جلسة 31 من مايو سنة 1951
-----------------
(140)
القضية رقم 223 سنة 18 القضائية
تنازل عن دعوى شفعة. تكييف المحكمة له بأنه سواء اعتبر تنازلاً عن الحق ذاته أو عن إجراءات الدعوى فإن من شأنه أن يمحو أثار ورقة التكليف بالحضور. تنازل عن دعوى شفعة ثانية بعد القضاء لمصلحة المدعية في دعوى الشفعة الأولى. اعتبار المحكمة هذا التنازل اختيارياً لا نتيجة لازمة للحكم الصادر في دعوى الصفقة الأولى استناداً إلى أدلة سائغة. النعي على الحكم القصور ومخالفة المادة 31 من المرسوم بقانون بإنشاء محكمة النقض. في غير محله.
"المادة 103 من قانون المرافعات القديم. والمادة 31 من المرسوم بقانون بإنشاء محكمة النقض ".
الوقائع
في يوم 29 من ديسمبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 6 من أكتوبر سنة 1948 في الاستئناف رقم 175 سنة 3 ق وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما الأولين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 2 و8 من يناير سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن وفي 16 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 29 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 6 من فبراير سنة 1949 أودعت المطعون عليها الثانية مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وفي 16 منه أودعت الطاعنة مذكرة بالرد. وفي 28 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بملاحظاته على الرد - ولم تقدم المطعون عليها الثالثة دفاعاً وفي 17 من ديسمبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومصادرة الكفالة وفي 19 من إبريل سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة - والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة... إلخ.
المحكمة
من حيث إن وقائع الدعوى على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليها الثانية آلت إليها ملكية أربعين فداناً بطريق الاسترداد من الشركة العقارية ومصلحة الأملاك الأميرية تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 27 من نوفمبر سنة 1935 مقابل 4084 جنيهاً و750 مليماً خلاف مصاريف الإدارة التي لم تكن حددت بعد. وفي 7 من يونيه سنة 1943 طلبت الطاعنة أخذ الصفقة سالفة الذكر بالشفعة. ثم رفعت الدعوى بها في 24 من يونيه سنة 1943 فقضت محكمة طنطا الابتدائية في 21 من مارس سنة 1944 برفضها لعدم جواز الأخذ بالشفعة في مثل هذا العقد - استأنفت الطاعنة هذا الحكم فحكمت محكمة الاستئناف في 14 من يونيه سنة 1945 بإلغائه وبأحقية الطاعنة في أن تأخذ الأربعين فداناً بالشفعة فطعنت فيه المطعون عليها بطريق النقض فقضت محكمة النقض في 16 من مايو سنة 1946 بنقض الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم الصادر من محكمة طنطا الابتدائية في 21 من مارس سنة 1944 تأسيساً على أن هذا الاسترداد الذي خوله قرار مجلس الوزراء الصادر في 27 من نوفمبر سنة 1935 لا ينشئ بيعاً مستحدثاً تتولد عنه الشفعة - وفي أثناء نظر دعوى الشفعة الأولى أمام محكمة أول درجة وقبل الفصل فيها اتفقت المطعون عليها الثانية مع المطعون عليه الأول في 12 من أغسطس سنة 1943 على أن تتنازل له عن الأربعين فداناً مقابل ثمن معين. وفي 30 من يونيه سنة 1944 رفعت الطاعنة على المطعون عليها الثانية والمشتري منها (محمود بك محمد الشريف) دعوى شفعة ثانية على أساس عقد البيع المبرم بينهما في 12 من أغسطس سنة 1943 وطلبت فيها الإيقاف إلى أن تفصل محكمة الاستئناف في الاستئناف المرفوع منها عن الحكم الصادر برفض دعواها الأولى. وفي 21 من أغسطس سنة 1945 أعلنت الطاعنة بالطعن المرفوع من السيدة عزيزة هانم الشريف في الحكم الاستئنافي الصادر لمصلحة الطاعنة وفي 9 من أكتوبر سنة 1945 وجه المطعون عليه الأول إلى الطاعنة إنذاراً يعرض فيه عليها أن تحل محله في العقد موضوع دعوى الشفعة مقابل أن تدفع إليه ما عجله من الثمن وعلى أن يتم ذلك خلال أسبوع من تاريخ الإنذار - وبجلسة 10 من ديسمبر سنة 1945 قرر وكيل الطاعنة أنه متنازل عن دعوى الشفعة الثانية والتي رفعها على سبيل الاحتياط لأنه فصل في دعوى الشفعة الأولى لمصلحتها فأصبح بذلك لا محل للدعوى الثانية وطلب التأجيل لتعديل الطلبات إلى طلب تعويض فعارض المطعون عليه الأول (المشتري) في ذلك وطلب الحكم بإثبات هذا التنازل ورفض التعديل لأنه غير مرتبط بالطلب الأصلي فحكمت المحكمة بالجلسة المذكورة بإثبات نزول الطاعنة (الشفيعة) عن دعواها (الدعوى الثانية) وإلزامها بالمصاريف وأن لها إذا شاءت أن ترفع دعوى تعويض مستقلة وكانت الطاعنة قد نفذت الحكم الاستئنافي الصادر لها في دعوى الشفعة الأولى في 14 من يونيه سنة 1945 بأحقيتها في أخذ الأربعين فداناً بالشفعة فتسلمت الأطيان في 21 من يوليه سنة 1945 فرفع المطعون عليه الأول دعوى استرداد حيازة - وفي أثناء نظرها أمام محكمة الاستئناف قرر وكيل الطاعنة بمحضر جلسة 21 من نوفمبر سنة 1945 (أنا أعتبر دعوى الشفعة الثانية غير موجودة بعد صدور الحكم الاستئنافي في دعوى الشفعة الأولى وأنا متنازل عن دعوى الشفعة (الثانية) المحدد لها جلسة 10 ديسمبر سنة 1945) وعلى أثر صدور حكم محكمة النقض في 16 من مايو سنة 1946 بعدم استحقاق الطاعنة للشفعة في القضية الأولى - عادت ورفعت دعوى ثالثة قيدت تحت رقم 582 سنة 1946 كلي طنطا وصفتها بأنها تجديد لدعوى الشفعة الثانية (التي سبق أن نزلت عنها) وطلبت الحكم لها بالطلبات الواردة فيها اعتماداً على أنها لم تترك الحق ذاته وأن تنازلها مرتبط بسببه وهو صدور حكم محكمة الاستئناف لها بالشفعة (في الدعوى الأولى) وأنه كان مستحيلاً عليها أن تطلب إيقاف دعوى الشفعة الثانية حتى تفصل محكمة النقض في الطعن في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في دعوى الشفعة الأولى لأن الحكم الاستئنافي نافذ رغم الطعن فيه بالنقض - وأنه يترتب على حكم محكمة النقض إبطال حكم محكمة الاستئناف وبطلان جميع آثاره واعتبار كل طرق التنفيذ التي حصلت بناء عليه كأنها لم تكن ومن ثم يكون تحديد جلسة للفصل في دعوى الشفعة الثانية إنما هو تنفيذ لحكم النقض تنفيذاً صحيحاً - قضت محكمة أول درجة برفض دعوى الطاعنة تأسيساً على أن عقد البيع سبب الشفعة يتضمن شرط خيار للبائعة والمشتري يجيز لأيهما فسخ العقد، وأن البائعة قد اختارت الفسخ ومن ثم لا يتولد عنه حق الشفعة، فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم وفي 6 من أكتوبر سنة 1948 أيدته محكمة الاستئناف تأسيساً على أن حكم محكمة النقض لم يتحدث عن دعوى الشفعة الثانية لأنها كانت غير ذات موضوع أمامها وأن الطاعنة تنازلت عن دعواها الثانية بعد أن أعلنت بتقرير الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي الصادر لمصلحتها في 14 من يونيه سنة 1945 في دعوى الشفعة الأولى وأن دعواها الأخيرة بالشفعة (الدعوى الثالثة) تعتبر بمثابة دعوى جديدة رفعت بعد الميعاد القانوني المنوه عنه في المادتين 14 و15 من قانون الشفعة - فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن المحكمة أخطأت في تطبيق القانون وشاب حكمها القصور من وجوه ثلاثة (الأول) أن محكمة الاستئناف بعد أن أوردت الأسباب التي ساقتها الطاعنة في تعييب حكم محكمة أول درجة قالت "(أنه أصبح من المتعين عليها البحث في موضوع التنازل عن دعوى الشفعة الثانية رقم 978 سنة 1944 الصادر في جلسة 10/ 12/ 1945 وأثره في الدعوى الحالية وأثر حكم محكمة النقض الصادر في 16 مايو سنة 1946 عليه فيلغيه ويعدم أثره من عدمه) إلا أنها عندما أرادت معالجة هذه الأمور شوهت الأساس الذي بنت عليه حكمها بأن اقتضيت مما قررته الطاعنة في شأن التنازل الجزء الجوهري الذي هو مقطع النزاع ذلك لأنها بعد أن أوردت تمسك الطاعنة بأنها كانت في حالة استحالة قانونية من السير في دعوى الشفعة الحالية بعد أن حكم لها نهائياً - وأن هذا الحكم هو الذي ألجأها إلى التقرير بالتنازل عن دعوى الشفعة الثانية وأن التنازل يزول بزوال سببه، أوردت نص عبارة التنازل التي قيلت بجلسة 10 من ديسمبر سنة 1945 على أنها (أنا متنازل عن طلب الشفعة وأطلب التأجيل لتعديل الطلبات إلى دعوى تعويض) فأسقطت بذلك عبارة (لأنه فصل في طلب الشفعة فأصبح لا محل لهذه الدعوى) وأن المحكمة إذ فعلت ذلك قد شاب حكمها قصور إذ لم يرد على ما أثارته الطاعنة من دفاع مداره تعرف كنه هذا التنازل وأثره وهل وقع تنفيذاً لحكم القانون ولقوة الحكم النهائي أم أنه حصل اختيارياً فلا يجوز التحلل منه و(الثاني) إذ اعتبرت حكم التنازل قائماً رغم انعدام سببه القانوني ذلك أن السبب القانوني لترك إجراءات التقاضي إنما كان صدور حكم محكمة استئناف مصر في 14 من يونيه سنة 1945 بتمليك الطاعنة العين المشفوع فيها والذي أعدم كنتيجة حتمية له عقد 12 من أغسطس سنة 1943 وأنه بصدور الحكم من محكمة النقض في 16 من مايو سنة 1946 بنقض ذلك الحكم ورفض الدعوى، وقد ترتب عليه إبطال مفعول سبب التنازل ويكون من حق الطاعنة اعتباره كأنه لم يكن واعتبار حكم النقض باعثاً في تاريخ صدوره الحياة لعقد 12 من أغسطس سنة 1943 فيتولد عنه من جديد حق الشفعة في ظرف الخمسة عشر يوماً التالية لصدوره وأن المحكمة إذ قضت في الدعوى على خلاف هذا النظر تكون قد خالفت القانون و(الثالث) يتحصل في أن المحكمة أخطأت في تطبيق المادة 31 من قانون إنشاء محكمة النقض إذ قررت أن تنازل الطاعنة عن الشفعة كان نتيجة تصرف قانوني إرادي مستقل عن الحكم النهائي الذي ألغته محكمة النقض مع أنه يترتب على حكم النقض إلغاء كافة الأحكام والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض ومنها الحكم الصادر بإثبات تنازل الطاعنة عن دعوى الشفعة الثانية.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول فهو مردود بأن محكمة الاستئناف إذ ناقشت أوجه دفاع الطاعنة التي جعلتها دعامة لطعنها في الحكم الابتدائي أوردت صيغة التنازل عن دعوى الشفعة الثانية كاملة بغير مسخ أو تشويه إذ قالت (أن الشفيعة عند تركها الدعوى رقم 978 سنة 1944 كلي طنطا بمقتضى التنازل الصادر بجلسة 10/ 12/ 1945 لم تقصد منه العدول عن طلب الشفعة بل حرصاً على حقها في الشفعة الذي ملكته بمقتضى الحكم الاستئنافي الصادر في دعوى الشفعة الأولى رقم 774 سنة 1943 كلي طنطا بتاريخ 14/ 6/ 1945 وخضوعاً لاستحالة الخصومة فيما قضى فيه تنفيذ الحكم نهائي صدر لمصلحتها وقد بين وكيل الشفيعة سببه طبقاً لما هو ثابت بالمحضر وهو الفصل في طلب الشفعة الأولى فأصبح أن لا محل لهذه الدعوى وقد صدر هذا التنازل مرتبطاً بسببه هذا وهو عدم وجود الدعوى لصدور حكم محكمة الاستئناف فيها فهو حينئذ امتناع عن المرافعة اضطراراً لا تنازلاً عن الحق بل تمسكاً به، ثم بعد أن أوردت المحكمة هذا الدفاع ردت عليه ببيان الفرق بين الباعث والسبب القصدي إلى أن قالت (وفي قضية الشفعة التي حصل فيها التنازل قد نزلت السيدة نعمات عن دعوى الشفعة وعن طلب الشفعة برضائها واختيارها التأمين وقررت هذا التنازل أمام المحكمة وأنها تطلب التأجيل لتعديل طلباتها إلى طلب تعويض فحكمت المحكمة بإثبات هذا التنازل ورفضت التأجيل وألزمتها بالمصاريف ولا شك في أن هذا التنازل كان سببه ترك الحق وترك الدعوى وهو سبب مشروع وقد أخذت به المحكمة ونفذته على صاحبته سواء أكان الباعث فيه هو ما ارتأته هي من أنه قد قضى لها في دعوى الشفعة الأولى بالحكم الاستئنافي أم غير وسواء أكانت أدخلت في حسابها احتمال كسب الطعن بطريق النقض أم لم تدخله وسواء أكانت مخطئة في تقديرها أم غير مخطئة ذلك لأن هذا الباعث لا يعتد به لخروجه من جهة عن حكم القانون ولأنه من جهة أخرى مشروع في ذاته لا يفسد التنازل أو يبطله). ولما كان هذا الذي قررته المحكمة لا مسخ فيه لدفاع الطاعنة ولا مخالفة فيه للقانون - لما كان ذلك - كان ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الخصوص في غير محله.
ومن حيث إنه عن الوجهين الآخرين فإن الحكم قال في خصوصهما (وحيث إنه يستفاد من كافة ظروف الدعوى أن هذا التنازل إنما انصب على ذات الحق في طلب الشفعة للأسباب الآتية (أولاً) طلبت السيدة نعمات بعريضة دعواها بالشفعة الثانية على أساس عقد 12/ 8/ 1943 الحكم بإيقاف نظرها حتى يفصل في الاستئناف المرفوع منها عن حكم محكمة طنطا الصادر في 21 مارس سنة 1944 في دعوى الشفعة الأولى ولكنها عدلت عن ذلك بعد صدور حكم محكمة استئناف مصر في 14/ 6/ 1945 الذي قضى بأحقيتها في أن تأخذ بالشفعة الأربعين فداناً على أساس عقد يناير سنة 1941 وتنازلت عن طلب الشفعة الجديدة على أساس عقد 12/ 8/ 1943 أي أنها تنازلت عن ذات الحق في هذه الشفعة وليس من المستساغ عقلاً أن تدعي أن هذا التنازل من قبيل ترك إجراءات الدعوى فقط ومؤقت على أن تعود إليها من جديد إذا لزم الحال على أساس ذات هذا العقد بل المستفاد من ذلك أن التنازل قد انصب على أصل الحق في طلب الشفعة وقد قبله الحاضر عن محمود بك الشريف وحكمت المحكمة بإثباته ومن ثم يكون هذا التنازل قد أضاع الحق نفسه فأصبح لا وجود له وبالتالي يمتنع رفع الدعوى به لأن الدعوى إنما هي الحق الذي يدعى به أمام القضاء وتبعاً لذلك تكون الدعوى الجديدة رقم 582 سنة 1946 كلي طنطا المرفوعة من السيدة نعمات مقطوعة الصلة بدعوى الشفعة رقم 978 سنة 1944 كلي طنطا - وظاهر أن السيدة نعمات كانت تقصد يوم التنازل عن الاستشفاع من محمود بك الشريف الهرب من نتائج إنذاره إليها المؤرخ 9 أكتوبر سنة 1945 حيث أنذرها بموافقته وقتئذ على حلولها محله في الصفقة المشتراة على أن تدفع له في ظرف أسبوع مبلغ الألف جنيه الذي دفعه من الثمن وعلى أن تحل محله في باقي شروط البيع بحيث إذا مضى هذا الأسبوع ولم تقم بالدفع والحلول محله في هذه الصفقة يسقط حقها في الأخذ بالشفعة فكان لزاماً عليها أن تختار بين أن تقبله وتدفع لمحمود بك الألف جنيه التي دفعها للسيدة عزيزة فتحسم بذلك مادة الشفعة بينهما، وبين أن تدفع حقوقه بخزانة المحكمة وتطلب وقف الفصل في دعوى الشفعة الثانية حتى تفصل محكمة النقض في الشفعة الأولى وبين أن تتنازل بغير قيد أو شرط عن دعوى الشفعة الثانية فاختارت هذا الطريق الأخير أملاً منها في أن يقضى لمصلحتها من محكمة النقض فتوفر لنفسها مبلغ تسعين جنيهاً عن كل فدان وقد سقط هذا الإنذار وسقط الغرض منه لأن السيدة نعمات لم تقبله ورفضت الحلول محله في الصفقة في الميعاد المحدد في هذا الإنذار) ثم قال (على فرض أن تنازل السيدة نعمات بجلسة 10 ديسمبر سنة 1945 لم ينصب على ذات الحق في طلب الشفعة وإنما وقع على التنازل عن الخصومة وهو ما عبر عنه القانون بطبعته العربية "ترك المرافعة" ومعناه تنازل المدعي عن الخصومة مع احتفاظه بأصل الحق الذي يدعيه فيها لكي يجدد المطالبة إذا شاء فإن حكم القانون فيه هو أن هذا النوع من التنازل يمحو الخصومة ويلغي كل إجراءات الدعوى بما فيها ورقة التكليف بالحضور ويزيل كل الآثار التي ترتبت على إقامتها من حفظ الطلب وقطع مدة التقادم وسقوط الحق في المواعيد المحددة قانوناً وبالجملة يعيد الخصوم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل رفع الدعوى) ثم قال (ويتفرع عن ذلك أن إعلان الدعوى رقم 978 سنة 1944 كلي طنطا بتاريخ 25 و30 يوليه سنة 1944 يعتبر كأنه لم يكن وتزول جميع آثاره وتبعاً لذلك تكون الدعوى الجديدة رقم 582 سنة 1946 كلي طنطا المعلنة في 23 و25 و26 مايو سنة 1946 قد رفعت بعد الميعاد المنصوص عنه في المادة 15 من قانون الشفعة إذ تقضي هذه المادة بوجوب رفع دعوى الشفعة على البائع والمشتري في ميعاد ثلاثين يوماً من تاريخ الإعلان المنصوص عنه في المادة 14 وإلا سقط الحق فيها وقد حصل الإعلان المنصوص عنه في المادة 14 بإظهار الرغبة في الشفعة بإنذار في 2 و5 يونيه سنة 1944 أي أنه قد مضى بينه وبين رفع الدعوى الحالية (الشفعة الثالثة) رقم 582 سنة 1946 كلي طنطا وهو 25 و26 مايو سنة 1946 زهاء السنتين) ثم قالت (ولما كان من آثار التنازل الصادر من السيدة نعمات عن طلب الشفعة بجلسة 10/ 12/ 1945 اعتبار الدعوى رقم 978 سنة 1944 كلي طنطا كأنها لم تكن ولم ترفع فإن الدعوى رقم 582 سنة 1946 كلي طنطا تعتبر بمثابة دعوى جديدة) ثم انتهى إلى القول (أما اعتذار السيدة نعمات في التنازل بحكم القانون فغير مقبول ذلك لأنها رسمت في صحيفة دعوى الشفعة الثانية الطريق القانوني الصحيح وهو اتخاذ إجراءات الشفعة عن البيع الجديد مع إيقاف الدعوى الجديدة إلى ما بعد الفصل في دعوى الشفعة القديمة) - ولما كانت هذه الأسباب من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم من اعتبار تنازل الطاعنة عن دعوى الشفعة الثانية منصباً على ذات الحق فيها وكان الحكم من ناحية أخرى قد ناقش ما افترضه من كون التنازل قد وقع على الخصومة لا على ذات الحق موضوعها فأنزل عليه حكم القانون وانتهى في منطق سليم إلى أنه مع قيام هذا الفرض يكون حق الطاعنة في الشفعة قد سقط - لما كان ذلك ما تعيبه الطاعنة عليه في هذا الوجه على غير أساس.
ومن حيث إنه عن الوجه الأخير فهو مردود كذلك بأن المحكمة قد أثبتت في حدود سلطتها الموضوعية وبأدلة شائعة أن تنازل الطاعنة كان تنازلاً اختيارياً ولم يكن نتيجة حتمية للحكم الصادر من محكمة الاستئناف بأحقيتها في دعوى الشفعة الأولى. ومن ثم لا يسري عليه حكم المادة 31 من المرسوم بقانون بإنشاء محكمة النقض سواء أكان الباعث عليه تفادي نتائج الإنذار الموجه إليها من المطعون عليه الأول أم صدور الحكم الاستئنافي لمصلحتها في دعوى الشفعة الأولى لأن هذا التنازل قد صدر منها وهي على علم بقيام الطعن بطريق النقض في الحكم المذكور واحتمال القضاء فيه على غير مصلحتها وأنها بالرغم من ذلك اختارت التنازل الصريح دون طلب إيقاف الفصل في دعوى الشفعة الثانية حتى يفصل في الطعن المذكور.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق