الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 29 مارس 2017

الطعن 384 لسنة 66 ق جلسة 9 / 2 / 2008 مكتب فني 59 ق 32 ص 170

برئاسة السيد القاضي/ محمد ممتاز متولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ حسين نعمان، محمد رشاد أمين، كمال نبيه محمد وعبد الله عيد حسن نواب رئيس المحكمة.
----------------
- 1  نقض "أسباب الطعن بالنقض: الأسباب المتعلقة بالنظام العام".
الأسباب المتعلقة بالنظام العام. لمحكمة النقض من تلقاء نفسها وللخصوم وللنيابة العامة إثارتها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن. شرطه. أن تتوافر عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق ووردت على الجزء المطعون فيه من الحكم.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توفرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء الحكم المطعون فيه.
- 2  دستور "عدم الدستورية: أثر الحكم بعدم الدستورية".
الحكم بعدم دستورية نص غير ضريبي في قانون أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره حتى ولو أدرك الدعوى أمام محكمة النقض. المادتان 175، 178 من الدستور، والمادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا المعدل بقرار بق 168 لسنة 1998 تعلق ذلك بالنظام العام. لمحكمة النقض إعماله من تلقاء نفسها. علة ذلك.
المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن مفاد المادتين 175، 178 من الدستور والمادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص غير ضريبي في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب اعترى النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها.
- 3  دستور "عدم الدستورية: أثر الحكم بعدم الدستورية".
قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 3 من ق 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية قبل تعديلها بق 7 لسنة 1995. مؤداه. زوال الأساس القانوني لأمري تقدير الرسوم القضائية المتظلم منهما.
إذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بحكمها الصادر بتاريخ 1/1/2000 في القضية رقم 106 لسنة 19ق "دستورية" المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 13/1/2000 بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة "3" من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية قبل تعديلها بالقانون رقم 7 لسنة 1995 فيما نصت عليه من "يسوى رسم الاستئناف في حالة تأييد الحكم الابتدائي باعتبار أن الحكم الصادر بالتأييد حكم جديد بالحق الذي رُفع عنه الاستئناف" الأمر الذي يتعين معه الامتناع عن تطبيق هذا النص على واقعة النزاع ولو كانت سابقة على الحكم بعدم دستوريته ونشره بالجريدة الرسمية لانتفاء صلاحيته في ترتيب أي أثر قانوني من تاريخ نفاده. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الحكم بعدم دستورية النص سالف البيان قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن بالنقض، وكان أمري تقدير الرسوم القضائية المتظلم منهما قد صدرا استناداً لذلك النص المقضي بعدم دستوريته بما مؤداه زوال الأساس القانوني لهما.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن قلم كتاب محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية بورسعيد" استصدر الأمرين رقمي .....، ..... لسنة 1993/1994 بتقدير الرسوم المستحقة عن الاستئناف رقم ..... لسنة 31ق الإسماعيلية "مأمورية بورسعيد" بمبلغ 15423.15 جنيه تظلم الطاعن من الأمرين بالدعوى رقم ... لسنة 1944 مدني كلي بورسعيد طلباً للحكم بإلغائهما على سند من صدورهما بالمخالفة لأحكام القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق، وبطلان الحكم الصادر في الاستئناف محل أمري التقدير لصدوره عليها بعد أن قضي بإشهار إفلاسها، وبتاريخ 25/1/1995 حكمت المحكمة برفض التظلم. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ...... لسنة 36ق الإسماعيلية "مأمورية بورسعيد" وبتاريخ 8/11/1995 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم جزئياً لسبب إثارته من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إنه عن السبب الذي أثارته النيابة العامة فإنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توفرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء الحكم المطعون فيه، وأن النص في المادة 175 من الدستور على أن "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية وذلك کله علي الوجه المبين في القانون ..." والنص في المادة 178 منه على أن "تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم الدستورية من آثار" والنصي في المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 على أن "أحكام المحكمة في الدعوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة ...... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما دام لم يحدد القانون لذلك تاريخاً آخر. على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر ..." يدل - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص غير ضريبي في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب اعترى النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بحكمها الصادر بتاريخ 1/1/2000 في القضية رقم 106 لسنة 19ق "دستورية" المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 13/1/2000 بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة "3" من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية قبل تعديلها بالقانون رقم 7 لسنة 1995 فيما نصت عليه من "يسوى رسم الاستئناف في حالة تأييد الحكم الابتدائي باعتبار أن الحكم الصادر بالتأييد حكم جديد بالحق الذي رفع عنه الاستئناف" الأمر الذي يتعين معه الامتناع عن تطبيق هذا النص على واقعة النزاع ولو كانت سابقة على الحكم بعدم دستوريته ونشره بالجريدة الرسمية لانتفاء صلاحيته في ترتيب أي أثر قانوني من تاريخ نفاده، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الحكم بعدم دستورية النص سالف البيان قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن بالنقض، وكان أمري تقدير الرسوم القضائية المتظلم منهما قد صدرا استناداً لذلك النص المقضي بعدم دستوريته بما مؤداه زوال الأساس القانوني لهما، فإنه يتعين تبعاً لذلك نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث سبب الطعن
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وكانت رسوم الخدمات تعد في حكم الرسوم القضائية الأصلية المقررة ويكون لها حكمها وذلك وفقاً للمادة الأولى المضافة بالقانون رقم 7 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، فإنه يتعين الحكم في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وأمري التقدير المتظلم منهما.

الطعن 575 لسنة 73 ق جلسة 28 / 1 / 2008 مكتب فني 59 ق 31 ص 165

برئاسة السيد القاضي/ علي محمد علي نائب رئيس المحكمة وعضوية القضاة/ نعيم عبد الغفار، إبراهيم الضبع، عبد السلام المزاحي نواب رئيس المحكمة وهشام فراويلة.
---------------
- 1  محكمة الموضوع "سلطتها في فهم الواقع وتقدير الأدلة.
محكمة الموضوع. لها السلطة في فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة وترجيح بعضها على البعض الآخر. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها ومنها تقارير أهل الخبرة متى كان ذلك سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق.
- 2  ضرائب "أحكام عامة: انقضاء الخصومة الضريبية" "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية: التنازل عن المنشأة".
التزام المتنازل والمتنازل إليه بإخطار مأمورية الضرائب المختصة بالتنازل خلال ثلاثين يوماً من تاريخ حصوله. مخالفة ذلك. أثره. مسئولية كليهما بالتضامن عما استحق من ضرائب على أرباح المنشأة.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يتعين طبقاً لحكم المادتين 29، 30 من القانون رقم 157 لسنة 1981 المنطبق على الواقعة التزام المتنازل والمتنازل إليه بإخطار مأمورية الضرائب المختصة بهذا التنازل خلال ثلاثين يوماً من تاريخ حصوله وإلا يعد المتنازل والمتنازل إليه مسئولين بالتضامن عما استحق من ضرائب من أرباح المنشأة.
- 3  ضرائب "أحكام عامة: انقضاء الخصومة الضريبية" "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية: التنازل عن المنشأة".
توقف المنشأة عن العمل كلياً أو جزئياً. أثره. فرض الضريبة على الأرباح الفعلية حتى تاريخ التوقف. وجوب إخطار الممول المأمورية بتوقف المنشأة عن العمل خلال ثلاثين يوماً من تاريخ توقف العمل. تخلف ذلك. أثره. إلزام الممول بالضريبة على أرباح سنة التوقف كاملة. المادتان 29، 30 ق 157 لسنة 1981. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم الابتدائي بالنسبة لواقعة التنازل لعدم إخطار المأمورية به وعدم صحة واقعة التوقف. استخلاص سائغ. حقيقته. جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه في حالة التوقف الكلي أو الجزئي يتعين على الممول إخطار مأمورية الضرائب المختصة بالتوقف وإلا التزم بالضريبة المستحقة عن سنة كاملة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي فيما خلص إليه من إلغاء القرار المطعون فيه بالنسبة لواقعة التنازل المقول بها من مورثهم إلى أحد الورثة سنة 1986 إذ لم يتم إخطار المأمورية المختصة بهذا التنازل فإن مأمورية الضرائب لا تحاج بهذا التنازل، وكذلك بالنسبة للتوقف المزعوم به إذ ثبت استهلاك تيار كهربائي بمقدار لا يتفق مع القول بالتوقف، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله معينه في الأوراق فإن النعي عليه برمته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون النعي وارداً على غير أساس.
- 4  ضرائب "أحكام عامة: انقضاء الخصومة الضريبية" "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية: التنازل عن المنشأة".
انقضاء خصومة الضريبة على الدخل. وجوب الحكم بها للدعاوى المقيدة أو المنظورة أمام جميع المحاكم قبل الأول من أكتوبر سنة 2004. شرطه. المنازعة في تقدير الضريبة وأن يكون الوعاء السنوي لها وفقاً لقرار لجنة الطعن أو الحكم المطعون فيه لا يجاوز عشرة آلاف جنيه. م 5 من مواد إصدار ق 91 لسنة 2005.
إذ كانت أرباح الطاعنين عن سنوات النزاع لا تتجاوز مبلغ عشرة آلاف جنيه لكل منهم، وكان النزاع المنظور قبل الأول من أكتوبر سنة 2004 يتعلق احتياطياً بالنزاع حول تقدير الضريبة بعد الطلب الأول المتعلق بتوقف المنشأة عن مباشرة النشاط، ومن ثم فإنه إعمالاً لنص المادة الخامسة من مواد إصدار القانون رقم 91 لسنة 2005 الخاص بالضريبة على الدخل يتعين القضاء بانقضاء الخصومة.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مأمورية الضرائب المختصة قدرت صافي أرباح الطاعنين بصفاتهم شركاء في شركة واقع عن نشاطهم محل المحاسبة عن السنوات من 1990 إلى 1993 بمبلغ 33126 جنيه، 34317 جنيه، 44886 جنيه على التوالي، وإذ اعترضوا وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 4/5/1999 بإلغاء التقديرات للتوقف عن مزاولة النشاط. أقامت المصلحة المطعون ضدها الدعوى رقم ... لسنة 1999 ضرائب الإسماعيلية الابتدائية طعناً في هذا القرار بطلب إلغاء القرار المطعون فيه وتأييد تقديرات المأمورية. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 29 من أبريل سنة 2000 بإلغاء قرار لجنة الطعن، وبمحاسبة الطاعنين عن نشاطهم بذات تقديرات المأمورية لصافي أرباحهم في سنوات الخلاف. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 25ق الإسماعيلية، وبتاريخ 28 من يناير سنة 2003 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بانقضاء الخصومة في الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها كلفت وكيل الطاعن الأول باختصام باقي الطاعنين - كمطعون ضدهم في الطعن – فاختصمهم، والنيابة التزمت رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن الأول بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه بالبطلان لعدم تمثيل النيابة العامة في النزاع المعروض أمام محكمة الموضوع بدرجتيها رغم أنه نزاع ضريبي
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه – وحكم محكمة أول درجة – أنه أثبت في ديباجته اسم عضو النيابة الذي مثل في الدعوى، فذلك حسبه، ويكون النعي عليه بالبطلان على غير أساس
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن الأول بالسببين الأول والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع، أنه أيد الحكم المستأنف لأسبابه رغم تقديم شهادة صادرة عن الشهر العقاري تفيد تنازل مورث الطاعنين عن المزرعة موضوع الربط الضريبي حال حياته إلى ابنه الطاعن الأول ..... في عام 1986، مما يقطع بانتفاء صلة باقي الطاعنين بالمزرعة موضوع النشاط، كما أهدر الحكم دلالة المستند الصادر عن إدارة الإنتاج الحيواني بمديرية الزراعة بالإسماعيلية بتاريخ 13/10/1993 والذي يفيد توقف المزرعة موضوع الطعن تعين مباشرة نشاطها منذ يونيه سنة 1986 وحتى سنة 1992، وهو ما أخذت به لجنة الطعن الضريبي وأصدرت قرارها بإلغاء المحاسبة الضريبة عن السنوات من 1990 حتى 1993 وأيدها في ذلك تقرير الخبير المنتدب، رغم أن عبء إثبات مزاولة الممول لنشاط معين يقع على عاتق مصلحة الضرائب، كما لم تحقق محكمة الاستئناف دفاعهم الجوهري بالاعتراض علي أسس التقدير، والذي يترتب عليه - إن صح - تغيير وجه الرأي في الدعوى، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها ومنها تقارير أهل الخبرة متى كان ذلك سائغاً ولا يخالف الثابت بالأوراق، والمقرر أيضاً أنه يتعين طبقاً لحكم المادتين 29، 30 من القانون رقم 157 لسنة 1981 المنطبق علي الواقعة التزام المتنازل والمتنازل إليه بإخطار مأمورية الضرائب المختصة بهذا التنازل خلال ثلاثين يوماً من تاريخ حصوله ...... وإلا يعد المتنازل والمتنازل إليه مسئولين بالتضامن عما استحق من ضرائب من أرباح المنشأة، وأنه في حالة التوقف الكلي أو الجزئي يتعين على الممول إخطار مأمورية الضرائب المختصة بالتوقف وإلا التزم بالضريبة المستحقة عن سنة كاملة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي فيما خلص إليه من إلغاء القرار المطعون فيه بالنسبة لواقعة التنازل المقول بها من مورثهم إلى أحد الورثة سنة 1986 إذ لم يتم إخطار المأمورية المختصة بهذا التنازل فإن مأمورية الضرائب لا تحاج بهذا التنازل، وكذلك بالنسبة للتوقف المزعوم به إذ ثبت استهلاك تيار كهربائي بمقدار لا يتفق مع القول بالتوقف، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله معينه في الأوراق فإن النعي عليه برمته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون النعي وارداً على غير أساس
وحيث إنه لما كانت أرباح الطاعنين عن سنوات النزاع لا تتجاوز مبلغ عشرة آلاف جنيه لكل منهم، وكان النزاع المنظور قبل الأول من أكتوبر سنة 2004 يتعلق احتياطياً بالنزاع حول تقدير الضريبة بعد الطلب الأول المتعلق بتوقف المنشأة عن مباشرة النشاط، ومن ثم فإنه إعمالاً لنص المادة الخامسة من مواد إصدار القانون رقم 91 لسنة 2005 الخاص بالضريبة على الدخل يتعين القضاء بانقضاء الخصومة.

الطعن 15487 لسنة 77 ق جلسة 26 / 10 / 2008 مكتب فني 59 ق 140 ص 793

برئاسة السيد القاضي/ محمد شهاوي عبد ربه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد خليفة, أيمن يحيى الرفاعي, فيصل حرحش نواب رئيس المحكمة وخالد مصطفى.
---------------
- 1  عقد "تحديد موضوع العقد: تكيف العقد".
تكييف العقود. العبرة فيه بما عناه المتعاقدان دون الاعتداد بما أطلقاه عليها من تسميه متى تبين مخالفتها حقيقة التعاقد و قصدهما. محكمة الموضوع. سلطتها في التعرف على ذلك القصد وصولاً منها للتكييف القانوني الصحيح. خضوعها لرقابه محكمة النقض. علة ذلك .
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن المناط في تكييف العقود هو بما عناه المتعاقدان دون الاعتداد بما أطلقاه عليها من تسمية، متى تبين أن هذه الأوصاف تخالف حقيقة التعاقد وقصد المتعاقدين، وأنه وإن كان التعرف على هذا القصد من سلطة محكمة الموضوع وصولاً منها للتكييف القانوني الصحيح إلا أن هذا التكييف لقصد المتعاقدين وإنزال حكم القانون على العقد هو من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض.
- 2  عقد "تحديد موضوع العقد: تكيف العقد".
ثبوت إقرار المطعون ضده الأول في عقد الاتفاق المبرم بين طرفا النزاع لبيع العقار الشائع بينهم بالتزامه بإخلاء الطابق الذي يشغله خلال فترة محدده من تاريخ البيع مقابل التزام الطاعنين وباقي المطعون ضدهم بتعويضه. مؤداه. تعليق نفاذ التزامات الطرفين في العقد على شرط بيع العقار باعتباره أمراً مستقبلياً يمكن وقوعه. عدم اعتباره شرطاً إرادياً محضاً لارتباطه بإرادة الطرفين بموافقتهما على البيع وبظروف خارجية هي تقدم مشتري للشراء بسعر مناسب. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر بانتهائه أنه عقد تام. صحيح. النعي عليه بمخالفته القانون لكون تكييف العقد وعد بالتعاقد وقع باطلاً لعدم تحديد مدة لإبرامه. نعى بغير أساس.
إذ كان البين من عقد الاتفاق المؤرخ ../../.. أنه بعد أن أثبت طرفا النزاع رغبتهم في بيع المنزل المملوك لهم جميعاً إنهاءً لحالة الشيوع فيما بينهم، أقر المطعون ضده الأول بالتزامه بإخلاء الطابق العلوي الذي يشغله بالمنزل في غضون ستين يوماً من تمام بيعه مقابل التزام الطاعنين وباقي المطعون ضدهم بتعويضه عن هذا الإخلاء بمبلغ تحدد مقداره في العقد، فإن هذا الالتزام في شقيه هو جوهر اتفاق الطرفين، وهو عقد تام اكتملت له أركان انعقاده، ورتب في حق كل منهما التزامات محددة، و إن كان نفادها معلقاً على شرط واقف هو اتمام بيع المنزل وهذا الشرط وصف يلحق الالتزام ولا يؤثر في كونه موجوداً، و إن كان وجوده ليس مؤكداً، وهذا الشرط توافرت له مقومات صحته وفقاً للمادتين 265، 267 من القانون المدني باعتباره أمراً مستقبلياً يمكن وقوعه ولا مخالفة فيه لقواعد النظام العام والآداب العامة، وليس شرطاً إرادياً محضاً فلا يتوقف تحققه على مطلق إرادة طرف واحد منهما بل مرتبط بإرادة الطرفين – وهو موافقتهما على البيع – فضلاً عن ارتباطه بظروف خارجية وهى تقدم مشترى للمنزل بسعر مناسب – حسبما ورد في الاتفاق – وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن هذا الاتفاق عقد تام اكتملت له أركان انعقاده وليس مجرد وعد بالتعاقد بالمفهوم الذي حددته المادة 101 من القانون المدني فإن النعى عليه في هذا الخصوص (النعى عليه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه لأن الحكم انتهى إلى أن الاتفاق المحرر فيما بين طرفي النزاع عقد منجز، رغم أنه في حقيقته وعد بالتعاقد وقع باطلاً لعدم تحديد المدة التي يتم فيها إبرام العقد على ما تضمنه من التزامات وهي إخلاء المطعون ضده الأول الجزء الذي يشغله من المنزل مقابل دفع الطاعنين وباقي المطعون ضدهم تعويض له عن هذا الإخلاء) على غير أساس.
- 3  شيوع "قسمة المال الشائع: القسمة القضائية: أثر الحكم بإيقاع البيع لتعذر القسمة على الحقوق العينية الأصلية على العقار".
الحكم بإيقاع البيع وتسجيله لا ينقل إلى المشترى بالمزاد سوى ما كان للمدين من حقوق علي العقار المبيع. سريانه على بيع العقار المملوك على الشيوع لعدم إمكان قسمته عيناً. المواد 447/ 2، 463، 468 مرافعات. أثره. انتقال الملكية للمشترى بالحالة التي كانت عليها على ذمة المدين أو الملاك على الشيوع. اعتبار الأول خلفاَ للأخيرين إيجاباً وسلباً وسريان كافة الحقوق العينية الأصلية التي على العقار وما عقد من إيجار في حقه. مؤداه. بيع العقار الشائع بطريق المزايدة لا أثر له في قيام الاتفاق بين الملاك على عدم إخلاء أحدهم من العقار المباع إلا بعد تعويضه.
المقرر وفقاً لنص المادة 447/ 2 من قانون المرافعات الواردة ضمن أحكام الفرع الرابع من الفصل الثالث من الباب الثالث من هذا القانون والخاص بالتنفيذ على العقار – والتي تسرى أحكامها على بيع العقار المملوك على الشيوع لعدم إمكان قسمته عيناً وفق ما أحالت عليها المادتين 463، 468 الواردتين في الفصل الرابع من ذات الباب والمتعلق ببعض البيوع الخاصة أن الحكم بإيقاع البيع وتسجيله لا ينقل إلى المشترى بالمزاد سوى ما كان للمدين من حقوق عليه، فتنتقل الملكية إليه بالحالة التي كانت عليها على ذمة المدين أو الملاك على الشيوع كما أن هذا المشترى يعتبر خلفاً للمالك أو المدين إيجاباً أو سلباً فيخرج العقار من ذمة الأخير لينتقل إلى ذمة الأول بالحالة التي كان عليها، و تسرى في حقه كافة الحقوق العينية الأصلية التي يكون العقار محملاً بها كحق الارتفاق والانتفاع والاستعمال والسكنى، كما يسرى في حقه ما عقده من إيجار، وعلى ذلك فإن إجراء بيع العقار بطريق المزايدة العلنية لا أثر له في قيام الاتفاق محل التداعى (الاتفاق بين الملاك على الشيوع على عدم إخلاء أحدهم من العقار المباع إلا بعد تعويضه) وما يرتبه من التزامات في ذمة أطرافه.
- 4  بيع "دعوى صحة التعاقد: الحكم الصادر فيها".
دعوى صحة التعاقد. تناولها محل العقد وتنفيذه. علة ذلك. قيام الحكم الصادر فيها مقام تنفيذ العقد متى سمحت بذلك طبيعة الالتزام وفقاً للمادة 210 مدني.
إنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – إن دعوى صحة التعاقد لا يقتصر موضوعها على محل العقد بل يتناول تنفيذه أيضاً، اعتباراً بأن الحكم الذي يصدره القاضي في الدعوى يقوم مقام تنفيذ العقد إذا سمحت بذلك طبيعة الالتزام وفقاً للمادة 210 من القانون المدني.
- 5  التزام "أوصاف الالتزام: الشرط: الشرط الواقف".
الشرط الواقف للالتزام. أثره. وقف نفاذ الالتزام لحين تحقق الواقعة المشروطة. تحقق وجود الالتزام فترة التعليق وإن كان غير مؤكد. مؤداه. عدم جواز اتخاذ الدائن خلال تلك الفترة الوسائل التنفيذية للمطالبة بحقه جبراً أو اختياراً طالما لم يتحقق الشرط.
إذ كان الشرط الواقف من شأنه أن يوقف نفاذ الالتزام إلى أن تتحقق الواقعة المشروطة فيكون الالتزام في فترة التعليق موجوداً, وإن كان وجوده ليس مؤكداً, فإنه لا يجوز للدائن خلال هذه الفترة اتخاذ الوسائل التنفيذية للمطالبة بحقه جبراً أو اختياراً طالما لم يتحقق الشرط.
- 6  التزام "أوصاف الالتزام: الشرط: الشرط الواقف".
اتفاق الطاعنين والمطعون ضده الأول باعتبارهم مالكين على الشيوع على تعويض الأخير قبل إخلائه من العين التي يشغلها بالعقار عند بيعهم إياه. التزام معلق على شرط واقف هو تمام البيع. صدور حكم ببيع العقار بالمزاد العلني دون تنفيذه وعدم اتفاقهم على البيع. قضاء الحكم المطعون فيه بإجابة المطعون ضده الأول لطلبه بصحة ونفاذ عقد الاتفاق رغم رفعها قبل الأوان. خطأ.
إذ كانت المحكمة قد انتهت بأن الاتفاق محل التداعى (اتفاق الطاعنين والمطعون ضده الأول باعتبارهم مالكين على الشيوع العقار محل التداعى على تعويض الأخير قبل أخلائه من العين التي يشغلها بالعقار عند بيعهم إياه) معلق على شرط واقف وهو تمام بيع العقار, وكان الحكم الصادر ببيع المنزل بالمزاد العلني لم ينفذ بعد, ولم يتفق الطرفان على البيع, فإن الدعوى بطلب صحته ونفاذه (المرفوعة من المطعون ضده الأول) تكون قد رفعت قبل الأوان, وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وقضى بصحة ونفاذ هذا الاتفاق فإنه يكون معيباً.
- 7  محكمة الموضوع "سلطتها في تفسير العقود".
محكمة الموضوع. سلطتها في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها وتفسير العقود والمحررات بما هو أوفى بمقصود عاقديها. شرطه. أن يكون استخلاصاً سائغاً وعدم خروجها في تفسيرها عن مدلولها الظاهر وما عناه التعاقدان منها. (مثال بشأن تفسير سائغ لعقد اتفاق معلق على شرط).
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة الموضوع سلطتها التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها وتفسير العقود والمحررات بما هو أوفى بمقصود عاقديها ودون معقب عليها في ذلك متى كان استخلاصها سائغاً ولم تخرج في تفسيرها لهذه العقود والمحررات عن مدلولها الظاهر وما عناه المتعاقدان منها. لما كان ذلك, وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الأول أقام دعواه الرقمية... سنة 2000 مدني محكمة المنصورة الإبتدائية – رداً على دعوى الطاعنين الضامة – طالباً رفض طلباتهم فيها, ومنها طلب أداء مقابل انتفاعه بالطابق العلوي من المنزل, كما طلب تعويضه عن أخلالهم بما التزاموا به في عقد الاتفاق المؤرخ 31/7/1991 والذي طلب أيضاً القضاء بصحته ونفاذه, وإذ قضت محكمة أول درجة له بطلباته عدا طلب التعويض, وفي دعوى الطاعنين قضت بتمكينهم من الانتفاع بالدور الأراضي ورفض طلبي الإخلاء والإلزام بالريع, فأقام الاستئناف رقم... سنة 58ق المنصورة طالباً إلغاء الحكم فيما قضى به من تمكينهم من الانتفاع بالدور الأرضي ورفض طلب التعويض وتأييده فيما عدا ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد خلص من عقد الاتفاق المشار إليه أن نية أطرافه انعقدت على أحقية المطعون ضده الأول في سكني ذلك الجزء من المنزل دون مقابل وحتى تمام بيعه وانقضاء ستين يوماً على تاريخ هذا البيع ورتب على ذلك قضاءه برفض طلبي الإخلاء ومقابل انتفاعه به, وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله مأخذه الصحيح من عقد الاتفاق وبما لا خروج فيه عن المدلول الظاهر لعباراته, وما عناه المتعاقدان منه ولم يتضمن قضاءً بما لم يطلبه المطعون ضده الأول, فإن النعى عليه (النعى عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال لرفضه طلب إخلاء الجزء الذي يشغله المطعون ضده الأول من المنزل رغم أن حيازة الأخير لا تستند لسبب مشروع وخلو عقد الاتفاق من النص على إعفائه من المقابل وعدم منازعته في استحقاق الريع بل في مقداره) في هذا الخصوص يكون على غير أساس, ولا يغير من ذلك ما انتهت إليه هذه المحكمة من نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من صحة ونفاذ عقد الاتفاق ذلك أن النقض لم يتعلق بقيام عقد الاتفاق وصحة ما تضمنه من التزامات متبادلة بين طرفيه, وهو الأمر الذي اكتسب حجيته فيما بينهما في هذا الخصوص, مما لا يجوز لأيهما إثارته من جديد, وإنما قام على عدم تحقق الشرط المعلق عليه نفاذ هذه الالتزامات فإذا ما تم البيع – اتفاقاً أو قضاءً التزم كل طرف بتنفيذ التزامه فيه وجاز الحكم بصحته ونفاذه.
- 8  التماس إعادة النظر "من حالات الالتماس".
الطعن على الحكم الانتهائي إذا قضى بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه دون إدراكه بأنه يقضى بما لم يطلبه الخصوم. سبيله. التماس إعادة النظر. م 241/ 5 مرافعات.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن طريق الطعن على الحكم الانتهائي إذا قضى بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه دون أن يكون مدركاً بأنه يقضي بما لم يطلبه الخصوم هو سلوك طريق التماس إعادة النظر وفقاً للمادة 241/ 5 من قانون المرافعات وليس الطعن عليه بطريق النقض.
- 9  تعويض "التعويض الأتفاقي: الشرط الجزائي".
الشرط الجزائي. عدم استحقاقه إلا بثبوت وقوع خطأ من المدين. لا يغنى عنه تقدير التعويض في العقد لكونه ليس السبب في استحقاق التعويض. نشوء الحق فيه بعدم تنفيذ الالتزام أو التأخير فيه. انتفاء الخطأ. أثره. امتناع إعماله.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن الشرط الجزائي باعتباره تعويضاً اتفاقياً لا يستحق إلا إذا ثبت وقوع خطأ من المدين, ويغني عن توافر هذا الشرط أن يكون التعويض مقدراً في العقد لأن هذا التقدير ليس في استحقاق التعويض, وإنما ينشأ الحق فيه من عدم تنفيذ الالتزام أو التأخير في تنفيذه, فإذا انتفى الخطأ فلا محل لإعمال الشرط الجزائي.
- 10  مسئولية "المسئولية التقصيرية: من صور المسئولية: إساءة استعمال حق".
المستعمل لحقه استعمالاً مشروعاً. عدم مسئوليته عما ينشأ عن ذلك من ضرر. الاستعمال غير المشروع للحق. مناطه. ألا يقصد به سوى الإضرار بالغير. تحققه بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق أو عدم تناسب المصالح التي يرمى لتحقيقها مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها. المادتان 4, 5 مدني.
المقرر طبقاً للمادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر, وأن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق أو إذا كانت المصالح التي يرمى إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها.
- 11  مسئولية "المسئولية التقصيرية: من صور المسئولية: إساءة استعمال حق التقاضي".
حق التقاضي والإبلاغ والشكوى. من الحقوق المباحة. استعمالها لا يترتب عليه المساءلة بالتعويض. الاستثناء. ثبوت الانحراف بالحق إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء مضارة الخصم. عبء إثبات قصد الإضرار. وقوعه على عاتق المضرور.
إن حقي التقاضي والدفاع من الحقوق المباحة ولا يسئل من يلج أبواب القضاء تمسكاً بحق يدعيه لنفسه أو ذودا عن هذا الحق إلا إذا ثبت انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق وابتغاء الإضرار بالخصم, وكان عبء إثبات قصد الإضرار يقع على عاتق المضرور.
- 12  محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية التقصيرية: الخطأ التقصيري الموجب للمسئولية".
وصف محكمة الموضوع الفعل المؤسس عليه طلب التعويض. من مسائل القانون. خضوعه لرقابه محكمة النقض. (مثال لتسبيب معيب بشأن عقد اتفاق).
إن وصف محكمة الموضوع للأفعال المؤسس عليها طلب التعويض بأنها خطأ أو نفي هذا الوصف عنها هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض, إذ كان البين من عقد الاتفاق المؤرخ 31/7/1991 وسائر الأوراق أن الطاعنين والمطعون ضدهما الأول والأخيرة اتفقوا على إنهاء حالة الشيوع فيما بينهم في المنزل محل النزاع وذلك بطريق بيعه مع التزام المطعون ضده الأول بإخلائه في غضون ستين يوما من تمام البيع مقابل تعويضه عن هذا الإخلاء تحددت قيمته في العقد, وإزاء عدم اتفاق الأطراف على ثمن البيع أقام الطاعن الأول الدعوى ..... سنة 1992 مدني محكمة ميت غمر الجزئية بطلب قسمة العقار أو بيعه, وإذ تعذرت القسمة عينا وقضي نهائيا بالبيع بالمزاد العلني بتاريخ 28/2/1995 في الاستئناف رقم ...... لسنة 1994 مستأنف كلي مأمورية ميت غمر, ولما لم يتم البيع حتى 26/4/1998 أقام الطاعنون دعواهم رقم ..... لسنة 1998 مدني كلي المنصورة بطلب إخلائه استعمالا لحقهم المشروع في التقاضي ودرئا لما قد يحيق بهم من مضارة بسبب اضطرارهم لبيع العقار بثمن بخس, وفضلا عن أن المطعون ضده الأول لم يثبت توفر قصد الإضرار به من إقامتهم هذه الدعوى, فإن البين من الأوراق أن فرصة وقوع هذا الضرر تكاد تكون منعدمة, وإنه على فرض وقوعه فإنه يكون يسيرا لا يتناسب البتة مع الضرر الذي يقع على الطاعنين في حالة عدم بيع العقار, أو اضطرارهم إلى بيعه بسعر غير مناسب وسيما أنه احتفظ لنفسه في عقد الاتفاق بتعويض مقابل الإخلاء إذا تم البيع حدده بمبلغ ...... جنيه يزيد بنسبة 10% من الثمن إذ زاد على ..... جنيه وكانت القاعدة الشرعية التي تبناها المشرع في المادتين 4, 5 من القانون المدني هي أن الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف وقد قضي نهائيا برفض طلب الإخلاء, وكان رفض هذا الطلب لا يدل بمجرده على إساءة استعمال حق التقاضي, ومن ثم فإن الخطأ ينتفي في جانب الطاعنين ولا محل لإعمال الشرط الجزائي الوارد بعقد الاتفاق, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضده الأول بالتعويض استنادا إلى هذا الشرط فإنه يكون معيبا.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع ــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــ تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم .... لسنة 1998 مدني محكمة المنصورة الابتدائية ــ مأمورية ميت غمر ــ على المطعون ضدهما الأول والثانية بطلب الحكم بإخلاء وتسليم الشقة الكائنة بالطابق الأول العلوي من المنزل الموضح الحدود والمعالم بالصحيفة وبإلزامهما متضامنين بأن يؤديا لهم مبلغ مائتي جنيه شهرياً من تاريخ وفاة مورثهم الحاصل في 10/4/1990 حتى تاريخ الحكم مع تمكينهم من الانتفاع بالطابق الأرضي للمنزل إلى أن يتم بيعه بالمزاد العلني، وقالوا بياناً لدعواهم إنه بتاريخ 10/4/1990 توفى المرحوم ..... ــ مورث طرفي النزاع ــ وترك المنزل المشار إليه مشاعاً فيما بينهم، وأنهم حصلوا على حكم في الدعوى رقم .... لسنة 1992 مدني محكمة بندر ميت غمر ببيعه بالمزاد العلني إلا أنه تعذر بيعه بالسعر المناسب بسبب شغل المطعون ضدهما الأول والثانية للشقة الكائنة بالطابق العلوي، فأقاموا الدعوى، كما أقام المطعون ضده الأول الدعوى رقم ..... لسنة 2000 أمام ذات المحكمة على الطاعنين والمطعون ضدها الثالثة ــ المالكة لحصة شائعة في عقار النزاع ــ بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد الاتفاق المؤرخ 31/7/1991 المحرر فيما بينهم والمتضمن أحقيته في استمرار شغله للشقة الكائنة بالطابق العلوي بهذا المنزل لحين بيعه رضاءً وقضاءً، وكذلك أحقيته في مبلغ 13000 جنية من ثمن بيعه يضاف إليه 10% من الثمن إذا زاد على مبلغ 70000 جنيه مع إلزامهم بأن يؤدوا إليه مبلغ 15000 جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء إخلالهم بالتزاماتهم في هذا الاتفاق بإقامتهم الدعوى الأولى بطلب إخلاء الشقة التي يشغلها بموجبه وكذلك الدعوى رقم .... لسنة 1992 جزئي ميت غمر بطلب بيع المنزل بالمزاد العلني، ضمت المحكمة الدعويين وندبت فيهما خبيراً، وبعد أن أودع تقريره النهائي حكمت في الدعوى رقم ..... لسنة 1998 برفض طلبي الطاعنين الإخلاء والريع وإجابتهم إلى طلب تمكينهم من الانتفاع بالطابق الأرضي لمنزل النزاع، كما أجابت المطعون ضده الأول لطلباته في الدعوى رقم ..... لسنة 2000 عدا طلب التعويض فحكمت برفضه. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم برقم .... لسنة 58 ق المنصورة، كما استأنفه الطاعنون برقم .... لسنة 58 ق أمام ذات المحكمة. ضمت المحكمة الاستئنافين، وبتاريخ 14/6/2007 قضت برفض الاستئناف رقم ..... سنة 58 ق، وفي الاستئناف الآخر بإلغاء ما قضى به الحكم المستأنف في الدعوى رقم ..... لسنة 2000 من رفض طلب التعويض والقضاء مجدداً بإلزام الطاعنين بأن يؤدوا للمطعون ضده الأول مبلغ 15000 جنيه وبرفض الاستئناف فيما عدا ذلك طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الطاعنين بالتعويض، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول وبالوجهين الأولين من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم انتهى إلى أن الاتفاق المؤرخ 31/7/1991م المحرر فيما بين طرفي النزاع عقد منجز اكتملت له أركان انعقاده وشرائط صحته، وقضى تبعاً لذلك بصحته ونفاذه، رغم أنه في حقيقته وعد بالتعاقد وقع باطلاً لعدم تحديد المدة التي يتم فيها إبرام العقد على ما تضمنه من التزامات وهي إخلاء المطعون ضده الأول الجزء الذي يشغله من المنزل مقابل دفع الطاعنين وباقي المطعون ضدهم تعويض له عن هذا الإخلاء، وبفرض أن هذا الاتفاق عقد تام، فإنه لم يعد له محل، إذ إن قيام ما تضمنه من التزامات في حق أطرافه مرتبط ــ حسبما ورد في بنوده ــ ببيع المنزل اتفاقاً وليس قضاءً، وقد صدر الحكم النهائي في الدعوى رقم ..... لسنة 1992 بندر ميت غمر ببيعه بطريق المزايدة العلنية لتعذر قسمته عيناً، ومن شأن هذا البيع أن يطهر العقار مما عليه من حقوق، ومن حق الراسي عليه المزاد إخلاؤه من الملاك فور تمام البيع وبقوة القانون، هذا بالإضافة إلى أن هذا الاتفاق جاء نفاذه معلقاً على شرط واقف وهو إجراء بيع العقار والذي لم يتم بعد، فلا ينفذ في حقهم، فضلاً عن أن هذا الشرط وقع باطلاً لتوقف تحققه مستقبلاً على محض إرادة طرفيه فيبطل العقد بدوره، وفي هذا كله ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في وجهيه الأول والثاني غير سديد ذلك أنه من المقرر ــ في قضاء هذه المحكمة ــ أن المناط في تكييف العقود هو بما عناه المتعاقدان دون الاعتداد بما أطلقاه عليها من تسمية، متى تبين أن هذه الأوصاف تخالف حقيقة التعاقد وقصد المتعاقدين، وأنه وإن كان التعرف على هذا القصد من سلطة محكمة الموضوع وصولاً منها للتكييف القانوني الصحيح إلا أن هذا التكييف لقصد المتعاقدين وإنزال حكم القانون على العقد هو من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من عقد الاتفاق المؤرخ 31/7/1991 أنه بعد أن أثبت طرفا النزاع رغبتهما في بيع المنزل المملوك لهم جميعاً إنهاءً لحالة الشيوع فيما بينهم، أقر المطعون ضده الأول بالتزامه بإخلاء الطابق العلوي الذي يشغله بالمنزل في غضون ستين يوماً من تمام بيعه مقابل التزام الطاعنين وباقي المطعون ضدهم بتعويضه عن هذا الإخلاء بمبلغ تحدد مقداره في العقد، فإن هذا الالتزام في شقيه هو جوهر اتفاق الطرفين، وهو عقد تام اكتملت له أركان انعقاده ورتب في حق كل منهما التزامات محددة، وإن كان نفاذها معلقاً على شرط واقف هو إتمام بيع المنزل، وهذا الشرط وصف يلحق الالتزام ولا يؤثر في كونه موجوداً، وإن كان وجوده ليس مؤكداً، وهذا الشرط توافرت له مقومات صحته وفقاً للمادتين 265، 267 من القانون المدني باعتباره أمراً مستقبلياً يمكن وقوعه ولا مخالفة فيه لقواعد النظام العام والآداب العامة، وليس شرطاً إرادياً محضاً فلا يتوقف تحققه على مطلق إرادة طرف واحد منهما بل مرتبط بإرادة الطرفين ــ وهو موافقتهما على البيع ــ فضلاً عن ارتباطه بظروف خارجية وهي تقدم مشتري للمنزل بسعر مناسب ــ حسبما ورد في الاتفاق ــ، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن هذا الاتفاق عقد تام اكتملت له أركان انعقاده وليس مجرد وعد بالتعاقد بالمفهوم الذي حددته المادة 101 من القانون المدني، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس، وإذ كان ذلك وكان من المقرر وفقاً لنص المادة 447/2 من قانون المرافعات الواردة ضمن أحكام الفرع الرابع من الفصل الثالث من الباب الثالث من هذا القانون والخاص بالتنفيذ على العقار ــ والتي تسري أحكامها على بيع العقار المملوك على الشيوع لعدم إمكان قسمته عيناً وفق ما أحالت عليها المادتين 463، 468 الواردتين في الفصل الرابع من ذات الباب والمتعلق ببعض البيوع الخاصة ــ أن الحكم بإيقاع البيع وتسجيله لا ينقل إلى المشتري بالمزاد سوى ما كان للمدين من حقوق عليه، فتنتقل الملكية إليه بالحالة التي كانت عليها على ذمة المدين أو الملاك على الشيوع، كما أن هذا المشتري يعتبر خلفاً للمالك أو المدين إيجاباً وسلباً فيخرج العقار من ذمة الأخير لينتقل إلى ذمة الأول بالحالة التي كان عليها، وتسري في حقه كافة الحقوق العينية الأصلية التي يكون العقار محملاً بها كحق الارتفاق والانتفاع والاستعمال والسكنى، كما يسري في حقه ما عقده من إيجار وعلى ذلك، فإن إجراء بيع العقار بطريق المزايدة العلنية لا أثر له في قيام الاتفاق محل التداعي وما يرتبه من التزامات في ذمة أطرافه، ويكون النعي على الحكم في هذا الوجه أيضاً على غير أساس
وحيث إن النعي في وجهه الأخير سديد، ذلك أنه من المقرر ــ في قضاء هذه المحكمة ــ أن دعوى صحة التعاقد لا يقتصر موضوعها على محل العقد بل يتناول تنفيذه أيضاً، اعتباراً بأن الحكم الذي يصدره القاضي في الدعوى يقوم مقام تنفيذ العقد إذا سمحت بذلك طبيعة الالتزام وفقاً للمادة 210 من القانون المدني، وإذ كان الشرط الواقف من شأنه أن يوقف نفاذ الالتزام إلى أن تتحقق الواقعة المشروطة، فيكون الالتزام في فترة التعليق موجوداً، وإن كان وجوده ليس مؤكداً، فإنه لا يجوز للدائن خلال هذه الفترة اتخاذ الوسائل التنفيذية للمطالبة بحقه جبراً أو اختياراً طالما لم يتحقق الشرط، وإذ كانت المحكمة قد انتهت ــ على ما سلف ــ بأن الاتفاق محل التداعي معلق على شرط واقف وهو تمام بيع العقار، وكان الحكم الصادر ببيع المنزل بالمزاد العلني لم ينفذ بعد، ولم يتفق الطرفان على البيع، فإن الدعوى بطلب صحته ونفاذه تكون قد رفعت قبل الأوان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وقضى بصحة ونفاذ هذا الاتفاق، فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأخير من السبب الثاني وبالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، إذ أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي برفض طلب إخلاء الجزء الذي يشغله المطعون ضده الأول من المنزل على أن الشريك يملك كل ذرة في المال الشائع فلا يجوز انتزاع ما يضع يده عليه منه مفرزاً، كما رفض طلب إلزامه بمقابل انتفاعه به استناداً إلى ما خلص إليه من عقد الاتفاق المؤرخ 31/7/1991 من أنه تضمن إقرار الطاعنين وباقي المطعون ضدهم بأحقيته في سكناه دون مقابل حتى تمام البيع، في حين أن حيازته لهذا الجزء لا تستند إلى سبب مشروع وخلت بنود هذا الاتفاق مما يفيد إعفائه من هذا المقابل فمن حقهم كشركاء مطالبته بريع ما زاد عن حصته في المنزل وفقاً للقواعد التي تنظم انتفاع الشركاء بالمال الشائع، هذا بالإضافة إلى أن المطعون ضده المذكور لم ينازع في استحقاق الريع بل في مقداره فقط وهو ما كان محل بحث الخبير المنتدب، فإن رفض الحكم القضاء به يعد قضاء بما لم يطلبه الخصوم، ويكون الحكم معيباً مما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر ــ في قضاء هذه المحكمة ــ أن لمحكمة الموضوع سلطتها التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها، وتفسير العقود والمحررات بما هو أوفى بمقصود عاقديها ودون معقب عليها في ذلك متى كان استخلاصها سائغاً ولم تخرج في تفسيرها لهذه العقود والمحررات عن مدلولها الظاهر وما عناه المتعاقدان منها. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الأول أقام دعواه الرقيمه ....... لسنة 2000 مدني محكمة المنصورة الابتدائية ــ رداً على دعوى الطاعنين الضامة ــ طالباً رفض طلباتهم فيها، ومنها طلب أداء مقابل انتفاعه بالطابق العلوي من المنزل، كما طلب تعويضه عن إخلالهم بما التزموا به في عقد الاتفاق المؤرخ 31/7/1991 والذي طلب أيضاً القضاء بصحته ونفاذه، وإذ قضت محكمة أول درجة له بطلباته عدا طلب التعويض، وفي دعوى الطاعنين قضت بتمكينهم من الانتفاع بالدور الأرضي ورفض طلبي الإخلاء والإلزام بالريع، فأقام الاستئناف رقم ..... لسنة 58 ق المنصورة طالباً إلغاء الحكم فيما قضى به من تمكينهم من الانتفاع بالدور الأرضي ورفض طلب التعويض وتأييده فيما عدا ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص من عقد الاتفاق المشار إليه أن نية أطرافه انعقدت على أحقية المطعون ضده الأول في سكنى ذلك الجزء من المنزل دون مقابل وحتى تمام بيعه وانقضاء ستين يوماً لاحقه على هذا البيع ورتب على ذلك قضاءه برفض طلبي الإخلاء ومقابل انتفاعه به، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله مأخذه الصحيح من عقد الاتفاق وبما لا خروج فيه عن المدلول الظاهر لعباراته، وما عناه المتعاقدان منه، ولم يتضمن قضاءً بما لم يطلبه المطعون ضده الأول، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس، ولا يغير من ذلك ما انتهت إليه هذه المحكمة من نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من صحة ونفاذ عقد الاتفاق، ذلك أن النقض - حسبما جاء في الرد على السبب السابق ــ لم يتعلق بقيام عقد الاتفاق وصحة ما تضمنه من التزامات متبادلة بين طرفيه، وهو الأمر الذي اكتسب حجيته فيما بينهما في هذا الخصوص مما لا يجوز لأيهما إثارته من جديد، وإنما قام على عدم تحقق الشرط المعلق عليه نفاذ هذه الالتزامات، فإذا ما تم البيع ــ اتفاقاً أو قضاءً ــ التزم كل طرف بتنفيذ التزامه فيه وجاز الحكم بصحته ونفاذه
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ أيد حكم محكمة أول درجة فيما قضت به من تمكين المطعون ضده الأول من الانتفاع معهم بالدور الأرضي من المنزل رغم أنه لم يطلب ذلك مما يعد منه قضاء بما لم يطلبه الخصوم بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر ــ في قضاء هذه المحكمة ــ أن طريق الطعن على الحكم الانتهائي إذا قضى بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه دون أن يكون مدركاً بأنه يقضي بما لم يطلبه الخصوم هو سلوك طريق التماس إعادة النظر وفقاً للمادة 241/5 من قانون المرافعات وليس الطعن عليه بطريق النقض، وبالتالي فإن الطعن على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون غير مقبول
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ أقام قضاءه بإلزامهم بمبلغ التعويض الاتفاقي المنصوص عليه في العقد المؤرخ 31/7/1991م على أن إقامتهم للدعوى رقم .... سنة 1998 مدني كلي المنصورة قبله بطلب إخلاء الدور الأول العلوي من المنزل وتسليمه يعد إخلالاً بما التزموا به في هذا العقد في حين أنه قضى لهم بتمكينهم من الانتفاع بالطابق الأرضي من هذا المنزل مما ينفي عنهم الخطأ المستوجب للتعويض، وهو مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر ــ في قضاء هذه المحكمة ــ أن الشرط الجزائي باعتباره تعويضاً اتفاقياً لا يستحق إلا إذا ثبت وقوع خطأ من المدين، ولا يغني عن توافر هذا الشرط أن يكون التعويض مقدراً في العقد لأن هذا التقدير ليس هو السبب في استحقاق التعويض، وإنما ينشأ الحق فيه من عدم تنفيذ الالتزام أو التأخير في تنفيذه فإذا انتفى الخطأ فلا محل لإعمال الشرط الجزائي، وأنه من المقرر أيضاً طبقاً للمادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ــ أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر، وأن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير، وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق أو إذا كانت المصالح التي ترمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها، وأن حقي التقاضي والدفاع من الحقوق المباحة ولا يسئل من يلج أبواب القضاء تمسكاً بحق يدعيه لنفسه أو ذوداً عن هذا الحق إلا إذا ثبت انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد في الخصومة والعنت، مع وضوح الحق وابتغاء الإضرار بالخصم، وكان عبء إثبات قصد الإضرار يقع على عاتق المضرور، كما أن وصف محكمة الموضوع للأفعال المؤسس عليها طلب التعويض بأنها خطأ أو نفي هذا الوصف عنها هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من عقد الاتفاق المؤرخ 31/7/1991 وسائر الأوراق أن الطاعنين والمطعون ضدهما الأول والأخيرة اتفقوا على إنهاء حالة الشيوع فيما بينهم في المنزل محل النزاع وذلك بطريق بيعه مع التزام المطعون ضده الأول بإخلائه في غضون ستين يوماً من تمام البيع مقابل تعويضه عن هذا الإخلاء تحددت قيمته في العقد، وإزاء عدم اتفاق الأطراف على ثمن البيع أقام الطاعن الأول الدعوى رقم ...... لسنة 1992 مدني محكمة ميت غمر الجزئية بطلب قسمة العقار أو بيعه، وإذ تعذرت القسمة عيناً وقضى نهائياً بالبيع بطريق المزاد العلني بتاريخ 28/2/1995 في الاستئناف رقم ...... سنة 1994 مستأنف كلي مأمورية ميت غمر، ولما لم يتم البيع حتى 26/4/1998 أقام الطاعنون دعواهم رقم .... لسنة 1998 مدني كلي المنصورة بطلب إخلائه استعمالاً لحقهم المشروع في التقاضي ودرئاً لما قد يحيق بهم من مضارة بسبب اضطرارهم لبيع العقار بثمن بخس، وفضلاً عن أن المطعون ضده الأول لم يثبت توفر قصد الإضرار به من إقامتهم هذه الدعوى، فإن البين من الأوراق أن فرصة وقوع هذا الضرر تكاد تكون منعدمة، وأنه على فرض وقوعه فإنه يكون يسيراً لا يتناسب البتة مع الضرر الذي يقع على الطاعنين في حالة عدم بيع العقار، أو اضطرارهم إلى بيعه بسعر غير مناسب سيما أنه احتفظ لنفسه في عقد الاتفاق بتعويض مقابل الإخلاء إذا تم البيع حدده بمبلغ 13000 جنيه يزيد بنسبة 10% من الثمن إذا زاد على 70000 جنيه، وكانت القاعدة الشرعية التي تبناها المشرع في المادتين 4، 5 من القانون المدني هي أن الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف، وقد قضى نهائياً برفض طلب الإخلاء، وكان رفض هذا الطلب لا يدل بمجرده على إساءة استعمال حق التقاضي، ومن ثم فإن الخطأ ينتفي في جانب الطاعنين ولا محل لإعمال الشرط الجزائي الوارد بعقد الاتفاق، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضده الأول بالتعويض استناداً إلى هذا الشرط، فإنه يكون في هذا الخصوص معيباً بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه جزئياً لهذا السبب أيضاً
وحيث إن موضوع الاستئنافين رقمي ....، .... لسنة 58 ق المنصورة، وفي خصوص ما نقض من الحكم المطعون فيه صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وإذ كان الحكم الابتدائي قضى في الدعوى رقم .... لسنة 2000 مدني محكمة المنصورة الابتدائية "مأمورية ميت غمر" بصحة ونفاذ عقد الاتفاق المؤرخ 31/7/1991 ورفض طلب التعويض، فإن المحكمة تقضي بإلغائه في الشق الأول وبعدم قبول طلب صحة ونفاذ هذا الاتفاق لرفعه قبل الأوان، وبتأييد قضائه في الشق الثاني.

الطعن 2 لسنة 2009 ق (هيئة عامة مدنية المحكمة الاتحادية العليا) جلسة 18 / 10 / 2010

برئاسة السيد القاضي/ الدكتور عبد الوهاب عبدول - رئيس المحكمة, وعضوية السادة القضاه: شهاب عبد الرحمن الحمادي وفلاح شايع الهاجري وأمين أحمد الهاجري وعبد العزيز محمد عبد العزيز.
------------------
- 1  أحالت الدائرة الطعن إلى الهيئة المشكلة وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 65 من قانون المحكمة الاتحادية العليا للفصل فيه على سند من أن هذه المحكمة أصدرت أحكاماً تقرر أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة ليست مسئولية أصلية عن الفعل الضار الذي وقع من التابع ولا تقوم على الخطأ المفترض، بما مؤداه أنه لا يجوز اختصام المتبوع وحده في الدعوى دون التابع. بينما صدرت أحكام أخرى قررت مبدأ عدم اشتراط اختصام التابع في الدعوى التي يرفعها المضرور على المتبوع وحده، ومن ثم فإن الدائرة وهي بصدد الفصل في الطعن المرفوع ترى أن هناك مبدأين متعارضين يتصلان بالنزاع المطروح بما يلزم إقرار أحدهما دون الآخر.
- 2  لما كان نص المادة 313 من قانون المعاملات المدنية الاتحادي رقم 5 لسنة 1985 وتعديلاته على أنه "1- لا يسأل أحد عن فعل غيره ومع ذلك فللقاضي بناء على طلب المضرور إذا رأى مبرراً أن يلزم أيا من الآتي ذكرهم حسب الأحوال بأداء الضمان المحكوم به على من أوقع الضرر:- أ- من وجب عليه قانوناً أو اتفاقاً رقابة شخص في حاجة إلى الرقابة بسبب قصره أو حالته العقلية أو الجسمية إلا إذا ثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أن الضرر كان لا بد واقعاً ولو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية. ب- من كانت له على من وقع منه الأضرار سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه ولم يكن حراً في اختياره إذا كان الفعل الضار قد صدر من التابع في حالة تأدية وظيفته أو بسببها. 2- ولمن أدى الضمان أن يرجع بما دفع على المحكوم عليه به "دل على أن المشرع – حسبما أوضحته المذكرة الإيضاحية للقانون السالف البيان – وضع قاعدة مؤداها أنه لا يسأل أحد عن فعل غيره إعمالاً للمبدأ المقرر في الشريعة الإسلامية من أنه لا يسأل إنسان عن ضرر أحدثه غيره التزاما بقوله تعالى "ولا تزر وزارة وزر أخرى" وقوله تعالى "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت" وقوله تعالى "كل نفس بما كسبت رهينة" على اعتبار أنها لا تقر مبدأ افتراض الخطأ سواء فيه ما يقبل إثبات العكس وما لا يقبله، إنما يسأل عن هذا الخطأ فاعله مسئولية أصلية وبالتالي تحمله تبعة الضرر وتعويض المضرور عنه متى تحققت موجباته، إلا أن المشرع خروجاً على هذا الأصل أجاز مساءلة الإنسان عن أفعال غيره في حالات أوردها حصراً في المادة 313 سالفة الذكر والتي من بينها مسئولية المتبوع عن أفعال تابعه على أساس أن مسئوليته تبعية وعن ضمان الضرر الذي تسبب في إحداثه تابعه بعمله غير المشروع، وليست مسئولية أصلية تأسيساً على عدم افتراض الخطأ في جانبه وأنه لم يقع منه أي فعل ترتب عليه مباشرة وقوع الضرر بالغير، والحكمة التي تغياها المشرع من تقرير مسئولية المتبوع عن أفعال تابعة هي – كما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية – سد الحاجة العملية التي تقتضيها المصلحة وصيانة حقوق المضرور، خشية إملاق التابع – مع عدم الخروج عن مبدأ ألا يسأل شخص عن فعل غيره ولو في ماله – وذلك بإعطاء الحق للقاضي إذا وجد مبرراً من الظروف أن يقضى بناء على طلب المضرور بإلزام المتبوع بأداء الضمان الذي حكم به على المسئول أصلاً أولا يحكم به عليه، ويقصر حكمه على التابع إعمالاً للسلطة التقديرية الممنوحة له بمقتضى نص المادة 313 سالفة البيان بدلالة عبارته من أنه "ومع ذلك فللقاضي بناء على طلب المضرور إذا رأى مبرراً أن يلزم أياً من الآتي ذكرهم حسب الأحوال .." على أن يكون له – أي المحكوم عليه – حق الرجوع على المتسبب بفعله غير المشروع بما دفعه عنه رعاية للمضرور، مما مفاده أن المتبوع بهذه المثابة يعتبر في حكم الكفيل المتضامن مع تابعه بما يتسبب به الأخير من ضرر للغير على أساس انه المسئول التبعي ويعطيه حق الرجوع بما يدفعه عن المسئول الأصلي الذي يستقر عليه الضمان، وهذا ما تقوم عليه مذكرة الضمان غير المستقر في المسئولية التبعية عن فعل الغير في الفقه الإسلامي والتي يشترك فيها التابع والمتبوع بحكم واحد هو المسئولية التبعية بأداء الضمان للمضرور، بما مؤداه أن مسئولية المتبوع عن الضمان لا تقوم إلا تبعاً لتحقق مسئولية تابعة عن الفعل الضار وتحمله الضمان المحكوم به عليه، بمعنى أن مسئولية المتبوع ترتبط وجوداً وعدماً بمدى ثبوت مسئولية التابع عن هذا الضمان وهو ما يتفق مع مقصود المشرع بما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية من "....... بأداء الضمان الذي حكم به على المسئول أصلاً ...." بما لا يجوز معه الحكم على المتبوع بأداء الضمان قبل أن يستقر في ذمة تابعه وتتقرر مسئوليته عنه وهو ما يلزم معه اختصام التابع إلى جانب المتبوع في الدعوى التي يرفعها المضرور على الأخير توصلاً إلى ثبوت مسئولية التابع عن الضمان والحكم عليه ومن ثم إلزام المتبوع بأدائه منفرداً أو بالتضامن مع تابعه – حسب الأحوال – والقول بجواز رجوع المضرور على المتبوع بتعويض الضرر الناشئ عن أعمال تابعه غير المشروعة دون حاجة لإدخال التابع في الدعوى ينطوي على الخروج عن قصد المشرع كما سلف بيانه وتأسيس مسئولية المتبوع على فكرة الخطأ المفترض ومردها إلى سوء اختياره لتابعه وتقصيره في رقابته وهو ما لا يقره القانون – حسبما بينته المذكرة الإيضاحية في هذا الخصوص – وترتيباً على ما تقدم فإن مسئولية المتبوع عن الضمان تستلزم بداءة ثبوت مسئولية التابع عنه وهي مسألة أولية يترتب على ثبوتها التزام المتبوع بأداء الضمان للمضرور، بحيث إذا انتفت مسئولية التابع فإنه يتعين رفض دعوى الضمان قبل المتبوع على أساس أن مسئولية التابع أصلية بينما مسئولية المتبوع تبعية، والتابع تابع ولا ينفرد بالحكم. وحيث إن الهيئة إذ خلصت على النحو المشار إليه في المساق المتقدم إلى وجوب اختصام التابع في الدعوى التي يرفعها المضرور على المتبوع، وكانت ثمة أحكام صدرت من هذه المحكمة تسير في هذا الاتجاه وذلك في الطعون أرقام "24 ق لسنة 11 شرعي مدني و 728 لسنة 24 ق نقض مدني و237 لسنة 25 ق نقض مدني" ومن ثم فإن الهيئة تقر المبدأ الذي ارتأته في هذا الخصوص دون ما يخالفه في الطعون الأخرى.
- 3  لما كان قضاء الهيئة بالمحكمة قد استقر على أنه إذا أحالت إحدى دوائر المحكمة الطعن المنظور أمامها إلى الهيئة للنظر في العدول عن مبدأ مستقر يتصل بالنزاع المطروح في الطعن أو إقرار ما كان متعارضاً من المبادئ القانونية فإن الهيئة إذا ما فصلت في أي من هاتين المسألتين، فلا تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته، إنما يتعين عليها أن تتصدى للفصل في موضوع الطعن بعد أن تقول كلمتها في موضوع الإحالة.
- 4 لما كانت الهيئة قد انتهت في قضائها على نحو ما تقدم إلى وجوب اختصام التابع إلى جانب المتبوع في الدعوى التي يرفعها المضرور على الأخير كشرط إجرائي لقبول الدعوى. وكان الحكم المطعون فيه إذ تبنى المبدأ الذي عدلت عنه الهيئة على النحو السالف بيانه بقضائه بإلزام الطاعنة بالضمان دون اختصام تابعيهما مما يوجب نقضه لهذا السبب.
---------------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى 12 لسنة 2001 مدني كلي خورفكان ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا مبلغ 2.200.000 درهم تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهم من جراء وفاة مورثهم نتيجة العملية الجراحية التي أجراها له تابعي الطاعنين وقضى بإدانتهما عن واقعة تسببها بخطئهما وعدم احترازهما في وفاته وذلك في الدعوى رقم 191 لسنة 2007 جزاء خورفكان وأصبح هذا الحكم نهائياً، مما يستوجب تعويضهما فكانت الدعوى، ومحكمة أول درجة قضت بإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون ضدهم مبلغ 300.000 درهم تعويضاً مادياً يقسم بينهم حسب الفريضة الشرعية، استأنف المطعون ضدهم بالاستئناف رقم 21 لسنة 2008، كما استأنف الطاعنان بالاستئناف رقم 22 لسنة 2008، ومحكمة الاستئناف قضت بجلسة 27/7/2008 برفض الاستئناف الأول، وفي الاستئناف الثاني بتعديل المبلغ المقضي به إلى مبلغ 200.000 درهم. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل، وعرض الطعن على الدائرة المدنية بالمحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات. وبجلسة 1/4/2009 أحالت الدائرة الطعن إلى الهيئة المشكلة وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 65 من قانون المحكمة الاتحادية العليا للفصل فيه على سند من أن هذه المحكمة أصدرت أحكاماً تقرر أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة ليست مسئولية أصلية عن الفعل الضار الذي وقع من التابع ولا تقوم على الخطأ المفترض، بما مؤداه أنه لا يجوز اختصام المتبوع وحده في الدعوى دون التابع
بينما صدرت أحكام أخرى قررت مبدأ عدم اشتراط اختصام التابع في الدعوى التي يرفعها المضرور على المتبوع وحده، ومن ثم فإن الدائرة وهي بصدد الفصل في الطعن المرفوع ترى أن هناك مبدأين متعارضين يتصلان بالنزاع المطروح بما يلزم إقرار أحدهما دون الآخر
وحيث إن الهيئة إذ نظرت الطعن على النحو الثابت بمحضر الجلسة، فقد قررت حجزه للحكم فيه بجلسة اليوم.

----------------
المحكمة
وحيث إن نص المادة 313 من قانون المعاملات المدنية الاتحادي رقم 5 لسنة 1985 وتعديلاته على أنه "1- لا يسأل أحد عن فعل غيره ومع ذلك فللقاضي بناء على طلب المضرور إذا رأى مبرراً أن يلزم أيا من الآتي ذكرهم حسب الأحوال بأداء الضمان المحكوم به على من أوقع الضرر:- أ- من وجب عليه قانوناً أو اتفاقاً رقابة شخص في حاجة إلى الرقابة بسبب قصره أو حالته العقلية أو الجسمية إلا إذا ثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أن الضرر كان لا بد واقعاً ولو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية. ب- من كانت له على من وقع منه الأضرار سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه ولم يكن حراً في اختياره إذا كان الفعل الضار قد صدر من التابع في حالة تأدية وظيفته أو بسببها. 2- ولمن أدى الضمان أن يرجع بما دفع على المحكوم عليه به "دل على أن المشرع – حسبما أوضحته المذكرة الإيضاحية للقانون السالف البيان – وضع قاعدة مؤداها أنه لا يسأل أحد عن فعل غيره إعمالاً للمبدأ المقرر في الشريعة الإسلامية من أنه لا يسأل إنسان عن ضرر أحدثه غيره التزاما بقوله تعالى "ولا تزر وزارة وزر أخرى" وقوله تعالى "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت" وقوله تعالى "كل نفس بما كسبت رهينة" على اعتبار أنها لا تقر مبدأ افتراض الخطأ سواء فيه ما يقبل إثبات العكس وما لا يقبله، إنما يسأل عن هذا الخطأ فاعله مسئولية أصلية وبالتالي تحمله تبعة الضرر وتعويض المضرور عنه متى تحققت موجباته، إلا أن المشرع خروجاً على هذا الأصل أجاز مساءلة الإنسان عن أفعال غيره في حالات أوردها حصراً في المادة 313 سالفة الذكر والتي من بينها مسئولية المتبوع عن أفعال تابعه على أساس أن مسئوليته تبعية وعن ضمان الضرر الذي تسبب في إحداثه تابعه بعمله غير المشروع، وليست مسئولية أصلية تأسيساً على عدم افتراض الخطأ في جانبه وأنه لم يقع منه أي فعل ترتب عليه مباشرة وقوع الضرر بالغير، والحكمة التي تغياها المشرع من تقرير مسئولية المتبوع عن أفعال تابعة هي – كما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية – سد الحاجة العملية التي تقتضيها المصلحة وصيانة حقوق المضرور، خشية إملاق التابع – مع عدم الخروج عن مبدأ ألا يسأل شخص عن فعل غيره ولو في ماله – وذلك بإعطاء الحق للقاضي إذا وجد مبرراً من الظروف أن يقضى بناء على طلب المضرور بإلزام المتبوع بأداء الضمان الذي حكم به على المسئول أصلاً أولا يحكم به عليه، ويقصر حكمه على التابع إعمالاً للسلطة التقديرية الممنوحة له بمقتضى نص المادة 313 سالفة البيان بدلالة عبارته من أنه "ومع ذلك فللقاضي بناء على طلب المضرور إذا رأى مبرراً أن يلزم أياً من الآتي ذكرهم حسب الأحوال .." على أن يكون له – أي المحكوم عليه – حق الرجوع على المتسبب بفعله غير المشروع بما دفعه عنه رعاية للمضرور، مما مفاده أن المتبوع بهذه المثابة يعتبر في حكم الكفيل المتضامن مع تابعه بما يتسبب به الأخير من ضرر للغير على أساس أنه المسئول التبعي ويعطيه حق الرجوع بما يدفعه عن المسئول الأصلي الذي يستقر عليه الضمان، وهذا ما تقوم عليه مذكرة الضمان غير المستقر في المسئولية التبعية عن فعل الغير في الفقه الإسلامي والتي يشترك فيها التابع والمتبوع بحكم واحد هو المسئولية التبعية بأداء الضمان للمضرور، بما مؤداه أن مسئولية المتبوع عن الضمان لا تقوم إلا تبعاً لتحقق مسئولية تابعة عن الفعل الضار وتحمله الضمان المحكوم به عليه، بمعنى أن مسئولية المتبوع ترتبط وجوداً وعدماً بمدى ثبوت مسئولية التابع عن هذا الضمان وهو ما يتفق مع مقصود المشرع بما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية من "....... بأداء الضمان الذي حكم به على المسئول أصلاً ...." بما لا يجوز معه الحكم على المتبوع بأداء الضمان قبل أن يستقر في ذمة تابعه وتتقرر مسئوليته عنه وهو ما يلزم معه اختصام التابع إلى جانب المتبوع في الدعوى التي يرفعها المضرور على الأخير توصلاً إلى ثبوت مسئولية التابع عن الضمان والحكم عليه به ومن ثم إلزام المتبوع بأدائه منفرداً أو بالتضامن مع تابعه – حسب الأحوال – والقول بجواز رجوع المضرور على المتبوع بتعويض الضرر الناشئ عن أعمال تابعه غير المشروعة دون حاجة لإدخال التابع في الدعوى ينطوي على الخروج عن قصد المشرع كما سلف بيانه وتأسيس مسئولية المتبوع على فكرة الخطأ المفترض ومردها إلى سوء اختياره لتابعه وتقصيره في رقابته وهو ما لا يقره القانون – حسبما بينته المذكرة الإيضاحية في هذا الخصوص – وترتيباً على ما تقدم فإن مسئولية المتبوع عن الضمان تستلزم بداءة ثبوت مسئولية التابع عنه وهي مسألة أولية يترتب على ثبوتها التزام المتبوع بأداء الضمان للمضرور، بحيث إذا انتفت مسئولية التابع فإنه يتعين رفض دعوى الضمان قبل المتبوع على أساس أن مسئولية التابع أصلية بينما مسئولية المتبوع تبعية، والتابع تابع ولا ينفرد بالحكم. وحيث إن الهيئة إذ خلصت على النحو المشار إليه في المساق المتقدم إلى وجوب اختصام التابع في الدعوى التي يرفعها المضرور على المتبوع، وكانت ثمة أحكام صدرت من هذه المحكمة تسير في هذا الاتجاه وذلك في الطعون أرقام "24 ق لسنة 11 شرعي مدني و 728 لسنة 24 ق نقض مدني و237 لسنة 25 ق نقض مدني" ومن ثم فإن الهيئة تقر المبدأ الذي ارتأته في هذا الخصوص دون ما يخالفه في الطعون الأخرى
وحيث إن قضاء الهيئة بالمحكمة قد استقر على أنه إذا أحالت إحدى دوائر المحكمة الطعن المنظور أمامها إلى الهيئة للنظر في العدول عن مبدأ مستقر يتصل بالنزاع المطروح في الطعن أو إقرار ما كان متعارضاً من المبادئ القانونية فإن الهيئة إذا ما فصلت في أي من هاتين المسألتين، فلا تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته، إنما يتعين عليها أن تتصدى للفصل في موضوع الطعن بعد أن تقول كلمتها في موضوع الإحالة
وحيث إن الطعن سبق الحكم باستيفاء أوضاعه الشكلية
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن الخصومة في الدعوى اقتصرت عليهما دون تابعهما المتسبب في الفعل الضار ولا تستقيم الدعوى باختصامهما دونه، وإذ قضى الحكم الحكم المطعون فيه بإلزامهما بالمبلغ المحكوم به فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إنه لما كانت الهيئة قد انتهت في قضائها على نحو ما تقدم إلى وجوب اختصام التابع إلى جانب المتبوع في الدعوى التي يرفعها المضرور على الأخير كشرط إجرائي لقبول الدعوى. وكان الحكم المطعون فيه إذ تبنى المبدأ الذي عدلت عنه الهيئة على النحو السالف بيانه بقضائه بإلزام الطاعنة بالضمان دون اختصام تابعيهما مما يوجب نقضه لها السبب دونما حاجة لبحث باقي أسباب الطعن
وحيث إن الموضوع صالحاً للفصل فيه
لذلك 
حكمت الهيئة:- 
أولاً: بإقرار المبدأ القانوني الصادر في الطعون (41 لسنة 17 شرعي مدني و 728 لسنة 24 نقض مدني و237 لسنة 25 ق نقض مدني) المتضمن عدم جواز اختصام المتبوع وحده دون التابع، دون ما يخالفه من مبادئ أخرى في هذا الخصوص
ثانياً: في الطعن 549 لسنة 2008 بنقض الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهم الرسم والمصاريف وخمسمائة درهم مقابل أتعاب المحاماة للطاعنين وبرد التأمين إليهما. وفي موضوع الاستئنافين رقمي 21و22 لسنة 2008 بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى وألزمت كل مستأنف رسم ومصاريف استئنافه وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة.