الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الثلاثاء، 24 يونيو 2025

الطعن 2269 لسنة 55 ق جلسة 23 / 1 / 1986 مكتب فني 37 ق 29 ص 137

جلسة 23 من يناير لسنة 1986

برياسة السيد المستشار: حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة ومصطفى طاهر وحسن عميره ومحمد زايد.

---------------

(29)
الطعن رقم 2269 لسنة 55 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي تنم عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
(2) وصف التهمة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". قتل عمد. اقتران.
عدم تقيد المحكمة بالوصف المسبغ على الواقعة.
تعديل المحكمة الوصف من قتل عمد مع سبق الإصرار مقترن إلى قتل عمد مقترن. دون تنبيه المتهم أو المدافع عنه. لا إخلال بحق الدفاع. أساس ذلك؟
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ندب المحكمة محامياً عن المتهم لغياب محاميه الموكل. عدم اعتراض المتهم على هذا الإجراء وعدم تمسكه بالتأجيل لحضور محاميه. لا إخلال بحق الدفاع.
استعداد المدافع أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
(4) إعدام "الحكم بالإعدام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إجراءات "إجراءات الحكم بالإعدام".
وجوب أخذ رأي المفتي قبل الحكم بالإعدام. المادة 381 إجراءات. لا يوجب على المحكمة أن تبين رأيه أو تفنده.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة". عقوبة "تقديرها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير العقوبة من إطلاقات محكمة الموضوع. ما دامت تدخل في حدود العقوبة المقررة قانوناً.
(6) نيابة عامة. إعدام. نقض "ميعاده".
قبول عرض النيابة قضايا الإعدام. ولو تجاوزت الميعاد المقرر لذلك.
(7) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. إعدام.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

-------------------
1 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في صدره واستخلاص توافر هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
2 - لما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على الواقعة، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو استبعاد ظرف سبق الإصرار ومجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما تملك المحكمة إجراءه، فإن الوصف المعدل الذي انتهت إليه المحكمة حين اعتبرت الطاعن - أخذاً بالقدر المتيقن في حقه - قد ارتكب جناية قتل عمد مقترن بدلاً من قتل عمد مع سبق الإصرار مقترن، لا يجافي التطبيق السليم في شيء ولا يعطي الطاعن حقاً في إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع، إذ أن المحكمة لم تكن ملزمة في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف ما دامت - في النتيجة - قد اقتصرت على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى.
3 - من المقرر أنه إذا لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم أو المنتدب أصلاً للدفاع عنه وندبت المحكمة محامياً آخر ترافع في الدعوى، فإن ذلك لا يعد إخلالاً بحق الدفاع ما دام المتهم لم يبد اعتراضاً على هذا الإجراء ولم يتمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل، ولا وجه لما يتحدى به من أن المحامي المنتدب لم يكن عالماً بوقائع الدعوى إذ أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
4 - لما كانت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على محكمة الجنايات أن تأخذ رأي المفتي قبل أن تصدر حكمها بالإعدام، إلا أنه ليس في القانون ما يوجب على المحكمة أن تبين رأي المفتي أو تفنده.
5 - من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً هو من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته ولما كانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن مقررة قانوناً لجريمة القتل العمد المقترن بجناية والتي دانه الحكم بها عملاً بالمادتين 234، 316 من قانون العقوبات فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
6 - لما كان تجاوز ميعاد عرض قضايا الإعدام وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته.
7 - لما كان يبين من الاطلاع على أوراق القضية أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها على ما سلف بيانه في معرض التصدي لأوجه الطعن المقدمة من المحكوم عليه، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فيتعين لذلك مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: قتلوا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض آلة حادة "مطواة" وسلاحاً صوتياً ثم سعوا إليه بمسكنه وما أن وجدوا الفرصة مواتيه حتى سدد إليه المتهم الأول وبموضع القلب طعنتين من تلك الأداة، وفي الوقت الذي قام فيه المتهم الثاني بشل حركته وإحاطة عنقه برباط "سويتر" وضربه على رأسه لإفقاده وعيه ومنعه من الاستغاثة في حين تولت المتهمتان الثالثة والرابعة مهمة تسهيل دخول هذين المتهمين إلى مسرح الجريمة - فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - وقد اقترنت بهذه الجناية جناية أخرى هي أن الجناة في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر - سرقوا الحلي الذهبية المبينة وصفاً وقيمة - بالتحقيقات وكذا الساعة والمبلغ النقدي الموضح القدر بها للمجني عليه المذكور حال كون المتهم الأول يحمل سلاحاً حاداً "مطواة" وأحالتهم إلى محكمة جنايات.... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وبجلسة.... طلبت النيابة تعديل تاريخ الواقعة إلى ليلة....... وقررت المحكمة بإجماع الآراء إحالة أوراق القضية بالنسبة للمتهمين..... وشهرته..... و..... وشهرته.... إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء رأيه وحددت جلسة..... للنطق بالحكم.
ومحكمة جنايات..... قضت حضورياً عملاً بالمادتين 234/ 1 - 2، 316 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بالنسبة للمتهمين الثاني والثالثة والرابعة. أولاً: بإجماع الآراء بمعاقبة..... وشهرته...... بالإعدام شنقاً. ثانياً: بمعاقبة..... وشهرته...... بالأشغال الشاقة المؤبدة وبمعاقبة.... وشهرتها..... بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وبمعاقبة..... بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين الثاني والثالثة والرابعة (.....، ......، .......) وإن قرروا بالطعن في الحكم المطعون فيه إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم فيكون طعن كل منهم غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول المقضي بإعدامه (......) قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد المقترن بجناية سرقة مع حمل سلاح قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وبطلان في الإجراءات ذلك بأن ما ساقه في بيان نية القتل لا يكفي لإثبات توافرها، كما أن المحكمة عدلت وصف التهمة دون لفت نظر الدفاع، هذا إلى أنها ندبت بالجلسة محامين للدفاع عن الطاعن وبقية المتهمين دون أن تتيح لهم فرصة الإلمام الكافي بالقضية مما جعل الدفاع شكلياً وكان من نتيجته أن محامي المتهمة الثالثة أهدر أقوالاً لها بالجلسة يفيد منها الطاعن، وفضلاً عما تقدم فإن الحكم لم يبين رأي المفتي كما أن المحكمة رغم إحالتها أوراق المتهم الثاني إلى المفتي لم تقض عليه بالإعدام أسوة بالطاعن بما ينبئ عن التردد الذي ينال من سلامة حكمها، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أن المتهمة الثالثة.... وشهرتها.. بعد أن قضت مع المجني عليه.... بتاريخ..... بشقته المفروشة رقم..... بالعقار.... شارع..... وقتاً حراماً في ممارسة البغاء معه قد أبلغت زوجها المتهم الأول..... والذي يستغل بغاءها في حضور بقية المتهمين والذين يقيمون جميعاً بشقة واحدة أن المجني عليه ملئ ويتحلى بكثير من المصوغات الذهبية فاتفقوا جميعاً على سرقته بالتهديد والإكراه وحدد المتهم الأول لكل منهم دوره بأن تصعد المتهمتين الثالثة والرابعة إلى المجني عليه بشقته بحجة ممارسة البغاء معه ثم يفاجئهم المتهم الأول والثاني زاعمين أنهما من مباحث الآداب ويسرقوا ماله ومصوغاته ونفاذاً لذلك الاتفاق توجهوا جميعاً يوم...... لكازينو.... المقابل للعقار المقيم به المجني عليه وبعد أن تأكدت المتهمة الثالثة من وجوده بشقته بعد الاتصال به تليفونياً والاتفاق معه على لقائه لممارسة الجنس معها فقد صعدت إليه بشقته وبعد قليل لحقت بها المتهمة الرابعة وبعد أن استقبل المجني عليه كلاً منهما فقد لحق بهما بعد فترة قليلة المتهمان الأول والثاني وطرق المتهم الأول الذي كان بحوزته سلاح "مطواة قرن غزال" باب شقة المجني عليه بعد أن أظهر منديلاً ورقياً من أسفل باب الشقة كعلامة متفق عليها فيما بينهم بأنهما القادمين فقام المجني عليه بفتح باب الشقة بعد أن أوهمته المتهمة الرابعة بأن مثل هذا الطرق لإحدى زميلاتها وبعد فتحه الباب فوجئ بالمتهمين الأول والثاني يزعمان له أنهما من مباحث الآداب ويطلبان منه تبرير وجود نسوه لديه بالشقة ويسألانه عن جواز سفره في الوقت الذي اصطنعت فيه المتهمتان الثالثة والرابعة الخوف وإذ لم يمتثل لهما المجني عليه وأظهر ارتيابه وشكه في أمرهما وطلب التثبت من صفتهما فقد دفعاه إلى داخل غرفة النوم في الوقت الذي انصرفت فيه المتهمتان الثالثة والرابعة انتظاراً للمتهمين الأول والثاني أمام العقار وبداخل غرفة النوم فاجأ المتهم الأول المجني عليه بطعنه بمطواة قرن غزال في صدره بالجهة اليسرى طعنتين قاصداً قتله وقام المتهم الثاني بكم فاه "بسويتر" فأبعده المجني عليه عنه فأحاط به عنقه ثم ضربه على جبهته بنهاية كف يده ثلاث مرات فنزف دماً من فمه وأنفه وسقط على الأرض فأعقبه المتهم الأول بضربة بمؤخرة مسدس صوت يحمله على رأسه عدة مرات ولم يتركه إلا جثة هامدة فارقت الحياة مصاباً بالإصابات التي وصفها تقرير الصفة التشريحية بالطب الشرعي وهي جرح منتظم وحاد الحوافي مستعرض بطول 3 سم بيسار مقدم الصدر مقابل المسافة الضلعية الثالثة ونهاية الأنسيه عند حافة القص ثم نفذ إلى التجويف الصدري ليحدث قطعاً منتظم الحوافي بأمامية التامور ثم أحدث جرحاً بأمامية البطين الأيمن مستعرض الوضع بطول حوالي 3/ 4 سم نافذ لتجويف البطن وجرح آخر منتظم وحاد الحوافي مائل الوضع بطول 3.5 سم بمنتصف أمامية الصدر على امتداد الجرح السابق والمسافة بينهما حوالي 2.5 سم وقد أحدث هذا الجرح كسراً حاداً ومنتظم الحوافي بعظمة القص ثم نفذ إلى التجويف الصدري ليحدث قطعاً منتظم الحوافي بأمامية التامور وليحدث جرحاً منتظم وحاد الحوافي بطول حوالي 1.5 سم بأمامية البطين الأيمن على امتداد الجرح السابق والمسافة بينهما حوالي 1 سم والتامور به نزيف متجلط يقدر بحوالي 1/ 4 لتر وانتهى التقرير إلى أن الإصابتين بمقدم الصدر حيويتان حديثتان وذات طبيعة طعنيه وتنشأ من الطعن بآلة صلبة حادة ذات طرف مدبب كسكين أو مطواة وأن الوفاة إصابية ناشئة عن الجرحين الطعنين النافذين للقلب وفي أعقاب الإجهاز على المجني عليه فقد قام المتهم الأول وفي معيته المتهم الثاني بتجريده من المصوغات الذهبية التي كان يتحلى بها وهي ثلاث خواتم وإنسيال وسلسلة بسبيكة ودبلة وأيضاً ساعة يد كما تمكنا من سرقة مبلغ 250 مائتان وخمسون جنيهاً من جيبه وقد تم ضبط بعض المسروقات لدى من قاموا ببيعها إليهم وهما...... و.... الصائغان بمنطقة...... بإرشاد المتهمة الثالثة كما تم ضبط البعض الآخر وكذلك السلاح الصوتي بإرشاد المتهم الأول بمسكنه بعزبة..... وقد أقر المتهمون جميعاً بارتكاب الحادث بمحضر جمع الاستدلالات واعترف المتهمون من الثاني حتى الرابعة كذلك بتحقيقات النيابة وأعاد المتهم الثاني ترديد اعترافه عند تصوير الحادث أمام النيابة العامة. وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة بحق الطاعن أدلة سائغة استقاها من أقوال الشهود واعترافات المتهمين ومما جاء بالمعاينة ومحاضر العثور على المضبوطات وتقريري المعمل الجنائي والصفة التشريحية بالإضافة إلى تحريات الشرطة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في صدره واستخلاص توافر هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله "وحيث إنه عن نية قتل المجني عليه فهي متوافرة في حقه المتهم الأول آياتها هو حمله سلاحاً قاتلاً بطبيعته (مطواة قرن غزال) وما أن تجافى معه المجني عليه في الحديث وشك في أمره عندما زعما له والمتهم الثاني أنه من رجال مباحث الآداب مرتاباً في هذا الادعاء حتى طلب منهما التوجه معهما لقسم الشرطة الأمر الذي يشير إلى انكشاف أمرهما وخشية مغبة ذلك وعرقلته لإتمام ما اتفق عليه من جرائم فقد عاجله المتهم الأول بطعنه بالمطواة التي يحملها وفي مقتل منه وذلك في موضع القلب طعنتين نافذتين للتجويف الصدري فالقلب الواحدة تلو الأخرى ولا شك أن ذلك لا يكون عفواً أو اعتباطاً بل قصداً لإزهاق روحه يؤكد ذلك أيضاً قيام المتهم الأول بعد طعنه إياه بالمطواة بضربة بمؤخرة مسدسه الصوتي تحسباً لأن يكون ما زال على قيد الحياة وتوثقاً في الإجهاز عليه وما أن اطمأن من ذلك تماماً حتى بدأ في تجريده مما يتحلى به من مصوغات ذهبية وسرقة ما معه من نقود كل ذلك يؤكد نية القتل في حقه هذا فضلاً عن أنه أظهر نية قتله المجني عليه فيما أفضى به بعد الحادث حسبما أقرت به المتهمة الرابعة من أنه قتل المجني عليه خشية تركه حياً وتعرفه عليه بعد الحادث والقبض عليهم كما حدث في حادثة مماثلة ارتكبها المتهم الأول مع زوجته، فإن ما أورده الحكم فيما تقدم تدليلاً على قيام نية القتل كاف وسائغ في إثبات توافرها لدى الطاعن. لما كان ذلك، وكانت الدعوى الجنائية قد أقيمت على الطاعن وباقي المحكوم عليهم بوصف أنهم قتلوا المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض أداة حادة (مطواة) وسلاحاً صوتياً ثم سعوا إليه بمسكنه وما أن وجودا الفرصة مواتيه حتى سدد المتهم الأول (الطاعن) وبموضع القلب طعنتين من تلك الأداة في الوقت الذي قام فيه المتهم الثاني بشل حركته وأحاط عنقه برباط (سويتر) وضربه على رأسه لإفقاده وعيه ومنعه من الاستغاثة في حين تولت المتهمتان الثالثة والرابعة مهمة تسهيل دخول هذين المتهمين إلى مسرح الجريمة فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وقد اقترنت بهذه الجناية جناية أخرى هي أن الجناة في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا الحلي والمصوغات الذهبية المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات وكذا الساعة والمبلغ النقدي الموضح القدر للمجني عليه المذكور حال كون المتهم الأول يحمل سلاحاً حاداً (مطواة) وانتهت المحكمة بحكمها المطعون فيه إلى إدانة الطاعن وباقي المحكوم عليهم بوصف أنهم ليلاً قتلوا المجني عليه بأن اتفقت إرادتهم على سرقته وتوجهوا إلى مسكنه لهذا الغرض وما أن ارتاب في أمرهم حتى قام المتهم الأول (الطاعن) بطعنه بآلة حادة (مطواة قرن غزال) طعنتين في موضع القلب منه قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وكانت جريمة القتل نتيجة محتملة لجريمة السرقة وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أن الجناة في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا الحلي الذهبية المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات وكذا الساعة والمبلغ النقدي الموضحين وصفاً وقدراً بها للمجني عليه المذكور حال كون المتهم الأول يحمل سلاحاً (مطواة قرن غزال). وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على الواقعة، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو استبعاد ظرف سبق الإصرار ومجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما تملك المحكمة إجراءه، فإن الوصف المعدل الذي انتهت إليه المحكمة حين اعتبرت الطاعن - أخذاً بالقدر المتيقن في حقه - قد ارتكب جناية قتل عمد مقترن بدلاً من قتل عمد مع سبق الإصرار مقترن، لا يجافي التطبيق السليم في شيء ولا يعطي الطاعن حقاً في إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع، إذ أن المحكمة لم تكن ملزمة في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف ما دامت - في النتيجة - قد اقتصرت على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت في محضر الجلسة أن المحكمة ندبت محامياً للدفاع عن الطاعن وترافع المحامي مدافعاً عنه بما هو مدون في محضر الجلسة ولم يثبت أن الطاعن اعترض على ذلك أو أبدى طلباً ما في هذا الشأن، وكان من المقرر أنه إذا لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم أو المنتدب أصلاً للدفاع عنه وندبت المحكمة محامياً آخر ترافع في الدعوى، فإن ذلك لا يعد إخلالاً بحق الدفاع ما دام المتهم لم يبد اعتراضاً على هذا الإجراء ولم يتمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل، ولا وجه لما يتحدى به من أن المحامي المنتدب لم يكن عالماً بوقائع الدعوى إذ أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته، أما ما ينعاه الطاعن في شأن أداء محامي المتهمة الثالثة لواجبه في الدعوى فإنه لا يقبل منه إذ لا صفة له في إبداء هذا المنعى. لما كان ذلك، وكانت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على محكمة الجنايات أن تأخذ رأي المفتي قبل أن تصدر حكمها بالإعدام، إلا أنه ليس في القانون ما يوجب على المحكمة أن تبين رأي المفتي أو تفنده. وإذ كان الثابت من المفردات أن المفتي قد أرسل برأيه إلى المحكمة فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إذ قضت بمعاقبة المتهم الثاني بغير عقوبة الإعدام على الرغم من سبق إحالتها أوراقه هو والطاعن إلى المفتي، ذلك بأن من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً هو من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته ولما كانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن مقررة قانوناً لجريمة القتل العمد المقترن بجناية والتي دانه الحكم بها عملاً بالمادتين 234، 316 من قانون العقوبات فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على أوراق القضية أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها على ما سلف بيانه في معرض التصدي لأوجه الطعن المقدمة من المحكوم عليه، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فيتعين لذلك مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق