جلسة 31 من مايو سنة 1951
----------------
(141)
القضية رقم 20 سنة 19 القضائية
حكم؛ تسبيبه.
تعاقد الطاعنة مع المطعون عليه الأول على أن تتنازل له عن ملكية أطيان تملكتها بطريق الاسترداد من الشركة العقارية المصرية ومصلحة الأملاك الأميرية. اتفاق الطرفين على أنه إذا وافقت مصلحة الثروة العقارية على التنازل وتخلف أحدهما عن تنفيذه فإنه يستحق على المتخلف مبلغ معين كتعويض للطرف الآخر. دعوى من الطاعنة بطلب فسخ عقد التنازل تأسيساً على أن مصلحة الثروة العقارية لم توافق عليه وأنها أي الطاعنة قد عدلت عنه. دعوى فرعية من المطعون عليه الأول بطلب صحة ونفاذ العقد. حكم برفض الدعوى الأصلية وفي الدعوى الفرعية بصحة ونفاذ عقد التنازل. قصره حق العدول على المطعون عليه الأول دون الطاعنة وتقييده حق استعماله بحصول الموافقة من مصلحة الثروة العقارية في حين أن عبارة الشرط الذي تضمنه العقد صريحة في أن لكل من الطرفين على السواء حق العدول عن تنفيذ العقد حتى بعد موافقة مصلحة الثروة العقارية على التنازل. عدم إبداء الحكم أسباباً سائغة لخروجه عن ظاهر مدلول هذا الشرط. عدم بيانه النصوص الأخرى التي اعتمد عليها قضائه على غير ما يدل عليه ظاهر عبارة الشرط. قصور يستوجب نقضه.
(المادة 103 من قانون المرافعات - القديم).
الوقائع
في يوم 19 من فبراير سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 6 من أكتوبر سنة 1948 في الاستئنافات رقم 174 و297 و324 سنة 3 ق وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 21 و24 من فبراير سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن وفي 8 من مارس سنة 1949 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بتقرير الطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 22 منه أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي نفس التاريخ أودعت المطعون عليها الثانية مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 7 من إبريل سنة 1949 أودعت الطاعنة مذكرة بالرد وفي 19 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بملاحظاته على الرد. ولم تقدم المطعون عليها الثالثة دفاعاً. وفي 17 من ديسمبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومصادرة الكفالة. وفي 19 من إبريل سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامو الطاعنة والمطعون عليهما الأول والثانية والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة... إلخ.
المحكمة
من حيث إن واقعة الدعوى على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق التي كانت تحت نظر محكمة الموضوع تتحصل في أن الطاعنة أقامت دعواها أمام المحكمة الابتدائية وقالت في صحيفتها أنها تمتلك بطريق الاسترداد من الشركة العقارية المصرية ومصلحة الأملاك الأميرية وفقاً لقرارات مجلس الوزراء الصادرة في 25 من نوفمبر سنة 1931 و27 من نوفمبر سنة 1935 أربعين فداناً وأنها تسلمت هذه الأطيان من مصلحة صيانة الثروة العقارية ووضعت يدها بطريق تأجيرها للغير وفي 12 من أغسطس سنة 1943 تعاقدت مع المطعون عليه الأول على أن تتنازل له عن ملكية هذه الأطيان في نظير مبلغ معين وجاء بشروط هذا التعاقد أن هذا التنازل يجعل للمطعون عليه الأول الحق في أن يصدر إليه عقد البيع من الشركة العقارية رأساً وأنه إذا لم يتم التصديق على هذا التنازل من مصلحة الصيانة العقارية لأي سبب من الأسباب فتلتزم الطاعنة برد ما قبضه من أصل مقابل هذا التنازل فوراً مع احتساب فائدة بواقع 8% عن مدة التأخير وأنه إذا امتنع أحد المتعاقدين عن تنفيذ العقد بعد مصادقة مصلحة صيانة الثروة العقارية يكون ملزماً بدفع تعويض ميعن للطرف الآخر واتفق الطرفان على أنه حتى يتم التصديق من مصلحة صيانة الثروة العقارية على هذا التنازل يضع المطعون عليه الأول يده على الأطيان بعقد إيجار صوري بدون مقابل حرر في 12 من أغسطس سنة 1943 لمدة سنة واحدة تبدأ في أول نوفمبر سنة 1943 وتنتهي في 31 من أكتوبر سنة 1944 ويحدد لمدة أخرى وهكذا إلى أن يحرر بين مصلحة الأملاك الأميرية (مصلحة الصيانة العقارية) وبين المطعون عليه الأول عقد البيع وأسست دعواها على أن عقد التنازل المذكور معلق على شرط فاسخ هو رغبة أي الطرفين في التحلل منه وفقاً للبند الثامن منه مقابل دفع تعويض مقداره 1000 جنيه للطرف الآخر وأنها نظراً لعدم موافقة مصلحة الثروة العقارية على التنازل المذكور ولرغبتها في التحلل منه يعتبر هو وعقد الإيجار الصوري الذي تلاه مفسوخين وتطلب الحكم بهذا الفسخ وبإعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كاناً عليها قبل التعاقد وذلك بخصم ما في ذمتهما من مبالغ سواء في ذلك ما قبضه أو ما قد يستحقه المطعون عليه الأول من تعويض. فرفع المطعون عليه الأول دعوى فرعية قبل الطاعنة طلب فيها الحكم بصحة ونفاذ عقد التنازل موضوع الدعوى الأصلية وقد قضت محكمة أول درجة في أول إبريل سنة 1947 - في الدعوى الأصلية باعتبار الاتفاق المؤرخ في 12 من أغسطس سنة 1943 مفسوخاً وكأن لم يكن وكذلك عقد الإيجار المحرر بنفس التاريخ وندبت خبيراً لتصفية الحساب بين طرفي الخصومة ورفضت الدعوى الفرعية المقامة من المطعون عليه الأول مؤسسة قضاءها على أن عبارة المادة الثامنة من عقد التنازل تفيد أن المتعاقدين قصدا أن يكون لكل منهما حق فسخ العقد حتى بعد تصديق مصلحة صيانة الثروة العقارية إذا شاء وحددت حق كل منهما قبل الآخر في هذه الحالة بتعويض اتفقا على تقديره بمبلغ 1000 جنيه فاستأنف المطعون عليه الأول وطلب الحكم بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الفسخ كما استأنفته الطاعنة في خصوص قضائه بإلزامها بالتعويض وطلبت اعتبار اتفاق 12 من أغسطس سنة 1943 باطلاً بطلاناً أصلياً وبراءة ذمتها من مبلغ التعويض المقدر بالعقد فقضت محكمة الاستئناف في 6 من أكتوبر سنة 1948 بإلغاء الحكم المستأنف في الدعوى الأصلية وبرفض دعوى الطاعنة وفي الدعوى الفرعية بصحة ونفاذ العقد المؤرخ في 12 من أغسطس سنة 1943 الخاص ببيع الأربعين فداناً. فطعنت فيه السيدة عزيزة هانم أحمد الشريف بالنقض.
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض دعواها وبصحة ونفاذ العقد المبرم بينها وبين المطعون عليه الأول في 12 من أغسطس سنة 1943 أقام قضاءه على تفسير خاطئ وغير سائغ لشروط العدول الفاسخ الوارد بالبند الثامن من عقد الاتفاق، ذلك أنه مسخ هذا الشرط إذ أوله على أنه شرط جزائي لا يمنع من مطالبة المطعون عليه الأول بتنفيذ العقد في حين أن مدلوله الصريح هو إجازة التحلل من العقد لكلا طرفيه مقابل تعويض مالي حدداه مقدماً بمبلغ ألف جنيه وأن هذا العدول كما يجوز أن يحصل بعد موافقة مصلحة الأملاك الأميرية على التنازل الحاصل من الطاعنة إلى المطعون عليه الأول يجوز حصوله من باب أولى قبل ذلك وأن المحكمة فسرت الشرط المشار إليه على أنه إنما يجيز العدول للمطعون عليه الأول وحده بعد موافقة مصلحة الأملاك لم تبد لذلك أسباباً سائغة مما يعيب حكمها ويبطله.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن من ضمن ما تمسكت به الطاعنة في دعواها أن نص البند الثامن من العقد سالف الذكر يبيح لكل من الطرفين التحلل منه نظير دفع التعويض المتفق عليه فيه وأنها في طلبها فسخ هذا العقد إنما استندت إلى حق صريح خوله لها العقد المذكور فكان رد الحكم على هذا الوجه (وحيث إنه يتضح من مراجعة البند الثامن من عقد التنازل ومقارنته بباقي نصوص العقد أن نصه لا يقرر لكل من الطرفين حق العدول عن العقد إذا دفع التعويض وإنما هو نص شرطه ومقامه أمر واحد هو أن تقرر مصلحة الأملاك أن تصادق على هذا التنازل فيمتنع أحد الطرفين عن التنفيذ ومن المقرر أن العقود إذا وضعت فإنما توضع لتنفيذها وأن حق العدول هو استثناء لهذه القاعدة والاستثناء من شأنه أن يطبق في حدود النص حرفياً وفي دائرة الشرط الذي وضعه فالتوسع في تفسير هذا الشرط المقيد بواقعة خاصة على أنه يقرر حقاً أصلياً هو العدول عن العقد إنما هو تفسير غير مقبول يضاف إلى ذلك أن المتنازلة لن يتحقق إبدالها هذا الشرط بالنسبة لها لأن مصلحة الأملاك إذ قبلت هذا التنازل فهي تحرر عقد البيع منها إلى المتنازل إليه مباشرة وبدون حاجة إلى توقيع المتنازلة على هذا العقد وفقاً لنصوص العقد ذاته في فقرته الأولى إذ قرر فيها ما يأتي: - (وتصرح من الآن للشركة العقارية ومصلحة الأملاك في تحرير العقد رأساً إليه عن هذا المقدار - أي أن المقرر في العقد أن التصادق يقتضي تحرير عقد واحد لا يوقع عليه إلا المتنازل إليه وحده على أنه مهما كانت مقاصد المتعاقدين في وضع هذين الشرطين المتناقضين في أولاً ثم في ثامناً فمن المقرر قانوناً أنه إذا تعارض شرط الإعفاء مع شرط الحرمان فإن شرط الإعفاء هو الذي ينفذ أما شرط الحرمان فلا قيمة له ولا أثر. هذا إلى أن بقية نصوص العقد صريحة كلها في أنه عقد نهائي قد انعقد بين الاثنين بل وقد تنفذ فعلاً بحلول المشتري محل البائعة في سداد الأقساط المستحقة لمصلحة الأملاك).
ومن حيث إنه لما كان الشرط المشار إليه نصه كما هو وارد في البند الثامن من العقد سالف الذكر هو: (اتفق الطرفان على أنه عند تصادق مصلحة الثروة العقارية على هذا التنازل وامتنع أحد الطرفين عن تنفيذ هذا التنازل فيستحق على المتخلف تعويض للطرف الآخر قدره ألف جنيه مصري). وكانت عبارة هذا النص صريحة في أن لكل من الطرفين على السواء حق العدول عن تنفيذ العقد من بعد موافقة مصلحة الثروة العقارية على التنازل. وكان الحكم قد قصر حق العدول هذا على المطعون عليه الأول دون الطاعنة وقيد حق استعماله بحصول المصادقة من مصلحة الثروة العقارية دون أن يبدي أسباباً سائغة لخروجه عن ظاهر مدلول هذا النص ودون أن يبين النصوص الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه على غير ما تدل عليه ظاهر عبارة الشرط - لما كان ذلك - كان الحكم قاصراً قصوراً يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق