جلسة 31 من يناير سنة 2001
برئاسة السيد المستشار/ شكري العميري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحمن فكري، محسن فضلي، د. طه عبد المولى نواب رئيس المحكمة وعبد العزيز فرحات.
---------------
(50)
الطعون أرقام 2272، 3158، 2513 لسنة 63 القضائية
(1، 6) استيلاء "الاستيلاء المؤقت على العقارات". نزع الملكية للمنفعة العامة. ملكية. تعويض. مسئولية. محكمة الموضوع. حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه: ما يعد كذلك".
(1) لجهة الإدارة أو المحافظ الاستيلاء مؤقتاً على العقارات اللازمة لخدمة مشروع ذي منفعة عامة. وجوب أن تعين المصلحة طالبة الاستيلاء خلال أسبوع من تاريخه قيمة التعويض مقابل عدم انتفاع ذوي الشأن بالعقار المستولى عليه. م 17 ق 577 لسنة 1954.
(2) قرار الاستيلاء. التزام الجهة مصدرته بوضع حد أقصى لمدته لا تتجاوز ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الاستيلاء الفعلي على العقار. عدم جواز مجاوزتها هذه المدة إلا بالاتفاق مع ملاكه. تعذر ذلك. وجوب اتخاذها إجراءات نزع ملكيته للمنفعة العامة قبل انقضاء تلك المدة بوقت كاف وإلا اعتبرت يدها عليه بمثابة غصب. أثره. احتفاظ صاحبه بملكيته له وحقه في استرداد هذه الملكية حتى صدور مرسوم بنزعها أو استحالة رده إليه، واختياره المطالبة بتعويض الضرر سواء ما كان قائماً وقت الغصب أو ما تفاقم بعد ذلك إلى تاريخ الحكم.
(3) إصدار المحافظ الطاعن الأول بصفته بناء على طلب رئيس المدينة الطاعن الثاني بصفته قراراً بالاستيلاء على عقار النزاع لمدة ثلاث سنوات لإقامة سوق جملة بالمدينة. عدم اتخاذه إجراءات نزع ملكيته للمنفعة العامة قبل انقضاء تلك المدة وقيام الطاعن الثاني بصفته ببيعه إلى بنك ناصر الاجتماعي المطعون الأخير بصفته دون انتقال الملكية إليه. أثره. صيرورة يدهما على العقار بغير سند. مسئوليتهما بالتضامن عن تعويض ملاكه.
(4) استيلاء الحكومة على العقار جبراً دون اتخاذ إجراءات قانون نزع الملكية. غصب. ليس من شأنه نقل ملكيته للغاصب. حق صاحب العقار في استرداد ملكيته له والرجوع على مشتريه من الغاصب بدعوى الاستحقاق وطرده منه ومطالبته بالتعويض إذا كان سيئ النية.
(5) تقدير التعويض. مسألة موضوعية. استقلال محكمة الموضوع بها.
(6) استيلاء الحكومة على العقار جبراً دون اتخاذ الإجراءات القانونية لنزع الملكية. غصب. يستوجب مسئوليتها عن التعويض. أثره. بقاء العقار على ملك صاحبه. مؤداه. أحقيته في استرداد ملكيته حتى صدور مرسوم بنزعها أو استحالة رده إليه أو اختياره المطالبة بالتعويض. له في الحالتين الأخيرتين شأن أي مضرور عن عمل غير مشروع الحق في تعويض الضرر سواء ما كان قائماً وقت الغصب أو ما تفاقم بعد ذلك إلى تاريخ الحكم. قضاء الحكم المطعون فيه بتقدير قيمة العقار مثار النزاع وقت الاستيلاء عليه لا وقت رفع الدعوى. مخالفة للقانون وخطأ.
2 - أوجبت المادة الثامنة عشرة من القانون رقم 577 لسنة 1954 على الجهة مصدرة قرار الاستيلاء (جهة الإدارة أو المحافظ) وضع حد أقصى لمدته لا تتجاوز ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الاستيلاء الفعلي على العقار المستولى عليه لا تستطيع أن تتجاوزها إلا بالاتفاق الودي مع أصحابه فإن تعذر ذلك فإنها تلتزم باتخاذ إجراءات نزع ملكيته للمنفعة العامة قبل انقضاء تلك المدة بوقت كاف وإلا اعتبرت يدها عليه بغير سند من القانون وبمثابة غصب - ويستتبع هذا النظر أن صاحب هذا العقار يظل محتفظاً بملكيته رغم هذا الاستيلاء ويكون له الحق في استرداد هذه الملكية إلى أن يصدر مرسوم بنزعها، أو يستحيل رده إليه أو إذا اختار هو المطالبة بالتعويض شأنه في ذلك الضرر من أي عمل غير مشروع له أن يطالب بتعويض الضرر سواء ما كان قائماً وقت الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك إلى تاريخ الحكم.
3 - لما كان الطاعن الأول بصفته (المحافظ) وقد اختصه القانون بإصدار قرارات الاستيلاء المؤقت على العقارات اللازمة لخدمة مشروعات ذات منفعة عامة واتخاذ إجراءات نزع ملكيتها لذلك في حالة تعذر الاتفاق مع ملاكها على تحديد فترة الاستيلاء عليها بعد انتهاء مدته وهي ثلاث السنوات التي حددها القانون في المادة الثامنة عشرة من القانون 577 لسنة 1954 قد أصدر بتاريخ 9/ 12/ 1973 قراره رقم 505 لسنة 1973 بالاستيلاء على عقار النزاع بناء على كتاب الطاعن الثاني بصفته (رئيس الوحدة المحلية لمدينة ومركز طنطا) رقم 207 بتاريخ 5/ 11/ 1973 لإقامة سوق الجملة لتجارة الخضر والفاكهة بمدينة طنطا لمدة ثلاث سنوات ومكن له بذلك من وضع يده عليه ولم يتخذ إجراءات نزع ملكية للمنفعة العامة قبل انقضاء تلك المدة بوقت كاف وتصرف الأخير فيه بالبيع إلى الهيئة العامة لبنك ناصر الاجتماعي لتنفيذ المشروع سالف الذكر بموجب عقد الاتفاق المبرم بينهما بتاريخ 30/ 9/ 1974 دون انتقال الملكية إليه وفقاً للقانون ومن ثم تقوم مسئوليتهما التضامنية عن تعويض ملاكه المطعون ضدهم لأن يدهما عليه أصبحت بغير سند من القانون وفي حكم الغصب.
4 - لما كان استيلاء الحكومة على العقار جبراً عن صاحبه دون اتخاذ الإجراءات التي يوجبها نزع الملكية وحسبما جاء بالرد على سبب الطعن السابق يعتبر بمثابة غصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض وليس من شأنه أن ينقل بذاته ملكيته للغاصب على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ويستتبع هذا النظر أن صاحب العقار يظل محتفظاً بها رغم هذا الاستيلاء ويكون له الحق في استردادها إلى أن يصدر مرسوم بنزعها أو يستحيل رده إليه أو اختار هو المطالبة بالتعويض عنه وفي الحالتين الأخيرتين يكون شأنه عند المطالبة بالتعويض شأن المضرور من أي عمل غير مشروع ويكون له حق الرجوع على مشتريه من الغاصب بدعوى الاستحقاق لأنه لا يزال مالكاً للمبيع كما سلف بيانه وله طرده منه لأن يده تكون غير مستندة إلى تصرف نافذة في مواجهته ويطالبه بالتعويض إذا كان سيئ النية. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن البنك الطاعن قد اشترى عقار النزاع من الطاعن الثاني في الطعن المنضم رقم.... لسنة..... ق بصفته بموجب العقد المؤرخ 30/ 1/ 1974 وهو عالم بأن ملكيته لم تؤل إليه لعدم صدور قرار بنزع ملكيته للمنفعة العامة ومن ثم تكون يده عليه غير مستندة إلى تصرف نافذ في مواجهة مالكيه لأنه سيئ النية وتكون يده عليه يد غاصبة إذ لا تستند إلى سبب مشروع وتكون دعواهم بمطالبته بالتضامن عن ذلك على سند من الواقع والقانون وإذ ألزمه الحكم بالتعويض مع الطاعنين في الطعن سالف البيان بصفتهما فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
5 - تقدير التعويض هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع إذ لها أن تقدر التعويض على الوجه الذي تراه ومن ثم يكون النعي على الحكم (بأن استند في تقدير قيمة العقار مثار النزاع إلى تقدير الخبير المنتدب في الدعوى مع أنه أرض زراعية ولم تدخل ضمن كردون مدينة طنطا وأن السعر الذي يمكن التعويل عليه هو خمسة آلاف جنيه للفدان وقت الاستيلاء) على غير أساس ومن ثم غير مقبول.
6 - إذا كان استيلاء الحكومة على العقار جبراً عن صاحبه دون اتخاذ الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية يعتبر بمثابة غصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض إذ ليس من شأنه أن ينقل بذاته ملكيته للغاصب ويستتبع هذا النظر أن يظل على ملكية صاحبه ويكون له الحق في استرداد هذه الملكية إلى صدور مرسوم بنزعها أو يستحيل رده إليه أو إذا اختار هو المطالبة بالتعويض وفي الحالتين الأخيرتين يكون شأن المالك عند مطالبته بالتعويض شأن المضرور من أي عمل غير مشروع له أن يطالب بتعويض الضرر سواء في ذلك ما كان قائماً وقت الغصب أو ما تفاقم بعد ذلك إلى تاريخ الحكم لأن الضرر كلما كان متغيراً تعين على القاضي النظر فيه لا كما كان عندما وقع بل كما صار إليه عند الحكم لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد قدر قيمة التعويض المستحق للطاعنين بقيمة العقار مثار النزاع وقت الاستيلاء عليه لا وقت رفع الدعوى بالمخالفة للنظر السابق فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعون الثلاثة استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين في الطعن رقم.... لسنة.... ق أقاموا على الطاعنين في الطعنين المنضمين رقمي....، ..... لسنة..... ق بصفتهم الدعوى رقم.... لسنة..... مدني محكمة طنطا الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن بأن يؤدوا لهم مبلغ أربعمائة وتسعين ألفاً وسبعمائة جنيه على سند من قيامهم بالاستيلاء بغير سند من القانون وبطريق الغصب على الأرض المبينة موقعاً وحدوداً ومعالماً بصحيفة الدعوى والتي تبلغ مساحتها 3 س 8 ط 2 ف والمورثة لهم خلفاً عن مورثهم المرحوم....... والذي كان يتملكها بموجب العقد المسجل رقم 47 لسنة 1978 شهر عقاري طنطا لإقامة سوق لتجارة الخضر والفاكهة بتلك المدينة المذكورة وإذ يخصهم في تلك المساحة ثلاثة أرباعها بما يعادل 9815 م 2 شيوعاً فيها يقدر سعر المتر المربع فيها بخمسين جنيهاً وكان الغصب عملاً غير مشروع ويلزم المدعى عليهم متضامنين بدفع التعويض المستحق لهم عن ذلك ومن ثم فقد أقاموا الدعوى ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره دفع الحاضر عن الطاعنين في الطعن رقم.... لسنة.... ق بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهما لرفعهما على غير ذي صفة وادعيا فرعياً على الطاعن في الطعن رقم.... لسنة..... ق بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لهما ما عسى أن يحكم عليهما به في الدعوى الأصلية كما عدل الطاعنون في تلك الدعوى الأخيرة طلباتهم إلى طلب الحكم بإلزام الطاعنين في الطعنين المنضمين سالفي البيان بالتضامن بأن يؤدوا لهم مبلغ 1409844.800 جنيهاً بواقع سعر المتر من أرض النزاع بمبلغ 244 جنيهاً عند حساب التعويض - أعادت المحكمة الدعوى إلى الخبير لبحثها على ضوء تلك الطلبات الأخيرة وفحص اعتراضات الخصوم وبعد أن قدم تقريره الختامي قضت في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن في الطعن رقم.... لسنة.... ق بصفته بأن يؤدي للطاعنين في الطعن رقم..... لسنة..... ق (المدعيين) 314997.500 جنيهاً على أن يوزع عليهم طبقاً للفريضة الشرعية وثانياً وفي موضوع دعوى الضمان الفرعية برفضها استأنف الطاعن في الطعن الثالث المنضم (رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لبنك ناصر الاجتماعي) والطاعنون في الطعن الأول (المدعون) هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئنافين رقمي....، .... لسنة.... ق وبعد أن أمرت تلك المحكمة بضمها للارتباط ليصدر فيهما حكم واحد حكمت بتاريخ 14/ 2/ 1993 في موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لبنك ناصر ومحافظ الغربية ورئيس الوحدة المحلية لمدينة ومركز طنطا بصفتهم متضامنين بأن يؤدوا إلى كل من...... و..... و..... تعويضاً قدره 314697.500 جنيهاً على أن يوزع عليهم طبقاً للفريضة الشرعية. طعن الأخيرون في هذا الحكم بطريق النقض حيث قيد طعنهم برقم.... لسنة.... ق كما طعن فيه محافظ الغربية ورئيس الوحدة المحلية لمدينة ومركز طنطا ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لبنك ناصر الاجتماعي أيضاً بهذا الطريق وقيد الطعن الأول برقم.... لسنة.... ق والأخير برقم.... لسنة..... ق وقدمت النيابة مذكرة في كل طعن منها أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في الطعن الأول وفي الطعنين الأخيرين برفضهما وإذ عُرضت تلك الطعون على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرها وفيها أمرت بضمها للارتباط والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه وبالنسبة للطعن رقم.... لسنة.... ق فإنه أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنان بصفتهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وبياناً لذلك يقولان إنه إذا أجازت المادة السابعة عشرة من القانون 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة لجهة الإدارة أو المحافظ بناء على طلب المصلحة المختصة الاستيلاء المؤقت على العقارات اللازمة لخدمة مشروع ذي منفعة عامة ويحصل الاستيلاء بمجرد انتهاء مندوبيها من إثبات صفة العقارات ومساحتها وحالتها بدون حاجة لاتخاذ إجراءات أخرى على أنه يعين من خلال أسبوع من هذا التاريخ قيمة التعويض المستحق لذوي الشأن مقابل عدم انتفاعهم بالعقار وهو ما يعني أن دور المحافظ في هذا الصدد يقف عند حد إصدار قرار الاستيلاء ولا يتعداه ويكون حق أصحاب الشأن في المطالبة بالتعويض في مواجهة الجهة أو المصلحة طالبة الاستيلاء وإذ كانت الجهة التي طلبت ذلك هو الهيئة العامة لبنك ناصر الاجتماعي بمقتضى عقد الاتفاق المؤرخ 30/ 1/ 1974 المبرم بينها والطاعن الثاني بصفته ومن ثم تكون بمفردها المسئولة أمام ذوي الشأن (المدعين) في سداد التعويض بحسبان أنها الجهة المستفيدة فإذا ما خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزامهما بالتضامن معها في الوفاء بذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه ولئن أجازت المادة السابعة عشرة من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة لجهة الإدارة أو المحافظ الاستيلاء مؤقتاً على العقارات اللازمة لخدمة مشروع ذي منفعة عامة على أن تعين المصلحة طالبة الاستيلاء خلال أسبوع من تاريخه قيمة التعويض المستحق لذوي الشأن مقابل عدم انتفاعهم بالعقار المستولى عليه فقد أوجبت المادة الثامنة عشرة من القانون سالف الذكر على الجهة مصدرة قرار الاستيلاء (جهة الإدارة أو المحافظ) وضع حد أقصى لمدته لا تتجاوز إلا بالاتفاق الودي مع أصحابه فإن تعذر ذلك فإنها تلتزم باتخاذ إجراءات نزع ملكيته للمنفعة العامة قبل انقضاء تلك المدة بوقت كاف وإلا اعتبرت يدها عليه بغير سند من القانون وبمثابة غصب - ويستتبع هذا النظر أن صاحب هذا العقار يظل محتفظاً بملكيته رغم هذا الاستيلاء ويكون له الحق في استرداد هذه الملكية إلى أن يصدر مرسوم بنزعها، أو يستحيل رده إليه أو إذا اختار هو المطالبة بالتعويض شأنه في ذلك شأن المضرور من أي عمل غير مشروع له أن يطالب بتعويض الضرر سواء ما كان قائماً وقت الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك إلى تاريخ الحكم. لما كان ذلك وكان الطاعن الأول بصفته وقد اختصه القانون بإصدار قرارات الاستيلاء المؤقت على العقارات اللازمة لخدمة مشروعات ذات منفعة عامة واتخاذ إجراءات نزع ملكيتها لذلك في حالة تعذر الاتفاق مع ملاكها على تحديد فترة الاستيلاء عليها بعد انتهاء مدته وهي الثلاث سنوات التي حددها القانون في المادة الثامنة عشرة من القانون سالف الذكر قد أصدر بتاريخ 9/ 12/ 1973 قراره رقم 505 لسنة 1973 بالاستيلاء على عقار النزاع بناء على كتاب الطاعن الثاني بصفته رقم 207 بتاريخ 5/ 11/ 1973 لإقامة سوق الجملة لتجارة الخضر والفاكهة بمدينة طنطا لمدة ثلاث سنوات ومكن له بذلك من وضع يده عليه ولم يتخذ إجراءات نزع ملكية للمنفعة العامة قبل انقضاء تلك المدة بوقت كاف وتصرف الأخير فيه بالبيع إلى الهيئة العامة لبنك ناصر الاجتماعي لتنفيذ المشروع سالف الذكر بموجب عقد الاتفاق المبرم بينهما بتاريخ 30/ 9/ 1974 دون انتقال الملكية إليه وفقاً للقانون ومن ثم تقوم مسئوليتهما التضامنية عن تعويض ملاكه المطعون ضدهم لأن يدهما عليه أصبحت بغير سند من القانون وفي حكم الغصب وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي عليه بسبب الطعن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
وحيث إنه وبالنسبة للطعن رقم..... لسنة..... ق فقد أقيم هذا الطعن على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بصفته الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وبياناً لذلك يقول إن الحكم إذ ألزمه بالتعويض بالتضامن مع الطاعنين في الطعن 3158 لسنة 53 مع توافر حسن النية لديه حال شرائه للعقار مثار النزاع وقد أوفى بكافة التزاماته التعاقدية وطلب من رئيس مجلس المدينة الوفاء بالتزامه باستصدار قرار نزع الملكية له إلا أنه لم يحرك ساكناً بما تقوم معه مسئوليته وحده عن التعويض باعتباره غاصباً فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان استيلاء الحكومة على العقار جبراً عن صاحبه دون اتخاذ الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية وحسبما جاء بالرد على سبب الطعن السابق يعتبر بمثابة غصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض وليس من شأنه أن ينقل بذاته ملكيته للغاصب على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ويستتبع هذا النظر أن صاحب العقار يظل محتفظاً بها رغم هذا الاستيلاء ويكون له الحق في استردادها إلى أن يصدر مرسوم بنزعها أو يستحيل رده إليه أو اختار هو المطالبة بالتعويض عنه وفي الحالتين الأخيرتين يكون شأنه عند المطالبة بالتعويض شأن المضرور من أي عمل غير مشروع ويكون له حق الرجوع على مشتريه من الغاصب بدعوى الاستحقاق لأنه لا يزال مالكاً للمبيع كما سلف بيانه وله طرده منه لأن يده تكون غير مستندة إلى تصرف نافذ في مواجهته ويطالبه بالتعويض إذا كان سيئ النية لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن البنك الطاعن قد اشترى عقار النزاع من الطاعن الثاني في الطعن المنضم رقم..... لسنة..... ق بصفته بموجب العقد المؤرخ 30/ 1/ 1974 وهو عالم بأن ملكيته لم تؤل إليه لعدم صدور قرار بنزع ملكيته للمنفعة العامة ومن ثم تكون يده عليه غير مستنده إلى تصرف نافذ في مواجهة مالكيه لأنه سيئ النية وتكون يده عليه يد غاصبة إذ لا تستند إلى سبب مشروع وتكون دعواهم بمطالبته بالتضامن عن ذلك على سند من الواقع والقانون وإذ ألزمه الحكم بالتعويض مع الطاعنين في الطعن سالف البيان بصفتهما فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي عليه بسببي الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وبياناً لذلك يقول: إن الحكم إذ استند في تقدير قيمة العقار مثار النزاع إلى تقدير الخبير المنتدب في الدعوى مع أنه أرض زراعية ولم تدخل ضمن كردون مدينة طنطا وأن السعر الذي يمكن التعديل عليه هو خمسة آلاف جنيه للفدان وقت الاستيلاء فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن تقدير التعويض هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع إذ لها أن تقدر التعويض على الوجه الذي تراه ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس ومن ثم غير مقبول ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
وحيث إنه وبالنسبة للطعن رقم..... لسنة..... ق فإن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون: إن الحكم إذ اعتد في تقدير التعويض المقضي به لهم بقيمة العقارات وقت الاستيلاء عليه وأقام قضاءه استناداً إلى أن أرض النزاع يقدر سعر المتر المربع فيها بمبلغ خمسين جنيهاً في ذلك الحين مع أنه يجب عند تقدير التعويض في حالة استيلاء الحكومة على عقار جبراً عن صاحبه بدون اتباع الإجراءات لنزع ملكيته للمنفعة العامة بأن يكون جابراً للضرر سواء ما كان قائماً وقت الغصب أو ما تفاقم إليه بعد ذلك إلى تاريخ الحكم وهو ما يستتبع تقديره بقيمة العقار وقت رفع الدعوى لا وقت الاستيلاء عليه بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه إذا كان استيلاء الحكومة على العقار جبراً عن صاحبه دون اتخاذ الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية يعتبر بمثابة غصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض إذ ليس من شأنه أن ينقل بذاته ملكيته للغاصب ويستتبع هذا النظر أن يظل على ملكية صاحبه ويكون له الحق في استرداد هذه الملكية إلى صدور مرسوم شأن المالك عند مطالبته بالتعويض وفي الحالتين الأخيرتين يكون شأن المالك عند مطالبته بالتعويض شأن المضرور من أي عمل غير مشروع له أن يطالب بتعويض الضرر سواء في ذلك ما كان قائماً وقت الغصب أو ما تفاقم بعد ذلك إلى تاريخ الحكم لأن الضرر كلما كان متغيراً تعين على القاضي النظر فيه لا كما كان عندما وقع بل كما صار إليه عند الحكم لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد قدر قيمة التعويض المستحق للطاعنين بقيمة العقار مثار النزاع وقت الاستيلاء عليه لا وقت رفع الدعوى بالمخالفة للنظر السابق فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.