الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأربعاء، 18 يونيو 2025

الطعن 66 لسنة 19 ق جلسة 7 / 6 / 1951 مكتب فني 2 ج 3 ق 149 ص 944

جلسة 7 يونيه سنة 1951

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.

------------------

(149)
القضية رقم 66 سنة 19 القضائية

(أ) تسجيل. 

نزاع بين المدعي والمدعى عليه على أن الأطيان التي يطلب المدعي تثبيت ملكيته لها غير مملوكة لبائعه لتخارجه عنها بإقرار ثابت التاريخ قبل العمل بقانون التسجيل. تمسك المدعي بأن العقد الصادر له مسجل وأن الإقرار بالتخارج غير مسجل اعتراض المدعى عليه بأن عقد المدعي مقترن بالتدليس القضاء للمدعي بتثبيت ملكيته. لا مخالفة في ذلك لقانون التسجيل. قانون التسجيل قضى على سوء النية ونسخت أحكامه المادة 270 مدني قديم كون إقرار التخارج ثابت التاريخ قبل العمل بقانون التسجيل لا يقدح في سلامة الحكم ما دام أنه ليس سند الدعوى.
(ب) عقد. تفسيره. 

سلطة محكمة الموضوع في ذلك. عقد متنازع على تكييفه أهو عقد قسمة أم عقد بدل. اعتباره عقد بدل بناء على اعتبارات مسوغة لذلك. لا تدخل لمحكمة النقض.
(جـ) حكم. تسبيبه. 

الحكم بتثبيت ملكية المدعي للأطيان التي يدعيها وفقاً للحدود المبينة في تقرير خبير في دعوى أخرى لا وفقاً للحدود المبينة في صحيفة الدعوى. اعتراض المستأنف على ذلك أمام محكمة الاستئناف. عدم الرد على هذا الاعتراض. قصور.

--------------------
1 - إذا قام النزاع بين المدعي الذي يطلب تثبيت ملكيته للأطيان محل الدعوى وبين المدعى عليه على أن البائعتين للمدعي لا تملكان البيع إليه بعد أن تخارجتا عن استحقاقهما الذي منه القدر المبيع بمقتضى إقرار ثابت التاريخ صادر قبل العمل بقانون التسجيل، وتمسك المدعي بأن العقد الصادر له مسجل أما الإقرار المذكور فإنه غير مسجل، واعترض المدعي عليه بأن هذا العقد قد اقترن بالتدليس والتواطؤ وبالعلم السابق بصدور التخارج، فقررت المحكمة أنه ما دام قد سجل عقد شرائها فإنه يصبح مالكاً لها، فلا مخالفة في ذلك للقانون، لأن قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 الذي أقام الحكم قضاءه عليه لصدور العقد بعد العمل به قد قضى على سوء النية ونسخت أحكامه المادة 270 من القانون المدني القديم. ولا يقدح في ذلك كون إقرار التخارج ثابت التاريخ قبل العمل بقانون التسجيل ما دام هذا الإقرار ليس هو سند دعوى المدعي. كذلك لا جدوى من البحث فيما إذا كان إقرار التخارج المشار إليه شاملاً جميع أطيان المقرتين أم مقصوراً على بعضها إذ لا يجوز الاحتجاج بهذا الإقرار على المشتري الذي حفظ حقوقه بالتسجيل.
2 - للمحكمة أن تستعين بالبينة والقرائن في تفسير ما غمض من نصوص العقد، فإذا كانت المحكمة بعد أن أوردت عبارات العقد المتنازع على تكييفه أهو عقد قسمة أم عقد بدل واستعرضت أسانيد كل من الطرفين لوجهة نظره، قد اعتبرته عقد بدل بناء على ما ذكرته من أسباب مسوغة لذلك مستخلصة من عبارات العقد ومن ظروف الدعوى، فإنها تكون في حدود سلطتها وكل مجادلة لها في ذلك تكون مجادلة موضوعية لا شأن لمحكمة النقض بها.
3 - إذا حكمت المحكمة الابتدائية بتثبيت ملكية المدعي للأطيان المدعى بها وفقاً للحدود المبينة في تقرير خبير في دعوى أخرى وضع منذ زمن طويل سابق على رفع الدعوى، لا وفقاً للحدود المبينة في صحيفة الدعوى، واعتراض المدعى عليه في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف على هذا ومع ذلك قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف دون أن ترد على اعتراض المدعى عليه فهذا منها قصور يعيب حكمها ويستوجب نقضه.


الوقائع

في يوم 9 من مايو سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر في 28 من إبريل سنة 1948 في الاستئناف رقم 20 سنة 19 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإلغائه فيما قضى به من تثبيت ملكية المطعون عليهم إلى الـ 71 ف و18 سهماً الكائنة بزمام الأقصر والموضحة في الفقرة الثانية من منطوق الحكم الصادر من محكمة سوهاج الابتدائية والذي قضت محكمة استئناف أسيوط بتأييده. وبما أن الدعوى صالحة للحكم في موضوعها فيطلب الطاعنون الحكم برفض دعوى المطعون عليهم فيما يتعلق بالقدر المذكور وإلزامهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع الدرجات وفي 12 من مايو سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 21 منه أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم. وفي 9 من يونيه سنة 1949 أودع المطعون عليهما الأول والثانية مذكرة بدفاعهما مشفوعة بمستنداتهما طلبا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ولم يقدم باقي المطعون عليهم دفاعاً. وفي 29 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف أسيوط للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات وفي 3 من مايو سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

من حيث إن وقائع هذه الدعوى على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن جرجس وأرمانيوس وبشاي أولاد عوض صهيون أبرموا اتفاقاً تاريخه 29 من يوليه سنة 1893 وأثبتوا تاريخه في 16 من مارس سنة 1895 من مقتضاه اشتراكهم في الأطيان والعقارات المملوكة لهم سواء أكانت مكلفة بأسمائهم جميعاً أم باسم أحدهم وكذلك فيما لديهم من المواشي والغلال والمنقولات والنقود وما لهم على الغير من ديون وما عليهم منها وفيما يستجد لهم من الملك واقتسام ما تغله أملاكهم مثالثة بينهم ما دامت الشركة قائمة ثم يحتسبوا بموجب ورقة محررة في 19 من أغسطس سنة 1896 وثابتة التاريخ في 25 من ديسمبر سنة 1923 ثبت فيه أنهم يمتلكون جميعاً 341 فداناً منها 92 فداناً بزمام مركز البلينا و249 فدان بزمام مركز الأقصر وعند تحرير هذه المحاسبة أبدى أحد الشركاء وهو جرجس رغبته في الانفصال وأقام دعوى قسمة قيدت برقم 705 مدني جرجا سنة 1895 وندب فيها خبير عاين الأطيان المشتركة وخص ورثه جرجس إذ كان قد توفى بمقدار 111 فداناً وقيراط و8 أسهم منها 81 فداناً و7 قراريط و16 سهماً بزمام الأقصر و29 فداناً و19 قيراطاً و16سهماً بزمام البلينا وترك الباقي وقدره 159 فداناً و16 قيراطاً و12 سهماً بزمام الأقصر و59 فداناً و15 قيراطاً و8 أسهم بزمام البلينا لأرمانيوس وبشاي لكل منهما النصف شائعاً فيه ولم يدخل في القسمة 6 أفدنة و12 قيراطاً و4 أسهم بزمام الأقصر لأنها بور وكان ذلك باتفاق الشركاء وأثناء سير دعوى القسمة أرمانيوس وبشاي عقداً بموجبه اختص أرمانيوس بمقدار 47 فداناً و21 قيراطاً من السيدة شمس نور هانم بعقد محرر في 3 من مارس سنة 1897 ومسجل في 12 من إبريل سنة 1897 وفي 30 من أغسطس سنة 1909 حرر أرمانيوس وبشاي عقداً بموجبه اختص أرمانيوس بمقدار 47 فداناً و21 قيراطاً و5 أسهم من الأطيان المكلفة باسم بشاي بالأقصر واختص بشاي بعشرين فداناً من استحقاق أرمانيوس بزمام البلينا والتزم فيه بشاي بدفع الديون المطلوبة لمحمد أمين أبو ستيت وسجل هذا العقد في 7 من سبتمبر 1912 وهذا العقد هو مدار البحث في هذا الطعن. وفي 20 من فبراير سنة 1910 باع أرمانيوس الـ 47 فداناً و21 قيراطاً و5 أسهم سالفة الذكر إلى محارب جرجس بعقد حرر في هذا التاريخ وسجل في 12 من ديسمبر سنة 1912 ثم شجر الخلاف بين أرمانيوس وبشاي فأقام أرمانيوس القضايا رقم 154 سنة 910 و142 سنة 910 و127 سنة 910 كلي أسيوط على بشاي بطلب تثبيت ملكيته إلى 212 فداناً و22 قيراطاً و5 أسهم وطلب ريع 177 فداناً و14 قيراطاً و16 سهماً ووضع هذا المقدار تحت الحراسة القضائية ثم حجر على أرمانيوس في أول فبراير سنة 1912 وأقيم منقريوس عبد النور وعبد الله سلامة قيمين عليه وحصر أخوه بشاي ملكه وقدم محضراً بالحصر تاريخه 8 من سبتمبر سنة 1912 أثبت فيه أن للمحجور عليه 122 فداناً و16 قيراطاً و12 سهماً وكان من أثر الحجر وقف دعويي الملكية والريع أما دعوى الحراسة فحكم فيها في 3 من إبريل سنة 1910 بتعين بشاي عوض صهيون حارساً قضائياً على أطيان أخيه أرمانيوس البالغ مقدارها 177 فداناً و14 قيراطاً و16 سهماً المرفوع عنها دعوى الريع وكذلك على نصف وابور و17 قيراطاً من إيراد السوق. وفي 30 من إبريل سنة 1912 توفى بشاي وفي أكتوبر سنة 1916 أقام محارب جرجس وأخوه غبريال وابن عمهما عبود بشاي دعوى أمام مجلس الملي على القيمين على المحجور عليه وطالبوهما بتقديم حساب عن إيراد الأطيان المسلمة إليهما وقدرها 75 فداناً لمدة خمسة سنوات ابتداء من تاريخ تعيينهما قيمين. وفي سنة 1917 توفى أرمانيوس من غير عقب فآلت تركته إلى زوجته اليصابات يعقوب وشقيقته سيدة عوض وإلى الذكور من أولاد أخويه وهم محارب وغبريال ولدا جرجس ومهني وعبود ولدا بشاي وخص زوجته الربع وشقيقته النصف وقسم الربع الباقي على أولاد أخويه بالتساوي وبعقد حرر في 31 من يناير سنة 1927 ومسجل في 9 من مارس سنة 1927 باعت سيدة عوض عشرة أفدنة بالبلينا مما آل إليها من مورثها أرمانيوس إلى محارب وغبريال ولدى جرجس عوض صهيون وبعقد آخر حرر في 22 من نوفمبر سنة 1926 وسجل في 21 من ديسمبر سنة 1926 باعت سيدة عوض 41 فداناً و16 قيراطاً من الأطيان التي آلت إليها من مورثها أرمانيوس بالأقصر إلى محارب وغبريال المذكورين كما باعت لهما اليصابات يعقوب 20 فدان و5 قراريط من الأطيان التي آلت إليها مورثها أرمانيوس بالأقصر بموجب عقد حرر في 22 من نوفمبر سنة 1926 وسجل في 27 من ديسمبر سنة 1926 - وأقام محارب وغبريال ولدا جرجس الدعوى رقم 501 سنة 1925 كلي أسيوط على ورثة بشاي وآخرين وطلبا تثبيت ملكيتهما إلى 131 فداناً و8 أسهم و662.5 ذراعاً موضحة بالعريضة وإقامة حارس قضائي عليها وفي 12 من سبتمبر سنة 1925 قضت المحكمة برفض دعوى الحراسة ثم أوقفت الدعوى لوفاة غبريال جرجس ثم توفيت سيدة عوض وحل محلهما ورثتهما وفي 31 من مايو سنة 1930 حكمت المحكمة بندب الخبير المهندس محمود أفندي حسني لسماع أقوال الطرفين والاطلاع على مستنداتهما وعلى أوراق الدعوى وتطبيقها على الطبيعة وباشر الخبير مأموريته وقدم تقريره ثم توفى جرجس ومجلع محارب ثم أحيلت القضية على محكمة سوهاج لاختصاصها وقيدت بها بنمرة 148 سنة 1936. وبنى المدعيان طلباتهما على أن والدهما جرجس تملك ثلث الأطيان المشتراة من السيدة شمس نور وقدرا مساحتها الحقيقة بـ 122 فداناً و20 قيراط و4 أسهم وطلبا أن يقضى لهما بثلثهما كما طلبا نصيبهما الميراثي في الثلث الخاص بعمهما أرمانيوس ونصيبهما الميراثي في الروكية المشتركة بين أرمانيوس وبشاي في البلينا والأقصر وأضافا إلى ذلك الأطيان التي اشترياها من سيدة واليصابات بموجب العقود سالفة الذكر ثم عدلا عن المطالبة بنصيب والدهما جرجس في الأطيان المشتراة من شمس نور واعتبر أرمانيوس مالكاً لنصف الأطيان المذكورة وأصبحت طلباتهما النهائية هي تثبيت ملكيتهما إلى 10 أفدنة و10 قراريط و13 سهماً نصيبهما الميراثي في أطيان عمهما أرمانيوس بالأقصر مضافاً إليها الأطيان المشتراة من سيدة واليصابات ومجموع ذلك 92 فداناً و7 قراريط و13 سهماً يدخل فيها 9 أفدنة و9 قراريط نصيبهما الميراثي في أطيان عمهما أرمانيوس بالبلينا وإلى 686 ذراعاً في العقارات وفقاً لما أظهره الخبير فدفع الطاعنون الذي بأن الاتفاق المحرر بين بشاي وأرمانيوس بتاريخ 30 من أغسطس سنة 1909 والمسجل في 12 من ديسمبر سنة 1912 إنما هو عقد قسمة اختص بموجبه أرمانيوس بمقدار 47 فداناً و21 قيراطاً و5 أسهم بالأقصر هي التي باعها إلى محارب جرجس وبذلك أصبح لا يملك شيئاً في الأقصر واختص بشاي بعشرين فداناً من استحقاق أرمانيوس في أطيان البلينا فأصبح لا يملك فيها سوى عشرة أفدنة مع نصف الأطيان المشتراة من السيدة شمس نور ومجموع ذلك 75 فداناً تقريباً وسلموا للمطعون عليهم بالملكية بالنسبة إلى 9 أفدنة و9 أسهم في أطيان البلينا وطلبوا بطلان البيع الصادر من السيدتين سيدة واليصابات إلى محارب وغبريال في أطيان الأقصر لأن مورثهما ما كان يملك شيئاً فيها وقرروا أن السيدتين المذكورتين باعتا إلى عبود بشاي نصيبهما في أطيان البلينا ونصيبهما في العقارات بعقود ثلاثة حررت في 9 من سبتمبر سنة 1917 وسجل عقد بيع الأطيان في 17 من فبراير سنة 1920. أما عقد بيع العقارات الأخرى فقد أثبت تاريخهما في 14 من أكتوبر سنة 1917 وأن هذه العقود اقترنت بإقرار صادر من البائعتين مؤرخ في 9 من سبتمبر سنة 1917 وثابت التاريخ في 25 من ديسمبر سنة 1923 بأنهما أصبحتا لا تمتلكان شيئاً من تركة مورثهما أرمانيوس وطلبوا رفض الدعوى تأسيساً على أن المطعون عليهم باعوا أطيان أرمانيوس في البلينا لآخرين لم يدخلوهم في الدعوى حوالي عشرة أفدنة وهي تزيد على نصيبهم الميراثي المعترف به. وفي 16 من إبريل سنة 1942 حكمت محكمة الدرجة الأولى بتثبيت ملكية المطعون عليهم إلى 9 أفدنة و9 أسهم بالبلينا، 71 فداناً و18 قيراطاً بالأقصر وفقاً لتقرير الخبير المقدم في دعوى القسمة رقم 705 جرجا سنة 1895 والمبينة الحدود والمعالم به وإلى 418.75 ذراعاً في العقارات الأخرى مؤسسة حكمها على أسباب منها أن عقد 30 من أغسطس سنة 1909 إنما هو عقد بدل وليس عقد قسمة وأنه مقصور على بعض ما كان أرمانيوس يملكها بزمام الأقصر. فاستأنف الطاعنون ومحكمة الاستئناف حكمت في 28 إبريل سنة 1948 بحكمها المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف.
ومن حيث إن الطعن بني على اثني عشر سبباً يتحصل السببان الأولان في أن الحكم خالف نص المادة 14 من قانون التسجيل رقم 18 سنة 1923 والمادة 270 من القانون المدني (القديم) كما شابه قصور في التسبيب. إذ قضى بأن العقدين الصادرين من اليصابات يعقوب وسيدة عوض إلى محارب وغبريال جرجس المؤرخ أولهما في 22 من نوفمبر سنة 1926 والمسجل في 21 من ديسمبر سنة 1926 والمؤرخ ثانيهما في 22 من نوفمبر سنة 1926 والمسجل في 27 من ديسمبر سنة 1926 يفضلان الإقرار بالتخارج الصادر من نفس البائعتين إلى عبود بشاي في 9 من سبتمبر سنة 1917 والثابت التاريخ في 25 من ديسمبر سنة 1923 بحجة أن العقدين مسجلان والإقرار غير مسجل - مع أن الطاعنين دفعوا أمام المحكمة بأن هذين العقدين لا يفضلان الإقرار الثابت التاريخ قبل العمل بقانون التسجيل لاقترانهما بسوء النية مستدلين على ذلك بالقرائن العديدة التي بينوها في مذكراتهم ولكن المحكمة لم تعتد بهذا الدفاع ولم ترد عليه رغم أن المادة 14 من قانون التسجيل تنص على أن هذا القانون لا تسري أحكامه على المحررات التي ثبت تاريخها رسمياً قبل العمل به في أول يناير سنة 1924 وهي تخضع لحكم المادة 270 من القانون المدني (القديم) التي تنص على أن ملكية العقار لا تنتقل بالنسبة لغير المتعاقدين من ذوي الفائدة فيه إلا بتسجيل عقد البيع متى كانت حقوقهم مبنية على سبب صحيح ومحفوظة قانوناً وكانوا لا يعلمون بما يضر بها.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان بأنه يبين من الحكم أنه أقام قضاءه باعتماد العقدين المذكورين على أساس أنه يحكمهما قانون التسجيل رقم 18 سنة 1923 لصدروهما بعد العمل به وقد قضى هذا القانون على نظرية سوء النية ونسخت أحكامه المادة 270 من القانون المدني (القديم) وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ولا يقدح فيه كون إقرار التخارج ثابت التاريخ قبل العمل بقانون التسجيل المشار إليه لأن هذا الإقرار ليس هو سند دعوى المطعون عليهم إذ هم يستندون فيها إلى العقدين المسجلين سالفي الذكر اللذين يحكمهما قانون التسجيل.
ومن حيث إن الأسباب الثالث والرابع والخامس والسادس تتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وفي تكييف إقرار التخارج الصادر من اليصابات وسيدة في 9 من سبتمبر سنة 1917 وشابه مسخ في عبارات الإقرار وخطأ في الإسناد إذ قضى بأن الإقرار المشار إليه إنما ينصرف إلى أطيان البلينا دون أطيان الأقصر بحجة أن بالإقرار إشارة إلى عقدي البيع وهما خاصان بأطيان البلينا وأن المتخارجتين أقرتا بذلك في التحقيقات التي أجرتها النيابة وأن الشاهد غبريال مينا شهد في تلك التحقيقات بأن إقرار التخارج لا يتناول أطيان الأقصر - مع أن عبارة الإقرار شاملة جامعة تتناول كل الأطيان المخلفة عن مورث المقرتين وليس فيه أية إشارة إلى ما ورد بعقدي البيع ومع أن أقوال المتخارجتين لا يصح الاستناد إليها في إهدار الإقرار إذ هو عقد لا يملك أحد طرفيه التحلل منه بدون رضاء الطرف الآخر وكذلك أقوال الشاهد غبريال مينا لا يصح أن تتخذ أساساً لإثبات عكس ما هو وارد في إقرار التخارج المكتوب والذي تزيد قيمته على عشرة جنيهات.
ومن حيث إن هذا النعي بجميع وجوهه مردود بأنه غير منتج ما دام الحكم قد أقام قضاءه للمطعون عليهم على أساس العقدين المسجلين سالفى الذكر فلا يجدي بعد ذلك البحث فيما إذا كان إقرار التخارج المشار إليه شاملاً لجميع أطيان المقرتين أم مقصوراً على بعضها كما ذهب الحكم إذ لا يجوز الاحتجاج به على المشتريين اللذين حفظا حقوقهما بالتسجيل.
ومن حيث إن السبب السابع يتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق المادة 231 من القانون المدني (القديم) وشاب أسبابه التناقض إذ قضى بأن الصورة الشمسية المقدمة من الطاعنين للإقرار الصادر من محارب جرجس بتاريخ 23 من ديسمبر سنة 1926 إلى اليصابات يعقوب لا قيمة لها بحجة أن الشارع لا يقيم وزناً إلا للصورة الرسمية - أن عبارة الإقرار لا تدل على صورية التصرف الحاصل من اليصابات إلى محارب. مع أن المادة 231 لا تسري على الأغيار الذين ليسوا أطرافاً في العقد ولهم أن يثبتوا التواطؤ وسوء النية بكافة الطرق. ومع أن الطاعنين قدموا هذا الإقرار ليستدلوا به على أن محارب لم يدفع ثمن ما اشتراه من اليصابات بموجب العقد المسجل. وقد ورد فيه أنه لا يطالبها بتعويض إذا ثبت أنها سبق أن تنازلت لعبود عن الأطيان المبيعة إليه الأمر الذي يثبت تواطؤه مع البائعة لا ليستدلوا به على صورية التصرف - ورغم ما أورده الحكم في أسبابه من أن هذا الإقرار على فرض صحته لا يهدم الدعوى من أساسها بل هو قاصر على العشرين فداناً - رغم ذلك قضى بتثبيت ملكية المطعون عليهم لجميع الأطيان بما فيها القدر المذكور.
ومن حيث إن هذا السبب مردود في خصوص ما ورد فيه خاصاً بالتواطؤ بأنه غير منتج بعد أن قرر الحكم أن قانون التسجيل رقم 18 سنة 1923 قد قضى على نظرية التواطؤ وسوء النية ومردود فيما عدا ذلك بما جاء بالحكم المطعون فيه من أن "هذا الإقرار على فرض صحة صدوره من محارب جرجس لا يهدم دعواه من أساسها بل هو قاصر على العشرين فداناً التي اشتراها من اليصابات وأنه اشتراها منها ساقط الخيار". ولا تناقض بين ما قضى به الحكم من تثبيت ملكية المطعون عليهم للأطيان موضوع العقد الصادر من اليصابات إلى محارب لأن مفاد هذا الإقرار أن يبقى البيع قائماً حتى إذا قضى بأن البائعة لا تملك ما باعت امتنع على المشتري الرجوع عليها بالتعويض.
ومن حيث إن باقي الأسباب عدا الوجه الأخير من السبب الأخير تتحصل في أن الحكم أخطأ في تكييف عقد 30 من أغسطس سنة 1909 وفي فهم ماهية القسمة وعناصرها وأركانها ومسخ عبارات العقد المذكور واقتصر على تناول بعضها متغاضيا عن البعض الآخر وفسرها تفسيراً غير سائغ كما خالف نص المادة 142 من القانون المدني (القديم) وشابه قصور وتناقض في الأسباب وخطأ في الإسناد - إذ اعتبر هذا العقد عقد بدل - مع أن المتعاقدين وصفاه في عنوانه بأنه عقد قسمة وأوضحا غرضهما منه بعبارات صريحة بينها الطاعنون في تقريرهم، وإذ اعتبر عدم النص بالعقد على تنازل أرمانيوس عن باقي نصيبه في أطيان الأقصر إلى بشاي دليلاً على أن الأطيان التي لم يتناولها العقد لم تشملها القسمة. مع أن القسمة إنما تقوم على التعادل بين أنصبة الشركاء في مجموعها فلا يلزم أن ينص في عقدها على أن الشريك نزل عن الجزء الذي لم يقع في نصيبه إلى الشريك الآخر، إذ اعتبر أن العقد هو عقد بدل بين أرمانيوس وبشاي مقصور على نزول أرمانيوس إلى بشاي عن عشرين فداناً من نصيبه في البلينا مقابل 47 فداناً أخذها من نصيب بشاي في الأقصر مع أن المتعاقدين نصا في العقد فيما يتعلق بنصيب أرمانيوس في الأقصر على أنه "يخصه من تكليف أخيه الخواجة بشاي عوض من المكلف بالأقصر" أما فيما يتعلق بتقسيم أطيان البلينا فقد نصا على أنه "يخص الخواجة بشاي عوض من استحقاق أخيه أرمانيوس عوض 10 أفدنة" والفرق بين مدلول العبارتين ظاهر - هو أن القدر الذي يخص بشاي عوض في أطيان البلينا يحسب من نصيب واستحقاق أخيه في تلك الأطيان أما ما يخص أرمانيوس في أطيان الأقصر فلم يرد النص في العقد على أنه يحسب من نصيب أخيه بشاي ومعنى ذلك أنه يحسب من مجموع الأطيان المكلفة باسم بشاي في الأقصر لا من نصيبه، وإذ اعتبر أن نصيب أرمانيوس الأصلي في أطيان الأقصر وقدره 77 فداناً ما زال باقياً له رغم حصول القسمة مع أن مفهوم العبارة التي استعملها العاقدان في العقد وهي "يخصه" (أي يخص أرمانيوس) من الأطيان المكلفة باسم بشاي عوض بالأقصر" - هو أن هذا القدر هو كل ما خص أرمانيوس في الأقصر وأن باقي الأطيان تخص بشاي ومع أن العاقدين نصا في موضع آخر من العقد بعد ذكر تخصيص الـ 47 فداناً وكسور لأرمانيوس "وقد صرحنا لبعضنا بنقل تكليف تلك الأطيان وفرزها بأسمائنا" وعبارة "تلك الأطيان" تعود إلى الـ 47 فدان. ولو كان نصيب أرمانيوس الأصلي في أطيان الأقصر ما زال باقياً لنص في العقد على ما يحقق فرز هذا النصيب ونقل تكليفه من اسم بشاي إلى اسم أرمانيوس، وإذ قرر أن كلاً من المتبادلين احتفظ بنصف باقي الأطيان المشتركة بينهما مع أن عبارة "وباقي الأطيان الكائنة بالاشتراك بأسمائنا بشاي عوض وأرمانيوس عوض، كلاً منا يستحق النصف حسب المكلف المبين بالقسائم الواردة في العقد" صريحة ولا تنصرف إلا إلى الأطيان المشتركة في التكليف باسمي الأخوين معاً وهي أطيان البلينا دون أطيان الأقصر وهي مكلفة باسم بشاي وحده ومع أن العقل لا يستسيغ أن يعطي بشاي إلى أرمانيوس 47 فداناً قيمتها حسب تقدير الطرفين وفقاً لما هو وارد في عقودهم 2350 جنيهاً مقابل أخذه 20 فداناً ثمنها حسب تقدير الخصوم 1760 جنيهاً وأن يتحمل وحده بالديون وقيمتها 2516 جنيهاً وإذ استند في تأييد تفسيره للعقد بأنه عقد بدل إلى أن طرفيه تواضعا على ذلك فباع أرمانيوس الـ 47 فداناً الكائنة بالأقصر والتي خصته بموجب هذا العقد إلى ابن أخيه محارب جرجس بعقد تاريخه 20 من فبراير سنة 1910 ذكر فيه أن القدر المبيع هو خلاف الـ 83 فداناً (77 فداناً بعد العجز) التي يمتلكها بالأقصر مع أن ذلك فيه عدول من أرمانيوس وحده عن عقد سنة 1909 ونقص لما تم من جهته ولا يعتبر حجة على بشاي وفيه مخالفة للمادة 142 من القانون المدني (القديم)، وإذ جاء في أسبابه أن "العقد بصفته المتقدمة ليس إلا عقد بدل وبمقتضاه تنازل أرمانيوس لبشاي عن 20 فداناً من نصيبه وأخذ بدلاً منها 47 فداناً وكسور من نصيب بشاي في الأقصر" وهذا يفيد أن يكون لأرمانيوس بالأقصر 77 فداناً + 47 فداناً = 124 فداناً وأن يكون لبشاي بالأقصر 77 فداناً - 47 فداناً= 30 فداناً ثم جاء في أسبابه بعد ذلك "وقد نص فيه (العقد) صراحة على أن (الأطيان الكائنة بالاشتراك بأسمائنا بشاي وأرمانيوس كلاً منا يستحق النصف المكلف المبين بالقسائم) وبهذا النص احتفظ كل من المتبادلين بنصف باقي الأطيان المشتركة بينهما والتي لم يتناولها العقد" ومؤدى ذلك أنه بعد البدل الذي لم يتناول سوى 47 فداناً من أطيان الأقصر يصبح الباقي 107 أفدنة تكون مملوكة مناصفة للطرفين فيكون لكل منها 53 فداناً و12 قيراطاً ويخص أرمانيوس 100 فدان و12 قيراطاً لا 124 فداناً ويخص بشاي 53 فداناً و12 قيراطاً لا 30 فداناً وهذا من الحكم تناقض يعيبه، وإذ جاءت أسبابه فيما يتعلق بالديون التي التزم بشاي بدفعها مبينة على الظن ومخالفة للثابت في أوراق الدعوى، وإذ استند في تأييد تفسيره للعقد بأنه بدل إلى أن بشاي لم يتمسك في دعوى الحراسة على هذه الأطيان بملكيته لها بل قال في تلك الدعوى أنه لا نزاع فيما يتعلق بوضع اليد وأن أرمانيوس واضع اليد عليها مع أن المحكمة عينت بشاي حارساً مما يدل على أن المقصود بهذه العبارة الأطيان الأخرى التي لارمانيوس لأنه لو ثبت أن بشاي مسلم بوضع يد أرمانيوس عليها لما حكم بتعيين بشاي حارساً ومع أن دعوى الحراسة هي من الدعاوى المستعجلة التي لا يجوز فيها التعرض لأساس الحق فلم يكن هناك محل للكلام عن الملكية مع قيام دعوى أخرى بخصوص الملكية مرفوعة من أرمانيوس ومع أن بشاي كان متمسكاً منذ سنة 1909 بملكية هذه الأطيان وإلا لما رفع عليه أرمانيوس دعوى يطالبه بملكيتها ومع أنه قدم محضر جرد أموال أرمانيوس المحجوز عليه وقصر أملاكه على 75 فداناً في البلينا ولم يدرج به شيئاً من أطيان الأقصر ومع أن الخصوم ذكروا في عريضة دعوى الحراسة أن بشاي واضع اليد على الأطيان ومنكر ملكيتها وإذ استدل على صحة تكييفه للعقد بأن بشاي استنزل من أملاك أرمانيوس الواردة في محضر حصر أمواله الـ 20 فداناً بالبلينا وذكر أن ذلك بمقتضى عقد سنة 1909 ثم استنزل 30 فداناً (الباقي من نصيب أرمانيوس في الأقصر) ولكن لم يذكر أمامها أن ذلك بمقتضى عقد سنة 1909 واستخلص من ذلك أن بشاي مسلم بملكية أرمانيوس إلى الـ 30 فداناً مع أن عدم الإشارة إلى العقد لا ينفي تمسك بشاي بملكيته للـ 30 فداناً وإلا لما استنزلها من محضر الحصر، وإذ لم يذكر السبب الذي من أجله صور المتعاقدان البلد في صورة عقد القسمة كما لم يذكر الأسباب التي بنى عليها قضاءه بأن العقد لم يتناول سوى الـ 47 فداناً بالأقصر والـ 20 فداناً بالبلينا.
ومن حيث إن نص عقد 30 من أغسطس سنة 1909 موضوع النص هو الآتي: - "بيان الأطيان المتقاسمين فيه الخواجا بشاي عوض صهيون والخواجا أرمانيوس عوض صهيون البلينا التابعة لمركز البلينا مديرية جرجا وبيانه كما هو واضح (ثم يلي ذلك بيان الأطيان) وهي 47 فداناً و21 قيراطاً و5 أسهم تخص الخواجا أرمانيوس عوض في تكليف أخيه بشاي عوض من المكلف باسمه بمركز الأقصر، 20 فداناً تخص الخواجا بشاي عوض من استحقاق أخيه أرمانيوس عوض من المكلف باسميهما بمركز البلينا (ويلي مجموع الأطيان وهو 67 فداناً و21 قيراطاً) ثم ورد به نحن الموقعين على هذا أرمانيوس عوض صهيون وبشاي عوض صهيون نقر بأن تلك الأطيان المبينة المتقاسمين فيها هي حق كلاً منا وقد صرحنا لبعضنا بنقل تكليف تلك الأطيان وفرزها بأسمائنا وباقي الأطيان الكائنة بالاشتراك بأسمائنا بشاي عوض وأرمانيوس عوض كلاً منا يستحق النصف حسب التكليف المبين بالقسائم وعلى موجب ما ذكر صار الانفصال على هذه القسمة قسمة أثرية تسري إلى ما شاء الله بحيث فيما بعد إذا كان أحدنا يدعى بأي شيء طرف الآخر لا يسمع له قول وجميع الأطيان المرهونة باسم محمد أمين أبو ستيت بناحية الزيادة وأولاد عليو وبخلاف نواحي أخرى وسداد الرهن على أخونا بشاي عوض خاصة بدون مدخل في كافة ما هو مرهون في الأطيان التي يمتلكوها بالاشتراك باسمنا إلى الخواجة أرمانيوس عوض وزيادة التأكد فيما تراضينا عنه أن العشرين فدن المبينة استحقاق أخونا بشاي عوض هي في النصف استحقاق الخواجة أرمانيوس عوض في الأطيان والنواحي المبينة".
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ اعتبر هذا العقد عقد بدل لا عقد قسمة قال في هذا الخصوص "يبدو بادي الرأي أن الصيغة المتقدمة لا تحمل بين طياتها ما يدل صراحة أو ضمناً على أن أحد طرفي العقد قد تنازل للطرف الثاني عن باقي ما يملك في الأطيان المشتركة والمملوكة لهما مناصفة بينهما وإذا صح أن أرمانيوس اكتفى بالسبعة وأربعين فداناً من نصيبه في الأقصر وتنازل عن الباقي لبشاي لجاز القول بأن بشاي هو الآخر قد تنازل عن باقي نصيبه في أطيان البلينا لأرمانيوس والمدعى عليهم (الطاعنون) لا يسلمون بذلك. أما ما ذهبوا إليه من أن تنازل أرمانيوس عن باقي نصيبه من أطيان الأقصر وعن عشرين فداناً من نصيبه في أطيان البلينا حصل مقابل تعهد بشاي بدفع ديون أبو ستيت فليس في نصوص العقد ما يؤيده ثم أن التزام بشاي بالديون قد يرجع إلى أن الأطيان المشتركة كانت تحت يده وهو الذي استولى على إيرادها مما اضطر أرمانيوس إلى أن يلجأ إلى القضاء في سنة 1910 مطالباً إياه بغلة نصيبه فيها وقد يرجع إلى أن بشاي قد استدان هذه الديون لحسابه خاصة فكان طبيعياً أن يلتزم بدفعها من ماله وهذا الغرض يؤيده العقد الصادر لمحمد بك أمين أبو ستيت بتاريخ 8 من فبراير سنة 1909 برهن 50 فداناً تأميناً على مبلغ ألف جنيه والمخالصة الصادرة منه والثابتة التاريخ في 24 من ديسمبر سنة 1923 والتي تتضمن أنه استولى من بشاي على 151600 قرشاً قيمة الرهينة المحررة له من بشاي على 129 فداناً و3 قراريط و19 سهماً في 12 من يناير سنة 1908 فبمراجعة هذا العقد وتلك المخالصة يتضح أن بشاي هو المقترض ولا شأن لأرمانيوس إلا أنه يملك نصف الأطيان المرهونة وحالته ما كانت تدعو للاستدانة ولم يطرأ على الروكية ما يوجب هذه الديون لأن صفقة شمس نور تمت ودفع ثمنها في سنة 1897 قبل أول قرض بإحدى عشرة سنة وحيث إن العقد بصفته المتقدمة ليس إلا عقد بدل وبمقتضاه تنازل أرمانيوس لبشاي عن عشرين فداناً من نصيبه في البلينا وأخذ بدلاً عنها 47 فداناً و21 قيراطاً و5 أسهم من نصيب بشاي في الأقصر وهو لا ينصرف إلا إلى الأطيان التي تناولها البدل ووردت معالمها وحدودها فيه بالتفصيل وقد نص فيه صراحة على (أن الأطيان الكائنة بالاشتراك بأسمانا بشاي عوض وأرمانيوس كل منا يستحق النصف حسب المكلف المبين بالقسائم) وبهذا النص احتفظ كل من المتبادلين بنصف باقي الأطيان المشتركة بينهما والتي لم يتناولها العقد على أن يقدر هذا النصف من واقع المقادير الواردة بكشوف التكليف عملاً بما ورد صراحة في الإعلام الشرعي المحرر بتاريخ 29 من يوليه سنة 1893 وعقد المحاسبة المحرر في 19 من أغسطس سنة 1896 من أنه لا عبرة بتكليف الأطيان باسم أحد الإخوة وأنهم يتقاسمون بالتساوي بينهم ما ورد في تكليف أحدهم أو بعضهم أوكلهم وهذا التحفظ يهدم افتراض تنازل أرمانيوس لبشاي عن جزء من ملكه هذا فضلاً عن أن التنازل عن الحق لا يستفاد إلا من النص الصريح أو ما يدل عليه دلالة قاطعة لا تقبل الشك ولا تحتمل الملبس ويجب قصره على الحقوق التي تناولها التنازل طبقاً لنص المادة 534 من القانون المدني (القديم). وحيث إن التفسير سالف الذكر الذي استخلصته المحكمة من اتفاق 30 من أغسطس سنة 1909 يطابق ما تواضع عليه المتعاقدان من أول الأمر ففي 20 من فبراير سنة 1910 تصرف أرمانيوس في الأطيان التي آلت إليه في الأقصر بمقتضى الاتفاق وقدرها 47 فداناً و21 قيراطاً و5 أسهم بأن باعها إلى محارب جرجس بعقد مسجل في 12 من ديسمبر سنة 1912 وذكر فيه صراحة "أن الأطيان المبيعة هي بخلاف القدر استحقاقي (أي البائع أرمانيوس) بتلك النواحي من ضمن تكليف أخي بشاي عوض المذكور واستحقها مع أطيان أخرى بمقتضى الروكية التي بيني وبين أخي بشاي المذكور الثابتة هذه الروكية بمقتضى أوراق وإعلام شرعي صادرة من أخي بشاي عوض بتاريخ 26 من يوليه سنة 1893" وعندما دب النزاع بين أرمانيوس وبشاي في سنة 1910 لجأ الأول إلى القضاء مطالباً بملكيته الأطيان وبريعها وطلب وضعها تحت الحراسة القضائية في القضايا الرقمية 154، 142، 127 مدني كلى أسيوط على التوالي وقد أوقفت القضيتان الأوليان بسبب الحجر على أرمانيوس في أول من فبراير سنة 1912 ولم يبين أحد من طرفي الخصومة مصيرهما ولا ما تم فيهما. أما قضية الحراسة ففصل فيها بتاريخ 3 من إبريل سنة 1910 وبمراجعة الحكم الصادر فيها تبين أن دعوى الملكية كانت تتناول 212 فداناً و22 قيراطاً و5 أسهم وعقارات ووابوراً وأن النزاع في وضع اليد اقتصر على 177 فداناً و14 قيراطاً و16 سهماً وقد طلب المدعى عليه (بشاي عوض) أصلياً عدم قبول الدعوى لأن رافعها معتوه واحتياطياً رفضها لعدم وجود نزاع حقيقي في وضع اليد والمدعي واضع يده على الأطيان ومنتفع بها بالزرع والتأجير. وكان اتفاق 30 من أغسطس سنة 1909 مقدماً في القضية واستندت المحكمة عليه في نفي العته عن أرمانيوس. وحكمت حضورياً بتعين بشاي عوض صهيون حارساً قضائياً على أطيان أرمانيوس البالغ قدرها 177 فداناً و24 قيراطاً و16 سهماً المرفوع عنها دعوى الريع...إلخ ولو صح ما ذهب إليه المدعى عليهم من أن اتفاق 30 من أغسطس سنة 1909 يحرم أرمانيوس من كل أو بعض ملكه في الأقصر لما فات مورثهم إن يبادر إلى الاستناد عليه ويطلب بناء عليه عدم شمول الحراسة الأطيان التي آلت إليه بالاتفاق سالف الذكر ولما حجر على أرمانيوس في أول فبراير سنة 1912 حصر بشاي أطيان أرمانيوس الموجودة تحت يده وقدم بذلك محضراً مؤرخاً 8 من سبتمبر سنة 1912 اشتمل على 122 فداناً و16 قيراطاً و12 سهماً وهذا المحضر وإن كان من عمل بشاي ولا يمكن الاحتجاج به على أرمانيوس وورثته من بعده إلا أنه مما يستوقف النظر فيه أن بشاي استنزل 10 أفدنة من أطيان أرمانيوس في ناحية برجيل مركز البلينا ومثلها من أطيان أرمانيوس في ناحية أولاد عليو مركز البلينا وذكر أمام كل من هذين القدرين أنه استنزلهما بناء على عقد 30 أغسطس سنة 1909 أما الأطيان الأقصر فإنه استنزل منها 30 فداناً ولكنه لم يذكر سبب استنزالها ولم يشر إطلاقاً إلى العقد سالف الذكر ولو اعتقد حقاً بتفسير ورثته لهذا العقد لما ضمن محضر الحصر شيئاً من أطيان الأقصر لأن الـ 47 فداناً و21 قيراطاً و5 أسهم المدعى بأن أرمانيوس اكتفى بها في الأقصر كان قد باعها إلى محارب جرجس بعقد حرر في 20 من فبراير سنة 1910 وسجل في 12 ديسمبر سنة 1912 وإذا اعترض بأن هذا العقد كان محل تحقيق في النيابة ومثار نزاع غير منتج في المحاكم فكان الأولى ببشاي أن يذكر في محضر الحصر هذا القدر بحدوده الواردة في الاتفاق دون حاجة إلى أن يتعرض لباقي أطيان الأقصر بغير مقتض. وحيث إنه يبين مما سلف أن أرمانيوس وبشاي طرفي عقد 30 أغسطس سنة 1909 كانا يفهمانه على الوضع الذي استخلصته المحكمة وهو الوضع الذي يؤيده ظاهر النص والظروف التي اكتنفت تنفيذ الاتفاق وقد تمسك أرمانيوس بهذا التفسير ولم يبد من بشاي ما يدل على العكس أما تفسير ورثته (المدعى عليهم) فمن ابتكارهم هم دون مورثهم وقد دعموه بأدلة لا تؤيده فبشاي لم يسلم القيمين على أرمانيوس بعد الحجر عليه إلا 75 فداناً من ملكه في البلينا فكان طبيعياً أن تقتصر مطالبة القيمين على إيراد هذا القدر المسلم إليهما ولا تتأتى مساءلتهما عن باقي أطيانه التي لم تسلم إليهما بفعل بشاي فاستناد ورثته على المذكرات التي تبودلت بهذا الخصوص أمام المجلس الملي غير منتج". ومن هذا الذي أورده الحكم يبين أنه أشار إلى ما ورد في عقد 30 من أغسطس سنة 1909 بأن "الأطيان الكائنة بالاشتراك بأسمانا بشاي عوض وأرمانيوس كل منا يستحق النصف حسب المكلف المبين بالقسائم" واستخلص من هذا النص أن كل من المتبادلين احتفظ بنصف باقي الأطيان المشتركة بينهما والتي لم يتناولها العقد على أن يقدر هذا النصف من واقع المقادير الواردة بكشوف التكليف عملاً بما ورد صراحة في الاتفاق المؤرخ في 29 من يوليه سنة 1893 وعقد المحاسبة المحرر في 19 من أغسطس سنة 1896 من أنه لا عبرة بتكليف الأطيان باسم أحد الأخوة وأنهم يتقاسمون بالتساوي بينهم ما ورد في تكليف أحدهم أو بعضهم أو كلهم وأن هذا التحفظ يهدم اقتراض تنازل أرمانيوس لبشاي عن نصيبه في باقي الأطيان التي لم تتناولها القسمة، ثم استمد الحكم من مسلك الطرفين عقب إبرام عقد 30 من أغسطس سنة 1909 قرائن تؤيد تفسيره له وليس في ذلك ما يخالف قواعد الإثبات إذ للمحكمة أن تستعين بالبينة والقرائن لتفسير ما غمض من نصوص العقد ثم رد على ما أثاره الطاعنون بشأن عدم تعادل الأنصبة في البدل رداً حاسماً لا ظنياً كما يقول الطاعنون إذ قطع به في أن الدين الذي التزم بشاي بدفعه لم يكن ديناً على الروكية بل كان ديناً مترتباً في ذمة بشاي وحده مستنداً في ذلك إلى عقد الرهن والمخالصة المشار إليها وهما محرران باسم بشاي وحده. أما ما ينعاه الطاعنون على الحكم من تناقض في أسبابه بمقولة أنه بعد أن قرر أن عقد 30 من أغسطس سنة 1909 ليس إلا عقد بدل وبمقتضاه تنازل أرمانيوس لبشاي عن 20 فداناً من نصيبه في أطيان البلينا وأخذ بدلاً منها 47 فداناً وكسور من نصيب بشاي في الأقصر مما ينتج عنه أن يكون لأرمانيوس 77 فداناً + 47 فداناً= 124 فداناً بالأقصر عاد الحكم وقرر بعد ذلك إن كلاً من المتبادلين احتفظ بنصف باقي الأطيان المشتركة بينهما والتي لم يتناولها العقد مما ينتج عنه أنه بعد البدل الذي لم يتناول سوى 47 فداناً من أطيان الأقصر يصبح الباقي 107 أفدنة يكون مملوكاً مناصفة للطرفين فيخص أرمانيوس 47 فداناً + 12 سهماً 53 فداناً ومجموع ذلك 100 فدان و12 قيراطاً لا 124 فداناً هذا النعي غير صحيح لأن تقريري الحكم المشار إليهما يؤديان إلى نتيجة واحدة هي أن الـ 47 فداناً التي أصابها أرمانيوس في عقد 30 من أغسطس سنة 1909 تخرج من نصيب بشاي وقدره النصف في أطيان الأقصر وتضاف إلى النصف الآخر المملوك أصلاً لأرمانيوس وأن ما لم يتناوله عقد 30 من أغسطس سنة 1909 من الأطيان مملوك مناصفة للطرفين بمقتضى اتفاق 29 من يوليه سنة 1893.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المحكمة بعد أن استعرضت أسانيد كل من الطرفين فسرت في حدود سلطتها الموضوعية العقد بأنه عقد بدل للأسباب السائغة التي ذكرتها وأوردت عباراته بغير مسخ أو تشويه وهي تحتمل المعنى الذي حصلته منها وهي في ذلك لم تخالف القانون بما ينعاه الطاعنون على هذا التفسير فهو لا يعد وكونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إن الوجه الأخير من السبب الخير يتحصل في أن الحكم شابه القصور إذ لم يرد على دفاع الطاعنين فيما يتعلق بمقادير الأطيان المحكوم بها وحدودها - ذلك أن محكمة الدرجة الأولى حكمت بتثبيت ملكية المطعون عليهم للأطيان الواردة في حكمها وفقاً للحدود المبينة في تقرير خبير دعوى القسمة رقم 755 جرجا سنة 1895 لا وفقاً للحدود المبينة في صحيفة الدعوى مع أن المطعون عليهم لم يطلبوا ذلك وقد تمسك الطاعنون أمام محكمة الاستئناف بأن محكمة الدرجة الأولى ما كان لها أن تجري هذا التعديل من تلقاء نفسها دون أن تلفتهم إليه لتسمع ملاحظاتهم عليه فضلاً عن أن التقرير الذي أخذت به المحكمة وضع سنة 1895 أي من وقت طويل تغيرت فيه المعالم ولكن محكمة الاستئناف لم تعن بالرد على هذا الدفاع الجوهري.
ومن حيث إنه يبين من الحكم الابتدائي أنه قضى بتثبيت ملكية المطعون عليهم إلى الأطيان الواردة به وفقاً للحدود المبينة في تقرير خبير دعوى القسمة استناداً إلى "أن حدود الأطيان الواردة في صحيفة الدعوى صحيحة فيما يختص بمقدار 22 فداناً و20 قيراط و4 أسهم (الأطيان المشتراة من السيدة شمس نور) ولكن باقي الحدود أصبحت لا تتفق مع التعديل الذي طرأ على طلبات المدعين بعد رفع الدعوى كما أن الخبير الذي ندبته المحكمة لم يعاين الأطيان المتنازع عليها ولم يتحقق من حقيقة مساحتها وحدودها لذا لا ترى المحكمة التعويل على الحدود المبينة بصحيفة الدعوى وتقرير الخبير المشار إليه وترى اتخاذ المقادير والحدود الواردة في تقرير الخبير المقدم في دعوى القسمة رقم 705 جرجا سنة 1895 أساساً لتعيين المقادير وحدود الأطيان المتنازع عليها" - وقد اعترض الطاعنون على ذلك سواء في صحيفة استئنافهم أو في مذكرتهم المقدمة إلى محكمة الاستئناف وتمسكوا بأن المطعون عليهم لم يوضحوا حدود الأطيان كما يجب وأن المحكمة قامت بتصحيح ما كان يجب عليهم هم أن يعملوه في حين أنه كان يتعين رفض الدعوى بسبب الاضطراب في الحدود - ولكن المحكمة الاستئنافية قضت بحكمها المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف دون أن تعني بالرد على هذا الدفاع الذي لو صح قد تغير له وجه الرأي في الدعوى وهذا منها قصور يعيب حكمها ويستجب نقضه في خصوص هذا الوجه وحده.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق