جلسة الاثنين 18 يناير 2016
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز عبد الله الزرعوني رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: مصطفى عطا محمد الشناوي، مصبح سعيد ثعلوب، محمود مسعود متولي شرف ومحمود فهمي سلطان.
----------------
(2)
الطعن رقم 895 لسنة 2015 "جزاء"
(1) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أدلة الدعوى".
حق المحكمة في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل أو قرينة ترتاح إليها. شرطه. أن يكون له أصل ثابت بالأوراق.
(2 ، 3) سب. قذف. تقنية معلومات. تمييز" أسباب الطعن: ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في الجرائم: في السب والقذف".
(2) تعريف حقيقة ألفاظ السب أو القذف. مرجعه ما يطمئن إليه القاضي لفهم الواقع في الدعوى. لا رقابة عليه في ذلك من محكمة التمييز. شرطه. ألا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة.
(3) تحوط الجاني بعدم ذكر اسم المجني عليه صراحة. للمحكمة التعرف على شخصيته من عبارات السب والقذف وظروف حصوله وملابسات الواقعة. الجدل في ذلك. غير جائز. أمام محكمة التمييز. مثال بشأن جريمة سب بواسطة البريد الإلكتروني.
(4) تقنية المعلومات. سب. قذف. قصد جنائي. جريمة "بعض أنواع الجرائم: جرائم تقنية المعلومات".
وسيلة تقنية المعلومات. ماهيتها. عدم تحديد المشرع تقنية المعلومات بوسيلة معينة. مؤداه. شمولها الحاسب الآلي والشبكة المعلوماتية وأجهزة الموبايل البلوتوث وجهاز إلكتروني ثابت أو منقول سلكي أو لاسلكي أو مواقع التواصل الاجتماعي وأية وسيلة تنشأ في المستقبل تحمل ذات المعطيات. القصد الجنائي. تحققه بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل باستخدام الشبكة المعلوماتية وتقنية المعلومات كوسيلة لإيصال السب والقذف للمجني عليه. لا عبرة بما يكون قد دفع الجاني إلى ارتكاب فعلته أو غرضه منها.
(5 ، 6) قانون "تفسيره".
(5) التزام الدقة في تفسير القوانين الجنائية. وضوح عبارة القانون. أثره. عدم جواز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل بدعوى الاستهداء بالحكمة التي تغياها المشرع منها. علة ذلك.
(6) إيراد لفظ مطلق في النص التشريعي. مؤداه. إفادته ثبوت الحكم على إطلاقه.
(7) سب. تقنية المعلومات. جريمة "بعض أنواع الجرائم: جرائم تقنية المعلومات".
عبارة سب الغير في المادة 20 من المرسوم بالقانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات. شمولها سب الأشخاص الطبيعيين والمعنويين ومن يعملون لدى الأشخاص المعنوية باستخدام الشبكة المعلوماتية. أثره. خضوع الجاني للعقاب لا يغير من ذلك ما ورد في قانون العقوبات الاتحادي في المادة 374. علة ذلك. مثال.
(8) قانون "القانون الواجب التطبيق".
وجود نص في قانون الإجراءات الجزائية وقانون العقوبات لم ينقله المشرع في القانون رقم 5 لسنة 2012م في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات. أثره. مخالفة المشرع ما قرره فيهما. مؤداه. عدم جواز تطبيقه. الاستثناء. محاكمة المتهم جنائيا بموجب قانون عقابي خاص. وجوب عدم الرجوع إلى قانون آخر عام أو قانون الإجراءات الجزائية إلا بإحالة صريحة على الحكم.
(9) سب. تقنية المعلومات. دعوى جزائية "تحريك الدعوى" انقضاء الدعوى: التنازل: الصلح". جريمة "بعض أنواع الجرائم: جرائم تقنية المعلومات". قانون "مسائل عامة". نيابة عامة.
عبارة سب الغير باستخدام الشبكة المعلوماتية ووسيلة تقنية المعلومات. قاصرة على تطبيق قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات. م 20ق 5 لسنة 2012. مؤدى ذلك. عدم جواز تطبيق قانون الإجراءات الجزائية. أثره. مخالفة ما قرره قانون الإجراءات الجزائية بانقضاء الدعوى بالتنازل أو الصلح وقبول الدعوى. علة ذلك. جواز تحريك النيابة الدعوى بعد التبليغ.
(10) تمييز "أسباب الطعن: السبب المجهل".
قبول وجه الطعن. شرطه. أن يكون واضحا ومحددا. مخالفة ذلك. أثره. نعي مجهل غير مقبول.
---------------------
1 - المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها متى كان لذلك أصل ثابت بالأوراق.
2 - الأصل أن المرجع في تعريف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة التمييز ما دام لم يخطئ في التطبيق القانوني للواقعة.
3 - المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتعرف لشخص من وجه إليه السب أو القذف من عبارات السب والقذف وظروف حصولها والملابسات التي اكتنفتها إذا احتاط الجاني فلم يذكر اسم المجني عليه صراحة في عباراته ومتى استبانت المحكمة من كل ذلك الشخص المقصود بالذات فلا يجوز إثارة الجدل بشأن ذلك لدى هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه في مدوناته من استخلاصه لأقوال المجني عليه المبلغ وترجمة الرسالة المرسلة بالبريد الإلكتروني إلى أن ما تم نشره وإرساله من عبارات بواسطة البريد الإلكتروني المرتبط بالشبكة المعلوماتية من الطاعن لشركة ...... بأن المبلغ مجني عليه هو من ضمن المقصودين من شأنه أن يجعل المجني عليه محل للازدراء والحط من كرامته من قبل الآخرين وذلك من خلال ما تم كتابته بالرسالة الإلكترونية وإرسالها للمجني عليه بأن وصف موظفي شركة ....... ((بأنهم ...... وأصحاب الشركة ...... وقوله للمجني عليه أنه ....)) وكان تقدير المحكمة بأن هذا القول يجعل المجني عليه محلا للازدراء من قبل الآخرين فإن ذلك يعد سائغا وصحيحا ومتفقا مع صحيح القانون، ذلك أن كل فعل أو قول بحكم العرف بأنه فيه ازدراء وحط من الكرامة في أعين الناس تتوافر به أركان جريمة السب كما هو معرف به في القانون فإن ما يثيره الطاعن بأن المبلغ ليس المقصود بالرسالة والحكم لم يبين من أرسل الرسالة وكيفية إرسالها لا يكون له محل.
4 - إذ كانت وسيلة تقنية المعلومات أداة إلكترونية مغناطيسية، بصرية، كهروكيميائية أو أية أداة أخرى تستخدم لمعالجة البيانات إلكترونية وأداة لعمليات المنطق والحساب أو الوظائف التخزينية وتشمل أي وسيلة موصولة أو مرتبطة بشكل مباشر تتيح لهذه الوسيلة تخزين المعلومات الإلكترونية أو إيصالها للآخرين من خلال تخزين بيانات أو اتصالات تتعلق أو تعمل بالاقتران مع مثل هذه الأداة بارتباط بين أكثر من وسيلة للحصول على معلومات وتبادلها، والمشرع لم يحدد تقنية المعلومات بوسيلة معينة فقد تشمل الحاسب الآلي والشبكة المعلوماتية وأجهزة الموبايل والبلوتوث وجهاز إلكتروني ثابت أو منقول سلكي أو لاسلكي يحتوي على نظام معالجة البيانات أو تخزينها واسترجاعها أو إرسالها أو استقبالها أو تصفحها - كموقع التواصل الاجتماعي الواتس أب والفيس بوك والرسائل القصيرة - يؤدي وظائف محددة حسب البرامج والأوامر المعطاة له ويمكن أن يكون من خلال كتابة وصور وصوت وأرقام وحروف ورموز والإشارات وغيرها وأية وسيلة تنشأ في المستقبل تحمل ذات المعطيات باعتبارها ذات طابع مادي تتحقق بكل فعل أو سلوك غير مشروع مرتبط بأي وجه أو بأي شكل من الأشكال بالشبكة المعلوماتية الموصولة سلكيا أو لاسلكيا بالحاسب الآلي أو مشتقاته والهواتف النقالة والذكية والقصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل باستخدام الشبكة المعلوماتية وتقنية المعلومات كوسيلة لإيصال السب والقذف للمجني عليه ولا عبرة بعد ذلك بما يكون قد دفع الجاني إلى ارتكاب فعلته أو الغرض الذي توخاه منها.
5 - الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام الدقة في ذلك وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة فإنها يجب أن تعبر تعبيرا صادقا عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيا كان الباعث على ذلك ولا الخروج عن النص متى كان واضحا جلي المعنى قاطعا في الدلالة على المراد منه بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما يكون عند غموض النص إذ تدور الأحكام مع علتها لا حكمتها.
6 - المقرر أنه إذا ورد في النص التشريعي لفظ مطلق ولم يقم الدليل على تقيده أفاد ثبوت الحكم على الإطلاق.
7 - إذ كانت المادة 20 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 لسنة 2012م في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات قد نصت على أنه ((مع عدم الإخلال بأحكام جريمة القذف المقررة في الشريعة الإسلامية يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن مائتين وخمسين ألف درهم ولا تجاوز خمسمائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من سب الغير أو أسند إليه واقعة من شأنها أن تجعله محلا للعقاب أو الازدراء من قبل الآخرين وذلك باستخدام شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات...)). وكانت عبارة سب الغير في النص السالف مطلقة دون قيد لهذا الإطلاق في اللفظ مما مفاده شمول السب الأشخاص الطبيعيين والمعنويين ومن يعملون لدى الأشخاص المعنوية باستخدام الشبكة المعلوماتية أو وسيلة تقنية المعلومات ومهما كان نوع هذا السب أو أن يسند إليهم واقعة من شأنها أن تجعلهم محلا للعقاب أو الازدراء وإلا انتفت العلة من حكم هذا النص وتقييده دون مقيد وبهذه المثابة فإن أي سب أو قذف يتم من خلال تلك الوسيلة يخضع الجاني للعقاب لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن لا ينفي أنه أرسل رسالة بالبريد الإلكتروني باستخدام الشبكة المعلوماتية ووسيلة تقنية المعلومات لشركة .... ينعتهم بالأغبياء والبلهاء وكان المبلغ ممن يعملون بذات الشركة كما وأن مما حصله الحكم أنه وجه للمبلغ العبارات التي تجعلهم محلا للازدراء فمن ثم فإن الحكم إذ دانه يكون التزم صحيح القانون ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله ولا يغير من ذلك ما ورد في قانون العقوبات الاتحادي بإرادة في المادة 374 بقوله ((أو في رسالة بعث بها إليه بأية وسيلة كانت)) فضلا أنه خاص بسب الأشخاص فإنه لما لوسيلة تقنية المعلومات من خطورة أفرد لها المشرع قانون خاص يحكم ضوابط الفعل المربوط باستخدام تلك الوسيلة في جرائم السب والقذف التي تختلف من حيث الشكل والوسيلة المستخدمة في تطبيقها لشموله الأشخاص الطبيعيين والمعنويين وما دام أنه وجد قانون خاص يعالج ما قام به الجاني من سب وقذف باستخدامه وسيلة تقنية المعلومات فإنه لا يصح بعد ذلك الاحتجاج بما أفرد إليه قانون العقوبات في المادة 374.
8 - المقرر أنه إذا وجد نص في قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية لم ينقله المشرع في المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 لسنة 2012م في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات فإن أول فرض يمكن افتراضه هو أن المشرع يقرر مخالفة ما قرره في قانون العقوبات والإجراءات الجزائية وفيما ذهب إليه ومن ثم لا يصح تطبيقه اللهم إذا وجدت اعتبارات قانونية يمكن بها الاقتناع بأن المشرع إنما أراد بعدم وضع نصوص قانون العقوبات والإجراءات أمر آخر غير تلك المخالفة وأن المحكمة الجنائية وهي تحاكم متهم بموجب قانون عقابي خاص لا ترجع إلى قانون آخر عام كما لا ترجع إلى قانون الإجراءات الجزائية إلا عند إحالة صريحة على الحكم.
9 - مفاد نص المادة 20 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 لسنة 2012م في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات أن عبارة مع عدم الإخلال بأحكام الشريعة الإسلامية كل من سب الغير جاءت قاصرة على تطبيق ذلك القانون بصريح العبارة في حين المادة 374 عقوبات والمواد 10، 16، 20 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية قد جاءت متعلقة بالأشخاص الطبيعيين فقط وهو ما يعني عزوف المشرع عن الرجوع لقانون العقوبات وقانون الإجراءات ويقرر مخالفة ما قرراه القانونين - عقوبات وإجراءات - فيما ذهب إليه حول شمول أنواع السب للأشخاص الطبيعيين والمعنويين والانقضاء بالتنازل والصلح وقبول الدعوى وبذلك يكون المشرع قد أخرج كلا القانونين من سياق نص المادة 20 تقنية المعلومات سالفة البيان اللذين كانا تحت بصره ولو أراد تطبيقهما أو الرجوع إليهما أو الاسترشاد بهما لذكر ذلك في صدر المادة كما فعل في المادة 37 منه بقوله مع مراعاة الأحكام المنصوص عليها في قانون غسيل الأموال والمادة 47 بقوله مع عدم الإخلال بأحكام الفصل الثاني من الباب الثاني من الكتاب الأول من قانون العقوبات بسريان القانون من حيث المكان والأشخاص والمادة 48 منه أيضا بقوله لا يخل تطبيق العقوبات المنصوص عليها في هذا المرسوم بقانون بأي عقوبة ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر فضلا على أن قانون العقوبات خاص بسب الأشخاص الطبيعيين كما سلف بيانه فإن الإحالة مقتصرة على حالة وجود عقوبة أشد في قانون العقوبات الخاص بسب الأشخاص الطبيعيين فقط أو قانون آخر يشمل الطبيعيين والمعنويين أو أحدهما من الذي قررها المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 لسنة 2012م بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات في المادة 20 منه ومن ثم فلا يصح تطبيقها في جرائم السب والقذف باستخدام الشبكة المعلوماتية ووسيلة تقنية المعلومات ومن ثم تكون الدعوى فيها مقبولة وباعتباره كذلك فإن النيابة العامة تكون هي القائمة والمختصة على تحريك الدعوى بعد التبليغ عنها.
10 - المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا مبينا به ما يرمي إليه مقدمته حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجا مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي إيرادا له وردا عليه.
--------------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة اتهمت:
...... لأنه بتاريخ 13/5/2015 وسابق عليه بدائرة مركز شرطة الراشدية.
سب عن طريق إرسال رسالة إلى البريد الإلكتروني الخاص بالمجني عليه/ شركة ....... بأن أسند إلى العاملين بها العبارات الواردة بالأوراق على النحو الثابت بالأوراق.
وطلبت معاقبته بالمواد 1، 20/ 1، 41، 42 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وبتاريخ 13/9/2015م حكمت محكمة أول درجة حضوريا بمعاقبة المتهم ..... بالحبس لمدة سنة وإبعاده عن الدولة.
لم يرتض المحكوم عليه هذا الحكم فطعن عليه بالاستئناف رقم 6809/ 2015م.
وبتاريخ 19/11/2015م حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بمعاقبة ..... بالحبس لمدة شهر واحد عما أسند إليه وبمحو عبارات السب وبإبعاده عن الدولة وبرد مبلغ التأمين.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب تقرير مؤرخ في 10/12/2015م مرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقضه.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده السيد القاضي/ ...... وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع لقضاء الحكم بإدانة الطاعن بجريمة السب بإرساله رسالة إلى البريد الإلكتروني الخاص بالمجني عليها شركة ...... حال عدم قبول الدعوى لمرور أكثر من ثلاثة أشهر على العلم بها كما أن من قام بالإبلاغ ليس لديه توكيل من الشركة المجني عليها يبيح له فتح البلاغ وعول الحكم على أقوال المبلغ بصفته مجنيا عليه دون إسناد أي عبارات وجهت إليه من الطاعن وأن المبلغ قام بفتح البلاغ بصفته وكيلا عن المجني عليها وليس هو المجني عليه وليس في الأوراق ما يدل على أن العبارات الواردة في الرسالة وجهت إلى المبلغ وصادرة من البريد الإلكتروني الخاص بالطاعن والحكم لم يوضح كيفية إرسال الرسالة الإلكترونية والطريقة التي أرسلت فيها بل اكتفى بترديد أقوال المبلغ وما ساقه من عبارات والحكم لم يورد ويرد على الدفاع والدفوع التي ساقها الطاعن المقدمة منه بجلسة 5/11/2015م أمام محكمة أول درجة حال أن ما طرح على محكمة أول درجة يعد مطروحا على محكمة ثاني درجة عملا بالأثر الناقل للاستئناف مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح بأوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من بلاغ المجني عليه ..... المدير التنفيذي لشركة شرف .... ومما ثبت من العبارات التي تضمنتها ترجمة الرسالة الصادرة إلى المجني عليه والمؤرخ 12/5/2015م لما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع في أسباب طعنه إرسال الرسالة لشركة شرف ..... وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها متى كان ذلك أصل ثابت بالأوراق والأصل أن المرجع في تعريف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة التمييز ما دام لم يخطئ في التطبيق القانوني للواقعة كما أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتعرف لشخص من وجه إليه السب أو القذف من عبارات السب والقذف وظروف حصوله والملابسات التي اكتنفته إذا احتاط الجاني فلم يذكر اسم المجني عليه صراحة في عباراته ومتى استبانت المحكمة من كل ذلك الشخص المقصود بالذات فلا يجوز إثارة الجدل بشأن ذلك لدى هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه في مدوناته من استخلاصه لأقوال المجني عليه المبلغ وترجمة الرسالة المرسلة بالبريد الإلكتروني إلى أن ما تم نشره وإرساله من عبارات بواسطة البريد الإلكتروني المرتبط بالشبكة المعلوماتية من الطاعن لشركة ..... بأن المبلغ مجني عليه هو من ضمن المقصودين من شأنه أن يجعل المجني عليه محلا للازدراء والحط من كرامته من قبل الآخرين وذلك من خلال ما تم كتابته بالرسالة الإلكترونية وإرسالها للمجني عليه بأن وصف موظفي شركة ..... بأنهم عالم أغبياء وأصحاب الشركة مجموعة من الأغبياء والبلهاء وقوله للمجني عليه أنه رئيس الأغبياء والبلهاء....)) وكان تقدير المحكمة بأن هذا القول يجعل المجني عليه محلا للازدراء من قبل الآخرين فإن ذلك يعد سائغا وصحيحا ومتفقا مع صحيح القانون ذلك أن كل فعل أو قول بحكم العرف بأنه فيه ازدراء وحطا من الكرامة في أعين الناس تتوافر به أركان جريمة السب كما هي معرف به في القانون فإن ما يثيره الطاعن بأن المبلغ ليس المقصود بالرسالة والحكم لم يبين من أرسل الرسالة وكيفية إرسالها لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت وسيلة تقنية المعلومات أداة إلكترونية مغناطيسية بصرية، كهروكيميائية أو أية أداة أخرى تستخدم لمعالجة البيانات إلكترونية وأداة العمليات المنطق والحساب أو الوظائف التخزينية وتشمل أي وسيلة موصولة أو مرتبطة بشكل مباشر تتيح لهذه الوسيلة تخزين المعلومات الإلكترونية أو إيصالها للآخرين من خلال تخزين بيانات أو اتصالات تتعلق أو تعمل بالاقتران مع مثل هذه الأداة بارتباط بين أكثر من وسيلة للحصول على معلومات وتبادلها والمشرع لم يحدد تقنية المعلومات بوسيلة معينة فقد تشمل الحاسب الآلي والشبكة المعلوماتية وأجهزة الموبايل والبلوتوث وجهاز إلكتروني ثابت أو منقول سلكي أو لاسلكي يحتوي على نظام معالجة البيانات أو تخزينها واسترجاعها أو إرسالها أو استقبالها أو تصفحها - كموقع التواصل الاجتماعي الواتس أب والفيس بوك والرسائل القصيرة - يؤدي وظائف محددة حسب البرامج والأوامر المعطاة له - يمكن أن يكون من خلال كتابة وصور وصوت وأرقام وحروف ورموز والإشارات وغيرها - وأية وسيلة تنشأ في المستقبل تحمل ذات المعطيات باعتبارها ذات طابع مادي تتحقق بكل فعل أو سلوك غير مشروع مرتبط بأن وجه أو بأي شكل من الأشكال بالشبكة المعلوماتية الموصولة سلكيا أو لاسلكيا بالحاسب الآلي أو مشتقاته والهواتف النقالة والذكية والقصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل باستخدام الشبكة المعلوماتية وتقنية المعلومات كوسيلة لإيصال السب والقذف للمجني عليه ولا عبرة بعد ذلك بما يكون قد دفع الجاني إلى ارتكاب فعلته أو الغرض الذي توخاه منها. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام الدقة في ذلك وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة فإنها يجب أن تعبر تعبيرا صادقا عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيا كان الباعث على ذلك ولا الخروج عن النص متى كان واضحا جلي المعنى قاطعا في الدلالة على المراد منه بدعوى الإستهداء بالحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما يكون عند غموض النص إذ تدور الأحكام مع علتها لا حكمتها ومن المقرر أنه إذا ورد في النص التشريعي لفظ مطلق ولم يقم الدليل على تقيده أفاد ثبوت الحكم على الإطلاق ولما كانت المادة 20 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 لسنة 2012م في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات قد نصت على أنه ((مع عدم الإخلال بأحكام جريمة القذف المقررة في الشريعة الإسلامية يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن مائتين وخمسين ألف درهم ولا تجاوز خمسمائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من سب الغير أو أسند إليه واقعة من شأنها أن تجعله محلا للعقاب أو الازدراء من قبل الآخرين وذلك باستخدام شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات ...)) وكانت عبارة سب الغير في النص السالف مطلقة دون قيد لهذا الإطلاق في اللفظ مما مفاده شمول السب الأشخاص الطبيعيين والمعنويين ومن يعملون لدى الأشخاص المعنوية باستخدام الشبكة المعلوماتية أو وسيلة تقنية المعلومات ومهما كان نوع هذا السب أو أن يسند إليهم واقعة من شأنها أن تجعلهم محلا للعقاب أو الازدراء وإلا انتفت العلة من حكم هذا النص وتقييده دون مقيد وبهذه المثابة فإن أي سب أو قذف يتم من خلال تلك الوسيلة يخضع الجاني للعقاب. لما كان ذلك، وكان الثابت إن الطاعن لا ينفي أنه أرسل رسالة بالبريد الإلكتروني باستخدام الشبكة المعلوماتية ووسيلة تقنية المعلومات لشركة ..... ينعتهم بالأغبياء والبلهاء وكان المبلغ ممن يعملون بذات الشركة كما وأن مما حصله الحكم أنه وجه للمبلغ العبارات التي تجعلهم محلا للازدراء فمن ثم فإن الحكم إذ دانه يكون التزم صحيح القانون ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله ولا يغير من ذلك ما ورد في قانون العقوبات الاتحادي بإرادة في المادة 374 بقوله ((أو في رسالة بعث بها إليه بأية وسيلة كانت)) فضلا أنه خاص بسب الأشخاص فإنه لوسيلة تقنية المعلومات من خطورة أفرد لها المشرع قانونا خاصا يحكم ضوابط الفعل المربوط باستخدام تلك الوسيلة في جرائم السب والقذف التي تختلف من حيث الشكل والوسيلة المستخدمة في تطبيقها لشموله الأشخاص الطبيعيين والمعنويين وما دام أنه وجد قانون خاص يعالج ما قام به الجاني من سب وقذف باستخدامه وسيلة تقنية المعلومات فإنه لا يصح بعد ذلك الاحتجاج ما أفرد إليه قانون العقوبات في المادة 374. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه إذا وجد نص في قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية لم ينقله المشرع في المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 لسنة 2012م في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات فإن أول فرض يمكن افتراضه هو أن المشرع يقرر مخالفة ما قرره في قانون العقوبات والإجراءات الجزائية وفيما ذهب إليه ومن ثم لا يصح تطبيقه اللهم إذا وجدت اعتبارات قانونية يمكن بها الاقتناع بأن المشرع إنما أراد بعدم وضع نصوص قانون العقوبات والإجراءات أمر آخر غير تلك المخالفة وأن المحكمة الجنائية وهي تحاكم متهما بموجب قانون عقابي خاص لا ترجع إلى قانون آخر عام كما لا ترجع قانون الإجراءات الجزائية إلا عند إحالة صريحة على الحكم. لما كان ذلك، وكان البين من نص المادة (20) من المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 لسنة 2012م أنه بدأ بعبارة ((مع عدم الإخلال بأحكام الشريعة الإسلامية يعاقب .... كل من سب الغير ...)) بما مفاده أن عبارة مع عدم الإخلال بأحكام الشريعة الإسلامية كل من سب الغير جاءت قاصرة على تطبيق ذلك القانون بصريح العبارة في حين المادة 374 عقوبات والمواد 10، 16، 20 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية قد جاءت متعلقة بالأشخاص الطبيعيين فقط وهو ما يعني عزوف المشرع عن الرجوع لقانون العقوبات وقانون الإجراءات ويقرر مخالفة ما قرره القانونان - عقوبات وإجراءات - فيما ذهب إليه حول شمول أنواع السب للأشخاص الطبيعيين والمعنويين والانقضاء بالتنازل والصلح وقبول الدعوى وبذلك يكون المشرع قد أخرج كلا القانونين من سياق نص المادة 20 تقنية المعلومات سالفة البيان اللذين كانا تحت بصره ولو أراد تطبيقهما أو الرجوع إليهما أو الاسترشاد بهما لذكر ذلك في صدر المادة كما فعل في المادة 37 منه بقوله مع مراعاة الأحكام المنصوص عليها في قانون غسيل الأموال والمادة 47 بقوله مع عدم الإخلال بأحكام الفصل الثاني من الباب الثاني من الكتاب الأول من قانون العقوبات بسريان القانون من حيث المكان والأشخاص والمادة 48 منه أيضا بقوله لا يخل تطبيق العقوبات المنصوص عليها في هذا المرسوم بقانون بأي عقوبة ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر فضلا على أن قانون العقوبات خاص بسب الأشخاص الطبيعيين كما سلف بيانه فإن الإحالة مقتصرة على حالة وجود عقوبة أشد في قانون العقوبات الخاص بسب الأشخاص الطبيعيين فقط أو قانون آخر يشمل الطبيعيين والمعنويين أو أحدهما من الذي قررها المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 لسنة 2012م بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات في المادة 20 منه ومن ثم فلا يصح تطبيقها في جرائم السب والقذف باستخدام الشبكة المعلوماتية ووسيلة تقنية المعلومات ومن ثم تكون الدعوى فيها مقبولة وباعتباره كذلك فإن النيابة العامة تكون هي القائمة والمختصة على تحريك الدعوى بعد التبليغ عنها وإذ التزم الحكم ذلك برفض دفاع الطاعن في هذا الصدد فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا مبينا به ما يرمي إليه مقدمة حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجا مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي إيرادا له وردا عليه. ولما كان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع التي يقول بأنه ضمنها في مذكرته المقدمة منه بجلسة 5/11/2015م أمام محكمة أول درجة الذي ينعى إعراضها عنه ولم تتعرض لها المحكمة الاستئنافية وذلك حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة وما إذا كانت تشمل على دفاع جوهري كان يتعين أن تعرض له محكمة الموضوع وترد عليه أو أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي لإقامة الحكم بإدانته أخذا بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة ردا عليه بل أرسل القول عنه إرسالا الأمر الذي يعجز محكمة التمييز الوقوف على المراد من الطعن وبحث العوار الذي شاب الحكم المطعون فيه مما يجعله نعيا مجهلا غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق