جلسة 8 من نوفمبر سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/
حماد الشافعي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، محسن
فضلي، د/ طه عبد المولى نواب رئيس المحكمة وعبد العزيز فرحات.
----------------
(186)
الطعن رقم 691 لسنة 68
القضائية
(1) حكم "بيانات الحكم".
الأصل في ثبوت تاريخ
إصدار الحكم هو محاضر الجلسات. مؤداه. الخطأ المادي في تاريخ صدور الحكم الثابت
بنسخته الأصلية. تصحيحه بما ورد بشأنه في محضر الجلسة.
(2)حكم "استنفاد الولاية". استئناف.
قضاء محكمة الاستئناف
برفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية محلياً بنظر الدعوى.
أثره. استنفاد ولايتها في هذا الدفع. عدم جواز تصديها له مرة أخرى.
(3) إثبات "عبء الإثبات".
الأصل في الإجراءات أنها
روعيت صحيحة. التزام من يدعي مخالفتها بإقامة الدليل على ذلك.
(6 - 4) حكم. تزوير.
(4) العبرة بالحكم عند التعارض بينه وبين ما أثبت
بمحضر الجلسة.
(5)جحد الثابت بورقة الحكم أو مسودته من بيانات. سبيله. الطعن عليهما
بالتزوير.
(6)النعي بانعدام الحكم المطعون فيه لصدور حكم سابق عليه في الموضوع.
خلو النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه مما يفيد ذلك وعدم اتخاذ الطاعن إجراءات
الطعن بالتزوير عليه أو على مسودته. نعي على غير أساس.
(7، 8 ) عقد "فسخ
العقد". بيع. التزام "الشرط الفاسخ الصريح".
(7)اعتبار السكوت عن استعمال الحق في طلب الفسخ فترة من الزمن نزولاً
ضمنياً عن هذا الحق. شرطه. اتخاذ صاحب الحق من سكوته موقفاً لا تدع ظروف الحال
شكاً في دلالته على قصد النزول. م 90 مدني.
(8) فسخ العقد إعمالاً للشرط الصريح الفاسخ. مناطه. أن
يثبت قيام هذا الشرط وعدم العدول عن إعماله وتحقق الشرط الموجب لسريانه. مؤداه.
الاتفاق على الشرط الفاسخ الصريح في العقد عند التأخير في سداد قسط من الثمن في
موعده. قبول البائع للوفاء بطريقة تتعارض مع إرادة الفسخ. أثره. سقوط حقه في
استعمال هذا الشرط لا يبقى له سوى التمسك بالفسخ القضائي طبقاً للمادة 157 مدني.
(مثال لتسبيب معيب).
(9)نقض "أثر نقض الحكم".
قضاء الحكم المطعون فيه
بالتعويض مترتباً على قضائه بالفسخ. نقضه بالنسبة لما قضى به من الفسخ أثره. نقضه
فيما قضى به من التعويض. م 271/ 2 مرافعات.
2 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 11/ 5/ 1993 - والسابق على الحكم المطعون فيه - أنه رفض هذا الدفع "بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية محلياً بنظر الدعوى" تأسيساً على أن الدعوى من الدعاوى الشخصية العقارية التي يجوز رفعها أمام المحكمة التي يقع في دائرتها العقار، وهو ما تستنفد به المحكمة ولايتها، لا يكون للحكم المطعون فيه أن يتصدى للدفع مرة أخرى.
3 - الأصل في الإجراءات أنها روعيت صحيحة، وعلى من يدعي مخالفتها إقامة الدليل على ذلك.
4 - إن العبرة بما أثبت بالحكم عند قيام تعارض بينه وبين ما أثبت بمحضر الجلسة.
5 - لا يجوز للخصم أن يجحد ما أثبت بورقة الحكم أو مسودته من بيانات إلا بطريق الطعن عليهما بالتزوير.
6 - إذ كانت النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه لم تتضمن ما يفيد صدور حكم في موضوع الدعوى بجلسة 29/ 4/ 1997، وخلا محضر تلك الجلسة من توقيع رئيس الجلسة، والذي تتوافر به صفة الرسمية لهذا المحضر، ولم يتخذ الطاعن إجراءات الطعن بالتزوير على الحكم المطعون فيه أو على مسودته لإثبات صدور حكم سابق عليه في الموضوع، فإن النعي بهذا السبب (النص بانعدام الحكم المطعون فيه لصدور حكم سابق عليه في الموضوع) يكون على غير أساس.
7 - لئن كان مجرد السكوت عن استعمال الحق في طلب الفسخ فترة من الزمن رغم العلم بقيام موجبه لا يعتبر نزولاً عن الحق، إلا أنه إذا اتخذ صاحب الحق مع سكوته موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على قصد النزول، كان هذا تعبيراً ضمنياً عن إرادة النزول عن الحق عملاً بالمادة 90 من القانون المدني.
8 - إذا تضمن العقد شرطاً صريحاً فاسخاً، فإنه يلزم حتى ينفسخ العقد بقوته أن يثبت قيامه، وعدم العدول عن إعماله، وتحقق الشرط الموجب لسريانه، فإن كان الفسخ مرتبطاً بالتأخير في سداد قسط من الثمن في الموعد المحدد له، وتبين أن البائع قد أسقط حقه في استعمال الشرط الصريح الفاسخ بقبوله الوفاء بطريقة تتعارض مع إرادة الفسخ، وجب على القاضي أن يتجاوز عن شرط الفسخ الاتفاقي، ولا يبقى للدائن سوى التمسك بالفسخ القضائي طبقاً للمادة 157 من القانون المدني، وكان الطاعن قد تمسك بنزول المطعون ضدها عن الشرط الصريح الفاسخ، بتراخيها في رفع دعوى الفسخ، وإنذارها له بالسداد لأكثر من مرة، وكان الحكم المطعون فيه قد أعمل هذا الشرط دون أن يعرض للظروف والملابسات التي ساقها الطاعن تدليلاً على النزول عنه، ومنها ما قدمه بين يدي محكمة الاستئناف إثباتاً لسداده جزءاً من الثمن، وقبول المطعون ضدها التأجيل لإتمام السداد - مع ما قد يكون لذلك من دلالة على صحة دفاعه - وكان ما أورده الحكم المطعون عليه رداً على دفاع الطاعن لا يواجهه ولا يصلح رداً عليه، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون.
9 - إذ كان قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض مترتباً على قضائه بالفسخ إعمالاً للشرط الفاسخ الصريح، فإن نقضه بالنسبة لما قضى به من الفسخ، يستتبع حتماً نقضه فيما قضى به من التعويض عملاً بالمادة 271/ 2 من قانون المرافعات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت
على الطاعن الدعوى رقم 2317 لسنة 1991 مدني الإسكندرية الابتدائية طالبة الحكم
بفسخ عقد البيع العرفي المؤرخ 14/ 4/ 1987 مع إلزام الطاعن بتسليم الشقة محل
العقد، واعتبار ما تم سداده تعويضاً عن شغلها. وقالت بياناً للدعوى إنها باعت
للطاعن بموجب العقد المشار إليه، شقة بشاطئ المعمورة، وقد تخلف عن سداد الأقساط
المستحقة عن أعوام 88، 89، 1990 وفوائد التأخير عنها، رغم إنذاره بسدادها في 30/
12/ 1990، بما تحقق معه الشرط الفاسخ الصريح، ومن ثم فقد أقامت الدعوى بطلباتها
سالفة البيان. وبجلسة 29/ 4/ 1992 حكمت المحكمة بفسخ عقد البيع الابتدائي المؤرخ
14/ 4/ 1987 وبإلزام الطاعن بتسليم الشقة خالية. استأنف الطاعن هذا الحكم
بالاستئناف رقم 1017 لسنة 48 ق الإسكندرية، كما استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف
رقم 1111 لسنة 48 ق الإسكندرية. وبعد أن قررت المحكمة ضمهما قضت بندب خبير، وبعد
أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 21/ 12/ 1997 بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن أن
يؤدي للمطعون ضدها تعويضاً مقداره خمسة آلاف جنيه، وتأييده فيما عدا ذلك. طعن
الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول
الطعن للتقرير به بعد الميعاد، واحتياطياً بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة
في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع
المبدى من النيابة أن الحكم المطعون فيه صدر في 15/ 12/ 1997 ولم يطعن عليه إلا في
19/ 2/ 1998، وبالتالي يكون قد أقيم بعد الميعاد.
وحيث إن هذا الدفع مردود،
ذلك أن الأصل في ثبوت تاريخ إصدار الحكم هو محاضر الجلسات التي أعدت لإثبات ما
يجري فيها، وإذ كان الثابت من محاضر جلسات القضية الاستئنافية أنها حجزت للحكم
فيها لجلسة 15/ 12/ 1997، ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة 21/ 12/ 1997، وفيها صدر
الحكم، وأنه ولئن أثبت بنسخة الحكم الأصلية أنه صدر في 15/ 12/ 1997، إلا أن
الثابت بمدوناته مد أجل الحكم بعد هذه الجلسة، ومن ثم فلا يعتد بما ورد بها من خطأ
مادي يصححه ما ورد بشأنه في محضر الجلسة، ويكون الطعن قد أقيم في الميعاد، ويضحى
الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن أقيم على
خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في
التسبيب، في بيان ذلك يقول إن الحكم لم يورد الدفع المبدى منه بعدم اختصاص محكمة
الإسكندرية الابتدائية - محلياً - بنظر الدعوى لأن محل إقامته بمدينة القاهرة، أو
يرد عليه، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير
صحيح، وذلك أنه متى كان الثابت من مدونات الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 11/
5/ 1993 - والسابق على الحكم المطعون فيه - أنه رفض هذا الدفع تأسيساً على أن
الدعوى من الدعاوى الشخصية العقارية التي يجوز رفعها أمام المحكمة التي يقع في
دائرتها العقار، وهو ما تستنفد به المحكمة ولايتها، ولا يكون للحكم المطعون فيه أن
يتصدى للدفع مرة أخرى، بما يكون معه النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى
بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الانعدام، ذلك أن الثابت بمحضر جلسة 29/ 4/
1997 أن محكمة الاستئناف قد أصدرت حكمها بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، إلا
أنها عدلت عن إصدار هذا الحكم، وقامت بتأجيل الدعوى مرتين على قول إن عضو يسار
الدائرة قد اشترك في إصدار الحكم المستأنف، بما مؤداه أن المحكمة قد استنفدت
ولايتها بالنسبة لموضوع الدعوى، ويكون الحكم المطعون فيه قد صدر منعدماً.
وحيث إن هذا النعي غير
صحيح، ذلك أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت صحيحة، وعلى من يدعي مخالفتها إقامة
الدليل على ذلك، وكانت العبرة بما أثبت بالحكم عند قيام تعارض بينه وبين ما أثبت
بمحضر الجلسة، ولا يجوز للخصم أن يجحد ما أثبت بورقة الحكم أو مسودته من بيانات
إلا بطريق الطعن عليهما بالتزوير، وكانت النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه لم
تتضمن ما يفيد صدور حكم في موضوع الدعوى بجلسة 29/ 4/ 1997، وخلا محضر تلك الجلسة
من توقيع رئيس الجلسة، والذي تتوافر به صفة الرسمية لهذا المحضر، ولم يتخذ الطاعن
إجراءات الطعن بالتزوير على الحكم المطعون فيه أو على مسودته لإثبات صدور حكم سابق
عليه في الموضوع، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن
على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في
دفاعه أمام محكمة الاستئناف بنزول الشركة المطعون ضدها عن الشرط الفاسخ الصريح،
واستدل بقعودها عن إقامة الدعوى به أربع سنوات بعد تحققه، وإنذارها له بالسداد،
وقبولها جزءاً من الثمن أثناء نظر الدعوى وموافقتها على التأجيل لاستكمال السداد،
إلا أن الحكم رد على دفاعه بأن عدم المطالبة بالأقساط تلك المدة لا يفيد النزول عن
الشرط الفاسخ الصريح الذي لا يسقط بعدم الاستعمال ما دام سببه قائماً، مما يعيب
الحكم بالخطأ في تطبيق القانون، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في
محله، ذلك أنه لئن كان مجرد السكوت عن استعمال الحق في طلب الفسخ فترة من الزمن
رغم العلم بقيام موجبه لا يعتبر نزولاً عن الحق، إلا أنه إذا اتخذ صاحب الحق مع
سكوته موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على قصد النزول، كان هذا تعبيراً
ضمنياً عن إرادة النزول عن الحق عملا ً بالمادة 90 من القانون المدني، وأنه إذا
تضمن العقد شرطاً صريحاً فاسخاً، فإنه يلزم حتى ينفسخ العقد بقوته أن يثبت قيامه
وعدم العدول عن إعماله، وتحقق الشرط الموجب لسريانه، فإن كان الفسخ مرتبطاً
بالتأخير في سداد قسط من الثمن في الموعد المحدد له، وتبين أن البائع قد أسقط حقه
في استعمال الشرط الصريح الفاسخ بقبوله الوفاء بطريقة تتعارض مع إرادة الفسخ، وجب
على القاضي أن يتجاوز عن شرط الفسخ الاتفاقي، ولا يبقى للدائن سوى التمسك بالفسخ
القضائي طبقاً للمادة 157 من القانون المدني، وكان الطاعن قد تمسك بنزول المطعون
ضدها عن الشرط الصريح الفاسخ، وبتراخيها في رفع دعوى الفسخ، وإنذارها له بالسداد
لأكثر من مرة، وكان الحكم المطعون فيه قد أعمل هذا الشرط دون أن يعرض للظروف
والملابسات التي ساقها الطاعن تدليلاً على النزول عنه، ومنها ما قدمه بين يدي
محكمة الاستئناف إثباتاً لسداده جزءاً من الثمن، وقبول المطعون ضدها التأجيل
لإتمام السداد - مع ما قد يكون لذلك من دلالة على صحة دفاعه - وكان ما أورده الحكم
المطعون عليه رداً على دفاع الطاعن لا يواجهه ولا يصلح رداً عليه، فإنه يكون
معيباً بالقصور الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه، دون حاجة لبحث
باقي أسباب الطعن.
ومتى كان قضاء الحكم
المطعون فيه بالتعويض مترتباً على قضائه بالفسخ إعمالاً للشرط الفاسخ الصريح، فإن
نقضه بالنسبة لما قضى به من الفسخ، يستتبع حتماً نقضه فيما قضى به من التعويض
عملاً بالمادة 271/ 2 من قانون المرافعات، على أن يكون مع النقض الإحالة.