جلسة 27 من مارس سنة 2001
برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعلة، سيد الشيمي، مدحت سعد الدين نواب رئيس المحكمة وعز العرب عبد الصبور.
-------------------
(94)
الطعن رقم 2126 لسنة 70 القضائية
(1 - 3) تأمين "التأمين الإجباري عن حوادث السيارات". تعويض. مسئولية. نقض "وظيفة محكمة النقض" "أسباب الطعن: الأسباب الجديدة". قانون. محكمة الموضوع. حكم "عيوب التدليل: القصور، مخالفة القانون".
(1) التأمين الإجباري من المسئولية المدنية عن حوادث السيارات. سريانه على الوفاة والإصابات البدنية الناجمة عن تلك الحوادث. عدم شموله ما يصيب المضرور في ماله. م 5 ق 652 لسنة 1955. الاستثناء. تضمن الوثيقة اشتراطاً لمصلحة الغير يجيز له الرجوع على المؤمن بحق مباشر.
(2) قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام شركة التأمين بأن تدفع للمطعون ضده تعويضاً مادياً عما حاق به من ضرر نتيجة إصابته ونفوق دابته دون استظهار ما إذا كانت وثيقة التأمين على السيارة أداة الحادث أو أية وثيقة أخرى تكميلية قد تضمنت اشتراطاً لمصلحة المضرور يجيز للمطعون ضده مطالبتها بالتعويض عن ضرر نفوق دابته ودون أن يبين الحكم مقدار ما يجبر هذا الضرر ومقدار ما يستحقه من تعويض عن إصابته. مخالفة للقانون وقصور مبطل.
(3) السبب الجديد. ماهيته. وجه النعي الذي يشتمل على عناصر واقعية لم يسبق طرحها على محكمة الموضوع أو الذي يختلط فيه الواقع بالقانون بحيث يقتضي من محكمة النقض فحصاً أو تحقيقاً موضوعياً يتعارض مع وظيفتها كمحكمة قانون. النعي بأن التأمين الإجباري لا يغطي المسئولية المدنية الناجمة عن إصابة المضرور في ماله. قاعدة قانونية صرف لا اتصال لها بتحصيل فهم الواقع في الدعوى. جواز التمسك بهذا النعي لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك وجوب أن يتقصى القاضي من تلقاء نفسه الحكم القانوني المنطبق على الواقعة المطروحة عليه وأن ينُزل هذا الحكم عليها. ذهاب نيابة النقض إلى أن النعي سبب جديد. عدم صحته.
2 - إذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه ألزم الشركة الطاعنة (شركة التأمين) بأن تدفع إلى المطعون ضده مبلغ سبعة آلاف جنيه تعويضاً مادياً عما حاق به من ضرر نتيجة إصابته ونفوق دابته دون أن يستظهر ما إذا كانت وثيقة التأمين على السيارة المشار إليها (السيارة أداة الحادث) - أو وثيقة أخرى تكميلية - قد تضمنت اشتراطاً لمصلحة المضرور يجيز للمطعون ضده مطالبتها بما أصابه من ضرر عن نفوق دابته، وبغير أن يبين مقدار ما يستحقه من تعويض عن إصابته، وما يجبر الضرر الذي أصابه من جراء نفوق دابته، فإنه فضلاً عن مخالفته القانون، يكون قد عاره قصور يبطله.
3 - إذ كان ما ذهبت إليه النيابة العامة (نيابة النقض) من أن الطاعنة (شركة التأمين) لم يسبق لها التمسك أمام محكمة الموضوع بأن التأمين الإجباري لا يغطي الأضرار الناجمة عن إصابة المضرور في ماله، ومن ثم تصبح إثارة هذا السبب لأول مرة أمام محكمة النقض من قبيل السبب الجديد، وكان السبب الجديد هو وجه النعي الذي يشتمل على عناصر واقعية لم يسبق طرحها على محكمة الموضوع، أو الذي يختلط فيه الواقع بالقانون بحيث يقتضي من محكمة النقض فحصاً أو تحقيقاً موضوعياً يتعارض مع وظيفتها كمحكمة قانون، ولما كان قوام النعي بأن التأمين الإجباري لا يغطي المسئولية المدنية الناجمة عن إصابة المضرور في ماله قاعدة قانونية صرف لا اتصال لها بتحصيل فهم الواقع في الدعوى. فإن التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض يكون جائز القبول لأن واجب القاضي يقتضيه أن يتقصى من تلقاء نفسه الحكم القانوني الذي ينطبق على الواقعة المطروحة علية، وأن ينزل هذا الحكم عليها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على ابنته "فتحية" أقام الدعوى 2997 لسنة 1988 مدني طنطا الابتدائية على الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليه تعويضاً عما حاق به من أضرار مادية وأدبية من جراء إصابته وابنته المذكورة، ونفوق دابته في حادث سيارة مؤمن عليها لدى الطاعنة، دين عنه سائقها بحكم جنائي بات. ومحكمة أول درجة حكمت بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ أربعة عشر ألف جنيه، استأنف المطعون ضده الحكم بالاستئناف رقم 2084 لسنة 49 ق طنطا، كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 2107 لسنة 49 ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين، قضت بتاريخ 16/ 2/ 2000 في موضوع الاستئناف الأول بزيادة مبلغ التعويض إلى ستة عشر ألف جنيه، وفي موضوع الاستئناف الثاني برفضه، طعنت شركة التأمين في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك تقول أن السيارة التي وقع بها الحادث مؤمن عليها لديها تأميناً إجبارياً وهو تأمين لا يغطي سوى المسئولية المدنية عن الوفاة والإصابات البدنية، وإذ قضى الحكم بإلزامها بأن تدفع إلى المطعون ضده عن نفسه تعويضاً مقداره سبعة آلاف جنيه عن إصابته ونفوق دابته، ودون أن يبين عناصر الضرر المقضي بالتعويض عنه، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري على أن: (يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارات...) - يدل على أن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية عن حوادث السيارات لا يغطي سوى حالات الوفاة والإصابات البدنية الناجمة عن تلك الحوادث، ولا يمتد ليشمل ما يصيب المضرور في ماله طالما لم تتضمن الوثيقة اشتراطاً لمصلحة الغير يجيز له الرجوع على المؤمن بحق مباشر. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه ألزم الشركة الطاعنة بأن تدفع إلى المطعون ضده مبلغ سبعة آلاف جنيه تعويضاً مادياً عما حاق به من ضرر نتيجة إصابته ونفوق دابته دون أن يستظهر ما إذا كانت وثيقة التأمين على السيارة المشار إليها - أو وثيقة أخرى تكميلية - قد تضمنت اشتراطاً لمصلحة المضرور يجيز للمطعون ضده مطالبتها بما أصابه من ضرر عن نفوق دابته، وبغير أن يبين مقدار ما يستحقه من تعويض عن إصابته، وما يجير الضرر الذي أصابه من جراء نفوق دابته، فإنه فضلاً عن مخالفته القانون، يكون قد عاره قصور يبطله، ويوجب نقضه في هذا الخصوص. لا يغير من ذلك ما ذهبت إليه النيابة العامة من أن الطاعنة لم يسبق لها التمسك أمام محكمة الموضوع بأن التأمين الإجباري لا يغطي الأضرار الناجمة عن إصابة المضرور في ماله، ومن ثم تصبح إثارة هذا السبب لأول مرة أمام محكمة النقض من قبيل السبب الجديد، ذلك أن السبب الجديد هو وجه النعي الذي يشتمل على عناصر واقعية لم يسبق طرحها على محكمة الموضوع، أو الذي يختلط فيه الواقع بالقانون بحيث يقتضي من محكمة النقض فحصاً أو تحقيقاً موضوعياً يتعارض مع وظيفتها كمحكمة قانون. ولما كان قوام النعي بأن التأمين الإجباري لا يغطي المسئولية المدنية الناجمة عن إصابة المضرور في ماله قاعدة قانونية صرف لا اتصال لها بتحصيل فهم الواقع في الدعوى، فإن التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض يكون جائز القبول لأن واجب القاضي يقتضيه أن يتقصى من تلقاء نفسه الحكم القانوني الذي ينطبق على الواقعة المطروحة عليه، وأن ينزل هذا الحكم عليها.