الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

الطعن 29890 لسنة 63 ق جلسة 7 / 5 / 2002 مكتب فني 53 ق 121 ص 721

جلسة 7 من مايو سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه سيد قاسم، سلامة أحمد عبد المجيد، فؤاد حسن ومحمد سامي إبراهيم نواب رئيس المحكمة.
------------------
(121)
الطعن 29890 لسنة 63 القضائية
 (1)حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً معينًا لصياغة الحكم كفاية أن يكون ما أورده مؤديًا إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
 (2)تزوير "أوراق رسمية" ضرر. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التزوير في المحررات إذا كان ظاهر بحيث لا يمكن أن ينخدع به أحد لا عقاب عليه لانعدام الضرر. إثارة ذلك أمام محكمة النقض لأول مرة. غير جائز. علة ذلك؟
 (3)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الأصل في المحاكمات الجنائية. اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. له أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها. ما لم يقيده القانون بدليل معين.
 (4)تزوير إثبات. "بوجه عام".
جرائم التزوير لم يجعل القانون لإثباتها طريقًا خاصًا.
 (5)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى غير جائز أمام النقض.
 (6)تزوير "أوراق رسمية". سرقة: قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جرائم التزوير والسرقة. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بانتفاء القصد الجنائي لدى الطاعن في جريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي والسرقة.
 (7)محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها سواء من الأدلة المباشرة أو بالاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام سائغًا.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام محكمة النقض.
 (8)تزوير "أوراق رسمية" اشتراك. إثبات "بوجه عام".
الاشتراك في التزوير. التدليل عليه بأدلة مادية محسوسة غير لازم. كفاية استخلاصه من ظروف الدعوى وملابساتها.
 (9)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه.
 (10)دفوع "الدفع ببطلان القبض". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان القبض من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائز. ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته. علة ذلك؟
 (11)دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان تفتيش السيارة. موضوعي. أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها. لا يقبل إثارته لأول مرة أمام النقض.
 (12)حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ الحكم فيما لا أثر له في منطقة ولا في النتيجة التي انتهى إليه. لا يعيبه.
 (13)إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم.
 (14)ارتباط. عقوبة "تطبيقها". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تبعية الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد. علة ذلك؟
------------------
1 - لما كان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققا لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن منعى الطاعن بقالة قصور الحكم في التسبيب يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن التزوير في المحررات إذا كان ظاهرا بحيث لا يمكن أن ينخدع به أحد، فلا عقاب عليه لانعدام الضرر إلا أن إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، غير جائزة ما لم تكن مدونات الحكم تظاهره، وإذ خلا محضر الجلسة والحكم من تمسك الطاعن بهذا الدفاع كما خلت مدونات الحكم مما يرشح لقيامه، فإنه لا يقبل منه أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام هذه المحكمة، لأن تمحيصه يتطلب تحقيقا تنحسر عنه وظيفتها.
3 - إن الأصل في المحاكمات هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
4 - من المقرر أن القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً.
5 - لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم في إدانته على أقوال شهود الإثبات أو تقرير قسم الأدلة الجنائية بالمعمل الجنائي، إذ أنه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لما كان القصد الجنائي في جرائم التزوير والسرقة من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانتفاع القصد الجنائي لدى الطاعن ورد عليه بالقول "إن الثابت من مطالعة التحقيقات أن المتهم قد أقر باصطناع مفتاح للسيارة المضبوطة وتحصل عليها بهذه الوسيلة وأنها ظلت في حوزته لمدة عام كامل وأن الرخصة المزورة تخص سيارة أخرى لزميله في العمل هو الشاهد.... كانت قد فقدت منه تلك الرخصة إلى أن عثر عليها بتابلوه السيارة الأخرى المضبوطة بحوزة المتهم وشوهد كشط وتعديل بياناتها وتدوين بيانات أخرى تتفق وبيانات تلك السيارة التي كان المتهم قد حصل عليها مما يقطع باتفاقه مع آخر على إجراء هذا الكشط والتعديل بتلك الرخصة وتدون بيانات السيارة المضبوطة معه بدلا منها حتى لا يتعرض له أحد من رجال المرور طوال الفترة التي بقيت معه تلك السيارة، وهذا استخلاص وتحصيل تملكه المحكمة مما وقر في عقيدتها تحصيلا من ظروف الدعوى.
7 - لما كان من المقرر أنه لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحا ومباشرا في الدلالة على ما تستخلصه المحكمة منه، بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليما لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ولما كان ما أورده الحكم - على نحو ما سلف بيانه - كاف وسائغ في التدليل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن، فإن ما يثيره في خصوص هذا القصد ينحل جدلا موضوعيا في سلطة المحكمة في تقدير الدليل، وفي حقها في استنباط معتقدها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، وهو ما لا يجوز فيه لدى محكمة النقض.
8 - الاشتراك في التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم فإنه يكفي أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغا تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
9 - تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في هذه الدعوى - فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
10 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض عليه على النحو الوارد بوجه النعي وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقا تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة فإنه لا يقبل منه طرح ذلك لأول مرة على محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى.
11 - لما كان ذلك وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة - وهو ما لا يماري فيه الطاعن - أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع شيئا مما يدعيه من بطلان تفتيش السيارة لتجاوز من أجراه حدود الأمر الصادر من النيابة وللالتجاء إليه دون تحقق دواعيه فإنه لا يقبل منه طرح ذلك لأول مرة على محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى.
12 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقة، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره - بفرض صحته - عن خطأ الحكم فيما نقله عن تقرير الأدلة الجنائية من وجود كشط بيانات جديدة تتفق وبيانات السيارة المضبوطة مع الطاعن، ما دام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثر في منطقة ولا في النتيجة التي انتهى إليها.
13 - لما كان ما يثيره الطاعن من نعي بشأن عدم تنفيذ قرار النيابة بطلب تحريات الشرطة عن الواقعة لا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم.
14 - من المقرر أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة هي بها وذلك بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقا للمادة 32 من قانون العقوبات - بما مؤداه أن طلب الإحالة للارتباط يجب أن يبدي أمام المحكمة التي تنظر الجريمة ذات العقوبة الأخف بطلب إحالتها إلى المحكمة التي تنظر الجريمة الأخرى - وليس العكس - وإذ كان قد صدر حكم بات في الأخيرة أمكن الدفع بموجبه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، أما إذا صدر حكم بات في الأولى فإنه يمكن التمسك به لاستنزال مدة العقوبة من العقوبة التي سوف يحكم بها في الثانية - فإذا كان الطاعن - على ما يبين من محضر جلسة المحكمة أنه لم يتمسك بشيء من ذلك، وكان لا مجال للبت في الارتباط الذي يترتب عليه تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات إلا في حالة اتصال محكمة الموضوع بالدعوى الأخرى المطروحة أمامها مع الدعوة المنظورة المثار فيها الارتباط وهو ما تخلف توافره في الدعوى المطروحة ولا يقبل من الطاعن أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي لا يصح أن يطالب محكمة النقض بإجرائه - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
------------------
الوقائع
   اتهمت النيابة العامة الطاعن أولا: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك مع مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محررين رسميين هما رخصة تسيير السيارة رقم.... ملاكي العاشر والتصريح المؤقت للسيارة رقم.... ملاكي العاشر بأن اتفق معه على تغيير بياناتها وساعده بأن أمل عليه بيانات السيارة رقم..... ملاكي العاشر بدلا منها فقام المجهول بتدوين تلك البيانات بها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة ثانيا: سرق رخص القيادة سالفة الذكر والمملوكة لـ.... و..... على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 40/ ثانيا، ثالثا، 21، 211، 212، 318 من قانون العقوبات والمادتين 32, 17 من ذات القانون بمعاقبته.... فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
------------------------
المحكمة 
 من حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاشتراك في تزوير محررين رسميين والسرقة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه لم يستظهر أركان جرائم الاشتراك في التزوير والسرقة وبيانات رخصة التسيير وتصريح المرور التي جرى تعديلها كما أن التزوير وقع مفضوحاً وبطريقة ظاهرة لا ينخدع بها أحد وعول في قضائه على أقوال شهود الإثبات وهي لا تنهض دليلاً على حصول التزوير لما ثبت من تقرير قسم الأدلة الجنائية بالمعمل الجنائي من أن الطاعن لم يحرر بخط يده بيانات المحررين المزورين وتعذر إجراء المضاهاة على البيانات الصحيحة، والتفت عن دفاع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي لديه، ودانه بالاشتراك في التزوير رغم عدم وجود دليل عليه، واستند في قضائه بالإدانة على أقوال الشهود رغم ما شابها من تناقض فيما بينها، فضلاً عن بطلان القبض على الطاعن لعدم صدور إذن من النيابة العامة ولأن الجريمة لم يكن متلبساً بها وبطلان تفتيش السيارة لتجاوز من أجراه حدود الأمر الصادر من النيابة والالتجاء إليه دون تحقيق دواعيه، كما أثبت الحكم نقلاً عن تقرير الأدلة الجنائية وجود كشط للبيانات الصحيحة في المحررين حالة أن الثابت به حصول تعديل وإعادة كتابة بيانات جديدة تتفق وبيانات السيارة المضبوطة مع الطاعن ولم ينفذ قرار النيابة بطلب تحريات الشرطة عن الواقعة وأخيراً فإن هناك ارتباط بين هذه الدعوى والجنحة رقم 27 لسنة 1992 العاشر من رمضان والتي قضي فيها نهائياً بإدانة الطاعن عن تهمة سرقة السيارة مما كان يتعين اعتبارها جميعاً جريمة واحدة والقضاء فيها بعقوبة واحدة بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن منعى الطاعن بقالة قصور الحكم في التسبيب يكون غير سديد. لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن التزوير في المحررات إذا كان ظاهراً بحيث لا يمكن أن ينخدع به أحد، فلا عقاب عليه لانعدام الضرر إلا أن إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، غير جائزة ما لم تكن مدونات الحكم تظاهره، وإذ خلا محضر الجلسة والحكم من تمسك الطاعن بهذا الدفاع كما خلت مدونات الحكم مما يرشح لقيامه، فإنه لا يقبل منه أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام هذه المحكمة، لأن تمحيصه يتطلب تحقيقاً تنحسر عنه وظيفتها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه. ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً. وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة. فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم في إدانته على أقوال شهود الإثبات أو تقرير قسم الأدلة الجنائية بالمعمل الجنائي، إذ أنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جرائم التزوير والسرقة من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانتفاء القصد الجنائي لدى الطاعن ورد عليه بالقول "إن الثابت من مطالعة التحقيقات أن المتهم قد أقر باصطناع مفتاح للسيارة المضبوطة وتحصل عليها بهذه الوسيلة وأنها ظلت في حوزته لمدة عام كامل وأن الرخصة المزورة تخص سيارة أخرى لزميله في العمل هو الشاهد. كانت قد فقدت منه تلك الرخصة إلى أن عثر عليها بتابلوه السيارة الأخرى المضبوطة بحوزة المتهم وشوهد كشط وتعديل بياناتها وتدوين بيانات أخرى تتفق وبيانات تلك السيارة التي كان المتهم قد حصل عليها مما يقطع باتفاقه مع آخر على إجراء هذا الكشط والتعديل بتلك الرخصة وتدوين بيانات السيارة المضبوطة معه بدلاً منها حتى لا يتعرض له أحد من رجال المرور طوال الفترة التي بقيت معه تلك السيارة، وهذا استخلاص وتحصيل تملكه المحكمة مما وقر في عقيدتها تحصيلاً من ظروف الدعوى وملابساتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه المحكمة منه، بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية مادام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ولما كان ما أورده الحكم - على نحو ما سلف بيانه - كاف وسائغ في التدليل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن، فإن ما يثيره في خصوص هذا القصد ينحل جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في تقدير الدليل، وفي حقها في استنباط معتقدها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، وهو ما لا يجوز فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم فإنه يكفي أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في هذه الدعوى - فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض عليه على النحو الوارد بوجه النعي وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض مادامت مدونات الحكم لا تحمله لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة - وهو ما لا يماري فيه الطاعن - أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع شيئاً مما يدعيه من بطلان تفتيش السيارة لتجاوز من أجراه حدود الأمر الصادر من النيابة والالتجاء إليه دون تحقيق دواعيه، فإنه لا يقبل من طرح ذلك لأول مرة على محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره - بفرض صحته - عن خطأ الحكم فيما نقله عن تقرير الأدلة الجنائية من وجود كشط بيانات جديدة تتفق وبيانات السيارة المضبوطة مع الطاعن، مادام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثره في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن ما يثيره الطاعن من نعي بشأن عدم تنفيذ قرار النيابة بطلب تحريات الشرطة عن الواقعة لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة هي بها وذلك بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقاً للمادة 32 من قانون العقوبات - بما مؤداه أن طلب الإحالة للارتباط يجب أن يبدى أمام المحكمة التي تنظر الجريمة ذات العقوبة الأخف بطلب إحالتها إلى المحكمة التي تنظر الجريمة الأخرى - وليس العكس - وإذ كان قد صدر حكم بات في الأخيرة أمكن الدفع بموجبه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، أما إذا صدر حكم بات في الأولى فإنه يمكن التمسك به لاستنزال مدة العقوبة من العقوبة التي سوف يحكم بها في الثانية - فإذا كان الطاعن - على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة أنه لم يتمسك بشي من ذلك، وكان لا مجال للبت في الارتباط الذي يترتب عليه تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات إلا في حالة اتصال محكمة الموضوع بالدعوى الأخرى المطروحة أمامها مع الدعوى المنظورة المثار فيها الارتباط وهو ما تخلف عن توافره في الدعوى المطروحة ولا يقبل من الطاعن أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي لا يصح أن يطالب محكمة النقض بإجرائه - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 28348 لسنة 69 ق جلسة 12 / 5 / 2002 مكتب فني 53 ق 122 ص 732

جلسة 12 من مايو سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ أحمد على عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد على عبد الواحد، أحمد عبد الباري سليمان نائبي رئيس المحكمة، مدحت بسيوني وطلعت إبراهيم عبد الله.

--------------

(122)
الطعن رقم 28348 لسنة 69 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تساند الأدلة في المواد الجنائيةٍ. مؤداه؟
الجدل الموضوعي في أدلة الدعوى. غير جائزة أمام النقض.
(3) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض بين الدليلين القولي والفني. دفاع موضوعي. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
(4) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير.
مثال.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب إجراءات التحقيق. لا يصلح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
(6) دعوى جنائية "انقضاؤها بالتنازل". حريق عمد. ارتباط.
جناية الحريق العمد لا تنقضي بالصلح أو التنازل. أثر ذلك؟

----------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صورة أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
2 - لما كان لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر على دليل بعينة لناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقا للتصوير الذي أورده، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ولا يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق فأن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكم النقض.
3 - لما كان الواضح من محضر الجلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن قالة التناقض بين الدليل القولي المستمد من أقوال المجني عليه وبين الدليل الفني المستمد من التقرير الطبي الخاص بإصابة المجني عليه، ومن ثم فلا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ذلك لأنه دفاع موضوعي.
4 - لما كان ما أثاره الطاعن من أن تقرير المعمل الجنائي لم يجزم بسبب اشتعال الحريق ويحدد بدايته فمردود عليه بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
5 - لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص عدم تناول التحقيقات للتلفيات التي حدثت في مسكنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد أثار أيهما شيئاً بهذا الخصوص فإنه لا يكون أن يثيره من بعد أمام محكمة النقض.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم التي دان الطاعن بها قد ارتكبت لغرض واحد، ولم توقع عليه المحكمة سوى عقوبة واحدة تطبيقاً للمادة 32 من قانون العقوبات وهي العقوبة المقررة لجريمة الحريق العمد، وكانت هذه الجريمة لا تدخل في الجرائم التي تنقضي فيها الدعوى الجنائية بالصلح أو التنازل فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير ذي وجه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً وضع وآخرين مجهولين عمداً ناراً في مسكن المجني عليه (.....) بأن ألقا مواد مشتعلة بمسكنه مما أدى إلى احتراق بعض الأثاث الموجود بها وعلى النحو المبين بالأوراق ثانياً: - استعرض وآخرين القوة أمام المجنى عليه سالف الذكر لترويعه والتأثير في إرادته لفرض السطوة عليه وكان يحمل لذلك سلاحا أبيض ومواد حارقة وقد وقعت الجريمة المشار إليها بالوصف الأول بناء على تلك الأفعال. ثالثًا: - أحداثا وآخرين مجهولين عمداً وعن سبق إصرار بالمجني عليهما.... الإصابات المبينة وصفًا بالتقريرين الطبيين المرفقين والتي أعجزتهما عن أشغالهما الشخصية مدة تقل عن عشرين يومًا وكان ذلك باستعمال أداة (سنجة) وقد وقع ذلك من عصبة مؤلفة من أكثر من خمس أشخاص فوافقوا على التعدي والإيذاء على النحو المبين بالأوراق. رابعاً: - أتلف وآخرين مجهولين عمداً المنقولات المملوكة للمجنى عليهما سالفي الذكر والمبينة وصفاً وقيمة بالأوراق وترتب على ذلك ضرراً مالياً جاوزت قيمته الخمسون جنيهاً وعلى النحو المبين بالأوراق. خامساً: - أحرز وآخرين مجهولين بغير ترخيص سلاحاً أبيضاً (سنجة). وأحالته إلى محكمة جنايات..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات مما نسب إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الحريق العمد واستعراض القوة قبل المجني عليه بغرض فرض سطوته والتأثير عليه مما ساهم في وقوع الجريمة الأولى والضرب والإتلاف العمدي وإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ قانوني قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه لم يثبت في الأوراق أن الطاعن قد وضع النار في مسكن المجني عليه ولم يقرر الشاهد/ ..... بمشاهدته الواقعة كما إن شهادة الملازم أول/ ...... جاءت مرسلة لا تنهض دليلاً على ثبوت الجريمة الثانية المسندة للطاعن، وخلت الأوراق مما يشير إلى مساهمة آخرين مع الطاعن في الحادث ولم تتوصل التحريات إلى معرفتهم ولم يضبط السلاح الأبيض المقول بإحراز الطاعن له. كما تناقضت رواية المجنى عليه مع التقرير الطبي الموقع عليه بشأن موضع الإصابات التي في يده، كما أن تقرير المعمل الجنائي لم يجزم بسبب اشتعال الحريق ولم يحدد بدايته، ولم تتناول التحقيقات الدليل المستمد من معاينة مسكن الطاعن وما به من تلفيات، وأخيرًا فقد التفت الحكم عن إقرار التصالح الموثق الذي أقر فيه المجني عليه بالصلح والتنازل مما كان يتعين معه القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية وفقاً لحكم المادة 18 مكرر "أ" من قانون الإجراءات الجنائية كل ذكر مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بَين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبي الابتدائي ومعاينة الشركة لمسكن المجنى عليه ومن تقرير المعمل الجنائي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صورة أخرى ما دام لاستخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية وأنه وكان لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر على دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقا للتصوير الذي أورده، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ولا يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الواضح من محضر الجلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن قالة التناقض بين الدليل القولي المستمد من أقوال المجنى عليه وبين الدليل الفني المستمد من التقرير الطبي الخاص بإصابة المجنى عليه، ومن ثم فلا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ذلك لأنه دفاع موضوعي. أما ما أثاره الطاعن من أن تقرير المعمل الجنائي لم يجزم بسبب اشتعال الحريق ويحدد بدايته فمردود عليه بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص عدم تناول التحقيقات للتلفيات التي حدثت في مسكنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد أثار أيهما شيئاً بهذا الخصوص فإنه لا يكون أن يثيره من بعد أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم التي دان الطاعن بها قد ارتكبت لغرض واحد، ولم توقع عليه المحكمة سوى عقوبة واحدة تطبيقًا للمادة 32 من قانون العقوبات - وهى العقوبة المقررة لجريمة الحريق العمد، وكانت هذه الجريمة لا تدخل في الجرائم التي تنقضى فيها الدعوى الجنائية بالصلح أو التنازل فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير ذي وجه. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعًا.

الطعن 3162 لسنة 69 ق جلسة 13 / 5 / 2002 مكتب فني 53 ق 123 ص 738

جلسة 13 من مايو سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا، أسامة توفيق، عبد الرحمن هيكل ومحمد ناجي دربالة نواب رئيس المحكمة.

---------------

(123)
الطعن رقم 3162 لسنة 69 القضائية

إجراءات "إجراءات التحقيق". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". مواد مخدرة. تفتيش. "إذن التفتيش". نيابة عامة. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
عدم إفصاح وكيل النيابة مصدر إذن التفتيش عن اسمه ولا اسم النيابة التي يعمل بها وتزيله بتوقيع غير مقروء للإذن، وخلو الأوراق مما يدل على معرفة مصدر الإذن أو دائرة اختصاصه. يرشح لصحة الدفع ببطلانه.
مثال لتسبيب معيب للرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لخلوه من اسم مصدره ولصدوره من غير مختص.

----------------
لما كان يبين من الأوراق أن واقعة ضبط الطاعن تمت بدائرة قسم شرطة .... بناء على إذن بذلك صادر من وكيل نيابة لم يفصح عن اسمه ولا اسم النيابة التي يعمل بها وذيل بتوقيع غير مقروء، كما أن وكيل النيابة المحقق أشار إلى هذا الإذن في محضر التحقيق الابتدائي بقوله "إذن من السيد زميل" وخلت سائر المفردات مما يعين على معرفة مصدر الإذن أو دائرة اختصاصه، فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى سنده في التعرف على دائرة اختصاص مصدر الإذن فإن قول الحكم بأنه صدر من وكيل نيابة مركز...... يرشح لصحة الدفع بالبطلان، ذلك أن الثابت من مذكرة النيابة العامة المرفقة أنه بتاريخ.... وهو تاريخ سابق على واقعة الضبط - فصلت نيابة..... الجزئية إلى نيابتين مستقلتين، اختصت إحداها بدائرة قسم شرطة.... واختصت الأخرى بدائرة مركز شرطة..... ومن ثم فإن ما ردت به المحكمة على الدفع ببطلان إذن التفتيش يكون قاصرًا قصورًا يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار نباتًا مخدرًا "حشيشًا" في غير الأحوال المصرح بها قانونًا، وإحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا..... عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من كافة القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، قد شابه القصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه دفع ببطلان إذن التفتيش لأنه خلا من اسم مصدره وصفته ودائرة اختصاصه المكاني وذيل بتوقيع غير مقروء، إلا أن الحكم رد على الدفع بما لا يصلح لاطراحه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين الواقعة وساق الأدلة التي صحت لديه على ثبوتها في حق الطاعن عرض للدفع المشار إليه بوجه الطعن ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة لمأمور الضبطية القضائية بالتفتيش على أن يكون مكتوبًا موقعًا عليه بإمضاء من أصدره فلم يشترط القانون شكلاً معينًا لإذن التفتيش وكل ما يتطلبه في هذا الصدد أن يكون واضحاً ومحددا بالنسبة إلى تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها وليس في القانون ما يوجب ذكر الاختصاص المكاني مقرونًا باسم وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش، ولما كانت الأوراق تضمنت إذن التفتيش شخص ومسكن المتهم المأذون بتفتيشه ولم ينكر المتهم ضبطه في مسكنه وذيل الإذن بتوقيع منسوب لمصدره، واختصاصه في دائرة مركز..... فإن النعي عليه في هذا المجال على غير محل. لما كان ذلك، وكان يبين من الأوراق أن واقعة ضبط الطاعن تمت بدائرة قسم شرطة..... بناء على إذن بذلك صادر من وكيل نيابة لم يفصح عن اسمه ولا اسم النيابة التي يعمل بها وذيل بتوقيع غير مقروء، كما أن وكيل النيابة المحقق أشار إلى هذا الإذن في محضر التحقيق الابتدائي بقوله "إذن من السيد زميل" وخلت سائر المفردات مما يعين على معرفة مصدر الإذن أو دائرة اختصاصه، فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى سنده في التعرف على دائرة اختصاص مصدر الإذن فإن قول الحكم بأنه صدر من وكيل نيابة مركز..... يرشح لصحة الدفع بالبطلان، ذلك أن الثابت من مذكرة النيابة العامة المرفقة أنه بتاريخ..... وهو تاريخ سابق على واقعة الضبط - فصلت نيابة.... الجزئية إلى نيابتين مستقلتين، اختصت إحداها بدائرة قسم شرطة..... واختصت الأخرى بدائرة مركز شرطة ..... ومن ثم فإن ما ردت به المحكمة على الدفع ببطلان إذن التفتيش يكون قاصرًا قصورًا يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 32520 لسنة 69 ق جلسة 19 / 5 / 2002 مكتب فني 53 ق 125 ص 745

جلسة 19 من مايو سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمد طلعت الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عادل الشوربجي، أنس عمارة، فرغلي زناتي وحسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة.

-------------

(125)
الطعن رقم 32520 لسنة 69 القضائية

(1) محكمة النقض "سلطتها في نظر الطعن".
لمحكمة النقض الفصل في الطعن على ما يتفق وحقيقة العيب الذي شاب الحكم متى اتسع له وجه الطعن.
(2) رشوة. جريمة أركانها". شروع. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
جريمة الرشوة. وقوعها تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله.
الطلب الذي تقع به جريمة الرشوة تامة. الذي يصل إلى علم الراشي أو صاحب الحاجة. ما قبل ذلك بدء في التنفيذ يقف بالجريمة عند حد الشروع.
(3) رشوة. شروع. عقوبة. "العقوبة المبررة". ظروف مخففة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
لا محل لإعمال نظرية العقوبة المبررة. ما دامت المحكمة لم تفطن أن الواقعة شروعاً وليست جريمة تامة. علة ذلك؟
(4) عقوبة تطبيقها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
تطبيق العقوبة في حدود النص المنطبق. موضوعي.

--------------
1 - لما كان من المقرر أن لمحكمة النقض أن تفصل في الطعن على ما تراه متفقاً وحقيقة العيب الذي شاب الحكم متى اتسع له وجه الطعن.
2 - لما كان من المقرر أن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله إلا أن الطلب الذي يعتد به ويتحقق به مدلوله القانوني وتقع به الجريمة تامة هو ذلك الطلب الذي يصل إلى علم الراشي أو صاحب الحاجة أما قبل ذلك فإنه لا يعدو أن يكون مجرد بدء في التنفيذ يقف بالجريمة عند حد الشروع.
3 - من المقرر أنه لا محل لإعمال نظرية العقوبة المبررة لأن العقوبة التي وقعت على الطاعن وهى الأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الشروع في طلب الرشوة وذلك لأن المحكمة عاملت الطاعن بالمادة 17 من قانون العقوبات مما كان يسمح لها - لو فطنت إلى أن الواقعة شروع - أن تنزل بالعقوبة إلى السجن أو الحبس الذي لا ينقص على ستة شهور.
4 - لما كان تقدير العقوبة في حدود النص المنطبق من إطلاقات محكمة الموضوع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن لأنه بصفته موظفا عموميًا....... طلب وأخذ لنفسه مبلغ مائتي وخمسين جنيهًا على سبيل الرشوة من..... للقيام بعمل من أعمال وظيفته وهو اعتماد الإخطارات الهندسية أرقام .... لسنة.... (فورى)،.... لسنة.... (نقل) على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا.... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 103 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه عما أسند إليه.
فطعن الأستاذ/ ...... عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الواقعة لا تعدو تحريضاً على جريمة لم تقع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في أنها "توجز فيما أبلغ به وقرره في التحقيق المهندس.... مراقب عام مشروعات سنترال..... من أن المتهم.... مدير عام السنترال أخبره بأنه لن يوقع على أي إخطار هندسي مما يختص المبلغ بتحريره ويختص المتهم باعتماده إلا بعد أن يحصل من المشترك صاحب الخط التليفوني على مبلغ من المال على سبيل الرشوة يتم اقتسامه بينهما وأفهمه أنه كي يصل إلى بغيته تلك عليه أن يوهم المشترك أن تركيب الخط يستلزم عمل مقايسة وأن المبلغ المطلوب من المشترك هو نظير إلغاء هذه المقايسة وأمام إلحاح المتهم على المبلغ عرض الأخير الأمر على.... مدير عام الشئون الفنية بالمنطقة بما يطلبه منه المتهم ويلح عليه في تنفيذه. فنصحه بإخطار مباحث التليفونات وامتثل المبلغ للنصح وأبلغ المباحث بالفعل التي بعد أن أجرت تحرياتها تأكدت من صحة البلاغ واستصدرت إذنا بالتسجيلات من النيابة المختصة. طلبت من المبلغ أن يساير المتهم وتم تجهيز المعدات الفنية لتسجيل الحوارات التي تدور بين الطرفين وفى أحد هذه الحوارات المسجلة بتاريخ..... دار بين المبلغ والمتهم حول موافقة الأخير على الإخطار الفوري رقم..... لسنة..... وإخطارات النقل أرقام.... لسنة..... وفيها طلب المتهم من المبلغ أن يتقاضى من أصحاب هذه الخطوط مبلغ مائتي جنيه عن الخط الفوري ومائة جنيه عن نقل الخط يتم اقتسام المبالغ بينهما مناصفة فسلمت الشرطة للمبلغ خمسمائة جنيه يعرضها على المتهم باعتبارها مقابل الخطوط السابق الاتفاق عليها وتم تسجيل الحوار الذي دار بينهما بهذا الشأن انتهى باستلام المتهم لمبلغ بالرشوة السالف الإشارة إليه ومقداره خمسمائة جنيه قام المتهم بتقسيمها بينه وبين المبلغ الذي أعطى حينئذ للشرطة الإشارة المتفق عليها. لإجراء القبض وهى عبارة "ربنا يزيد الخير" وداهمت الشرطة المكان بالفعل وأجرت تفتيش المتهم إثر القبض عليه وضبطت بحوزته ما خص نفسه به من مبلغ الرشوة المدفوع ومقداره تحديدًا مائتين وخمسين جنيهًا والتي كان قد سبق إثبات أرقامها في محضر جمع الاستدلالات". وقد استدل الحكم على ثبوت الواقعة وصحة إسنادها إلى الطاعن على تلك الصورة بأدلة مستمدة مما شهد به في تحقيقات النيابة العامة كل من المهندس.... والمهندس..... والرائد.... وما ثبت من تقرير الخبير الفني بفحص الأصوات وتفريغ المحررات المسجلة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة النقض أن تفصل في الطعن على ما تراه متفقاً وحقيقة العيب الذي شاب الحكم متى اتسع له وجه الطعن. لما كان من المقرر أن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله إلا أن الطلب الذي يعتد به ويتحقق به مدلوله القانوني وتقع به الجريمة تامة هو ذلك الطلب الذي يصل إلى علم الراشي أو صاحب الحاجة أما قبل ذلك فإنه لا يعدو أن يكون مجرد بدء في التنفيذ يقف بالجريمة عند حد الشروع. لما كان ذلك وكان البين مما أورده الحكم بيانًا لواقعة الدعوى - وتحصيلاً لأدلتها - أن الشاهد الأول - المبلغ - بعد أن طلب منه الطاعن تحصيل مبالغ على سبيل الرشوة من المشتركين على نحو ما أشار إليه في أسبابه أبلغ الشاهد الثاني الذي نصحه بإبلاغ مباحث التليفونات التي أكدت تحرياتها صحة البلاغ واتخذت إجراءات ضبط الطاعن متلبسًا بقبض المبالغ التي عدتها لإيهامه بأنها متحصله من المشتركين ومن ثم فإن أصحاب الحاجة - من هؤلاء المشتركين - لم يصل إلى علمهم طلب الطاعن الحصول منهم على مبالغ على سبيل الرشوة قبل ضبطه مما تقف به الواقعة عند حد الشروع في طلب الرشوة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين نقضه. ولا يغير من ذلك ما تناهى إليه الحكم في أسبابه من أن الطاعن طلب وأخذ مبلغ 250 جنيه على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته لأن هذا الأخذ لم يكن متحصلاً من المشتركين بل كان مسلماً للمبلغ من الشرطة لضبط الطاعن متلبساً وإقامة الدليل على الطلب الذي لم يبلغ إلا حد الشروع، ولا محل لأعمال نظرية العقوبة المبررة لأن العقوبة التي وقعت على الطاعن وهي الأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الشروع في طلب الرشوة وذلك لأن المحكمة عاملت الطاعن بالمادة 17 من قانون العقوبات مما كان يسمح لها - لو فطنت إلى أن الواقعة شروع - أن تنزل بالعقوبة إلى السجن أو الحبس الذي لا ينقص على ستة شهور. لما كان ذلك، وكان تقدير العقوبة في حدود النص المنطبق من إطلاقات محكمة الموضوع فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 24653 لسنة 69 ق جلسة 6 / 6 / 2002 مكتب فني 53 ق 129 ص 767

جلسة 6 من يونيه سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وفيق الدهشان، نير عثمان، أحمد عبد القوي أحمد نواب رئيس المحكمة ومحمد السادات.

----------------

(129)
الطعن رقم 24653 لسنة 69 القضائية

أحداث. قانون "تفسيره". اختصاص "تنازع الاختصاص" "التنازع السلبي". محكمة الأحداث.
المقصود بالحدث في مفهوم المادة الثانية من القانون رقم 12 لسنة 1996؛
انعقاد الاختصاص بالنظر في أمر الطفل لمحكمة الأحداث. المادة 122 من القانون. رقم 12 لسنة 1996.
الفصل في الطلب المقدم من النيابة العامة بشأن التنازع السلبى بين حكم محكمتين.
انعقاده لمحكمة النقض باعتبارها الجهة التي يطعن أمامها في أحكام كل منهما. أساس ذلك؟

-----------------
لما كان ذلك، وكان القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل المعمول به اعتباراً من 29 مارس سنة 1999 قد نص في مادته الثانية على أنه يقصد بالطفل كل من لم يبلغ ثماني عشر سنة ميلادية كاملة ويكون إثبات سن الطفل بموجب شهادة ميلاده أو بطاقة شخصية أو أي مستند رسمي آخر، كما نص في المادة 95 منه على أنه "تسري الأحكام الواردة في هذا الباب - باب المعاملة الجنائية للطفل - على من لم يبلغ سنة ثماني عشر سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة....، ولا يعتد في تقدير سن الطفل بغير وثيقة رسمية فإذا ثبت عدم وجودها تقدر سنة بواسطة خبير، وكانت المادة 122 من هذا القانون قد نصت على أن تختص محكمة الأحداث دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف، وكان البين من المفردات المضمومة أن محكمة الجنايات قد أثبتت اطلاعها على البطاقة الشخصية للمتهم وشهادة ميلاده وثبت منهما أنه مواليد 2/ 8/ 1980 مما يقطع بأن سن المتهم وقت ارتكاب الجريمة بتاريخ 14/ 5/ 1996 لم يتجاوز ثماني عشر سنة ميلادية كاملة فإن محكمة جنح أحداث القاهرة تكون قد أخطأت بتخليها عن نظر الدعوى بالنسبة للمتهم لأنه يعد حدثًا طبقًا للقانون رقم 12 لسنة 1996 - المار ذكره - وإذ كان مؤدى نص المادتين 226، 227 من قانون الإجراءات بجعل طلب تعيين المحكمة المختصة منوطًا بالجهة التي يطعن أمامها في حكم المحكمتين المتنازعتين أو إحداهما، فإن الفصل في هذا الطلب المقدم من النيابة العامة بشأن التنازع السلبى القائم إنما ينعقد لمحكمة النقض باعتبارها الجهة التي يطعن أمامها في أحكام كل منهما عندما يصح الطعن قانوناً.


الوقائع

انتهمت النيابة العامة الطاعن أ - شرع وآخر حدث سبق محاكمته في سرقة الكابلين المبينين وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكين لهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية والمستخدمين في مرفق المواصلات السلكية واللاسلكية لتوصيل المكالمات الهاتفية وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو فراره وضبط المتهم الحدث والجريمة متلبسًا بها. ب - تسبب عمدًا وأخر حدث سبق محاكمته فى انقطاع الخطوط التليفونية التى أنشأتها هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية بأن قاما بقطع الأسلاك الموصلة لها على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهما إلى محكمة أحداث..... لمعاقبتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا أولاً: بمعاقبة المتهم.... - الآخر - بالحبس سنتين مع الشغل. ثانياً: بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى بالنسبة.... - المطعون ضده - وإحالتها بحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها وقيدتها النيابة العامة جناية بذات الوصف السابق وإحالتها إلى محكمة جنايات.
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً... عملاً بالمواد 45/ 1، 46، 163، 316 مكرر ثانياً من قانون العقوبات مع إعمال نص المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم - المطعون ضده - بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه. ثم أعيد نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة.
ومحكمة جنايات..... قررت بجلسة.... إحالة الدعوى إلى نيابة أحداث.... لاتخاذ شئونها فى الدعوى فتقدمت النيابة العامة بطلب لمحكمة النقض لتعيين المحكمة المختصة بنظر القضية.


المحكمة

حيث إن مبنى طلب النيابة العامة أن كلاً من محكمتي جنح أحداث.... القاهرة ومحكمة جنايات..... قد نصت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى موضوع الطلب مما ينطوي على تنازع سلبي على الاختصاص ويستوجب الركون إلى محكمة النقض لتعيين المحكمة المختصة طبقاً لنص المادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت ابتداء إلى محكمة أحداث...... قبل المتهم وآخر لأنهم في يوم..... شرعا في سرقة الكابلين المملوكين لهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية، والتسبب عمداً في انقطاع الخطوط التليفونية التي أنشأتها تلك الهيئة وطلبت النيابة العامة معاقبتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى بالنسبة للمتهم..... وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها تأسيسًا على خلو الأوراق من ثمة مستند رسمي يفيد سنة، فقدمت النيابة العامة القضية إلى محكمة الجنايات، فقضت المحكمة المذكورة غيابياً بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه، ولدى إعادة إجراءات المحاكمة بالنسبة له، قدم الحاضر معه صورة ضوئية من بطاقته الشخصية وصورة شهادة ميلاد ثابت بهما أنه من مواليد 2/ 8/ 1980، فقررت ذات المحكمة إحالة الدعوى إلى نيابة أحداث... لاتخاذ شئونها فيها، لما ثبت لديها من أن..... يبلغ فى تاريخ الواقعة خمسة عشر سنة وتسعة أشهر واثنى عشر يوماً، ومن ثم فقد تقدمت النيابة العامة إلى محكمة النقض بهذا الطلب لتحديد المحكمة المختصة على أساس توافر حالة التنازع السلبى. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل المعمول به اعتباراً من 29 من مارس سنة 1999 قد نص في مادته الثانية على أنه يقصد بالطفل كل من لم يبلغ ثماني عشر سنة ميلادية كاملة ويكون إثبات سن الطفل بموجب شهادة ميلاده أو بطاقة شخصية أو أي مستند رسمي آخر، كما نص في المادة 95 منه على أنه "تسرى الأحكام الواردة في هذا الباب - باب المعاملة الجنائية للطفل - على من لم يبلغ سنة ثماني عشر سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة....، ولا يعتد في تقدير سن الطفل بغير وثيقة رسمية فإذا ثبت عدم وجودها تقدر سنة بواسطة خبير، وكانت المادة 122 من هذا القانون قد نصت على أن تختص محكمة الأحداث دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف، وكان البين من المفردات المضمومة أن محكمة الجنايات قد أثبتت اطلاعها على البطاقة الشخصية للمتهم وشهادة ميلاده وثبت منهما أنه من مواليد 2/ 8/ 1980 مما يقطع بأن سن المتهم وقت ارتكاب الجريمة بتاريخ 14/ 5/ 1996 لم يتجاوز ثمانى عشر سنة ميلادية كاملة فإن محكمة جنح أحداث القاهرة تكون قد أخطأت بتخليها عن نظر الدعوى بالنسبة للمتهم لأنه يعد حدثًا طبقًا للقانون رقم 12 لسنة 1996 - المار ذكره - وإذ كان مؤدى نص المادتين 226، 227 من قانون الإجراءات بجعل طلب تعيين المحكمة المختصة منوطًا بالجهة التي يطعن أمامها في حكم المحكمتين المتنازعتين أو إحداهما، فإن الفصل في هذا الطلب المقدم من النيابة العامة بشأن التنازع السلبى القائم إنما ينعقد لمحكمة النقض باعتبارها الجهة التي يطعن أمامها في أحكام كل منهما عندما يصح الطعن قانوناً، لما كان ما تقدم فإنه يتعين قبول طلب النيابة العامة وتعيين محكمة جنح أحداث القاهرة للفصل في الدعوى بالنسبة للمتهم الماثل.

الطعن 15956 لسنة 63 ق جلسة 6 / 6 / 2002 مكتب فني 53 ق 128 ص 762

جلسة 6 من يونيه سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ وفيق الدهشان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نير عثمان، محمود مسعود، د. صلاح البرعي نواب رئيس المحكمة ومحمد السادات.

---------------

(128)
الطعن رقم 15956 لسنة 63 القضائية

(1) نقض "الطعن للمرة الثانية".
نقض الحكم للمرة الثانية يوجب تحديد جلسة لنظر الموضوع ويعود بالدعوى إلى سيرتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض. أساس ذلك؟
(2) طعن "طعن للمرة الثانية". محكمة النقض "نظرها الدعوى والحكم فيها". نقض. "نظر الطعن والحكم فيه". خلو رجل.
مثال لحكم صادر بالبراءة من محكمة النقض حال نظرها الدعوى في جريمة تقاضي مبالغ إضافية خارج نطاق عقد الإيجار.

----------------
1 - من حيث إن هذه المحكمة قد قضت بنقض الحكم المطعون فيه الثاني مرة ومن ثم فقد حددت جلسة لنظر الموضوع عملاً بالمادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وكان من المقرر أن الدعوى بعد نقض الحكم تعود إلى سيرتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض وتستأنف سيرها من النقطة التي وقفت عندها.
2 - لما كانت الواقعة طبقًا لما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى تتحصل فيها أثبته أمين الشركة بتحقيقات قسم.... من أن..... المحامي حضر بصفته وكيلاً عن.... وقرر أنه استأجر وحدة سكنية بالعقار 6 شارع السلام بمدينة الأندلس بالهرم بموجب عقد إيجار مؤرخ 29/ 12/ 1985 صادر من مالك العقار.... الذي تقاضى منه مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار هي ثلاثة عشر ألف جنيه على سبيل خلو الرجل وألفين من الجنيهات على سبيل التأمين.
ومن حيث إنه بالاطلاع على صورة عقد الإيجار المؤرخ 29/ 12/ 1985 تبين أنه تضمن استئجار المجني عليه من المتهم وحدة سكنية بالعقار المشار إليه - مشاهرة - لقاء أجرة شهرية قدرها مائة وعشر جنيه وأنه تأشر على العقد بدفع المستأجر لمبلغ ألفين جنيه كتأمين.
ومن حيث إن محكمة أول درجة قضت غيابيًا بحبس المتهم ستة أشهر مع تغريمه مبلغ ستة وعشرين ألف جنيه ومثلها لصندوق الإسكان بالمحافظة ورد مبلغ ثلاثة عشر ألف جنيه للمجني عليه فعارض فقضيى بالتأييد فاستأنف وقضت المحكمة الاستئنافية حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض حيث قضى بالنقض والإعادة ومحكمة الإعادة قضت حضوريًا بتأييد الحكم المستأنف وأمر بإيقاف عقوبتي الحبس والرد فقط.
ومن حيث إن المحكوم عليه كان قد استشكل في تنفيذ الحكم الصادر ضده وبجلسة 26/ 11/ 1988 أقر الشاكي بتصالحه مع المحكوم عليه فأوقفت المحكمة تنفيذ الحكم لحين الفصل في الطعن بالنقض.
ومن حيث إن أقوال الشاكي تقف وحيدة في ميدان الإثبات لا يعززها أي دليل آخر فضلاً عن أنه أقر بتصالحه مع المتهم فإنها تكون محوطة بالشكوك والريب في صحة إسناد التهمة إلى المتهم ومن ثم يتعين القضاء ببراءته من التهمة المسندة إليه عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه وهو مالك تقاضى من الشاكي المبالغ المبينة بالأوراق خارج نطاق التعاقد كخلو رجل وطلبت معاقبته بالمادتين 26، 77 من القانون 49 لسنة 1977 المعدل بالمادة 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981. ومحكمة... عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وتغريمه ستة وعشرين ألف جنيه ومثلها لصندوق الإسكان بالمحافظة ورد مبلغ ثلاثة عشر ألف جنيه للمجنى عليه، عارض وقضى في معارضته... بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه، استأنف، محكمة.... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.
وتلك المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة.... الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة "بهيئة مغايرة" قضت حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف عقوبتي الحبس والرد فقط.
فطعن الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.
ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة.... لنظر الموضوع وعلى النيابة الإعلان بها.


المحكمة

من حيث إن هذه المحكمة قد قضت بنقض الحكم المطعون فيه لثاني مرة ومن ثم فقد حددت جلسة لنظر الموضوع عملاً بالمادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وكان من المقرر أن الدعوى بعد نقض الحكم تعود إلى سيرتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض وتستأنف سيرها من النقطة التي وقفت عندها.
ومن حيث الاستئناف قدم في الميعاد مستوفيًا شرائطه القانونية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الواقعة طبقًا لما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى تتحصل فيما أثبته أمين الشرطة بتحقيقات قسم.... من أن.... المحامي حضر بصفته وكيلاً عن.... وقرر أنه استأجر وحدة سكنية بالعقار 6 شارع السلام بمدينة الأندلس بالهرم بموجب عقد إيجار مؤرخ 29/ 12/ 1985 صادر من مالك العقار.... الذي تقاضى منه مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار هي ثلاثة عشر ألف جنيه على سبيل خلو الرجل وألفين من الجنيهات على سبيل التأمين.
ومن حيث إنه بالاطلاع على صورة عقد الإيجار المؤرخ 29/ 12/ 1985 تبين أنه تضمن استئجار المجني عليه من المتهم وحدة سكنية بالعقار المشار إليه - مشاهرة - لقاء أجرة شهرية قدرها مائة وعشر جنيه وأنه تأشر على العقد بدفع المستأجر لمبلغ ألفين جنيه كتأمين.
ومن حيث إن محكمة أول درجة قضت غيابيًا بحبس المتهم ستة أشهر مع تغريمه مبلغ ستة وعشرين ألف جنيه ومثلها لصندوق الإسكان بالمحافظة ورد مبلغ ثلاثة عشر ألف جنيه للمجنى عليه فعارض فقضي بالتأييد فاستأنف وقضت المحكمة الاستئنافية حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض الذي قضى بالنقض والإعادة ومحكمة الإعادة قضت حضوريًا بتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف عقوبتي الحبس والرد فقط.
ومن حيث إن المحكوم عليه كان قد استشكل في تنفيذ الحكم الصادر ضده وبجلسة 26/ 11/ 1988 أقر الشاكي بتصالحه مع المحكوم عليه فأوقفت المحكمة تنفيذ الحكم لحين الفصل في الطعن بالنقض.
ومن حيث إن أقوال الشاكي تقف وحيدة في ميدان الإثبات لا يعززها أي دليل آخر فضلاً عن أنه أقر بتصالحه مع المتهم فإنها تكون محاطة بالشكوك والريب في صحة إسناد التهمة إلى المتهم ومن ثم يتعين القضاء ببراءته من التهمة المسندة إليه عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.

الطعن 22481 لسنة 63 ق جلسة 10 / 6 / 2002 مكتب فني 53 ق 130 ص 772

جلسة 10 من يونيه سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا، أسامة توفيق، رفعت حنا نواب رئيس المحكمة وربيع لبنة.

----------------

(130)
الطعن رقم 22481 لسنة 63 القضائية

تبديد. خيانة أمانة. وكالة. إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عقد الوكالة بالعمولة عقد تجاري. أساس ذلك؟
جواز إثباته بالبينة المادة 60 من قانون الإثبات. استلزم الحكم الكتابة لإثباته خطأ في تطبيق القانون.

--------------
من المقرر أن عقد الوكالة بالعمولة هو من العقود التجارية بنص القانون التجاري "مواد 81 إلى 89" وقد أجازت المادة 60 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 إثبات مثله بالبينة وهو ما تمسك به الطاعن أمام محكمة أول درجة وأصبح واقعاً مسطوراً بأوراق الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر واستلزم الكتابة لإثبات عقد الوكالة بالعمولة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يعيبه ويوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية.


الوقائع

أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد المطعون ضده بوصف أنه بدد بضائع قيمتها ثلاثة وأربعين ألفاً وخمسمائة جنيه سلمت له على سبيل الوكالة بالعمولة لتسويقها لحسابه فاختلسها لنفسه إضراراً به وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدى له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح قسم باب شرقي قضت حضورياً ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعى بالحقوق المدنية. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت الأستاذة/ ....... المحامية بصفتها نائبة عن الأستاذ/ ..... المحامي وكيلاً عن المدعى بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن المدعي بالحقوق المدنية ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة التبديد وبرفض الدعوى المدنية قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه تطلب الكتابة لإثبات عقد الوكالة بالعمولة موضوع الدعوى في حين أنه من العقود التجارية التي يجوز قانوناً إثباتها بالبينة.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه الحكم المطعون فيه، بعد أن حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن عهد إلى المطعون ضده بتسويق بضاعة لحسابه قيمتها ثلاثة وأربعون ألفاً وخمسمائة جنيه نظير عمولة 10% من قيمتها إلا أنه لم يسلمه البضاعة أو قيمتها واختلسها لنفسه، وانتهى إلى القضاء ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية بقوله "ولما كانت البضاعة المقول باختلاسها تبلغ 43500 جنيه وكانت الأوراق قد جاءت خلوا من ثمة سند كتابي يثبت قيام عقد وكالة بالأجر بين المتهم وبين المدعى بالحق المدني الذي بموجبه تسلم الأول البضاعة من الأخير الأمر الذى يضحى معه الاتهام على غير سند تقضي معه المحكمة ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عقد الوكالة بالعمولة هو من العقود التجارية بنص القانون التجاري "مواد 81 إلى 89" وقد أجازت المادة 60 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 إثبات مثله بالبينة وهو ما تمسك به الطاعن أمام محكمة أول درجة وأصبح واقعاً مسطوراً بأوراق الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر واستلزم الكتابة لإثبات عقد الوكالة بالعمولة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يعيبه ويوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية، ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن تناول موضوع الدعوى تناولاً صحيحاً فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة.

الطعن 24425 لسنة 63 ق جلسة 2 / 7 / 2002 مكتب فني 53 ق 131 ص 775

جلسة 2 من يوليه سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب، أمين عبد العليم، عمر بريك ونافع فرغلي نواب رئيس المحكمة.

----------------

(131)
الطعن رقم 24425 لسنة 63 القضائية

حكم "وضعه والتوقيع عليه" "بطلانه". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
ورقة الحكم السند الوحيد الذي يشهد بوجوده. العبرة في الحكم بنسخته الأصلية.
مسودة الحكم مشروع. للمحكمة كامل الحرية في تغييره وفي إجراء ما تراه في شأن الوقائع والأسباب.
خلو الحكم من نسخته الأصلية واقتصاره على صورة ضوئية من مسودته موقعة من القاضي. يبطله.

-----------------
من حيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه عبارة عن صورة ضوئية من مسودة الحكم موقعاً عليها من رئيس الدائرة التي أصدرته، لما كان ذلك. وكان من المقرر أن ورقة الحكم هي السند الوحيد الذي يشهد بوجوده على الوجه الذي صدر به وبناء على الأسباب التي أقيم عليها وكانت العبرة في الحكم هي بنسخته الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضي وتحفظ في ملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وفي الطعن عليه من ذوي الشأن أما مسودة الحكم أو صورتها فإنها لا تكون إلا مشروعاً للمحكمة كامل الحرية في تغييره وفى إجراء ما تراه في شأن الوقائع والأسباب مما لا تتحدد به حقوق الخصوم عند إرادة الطعن لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون وكأنه صدر خاليًا من الأسباب التي بني عليها مما يبطله ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 -...... في ضربوا...... فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يومًا. وطلبت عقابهم بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات، وادعى المجنى عليه مدنياً قبلهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهًا ومحكمة جنح..... قضت غيابياً في..... عملاً بمادة الاتهام بحبس كل منهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت.
عارض المحكوم عليهما الأول والثاني، وقضي في معارضتهما بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
استأنفا. ومحكمة..... الابتدائية بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعًا والاكتفاء بحبس المتهمين أسبوعين مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض في .... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه إذ دانهما بجريمة الضرب البسيط قد شابه البطلان إذ لم يحرر غير مسودته مما يعيبه ويستوجب نقضه. ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه عبارة عن صورة ضوئية من مسودة الحكم موقعًا عليها من رئيس الدائرة التي أصدرته، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ورقة الحكم هي السند الوحيد الذي يشهد بوجوده على الوجه الذي صدر به وبناء على الأسباب التي أقيم عليها وكانت العبرة في الحكم هي بنسخته الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضي وتحفظ في ملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وفي الطعن عليه من ذوي الشأن أما مسودة الحكم أو صورتها فإنها لا تكون إلا مشروعاً للمحكمة كامل الحرية في تغييره وفى إجراء ما تراه في شأن الوقائع والأسباب مما لا تتحدد به حقوق الخصوم عند إرادة الطعن. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون وكأنه صدر خاليًا من الأسباب التي بني عليها مما يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 5100 لسنة 65 ق جلسة 3 / 7 / 2002 مكتب فني 53 ق 132 ص 778

جلسة 3 من يوليه سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الجيزاوي، عمر الفهمي نائبي رئيس المحكمة وسمير سامى ومحمد جمال الشربيني.

------------

(132)
الطعن رقم 5100 لسنة 65 القضائية

دعوى مدنية. دعوى جنائية. اختصاص "الاختصاص الولائي" نصب. ضرر. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". نصب.
إقامة الدعوى المدنية أمام المحاكم الجنائية. جائز. متى كانت تابعة للدعوى الجنائية. كون الفعل محل الدعوى الجنائية مناط التعويض في الدعوى المدنية المرفوعة تبعًا لها غير معاقب عليه. أثره: عدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية.

---------------
1 - لما كان الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية، وكان الحق المدعى به ناشئًا عن ضرر وقوع للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية، فإذا لم يكن الضرر الذي لحق به ناشئًا عن هذه الجريمة سقطت تلك الإباحة وسقط معها اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية ولما كان الواضح مما أثبته الحكم المطعون فيه أن تصرف المطعون ضده في العقار المبيع محل جريمة النصب كان بمقتضى توكيل رسمي صادر له الطاعنة تجيز له البيع وقبض الثمن وأن تصرفه كان صحيحًا لكون العقار ما زال مملوك للطاعنة مما لا يتوفر معه جريمة النصب المرفوعة بها الدعوى فإن قضاءه بالبراءة اعتمادًا على هذا السبب يترتب عليه عدم اختصاص المحكمة بالفصل في الدعوى المدنية أما وقد تعرضت لها وفصلت في موضوعها فإنها تكون قد قضت في أمر هو من اختصاص المحاكم المدنية وحدها ولا شأن للمحاكم الجنائية به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه توصل بطريق الاحتيال إلى الاستيلاء على مساحة ألف ومائة وستة مترًا مربعًا مملوكة.... وكان ذلك بالتصرف فيه بالبيع وهو ليس ملكًا له وليس له حق التصرف فيه لنجلته.... مع علمه بذلك على النحو المبين بالأوراق وطلبت عقابه بالمادة 336/ 1 من قانون العقوبات.
وادعت المجنى عليها مدنيًا قبل المتهم بأن يؤدي لها مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنح مصر الجديدة قضت حضورياً ببراءة ورفض الدعوى المدنية. استأنفت المدعية بالحقوق المدنية ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن المدعية بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما تنعاه الطاعنة - المدعية بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة النصب ورفض الدعوى المدنية قبله قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أسس قضاءه بالبراءة على أن المطعون ضده قد تصرف في العقار محل الاتهام بالبيع بمقتضى توكيل صادر له من الطاعنة يجيز له ذلك مما لا تتوافر معه أركان هذه الجريمة في حين أن هذا البيع في حقيقته عقد من عقود التبرع كما أن الطاعنة قد سبق لها التصرف في هذا العقار بالبيع وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. 

ولما كان الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية، وكان الحق المدعى به ناشئًا عن ضرر وقع للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية، فإذا لم يكن الضرر الذي لحق به ناشئًا عن هذه الجريمة سقطت تلك الإباحة وسقط معها اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية ولما كان الواضح مما أثبته الحكم المطعون فيه أن تصرف المطعون ضده في العقار المبيع محل جريمة النصب كان بمقتضى توكيل رسمي صادر له من الطاعنة تجيز له البيع وقبض الثمن وأن تصرفه كان صحيحًا لكون العقار ما زال مملوك للطاعنة مما لا يتوفر معه جريمة النصب المرفوعة بها الدعوى فإن قضاءه بالبراءة اعتمادًا على هذا السبب يترتب عليه عدم اختصاص المحكمة بالفصل في الدعوى المدنية أما وقد تعرضت لها وفصلت في موضوعها فإنها تكون قد قضت في أمر هو من اختصاص المحاكم المدنية وحدها ولا شأن للمحاكم الجنائية به. وحيث إنه لما كان ما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والحكم بعد اختصاص المحاكم الجنائية بنظر الدعوى المدنية دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 10554 لسنة 69 ق جلسة 4 / 7 / 2002 مكتب فني 53 ق 133 ص 781

جلسة 4 من يوليه سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شعبان باشا، أحمد عبد القوي أيوب، رضا القاضي وأبو بكر البسيوني أبو زيد نواب رئيس المحكمة.

---------------

(133)
الطعن رقم 10554 لسنة 69 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
عدم إيداع الطاعن أسباباً لطعنه أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) نيابة عامة. نقض "المصلحة في الطعن"
حق النيابة العامة في الطعن في الحكم، ولو لم يكن لها مصلحة في ذلك. أساس ذلك؟
(3) جريمة. سرقة بالإكراه. ضرب أفضى إلى موت. ارتباط. عقوبة "تطبيقها". ظروف مخففة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه هي الأشغال الشاقة أو السجن لجريمة النزول بعقوبة السجن إلى الحبس الذى لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر. إفصاح الحكم. أخذها المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 عقوبات. وجوب ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد فيها. علة ذلك؟
(4) نقض "أثر الطعن".
حسن سير العدالة. يوجب امتداد أثر نقض الحكم لباقي المحكوم عليهم.

----------------
1 - لما كان المحكوم عليه الأول قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسبابًا لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - لما كان من المقرر أن النيابة العامة، وهي تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى العمومية - هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص يجيز لها أن تطعن في الحكم، وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه، ولما كانت مصلحة المجتمع تقتضى أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى صيحة وأن تبنى الأحكام فيها على تطبيق قانوني صحيح خال مما يشوبه من أسباب الخطأ والبطلان، فإن مصلحة النيابة العامة في هذا الطعن تكون قائمة.
3 - لما كانت العقوبة المقررة للجريمة الأولى الأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع . وأن العقوبة المقررة للجريمة الثانية الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، وكانت المادة 17 من القانون آنف الذكر تبيح النزول بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إلى عقوبة السجن أو الحبس الذى لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور، كم تبيح النزول بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس التي لا يجوز أن تنقص عن ثلاثة شهور، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازيًا، إلا أنه يتعين على المحكمة، إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقًا للمادة 17 المشار إليها ألا تقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمتين محل الاتهام، وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة المطعون ضدهما سالفي الذكر طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليهما عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة وهى إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين للجريمتين اللتين دين المطعون ضدهما بهما طبقاً للمادتين 336/ 1 و314 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد خالف القانون إذ كان عليه أن ينزل بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر بالنسبة للمطعون ضده الأول، وأن ينزل بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور بالنسبة للمطعون ضدها الثانية.
4 - لما كان تطبيق العقوبة في حدود النص المنطبق من اختصاص محكمة الموضوع، فإنه يتعين أن يكون النقض مقرونًا بالإعادة بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثانية وإلى المطعون ضدها الثالثة وذلك لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.


الوقائع

1 - اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنهم اشتركوا مع آخر حدث في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجناية موضوع الاتهام الثاني والثالث وذلك بأن اتحدت إرادتهم على سرقة التوكيل العام الصادر للمجنى عليها..... من زوجها عن طريق تخديرها.
2 - أعطوا مع آخر حدث..... مادة ضارة "مخدر الأثير" فأحدثوا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدوا من ذلك قتلها ولكنه أفضى إلى موتها.
3 - سرقوا مع آخر حدث المبلغ النقدي والأشياء المبينة الوصفة والقيمة بالأوراق والمملوكة للمجني عليها سالفة الذكر بطريق الإكراه الواقع عليها بأن قاموا بشل حركتها وتخديرها وإحداث ما بها من إصابات وتمكن بذلك المتهمان الأول والثانية من إتمام جريمة السرقة حال مراقبة المتهمة الثالثة للمجني عليها وذلك على النحو المبين بالأوراق. وإحالتهم إلى محكمة جنايات... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى زوج المجني عليها عن نفسه وبصفته وصيًا على أولاده القصر مدنيًا قبل المتهمين الثانية والثالثة بإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 39/ أولا، وثانيا، 48، 236/ 1، 314 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17 و32 من القانون ذاته أولاً: بعدم جواز نظر الدعوى للمتهم الأول بالنسبة للتهمة الثالثة. ثانياً: بمعاقبة المتهمين الأول والثانية بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما أسند إليهما.
ثالثاً: بمعاقبة المتهمة الثالثة بالحبس لمدة سنة واحدة عما أسند إليها. رابعًا: فى الدعوى المدنية بإلزام المتهمين الثانية والثالثة بأن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية عن نفسه وبصفته مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثانية في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن المحكوم عليه الأول.... قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسبابًا لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. وحيث إن طعن النيابة العامة والمحكوم عليها..... قد استوفى الشكل المقرر في القانون. ومن حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه دان المحكوم عليهما الأول والثانية بجريمتي السرقة بالإكراه والضرب المفضي إلى الموت، قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أوقع على المحكوم عليهما عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة وذلك على خلاف ما تقضى به المادة 17 من قانون العقوبات في هذا الخصوص، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث إنه من المقرر أن النيابة العامة، وهى تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى العمومية - هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص يجيز لها أن تطعن في الحكم، وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه، ولما كانت مصلحة المجتمع تقتضي أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى صحيحة وأن تبنى الأحكام فيها على تطبيق قانوني صحيح خال مما يشوبه من أسباب الخطأ والبطلان، فإن مصلحة النيابة العامة في هذا الطعن تكون قائمة.
ومن حيث إن البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن انتهى إلى إدانة المطعون ضدهما الأول بجريمة الضرب المفضي إلى الموت، والثانية بجريمة السرقة بالإكراه أوقع عليهما عقوبة الأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات طبقًا لنص المادتين 236/ 1، 314 من قانون العقوبات وأشار إلى إعماله نص المادة 17 من ذات القانون. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة للجريمة الأولى الأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع. وأن العقوبة المقررة للجريمة الثانية الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، وكانت المادة 17 من القانون آنف الذكر تبيح النزول بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إلى عقوبة السجن أو الحبس الذى لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور، كما تبيح النزول بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس التي لا يجوز أن تنقص عن ثلاثة شهور، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازيًا، إلا أنه يتعين على المحكمة، إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقًا للمادة 17 المشار إليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمتين محل الاتهام، وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة المطعون ضدهما سالفي الذكر طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليهما عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة وهى إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين للجريمتين اللتين دين المطعون ضدهما بهما طبقاً للمادتين 336/ 1 و314 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد خالف القانون إذ كان عليه أن ينزل بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر بالنسبة للمطعون ضده الأول، وأن ينزل بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إلى عقوبة السجن أو الحبس الذى لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور بالنسبة للمطعون ضدها الثانية. لما كان ذلك، وكان تطبيق العقوبة في حدود النص المنطبق من اختصاص محكمة الموضوع، فإنه يتعين أن يكون النقض مقرونًا بالإعادة بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثانية وإلى المطعون ضدها الثالثة وذلك لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة ودون حاجة إلى بحث باقي أوجه طعن النيابة العامة أو التعرض لطعن الطاعنة الثانية المحكوم عليها.

الطعن 24628 لسنة 63 ق جلسة 7 / 7 / 2002 مكتب فني 53 ق 134 ص 787

جلسة 7 من يوليه سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ مجدى الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد جمال الدين عبد اللطيف، فريد عوض على عوض، عادل الكناني نواب رئيس المحكمة وسيد الدليل.

---------------

(134)
الطعن رقم 24628 لسنة 63 القضائية

(1) سرقة "إكراه". حكم "تسبيبه - تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثال لتوافر العناصر القانونية لجريمة السرقة بإكراه المنصوص عليها في المادة 314 عقوبات.
(2) إثبات "شهود" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن - ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
لمحكمة الموضوع أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. دون بيان العلة. مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشهود؟
اختلاف أقوال الشهود في بعض التفصيلات. لا يعيب الحكم - ما دام حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام النقض.
(3) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الأثبات والبحث في حصة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه انتزع منه بالإكراه.
(4) قانون "تفسيره". إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة.
للنيابة العامة عند مباشرة التحقيق إصدار أمر بحضور المتهم أو القبض عليه وإحضاره وكذا في الجرائم التي يجوز فيها الحبس الاحتياطي بغير حاجة إلى تحريات متى استندت في ذلك إلى دلائل كافية على الاتهام. المواد 126، 130، 199 إجراءات.
(5) دفوع "الدفع بصدور الإذن بعد الضبط". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن رداً عليه.

------------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله... تتحصل في أنه بتاريخ 18/ 3/ 1993 وفى أحد أيام شهر رمضان وبقرية عباس مركز المحلة الكبرى ولصلة قربى بين المجني عليه إبراهيم عبد النبي إبراهيم عبد العال والمتهم عثمان أحمد عبد الله تقابلا ببلدة الأخير وأخبره الأول برغبته في شراء ملابس بعد تناول طعام الإفطار وشاهد ما معه من نقود فانصرف واتفق مع المتهم مصطفى عبد البديع حنيفة على سرقته وعاد إلى المجني عليه بعد تناول طعام الإفطار واستدرجه إلى أحد الطرق وتبعهما المتهم الأخير وهو يحمل سلاحًا أبيض "خنجرًا" وتوجه إليهما عندما أيقن بعدهما عن عمران القرية وهو يخفي معالم وجهه وشهر ذلك السلاح في وجه المجني عليه مهدداً إياه وطالبًا منه إخراج ما معه من نقود وقاومه الأخير فضربه بذلك السلاح في ذراعه ويده فأحدث به جروحاً ثم ضربه في أنفه فقد الوعى على أثرها. فاستوليا المتهمان على بعض ملابس المجني عليه (الجاكت) ونقوده وفرا هاربين.. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال المجني عليه وضابطي الشرطة واعتراف المتهمان بالتحقيقات ولم يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح في الأوراق. لما كان ما أورده الحكم على النحو سالف الإشارة تتوافر به كافة العناصر القانونية لجانية السرقة بإكراه المنصوص عليها في المادة 314/ 1، 2 من قانون العقوبات فإن الحكم إذ خلص إلى إدانة الطاعن على هذا الأساس يكون قد اقترن بالصواب ويضحى من ثم ما يثيره الطاعن في هذا الصدد من قصور فيه غير سديد.
2 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون معقب، ولها أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته لتعلق ذلك بالموضوع لا بالقانون وفي اطمئنانها إلى أقوال الشهود ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإنه لا يعيب الحكم ما يثيره الطاعن من أن الشهود قد اختلفت أقوالهم في بعض تفصيلات معينة ما دام الثابت أنه قد حصل تلك الأقوال بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا تجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
3 - لما كان الاعتراف في المواد الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها - دون غيرها - البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه فإن المحكمة إذ تحققت للأسباب السائغة التي ساقتها على النحو المتقدم واطمأنت إلى أن هذا الاعتراف سليم مما يشوبه تكون قد مارست السلطة المخولة لها بغير معقب عليها.
4 - لما كانت المادة 126 من قانون الإجراءات الجنائية التي يسري حكمها بالنسبة لما تباشره النيابة العامة من تحقيق طبقًا لنص المادة 199 من ذات القانون - تجيز لسلطة التحقيق أن تصدر بحسب الأحوال أمرًا لحضور المتهم أو القبض عليه وإحضاره، كما أجازت المادة 130 من القانون السالف إصدار مثل هذا الأمر في أحوال محددة من بينها إذا كانت الجريمة محل الاتهام يجوز فيها الحبس الاحتياطي بغير حاجة إلى تحريات متى قامت بالطبع الدلائل الكافية على ذلك الاتهام - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - إذ الجريمة محل الاتهام جناية سرقة باكراه معاقب عليها بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة وقامت الدلائل الكافية على الاتهام من أقوال المجني عليه وتحريات الشرطة.
5 - لما كان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كل من 1 -..... بأنهما في يوم..... (أ) سرقا المبلغ النقدي والأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة.... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن استدرجه المتهم الثاني إلى مكان الواقعة وأشهر الأول خنجراً وهدده بالقتل ثم إنهال عليه بالضرب في مواضع مختلفة من جسمه فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي فشلاً بذلك مقاومته وتمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على المسروقات على النحو المبين بالتحقيقات (ب) المتهم الأول أيضاً: - أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "خنجراً" وإحالتهما إلى محكمة جنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً..... عملاً بالمواد 314/ 1، 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرر، 30/ 1 من قانون 394 سنة 1954 المعدل بالقوانين 26 سنة 1978، 1650 سنة 1981، 97 سنة 1992 والبند رقم 3 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهما بالحبس سنتين مع الشغل ومصادرة السلاح المضبوط عما أسند لكل منهما.
فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض في..... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة السرقة بطريق الإكراه مع إحداث جروح قد شابه القصور في التسبب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال ذلك أنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تحقق به أركان الجريمة وظروفها ومؤدى الأدلة التي استخلص منها الحكم ثبوت وقوعها من الطاعن، وعول في قضائه بالإدانة على أقوال المجني عليه ورئيس المباحث رغم تناقضهما واستند إلى شهادة الشهود رغم عدم مطابقتها للواقع، والحقيقة التي أدلوا بها خوفًا من بطش ضابط الواقعة ورغم تمسك الدفاع عن الطاعن ببطلان اعترافه لكونه وليد إكراه وقع عليه وبطلان إذن النيابة بالقبض والتفتيش لعدم جدية التحريات ولإجرائه قبل صدور الإذن ورد على دفوعه في، هذا الشأن بما لا يسوغ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله"... تتحصل فى أنه بتاريخ 18/ 3/ 1993 وفى أحد أيام شهر رمضان وبقرية عباس مركز المحلة الكبرى ولصلة قربى بين المجنى عليه إبراهيم عبد النبي إبراهيم عبد العال والمتهم عثمان أحمد عبد الله تقابلا ببلدة الأخير وأخبره الأول برغبته في شراء ملابس بعد تناول طعام الإفطار وشاهد ما معه من نقود فانصرف واتفق مع المتهم مصطفى عبد البديع حنيفة على سرقته وعاد إلى المجني عليه بعد تناول طعام الإفطار واستدرجه إلى أحد الطرق وتبعهما المتهم الأخير وهو يحمل سلاحًا أبيض "خنجرًا" وتوجه إليهما عندما أيقن بعدهما عن عمران القرية وهو يخفى معالم وجهه وشهر ذلك السلاح في وجه المجني عليه مهدداً إياه وطالبا إخراج ما معه من نقود وقاومه الأخير فضربه بذلك السلاح في ذراعه ويده فأحدث به جروحاً ثم أنفه فقد الوعى على أثرها. فاستوليا المتهمان على بعض ملابس المجني عليه (الجاكت) نقوده وفرا هاربين.. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال المجنى عليه وضابطي الشرطة واعتراف المتهمان بالتحقيقات ولم يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح في الأوراق. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على النحو سالف الإشارة تتوافر به كافة العناصر القانونية لجانية السرقة بإكراه المنصوص عليها في المادة 314/ 1، 2 من قانون العقوبات فإن الحكم إذ خلص إلى إدانة الطاعن على هذا الأساس يكون قد اقترن بالصواب ويضحى من ثم ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد من قصور فيه غير سديد. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون معقب، ولها أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته لتعلق ذلك بالموضوع لا بالقانون وفى اطمئنانها إلى أقوال الشهود ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإنه لا يعيب الحكم ما يثيره الطاعن من أن الشهود قد اختلفت أقوالهم في بعض تفصيلات معينه ما دام الثابت أنه قد حصل تلك الأقوال بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا تجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على ما أقره الدفاع من بطلان الاعتراف الصادر من الطاعن في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان اعتراف المتهمين لصدوره نتيجة إكراه فإنه من المقرر أن الاعتراف يجب أن يعول عليه ولو كان صادقاً متى كان وليد إكراه كائنًا ما كان قدره. لما كان ذلك، وكان قول الدفاع بشأن الإكراه على سند مما أثبته وكيل النيابة المحقق من عرض المتهم مصطفى عبد البديع حنيفة على المستشفى العام لتوقيع الكشف الطبي عليه وبيان ما به من إصابات وسببها فضلاً عن أن الكشف الطبي الموقع على المتهم المذكور أثبت عدم وجود ثمة إصابات به كما أن أي من المتهمين لم يذكر بالتحقيقات أو بجلسات المعارضة في أمر حبسه أن ثمة إكراه وقع عليه ولما كان ذلك وكان قول الدفاع ببطلان اعتراف المتهمين لوقوع إكراه قد ورد مرسلاً ولم يتأيد بأي دليل هذا بالإضافة إلى أن الاعتراف الصادر عن المتهمين تم بسراي النيابة وبعد أن أعلمهم وكيل النيابة المحقق بصفته وهو ما يقطع بأن هذه الاعترافات منبته الصلة بأي إجراءات سابقة عليها. ومن ثم ترى المحكمة أن الاعتراف الصادر عن المتهمين بتحقيقات النيابة كان حرًا واختياريًا ونصاً في اقتراف الجريمة وقد صدر منهم في ظروف كانت مكفولة لهم فيها حرية الدفاع عن أنفسهم بكافة الضمانات. لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المواد الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها - دون غيرها - البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه فإن الحكمة إذ تحققت للأسباب السائغة التي ساقتها على النحو المتقدم واطمأنت إلى أن هذا الاعتراف سليم مما يشوبه تكون قد مارست السلطة المخولة لها بغير معقب عليها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد ردت على الدفع بعدم جدية التحريات بقولها "وحيث إنه عن الدفع بعدم جدية التحريات فإن تقدير جدية التحريات متروك لسلطة التحقيق تحت رقابة محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان الثابت مما أثبته الضابط بمحضره وشهد به بالتحقيقات أن تحرياته دلت على أن مرتكبي الحادث وباعثه وكيفية وقوعه والأداة المستخدمة في ذلك ومن ثم ترى المحكمة كفاية التحريات وجديتها لتسويغ إصدار الأمر بالقبض على المتهمين وتفتيش أشخاصهما وسكنيهما. لما كان ذلك، وكان هذا الدفع لا محل له وظاهر البطلان ذلك أن المادة 126 من قانون الإجراءات الجنائية التي يسري حكمها بالنسبة لما تباشره النيابة العامة من تحقيق طبقًا لنص المادة 199 من ذات القانون - تجيز لسلطة التحقيق أن تصدر بحسب الأحوال أمرًا لحضور المتهم أو القبض عليه وإحضاره، كما أجازت المادة 130 من القانون السالف إصدار مثل هذا الأمر في أحوال محدده من بينها إذا كانت الجريمة محل الاتهام يجوز فيها الحبس الاحتياطي بغير حاجة إلى تحريات متى قامت بالطبع الدلائل الكافية على ذلك الاتهام - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - إذ الجريمة محل الاتهام جناية سرقة باكراه معاقب عليها بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة وقامت الدلائل الكافية على الاتهام من أقوال المجنى عليه وتحريات الشرطة فضلاً عن أن المحكمة ردت على هذا الدفع بما يدحضه على نحو ما سلف فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في هذا الصدد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.

الطعن 9807 لسنة 63 ق جلسة 14 / 7 / 2002 مكتب فني 53 ق 135 ص 795

جلسة 14 من يوليه سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ أنور محمد جابري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد جمال الدين عبد اللطيف، فريد على عوض، ناجي عبد العظيم نواب رئيس المحكمة وسعيد فنجري.

---------------

(135)
الطعن رقم 9807 لسنة 63 القضائية

(1) تفتيش "التفتيش بغير إذن" "التفتيش الوقائي". مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". تلبس.
عدم جواز القبض على المتهم الحاضر إلا في أحوال التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر، إذا وجدت دلائل كافية على اتهامه. أساس ذلك؟
تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً. صحيح؟ المادة 46 إجراءات جنائية.
إباحة التفتيش الوقائي لأي فرد من أفراد السلطة المنفذة لأمر القبض، علته؟
(2) تفتيش "التفتيش بغير إذن". قانون "تفسيره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الحكم ببراءة المطعون ضده لبطلان تفتيشه وبطلان الدليل المستمدة من التفتيش لإجرائه لتنفيذ العقوبة المقضي بها بالحبس والغرامة في حكم غير واجب النفاذ أو لتحصيل الغرامة. صحيح قانونًا. علة ذلك؟

------------------
1 - لما كانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتين بالقانون رقم 73 لسنة 1972 المتعلق بضمان حريات المواطنين - لا تجيز لمأمور الضبط القضائي أن يقبض على المتهم الحاضر إلا في أحوال التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر إذا وجدت دلائل كافية على اتهامه وقد خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانونًا أيًا كان سبب القبض أو الغرض منه - وكان سند إباحة التفتيش الوقائي هو إنه إجراء تحفظي يسوغ لأى فرد من أفراد السلطة المنفذة لأمر القبض القيام به درءًا لما يحتمل من أن يلحق المتهم أذى بشخصه من شيء يكون معه أو أن يلحق مثل هذا الأذى بغيره مما يباشر القبض عليه، فإنه بغير قيام مسوغ القبض القانوني لا يجوز لمأمور الضبط القضائي القيام بالتفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق أو كإجراء وقائي.
2 - لما كان الثابت مما حصله الحكم وأورده فى مدوناته أن المحكوم عليه لم يصدر أمرًا بالقبض عليه وإنما توجه الضابطان لتنفيذ العقوبة المقضي بها بالحبس والغرامة في حكم غير واجب النفاذ أو تحصيل الغرامة في ذات الحكم والتي لا تقتضي القبض على المحكوم عليه وانتهى إلى بطلان القبض والتفتيش فإنه يكون قد اقترن بالصواب فيما قضى به من براءة المطعون ضده استنادًا إلى بطلان تفتيشه وبطلان الدليل المستمد منه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده..... أنه: أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرًا "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانونًا وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا ببراءة المتهم مما نسب إليه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة إحراز مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانونًا قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أقام قضاؤه بتبرئة المطعون ضده تأسيساً على أن الحكم الصادر في الجنحة التي قبض عليه على ذمتها غير واجب النفاذ في حين أن الأحكام الصادرة من محكمة جنح أمن الدولة طوارئ بالغرامة واجبة النفاذ فور صدورها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد أدلة الاتهام من شهادة النقيب .... بتاريخ..... وحال تواجده بمكتبه اتصل به مصدر سرى وأبلغه بتواجد المحكوم عليه..... في القضية رقم..... جنح أمن دولة طوارئ بجلسة...... غيابيًا حبس شهر ومائة جنيه غرامة بشارع النخيل فانتقل إلى هناك يرافقه الشاهد الثاني النقيب.... وهناك أبصراه يقف موالياً ظهره اتجاههما إلى الحارة سكنه فقام هو بضبطه وسلمه لمرافقه للتحفظ عليه ثم أجرى هو تفتيشه فعثر معه بالجيب الأيمن الجانبي للبنطال الذي يرتديه على لفافة سلوفانية صفراء تحوى كمية لمخدر الحشيش بقماش الطربة - وشهادة..... الذي شهد بمضمون ما شهد به الشاهد الأول ومن تقرير المعمل الكيماوي الذي أثبت أن ما تم ضبطه - حشيش - ثم عرض لدفع المطعون ضده ببطلان القبض والتفتيش لعدم توافر حالة من حالات التلبس وانتهى إلى صحة هذا الدفع وأطرحه بقوله "إن الحكم في الجنحة..... لسنة..... جنح أمن الدولة..... لم يتم التصديق عليه من 23/ 11/ 1992 أي بعد تاريخ ضبط المتهم في 20/ 11/ 1992 ومن ثم لم يكن هذا الحكم واجب النفاذ ومن ثم لا يصح قانونًا القبض على المتهم بزعم الحكم عليه في تلك الجنحة وبالتالي يقع ذلك القبض باطلاً وينال البطلان كذلك ما ترتب على ذلك القبض الباطل ومنها تفتيش المتهم. لما كان ذلك، وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتين بالقانون رقم 73 لسنة 1972 المتعلق بضمان حريات المواطنين - لا تجيز لمأمور الضبط القضائي أن يقبض على المتهم الحاضر إلا في أحوال التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر إذا وجدت دلائل كافية على اتهامه وقد خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانونًا أيًا كان سبب القبض أو الغرض منه - وكان سند إباحة التفتيش الوقائي هو إنه إجراء تحفظي يسوغ لأى فرد من أفراد السلطة المنفذة لأمر القبض القيام به درءًا لما يحتمل من أن يلحق المتهم أذى بشخصه من شيء يكون معه أو أن يلحق مثل هذا الأذى بغيره مما يباشر القبض عليه، فإنه بغير قيام مسوغ القبض القانوني لا يجوز لمأمور الضبط القضائي القيام بالتفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق أو كإجراء وقائي. لما كان ذلك، وكان الثابت مما حصله الحكم وأورده في مدوناته أن المحكوم عليه لم يصدر أمرًا بالقبض عليه وإنما توجه الضابطان لتنفيذ العقوبة المقضي بها بالحبس والغرامة في حكم غير واجب النفاذ أو تحصيل الغرامة في ذات الحكم والتي لا تقتضي القبض على المحكوم عليه وانتهى إلى بطلان القبض والتفتيش فإنه يكون قد اقترن بالصواب فيما قضى به من براءة المطعون ضده استنادًا إلى بطلان تفتيشه وبطلان الدليل المستمد منه ويضحى ما تثيره النيابة العامة في هذا الصدد غير سديد ويكون الطعن على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.

الطعن 10495 لسنة 63 ق جلسة 18 / 7 / 2002 مكتب فني 53 ق 136 ص 799

جلسة 18 من يوليه سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ عادل عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شعبان باشا، أحمد عبد القوى أيوب، رضا القاضي وعاطف خليل نواب رئيس المحكمة.

---------------

(136)
الطعن رقم 10495 لسنة 63 القضائية

مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب" نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
لمحكمة الموضوع القضاء بالبراءة للشك. حد ذلك؟
تضمن الحكم عبارات مجملة يكتنفها الغموض والإبهام وعدم بيانه ساعة ضبط المطعون ضده لتبرير قضاءه بالبراءة. مؤداه وأثره؟

------------------
من المقرر أنه وإذ كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن عبارات عديدة من أسبابه جاءت مجهلة ويكتنفها الغموض والإبهام في غير اتصال يؤدى إلى معنى مفهوم ويشوبها الاضطراب، إذ لم يبين الحكم في أي ساعة من صباح يوم 17/ 10/ 1992 تم القبض على المطعون ضده كي يبرر قضاءه بالبراءة استناداً إلى بطلان القبض والتفتيش مما لا يبين معه أن المحكمة قد فهمت واقعة الدعوى على الوجه الصحيح ولا يتحقق معه الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الأحكام الأمر الذي يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانونًا. وأحالته إلى محكمة جنايات..... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن ما ساقه الحكم تبريراً لقضائه ببراءة المطعون ضده لبطلان القبض والتفتيش بمقولة حصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة - هو مجرد قول مرسل من المطعون ضده لم يسانده ثمة دليل في الأوراق، كما أطرح الحكم شاهدي الضبط في هذا الشأن متعللاً في ذلك بسرعة الإجراءات التي اتخذت قبل المطعون ضده من دون أن يبين ماهية تلك الإجراءات والوقت التي تستغرقه والسرعة اللازمة المعقولة لتنفيذ الإذن وأثر كل ذلك بالنسبة للوقت الذي انقضى بين صدور الإذن وتنفيذه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الثبوت التي استندت إليها سلطة الاتهام عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصوله دون سند قانوني بقوله "........ فإن المحكمة ترى أن هذا الدفع قد جاء في محله إذ القبض والتفتيش الواقع على المتهم - المطعون ضده - قد وقع باطلاً لحصوله قبل صدور إذن النيابة العامة بضبطه وتفتيشه وآية ذلك أن المتهم قرر بتحقيقات النيابة العامة منذ باكورتها أن القبض والتفتيش عليه تم الساعة..... صباح يوم........ دون أن يكون عاد ليس يمكنه أن يعلم لا بتاريخ ولا ساعة إصدار الإذن متى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن التحريات تمت في ذات اليوم الساعة ...... مساء وأن إذن التفتيش قد صدر في ذات اليوم الساعة..... مساء وإذن الضبط على ما قاله به شاهدي الإثبات قد تم في اليوم ذاته الساعة..... مساء الأمر الذي إذ دل على شيء فإنما يدل على صدق ما ذهب إليه المتهم من أن القبض والتفتيش وقعا قبل الإذن وأن عوارًا لحق بإجراءات الضبط حاول فرسان الواقعة أن يسبغوا عليه الشرعية القانونية فجاءت إجراءاتها على نحو زمني متلاحق وسريع الإيقاع كلها تتم في غضون دقائق معدودات مما لا تطمئن معه المحكمة إلى صدقها ما جاء بها الأمر الذي تنتهي معه المحكمة إلى بطلان القبض والتفتيش الحاصل على المتهم..". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن عبارات عديدة من أسبابه جاءت مجهلة ويكتنفها الغموض والإبهام في غير اتصال يؤدي إلى معنى مفهوم ويشوبها الاضطراب، إذ لم يبين الحكم في أي ساعة من صباح يوم..... تم القبض على المطعون ضده كي يبرر قضاءه بالبراءة استناداً إلى بطلان القبض والتفتيش مما لا يبين معه أن المحكمة قد فهمت واقعة الدعوى على الوجه الصحيح ولا يتحقق معه الغرض الذى قصده الشارع من تسبيب الأحكام الأمر الذي يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور الذي يعيبه ويوجب نقضه والإعادة.