جلسة 2 من مايو سنة 1960
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمد عطية إسماعيل، ومحمود حلمي خاطر، ورشاد القدسي المستشارين.
-------------------
(79)
الطعن رقم 1835 لسنة 29 القضائية
استدلال.
استيقاف شخص لوضعه نفسه في موقف مريب اقتضى اقتياده إلى مخفر الشرطة مما يصح به تفتيش حقيبة كان يحملها بواسطة مأمور الضبط القضائي إذا وجد فيما أبلغ به الدلائل الكافية على اتهام بإحراز مخدر.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز مخدراً "أفيوناً وحشيشاً" في غير الأحوال المرخص بها قانوناًًًًً. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و33/ ج و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول المرافق. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياًًًًً عملاًًًًً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن يبني طعنه على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه دفع ببطلان القبض الواقع عليه من رجال الشرطة وهم جميعاًًًًً ليس لهم صفة مأموري الضبط القضائي، ولا محل لإعمال حكم المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية، كما أن القبض لا يجيزه القانون إلا إذا كانت حالة التلبس ظاهرة، فضلاًًًًً عن أن الحكم اقتصر على القول بأن ضبط الطاعن تم على إفريز المحطة وساقه الجنود إلى مكتب الضبط القضائي ولا يعتبر ذلك قبضاًًًًً وهو تأويل أخطأت المحكمة فيه تفسير القانون لأن ضبط الطاعن إنما جاء بعد القبض عليه بغير موجب إذ لم يقرر أحد من العساكر الثلاثة أنه اشتبه في وجود مخدر في الحقيبة حتى تتوفر حالة التلبس، كما لم تفتش الحقيبة فوراًًًًً وإذا وجدت بها مواد مخدرة كانت الحالة من حالات التلبس، هذا إلى أن أفراد القوة لم يقبضوا على الطاعن وحده وإنما قبضوا على جنديين من جنود الجيش مما يجعل نسبته إلى الطاعن خاصة أمراًًًًً مكذوباًًًًً، لا سيما وقد قرر الجنديين أنهما لم يريا الطاعن يحملها بل كانت على بعد قريب منه والإفريز زاخر بأمتعة الركاب، هذا إلى أن الطاعن كان في قنا للبحث عن ابنه عند مطلقته ولم يكن الباعث له على السفر هو الجريمة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه بينما كان رجال البوليس الملكي شوقي ميخائيل غبريال ومحمود عبد العال زعير وسليمان محمد مغربي يمرون على رصيف رقم 8 بمحطة مصر الساعة 9 من مساء 4/ 11/ 1957 لملاحظة حالة الأمن وركاب القطار رقم 90 المتجه من القاهرة إلى الصعيد وكانوا يلفتون نظر الركاب إلى أمتعتهم خوفاًًًًً من سرقتها وعدم الابتعاد عنها إذ شاهدوا جنديين من جنود الجيش وقد تركا أمتعتهما على الأرض وهما يتحادثان فطلبوا إليهما الالتفات إليها وعدم البعد عنها وأنهم في هذه الأثناء رأوا المتهم وهو جاويش بالبوليس ويلبس الملابس العسكرية يحمل حقيبة ولكنه بمجرد أن سمع حديثهم مع الآخرين ترك الحقيبة على الرصيف وسار - إذ ذاك الفته البوليس الملكي إلى حقيبته وأمره بأخذها لأنهم يحذرون الناس من ترك حقائبهم ولكنه أخبرهم بأنها ليست له ولا يعرف عنها شيئاًًًًً فاشتبهوا في الأمر وصحبوه مع الحقيبة ورجال الجيش أيضاًًًًً إلى الضابط القضائي حيث أثبت اليوزباشي صلاح جعفر ضابط القسم القضائي للسكة الحديد ما حصل وفتش الحقيبة فعثر بداخلها على قطع من اللحم المشوي داخل أرغفة من العيش وعلى كميات من الحشيش والأفيون الكبيرة، وصمم المتهم على أقواله وقرر أنه كان واقفاًًًًً على الرصيف ولا يعرف الحقيبة ولا صاحبها وأنه هو نفسه من رجال البوليس بإدارة مكافحة المخدرات، وأخطرت النيابة فتولت التحقيق، ثم قدمت المتهم للمحاكمة" وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن الطاعن تخلى عن الحقيبة التي كان يحملها ولما سئل عنها أنكر صلته بها الأمر الذي أثار شبهة رجال الشرطة فاستوقفوه واقتادوه إلى الضابط القضائي وقصوا عليه ما حدث، وإذا كان الضابط قد وجد أن فيما أدلى به رجال الشرطة الدلائل الكافية على اتهامه بجريمة إحرازه مخدراًًًًً فأجرى تفتيش الحقيبة ووجد بها حشيشاًًًًً وأفيوناًًًًً، فإن الحكم لا يكون مخطئاًًًًً في تطبيق القانون، وتكون الإجراءات التي تمت صحيحة، ويكون الاستناد إلى الدليل المستمد من هذه الإجراءات هو استناد سليم ولا غبار عليه، ذلك بأن استيقاف المتهم واقتياده إلى مأمور الضبط القضائي إنما حصل في سبيل تأدية رجال الشرطة لواجبهم إزاء الوضع المريب الذي وضع الطاعن نفسه فيه - أما سائر ما أورده الطاعن في أسباب طعنه فهو متعلق بدفاعه الموضوعي الذي أبداه أمام المحكمة فردت عليه بما يفنده. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناًًًًً رفضه موضوعاً.