جلسة 31 من يوليو سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / سعيد فنجري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أسامة درويش، محمد قطب، عبد القوي حفظي ومحمد حسن كامل نواب رئيس المحكمة .
----------------
(78)
الطعن رقم 9100 لسنة 80 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " " أسباب الطعن . توقيعها " . نيابة عامة .
وجوب توقيع أسباب الطعن المرفوعة من النيابة العامة من محام عام على الأقل . توقيعها من رئيس نيابة . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً . لا يغير منه التأشير بالنظر من المحامي العام الأول . علة وأساس ذلك ؟
خلو التقرير من اسم المطعون ضدهم . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً .
(2) جريمة " أركانها " . تزوير " أوراق رسمية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير . غير لازم . حد ذلك ؟
إثبات الحكم سائغاً توافر جريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية في حق الطاعنتين . كفايته للتدليل على توافر علمهما بالتزوير .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(3) تزوير " أوراق رسمية " . ضرر .
الضرر في تزوير المحررات الرسمية . مفترض . علة ذلك ؟
(4) باعث . تزوير " أوراق رسمية " .
الباعث على الجريمة ليس من أركانها أو عنصر من عناصرها . نعي الطاعنة بانتفاء مصلحتها من التزوير . غير مقبول .
(5) قانون " تفسيره " . أحوال مدنية . تزوير " أوراق رسمية " . أحوال شخصية .
المواد 4 و 19 و 23 و 29 من القانون 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية . مفادها ؟
دفاتر المواليد . ليست معدة لقيد واقعة الولادة مجردة عن شخصية المولود واسم الوالدين المنتسب إليهما حقيقة . علة ذلك ؟
تعمد المُبلغ عن واقعة الميلاد تغيير الحقيقة فيما هو مطلوب منه . يُعد تزويراً في محرر رسمي . لا يغير منه أحكام ثبوت النسب بقوانين الأحوال الشخصية التي ترفع إلى المحاكم . علة ذلك ؟
(6) إثبات " شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم . غير لازم . كفاية إيراد مضمونها . النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقواله . غير مقبول . حد ذلك ؟
إيراد الحكم من أقوال شهود الإثبات ما يحقق مراد الشارع بالمادة 310 إجراءات جنائية من بيان مؤدى أدلة الإدانة . لا قصور .
(7) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم . موضوعي .
لمحكمة الموضوع تجزئة شهادة الشاهد والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه . لها أن تعوّل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(8) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عقيدة المحكمة تقوم على المقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني .
الخطأ في الإسناد . لا يعيب الحكم . ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة .
مثال لما لا يعد خطأ في الإسناد .
(9) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(10) عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " . تزوير " أوراق رسمية " .
لا مصلحة للطاعنتين في النعي بشأن جريمتي التزوير في محررات عرفية وعزو طفل حديث الولادة زوراً لغير والدته . ما دامت المحكمة دانتهما بجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي بوصفها الأشد .
(11) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم .
(12) تزوير " أوراق رسمية " . نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعنتين بعدم اطلاع المحكمة على سجلات المستشفى . غير مجد . ما دامت أن جريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي التي دينتا بها تمت بناء على إخطار الولادة المزور .
(13) محضر الجلسة . تزوير " الادعاء بالتزوير " .
عدم جواز إثبات عكس ما أثبت بمحضر الجلسة إلا بالادعاء بالتزوير . علة وأساس ذلك ؟
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت الفقرة الثالثة من المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والمعدلة بالقانون 74 لسنة 2007 قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام عام على الأقل ، وإلا كانت باطلة وغير ذات أثر في الخصومة الجنائية ، وكان البين من مذكرة أسباب الطعن المؤرخة .... أنها موقعة من السيد / .... رئيس نيابة استئناف .... فإن الطعن يكون قد فقد مقوماً من مقومات قبوله ، ولا يغير من ذلك التأشير عليها بالنظر من المستشار / ..... المحامي العام الأول إذ أنها لا تفيد اعتماده لها أو الموافقة عليها ، كما أن التقرير المرفق قد خلا من اسم المطعون ضدهم ومن ثم فهو والعدم سواء ، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى في قوله " حيث إن وجيز الواقعة من بعد ذلك القضاء السابق وما تبقى منها حسبما استقر في يقين المحكمة واطمأنت وجدانها وارتاح ضميرها من سائر أوراق الدعوى وما دار بشأنها في محضر جلسة المحاكمة قبل المتهمين الخامسة والسادسة والثامن تتحصل في أن المتهم الثامن وزوجته حُرما من الإنجاب ورغبة منهما في الأبوة المصطنعة قد علم أن المتهمة السادسة ترغب في التخلص من مولودها وأنها توجهت إلى مستشفى .... للخلاص منه فتوجه إلى المستشفى وقام باستلامه بعد سداد النفقات الإدارية وقامت المتهمة الخامسة بتحرير إخطار الولادة للطفل المسمى .... وأثبتت على خلاف الحقيقة قيامها بتوليد المتهمة السادسة وأن تلك الأخيرة قد أثبتت في سجلات المستشفى كون المتهم الثامن والداً للصغير على خلاف الحقيقة وأنه توجه إلى مكتب صحة .... بالنماذج المعدة للتبليغ عن الولادة وسجل قيد المواليد وقدم إخطار الولادة الذي أعدته المتهمة الخامسة وأجرى الطبيب المختص مناظرة المولود وأثبت الموظفون المختصون وضبطوا شهادة ميلاد الطفل الثابت بها بيانات على خلاف الحقيقة ببنوة الطفل مع علمه بتزويرها وأنه استعمل تلك المحررات بتقديمها إلى مكتب صحة .... وكذلك استخدم شهادة الميلاد المستخرجة بتقديمها إلى الجوازات القنصلية .... وأن هؤلاء المتهمون الثلاثة قد عزوا الطفل إلى غير والديه" ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنتين والمحكوم عليه الآخر أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات وإقرار المتهمين السادسة والسابعة والثامن ومما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وشهادة الميلاد المضبوطة المنسوب صدورها إلى مكتب صحة .... ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير في الأوراق الرسمية متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غُيرت الحقيقة فيه وليس أمراً لازماً التحدث صراحاً واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة توافر جريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية وهو ما يتضمن إثبات توافر ركن العلم بتزوير تلك المحررات في حق الطاعنتين ، فإن هذا حسبه ولا يكون ملزماً - من بعد - بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائي لديهما ويضحى ما تثيره الطاعنة الأولى بشأن انتفاء علمها بتزوير المحررات موضوع الاتهام مجرد جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة واستنباط معتقدها مما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض .
3- من المقرر أن الضرر في المحررات الرسمية مفترض ؛ لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يُعتمد عليها في إثبات ما دون فيها ، فإن ما تثيره الطاعنة الأولى في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
4- لما كان دفاع الطاعنة الأولى - بانتفاء مصلحتها في ارتكاب جريمة الاشتراك في التزوير - إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة وهو ليس من أركانها أو عناصرها ، ويكون النعي في هذا الشأن غير سديد .
5- لما كان القانون رقم 143 لسنة 1994 الخاص بالأحوال المدنية ، وإن كان قد نص في المادة الرابعة منه على أنه تختص مكاتب الصحة بتلقي إخطارات التبليغ عن وقائع الميلاد والوفاة التي تحدث داخل جمهورية مصر العربية للمواطنين والأجانب المقيمين ، كما تختص بإصدار شهادة للتحصين ضد الأمراض تسمح بمتابعة المولود صحياً في حالة الميلاد وإصدار تصريح بالدفن في حالة الوفاة ، ولوزير الصحة أن يحدد الجهة والشخص الذي يتلقى تبليغات الميلاد والوفاة بالجهات التي ليست بها مكاتب صحة ، على أن تقوم تلك الجهات بإرسال التبليغات لمكاتب الصحة التي تتبعها خلال سبعة أيام من تاريخ تلقي التبليغ وتقوم مكاتب الصحة بقيد التبليغات وإرسالها لأقسام السجل المدني المقابلة ، كما نصت المادة التاسعة عشر منه على وجوب التبليغ عن وقائع الميلاد خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ حدوث الواقعة ويكون التبليغ من المكلفين به على نسختين من النموذج المعد لذلك ومشتملاً على البيانات والمستندات التي تحددها اللائحة التنفيذية والتي تؤكد صحة الواقعة ، كما أوجبت المادة ۲۳ منه على الموظف المختص بمكاتب الصحة تسجيل التبليغات المستوفاة لجميع البيانات المؤكدة لصحة الواقعة وبياناتها بدفتر المواليد الصحي فور تلقي التبليغ وتسليم المبلغ شهادة التحصين ضد الأمراض المنصوص عليها في المادة (4) من هذا القانون ، وكما أوجبت المادة ۲۹ منه على يجب على الموظف المختص بقيد وقائع الميلاد بأقسام السجل المدني مراجعة بيانات التبليغ على ذات النحو قبل قيد الواقعة بسجل المواليد ، ويؤخذ من هذه النصوص مجتمعة أن دفاتر المواليد ليست معدة لقيد واقعة الولادة مجردة عن شخصية المولود واسم الوالدين المنتسب إليهما حقيقة ذلك بأن مجرد إثبات الميلاد دون بيان اسم المولود ووالديه لا يمكن أن يجزئ في بيان واقعــة الميلاد على وجه واضح لا تعتريه شبهة وحتى يكون صالحاً للاستشهاد به في مقام إثبات النسب ، وعلى ذلك فإذا تعمد المبلغ تغيير الحقيقة في شيء مما هو مطلوب منه وأجرى القيد على خلاف الحقيقة بناء على ما بلغ به ، فإنه يعد مرتكباً لجناية التزوير في محرر رسمي ، لا يغير من ذلك ما جاء بقوانين الأحوال الشخصية من أحكام ثبوت النسب التي تُرفع إلى محاكم الأحوال الشخصية فإن الشارع إنما قصد من ذلك أن يضبط سير الدعاوى التي ترفع إلى تلك المحاكم بضوابط حددها ، وهذه الضوابط لا تحول دون إمكان الاستشهاد بالنسب أمام تلك المحاكم وغيرها بشهادات القيد على قدر ما لدفاتر قيد المواليد من قوة في الإثبات ، لما هو مفترض من صحة ما سجل فيها من بيانات .
6- لما كان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يُقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها أطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ، ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وإذا كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال شهود الإثبات يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافية ولم يجهل بها أو يحرفها عن مواضعها - كما تدعي الطاعنة الأولى - فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد يكون في غير محله .
7- من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابط المباحث وما تضمنته تحريات الأخير وأخذت بتصويره للواقعة بالنسبة للطاعنتين وحدهما دون المتهمين الآخرين الذين قضت ببراءتهم ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، كما لها أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها أن تجزئها فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه ، وكان الحكم قد حصل أقوال ضابط المباحث وتحرياته بما لا شبهة فيهما لأي تناقض ، فإن ما تثيره الطاعنتان في صدد تعارض صورة الواقعة التي تناولتها التحريات وما أخذ به الحكم وما أطرح من أقوال الضابط وتحرياته واعتماده على الدليل المستمد منها في حق الطاعنتين وحدهما دون المتهمين الآخرين لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل ، وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى ، واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض .
8- من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني ، وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة بما يؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان المعنى المشترك بين إقرار الطاعنة الثانية وبين شهادة الشاهد .... بشأن إثبات الطاعنة الثانية اسم المتهم الثامن كوالد لطفلها على خلاف الحقيقة بتذكرة دخول المستشفى وليس بسجلات المستشفى واحد من الدلالة على أن قيام الطاعنة الثانية بالإدلاء باسم المتهم الثامن باعتباره والد للطفل على خلاف الحقيقة ، ولا يعيبه من بعد أن يكون قد أسند للطاعنة الثانية أنها قامت بالإدلاء باسم المتهم الثامن بسجلات المستشفى كوالد للطفل على خلاف الوارد بالتحقيقات ، ما دام الأمر الذي قصد الحكم إلى إثباته وأورده في إقرار الطاعنة الثانية وشهادة الشاهد إنما هو نسبة هذا المحرر إلى الطاعنة ، وهي الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة والتي تتلاقى عندها أقوال جميع الشهود في جوهرها على حد سواء ، ويكون منعى الطاعنة الثانية في هذا الخصوص غير سديد .
9- لما كان الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فإن ما تثيره الطاعنة الأولى بهذا الصدد لا يعدو بدوره جدلاً موضوعياً لا يُقبل لدى محكمة النقض .
10- لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنتين جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي ، وأوقعت عليهما المحكمة عقوبتها عملاً بنص المادة ۳۲ من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد ، فإنه لا مصلحة لهما فيما تثيره كلاهما بشأن جريمتي التزوير في محررات عرفية وعزهما زوراً طفل حديث الولادة إلى غير والدته .
11- لما كان ما تثيره الطاعنة الأولى بشأن إجراءات وتحقيقات النيابة العامة لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم .
12- لما كان ثبوت ارتكاب الطاعنتين لجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي والذي تم بناء على إخطار الولادة المزور ، فإنه لا يجدى الطاعنتان من النعي على المحكمة من عدم الاطلاع على سجلات المستشفى ، فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد .
13- لما كان الثابت من محضر الجلسة أن المحكمة قامت بفض الأحراز وأطلعت الدفاع عن الطاعنتين عليها ، وكان محضر الجلسة حجة بما أثبت فيه ، فإنه لا يجوز إثبات عكس ما أثبت إلا بطريق الادعاء بالتزوير وثبوت هذا الادعاء على ما تقضي به المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959 ، وكانت الطاعنتان لم يسلكا طريق الطعن آنف الذكر ، فإن نعيهما في هذا الخصوص يكون لا محل له .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة كلاً من - 1 - .... ، ۲ - .... ، ۳ - .... ، 4 - .... ، 5 - .... ( الطاعنة الأولى ) ، 6 - .... ( الطاعنة الثانية ) ، ۷ - .... ، 8 - .... بأنهم :-
أولاً : المتهمون الستة الأول : سلموا وسهلوا استلام الطفل المسمى / .... البالغ من العمر أسبوعين تقريباً للمتهمين السابعة والثامن بغرض التبني المحظور قانوناً وذلك بأن اتفقت المتهمة السابعة وزوجها المتهم الثامن حال وجودهما بـ..... مع المتهم الأول بواسطة المتهم الثاني على تبني طفل ذكر حديث العهد بالولادة ونفاذاً لذلك اتفق المتهم الأول بصفته كاهناً بكنيسة ..... بناحية ...... مع المتهمين من الثالث وحتى السادسة على تخلص الأخيرة من حملها السفاح وتوليدها بمستشفى .... الكائنة بناحية ..... دائرة قسم ..... إدارة المتهم الثالث وإثبات بيانات بسجلاتها خلافا للحقيقة تفيد كون المتهم الثامن والداً للصغير على أن يتولى الاخير سداد كافة النفقات والحضور لاستلامه بينما تتولى المتهمة الخامسة تحرير إخطار ولادة منسوب صدوره لمركز ..... يفيد ولادة المتهمة السابعة للصغير بغية استخراج شهادة ميلاد لذلك الصغير ثابت بها على خلاف الحقيقة بنوة الطفل لهما واستصدار جواز سفر له مما مكن المتهمين السابعة والثامن من استلامه واستخراج شهادة ميلاد مزورة له وقدماها لقنصلية .... لاتخاذ إجراءات سفرهما ...... صحبة الصغير وذلك حال كونهم جماعة إجرامية منظمة عبر الحدود الوطنية وبالغين.
ثانياً: المتهمان السابعة والثامن : تسلما الطفل المذكور بالبند أولاً بغرض التبني المحظور قانوناً بأن اتفقا مع المتهم الأول بواسطة المتهم الثاني على استلام الطفل المشار إليه سلفاً على النحو المبين بالتهمة موضوع البند أولاً حال كونهما بالغين .
ثالثاً : المتهمون الخامسة والسابعة والثامن : وهم ليسوا من أرباب الوظائف العمومية اشتركوا مع موظفين عموميين حسني النية موظفي مكتب صحة .... بطريق الاتفاق والمساعدة في تزوير محررات رسمية - وهي شهادة الميلاد رقم .... الصادرة من مكتب صحة ..... باسم .... والنماذج المعدة للتبليغ عن الولادة وسجل قيد المواليد الخاص بالمكتب حال تحريرها المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن قدم المتهم الثامن إخطار الولادة المزور الصادر من المتهمة الخامسة موضوع التهمة رابعاً فأثبت الموظفون حسنوا النية تلك البيانات بالسجلات عهدتهم فتمكن السابعة والثامن من استخراج شهادة الميلاد ثابت بها على خلاف الحقيقة البيانات الخاصة ببنوة الطفل المسمى .... إليهما مع علمهم بتزويرها فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات .
رابعاً : المتهمة الخامسة : ارتكبت تزويراً في محرر عرفي بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن حررت إخطار الولادة للطفل المسمى .... وأثبت فيه على خلاف الحقيقة قيامها بتوليد المتهمة السابعة ، وذلك لتسهيل حصولها وزوجها المتهم الثامن على شهادة الميلاد موضوع التهمة ثالثاً .
خامساً : - المتهمان السابعة والثامن : استعملا المحررات المزورة محل الاتهامات ثالثاً ورابعاً في الغرض الذي تم تزويرها من أجله وذلك بأن قدما إخطار الولادة المزور لموظفي مكتب صحة .... فتكمنا من استخراج شهادة ميلاد مزورة للطفل المسمى .... واستعملاها بتقديمها للقنصلية .... لاستخراج جواز سفر مزور للطفل المذكور على النحو المبين بالتحقيقات .
سادساً : المتهمون الثالث والرابع والسادسة أيضا : ارتكبوا تزويرا في محررات عرفية بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبتوا بسجلات مستشفى .... محل ولادة المتهمة السادسة كون المتهم الثامن والداً للصغير على خلاف الحقيقة حتى يتمكن الأخيرين استلامه على النحو الموضح بالتحقيقات .
سابعاً : المتهمون جميعاً : - أ - عزوا زوراً الطفل المسمى .... البالغ من العمر أسبوعين تقريباً إلى غير والدته بارتكابهم الجرائم سالفة البيان على النحو المبين بالتحقيقات .
ب - عرضوا الطفل المسمى ..... للخطر بحرمانه بغير مسوغ من حقه في حضانة ورؤية والديه بارتكابهم الجرائم سالفة البيان مما يهدد سلامة تنشئته حال كونهم بالغين على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للأول والثاني وحضورياً للباقين عملاً بالمواد 40/ثانياً ، ثالثاً ، 41/1 ، 43 ، 213 ، 214 ، 215 ، 283/1 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادة 56 من ذات القانون . بمعاقبة كل من : 1-.... ( الطاعنة الأولى ) 2- .... ( الطاعنة الثانية ) 3-.... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليهم وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم ، وببراءة باقي المتهمين مما أسند إليهم .
فطعن المحكوم عليهما والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : الطعن المقدم من النيابة العامة :-
من حيث إنه لما كانت الفقرة الثالثة من المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والمعدلة بالقانون 74 لسنة 2007 قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام عام على الأقل ، وإلا كانت باطلة وغير ذات أثر في الخصومة الجنائية ، وكان البين من مذكرة أسباب الطعن المؤرخة .... أنها موقعة من السيد / .... رئيس نيابة استئناف .... فإن الطعن يكون قد فقد مقوماً من مقومات قبوله ، ولا يغير من ذلك التأشير عليها بالنظر من المستشار / ..... المحامي العام الأول إذ أنها لا تفيد اعتماده لها أو الموافقة عليها ، كما أن التقرير المرفق قد خلا من اسم المطعون ضدهم ومن ثم فهو والعدم سواء ، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً .
ثانياً : الطعن المقدم من المحكوم عليهما :-
وحيث إن الطاعنتين تنعيان - بمذكرتي أسباب الطعن - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالها وعزا زوراً طفل حديث العهد بالولادة إلى غير والديه قد شابه القصور ، والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ، والبطلان في الإجراءات ؛ ذلك بأنه قد جاء تدليله على توافر القصد الجنائي لدى الطاعنة الأولى قاصراً إذ لم يدلل على نية استعمالها المحرر فيما زور من أجله وهو إخطار الولادة رغم ما تمسك به الدفاع من أن تلك الورقة لم تحمل مقومات إخطار الولادة في مثل تلك الحالات والذي يتميز بشكل محدد البيانات نص عليه القانون وعدم تقديمها ذلك المحرر إلى ثمة جهة بدلالة أقوال المدعو / .... موظف القسم القنصلي بالسفارة ..... والذي شهد بحضور المتهم ..... إلى المركز ..... لاستخراج جواز سفر ..... للصغير وبدلالة أقوال الطبيب / ..... مدير مكتب صحة ..... والذي شهد بعدم وجود إخطار الولادة بحوزة المبلغ لتمام عملية الولادة بالمنزل بدائرة المكتب وبدلالة أقوال .... موظفة مكتب صحة ..... والتي قامت بتحرير شهادة ميلاد الطفل من عدم تقديم المُبلغ ذلك الإخطار وأن ما قدمه ما هو إلا شهادة ميلاد بالكمبيوتر وأصل جواز سفره ، فضلاً عن أن تلك الورقة ليست معدة لتقديمها في هذا المكان ، كما أنها ليست من المستندات المطلوبة لجواز السفر إذ كان بحوزته شهادة ميلاد الصغير وهي تجُب وتقضي على أهمية الورقة المقال بتزويرها وهي إخطار الولادة ملتفتاً عن دفاعها في هذا الشأن رغم جوهريته ويدل على أن الحكم قد حرف مدلول شهادة الشهود حين استخلص من أوالهم قيام المتهم .... بتقديم المحرر المزور وهو إخطار الولادة والذي أعدته المتهمة الخامسة إلى الجهات الرسمية ، فضلاً عن انتفاء الضرر وانقطاع صلة الطاعنة بالواقعة لعدم وجود ثمة علاقة بين الطاعنة وأي من المتهمين الآخرين وعدم وجود مصلحة لها في ارتكاب ذلك التزوير وتوافر حسن النية لديها مما كان يجب على النيابة العامة استظهار الدليل على سوء نيتها وتعمدها تغيير الحقيقة لصالح أطراف الدعوى ، سيما وأنه لم يثبت قيامها بعملية التوليد ، وعول على التحريات في إدانة الطاعنة في حين أنه أهدرها بالنسبة للمتهمين الآخرين الذي قام بتبرئتهم تأسيساً على أنها تحريات مجهولة المصدر وأنها مجرد قول لمجريها يحتمل الصحة والكذب مما يصم الحكم بالتناقض ، وأضافت الطاعنة الثانية بمخالفة الحكم للثابت بالأوراق حين تساند في إدانتها إلى إقرارها بتحقيقات النيابة العامة وأقوال .... المدير الإداري لمستشفى ..... من إدلاء الطاعنة الثانية باسم المتهم الثامن كزوجها حال دخولها إلى المستشفى لوضع جنينها على الرغم من أن الثابت بأقوال الشاهد .... المدير الإداري لمستشفى ..... بالتحقيقات من أن الطاعنة قامت بالإدلاء باسم المتهم الثامن كزوج لها بتذكرة الدخول فقط وليس بسجلات المستشفى بدلالة ما أثبته السيد رئيس النيابة المحقق بتحقيقات النيابة العامة من قيام المدير الإداري للمستشفى بتقديم دفتر سجل الدخول للمستشفى بعد الاطلاع عليه وتبين خلوه من اسم المتهم الثامن على أنه زوج المتهمة السادسة ، هذا وقد فات على السيد المحقق إثبات ذلك الدفتر بالتحقيقات أو إثبات قيامه بفض الحرز المشتمل على تلك الورقة سواء بنهاية التحقيقات أو ورد بأمر الإحالة ما يفيد بإعادة تحريز الورقة محل التزوير ، كما لم تقم المحكمة من جانبها بالاطلاع على ذلك الدفتر و هو سجل الدخول للوقوف على حقيقة ذلك المحرر المدعى بتزويره وعما إذا كان التزوير قد وقع بتذكرة الدخول للمستشفى أم بسجلاتها ومطالعة ذلك البيان المخالف للحقيقة وعما إذا كان ذلك يعد تغييراً أو إقراراً فردياً ، سيما وأن تذكرة الدخول للمستشفى أو سجلاتها لا تعد لإثبات الزواج أو النسب وبفرض إثبات اسم الزوج أو أحد الأقرباء فيها فإنه يكون دائماً لأغراض مادية ، ودانها بجريمة أنها عزت الطفل إلى غير والديه متخذاً من إقرار المتهمة السادسة بإدلاء اسم المتهم الثامن كوالد للطفل رغم أن نص المادة ۲۸۳ من قانون العقوبات يعاقب على من عزا الطفل إلى غير والدته وليس الوالد مما يكون معه الحكم قد دانها على جريمة لم ينص عليها القانون ، وأخيراً فقد أغفلت المحكمة الاطلاع على الورقة محل جريمة التزوير عند نظر الدعوى والمسماة بإخطار الولادة . مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى في قوله " حيث إن وجيز الواقعة من بعد ذلك القضاء السابق وما تبقى منها حسبما استقر في يقين المحكمة واطمأنت وجدانها وارتاح ضميرها من سائر أوراق الدعوى وما دار بشأنها في محضر جلسة المحاكمة قبل المتهمين الخامسة والسادسة والثامن تتحصل في أن المتهم الثامن وزوجته حُرما من الإنجاب ورغبة منهما في الأبوة المصطنعة قد علم أن المتهمة السادسة ترغب في التخلص من مولودها وأنها توجهت إلى مستشفى .... للخلاص منه فتوجه إلى المستشفى وقام باستلامه بعد سداد النفقات الإدارية وقامت المتهمة الخامسة بتحرير إخطار الولادة للطفل المسمی .... وأثبتت على خلاف الحقيقة قيامها بتوليد المتهمة السادسة وأن تلك الأخيرة قد أثبتت في سجلات المستشفى كون المتهم الثامن والداً للصغير على خلاف الحقيقة وأنه توجه إلى مكتب صحة .... بالنماذج المعدة للتبليغ عن الولادة وسجل قيد المواليد وقدم إخطار الولادة الذي أعدته المتهمة الخامسة وأجرى الطبيب المختص مناظرة المولود وأثبت الموظفون المختصون وضبطوا شهادة ميلاد الطفل الثابت بها بيانات على خلاف الحقيقة ببنوة الطفل مع علمه بتزويرها وأنه استعمل تلك المحررات بتقديمها إلى مكتب صحة .... وكذلك استخدم شهادة الميلاد المستخرجة بتقديمها إلى الجوازات القنصلية .... وأن هؤلاء المتهمون الثلاثة قد عزوا الطفل إلى غير والديه" ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنتين والمحكوم عليه الآخر أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات وإقرار المتهمين السادسة والسابعة والثامن ومما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وشهادة الميلاد المضبوطة المنسوب صدورها إلى مكتب صحة .... ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صـراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير في الأوراق الرسمية متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غُيرت الحقيقة فيه وليس أمراً لازماً التحدث صراحاً واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة توافر جريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية وهو ما يتضمن إثبات توافر ركن العلم بتزوير تلك المحررات في حق الطاعنتين ، فإن هذا حسبه ولا يكون ملزماً - من بعد - بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائي لديهما ويضحى ما تثيره الطاعنة الأولى بشأن انتفاء علمها بتزوير المحررات موضوع الاتهام مجرد جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة واستنباط معتقدها مما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الضرر في المحررات الرسمية مفترض ؛ لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يُعتمد عليها فى إثبات ما دون فيها ، فإن ما تثيره الطاعنة الأولى في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان دفاع الطاعنة الأولى - بانتفاء مصلحتها فى ارتكاب جريمة الاشتراك في التزوير - إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة وهو ليس من أركانها أو عناصرها ، ويكون النعي في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 143 لسنة 1994 الخاص بالأحوال المدنية ، وإن كان قد نص في المادة الرابعة منه على أنه تختص مكاتب الصحة بتلقي إخطارات التبليغ عن وقائع الميلاد والوفاة التي تحدث داخل جمهورية مصر العربية للمواطنين والأجانب المقيمين ، كما تختص بإصدار شهادة للتحصين ضد الأمراض تسمح بمتابعة المولود صحياً في حالة الميلاد وإصدار تصريح بالدفن في حالة الوفاة ، ولوزير الصحة أن يحدد الجهة والشخص الذي يتلقى تبليغات الميلاد والوفاة بالجهات التي ليست بها مكاتب صحة ، على أن تقوم تلك الجهات بإرسال التبليغات لمكاتب الصحة التي تتبعها خلال سبعة أيام من تاريخ تلقي التبليغ وتقوم مكاتب الصحة بقيد التبليغات وإرسالها لأقسام السجل المدني المقابلة ، كما نصت المادة التاسعة عشر منه على وجوب التبليغ عن وقائع الميلاد خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ حدوث الواقعة ويكون التبليغ من المكلفين به على نسختين من النموذج المعد لذلك ومشتملاً على البيانات والمستندات التي تحددها اللائحة التنفيذية والتي تؤكد صحة الواقعة ، كما أوجبت المادة ۲۳ منه على الموظف المختص بمكاتب الصحة تسجيل التبليغات المستوفاة لجميع البيانات المؤكدة لصحة الواقعة وبياناتها بدفتـر المواليد الصحي فور تلقي التبليغ وتسـليم المبلغ شهادة التحصين ضد الأمراض المنصوص عليها في المادة (4) من هذا القانون ، وكما أوجبت المادة ۲۹ منه على يجب على الموظف المختص بقيد وقائع الميلاد بأقسام السجل المدني مراجعة بيانات التبليغ على ذات النحو قبل قيد الواقعة بسجل المواليد ، ويؤخذ من هذه النصوص مجتمعة أن دفاتر المواليد ليست معدة لقيد واقعة الولادة مجردة عن شخصية المولود واسم الوالدين المنتسب إليهما حقيقة ذلك بأن مجرد إثبات الميلاد دون بيان اسم المولود ووالديه لا يمكن أن يجزئ في بيان واقعة الميلاد على وجه واضح لا تعتريه شبهة وحتى يكون صالحاً للاستشهاد به في مقام إثبات النسب ، وعلى ذلك فإذا تعمد المبلغ تغيير الحقيقة في شيء مما هو مطلوب منه وأجرى القيد على خلاف الحقيقة بناء على ما بلغ به ، فإنه يعد مرتكباً لجناية التزوير في محرر رسمي ، ولا يغير من ذلك ما جاء بقوانين الأحوال الشخصية من أحكام ثبوت النسب التي تُرفع إلى محاكم الأحوال الشخصية فإن الشارع إنما قصد من ذلك أن يضبط سير الدعاوى التي ترفع إلى تلك المحاكم بضوابط حددها ، وهذه الضوابط لا تحول دون إمكان الاستشهاد بالنسب أمام تلك المحاكم وغيرها بشهادات القيد على قدر ما لدفاتر قيد المواليد من قوة في الإثبات ، لما هو مفترض من صحة ما سجل فيها من بيانات . لما كان ذلك ، وكان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يُقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها أطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ، ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وإذا كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال شهود الإثبات يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافية ولم يجهل بها أو يحرفها عن مواضعها - كما تدعي الطاعنة الأولى - فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابط المباحث وما تضمنته تحريات الأخير وأخذت بتصويره للواقعة بالنسبة للطاعنتين وحدهما دون المتهمين الآخرين الذين قضت ببراءتهم ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، كما لها أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها أن تجزئها فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه ، وكان الحكم قد حصل أقوال ضابط المباحث وتحرياته بما لا شبهة فيهما لأي تناقض ، فإن ما تثيره الطاعنتان في صدد تعارض صورة الواقعة التي تناولتها التحريات وما أخذ به الحكم وما أطرح من أقوال الضابط وتحرياته واعتماده على الدليل المستمد منها في حق الطاعنتين وحدهما دون المتهمين الآخرين لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل ، وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى ، واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني ، وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة بما يؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان المعنى المشترك بين إقرار الطاعنة الثانية وبين شهادة الشاهد .... بشأن إثبات الطاعنة الثانية اسم المتهم الثامن كوالد لطفلها على خلاف الحقيقة بتذكرة دخول المستشفى وليس بسجلات المستشفى واحد من الدلالة على أن قيام الطاعنة الثانية بالإدلاء باسم المتهم الثامن باعتباره والد للطفل على خلاف الحقيقة ، ولا يعيبه من بعد أن يكون قد أسند للطاعنة الثانية أنها قامت بالإدلاء باسم المتهم الثامن بسجلات المستشفى كوالد للطفل على خلاف الوارد بالتحقيقات ، ما دام الأمر الذي قصد الحكم إلى إثباته وأورده في إقرار الطاعنة الثانية وشهادة الشاهد إنما هو نسبة هذا المحرر إلى الطاعنة ، وهي الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة والتي تتلاقى عندها أقوال جميع الشهود في جوهرها على حد سواء ، ويكون منعى الطاعنة الثانية في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فإن ما تثيره الطاعنة الأولى بهذا الصدد لا يعدو بدوره جدلاً موضوعياً لا يُقبل لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنتين جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي ، وأوقعت عليهما المحكمة عقوبتها عملاً بنص المادة ۳۲ من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد ، فإنه لا مصلحة لهما فيما تثيره كلاهما بشأن جريمتي التزوير في محررات عرفية وعزهما زوراً طفل حديث الولادة إلى غير والدته . لما كان ذلك ، وكان ما تثيره الطاعنة الأولى بشأن إجراءات وتحقيقات النيابة العامة لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم . لما كان ذلك ، وكان ثبوت ارتكاب الطاعنتين لجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي والذي تم بناء على إخطار الولادة المزور ، فإنه لا يجدى الطاعنتان من النعي على المحكمة من عدم الاطلاع على سجلات المستشفى ، فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر الجلسة أن المحكمة قامت بفض الأحراز وأطلعت الدفاع عن الطاعنتين عليها ، وكان محضر الجلسة حجة بما أثبت فيه ، فإنه لا يجوز إثبات عكس ما أثبت إلا بطريق الادعاء بالتزوير وثبوت هذا الادعاء على ما تقضي به المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959 ، وكانت الطاعنتان لم يسلكا طريق الطعن آنف الذكر ، فإن نعيهما في هذا الخصوص يكون لا محل له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .