باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر من مايو سنة 2025م، الموافق الثاني عشر من ذي القعدة سنة 1446ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 28 لسنة 44
قضائية "تنازع"
المقامة من
طه سيد عبد الحليم
ضد
1- وزير العدل، بصفته الرئيس الأعلى لمأمورية شهر عقاري شمال القاهرة
2- رئيس مأمورية شهر عقاري شمال القاهرة
3- محمد أحمد صايم أحمد
4- ماركوس أوريل ليفرلي
5- حمادة رضوان غازي أبو المعاطي
6- أشرف علي أبو حفناوي
7- معتز عبد الباقي عبد القادر أحمد
8- محمد علي سعد علي
9- رئيس مجلس إدارة شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير(شركة مدينة مصر
للإسكان والتعمير - حاليًّا)
----------------
الإجراءات
بتاريخ السابع والعشرين من سبتمبر سنة 2022، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ حكم محكمة استئناف القاهرة - مأمورية شمال – الصادر بجلسة 15/8/2021، في الاستئنافات أرقام: 4326 و4807 و4943 لسنة 22 قضائية، وفي الموضوع: بعدم الاعتداد بذلك الحكم، والاستمرار في تنفيذ الحكمين الصادر أولهما من محكمة القاهرة الجديدة الابتدائية بجلسة 30/10/2018، في الدعوى رقم 1659 لسنة 2018 مدني كلي، والآخر من محكمة القضاء الإداري – الدائرة الخامسة - بجلسة 26/12/2019، في الدعوى رقم 28261 لسنة 71 قضائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن الوقائع تتحصل -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن المدعي أقام أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 3737 لسنة 2011 مدني كلي، ضد المدعى عليهم الأول والثاني، والرابع والخامس والسادس، والشركة التاسعة، بطلب الحكم بشطب ومحو المسجل رقم 4873 لسنة 2010 شهر عقاري شمال القاهرة، واعتباره كأن لم يكن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على سند من أنه بتاريخ 5/1/1998، تملك بالشراء من الشركة المدعى عليها التاسعة قطعة الأرض المبينة بالصحيفة، والمحددة معالمها بموجب محضر القياس المؤرخ 9/3/1998، إلا أنه فوجئ بمنازعة المدعى عليهما السادس والسابع له في ملكية تلك الأرض، بموجب عقد تم تسجيله تحت رقم 4873 لسنة 2010 شهر عقاري شمال القاهرة، وهي المنازعة التي تحرر عنها المحضر رقم 7931 لسنة 2011 إداري مدينة نصر، لتسجيل العقد المشار إليه بناءً على أوراق ومستندات تحصلا عليها بطريق الغش والتدليس؛ ومن ثم أقام الدعوى. أبدى المدعي طلبًا عارضًا بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 7392 لسنة 12 قضائية، القاضي بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 9/5/1992 و15/12/2007، ومحو وشطب المسجل رقم 1371 لسنة 2010 شهر عقاري شمال القاهرة، مع ما يترتب على ذلك من آثار. تدخل المدعى عليه الثامن هجوميًّا بطلب الحكم برفض الدعوى الأصلية، والحكم لصالحه والمدعى عليه السابع، باستحقاق قطعة الأرض محل التداعي وتسليمها إليهما خالية من الأشخاص والشواغل، ومنع تعرض المدعي والمدعى عليهم والغير لهما فيها، بقالة تملكهما تلك الأرض بالشراء من وكلاء المدعى عليه السادس، بموجب توكيلات موثقة، وأنه تم تسجيل عقدهما تسجيلًا رضائيًّا برقم 2863 لسنة 2013 شهر عقاري شمال القاهرة. وجه المدعي طلبًا عارضًا آخر بشطب ومحو العقد الأخير، مع ما يترتب على ذلك من آثار. ادعى المدعى عليه السادس فرعيًّا بطلب الحكم بمحو وشطب العقد ذاته، واعتباره كأن لم يكن، مع ما يترتب على ذلك من آثار. حكمت المحكمة: أولًا: بقبول تدخل المدعى عليه الثامن شكلًا، وفى الموضوع: برفضه بحالته. ثانيًا: بقبول الطلب العارض من المدعى عليه السادس شكلًا، وفى الموضوع: برفضه بحالته. ثالثًا: بقبول الطلبات العارضة من المدعي أصليًّا شكلًا، وفى موضوعها وموضوع الدعوى الأصلية: برفضها. استأنف المدعى عليه الثامن ذلك الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة، بالاستئناف رقم 4326 لسنة 22 قضائية، كما استأنفه المدعي أمام المحكمة ذاتها بالاستئناف رقم 4807 لسنة 22 قضائية، والمدعى عليه السادس بالاستئناف رقم 4943 لسنة 22 قضائية، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة للارتباط، قضت في موضوع الاستئناف رقم 4326 لسنة 22 قضائية، بإلغاء الحكم المستأنف فيما ورد به بالبند "أولًا"، وبأحقية المدعى عليهما السابع والثامن في قطعة الأرض رقم 21 بلوك 29 بالمنطقة التاسعة بمدينة نصر أول القاهرة، وتسليمها إليهما خالية من كافة الأشخاص والشواغل، ومنع تعرض المستأنف ضدهم والغير لهما فيها، وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. ثالثًا: وفى موضوع الاستئنافين رقمي 4807 و4943 لسنة 22 قضائية: برفضهما.
كما أقام المدعي أمام محكمة القاهرة الجديدة الابتدائية الدعوى رقم 1659 لسنة 2018 مدني كلي، ضد المدعى عليهم الثالث والرابع والتاسعة، طالبًا الحكم بعدم الاعتداد بحكم محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 7392 لسنة 12 قضائية، وعدم تنفيذه والاعتداد به في مواجهته على الأسباب ذاتها التي أقام بها الدعوى الأولى. وبجلسة 30/10/2018، حكمت المحكمة بعدم الاعتداد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 7392 لسنة 12 قضائية استئناف القاهرة؛ وذلك على سند من أن المدعي لم يكن خصمًا في الحكم الصادر في ذلك الاستئناف.
ومن ناحية أخرى، أقام المدعي أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 28261 لسنة 71 قضائية، ضد محافظ القاهرة ورئيس حي شرق مدينة نصر والشركة المدعى عليها التاسعة في الدعوى المعروضة، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ القرار الصادر من رئاسة حي شرق مدينة نصر بإصدار ترخيص بناء لصالح المدعى عليه الثامن، بالمخالفة للواقع والقانون والأحكام القضائية النهائية والباتة على قطعة الأرض محل القرار موضوع الطعن، وفى الموضوع: بإلغاء ذلك القرار وما يترتب على ذلك من آثار. حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ تراءى للمدعي أن ثمة تناقضًا بين الأحكام الصادرة من محكمة استئناف القاهرة في الاستئنافات أرقام: 4326 و4807 و4943 لسنة 22 قضائية، والقاضي في موضوع الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف فيما ورد به بالبند "أولًا"، وبأحقية المدعى عليهما السابع والثامن في قطعة الأرض محل النزاع، والحكمين الصادر أولهما من محكمة القاهرة الجديدة الابتدائية في الدعوى رقم 1659 لسنة 2018 مدني كلي، بجلسة 30/10/2018، والقاضي بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 7392 لسنة 12 قضائية، في مواجهة المدعي، وثانيهما من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 28261 لسنة 71 قضائية، بجلسة 26/12/2019، بإلغاء قرار جهة الإدارة رقم 25 لسنة 2017 بالترخيص بالبناء على قطعة الأرض المشار إليها وما يترتب على ذلك من آثار، وإذ تعامدت هذه الأحكام على محل واحد، وتناقضت على نحو يتعذر تنفيذها معًا؛ فقد أقام دعواه المعروضة بطلباته الآنف بيانها.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، وفقًا لنص البند "ثالثًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون أحد الحكمين صادرًا من إحدى جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، مما مؤداه: أن النزاع الذي يقوم بسبب تناقض الأحكام النهائية وتنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه، هو ذلك الذي يكون بين أحكام صادرة من أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، فإذا كان التناقض واقعًا بين حكمين صادرين من محكمتين تابعتين لجهة قضاء واحدة، فإن لمحاكم تلك الجهة ولاية الفصل فيه، وفقًا للقواعد المعمول بها في نطاقها، حيث تتولى المحكمة المختصة بتلك الجهة تقويم اعوجاجهما، تصويبًا لما يكون قد شابهما من خطأ في تحصيل الوقائع أو تطبيق القانون أو هما معًا.
متى كان ذلك، وكان حكم محكمة استئناف القاهرة - مأمورية شمال -الصادر بجلسة 15/8/2021، في الاستئنافات أرقام: 4326 و4807 و4943 لسنة 22 قضائية، وحكم محكمة القاهرة الجديدة الابتدائية الصادر بجلسة 30/10/2018، في الدعوى رقم 1659 لسنة 2018 مدني كلي، صادرين عن محكمتين تابعتين لجهة قضاء واحدة، هي جهة القضاء العادي، فإن التناقض المدعى به – بفرض قيامه – لا يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، إذ لا تُعد هذه المحكمة جهة طعن في الأحكام الصادرة من الجهات القضائية الأخرى؛ ومن ثم تفتقد الدعوى المعروضة مناط قبولها، في هذا الشق منها.
وحيث إن اختصاص المحكمة الدستورية العليا –على ما جرى به قضاؤها–
بالفصل في التناقض القائم بين حكمين نهائيين وفقًا للبند "ثالثًا" من
المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، ليس مقررًا لها بوصفها
جهة طعن، ولكنها تتأكد ابتداءً من قيام التناقض، وذلك بتوافر أركانه وشروطه وتحقق
مناطه، ومتى ثبت لديها ذلك فإنها تتطرق إلى موضوعه، فتفصل في شأن التناقض بينهما
على ضوء قواعد الاختصاص الولائي التي ضبطها المشرع، ليحدد بها لكل جهة قضائية
نصيبها من المنازعات التي خصها بالفصل فيها، دون النظر إلى ما قد يقوم من تعارض
بين مؤدى حيثية وردت بأحد الحكمين المدعى تناقضهما وحيثية تضمنها الحكم الآخر.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التناقض بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين يفترض وحدة موضوعها محددًا على ضوء نطاق الحقوق التي فصلا فيها، بيد أن وحدة هذا الموضع لا تفيد بالضرورة تناقضهما فيما فصلا فيه، كما أن تناقضهما – إذا قام الدليل عليه – لا يدل لزومًا على تعذر تنفيذهما معًا، بما مؤداه: أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها في مجال فض التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معًا، يقتضيها أن تتحقق أولًا من وحدة موضوعهما، ثم من تناقض قضاءيهما وبتهادمهما معًا فيما فصلا فيه من جوانب ذلك الموضوع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها عندئذ أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا.
متى كان ما تقدم، وكان البين من الأوراق أن موضوع حكم محكمة استئناف القاهرة –مأمورية شمال– الصادر بجلسة 15/8/2021، في الاستئنافات أرقام: 4326 و4807 و4943 لسنة 22 قضائية، يتعلق بالفصل في ملكية الأرض المتنازع عليها بين أطراف الخصومة فيها وما يرتبط به من طلبات بشطب ومحو تسجيل المحررات المشهرة والمبينة في تلك الخصومة واعتبارها كأن لم تكن، حال أن موضوع حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 26/12/2019، في الدعوى رقم 28261 لسنة 71 قضائية، قد تحدد في القضاء بإلغاء قرار رئيس حي شرق مدينة نصر رقم 25 لسنة 2017 بإصدار ترخيص بناء لصالح المدعى عليه الثامن على قطعة الأرض المتنازع عليها، الأمر الذي يتبين معه اختلاف موضوع الحكمين المدعى تناقضهما؛ إذ انصب أولهما على نزاع مدني، بينما انصرف الحكم الآخر إلى الفصل في الطعن على قرار إداري، ولا ينال من ذلك ما أثاره المدعي من تعارض بين أسباب هذين الحكمين؛ ذلك أن هذا التعارض –بفرض قيامه– لا يُشكل تناقضًا بين حكمين نهائيين في مجال التنفيذ بالمعنى الذي يقصده المشرع في البند "ثالثًا" من المادة (25) من قانون هذه المحكمة المار ذكره، مما يستنهض ولايتها للفصل فيه؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها.
وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف التنفيذ، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين أو كليهما يُعد فرعًا من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذ انتهت المحكمة -فيما تقدم- إلى عدم قبول الدعوى المعروضة، فإن قيام رئيس المحكمة الدستورية العليا بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب، وفقًا لنص المادة (32) من قانونها المشار إليه، يكون قد صار غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق