جلسة الاثنين 8 فبراير 2016
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز عبد الله الزرعوني رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: مصطفى عطا محمد الشناوي، مصبح سعيد ثعلوب، محمود مسعود متولي شرف ومحمود فهمي سلطان.
--------------
(8)
الطعن رقم 37 لسنة 2016 "جزاء"
(1) حكم "بيانات الحكم" "تسبيب الحكم".
عدم رسم القانون شكلا خاصا لصياغة الحكم. كفاية تفهم الواقعة بأركانها وظروفها من مجموع ما أورده الحكم. م 216 إجراءات
(2 - 5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في شهادة الشهود" "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
(2) للمحكمة التعويل على أقوال شهود الإثبات والإعراض عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم والرد عليها ردا صريحا. قضاؤها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت. مفاده. إطراحها شهادتهم.
(3) استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة. من سلطة محكمة الموضوع. شرط ذلك.
(4) وزن أقوال الشهود وتقديرها. من سلطة محكمة الموضوع. أخذها بأقوال شاهد. مفاده إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به.
(5) تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم، لا يعيب الحكم. شرط ذلك.
(6) إثبات" أوراق رسمية". شيك بدون رصيد. محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير الأدلة". تمييز" أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي. ولو حملته أوراق رسمية. ما دام لم يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. عدم جوازه أمام محكمة التمييز. مثال في جريمة شيك بدون رصيد.
(7) تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها". نقض "أثر الطعن". محكمة الإعادة "نظرها الدعوى والحكم فيها".
نقض الحكم. يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض. مخالفتها حكم الإعادة. لا يصلح بذاته وجها للطعن على قضائها ما لم يكن موضوع المخالفة موجباً لذلك. مثال.
(8) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. شيك بدون رصيد. اختصاص "اختصاص مكاني".
قوة الأمر المقضي سواء أمام المحاكم الجزائية أو المحاكم المدنية. تكون للأحكام النهائية الباتة التي فصلت في موضوع الدعوى الجزائية سواء بالبراءة أو بالإدانة. متى توافرت شرائطها الأخرى. الحكم الصادر من محكمة الشارقة الجزائية بعدم اختصاصها مكانيا بنظر الدعوى غير منه للخصومة. علة ذلك. حجية الشيء المحكوم فيه. لا ترد إلا على منطوق الحكم ولا تمتد إلى الأسباب إلا ما كان مكملا للمنطوق ويرتبط به ارتباطا وثيقا غير متجزئ ولا يكون للمنطوق قوام إلا به. المادتان 268، 269 إجراءات. مثال شيك بدون رصيد.
(9) شيك بدون رصيد.
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. تحقق بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق. أساس ذلك. لا يغير من قيام الجريمة أن يكون تاريخ استحقاق الشيك مغاير تاريخ إصداره الحقيقي. ما دام أنه لا يحمل إلا تاريخا واحدا. علة ذلك. م 401/ 1 عقوبات.
(10) قصد جنائي. شيك بدون رصيد. تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
سوء النية في جريمة إصدار الشيك بدون رصيد. توافره بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره. افتراض هذا العلم في حق الساحب. عليه متابعة حركات الرصيد لدى المسحوب عليه للاستيثاق من قدرته على الوفاء بقيمته حتى يتم صرفه. ثبوت عدم وجود رصيد قائم وقابل للسحب في تاريخ إصدار الشيك. أثره. عدم قبول نعي الطاعن بشأن تاريخ الاستحقاق وتخلف القصد الجنائي لديه.
(11) إثبات "عبء الإثبات". شيك بدون رصيد. تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
خلو القانون مما يلزم تحرير بيانات الشيك بخط الساحب. كفاية أن يحمل توقيعه. علة ذلك. توقيع الساحب الشيك على بياض دون إثبات قيمته أو تاريخه. مفاده. تفويض المستفيد في تحرير هذه البيانات. عدم تأثير ذلك على صحة الشيك ما دام قد استوفى تلك البيانات قبل تقديمه الشيك. افتراض هذا التفويض ما لم يقم الدليل على خلافه. النعي في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع الدعوى. غير جائز. أمام محكمة التمييز. مثال.
(12) أسباب الإباحة. مسئولية جنائية. شيك بدون رصيد. باعث. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. مناط تحققها. لا عبرة بالأسباب التي دعت لإعطائه للمستفيد. علة ذلك. نعي الطاعن بأنه سلم الشيك لآخر على سبيل الأمانة والضمان لتيسير عمل مشترك بينهما فسلمه الأخير للمجني عليه. لا ينفي مسئوليته الجنائية. علة ذلك. ليست من حالات ضياع الشيك أو ما يدخل في الحالات التي يتحصل فيها على الشيك عن طريق جرائم سلب المال التي أبيح فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون به ماله استنادا إلى سبب من أسباب الإباحة. مثال سائغ لتوافر أركان جريمة شيك بدون رصيد.
(13) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
وجوب توافر الرصيد القائم والقابل للسحب وقت إصدار الشيك. وأن يظل حتى تقديم الشيك للصرف ويتم الوفاء بقيمته. تقديم الشيك للصرف إجراء مادي. يتجه إلى استيفاء مقابله. إفادة البنك بعدم وجود الرصيد. إجراء كاشف للجريمة. أثر ذلك. النعي بشأن عدم تقديم الشيك للصرف أو عدم العلم بتاريخ الاستحقاق. غير مقبول.
(14) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع: ما لا يوفره". دفوع "الدفوع الموضوعية: الدفع بتلفيق الاتهام والكيدية". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته. موضوعي. لا تستوجب ردا صريحا. استفادة الرد عليه ضمنا استنادا لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(15) تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
خلو الحكم في بيان المطاعن الموجهة إلى قضاء الحكم. أثره. عدم قبوله. مثال.
------------------
1 - إذ كان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان مجموع ما أورده الحكم في الدعوى المطروحة كافيا في تفهم واقعة إصدار الشيك بدون رصيد بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يحقق حكم القانون كما جرى به نص المادة 216 من قانون الإجراءات الجزائية، فإن ما ينعاه الطاعن عن عدم إحاطة الحكم بواقعة الدعوى وعدم بيان أركان الجريمة لا يكون له أساس.
2 - للمحكمة أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها ردا صريحا فقضاؤها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها أطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها.
3 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
4 - وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وإذ كان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
5 - تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصا سائغا لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة.
6 - لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكانت الصورة التي استخلصتها المحكمة أن الطاعن أصدر الشيك موضوع الدعوى لصالح المجني عليه ----- وأن سبب عدم صرفه حسبما أفاد البنك المسحوب عليه عدم كفاية الرصيد، وكان لا ينال من الحكم إطراحه للمستندات التي قدمها الطاعن وأشار إليها في أسباب طعنه، فإن منعاه على الحكم بشأن صورة الواقعة والمستفيد من الشيك وأقوال المبلغ وعدم تواجد المجني عليه بالدولة وقت الإعطاء وإغفاله المستندات التي قدمها بشأن ما تقدم لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغا - كما هو الحال في واقع الدعوى - فلا يجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة التمييز.
7 - المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى أمام محكمة الإحالة بحالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض ولا يقيدها بشيء فعلي فرض مخالفة محكمة الموضوع لقضاء محكمة التمييز، فإن ذلك لا يصلح اتخاذه وجها للطعن إلا إذا كان محل المخالفة المدعاة يصلح في ذاته لأن يكون وجها للطعن على الحكم الجديد، وإذ كان حكم النقض السابق صدوره في الدعوى أقام قضاءه على قصور الحكم المنقوض لعدم إيراد مضمون صورة الشيك وإفادة البنك المسحوب عليه ومؤداهما وأغفل بحث أمر رصيد الطاعن في المصرف وجودا أو عدما، وكان الحكم المطعون فيه بريئا من هذا العيب، فإن منعى الطاعن في هذا الوجه يكون غير مقبول.
8 - المقرر بنص المادتين 268، 269 من قانون الإجراءات الجزائية أن قوة الأمر المقضي سواء أمام المحاكم الجزائية أو المحاكم المدنية لا تكون إلا للأحكام النهائية بعد صيرورتها باتة والتي تكون قد فصلت في موضوع الدعوى الجزائية سواء بالبراءة أو بالإدانة متى توافرت شرائطها الأخرى، وكان الحكم الصادر من محكمة الشارقة الجزائية بعدم اختصاصها مكانيا بنظر الدعوى غير منه للخصومة، إذ لم يفصل في موضوع الدعوى الجزائية سواء بالبراءة أو بالإدانة ومن ثم فلا يحوز الحجية ولا تكون له قوة الأمر المقضي عند الفصل في موضوع الدعوى الجزائية الماثلة، وكانت حجية الشيء المحكوم عليه لا ترد إلا على منطوق الحكم ولا يمتد إلى الأسباب إلا ما كان مكملا للمنطوق ويرتبط به ارتباطا وثيقا غير متجزئ لا يكون للمنطوق قوام إلا به، وكان تحدث الحكم الصادر من محكمة الشارقة بعدم الاختصاص عن الشيك وفصله في المستفيد منه أو تاريخ إصداره لا أثر له طالما أن الحكم لم ينته في منطوقه إلى قضاء معين بالنسبة له، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
9 - المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات ولا يغير من ذلك أن يكون تاريخ استحقاق الشيك مغايرا لتاريخ إصداره الحقيقي طالما أنه لا يحمل إلا تاريخا واحدا، إذ إن تأخير تاريخ الاستحقاق ليس من شأنه في هذه الحالة أن يغير من طبيعة الشيك ومن قابليته للتداول واستحقاق الدفع في تاريخ السحب بمجرد الاطلاع، فإصدار الشيك على هذا الوضع يكون الجريمة المنصوص عليها في المادة 401/ 1 من قانون العقوبات ما دام الساحب يعلم بعدم وجود رصيد قائم له وبذلك يندمج ميعاد الإصدار في ميعاد الاستحقاق وتنتقل ملكية مقابل الوفاء إلى المستفيد بمجرد إصدار الشيك وتسليمه إليه، وكان الثابت أن الشيك موضوع الدعوى يحمل تاريخا واحدا فإن مفاد ذلك أنه صدر في هذا التاريخ ولا يقبل من المتهم الادعاء بأنه حرر في تاريخ سابق.
10 - سوء النية في جريمة إصدار الشيك بدون رصيد يتوافر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره وهو علم مفترض في حق الساحب بل وعليه متابعة حركات الرصيد لدى المسحوب عليه للاستيثاق من قدرته على الوفاء بقيمة الشيك حتى يتم صرفه. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الشيك لم يكن له رصيد قائم وقابل للسحب في تاريخ إصداره ومن ثم فإن كل ما يدعيه الطاعن بشأن تاريخ الاستحقاق وتخلف القصد الجنائي لديه يكون غير مقبول.
11 - إذ كان لا يوجد في القانون ما يلزم أن تكون بيانات الشيك محررة بخط الساحب، وفقط يتعين أن يحمل توقيعه لأن خلوه من هذا التوقيع يجعله ورقة لا قيمة لها ولا يؤبه بها في التعامل، وكان توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة الشيك ما دام قد استوفى تلك البيانات قبل تقديمه للمسحوب عليه، إذ إن إعطاء الشيك للصادر لمصلحته بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذين البيانين قبل تقديمه للمسحوب عليه وينحسر عنه بالضرورة عبء إثبات وجود هذا التفويض وطبيعته ومداه وينقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف هذا الظاهر. ولما كان الطاعن لا ينازع في صحة توقيعه على الشيك موضوع التداعي ولا يجادل في واقعة قيامه بتسليمه تسليما صحيحا، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
12 - المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دفعت لإعطائه للمستفيد لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية ما دام الشارع لم يستلزم نية خاصة لقيام هذه الجريمة، كما لا يجدي الطاعن ما يتذرع به لنفي مسئوليته الجنائية بقوله إنه سلم الشيك لآخر على سبيل الأمانة والضمان لتسيير عمل مشترك بينهما فسلمه الأخير للمجني عليه، ذلك أن هذه الحالة لا تدخل في حالات الاستثناء التي تندرج تحت مفهوم حالة ضياع الشيك وهي الحالات التي يتحصل فيها على الشيك عن طريق جرائم سلب المال كالسرقة البسيطة والسرقة بظروف والنصب والتبديد وأيضا الحصول عليه بطريق التهديد، فحالة الضياع وما يدخل في حكمها هي التي أبيح فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء وتقديرا من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحال على حق المستفيد استنادا إلى سبب من أسباب الإباحة وهو ما لا يصدق على الحقوق الأخرى التي لا بد منها لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجردة سببا للإباحة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون بريئا من قالة الخطأ في تطبيق القانون ومن ثم فإن منازعة الطاعن في مشروعية حيازة الشيك تكون لا محل لها. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مضمون إفادة البنك المسحوب عليه من أن سبب رجوع الشيك هو عدم كفاية الرصيد وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما أفاد به البنك، فإن ما انتهى إليه الحكم من توافر أركان الجريمة يتفق وصحيح القانون.
13 - المقرر أنه لا يكفي أن يكون الرصيد قائما وقابلا للسحب وقت إصدار الشيك ولكن يتعين أن يظل على هذا النحو حتى يقدم الشيك للصرف ويتم الوفاء بقيمته لأن تقديم الشيك للصرف لا شأن له في توافر أركان الجريمة بل هو إجراء مادي يتجه إلى استيفاء مقابل الشيك وما إفادة البنك بعدم وجود الرصيد إلا إجراء كاشف للجريمة التي تحققت بإصدار الشيك وإعطائه للمستفيد مع قيام القصد الجنائي سواء عاصر هذا الإجراء وقوع الجريمة أو تراخ عنها. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم تقديم الشيك للصرف أو عدم العلم بتاريخ الاستحقاق يكون غير سديد.
14 - المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردا صريحا ما دام الرد يستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الأدلة السائغة التي أوردتها ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له.
15 - إذ كان الطاعن قد اقتصر في مذكرة أسباب الطعن على القول ((بأن المجني عليه متواجد في جمهورية مصر العربية وليس بدولة ليبيا وهو ما لم يمنع من حضوره لسماع شهادته)) دون أن يبين المطاعن الموجهة إلى قضاء الحكم في هذا الشأن، فإن ما يثيره يكون غير مقبول.
---------------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة اتهمت: -------
لأنه بتاريخ 15/8/2013 بدائرة مركز شرطة القصيص.
أعطى بسوء نية لصالح ------- الشيك رقم --- المسحوب على بنك ----- بقيمة وقدرها (6,500,000 درهم)، والذي لا يقابله رصيد كاف قائم وقابل للسحب.
وطلبت عقابه بالمادة (401/ 1) من قانون العقوبات الاتحادي المعدل.
وبجلسة 30/10/2014 حكمت محكمة الجنح حضوريا بجلسة 30/10/2014 بمعاقبة المتهم بالحبس لمدة سنتين عما أسند إليه وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 8162، 8166/ 2014.
وبجلسة 31/5/2015 حكمت المحكمة الاستئنافية حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بتغريم المستأنف مبلغ عشرة آلاف درهم عما أسند إليه مع تأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك وإلغاء عقوبة الحبس.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالتمييز المقيد برقم 534 لسنة 2015.
وبجلسة 10/8/2015 حكمت محكمة التمييز بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد دائرة مشكلة من قضاة آخرين.
وبجلسة 15/12/2015 حكمت محكمة الإعادة - بهيئة المغايرة - حضوريا في موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم ----- مبلغ عشرة آلاف درهم عن التهمة المسندة إليه.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب تقرير مؤرخ 13/1/2016 مرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقض الحكم وسدد مبلغ التأمين المقرر.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده السيد القاضي ----- وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه لم يحط بواقعة الدعوى عن بصر وبصيرة و خلا من بيان أركان الجريمة التي دان الطاعن بها، وأن محكمة الإعادة قد خالفت قضاء محكمة التمييز فيما أورده من مخالفة الحكم المنقوض للقانون ولم تتحقق من وجود الرصيد من عدمه في ضوء المستندات المقدمة من الطاعن والتي تثبت أن الشيك محل الاتهام لم يقدم للبنك المسحوب عليه للصرف رغم أن هذا السبب كان من بين أسباب نقض الحكم السابق، وخالف الحكم المطعون فيه حجية الحكم الصادر من محكمة الشارقة الجزائية في الدعوى رقم 9548/ 2012 والذي قضى بعدم الاختصاص مكانيا بنظر الدعوى ذلك أن أسبابه والمكملة لمنطوقه تضمنت أن الشيك موضوع الدعوى الماثلة قد سلم مع شيكات أخرى لشخص آخر هو شريك الطاعن خلاف المجني عليه، كما أغفل دلالة التقرير الفني من أن تاريخ توقيع الشيك هو ذات تاريخ توقيع الشيكات الأخرى، كما التفت عن المستخرج الرسمي بشأن تحركات المجني عليه والدال على عدم تواجده في الدولة في التاريخ الذي ادعى وكيله أنه تسلم الشيك فيه وهو ما ينفي ركن الإعطاء، كما أغفل المستندات التي تثبت صلة القربى بين المجني عليه وشريك الطاعن والذي استلم الشيكات من الطاعن ودلالتها على التواطؤ بينهما للكيد للطاعن وأن الشيك موضوع الدعوى لم يقدم للصرف في تاريخ الاستحقاق أو في أي تاريخ لاحق وقدم الطاعن كشف حساب لدى البنك تأييدا لدفاعه بيد أن المحكمة لم تعرض لدلالة هذا المستند في نفي الجريمة في حقه والتفتت عن شهادة شاهدي الواقعة بشأن تسليم الشيك على بياض لشريك الطاعن دون مبرر، وأن الطاعن لا يعلم تاريخ استحقاق الشيك لأنه سلمه على بياض لشريكة وأثبت التقرير الفني أن تاريخ تحريره والتوقيع عليه هو 2/5/2010 بينما أثبت المجني عليه تاريخ الاستحقاق على الشيك في 15/8/2013 مما ينفي القصد الجنائي في حق الطاعن، كما أن الطاعن قدم المستندات الدالة على وجود المجني عليه في جمهورية مصر العربية وليس بدولة ليبيا كما ادعى وكيله وهو ما لا يمنع من حضوره لسماع شهادته في الدعوى مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن أصدر شيكا على بنك -----، لمصلحة المجني عليه -----، وبعرض هذا الشيك على البنك المسحوب عليه أفاد بعدم كفاية الرصيد لصرفه، ثم أورد الحكم على ثبوتها في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال المبلغ بمحضر جمع الاستدلالات ومن الاطلاع على صورة الشيك والمؤرخ 15/8/2013 وإفادة البنك بأن سبب رجوع الشيك هو عدم كفاية الرصيد. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان مجموع ما أورده الحكم في الدعوى المطروحة كافيا في تفهم واقعة إصدار الشيك بدون رصيد بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يحقق حكم القانون كما جرى به نص المادة 216 من قانون الإجراءات الجزائية، فإن ما ينعاه الطاعن عن عدم إحاطة الحكم بواقعة الدعوى وعدم بيان أركان الجريمة لا يكون له أساس.
لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها ردا صريحا فقضاؤها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها أطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها، وكان لها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وإذ كان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وإذ كان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصا سائغة لا تناقضن فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ولها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكانت الصورة التي استخلصتها المحكمة أن الطاعن أصدر الشيك موضوع الدعوى لصالح المجني عليه ------ وأن سبب عدم صرفه حسبما أفاد البنك المسحوب عليه عدم كفاية الرصيد، وكان لا ينال من الحكم إطراحه للمستندات التي قدمها الطاعن وأشار إليها في أسباب طعنه، فإن منعاه على الحكم بشأن صورة الواقعة والمستفيد من الشيك وأقوال المبلغ وعدم تواجد المجني عليه بالدولة وقت الإعطاء وإغفاله المستندات التي قدمها بشأن ما تقدم لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغا - كما هو الحال في واقع الدعوى - فلا يجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة التمييز.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى أمام محكمة الإحالة بحالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض ولا يقيدها بشيء فعلي فرض مخالفة محكمة الموضوع لقضاء محكمة التمييز، فإن ذلك لا يصلح اتخاذه وجها للطعن إلا إذا كان محل المخالفة المدعاة يصلح في ذاته لأن يكون وجها للطعن على الحكم الجديد، وإذ كان حكم النقض السابق صدوره في الدعوى أقام قضاءه على قصور الحكم المنقوض لعدم إيراد مضمون صورة الشيك وإفادة البنك المسحوب عليه ومؤداهما وأغفل بحث أمر رصيد الطاعن في المصرف وجودا أو عدما، وكان الحكم المطعون فيه بريئا من هذا العيب، فإن منعى الطاعن في هذا الوجه يكون غير مقبول.
لما كان ذلك، وكان من المقرر بنص المادتين 268، 269 من قانون الإجراءات الجزائية أن قوة الأمر المقضي سواء أمام المحاكم الجزائية أو المحاكم المدنية لا تكون إلا للأحكام النهائية بعد صيرورتها باتة والتي تكون قد فصلت في موضوع الدعوى الجزائية سواء بالبراءة أو بالإدانة متى توافرت شرائطها الأخرى، وكان الحكم الصادر من محكمة الشارقة الجزائية بعدم اختصاصها مكانيا بنظر الدعوى غير منه للخصومة، إذ لم يفصل في موضوع الدعوى الجزائية سواء بالبراءة أو بالإدانة ومن ثم فلا يحوز الحجية ولا تكون له قوة الأمر المقضي عند الفصل في موضوع الدعوى الجزائية الماثلة، وكانت حجية الشيء المحكوم عليه لا ترد إلا على منطوق الحكم ولا يمتد إلى الأسباب إلا ما كان مكملا للمنطوق ويرتبط به ارتباطا وثيقا غير متجزئ لا يكون للمنطوق قوام إلا به، وكان تحدث الحكم الصادر من محكمة الشارقة بعدم الاختصاص عن الشيك وفصله في المستفيد منه أو تاريخ إصداره لا أثر له طالما أن الحكم لم ينته في منطوقه إلى قضاء معين بالنسبة له، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات ولا يغير من ذلك أن يكون تاريخ استحقاق الشيك مغايرا لتاريخ إصداره الحقيقي طالما أنه لا يحمل إلا تاريخا واحدا، إذ إن تأخير تاريخ الاستحقاق ليس من شأنه في هذه الحالة أن يغير من طبيعة الشيك ومن قابليته للتداول واستحقاق الدفع في تاريخ السحب بمجرد الاطلاع، فإصدار الشيك على هذا الوضع يكون الجريمة المنصوص عليها في المادة 401/ 1 من قانون العقوبات ما دام الساحب يعلم بعدم وجود رصيد قائم له وبذلك يندمج ميعاد الإصدار في ميعاد الاستحقاق وتنتقل ملكية مقابل الوفاء إلى المستفيد بمجرد إصدار الشيك وتسليمه إليه، وكان الثابت أن الشيك موضوع الدعوى يحمل تاريخا واحدا فإن مفاد ذلك أنه صدر في هذا التاريخ ولا يقبل من المتهم الادعاء بأنه حرر في تاريخ سابق، وكان سوء النية في جريمة إصدار الشيك بدون رصيد يتوافر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره وهو علم مفترض في حق الساحب بل وعليه متابعة حركات الرصيد لدى المسحوب عليه للاستيثاق من قدرته على الوفاء بقيمة الشيك حتى يتم صرفه. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الشيك لم يكن له رصيد قائم وقابل للسحب في تاريخ إصداره ومن ثم فإن كل ما يدعيه الطاعن بشأن تاريخ الاستحقاق وتخلف القصد الجنائي لديه يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان لا يوجد في القانون ما يلزم أن تكون بيانات الشيك محررة بخط الساحب، وفقط يتعين أن يحمل توقيعه لأن خلوه من هذا التوقيع يجعله ورقة لا قيمة لها ولا يؤبه بها في التعامل، وكان توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة الشيك ما دام قد استوفى تلك البيانات قبل تقديمه للمسحوب عليه، إذ إن إعطاء الشيك للصادر لمصلحته بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذين البيانين قبل تقديمه للمسحوب عليه وينحسر عنه بالضرورة عبء إثبات وجود هذا التفويض وطبيعته ومداه وينقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف هذا الظاهر. ولما كان الطاعن لا ينازع في صحة توقيعه على الشيك موضوع التداعي ولا يجادل في واقعة قيامه بتسليمه تسليما صحيحا، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، كما لا يجديه ما يثيره من جدل حول الأسباب والظروف التي أحاطت بإعطاء الشيك، ذلك أنه من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دفعت لإعطائه للمستفيد لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية ما دام الشارع لم يستلزم نية خاصة لقيام هذه الجريمة، كما لا يجدي الطاعن ما يتذرع به لنفي مسئوليته الجنائية بقوله أنه سلم الشيك لآخر على سبيل الأمانة والضمان لتسيير عمل مشترك بينهما فسلمه الأخير للمجني عليه، ذلك أن هذه الحالة لا تدخل في حالات الاستثناء التي تندرج تحت مفهوم حالة ضياع الشيك وهي الحالات التي يتحصل فيها على الشيك عن طريق جرائم سلب المال كالسرقة البسيطة والسرقة بظروف والنصب والتبديد وأيضا الحصول عليه بطريق التهديد، فحالة الضياع وما يدخل في حكمها هي التي أبيح فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء وتقديرا من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحال على حق المستفيد استنادا إلى سبب من سبب الإباحة وهو ما لا يصدق على الحقوق الأخرى التي لا بد منها لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجردة سببا للإباحة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون بريئا من قالة الخطأ في تطبيق القانون ومن ثم فإن منازعة الطاعن في مشروعية حيازة الشيك تكون لا محل لها. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مضمون إفادة البنك المسحوب عليه من أن سبب رجوع الشيك هو عدم كفاية الرصيد وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما أفاد به البنك، فإن ما انتهى إليه الحكم من توافر أركان الجريمة يتفق وصحيح القانون لما هو مقرر من أنه لا يكفي أن يكون الرصيد قائما وقابلا للسحب وقت إصدار الشيك ولكن يتعين أن يظل على هذا النحو حتى يقدم الشيك للصرف ويتم الوفاء بقيمته لأن تقديم الشيك للصرف لا شأن له في توافر أركان الجريمة بل هو إجراء مادي يتجه إلى استيفاء مقابل الشيك وما إفادة البنك بعدم وجود الرصيد إلا إجراء كاشفا للجريمة التي تحققت بإصدار الشيك وإعطائه للمستفيد مع قيام القصد الجنائي سواء عاصر هذا الإجراء وقوع الجريمة أو تراخي عنها. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم تقديم الشيك للصرف أو عدم العلم بتاريخ الاستحقاق يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردا صريحا ما دام الرد يستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الأدلة السائغة التي أوردتها ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد اقتصر في مذكرة أسباب الطعن على القول ((بأن المجني عليه متواجد في جمهورية مصر العربية وليس بدولة ليبيا وهو ما لم يمنع من حضوره لسماع شهادته)) دون أن يبين المطاعن الموجهة إلى قضاء الحكم في هذا الشأن، فإن ما يثيره يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق