الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 3 أغسطس 2014

الطعن 165 لسنة 68 ق جلسة 10 / 4 / 2001 مكتب فني 52 ج 1 رجال قضاء ق 11 ص 58

جلسة 10 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد بكر غالي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري جمعة حسين، عبد المنعم الشهاوي، علي عبد الرحمن بدوي ود. فتحي المصري نواب رئيس المحكمة.

---------------

(11)
الطلب رقم 165 لسنة 68 القضائية (رجال القضاء)

(1 - 3) إجراءات الطلب "الصفة". صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية "بدل الدواء".
(1) صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية. تمتعه بشخصية اعتبارية ويمثله رئيس مجلس إدارته. اختصام وزير العدل غير مقبول.
(2) صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية. خلو قانون إنشائه من تحديد نوع الخدمات التي يقدمها ومداها وعهده ذلك لوزير العدل ليصدر في شأنها القرارات المناسبة في حدود موارده بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية. مؤداه. ارتباط نفاذ تلك الخدمات وما يترتب عليها من أعباء بتوافر الموارد التي تستوعبها.
(3) زيادة موارد عضو الهيئة القضائية السابق نتيجة ممارسته مهنة حرة داخل البلاد أو التحاقه بعمل خارجها. أثره. حرمانه وأسرته من الخدمات الصحية ومقابل الدواء التي يكفلها لهم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية. علة ذلك.

---------------
1 - صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية له شخصية اعتبارية مستقلة - ويمثله رئيس مجلس إدارته - ومن ثم تعين عدم قبول الطلب بالنسبة لوزير العدل.
2 - القانون رقم 36 لسنة 1975 الذي أنشأ صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية إذ خلا من تحديد نوع تلك الخدمات أو مداها وعهده إلى وزير العدل بتفصيلها وتحديد ضوابطها، مصدراً في شأنها ما يناسبها من القرارات بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية، على أن يتم ذلك في حدود الموارد المالية للصندوق، يعني أن إنفاذ الخدمات الصحية والاجتماعية التي يقدمها، وما يترتب عليها من أعباء يتحملها الصندوق، يرتبط دوماً بموارده، فتزيد حيث تتوفر، وتقل إذا ما ضاقت تلك الموارد عن استيعابها.
3 - الهدف من تقرير الرعاية الصحية لأعضاء الهيئات القضائية السابقين وأسرهم هو إعانتهم على مواجهة انتقاص دخولهم بدرجة كبيرة بعد إحالتهم إلى التقاعد والزيادة المستمرة في أجور العلاج لدى الأطباء والمستشفيات وأسعار الدواء فإذا زادت موارد العضو المالية نتيجة ممارسته مهنة حرة في داخل البلاد أو التحاقه بأي عمل خارجها بما يعينه على مجابهة تكاليف علاجه حال مرضه، انتفت الحكمة من استمرار تمتعه بالرعاية الصحية التي يكفلها صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية السابقين بحيث تصبح الفئة الأخرى وهي تلك التي لا تزاول أعمالاً داخل البلاد أو خارجها أو تمارس مهنة حرة تدر عليهم دخلاً، هي الأولى بالرعاية. ومن ثم يجد وقف الانتفاع بالخدمات الصحية وصرف مقابل الدواء سنده في أن الأعضاء السابقين الذين تتهيأ لهم فرصة تحسين مواردهم المالية يصبحون في وضع يمكنهم من مجابهة أعباء الحياة وتكاليف العلاج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المستشار/ ..... "رئيس محكمة الاستئناف السابق" تقدم بهذا الطلب بتاريخ 24/ 9/ 1998 للحكم بأحقيته في صرف مقابل الدواء المستحق له وجميع الخدمات الصحية اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1998 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال بياناً لطلبه إنه بلغ سن التقاعد في 6/ 9/ 1998 ثم التحق بعمل خارج البلاد اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1990 وإذ حرمته وزارة العدل من مقابل الدواء والانتفاع بنظام الخدمات الصحية لأعضاء الهيئات القضائية خلافاً للدستور وقاعدة المساواة بين رجال القضاء فقد تقدم بطلبه. ودفع بعدم دستورية المادة 13/ 3 من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 فيما نصت عليه من وقف سريان الانتفاع بنظام صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية ووقف صرف مقابل الدواء بالنسبة إلى العضو السابق إذ التحق بعمل خارج البلاد.
دفع الحاضر عن الحكومة بعدم قبول الطلب بالنسبة للمدعى عليه الأول لرفعه على غير ذي صفة وطلب رفضه موضوعاً. وأبدت النيابة الرأي بما يتفق وطلبات الحكومة.
وحيث إن الدفع المبدى من الحكومة والنيابة في محله، ذلك أن صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية له شخصية اعتبارية مستقلة - ويمثله رئيس مجلس إدارته - ومن ثم تعين عدم قبول الطلب بالنسبة لوزير العدل.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد انتهت في حكمها الصادر في الدعوى رقم 229 لسنة 19 ق دستورية إلى أن القانون رقم 36 لسنة 1975 الذي أنشأ صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية إذ خلا من تحديد نوع تلك الخدمات أو مداها وعهده إلى وزير العدل بتفصيلها وتحديد ضوابطها، مصدراً في شأنها ما يناسبها من القرارات بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية، على أن يتم ذلك في حدود الموارد المالية للصندوق، يعني أن إنفاذ الخدمات الصحية والاجتماعية التي يقدمها، وما يترتب عليها من أعباء يتحملها الصندوق، يرتبط دوماً بموارده، فتزيد حيث تتوافر وتقل إذا ما ضاقت تلك الموارد عن استيعابها. وأن الهدف من تقرير الرعاية الصحية لأعضاء الهيئات القضائية السابقين وأسرهم هو إعانتهم على مواجهة انتقاص دخولهم بدرجة كبيرة بعد إحالتهم إلى التقاعد والزيادة المستمرة في أجور العلاج لدى الأطباء والمستشفيات وأسعار الدواء فإذا زادت موارد العضو المالية نتيجة ممارسته مهنة حرة في داخل البلاد أو التحاقه بأي عمل خارجها بما يعينه على مجابهة تكاليف علاجه حال مرضه، انتفت الحكمة من استمرار تمتعه بالرعاية الصحية التي يكفلها صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية السابقين بحيث تصبح الفئة الأخرى وهي تلك التي لا تزاول أعمالاً داخل البلاد أو خارجها أو تمارس مهنة حرة تدر عليهم دخلاً، هي الأولى بالرعاية. ومن ثم يجد وقف الانتفاع بالخدمات الصحية وصرف مقابل الدواء سنده في أن الأعضاء السابقين الذين تتهيأ لهم فرصة تحسين مواردهم المالية يصبحون في وضع يمكنهم من مجابهة أعباء الحياة وتكاليف العلاج.
ومن ثم يتعين رفض الطلب.

الطعن 160 لسنة 68 ق جلسة 10 / 4 / 2001 مكتب فني 52 ج 1 رجال القضاء ق 10 ص 53

جلسة 10 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد بكر غالي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري جمعة حسين، عبد المنعم الشهاوي، علي عبد الرحمن بدوي، ود. فتحي المصري نواب رئيس المحكمة.

---------------

(10)
الطلب رقم 160 لسنة 68 القضائية (رجال القضاء)

(1 - 3) إجراءات الطلب "الخصومة في الطلب: الصفة". صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية "المبلغ الشهري الإضافي". دستور. حكم "حكم المحكمة الدستورية".
(1) صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية. تمتعه بشخصية اعتبارية مستقلة ويمثله رئيس مجلس إدارته. اختصام وزير العدل. غير مقبول.
(2) القضاء بعدم دستورية المادة 34 مكرراً (2) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 المعدل بقراره رقم 440 لسنة 1986 فيما تضمنه من وقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذا التحق العضو بأي عمل خارج البلاد. أثره. أحقيته في صرف المبلغ المذكور. علة ذلك.
(3) زيادة موارد عضو الهيئة القضائية السابق نتيجة ممارسته مهنة حرة داخل البلاد أو التحاقه بعمل خارجها. أثره. حرمانه وأسرته من التمتع بالخدمات الصحية والاجتماعية وبدل الدواء التي يكفلها لهم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية. علة ذلك.

---------------
1 - صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية له الشخصية الاعتبارية المستقلة ويمثله رئيس مجلس إدارته أمام القضاء ولا شأن للمطعون ضده الأول (وزير العدل) بموضوع النزاع.
2 - إذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم 229 لسنة 19 ق بتاريخ 12/ 3/ 2001 بعدم دستورية نص المادة 34 مكرر (2) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية المعدل بالقرار رقم 440 لسنة 1986 وذلك فيما تضمنه من وقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذا التحق العضو بأي عمل خارج البلاد وكان قضاء المحكمة الدستورية في الدعاوى الدستورية له حجية مطلقة في مواجهة الكافة وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه وإذ انتهت المحكمة الدستورية أن حق العمل وفقاً لنص المادة 13 من الدستور لا يجوز إهداره أو تقييده بما يعطل جوهره بل يعتبر أداؤه واجباً لا ينفصل عن الحق فيه فضلاً عن الصلة الوثيقة بين حق العمل وبين الحرية الشخصية، وإن إهدار حق العمل لا يستند إلى مصلحة مشروعة بل يناقضها. إذ أن هذا المبلغ الشهري الإضافي مكمل للمعاش الأصلي لأعضاء الهيئات القضائية وأنهما يتضافران معاً في مجال ضمان الحد الأدنى لمتطلباتهم المعيشية ولا يجوز بالتالي أن يكون الحق في المبلغ الشهري الإضافي حائلاً دون امتهان عضو الهيئة القضائية - بعد تقاعده - أعمالاً يمارسها أو تقلده وظائف لا يكون بها طاقة عاطلة ولا أن يكون الحق في الحصول على هذا المبلغ معلقاً على شرط الامتناع عن العمل وهو أحد الحقوق التي كفلها الدستور. ومن ثم يكون قرار وقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذا التحق العضو بأي عمل خارج البلاد في غير محله ومن ثم تقضي المحكمة بأحقيته في صرف المبلغ الشهري الإضافي المقرر من صندوق الخدمات الاجتماعية المقررة وما طرأ عليها من زيادات من تاريخ وقف صرف هذا المعاش من أول أكتوبر سنة 1990.
3 - الهدف من تقرير الرعاية الصحية لأعضاء الهيئات القضائية السابقين وأسرهم هو إعانتهم على مواجهة انتقاص دخولهم بدرجة كبيرة بعد إحالتهم إلى التقاعد والزيادة المستمرة في أجور العلاج لدى الأطباء والمستشفيات وأسعار الدواء فإذا زادت موارد العضو المالية نتيجة ممارسته مهنة حرة في داخل البلاد أو التحاقه بأي عمل خارجها بما يعينه على مجابهة تكاليف علاجه حال مرضه انتفت الحكمة من استمرار تمتعه بالرعاية الصحية التي يكفلها صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية السابق بحيث تصبح الفئة الأخرى وهي تلك التي لا تزاول أعمالاً داخل البلاد أو خارجها أو تمارس مهنة حرة تدر عليهم دخلاً هي الأولى بالرعاية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة و بعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المستشار/ ......... - المستشار السابق بمحكمة استئناف القاهرة. تقدم بهذا الطلب بتاريخ 24/ 9 / 1998 ضد وزير العدل ورئيس مجلس إدارة صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية للحكم بإلزامهما بصرف مبلغ المعاش الشهري الإضافي المقرر من صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية من أول أكتوبر سنة 1990 وحتى تاريخ تقديم هذا الطلب، وصرف بدل الدواء المقرر وما طرأ عليه من زيادات وذلك عن الفترة من أول أكتوبر سنة 1990 حتى تاريخ تقديم الطلب، وأحقيته في التمتع بالخدمات الصحية بما فيها العلاج اعتباراً من التاريخ السابق مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال بياناً لطلبه إنه كان يشغل وظيفة مستشار بمحكمة الاستئناف وانتهت خدمته في 1/ 10/ 1990 بصدور القرار الوزاري باعتباره مستقيلاً وإذ أوقف المطعون ضدهما صرف المبلغ الشهري الإضافي وبدل الدواء وحرمانه من الانتفاع بالخدمات الصحية بسبب التحاقه بالعمل خارج البلاد على غير سند من الدستور والقانون فقد تقدم بطلبه.
دفع الحاضر عن الحكومة والنيابة العامة بعدم قبول الطلب شكلاً بالنسبة لوزير العدل ورفضه موضوعاً.
وحيث إنه عن الدفع المبدى فإنه في محله ذلك أن صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية له الشخصية الاعتبارية المستقلة ويمثله رئيس مجلس إدارته أمام القضاء ولا شأن للمطعون ضده الأول بموضوع النزاع.
وحيث إنه عن طلب صرف المبلغ الشهري الإضافي للمعار خارج البلاد فإنه لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم 229 لسنة 19 ق بتاريخ 12/ 3/ 2001 بعدم دستورية نص المادة 34 مكرر (2) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية المعدل بالقرار رقم 440 لسنة 1986 وذلك فيما تضمنه من وقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذا التحق العضو بأي عمل خارج البلاد وكان قضاء المحكمة الدستورية في الدعاوى الدستورية له حجية مطلقة في مواجهة الكافة وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه وإذ انتهت المحكمة الدستورية أن حق العمل وفقاً لنص المادة 13 من الدستور لا يجوز إهداره أو تقييده بما يعطل جوهره بل يعتبر أداؤه واجباً لا ينفصل عن الحق فيه فضلاً عن الصلة الوثيقة بين حق العمل وبين الحرية الشخصية، وإن إهدار حق العمل لا يستند إلى مصلحة مشروعة بل يناقضها. إذ أن هذا المبلغ الشهري الإضافي مكمل للمعاش الأصلي لأعضاء الهيئات القضائية وأنهما يتضافران معاً في مجال ضمان الحد الأدنى لمتطلباتهم المعيشية ولا يجوز بالتالي أن يكون الحق في المبلغ الشهري الإضافي حائلاً دون امتهان عضو الهيئة القضائية - بعد تقاعده - أعمالاً يمارسها أو تقلده وظائف لا يكون بها طاقة عاطلة ولا أن يكون الحق في الحصول على هذا المبلغ معلقاً على شرط الامتناع عن العمل وهو أحد الحقوق التي كفلها الدستور. ومن ثم يكون قرار وقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذا التحق العضو بأي عمل خارج البلاد في غير محله ومن ثم تقضي المحكمة بأحقيته في صرف المبلغ الشهري الإضافي المقرر من صندوق الخدمات الاجتماعية المقررة وما طرأ عليها من زيادات من تاريخ وقف صرف هذا المعاش من أول أكتوبر سنة 1990.
وحيث إنه عن طلب صرف بدل الدواء والتمتع بالخدمات الصحية فإن هذا النعي مردود وهو ما انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا في قضائها المتقدم ذلك أن الهدف من تقرير الرعاية الصحية لأعضاء الهيئات القضائية السابقين وأسرهم هو إعانتهم على مواجهة انتقاص دخولهم بدرجة كبيرة بعد إحالتهم إلى التقاعد والزيادة المستمرة في أجور العلاج لدى الأطباء والمستشفيات وأسعار الدواء فإذا زادت موارد العضو المالية نتيجة ممارسته مهنة حرة في داخل البلاد أو التحاقه بأي عمل خارجها بما يعينه على مجابهة تكاليف حال مرضه انتفت الحكمة من استمرار تمتعه بالرعاية الصحية التي يكفلها صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية السابق بحيث تصبح الفئة الأخرى وهي تلك التي لا تزاول أعمالاً داخل البلاد أو خارجها أو تمارس مهنة حرة تدر عليهم دخلاً هي الأولى بالرعاية.
ومن ثم يتعين رفض هذا الطلب.

الطعن 2143 لسنة 70 ق جلسة 10 / 4 / 2001 مكتب فني 52 ج 1 ق 105 ص 501

جلسة 10 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعلة، سيد الشيمي، مدحت سعد الدين نواب رئيس المحكمة وعز العرب عبد الصبور.

-------------

(105)
الطعن رقم 2143 لسنة 70 القضائية

(1، 2) التزام "من آثاره: ما يكفل حقوق الدائنين من وسائل الضمان: الحق في الحبس" "تنفيذ الالتزام". تنفيذ. حق "الحق في الحبس". دفوع. حيازة. غش. غصب. وكالة. نيابة. حكم "عيوب التدليل: القصور، الخطأ في تطبيق القانون".
(1) حائز الشيء الذي أنفق مصروفات ضرورية أو نافعة. حقه في حبسه حتى يستوفى ما هو مستحق له. حسن نيته أو سوؤها. لا أثر له. علة ذلك، الاستثناء. الالتزام بالرد الناشئ عن عمل غير مشروع. من حالاته. الحيازة التي تتم خلسة أو غشاً أو غصباً أو إكراهاً. قيام الحيازة على سند من القانون ثم زوال السند كانتهاء الوكالة. أثره. للوكيل الحائز لشيء مملوك للموكل الدفع بذلك الحق باعتباره حائزاً. م 246 مدني.
(2) تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بحقه في حبس الشقة الحائز لها بمقتضى عقد الوكالة الصادر له من المطعون ضده حتى يستوفى ما أنفقه في تشطيبها وما دفعه من ثمنها نيابة عن الأخير وقيمة ما سدده من القرض التعاوني. القضاء برفض هذا الدفع على سند من أن القضاء ببطلان عقد شراء الطاعن للشقة وبرفض دعواه بعدم نفاذ إلغاء التوكيل في حقه يجعل يده عليها يد غاصب. خطأ وقصور مبطل.

---------------
1 - مفاد نص المادة 246 من القانون المدني أن لحائز الشيء الذي أنفق مصروفات ضرورية أو نافعة الحق في حبسه حتى يستوفى ما هو مستحق له، يستوي في ذلك أن يكون الحائز حسن النية أو سيئها، إذ أعطى القانون بهذا النص الحق في الحبس للحائز مطلقاً، ولم يستثن من ذلك إلا أن يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع كالشأن بالنسبة للحيازة التي تتم خلسة أو غشاً أو غصباً أو إكراهاًَ، أما إذا كانت تقوم على سند من القانون ثم زال هذا السند كما هو الحال في خصوص انتهاء الوكالة، فإنه يجوز للوكيل إذا كان حائزاً لشيء مملوك للموكل - وباعتباره حائزاً - أن يدفع بحقه في حبسه حتى يستوفى ما يثبت أنه أنفقه من مصروفات ضرورية أو نافعة.
2 - إذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بحقه في حبس الشقة التي كانت في حيازته بمقتضى عقد الوكالة سالف الذكر (الصادر له من المطعون ضده) حتى يستوفى ما أنفقه في تشطيبها، وما دفعه من ثمنها نيابة عن المطعون ضده، وقيمة ما سدده من القرض التعاوني وأن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع على سند من أن القضاء ببطلان عقد شرائه (عقد شراء الطاعن للشقة) ورفض دعواه بعدم نفاذ إلغاء التوكيل الصادر من المطعون ضده في حقه يجعل يده على الشقة يد غاصب، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وإذ حجبه هذا الخطأ عن تمحيص دفاع الطاعن، فإنه فضلاً عما تقدم يكون مشوباً بقصور يبطله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى.... لسنة..... مدني الإسكندرية الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بتسليمه الشقة المبينة بالصحيفة، وقال شرحاً لذلك أن الجمعية التعاونية للبناء والإسكان بشركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح خصصت له شقة في العقار المبين في صحيفة دعواه، وأنه وكَّل الطاعن في بيعها لآخرين إلا أنه باعها لنفسه فاستصدر حكماً نهائياً في الاستئناف رقم.... لسنة..... ق الإسكندرية ببطلان ذلك البيع، وأصبحت يد الطاعن على الشقة يد غاصب، ومن ثم كانت الدعوى. ومحكمة أول درجة حكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة..... ق الإسكندرية، وبتاريخ 22/ 3/ 2000 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، وبإلزام الطاعن بتسليم الشقة للمطعون ضده. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بحقه في حبس الشقة موضوع النزاع حتى يستوفى ما أنفقه من مبالغ في تشطيبها، وما دفعه من أقساط ثمنها، وما سدده من قيمة القرض التعاوني نيابة عن المطعون ضده، وطلب ندب خبير لتقدير ذلك، إلا أن الحكم رفض الدفع على سند من أن يده على الشقة يد غاصب، ومن ثم لا يحق له الاعتصام بالحق في الحبس، رغم أن حيازته كانت مشروعة بمقتضى التوكيل الصادر له، الأمر الذي يجيز له طبقاً للمادة 246 من القانون المدني أن يحبس الشقة حتى يوفيه خصمه ما أنفقه من ماله الخاص، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مفاد نص المادة 246 من القانون المدني أن لحائز الشيء الذي أنفق مصروفات ضرورية أو نافعة الحق في حبسه حتى يستوفى ما هو مستحق له، يستوي في ذلك أن يكون الحائز حسن النية أو سيئها، إذ أعطى القانون بهذا النص الحق في الحبس للحائز مطلقاً، ولم يستثن من ذلك إلا أن يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع كالشأن بالنسبة للحيازة التي تتم خلسة أو غشاً أو غصباً أو إكراهاًَ، أما إذا كانت تقوم على سند من القانون ثم زال هذا السند كما هو الحال في خصوص انتهاء الوكالة، فإنه يجوز للوكيل إذا كان حائزاً لشيء مملوك للموكل - وباعتباره حائزاً - أن يدفع بحقه في حبسه حتى يستوفى ما يثبت أنه أنفقه من مصروفات ضرورية أو نافعة. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بحقه في حبس الشقة التي كانت في حيازته بمقتضى عقد الوكالة سالف الذكر حتى يستوفى ما أنفقه في تشطيبها، وما دفعه من ثمنها نيابة عن المطعون ضده وقيمة ما سدده من القرض التعاوني وأن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع على سند من أن القضاء ببطلان عقد شرائه ورفض دعواه بعدم نفاذ إلغاء التوكيل الصادر من المطعون ضده في حقه يجعل يده على الشقة يد غاصب، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وإذ حجبه هذا الخطأ عن تمحيص دفاع الطاعن، فإنه فضلاً عما تقدم يكون مشوباً بقصور يبطله ويوجب نقضه لهذا السبب بغير حاجة لمناقشة السبب الثاني من سببي الطعن.

الطعن 9120 لسنة 64 ق جلسة 10 / 4 / 2001 مكتب فني 52 ج 1 ق 104 ص 495

جلسة 10 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ علي محمد علي، محمد درويش، عبد المنعم دسوقي وأحمد الحسيني نواب رئيس المحكمة.

---------------

(104)
الطعن رقم 9120 لسنة 64 القضائية

(1) بنوك "بنوك التنمية والائتمان الزراعي". دعوى "الصفة في الدعوى". ضرائب.
بنوك التنمية والائتمان الزراعي بالمحافظات. استقلال شخصيتها المعنوية عن البنك الرئيسي بالقاهرة. مؤدى ذلك. التزامها بتحصيل ما يستحق من ضرائب على مرتبات العاملين لديها وتوريدها إلى مصلحة الضرائب. لا ينال من ذلك سلطة البنك الرئيسي في الموافقة على اللوائح الداخلية لهذه البنوك. علة ذلك. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى نفي صفة البنك الرئيسي في المطالبة بتحصيل ضريبة الدمغة النسبية على مرتبات العاملين ببنك المنصورة وتوريدها لمصلحة الضرائب. صحيح. المواد 5، 12 من ق 105 لسنة 1964، 11، 16، 17، من ق 117 لسنة 1976.
(2) حكم "ما لا يعيب تسبيب الحكم". نقض "سلطة محكمة النقض".
قصور الحكم في أسبابه القانونية. لا عيب. لمحكمة النقض أن تستكمل هذه الأسباب دون أن تنقضه.
(3) دعوى "الخصوم في الدعوى".
الخطأ في بيان الممثل للشخص الاعتباري أو إغفال هذا البيان. لا يؤثر في صحة اختصامه متى ذكر بصحيفة الدعوى اسمه المميز له. م 115/ 3 مرافعات المضافة بق 23 لسنة 1992.

--------------
1 - النص في المادتين الخامسة والثانية عشرة من القانون رقم 105 لسنة 1964 بشأن إنشاء المؤسسة العامة للائتمان الزراعي والتعاوني والبنوك التابعة لها بالمحافظات والنص في المادتين السادسة عشرة والسابعة عشرة من القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي مفاده أن بنوك التنمية والائتمان الزراعي بالمحافظات وقد أصبح كل منها شركة مساهمة يتولى إدارتها مجلس إدارة ولها موازنة خاصة أن يتحقق لها الشخصية المعنوية المستقلة عن بنك التنمية والائتمان الزراعي الرئيسي بالقاهرة، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالعاملين في كل منها والتزامها بتحصيل ما يستحق من ضرائب على مرتباتهم وتوريدها إلى مصلحة الضرائب، ولا ينال من ذلك ما تضمنته المادة الحادية عشرة من القانون الأخير من إعطاء البنك الرئيسي سلطة الموافقة على اللوائح الداخلية المتعلقة بالشئون المالية والإدارية وإصدار لوائح العاملين به، إذ يقتصر دوره في هذا المجال على مجرد توحيد تلك اللوائح الداخلية في البنك الرئيسي وبنوك المحافظات دون أن ينتقص من استقلال الشخصية المعنوية لكل منها، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى نفي صفة البنك الرئيسي (المطعون ضده الأول) في المطالبة بتحصيل ضريبة الدمغة النسبية على مرتبات العاملين لدى بنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنصورة وتوريدها للطاعن فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يعيب الحكم قصوره في أسبابه القانونية إذ لمحكمة النقض أن تستكمل هذه الأسباب دون أن تنقضه.
3 - النص في الفقرة الثالثة من المادة 115 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - الذي أدرك الدعوى عند نظرها أمام محكمة أول درجة - يدل وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية على أنه نظراً لتعدد صور الشخص الاعتباري العام وتنوعها ما بين هيئات ومؤسسات وشركات عامة وغيرها وما قد يحدث من إدماج بعضها. أو تغيير تبعيتها أو تعديل شخص من يمثلها فقد ارتأى المشرع تخفيفاً عن المتقاضين ومنعاً لتعثر خصوماتهم صحة اختصام الشخص الاعتباري متى ذكر في صحيفة الدعوى اسمه المميز له دون أن يؤثر في ذلك الخطأ في بيان ممثله أو اسم هذا الممثل أو إغفال هذا البيان كلية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب "المنصورة" قدرت ضريبة الدمغة النسبية على مرتبات العاملين ببنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنصورة عن الفترة من 1/ 6/ 1981 حتى 31/ 12/ 1986 بمبلغ 16413.540 جنيه وعن الفترة من 1/ 1/ 1987 حتى 30/ 6/ 1987 بمبلغ 10512.180 جنيه وأخطرت البنك لتحصيلها فاعترض وأحيل النزاع إلى لجنة الطعن الضريبي التي قررت عدم أحقية المأمورية في مطالبة ذلك البنك بهذه الضريبة، طعن الطاعن بصفته في هذا القرار بالدعوى رقم 157 لسنة 1990 ضرائب المنصورة الابتدائية مختصماً المطعون ضدهما طالباً الحكم بإلغاء قرار لجنة الطعن وبأحقية المأمورية في مطالبتهما بالضريبة محل النزاع، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 11 من فبراير سنة 1993 بالطلبات استأنف المطعون ضده الثاني هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة..... ق أمام محكمة استئناف المنصورة، كما استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم.... لسنة..... ق أمام ذات المحكمة وبتاريخ 10 من أغسطس سنة 1994 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهما بصفتيهما لرفعها على غير ذي صفة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من وجهين حاصل الوجه الأول منهما أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ قضى بعدم قبول الدعوى التي أقامها الطاعن على المطعون ضده الأول (رئيس مجلس إدارة البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي بالقاهرة) على سند من أنه لا صفة له في المطالبة بتحصيل ضريبة الدمغة النسبية محل النزاع من مرتبات العاملين بالبنك المطعون ضده الثاني (بنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنصورة) في حين أن البنك الأول وفق قانون إنشائه هو السلطة المهيمنة على كافة العاملين ببنوك التنمية والائتمان الزراعي بجميع المحافظات وبالتالي هو مسئول عن اقتطاع هذه الضريبة من مرتباتهم وتوريدها إلى الطاعن.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة الخامسة من القانون رقم 105 لسنة 1964 بشأن إنشاء المؤسسة العامة للائتمان الزراعي والتعاوني والبنوك التابعة لها بالمحافظات على أن "تحول فروع بنك التسليف الزراعي والتعاوني في المحافظات إلى بنوك للائتمان الزراعي والتعاوني في شكل شركات مساهمة..." وفي المادة الثانية عشرة منه على أن "يدير كل من هذه البنوك مجلس إدارة..." والنص في المادة 16 من القانون 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي على أن "تباشر مجالس إدارة البنوك التابعة اختصاصاتها على الوجه المبين بالقانون رقم 105 لسنة 1964 وأنظمتها الأساسية..." وفي المادة السابعة عشرة منه على أن "يكون للبنك الرئيسي ولكل بنك من البنوك التابعة له موازنة خاصة يتم اعتمادها وفقاً للقواعد الخاصة بموازنات الجهاز المصرفي..." مفاده أن بنوك التنمية والائتمان الزراعي بالمحافظات وقد أصبح كل منها شركة مساهمة يتولى إدارتها مجلس إدارة ولها موازنة خاصة أن يتحقق لها الشخصية المعنوية المستقلة عن بنك التنمية والائتمان الزراعي الرئيسي بالقاهرة، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالعاملين بكل منها والتزامها بتحصيل ما يستحق من ضرائب على مرتباتهم وتوريدها إلى مصلحة الضرائب، ولا ينال من ذلك ما تضمنته المادة الحادية عشرة من القانون الأخير من إعطاء البنك الرئيسي سلطة الموافقة على اللوائح الداخلية المتعلقة بالشئون المالية والإدارية وإصدار لوائح العاملين به... إذ يقتصر دوره في هذا المجال على مجرد توحيد تلك اللوائح الداخلية في البنك الرئيسي وبنوك المحافظات دون أن ينتقص من استقلال الشخصية المعنوية لكل منها، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى نفي صفة البنك الرئيسي (المطعون ضده الأول) في المطالبة بتحصيل ضريبة الدمغة النسبية على مرتبات العاملين لدى بنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنصورة وتوريدها للطاعن فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يعيبه من بعد قصوره في أسبابه القانونية إذ لمحكمة النقض أن تستكمل هذه الأسباب دون أن تنقضه ويضحى النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أنه قضى بإلغاء الحكم المستأنف وانتهى إلى عدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته "مدير بنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنصورة" لرفعها على غير ذي صفة تأسيساً على أن صاحب الصفة في تمثيل هذا البنك هو رئيس مجلس إدارته دون غيره من العاملين لديه في حين أن الفقرة الثالثة من المادة 115 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 قد اكتفت لصحة اختصام الشخص الاعتباري العام مجرد ذكر اسمه في صحيفة الدعوى دون اعتداد بما يكون قد وقع من خطأ في بيان من يمثله وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في الفقرة الثالثة من المادة 115 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - الذي أدرك الدعوى عند نظرها أمام محكمة أول درجة - على أنه "وإذا تعلق الأمر بإحدى الوزارات أو الهيئات العامة أو مصلحة من المصالح أو بشخص اعتباري عام أو خاص فيكفي في تحديد الصفة أن يذكر اسم الجهة المدعى عليها في صحيفة الدعوى" يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - على أنه نظراً لتعدد صور الشخص الاعتباري العام وتنوعها ما بين هيئات ومؤسسات وشركات عامة وغيرها وما قد يحدث من إدماج بعضها أو تغيير تبعيتها أو تعديل شخص من يمثلها فقد ارتأى المشرع تخفيفاً عن المتقاضين ومنعاً لتعثر خصوماتهم صحة اختصام الشخص الاعتباري متى ذكر في صحيفة الدعوى اسمه المميز له دون أن يؤثر في ذلك الخطأ في بيان ممثله أو اسم هذا الممثل أو إغفال هذا البيان كلية. لما كان ذلك، وكان البين من صحيفة الدعوى المبتدأة أنها وجهت إلى بنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنصورة كشخصية اعتبارية مستقلة عن شخص ممثلها القانوني باعتباره المقصود بذاته في الخصومة دون ممثله فإن ذكر اسمه في صحيفة الدعوى يكون كافياً لصحتها دون اعتداد بما يكون قد وقع فيها من خطأ في بيان صاحب الصفة في تمثيله، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما حجبه عن المضي في نظر موضوع الدعوى ويوجب نقضه نقضاً جزئياً في خصوص ما قضى به من عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني "بصفته" مدير بنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنصورة.

السبت، 2 أغسطس 2014

الطعن 1517 لسنة 63 ق جلسة 11 / 4 / 2001 مكتب فني 52 ج 1 ق 106 ص 505

جلسة 11 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ ريمون فهيم إسكندر "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة المستشارين/ عبد الناصر السباعي، سيد قايد، عبد الغفار المنوفي وعبد الله عصر "نواب رئيس المحكمة".

----------------

(106)
الطعن رقم 1517 لسنة 63 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن". عقد "تعريف عقد الإيجار".
عقد الإيجار. عقد رضائي. خضوعه لمبدأ سلطان الإرادة في حدود ما تفرضه القوانين الاستثنائية من قيود.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تفسير العقود". عقد "تفسير العقد".
لمحكمة الموضوع سلطة تفسير المحررات والعقود. لا رقابة عليها من محكمة النقض. شرطه. حمل عبارة المتعاقدين على معنى مغاير لظاهرها. وجوب بيان الأسباب المقبولة التي تبرر العدول عن هذا المدلول والعبارات التي أدت إليه.
(3) إيجار "إيجار الأماكن" "ما يخرج عن نطاق تشريعات إيجار الأماكن: الأماكن التي تشغل بسبب العمل". حكم "تسبيبه: الخطأ والقصور في التسبيب".
تضمين المحرر محل النزاع شغل المطعون ضده العين بصفة مؤقتة ووجوب إخلائها في حالة زوال علاقته بالعمل في مدينة الأقصر أو استحقاق غيره لشغلها بمجرد إخطاره كتابياً بذلك. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى أن المحرر عقد إيجار يخضع لتشريع إيجار الأماكن لعدم وروده على مال عام ولانتفاء علاقة العمل بين طرفيه بالمخالفة للمدلول الظاهر لعبارات المحرر ودون أن يبين كيفية انصراف إرادة طرفيه إلى قيام علاقة إيجاريه بينهما. خطأ وقصور.

---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن عقد الإيجار عقد رضائي يخضع في قيامه لمبدأ سلطان الإرادة فيما عدا ما فرضه القانون من أحكام مقيدة لهذا المبدأ في حدودها ودون مجاوزة لنطاقها.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود والشروط للتعرف على مقصود المتعاقدين إلا أن ذلك مشروط بألا تخرج في تفسيرها عما تحتمله عبارات تلك العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها، وأنه على القاضي إذا ما أراد حمل عبارة المتعاقدين على معنى مغاير لظاهرها أن يبين في حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر العدول عن هذا المدلول الظاهر إلى خلافه، وكيف أفادت تلك العبارات المعنى الذي أخذ به، ورجح أنه مقصود المتعاقدين بحيث يتضح لمحكمة النقض من هذا البيان أن محكمة الموضوع قد اعتمدت في تأويلها لها على اعتبارات معقولة يصح عقلاً استخلاص ما استخلصته منها.
3 - إذ كان الثابت من عبارات المحرر سند الطاعنين بصفتيهما أن مجلس مدينة الأقصر يصرح للسيد المطعون ضده - الذي يشغل وظيفة... بمحكمة استئناف قنا - بشغل الوحدة السكنية محل النزاع بصفة مؤقتة، ويرتبط شغله لها ارتباطاً كاملاً باستمرار العمل بمدينة الأقصر، وأنه يتعين عليه إخلاؤها حالة "زوال" علاقته بالعمل أو في حالة استحقاق غيره لشغلها بمجرد إخطاره كتابياً بذلك دون حاجة لإجراءات قانونية وأن هذا الترخيص نظير جعل إشغال مقداره مبلغ 37.14 جنيهاً شهرياً، وأنه تم بناء على موافقة السيد رئيس محكمة استئناف قنا، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه باعتبار هذا المحرر عقد إيجار يسري عليه تشريع إيجار الأماكن تأسيساً على أنه لا يرد على مال عام من أموال الدولة، وعلى انتفاء علاقة العمل بين طرفيه واستحقاق المطعون ضده العين بعد أن تقدم وغيره من المواطنين للحصول عليها وفوزه في عملية الاقتراع لانطباق الشروط عليه في حين أن ظاهر عبارات المحرر، سالفة البيان لا تفيد بمجردها أنه عقد إيجار، وأن ما استند إليه الحكم من أسباب لا يبين منها كيف انصرفت إرادة طرفيه إلى قيام علاقة إيجارية بينهما ذلك أن مجرد أن تكون العين محل النزاع من الأملاك الخاصة للدولة وانتفاء علاقة العمل بين المطعون ضده وبين الطاعنين، وما أورده الحكم من عبارة مجملة بشأن فوز المطعون ضده في عملية "اقتراع" - دون أن يبين ماهيته ومحله وصلته بالتكييف الذي خلص إليه - لا يؤدي بذاته إلى اعتبار ذلك المحرر عقد إيجار مما يسري عليه تشريعات إيجار الأماكن، وقد حجب الحكم نفسه بهذا الخطأ عن بيان الأسباب المقبولة التي تبرر العدول عن المدلول الظاهر لعبارات المحرر المشار إليه على ضوء مقصود المتعاقدين وظروف التعاقد ومن ثم فإنه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين بصفتيهما الدعوى رقم.... لسنة..... - أمام محكمة الأقصر الابتدائية - طالباً الحكم أصلياً بتملكه للوحدة السكنية المبينة بالصحيفة لقاء ثمن مقداره مبلغ 9774.200 جنيهاً وخصم ما سدد منه وتقسيط الباقي على ثلاثين سنة بواقع مبلغ 37.140 جنيهاً شهرياً، واحتياطياً باعتبار الترخيص الصادر له من الطاعن الأول بصفته عقد إيجار بأجرة شهرية مقدارها مبلغ 37.140 جنيهاً، وقال بياناً لدعواه أنه في غضون المدة من 13/ 6/ 1987 حتى 2/ 7/ 1987 أعلنت الوحدة المحلية لمركز الأقصر عن فتح باب القبول لطلبات تمليك وحدات سكنية من النوع المتوسط فقدم طلباً - باعتباره من بين الفئات التي يجوز لها تملك مثل هذه الوحدات وخُصصت له الوحدة السكنية محل النزاع على أنه من بين حالات المنقولين حديثاً إلى المدينة إلا أن الوحدة المحلية رخصت له بشغل العين بمناسبة عمله في المدينة ورفضت تملكه لها تأسيساً على أنه من غير أبناء المحافظة، ولما كان الترخيص له بشغل العين لا يعدو أن يكون عقد إيجار له عنها فقد أقام الدعوى، قضت المحكمة باعتبار الترخيص الصادر للمطعون ضده بشغل العين محل النزاع عقد إيجار تحكمه قوانين إيجار الأماكن، استأنف الطاعنان بصفتيهما هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة..... ق قنا - مأمورية الأقصر - وبتاريخ 26/ 12/ 1992 قضت بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان بصفتيهما في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنان بصفتيهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان أنه لما كان عقد الإيجار رضائي يخضع لسلطان الإرادة ويتم تنفيذه وفقاً لما اتفق عليه طرفاه، وكانت عبارات العقد سند الدعوى واضحة بالتصريح للمطعون ضده بشغل العين محل النزاع بصفة مؤقتة لحين انتهاء عمله بمدينة الأقصر، وأنه يتعين عليه إخلاؤها حالة "زوال" هذه العلاقة أو استحقاق غيره للعين بمجرد إخطاره بذلك، فإن الحكم إذ أقام قضاءه على تكييفه للعقد المشار إليه بأنه عقد إيجار يخضع لتشريع إيجار الأماكن، دون أن يبين الأسباب المقبولة التي جعلته يخرج عن مدلول عباراته الواضحة، يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن عقد الإيجار، عقد رضائي يخضع في قيامه لمبدأ سلطان الإرادة فيما عدا ما فرضه القانون من أحكام مقيدة لهذا المبدأ في حدودها ودون مجاوزة لنطاقها، كما أن من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود والشروط للتعرف على مقصود المتعاقدين إلا أن ذلك مشروط بألا تخرج في تفسيرها عما تحتمله عبارات تلك العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها، وأنه على القاضي إذا ما أراد حمل عبارة المتعاقدين على معنى مغاير لظاهرها أن يبين في حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر العدول عن هذا المدلول الظاهر إلى خلافه، وكيف أفادت تلك العبارات المعنى الذي أخذ به، ورجح أنه مقصود المتعاقدين بحيث يتضح لمحكمة النقض من هذا البيان أن محكمة الموضوع قد اعتمدت في تأويلها لها على اعتبارات معقولة يصح عقلاً استخلاص ما استخلصته منها، لما كان ذلك وكان الثابت من عبارات المحرر سند الطاعنين بصفتيهما أن مجلس مدينة الأقصر يصرح للسيد المطعون ضده - الذي يشغل وظيفة.... بمحكمة استئناف قنا - بشغل الوحدة السكنية محل النزاع بصفة مؤقتة، ويرتبط شغله لها ارتباطاً كاملاً باستمرار العمل بمدينة الأقصر، وأنه يتعين عليه إخلاؤها حالة "زوال" علاقته بالعمل أو في حالة استحقاق غيره لشغلها بمجرد إخطاره كتابياً بذلك دون حاجة لإجراءات قانونية وأن هذا الترخيص نظير جعل إشغال مقداره مبلغ 37.14 جنيهاً شهرياً، وأنه تم بناء على موافقة السيد رئيس محكمة استئناف قنا، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه باعتبار هذا المحرر عقد إيجار يسري عليه تشريع إيجار الأماكن تأسيساً على أنه لا يرد على مال عام من أموال الدولة، وعلى انتفاء علاقة العمل بين طرفيه واستحقاق المطعون ضده العين بعد أن تقدم وغيره من المواطنين للحصول عليها وفوزه في عملية الاقتراع لانطباق الشروط عليه في حين أن ظاهر عبارات المحرر، سالفة البيان لا تفيد بمجردها أنه عقد إيجار، وأن ما استند إليه الحكم من أسباب لا يبين منها كيف انصرفت إرادة طرفيه إلى قيام علاقة إيجارية بينهما ذلك أن مجرد أن تكون العين محل النزاع من الأملاك الخاصة للدولة وانتفاء علاقة العمل بين المطعون ضده وبين الطاعنين، وما أورده الحكم من عبارة مجملة بشأن فوز المطعون ضده في عملية "اقتراع" - دون أن يبين ماهيته ومحله وصلته بالتكييف الذي خلص إليه - لا يؤدي بذاته إلى اعتبار ذلك المحرر عقد إيجار مما يسري عليه تشريعات إيجار الأماكن، وقد حجب الحكم نفسه بهذا الخطأ عن بيان الأسباب المقبولة التي تبرر العدول عن المدلول الظاهر لعبارات المحرر المشار إليه على ضوء مقصود المتعاقدين وظروف التعاقد ومن ثم فإنه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعنان 4345 و 4590 لسنة 69 ق جلسة 11 / 4 / 2001 مكتب فني 52 ج 1 ق 107 ص 510

جلسة 11 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ شكري العميري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحمن فكري، محسن فضلي، د. طه عبد المولى نواب رئيس المحكمة وعبد العزيز فرحات.

--------------

(107)
الطعنان رقما 4345، 4590 لسنة 69 القضائية

 (4 - 1)تأمين. التزام "الاشتراط لمصلحة الغير". هبة "الرجوع في الهبة". عقد "فسخ العقد". نقض "سلطة محكمة النقض".
(1)
جعل المؤمن له قيمة التأمين لشخص آخر. اعتباره اشتراطاً لمصلحة الغير. قبول المنتفع له. أثره. عدم جواز نقض المشترط للمشارطة. الاستثناء. حقه في نقضها حتى بعد أن يقبلها المنتفع. مناطه. أن يكون الاشتراط تبرعاً منه للمنتفع وأن يرتكن في نقضه لعذر مقبول. علة ذلك. اعتبار الاشتراط في هذه الحالة هبة تسري عليه أحكامها الموضوعية. ليس لنقض الاشتراط شكل مخصوص. جواز وقوعه صراحة أو ضمناً.
 (2)
الرجوع في الهبة في حالة عدم قبول الموهوب له. شرطه. استناد الواهب في رجوعه إلى عذر يقبله القاضي وعدم وجود مانع من موانع الرجوع. م 500 مدني. القضاء بالرجوع فيها في هذه الحالة. اعتباره فسخاً قضائياً لها يرتب ما للأخير من آثار. مؤداه. لطالب التأمين لمصلحة غيره تبرعاً الحق في استرداد قيمة الأقساط التي أداها للمؤمن بحسبان هذا التأمين هبة.
 (3)
لمحكمة النقض سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتكييفه على مقتضى القاعدة القانونية التي أخذت بها. عدم تقيدها بتكييف الخصوم أو محكمة الموضوع له.
 (4)
إبرام الشركة المطعون ضدها الثانية لصالح الطاعن وثيقة تأمين بقسط وحيد سددته تبرعاً منها. أثره. اعتبار اشتراطها لصالحه هبة تسري عليه أحكامها الموضوعية. إنذار الشركة المؤمن عليها لها المؤمن بالامتناع عن صرف مبلغ التأمين إلى المستفيد. مؤداه. نقضها المشارطة والرجوع في الهبة. تقديمها أمام محكمة الموضوع أسباباً مقبولة لرجوعها. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى أحقيتها في استرداد قيمة قسط التأمين استناداً لهذه الأسباب. اعتباره فسخاً قضائياً للهبة وترتيباً لأثر هذا الفسخ برد الموهوب للواهب
.
(5)
حكم "ما لا يعيب تسبيب الحكم: التقريرات القانونية الخاطئة". نقض "سلطة محكمة النقض".
انتهاء الحكم إلى النتيجة الصحيحة وإن حملها على غير تكييفها الصحيح. تعييبه فيما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة. غير منتج. لمحكمة النقض تصحيح ما شابها من خطأ دون أن تنقضه.
(6)
حكم "ما لا يعد قصوراً". دعوى "الدفاع في الدعوى".
دفاع لا يستند إلى أساس قانوني صحيح. التفات الحكم عنه. لا قصور.
 (7)
نقض "أسباب الطعن". دعوى "الدفاع في الدعوى". تعويض.
النعي على الحكم المطعون فيه بدفاع لا صفة للطاعن فيه. غير مقبول. مؤداه. قضاؤه بإلزام المطعون ضدها الأولى وحدها بالتعويض. أثره. ليس للطاعن صفة أو مصلحة في النعي عليه بقالة عدم تحديده عناصر التعويض.
 (8)
دعوى "مصروفات الدعوى". استئناف. حكم "عيوب التدليل: ما لا يعد خطأ".
خاسر الدعوى. هو من رفعها أو دفعها بغير حق. كفاية خسارة الخصم للدعوى للحكم عليه بالمصاريف دون إبداء أي سبب آخر. مؤداه. قضاء المحكمة الاستئنافية بإلزام الطاعن بالمصروفات عن الدرجتين باعتباره خاسراً دعواه. لا خطأ.
 (9)
حكم "عيوب التدليل: التناقض: ما لا يعد كذلك".
التناقض المبطل للحكم. ماهيته. صدور الحكم الاستئنافي على خلاف الحكم الابتدائي مقيماً قضاءه على ما يحمله. عدم اعتباره من قبيل التناقض في أسباب الحكم الواحد. علة ذلك.
 (10)
تعويض. مسئولية. محكمة الموضوع. نقض.
تكييف الفعل بأنه خطأ من عدمه. خضوع قضاء محكمة الموضوع فيه لرقابة محكمة النقض.
 (11)
تأمين "عقد التأمين". عقد.
عقد التأمين. التزام المؤمن بمقتضاه بأداء مبلغ من المال إلى المؤمن له أو المستفيد نظير قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن.
 (12)
تأمين. تعويض. مسئولية. حكم "عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال، الخطأ في تطبيق القانون: ما يعد كذلك".
قبول شركة التأمين الطاعنة مبلغ من المال من الشركة المطعون ضدها الثانية كقسط وحيد لوثيقة تأمين أبرمتها الأخيرة لصالح المطعون ضده الأول. عدم اعتباره خطأ يرتب مسئوليتها عن التعويض. قضاء الحكم المطعون فيه بإلزامها بالتعويض بقالة إنه نظير اقتطاع قسط التأمين من ميزانية الشركة المؤمن لها. خطأ وفساد في الاستدلال.

---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذا جعل شخص من شخص آخر مستحقاً لقيمة التأمين الذي تعاقد عليه مع شركة التأمين، فهذا اشتراط لمصلحة الغير، اشترطه المؤمن له على الشركة لمصلحة المستحق، ولئن كان يجوز للمشترط نقض المشارطة ما لم يصبح حق المنتفع لازماً غير قابل للنقض بمجرد إقراره بقبول الاشتراط، إلا أنه متى كان الاشتراط تبرعاً من المشترط للمنتفع، فيظل له حق نقض المشارطة حتى بعد أن يقبلها المنتفع، طالما ركن في نقضه لعذر مقبول، بحسبان أن الاشتراط في هذه الحالة يكون هبة، ونقضه رجوع في الهبة تسري عليه أحكامها الموضوعية، وفقاً للقواعد العامة، وليس للنقض شكل مخصوص، فيقع صريحاً، كما يقع ضمنياً.
2 - يشترط للرجوع في الهبة - على ما نصت عليه المادة (500) من القانون المدني - في حالة عدم قبول الموهوب له - أن يستند الواهب في رجوعه إلى عذر يقبله القاضي، وألا يوجد مانع من موانع الرجوع، ومن ثم يكون الرجوع في الهبة لعذر لا يعدو - إذا ما قضى به - أن يكون فسخاً قضائياً للهبة يرتب ما يرتبه الفسخ من آثار، ومن أخصها أن يكون لطالب التأمين لمصلحة غيره - تبرعاً - حق استرداد الموهوب، وهو قيمة الأقساط التي أداها للمؤمن.
3 - لمحكمة النقض أن تحصل فهم الواقع في الدعوى من الأوراق والمستندات، ثم تكيف هذا الواقع على مقتضى القاعدة القانونية التي أخذت بها، غير متقيدة في ذلك بتكييف الخصوم أو محكمة الموضوع له.
4 - إذ كان الثابت بالأوراق أن شركة فيستيا قد أبرمت لصالح الطاعن - رئيس مجلس إدارتها آنذاك - وثيقة تأمين بقسط وحيد مقداره مائتا ألف جنيه، قامت بسداده تبرعاً منها، بما يكون اشتراطها لصالحه هبة تسري عليه أحكامها الموضوعية لصالحه - ولا يغير من هذا قول الطاعن إنها أبرمت حقاً له على حسن الأداء وبدلاً عن ميزة التأمين الاجتماعي - فهذا - إن صح - يعد من قبيل الباعث لا العوض المانع من الرجوع في الهبة - وكانت الشركة المطعون ضدها الثانية - المؤمن لها - قد أنذرت شركة مصر للتأمين - المؤمنة - بالامتناع عن صرف مبلغ التأمين إلى المستفيد بما يفيد نقضها المشارطة ورجوعها في الهبة، وقدمت بين يدي محكمة الموضوع أسباب رجوعها وهي مناقضة الجهاز المركزي للمحاسبات لقرار جمعيتها العمومية بسداد قسط التأمين من مال الشركة وإفتاء إدارة الفتوى بمجلس الدولة بعدم مشروعيته لمخالفته القانون 159 لسنة 1981 ونظامها الأساسي، وأن الطاعن قد استغل نفوذه الوظيفي في استصداره، فإن الحكم المطعون فيه إذا انتهى إلى أحقيتها في استرداد قيمة قسط التأمين مقداراً أن القرار المشار إليه قد جانب الصواب أخذاً بما أبدته الشركة المؤمن لها من أسباب، فإن قضاءه يكون - في حقيقته - فسخاً قضائياً للهبة للرجوع فيها من قبل الواهب لعذر مقبول، وترتيباً لأثر هذا الفسخ برد الموهوب للواهب.
5 - إذ خلص الحكم المطعون فيه إلى نتيجة صحيحة - وإن حملها على غير تكييفها الصحيح - فإن تعييبه فيما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة، يكون غير منتج، إذ لمحكمة النقض تصحيح ما شاب تلك الأسباب من خطأ دون أن تنقضه.
6 - إذ كان النعي لا يستند إلى أساس قانوني صحيح، فلا على الحكم المطعون فيه إن لم يعرض للدفاع الذي تضمنه، التفاتاً عنه، ولا يعد ذلك قصوراً مبطلاً له.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يقبل النعي على الحكم بدفاع لا صفة للطاعن فيه، ولا مصلحة له في إبدائه، وكان الحكم المطعون فيه قد ألزم المطعون ضدها الأولى - دون الطاعن - بأداء التعويض المقضى به، فإنه لا يكون للطاعن صفة أو مصلحة في النعي على الحكم في هذا الخصوص.
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن خاسر الدعوى هو من رفعها أو دفعها بغير حق، وأنه تكفي خسارة الخصم للدعوى سبباً للحكم عليه بالمصاريف بغير حاجة لإبداء أي سبب آخر، ويعتبر الخصم قد خسر الدعوى إذا كان مدعياً وقضى برفض طلباته، أو مدعى عليه وقضى عليه بطلبات المدعي، وكان الطاعن قد خسر دعواه أمام محكمة الاستئناف ونازع المطعون ضدهما في طلباتهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامه بمصروفات الاستئنافات الثلاثة عن الدرجتين، باعتباره خاسراً دعواه فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه على غير أساس.
9 - التناقض الذي يبطل الحكم ويؤدي إلى نقضه هو التناقض الذي يقع في الأسباب بحيث لا يتأتى معه فهم الأساس الذي أقيم عليه الحكم، أو ما يكون واقعاً بين الأسباب والمنطوق، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى على خلاف قضاء الحكم الابتدائي مقيماً قضاءه على ما يحمله، فإن هذا لا يعد من قبيل التناقض في أسباب الحكم الواحد وإنما هو إهدار لأسباب الحكم الابتدائي وإلغاء له. بما يكون النعي على الحكم المطعون فيه بالتناقض والقصور على غير أساس.
10 - تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض.
11 - المقرر أن التأمين - طبقاً للمادة 747 من القانون المدني - عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال... نظير قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن.
12 - إذ كان قبول شركة التأمين الطاعنة لمبلغ مائتي ألف جنيه من المطعون ضدها الثانية، كقسط وحيد لوثيقة تأمين أبرمتها الأخيرة لصالح المطعون ضده الأول - الطاعن في الطعن الأول - لا يمثل خطأ في جانبها يرتب مسئوليتها عن التعويض، ولا يعدو كونه تنفيذاً لشروط العقد، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر، وقضى بإلزامها بالتعويض على قول إنه نظير اقتطاع قسط التأمين من ميزانية الشركة المؤمن لها، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين - تتحصل في أن الطاعن في الطعن رقم 4345 لسنة 69 ق، أقام على المطعون ضدها الأولى - شركة مصر للتأمين - الدعوى رقم.... لسنة.... مدني جنوب القاهرة الابتدائية، بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليه مبلغ وقدره ثلاثمائة وستة وسبعون ألف وسبعمائة وعشرة جنيهات مع فوائده القانونية من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد، وقال بياناً لذلك إنه إبان عمله رئيساً لمجلس إدارة شركة فيستيا قررت جمعيتها العمومية بتاريخ 1/ 4/ 1992 عمل وثيقة تأمين لصالحه لدى شركة مصر للتأمين بمبلغ مائتي ألف جنيه تتحمل عنه سداد قسطها، وتستحق حين وفاته أو إنهاء خدمته، وقد أنهيت خدمته في 1/ 1/ 1997، وتقدم إلى الشركة المؤمنة بطلب صرف مبلغ التأمين، فامتنعت رغم تحقق شروط استحقاقه، ومن ثم أقام الدعوى للحكم بالطلبات سالفة البيان. تدخلت المطعون ضدها الثانية - شركة فيستيا - هجومياً في الدعوى بطلب الحكم برفضها، وبإلزام المطعون ضدها الأولى أن تؤدي إليها قيمة الوثيقة ومائة ألف جنيه تعويضاً، وقالت بياناً لذلك إن قرار الجمعية العمومية بتحمل الشركة قيمة قسط التأمين وقدره مائتا ألف جنيه، باطل لمخالفته القانون 159/ 1981 في شأن الشركات المساهمة وهو ما انتهت إليه فتوى إدارة الفتوى بمجلس الدولة، كما اعترض عليه الجهاز المركزي للمحاسبات، بما أنذرت معه الشركة المؤمنة بعدم صرف مبلغ التأمين إلى الطاعن، وأقامت دعواها. بتاريخ 31/ 3/ 1999 حكمت المحكمة بقبول تدخل المطعون ضدها الثانية شكلاً وبرفضه موضوعاً، وبإلزام المطعون ضدها الأولى بأداء المبلغ المطالب به إلى الطاعن وإلزامها بالمناسب من المصروفات، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنفت المطعون ضدها الثانية هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 6815 لسنة 116 ق. القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها، كما استأنفته المطعون ضدها الثانية لدى ذات المحكمة بالاستئناف 7646 لسنة 116 ق بطلب إلغائه فيما قضى به من إلزامها بالمصروفات، وكذلك استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 7785 لسنة 116 ق طالباً تعديله إلى القضاء له بالفوائد، مع تأييده فيما عدا ذلك. وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئنافات الثلاثة، حكمت بتاريخ 11/ 8/ 1999 في الاستئناف الأول بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي إلى المطعون ضدها الثانية ثلاثمائة ألف جنيه، وفي الاستئنافين الآخرين برفضهما. طعن الطاعن...... في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 4345 لسنة 69 ق، كما طعنت فيه شركة مصر للتأمين بالطعن رقم 4590 لسنة 69 ق. قدمت النيابة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بنقض الحكم المطعون فيه بالطعن الأول، وبنقضه - جزئياً - في الطعن الثاني.
وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة. حددت جلسة لنظرهما، وفيها قررت ضمهما، والتزمت النيابة رأيها.
أولاً - عن الطعن رقم 4345 لسنة 69 ق:
حيث إن هذا الطعن أقيم على تسعة أسباب، ينعى الطاعن بالأسباب من الأول إلى السادس والوجه الأول من السبب السابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيانها يقول إن الحكم أقام قضاءه على سند من أن الحكم الابتدائي أخطأ حين عول على حكم المادة 750 من القانون المدني، وأن إبرام الوثيقة قد تمخض لصالح الطاعن ولم يعد بنفع على الشركة التي تحملت قسط التأمين من ميزانيتها بالمخالفة للقوانين واللوائح ونظامها الأساسي والتي تحظر جميعها أن يتجاوز قسط التأمين الحد الأقصى لما حصَّل الطاعن من مكافآت، وأنه رغم مناقضة الجهاز المركزي للمحاسبات فقد استغل الطاعن نفوذه في الشركة للتربح من مالها بغير حق، وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه معيب، ذلك أنه لم يفصح عن ماهية القوانين واللوائح التي عاب على الجمعية العمومية لشركة فيستيا مخالفتها، كما لم يبين ماهية النص القانوني الذي ارتكن هو إليه، ولم يستقص الحد الأقصى من المكافآت التي حصل عليها الطاعن وقرر الحكم بمجاوزة قسط التأمين له، وهو ما يجهل بالأساس الذي بني عليه، ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيقه للقانون، وقد فات الحكم حقيقة أن القرار المذكور قد صدر صحيحاً ملزماً للشركة بقوة القانون، وقد تغيت به أن يكون حافزاً للطاعن على استمرار حسن أدائه، وبديلاً له عن حصتها في التأمينات الاجتماعية التي لم يستفد منها وأنه - على فرض مخالفته للقانون والنظام الأساسي للشركة - فإنه متى كان لا يشكل جناية أو جنحة عمدية، فلا تبطل به وثيقة التأمين عملاً بالمادة 750 من القانون المدني، كما أن الوثيقة قد أضحت غير قابلة للنقض إذ استبق الطاعن - وهو المنتفع بها - إعلان الشركة المؤمنة برغبته في الاستفادة منها، عملاً بالمادة 155/ 1 من القانون المدني، هذا إلى أن قرار الجمعية العمومية بإبرام الوثيقة قد تحصن من الإلغاء بعدم الطعن عليه في الميعاد عملاً بالمادة 76 من القانون رقم 159 لسنة 1981، وهو ما يرتب جميعه أحقية الطاعن في اقتضاء مبلغ التأمين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، واعتد بمناقضته الجهاز المركزي للمحاسبات وفتوى مجلس الدولة رغم حجيتهما، وتصدى لمشروعية سداد قسط التأمين - وهو أمر غير مطروح في الدعوى - بينما لم يتصد لصحة عقد التأمين وأحقية الطاعن في قيمة الوثيقة، والتي قضى بردها دون أن يفسخ العقد، وأغفل دفاع الطاعن بشأن كل ما سلف، إذ لم يرد عليه بما يقتضيه، فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا جعل شخص من شخص آخر مستحقاً لقيمة التأمين الذي تعاقد عليه مع شركة التأمين، فهذا اشتراط لمصلحة الغير، اشترطه المؤمن له على الشركة لمصلحة المستحق، ولئن كان يجوز للمشترط نقض المشارطة ما لم يصبح حق المنتفع لازماً غير قابل للنقض بمجرد إقراره بقبول الاشتراط، إلا أنه متى كان الاشتراط تبرعاً من المشترط للمنتفع، فيظل له حق نقض المشارطة حتى بعد أن يقبلها المنتفع، طالما ركن في نقضه لعذر مقبول، بحسبان أن الاشتراط في هذه الحالة يكون هبة، ونقضه رجوعاً في الهبة تسري عليه أحكامها الموضوعية، وفقاً للقواعد العامة، وليس للنقض شكل مخصوص، فيقع صريحاً، كما يقع ضمنياً، وكان يشترط للرجوع في الهبة - على ما نصت عليه المادة (500) من القانون المدني - في حالة عدم قبول الموهوب له - أن يستند الواهب في رجوعه إلى عذر يقبله القاضي، وألا يوجد مانع من موانع الرجوع، ومن ثم يكون الرجوع في الهبة لعذر لا يعدو - إذا ما قضى به - أن يكون فسخاً قضائياً للهبة يرتب ما يرتبه الفسخ من آثار، ومن أخصها أن يكون لطالب التأمين لمصلحة غيره - تبرعاً - حق استرداد الموهوب، وهو قيمة الأقساط التي أداها للمؤمن. لما كان ذلك، وكان لمحكمة النقض أن تحصل فهم الواقع في الدعوى من الأوراق والمستندات، ثم تكيف هذا الواقع على مقتضى القاعدة القانونية التي أخذت بها، غير متقيدة في ذلك بتكييف الخصوم أو محكمة الموضوع له، وكان الثابت بالأوراق أن شركة فيستيا قد أبرمت لصالح الطاعن - رئيس مجلس إدارتها آنذاك - وثيقة تأمين بقسط وحيد مقداره مائتا ألف جنيه، قامت بسداده تبرعاً منها، بما يكون اشتراطها لصالحه هبة تسري عليه أحكامها الموضوعية - ولا يغير من هذا قول الطاعن إنها أبرمت حقاً له على حسن الأداء وبدلاً عن ميزة التأمين الاجتماعي - فهذا - إن صح - يعد من قبيل الباعث لا العوض المانع من الرجوع في الهبة - وكانت الشركة المطعون ضدها الثانية - المؤمن لها - قد أنذرت شركة مصر للتأمين - المؤمنة - بالامتناع عن صرف مبلغ التأمين إلى المستفيد بما يفيد نقضها المشارطة ورجوعها في الهبة، وقدمت بين يدي محكمة الموضوع أسباب رجوعها وهي مناقضة الجهاز المركزي للمحاسبات لقرار جمعيتها العمومية بسداد قسط التأمين من مال الشركة وإفتاء إدارة الفتوى بمجلس الدولة بعدم مشروعيته لمخالفته القانون 159 لسنة 1981 ونظامها الأساسي، وأن الطاعن قد استغل نفوذه الوظيفي في استصداره، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أحقيتها في استرداد قيمة قسط التأمين مقداراً أن القرار المشار إليه قد جانب الصواب أخذاً بما أبدته الشركة المؤمن لها من أسباب، فإن قضاءه يكون - في حقيقته - فسخاً قضائياً للهبة للرجوع فيها من قبل الواهب لعذر مقبول، وترتيباً لأثر هذا الفسخ برد الموهوب للواهب، وإذ خلص الحكم - في هذا الخصوص - إلى نتيجة صحيحة - وإن حملها على غير تكييفها الصحيح - فإن تعييبه فيما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة، يكون غير منتج، إذ لمحكمة النقض تصحيح ما شاب تلك الأسباب من خطأ دون أن تنقضه، وكان النعي على النحو المتقدم لا يستند إلى أساس قانوني صحيح، فلا على الحكم المطعون فيه إن لم يعرض للدفاع الذي تضمنه، التفاتاً عنه، ولا يعد ذلك قصوراً مبطلاً له.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب السابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ لم يحدد عناصر التعويض المادي الذي قضى به، وماهية الأضرار التي لحقت بالشركة المطعون ضدها الثانية المقضي لها بالتعويض.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، لما هو مقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يقبل النعي على الحكم بدفاع لا صفة للطاعن فيه، ولا مصلحة له في إبدائه، وكان الحكم المطعون فيه قد ألزم المطعون ضدها الأولى - دون الطاعن - بأداء التعويض المقضى به، فإنه لا يكون للطاعن صفة أو مصلحة في النعي على الحكم في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثامن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه ألزمه بمصروفات الاستئنافات الثلاثة، رغم أنه لم يقض عليه بشيء قبل المطعون ضدهما، بما يعيبه، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن خاسر الدعوى هو من رفعها أو دفعها بغير حق، وأنه تكفي خسارة الخصم للدعوى سبباً للحكم عليه بالمصاريف بغير حاجة لإبداء أي سبب آخر، ويعتبر الخصم قد خسر الدعوى إذا كان مدعياً وقضى برفض طلباته، أو مدعياً عليه وقضى عليه بطلبات المدعي، وكان الطاعن قد خسر دعواه أمام محكمة الاستئناف ونازع المطعون ضدهما في طلباتهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامه بمصروفات الاستئنافات الثلاثة عن الدرجتين، باعتباره خاسراً دعواه فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب التاسع على الحكم المطعون فيه التناقض والقصور في التسبيب، ذلك أنه لم يعرض في منطوقه أو أسبابه للحكم الابتدائي القاضي بإلزام المطعون ضدها الأولى أن تؤدي إليه مبلغ التأمين، ولم يقض برفض دعواه، بما يكون الحكم الابتدائي لا زال قائماً، غير أن الحكم المطعون فيه قضى رغم ذلك بإلزام المطعون ضدها الأولى أن ترد قسط التأمين للمطعون ضدها الثانية، وهو تناقض يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن التناقض الذي يبطل الحكم ويؤدي إلى نقضه هو التناقض الذي يقع في الأسباب بحيث لا يتأتى معه فهم الأساس الذي أقيم عليه الحكم، أو ما يكون واقعاً بين الأسباب والمنطوق، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى على خلاف قضاء الحكم الابتدائي مقيماً قضاءه على ما يحمله، فإن هذا لا يعد من قبيل التناقض في أسباب الحكم الواحد وإنما هو إهدار لأسباب الحكم الابتدائي وإلغاء له. بما يكون النعي على الحكم المطعون فيه بالتناقض والقصور على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ثانياً - عن الطعن رقم 4590 لسنة 69 ق:
وحيث إنه مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه قضى في الاستئناف رقم 6815/ 116 ق القاهرة بإلزامها بالتعويض عن الضرر المادي الذي لحق بالمطعون ضدها من جراء اقتطاع مائتي ألف جنيه من ميزانيتها، رغم أن هذا المبلغ يمثل قسط التأمين، وهو حق للطاعنة بموجب العقد، بما ينفي الخطأ في جانبها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، وكان من المقرر أن التأمين - طبقاً للمادة 747 من القانون المدني - عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال.... نظير قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن، وكان قبول الطاعنة لمبلغ مائتي ألف جنيه من المطعون ضدها الثانية، كقسط وحيد لوثيقة تأمين أبرمتها الأخيرة لصالح المطعون ضده الأول - الطاعن في الطعن الأول - لا يمثل خطأ في جانبها يرتب مسئوليتها عن التعويض، ولا يعدو كونه تنفيذاً لشروط العقد، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر، وقضى بإلزامها بالتعويض على قول إنه نظير اقتطاع قسط التأمين من ميزانية الشركة المؤمن لها، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، بما يوجب نقضه - جزئياً - في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه - ولما تقدم - يتعين القضاء في الاستئناف رقم 6815/ 116 ق برفض طلب الشركة المستأنفة إلزام المستأنف عليها الثانية التعويض.

الطعن 256 لسنة 62 ق جلسة 12 / 4 / 2001 مكتب فني 52 ج 1 ق 108 ص 522

جلسة 12 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ كمال نافع "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، لطف الله ياسين جزر، ماجد قطب "نواب رئيس المحكمة" وحسني عبد اللطيف.

-------------

(108)
الطعن رقم 256 لسنة 62 القضائية

(1) استئناف "الأثر الناقل للاستئناف".
الأثر الناقل للاستئناف. ماهيته. نقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية في حدود الطلبات التي فصلت فيها محكمة أول درجة وما أقيمت عليه من أسباب ما لم يتنازل المستأنف ضده عن التمسك بها صراحة أو ضمناً.
(2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء: التأجير من الباطن" "تغيير استعمال العين".
(2) إقامة المؤجر دعواه بالإخلاء على أكثر من سبب. القضاء بالإخلاء على سند إحداها دون التعرض للأسباب الأخرى. استئناف المستأجر للحكم. أثره. نقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما اشتملت عليه من أسباب ما لم يتنازل المؤجر عن التمسك بها.
(3) استناد مورث الطاعنين في دعواه بالإخلاء إلى تغيير استعمال العين بالمخالفة لعقد الإيجار والتأجير من الباطن. قضاء محكمة أول درجة بالإخلاء على سند من التأجير من الباطن ورفض الدعوى في شقها الأول. قضاء الحكم المطعون فيه بالإلغاء لانتفاء واقعة التأجير من الباطن دون أن يعرض للسبب الثاني رغم عدم التنازل عنه. خطأ.

---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادة 232 من قانون المرافعات يدل على أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية في حدود الطلبات التي فصلت فيها محكمة أول درجة وأن مقتضى الأثر الناقل للاستئناف أن يعتبر مطروحاً على محكمة الدرجة الثانية الأسباب التي أقام المستأنف ضده عليها طلباته بالنسبة لما رُفع عن الاستئناف سواء في ذلك الأسباب التي فصل فيها لغير صالحه أو تلك التي لم تعرض لها محكمة أول درجة وأنه على المحكمة الاستئنافية أن تعرض لها ما لم يتنازل المستأنف ضده عن التمسك بها صراحة أو ضمنياً.
2 - إذا استند المؤجر أمام محكمة أول درجة في دعواه بإخلاء العين المؤجرة إلى سبب أو أكثر من أسباب الإخلاء فقضت المحكمة بالإخلاء على سند من إحداها وأفصحت عن أنها لم تر مسوغاً للتعرض لباقي الأسباب بعد أن أجيب المؤجر إلى طلبه واستأنف المستأجر هذا الحكم فإن الدعوى تنتقل إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المؤجر من أسباب وتعتبر مطروحة أمام المحكمة للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف إلا إذا تنازل عن التمسك بأي منها.
3 - إذ كان البين من الأوراق أن مورث الطاعنين أقام دعواه بطلب إخلاء شقة النزاع على سند من تغيير المطعون ضدهما الأول والثاني بصفتهما استعمال تلك الشقة بالمخالفة لما ورد بعقد إيجارها المؤرخ 1/ 5/ 1963 ولتأجيرها من الباطن للمطعون ضده الثالث فيكون قد استمد حقه في الطلب من هذين السببين. وإذ قضى الحكم المستأنف بالإخلاء على سند من ثبوت واقعة التأجير من الباطن دون إذن المالك ورفض دعواه في شقها الذي أقيم على السبب الأول وهو تغيير استعمال العين المؤجرة بالمخالفة لشروط التعاقد وقضى الحكم المطعون فيه بإلغاء هذا الحكم تأسيساً على عدم ثبوت واقعة التأجير من الباطن بالأوراق دون أن تعرض المحكمة الاستئنافية للسبب الثاني الذي لم يتنازل عنه مورث الطاعنين صراحة أو ضمناً إعمالاً للأثر الناقل للاستئناف فإنه يكون معيباً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث الطاعنين أقام على المطعون ضدهما الأول والثاني بصفتهما الدعوى رقم.... لسنة..... أمام محكمة المنيا الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء العين المؤجرة المبينة بالصحيفة والتسليم، وقال بياناً لذلك إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 5/ 1963 استأجرت منه الهيئة العامة للنقل البحري التي حلت محلها شركة النيل العامة لنقل البضائع ويمثلها المطعون ضده الأول عين النزاع لاستعمالها مكتباً لها إلا أنها استعملتها سكناً لعمالها بالمخالفة لشروط العقد ورفضت إعادة الحال إلى ما كان عليه رغم إنذارها رسمياً بذلك وأضاف سبباً آخر لطلب الإخلاء هو تأجير شقة النزاع من الباطن إلى المطعون ضده الثالث دون إذن كتابي منه ومن ثم أقام الدعوى، كما أقام المطعون ضده الأول - بصفته - دعوى فرعية بطلب إلزام مورث الطاعنين بأن يؤدي إليه مبلغ ألف جنيه تعويضاً عما أصابه من أضرار، حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية بالنسبة للسبب الأول وبقبول الدعوى الفرعية وقبل الفصل في موضوعها وفي الشق الثاني من الدعوى الأصلية - التأجير من الباطن - بندب خبير في الدعوى، أدخل مورث الطاعنين المطعون ضده الرابع خصماً فيها وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بالإخلاء والتسليم استناداً إلى ثبوت تأجير العين من الباطن وفي الدعوى الفرعية برفضها، استأنف المطعون ضده الأول بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة..... ق بني سويف "مأمورية المنيا". كما استأنفه مورث الطاعنين بالاستئناف الفرعي رقم.... لسنة..... ق، والمطعون ضده الرابع بالاستئناف الفرعي رقم.... لسنة.... ق، ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة بعد إحالة الدعوى للتحقيق ثم قضت بتاريخ 12/ 11/ 1991 بعدم قبول الاستئناف الفرعيين رقمي.... لسنة..... ق و... لسنة.... ق وفي موضوع الاستئناف الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إخلاء شقة النزاع للتأجير من الباطن وبرفض هذا الطلب وبتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الاستئناف الفرعي رقم.... لسنة.... ق المقام من مورثهم على أن الأخير قبل الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض طلب الإخلاء المؤسس على تغيير الاستعمال إذ أقام الاستئناف الفرعي بعد أن طلب رفض الاستئناف الأصلي وتأييد الحكم المستأنف وهو ما يُعد منه قبولاً للحكم المستأنف في هذا الشق بالمخالفة للأثر الناقل للاستئناف حيث كان يتعين عليه التصدي للأسباب التي تمسك بها مورثهم أمام محكمة أول درجة بحسبان أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى المحكمة الاستئنافية بما سبق أن أبداه المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة من دفوع وأوجه دفاع وأن على المحكمة أن تفصل فيها ما دام المستأنف عليه لم يتنازل عن التمسك بها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 232 من قانون المرافعات يدل على أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية في حدود الطلبات التي فصلت فيها محكمة أول درجة وأن مقتضى الأثر الناقل للاستئناف أن يعتبر مطروحاً على محكمة الدرجة الثانية الأسباب التي أقام المستأنف ضده عليها طلباته بالنسبة لما رفع عن الاستئناف سواء في ذلك الأسباب التي فصل فيها لغير صالحه أو تلك التي لم تعرض لها محكمة أول درجة وأنه على المحكمة الاستئنافية أن تعرض لها ما لم يتنازل المستأنف ضده عن التمسك بها صراحة أو ضمناً، وأنه إذا استند المؤجر أمام محكمة أول درجة في دعواه بإخلاء العين المؤجرة إلى سبب أو أكثر من أسباب الإخلاء فقضت المحكمة بالإخلاء على سند من إحداها وأفصحت عن أنها لم تر مسوغاً للتعرض لباقي الأسباب بعد أن أجيب المؤجر إلى طلبه واستأنف المستأجر هذا الحكم فإن الدعوى تنتقل إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المؤجر من أسباب وتعتبر مطروحة أمام المحكمة للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف إلا إذا تنازل عن التمسك بأي منها. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن مورث الطاعنين أقام دعواه بطلب إخلاء شقة النزاع على سند من تغيير المطعون ضدهما الأول والثاني بصفتهما استعمال تلك الشقة بالمخالفة لما ورد بعقد إيجارها المؤرخ 1/ 5/ 1963 ولتأجيرها من الباطن للمطعون ضده الثالث فيكون قد استمد حقه في الطلب من هذين السببين وإذ قضى الحكم المستأنف بالإخلاء على سند من ثبوت واقعة التأجير من الباطن دون إذن المالك ورفض دعواه في شقها الذي أقيم على السبب الأول وهو تغيير استعمال العين المؤجرة بالمخالفة لشروط التعاقد وقضى الحكم المطعون فيه بإلغاء هذا الحكم تأسيساً على عدم ثبوت واقعة التأجير من الباطن بالأوراق دون أن تعرض المحكمة الاستئنافية للسبب الثاني الذي لم يتنازل عنه مورث الطاعنين صراحة أو ضمناً إعمالاً للأثر الناقل للاستئناف فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 442 لسنة 66 ق جلسة 14 / 4 / 2001 مكتب فني 52 ج 1 أحوال شخصية ق 109 ص 527

جلسة 14 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ممتاز متولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد غرياني، محمد برهام عجيز نائبي رئيس المحكمة، سعيد عبد الرحمن وعبد الصبور خلف الله.

------------------

(109)
الطعن رقم 442 لسنة 66 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بالمسلمين: التطليق للزواج بأخرى".
الحكم بالتطليق. م 11 مكرر من القانون 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون 100 لسنة 1985. شرطه. ثبوت تضرر الزوجة من الزواج عليها بأخرى بما يتعذر معه دوام العشرة. عدم استلزام استمرار المعاشرة الزوجية بعد الزواج بأخرى فترة طالت أم قصرت.
(2) أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بالمسلمين: تطليق". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير دواعي الفرقة".
لقاضي الموضوع سلطة تقدير دواعي الفرقة بين الزوجين وبحث دلالتها والموازنة بينها وترجيح ما يطمئن إليه منها. شرطه.
(3) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: الإثبات فيها: البينة".
شهادة سائر القرابات بعضهم لبعض. قبولها في الفقه الحنفي. الاستثناء. الأصل لفرعه والفرع لأصله وأحد الزوجين لصاحبه.
(4) أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بالمسلمين: التطليق للزواج بأخرى". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". نقض "أسباب الطعن: الأسباب الموضوعية".
إقامة الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضاءه بتطليق المطعون ضدها على الطاعن استناداً إلى ما استخلصه سائغاً من بينتها الشرعية بتوافر الضرر الموجب للتطليق من زواج الطاعن عليها بأخرى بما يتعذر معه دوام العشرة بينهما. استناده إلى أقوال شاهديها على فرض قرابتها لهما. لا عيب. علة ذلك. النعي عليه في هذا الشأن. جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.

---------------
1 - النص في المادة 11 مكرر من القانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 يدل على أن الشارع اشترط للحكم بالتطليق وفق نص هذه المادة أن يثبت تضرر الزوجة من الزواج عليها بأخرى بما يتعذر معه دوام العشرة بينهما ولم يستلزم لوجوب تحققه استمرار المعاشرة الزوجية بعد الزواج بأخرى فترة من الزمن طالت أم قصرت.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع السلطة في تقدير دواعي الفرقة بين الزوجين وبحث دلالتها والموازنة بينها وترجيح ما يطمئن إليه منها ما دام يقيم حكمه على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها.
3 - المقرر - في الفقه الحنفي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قبول شهادة سائر القرابات بعضهم لبعض عدا الأصل لفرعه وأحد الزوجين لصاحبه.
4 - إذ كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتطليق المطعون ضدها على الطاعن على ما استخلصه سائغاً من بينه المطعون ضدها الشرعية أنه قد لحقها ضرر - مادي ومعنوي - من زواج الطاعن عليها بأخرى بما يتعذر معه دوام العشرة بينهما ويتوافر به الضرر الموجب للتطليق وهو ما استندت إليه المطعون ضدها في طلب التطليق، ولا يعيب الحكم أنه عوَّل على أقوال شاهدي المطعون ضدها إذ أنه - على فرض قرابتها لهما - لم يثبت أنهما من أصولها أو فروعها، وكانت الأسباب التي أقام الحكم قضاءه عليها سائغة ولها معينها من الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وتكفي لحمل قضائه، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم.... لسنة.... كلي أحوال شخصية الفيوم على الطاعن للحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة، وقالت بياناً لدعواه إنها زوجته بصحيح العقد الشرعي ومدخولته، وإذ تعدى عليها بالضرب والسب وطردها من مسكن الزوجية وأدمن المخدرات وتزوج عليها بأخرى مما أصابها بضرر يتعذر معه دوام العشرة بينهما فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين حكمت بتاريخ 28/ 1/ 1996 بتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة.... ق بني سويف "مأمورية الفيوم" وبتاريخ 19/ 6/ 1996 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عُرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضدها أقامت دعواها عليه بالتطليق لتضررها من زواجه عليها بأخرى، وإذ قضى لها الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بذلك استناداً لأقوال شاهديها رغم أنهما من أقاربها والتفت عن دلالة دفاعه بانتفاء الإضرار بها لطلاقه الزوجة الثانية قبل رفع الدعوى فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 11 مكرر من القانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أن "... ويجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر دوام العشرة بين أمثالهما ولو لم تكن قد اشترطت عليه في العقد ألا يتزوج عليها، فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة..." يدل على أن الشارع اشترط للحكم بالتطليق وفق نص هذه المادة أن يثبت تضرر الزوجة من الزواج عليها بأخرى بما يتعذر معه دوام العشرة بينهما ولم يستلزم لوجوب تحققه استمرار المعاشرة الزوجية بعد الزواج بأخرى فترة من الزمن طالت أم قصرت. لما كان ذلك، وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع السلطة في تقدير دواعي الفرقة بين الزوجين وبحث دلالتها والموازنة بينها وترجيح ما يطمئن إليه منها ما دام يقيم حكمه على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها، وكان المقرر - في الفقه الحنفي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قبول شهادة سائر القرابات بعضهم لبعض عدا الأصل لفرعه والفرع لأصله وأحد الزوجين لصاحبه. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتطليق المطعون ضدها على الطاعن على ما استخلصه سائغاً من بينه المطعون ضدها الشرعية أنه قد لحقها ضرر - مادي ومعنوي - من زواج الطاعن عليها بأخرى بما يتعذر معه دوام العشرة بينهما ويتوافر به الضرر الموجب للتطليق وهو ما استندت إليه المطعون ضدها في طلب التطليق، ولا يعيب الحكم أنه عوّل على أقوال شاهدي المطعون ضدها إذ أنه - على فرض قرابتها لهما - لم يثبت أنهما من أصولها أو فروعها، وكانت الأسباب التي أقام الحكم قضاءه عليها سائغة ولها معينها من الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وتكفي لحمل قضائه، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 5524 لسنة 63 ق جلسة 17 / 4 / 2001 مكتب فني 52 ج 1 ق 110 ص 531

جلسة 17 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعلة، سيد الشيمي، عبد المنعم محمود نواب رئيس المحكمة وعز العرب عبد الصبور.

---------------

(110)
الطعن رقم 5524 لسنة 63 القضائية

(1 - 3) التزام. عقد "أركانه وشروط انعقاده: عيوب الرضا: الغلط، التدليس" "إبطال العقد". بطلان "بطلان التصرفات". قسمة. دعوى "الدفاع الجوهري". حكم "عيوب التدليل: القصور، مخالفة الثابت في الأوراق".
(1) الغلط الفردي. سبب لإبطال العقد وعودة طرفيه إلى الحالة التي كانا عليها قبل إبرامه. شرطه. أن يكون الغلط جوهرياً والمتعاقد الآخر عالماً به أو في مقدوره أن يعلم به. الغلط الجوهري. تحققه إذا كان هو الدافع إلى إبرام العقد. المادتان 120، 121/ 1 مدني.
(2) مجرد كتمان العاقد واقعة جوهرية يجهلها العاقد الآخر أو مُلابَسة. تدليس يجيز إبطال العقد. شرطه. ثبوت أن المُدلَّس عليه ما كان ليبرم العقد لو اتصل علمه بما سكت عنه الُمدلَّس عمداً. م 125 مدني.
(3) تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بوقوعه في غلط جوهري لتوهمه أنه اختص في عقد القسمة المبرم بينه والمطعون ضده بالمساحة المحددة فيه وأنه لو كان يعلم أن جزءاً منها يتداخل في طريق عام لأحجم عن إبرام العقد وبأن قسيمه كان عالماً بوقوعه في ذلك الغلط ودلَّس عليه بسكوته عمداً عن تلك الواقعة حين أن الأخير قرر في محضر استجواب بأن الطريق كان مقاماً منذ أمد طويل وتأيد ذلك بتقرير الخبير الذي أضاف أنه يقتطع من نصيب الطاعن. دفاع جوهري. عدم عناية الحكم المطعون فيه بتمحيصه مقيماً قضاءه برفض دعوى الطاعن بطلب إبطال العقد على قالة إن الطريق أنشئ بعد تحريره. مخالفة للثابت في الأوراق وقصور مبطل.

-----------------
1 - النص في المادة 120 من القانون المدني على أن "إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد، إن كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط، أو كان على علم به، أو كان من السهل عليه أن يتبينه" وفي المادة 121/ 1 منه على أن "يكون الغلط جوهرياً إذا بلغ حداً من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط" يدل على أن المشرع يعتد بالغلط الفردي سبباً لإبطال العقد، وعودة طرفيه إلى الحالة التي كانا عليها قبل إبرامه، واشترط لذلك أن يكون هذا الغلط جوهرياً - وهو ما يتحقق إذا كان الدافع إلى إبرام العقد - وأن يكون المتعاقد الآخر عالماً به أو في مقدوره أن يعلم به.
2 - النص في المادة 125 من القانون نفسه (القانون المدني) على أن "يعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو مُلابَسة إذا ثبت أن المُدلَّس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه المُلابَسة" - مؤداه أن المشرع اعتبر مجرد كتمان العاقد واقعة جوهرية يجهلها العاقد الآخر أو مُلابَسة، من قبيل التدليس الذي يجيز طلب إبطال العقد إذا ثبت أن المُدلَّس عليه ما كان ليبرم العقد لو اتصل علمه بما سكت عنه المدلَّس عمداً.
3 - إذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه وقع في غلط جوهري إذ توهم أنه اختص في عقد القسمة المؤرخ.... الذي أبرمه مع أخيه المطعون ضده بمساحة 177.78 متراً مربعاً وأنه لو كان يعلم أن ما يزيد على خمسين متراً من هذه المساحة يتداخل في طريق عام يحدها من الناحية البحرية لأحجم عن إبرام العقد، كما تمسك بأن قسيمة كان عالماً بوقوعه في ذلك الغلط، وأنه دلس عليه بأن سكت عمداً عن تلك الواقعة حتى يتردي هو فيما شاب إرادته من غلط، ودلل على صدق ما يقول بما أقر به المطعون ضده نفسه في محضر الاستجواب المؤرخ.... من أن ذلك الطريق كان مقاماً منذ أمد طويل حدده الخبير المندوب من محكمة الاستئناف بمدة تزيد على خمسين عاماً وأورد أنه يقتطع من نصيب الطاعن مساحة 58.50 متراً مربعاً، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعن بتمحيص هذا الدفاع الجوهري، وأقام قضاءه برفض الدعوى (دعوى الطاعن بطلب إبطال العقد) على ما قاله الحكم الابتدائي من أن الطريق الذي تداخل فيه نصيب الطاعن أنشئ بعد تحرير عقد القسمة بأربع سنوات، فإنه فضلاً عن مخالفة الثابت في الأوراق يكون مشوباً بقصور يبطله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى... لسنة.... مدني دمياط الابتدائية على المطعون ضده بطلب الحكم بإبطال عقد القسمة المبرم بينهما بتاريخ 15/ 7/ 1983، وقال بياناً لدعواه إنه اتفق مع المطعون ضده على تقسيم قطعة أرض فضاء مملوكة لهما على الشيوع بواقع 117.78 متراً مربعاً للطاعن و125.16 متراً للمطعون ضده وإذ تبين له أن مساحة 50 متراً من قطعة الأرض الواقعة في نصيبه تتداخل في طريق عام، فإنه يكون قد وقع في غلط جوهري أو تدليس مما يجيز له طلب إبطال ذلك العقد ومحكمة أول درجة حكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة......... ق المنصورة "مأمورية دمياط"، وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً أودع تقريره، قضت بتاريخ 13/ 5/ 1993 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والثابت في الأوراق، والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن الطريق الذي يدخل ضمن المساحة التي اختص بها يحدها من الناحية البحرية ويقتطع منها 58.50 متراً مربعاً، وأن المطعون ضده أقر لدى استجوابه بأن ذلك الطريق كان قائماً منذ أمد بعيد، وقبل تحرير عقد القسمة المبرم بينهما، وهو ما انتهى إليه الخبير المندوب من محكمة الاستئناف، وأورى أنه أنشئ منذ مدة تزيد على خمسين عاماً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا الثابت في الأوراق، وخلص إلى تأييد الحكم الابتدائي لأسبابه رغم أنه أسس قضاءه برفض الدعوى على أن الطريق المقصود هو الذي يحد الأرض التي تمت قسمتها من الناحية القبلية والذي أنشئ في عام 1987 أي بعد تحرير عقد القسمة، مما حجبه عن تمحيص دفاعه بأن تلك القسمة تصيبه بضرر بالغ، وأنه لولا جهله ذلك الواقع، وتدليس المطعون ضده عليه لما أبرم العقد سيما وأنه كان مودعاً لدى أمين وأن قسمة فعلية لم تتم، فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 120 من القانون المدني على أن "إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد، إن كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط، أو كان على علم به، أو كان من السهل عليه أن يتبينه" وفي المادة 121/ 1 منه على أن "يكون الغلط جوهرياً إذا بلغ حداً من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط" يدل على أن المشرع يعتد بالغلط الفردي سبباً لإبطال العقد، وعودة طرفيه إلى الحالة التي كانا عليها قبل إبرامه، واشترط لذلك أن يكون هذا الغلط جوهرياً - وهو ما يتحقق إذا كان هو الدافع إلى إبرام العقد - وأن يكون المتعاقد الآخر عالماً به أو في مقدوره أن يعلم به، والنص في المادة 125 من القانون نفسه على أن "يعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو مُلابَسة إذا ثبت أن المُدلَّس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة، أو هذه المُلابَسة" - مؤداه أن المشرع اعتبر مجرد كتمان العاقد واقعة جوهرية يجهلها العاقد الآخر أو ملابسة، من قبيل التدليس الذي يجيز طلب إبطال العقد إذا ثبت أن المُدلَّس عليه ما كان ليبرم العقد لو اتصل علمه بما سكت عنه المدلَّس عمداً. لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه وقع في غلط جوهري إذ توهم أنه اختص في عقد القسمة المؤرخ 15/ 7/ 1983 الذي أبرمه مع أخيه المطعون ضده بمساحة 177.78 متراً مربعاً وأنه لو كان يعلم أن ما يزيد على خمسين متراً من هذه المساحة يتداخل في طريق عام يحدها من الناحية البحرية لأحجم عن إبرام العقد، كما تمسك بأن قسيمه كان عالماً بوقوعه في ذلك الغلط، وأنه دلس عليه بأن سكت عمداً عن تلك الواقعة حتى يتردى هو فيما شاب إرادته من غلط، ودلل على صدق ما يقول بما أقر به المطعون ضده نفسه في محضر الاستجواب المؤرخ 19/ 1/ 1989 من أن ذلك الطريق كان مقاماً منذ أمد طويل حدده الخبير المندوب من محكمة الاستئناف بمدة تزيد على خمسين عاماً وأورد أنه يقتطع من نصيب الطاعن مساحة 58.50 متراً مربعاً، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعن بتمحيص هذا الدفاع الجوهري، وأقام قضاءه برفض الدعوى على ما قاله الحكم الابتدائي من أن الطريق الذي تدخل فيه نصيب الطاعن أنشئ بعد تحرير عقد القسمة بأربع سنوات، فإنه فضلاً عن مخالفة الثابت في الأوراق يكون مشوباً بقصور يبطله ويوجب نقضه لما سلف ذكره من أوجه النعي دون حاجة لمناقشة باقي هذه الأوجه.