جلسة الاثنين 15 فبراير 2016
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز عبد الله الزرعوني رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: مصطفى عطا محمد الشناوي، محمود مسعود متولي شرف، محمود فهمي سلطان وأحمد عبد الله حسين.
---------------
(12)
الطعن رقم 68 لسنة 2016 "جزاء"
(1) دفاع. تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى".
ادعاء الخصم أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم فيها. شرطه. أن يقدم الدليل على ذلك. مخالفة ذلك. أثره. عدم قبوله
(2) إثبات "شهود". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في شهادة الشهود".
وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات. من سلطة محكمة الموضوع. لها الأخذ بشهادة المجني عليه في ثبوت الجريمة في حق الطاعن. المجادلة في مبلغ اطمئنان المحكمة. جدل موضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة التمييز.
(3 ، 4) خبرة" تقدير تقرير الخبير" إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في الخبرة".
(3) تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن. من سلطة محكمة الموضوع. لها تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها. علة ذلك.
(4) إجابة المحكمة الدفاع إلى طلبه ندب لجنة من الخبراء. غير لازم. ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء.
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع: ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى".
متابعة المحكمة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة. غير لازم.
(6) إثبات" الأدلة في المواد الجنائية". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير الأدلة".
إيراد الحكم الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن. كافية لاستقامة قضائه. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم علة ذلك. نعي الطاعن بشأن عدم وجود تعامل تجاري بينه وبين المجني عليه بما ينفي في حقه الجريمة المسندة إليه. جدل في تقدير الدليل. في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة التمييز.
(7) دفاع "الإخلال بحق الدفاع: ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى".
دفاع المتهم غير المنتج في الدعوى. لا تثريب على المحكمة إن هي لم تحققه أو أغفلت الرد عليه.
(8) ارتباط. شيك بدون رصيد.
اعتبار جرائم الشيكات المتعددة جريمة واحدة لارتباطها ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة عملا بنص المادة 88 من قانون العقوبات. شرطه. إصدار الشيكات في تواريخ مختلفة ولأسباب مختلفة. مؤداه. أنها لا تكون وليد نشاط إجرامي واحد. مثال عدم توافر الارتباط
(9 ، 10) تقادم "تقادم الدعوى". دعوى جزائية "انقضاؤها: بمضي المدة". شيك بدون رصيد. تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
(9) الدعوى الجزائية في مواد الجنح. انقضاؤها بمضي خمس سنوات من يوم وقوع الجريمة. م 20 إجراءات.
(10) التقادم الذي تنقضي به الدعوى الجنائية في جريمة الشيك. بدء سريانه من وقت تسليم الشيك إلى المستفيد. عدم مضي خمس سنوات من تاريخ ارتكاب الجريمة. أثره. عدم انقضاء الدعوى الجزائية بمضي المدة. النعي في هذا الشأن. غير مقبول.
(11) دفاع. مسئولية "مسئولية جنائية". شيك بدون رصيد. دفاع "الإخلال بحق الدفاع: ما لا يوفره". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
وضوح الواقعة لدى المحكمة وكون الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى. أثره. للمحكمة أن تعرض عن سماع ما يبديه المتهم من أوجه دفاع مع بيان العلة. مثال بشأن قيام المسئولية عن جريمة شيك بدون رصيد.
-------------------
1 - إذ كان على الخصم إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم فيها أن يقدم الدليل على ذلك، وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة التمييز على أساس من تقصيره، فإن ما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم تمنحه أجلا للتعقيب على تقرير الخبير يكون على غير أساس.
2 - وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ولها الأخذ بشهادة المجني عليه وإن لم تعزز بدليل آخر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن لشهادة المجني عليه في ثبوت الجريمة في حق الطاعن فإن مجادلته في مبلغ اطمئنان المحكمة لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلا موضوعيا في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
3 - تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها إذ إن ذلك الأمر متعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها في ذلك.
4 - محكمة الموضوع غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى ما طلبه من ندب لجنة من الخبراء ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد استظهرت مسئولية الطاعن بما ينتجها واستندت في إثبات الاتهام في حقه إلى أقوال شهود الإثبات، فضلا عن أنها في حكمها المطعون فيه قد ردت برد سائغ على الطلب المبدى من الطاعن بسماع أقوال الخبير المنتدب في الدعوى ورفضته بقولها إن المحكمة ترى أن هذا الطلب غير منتج في الدعوى بعد أن انتهت إلى صحة الواقعة كما استخلصتها من الأدلة وما ثبت من التقرير.
5 - إذ كانت المحكمة غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة، فإن كافة أوجه النعي تكون لا محل لها.
6 - حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أنه أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم وجود تعامل تجاري بينه وبين المجني عليه بما ينفي في حقه الجريمة المسندة إليه لا يعدو أن يكون جدلا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
7 - المقرر من أنه إذا كان دفاع المتهم غير منتج في الدعوى فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تحققه أو أغفلت الرد عليه.
8 - المقرر أنه يشترط لاعتبار جرائم الشيكات المتعددة جريمة واحدة لارتباطها ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة عملا بنص المادة 88 من قانون العقوبات أن يكون المتهم قد أصدر تلك الشيكات لصالح شخص واحد عن معاملة واحدة في يوم واحد أيا كان تاريخ استحقاق كل شيك منها لأن هذا يدل على قيام المتهم بنشاط إجرامي واحد يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة أما حينما تصدر الشيكات في تواريخ مختلفة ولأسباب مختلفة فإنها لا تكون وليدة نشاط إجرامي واحد. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه على نحو ما سلف إنه لا يوجد ارتباط بين الشيك موضوع الدعوى الماثلة والشيكات موضوع القضايا الأخرى كونها عن معاملات مختلفة وسلمت في تواريخ مختلفة، فإن الحكم إذ رفض الدفع سالف الذكر يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا.
9 - المقرر من نص المادة 20 إجراءات أنه تنقضي الدعوى الجزائية في مواد الجنح بمضي خمس سنوات من يوم وقوع الجريمة.
10 - المقرر أن التقادم الذي تنقضي به الدعوى الجنائية في جريمة الشيك يبدأ سريانه من وقت تسليم الشيك إلى المستفيد وأنه لم يمض خمس سنوات من تاريخ ارتكاب الجريمة ومن ثم تكون الدعوى الجزائية لم تنقض بمضي المدة ومن ثم فإن كل ما يثيره المتهم يكون غير سديد. وهو رد من المحكمة كاف وسائغ لإطراح دفاعه في هذا الخصوص ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول.
11 - المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد أعرضت عن طلب دفاع الطاعن سماع أقوال المجني عليه على أساس أن المحكمة قد استمعت لشهادته بجلستي 30/6/2013، 1/6/2014 وبحضور محاميه وأنه لا يجدي المتهم منازعته في سبب إصدار الشيك وأنه على بياض إذ لا تأثير له على قيام مسئوليته الجزائية وهي أسباب سائغة تكفي لحمل قضاء الحكم في هذا الخصوص.
-----------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة اتهمت: ........ إنه بتاريخ 25/10/2011 بدائرة مركز شرطة المرقبات.
أعطي بسوء نية لصالح .......... الشيك رقم 568 بمبلغ وقدره ((12.500.000 درهم)) والمسحوب على بنك ....... والذي لا يقابله رصيد كاف وقائم وقابل للسحب.
وطلبت عقابه بالمادة 401/ 1 من قانون العقوبات الاتحادي المعدل.
وادعى المجني عليه مدنيا قبل المتهم وطلب إلزامه بأن يؤدي له مبلغ 21.000 درهم على سبيل التعويض المؤقت.
وبجلسة 29/8/2013 حكمت محكمة الجنح حضوريا بحبس المتهم مدة سنتين وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية للاختصاص.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالاستئناف رقم 6238/ 2013.
وبجلسة 9/1/2014 حكمت المحكمة الاستئنافية حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالتمييز المقيد برقم 72/ 2014.
وبجلسة 3/3/2014 حكمت محكمة التمييز بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد دائرة مشكلة من قضاة آخرين.
وبجلسة 8/6/2014 حكمت محكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالتمييز المقيد برقم 497/ 2014.
وبجلسة 22/9/2014 حكمت محكمة التمييز بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد دائرة مشكلة من قضاة آخرين.
وبجلسة 31/12/2015 حكمت المحكمة الاستئنافية - بهيئة مغايرة - حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بمعاقبة المتهم بحبسه لمدة ستة أشهر.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب تقرير مؤرخ 25/1/2016 مرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقع عليه من محاميه الموكل طلب فيها نقض الحكم.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده السيد القاضي ...... وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع ورفضت منحه أجلا للتعقيب على تقرير الخبير وعول الحكم في الإدانة على مجرد أقوال مرسلة من المبلغ والتي لم تعزز بأي دليل آخر، وإن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى جاء باطلا ومشوبا بالقصور الفني إذ اعتمد على أقوال المجني عليه المرسلة وصور ضوئية لمستندات جحدها الطاعن دون تحقيق دفاع الطاعن بأن الشيك محل الاتهام كان ضمن دفاتر شيكات قام الطاعن بتوقيعها على بياض وفقدت منه بمكتب المجني عليه ولم تعن المحكمة بتحقيق دفاع الطاعن بشأن عدم وجود تعامل بينه وبين المجني عليه بخصوص الشيك موضوع الدعوى والتفتت عن طلبه سماع أقوال المجني عليه، وإن الطاعن تمسك بارتباط الشيك محل الاتهام بشيكات أخرى موضوع جنح أخرى والمبينة بأسباب الطعن إلا أن محكمة أول درجة التفتت عن هذا الدفاع رغم جوهريته، كما أن الطاعن دفع بانقضاء الدعوى الجزائية بالتقادم مدللا على ذلك بفقد الشيك محل الاتهام ضمن شيكات أخرى ومن انتهاء التعامل التجاري بينه وبين المجني عليه منذ عام 2008 إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الدفع ودون أن تعنى بتحقيقه بندب لجنة ثلاثية مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أنشأ لنفسه أسبابا ومنطوقا جديدين وبين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إعطاء شيك بدون رصيد التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها استمدها من شهادة كل من المجني عليه ...... والشاهدين ..... و ..... واعتراف المتهم أمام محكمة أول درجة ومن الاطلاع على صورة الشيك وما ثبت من إفادة البنك المسحوب عليه من رجوع الشيك لعدم كفاية الرصيد. لما كان ذلك، وكان على الخصم إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم فيها أن يقدم الدليل على ذلك، وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة التمييز على أساس من تقصيره، فإن ما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم تمنحه أجلا للتعقيب على تقرير الخبير يكون على غير أساس.
لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ولها الأخذ بشهادة المجني عليه وإن لم تعزز بدليل آخر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن لشهادة المجني عليه في ثبوت الجريمة في حق الطاعن فإن مجادلته في مبلغ اطمئنان المحكمة لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلا موضوعيا في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
لما كان ذلك، وكان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها إذ إن ذلك الأمر متعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها في ذلك، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى ما طلبه من ندب لجنة من الخبراء ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الماثلة - قد استظهرت مسئولية الطاعن بما ينتجها واستندت في إثبات الاتهام في حقه إلى أقوال شهود الإثبات، فضلا عن أنها في حكمها المطعون فيه قد ردت برد سائغ على الطلب المبدي من الطاعن بسماع أقوال الخبير المنتدب في الدعوى ورفضته بقولها إن المحكمة ترى أن هذا الطلب غير منتج في الدعوى بعد أن انتهت إلى صحة الواقعة كما استخلصتها من الأدلة وما ثبت من التقرير، ولما كانت المحكمة غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة، فإن كافة أوجه النعي تكون لا محل لها.
لما كان ذلك، و كان ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن دفاعه لنفي ارتكابه الجريمة المنسوبة إليه، فإن حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أنه أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم وجود تعامل تجاري بينه وبين المجني عليه بما ينفي في حقه الجريمة المسندة إليه لا يعدو أن يكون جدلا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، هذا فضلا عن أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد اعترف أمام محكمة أول درجة بإعطاء المجني عليه الشيك موضوع الدعوى، فإنه لا يعيب الحكم عدم رده على هذا الدفاع أو عدم تحقيقه وذلك لما هو مقرر من أنه إذا كان دفاع المتهم غير منتج في الدعوى فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تحققه أو أغفلت الرد عليه.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - الصادر من محكمة الإعادة محل الطعن الماثل - قد أنشأ لنفسه أسبابا ومنطوقا جديدين، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد اشتمل على مقوماته المستلقة بذاتها غير متصل أو منعطف على الحكم المستأنف مما يعصمه من القصور الذي شاب الحكم الأخير، ويكون النعي بإغفال الحكم المستأنف الرد على الدفع بالارتباط غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس رفضه دفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها على قوله: (إن دفاع المتهم قول مرسل لم يتأيد بدليل تطمئن إليه المحكمة وتطمئن إلى شهادة المجني عليه أمام محكمة أول درجة من أنه لا يوجد ارتباط بين تلك القضايا مع الشيك موضوع الدعوى لكون أن الشيك موضوع الدعوى صادر عن معاملة مستقلة مختلفة وفي يوم مختلف عن باقي التعاملات كما أن المحكمة تطمئن لما ثبت بأوراق الدعوى أن الشيك محل هذه الجريمة ليس عن ذات المعاملة المحرر عنها الشيكات في القضايا السابقة وما ثبت بتقرير الخبير الحسابي من أن المجني عليه قد استلم شيكات أخرى من المتهم وأن هذه الشيكات لا يوجد ما يربط بينهما حيث إنها سلمت من المتهم إلى المجني عليه بتواريخ منفصلة ولمعاملات أخرى ومن ثم تقضي المحكمة برفض الدفع). لما كان ذاك، وكان من المقرر أنه يشترط لاعتبار جرائم الشيكات المتعددة جريمة واحدة لارتباطها ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة عملا بنص المادة 88 من قانون العقوبات أن يكون المتهم قد أصدر تلك الشيكات لصالح شخص واحد عن معاملة واحدة في يوم واحد أيا كان تاريخ استحقاق كل شيك منها لأن هذا يدل على قيام المتهم بنشاط إجرامي واحد يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة أما حينما تصدر الشيكات في تواريخ مختلفة ولأسباب مختلفة فإنها لا تكون وليدة نشاط إجرامي واحد. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه على نحو ما سلف أنه لا يوجد ارتباط بين الشيك موضوع الدعوى الماثلة والشيكات موضوع القضايا الأخرى كونها عن معاملات مختلفة وسلمت في تواريخ مختلفة، فإن الحكم إذ رفض الدفع سالف الذكر يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بانقضاء الدعوى الجزائية بالتقادم وأطرحه في قوله: (وحيث إنه عن دفع المتهم بانقضاء الدعوى الجزائية بمضي المدة لأن تسليم الشيك كان بسنه 2008 وتم مواجهة المتهم ببلاغ المجني عليه في 15/2/2013 فإن من المقرر قانونا أن التقادم الذي تنقضي به الدعوى الجنائية في جريمة الشيك يبدأ سريانه من وقت تسليم الشيك إلى المستفيد وهو التاريخ المعتبر في ارتكاب تلك الجريمة وسريان مدة التقادم فيها. لما كان ذلك، وكانت إجراءات الاستدلالات لا تقطع التقادم إلا إذا حدث في مواجهة المتهم وكان الثابت من شهادة وكيل المجني عليه .......... والذي تطمئن إليه هذه المحكمة بأن تاريخ تسليم الشيك للمجني عليه ......... كان في أواخر عام 2008 وما ثبت بتقرير الخبير الحسابي والتي تطمئن إليه المحكمة بأن تاريخ استلام الشيك في أواخر عام 2008، وكان أول إجراء قاطع للتقادم في هذه الدعوى هو سؤال المتهم بمحضر استدلالات الشرطة والحاصل بتاريخ 15/2/2013 وكان من المقرر من نص المادة 20 إجراءات أنه تنقضي الدعوى الجزائية في مواد الجنح بمضي خمس سنوات من يوم وقوع الجريمة، وكان من المقرر أن التقادم الذي تنقضي به الدعوى الجنائية في جريمة الشيك يبدأ سريانه من وقت تسليم الشيك إلى المستفيد وأنه لم يمض خمس سنوات من تاريخ ارتكاب الجريمة ومن ثم تكون الدعوى الجزائية لم تنقض بمضي المدة ومن ثم فإن كل ما يثيره المتهم يكون غير سديد.
وهو رد من المحكمة كاف وسائغ لإطراح دفاعه في هذا الخصوص ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد أعرضت عن طلب دفاع الطاعن سماع أقوال المجني عليه على أساس أن المحكمة قد استمعت لشهادته بجلستي 30/6/2013، 1/6/2014 وبحضور محاميه وأنه لا يجدي المتهم منازعته في سبب إصدار الشيك وأنه على بياض إذ لا تأثير له على قيام مسئوليته الجزائية وهي أسباب سائغة تكفي لحمل قضاء الحكم في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق