الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 9 يناير 2017

الطعن 4923 لسنة 78 ق جلسة 7 / 4 / 2009 مكتب فني 60 ق 26 ص 201

جلسة 7 من إبريل سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة  وعضوية السادة القضاة/ عمر بريك، عبد التواب أبو طالب، أحمد أحمد خليل نواب رئيس المحكمة، وإسماعيل خليل.
-------------
(26)
الطعن 4923 لسنة 78 ق
(1) نيابة عامة. إعدام. نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده". محكمة النقض "نظرها الطعن والحكم فيه".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. 
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(2) إثبات "اعتراف" "بوجه عام". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". بطلان. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الاعتراف الذي يعول عليه. شرطه وأساسه؟ 
الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير إكراه. جوهري. وجوب مناقشته والرد عليه ما دام الحكم قد عول عليه في الإدانة. 
الوعيد أو الإغراء. يعد قرين الإكراه. على المحكمة بحثه وبيان الصلة بينه وبين اعتراف المتهم. إغفال ذلك. يعيب الحكم. 
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟ 
مثال.
(3) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إكراه. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته. موضوعي. شرطه: صدورها عنه اختيارياً. 
الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه. جوهري. وجوب مناقشته والرد عليه. إغفال ذلك. قصور. لا يغني عنه إيراد أدلة أخرى. 
مثال.
-----------------
1 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون - بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - بفرض حصوله - وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
2 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة ..... أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان الاعتراف للتعذيب الواقع على المتهم وللإكراه المادي والأدبي ..... وأن النيابة حين ناظرت المتهم وجدت به إصابات عديدة ولا يعقل أن المتهم أحدثها بنفسه .... وأن هذه الإصابات قبل عرض المتهم على النيابة بوقت كبير ...، وأضاف أن والدة المتهم وأشقاءه تم تعذيبهم في ديوان الشرطة حتى يعترف المتهم وأن المتهم قبض عليه من يوم ... وظل محجوزاً حتى يوم ... وأنه بوشر عليه التعذيب حتى يعترف وأيضاً القبض السابق وهو اعتراف باطل من أثر الإكراه المعنوي والتعذيب". كما تبين من مطالعة المفردات وجود شكوى مقدمة من الطاعن إلى مدير نيابة مركز ... بتاريخ ... يلتمس فيها إعادة سماع أقواله لبطلان اعترافه لأنه وليد إكراه مادي ومعنوي تعرض له هو ووالدته وأشقاؤه وزوجة شقيقه وبناته وقد تأشر عليها بالنظر والإرفاق، كما تبين وجود برقية تلغرافية من ... - شقيق الطاعن - إلى محامي عام ... ومقيدة برقم ... عرائض وهي تتضمن ذات مضمون الشكوى المقدمة من الطاعن سالفة الذكر وتأشر عليها من المحامي العام في ... بما يفيد إرسالها لنيابة ... لاتخاذ اللازم قانوناً، كما تبين وجود شكوى من نفس شقيق الطاعن إلى مدير نيابة ... بها ذات المضمون وتأشر عليها من مدير النيابة بتاريخ ... وقد تم سؤاله في تحقيق النيابة في ذات التاريخ فقرر أنه بتاريخ ... تم القبض عليه وشقيق الطاعن ووالدته ... وزوجته ... وشقيقته ... وابنته ... وقامت الشرطة بتعذيب والدته بالكهرباء وحلق شعر رأسها أمام الطاعن لإجباره على الاعتراف، وأن الطاعن طلب من الشرطة ترك أهليته وسوف يقول ما يملى عليه، وأنه أشهد على ذلك كلا من ... و... وبسؤالهما شهدا بصحة واقعة حجز الطاعن وأهليته بديوان نقطة ... التابعة لمركز شرطة ... إبان حدوث واقعة قتل المجني عليها وأن الحجز استمر حوالي ثمانية أيام، ويبين من مطالعة قرار المحامي العام لنيابة ... أنه بعد أن أمر بإحالة الطاعن إلى محكمة جنايات ... أمر بنسخ صورة من الأوراق تخصص عن واقعة الحجز بدون وجه حق يتم التصرف فيها استقلالاً، ويبين أيضاً من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أنه بسؤال ... ابنة شقيق الطاعن شهدت بالقبض عليها ووالديها وجدتها وشقيقتها وحجزها بنقطة شرطة ... وتعذيبهم أمام الطاعن، كما شهدت أيضاً هي وشاهدتا الإثبات ... - جارة المجني عليها - ... شقيقة الطاعن أن ما شهدن به في تحقيقات النيابة لا يطابق الحقيقة وأنهن أدلين به إثر ما تعرضن له من ضغط وتعذيب من رجال الشرطة، كما شهد ... بواقعتي القبض والحجز بدون وجه حق. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند فيما استند إليه في إدانة الطاعن إلى اعترافه في تحقيق النيابة، وأنه عرض لدفاع الطاعن ببطلان اعترافه لما شابه من إكراه مادي تمثل في الاعتداء عليه بالضرب من أفراد الشرطة واستدل بما ورد بتقرير الطب الشرعي من جواز حدوث إصابات المتهم وفقاً لما قرره بالتحقيقات بأنه أحدثها بنفسه، بيد أن الحكم لم يعرض لما أثاره الطاعن ومدافعه ببطلان اعترافه المعزو إليه بتحقيقات النيابة لصدوره وليد إكراه أدبي للقبض عليه وذويه وحجزهم داخل مقار الشرطة وممارسة الضغط عليه وتهديده بأفراد أسرته. لما كان ذلك، وكان من المقرر عملاً بمفهوم نص المادة 42 من الدستور والفقرة الثانية من المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 أن الاعتراف الذي يعول عليه أن يكون اختيارياً وهو لا يصير كذلك - ولو كان صادقاً - إذا صدر تحت وطأة الإكراه أو التهديد به، كائناً ما كان قدره، وكان الدفع ببطلان الاعتراف هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه رداً سائغاً ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف، وكان الوعيد أو الإغراء يعد قرين الإكراه والتهديد لأن له تأثيره على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار أو الاعتراف ويؤدي إلى حمله على الاعتقاد بأنه قد يجني من وراء الاعتراف فائدة أو يتجنب ضرراً مما كان يتعين معه على المحكمة وقد دفع أمامها بأن اعتراف الطاعن نتيجة إكراه أدبي تعرض له تمثل في القبض على والدته وأشقائه وحجزهم بمقار الشرطة وتعذيبهم إذا هو أنكر الاتهام والوعد بتجنيبه ما هدد به في حالة إدلائه بالاعتراف أن تتولى هي تحقيق هذا الدفاع وتقدير الأدلة التي أشارت إليها أوراق الدعوى والمتمثلة في البلاغات والشكاوى والبرقيات المرسلة من الطاعن وشقيقه للنيابة وأقوال الشهود بتحقيقات النيابة العامة وبمحاضر جلسات المحاكمة، وتبحث الصلة بين هذا الإكراه المدعى به وسببه وعلاقته بهذا الاعتراف فإن هي نكلت عن ذلك، ولم تعرض البتة للصلة بين التهديد والوعد وبين اعترافه الذي عولت عليه وتقول كلمتها فيه فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور في التسبيب، ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
3 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن - ضمن ما استند إليه - إلى أقوال الشهود ... و... و... وهن على السياق السالف سرده قد عدلن أمام محكمة الموضوع عن أقوالهن السابق إبداؤها بتحقيقات النيابة ناعين على تلك الأقوال بصدورها منهن تحت تأثير الإكراه والتعذيب الواقع عليهن من ضابط مركز شرطة المراغة، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها وإن كان مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختيارياً وهي لا تعتبر كذلك إذا صدرت إثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، وكان من المقرر أيضاً أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه، وكان الحكم المطعون فيه عول في الإدانة على أقوال تلك الشاهدات بغير أن يرد على دفاع الطاعن الجوهري بأن تلك الأقوال قد أدلين بها نتيجة إكراه وقع عليهن ويقول كلمته فيها فإنه يكون معيباً - أيضاً - بالقصور في التسبيب، ولا يغني عن ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن الأخرى.
-----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1- قتل/ ... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها وأعد لهذا الغرض سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" وتربص لها في المكان الذي أيقن تواجدها فيه - مسكنها - وما أن ظفر بها حتى كال لها عدة ضربات في عنقها قاصداً من ذلك قتلها فحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. 2- أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال". وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى ..... قبل المتهم بمبلغ ألفي جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت حضورياً وبإجماع الآراء إرسال أوراق القضية لفضيلة المفتي لإبداء الرأي الشرعي وحددت جلسة للنطق بالحكم. وبجلسة ... قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملا بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات، والمواد 1/1، 25 مكرراً/1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، والبند رقم 5 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 وبعد إعمال أحكام المادة 32/2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً عن الاتهام المسند إليه وألزمته بالمصروفات الجنائية وبأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ ألفي وواحد جنيه وبمصروفات الدعوى المدنية وأمرت بمصادرة السلاح الأبيض المضبوط
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
---------------
المحكمة
من حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه استوفى الشكل المقرر في القانون
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون - بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - بفرض حصوله - وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز سلاح أبيض - مطواة قرن غزال - بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية قد شابه القصور في التسبيب وانطوى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الاعتراف المعزو إليه بتحقيق النيابة قد صدر وليد إكراه أدبي وقع عليه من رجال الشرطة تمثل في القبض عليه واحتجازه وأفراد أسرته داخل مقار الشرطة قبيل عرضه على النيابة لمدة تزيد عن الأسبوع وأنهم كانوا تحت وطأة التهديد والوعيد في هذه الفترة بدلالة الشكاوى والبرقيات المرسلة للنيابة العامة والمرفقة بالمفردات وأقوال الشاهدين ... و... بتحقيقات النيابة العامة وأقوال شهود الإثبات ... و... و... بجلسة المحاكمة وأقوال شاهد النفي ...، وعول الحكم على أقوال شهود الإثبات سالفي الذكر بتحقيقات النيابة رغم أنها جاءت وليدة إكراه وحجز باطل تعرضوا له من رجال الشرطة رغم عدولهم عنها بجلسة المحاكمة، وقد أغفل الحكم هذا الدفاع إيراداً ورداً، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة ... أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان الاعتراف للتعذيب الواقع على المتهم وللإكراه المادي والأدبي ... وأن النيابة حين ناظرت المتهم وجدت به إصابات عديدة ولا يعقل أن المتهم أحدثها بنفسه .... وأن هذه الإصابات قبل عرض المتهم على النيابة بوقت كبير ...، وأضاف أن والدة المتهم وأشقاءه تم تعذيبهم في ديوان الشرطة حتى يعترف المتهم وأن المتهم قبض عليه من يوم ... وظل محجوزاً حتى يوم ... وأنه بوشر عليه التعذيب حتى يعترف وأيضاً القبض السابق وهو اعتراف باطل من أثر الإكراه المعنوي والتعذيب. "كما تبين من مطالعة المفردات وجود شكوى مقدمة من الطاعن إلى مدير نيابة مركز ... بتاريخ ... يلتمس فيها إعادة سماع أقواله لبطلان اعترافه لأنه وليد إكراه مادي ومعنوي تعرض له هو ووالدته وأشقاؤه وزوجة شقيقه وبناته وقد تأشر عليها بالنظر والإرفاق، كما تبين وجود برقية تلغرافية من ... - شقيق الطاعن - إلى محامي عام ... ومقيدة برقم ... عرائض وهي تتضمن ذات مضمون الشكوى المقدمة من الطاعن سالفة الذكر وتأشر عليها من المحامي العام في ... بما يفيد إرسالها لنيابة ... لاتخاذ اللازم قانوناً، كما تبين وجود شكوى من نفس شقيق الطاعن إلى مدير نيابة ... بها ذات المضمون وتأشر عليها من مدير النيابة بتاريخ ... وقد تم سؤاله في تحقيق النيابة في ذات التاريخ فقرر أنه بتاريخ ... تم القبض عليه وشقيق الطاعن ووالدته ... وزوجته ... وشقيقته ... وابنته ... وقامت الشرطة بتعذيب والدته بالكهرباء وحلق شعر رأسها أمام الطاعن لإجباره على الاعتراف، وأن الطاعن طلب من الشرطة ترك أهليته وسوف يقول ما يملى عليه، وأنه أشهد على ذلك كلا من ... و... وبسؤالهما شهدا بصحة واقعة حجز الطاعن وأهليته بديوان نقطة ... التابعة لمركز شرطة ... إبان حدوث واقعة قتل المجني عليها وأن الحجز استمر حوالي ثمانية أيام، ويبين من مطالعة قرار المحامي العام لنيابة ... أنه بعد أن أمر بإحالة الطاعن إلى محكمة جنايات ... أمر بنسخ صورة من الأوراق تخصص عن واقعة الحجز بدون وجه حق يتم التصرف فيها استقلالاً، ويبين أيضاً من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أنه بسؤال ... ابنة شقيق الطاعن شهدت بالقبض عليها ووالديها وجدتها وشقيقتها وحجزها بنقطة شرطة ... وتعذيبهم أمام الطاعن، كما شهدت أيضاً هي وشاهدتا الإثبات ... - جارة المجني عليها - ... - شقيقة الطاعن - أن ما شهدن به في تحقيقات النيابة لا يطابق الحقيقة وأنهن أدلين به إثر ما تعرضن له من ضغط وتعذيب من رجال الشرطة، كما شهد ... بواقعتي القبض والحجز بدون وجه حق. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند فيما استند إليه في إدانة الطاعن إلى اعترافه في تحقيق النيابة، وأنه عرض لدفاع الطاعن ببطلان اعترافه لما شابه من إكراه مادي تمثل في الاعتداء عليه بالضرب من أفراد الشرطة واستدل بما ورد بتقرير الطب الشرعي من جواز حدوث إصابات المتهم وفقاً لما قرره بالتحقيقات بأنه أحدثها بنفسه، بيد أن الحكم لم يعرض لما أثاره الطاعن ومدافعه ببطلان اعترافه المعزو إليه بتحقيقات النيابة لصدوره وليد إكراه أدبي للقبض عليه وذويه وحجزهم داخل مقار الشرطة وممارسة الضغط عليه وتهديده بأفراد أسرته. لما كان ذلك، وكان من المقرر عملاً بمفهوم نص المادة 42 من الدستور والفقرة الثانية من المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 أن الاعتراف الذي يعول عليه أن يكون اختيارياً وهو لا يصير كذلك - ولو كان صادقاً - إذا صدر تحت وطأة الإكراه أو التهديد به، كائناً ما كان قدره، وكان الدفع ببطلان الاعتراف هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه رداً سائغاً ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف، وكان الوعيد أو الإغراء يعد قرين الإكراه والتهديد لأن له تأثيره على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار أو الاعتراف ويؤدي إلى حمله على الاعتقاد بأنه قد يجني من وراء الاعتراف فائدة أو يتجنب ضرراً مما كان يتعين معه على المحكمة وقد دفع أمامها بأن اعتراف الطاعن نتيجة إكراه أدبي تعرض له تمثل في القبض على والدته وأشقائه وحجزهم بمقار الشرطة وتعذيبهم إذا هو أنكر الاتهام والوعد بتجنيبه ما هدد به في حالة إدلائه بالاعتراف أن تتولى هي تحقيق هذا الدفاع وتقدير الأدلة التي أشارت إليها أوراق الدعوى والمتمثلة في البلاغات والشكاوى والبرقيات المرسلة من الطاعن وشقيقه للنيابة وأقوال الشهود بتحقيقات النيابة العامة وبمحاضر جلسات المحاكمة، وتبحث الصلة بين هذا الإكراه المدعى به وسببه وعلاقته بهذا الاعتراف فإن هي نكلت عن ذلك، ولم تعرض البتة للصلة بين التهديد والوعد وبين اعترافه الذي عولت عليه وتقول كلمتها فيه فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور في التسبيب، ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن - ضمن ما استند إليه - إلى أقوال الشهود ... و... و... وهن على السياق السالف سرده قد عدلن أمام محكمة الموضوع عن أقوالهن السابق إبداؤها بتحقيقات النيابة ناعين على تلك الأقوال بصدورها منهن تحت تأثير الإكراه والتعذيب الواقع عليهن من ضابط مركز شرطة .....، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها وإن كان مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختيارياً وهي لا تعتبر كذلك إذا صدرت إثر إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، وكان من المقرر أيضا أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه، وكان الحكم المطعون فيه عول في الإدانة على أقوال تلك الشاهدات بغير أن يرد على دفاع الطاعن الجوهري بأن تلك الأقوال قد أدلين بها نتيجة إكراه وقع عليهن ويقول كلمته فيها فإنه يكون معيباً أيضاً بالقصور في التسبيب، ولا يغني عن ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 22935 لسنة 74 ق جلسة 7 / 4 / 2009 مكتب فني 60 ق 25 ص 192

جلسة 7 من إبريل سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عمر بريك، عبد التواب أبو طالب، محمد سعيد نواب رئيس المحكمة وصلاح محمد.
------------
(25)
الطعن 22935 لسنة 74 ق
(1) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم للقضاء بالبراءة ورفض الدعوى المدنية. شرط ذلك؟ 
المنازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى. جدل موضوعي. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. 
مثال.
(2) تعويض. دعوى مدنية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم بالتعويض في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية عند الحكم بالبراءة. شرطه؟ 
عدم ثبوت ارتكاب المطعون ضده الفعل المسند إليه. يستلزم الحكم برفض الدعوى المدنية قبله.
(3) إثبات "بوجه عام". دعوى مدنية. تعويض. ضرر. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" "سلطتها في تقدير ثبوت الضرر". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير ثبوت الضرر. موضوعي. ما دام سائغاً. احتمال الضرر. لا يصح أساساً لطلب التعويض. وجوب أن يكون محققاً. 
قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدعوى المدنية لعدم ثبوت ضرر شخصي مباشر من الجريمة في حق الطاعن للأدلة التي اطمأنت إليها. صحيح. النعي عليه. جدل موضوعي. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. 
الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً. للمحكمة تكوين عقيدتها منها مجتمعة.
(4) تزوير "أوراق عرفية". جريمة "أركانها".
انعدام أركان التزوير في محرر عرفي. متى كان مضمون المحرر مطابقاً لإرادة من نسب إليه معبراً عن مشيئته. ولو لم يوقع عليه. ما دام التوقيع حاصلاً في حدود التعبير عن إرادته. 
صدور الشيك محل التزوير من شركة مساهمة واقتصار تغيير الحقيقة على بيانات التظهير دون البيانات الجوهرية التي حررها المختص وبعد أن خرج من حوزة الشركة. أثر ذلك: عدم اكتساب التظهير الصفة الرسمية لانحسار صفة الموظف العام عنه واعتبار التزوير في هذا البيان واقعاً في ورقة عرفية.
(5) دعوى مدنية. وكالة. تزوير "أوراق عرفية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قيام الوكالة بين المستفيد من الشيك والمطعون ضده الذي قام بموجبها بتظهيره وصرفه لحساب المستفيد وتسوية حسابه معه. أثره: انتفاء جريمة التزوير. 
كفاية تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم تحت أي وصف للواقعة للقضاء بالبراءة. 
عدم جواز استعمال المدعي بالحقوق المدنية حقوق الدعوى الجنائية أو التحدث عن وصفها. علة ذلك؟
-----------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى حسبما ورد بوصف النيابة العامة لها وأحاط بأدلة الثبوت التي ساقتها النيابة العامة بما مفاده أن المطعون ضده عمل في الفترة من ... حتى ... عضواً منتدباً بشركة ... لتداول الأوراق المالية رئاسة الطاعن وأنه أصدر شيكاً بمبلغ ... لصالح ... أحد عملاء الشركة وقام بتظهيره بتوقيع نسبه زوراً للمستفيد وقام بصرفه مستولياً على قيمته، وأن العميل طالب الشركة بتعويض على نحو ما ورد بأقوال المدعي المدني والمحاسب القانوني للشركة، وتحريات الشرطة وكتاب وأقوال الموظفة بالبنك المسحوب عليه، وتقرير قسم أبحاث التزوير، وأن الشركة من الشركات المساهمة وفق ما هو ثابت بصحيفة الاستثمار ثم نفى الحكم وقوع جريمة في الأوراق بعد أن اطمأن إلى أقوال المطعون ضده والمؤيدة بأقوال وكيل المستفيد وإقراره من أن إجراءات تظهير الشيك وصرفه تمت لحساب المستفيد وتم تسوية قيمته وأن المطعون ضده لم يغير في بيانات إصدار الشيك والتي تمت مستوفية أركانها وشرائطها من الشركة التي أصدرته ولم يغير في شيء من حقيقة الشيك وأنه قام بتظهيره باعتباره يعمل لصالح المستفيد وأن الصلة قائمة ووثيقة بينهما. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في عناصر الاتهام - كما هو الحال في واقع الدعوى المطروحة - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أحاط بأدلة الثبوت ومحصها اطمأن إلى أقوال المطعون ضده والتي ظاهرتها أقوال وكيل المستفيد معرضاً عن رواية الطاعن وهو استدلال لا شائبة فيه ومن ثم فإن النعي عليه بالقصور لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن شرط الحكم بالتعويض في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية في حالة الحكم بالبراءة هو ثبوت وقوع الفعل موضوع الدعوى الجنائية وصحة إسناده إلى المتهم المقامة عليه الدعوى الجنائية دون أن تتوافر به الأركان القانونية للجريمة، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى عدم ثبوت ارتكاب المطعون ضده للفعل المسند إليه، فإن ذلك يستلزم الحكم - صحيحاً - برفض الدعوى المدنية قبله مما يكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد.
3 - من المقرر أن تقدير ثبوت الضرر أو عدم ثبوته من المسائل الموضوعية التي تدخل في حدود سلطة محكمة الموضوع بغير معقب من محكمة النقض في ذلك ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة تؤدي إلى ما رتبته عليها، كما وأن احتمال الضرر لا يصلح أساساً لطلب التعويض، بل يلزم أن يكون الضرر المدعى به محققاً، وكانت المحكمة حين قضت برفض الدعوى المدنية قد أسست قضاءها على ما اطمأنت إليه أقوال المطعون ضده ووكيل المستفيد والإقرار المقدم في الدعوى من نفي جريمتي الاستيلاء والتزوير وعدم ثبوت ضرر شخصي مباشر للمدعي ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من اطراح الحكم لأقواله وقعوده عن مناقشة المستفيد من الشيك بغية تخطئة الحكم في عدم الأخذ بها أو فيما استخلصه من غيرها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ذلك أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل من جزئية من جزئيات الدعوى إذا الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه وهو ما لم تُخطئ المحكمة في تقديره، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله.
4 - من المقرر أنه إذا كان المحرر عرفياً وكان مضمونه مطابقاً لإرادة من نسب إليه، معبراً عن مشيئته، انتفى التزوير بأركانه ومنها ركن الضرر، ولو كان هو لم يوقع على المحرر، ما دام التوقيع حاصلاً في حدود التعبير عن إرادته، سواء كان هذا التعبير ظاهراً جلياً أو مضمراً مفترضاً تدل عليه شواهد الحال. لما كان ذلك، وكان الشيك محل التزوير وإن صدر من شركة مساهمة إلا أن تغيير الحقيقة لم يشمل أياً من بيانات الشيك الجوهرية التي حررها المختص واقتصر التغيير على بيانات التظهير المنسوب صدورها إلى المطعون ضده باسم المستفيد وبعد أن خرج من حوزة الشركة ومن ثم لا يكتسب التظهير الصفة الرسمية بتدخله وقتئذ لانحسار صفة الموظف العام عنه ومن ثم يعتبر التزوير في هذا البيان واقعاً في ورقة عرفية - وهو ما لم يخطئه الحكم.
5 - لما كان الحكم قد انتهى إلى قيام وكالة بين المستفيد من الشيك والمطعون ضده بموجبها قام المطعون ضده بتظهير الشيك وصرفه لحساب المستفيد وقام من بعد تسوية حسابه معه وهو ما تنتفي به جريمة التزوير ويضحى تخطئة الحكم في ذلك على غير سند، ولا يغير من ذلك نعي الطاعن بعدم رد المحكمة التهمة إلى وصف آخر لما هو مقرر من أنه يكفي للقضاء بالبراءة تحت أي وصف أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم - كما هو الحال في الدعوى - ولما هو مقرر من أن المدعي بالحقوق المدنية لا يملك حقوق الدعوى الجنائية أو التحدث عن الوصف الذي يراه هو لها وإنما يدخل فيها بصفته مضروراً من الجريمة التي وقعت طالباً التعويض عن الضرر الذي لحقه إذ إن دعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا في تبعيتها لها ومن ثم يكون نعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير مقبول.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: بصفته موظفاً عاماً - العضو المنتدب لشركة ... لتداول الأوراق المالية "إحدى شركات المساهمة" استولى بغير حق وبنية التملك على مبلغ ... جنيهاً والمملوك لجهة عمله، وبهذه الصفة أيضاً ارتكب تزويراً في محرر لشركة ... لتداول الأوراق المالية - إحدى شركات المساهمة هو الشيك رقم ... بتاريخ ..... الصادر على حساب الشركة بالبنك .... فرع ...., وذلك بوضع إمضاء مزور بأن قام بتظهيره بتوقيع نسبه زوراً للمستفيد، واستعمل هذا المحرر فيما زور من أجله مع علمه بتزويره بأن قدمه للبنك سالف الذكر واستولى على قيمته
وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
وادعى ... مدنياً بمبلغ ...... جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية وألزمت رافعها بالمصاريف
فطعن المحامي/ ........ بصفته وكيلاً عن المدعي بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن الطاعن "المدعي بالحقوق المدنية" ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جرائم الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لجهة عمله - شركة ... لتداول الأوراق المالية - وتزوير أحد محرراتها - شيك - واستعماله ورفض الدعوى المدنية قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون، ذلك بأن لم يبين أساس قضائه في الدعويين الجنائية والمدنية واستند إلى إقرار غير موثق صادر من المستفيد لإثبات استلامه قيمة الشيك مغفلاً طلبه سماع أقوال المستفيد ونفى وجود تزوير بالشيك أو حدوث ضرر من ذلك بالمخالفة للثابت بالأوراق منتهياً إلى براءة المطعون ضده رغم أن الواقعة مؤثمة بالمادتين 63/ 4, 5, 1, 2, 3, 66 من القانون 95 لسنة 1992 الخاص بحماية رأس المال. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى حسبما ورد بوصف النيابة العامة لها وأحاط بأدلة الثبوت التي ساقتها النيابة العامة بما مفاده أن المطعون ضده عمل في الفترة من ... حتى ... عضواً منتدباً بشركة ... لتداول الأوراق المالية رئاسة الطاعن وأنه أصدر شيكاً بمبلغ ... لصالح ... أحد عملاء الشركة وقام بتظهيره بتوقيع نسبه زوراً للمستفيد وقام بصرفه مستولياً على قيمته، وأن العميل طالب الشركة بتعويض على نحو ما ورد بأقوال المدعي المدني والمحاسب القانوني للشركة، وتحريات الشرطة وكتاب وأقوال الموظفة بالبنك المسحوب عليه، وتقرير قسم أبحاث التزوير، وأن الشركة من الشركات المساهمة وفق ما هو ثابت بصحيفة الاستثمار ثم نفى الحكم وقوع جريمة في الأوراق بعد أن اطمأن إلى أقوال المطعون ضده والمؤيدة بأقوال وكيل المستفيد وإقراره من أن إجراءات تظهير الشيك وصرفه تمت لحساب المستفيد وتم تسوية قيمته وأن المطعون ضده لم يغير في بيانات إصدار الشيك والتي تمت مستوفية أركانها وشرائطها من الشركة التي أصدرته ولم يُغير في شيء من حقيقة الشيك وأنه قام بتظهيره باعتباره يعمل لصالح المستفيد وأن الصلة قائمة ووثيقة بينهما. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في عناصر الاتهام - كما هو الحال في واقع الدعوى المطروحة -. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أحاط بأدلة الثبوت ومحصها اطمأن إلى أقوال المطعون ضده والتي ظاهرتها أقوال وكيل المستفيد معرضاً عن رواية الطاعن وهو استدلال لا شائبة فيه ومن ثم فإن النعي عليه بالقصور لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض, وكان من المقرر أن شرط الحكم بالتعويض في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية في حالة الحكم بالبراءة هو ثبوت وقوع الفعل موضوع الدعوى الجنائية وصحة إسناده إلى المتهم المقامة عليه الدعوى الجنائية دون أن تتوافر به الأركان القانونية للجريمة، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى عدم ثبوت ارتكاب المطعون ضده للفعل المسند إليه، فإن ذلك يستلزم الحكم - صحيحاً - برفض الدعوى المدنية قبله مما يكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير ثبوت الضرر أو عدم ثبوته من المسائل الموضوعية التي تدخل في حدود سلطة محكمة الموضوع بغير معقب من محكمة النقض في ذلك ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة تؤدي إلى ما رتبته عليها، كما وأن احتمال الضرر لا يصلح أساساً لطلب التعويض، بل يلزم أن يكون الضرر المدعى به محققاً، وكانت المحكمة حين قضت برفض الدعوى المدنية قد أسست قضاءها على ما اطمأنت إليه من أقوال المطعون ضده ووكيل المستفيد والإقرار المقدم في الدعوى من نفي جريمتي الاستيلاء والتزوير وعدم ثبوت ضرر شخصي مباشر للمدعي ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من إطراح الحكم لأقواله وقعوده عن مناقشة المستفيد من الشيك بغية تخطئة الحكم في عدم الأخذ بها أو فيما استخلصه من غيرها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ذلك أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه وهو ما لم تخطئ المحكمة في تقديره، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كان المحرر عرفياً وكان مضمونه مطابقاً لإرادة من نسب إليه، معبراً عن مشيئته، انتفى التزوير بأركانه ومنها ركن الضرر، ولو كان هو لم يوقع على المحرر، ما دام التوقيع حاصلاً في حدود التعبير عن إرادته، سواء كان هذا التعبير ظاهراً جلياً أو مضمراً مفترضاً تدل عليه شواهد الحال. لما كان ذلك، وكان الشيك محل التزوير وإن صدر من شركة مساهمة إلا أن تغيير الحقيقة لم يشمل أياً من بيانات الشيك الجوهرية التي حررها المختص واقتصر التغيير على بيانات التظهير المنسوب صدورها إلى المطعون ضده باسم المستفيد وبعد أن خرج من حوزة الشركة ومن ثم لا يكتسب التظهير الصفة الرسمية بتدخله وقتئذ لانحسار صفة الموظف العام عنه ومن ثم يعتبر التزوير في هذا البيان واقعاً في ورقة عرفية، وهو ما لم يخطئه الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى إلى قيام وكالة بين المستفيد من الشيك والمطعون ضده بموجبها قام المطعون ضده بتظهير الشيك وصرفه لحساب المستفيد وقام من بعد تسوية حسابه معه وهو ما تنتفي به جريمة التزوير ويضحى تخطئة الحكم في ذلك على غير سند، ولا يغير من ذلك نعي الطاعن بعدم رد المحكمة التهمة إلى وصف آخر لما هو مقرر من أنه يكفي للقضاء بالبراءة تحت أي وصف أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم - كما هو الحال في الدعوى - ولما هو مقرر من أن المدعي بالحقوق المدنية لا يملك حقوق الدعوى الجنائية أو التحدث عن الوصف الذي يراه هو لها وإنما يدخل فيها بصفته مضروراً من الجريمة التي وقعت طالباً التعويض عن الضرر الذي لحقه إذ إن دعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا في تبعيتها لها ومن ثم يكون نعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير مقبول ويكون الطعن برمته على غير سند خليقاً بالرفض ومصادرة الكفالة.

الطعن 7239 لسنة 72 ق جلسة 7 / 4 / 2009 مكتب فني 60 ق 24 ص 185

جلسة 7 من إبريل سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عمر بريك، عبد التواب أبو طالب نائبي رئيس المحكمة ومحمود عبد السلام وسامح حامد.
-----------
(24)
الطعن 7239 لسنة 72 ق
(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده" "أسباب الطعن. إيداعها".
التقرير بالطعن في الميعاد دون تقديم الأسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. علة ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". سرقة. إكراه.
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة وظروفها وأدلة الثبوت وإلا كان قاصراً. 
مثال لتسبيب معيب في جريمة سرقة بالإكراه.
(3) إثبات "قرائن" "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". اشتراك. جريمة "أركانها".
إثبات الاشتراك بالقرائن. مناطه: ورود القرينة على واقعة الاتفاق على ارتكاب الجريمة أو المساعدة في ذاتها. 
وجوب بناء الأحكام الجنائية على الجزم واليقين. لا على الظن والاحتمال. 
الاشتراك في الجريمة. مناط تحققه: اقتراف الفعل المادي للمساهمة التبعية في وقت سابق أو معاصر للجريمة وأن تقع الجريمة ثمرة لهذا الاشتراك.
(4) نقض "أثر الطعن".
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة. توجبان امتداد أثر نقض الحكم للمحكوم عليهما اللذين لم يقبل طعنهما شكلاً. أساس ذلك؟
-----------
1 - من المقرر أن التقرير بالطعن بطريق النقض هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بُني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يغني أحدهما عن الآخر، وكان المحكوم عليهما وإن قررا بالطعن في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.
2 - لما كان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن حصل واقعة الدعوى بقوله "وحيث إن واقعة الدعوى - مستخلصة من مطالعة سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة - تتحصل في أنه بتاريخ ... حوالي الساعة ... فوجئ المجني عليه ... أثناء تواجده بالكافتيريا الخاصة به والكائنة ... بكل من المتهمين ... و... وكانا ملثمين اقتحما عليه الكافيتريا أثناء نومه بها بعد تحطيمهما للباب وبيد كل منهما سكين، وطلبا من المجني عليه تقديم ما يحوزه من مبالغ نقدية فأخرج ما يحمله من نقود وقدره ... جنيهاً وقدمها إليهما تحت تهديد الأسلحة البيضاء التي كان يحملها كل من المتهمين، ثم قام المذكورين بكسر أحد الأدراج بالكافتيريا واستولى على ما به نقود وقدرها ... جنيهات و... ساعات رجالي وساعة حريمي وشرعا في حمل مولد كهرباء، فاعترضهما المجني عليه فقام المتهم الأول بضربه بالسكين الذي يحمله في رأسه، وبينما سال دم المجني عليه فر المتهمان إلى الخارج حيث كان ينتظرهما المتهم الثالث بسيارة نصف نقل ..... اللون ماركة ..... بدون لوحات فركبوا السيارة وانطلق بهما مسرعاً وقد شاهد المجني عليه المتهم الثالث بالسيارة من خلف باب الكافيتريا بعد انصراف المتهمين الآخرين كما تعرف على المتهم الأول من خلال العرض القانوني بالنيابة العامة وساق للتدليل على ثبوت التهمة في حق المتهمين أدلة استقاها من أقوال المجني عليه ... والرائد ... وما أورى به تقرير الطب الشرعي ..... لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة المأخذ وإلا كان حكمها قاصراً، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى جاء غامضاً ولا يبين منه أركان الجريمة المسندة إلى الطاعن مما يصمه بالقصور في البيان ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم.
3 - من المقرر أن مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة الاتفاق على ارتكاب الجريمة أو المساعدة في ذاتها، وأن يكون استخلاص الحكم للتدليل المستمد منها لا يتجافى في المنطق والعقل، وكان من المقرر كذلك أن الأحكام الجنائية يجب أن تُبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر، ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المحددة، وكانت أقوال المجني عليه من مشاهدته الطاعن حال قيادته السيارة وانتظار المتهمين والفرار بهما بعد قيامهما بالسرقة، لا يكفي بمجرده في ثبوت اشتراك الطاعن فيها فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال مؤسساً على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة، ذلك أن مناط تحقق الاشتراك أن يثبت اقتراف الفعل المادي للمساهمة التبعية في وقت سابق أو معاصر للجريمة، وأن تقع هذه الجريمة ثمرة لهذا الاشتراك وهو ما لم يدلل عليه الحكم تدليلاً سائغاً.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه يكون قد تعيب بالقصور في التسبيب الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن، وكذلك بالنسبة للطاعنين الأول والثاني اللذين لم يقبل طعنهما شكلاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك عملاً بحكم المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أولاً: سرقوا المبلغ النقدي وساعات اليد المبينة قدراً ووصفاً بالتحقيقات والمملوكين لـ... وذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن أشهر في وجهه كل من الأول والثاني سلاحاً أبيض "سكيناً" وتعدى عليه الأول بالضرب فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي فبثوا الرعب في قلبه وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من الاستيلاء على المسروقات
ثانياً: المتهمين الأول والثاني: أحرز كل منهما سلاحاً أبيض "سكيناً" مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لحيازتها أو إحرازها مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية
وأحالتهم إلى محكمة جنايات ... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 314 من قانون العقوبات، والمادتين 1/1، 25 مكرراً/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981، والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالمادة السابقة من القانون رقم 97 لسنة 1996، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات, بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وألزمتهم بالمصاريف الجنائية
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
-------------
المحكمة

أولاً: الطعن المقدم من المحكوم عليهما "... و...": 
وحيث إنه لما كان من المقرر أن التقرير بالطعن بطريق النقض هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يغني أحدهما عن الآخر، وكان المحكوم عليهما وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً

ثانياً "الطعن المقدم من الطاعن "...": 
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة بالإكراه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه البطلان والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه لم يبين الواقعة وظروفها وملابساتها وكيفية ضبط المتهمين مخالفاً بذلك لنص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، كما أن النيابة العامة في معرض إسنادها للاتهام إلى المتهمين لم توضح ثمة اتهام أو دور للمتهم "الطاعن"، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن حصل واقعة الدعوى بقوله: "وحيث إن واقعة الدعوى - مستخلصة من مطالعة سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة - تتحصل في أنه بتاريخ ... حوالي الساعة ... فوجئ المجني عليه ... أثناء تواجده بالكافتيريا الخاصة به والكائنة ... بكل من المتهمين ... و... وكانا ملثمين أقتحما عليه الكافيتريا أثناء نومه بها بعد تحطيمهما للباب وبيد كل منهما سكين، وطلبا من المجني عليه تقديم ما يحوزه من مبالغ نقدية فأخرج ما يحمله من نقود وقدره ... جنيهاً وقدمها إليهما تحت تهديد الأسلحة البيضاء التي كان يحملها كل من المتهمين، ثم قام المذكورين بكسر أحد الأدراج بالكافتيريا واستوليا على ما به من نقود وقدرها ... جنيهات و... ساعات رجالي وساعة حريمي وشرعا في حمل مولد كهرباء، فاعترضهما المجني عليه فقام المتهم الأول بضربه بالسكين الذي يحمله في رأسه، وبينما سال دم المجني عليه فر المتهمان إلى الخارج حيث كان ينتظرهما المتهم الثالث بسيارة نصف نقل ... اللون ماركة ... بدون لوحات فركبا السيارة وانطلق بهما مسرعاً وقد شاهد المجني عليه المتهم الثالث بالسيارة من خلف باب الكافيتريا بعد انصراف المتهمين الآخرين كما تعرف على المتهم الأول من خلال العرض القانوني بالنيابة العامة. وساق للتدليل على ثبوت التهمة في حق المتهمين أدلة استقاها من أقوال المجنى عليه ... والرائد ... وما أورى به تقرير الطب الشرعي .... لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة المأخذ وإلا كان حكمها قاصراً، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى جاء غامضاً ولا يبين منه أركان الجريمة المسندة إلى الطاعن مما يصمه بالقصور في البيان ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة الاتفاق على ارتكاب الجريمة أو المساعدة في ذاتها، وأن يكون استخلاص الحكم للتدليل المستمد منها لا يتجافى في المنطق والعقل، وكان من المقرر كذلك أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المحددة، وكانت أقوال المجني عليه من مشاهدته الطاعن حال قيادته السيارة وانتظار المتهمين والفرار بهما بعد قيامهما بالسرقة، لا يكفي بمجرده في ثبوت اشتراك الطاعن فيها فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال مؤسساً على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة، ذلك أن مناط تحقق الاشتراك أن يثبت اقتراف الفعل المادي للمساهمة التبعية في وقت سابق أو معاصر للجريمة، وأن تقع هذه الجريمة ثمرة لهذا الاشتراك وهو ما لم يدلل عليه الحكم تدليلاً سائغاً. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تعيب بالقصور في التسبيب الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن، وكذلك بالنسبة للطاعنين الأول والثاني اللذين لم يقبل طعنهما شكلاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك عملاً بحكم المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 دون حاجه إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 18711 لسنة 77 ق جلسة 22 / 3 / 2009 مكتب فني 60 ق 23 ص 176

جلسة 22 من مارس سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ أحمد علي عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أحمد عبد الباري سليمان، مدحت بسيوني نائبي رئيس المحكمة، وتوفيق سليم، وإبراهيم عبد الله.
----------
(23)
الطعن 18711 لسنة 77 ق
(1) إتلاف. استدلالات. جريمة "أركانها". حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". قصد جنائي. سرقة. شروع .
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات. 
جريمة الإتلاف العمد لكابلات كهربائية مستعملة في قطارات السكك الحديدية في سرقة الكابلات الكهربائية. جريمتين عمديتين. القصد الجنائي فيهما. مناط تحققه؟ 
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. 
عدم استظهار الحكم لتوافر القصد الجنائي في جريمتي الإتلاف والشروع في السرقة التي دان الطاعن بهما. قصور. 
مثال.
- 2  إتلاف. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". قانون "تطبيقه". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
قضاء الحكم بإلزام الطاعن بأداء مبلغ يزيد عن قيمة ما أتلفه من كابلات كهربائية خلافاً لما ورد بنص المادة 162 مكرراً فقرة أولى وثالثاً عقوبات. خطأ في تطبيق القانون. لمحكمة النقض تصحيحه من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم. أساس ذلك؟ 
القصور في التسبيب. له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون. 
تعرض محكمة النقض للعقوبة التكميلية لجريمة الإتلاف العمد. غير جائز. علة ذلك: ليس لمحكمة النقض تصحيح منطوق حكم قضت بنقضه.
------------
1 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً، والمقصود من عبارة بيان الواقعة أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة. لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى ومؤدى أقوال شاهدي الإثبات في قوله "وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من سائر العناصر المطروحة أمامها مما جرت به في التحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل فيما قرره الرقيب ... من أنه حال مروره بورشة ... لتفقد حالة الأمن أبصر المتهم ... يقوم بتقطيع كابلات توليد الكهرباء داخل عربة القطار رقم ... مستخدماً في ذلك سلاحاً أبيض وقد أقر له المتهم بالجريمة وتمكن من ضبطه، كما شهد الضابط ... أن تحرياته السرية أكدت قيام المتهم بالشروع في سرقة كابلات النحاس الخاصة بهيئة السكك الحديدية إلا أنه تم ضبطه بمعرفة الشاهد الأول وكان برفقته شخص مجهول تمكن من الفرار." وهذا الذي أورده الحكم لا يتحقق به أركان الجريمتين اللتين دانه بهما كما هما معرفين به في القانون ذلك أن جريمة الإتلاف العمد لكابلات كهربائية مستعملة في قطارات السكك الحديدية التي تنشئها الحكومة المؤثمة بنص المادة 162 مكرراً من قانون العقوبات، إنما هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف أو التخريب وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. كما أن جريمة الشروع في سرقة الكابلات الكهربائية المشار إليها والمؤثمة بالمواد 45، 46، 316، 316 مكرراً/ ثانياً من قانون العقوبات من الجرائم العمدية أيضاً التي يقتضي القصد الجنائي فيها قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه، كما أنه وإن كان تحدث الحكم استقلالاً عن نية السرقة ليس شرطاً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة السرقة إلا أنه إذا كانت هذه النية محل شك في الواقعة المطروحة، فإنه يتعين على المحكمة أن تبين هذه النية صراحة في حكمها وأن تورد الدليل على توافرها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر توافر القصد الجنائي في جريمة الإتلاف، وكانت مدوناته لا تفيد في ذاتها أن الطاعن قد تعمد إتلاف الكابلات الكهربائية محل الاتهام واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، كما لم يستظهر الحكم ركن القصد الجنائي أيضاً في جريمة الشروع في السرقة وكان لا يكفي في استظهاره ما جاء بالحكم في صدد تحصيله لواقعة الدعوى - من أن الضابط ... شهد بأن تحرياته السرية أكدت قيام المتهم بالشروع في سرقة كابلات النحاس الخاصة بهيئة السكك الحديدية إلا أنه تم ضبطه بمعرفة الشاهد الأول وكان برفقته شخص مجهول تمكن من الفرار ذلك أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته، صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه، وإنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة، ولما كان الثابت أن محرر المحضر لم يبين للمحكمة مصدر تحرياته لمعرفة ما إذا كان من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما انتهى إليه من أن الطاعن شرع في سرقة الكابلات الكهربائية محل الاتهام، فإن التحريات بهذه المثابة لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق القاضي منه بنفسه حتى يستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده وإنتاجه في الدعوى أو عدم إنتاجه، وإذ كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها رأي محرر المحضر، فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من قيام الدليل على توافر ركن القصد الجنائي لجريمة الشروع في السرقة أيضاً لدى الطاعن، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب متعيناً نقضه.
2 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد في بيانه لتقرير المعاينة التي عول عليها في الإدانة أن الكابلات الثمانية المضبوطة مع المتهم سليمة ومما تستعمل في توليد التيار الكهربائي لمحركات القطار الخاصة بالإنارة والتكييف وأنها غير متداولة بالأسواق وتقدر قيمتها بحوالي ... جنيه. لما كانت المادة 162 مكرراً فقرة أولى وثالثاً من قانون العقوبات تنص على أن "يعاقب بالسجن كل من تسبب عمداً في إتلاف خط من خطوط الكهرباء التي تملكها الحكومة أو الهيئات أو المؤسسات العامة أو الوحدات التابعة لها، أو ترخص في إنشائها لمنفعة عامة وذلك بقطع الأسلاك الموصلة للتيار الكهربائي أو الكابلات أو كسر شيء من العدد أو الآلات أو عازلات الأسلاك أو إتلاف الأبراج أو المحطات أو الشبكات المتصلة بالخطوط الكهربائية المذكورة أو جعلها كلها أو بعضها غير صالحة للاستعمال بأي كيفية كانت، بحيث ترتب على ذلك انقطاع التيار الكهربائي ولو مؤقتاً. وفي جميع الأحوال يجب الحكم بدفع قيمة الأشياء التي أتلفها المحكوم عليه أو قطعها أو كسرها". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي للجهة المجني عليها مبلغاً وقدره ... جنيه باعتبار أنه يمثل قيمة التلفيات موضوع الدعوى، رغم أن الثابت من تقرير المعاينة التي عول عليها الحكم في الإدانة أن قيمة الكابلات الكهربائية التي أتلفها الطاعن تقدر بمبلغ ... جنيه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ كان يتعين الحكم بإلزام الطاعن بدفع مبلغ وقدره ... جنيه فقط قيمة الأموال التي أتلفها. لما كانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون مما كان يتعين معه لذلك نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بإلزام الطاعن بدفع مبلغ وقدره ... جنيه فقط قيمة الأموال التي أتلفها، إلا أنه نظراً لما شاب الحكم من قصور في التسبيب له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون الموجبة للتصحيح فإن محكمة النقض لا تملك التعرض لما أنزله من عقوبة تكميلية عن جريمة الإتلاف العمد المشار إليها إذ ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه، بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى لها أن تقضي بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين الطاعن. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: شرع وآخر مجهول في سرقة كابلات توليد التيار الكهربائي من قطارات السكك الحديدية بأن قام بقطعها من مكان استخدامها إلا أن أثر الجريمة أوقف بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبس بها. ثانياً: أتلف عمداً كوابل خطوط التيار الكهربائي والمملوكة لهيئة السكك الحديدية بأن قام بقطعها وجعلها غير صالحة للاستخدام على النحو المبين بالأوراق. ثالثاً: أحرز بدون مسوغ حرفي أو شخصي سلاحاً أبيض "قطر". وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وعملاً بالمواد 45، 46، 162 مكرراً/1، 3، 316، 316 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات، والمواد 1/1، 25 مكرراً/ أ/ أولاً، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل، والبند رقم 11 من الجدول رقم "1" الملحق. بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وإلزامه بأن يؤدي للجهة المجني عليها مبلغاً وقدره ... جنيه قيمة التلفيات موضوع الدعوى
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
---------------
المحكمة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الإتلاف العمدي للكابلات الكهربائية المملوكة للهيئة العامة للسكك الحديدية والمستعملة في القطارات المملوكة لها وهي إحدى الهيئات العامة المملوكة للدولة والشروع في سرقتها قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً يتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها ولم يستظهر القصد الجنائي في حق الطاعن، مما يعيبه بما يستوجب نقضه
ومن حيث إنه لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً، والمقصود من عبارة بيان الواقعة أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة. لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى ومؤدى أقوال شاهدي الإثبات في قوله "وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من سائر العناصر المطروحة أمامها مما جرت به في التحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل فيما قرره الرقيب ... من أنه حال مروره بورشة ... لتفقد حالة الأمن أبصر المتهم ... يقوم بتقطيع كابلات توليد الكهرباء داخل عربة القطار رقم ... مستخدماً في ذلك سلاحاً أبيض وقد أقر له المتهم بالجريمة وتمكن من ضبطه، كما شهد الضابط ... أن تحرياته السرية أكدت قيام المتهم بالشروع في سرقة كابلات النحاس الخاصة بهيئة السكك الحديدية إلا أنه تم ضبطه بمعرفة الشاهد الأول وكان برفقته شخص مجهول تمكن من الفرار." وهذا الذي أورده الحكم لا يتحقق به أركان الجريمتين اللتين دانه بهما كما هما معرفين به في القانون ذلك أن جريمة الإتلاف العمد لكابلات كهربائية مستعملة في قطارات السكك الحديدية التي تنشئها الحكومة المؤثمة بنص المادة 162 مكرراً من قانون العقوبات، إنما هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف أو التخريب وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. كما أن جريمة الشروع في سرقة الكابلات الكهربائية المشار إليها والمؤثمة بالمواد 45، 46، 316، 316 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات من الجرائم العمدية أيضاً التي يقتضي القصد الجنائي فيها قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه، كما أنه وإن كان تحدث الحكم استقلالاً عن نية السرقة ليس شرطاً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة السرقة إلا أنه إذا كانت هذه النية محل شك في الواقعة المطروحة، فإنه يتعين على المحكمة أن تبين هذه النية صراحة في حكمها وأن تورد الدليل على توافرها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر توافر القصد الجنائي في جريمة الإتلاف، وكانت مدوناته لا تفيد في ذاتها أن الطاعن قد تعهد إتلاف الكابلات الكهربائية محل الاتهام واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، كما لم يستظهر الحكم ركن القصد الجنائي أيضاً في جريمة الشروع في السرقة وكان لا يكفي في استظهاره ما جاء بالحكم في صدد تحصيله لواقعة الدعوى - من أن الضابط ... شهد بأن تحرياته السرية أكدت قيام المتهم بالشروع في سرقة كابلات النحاس الخاصة بهيئة السكك الحديدية إلا أنه تم ضبطه بمعرفة الشاهد الأول وكان برفقته شخص مجهول تمكن من الفرار - ذلك أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته، صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه، وإنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة، ولما كان الثابت أن محرر المحضر لم يبين للمحكمة مصدر تحرياته لمعرفة ما إذا كان من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما انتهى إليه من أن الطاعن شرع في سرقة الكابلات الكهربائية محل الاتهام، فإن التحريات بهذه المثابة لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق القاضي منه بنفسه حتى يستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده وإنتاجه في الدعوى أو عدم إنتاجه، وإذ كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها رأي محرر المحضر، فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها، وكان الحكم المطعون فيه خلا من قيام الدليل على توافر ركن القصد الجنائي لجريمة الشروع في السرقة أيضاً لدى الطاعن، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب متعيناً نقضه. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد في بيانه لتقرير المعاينة التي عول عليها في الإدانة أن الكابلات ... المضبوطة مع المتهم سليمة ومما تستعمل في توليد التيار الكهربائي لمحركات القطار الخاصة بالإنارة والتكييف وأنها غير متداولة بالأسواق وتقدر قيمتها بحوالي ... جنيه
لما كان ذلك، وكانت المادة 162 مكرراً فقرة أولى وثالثاً من قانون العقوبات تنص على أن "يعاقب بالسجن كل من تسبب عمداً في إتلاف خط من خطوط الكهرباء التي تملكها الحكومة أو الهيئات أو المؤسسات العامة أو الوحدات التابعة لها، أو ترخص في إنشائها لمنفعة عامة وذلك بقطع الأسلاك الموصلة للتيار الكهربائي أو الكابلات أو كسر شيء من العدد أو الآلات أو عازلات الأسلاك أو إتلاف الأبراج أو المحطات أو الشبكات المتصلة بالخطوط الكهربائية المذكورة أو جعلها كلها أو بعضها غير صالحة للاستعمال بأي كيفية كانت، بحيث ترتب على ذلك انقطاع التيار الكهربائي ولو مؤقتاً، وفي جميع الأحوال يجب الحكم بدفع قيمة الأشياء التي أتلفها المحكوم عليه أو قطعها أو كسرها". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي للجهة المجني عليها مبلغاً وقدره ... جنيه باعتبار أنه يمثل قيمة التلفيات موضوع الدعوى، رغم أن الثابت من تقرير المعاينة التي عول عليها الحكم في الإدانة أن قيمة الكابلات الكهربائية التي أتلفها الطاعن تقدر بمبلغ ... جنيه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ كان يتعين الحكم بإلزام الطاعن بدفع مبلغ وقدره ... جنيه فقط قيمة الأموال التي أتلفها. ولما كانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون مما كان يتعين معه لذلك نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بإلزام الطاعن بدفع مبلغ وقدره ... جنيه فقط قيمة الأموال التي أتلفها إلا أنه نظراً لما شاب الحكم من قصور في التسبيب له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون الموجبة للتصحيح فإن محكمة النقض لا تملك التعرض لما أنزله من عقوبة تكميلية عن جريمة الإتلاف العمد المشار إليها إذ ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه، بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى لها أن تقضي بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين الطاعن. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.