ا. ل. ا. ش.
ش. ف. ل. و. ا. ذ.
س. ل. ش. ..
ب. ا. ذ.
ش. ب. ل. ا. و. ا. ذ.
س. ا. ا. ك. د. ل. ش. ذ.
ف. ا. ش. ذ. م.
ش. ن. ل. ا. ذ.
بتاريخ 29-11-2023
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر / عبدالسلام المزاحي ، وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ? تتحصل في أن الطاعنيين أقاما على المطعون ضدهم الدعوى رقم 303 لسنة 2022 تجاري كلي دبي، بطلب الحكم ? وفقاً لطلباتهما الختامية ? بإلزام المطعون ضدهم من الأولى إلى السابعة بأن يؤدوا لهما بالتضامن 1 - مبلغ (31,432,144.20) درهم ت عويضاً عن عدم تسليم المقاولة واستحقاقهم لنسبة 10% وفق شروط العقد، 2 - مبلغ (18,773,512) درهم كتعويض عن الأعمال المتبقية حسب إقرار المقاول الرئيسي أمام الخبير، 3 - مبلغ (2.732.048) درهم كتعويض عن أعمال المقاولين المعيبة والرديئة، 4 ? مبلغ (5,000,000) درهم كتعويض عن عدم تسليمهم شهادات الضمان للأعمال موضوع المشروع. 4 - مبلغ (113,773,475.97) درهم كتعويض عن فوات عائدات التأجير والاستغلال للوحدات. وبإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي لهما مبلغ (1,670,000) درهم التي خصمتها من قيمة المتفق عليه للمدعى عليها السابعة كونها أخرت الأعمال وقد أقرت بذلك المدعى عليها السابعة وذلك وفق التسوية المقدمة سند الدعوى، وكان يحق للمدعين هذا المبلغ كون التأخير أصابهما بضرر واجب التعويض ولا يحق للمدعى عليها الأولى قبض هذا المبلغ كون المدعيين لم يخصما أي مبالغ من مستحقاتها كمقاول رئيسي عن التأخير فيصبح هذا المبلغ حق للمدعيين. وبإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي إلى الطاعنيين (المدعيان) مبلغ (19,660,905) درهم نسبة 4.39% لقاء الادارة والاشراف على أعمال مقاولي الباطن والتي لم تتم بإقرار المقاولين من الباطن. وإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي إلى الطاعنيين (المدعيان) مبلغ (578,986) درهم وهو ما تم خصمه بموجب اتفاقية سرية بين المدعى عليها الأولى والسابعة عن سوء مصنعية الأخيرة وكان يلزم رد هذا المبلغ للمدعيين كون المدعى عليها الأولى بموجب الأحكام القضائية تسلمت قيمة أعمالها وأعمال المقاولين من الباطن كاملة. وإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي إلى الطاعنيين (المدعيان) مبلغ (1,400,000) درهم وهو ما تم سداده مباشرة إلى المدعى عليها السابعة ومع ذلك تم قبضه من المدعى عليها الأولى واحتفظت به بدون وجه حق. وإلزام المطعون ضدهم من الأولى إلى السابعة بأن يؤدوا للطاعنيين (المدعيان) مبلغ (473,181) درهم رسوم ومصاريف وغرامات تم سدادها لمؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة (تراخيص) عن توصيل خدمات توصيل المياه والصرف الصحي والهاتف الملتزم بها المقاولين. وبإلزام المطعون ضدهم من الأولى إلى السابعة بأن يؤدوا للطاعنيين (المدعيان) مبلغ (1,358,337.19) ما تم دفعه نيابة عن المقاولين لخدمة التبريد. وإلزام المطعون ضدهم من الأولى إلى السابعة بأن يؤدوا للطاعنيين (المدعيان) مبلغ (600,000) درهم قيمة ما سدده من مخالفات لتراخيص ومركز دبي للسلع بسبب أعمال المقاول فواز، وقالا المدعيان بياناً لذلك: أنه بتاريخ 14/06/2005 تمّ التعاقد مع المدعى عليها الأولى (المقاول الرئيسي) بموجب عقود منفصلة لإنشاء وصيانة ثلاثة أبراج هي P1?P2?P3 في منطقة أبراج بحيرات الجميرا بدبي الإمارات العربية المتحدة، وأتفق على أن تكون مدة المشروع 28 شهراً بقيمة اجمالية وقدرها 314,321,442 درهم. وبدورها قامت المدعى عليها الأولى بتعيين مقاولي الباطن (المدعى عليهم من الثاني إلى السابع) بموجب عقود منفصلة. وبسبب عدم سداد مستحقات مقاولي الباطن من قبل المدعى عليها الأولي فقد أدّى ذلك إلى تأخير الأعمال مما كبد المدعيين خسائر كبيرة. فأقاما النزاع رقم 96/2022 تعيين خبرة ضد المدعى عليها الأولى وعدد من مقاولي الباطن المعينين في ذات المشروع والمهندس الاستشاري، وبتاريخ 30/03/2022 صدر حكم تمهيدي بندب خبير الهندسة المدنية المختص صاحب الدور في الجدول لإعداد التقرير وإيداعه حسب الإجراءات. وتم حضور الأطراف أمام الخبرة المنتدبة وبتاريخ 13/06/2022 استلم المدعي الأوّل نسخة بالبريد الالكتروني المرسل الى الخبير المنتدب الذي تضمن مذكرة مع حافظة مستندات اشتملت على عدد (3) تسويات أبرمتها المدعى عليها الأولى مع بعض مقاولي الباطن وبدون علم المدعيين (مالك المشروع) وبالرجوع إلى اتفاقية التسوية المبرمة بين المدعى عليها الأولى والمدعى عليها السابعة نجد أنها مؤرّخة في 29/1/2017 وموضوعها هو تسوية المستحقات المطالب بها في الدعوى رقم 1289/2016 تجاري كلي والتي لم تسددها المدعى عليها الأولى لمقاول الباطن رغم استلامها من المالك (المدعي الأول)، وأرفقت بتلك الاتفاقية كشف حساب نهائي بين المدعى عليها الأولى المدعى عليها السابعة تضمّن خصم مبالغ من حساب المقاول الباطن على سند أنه هو المتأخر في تنفيذ المشروع وتم خصم مبلغ كغرامة تأخير 1,670,000 درهم وأنه لم يتمّ استكمال الاعمال ولم يتم احتساب أيّة أعمال اضافية وكذلك تم خصم مبالغ منه عن الاعمال المعيبة بمبلغ 578,986 درهم، وعلى ضوء هذا الكشف تم إبرام التسوية وإقرار ما جاء فيها بين طرفيها، وكذلك تسبب المقاول من الباطن في تأخير المشروع بحيث تم استقطاع المبلغ الاقصى 10% كغرامة تأخير، وحيث تبين للمدعيين أنّ المدعى عليها الأولى لم تسدد مستحقات مقاولي الباطن وقامت بخصم مبالغ من مستحقاتهم عن أعمال معيبة وسوء مصنعية اضافة إلى خصم غرامات تأخير قصد التربح رغم زعمها بأنّ أعمالها وكامل أعمال مقاولي الباطن سليمة. وحفاظا على حقوقهما فقد أقام المدعيان الدعوى الماثلة بالطلبات، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 30 مايو 2023 بالأسباب بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليهم من الثانية إلى السابعة، وفي المنطوق بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 771 لسنة 2012 تجاري كلي واستئنافها رقم 984 ، 1004 لسنة 2016 تجاري الصادر بتاريخ 9/1/2019 ، استأنف المدعيان (الطاعنان) هذا الحكم بالاستئناف رقم 1180 لسنة 2023 تجاري، وبتاريخ 29 نوفمبر 2023 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعن المدعيان (الطاعنان) في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونياً بتاريخ 28 ديسمبر 2023، وأودع محامو المطعون ضدهم الأولى والثانية والرابعة والخامسة والسادسة كل على حدى مذكرة بجوابه على الطعن ? في الميعاد - طلبوا فيها رفضه، وأودع محامي المطعون ضدها السابعة مذكرة جوابية بدفاعه تستبعدها المحكمة لتقديمها بعد الميعاد، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطاعنيين ينعيان بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهم من الثانية إلى السابعة لرفعها على غير ذي صفة رغم ثبوت وجود علاقة نتج عنها مسئولية تقصيرية توافر فيها أركانها من خطأ وضرر وعلاقة سببية بين الخطأ المرتكب من قبل مقاولي الباطن والضرر الحاصل للطاعنين، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك بأنه من المقرر ? في قضاء هذه المحكمة - أن الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء لحماية الحق أو المركز القانوني المدعي به ، ومن ثم فإنه يلزم توافر الصفة الموضوعية لطرفي هذا الحق بأن ترفع الدعوى ممن يدعي استحقاقه لهذه الحماية وضد من يراد الاحتجاج عليه بها، وأن استخلاص الصفة في الدعوى من عدمه هو من قبيل فهم الواقع في الدعوى، وهو مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة التمييز في ذلك، ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ومقبولة ولها أصل ثابت بالأوراق، كما أنه من المقرر وفقا للمادة (890) من قانون المعاملات المدنية أنه يجوز للمقاول أن يكل تنفيذ العمل كله أو بعضه إلى مقاول آخر، إذا لم يمنعه شرط في العقد أو لم تكن طبيعة العمل تقضي أن يقوم به بنفسه، وتبقى مسئولية المقاول الأصلي قائمة قبل صاحب العمل، بما مؤداه أنه يجوز للمقاول الأصلي أن يعهد ببعض الأعمال في حدود ما عُهد به إليه إلى مقاول آخر أو مقاولين آخرين من الباطن، ويظل هو المسئول عن عملهم قبل صاحب العمل والملتزم بالضمان، طالما لم يتعاقد معهم صاحب العمل لأداء ما قاموا به من عمل، أي أن المناط في مسئولية أي من المقاول الأصلي أو صاحب العمل عن عمل المقاول الآخر الذي يعهد إليه ببعض الأعمال هو من تعاقد معه على القيام بهذا العمل؛ لما كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير لجنة الخبرة المنتدبة أن الطاعن الأول (رب العمل) تعاقد مع الشركة المطعون ضدها الأولى (المقاول الرئيسي) بموجب ثلاثة عقود مقاولة مؤرخة 14/6/2005 للقيام بأعمال إنشاء وإنجاز وصيانة كامل المشروع المكون من ثلاثة أبراج في منطقه بحيرات الجميرا في دبي لصالح رب العمل، وتضمن البند 3/2 منها النص على تحمل الشركة المطعون ضدها الأولى المسئولية المترتبة على التعاقد مع أي مقاول، وأنها بصفتها مقاول رئيسي تعاقدت مع الشركات المطعون ضدها من الثانية إلى السابعة كمقاولين من الباطن لتنفيذ وإنجاز الأعمال الموكولة إليهم وتسليم كافة الأعمال الأساسية والإضافية في الأبراج الثلاثة، وأنه لا يوجد تعاقد مباشر بين الطاعنيين والمطعون ضدهم من الثانية إلى السابعة بشأن عقود المقاولة من الباطن، بما لا يجوز معه للطاعنيين مطالبة تلك الشركات بالتعويض عن أية أخطاء في التنفيذ، وتكون الشركة المطعون ضدها الأولى (المقاول الأصلي) هي المسئولة وحدها عن أخطاء الشركات المطعون ضدها من الثانية إلى السابعة (مقاولوا الباطن) في تنفيذ العمل قبل الطاعنيين، ما دام المقاول الأصلي هو الذي أوكل هذا العمل إلى كله أو بعضه إلى المقاولين من الباطن، وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهم من الثانية إلى السابعة لرفعها على غير ذي صفة لعدم وجود رابطة تعاقدية تربط بينهم وبين الطاعنيين، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ويضحي النعي عليه بما سلف على غير أساس.
وحيث إن الطاعنيين ينعيان بالسبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولان: إن الحكم المطعون فيه قضى بعدم جواز نظر دعواهما لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 771 لسنة 2012 تجاري كلي واستئنافها رقم 984 ، 1004 لسنة 2016 تجاري دبي ، رغم اختلاف الطلبات في كلا الدعويين، ذلك أن واقعة خصم المطعون ضدها الأولى مبالغ من مقاولي الباطن لكونهم لم يقوموا بكامل الأعمال المتفق عليها، تمت في تاريخ لاحق على صدور الحكم المحاج به، ولم تكن مطروحة في الدعوى السابقة، وأن عقد المقاولة مقطوع فلا يحق للمقاول الرئيسي أخذ أي أموال من المقاولين من الباطن وإدخالها في ذمته المالية، وأن أية خصومات لا يجب أن تدخل في ذمته المالية بل تكون من حق المالك، وأن الطاعنيين هما من تضررا من خصم هذه الأموال، إذ أن التسليم لم يتم وفقاً للمواصفات المتفق عليها، وقد أثبت الخبير المنتدب في النزاع رقم 96 لسنة 2022 وجود نواقص في الأعمال، كما أن وحدة الخصوم في الدعويين لم تتحقق لكون الدعوى الراهنة أقيمت ضد المطعون ضده الأول (المقاول الرئيسي) والمطعون ضدهم من الثانية إلى السابعة (مقاولوا الباطن) استناداً لقواعد المسئولية التقصيرية بسبب إخلالهم بواجب قانوني فرضه عليهم أصول المهنة، وتصفية الحساب بين أطراف التداعي فيما يخص مشروع الأبراج موضوع الدعوى، وإلزام المطعون ضدها الأولى برد المبالغ التي تسلمتها من الطاعنيين ولم تسددها إلى مقاولي الباطن كغرامات تأخير وأعمال معيبة وأعمال غير منفذة، فضلاً عن الأعمال المعيبة وسوء المصنعية، كما أن المطعون ضدها الأولى كمقاول رئيسي وبعد استلامها المبالغ العائدة لمقاولي الباطن من المطعون ضدهم استولت عليها، وتركت موقع العمل ولم تكمل تنفيذ المشروع، مما اضطر بالطاعنيين رغم تسديد ما عليهما من مستحقات وفق ما هو ثابت بالفواتير، إلى الاتفاق مع مقاولي الباطن على استكمال الأعمال، وقاما بتسديد مستحقاتهم للمرة الثانية مما أدى الى نشوء علاقة بين الطاعنيين ومقاولي الباطن (المطعون ضدهم من الثانية حتى السابعة) على أساس المسؤولية التقصيرية وهي مستقلة عن العلاقة العقدية الأصلية، مما يجعل الدعويين مختلفتان موضوعاً وسبباً ، وإذ حجب الحكم المطعون نفسه عن تمحيص حقيقة الطلبات في كلا الدعويين، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة ? عملاً بالمادة 87 من قانون الإثبات رقم (35) لسنة 2022، أن للحكم السابق حجية الأمر المقضي به المانعة من طرح النزاع في دعوى لاحقة متى توافرت في الدعويين الماثلة والسابقة وحدة الموضوع والسبب والخصوم، وهو ما تستظهره محكمة الموضوع مما هو مطروح عليها، طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وأن حجية الأمر المقضي ترد على منطوق الحكم وعلى ما يكون مرتبطاً من أسباب ارتباطاً وثيقاً، وأن الأحكام التي حازت حجية الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من خصومة، ولا يقبل دليل ينقض هذه الحجية، ويمتنع على الخصوم التنازع في المسألة التي فصل فيها الحكم السابق بدعوى تالية ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم تسبق إثارتها في الدعوى السابقة، أو أثيرت فيها ولم يبحثها الحكم الصادر في تلك الدعوى ، طالما كانت تلك المسألة هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق مترتبة عليها، أي طالما كانت المسألة الأساسية لم تتغير وتناضل فيها الطرفان في الدعوى السابقة واستقرت حقيقتها بالحكم السابق استقراراً جامعاً مانعاً من إعادة مناقشتها، والقاعدة في معرفة ما إذا كان الموضوع متحداً في الدعويين أن يتحقق القاضي من أن قضاءه في الدعوى الجديدة لا يعدو أن يكون مجرد تكرار للحكم السابق فلا يكون هناك فائدة منه، أو يكون مناقضاً للحكم السابق سواء بإقرار حق أنكره أو بإنكار حق أقره فيكون هناك حكمان متناقضان، وأنه ولئن كان القول بوحدة الموضوع هو مسألة موضوعية تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون قد اعتمدت على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها؛ لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 771 لسنة 2016 تجاري كلي دبي، والمستأنف بالاستئنافين رقمي 984 ، 1004 لسنة 2016 استئناف تجاري، تأسيساً على أن الشركة المطعون ضدها الأولى سبق وأن أقامت على الطاعنيين الدعوى رقم 771 لسنة 2016 تجاري كلي دبي بطلب الحكم بإلزام الطاعن الأول بأن يؤدي لها المبلغ المترصد لها في ذمته وقدره (158,539,489.43) درهم والفائدة بواقع 12% ورد أصل خطابات ضمان حسن التنفيذ، عن مشروع إنجاز وإنشاء الأبراج الثلاثة موضوع الدعوى الراهنة، فوجه الطاعنان دعوى متقابلة فيها بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدها الأولى مبلغ (1,360,998,900) درهم كتعويض عن التأخير في تنفيذ المشروع وعن الأعمال غير المنفذة وسوء المصنعية وكافة الخسائر التي لحقت بهما والفوائد القانونية، وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، حكمت في الدعوى الأصلية برفضها، وفي الدعوى المتقابلة: بإلزام الشركة المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي للطاعنيين مبلغ (6,106,033.10) درهم والفائدة بواقع 9%، استأنف الطاعنان (المدعيان تقابلاً) هذا الحكم بالاستئناف رقم 984 لسنة 2016 تجاري دبي، كما استأنفته الشركة المطعون ضدها الأولى (المدعية الأصلية في تلك الدعوى) بالاستئناف رقم 1004 لسنة 2016 تجاري دبي، وإذ قضت المحكمة برفضهما، فقد طعنت الشركة المطعون ضدها الأولى في حكمها بالتمييز بالطعن رقم 756 لسنة 2016 تجاري، كما طعن فيه الطاعنان (المدعيان تقابلاً) بالتمييز بالطعن رقم 785 لسنة 2016 تجاري دبي، وبعد أن ضمت المحكمة الطعنيين للارتباط، حكمت بتاريخ 12 فبراير 2017 بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة، وإذ أعيدت الدعوى إلى محكمة الاستئناف ندبت لجنة خبراء ثلاثية، وبعد أن أودعت تقريرها، قضت المحكمة في الاستئناف رقم 1004 لسنة 2016 بإلزام المستأنف ضده الثاني (الطاعن الأول) بأن يؤدي للشركة المستأنفة (المطعون ضدها الأولى) مبلغ (11,343,014.74) درهم والفائدة بواقع 9% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، وإلزام المستأنف ضدهما (الطاعنان) برد خطابات ضمان حسن التنفيذ الثلاثة، وبصحة وتثبيت الحجز التحفظي رقم 130 لسنة 2012 تجاري، وفي الاستئناف رقم 984 لسنة 2016 برفضه ورفض الدعوى المتقابلة، تأسيساً على أن المبلغ المترصد للشركة المطعون ضدها الأولى (المقاول الأصلي) في ذمة الطاعن الأول (المالك) مبلغ وقدره مبلغ (11,343,014.74) درهم، طعنت الشركة المطعون ضدها الأولى (المدعية في تلك الدعوى) في هذا الحكم بالتمييز رقم 124 لسنة 2019 تجاري، كما طعن الطاعنان (المدعيان تقابلاً في الدعوى السابقة) في ذات الحكم بالطعن بالتمييز رقم 218 لسنة 2019 تجاري دبي، وبعد أن ضمت المحكمة الطعنيين للارتباط، قضت بتاريخ 21 إبريل 2019 بعدم جواز الطعن رقم 124 لسنة 2019 تجاري، وفي الطعن رقم 218 لسنة 2019 تجاري بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً بشأن ما قضى به من تاريخ استحقاق الفائدة، وجعلها على المبلغ المقضى به من تاريخ 5 أبريل 2014 والتأييد فيما عدا ذلك، ورتب الحكم على ذلك صحيحاً أن هذا الحكم المدفوع بسابقة الفصل فيه قد حسم النزاع كلياً في كافة مسائل النزاع الناشئة عن الاتفاقيات المبرمة بين الطاعنيين والمطعون ضدها الأولى (المقاول الأصلي) عن تنفيذ الأبراج الثلاثة المملوكة للطاعنيين، بعد أن تبين له أن الطاعنيين (المدعيان) والشركة المطعون ضدها الأولى (المدعي عليها الأولى) هم ذات الخصوم في الدعوى المدفوع بسابقة الفصل فيها والدعوى الماثلة، وأن موضوع الدعوى الماثلة وطلبات المدعيان فيها ضد الشركة المدعي عليها الأولى هي ذات الطلبات التي تناضل فيها ذات الخصوم في الدعوي رقم 771 لسنة 2012 تجاري كلي في الدعويين الأصلية والمتقابلة، وأنه لا يمنع وحدة الموضوع اختلاف بعض الطلبات في موضوع الدعويين، وأن اختصام مقاولي الباطن (المطعون ضدهم من الثانية إلى السابعة) دون ثبوت أي رابطة عقدية القصد منه إظهار اختلاف الخصوم في الدعوى الماثلة عن خصوم الحكم المدفوع به، وبما يمتنع مناقشة ما فصل فيه ولو بأدلة واقعية في دعوى تالية، وما أضافه إليه الحكم المطعون فيه تأييداً للحكم الابتدائي، من أن الطاعنيين قد أقاما الدعوى على جملة طلبات تتعامد جميعها على عقود إنشاء وصيانة ثلاثة أبراج في منطقة أبراج بحيرات الجميرا وارتكنا في مطالبتهما الى الخسارة التي اصابتهما من جراء عدم سداد المقاول الرئيسى لمستحقات المقاولين من الباطن، ثم تبين لهما أنها لم تسدد مستحقات مقاولي الباطن، وقامت بخصم مبالغ من مستحقاتهم عن أعمال معيبة وسوء مصنعية، إضافة الى خصم غرامات تأخير، وصولا إلى طلبهما بالزام المطعون ضدها الأولى بردّ المبالغ التي استلمتها من الطاعنيين ولم تسددها الى مقاولي الباطن والمبالغ التي خصمتها من مستحقات مقاولي الباطن كغرامات تأخير وأعمال معيبة ... وإن طلبات الطاعنيين تندرج كلها تحت مسأله مشتركة مع الأحكام سالفة البيان، وهى مطالبة المطعون ضدها الأولى (المقاول الرئيسى) بردّ المبالغ التي استلمتها من الطاعنيين، ولم تسددها الى مقاولي الباطن (باقى المطعون ضدهم)، والمبالغ التي خصمتها من مستحقات مقاولي الباطن كغرامات تأخير وأعمال معيبة وأعمال غير منفذة .... وهى كلها تندرج تحت التعويض عن التأخير في تنفيذ المشروع وسوء المصنعية .., وذلك باستحداث أوجه مخاصمة مع مقاولى الباطن تدور فى فلك التعويض عن التأخير وسوء المصنعية والتعويض عن الأعمال المتبقية والأعمال المعيبة ... للخروج - فى قناعة هذه المحكمه - من دائرة حجية الأحكام السابق صدورها عن ذات الموضوع، وأحقية المطعون ضدها الأولى في مبلغ 11.343.014.74 درهم...، وبما يكون معه ذلك القضاء قد حسم النزاع بين مالك المشروع والمقاول الرئيسى المتعاقد معه بشأن مستحقات كليهما قبل الآخر، بما يمتنع معه إعادة النظر في مسألة واقعية سبق للخصوم طرحها من خلال الدعاوى السابقة على محكمة الموضوع واستقرت حقيقتها بالحكم السابق استقراراً جامعاً مانعاً يمنع من إعادة مناقشتها، وكان هذا الذي خلصت إليه محكمة الموضوع سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائها وفيه الرد الكافي المسقط لكافة ما أثاره الطاعنان، ويكون النعي عليه لا يعدو أن يكون مجرد جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى، وتقدير ثبوت وحدة الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين أو نفيهما، ومن ثم فإن النعى بما سلف يكون قائماً على غير أساس.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنين المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة وأمرت بمصادرة التأمين.