الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 ديسمبر 2016

الطعن 276 لسنة 57 ق جلسة 12 / 5 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 169 ص 1068

جلسة 12 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فتحي الجمهودي وعبد الحميد الشافعي (نائبي رئيس المحكمة) ومحمود رضا الخضيري وإبراهيم الطويلة.

-----------------

(169)
الطعن رقم 276 لسنة 57 القضائية

(1) بيع. شيوع. "تصرف الشريك على الشيوع، الحلول العيني". قسمة.
إعمال الحلول العيني. شرطه. إجراء قسمة بين الشركاء واختصاص الشريك المتصرف بجزء مفرز من المال الشائع. عدم وقوع المبيع في الجزء المفرز الذي آل للبائع. مؤداه. امتناع الحلول العيني إذا لم يصيب المتصرف حصة مفرزة من المال الشائع. علة ذلك. م 826 مدني.
(2) نقض "الحكم في الطعن".
نقض الحكم للمرة الثانية. وجوب تصدي محكمة النقض للفصل في الموضوع م 269/ 4 مرافعات.
(3) حجية. حكم "حجية الحكم".
حجية الحكم المانعة من إعادة النظر في المسألة المقضى فيها. مناطها. فصله في مسألة أساسية تجادل فيها الخصوم وكان فصله فيها لازماً لبناء قضائه.

----------------
1 - مؤدى نص المادة 826 من القانون المدني يدل على أنه يشترط لأعمال الحلول العيني وفقاً لهذا النص أن تجرى قسمة بين الشركاء للمال الشائع يكون من شأنها أن تؤدي إلى إفراز نصيب معين للشريك البائع يوازي حصته في الشيوع بحيث يستأثر وحده بكل سلطات الملكية الخالصة على هذا الجزء وأن لا يقع المبيع في الجزء المفرز الذي اختص به البائع بما مؤداه أنه لا مجال لإعمال الحلول العيني إلا إذا أصاب المتصرف بالبيع حصة مفرزة من المال الشائع، فإن أسفرت القسمة بين الشركاء عن اختصاص كل مجموعة منهم بقدر مفرز من المال الشائع مع بقاء الشريك البائع مالكاً لحصة شائعة فإنه يمتنع في هذه الحالة إعمال الحلول العيني طالما أن نصيب البائع بقى شائعاً لم يتم إفرازه، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بصحة ونفاذ عقد البيع عن مساحة 4 ف شائعة في 10 ف التي اختص بها..... ووالدته، وشقيقاه وأقام قضاءه هذا على أن حق المطعون عليه الأول قد انتقل بقوة القانون إعمالاً للفقرة الثانية من المادة 826 سالفة البيان إلى الحصة الشائعة التي يمتلكها البائع له ضمن المساحة التي اختص بها ومن معه في حين أنه لا مجال لإعمال الحلول العيني طالما بقيت حصة البائع شائعة ولم تسفر القسمة عن اختصاصه بقدر مفرز فإنه يكون قضى في الدعوى على خلاف سند المشتري وبالمخالفة لإرادة المتعاقدين وأعمل الحلول العيني على خلاف مقتضى القانون.
2 - ولما كان الطعن للمرة الثانية فإنه يتعين على المحكمة أن تحكم في موضوع الدعوى عملاً بالمادة 269 من قانون المرافعات.
3 - البين من الحكم الصادر في الطعنين رقمي 1485، 1477 لسنة 50 ق الصادر بتاريخ 26/ 6/ 1984 أنه تضمن أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 239 لسنة 1975 مدني مستأنف جنوب القاهرة فقضى بعدم الاختصاص على سند من أن عين النزاع ليست أرضاً زراعية وأن ما فصل فيه الحكم المذكور هي مسألة أساسية في الدعوى تجادل فيها الخصوم وكان فصله لازماً لبناء قضائه وهو ما استند إليه الحكم الصادر في الطعنين السالفين في قضائه برفضهما ومن ثم يحوز الحكم في تلك الدعوى حجية قبل المرحوم..... الذي كان قد اختصم في ذلك النزاع وهي حجية تحول دون إعادة طرح هذه المسألة أو المجادلة فيها من جديد بين الخصوم في أية دعوى تالية، ومن ثم يحوز الحكم السالف هذه الحجية قبل المستأنف عليه الأول باعتباره خلفاً خاصاً للبائع طالما أنه لم يسجل عقده ولم تنتقل إليه الملكية بعد ومن ثم يكون ما أبداه المستأنف عليه الأول من دفاع في هذا الخصوص على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر.. والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 1370 لسنة 1975 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد المرحوم..... "مورث باقي المطعون عليهم" بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 26/ 1/ 1974 المتضمن بيعه له الأرض المبينة الحدود والمعالم بالصحيفة والتسليم. وقال بياناً لذلك أن المورث المذكور باعه بموجب ذلك العقد 4 ف أرضاً زراعية شائعة ضمن 21 ف المبينة بالصحيفة لقاء ثمن مقداره 60000 وقد ألت المساحة المبيعة إلى البائع بالميراث عن والده ونظراً لتراخي البائع عن اتخاذ إجراءات البيع النهائي فقد أقام الدعوى. تدخلت الشركة الطاعنة في الدعوى بطلب رفضها على سند من أن البيع المطلوب الحكم بصحته ونفاذه ورد طبقاً لما جاء بالعقد على مساحة مفرزه ومحددة في حين أن البائع لا يملك إلا حصة شائعة في تلك الأطيان المخلفة عن المورث وأنه أجريت قسمة بين الشركاء المشتاعين بتاريخ 4/ 2/ 1974، 15/ 3/ 1974، 18/ 3/ 1974 أسفرت عن اختصاص ورثة المرحوم...... بمساحة 1 ط و7 ف - محددة ومفرزة واختصاص البائع..... ووالدته وشقيقتيه بمساحة 10 ف محددة ومفرزة كذلك، واختصاص..... الشهير بالصغير بمساحة 4 ف مفرزة ومحددة أيضاً كما تضمنت هذه العقود بيع المرحوم..... ووالدته وشقيقتيه وبيع ورثة المرحوم..... للحصة المفرزة التي اختص بها لكل مجموعة منهما على حده بموجب القسمة إلى الشركة الطاعنة وأنه لما كانت المساحة المبيعة للمطعون عليه الأول لم تقع في نصيب البائع لها وإنما وقعت ضمن مساحة 1 ط و7 ف التي اختص بها ورثة المرحوم...... فإنه لا يحق للمتصرف إليه طلب صحة ونفاذ عقد البيع الصادر له عن المساحة المفرزة. كما وطلب المطعون عليه الأخير قبول تدخله خصماً في الدعوى، وقدم المطعون عليه الأول عقد صلح مؤرخ 9/ 6/ 1976 مبرم بينه وبين البائع له تضمن الاتفاق على أنه في حالة عدم استطاعة البائع فرز وتجنيب نصيبه وفقاً لعقد البيع المؤرخ 26/ 1/ 1974 فإن البيع يبقى قائماً وينصب على حصة شائعة هي كل ما يملكه البائع من أرض آلت له بطريق الميراث عن والده، بتاريخ 11/ 5/ 1978 حكمت المحكمة بقبول تدخل الطاعنة والمطعون عليه الأخير وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 26/ 1/ 1974 فيما تضمنه من بيع المرحوم..... إلى المطعون عليه الأول مساحة 4 ف شائعة في المساحة المبينة بعقد البيع وألزمته التسليم شائعاً - استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4211/ 95 ق وبتاريخ 30/ 4/ 1979 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 26/ 1/ 1974 فيما تضمنه ذلك العقد ومحضر الصلح المؤرخ 9/ 6/ 1976 المعدل له من بيع المرحوم..... إلى المطعون عليه الأول أربعة أفدنة شائعة في الأطيان المبينة بمحضر الصلح لقاء ثمن مقداره 60000 جـ وتسليمها شائعة طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 1409/ 49 ق وبتاريخ 20/ 1/ 1981 حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، وبعد تعجيل السير فيها أمامها حكمت بتاريخ 7/ 2/ 1985 بندب خبير في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 10/ 12/ 1986 بتعديل الحكم المستأنف إلى صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 26/ 1/ 1974 فيما تضمنته من بيع المرحوم... أربعة أفدنة شائعة في عشرة أفدنة موضحة الحدود والمعالم بعقد البيع والقسمة المؤرخ 4/ 2/ 1974 موضوع الدعوى رقم 4558/ 1975 مدني جنوب القاهرة الابتدائية لقاء ثمن مدفوع مقداره 60000 جـ وتسليمها شائعة - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إن البيع الصادر للمطعون عليه الأول انصب على مساحة مفرزة رغم أن البائع لم يكن يملك إلا حصة شائعة ولم تسفر القسمة التي أجريت عن اختصاص البائع بالجزء المفرز الذي سبق له بيعه ورغم ذلك قضى الحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع الدعوى على سند من أن حق المشتري انتقل وفقاً للمادة 826 من القانون المدني إلى الحصة الشائعة التي يملكها البائع له في حين أنه يشترط لإعمال الحلول العيني طبقاً لهذا النص أن تسفر القسمة بين الشركاء عن اختصاص البائع بجزء مفرز وهو ما لم يتحقق بالنسبة له بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 826/ 1 من القانون المدني على أنه (1 - كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكاً تاماً، وله أن يتصرف فيها وأن يستولى على ثمارها وأن يستعملها بحيث لا يلحقه الضرر بحقوق سائر الشركاء. 2 - وإذا كان التصرف نصيباً على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف، انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف بطريق القسمة. وللمتصرف إليه، إذا كان يجهل أن المتصرف لا يملك العين المتصرف بها مفرزة الحق في إبطال التصرف.) يدل على أنه يشترط لإعمال الحلول العيني وفقاً لهذا النص أن تجرى قسمة بين الشركاء للمال الشائع يكون من شأنها أن تؤدي إلى إفراز نصيب معين للشريك البائع يوازي حصته في الشيوع بحيث يستأثر وحده بكل سلطات الملكية الخالصة على هذا الجزء وأن لا يقع المبيع في الجزء المفرز الذي اختص به البائع بما مؤداه أنه لا مجال لإعمال الحلول العيني إلا إذا أصاب المتصرف بالبيع حصة مفرزة من المال الشائع، فإن أسفرت القسمة بين الشركاء عن اختصاص كل مجموعة منهم بقدر مفرز من المال الشائع مع بقاء الشريك البائع مالكاً لحصة شائعة فإنه يمتنع في هذه الحالة إعمال الحلول العيني طالما أن نصيب البائع بقى شائعاً لم يتم إفرازه، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بصحة ونفاذ عقد البيع عن مساحة 4 ف شائعة في 10 ف التي اختص بها..... ووالدته، وشقيقتاه وأقام قضاءه هذا على أن حق المطعون عليه الأول قد انتقل بقوة القانون إعمالاً للفقرة الثانية من المادة 826 سالفة البيان إلى الحصة الشائعة التي يمتلكها البائع له ضمن المساحة التي اختص بها ومن معه في حين أنه لا مجال لإعمال الحلول العيني طالما بقيت حصة البائع شائعة ولم تسفر القسمة عن اختصاصه بقدر مفرز فإنه يكون قد قضى في الدعوى على خلاف سند المشتري وبالمخالفة لإرادة المتعاقدين وأعمل الحلول العيني على خلاف مقتضى القانون وهو ما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجه لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه لما كان الطعن للمرة الثانية فإنه يتعين على المحكمة أن تحكم في موضوع الدعوى عملاً بالمادة 269 من قانون المرافعات.
وحيث إنه بالنسبة لما تمسك به المستأنف عليه الأول من بطلان البيع الصادر للشركة المستأنفة لصدور الأجنبي عن أرض زراعية بالمخالفة لأحكام القانون رقم 15 سنة 1963 فإن هذا الدفاع مردود بأن البين من الحكم الصادر في الطعنين رقمي 1485، 1477 لسنة 50 ق الصادر بتاريخ 26/ 6/ 1984 أنه تضمن أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 239 لسنة 1975 مدني مستأنف جنوب القاهرة قضى بعدم الاختصاص على سند من أن عين النزاع ليست أرضاً زراعية وأن ما فصل فيه الحكم المذكور هي مسألة أساسية في الدعوى تجادل فيها الخصوم وكان فصله فيها لازماً لبناء قضائه وهو ما استند إليه الحكم الصادر في الطعنين السالفين في قضائه برفضهما ومن ثم يجوز الحكم في تلك الدعوى حجية قبل المرحوم.... الذي كان قد اختصم في ذلك النزاع وهي حجية تحول دون إعادة طرح هذه المسألة أو المجادلة فيها من جديد بين الخصوم في أية دعوى تالية، ومن ثم يحوز الحكم السالف هذه الحجية قبل المستأنف عليه الأول باعتباره خلفاً خاصاً للبائع له طالما أنه لم يسجل عقده ولم تنتقل إليه الملكية بعد ومن ثم يكون ما أبداه المستأنف عليه الأول من دفاع في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إنه عن موضوع الاستئناف فإنه لما كان عقد البيع المؤرخ 26/ 1/ 1974 المطلوب الحكم بصحته ونفاذه قد تضمنه شراء المستأنف عليه الأول لجزء مفرز عن العقار الشائع ولم يقع هذا الجزء في نصيب البائع له، فإن هذا البيع يكون غير نافذ في حق الشركاء وخلفهم الخاص طالما أنهم لم يجيزوه، ومن ثم فليس له أن يطلب الحكم بصحة ونفاذ هذا البيع بالنسبة إلى ذلك الجزء ذاته طالما أن القسمة التي تمت وإن لم تسجل تعتبر حجة عليه ولا يعتد في هذا الخصوص بما جاء بعقد الصلح المؤرخ 9/ 6/ 1976 لأن تضمن تغييراً في محل البيع من مفرز إلى شائع فضلاً عن مخالفته للقسمة التي تمت بين الشركاء قبل ذلك لما كان ذلك فإن طلبات المستأنف عليه الأول تكون على غير أساس بما يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض الدعوى.

الطعن 12167 لسنة 77 ق جلسة 21 / 3 /2009 مكتب فني 60 ق 22 ص 167

جلسة 21 من مارس سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ وجيه أديب، النجار توفيق، محمود خضر وبدر خليفة نواب رئيس المحكمة.
-----------
(22)
الطعن 12167 لسنة 77 ق
(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض " أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التي بني عليها. وإلا كان باطلاً. المادة 310 إجراءات. 
المراد بالتسبيب المعتبر؟ 
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة. لا يحقق غرض الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام . 
مثال.
(2) كسب غير مشروع. إخفاء أشياء مسروقة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". موظفون عموميون. قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الكسب غير المشروع. ماهيته وصورتاه؟ 
ثبوت مصدر الزيادة في ثروة المتهم وأن من شأنه إنتاج الزيادة في ماله. أثره: عدم جواز اعتباره عاجزاً عن إثبات مصدره. متى كانت الزيادة في ثروة المتهم ترجع إلى مصدر لا شأن له بالوظيفة مشروعاً كان أو غير مشروع فلا يصح إسنادها إلى الوظيفة. 
حكم الإدانة في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة المنصوص عليها في المادة 44 مكرراً عقوبات. وجوب بيانه اتصال المتهم بالمال المتحصل من الجريمة وأنه كان يعلم علم اليقين أن المال لابد متحصل من جريمة. 
عدم بيان الحكم أركان الجريمة واكتفاؤه بمجرد عجز الطاعن عن إثبات مصدر ثروته دليلاً على كسبه غير المشروع وعدم تدليله على اتصال باقي المتهمين بالأموال وأنهم كانوا على علم بمصدرها. قصور يوجب نقضه والإعادة.
---------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "تخلص وقائع الدعوى حسبما وقر في يقين المحكمة مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن التحريات السرية لعضو هيئة الرقابة الإدارية ... أسفرت عن قيام المتهم الأول ... مدير إدارة ... باستغلال أعمال وسلطات وظيفته سالفة البيان في تحقيق كسب غير مشروع لنفسه ولزوجته المتهمة الثانية ... ونجليه القاصران .....، ..... نتيجة تعاطيه مبالغ مالية ومنافع على سبيل الرشوة من بعض ... المتعاملين مع جهة عمله مقابل إنهاء مصالحهم داخل الهيئة بلغ مجموعها ... جنيهات و... دولار أمريكي و... ريال سعودي الأمر الذي أدى إلى تضخم عناصر ذمته المالية بما لا يتناسب مع موارده المالية وقد تحرر محضر رقم ... جنح ... لتعاطيه مبلغ ... جنيه على سبيل الرشوة وأن المتهم كان يقوم بإيداع أمواله بالبنوك بأسماء أقاربه وأصدقائه وعمل توكيلات للزوجة المتهمة الثانية التي قامت بدورها بإخفاء الأموال المتحصلة من هذه الجناية وقامت بفتح حسابات بأسماء المتهمين الثالثة ... والرابع ... والخامس ... والسادس ... ببنوك ... و... و... و... و... واستحصلت من كل منهم على توكيلات تبيح لها التعامل على هذه الحسابات سحباً وإيداعاً وقد كلفت هيئة الفحص والتحقيق الخبير الحسابي ....... في فحص أعمال المتهم منذ التحاقه بالعمل الوظيفي حتى ... وقد انتهى تقرير الخبير إلى وجود مصروفات غير معلومة المصدر ولا تمثل تطور طبيعي للثروة بلغ مقدارها ... جنيهات. "وعول الحكم في قضائه على أقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية والخبير الحسابي – واستند في إثبات توافر أركان جريمة الكسب غير المشروع في حق الطاعن الأول إلى مجرد عجزه عن إثبات مصدر ما لديه من أموال – واستند في التدليل على توافر جريمة الإخفاء إلى مجرد إيداع المبالغ المضبوطة بحسابات بأسمائهم دون أن يورد الدليل على علمهم بأن تلك الأموال متحصلة من جناية كسب غير مشروع. لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي أنبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مسوغات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم.
2 - من المقرر أن المقصود من الكسب غير المشروع كل ما تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصراً من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة، والكسب غير المشروع أخذاً من نص قانونه رقم 62 لسنة 1975 له صورتين الأولى المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون سالف الذكر وهي التي يثبت فيها على الموظف أو من في حكمه أياً كان نوع وظيفة استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال والثانية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر وهي التي لا يثبت فيها هذا الاستغلال الفعلي على الموظف ومن في حكمه ولكن يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها وفي هذه الحالة يتعين أن يكون نوع وظيفة الموظف مما تتيح له فرص الاستغلال على حساب الغير ويتعين على قاضي الموضوع لإعمال هذه القرينة أن يثبت في حكمه توافر هذين الأمرين وهي الزيادة غير المبررة في مال الموظف وكون نوع وظيفته بالذات تتيح له فرص ذلك الاستغلال حتى يصح اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة تمثل كسباً غير مشروعاً. كما أنه من المقرر أنه متى ثبت مصدر الزيادة في ثروة المتهم وأن هذا المصدر من شأنه إنتاج الزيادة في ماله فقد انتفت القرينة التي افترضها الشارع ولم يجز من بعد اعتباره عاجزاً عن إثبات مصدره وأنه متى كانت الزيادة في ثروة المتهم ترجع إلى مصدر لا شأن له بالوظيفة مشروعاً كان أو غير مشروع فلا يصح إسنادها بمقتضى القرينة العامة إلى الوظيفة وكان من المقرر أيضاً أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة المنصوص عليها في المادة 44 مكرراً من قانون العقوبات أن يبين فوق اتصال المتهم بالمال المتحصل من الجريمة أنه كان يعلم علم اليقين أن المال لا بد متحصل من جريمة أو أن تكون الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافر هذا العلم وأن يستخلصها استخلاصاً سائغاً كافياً لحمل قضائه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى قد شابه الغموض ولا تتوافر به أركان الجرائم المسندة إلى الطاعنين إذ دان الطاعن الأول بجريمة الكسب غير المشروع لم يبين أن الطاعن حصل على الكسب بسبب استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه أو أن نوع وظيفته مما يتيح له فرص الاستغلال من واقع أدلة يقينية بل بنى اعتقاده على تحريات قامت على أمور افتراضية مبناها اتهامه في قضية رشوة لم يكشف الحكم عن أنها قضي فيها بحكم بات حائز للحجية واعتبر أن مجرد عجز الطاعن الأول عن إثبات مصدر ثروته دليلاً على أنه اكتسبها من طريق غير مشروع – هذا إلى أنه لم يدلل على اتصال باقي الطاعنين بالأموال المدعى بكسبها بطريق غير مشروع وأنهم كانوا على علم بمصدر تلك الأموال فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق قصوره في التسبيب قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
---------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أولاً: المتهم الأول: بصفته من العاملين بالدولة "مدير ..." حصل لنفسه ولزوجته ... ونجليه القاصران ...، ... كسب غير مشروع قدره ... جنيهات، ... دولار أمريكي، ... ريال سعودي بسبب استغلاله لسلطات ونفوذ وظيفته بأن دأب على تقاضي مبالغ مالية من ... المتعاملين مع جهة عمله سالفة الذكر لإنهاء مصالحهم على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهمة الثانية: أخفت الأموال المتحصلة من جناية الكسب الغير مشروع موضوع التهمة الأولى بأن قامت بفتح حسابات بأسماء المتهمين الثالثة والرابع والخامس والسادس ببنوك ...، ... ،...، ...، ... واستحصلت من كل منهم على توكيلات تبيح لها التعامل على هذه الحسابات سحباً وإيداعاً وأودعت بها المبالغ سالفة الذكر مع علمها بذلك. ثالثاً: المتهمون من الثالثة حتى السادس: أخفوا الأموال المتحصلة من جناية الكسب غير المشروع موضوع التهمة الأولى بأن مكنوا المتهمة الثانية من فتح حسابات بالبنوك بأسمائهم وتوكيلها في التعامل على هذه الحسابات سحباً وإيداعاً على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات ... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وعملاً بالمواد 1/1، 2/ فقرة أولى، 1/10، 14/أ، 18/ 4،3،1، 19 من القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع والمادة 15/3 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1112 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون سالف الذكر، والمادة 44 مكرر من قانون العقوبات، مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته. أولاً:- بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ ... جنيهات و... دولار أمريكي و... ريال سعودي. ثانياً:- بمعاقبة كل من المتهمين الباقين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وألزمت المحكوم عليها الأولى برد مبلغ ... جنيهاً ورد الشقة السكنية باسمها بالمنطقة ... وبإلزام القاصرين للمحكوم عليه الأول وهما ... برد مبلغ ... جنيه و... برد مبلغ ... جنيه وإلزام المحكوم عليها ... برد مبلغ ... جنيه وإلزام المحكوم عليه ....... برد مبلغ ... جنيه كما ألزمت المحكوم عليه ... برد مبلغ ... جنيه وألزمت المحكوم عليه ... برد مبلغ ... جنيه وأيضاً إلزامه مع المحكوم عليه ... متضامنين برد مبلغ ... جنيه. ثالثاً: أمرت المحكمة بإيقاف عقوبة الحبس المقضي بها على المحكوم عليهم بالبند ثانياً
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
---------------
المحكمة
وحيث إن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الأول بجريمة الكسب غير المشروع ودان الباقين بجريمة إخفاء أموال متحصلة من جناية كسب غير مشروع قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أنه لم يدلل على توافر أركان الجرائم التي دانهم بها تدليلاً كافياً وعول في قضائه على تحريات أعضاء هيئة الرقابة الإدارية وهي لا تصلح سنداً للإدانة لقيامها على أمور افتراضية مبناها اتهام الطاعن الأول في قضية رشوة لم يفصل فيها بعد، هذا فضلاً عن أن الحكم لم يدلل على توافر علم باقي الطاعنين بأن الأموال محل الجريمة متحصلة من جناية كسب غير مشروع، ذلك مما يعيبه بما يوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "تخلص وقائع الدعوى حسبما وقر في يقين المحكمة مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن التحريات السرية لعضو هيئة الرقابة الإدارية ... أسفرت عن قيام المتهم الأول ... مدير إدارة ... باستغلال أعمال وسلطات وظيفته سالفة البيان في تحقيق كسب غير مشروع لنفسه ولزوجته المتهمة الثانية ........ ونجليه القاصران .....، ..... نتيجة تعاطيه مبالغ مالية ومنافع على سبيل الرشوة من بعض ... المتعاملين مع جهة عمله مقابل إنهاء مصالحهم داخل الهيئة بلغ مجموعها ... جنيهات و... دولار أمريكي و... ريال سعودي الأمر الذي أدى إلى تضخم عناصر ذمته المالية بما لا يتناسب مع موارده المالية وقد تحرر محضر رقم ... جنح ... لتعاطيه مبلغ ... جنيه على سبيل الرشوة وأن المتهم كان يقوم بإيداع أمواله بالبنوك بأسماء أقاربه وأصدقائه وعمل توكيلات للزوجة المتهمة الثانية التي قامت بدورها بإخفاء الأموال المتحصلة من هذه الجناية وقامت بفتح حسابات بأسماء المتهمين الثالثة ... والرابع ... والخامس ... والسادس ... ببنوك ... و... و... و... و... واستحصلت من كل منهم على توكيلات تبيح لها التعامل على هذه الحسابات سحباً وإيداعاً وقد كلفت هيئة الفحص والتحقيق الخبير الحسابي ....... في فحص أعمال المتهم منذ التحاقه بالعمل الوظيفي حتى ... وقد انتهى تقرير الخبير إلى وجود مصروفات غير معلومة المصدر ولا تمثل تطور طبيعي للثروة بلغ مقدارها ... جنيهات. "وعول الحكم في قضائه على أقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية والخبير الحسابي – واستند في إثبات توافر أركان جريمة الكسب غير المشروع في حق الطاعن الأول إلى مجرد عجزه عن إثبات مصدر ما لديه من أموال – واستند في التدليل على توافر جريمة الإخفاء إلى مجرد إيداع المبالغ المضبوطة بحسابات بأسمائهم دون أن يورد الدليل على علمهم بأن تلك الأموال متحصلة من جناية كسب غير مشروع. لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي أنبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مسوغات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم – وكان المقصود من الكسب غير المشروع كل ما تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصراً من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة، والكسب غير المشروع أخذاً من نص قانونه رقم 62 لسنة 1975 له صورتين الأولى المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون سالف الذكر وهي التي يثبت فيها على الموظف أو من في حكمه أياً كان نوع وظيفة استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال والثانية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر وهي التي لا يثبت فيها هذا الاستغلال الفعلي على الموظف ومن في حكمه ولكن يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها وفي هذه الحالة يتعين أن يكون نوع وظيفة الموظف مما تتيح له فرص الاستغلال على حساب الغير ويتعين على قاضي الموضوع لإعمال هذه القرينة أن يثبت في حكمه توافر هذين الأمرين وهي الزيادة غير المبررة في مال الموظف وكون نوع وظيفته بالذات تتيح له فرص ذلك الاستغلال حتى يصح اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة تمثل كسباً غير مشروعاً. كما أنه من المقرر أنه متى ثبت مصدر الزيادة في ثروة المتهم وأن هذا المصدر من شأنه إنتاج الزيادة في ماله فقد انتفت القرينة التي افترضها الشارع ولم يجز من بعد اعتباره عاجزاً عن إثبات مصدره وأنه متى كانت الزيادة في ثروة المتهم ترجع إلى مصدر لا شأن له بالوظيفة مشروعاً كان أو غير مشروع فلا يصح إسنادها بمقتضى القرينة العامة إلى الوظيفة وكان من المقرر أيضاً أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة المنصوص عليها في المادة 44 مكرراً من قانون العقوبات أن يبين فوق اتصال المتهم بالمال المتحصل من الجريمة أنه كان يعلم علم اليقين أن المال لابد متحصل من جريمة أو أن تكون الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافر هذا العلم وأن يستخلصها استخلاصاً سائغاً كافياً لحمل قضائه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى قد شابه الغموض ولا تتوافر به أركان الجرائم المسندة إلى الطاعنين إذ دان الطاعن الأول بجريمة الكسب غير المشروع لم يبين أن الطاعن حصل على الكسب بسبب استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه أو أن نوع وظيفته مما يتيح له فرص الاستغلال من واقع أدلة يقينية بل بنى اعتقاده على تحريات قامت على أمور افتراضية مبناها اتهامه في قضية رشوة لم يكشف الحكم عن أنها قضي فيها بحكم بات حائز للحجية واعتبر أن مجرد عجز الطاعن الأول عن إثبات مصدر ثروته دليلاً على أنه اكتسبها من طريق غير مشروع – هذا إلى أنه لم يدلل على اتصال باقي الطاعنين بالأموال المدعى بكسبها بطريق غير مشروع وأنهم كانوا على علم بمصدر تلك الأموال فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق قصوره في التسبيب قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 38814 لسنة 74 ق جلسة 18 / 3 / 2009 مكتب فني 60 ق 21 ص 158

جلسة 18 من مارس سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الرؤوف عبد الظاهر، فؤاد حسن، محمد جمال الشربيني ونادي عبد المعتمد نواب رئيس المحكمة.
-----------
(21)
الطعن 38814 لسنة 74 ق
(1) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". تدابير احترازية. مواد مخدرة. عقوبة "تطبيقها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الفقرة الثانية من المادة 37 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989. مفادها؟ 
إعمال المحكمة للرخصة المخولة لها بإيداع المحكوم عليه إحدى المصحات. رهن بثبوت إدمانه وبأن ترى المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها ملائمة هذا التدبير الاحترازي. 
تصدي المحكمة لبحث مدى توافر إعمال حقها الجوازي في إيداع من يثبت إدمانه إحدى المصحات. يكون بعد إسباغها الوصف الصحيح على الواقعة. مناطه: مقارفة الجاني جريمة التعاطي أو الاستعمال الشخصي. 
انتهاء المحكمة إلى أن إحراز الطاعن للمخدر كان بغير قصد من القصود. أثره: انتفاء مبرر تدبير الإيداع بالمصحة. علة ذلك؟ 
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها. 
متابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها. غير لازم. علة ذلك؟ 
الجدل الموضوعي في حق المحكمة في استخلاص صورة الواقعة. غير جائز أمام محكمة النقض. 
مثال.
(2) استدلالات. دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي. 
عدم إيراد واقعة سفر الطاعن لخارج البلاد وعودته خلال فترة التحريات وقبل صدور الإذن. لا يقدح بذاته في جدية التحري. 
مثال.
---------------
1 - متى كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وعرض لدفاع الطاعن بإدمانه تعاطي المخدر المضبوط وطلب إيداعه إحدى المصحات عملاً بنص المادة 37 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 وأطرحه في قوله "وحيث إنه عن طلب الدفاع إيداع المتهم إحدى مصحات علاج الإدمان الصادر بشأنها قرار السيد الأستاذ المستشار وزير العدل، فلما كان هذا الطلب جوازي للمحكمة - وليس حقاً للمتهم - وإنما يخضع لتقدير محكمة الموضوع وفقاً لظروف وحالة المتهم المرضية، ولما كان الثابت من الشهادة الطبية "غير المؤرخة" والمقدمة من الدفاع أن المتهم أدخل مستشفى ... للصحة النفسية يوم ... وخرج منها في ... بعد تحسن حالته، وأنه ما يزال يتردد على العيادة الخارجية، ولما كان ذلك لا يعدو دليلاً كافياً تطمئن إليه المحكمة عن مرض المتهم وإدمانه لجوهر الهيروين المخدر حتى تأمر بإيداعه إحدى مصحات علاج الإدمان والتعاطي وترى أنه قصد بهذا الطلب إفلات المتهم من العقوبة المغلظة لإحراز جوهر الهيروين في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ولينعم بإيداعه بالمصحة مدة وجيزة والتي لا يجوز أن تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات أو مدة العقوبة المقضي بها أيهما أقل، ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن طلب الدفاع وترفضه"، لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 37 من القانون رقم 182 لسنة 1990 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 قد نصت على أنه "يجوز للمحكمة عند الحكم بالعقوبة في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الأولى بدلاً من تنفيذ هذه العقوبة أن تأمر بإيداع من يثبت إدمانه إحدى المصحات التي تنشأ لهذا الغرض بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزراء الصحة والداخلية والشئون الاجتماعية وذلك ليعالج فيها طبياً ونفسياً واجتماعياً ولا تجوز أن تقل مدة بقاء المحكوم عليه بالمصحة عن ستة أشهر"، لما كان ذلك، وكان مفاد ومؤدى هذا النص أن إعمال المحكمة للرخصة المخولة لها بإيداع المحكوم عليه إحدى المصحات رهن بثبوت إدمانه وبأن ترى المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها ملائمة هذا التدبير الاحترازي، وكان الأصل أن تصدي المحكمة لبحث مدى توافر إعمال حقها الجوازي في الحكم بهذا التدبير الاحترازي أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى، وكان مناط إعماله هو مقارفة الجاني جريمة التعاطي أو الاستعمال الشخصي، ولما كانت المحكمة قد خلصت - وعلى السياق المتقدم - وفي حدود سلطتها التقديرية في تقدير أدلة الدعوى إلى أن إحراز الطاعن للمخدر كان بغير قصد من القصود المسماة في القانون - وليس التعاطي أو الاستعمال الشخصي - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم عدم ثبوت إدمان الطاعن فإن دعوى الإدمان وتحقق مبرر الإيداع بالمصحة ولا محل لها، ولا يعدو ما يثيره في هذا الخصوص حقيقته جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة من مصادرها المتاحة في الأوراق وفقاً لما تراه وهي أمور لا تجوز مجادلتها أو مصادرتها فيها لدى محكمة النقض، هذا فضلاً على أنه من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة في الدعوى وأنها ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها اطرحته اطمئناناً للأدلة التي عولت عليها في الإدانة.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن ببطلان الإذن بالتفتيش لعدم جدية التحريات واطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية، فلما كان المقرر قانوناً أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة (جناية أو جنحة) قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض سلطة التحقيق لحريته أو حرمة مسكنه في سبيل مبلغ اتصاله بتلك الجريمة، ولما كانت المحكمة تطمئن إلى التحريات التي أجريت وترتاح إليها لأنها تحريات صريحة وواضحة وتصدق من أجراها وتقتنع بأنها أجريت فعلاً بمعرفة الرائد شرطة ... والشاهدين الثاني والثالث وأنها تضمنت اسم المتهم ثلاثياً صحيحاً واسم شهرته ومحل إقامته تحديداً ونوع الجوهر الهيروين الذي يحرزه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، ولا ينال من ذلك مجرد سفره إلى خارج البلاد وعودته خلال فترة التحريات وقبل صدور إذن النيابة العامة بضبطه وتفتيشه، ومن ثم تكون قالة الدفاع ببطلان الإذن لعدم جدية التحريات لا يساندها واقع أو قانون مما يتعين الالتفات عنها ورفضها". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لإصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها، وكان عدم إيراد واقعة سفر الطاعن إلى خارج البلاد وعودته خلال فترة التحريات وقبل صدور الإذن في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحر، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
---------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (هيروين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 36/ 2، 38/ 1, 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989، والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997، مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات، باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود المسماة قانوناً، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه وبمصادرة الجوهر المضبوط
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
--------------
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في القانون، ذلك أن دفاعه قام على إدمانه تعاطي المخدر وطلب لذلك إيداعه إحدى المصحات عملاً بنص المادة 37 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل، لثبوت إدمانه من اعترافه ومن الشهادة الطبية التي قدمها والثابت بها دخوله إحدى المستشفيات خلال المدة المبينة بها ثم تردده عليها لعلاجه بعد خروجه إلا أن الحكم اطرح هذا الدفاع والشهادة الطبية التي تظاهره بتسبيب قاصر غير سائغ دون أن تجبه إلى طلبه ودون أن تعني بتحقيقه استجلاء للحقيقة، كما أطرحت المحكمة دفاعه ببطلان الإذن بالتفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها للشواهد التي عددها بما لا يصلح اطراحه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، عرض لدفاع الطاعن بإدمانه تعاطي المخدر المضبوط وطلب إيداعه إحدى المصحات عملاً بنص المادة 37 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 واطرحه في قوله "وحيث إنه عن طلب الدفاع إيداع المتهم إحدى مصحات علاج الإدمان الصادر بشأنها قرار السيد الأستاذ المستشار وزير العدل، فلما كان هذا الطلب جوازي للمحكمة - وليس حقاً للمتهم - وإنما يخضع لتقدير محكمة الموضوع وفقاً لظروف وحالة المتهم المرضية، ولما كان الثابت من الشهادة الطبية "غير المؤرخة" والمقدمة من الدفاع أن المتهم أدخل مستشفى ... للصحة النفسية يوم ... وخرج منها في ... بعد تحسن حالته، وأنه ما يزال يتردد على العيادة الخارجية، ولما كان ذلك لا يعدو دليلاً كافياً تطمئن إليه المحكمة عن مرض المتهم وإدمانه لجوهر الهيروين المخدر حتى تأمر بإيداعه إحدى مصحات علاج الإدمان والتعاطي وترى أنه قصد بهذا الطلب إفلات المتهم من العقوبة المغلظة لإحراز جوهر الهيروين في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ولينعم بإيداعه بالمصحة مدة وجيزة والتي لا يجوز أن تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات أو مدة العقوبة المقضي بها أيهما أقل، ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن طلب الدفاع وترفضه". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 37 من القانون رقم 182 لسنة 1990 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 قد نصت على أنه "يجوز للمحكمة عند الحكم بالعقوبة في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الأولى بدلاً من تنفيذ هذه العقوبة أن تأمر بإيداع من يثبت إدمانه إحدى المصحات التي تنشأ لهذا الغرض بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزراء الصحة والداخلية والشئون الاجتماعية وذلك ليعالج فيها طبياً ونفسياً واجتماعياً ولا تجوز أن تقل مدة بقاء المحكوم عليه بالمصحة عن ستة أشهر". لما كان ذلك، وكان مفاد ومؤدى هذا النص أن إعمال المحكمة للرخصة المخولة لها بإيداع المحكوم عليه إحدى المصحات رهن بثبوت إدمانه وبأن ترى المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها ملائمة هذا التدبير الاحترازي، وكان الأصل أن تصدي المحكمة لبحث مدى توافر إعمال حقها الجوازي في الحكم بهذا التدبير الاحترازي أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى، وكان مناط إعماله هو مقارفة الجاني جريمة التعاطي أو الاستعمال الشخصي، ولما كانت المحكمة قد خلصت - وعلى السياق المتقدم - وفي حدود سلطتها التقديرية في تقدير أدلة الدعوى إلى أن إحراز الطاعن للمخدر كان بغير قصد من القصود المسماة في القانون - وليس التعاطي أو الاستعمال الشخصي - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم عدم ثبوت إدمان الطاعن فإن دعوى الإدمان وتحقق مبرر الإيداع بالمصحة ولا محل لها، ولا يعدو ما يثيره في هذا الخصوص حقيقته جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة من مصادرها المتاحة في الأوراق وفقاً لما تراه وهي أمور لا تجوز مجادلتها أو مصادرتها فيها لدى محكمة النقض، هذا فضلاً على أنه من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة في الدعوى وأنها ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً للأدلة التي عولت عليها في الإدانة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن ببطلان الإذن بالتفتيش لعدم جدية التحريات واطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية، فلما كان المقرر قانوناً أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة (جناية أو جنحة) قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض سلطة التحقيق لحريته أو حرمة مسكنه في سبيل مبلغ اتصاله بتلك الجريمة، ولما كانت المحكمة تطمئن إلى التحريات التي أجريت وترتاح إليها لأنها تحريات صريحة وواضحة وتصدق من أجراها وتقتنع بأنها أجريت فعلاً بمعرفة الرائد شرطة ... والشاهدين الثاني والثالث وأنها تضمنت اسم المتهم ثلاثياً صحيحاً واسم شهرته ومحل إقامته تحديداً ونوع الجوهر الهيروين الذي يحرزه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، ولا ينال من ذلك مجرد سفره إلى خارج البلاد وعودته خلال فترة التحريات وقبل صدور إذن النيابة العامة بضبطه وتفتيشه، ومن ثم تكون قالة الدفاع ببطلان الإذن لعدم جدية التحريات لا يساندها واقع أو قانون مما يتعين الالتفات عنها ورفضها"، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لإصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها، وكان عدم إيراد واقعة سفر الطاعن إلى خارج البلاد وعودته خلال فترة التحريات وقبل صدور الإذن في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحر، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً القضاء برفضه موضوعاً.

الطعن 17367 لسنة 77 ق جلسة 17 / 3 / 2009 مكتب فني 60 ق 20 ص 147

جلسة 17 من مارس سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عمر بريك، عبد التواب أبو طالب نائبي رئيس المحكمة، ومحمود عبد السلام وسامح عبد الله.
-----------
(20)
الطعن 17367 لسنة 77 ق
- 1  إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات حكم الإدانة" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلص منها الإدانة. عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. مثال.
- 2 تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي. المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. غير مقبولة. مثال.
- 3 إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "حجيته".
قوة الأمر المقضي. للقاضي مطلق الحرية في المحاكمة. عدم تقيده بشيء مما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على ذات المتهم. شرط اعتبار أحكام البراءة عنواناً للحقيقة سواء للمتهمين فيها أو غيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة. إذا كانت مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً.
- 4 دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة لوقوع الضبط بناءً على الإذن رداً عليه. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض. مثال.
- 5 إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". الأدلة في المواد الجنائية إقناعية.
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
- 6 إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها. غير مقبول.
- 7 تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في الإجراءات الصحة. مجادلة الطاعن في اختصاص مصدر الإذن بإصداره. يقتضي تحقيقاً موضوعياً عليه التمسك به أمام محكمة الموضوع. إثارته ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
- 8 مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة مخدر. مناط تحققه؟ مثال لتسبيب سائغ على توافر القصد الجنائي في جريمة إحراز مواد مخدرة.
- 9 إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً. وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي. مفاد أخذ المحكمة بشهادة شاهد؟ الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
- 10 دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
- 11 حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن". مواد مخدرة.
قصد جنائي. نعي الطاعن على الحكم عدم ضبط نقود معه للوقوف على قصده من حيازة المخدر. غير مجد. ما دام قد دانه بجريمة حيازة المخدر مجرد من القصود.
------------------
1 - متى كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه بتاريخ ... أبلغ ... بسرقة متعلقات من سكنه وقد أسفرت التحريات السرية الجادة للنقيب ... باقتراف المتهم ... وآخرين للواقعة فحرر محضراً بتحرياته مؤرخ ...، وبتاريخ ... أمرت النيابة بضبط المتهم وتفتيش شخصه وسكن المتهم لضبط المسروقات وما يظهر عرضاً أثناء التفتيش ونفاذاً لهذا الأمر انتقل المأذون له بتاريخ ... إلى مسكن المتهم وبإجراء التفتيش عثر أسفل سلم المسكن على شنطة بلاستيك سوداء اللون بداخلها أربع لفافات ورقية تحوي نبات الحشيش المخدر وأثبت تقرير المعمل الكيماوي أنها تحتوي على المادة الفعالة له." وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من تقرير المعامل الكيماوية بالطب الشرعي ومما شهد به بالتحقيقات النقيب ... الذي حصل أقواله بما يتطابق وما أثبته الحكم في بيان واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون قد أوجب على كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها، ولم يرسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات بقوله "وحيث إنه عن الدفاع بعدم جدية التحريات فإنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى التحريات التي أُجريت وترتاح إليها لأنها تحريات صريحة وواضحة وتحوي بيانات كافية لإصدار الإذن وتصدق من أجراها وتقتنع بأنها أجريت فعلاً بمعرفة النقيب ... ومن ثم يكون الدفع على غير أساس سليم". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه، فإن مجادلة الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة.
3 - من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على ذات المتهم ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر، ولما كان من المقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرها ممن يتهمون في ذات الواقعة، إلا إذا كانت مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً، وهو ما لا يتوافر في الدعوى المطروحة، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
4 - متى كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما واطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل إذن التفتيش فمردود باطمئنان المحكمة من أن القبض والتفتيش تما نفاذاً لإذن التفتيش الصادر صحيحاً بتاريخ ... وأن قالة الدفاع مجرد قول مرسل منسوب إلى المتهم لم يقم في الأوراق الدليل اليقيني على صحته." لما كان ذلك، وكان الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
6 - متى كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة ضم الجناية الأصلية أو دفتر الأحوال تحقيقاً لدفاعه، فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له.
7 - من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة وأن المحقق يباشر أعمال وظيفته في حدود اختصاصه، ولما كان ما أورده الطاعن في أسباب طعنه من مجادلة في خصوص اختصاص مصدر الإذن بإصداره يقتضي تحقيقاً موضوعياً لم يتمسك به الطاعن المذكور أمام محكمة الموضوع فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
8 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم الطاعن بأن ما يحوزه مخدر، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر وعلمه بكنهه، فإن ما ينعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون في غير محله.
9 - من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم صحة واقعة ضبطه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
10 - من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
11 - من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن مما ينعاه على الحكم في شأن عدم بيان ما إذا كان قد ضبط معه نقود من عدمه للوقوف على القصد من حيازة المخدر ما دام البين من مدوناته أنه دانه بجريمة حيازة النبات المخدر المضبوط مجرداً من القصود المسماة، ومن ثم فإن نعيه بخصوص ذلك يكون في غير محله.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (نبات الحشيش الجاف) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وعملا بالمواد 29، 38/1، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل، والبند 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول، وذلك باعتبار الإحراز مجرد من القصود المسماة قانوناً بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه والمصادرة
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في ..... إلخ.

-------------
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه، القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً ولم يورد مضمون أقوال شاهد الإثبات التي عول عليها في قضائه بإدانة الطاعن في بيان واف، هذا إلى أنه دفع ببطلان الإذن بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات واستدل على ذلك بالحكم الصادر من محكمة جنايات ... ببراءة الطاعن وآخرين في الجناية الأصلية رقم ... والمقيدة برقم ... كلي، كما دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما ودلل على ذلك بالمستندات - برقيات تلغرافية - سيما وقد خلا الحكم من بيان تاريخ ووقت صدور الإذن ووقت ومكان تنفيذه، بيد أن المحكمة ردت على هذين الدفعين برد غير سائغ، ولم تعن بضم الجناية الأصلية ودفتر الأحوال تحقيقاً لهذا الدفاع، ولم يبين الحكم وظيفة مصدر الإذن للوقوف على مدى اختصاصه بإصداره، ولم يدلل على ثبوت علم الطاعن بكنه المادة المخدرة المضبوطة، كما التفت عن تحقيق دفاع الطاعن بعدم صحة تصوير شاهد الإثبات لواقعة ضبطه وتلفيق الاتهام له ولم يرد عليه رداً كافياً، وأخيراً فلم يبين الحكم ما إذا كان قد ضبطت مع الطاعن نقود من عدمه للوقوف على قصده من حيازة المخدر المضبوط، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه بتاريخ ... أبلغ ... بسرقة متعلقات من سكنه وقد أسفرت التحريات السرية الجادة للنقيب ... باقتراف المتهم ... وآخرين للواقعة فحرر محضراً بتحرياته مؤرخ ...، وبتاريخ ... أمرت النيابة بضبط المتهم وتفتيش شخصه وسكن المتهم لضبط المسروقات وما يظهر عرضاً أثناء التفتيش ونفاذاً لهذا الأمر انتقل المأذون له بتاريخ ... إلى مسكن المتهم وبإجراء التفتيش عثر أسفل سلم المسكن على شنطة بلاستيك سوداء اللون بداخلها أربع لفافات ورقية تحوي نبات الحشيش المخدر وأثبت تقرير المعمل الكيماوي أنها تحتوي على المادة الفعالة له." وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من تقرير المعامل الكيماوية بالطب الشرعي ومما شهد به بالتحقيقات النقيب ... الذي حصل أقواله بما يتطابق وما أثبته الحكم في بيان واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون قد أوجب على كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها، ولم يرسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات بقوله "وحيث إنه عن الدفاع بعدم جدية التحريات فإنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى التحريات التي أجريت وترتاح إليها لأنها تحريات صريحة وواضحة وتحوي بيانات كافية لإصدار الإذن وتصدق من أجراها وتقتنع بأنها أجريت فعلاً بمعرفة النقيب ... ومن ثم يكون الدفع على غير أساس سليم". 
ما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه، فإن مجادلة الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على ذات المتهم ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر، ولما كان من المقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرها ممن يتهمون في ذات الواقعة، إلا إذا كانت مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً، وهو ما لا يتوافر في الدعوى المطروحة، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما واطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل إذن التفتيش فمردود باطمئنان المحكمة من أن القبض والتفتيش تما نفاذاً لإذن التفتيش الصادر صحيحاً بتاريخ ..... وأن قالة الدفاع مجرد قول مرسل منسوب إلى المتهم لم يقم في الأوراق الدليل اليقيني على صحته. "لما كان ذلك، وكان الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة ضم الجناية الأصلية أو دفتر الأحوال تحقيقاً لدفاعه، فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجه لإجرائه أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان الأصل في الإجراءات الصحة وأن المحقق يباشر أعمال وظيفته في حدود اختصاصه، ولما كان ما أورده الطاعن في أسباب طعنه من مجادلة في خصوص اختصاص مصدر الإذن بإصداره يقتضي تحقيقاً موضوعياً لم يتمسك به الطاعن المذكور أمام محكمة الموضوع فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم الطاعن بأن ما يحوزه مخدر، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر وعلمه بكنهه، فإن ما ينعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم صحة واقعة ضبطه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعن مما ينعاه على الحكم في شأن عدم بيان ما إذا كان قد ضبط معه نقود من عدمه للوقوف على القصد من حيازة المخدر ما دام البين من مدوناته أنه دانه بجريمة حيازة النبات المخدر المضبوط مجرداً من القصود المسماة، ومن ثم فإن نعيه بخصوص ذلك يكون في غير محله
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.