الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 1 أبريل 2020

الطعن 958 لسنة 46 ق جلسة 9 / 5 / 1977 مكتب فني 28 ق 120 ص 569


جلسة 9 من مايو سنة 1977
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وإسماعيل محمود حفيظ، والسيد محمد مصري شرعان، ومحمد عبد الحميد صادق.
--------------
(120)
الطعن رقم 958 لسنة 46 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطنها في تقدير الدليل". إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات. "بوجه عام". "قرائن".
حق القاضي في تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها. ما لم يقيده القانون بدليل معين.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "شهود". استيلاء على مال إحدى الشركات المملوكة للدولة. 
جناية تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الشركات أو الإضرار العمدي بمصالحها أو التزوير في محرراتها. ليس لها طريق خاص للإثبات.
تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع.
(3) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات. "بوجه عام".
لا يعيب الحكم التفاته عن دفاع المتهم الموضوعي. حسبه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه.
 (4)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". "إجراءات المحاكمة" إثبات. "بوجه عام".
حق المحكمة في الإعراض عن تحقيق دفاع الطاعن ما دامت الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى قد وضحت لديها.
(5) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي
(6) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام"
عدم تقيد المحكمة بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر فقط. حقها في الركون في سبيل تكوين عقيدتها إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المطروحة.
 (7)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية.
(8) إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناقضة الصورة الصحيحة التي ارتسمت في وجدان القاضي. مستمداً إياها مما له معينه من الأوراق. غير مقبولة.
 (9)إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات. "بوجه عام". "شهود". 
وجوب طرح كافه المستندات وأدلة الثبوت على بساط البحث بالجلسة. أساس ذلك.

--------------
1 - من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
2 - لما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الشركة أو الإضرار العمدي بمصالحها أو التزوير في محرراتها طريقاً خاصاً، وكان الحكم المطعون فيه عول على أقوال شهود الإثبات وما خلص إليه تقرير لجنه الفحص وما ثبت للمحكمة من اطلاعها على مستندات الصرف في ثبوت الاتهام وإدانة الطاعنين، وكان من المقرر أن تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع فلا يعيبه الالتفات عن أي دفاع موضوعي.
3 - لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على ما أثاره الطاعنان من أوجه دفاع موضوعية وحبسه أنه أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجرائم المسندة إليهما ولا عليه إن هو لم يتعقب المتهم في كل جزئية من جزيئات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
4 - لما كانت الواقعة قد وضحت للمحكمة مما ساقته من أدلة وقرائن وخلصت إلى صورتها الصحيحة التي ارتسمت في وجدانها من جماع الأدلة المطروحة أمامها على بساط البحث والتي لها أصل في الأوراق، فإنه لا تثريب عليها إن هي أعرضت عن دفاع الطاعنين بمعاينة السيارات أو ضم مستندات أخرى بعد أن توصلت إلى حقيقة الأمر في الدعوى مما لا يدعو إلى مزيد من التحقيق. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن دعوى القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.
5 - وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشهود دل ذلك على إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - قول الدفاع بوهمية الإصلاحات مردود بأن المحكمة غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر بل لها أن تركن في سبيل عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المطروحة عليها.
7 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال قناعة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
8 - لما كان الطاعنان لا يماريان في أن ما حصله الحكم من أقوال الشهود له معينه من الأوراق فلا يعدو الطعن بدعوى الخطأ في الإسناد أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض.
9 - لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة بجلسة 11/ 3/ 1970 عرضت على الشاهد الأوراق المودعة بالقضية وطلبت منه الإرشاد عن الفواتير ومدى اتصالها بالمتهمين وذلك في حضور الطاعنين والمدافع عنهما. كما عرضت عليه إحدى الفواتير لإبداء ملحوظاته عليها، الأمر الذي يفيد أن الفواتير المزورة كانت على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم ليبدي كل منهم رأيه فيها ويطمئن إلى أنها هي التي دارت مرافعته عليها، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم خلال الفترة من يناير سنة 1965 حتى يونيه سنة 1965 المتهمون الأول والثاني والثالث (أولاً) بصفتهم موظفين عموميين الأول رئيس ورشة فرع الزقازيق بشركة النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا التابعة للقطاع العام والثاني المدير المالي لها والثالث رئيس قسم المراجعة والميزانية المالية بها – سهلوا للمتهم الرابع الاستيلاء بغير حق على مبلغ 500 م 2494 جنيهاً من مال الشركة المذكورة بأن قاموا باعتماد فواتير غير صحيحة قدمها المتهم الرابع والتي تفيد القيام بعمليات إصلاح وهمية والتأشير عليها بما يفيد مراجعتها وصلاحيتها للصرف وبذلك مكنوا للمتهم الرابع من صرف قيمتها. (ثانياً) بصفتهم السابقة أحدثوا عمداً إضراراً بأموال ومصالح شركة النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا التي يعملون بها بأن تسببوا بالطرق السابقة قى ضياع أموالها. المتهمان الأول والثاني أيضاً بصفتهما السابقة البيان سهلا للمتهم الرابع الاستيلاء كذلك بغير حق على مبلغ 3113 جنيهاً من مال الشركة المذكورة بأن قام باعتماد فواتير غير صحيحة قدمها المتهم الرابع بقصد إثبات عمليات إصلاح وهمية وأشر عليها بما يفيد الاعتماد والصلاحية للصرف فمكناه بذلك من صرف هذا المبلغ. المتهم الرابع (أولاً) اشترك مع المتهمين الثلاثة الأول بطريق الإنفاق في ارتكاب الجريمتين سالفتي الذكر بأن اتفق معهم على تقديم فواتير غير صحيحة تفيد قيامه بإجراء إصلاحات وهمية لصرف قيمتها إليه وذلك بأن اصطنع هذه الفواتير تنفيذاً لهذا الاتفاق وقدمها لهم فأشروا عليها بما يفيد الاعتماد والصلاحية للصرف فكان أن تمت هاتين الجريمتين بناء على ذلك الاتفاق. (ثانياً) ارتكب تزويراً في محررات شركة النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا التابعة للقطاع العام بأن اصطنع الفواتير أرقام 8024 و8025 و8028 و8031 و8030 و8017 و8270 و8017 و8317 و8368 و8365 و8373 و8376 و8378 و8381 و8384 و8387 وأثبت فيها على خلاف الحقيقة قيامه بإجراء إصلاحات وهمية لبعض معدات الشركة بغية الحصول على قيمة هذه الإصلاحات بغير وجه حق. (ثالثاً) استعمل المحررات المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها بأن حولها لهؤلاء الموظفين لاتخاذ اللازم نحو اعتمادها وصرفها إليه. المتهم الثاني أيضاً: اشترك بطريق المساعدة مع موظف حسن النية هو....... الموظف بالإدارة المالية بالشركة في ارتكاب تزوير في محررات الشركة هي أوامر الإصلاح المبينة بالأوراق بأن قدمها له وطلب منه تحرير أوامر الإصلاح المذكورة من واقع الفواتير المزورة سالفة الذكر فكان أن تمت الجريمة بناء على هذه المساعدة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام فصدر قراره بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت في الدعوى حضورياً (أولاً) بمعاقبة كل من....... (الطاعن الأول)....... و........ و.......... (الطاعن الثاني) بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات.(ثانياً) بعزل المتهمين الثلاثة الأول من وظائفهم. (ثالثاً) بإلزامهم جميعاً برد مبلغ 2994 ج و500 م وتغريمهم مثله. (رابعاً) بإلزام الأول والثاني والرابع برد مبلغ 3113 وتغريمهم مثله. (خامساً) باعتبار المدعين بالحق المدني تاركين لدعواهم وإلزامهم المصاريف. فطعن المحكوم عليهما الأول والرابع في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين الطاعن الأول – مع آخرين – بجرائم تسهيل الاستيلاء بغير وجه حق على مال لإحدى شركات القطاع العام والإضرار عمداً بمصالحها والطاعن الثاني بالاشتراك في ذلك وتزوير محررات الشركة واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والبطلان في الإجراءات، ذلك بأن المدافع عن الطاعنين تمسك بأن الإصلاحات التي تضمنتها الفواتير هي إصلاحات حقيقية تمت بالفعل بسيارات الشركة وكانت في حاجة إليها بحكم قدمها واستهلاكها وطلب معاينتها بمعرفة الخبراء الفنيين للوقوف على حقيقتها غير أن المحكمة أعرضت عن هذا الدفاع ولم تعن بتحقيقه رغم جوهريته. كما التفتت عن طلبه استكمال مستندات الدعوى الناقصة والتي كانت مجال تحقيقات سابقة من جهات الرقابة انتهت إلى عدم صحة ما نسب إلى الطاعنين. كما استدل الحكم على وهمية الإصلاحات الموضحة بالفواتير موضوع الدعوى بما قرره شهود الإثبات وما أثبته تقرير لجنة الفحص من مخالفتها للإجراءات والأصول المقررة باللوائح والكتب الدورية للشركة في حين أن دفاع الطاعنين قد انصبت على أنه لم تكن هناك لائحة منظمة لقواعد العمل في غضون الواقعة بل صدرت لائحة لاحقة عليها في سنة 1970، وأن بعض شهود الإثبات شهدوا بعدم وجود تعليمات أو لائحة تحكم قواعد الإصلاح ولم يجزموا بوهمية الإصلاحات وبالرغم من ذلك تساند الحكم إلى أقوالهم. كما خلت محاضر جلسات المحاكم مما يفيد فحص مستندات الدعوى في حضرة المتهمين أو المدافعين عنهم، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين في مدوناته ما تكفى لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما بيتها المحكمة وبما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير لجنة الفحص في شأن ما أسفر عنه فحص مستندات الصرف وفحص دفتر بوابة فرع القاهرة وما ثبت للمحكمة من الاطلاع على الفواتير موضوع التحقيق ومستندات صرفها وما ورد بتعليمات رئيس مجلس إدارة الشركة بتاريخ 17 مارس سنة 1963 في شأن الإصلاحات الخارجية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه. لما كان ذلك، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الشركة أو الإضرار العمدي بمصالحها أو التزوير في محرراتها طريقاً خاصاً، وكان الحكم المطعون فيه عول على أقوال شهود الإثبات وما خلص إليه تقرير لجنة الفحص وما ثبت للمحكمة من اطلاعها على مستندات الصرف من ثبوت الاتهام وإدانة الطاعنين، وكان من المقرر أن تقدر أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على ما أثاره الطاعنان من أوجه دفاع موضوعية وحسبه أنه أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما أستخلصه من وقوع الجرائم المسندة إليهما ولا عليه إن هو لم يتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت من واقع تقرير لجنة فحص المستندات وأقوال....... رئيس اللجنة أن حجم عمليات الإصلاح الخارجية التي تم صرفها من خزينة الإدارة العامة خلال الفترة من يناير سنة 1962 إلى آخر يونيه سنة 1965 قد انفرد بها الطاعن الثاني وبلغت قيمة المبالغ المنصرفة عن هذه العمليات 23137 ج و300 م وبلغ عدد أذون الصرف الخاصة بهذه العمليات 59 إذناً لم يعثر منها إلا على اثنى عشر إذناً مجموع قيمتها 5607 ج و500 م قدم منها ثلاثة وعشرين فاتورة وهى المتعلقة بالفترة من يناير إلى يونيه سنة 1965 والتي دار في شأنها تحقيق النيابة، وأنه تبين من فحص أذون الصرف سالفة الذكر والمستندات المرفقة بها أن عمليات الإصلاح تكاد تكون متشابهة وبأعداد ضخمة متقاربة وأنه لم يتخذ بشأنها الإجراءات السليمة التي تتطلبها مثل تلك العمليات لعدم وجود مقايسة من المهندس المختص بتحديد الأصناف المطلوب عمل إصلاحات لها والقيمة التقديرية للإصلاحات التي تتطلبها وعدم إيضاح رأى الورش الفنية التابعة للشركة في شأن إمكانية قيامها بالإصلاح المطلوب وعدم إجراء مناقصة أو ممارسة لمثل تلك العمليات وعدم وجود إجراءات مخزنية تفيد خروج الأدوات المستعملة من مخزن الاستبدال أو إعادتها إليه بعد عمليات الإصلاح وعدم وجود محضر لجنة الفحص بتقرير حاله القطع المستصلحة وأن الطاعن الأول لم يقم باستيفاء الإجراءات الضرورية سالفة الذكر وبالنسبة للفواتير موضوع التحقيق وأنه نظراً لوهميتها فقد أشر على أوامر إصلاحها بإرسالها للإدارة العامة للصرف حتى يظل أمر وهمية ما بها من إصلاحات خافياً على فرع القاهرة المختص بالصرف في حين أنه كان يلتزم التعليمات والإجراءات السليمة فيما يختص بالفواتير المنصرفة من خزينة الفرع قد ثبت من فحص دفاتر مخزن القاهرة ودفتر البوابة أن شيئاً مما دون بالفواتير موضوع التحقيق قد قيد بأن الدفترين بالرغم من إثبات فواتير أخرى مقدمة من الطاعن الثاني عن إصلاحات حقيقية أجراها لحساب فرع القاهرة ووجدت مقيدة بدفتر البوابة وبدفتر المخزن حال إرسالها وحال إعادتها. لما كان ذلك، وكانت الواقعة قد وضحت للمحكمة مما ساقته من أدلة وقرائن وخلصت إلى صورتها الصحيحة التي ارتسمت في وجدانها من جماع الأدلة المطروحة أمامها على بساط البحث والتي لها أصل في الأوراق، فإنه لا تترتب عليها إن هي أعرضت عن دفاع الطاعنين بمعاينة السيارات أو ضم مستندات أخرى بعد أن توصلت إلى حقيقة الأمر في الدعوى مما لا يدعو إلى مزيد من التحقيق. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن دعوى القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشهود دل ذلك على إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان في شأن تعويل الحكم على أقوال الشهود لا يكون له محل. أما من دفاعهما بأن بعض الشهود لم تجزم بوهمية الإصلاحات فمردود بأن المحكمة غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهرة بل لها أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المطروحة عليها، وأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال قناعة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، ولما كانت الأدلة التي حمل عليها الحكم قضاءه بإدانة الطاعنين سائغة ومقبولة لترتيب استخلاصه لواقعة الدعوى وهى منتجة فيما أسند إليهما من جرائم فإن نعيهما على الحكم بقالة الفساد في الاستدلال يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الطاعنان لا يماريان في أن ما حصله الحكم من أقوال الشهود له معينه من الأوراق فلا يعدو الطعن بدعوى الخطأ في الإسناد أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أنه بجلسة 11 مارس 1975 عرضت المحكمة على الشاهد....... الأوراق المودعة بالقضية وطلبت منه الإرشاد عن الفواتير ومدى اتصالها بالمتهمين وذلك في حضور الطاعنين والمدافع عنهما. كما عرضت عليه إحدى الفواتير لإبداء ملحوظاته عليها، الأمر الذي يفيد أن الفواتير المزورة كانت على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم ليبدي كل منهم رأيه فيها ويطمئن إلى أنها هي التي دارت مرافعته عليها. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 120 لسنة 46 ق جلسة 15 / 5 / 1977 مكتب فني 28 ق 126 ص 596

جلسة 15 من مايو سنة 1977
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، وأحمد علي موسى، ومحمد فاروق راتب.
-----------------
(126)
الطعن رقم 120 لسنة 46 القضائية
 (1)دفوع. "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه". اعتراف. بطلان. "بطلان الاعتراف". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات. "اعتراف".
الدفع بحصول الاعتراف. نتيجة إكراه أو تهديد. لا يقبل لأول مرة أمام النقض. قول الدفاع بأن ما أدلى به المتهم كان بإيعاز من الضابط. لا يعد دفعاً ببطلان الاعتراف للإكراه.
(2) إثبات. "شهادة " حكم. "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". 
حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال شاهد. ولو خالفت قولاً آخر له. دون بيان العلة.
(3) ضرب. "ضرب أفضى إلى الموت". جريمة. "أركانها". رابطة السببية. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير رابطة السببية".
تقدير توافر أو انتفاء رابطة السببية. بين الإصابات والوفاة. في جريمة الضرب المفضي إلى الموت. موضوعي. مادام سائغاً.
 (4)نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب. "استعمال حق مقرر بمقتضى القانون". حق التأديب. ضرب. "ضرب أفضى إلى الموت".
دفاع المتهم بأنه متولي أمر المجني عليهما. موضوعي. لا يقبل لأول مرة أمام النقض.
 (1)مدى حق التأديب المباح.
--------------
1 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أحداً من الطاعن أو المدافع عنه أو والدة المجني عليها لم يثر شيئاً بصدد انتزاع اعتراف الطاعن بطريق الإكراه أو صدور أقوال والدة المجني عليها تحت وطأه التهديد، وإنما قصارى ما أثبت بالمحضر وأطرحه الحكم المطعون فيه هو مجرد قول المدافع عن الطاعن أن ما ذكره الأخير من أقوال كان بإيعاز من ضابط المباحث وإذ كانت كلمة "الإيعاز" هذه لا تحمل معنى الإكراه ولا التهديد المدعى بهما، فإنه لا يقبل من الطاعن أن يثيرهما لأول أمام محكمة النقض لما يتطلبه كل منهما من إجراء تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في قضائها على قول الشاهد ولو خالف قولاً آخر له وهى غير ملزمة بأن تعرض لكلا القولين أو تذكر علة أخذها بأحدهما دون الآخر.
3 - من المقرر أن تقدير قيام رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت أو انتقائها هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة.
4 - إن ما يدعيه الطاعن من توليه أمر المجني عليها، فضلاً عن أنه لا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة لما هو ثابت من محضر جلسة المحاكمة من أنه لم يسبق له التمسك بهذا الدفاع الموضوعي أمام محكمة الموضوع، فإنه – بفرض صحته – لا يجديه لما هو مقرر شرعاً من أن التأديب المباح لا يجوز أن يتعدى الضرب البسيط الذي لا يحدث كسراً أو جرحاً ولا يترك أثراً ولا ينشأ عنه مرض.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب...... بقدمه في رقبتها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد عن ذلك قتلها ولكن الضرب أفضى إلى موتها. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.

المحكمة
حيث أن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة ضرب أفضى إلى الموت، قد أنطوى على إخلال بحق الدفاع وتناقض في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن المحكمة لم تسمع شهوداً، وعولت في حكمها على اعتراف الطاعن وأقوال والدة المجني عليها في التحقيق رغم انتزاع ذلك الاعتراف بطرق الإكراه وصدور هذه الأقوال تحت وطأه التهديد من جانب ضابط المباحث، ورغم ما يستفاد من أقوال والدة المجني عليها – إثر الواقعة – من أن الوفاة حدثت نتيجة سقوط المجني عليها على الأرض. هذا إلى أن الحكم بعد ما جزم بأن اعتداء الطاعن على المجني عليها هو الذي أدى إلى وفاتها، عاد فنقل عن تقرير الصفة التشريحية أن هذه الحالة نادرة، وهوشك يتعارض مع ذلك الحزم ويفسر لمصلحة الطاعن. ومتى انتفت علاقة السببية بين فعل الاعتداء الواقع على المجني عليها ووفاتها، فإن أحكام قانون العقوبات لا تسرى على هذا الفعل لأن الطاعن إنما ارتكبه - وفقاً لما نصت عليه المادة 60 من ذلك القانون – بنية سليمة عملاً بحقه في تأديب أخته المجني عليها باعتباره المتولي أمرها بعد وفاة والدها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان بها الطاعن، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها استقاها من أقوال والدة المجني عليها واعتراف الطاعن في التحقيق ومن أقوال أخيه وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية، لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لمحكمة الموضوع أن تستغني عن سماع الشهود متى قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أنه بعد سماع شهادة والدة المجني عليها اكتفى المدافع عن الطاعن بتلاوة أقوال باقي الشهود كما هي مبينة بالتحقيقات فتليت، فليس للطاعن – من بعد – أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهم. لما كان ذلك، وكان البين من ذلك المحضر أيضاً أن أحداً من الطاعن أو المدافع عنه أو والدة المجني عليها لم يثر شيئاً بصدد انتزاع اعتراف الطاعن بطريق الإكراه أو صدور أقوال والدة المجني عليها تحت وطأه التهديد، وإنما قصارى ما أثبت بالمحضر وأطرحه الحكم المطعون فيه هو مجرد قول المدافع عن الطاعن أن ما ذكره الأخير من أقوال كان بإيعاز من ضابط المباحث. وإذ كانت كلمة "الإيعاز" هذه لا تحمل معنى الإكراه ولا التهديد المدعي بهما، فإنه لا يقبل من الطاعن أن يثيرهما لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه كل منهما من إجراء تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يماري فيما نقله الحكم عن رواية والدة المجني عليها التي أدلت بها في التحقيق، فإنه - بفرض صحة ما يدعيه من إبداء هذه الشاهدة قولاً آخر إثر وقوع الواقعة - لا يحق له أن ينعي على المحكمة تعويلها على تلك الرواية دون هذا القول، لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تعول في قضائها على قول للشاهد ولو خالف قولاً آخر له وهى غير ملزمة بأن تعرض لكلا القولين أو تذكر علة أخذها بأحدهما دون الآخر، لما كان ذلك، وكان لا أثر في الحكم للتناقض الذي يعيبه الطاعن، ذلك بأن الحكم إذ حصل وقوع الاعتداء من الطاعن وحده على المجني عليها وأنه صفعها على وجهها وركلها برجله في رقبتها أثناء جلوسها على الأرض وانتهى إلى حدوث الوفاة نتيجة ذلك الاعتداء، قد أورد – نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية – أن بالجسم أماكن حساسة كمقدم العنق ومنطقة الحنجرة ومنطقة الصدغ والأذن قد يتسبب عن الإصابة الطفيفة فيها الحدث الفجائي وفى هذه الحالة – وهى حالة نادرة – قد يتوقف القلب تماماً دون أن يتمكن من الاستمرار في عمله والخروج من تأثير العصب الحائر عليه وبذلك يموت المصاب عقب حصول الإصابة كما هي الحال في وفاة المجني عليها التي نشأت عن الصدمة العصبية بالفعل المنعكس والنهى البار اسمباتى للقلب نتيجة الإصابات الراضة التي وقعت على العنق والصدغ ومقدم الصدر، وهذا الذي أورده الحكم يتفق ولا يتعارض مع الجزم بأن الاعتداء الواقع من الطاعن – دون سواه – على المجني عليها هو الذي أدى بالفعل إلى وفاتها وإن كانت هذه الحالة نادرة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير قيام رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت أو انتقائها هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة – كما هي الحال في الدعوى الماثلة – وكان ما يدعيه الطاعن من تولية أمر المجني عليها، فضلاً عن أنه لا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة لما هو ثابت من محضر جلسة المحاكمة من أنه لم يسبق له التمسك بهذا الدفاع الموضوعي أمام محكمة الموضوع، فإنه – بفرض صحته – لا يجديه، لما هو مقرر شرعاً من أن التأديب المباح لا يجوز أن يتعدى الضرب البسيط الذي لا يحدث كسراً أو جرحاً ولا يترك أثراً ولا ينشأ عنه مرض. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


[(1)] قارب السنة 26 ص 622

الطعن 1220 لسنة 46 ق جلسة 5 / 6 / 1977 مكتب فني 28 ق 141 ص 666


جلسة 5 من يونيه سنة 1977
برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد وجدي عبد الصمد، ومحمد فاروق راتب.
---------------
(141)
الطعن رقم 1220 لسنة 46 القضائية

(1) دعوى جنائية. "انقضاؤها". دعوى مدنية. "نظرها والحكم فيها". محكمة النقض. "نظرها الطعن والحكم فيه". إجراءات المحاكمة. 
انقضاء الدعوى الجنائية لسبب خاص بها. لا أثر له في سير الدعوى المدنية التابعة أمام المحكمة الجنائية.
وفاة أحد الخصوم. لا يمنع من القضاء في الدعوى المدنية التابعة على حسب الطلبات الختامية. متى كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها.
متى تعتبر الدعوى مهيأة للحكم. أمام محكمة النقض؟
(2) تزوير. "الادعاء بالتزوير". "محكمة الموضوع". "سلطتها في تقدير الدليل".
الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى الجنائية وسيلة دفاع. خضوعه لتقدير المحكمة.

--------------
1 - إن المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه "وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها، ومفاد ذلك أنه إذا انقضت الدعوى الجنائية لسبب من الأسباب الخاصة بها كموت المتهم أو العفو عنه، فلا يكون لذلك تأثير في الدعوى المدنية وتستمر المحكمة الجنائية في نظرها إذا كانت مرفوعة إليها لما كان ذلك، وكانت وفاة أحد طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع – على ما تقضى به المادة 131 مرافعات من الحكم فيها على موجب الأقوال والطلبات الختامية – وتعتبر الدعوى مهيأة أمام محكمة النقض بحصول التقرير بالطعن وتقديم الأسباب في الميعاد القانوني، كما هو الحال في الطعن الحالي – ومن ثم فلا محل لإعلان ورثة الطاعن.
2 - من المقرر أن محكمة الموضوع لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وأن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير المحكمة.


الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة الساحل الجزئية ضد الطاعن بوصف أنه بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة تسلم من المدعى مبلغ ثلثمائة جنيه على سبيل الأمانة لتسليمه إلى....... فاستولى عليه إضراراً به. وطلب عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 5 جنيهات لوقف التنفيذ. وإلزامه أن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ عشرة جنيهات على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف المحكوم عليه والمدعي بالحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به الدعوى المدنية. فطعن الأستاذ...... بصفته وكيلاً عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إنه يبين من الأوراق أن الطاعن قد توفى إلى رحمة الله – ومن ثم يتعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاته عملاً بالمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه "وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها ومفاد ذلك أنه إذا انقضت الدعوى الجنائية لسبب من الأسباب الخاصة بها كموت المتهم أو العفو عنه، فلا يكون لذلك تأثير في الدعوى المدنية وتستمر المحكمة الجنائية في نظرها إذا كانت مرفوعة إليها. لما كان ذلك، وكانت وفاة أحد طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع – على ما تقضى به المادة 131 مرافعات من الحكم فيها على موجب الأقوال والطلبات الختامية – وتعتبر الدعوى مهيأة أمام محكمة النقض بحصول التقرير بالطعن وتقديم الأسباب في الميعاد القانوني، كما هو الحال في الطعن الحالي – ومن ثم فلا محل لإعلان ورثة الطاعن.
وحيث إنه فيما يتعلق بالدعوى المدنية، فإن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن دفاع الطاعن قام على أن الخاتم الموقع به على السند هو خاتمه ولكنه ليس هو الذي وقع به على السند المزور وأن الذي قام بالتوقيع هو المدعي بالحق المدني بعد سرقة خاتمه من منزله وبذلك كان على محكمة الموضوع تحقيق ذلك الدفاع ليثبت المدعي بالحق المدني أن الطاعن هو الذي وقع فعلاً بخاتمه على السند هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد أعرض عن الأخذ بأدلة النفي في الدعوى والتي تتمثل في عدم اعتياد الطاعن التوقيع بخاتمه على أوراقه وتضارب المدعي بالحق المدني في رواية بشأن استلام الطاعن المبلغ المدعى بتبديده
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسباب الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن الطعن بالتزوير في السند موضع الدعوى وأثبت إحالته إلى النيابة العامة لتحقيقه وما تم في التحقيق ثم انتهى بعد ذلك بإطراح هذا الدفاع ورد عليه بقوله "وحيث أن عن واقعة الطعن بالتزوير فلا دليل على ادعاء المتهم بسرقة خاتمه، كما أن بلاغه عن فقده خاتمه جاء لاحقاً لإعلانه بالاتهام الموجه إليه، ومن ثم ترفض المحكمة الطعن بالتزوير وترى أن الإيصال صحيح وصادر عن المتهم وموقع عليه ببصمة خاتمه. لما كان ذلك، وكان البين مما تقدم أن المحكمة قد حققت دفاع الطاعن ثم أفصحت عن عدم اطمئنانها له وأطرحته بأدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبته عليها وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وأن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير المحكمة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله.
وحيث إن الحكم الابتدائي – المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التبديد التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال المجني عليه وإيصال الأمانة التي اطمأن إليها، لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الأدلة أن تأخذ بما ترتاح إليها منها وفى اطمئنانها إلى أقوال المجني عليه ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض. ومن ثم كان ما يثيره الطاعن من أن محكمة الموضوع قد أعرضت عن الأخذ بأدلة النفي في الدعوى التي تتمثل في عدم اعتباره التوقيع بخاتمة على الأوراق وتضارب المدعي بالحق المدني في روايته في تسليم المبلغ، يكون غير سديد. لما كان كل ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 1249 لسنة 46 ق جلسة 5 / 6 / 1977 مكتب فني 28 ق 142 ص 670


جلسة 5 من يونيه سنة 1977
برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد محمد وهبه، وأحمد علي موسى.
---------------------
(142)
الطعن رقم 1249 لسنة 46 القضائية

كحول. رسم إنتاج. حكم. "بيانات التسبيب".
تقدير الحكم. رسم الإنتاج أو الاستهلاك على الكحول. يستوجب بيان الأساس الذي تقيم عليه المحكمة تقدير الرسم. مخالفة ذلك. قصور.

------------------
لما كانت المادة الثانية من القانون رقم 363 لسنة 1956 بتنظيم تحصيل رسم الإنتاج أو الاستهلاك على الكحول قد نصت على أنه "يحصل رسم الإنتاج أو الاستهلاك على أساس الكحول الصرف الموجود في المنتجات المذكورة في المادة السابقة سواء فصل منها الكحول أم لم يفصل، وفى كل الأحوال يؤخذ مقاس الكحول بالحجم في المائة وهو درجة 15 سنتيجرام وفيما يختص بالكحول النقي المنتج محلياً بدرجة 95 ظاهرية الذي يصرف بالوزن يحصل رسم الإنتاج على أساس أن كل مائة كيلو جرام تعادل 124.3 لتراً سائلاً بصرف النظر عن درجة الحرارة". وأوجبت المادة 20 من هذا القانون الحكم – فضلاً عن العقوبات المنصوص عليها في القانون رقم 328 سنة 1952 – بأداء الرسم الذي يكون مستحقاً في جميع الحالات ولو لم تضبط المنتجات. كما نصت المادة 21 منه على أنه: "مع عدم الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها في المواد السابقة يجوز الحكم على المخالف بأداء تعويض للخزانة العامة لا يزيد على ثلاثة أمثال الرسوم المستحقة. وإذا تعذر معرفة مقدار الرسم قدرت المحكمة التعويض بما لا يزيد على ألف جنيه. وفى حالة العود خلال سنة يضاف الحد الأقصى للتعويض". لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي رسماً مقداره 3896 ج و855 م وتعويضاً قدره 11690 ج و565 م مكتفياً في بيان عناصر قضاءه بذلك بما تضمنه تقرير التحليل من بيان عن الكميات المضبوطة من مخمر المولاس ومخمر عرقي البلح ونسبة الدرجة الكحولية من العينات الخمس التي أخذت وأخذ بمقدار الرسم والتعويض اللذين طلبتهما الجمارك دون بيان للأساس الذي أقيمت عليه هذه المطالبة وكيفية احتساب هذا الرسم وما إذا كان قد تم احتسابه على قدر السائل المخمر أم على أساس سعة الأواني التي كانت بها هذه الخمور إذ أن حجم السائل المخمر في بعض هذه الأواني كان يقل في مقداره عن قدر سعتها على ما هو ثابت من مذكرة مدير عام شئون الإنتاج المؤرخة 24/ 8/ 1970 المرفقة بالمفردات هذا فضلاً عن أن نسب الكحول الصافي الواردة بتقرير التحليل احتسبت على خمس عينات أخذت من بعض الآنية ولا يبين من الأوراق ما إذا كان قد تم احتساب نسبة الكحول في كل إناء على حدة من عدمه إذ قد تختلف هذه النسبة من إناء إلى آخر الأمر الذي بعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم مما يعيبه بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز الكحول المبين بالمحضر دون أن يؤدي عنه رسوم الإنتاج أو الاستهلاك وطلبت عقابه بالمواد 1 و15 و20 و21 و22 من القانون رقم 363 لسنة 1956 والمادة رقم 1 من القانون رقم 328 لسنة 1957 وادعى وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك مدنياً بمبلغ 15587 ج و420 م قبل المتهم على سبيل التعويض. ومحكمة أرمنت الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً وإلزامه بأداء الرسم المستحق وقدره 3896 ج و855 م إلى مصلحة الجمارك وبغلق محل الضبط لمدة ستة شهور وألزمت المتهم بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية بصفته تعويضاً مدنياً قدره 11660 ج و565 م ومصاريف الدعوى المدنية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة قنا الابتدائية – بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ 12 مارس سنة 1973 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة قنا الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى مع إلزام المطعون ضدها المصاريف المدنية ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة قنا الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت في الدعوى من جديد حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة عدم أداء رسم الإنتاج عن الكحول وقضى بحبسه ستة شهور وإلزامه بأداء الرسم وقدره 3896 جنيه و855 مليماً، وتعويض قدره 11690 و565 مليماً قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه اكتفى في بيان الأسس والعناصر التي بنى عليها الرسم والتعويض بما تضمنه تقرير التحليل من بيان عن الكميات المضبوطة من مخمر المولاس ومخمر البلح ونسبة الدرجة الكحولية من العينات الخمس التي جرى التحليل عليها وقضى بمقدار الرسم والتعويض اللذين طلبتهما مصلحة الجمارك دون بيان الأساس الذي أقيمت عليه هذه المطالبة ومدى مطابقته للقيود والضوابط التي انتظمتها المادتان 20 و21 من القانون رقم 363 لسنة 1956
وحيث إن المادة الثانية من القانون رقم 363 لسنة 1956 بتنظيم تحصيل رسم الإنتاج أو الاستهلاك على الكحول قد نصت على أنه "يحصل رسم الإنتاج أو الاستهلاك على أساس الكحول الصرف الموجود في المنتجات المذكورة في المادة السابقة سواء فصل منها الكحول أم لم يفصل، وفى كل الأحوال يؤخذ مقاس الكحول بالحجم في المائة وهو درجة 15 سنتجرام وفيما يختص بالكحول النقي المنتج محلياً بدرجة 95 ظاهرية والذي يصرف بالوزن يحصل رسم الإنتاج على أساس أن كل مائة كيلو جرام تعادل 124.3 لتراً سائلاً بصرف النظر عن درجة الحرارة". وأوجبت المادة 20 من هذا القانون الحكم – فضلاً عن العقوبات المنصوص عليها في القانون رقم 328 سنة 1952 – بأداء الرسم الذي يكون مستحقاً في جميع الحالات ولو لم تضبط المنتجات، كما نصت المادة 21 منه على أنه: "مع عدم الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها في المواد السابقة يجوز الحكم على المخالف بأداء تعويض للخزانة العامة لا يزيد على ثلاثة أمثال الرسوم المستحقة. وإذا تعذر معرفة مقدار الرسم قدرت المحكمة التعويض بما لا يزيد على ألف جنيه. وفى حالة العود خلال سنة يضاعف الحد الأقصى للتعويض". لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي رسماً مقداره 3896 و855 مليماً وتعويضاً قدره 11690 جنيه و565 مليماً مكتفياً في بيان عناصر قضاءه بذلك بما تضمنه تقرير التحليل من بيان عن الكميات المضبوطة من مخمر المولاس ومخمر عرقي البلح ونسبة الدرجة الكحولية من العينات الخمس التي أخذت وأخذ بمقدار الرسم والتعويض اللذين طليتهما الجمارك دون بيان للأساس الذي أقيمت عليه هذه المطالبة وكيفية احتساب هذا الرسم وما إذا كان قد تم احتسابه على قدر السائل المخمر أو على أساس سعة الأواني التي كانت بها هذه الخمور إذ أن حجم السائل المخمر في بعض هذه الأواني كان يقل في مقداره عن قدر سعتها على ما هو ثابت من مذكرة مدير عام شئون الإنتاج المؤرخة 24/ 8/ 1970 المرفقة بالمفردات، هذا فضلاً عن أن نسب الكحول الصافي الواردة بتقرير التحليل احتسبت على خمس عينات أخذت من بعض الآنية ولا يبين من الأوراق ما إذا كان قد تم احتساب نسبة الكحول في كل إناء على حدة من عدمه إذا قد تختلف هذه النسبة من إناء إلى آخر الأمر الذي يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم مما يعيبه بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه. لما كان هذا الطعن للمرة الثانية فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع عملاً بالمادة 45 من القانون رقم 58 سنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

الطعن 1315 لسنة 46 ق جلسة 5 / 6 / 1977 مكتب فني 28 ق 143 ص 674


جلسة 5 من يونيه سنة 1977
برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، ومحمد محمد وهبه، وأحمد طاهر خليل.
------------
(143)
الطعن رقم 1315 لسنة 46 القضائية

 (1)قانون. "القانون الأصلح. تطبيقه. سريانه من حيث الزمان". دعوى جنائية. "قيود تحريكها".
قاعدة سريان القانون الأصلح. مجال سريانها القواعد الموضوعية. دون الإجرائية. الإجراء يظل خاضعاً للقانون الساري وقت صدوره. رفع الدعوى الجنائية في ظل قانون لا يعلق رفعها على طلب أو إذن. صدور قانون يوجب ذلك. لا أثر له في صحة إجراءاتها
(2) استيراد. جريمة "أركانها".
استيراد الأفراد للسلع بقصد الإتجار. دون مراعاة الشرط المقرر. مؤثم. سواء في ظل القانون رقم 95 لسنة 1963 أو في ظل القانون 118 لسنة 1975 الذي حل محله.
تقدير أن الاستيراد للإتجار. موضوعي. ما دام سائغاً.
للأفراد الحق في استيراد احتياجاتهم من السلع لاستعمالهم الشخصي أو الخاص من مواردهم الخاصة. مباشرة أو عن طريق التغير. طبقاً للقرارات التي تصدر من وزير التجارة.
 (3)قانون. "قانون أصلح". استيراد. عقوبة. "تطبيقها".
القانون رقم 118 لسنة 1975. بما تضمنه من عقوبات. يعتبر أصلح للمتهم من القانون رقم 95 لسنة 1963 في شأن الاستيراد والتصدير.

--------------------
1 - لما كان الثابت أن الدعوى الماثلة قد رفعت من قبل صدور القانون الجديد رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير، ومن ثم فلا يسرى عليهما ما ورد بنص المادة 15 منه من عدم جواز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء في الجرائم المذكورة فيه إلا بناء على طلب كتابي من وزير التجارة أو من يفوضه لما هو مقرر من أحكام المادة الخامسة من قانون العقوبات لا تسرى إلا بالنسبة للمسائل الموضوعية دون القواعد الإجرائية، إذ الأصل أن الإجراء الذي يتم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً وخاضعاً لأحكام هذا القانون. ولما كان القانون المطبق رقم 95 لسنة 1963 في شأن تنظيم الاستيراد – الذي يحكم واقعة الدعوى وتم رفعها في ظله – قد خلا من نص مماثل للنص الوارد في المادة 15 من القانون الجديد رقم 118 لسنة 1975 بشأن الطلب المشار إليه، فإن تمسك الطاعن بأحكام هذا النص يكون غير سديد.
2 - أن ما يتحدى به الطاعن من أن السلع التي استوردها مسموحاً للأفراد باستيرادها بعد صدور القانون الجديد، بل ومنذ صدور القانون رقم 137 لسنة 1974 ببعض الأحكام الخاصة بالاستيراد والتصدير والنقد، في غير محله ما دام الحكم قد أثبت – أن فعل الاستيراد قد وقع من الطاعن بقصد الإتجار، ذلك بأنه وإن كان القانون رقم 137 لسنة 1974 الذي لا يزال معمولاً به وقنن الإجراءات التي اتخذت من قبل في سبيل تحقيق سياسة الانفتاح الاقتصادي بصدور قرار وزير المالية رقم 64 لسنة 1974 بشأن تطوير السوق الموازية للنقد الذي بقى بدوره قائماً، وبصدور قراري وزير التجارة الخارجية رقمي 73 لسنة 1974 بالإجراءات التنفيذية لهذا القرار و286 لسنة 1974 بشأن السلع المسموح بتوريدها إلى البلاد تطبيقاً للقرار ذاته – قد أجاز في المادة الأولى منه السماح للأفراد ووحدات القطاع الخاص بالاستيراد من الخارج في نطاق السوق الموازية وفقاً للشروط والأوضاع التي تحددها القواعد المنظمة لها على أن يصدر وزير التجارة قراراً بالقواعد والإجراءات التي تنظم عمليات الاستيراد المشار إليها كما أجاز في الفقرة الأولى من المادة الثانية منه للمصرين الحائزين على موارد بالنقد الأجنبي تدخل في نطاق السوق الموازية أن يقوموا باستخدامها في الاستيراد العيني للسلع التي يصدر بها قرار من وزير المالية والتجارة، إلا أنه لم يبح – لا هو، ولا القانون رقم 118 لسنة 1975 اللاحق عليه – للأفراد استيراد السلع تلقائياً دون طلب، بصفة مطلقة – ولو كان ذلك بقصد الإتجار – ذلك بأن القانون رقم 137 لسنة 1974 لم ينص على إلغاء القانون المطبق رقم 95 لسنة 1963 الذي يؤثم هذا الفعل متى توافر ذلك القصد، وإنما اقتصر على النص في المادة الرابعة منه على إلغاء كل حكم يخالف أحكامه فحسب، ولا يوجد ثمة تعارض بين أحكامه وبين استمرار بقاء الفعل المذكور مؤثماً بالقانون المطبق. يؤيد ذلك أن القانون رقم 118 لسنة 1975 – الذي حل محل القوانين أرقام 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد و202 لسنة 1959 في شأن التصدير و15 لسنة 1963 المطبق – إنما صدر لتأكيد المدى الذي حققته سياسة الانفتاح. بل وللانطلاق إلى الأمام بشكل أكثر مرونة ومع ذلك فقد صرح في الفقرة الأولى من المادة الأولى بأن يكون استيراد احتياجات البلاد السلعية عن طريق القطاعين العام والخاص، وبأن للأفراد حق استيراد احتياجاتهم للاستعمال الشخصي أو الخاص، وذلك مباشرة أو عن طريق الغير على أن يصدر وزير التجارة قراراً بتحديد الإجراءات والقواعد التي تنظم عمليات الاستيراد، وفرض في المادة 15 منه العقاب على مخالفة أحكام المادة الأولى أو القرارات المنفذة لها. وقد تردد هذا المعنى في الباب الأول من اللائحة التنفيذية لهذا القانون – الصادر بها قرار وزير التجارة رقم 1336 لسنة 1975 – التي خصصت في ذلك الباب للاستيراد فصلين رصدت أولهما لعموم استيراد احتياجات البلاد السلعية ونصت فيه على أن تشكل لجنة مشتريات بالوكالة التجارية بشركة مصر للاستيراد والتصدير تختص بالنظر في احتياجات القطاع الخاص والقطاع الحرفي ولجنة مشتريات أخرى بوزارة السياحة تختص بالنظر في احتياجات القطاع الخاص السياحي، وعلى أن تلتزم كافة لجان المشتريات بقيد جميع شركات القطاع العام التجارية بسجلات الموردين، وعلى أن تقدم العطاءات إلى لجان المشتريات المختصة من شركات القطاع العام التجارية أو من وكيل تجاري مصري مقيد بسجل الوكلاء التجاريين أو من شركة قطاع عام مقيدة بالسجل التجاري ومن ضمن نشاطها الاستيراد، وعلى أن تقدم العطاءات الخاصة بالاستيراد بطرق معينة ذكرت تحديداً. بينما عقدت الفصل الثاني من الباب المذكور لخصوص استيراد السلع للاستعمال الشخصي أو الخاص دون الإتجار، وأبانت فيه أن للأفراد استيراد احتياجاتهم للاستعمال الشخصي أو الخاص من مواردهم الخاصة وتفرج عنها الجمارك مباشرة بالشروط المبينة تفصيلاً في المادة 15. ثم أصدر وزير التجارة القرار رقم 227 لسنة 1976 – بناء على كل من القانون رقم 137 لسنة 1974 والقانون رقم 118 لسنة 1975 ولائحته التنفيذية وعلى قرار وزير المالية رقم 64 لسنة 1974، وذلك حسبما يبين من مطالعة ديباجته – ونص في المادة الأولى منه على تشكيل لجنة للبت في توريد البضائع وطلبات الاستيراد، كما نص في الفقرة ( أ ) من المادة الثانية منه على أنه "يجوز للمصرين الحائزين على موارد بالنقد الأجنبي تدخل بطبيعتها ضمن موارد السوق الموازية للنقد أن يقوموا بتحويلها إلى البلاد في شكل عيني فيما عدا السلع المرفقة بالكشف رقم (1)" ثم نص في المادة الثامنة منه على أن "يفرج عن طريق الجمارك مباشرة عن السلع التي ترد طبقاً للمادة (2) فقرة (أ) من هذا القرار التي لا تجاوز قيمتها وقت التعاقد ما يعادل خمسة آلاف جنيه مصري بالعملة الحرة وبالسعر الرسمي بعد اتخاذ الإجراءات الجمركية. وفي حالة تجاوز القيمة المشار إليها يعرض الأمر على اللجنة المشار إليها في المادة (1) من هذا القرار.." وقد وردت هذه النصوص على غرار المواد 1 فقرة (أ) و2 و8 من قرار وزير التجارة السابق رقم 73 لسنة 1974، بل ومع توسع أكثر في أنواع السلع المسموح باستيرادها من الموارد الخاصة، ومؤدى ذلك كله أن الإفراج المباشر عن السلع كان – رغم صدور القرارات الخاصة بتحقيق سياسة الانفتاح الاقتصادي – ولم يزل مقصوراً على حالة استيرادها للاستعمال الشخصي أو الخاص، وأن ذلك لا يتعارض البتة مع حظر استيراد الأفراد للسلع تلقائياً بقصد الإتجار – وهو الفعل المؤثم في القانون المطبق رقم 95 لسنة 1963 كما سلف القول، والذي ظل مؤثماً من بعده كذلك بصريح نصوص القانون رقم 118 لسنة 1975 الذي حل محله ولائحته التنفيذية.
3 - إن العقوبة المقررة في القانون رقم 118 لسنة 1975 للجريمة التي دين بها الطاعن أخف من تلك الواردة بالقانون المطبق رقم 95 لسنة 1963، ذلك بأنها – في المادة الثالثة من القانون المطبق – إنما هي الحبس والغرامة التي لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين علاوة على تعويض لا يقل عن 20% من قيمة المضبوطات ولا يجاوز 50% من قيمتها وعلى الحكم بمصادرة السلع موضوع الجريمة أو بتعويض يعادل ثمنها إذا لم يتيسر مصادرتها بينما هي في المادة 15 من القانون الجديد غرامة – فحسب – لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه علاوة على الحكم بمصادرة السلع موضوع الجريمة، ومن ثم فإن القانون الجديد يعد – من هذه الوجهة فقط – قانوناً أصلح للطاعن، وكان على الحكم المطعون فيه إتباعه دون غيره في هذا الخصوص عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات – لأنه صدر بعد وقوع الفعل وقبل 12 من يونيه سنة 1976 – تاريخ صدور الحكم المطعون فيه – أما والحكم لم يفعل فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه استورد البضائع المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والتي لها الصفة التجارية من خارج جمهورية مصر العربية بقصد الاتجار فيها حالة كون استيراد السلع بقصد الاتجار مقصوراً على شركات القطاع العام أو تلك التي يساهم فيها القطاع العام. وطلبت عقابه بالمواد 5 و13 و121 و122 و124 من القانون رقم 66 لسنة 1962 والمادتين 1 و3 من القانون رقم 95 لسنة 1963 والمادتين 45 و47 من قانون العقوبات. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً قبل المتهم بتعويض جمركي. ومحكمة النزهة الجزئية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات بتغريم المتهم خمسمائة جنيه وتعويض جمركي قدره 1193 ج و940 م وتعويض للخزانة قدره 400 ج. عارض، وقضى في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف، ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ....... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ 27 أبريل سنة 1975 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع (أولاً) بنقض الحكم المطعون فيه وبانقضاء الدعوى الجنائية للتصالح بالنسبة لجريمة الشروع في التهريب موضوع التهمة الأولى (ثانياً) بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لجريمة الاستيراد موضوع التهمة الثانية وإحالة القضية إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت في الدعوى من جديد حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ...... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة استيراد سلع من خارج الجمهورية بقصد الاتجار، قد انطوى على قصور في التسبب وخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن السلع المستوردة تدخل في الحدود المصرح باستيراد السلع فيها للاستعمال الشخصي وفقاً للقرارات الوزارية الصادرة في هذا الشأن – إذ هي زهيدة القيمة وأغلبها من مستلزمات الحياكة التي يمتهنها الطاعن – ومن ثم ينحسر عنه قصد الاتجار. ورغم أن الطاعن قد أوضح مهنته في محضر الضبط وقال أن معظم السلع المستوردة لازمة لعمله كما قدم إلى المحكمة المستندات الخاصة بتلك المهنة، فإن الحكم لم يعن بتمحيص هذا الدفاع ولم يرد عليه بما يفنده. هذا إلى أن القانون الجديد رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير – الذي صدر بعد وقوع الفعل وقبل صدور الحكم المطعون فيه، وحل محل القانون المطبق رقم 95 لسنة 1963 في شأن تنظيم الاستيراد الذي رفعت الدعوى وفقاً لأحكامه – يعد قانوناً أصلح للطاعن من القانون المطبق، في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات، من وجوه (أولها) أنه ورد بنص المادة 15 من القانون الجديد أنه لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء في الجرائم المذكورة فيه إلا بناء على طلب كتابي من وزير التجارة أو من يفوضه، وهو ما لم يتحقق في الدعوى الماثلة (وثانيها) أن السلع التي استوردها الطاعن أصبح مسموحاً للأفراد باستيرادها بعد صدور القانون الجديد بل ومنذ صدور القانون رقم 137 لسنة 1974 ببعض الأحكام الخاصة بالاستيراد والتصدير والنقد (ثالثها) أن العقوبة المقررة في القانون الجديدة للجريمة التي دين بها الطاعن أخف من تلك الواردة بالقانون المطبق.
حيث إن البين من واقع السلع المفصلة بكشف المضبوطات الذي أحال إليه الحكمان، الابتدائي المؤيد لأسبابه والمطعون فيه المكمل له، والمرفق بمحضر ضبط الواقعة في المفردات المضمومة أن ما أورده الحكمان من أن في نوعية هذه السلع التي استوردها الطاعن وكمياتها ما يسبغ عليها صفة الاتجار، إنما هو استخلاص موضوعي سائغ يكفي لإطراح دفاع الطاعن بأن الاستيراد كان بقصد الاستعمال الشخصي أو الخاص دون الاتجار، ويحمل الرد الضمني – في الوقت ذاته على مستنداته الخاصة بمهنته، ما دام الثابت من ذلك الكشف أن تلك السلع قد وردت بأعداد هائلة وأوزان ضخمة والغالب الأهم منها منبت الصلة تماماً بمستلزمات الحياكة التي يمتهنها الطاعن، ومن ثم فإن ما يثيره – سواء بصدد قصد الاتجار أو في خصوص مستنداته سالفة البيان – يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان الثابت أن الدعوى الماثلة قد رفعت من قبل صدور القانون الجديد رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير، ومن ثم فلا يسرى عليها ما ورد بنص المادة 15 منه من عدم جواز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء في الجرائم المذكورة فيه إلا بناء على طلب كتابي من وزير التجارة أو من يفوضه لما هو مقرر من أن أحكام المادة الخامسة من قانون العقوبات لا تسرى إلا بالنسبة للمسائل الموضوعية دون القواعد الإجرائية، إذ الأصل أن الإجراء الذي يتم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً وخاضعاً لأحكام هذا القانون. ولما كان القانون المطبق رقم 95 لسنة 1963 في شأن تنظيم الاستيراد – الذي يحكم واقعة الدعوى وتم رفعها في ظله – قد خلا من نص مماثل للنص الوارد في المادة 15 من القانون الجديد رقم 118 لسنة 1975 بشأن الطلب المشار إليه، فإن تمسك الطاعن بأحكام هذا النص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان ما يتحدى به الطاعن من أن السلع التي استوردها أصبح مسموحاً للأفراد باستيرادها بعد صدور القانون الجديد، بل ومنذ صدور القانون رقم 137 لسنة 1974 ببعض الأحكام الخاصة بالاستيراد والتصدير والنقد، في غير محله ما دام الحكم قد أثبت – على ما سلف القول – إن فعل الاستيراد قد وقع من الطاعن بقصد الاتجار، ذلك بأنه وإن كان القانون رقم 137 لسنة 1974 الذي لا زال معمولاً به وقت الإجراءات التي اتخذت من قبل في سبيل تحقيق سياسة الانفتاح الاقتصادي بصدور قرار وزير المالية رقم 64 لسنة 1974 بشأن تطوير السوق الموازنة للنقد الذي بقى بدوره قائماً، وبصدور قراري وزير التجارة الخارجية رقمي 73 لسنة 1974 بالإجراءات التنفيذية لهذا القرار 286 لسنة 1974 بشأن السلع المسموح بتوريدها إلى البلاد تطبيقاً للقرار ذاته – قد أجاز في المادة الأولى منه السماح للأفراد ووحدات القطاع الخاص بالاستيراد من الخارج في نطاق السوق الموازية وفقاً للشروط والأوضاع التي تحددها القواعد المنظمة لها على أن يصدر وزير التجارة قراراً بالقواعد والإجراءات التي تنظم عمليات الاستيراد المشار إليها كما أجاز في الفقرة الأولى من المادة الثانية منه للمصريين الحائزين على موارد بالنقد الأجنبي تدخل في نطاق السوق الموازية أن يقوموا باستخدامها في الاستيراد العيني للسلع التي يصدر بها قرار من وزيري المالية والتجارة، إلا أنه لم يبح – لا هو، ولا القانون رقم 118 لسنة 1975 اللاحق عليه – للأفراد استيراد السلع تلقائياً دون طلب، بصفة مطلقة – ولو كان ذلك بقصد الاتجار – ذلك بأن القانون رقم 137 لسنة 1974 لم ينص على إلغاء القانون المطبق رقم 25 لسنة 1963 الذي يؤم هذا الفصل متى توافر ذلك القصد، وإنما اقتصر على النص في المادة الرابعة منه على إلغاء كل حكم يخالف أحكامه فحسب ولا يوجد ثمة تعارض بين أحكامه وبين استمرار بقاء الفصل المذكور مؤثماً بالقانون المطبق. يؤيد ذلك أن القانون رقم 118 لسنة 1975 - الذي حل محل القوانين أرقام 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد و203 لسنة 1959 في شأن التصدير و95 لسنة 1963 المطبق – إنما صدر لتأكيد المدى الذي حققته سياسة الانفتاح، بل وللانطلاق إلى الأمام بشكل أكثر مرونة ومع ذلك فقد صرح في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه بأن يكون استيراد احتياجات البلاد السلعية عن طريق القطاعين العام والخاص، وبأن للأفراد حق استيراد احتياجاتهم للاستعمال الشخصي أو الخاص من مواردهم الخاصة وذلك مباشرة أو عن طريق الغير على أن يصدر وزير التجارة قراراً بتحديد الإجراءات والقواعد التي تنظم عمليات الاستيراد، وفرض في المادة 15 منه العقاب على مخالفة أحكام المادة الأولى أو القرارات المنفذة لها. وقد تردد هذا المعنى في الباب الأول من اللائحة التنفيذية لهذا القانون – الصادر بها قرار وزير التجارة رقم 1236 لسنة 1975 – التي خصصت في ذلك الباب للاستيراد فصلين وصدرت أولهما لعموم استيراد احتياجات البلاد السلعية ونصت فيه على أن تشكل لجنة مشتريات بالوكالة التجارية بشركة مصر للاستيراد والتصدير تختص بالنظر في احتياجات القطاع الخاص والقطاع الحرفي ولجنة مشتريات أخرى بوزارة السياحة تختص بالنظر في احتياجات القطاع الخاص السياحي، وعلى أن تلتزم كافة لجان المشتريات بقيد جميع شركات القطاع العام التجارية بسجلات الموردين، وعلى أن تقدم العطاءات إلى لجان المشتريات المختصة من شركات القطاع العام التجارية أو من وكيل تجاري مصري مقيد بسجل الوكلاء التجاريين أو من شركة قطاع عام مقيدة بالسجل التجاري ومن ضمن نشاطها الاستيراد، وعلى أن تقدم العطاءات الخاصة بالاستيراد بطرق معينة ذكرت تحديداً، بينما عقدت الفصل الثاني من الباب المذكور بخصوص استيراد السلع للاستعمال الشخصي أو الخاص دون الاتجار، وأبانت فيه أن للأفراد استيراد احتياجاتهم للاستعمال الشخصي أو الخاص من مواردهم الخاصة وتفرج عنها الجمارك مباشرة بالشروط المبينة تفصيلاً في المادة 15، ثم أصدر وزير التجارة القرار رقم 227 لسنة 1976 – بناء على كل من القانون رقم 137 لسنة 1974 والقانون رقم 118 لسنة 1975 ولائحته التنفيذية وعلى قرار وزير المالية رقم 64 لسنة 1974، وذلك حسبما يبين من مطالعة ديباجته – ونص في المادة الأولى منه على تشكيل لجنة للبت في توريد البضائع وطلبات الاستيراد، كما نص في الفقرة (1) من المادة الثانية منه على أنه "يجوز للمصريين الحائزين على موارد بالنقد الأجنبي تدخل بطبيعتها ضمن موارد السوق الموازية للنقد أن يقوموا بتحويلها إلى البلاد في شكل عيني فيما عدا السلع المرفقة بالكشف رقم (1)" ثم نص في المادة الثامنة منه على "أن يفرج عن طريق الجمارك مباشرة عن السلع التي ترد طبقاً للمادة (2) فقرة (أ) من هذا القرار والتي لا تجاوز قيمتها وقت التعاقد ما يعادل خمسة آلاف جنيه مصري بالعملة الحرة وبالسعر الرسمي بعد اتخاذ الإجراءات الجمركية. وفى حالة تجاوز القيمة المشار إليها يعرض الأمر على اللجنة المشار إليها في المادة (1) من هذا القرار......." وقد وردت هذه النصوص على غرار المواد 1 فقرة (أ) و2 و8 من قرار وزير التجارة السابق رقم 73 لسنة 1974، بل ومع توسع أكثر في أنواع السلع المسموح باستيرادها من الموارد الخاصة، ومؤدى ذلك كله أن الإفراج المباشر عن السلع كان – رغم صدور القرارات الخاصة بتحقيق سياسة الانفتاح الاقتصادي – ولم يزل مقصوراً على حالة استيرادها للاستعمال الشخصي أو الخاص، وأن ذلك لا يتعارض البتة مع حظر استيراد الأفراد للسلع تلقائياً بقصد الاتجار – وهو الفعل المؤثم في القانون المطبق رقم 95 لسنة 1963 كما سلف القول، والذي ظل مؤثماً من بعده كذلك بصريح نصوص القانون رقم 118 لسنة 1975 الذي حل محله ولائحته التنفيذية – لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة في القانون الجديد رقم 118 لسنة 1975 للجريمة التي دين بها الطاعن أخف من تلك الواردة بالقانون المطبق رقم 95 لسنة 1963، ذلك بأنها – في المادة الثالثة من القانون المطبق – إنما هي الحبس والغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين علاوة على تعويض لا يقل عن 20% من قيمة المضبوطات ولا يجاوز 50% من قيمتها وعلى الحكم بمصادرة السلع موضوع الجريمة أو بتعويض يعادل ثمنها إذا لم تتيسر مصادرتها، بينما هي في المادة 15 من القانون الجديد غرامة – فحسب – لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه علاوة على الحكم بمصادرة السلع موضوع الجريمة، ومن ثم فإن القانون الجديد يعد – من هذه الوجهة فقط – قانوناً أصلح للطاعن، وكان على الحكم المطعون فيه إتباعه دون غيره في هذا الخصوص – عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات – لأنه صدر بعد وقوع الفعل وقبل 22 من يونيه سنة 1976 - تاريخ صدور الحكم المطعون فيه – أما والحكم لم يفعل فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ومن ثم يتعين نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه – بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من غرامة ومصادرة وبإلغائه فيما عدا ذلك – دون تحديد جلسة لنظر الموضوع وإن كان الطعن لثاني مرة، ما دام العوار الذي شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً على ذلك الخطأ.