حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل أقاموا على الطاعن وباقي المطعون ضدهم وآخرين غير مختصمين في الطعن الدعوى رقم 6003 لسنة 1988 مدني كلي الإسكندرية بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم للعقار المبين بالصحيفة وعقد البيع المشهر برقم 747 بتاريخ 7/3/1983 شهر عقاري الإسكندرية، وقالوا بيانا لها أنه بموجب هذا العقد باعت لهم مورثة المطعون ضدهم رابعا المرحومة..... كامل أرض وبناء ذلك العقار والبالغ مساحته 97.99 مترا مربعا لقاء ثمن مقبوض مقداره 35000 جنيه، ونص في العقد أن ملكية الأرض آلت إليها بالشراء من الأستاذ /..... المحامي بالعقد المسجل رقم 1134 لسنة 1980 شهر عقاري الإسكندرية، وقد قاموا بوضع يدهم على العقار وتحصيل أجرة وحداته من مستأجريها إلا أنهم فوجئوا بأن البائعة لهم باعت ذات العقار مرة ثانية إلى الطاعن بعقد البيع المؤرخ 20/8/1981، وأقامت الدعوى رقم 3769 لسنة 1982 مدني كلي الإسكندرية بطلب الحكم بفسخ العقد الصادر منها للطاعن فأقام الأخير عليها الدعوى رقم 7454 لسنة 1982 مدني كلي الإسكندرية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقده، وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين قضت برفض دعواها بالفسخ وبصحة ونفاذ عقد الطاعن، إذ صدر هذا الحكم دون أن يكونوا خصوما فيه فقد أقاموا الدعوي رقم 1286 لسنة 1986 مدني كلي الإسكندرية على الطاعن بعدم نفاذه قبلهم وقضى لهم بذلك، ولما كان الحكم الأخير لا يحسم النزاع حول ملكية عقار التداعي والثابتة لهم بالعقد المشهر رقم 747 لسنة 1983 شهر عقاري الإسكندرية فقد أقاموا الدعوى. وبتاريخ 30/11/1989 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل هذا الحكم بالاستئناف رقم 41 لسنة 46ق الإسكندرية، وبتاريخ 4/4/1991 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبثبوت ملكية المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل للعقار موضوع النزاع. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيانه يقول إنه دفع في مذكرته المقدمة بجلسة 23/11/1989 بانعدام الخصومة في الدعوى الابتدائية بالنسبة للمدعى عليه الثاني عشر المرحوم..... لوفاته قبل رفعها بما يترتب عليه بطلان الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر فيها، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفع وقضى في موضوع الاستئناف رغم انعدام الخصومة فيه لعدم اختصام جميع الخصوم في الدعوى المبتدأه عملا بالمادتين 232، 218 مرافعات فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة -أن رافع الدعوى له مطلق الحرية في تحديد نطاقها من حيث الخصوم إلا إذا أوجب عليه القانون اختصام أشخاص معينين فيها، وكان الثابت من صحيفة الدعوى الابتدائية أن المرحوم.... المدعى عليه الثاني عشر فيها والذي لم يعلن بها لوفاته لم يكن خصما حقيقيا فيها وإنما اختصم فيها فقط ليصدر الحكم في مواجهته باعتباره أحد مستأجري العقار المطلوب تثبيت ملكية المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل له والتي لا يتطلب القانون بشأنها اختصام أشخاص معينين فيها ثم قام هؤلاء بالتنازل عن مخاصمته وأثبت محكمة أول درجة هذا التنازل في مدونات حكمها، فإن انعدام الخصومة بالنسبة له لا يؤثر على انعقادها صحيحة بالنسبة للباقين، ولا على الحكم إن أغفل الرد على هذا الدفع غير المؤثر في خصومة الدعوى ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأوجه من الثاني وحتى الخامس من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع أن عقد البيع المؤرخ 20/8/1981 الصادر له من مورثة المطعون ضدهم رابعا انصب على عقار مبني استهدف به شراء ثلاث وحدات سكنية خالية فيه لسكناه وسكني أسرته مما يقطع بأن المكان ذاته دون الأرض كان محل اعتبار عند التعاقد ويستتبع اعتبار العقد اللاحق لعقده باطلا بطلانا مطلقا ولو كان مسجلا وفقا لما نصت عليه قوانين الإيجار المتعاقبة بدءا من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1973 وانتهاء بالقانون رقم 136 لسنة 1981 والتي تقضي بتجريم بيع المكان لمشتر ثان بعد سبق بيعه لآخر، إلا أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن العقد الصادر له وقد انصب على عقار مبني والأرض المقام عليها من شأنه أن يخرجه عن نطاق الحظر الوارد بالمادة 23 من القانون 136 لسنة 1981 فتسرى في خصوصه القواعد العامة في القانون المدني وأحكام قانون التسجيل رقم 114 لسنة 1946 وأقام قضاءه بتثبيت ملكية المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل للعقار محل النزاع على سند من أن عقدهم هو الأسبق في التسجيل دون أن يواجه ذلك الدفاع بما يقتضيه أو يعرض لما تضمنه عقده من التزام البائعة بتسليمه الوحدات الثلاث خالية وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إلغاء النص التشريعي لا يتم حسبما تقضي به المادة الثانية من القانون المدني إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، أن الأصل أن النصوص التشريعية تسري على جميع المسائل التي تتناولها في لفظها وفحواها. وكان النص في المادة الأولي من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1973 على أن "يعاقب بالعقوبة المقررة في المادة 336 من قانون العقوبات كل من أجر مكانا مبنيا أو جزءا منه لأكثر من مستأجر عن نفس المدة وكذلك كل من باع هذا المكان لأكثر من شخص واحد....." وفي المادة 82 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر..... كل من أجر مكانا أو جزءا منه أو باعه، ولو بعقد غير مشهر، أو مكن آخر منه وكان ذلك التأجير أو البيع أو التمكين على خلاف مقتضي عقد سابق....." مفاده أن نطاق الحظر من التصرف بالبيع المؤدي إلى بطلان التصرف اللاحق في مفهوم هذين التشريعين هو المكان المبني أو جزء منه، وإذ صدر القانون رقم 136 لسنة 1981 المعمول به اعتبارا من 31/7/1981 معدلا بعض أحكام التشريع السابق ناصا في المادة 23 منه على أن "يعاقب بعقوبة جريمة النصب المنصوص عليها في قانون العقوبات المالك الذي يتقاضى بأيه صورة من الصور، بذاته أو بالوساطة أكثر من مقدم عن ذات الوحدة أو يؤجرها لأكثر من مستأجر، أو يبيعها لغير من تعاقد معه على شرائها، ويبطل كل تصرف بالبيع لاحق لهذا التاريخ ولو كان مسجلا..." فإن ذلك مؤداه أن المشرع قد أعاد من جديد تنظيم قواعد الحظر من التصرف اللاحق للبيع المؤدي إلى البطلان الوارد في المادة الأولي من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1973 والمادة 82 من القانون 49 لسنة 1977 على نحو يقيد من نطاقهما ويقصره على التصرف في الوحدة السكنية فقط بعد أن كان شاملا المكان المبني أو جزء منه وفقا لحكم هاتين المادتين وبذلك يكون المادة 23/1 من القانون 136 لسنة 1981 قد ألغت ضمنا حكمها في هذا الشأن ويضحى ذلك الحظر بالتالي قاصرا منذ سريان أحكام القانون الأخير على التصرف اللاحق في الوحدة السكنية فقط، لما ذلك وكان الثابت بالأوراق أن مورثة المطعون ضدهم رابعا باعت عقار النزاع إلى الطاعن بتاريخ 20/8/1981 في ظل العمل بأحكام القانون 136 لسنة 1981 ثم قامت ببيعه مرة أخرى إلى المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل بعقد البيع المشهر برقم747 بتاريخ 7/3/1983 توثيق الإسكندرية، وكان كلا العقدين قد انصبا على عقار مبني مكون من أكثر من وحدة والأرض المقام عليها بما يخرجها في ضوء ما سلف من نطاق تطبيق المادة 23/1 من القانون 136 لسنة 1981 ويخضعها من ثم للقواعد العامة في القانون المدني وأحكام قانون التسجيل رقم 114 لسنة 1946 والتي تقضي بإجراء المفاضلة بينهما على أساس الأسبقية في التسجيل، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ورتب على ذلك قضاءه بتثبيت ملكية المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل لعقار النزاع على أساس أن عقدهم هو الأسبق في التسجيل فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذه الأوجه من السبب الأول وبالسبب الثاني على غير أساس.
وحيث إن الطاعن يعني بالوجه السادس من السبب الأول على الحكم المطعون فيه البطلان والخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه يقول إن الاستئناف المقام من المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه مرتبط بالاستئناف رقم 802 لسنة 44ق الإسكندرية المقام منه عن الحكم الصدر في الدعوى رقم 1286 لسنة 1986 م.ك الإسكندرية والقاضي بعدم نفاذ الحكم الصادر لصالحه بصحة ونفاذ عقده في حق المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل، وتداولا معا بالجلسات إلا أن محكمة الاستئناف حجزت الاستئناف الأول للحكم وفصلت فيه دون استئنافه منتهية في أسباب حكمها إلى القول بعدم نفاذ الحكم الصادر لصالحه بصحة ونفاذ عقده في حق المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل، وبذلك تكون قد فصلت في الاستئناف الآخر مع أنه مازال مطروحا عليها، بما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير مقبول ذلك أنه لما كان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تقدير مدى جدية أو جدوى طلب الخصم ضم قضية إلى أخرى هو من الأمور التي تستقل بها محكمة الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى، وكانت محكمة الاستئناف لم تر محلا لضم الاستئناف رقم 802 لسنة 44ق الإسكندرية المقام من الطاعن عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1286 لسنة 1986 م. ك الإسكندرية إلى الاستئناف رقم 41 لسنة 46ق الإسكندرية الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه لاختلاف الموضوع والسبب في كل منهما فإن النعي بهذا الشق لا يعدو أن يكون جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة، والنعي في شقه الثاني في غير محله ذلك أنه لما كان المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا حجية لحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو ضمنية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها، وما لم تفصل فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعا لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، وكذلك ما يرد في أسباب الحكم زائدا عن حاجة الدعوى لا يحوز حجية. وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتثبيت ملكية المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل لعقار النزاع صحيحا على أساس الأسبقية في التسجيل على النحو ما ورد في الرد على الأوجه من الثاني وحتى الخامس من السبب الأول وبالسبب الثاني وهى قوام منطوقه الذي لا يقوم بدونه فإن ما استطرد إليه تزيدا بشأن عدم نفاذ الحكم الصادر لصالح الطاعن بصحة ونفاذ عقده في حق المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل لم يكن لازما لقضائه ولا يحوز حجية في مواجهة الخصوم في الدعوى ويكون النعي عليه بشأن هذا الاستطراد الزائد غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.