الطعن 27 لسنة 33 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا
جلسة 4 / 11 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 45 مكرر هـ في 15/ 11/ 2017 ص 69
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من نوفمبر سنة 2017م،
الموافق الخامس عشر من صفر سنة 1439هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو
وبولس فهمي إسكندر وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز
محمد سالمان نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 27 لسنة 33
قضائية "دستورية".
------------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 113 لسنة 2008 مدني، أمام محكمة جزئي القنطرة
غرب، ضد المدعى عليهم عدا الأخير - والتي قيدت بعد ذلك برقم 12 لسنة 2010 مدني كلي
الإسماعيلية - بطلبات ختامية هي تثبيت ملكيته للأرض محل التداعي، وعدم سريان عقدي
البيع المشهرين برقمي 163 لسنة 1992 و1021 لسنة 2008 شهر الإسماعيلية، وعدم
نفاذهما في مواجهته ومحو وشطب هذين العقدين. وذلك على سند من القول بأنه بموجب عقد
بيع مؤرخ 3/ 4/ 1986 باع المدعى عليه الأول له وآخر قطعة أرض مساحتها 12 قيراط و11
سهم، المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، وقد أقر البائع بصحة البيع في الدعوى
التي أقامها المدعي، وقدما محضرا بالصلح أرفق بمحضر الجلسة، ثم عاد المدعى عليه
الأول (البائع) وأقام دعوى ببطلان عقد البيع ومحضر الصلح، قضت المحكمة برفضها،
فقام المدعي بتسجيل هذا البيع بالمسجل رقم 1489 لسنة 1998. وكان المدعى عليه الأول
قد باع المساحة ذاتها إلى المدعى عليه الثاني الذي بادر إلى تسجيل عقد البيع
بالمشهر رقم 163 لسنة 1992 شهر الإسماعيلية، كما باع المدعى عليه الثاني المساحة
ذاتها إلى المدعى عليه الثالث بموجب عقد البيع المشهر برقم 1021 لسنة 2008 شهر
الإسماعيلية. وبجلسة 26/ 4/ 2010 حكمت المحكمة برفض الدعوى، طعن المدعي على هذا
الحكم أمام محكمة استئناف الإسماعيلية بالاستئناف رقم 758 لسنة 35ق. وأثناء نظر
الطعن بجلسة 27/ 12/ 2010 دفع الحاضر عن المدعي بعدم دستورية المادتين (9، 23) من
القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع
وصرحت له برفع الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.
بتاريخ العشرين من فبراير سنة 2011، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى،
قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبا الحكم بعدم دستورية المادتين (9/ 2، 23)
من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أولا: بعدم قبول
الدعوى بالنسبة لنص المادة (9/ 2) من القانون 114 لسنة 1946 المشار إليه.
ثانيا: برفض الدعوى بالنسبة لنص المادة (23) من القانون ذاته.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن المادة (9) من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر
العقاري تنص على أن: "جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق
العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله وكذلك الأحكام النهائية
المثبتة لشيء من ذلك يجب شهرها بطريق التسجيل، ويدخل في هذه التصرفات، الوقف
والوصية.
ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا
تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم.
ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين
ذوي الشأن.
ويجوز لمن حصل مع آخرين على حكم نهائي مثبت لحق من هذه الحقوق أن يطلب
قصر التسجيل على القدر الذي قضى له به، كما يجوز له أن يطلب قصر التسجيل على
العقارات المقضي له بها في قسم أو ناحية معينة.
ويجوز لمن حصل على حكم نهائي لصالحه أن يطلب قصر التسجيل على القدر
المقضي له به في قسم أو ناحية معينة.
ولا تسري الفقرتان السابقتان إذا كان التصرف المقضي به من عقود
المقايضة".
وتنص المادة (23) من القانون ذاته على أن: "لا يقبل من المحررات
فيما يتعلق بإثبات أصل الملكية أو الحق العيني وفقا لأحكام المادة السابقة إلا:
(1) المحررات التي سبق شهرها.
(2) المحررات التي تتضمن تصرفا مضافا إلى ما بعد الموت تم قبل العمل
بأحكام هذا القانون.
(3) المحررات التي ثبت تاريخها قبل سنة 1924 من غير طريق وجود توقيع أو
ختم الإنسان المتوفى.
(4) المحررات التي تحمل تاريخا سابقا على سنة 1924 إذا كان قد أخذ بها قبل
العمل بأحكام هذا القانون في محررات تم شهرها أو نقل التكليف بمقتضاها لمن صدرت
لصالحه.
وذلك كله بشرط عدم تعارض هذه المحررات مع مستندات المالك الحقيقي".
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن عرضت للأحكام المنظمة للآثار
التي رتبها قانون الشهر العقاري المشار إليه، في شأن تسجيل الأعمال القانونية، أو
التأشير بالأحكام الصادرة بشأنها، ومن بينها ما تضمنه نص الفقرتين الأولى والثانية
من المادة (9) من أحكام في هذا الخصوص - والتي يتحدد بها نطاق الدعوى المعروضة
بالنسبة لهذا النص - وباشرت رقابتها عليها، وذلك في حكمها الصادر بجلسة 6/ 12/
1997 في القضية رقم 59 لسنة 17 قضائية "دستورية"، وقضت فيها برفض
الدعوى، وقد نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بعددها رقم (51) الصادر في 18/ 12/
1997. متى كان ذلك، وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48، 49) من
قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون للأحكام والقرارات
الصادرة منها حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها
المختلفة، تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو السعي إلى نقضها من خلال إعادة طرحها
على هذه المحكمة لمراجعتها من جديد، ومن ثم تكون الخصومة بالنسبة لهذا النص - وهي
عينية بطبيعتها - قد انحسمت، الأمر الذي تكون معه الدعوى بالنسبة إليه غير مقبولة.
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما
للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع.
ومن ثم، لا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان بتكاملهما معا
مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة كشرط لقبول الدعوى الدستورية، أولهما: أن يقيم
المدعي الدليل على أن ضررا واقعيا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرا
مستقلا بعناصره ممكنا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررا متوهما أو
نظريا أو مجهلا. وثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي
المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما تحتم أن يكون الضرر المدعى به
ناشئا عن هذا النص، مترتب عليه، فإذا لم يكن النص التشريعي المطعون فيه قد طبق
أصلا على المدعي، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو
كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون
منتفية؛ ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة
عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان
عليه عند رفعها.
وحيث إن الطلبات الختامية للمدعي في الدعوى الموضوعية، تدور حول تثبيت
ملكيته على مساحة الأرض محل التداعي، وعدم سريان عقدي البيع المشهرين برقمي 163
لسنة 1992، و1021 لسنة 2008، شهر الإسماعيلية، وعدم نفاذهما في حقه، مع إنفاذ عقد
البيع الابتدائي المؤرخ 3/ 4/ 1986 الصادر له، والمشهر برقم 1489 في 30/ 6/ 1998.
وإذ تناول نص المادة (23) من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري
تنظيم إجراءات الشهر العقاري، والمستندات التي تقبل عند تحقيق أصل الملكية لدى
الشهر العقاري، واللازمة للشهر، ومن ثم لا يكون ثمة انعكاس للفصل في دستورية هذا
النص على الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، وقضاء هذه المحكمة فيها، وهو ما
يجعل المصلحة الشخصية المباشرة بالنسبة لهذا النص منتفية، لتغدو معه الدعوى
المعروضة - أيضا - غير مقبولة في شأنه.
وحيث إنه في ضوء ما تقدم جميعه يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي
المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.