الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 7 يونيو 2025

الطعن 12153 لسنة 88 ق جلسة 14 / 11 / 2019 مكتب فني 70 ق 84 ص 785

جلسة 14 من نوفمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / عبد التواب أبو طالب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / رفعت طلبه وصفوت أحمد عبد المجيد نائبي رئيس المحكمة وأحمد الطويل وسامح عبد الغفار .
-----------------
(84)
الطعن رقم 12153 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعنين وإيراده على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
مثال .
(2) حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " .
عدم تحرير الحكم على نموذج مطبوع . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول .
(3) تجمهر . جريمة " أركانها " . اشتراك . مسئولية جنائية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
جريمة التجمهر وفقاً للمادتين الثانية والثالثة من القانون 10 لسنة 1914 . شروط قيامها ؟
مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم الواقعة تنفيذاً للغرض منه . ماهيته ؟
تدليل الحكم على توافر العناصر الجوهرية لقيام جريمة التجمهر وإيراد ما ينبئ عن ثبوتها في حق الطاعنين . كفايته .
ربط الحكم الجرائم الأخرى التي دان الطاعنين بها بالغرض الذي قام من أجله التجمهر واجتماع أفراده لتنفيذ مقتضاه ومحاسبتهم عليها باعتبارها من النتائج المحتملة من الاشتراك في تجمهر محظور . صحيح . شرط ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) اشتراك . اتفاق . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . فاعل أصلي . تجمهر . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الاشتراك بالاتفاق . يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه . النية أمر داخلي لا تقع تحت الحواس وليس لها علامات خارجية . للقاضي الجنائي الاستدلال عليه من أي دليل مباشر أو بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه أو من فعل لاحق للجريمة يشهد به . حد ذلك ؟
الاتفاق على ارتكاب الجريمة . مقتضاه ؟
تدليل الحكم بما يسوغ اتفاق الطاعنين على الجرائم التي دينوا بها . كفايته لاعتبارهم فاعلين أصليين فيها . أساس ذلك ؟
جريمة التجمهر . لا يشترط لتوافرها قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين . علة ذلك ؟
عدم بيان الحكم دور كل طاعن في ارتكاب الجرائم التي دين بها . لا يعيبه . حد ذلك ؟
(5) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " المصلحة في الطعن " . تجمهر . فاعل أصلي . اشتراك .
التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
نعي الطاعنين على الحكم بالتناقض رغم اعتناقه صورة واحدة للواقعة . غير مقبول .
انتفاء مصلحة الطاعنين في النعي على الحكم معاقبتهم باعتبارهم فاعلين أصليين في الجرائم التي دينوا بها وباعتبارهم شركاء في جريمة التجمهر . ما دامت العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي المقررة للشريك . المادة 41 عقوبات .
مثال .
(6) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
بيان الحكم مضمون الأسطوانات المدمجة ومؤداها واتخاذها دليلاً مؤيداً لأدلة الإثبات . إغفاله إيراد بعض تفاصيلها . لا يعيبه . مفاد ذلك : اطراحها .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
(7) تعطيل المواصلات . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمة تعطيل المواصلات البرية عمداً طبقاً للمادة 167 عقوبات . مناط تحققها ؟
وجوب ذكر الدليل على تعمد ارتكاب الفعل الذي تسبب عنه حصول تعطيل المواصلات وعن مدى التعطيل الذي نتج عن ذلك . التزام الحكم هذا النظر . كفايته .
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة تعطيل المواصلات عمداً .
(8) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . استعراض القوة .
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بانتفاء أركان جريمة استعراض القوة والتلويح بالعنف .
(9) نقض " المصلحة في الطعن " . تعطيل المواصلات . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " .
نعي الطاعنين بخصوص جرائم الاشتراك في تجمهر واستعراض القوة وإحراز أدوات تستخدم في الاعتداء على الأشخاص . غير مجد . ما دام الحكم أوقع عليهم عقوبة جريمة تعطيل سير وسائل النقل البرية باعتبارها الأشد .
(10) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
عدم التزام محكمة الموضوع بالأخذ بالأدلة المباشرة . حقها في استخلاص صورة الدعوى بطريق الاستقراء والاستنتاج وكافة الممكنات العقلية .
تقدير أقوال الشهود . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
للمحكمة الأخذ بأقوال الشاهد ولو سماعية . علة ذلك ؟
وجود خصومة بين الشاهد والمتهم . لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله . حد وعلة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة التي استنبطت منها المحكمة معتقدها . غير مقبول أمام محكمة النقض .
(11) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
ثبوت الجرائم التي دين بها الطاعنون . لا يشترط وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة . للمحكمة تكوين اعتقادها بالإدانة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها .
(12) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي . ترديدها لما أبلغ به شهود الإثبات وإتمامها في فترة وجيزة أو عدم الإفصاح عن مصدرها . لا يعيبها . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير مقبول أمام محكمة النقض .
(13) تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
التلبس . صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها .
تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . ما دام سائغاً .
المادة 37 إجراءات جنائية . مؤداها ؟
عدم استناد الحكم إلى دليل مستمد من القبض المدعى ببطلانه . النعي في ذلك الشأن . غير مقبول .
(14) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
من يقوم بإجراء باطل . لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟
تعويل الحكم على أقوال ضباط الشرطة . صحيح . متى كان لا بطلان فيما قاموا به .
(15) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي .
الجدل في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
النعي على المحكمة قضاءها بالإدانة على ما استبان لها من تفريغ الاسطوانات المدمجة . غير مقبول . ما دامت أنها استندت إليها كقرينة معززة لأدلة الثبوت ولم تتخذ منها دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام .
(16) إثبات " شهود " " خبرة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
إثارة الدفع بتناقض الدليلين القولي والفني لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة ذلك ؟
النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها . غير مقبول .
(17) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قضاء المحكمة على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين لا على الفرض والاحتمال . النعي في ذلك الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(18) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفوع " الدفع ببطلان الاستجواب " .
عدم التزام الحكم بالرد استقلالاً على الدفع ببطلان الاستجواب بمحضر جمع الاستدلالات . ما دام لم يستند إلى دليل مستمد منه .
(19) محكمة دستورية . قانون " تفسيره " . دفوع " الدفع بعدم الدستورية " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . أمر الإحالة .
اختصاص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح . أساس ذلك ؟
المادة 29 من القانون 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا . مفادها ؟
الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة . غير متعلق بالنظام العام . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . حد ذلك ؟
القصور في أمر الإحالة . لا يبطل المحاكمة ولا ينال من صحة إجراءاتها . إعادة الدعوى إلى مرحلة الإحالة بعد دخولها في حوزة محكمة الموضوع واتصالها بها . غير جائزة . علة ذلك ؟
(20) قضاة " صلاحيتهم " .
الانتقام والرغبة في الإدانة . مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي . تقدير الإدانة . متروك له .
(21) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن على الحكم بشأن جريمة لم يدنه بها . غير مقبول . علة ذلك ؟
(22) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
النعي على الحكم سبق قضاء المحكمة بهيئة سابقة ببراءة متهم آخر . غير مقبول . علة ذلك ؟
(23) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
عدم إيراد الحكم المستندات المؤيدة لدفاع الطاعنين أو الرد عليها . صحيح . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(24) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " .
تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها . موضوعي .
قضاء الحكم بعقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجرائم التي دان الطاعن بها . نعيه على المحكمة نكولها عن إعمال المادة 17 عقوبات . غير مقبول .
(25) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " " الدفع بشيوع التهمة " " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بكيدية الاتهام أو تلفيقه أو شيوعه أو انتفاء الصلة بالواقعة . موضوعي .
لا يستوجب رداً . استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله " .... تتحصل في أنه قبل ظهر يوم .... توجهت مسيرتان من طلاب جامعة .... وآخرين نحو .... بغير ترخيص الكائنة بطريق .... مع تقاطع شارع .... دائرة قسم .... المسيرة الأولى من فرع الجامعة .... والثانية من مقر الجامعة بشارع .... وقد تزامن وصولها معاً إلى .... ومن بينهم المتهمون جميعاً بقصد اقتحامها وإتلافها وتجمهروا حولها حيث كان عددهم حوالي ألف وخمسمائة شخص وكان بحوزتهم حجارة قاموا بإلقائها باتجاه .... وأفراد أمنها وقوات الشرطة والمارة بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى بهم وبعد أن قاموا بقطع طريق .... المؤدي إلى .... من الاتجاهين وكذا شارع .... المتقاطع معه بقصد تعطيل سير وسائل النقل البرية مما أدى فعلاً إلى شل الحركة المرورية بالطريقين لمدة ساعة تقريباً ورغم إنذار قيادات الشرطة الموجودة لتأمين .... لهم بفض التجمهر وفتح الطريق إلا أنهم لم يمتثلوا مما دعا قوات الشرطة لاستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم وفتح الطريق وتمكنت من ضبط المتهمين بواسطة أفراد من .... وبعض الأهالي ولاذ الباقي بالفرار " ، وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تفريغ النيابة العامة للاسطوانات الثلاث المقدمة إليها من إدارة مرور .... ومن المساعدات الفنية ومن .... ومما ثبت من مشاهدة المحكمة لتلك الاسطوانات ومن تقرير الأدلة الجنائية بشأن التعرف على بعض المتهمين من خلال صورهم ومطابقتها على الاسطوانات المدمجة . لما كان ذلك ، وكان يبين مما سطره الحكم - فيما تقدم - أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعنين وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة أوردها في بيان واف ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون .
2- لما كان الحكم لم يجر تدوينه على نموذج مطبوع ، فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يكون له محل .
3- لما كانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 في شأن التجمهر المعدل قد حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمس أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح والتأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستخدام القوة أو التهديد باستعمالها ، وأن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض ، ويلزم لقيام هذه الجريمة اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض ، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور ، وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور وقد وقعت جميعاً حال التجمهر ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بوضوح على توافر تلك العناصر الجوهرية السالف بيانها في حق الطاعنين ، وكان ما أورده في مجموعه ينبئ بجلاء على ثبوتها في حقهم ، وكانت دلالة ما استظهره الحكم في مدوناته كافياً في بيان أركان جريمة التجمهر على ما هي معرفة به في القانون ، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في شيء ، وإذا ما كانت الجرائم الأخرى التي دانهم الحكم بها قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة وحال التجمهر ولم يستقل بها أحد المتجمهرين لحسابه ، وكان وقوعها بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر ولم تقع تنفيذاً لقصد سواه ، ولم يكن الالتجاء إليها بعيداً عن المألوف الذي يصح أن يفترض معه أن غيره من المشتركين في التجمهر قد توقعوه بحيث تسوغ محاسبتهم عليه باعتباره من النتائج المحتملة من الاشتراك في تجمهر محظور عن إرادة وعلم بغرضه ، ومن ثم فإنه لا تثريب على الحكم إن هو ربط الجرائم التي دانهم بها بالغرض الذي قام من أجله هذا الحشد واجتمع أفراده متجمهرين لتنفيذ مقتضاه ، لما كان ذلك ، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون في التدليل على أركان جريمة التجمهر وما ارتبط بها من جرائم ، ويكون ما يثيره الطاعنون في هذا المنحى إنما ينحل إلى منازعة موضوعية في العناصر السائغة التي استخلصت منها المحكمة عقيدتها في الدعوى ويرتد في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة المقبولة التي أوردتها وفي مبلغ اطمئنانها إليها وهو ما لا يجوز مصادرة المحكمة في عقيدتها بشأنه ولا الخوض فيه أمام محكمة النقض .
4- من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، وإذ كان القاضي الجنائي حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء ، فإن له إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقدم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره ، كما له أن يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به ، كما أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ، ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم من بيان واقعة الدعوى – حسبما سلف – ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على الجرائم التي دينوا بها من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ، ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل منهم فاعلاً أصلياً في تلك الجرائم ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد ، هذا فضلاً أنه لا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين ، ذلك أن التجمع وإن كان بريئاً في بدئ تكوينه إلا أنه قد يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذي يهدفون إليه مع علمهم بذلك ، كما أنه من المقرر أنه لا يعيب الحكم عدم بيان دور كل طاعن في ارتكاب الجرائم التي دين بها الطاعنين ما دام قد أثبت الحكم أنهم وباقي المحكوم عليهم غيابياً قد اشتركوا وساهموا في ارتكابها وقد ارتكبت جميعها بقصد تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر وما دام الحكم قد أثبت علمهم بهذا الغرض – وهو الحال في الدعوى الراهنة – ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد .
5- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها ، وكان يبين من مدونات الحكم – وعلى نحو ما سلف – أن الحكم قد اعتنق صورة واحدة للواقعة قوامها أن الطاعنين قد اشتركوا في تجمهر يزيد عدده على ألف وخمسمائة شخص توجهوا في مسيرتين نحو .... الكائنة بطريق .... مع تقاطع شارع .... دائرة قسم .... من بينهم الطاعنين بقصد اقتحامها وإتلافها وكان بحوزتهم حجارة ألقوها تجاه .... وأفراد أمنها وقوات الشرطة والمارة بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى بهم بعد أن قاموا بقطع الطريق بقصد تعطيل سير وسائل النقل البرية مما أدى إلى شل الحركة المرورية بطريق .... وشارع .... المتقاطع معه بالطريقين لمدة ساعة تقريباً رغم الإنذارات الموجهة إليهم من الشرطة بفض التجمهر وفتح الطريق إلا أنهم لم يمتثلوا مما دعا قوات الشرطة لاستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم وفتح الطريق وتم ضبط المتهمين " الطاعنين " ولاذ الباقون بالفرار ، ثم ساق الحكم أدلة الثبوت التي استمدتها عقيدته دون تناقض ، فإن دعوى التناقض في التسبيب لا تكون مقبولة ، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم أنه عاقبهم باعتبارهم فاعلين أصليين في الجرائم التي دينوا بها وباعتبارهم شركاء في جريمة التجمهر ، ذلك أن العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي ذاتها المقررة للشريك طبقاً للمادة 41 من قانون العقوبات .
6- لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بين مضمون الاسطوانات المدمجة وذكر مؤداها بما يكشف عن وجه استشهاده بها واتخاذها دليلاً مؤيداً لأدلة الإثبات الأخرى التي أوردها ، وكان لا يعيبه أنه أغفل إيراد بعض تفاصيلها لأن مفاد ذلك أنه اطرحها ولم ير فيها ما يزعزع عقديته في الإدانة ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع القاضي واطمئنانه إلى ما انتهى إليه ، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى – بمدوناته – وأورد على ثبوتها في حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى ما رتبه عليها ، فإنه لا محل للنعي على الحكم عدم إشارته لبعض تفصيلات الاسطوانات المدمجة ، ويكون هذا الوجه من النعي غير سديد .
7- لما كان الحكم قد دلل على ثبوت جريمة تعطيل المواصلات البرية عمداً ورد على دفاعهم بانتفائها في حقهم بقوله " وحيث أن المتهمين وآخرين مجهولين قاموا بما سلف بيانه وهم واقفين عنوة باتجاه طريق .... وبشارع .... بقصد منع وسائل المواصلات العامة والخاصة من المرور وهو ما ثبت بأقوال شهود إثبات الواقعة وبعض الفيديوهات المصورة التي اطمأنت إليها المحكمة من الثلاث اسطوانات المدمجة سالفة البيان ومن ثم تتوافر أيضاً جريمة تعطيل سير وسائل النقل البرية عمداً " ، وكان ما أورده الحكم مما سلف يسوغ به الاستدلال على توافر قصد تعطيل سير المواصلات لدى الطاعنين ، ذلك أن القانون أوجب في الجريمة المعاقب عليها في المادة 167 عقوبات توافر أمرين تعطيل المواصلات بالفعل وكون هذا التعطيل نتيجة لتعمد المتهم ارتكاب الفعل الذي تسبب عنه حصوله ، وأوجب القانون على المحكمة إذ ما رأت إدانة المتهم في تلك الجريمة أن تذكر الدليل على تعمده ارتكاب الفعل الذي تسبب عنه حصول تعطيل المواصلات وأن تتحدث عن مدى التعطيل الذي ينتج عن ذلك ، وكان الحكم قد استظهر من أقوال شهود الإثبات الأول والثاني والرابع " ضباط الشرطة " أن الطاعنين تعمدوا تعطيل سير وسائل المواصلات بطريق .... من الاتجاهين وفي شارع .... المتقاطع معه بالتجمهر أمام .... قاطعين حركة السير بالطريق المار بيانه ولم يمتثلوا للإنذارات الموجهة إليهم بفض التجمهر ، فإن ما أورده الحكم يكون كافياً وسائغاً للدلالة على قيام جريمة تعطيل المواصلات عمداً التي دين بها الطاعنين بأركانها القانونية ، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله .
8- لما كان الحكم قد استظهر توافر جريمة استعراض القوة والتلويح بالعنف في حق الطاعنين ورد على دفاعهم بانتفائها في حقهم بقوله " فهي ثابتة في حقهم جميعاً ذلك أنهم كانوا يسيروا في مظاهرتين كبيرتين ومعهم آخرون مجهولون الأولى خرجت من فرع جامعة .... والثانية من مقر الجامعة بشارع .... ووجهة كل منهما ناحية .... ورغم أن المسافة تختلف من مكان خروج كل من المظاهرتين ووجهة وصولهما إلا أن المظاهرتين تزامن وصولهما معاً عند .... حسبما قرر شهود الإثبات وهو ما يؤكد أن المظاهرتين كانتا على اتصال بشأن ميعاد تحرك كل منهما ومتفقين على جهة الوصول حيث ما إن وصلت إلى .... وهم يهتفون بهتافات مشينة إلى .... والشرطة والقوات المسلحة حتى أخذوا جميعاً يلقون بالحجارة على .... وعلى أفراد الشرطة وأفراد أمن .... والمارة مما ترتب عليه تعريض حياة الأشخاص وسلامتهم وأموالهم للخطر وتكدير الأمن والسكينة العامة قاصدين من ذلك إلحاق الأذى المادي والمعنوي وإرهاب رجال أمن .... وأفراد الشرطة والمارة وفرض السطوة عليهم بالقوة لمنع الأولين عن أداء أعمالهم " ، وكان ما أورده الحكم – فيما سلف – كافياً وسائغاً في الرد على دفاع الطاعنين ويتحقق به أركان تلك الجريمة ، ويضحى منعاهم في هذا الشأن غير قويم .
9- لما كان لا جدوى للطاعنين فيما يثيرونه في خصوص جرائم الاشتراك في تجمهر واستعراض القوة وإحراز أدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص " حجارة " ما دام الحكم قد أعمل في حقهم المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليهم عقوبة واحدة هي العقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي جريمة تعطيل سير وسائل النقل البرية عمداً المؤثمة بالمادة 167 عقوبات والتي سلم الحكم من ثمة عيوب بشأنها .
10- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستقراء والاستنتاج وكافة الممكنات العقلية ، كما أن تقدير أقوال الشهود والظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود – على فرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، كما أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد ولو كانت سماعية ، ذلك أن الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه ، وكان الطاعنون لا يمارون في طعنهم أن الشهود يتمتعون بسائر الحواس الطبيعية ، فلا على الحكم إن هو أخذ بشهادتهم ، وأن وجود خصومة بين الشاهد والمتهم لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وأنها كانت على بينة من الظروف التي أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أورده ، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ولا يجادل الطاعنون في أن لها معينها الصحيح من الأوراق ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في الأدلة التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض .
11- لما كان لا يشترط لثبوت الجرائم التي دين الطاعنون بها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجرائم مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها ، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالعقوبة المقررة متى توافرت شروط توقيعها على مرتكب الفعل دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين رأيا الجريمة وقت ارتكابها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً .
12- لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه – بمدوناته – كافياً وسائغاً في الرد على دفاع الطاعنين بعدم جدية التحريات ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات يخضع لتقدير محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد اقتنعت بصحة الإجراءات التي قام بها الضابط مجري التحريات وجديتها وكفايتها في إثبات ارتكاب الطاعنين للوقائع المسندة إليهم ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً ، ولا ينال من ذلك أن تكون التحريات ترديداً لما أبلغ به شهود الإثبات لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، أو عدم الإفصاح عن مصدرها أو أنها تمت في فترة وجيزة فذلك كله يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض .
13- من المقرر قانوناً أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وكان توافر حالة التلبس أو عدم توافرها من الأمور الموضوعية البحتة التي يوكل تقديرها لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، كما أجازت المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية لآحاد الناس إمكان التعرض المادي للمتهم شرط أن تكون الجريمة متلبساً بها وأن تكون جناية أو جنحة مما يجوز فيها الحبس الاحتياطي – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعنون من عدم توافرها ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير مقترن بالصواب ، وفوق ذلك فإن الحكم لم يعول على ثمة دليل مستمد من القبض المدعى ببطلانه .
14- لما كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به شهود الإثبات من ضباط الشرطة من إجراءات بشأن الواقعة ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقوالهم ضمن ما عولت عليه في إدانة الطاعنين ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير قويم .
15- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة ، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير قسم الأدلة الجنائية بشأن فحص الاسطوانات المدمجة ، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض ، وفوق ذلك فإنه ولما كان البين من الحكم أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من تفريغ الاسطوانات المدمجة الثلاثة المقدمة في الدعوى وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ منها دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام قبل الطاعنين ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
16- من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من تقرير قسم الأدلة الجنائية ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد ، وفضلاً عن ذلك فإن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يثيروا شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ، ومن ثم فلا يسوغ إثارة هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي ولا يقبل منهم النعي على المحكمة إغفال الرد على دفاع لم يثر أمامها .
17- لما كان البين من مدونات الحكم أن محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد الاتهام إلى الطاعنين وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال - حسبما يذهب الطاعنون – فإن نعيهم على الحكم في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
18- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من استجواب الطاعنين بمحضر جمع الاستدلالات أو إقرارهم به ، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله .
19- لما كانت المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر به القانون رقم 48 لسنة 1979 قد اختصت هذه المحكمة دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح ، وكان النص في المادة 29 من هذا القانون على أن تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي (أ) .... (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم .... بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإن لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن ، مفاده أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفع أياً منهم بعدم دستورية أحكام المادة 375 مكرراً من قانون العقوبات ، فإن النعي على الحكم تطبيقه أحكامها على الدعوى – وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير مقبول ، وكان ما ينعاه المحكوم عليه السابع على أمر الإحالة بالبطلان لاشتماله على مواد غير دستورية فهو مردود بما هو مقرر من أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ، مما يكون معه النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول .
20- من المقرر أن حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليه كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، بل ترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن يبن عليه وجه الطعن .
21- لما كان لا مصلحة للطاعن " المحكوم عليه السابع " في النعي على الحكم بشأن جريمة إتلاف المنشآت العامة والخاصة وأنه لم يدلل على قيامها والتي لم يدنه الحكم بها ، إذ هو نعي غير متعلق بالحكم المطعون فيه ولا متصل به .
22- من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر ، فإن النعي على الحكم سابقة قضاء المحكمة بهيئة سابقة ببراءة متهم آخر لا يكون سديداً .
23- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فبحسب المحكمة إن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعنين للجرائم التي دينوا بها بما يحمل قضاءها وهو ما يفيد ضمناً أنها لم تأخذ بدفاعهم ، فإنه لا يعيب الحكم عدم إيراد المستندات المؤيدة لدفاعهم بأن تواجدهم بمكان الواقعة كان مشروعاً كونهم طلاب بجامعة .... أو الرد عليها ما دام لم يكن لذلك تأثير في عقيدة المحكمة والنتيجة التي انتهت إليها ولا على المحكمة إن هي أغفلتها ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
24- من المقرر أن تقدير العقوبة وتقدير موجبات الرأفة أو عدم قيامها من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته ، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالمحكوم عليه السابع تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجرائم التي دانه بها ، فإن النعي على الحكم في شأن نكول المحكمة عن إعمال أحكام المادة 17 من قانون العقوبات يكون في غير محله .
25- لما كان الدفع بكيدية الاتهام أو تلفيقه أو شيوعه أو انتفاء الصلة بالواقعة كل أولئك من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها – كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وفوق ذلك فإن ما أورده الحكم بمدوناته يعد سائغاً وكافياً في اطراحه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قد أقيم على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين : بأنهم حال كون المتهم الحادي والعشرين طفلاً جاوز الخامسة عشر من العمر ولم يتجاوز الثماني عشر عاماً : اشتركوا وآخرون مجهولون في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر وكان الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة والتأثير على رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم بالقوة والعنف حال حمل بعضهم لأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص " أحجار ، مفرقعات " ، وقد وقعت تنفيذاً للغرض المقصود من التجمهر الجرائم الآتية :-
1- استعرضوا وآخرون مجهولون القوة ولوحوا بالعنف ضد المواطنين والعاملين .... وكان ذلك بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم وفرض السطوة عليهم والإضرار بممتلكات .... وكان من شأن ذلك الفعل إلقاء الذعر في نفوس المجني عليهم وتكدير أمنهم وسكينتهم وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر حال حملهم أدوات " أحجار ، مفرقعات " مما تستعمل في الاعتداء على الأشخاص ، وقد اقترنت بالجريمة السابقة الجناية التالية حيث أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر عطلوا وآخرون مجهولون عمداً سير وسائل النقل البرية بأن افترشوا عنوة طريقي .... و.... بقصد منع حركة المرور بهما على النحو المبين بالتحقيقات .
2- حازوا وأحرزوا بالذات والواسطة مواد تعد في حكم المفرقعات " كلورات البوتاسيوم ، برادة الألومنيوم " قبل الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة وكان ذلك في أحد أماكن التجمعات بقصد استعمالها في نشاط يخل بالأمن العام على النحو المبين بالتحقيقات .
3- حازوا أدوات " حجارة " مما تستعمل في الاعتداء على الآخرين دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 102 (أ) ، 102 (ج)/1 ، 167 ، 375 مكرراً ، 375 مكرراً (أ)/4،1 من قانون العقوبات والمضافين بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 ، والمواد 1 ، 2 ، 3 ، 3 مكرراً/1 من القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1968 ، والمواد 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 26/6 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم (7) من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الداخلية رقم 2225 لسنة 2007 ، وبعد إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات في حق جميع المتهمين وكذلك المواد 95 ، 111/2،1 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 في حق المتهم الحادي والعشرين ، أولاً : بمعاقبة جميع المتهمين فيما عدا المتهمين الحادي والعشرين والرابع عشر بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وألزمتهم المصروفات الجنائية . ثانياً : بمعاقبة المتهم الحادي والعشرين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وغرامة عشرون ألف جنيه ووضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات عما هو منسوب إليه . ثالثاً : مصادرة جميع المضبوطات . رابعاً : براءة المتهم الرابع عشر مما هو منسوب إليه .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنهم برقم .... ، ومحكمة النقض قضت بجلسة .... أولاً : بعدم قبول الطعن شكلاً لكل من الطاعنين .... و.... . ثانياً : بقبول طعن باقي الطاعنين شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى لهم ولمن لم يقبل طعنه شكلاً .
ومحكمة الإعادة – جنايات .... – قضت عملاً بالمواد 167 ، 375 مكرراً ، 375 مكرراً (أ)/4،1 من قانون العقوبات والمضافتين بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 ، والمواد 1 ، 2 ، 3 ، 3 مكرراً/1 من القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1968 ، والمواد 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 26 /6 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم (7) من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 والبندين رقمي 69 ، 77 من قرار وزير الداخلية رقم 2225 لسنة 2007 ، والمادتين 95 ، 111/2،1 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل ، وبعد إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات ، أولاً : غيابياً بمعاقبة كلاً من 1- .... ، 2- .... ، 3- .... ، 4- .... بالسجن المشدد خمس سنوات وأمرت بوضع كل منهم تحت المراقبة لمدة خمس سنوات . ثانياً : غيابياً بمعاقبة الحدث / .... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وأمرت بوضعه تحت المراقبة مدة مساوية لمدة العقوبة . ثالثاً : حضورياً بمعاقبة كلاً من 1- .... ، 2- .... ، 3- .... ، 4- .... ، 5- .... ، 6- .... ، 7- .... ، 8- .... ، 9- .... ، 10- .... ، 11- .... ، 12- .... ، 13- .... ، 14- .... ، 15- .... بالسجن المشدد لمدة خمسة سنوات ووضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدة مساوية للعقوبة ، وذلك بعد أن استبعدت المحكمة تهمة حيازة وإحراز مواد تعد في حكم المفرقعات .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه من خلال مذكرات أسباب الطعن أنه إذ دانهم بجرائم الاشتراك مع آخرين مجهولين في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر بقصد ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة والتأثير بالقوة والعنف على رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم حال حمل بعضهم لأدوات تستخدم في الاعتداء " حجارة " وقد نجم عنه ارتكاب جرائم استعراض القوة والتلويح بالعنف ضد المواطنين بقصد ترويعهم وتكدير أمنهم وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر وتعطيل سير وسائل النقل البرية عمداً وحيازة أدوات "حجارة " مما تستعمل في الاعتداء على الاشخاص دون مسوغ قانوني قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحقهم في الدفاع ، ذلك أنه حرر على نموذج مطبوع لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأركان الجرائم التي دانهم بها ودور كل طاعن فيها على حدة ، واطرح أوجه دفاعهم بانتفاء أركان تلك الجرائم بما لا يصلح رداً ، وجاء قاصراً في التدليل على قيام الاتفاق فيما بينهم ، وجمع الحكم في قضائه بين المسئولية الشخصية إعمالاً للمادة 39 من قانون العقوبات والمسئولية التضامنية عملاً بحكم الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر واعتبرهم جميعاً فاعلين أصليين وشركاء في تلك الجرائم في آن واحد مع ما لذلك من أثر في المغايرة في شأن توافر القصد الجنائي والتدليل على قيامه لديهم ، وأن ما أورده في بيان مؤدى الدليل المستمد من الأسطوانات المدمجة " السي دي " غير واف ، واعتنق صورة للواقعة تخالف مادياتها الثابتة بالتحقيقات مبناها روايات ضابط الشرطة المتناقضة والذين هم في خصومة سياسية مع الطاعنين ، واتخذ من تحريات الشرطة سند لقضائه رغم الدفع بعدم جديتها وعدم مشروعيتها لبطلان إجراءات من قاموا بمباشرتها ودون أن تعزز بثمة أدلة أو قرائن أخرى واطرح منازعتهم في شأنها ، وكذا الدفع ببطلان القبض عليهم لانتفاء حالة التلبس بما لا يسوغه ، وعول الحكم في إدانتهم على أدلة ظنية غير يقينية لا تصلح سنداً لها وخاصة أن التحقيقات خلت من ثمة شاهد رؤية للحادث ، وأعملت المحكمة في حقهم المادة 375 مكرراً عقوبات رغم القضاء بعدم دستوريتها ، واستبد بالمحكمة هواها السياسي في إدانة كل من له شبهة الانتماء للإخوان المسلمين ، واطرح الحكم دفاعهم بعدم الاعتداد بالدليل الفني المستمد من الأسطوانات المدمجة وتقرير الأدلة الجنائية بما لا يسوغه ، ولم يفطن لتناقض ذلك الدليل مع روايات شهود الإثبات ، وكذا لم يرد على أوجه دفاعهم بكيدية الاتهام وتلفيقه بل وشيوعه وانتفاء صلتهم بثمة مضبوطات ، وأغفل الرد على دفاعهم المؤيد بالمستندات الدالة على نفي الاتهام عنهم ، كما قضى ببراءة أحد المتهمين رغم أن المراكز القانونية لهم جميعاً متساوية ، ويضيف الطاعن / .... " السادس " أن المحكمة لم تفطن إلى بطلان أمر الإحالة لاشتماله على مواد غير دستورية ، وإلى بطلان استجوابه لمخالفته للمواد 24 ، 36 ، 124 من قانون الإجراءات الجنائية ، ودانه الحكم بتهمه إتلاف المنشأت العامة والخاصة دون إيراد ثمة دليل على ثبوتها في حقه ، وأشاح عن دفاعه وباقي الطاعنين أن تواجدهم بمكان الحادث كان لسبب مشروع إذ جميعهم طلاب يدرسون بجامعة .... ، وأخيراً فقد نكلت المحكمة من إعمال حكم المادة 17 عقوبات في حقه ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعه الدعوى في قوله " .... تتحصل في أنه قبل ظهر يوم .... توجهت مسيرتان من طلاب جامعة .... وآخرين نحو .... بغير ترخيص الكائنة بطريق .... مع تقاطع شارع .... دائرة قسم .... المسيرة الأولى من فرع الجامعة .... والثانية من مقر الجامعة بشارع .... وقد تزامن وصولها معاً إلى .... ومن بينهم المتهمون جميعاً بقصد اقتحامها وإتلافها وتجمهروا حولها حيث كان عددهم حوالي ألف وخمسمائة شخص وكان بحوزتهم حجارة قاموا بإلقائها باتجاه .... وأفراد أمنها وقوات الشرطة والمارة بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى بهم وبعد أن قاموا بقطع طريق .... المؤدي إلى .... من الاتجاهين وكذا شارع .... المتقاطع معه بقصد تعطيل سير وسائل النقل البرية مما أدى فعلاً إلى شل الحركة المرورية بالطريقين لمدة ساعة تقريباً ورغم إنذار قيادات الشرطة الموجودة لتأمين .... لهم بفض التجمهر وفتح الطريق إلا أنهم لم يمتثلوا مما دعا قوات الشرطة لاستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم وفتح الطريق وتمكنت من ضبط المتهمين بواسطة أفراد من .... وبعض الأهالي ولاذ الباقي بالفرار " ، وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تفريغ النيابة العامة للاسطوانات الثلاث المقدمة إليها من إدارة مرور .... ومن المساعدات الفنية ومن .... ومما ثبت من مشاهدة المحكمة لتلك الاسطوانات ومن تقرير الأدلة الجنائية بشأن التعرف على بعض المتهمين من خلال صورهم ومطابقتها على الاسطوانات المدمجة . لما كان ذلك ، وكان يبين مما سطره الحكم - فيما تقدم - أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعنين وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة أوردها في بيان واف ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يجر تدوينه على نموذج مطبوع ، فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 في شأن التجمهر المعدل قد حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمس أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح والتأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستخدام القوة أو التهديد باستعمالها ، وأن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض ، ويلزم لقيام هذه الجريمة اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض ، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور ، وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور وقد وقعت جميعاً حال التجمهر ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بوضوح على توافر تلك العناصر الجوهرية السالف بيانها في حق الطاعنين ، وكان ما أورده في مجموعه ينبئ بجلاء على ثبوتها في حقهم ، وكانت دلالة ما استظهره الحكم في مدوناته كافياً في بيان أركان جريمة التجمهر على ما هي معرفة به في القانون ، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في شيء ، وإذا ما كانت الجرائم الأخرى التي دانهم الحكم بها قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة وحال التجمهر ولم يستقل بها أحد المتجمهرين لحسابه ، وكان وقوعها بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر ولم تقع تنفيذاً لقصد سواه ، ولم يكن الالتجاء إليها بعيداً عن المألوف الذي يصح أن يفترض معه أن غيره من المشتركين في التجمهر قد توقعوه بحيث تسوغ محاسبتهم عليه باعتباره من النتائج المحتملة من الاشتراك في تجمهر محظور عن إرادة وعلم بغرضه ، ومن ثم فإنه لا تثريب على الحكم إن هو ربط الجرائم التي دانهم بها بالغرض الذي قام من أجله هذا الحشد واجتمع أفراده متجمهرين لتنفيذ مقتضاه ، لما كان ذلك ، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون في التدليل على أركان جريمة التجمهر وما ارتبط بها من جرائم ، ويكون ما يثيره الطاعنون في هذا المنحى إنما ينحل إلى منازعة موضوعية في العناصر السائغة التي استخلصت منها المحكمة عقيدتها في الدعوى ويرتد في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة المقبولة التي أوردتها وفي مبلغ اطمئنانها إليها وهو ما لا يجوز مصادرة المحكمة في عقيدتها بشأنه ولا الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، وإذ كان القاضي الجنائي حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء ، فإن له إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقدم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره ، كما له أن يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به ، كما أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ، ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم من بيان واقعة الدعوى – حسبما سلف – ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على الجرائم التي دينوا بها من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ، ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل منهم فاعلاً أصلياً في تلك الجرائم ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد ، هذا فضلاً أنه لا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين ، ذلك أن التجمع وإن كان بريئاً في بدئ تكوينه إلا أنه قد يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذي يهدفون إليه مع علمهم بذلك ، كما أنه من المقرر أنه لا يعيب الحكم عدم بيان دور كل طاعن في ارتكاب الجرائم التي دين بها الطاعنين ما دام قد أثبت الحكم أنهم وباقي المحكوم عليهم غيابياً قد اشتركوا وساهموا في ارتكابها وقد ارتكبت جميعها بقصد تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر وما دام الحكم قد أثبت علمهم بهذا الغرض – وهو الحال في الدعوى الراهنة – ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها ، وكان يبين من مدونات الحكم – وعلى نحو ما سلف – أن الحكم قد اعتنق صورة واحدة للواقعة قوامها أن الطاعنين قد اشتركوا في تجمهر يزيد عدده على ألف وخمسمائة شخص توجهوا في مسيرتين نحو .... الكائنة بطريق .... مع تقاطع شارع .... دائرة قسم .... من بينهم الطاعنين بقصد اقتحامها وإتلافها وكان بحوزتهم حجارة ألقوها تجاه .... وأفراد أمنها وقوات الشرطة والمارة بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى بهم بعد أن قاموا بقطع الطريق بقصد تعطيل سير وسائل النقل البرية مما أدى إلى شل الحركة المرورية بطريق .... وشارع .... المتقاطع معه بالطريقين لمدة ساعة تقريباً رغم الإنذارات الموجهة إليهم من الشرطة بفض التجمهر وفتح الطريق إلا أنهم لم يمتثلوا مما دعا قوات الشرطة لاستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم وفتح الطريق وتم ضبط المتهمين " الطاعنين " ولاذ الباقون بالفرار ، ثم ساق الحكم أدلة الثبوت التي استمدتها عقيدته دون تناقض ، فإن دعوى التناقض في التسبيب لا تكون مقبولة ، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم أنه عاقبهم باعتبارهم فاعلين أصليين في الجرائم التي دينوا بها وباعتبارهم شركاء في جريمة التجمهر ، ذلك أن العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي ذاتها المقررة للشريك طبقاً للمادة 41 من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بين مضمون الاسطوانات المدمجة وذكر مؤداها بما يكشف عن وجه استشهاده بها واتخاذها دليلاً مؤيداً لأدلة الإثبات الأخرى التي أوردها ، وكان لا يعيبه أنه أغفل إيراد بعض تفاصيلها لأن مفاد ذلك أنه اطرحها ولم ير فيها ما يزعزع عقديته في الإدانة ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع القاضي واطمئنانه إلى ما انتهى إليه ، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى – بمدوناته – وأورد على ثبوتها في حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى ما رتبه عليها ، فإنه لا محل للنعي على الحكم عدم إشارته لبعض تفصيلات الاسطوانات المدمجة ، ويكون هذا الوجه من النعي غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد دلل على ثبوت جريمة تعطيل المواصلات البرية عمداً ورد على دفاعهم بانتفائها في حقهم بقوله " وحيث أن المتهمين وآخرين مجهولين قاموا بما سلف بيانه وهم واقفين عنوة باتجاه طريق .... وبشارع .... بقصد منع وسائل المواصلات العامة والخاصة من المرور وهو ما ثبت بأقوال شهود إثبات الواقعة وبعض الفيديوهات المصورة التي اطمأنت إليها المحكمة من الثلاث اسطوانات المدمجة سالفة البيان ومن ثم تتوافر أيضاً جريمة تعطيل سير وسائل النقل البرية عمداً " ، وكان ما أورده الحكم مما سلف يسوغ به الاستدلال على توافر قصد تعطيل سير المواصلات لدى الطاعنين ، ذلك أن القانون أوجب في الجريمة المعاقب عليها في المادة 167 عقوبات توافر أمرين تعطيل المواصلات بالفعل وكون هذا التعطيل نتيجة لتعمد المتهم ارتكاب الفعل الذي تسبب عنه حصوله ، وأوجب القانون على المحكمة إذ ما رأت إدانة المتهم في تلك الجريمة أن تذكر الدليل على تعمده ارتكاب الفعل الذي تسبب عنه حصول تعطيل المواصلات وأن تتحدث عن مدى التعطيل الذي ينتج عن ذلك ، وكان الحكم قد استظهر من أقوال شهود الإثبات الأول والثاني والرابع " ضباط الشرطة " أن الطاعنين تعمدوا تعطيل سير وسائل المواصلات بطريق .... من الاتجاهين وفي شارع .... المتقاطع معه بالتجمهر أمام .... قاطعين حركة السير بالطريق المار بيانه ولم يمتثلوا للإنذارات الموجهة إليهم بفض التجمهر ، فإن ما أورده الحكم يكون كافياً وسائغاً للدلالة على قيام جريمة تعطيل المواصلات عمداً التي دين بها الطاعنين بأركانها القانونية ، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استظهر توافر جريمة استعراض القوة والتلويح بالعنف في حق الطاعنين ورد على دفاعهم بانتفائها في حقهم بقوله " فهي ثابتة في حقهم جميعاً ذلك أنهم كانوا يسيروا في مظاهرتين كبيرتين ومعهم آخرون مجهولون الأولى خرجت من فرع جامعة .... والثانية من مقر الجامعة بشارع .... ووجهة كل منهما ناحية .... ورغم أن المسافة تختلف من مكان خروج كل من المظاهرتين ووجهة وصولهما إلا أن المظاهرتين تزامن وصولهما معاً عند .... حسبما قرر شهود الإثبات وهو ما يؤكد أن المظاهرتين كانتا على اتصال بشأن ميعاد تحرك كل منهما ومتفقين على جهة الوصول حيث ما إن وصلت إلى .... وهم يهتفون بهتافات مشينة إلى .... والشرطة والقوات المسلحة حتى أخذوا جميعاً يلقون بالحجارة على .... وعلى أفراد الشرطة وأفراد أمن .... والمارة مما ترتب عليه تعريض حياة الأشخاص وسلامتهم وأموالهم للخطر وتكدير الأمن والسكينة العامة قاصدين من ذلك إلحاق الأذى المادي والمعنوي وإرهاب رجال أمن .... وأفراد الشرطة والمارة وفرض السطوة عليهم بالقوة لمنع الأولين عن أداء أعمالهم " ، وكان ما أورده الحكم – فيما سلف – كافياً وسائغاً في الرد على دفاع الطاعنين ويتحقق به أركان تلك الجريمة ، ويضحى منعاهم في هذا الشأن غير قويم ، وفوق ذلك فإنه لا جدوى للطاعنين فيما يثيرونه في خصوص جرائم الاشتراك في تجمهر واستعراض القوة وإحراز أدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص " حجارة " ما دام الحكم قد أعمل في حقهم المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليهم عقوبة واحدة هي العقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي جريمة تعطيل سير وسائل النقل البرية عمداً المؤثمة بالمادة 167 عقوبات والتي سلم الحكم من ثمة عيوب بشأنها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستقراء والاستنتاج وكافة الممكنات العقلية ، كما أن تقدير أقوال الشهود والظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود – على فرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، كما أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد ولو كانت سماعية ، ذلك أن الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه ، وكان الطاعنون لا يمارون في طعنهم أن الشهود يتمتعون بسائر الحواس الطبيعية ، فلا على الحكم إن هو أخذ بشهادتهم ، وأن وجود خصومة بين الشاهد والمتهم لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وأنها كانت على بينة من الظروف التي أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أورده ، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ولا يجادل الطاعنون في أن لها معينها الصحيح من الأوراق ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في الأدلة التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا يشترط لثبوت الجرائم التي دين الطاعنون بها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجرائم مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها ، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالعقوبة المقررة متى توافرت شروط توقيعها على مرتكب الفعل دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين رأيا الجريمة وقت ارتكابها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه – بمدوناته – كافياً وسائغاً في الرد على دفاع الطاعنين بعدم جدية التحريات ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات يخضع لتقدير محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد اقتنعت بصحة الإجراءات التي قام بها الضابط مجري التحريات وجديتها وكفايتها في إثبات ارتكاب الطاعنين للوقائع المسندة إليهم ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً ، ولا ينال من ذلك أن تكون التحريات ترديداً لما أبلغ به شهود الإثبات لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، أو عدم الإفصاح عن مصدرها أو أنها تمت في فترة وجيزة فذلك كله يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانوناً أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وكان توافر حالة التلبس أو عدم توافرها من الأمور الموضوعية البحتة التي يوكل تقديرها لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، كما أجازت المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية لآحاد الناس إمكان التعرض المادي للمتهم شرط أن تكون الجريمة متلبساً بها وأن تكون جناية أو جنحة مما يجوز فيها الحبس الاحتياطي – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعنون من عدم توافرها ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير مقترن بالصواب ، وفوق ذلك فإن الحكم لم يعول على ثمة دليل مستمد من القبض المدعى ببطلانه . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به شهود الإثبات من ضباط الشرطة من إجراءات بشأن الواقعة ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقوالهم ضمن ما عولت عليه في إدانة الطاعنين ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة ، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير قسم الأدلة الجنائية بشأن فحص الاسطوانات المدمجة ، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض ، وفوق ذلك فإنه ولما كان البين من الحكم أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من تفريغ الاسطوانات المدمجة الثلاثة المقدمة في الدعوى وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ منها دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام قبل الطاعنين ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من تقرير قسم الأدلة الجنائية ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد ، وفضلاً عن ذلك فإن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يثيروا شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ، ومن ثم فلا يسوغ إثارة هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي ولا يقبل منهم النعي على المحكمة إغفال الرد على دفاع لم يثر أمامها . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم أن محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد الاتهام إلى الطاعنين وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال - حسبما يذهب الطاعنون – فإن نعيهم على الحكم في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من استجواب الطاعنين بمحضر جمع الاستدلالات أو إقرارهم به ، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر به القانون رقم 48 لسنة 1979 قد اختصت هذه المحكمة دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح ، وكان النص في المادة 29 من هذا القانون على أن تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي (أ) .... (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم .... بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإن لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن ، مفاده أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفع أياً منهم بعدم دستورية أحكام المادة 375 مكرراً من قانون العقوبات ، فإن النعي على الحكم تطبيقه أحكامها على الدعوى – وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير مقبول ، وكان ما ينعاه المحكوم عليه السابع على أمر الإحالة بالبطلان لاشتماله على مواد غير دستورية فهو مردود بما هو مقرر من أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ، مما يكون معه النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليه كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، بل ترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن يبن عليه وجه الطعن ، وكان لا مصلحة للطاعن " المحكوم عليه السابع " في النعي على الحكم بشأن جريمة إتلاف المنشآت العامة والخاصة وأنه لم يدلل على قيامها والتي لم يدنه الحكم بها ، إذ هو نعي غير متعلق بالحكم المطعون فيه ولا متصل به . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر ، فإن النعي على الحكم سابقة قضاء المحكمة بهيئة سابقة ببراءة متهم آخر لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فبحسب المحكمة إن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعنين للجرائم التي دينوا بها بما يحمل قضاءها وهو ما يفيد ضمناً أنها لم تأخذ بدفاعهم ، فإنه لا يعيب الحكم عدم إيراد المستندات المؤيدة لدفاعهم بأن تواجدهم بمكان الواقعة كان مشروعاً كونهم طلاب بجامعة .... أو الرد عليها ما دام لم يكن لذلك تأثير في عقيدة المحكمة والنتيجة التي انتهت إليها ولا على المحكمة إن هي أغفلتها ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة وتقدير موجبات الرأفة أو عدم قيامها من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته ، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالمحكوم عليه السابع تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجرائم التي دانه بها ، فإن النعي على الحكم في شأن نكول المحكمة عن إعمال أحكام المادة 17 من قانون العقوبات يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الدفع بكيدية الاتهام أو تلفيقه أو شيوعه أو انتفاء الصلة بالواقعة كل أولئك من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها – كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وفوق ذلك فإن ما أورده الحكم بمدوناته يعد سائغاً وكافياً في اطراحه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قد أقيم على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق