحرمة المسكن لا يمكن أن يترك أمر تقدير مبرراتها إلى رجال الضبط القضائي دون رقابة قضائية مسبقة ، خاصة والتفتيش يباغت المتهم دون علمه ، والحال كذلك عند تفتيش شخص المدين لتوقيع الحجز على ما في جيبه ، إذ يجب أن تتوافر بشأنه المبررات الموجبة له وأن يكون تقديرها لقاضى التنفيذ وحده ، وليس كذلك دخول المسكن لتوقيع الحجز على ما به من منقولات نفاذاً لأمر قاضي التنفيذ وتحت إشرافه ، وبعد استنفاذ كافة الإجراءات المشار إليها آنفاً ، ومن ثم فإن المشرع يكون قد أجرى بالنص الطعين توازناً عادلاً بين مصلحة المدين المحجوز عليه ، وبين مصلحة الدائن الحاجز ، مستهدفاً تحقيق غايات مشروعة ، مرتكزاً على قاعدة قانونية مجردة تستند إلى أسس موضوعية ، قوامها تفاوت في المراكز القانونية المختلفة ، ولا يقيم في مجال تطبيقها تمييزاً منهياً عنه ، ويكون النعي عليه بمخالفته لأحكام المواد (40) و(41) و(44) من الدستور منتحلاً .   وحيث إن النص الطعين لا يخالف أي حكم آخر من أحكام الدستور .
فلهذه الأسباب
     حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .