الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 19 مارس 2024

الطعن 1349 لسنة 83 ق جلسة 22 / 2 / 2014

برئاسة السيد القاضى / عبد الله فهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / على شرباش ، السيد خلف الله جاد مبارك و أشرف سمير " نواب رئيس المحكمة " 

بحضور السيد رئيس النيابة / طارق عبد المنعم . 

والسيد أمين السر/ سيد صقر .

------------

" الوقائع "

فى يوم 22 / 1 / 2013طُعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف شمال القاهرة الصادر بتاريخ 25 / 11 / 2012 فى الاستئناف رقم 1026 لسنة 2010 و ذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة .
وفى اليوم نفسه أودع الطاعنين مذكرة شارحة وحافظة بمستنداتهم .
وفى 17 , 18 , 2 , 4 / 3 / 2013 أعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها نقض الحكم .
وفى 26 / 10 / 2013 قررت المحكمة تكليف الطاعنين باختصام باقى المحكوم عليهم بجلسة 14 / 12 / 2013 وفى تلك الجلسة قدم محامى الطاعنين إعلان التكليف بالاختصام منفذاً .
وبجلسة 6 / 7 / 2013 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وبها سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم كل من محامى الطاعنين والمطعون ضده الأول و النيابة العامة كل على ما جاء بمذكرته والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم .
-----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر / أشرف سمير " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنين و المطعون ضدهم من الحادى عشر إلى الأخيرة بعد تكليف الطاعنين باختصامهم أقاموا على المطعون ضدهم من الأول إلى العاشرة الدعوى رقم 1055 لسنة 1999 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم حسبما ورد بطلباتهم الختامية بتثبيت ملكيتهم لمساحة 14 س ، 3 ط المبينة بالأوراق ، وقالوا شرحا لدعواهم بإنهم يضعون اليد عليها وضع يد هادئا ومستقرا ومستمرا منذ عام 1907 حتى الآن فقد أقاموا الدعوى ، وبعد أن أودعت لجنة الخبراء التى ندبتها المحكمة تقريرها قضت بتاريخ 25 / 11 / 2008 بعدم اختصاصها قيميا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة مدينة نصر الجزئية للاختصاص والتى قيدت أمامها برقم 109 لسنة 2009 مدنى ، وبتاريخ 27 / 2 / 2010 قضت المحكمة للطاعنين بطلباتهم استأنف المطعون ضده الأول بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 1026 لسنة 2010 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية ، وبتاريخ 25 / 11 / 2012 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى ، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة مذكرة أبدت الرأى فيها بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره , وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1055 لسنة 1999 مدنى كلى شمال القاهرة بعدم الاختصاص القيمى بنظرها وإحالتها إلى محكمة مدينة نصر الجزئية قد أسس قضاءه على ما انتهى إليه بأسبابه من أن قيمة الدعوى هى مبلغ 1248 جنيها وقد أصبح هذا الحكم نهائيا وحائزاً لقوة الأمر المقضى ، وبذلك يدخل في النصاب الانتهائى للمحكمة الجزئية ويكون استئنافه غير جائز ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذه الحجية وقضى بقبول الاستئناف شكلاً ومضى في نظر الموضوع بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى سديد ، ذلك أن الأصل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الطعن بالنقض طريق غير عادى أجازه المشرع أصلاً في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في حالات بينها بيان حصر في المادة 248 من قانون المرافعات وأجازت المادة 249 استثناء من هذا الأصل للخصوم أن يطعنوا بطريق النقض فى أى حكم انتهائى أيا كانت المحكمة التى أصدرته فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضى وذلك بقصد الحيولة دون تضارب الأحكام في النزاع الواحد وسواء قضى في هذا الحكم في أصل الحق أو فى طلب وقتى ولا يلزم لذلك أن تكون المسألة المقضى فيها مسألة كلية شاملة بل يكفى أن تكون مسألة أساسية مشتركة فى الدعويين واستقرت حقيقتها بين الخصوم فتكون هى بذاتها الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قبل الآخر في الدعوى الثانية ، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية في الدعوى رقم 1055 لسنة 1999 بتاريخ 25 / 11 / 2008 قد انتهى فى قضائه أن قيمة الدعوى الماثلة بمبلغ 1248 جنيها ، وقضت بعدم اختصاصها قيميا بنظر الدعوى والإحالة إلى محكمة مدينة نصر الجزئية ، وإذ قضت المحكمة الأخيرة بتاريخ 27 / 2 / 2010 في موضوع الدعوى وكان حكمها في حدود النصاب الانتهائى لها وفقاً لنص المادة 42 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 76 لسنة 2007 ، ومن ثم يكون حكمها غير جائز استئنافه لتعلق هذه المسألة بالنظام العام ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه حجية الحكم السابق صدوره بين ذات الخصوم انفسهم والصادر بعدم الاختصاص القيمى والإحالة للمحكمة الجزئية الذى حاز قوة الأمر المقضى لعدم الطعن عليه وقضى بقبول الاستئناف شكلاً رغم انتهائية الحكم وفى غير الحالات المستثناة بنص المادة 221 من قانون المرافعات ومضى في نظر الموضوع ، فإنه يكون قد خالف المادة 249 من قانون المرافعات وبالتالى يكون الطعن بالنقض جائزاً مستوفيا لأوضاعه الشكلية ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن ، وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ، ولما تقدم يكون الحكم المستأنف الصادر من محكمة أول درجة غير جائز استئنافه .
لذلك
نقضت المحكمة : الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده الأول بصفته بالمصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة . وحكمت فى الاستئناف رقم 1026 لسنة 2010مدنى مستأنف شمال القاهرة بعدم جواز الاستئناف وألزمت المستأنف بصفته مصروفاته ومبلغ خمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .

الطعن 18615 لسنة 88 ق جلسة 10 / 12 / 2019 مكتب فني 70 ق 153 ص 1066

جلسة 10 من ديسمبر سنة 2019
برئاسة السيـد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي، د. مصطفـى سالمان، صلاح عصمت نواب رئيس المحكمة وياسر بهاء الدين .
----------------
(153)
الطعن رقم 18615 لسنة 88 القضائية
(2،1) نقض " أثر النقض أمام محكمة الإحالة " .
(1) نقض الحكم والاحالة. التزام محكمة الإحالة بإتباع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التى فصلت فيها . اكتساب حكم النقض حجية الشىء المحكوم فيه فى المسائل التى بت فيها . أثره . يمتنع على محكمة النقض ذاتها ومحكمة الإحالة المساس بهذه الحجية عند إعادة نظر الدعوى ولو أخطأت محكمة النقض وهى تفصل فى المسألة المطروحة عليها . علة ذلك .
(2) نقض الحكم . أثره . لمحكمة الإحالة أن تقيم قضاءها على فهم جديد لواقع الدعوى وأسس قانونية أخرى لا تخالف قاعدة قانونية قررها الحكم الناقض .
(4،3) نقض " أثر النقض الحكم " .
(3) النقض الكلي في الموضوع يشمل صحة اختصاص المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه . علة ذلك .
(4) أحكام محكمة النقض . عدم جواز تعييبها بأى وجه من الوجوه . وجوب احترامها فيما خلصت إليه أخطأت أم أصابت . علة ذلك . م 272 مرافعات .
(6،5) تحكيم " دعوى بطلان حكم التحكيم " .
(5) فصل الحكم الناقض فى مسألة قانونية بجواز إقامة دعوى بطلان أصلية على حكم التحكيم الصادر وفقًا لأحكام الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية فى الدول العربية وانعقاد الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة بنظرها . لازمه . تقيد محكمة الإحالة بالحكم الناقض . مخالفة الحكم المطعون فيه حُجِية الحكم الناقض . خطأ ومخالفة للقانون .
(6) تصدي محكمة النقض لموضوع دعوى بطلان حكم التحكيم بعد نقض الحكم للمرة الثانية . شرطه . سبق تصدي محكمة استئناف القاهرة للموضوع . قصر قضائها على إجراءات رفع الدعوى أو دفع شكلي دون الموضوع . أثره . عدم جواز تصدي محكمة النقض للموضوع . علة ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر فى قضاء محكمة النقض أنه إذا نَقضت المحكمة حكم محكمة الاستئناف وأحالت القضية إلى المحكمة التى أصدرته فإنه يتحتم على المحكمة الأخيرة أن تتبع الحكم الناقض فى المسألة القانونية التى فصل فيها. والمقصود بالمسألة القانونية فى هذا الشأن هي الواقعة التى تكون قد طُرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصيرة فيحوز حكمها فى هذا الخصوص حُجية الشىء المحكوم فيه فى حدود ما تكون قد بتت فيه، بحيث يمتنع على المحكمة المُحَال إليها عند إعادة نظرها للدعوى أن تَمَس هذه الحُجية، ويتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى فى نطاق ما أشار إليه الحكم الناقض، ولا تستطيع محكمة النقض بدورها عند نظرها ذات الطعن للمرة الثانية أن تسلك ما يتعارض مع تلك الحُجية. وكما لا يجوز لمحكمة النقض ذاتها أن تعيد النظر فيما استنفدت ولايتها بالفصل فيه، فلا يجوز لمحكمة الإحالة - ولا تتسع ولايتها - لأن تتسلط على قضاء الحكم الناقض وألا تتبع حكم محكمة النقض فى المسألة القانونية التى فصل فيها، ولا يشفع لها فى ذلك حتى أن تكون محكمة النقض قد أخطأت وهى تفصل فى المسألة المطروحة عليها، إذ لا معقب على قضائها.
2- من الأصول المقررة أنه ولئن كان لمحكمة الإحالة أن تقيم حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى الذى تحصله مما يُقَدَم إليها من دفاع وعلى أسس قانونية أخرى غير التى جاءت بالحكم المطعون فيه واستوجبت نقضه، إلا أن ذلك مشروط بألا تخالف محكمة الإحالة قاعدة قانونية قررتها محكمة النقض فى حكمها الناقض.
3- إذ كان الاختصاص يُعَد مطروحًا على محكمة النقض ولو لم يرد بشأنه نعى فى صحيفة الطعن، ومن ثم فإن النقض الكلى فى الموضوع يشمل صحة اختصاص المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه ويحوز حكم النقض حُجِية الشىء المحكوم فيه فى هذه المسألة ويمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحُجِية.
4- يدل النص فى المادة 272 من قانون المرافعات على أن أحكام محكمة النقض لا يجوز تعييبها بأى وجه من الوجوه وهى واجبة الاحترام فيما خَلُصَت إليه، أخطأت المحكمة أم أصابت، باعتبار أن محكمة النقض هى قمة السلطة القضائية فى سُلَم ترتيب المحاكم ومرحلة النقض هى خاتمة المطاف فى مراحل التقاضى وأحكامها باتة لا سبيل إلى الطعن فيها.
5- إذ كان الثابت من أوراق الطعن أن الحكم الناقض قد انتهى إلى القضاء بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجددًا بهيئة أخرى، بحكم حائز لقوة الأمر المقضى بين الخصوم أنفسهم، متضمنًا الفصل فى مسألة قانونية تتعلق بجواز إقامة دعوى بطلان أصلية على حكم التحكيم الصادر وفقًا لأحكام الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية فى الدول العربية، وأن يكون ذلك طبقًا لقانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 ومن ثم انعقاد الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة بنظرها، مما كان لازمه أن تتقيد محكمة الاستئناف المُحالة إليها القضية بالحكم الناقض - أيًا ما كان وجه الرأى فيه – وأن تتبعه فى تلك المسألة باعتبار أن الحكم يظل محتفظًا بحُجِيته أمام جميع محاكم الجهة القضائية التى أصدرته إحدى محاكمها فلا تجوز المجادلة فيه أمامها، بل يجب عليها أن تتقيد به لأن قوة الأمر المقضى تسمو على النظام العام. غير أن الحكم المطعون فيه خالف حُجِية الحكم الناقض عن إدراك، وقضى بعدم اختصاص محكمة استئناف القاهرة دوليًا بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم مسببًا قضاءه فى هذا الخصوص بأن الاتفاق على إسناد الفصل فى النزاع موضوع الدعوى للتحكيم طبقًا لأحكام الاتفاقية سالفة الذكر كافٍ لغلق الطريق أمام الاعتصام بالقضاء الوطنى لأى دولة طرف فى الاتفاقية بما فيها جمهورية مصر العربية بإقامة أى دعوى مبتدأة واختصاص محكمة الاستثمار العربية المنشأة بموجب الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية فى الدول العربية بنظرها وأنه لا محل للتمسك بحُجية أحكام القضاء الوطنى متى صدرت بالمخالفة لأحكام الاتفاقية، دون أن يفطن إلى أنه - حكم - صادر عن محكمة استئناف القاهرة وهى إحدى محاكم جهة القضاء العادى صاحب الولاية العامة التى أصدرت الحكم الناقض، ومن ثم وجب عليه الالتزام بحُجِية ذلك الحكم والتقيد بها، وأنه لا يجوز له المجادلة فيها باعتبار أن قوة الأمر المقضى تسمو على النظام العام. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما حجبه عن الفصل فى موضوع دعوى بطلان حكم التحكيم، وهو ما يعيبه.
6- إذ كان النص فى الفِقرة الأخيرة من المادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية يوجب على محكمة النقض إذا كان الطعن للمرة الثانية أن تحكم فى الموضوع، إلا أن التزام محكمة النقض بذلك لا يقوم أصلًا، فى حالة نظر الموضوع على درجة واحدة – كما هى الحال بالنسبة لاختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر أى دعوى مبتدأة ببطلان أحكام التحكيم - إلا إذا كانت تلك المحكمة قد فصلت فى موضوع النزاع، أما إذا كان قضاؤها قد اقتصر على الفصل فى إجراءات رفع الدعوى أو دفع شكلى فحسب دون الموضوع، فلا يكون لمحكمة النقض في هذه الحالة التصدي للموضوع، إذ يترتب على ذلك اختزال إجراءات التقاضي في مرحلة واحدة حال تصدى محكمة النقض لموضوع النزاع بعد قضائها بنقض الحكم المطعون فيه، وهو أمر يتعارض مع مبادئ العدالة التى لا يجوز إهدارها فى سبيل سرعة الفصل فى دعاوى بطلان حكم التحكيم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر، والمرافعة والمداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل فى أن الطاعنين أقاموا على الشركة المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم ... لسنة 130ق استئناف القاهرة، بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر بتاريخ 22/3/2013 فى التحكيم غير المؤسسى الذى عُقدت جلساته بمركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى، والذى قضى بإلزامهم أن يدفعوا لها المبالغ المبينة به والفوائد، وقالوا بيانًا لذلك إن المطعون ضدها الأولى لجأت إلى التحكيم وفقًا لأحكام الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية فى الدول العربية إعمالًا للشرط الوارد فى البند 29 من العقد المبرم بينهما فى 8/6/2006. وأنه بموجب ذلك العقد أسند الطاعنون إليها عملية تنفيذ مشروع استثمار سياحى بمدينة طرابلس بدولة ليبيا، ثم صدر القرار رقم 203 لسنة 2010 بإلغاء المشروع وثار النزاع بينهما فلجأت المطعون ضدها الأولى إلى التحكيم، وإذ صدر لصالحها الحكم المشار إليه كانت الدعوى. وبتاريخ 5/2/2014 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لعدم جواز الطعن فى الحكم. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 84ق، وبتاريخ 4/11/2015 نقضت المحكمة الحكم. وبعد أن عجل الطاعنون السير فى الدعوى أمام محكمة استئناف القاهرة تدخل المطعون ضده الثانى بصفته بطلب الحكم له بقبول تدخله انضماميًا للطاعنين بصفاتهم شكلًا، وفى موضوع تدخله الحكم بذات طلبات الطاعنين بصفاتهم بصحيفة الدعوى، وقال بيانًا لذلك إنه صدر بتاريخ 13/5/2013 من رئيس محكمة البداية الكبرى فى باريس أمرٌ بإيقاع حجز على ما للطاعنين بصفاتهم من أموال لديه، ولدى مصرف سوسيتيه جنرال (ش.م) ومصرفBIA (البنك الدولى العربى) ونظرًا لأن هذا الأمر قد تم تنفيذه بإيقاع الحجز فقد تدخل فى الدعوى. وبتاريخ 6/8/2018 قضت المحكمة بعدم اختصاصها دوليًا بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم موضوع الدعوى. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 88 ق، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وبتلك الجلسة دفع وكيل الشركة المطعون ضدها الأولى بعدم قبول الطعن على سند من أن المحامى الذى رفع الطعن ووقع صحيفته بصفته وكيلًا عن الطاعنين بصفاتهم لم يقدم سند وكالة صادرًا عمن يمثلهم، والنيابة العامة التزمت رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من وكيل الشركة المطعون ضدها الأولى بعدم قبول الطعن مردود بأن الثابت من الأوراق أنه وقت إيداع صحيفة الطعن بالنقض تم إيداع سند وكالة المحامية الموقعة على صحيفة الطعن الأستاذة ..... والصادر لها من المستشار ...... بصفته رئيس إدارة القضايا للدولة الليبية التى تنوب عن الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة فى دولة ليبيا – وهى ذات الإدارة الثابت فى الحكم الناقض أن الطاعنين بصفاتهم قد أُعلنوا لديها - والمصدق عليه من السفارة الليبية بالقاهرة برقم .... فى 24/4/2018، ومن الخارجية المصرية برقم .... بتاريخ 24/9/2018 تصديقات أحمد عرابى، ومن وزارة العدل برقم .... بتاريخ 25/9/2018، والمودع برقم ..... لسنة 2018 مكتب توثيق نقابة المحامين، والذى يبيح لها الطعن بطريق النقض، ومن ثم يكون الدفع قد جاء على غير سند من الواقع أو القانون متعينًا رفضه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون بصفاتهم على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم الناقض الصادر فى الطعن رقم 6065 لسنة 84 ق قد فصل فى مسألة عدم وجود تعارض بين أحكام الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية فى الدول العربية وملحقها وبين قانون التحكيم المصرى رقم 27 لسنة 1994 فى شأن مدى جواز رفع دعوى بطلان أحكام التحكيم وفقًا للقانون الأخير بما لازمه ومقتضاه اختصاص محكمة استئناف القاهرة وحدها بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم الصادر بتاريخ 22/3/2013 التزامًا بحجية الحكم الناقض الذى قضى صراحة باختصاصها بنظرها بحكم بات، بما كان يتعين معه على محكمة الإحالة اتباعه فى تلك المسألة وعدم مخالفته أو المساس بحُجِيته، غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى بعدم اختصاص محكمة استئناف القاهرة دوليًا بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه إذا نَقضت محكمة النقض حكم محكمة الاستئناف وأحالت القضية إلى المحكمة التى أصدرته فإنه يتحتم على المحكمة الأخيرة أن تتبع الحكم الناقض فى المسألة القانونية التى فصل فيها. والمقصود بالمسألة القانونية فى هذا الشأن هى الواقعة التى تكون قد طُرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصيرة فيحوز حكمها فى هذا الخصوص حُجية الشىء المحكوم فيه فى حدود ما تكون قد بتت فيه، بحيث يمتنع على المحكمة المُحَال إليها عند إعادة نظرها للدعوى أن تَمَس هذه الحُجية، ويتعين عليها أن تقصر نظرها على موضوع الدعوى فى نطاق ما أشار إليه الحكم الناقض، ولا تستطيع محكمة النقض بدورها عند نظرها ذات الطعن للمرة الثانية أن تسلك ما يتعارض مع تلك الحُجية. وكما لا يجوز لمحكمة النقض ذاتها أن تعيد النظر فيما استنفدت ولايتها بالفصل فيه، فلا يجوز لمحكمة الإحالة - ولا تتسع ولايتها - لأن تتسلط على قضاء الحكم الناقض وألا تتبع حكم محكمة النقض فى المسألة القانونية التى فصل فيها، ولا يشفع لها فى ذلك حتى أن تكون محكمة النقض قد أخطأت وهى تفصل فى المسألة المطروحة عليها، إذ لا معقب على قضائها. وكان من الأصول المقررة أنه ولئن كان لمحكمة الإحالة أن تقيم حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى الذى تحصله مما يُقَدَم إليها من دفاع وعلى أسس قانونية أخرى غير التى جاءت بالحكم المطعون فيه واستوجبت نقضه، إلا أن ذلك مشروط بألا تخالف محكمة الإحالة قاعدة قانونية قررتها محكمة النقض فى حكمها الناقض. وكان الاختصاص يُعَد مطروحًا على محكمة النقض ولو لم يرد بشأنه نعى فى صحيفة الطعن، ومن ثم فإن النقض الكلى فى الموضوع يشمل صحة اختصاص المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه ويحوز حكم النقض حُجِية الشىء المحكوم فيه فى هذه المسألة ويمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحُجِية. وكان النص فى المادة 272 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن فى أحكام محكمة النقض بأى طريق من طرق الطعن"، يدل على أن أحكام محكمة النقض لا يجوز تعييبها بأى وجه من الوجوه وهى واجبة الاحترام فيما خَلُصَت إليه، أخطأت المحكمة أم أصابت، باعتبار أن محكمة النقض هى قمة السلطة القضائية فى سُلَم ترتيب المحاكم ومرحلة النقض هى خاتمة المطاف فى مراحل التقاضى وأحكامها باتة لا سبيل إلى الطعن فيها. لما كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الطعن أن الحكم الناقض قد انتهى إلى القضاء بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجددًا بهيئة أخرى، بحكم حائز لقوة الأمر المقضى بين الخصوم أنفسهم، متضمنًا الفصل فى مسألة قانونية تتعلق بجواز إقامة دعوى بطلان أصلية على حكم التحكيم الصادر وفقًا لأحكام الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية فى الدول العربية، وأن يكون ذلك طبقًا لقانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 ومن ثم انعقاد الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة بنظرها، مما كان لازمه أن تتقيد محكمة الاستئناف المُحالة إليها القضية بالحكم الناقض - أيًا ما كان وجه الرأى فيه – وأن تتبعه فى تلك المسألة باعتبار أن الحكم يظل محتفظًا بحُجِيته أمام جميع محاكم الجهة القضائية التى أصدرته إحدى محاكمها فلا تجوز المجادلة فيه أمامها، بل يجب عليها أن تتقيد به لأن قوة الأمر المقضى تسمو على النظام العام. غير أن الحكم المطعون فيه خالف حُجِية الحكم الناقض عن إدراك، وقضى بعدم اختصاص محكمة استئناف القاهرة دوليًا بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم مسببًا قضاءه فى هذا الخصوص بأن الاتفاق على إسناد الفصل فى النزاع موضوع الدعوى للتحكيم طبقًا لأحكام الاتفاقية سالفة الذكر كافٍ لغلق الطريق أمام الاعتصام بالقضاء الوطنى لأى دولة طرف فى الاتفاقية بما فيها جمهورية مصر العربية بإقامة أى دعوى مبتدأة واختصاص محكمة الاستثمار العربية المنشأة بموجب الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية فى الدول العربية بنظرها وأنه لا محل للتمسك بحُجية أحكام القضاء الوطنى متى صدرت بالمخالفة لأحكام الاتفاقية، دون أن يفطن إلى أنه -حكم- صادر عن محكمة استئناف القاهرة وهى إحدى محاكم جهة القضاء العادى صاحب الولاية العامة التى أصدرت الحكم الناقض، ومن ثم وجب عليه الالتزام بحُجِية ذلك الحكم والتقيد بها، وأنه لا يجوز له المجادلة فيها باعتبار أن قوة الأمر المقضى تسمو على النظام العام. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما حجبه عن الفصل فى موضوع دعوى بطلان حكم التحكيم، وهو ما يعيبه ويوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث باقى أسباب الطعن.
ولما كان النص فى الفِقرة الأخيرة من المادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية يوجب على محكمة النقض إذا كان الطعن للمرة الثانية أن تحكم فى الموضوع، إلا أن التزام محكمة النقض بذلك لا يقوم أصلًا، فى حالة نظر الموضوع على درجة واحدة – كما هى الحال بالنسبة لاختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر أى دعوى مبتدأة ببطلان أحكام التحكيم - إلا إذا كانت تلك المحكمة قد فصلت فى موضوع النزاع، أما إذا كان قضاؤها قد اقتصر على الفصل فى إجراءات رفع الدعوى أو دفع شكلى فحسب دون الموضوع، فلا يكون لمحكمة النقض فى هذه الحالة التصدى للموضوع، إذ يترتب على ذلك اختزال إجراءات التقاضى فى مرحلة واحدة حال تصدى محكمة النقض لموضوع النزاع بعد قضائها بنقض الحكم المطعون فيه، وهو أمر يتعارض مع مبادئ العدالة التى لا يجوز إهدارها فى سبيل سرعة الفصل فى دعاوى بطلان حكم التحكيم، بما يوجب أن تكون مع النقض الإحالة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 6627 لسنة 89 ق جلسة 10 / 12 / 2019 مكتب فني 70 ق 155 ص 1085

جلسة 10 من ديسمبر سنة 2019
السيد القـاضي/ نبيل عمران نائب رئيس الـمحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي، د. مصطفى سالمان، صلاح عصمـت نواب رئيس المحكمة وياسر بهاء الدين.
----------------
(155)
الطعن رقم 6627 لسنة 89 القضائية
(1) تحكيم " اتفاق التحكيم: ماهيته " .
التنظيم القانوني للتحكيم. أساسه. إرادة المتعاقدين. فهى توجده وتحدد نطاقه كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التى نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم. شمولها تحديد القانون الواجب التطبيق عليه وعلى إجراءاته وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها. سكوت الخصم عن الاعتراض على أى منها مع إمكان ذلك . أثره . اعتباره نزول منه عن حقه فيه .
(2) تحكيم " التحكيم الدولي : من حالاته : التحكيمين المؤسسي والحر : ماهيتهما " .
التحكيم المؤسسي. هو الذي يتم وفقًا للقواعد الخاصة بمؤسسة أو مركز دائم للتحكيم . تضمنه إمكان تعيين المحكمين أو أحدهم حسب اتفاق الطرفين ومراجعة حكم التحكيم وفقًا للائحته وتوفيره أماكن مناسبة لإجرائه وتسهيلات إدارية وفنية. أهميته. توافر الثقة المستمدة من تاريخ كل مركز يُشعر الأطراف بالأمان القانونى فى إجراءات التحكيم والحكم فيه. التحكيـم الحـر أو غير المؤسسـى. قيام أطرافه بأنفسهم باختيار المحكمين وقواعده وإجراءاته بعيدًا عن هذه المراكز.
(3) تحكيم " إجراءات التحكيم : مكان التحكيم : حق هيئة التحكيم فى اختيار مكان القيام بإجراءات التحكيم"
حرية طرفي التحكيم فى الاتفاق على الإجراءات التى على هيئة التحكيم اتباعها سواء النافذة فى أى منظمة أو مركز تحكيم فى مصر أو خارجها . عدم الاتفاق على ذلك. أثره . لهيئة التحكيم اختيارها. م 25 ق 27 لسنة 1994.
(4) قانون " سريان القانون من حيث الزمان " .
نشر القانون أو اللائحة أو القرار بعد صدورها بالجريدة الرسمية أو الوقائع المصرية . أثره. توافر علم المخاطبين بأحكامه به وحلول ميعاد بدء سريانه . عدم عذر من يجهله. م 225 (1) من الدستور.
(5) تحكيم " بطلان حكم التحكيم : دعوى بطلان حكم التحكيم : ما لا يعد من أسباب البطلان: إلغاء مركز التحكيم " .
إلغاء مركز التحكيم . أثره . تحول التحكيم من مؤسسي إلى حر . خضوعه للقواعد العامة. عدم تأثر الإجراءات الصحيحة قبل الإلغاء . ليس من أسباب بطلان التحكيم إلغاء مركز التحكيم. م 53/ 1 ق التحكيم 27 لسنة 1994 . عدم تدخله فى إجراءات التحكيم إلا برضاء أطرافه . وجودة ككيان قائم من عدمه لا يمس صحة إجراءاته . مثال بشأن إلغاء مركز التحكيم بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التى نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه سواء من حيث المسائل التى يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم، وأن سكوت الخَصم عن الاعتراض على الإجراء مع قدرته على إبدائه يعد نزولًا منه عن حقه فى الاعتراض.
2- النص فى المادة 4 (1) من قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994، يدل على أن التحكيم الحر أو غير المؤسسـي Ad-hoc هو التحكيم الذى يقوم فيه الأطراف أنفسهم، وفقًا لما يخوله لهم القانون، باختيار المحكمين واختيار قواعد التحكيم وإجراءاته، بعيدًا عن أى مركز دائم أو مؤسسة دائمة للتحكيم. وأن التحكيم المؤسسى Institutional هو التحكيم الذى يتم وفقًا لقواعد التحكيم الخاصة بمركز دائم للتحكيم أو مؤسسة تحكيم دائمة، وقد يقوم المركز أيضًا بتعيين المحكمين أو أحدهم حسب اتفاق الطرفين، أو يقوم بمراجعة حكم التحكيم حسبما تنص عليه لائحته، فضلًا عما توفره هذه المراكز من أماكن مناسبة لإجراء التحكيم وتسهيلات إدارية وفنية وكذلك الثقة المستمدة من أهمية كل مركز وتاريخه بما يُشعر الأطراف بالأمان القانونى لما يتم من إجراءات التحكيم وما يصدر تحت مظلة المركز من أحكام.
3- النص فى المادة 25 من قانون التحكيم (فى المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994) يدل على أن المشرع منح لطرفى التحكيم حرية الاتفاق على أى من الإجراءات التى يجب على هيئة التحكيم اتباعها سواء تلك النافذة فى أى منظمة أو مركز تحكيم فى مصر أو خارجها، وفى حالة خلو الاتفاق على الأخذ بأى من هذه القواعد الإجرائية يكون لهيئة التحكيم اختيار الإجراءات التى تراها مناسبة.

4- النص فى المادة 225(1) من الدستور يدل على أن نشر القانون أو اللائحة أو القرار، بالجريدة الرسمية أو بملحقها "الوقائع المصرية"، بعد إصداره من السلطة المختصة هو الطريق الوحيد الذى رسمه الدستور ليتوافر للمخاطبين بأحكامه العلم به وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانه ولا يُعذر أحد بعد ذلك بجهله به.
5- إذ كان البين من الأوراق أن الشركة الطاعنة قد اتفقت مع الجمعية المطعون ضدها على إخضاع المنازعات التى تنشأ بشأن تنفيذ عقد المقاولة المبرم بينهما أو بسببه للتحكيم لدى مركز التحكيم بالاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى المنشأ بقرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 239 لسنة 2004، وأن الطاعنة أقامت دعواها التحكيمية بتاريخ 2/5/2017 وتم تشكيل هيئة التحكيم وفق إرادة الطرفين واستمرت تلك الهيئة فى مباشرة إجراءات الدعوى التحكيمية محل دعوى البطلان دون اعتراض من جانب أى من طرفى التحكيم بعد تحقق علمهما بإلغاء مركز التحكيم بالاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى وذلك بنشر القرار رقم 625 لسنة 2017 الصادر من وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية بإلغائه فى الوقائع المصرية– بالعدد رقم 253 بتاريخ 9/11/2017، فلا يُقبل من الجمعية المطعون ضدها إثارة أى اعتراض فى هذا الشأن، لاسيما وأن قرار وزير الإسكان بإلغاء المركز المذكور لم يتضمن أى تنظيم للدعاوى المتداولة أمام هيئات التحكيم اعتبارًا من تاريخ إلغاء مركز التحكيم، ومن ثم يخضع الأمر برمته للقواعد العامة، ولا تتأثر به أية إجراءات صحيحة تمت قبل صدور قرار الإلغاء. كما أنه لا محل لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من انتفاء ولاية مركز التحكيم بعد نشر القرار الصادر بإلغائه، واعتبار كل ما يصدر عنه بعد ذلك التاريخ باطلًا بطلانًا مطلقًا لا يقبل التصحيح، ذلك بأن حكم التحكيم إنما يصدر من هيئة التحكيم ولا يصدر من مركز التحكيم. كما أن المشرع قد حدد فى المادة 53(1) من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 الحالات التى تُقبل فيها دعوى بطلان حكم التحكيم على سبيل الحصر، وليس من بينها حالة إلغاء مركز التحكيم، إذ إن إلغاء مركز التحكيم بمجرده لا يؤدى إلى إلغاء التحكيم وإجراءاته، فمركز التحكيم ذاته لا يتدخل فى إجراءات التحكيم إلا بالقدر الذى يرتضيه أطراف التحكيم بقبولهم تطبيق قواعد المركز على إجراءات التحكيم، ويقوم المركز على تيسير المسائل الإدارية والتنظيمية اللازمة لسير إجراءات التحكيم، هذا إلى أن وجود مركز التحكيم – ككيان قائم – من عدمه لا يمس صحة ما تم من إجراءات سابقة من هيئة التحكيم أو أية إجراءات لاحقة على قرار الإلغاء، ولن يتجاوز الأمر، فى أقصى تقدير، تحول التحكيم من تحكيم مؤسسى إلى تحكيم حر. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى ببطلان حكم التحكيم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة والمداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الجمعية المطعون ضدها أقامت على الشركة الطاعنة الدعوى رقم ... لسنة 74 ق تحكيم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بطلب بطلان الحكم الصادر بجلسة 3/1/2018 من مركز التحكيم بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي في الدعوى التحكيمية رقم .. لسنة 2017 واعتباره كأن لم يكن. وبيانًا لذلك قالت إنه بتاريخ 10/7/2017 أصدر وزير الإسكان القرار رقم 625 لسنة 2017 بإلغاء مركز التحكيم المشار إليه والقرارات الوزارية المنظمة له، وتم نشر هذا القرار بتاريخ 9/11/2017 وأصبح كل ما يصدر عن هذا المركز من بعد ذلك التاريخ هو والعدم سواء، ومن ثم كانت الدعوى. بتاريخ 29/1/2019 قضت المحكمة بالطلبات. طعنت الشركة الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعىَ بها الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والتناقض، ذلك أنه قضى ببطلان الحكم الصادر عن مركز التحكيم بالاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى فى الدعوى التحكيمية رقم ... لسنة 2017 تأسيسًا على أن كل ما يصدر عن هذا المركز، بعد نشر القرار الصادر بإلغائه بالوقائع الرسمية بتاريخ 9/11/2017، يعد باطلًا بطلانًا مطلقًا لا يقبل التصحيح، دون أن يفطن إلى أن الدعوى التحكيمية قد أقيمت قبل صدور هذا القرار، وأن تشكيل هيئة التحكيم قد تم باتفاق الطرفين وليس بقرار من مركز التحكيم، وأن تلك الهيئة استمرت فى نظر الدعوى بإجراءات صحيحة دون أى اعتراض من الجمعية المطعون ضدها، كما أن حكم التحكيم إنما تصدره هيئة التحكيم وليس مركز التحكيم، بما يعنى أن إلغاء مركز التحكيم لا يؤثر على العملية التحكيمية. وتناقض الحكم المطعون فيه حين أورد فى مدوناته أن حالات البطلان قد وردت على سبيل الحصر بنص المادة 53 من قانون التحكيم المصرى ثم عاد وقضى بالبطلان رغم عدم توافر حالة من حالاته تلك ودون أن يثبت وقوع بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي فى محله، ذلك أن التنظيم القانونى للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التى نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هى التى توجد التحكيم وتحدد نطاقه سواء من حيث المسائل التى يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم، وأن سكوت الخَصم عن الاعتراض على الإجراء مع قدرته على إبدائه يعد نزولًا منه عن حقه فى الاعتراض. وكان النص فى المادة 4(1) من قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 على أن "ينصرف لفظ التحكيم فى حكم هذا القانون إلى التحكيم الذى يتفق عليه طرفا النزاع بإرادتهما الحرة سواء كانت الجهة التى تتولى إجراءات التحكيم، بمقتضى اتفاق الطرفين، منظمة أو مركزًا دائمًا للتحكيم أو لم يكن كذلك"، يدل على أن التحكيـم الحر أو غير المؤسسـي Ad-hoc هو التحكيم الذى يقوم فيه الأطراف أنفسهم، وفقًا لما يخوله لهم القانون، باختيار المحكمين واختيار قواعد التحكيم وإجراءاته، بعيدًا عن أى مركز دائم أو مؤسسة دائمة للتحكيم. وأن التحكيم المؤسسي Institutional هو التحكيم الذى يتم وفقًا لقواعد التحكيم الخاصة بمركز دائم للتحكيم أو مؤسسة تحكيم دائمة، وقد يقوم المركز أيضًا بتعيين المحكمين أو أحدهم حسب اتفاق الطرفين، أو يقوم بمراجعة حكم التحكيم حسبما تنص عليه لائحته، فضلًا عما توفره هذه المراكز من أماكن مناسبة لإجراء التحكيم وتسهيلات إدارية وفنية وكذلك الثقة المستمدة من أهمية كل مركز وتاريخه بما يُشعر الأطراف بالأمان القانونى لما يتم من إجراءات التحكيم وما يصدر تحت مظلة المركز من أحكام. وكان النص فى المادة 25 من قانون التحكيم ذاته على أنه "لطرفى التحكيم الاتفاق على الإجراءات التى تتبعها هيئة التحكيم بما فى ذلك حقهما فى إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة فى أى منظمة أو مركز تحكيم فى جمهورية مصر العربية أو خارجها فإذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق كان لهيئة التحكيم، مع مراعاة أحكام هذا القانون، أن تختار إجراءات التحكيم التى تراها مناسبة"، يدل على أن المشرع منح لطرفى التحكيم حرية الاتفاق على أى من الإجراءات التى يجب على هيئة التحكيم اتباعها سواء تلك النافذة فى أى منظمة أو مركز تحكيم فى مصر أو خارجها، وفى حالة خلو الاتفاق على الأخذ بأى من هذه القواعد الإجرائية يكون لهيئة التحكيم اختيار الإجراءات التى تراها مناسبة. وكان النص فى المادة 225 (1) من الدستور على أن "تُنشر القوانين بالجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إصدارها، وُيعمل بها بعد ثلاثين يومًا من اليوم التالى لتاريخ نشرها إلا إذا حددت لذلك ميعادًا آخر"، يدل على أن نشر القانون أو اللائحة أو القرار، بالجريدة الرسمية أو بملحقها "الوقائع المصرية"، بعد إصداره من السلطة المختصة هو الطريق الوحيد الذى رسمه الدستور ليتوافر للمخاطبين بأحكامه العلم به وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانه ولا يُعذر أحد بعد ذلك بجهله به. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الشركة الطاعنة قد اتفقت مع الجمعية المطعون ضدها على إخضاع المنازعات التى تنشأ بشأن تنفيذ عقد المقاولة المبرم بينهما أو بسببه للتحكيم لدى مركز التحكيم بالاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى المنشأ بقرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 329 لسنة 2004، وأن الطاعنة أقامت دعواها التحكيمية بتاريخ 2/5/2017 وتم تشكيل هيئة التحكيم وفق إرادة الطرفين واستمرت تلك الهيئة فى مباشرة إجراءات الدعوى التحكيمية محل دعوى البطلان دون اعتراض من جانب أى من طرفى التحكيم بعد تحقق علمهما بإلغاء مركز التحكيم بالاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى وذلك بنشر القرار رقم 625 لسنة 2017 الصادر من وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية بإلغائه فى الوقائع المصرية – بالعدد رقم 253 بتاريخ 9/11/2017، فلا يُقبل من الجمعية المطعون ضدها إثارة أى اعتراض فى هذا الشأن، لاسيما وأن قرار وزير الإسكان بإلغاء المركز المذكور لم يتضمن أى تنظيم للدعاوى المتداولة أمام هيئات التحكيم اعتبارًا من تاريخ إلغاء مركز التحكيم، ومن ثم يخضع الأمر برمته للقواعد العامة، ولا تتأثر به أية إجراءات صحيحة تمت قبل صدور قرار الإلغاء. كما أنه لا محل لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من انتفاء ولاية مركز التحكيم بعد نشر القرار الصادر بإلغائه، واعتبار كل ما يصدر عنه بعد ذلك التاريخ باطلًا بطلانًا مطلقًا لا يقبل التصحيح، ذلك بأن حكم التحكيم إنما يصدر من هيئة التحكيم ولا يصدر من مركز التحكيم. كما أن المشرع قد حدد فى المادة 53(1) من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 الحالات التى تُقبل فيها دعوى بطلان حكم التحكيم على سبيل الحصر، وليس من بينها حالة إلغاء مركز التحكيم، إذ إن إلغاء مركز التحكيم بمجرده لا يؤدى إلى إلغاء التحكيم وإجراءاته، فمركز التحكيم ذاته لا يتدخل فى إجراءات التحكيم إلا بالقدر الذى يرتضيه أطراف التحكيم بقبولهم تطبيق قواعد المركز على إجراءات التحكيم، ويقوم المركز على تيسير المسائل الإدارية والتنظيمية اللازمة لسير إجراءات التحكيم، هذا إلى أن وجود مركز التحكيم – ككيان قائم – من عدمه لا يمس صحة ما تم من إجراءات سابقة من هيئة التحكيم أو أية إجراءات لاحقة على قرار الإلغاء، ولن يتجاوز الأمر، فى أقصى تقدير، تحول التحكيم من تحكيم مؤسسى إلى تحكيم حر. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى ببطلان حكم التحكيم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وكان البين من الأوراق أن دعوى البطلان قد أقيمت من الجمعية المطعون ضدها على سبب وحيد هو إلغاء مركز الاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى للتحكيم. ولما تقدم، فإنه يتعين القضاء برفض دعوى البطلان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1265 لسنة 89 ق جلسة 10 / 12 / 2019 مكتب فني 70 ق 154 ص 1074

جلسة 10 من ديسمبر سنة 2019
السيد القاضي/ نبيل عمران نائب ريئس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوى، د. مصطفى سالمان، صلاح عصمت ود. محمد رجاء نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(154)
الطعن رقم 1265 لسنة 89 القضائية
(2،1) تحكيم" هيئة التحكيم : الطعن على حكم تعيين المحكم " .
(1) الحكم الصادر باختيار المُحَكَم. منهى وحاسم لهذه الخصومة. م 212 مرافعات. استقلالها عن خصومة التحكيم . نطاق الدعوى فيها ينحصر على المساعدة فى تشكيل هيئة التحكيم دون النزاع الموضوعى الذى أقيم التحكيم للفصل فيه .
(2) الحكم الصادر باختيار المُحَكَم. غير قابل للطعن فيه بأى طريق. م 17/ 3 ق التحكيم. شرطه. اكتسابه وجودًا قانونيًا صحيحاً. انتفاء محل الحكم وهو اختيار المحكمة بنفسها للمُحَكَم بالاسم. مؤداه . انعدام الحكم . أثره . جواز الطعن فيه . علة ذلك. الانعدام هو ما يميز هذه الحالة عن حالات الخطأ فى مفهوم تلك المادة التى لا تجيز الطعن فى الحكم .
(3 -7) تحكيم " هيئة التحكيم : اختيار وتعيين المحكم : سلطة وزير العدل فى وضع قوائم المحكمين " .
(3) إصدار المحكمة للحكم باختيار المحكم. شرطه. تحققها من ظاهر الأوراق من وجود اتفاق تحكيم خال من بطلان ظاهر مما يتعلق بالنظام العام وعدم اتفاق الطرفين على وسيلة أخرى لاختيار المُحَكَمين ونشوء النزاع بينهما بالفعل ومن توافر إحدى حالات م 17 /2،1 ق التحكيم وانقضاء ميعاد الثلاثين يومًا المحددة لاختياره قبل صدور الحكم .
(4) وجوب اختيار المحكمة بنفسها للمُحَكَم. م 17 ق التحكيم . علة ذلك. المُحَكَم قاض فعليها أن تُولِى اعتبارات توافر المؤهلات المطلوبة فيه وفقًا لاتفاق الطرفين وضمان حياده واستقلاليته. اختيارها مُحَكَمًا من بين قوائم وزير العدل للمُحَكَمين. تحديدها بنفسها اسم من اختارته منهم دون غموض وتيقنها أنه صاحب الدور والتخصص المطلوب مدركة لاعتبارات الاختيار. لازمه . وضع هذه القوائم محدثة دوريـًا تحت تصرف المحكمة مباشرة باستخدام وسائل الاتصال اليسيرة تتضمن البيانات التفصيلية عن كل محكم . قصر حكمها على مجرد الإشارة المبهمة للمُحَكَم صاحب الدور. مؤداه . ليس اختيارًا منها بل تخلى صريح عن سلطتها في اختيار المُحَكَم وتفويضًا للغير فى ذلك دون سند قانوني . أثره . غير جائز .
(5) سلطة وزير العدل فى وضع قوائم المُحَكَمين . م 2 من مواد إصدار ق التحكيم. ماهيتها . إجراءات تنفيذية للقانون من أعمال السلطة التنفيذية . قصرها على وضع القوائم فقط دون أن تمتد إلى اختيار المحكم المناسب فى كل قضية فهو من صميم عمل سلطة المحكمة القضائية . استحداث هذه المادة لتمكين المحكمة من خلال وضع الوزير لهذه لقوائم من سرعة تنفيذ مهمتها واتخاذ قرارها بالاختيار وهى هادية لها دون تقييد . المذكرة الإيضاحية للجنة المشتركة ومناقشات مجلس الشعب لقانون التحكيم .
(6) منح مساعد وزير العدل سلطة اختيار المُحَكَمين من القوائم بدلًا من المحكمة المختصة. م 5 (١) قرار وزير العدل رقم ٢١٠٥ لسنة ١٩٩٥ بتنفيذ بعض أحكام ق التحكيم. انطواء القرار التنفيذى للقانون على أى عيب يؤدى إلى تعديل أو تعطيل أو إعفاء من تنفيذ أحكام القانون الذى صدر لتنفيذه . عدم اعتباره تشريعًا نافذًا إلا بقدر خلوه من هذه العيوب. م 170 من الدستور الحالى . مؤداه . فقده لقوته الملزمة كتشريع . أثره . لمحاكم السلطة القضائية من تلقاء ذاتها ألا تعتد به فى حدود مخالفته للقانون .
(7) اختيار الحكم المطعون فيه المُحَكَم صاحب الدور دون تحديد اسمه مُفوِضًا فى ذلك جهة أخرى لم يُسَمِها ولم يحددها. مؤداه . صدوره منعدمًا قانونًا لوروده على محل منعدم . علة ذلك. تخليه بغير سند قانونى عن سلطته فى تحديد اسم المُحَكَم . أثره. جواز الطعن فى هذا الحكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- إذ كان الحكم الصادر باختيار المُحَكَم ينهي المنازعة ويحسم الخصومة الأصلية كلها فى هذا الشأن، وفقًا لمفهوم المادة 212 من قانون المرافعات، باعتبار أن خصومة اختيار المُحَكَم هى خصومة مستقلة عن خصومة التحكيم ذاتها، ذلك أن موضوع الخصومة الأولى هو اختيار مُحَكَم فرد أو مُحَكَم عن أحد أطراف التحكيم أو رئيس لهيئة التحكيم، فى حين أن موضوع الخصومة الثانية هو النزاع الموضوعى الذى أقيم التحكيم للفصل فيه. وعلى ذلك تتحدد سلطة المحكمة فى اختيار المُحَكَم بنطاق الدعوى المرفوعة بطلب اختياره، ويقتصر دورها على المساعدة فى تشكيل هيئة التحكيم بغير خروج عن هذا النطاق.
2- لئن كانت المادة 17(3) من قانون التحكيم قد نصت صراحة على عدم قابلية حكم المحكمة باختيار المُحَكَم للطعن فيه بأى طريق من طرق الطعن، إلا أن مناط ذلك أن يكون حكم المحكمة قد اكتسب وجودًا قانونيًا صحيحًا، فإذا انتفى محل الحكم – وهو هنا اختيار المحكمة بنفسها للمُحَكَم بالاسم – فإن الحكم يكون قد ولد منعدمًا لانتفاء المحل. وبهذه المثابة فإن انتفاء محل الحكم – والذى ينعدم به الحكم ويجيز الطعن فيه – هو السمة البارزة التى تميز تلك الحالة عن مجرد الخطأ فى تطبيق القانون أو فى تنفيذ اتفاق الطرفين بشأن آلية تعيين المُحَكَمين، وهى الحالات التى لا يجوز فيها الطعن فى الحكم فى مفهوم المادة 17(3) من قانون التحكيم.
3- إذ كانت المادة 17 من قانون التحكيم قررت شروطًا يلزم على المحكمة – أثناء نظر طلب اختيار مُحَكَم – أن تتلمس وجودها من ظاهر الأوراق prima facie دون الخوض فى موضوع النزاع. إذ يدل نص المادة المذكورة على أنه يتعين على المحكمة قبل اختيارها لمُحكم فرد أو لمُحَكَم عن أحد الأطراف أو لرئيس هيئة التحكيم - بناءً على الطلب المقدم لها من الطرف ذى المصلحة – أن تتحقق من توافر عدة شروط هى وجود اتفاق تحكيم خال من أى بطلان ظاهر مما يتعلق بالنظام العام؛ وأن الطرفين لم يسبق لهما الاتفاق على وسيلة أخرى لاختيار المُحَكَمين سواء بواسطة شخص من الغير أو بواسطة مركز للتحكيم؛ وأن يكون النزاع قد نشأ بالفعل بين الطرفين؛ وتوافر إحدى الحالات المنصوص عليها فى الفِقرتين الأولى والثانية من المادة 17 المشار إليها؛ وأن يكون ميعاد الثلاثين يومًا المحدد لاختيار المُحَكَم أو رئيس هيئة التحكيم قد انقضى قبل الحكم فى الطلب. فإذا توافرت هذه الشروط فعلى المحكمة أن تُصدر حكمها على وجه السرعة بغير تأخير.
4- إذ كان على المحكمة أن تتولى بنفسها اختيار المُحَكَم المناسب لنظر النزاع، انصياعًا لصريح نص المادة 17 من قانون التحكيم، باعتبار أن المُحَكَم قاض. وأن تُولِى الاعتبار الواجب إلى المؤهلات المطلوب توافرها فى المُحَكَم وفقًا لاتفاق الطرفين وإلى الاعتبارات التى من شأنها ضمان اختيار مُحَكَم مستقل ومحايد. وإذا ما اختارت المحكمة مُحَكَمًا من بين قوائم المُحَكَمين التى يضعها وزير العدل بموجب المادة الثانية من مواد إصدار قانون التحكيم، فيتعين عليها أن تحدد بنفسها اسم من اختارته من المُحَكَمين دون غموض، وأن تتيقن من أنه صاحب الدور من بين المُحَكَمين أصحاب التخصص المطلوب، مُدرِكة للاعتبارات التى قادتها إلى هذا الاختيار. وينبغى وضع قوائم المُحَكَمين تحت تصرف المحكمة مباشرة، باستخدام وسائل الاتصال اليسيرة المتاحة للكافة. كما يجب أن تتضمن تلك القوائم بيانات تفصيلية عن خبرة المُحَكَم العملية، وآخر مرة تم تعيينه مُحَكَمًا بواسطة إحدى المحاكم المصرية، على أن يتم تحديث تلك البيانات بصفة دورية، مهما قصرت، وكلما جد جديد. ولهذا، فليس للمحكمة أن تقتصر فى حكمها على مجرد الإشارة المبهمة للمُحَكَم "صاحب الدور"، إذ إن ذلك لا يعتبر اختيارًا من المحكمة للمُحَكَم على نحو ما تتطلبه المادة 17 من قانون التحكيم، بل تخليًا صريحًا منها عن سلطتها فى اختيار المُحَكَم، وتفويضًا للغير– دون سند من القانون - فى القيام بهذا الاختيار، وهو ما لا يجوز سواء كانت تلك الجهة المُفَوَضة من السلطة القضائية أو من السلطة التنفيذية.
5- مؤدى النص فى المادة الثانية من مواد إصدار قانون التحكيم، أنها لم تعهد إلى وزير العدل – فى شطرها الأخير - بأكثر من وضع قوائم المُحَكَمين الذين يُجرَى الاختيار من بينهم، بما مؤداه أن دور وزير العدل فى هذا الصدد ينتهى عند وضع تلك القوائم بينما يكون اختيار المُحَكَم المناسب، عند كل طلب، من صميم عمل المحكمة المختصة. ولا يغير من ذلك ما جاء بصدر تلك المادة من اختصاص وزير العدل بإصدار "القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون". إذ إن تلك العبارة إنما تشير إلى اختصاص وزير العدل - باعتباره جزءًا من السلطة التنفيذية - باتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لتنفيذ أحكام قانون التحكيم، دون أن تمتد سلطته إلى القيام بعمل قضائى كاختيار المُحَكَم المناسب فى كل قضية على حدة. فلا يُتصور أن يكون المقصود من تلك المادة هو الافتئات على دور المحكمة المختصة المنصوص عليه فى المادة 17 من ذات القانون. بعبارة أخرى، إذا كان وضع قوائم المُحَكَمين، وإضافة أسماء إليها أو رفعها منها، هو عمل تنفيذى يضطلع به وزير العدل، فإن اختيار اسم المُحَكَم الملائم من تلك القوائم، أو من غيرها، فى كل قضية، هو عمل قضائى تنفرد به المحكمة المختصة دون غيرها. يؤكد هذا النظر ويدعمه، أنه أثناء مناقشات مجلس الشعب للمادة الثانية من مواد إصدار مشروع قانون التحكيم، استفسر رئيس مجلس الشعب من وزير العدل قائلًا: كيف ستقوم المحكمة بتعيين المُحَكَمين مع أن الواضح هنا أن وزير العدل سيقيد سلطة المحكمة عندما يضع قواعد قبول المُحَكَمين؟ والسؤال المطروح هل يملك قرار إدارى – وليس القانون – أن يضع قيودًا على سلطة المحكمة؟ فأجاب وزير العدل بأن المادة الثانية مادة مستحدثة بمعرفة اللجنة المشتركة تمكينًا للمحكمة من أداء مهمتها وليكون فى تلك القوائم ما يعين المحكمة على سرعة اتخاذ قرارها. وأنه كما قالت المذكرة الإيضاحية للجنة فإن وضع الوزير لقرار بأسماء المُحَكَمين ومجالات تخصصاتهم وقواعد تكليفهم سيكون هاديًا للمحكمة وهى "تتولى" الاختيار.
6- إذ كان لا ينال مما تقدم جميعه (سلطة المحكمة فى اختيار المحكم من قوائم وزير العدل للمحكمين) ما تنص عليه المادة ٥(١) من قرار وزير العدل رقم ٢١٠٥ لسنة ١٩٩٥ بتنفيذ بعض أحكام قانون التحكيم - والتى تخول مساعد الوزير سلطة اختيار المُحَكَمين من القوائم بدلًا من المحكمة المختصة - من أنه "فى حالة تلقى المكتب [مكتب شئون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية] لطلب تعيين مُحَكَم أو أكثر وفقًا لحكم المادة 17 من القانون رقم 27 لسنة 1994، يقوم مساعد الوزير المختص بترشيح من تتوافر فيه الشروط الملائمة لموضوع التحكيم المطروح من بين المُحَكَمين المدرجة أسماؤهم فى القوائم، وتُخطَر الجهة الطالبة باسم المرشَح أو المرشحين فى موعد لا يتجاوز خمسة أيام من تاريخ الطلب". إذ إن القرار المذكور، شأنه شأن سائر القرارات التنفيذية التى تصدر ممن يفوضه القانون فى إصدارها، لا يعد تشريعًا نافذًا إلا بقدر خلوه مما يُعَد تعديلًا أو تعطيلًا أو إعفاءً من أحكام القانون الذى صدر لتنفيذه، وهو هنا قانون التحكيم. ولقد استقر قضاء محكمة النقض على أن النص فى المادة 170 من الدستور الحالى – والمقابلة للمادة 144 من دستور 1971 – على أن "يُصدِر رئيس مجلس الوزراء اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعطيل، أو تعديل، أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره فى إصدارها، إلا إذا حدد القانون من يُصدِر اللوائح اللازمة لتنفيذه"، مُفاده أن انطواء القرار التنفيذى للقانون على أى عيب من العيوب المشار إليها يُفقِد ذلك القرار قوته الملزمة كتشريع فلا ينزِل مَنزِلته ويكون لمحاكم السلطة القضائية من تلقاء ذاتها ألا تعتد به فى حدود مخالفته للقانون.

7- إذ كان الحكم المطعون فيه قد اختار المُحَكَم "صاحب الدور" دون تحديد اسمه، مُفوِضًا فى ذلك جهة أخرى، لم يُسَمِها ولم يحددها، ومتخليًا لها بغير سند من القانون عن سلطته فى تحديد اسم المُحَكَم، فإنه يكون قد صدر منعدمًا قانونًا، ولا يرتب أثرًا، لوروده على محل منعدم، لعدم اختيار المُحَكَم بمعرفة المحكمة على النحو الذى يتطلبه القانون، ومن ثم فإن الطعن فى هذا الحكم يكون جائزًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الشركة الطاعنة الدعوى رقم ... لسنة 10ق اقتصادية القاهرة الاستئنافية تجارى بطلب الحكم بتعيين مُحَكَم عنها فى النزاع القائم بينهما، وبيانًا لذلك قالت إنه على إثر خلاف بين الشركتين بشأن تنفيذ العقد المؤرخ 25/12/2012، طلبت إحالة النزاع إلى التحكيم على النحو المتفق عليه بالعقد، وإذ امتنعت الطاعنة رغم إنذارها عن اختيار مُحَكَم عنها فكانت الدعوى. قدمت الشركة الطاعنة طلبًا عارضًا بإلزام المطعون ضدها أن تؤدى لها مبلغ عشرة ملايين جنيه تعويضًا عن إساءة حق التقاضى. وبتاريخ 27/11/2018 حكمت المحكمة فى الدعوى الأصلية بتعيين المُحَكَم صاحب الدور والمختص بقانون التأجير التمويلى من قوائم المُحَكَمين الصادر بشأنهم قرار وزير العدل عن الشركة الطاعنة، وفى الطلب العارض برفضه. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بعدم جواز الطعن، وعُرض الطعن على دائرة فحص الطعون التى رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع الذى أبدته النيابة العامة بعدم جواز الطعن بالنقض هو أن الحكم المطعون فيه غير مُنهٍ للخصومة الأصلية المرددة بين الطرفين والمتمثلة فى طلب الشركة المطعون ضدها اختيار مُحَكَم عن الشركة الطاعنة لإتمام إجراءات التحكيم والقضاء لها بطلباتها فى دعواها التحكيمية، وهو حكم لا يندرج ضمن الأحكام التى أجاز المشرع على سبيل الاستثناء الطعن فيها استقلالًا وفقًا للمادة 212 من قانون المرافعات، كما أن الفِقرة الثالثة من المادة 17 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 تنص صراحة على عدم قابلية حكم المحكمة باختيار المُحَكَم للطعن فيه بأى طريق من طرق الطعن.
وحيث إن هذا الدفع غير صحيح، ذلك أن الحكم الصادر باختيار المُحَكَم ينهى المنازعة ويحسم الخصومة الأصلية كلها فى هذا الشأن، وفقًا لمفهوم المادة 212 من قانون المرافعات، باعتبار أن خصومة اختيار المُحَكَم هى خصومة مستقلة عن خصومة التحكيم ذاتها، ذلك أن موضوع الخصومة الأولى هو اختيار مُحَكَم فرد أو مُحَكَم عن أحد أطراف التحكيم أو رئيس لهيئة التحكيم، فى حين أن موضوع الخصومة الثانية هو النزاع الموضوعى الذى أقيم التحكيم للفصل فيه. وعلى ذلك تتحدد سلطة المحكمة فى اختيار المُحَكَم بنطاق الدعوى المرفوعة بطلب اختياره، ويقتصر دورها على المساعدة فى تشكيل هيئة التحكيم بغير خروج عن هذا النطاق. أما بالنسبة للأساس الثانى للدفع، فإنه ولئن كانت المادة 17(3) من قانون التحكيم قد نصت صراحة على عدم قابلية حكم المحكمة باختيار المُحَكَم للطعن فيه بأى طريق من طرق الطعن، إلا أن مناط ذلك أن يكون حكم المحكمة قد اكتسب وجودًا قانونيًا صحيحًا، فإذا انتفى محل الحكم – وهو هنا اختيار المحكمة بنفسها للمُحَكَم بالاسم – فإن الحكم يكون قد ولد منعدمًا لانتفاء المحل. وبهذه المثابة فإن انتفاء محل الحكم – والذى ينعدم به الحكم ويجيز الطعن فيه – هو السمة البارزة التى تميز تلك الحالة عن مجرد الخطأ فى تطبيق القانون أو فى تنفيذ اتفاق الطرفين بشأن آلية تعيين المُحَكَمين، وهى الحالات التى لا يجوز فيها الطعن فى الحكم فى مفهوم المادة 17(3) من قانون التحكيم.
وأساس ذلك أن المادة 17 من قانون التحكيم قررت شروطًا يلزم على المحكمة – أثناء نظر طلب اختيار مُحَكَم – أن تتلمس وجودها من ظاهر الأوراق prima facie دون الخوض فى موضوع النزاع. إذ تنص المادة المذكورة على أنه: "(1) لطرفى التحكيم الاتفاق على اختيار المُحَكَمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم فإذا لم يتفقا اتُبع ما يأتى: (أ) إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من مُحَكَم واحد تولت المحكمة المشار إليها فى المادة (9) من هذا القانون اختياره بناءً على طلب أحد الطرفين. (ب) فإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة مُحَكَمين اختار كل طرف مُحَكَمًا ثم يتفق المُحَكَمان على اختيار المُحَكَم الثالث، فإذا لم يعين أحد الطرفين مُحَكَمَه خلال الثلاثين يومًا التالية لتسلمه طلبًا بذلك من الطرف الآخر، أو إذا لم يتفق المُحَكَمَان المعينان على اختيار المُحَكَم الثالث خلال الثلاثين يومًا التالية لتاريخ تعيين آخرهما، تولت المحكمة المشار إليها فى المادة (9) من هذا القانون اختياره بناءً على طلب أحد الطرفين. ويكون للمُحَكَم الذى اختاره المُحَكَمَان المعينان أو الذى اختارته المحكمة رئاسة هيئة التحكيم، وتسرى هذه الأحكام فى حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة مُحَكَمين. (2) وإذا خالف أحد الطرفين إجراءات اختيار المُحَكَمين التى اتفقا عليها، أو لم يتفق المُحَكَمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه، أو إذا تخلف الغير عن أداء ما عُهد به إليه فى هذا الشأن، تولت المَحكمة المشار إليها فى المادة (9) من هذا القانون بناءً على طلب أحد الطرفين، القيام بالإجراء أو بالعمل المطلوب ما لم يُنَص فى الاتفاق على كيفية أخرى لإتمام هذا الإجراء أو العمل. (3) وتراعى المحكمة فى المُحَكَم الذى تختاره الشروط التى يتطلبها هذا القانون وتلك التى اتفق عليها الطرفان، وتصدر قرارها باختيار المُحَكَم على وجه السرعة، ومع عدم الإخلال بأحكام المادتين 18 و19 من هذا القانون لا يَقبل هذا القرار الطعن فيه بأى طريق من طرق الطعن".
ويدل هذا النص على أنه يتعين على المحكمة قبل اختيارها لمُحَكَم فرد أو لمُحَكَم عن أحد الأطراف أو لرئيس هيئة التحكيم - بناءً على الطلب المقدم لها من الطرف ذى المصلحة – أن تتحقق من توافر عدة شروط هى وجود اتفاق تحكيم خال من أى بطلان ظاهر مما يتعلق بالنظام العام؛ وأن الطرفين لم يسبق لهما الاتفاق على وسيلة أخرى لاختيار المُحَكَمين سواء بواسطة شخص من الغير أو بواسطة مركز للتحكيم؛ وأن يكون النزاع قد نشأ بالفعل بين الطرفين؛ وتوافر إحدى الحالات المنصوص عليها فى الفِقرتين الأولى والثانية من المادة 17 المشار إليها؛ وأن يكون ميعاد الثلاثين يومًا المحدد لاختيار المُحَكَم أو رئيس هيئة التحكيم قد انقضى قبل الحكم فى الطلب. فإذا توافرت هذه الشروط فعلى المحكمة أن تُصدر حكمها على وجه السرعة بغير تأخير.
وعلى المحكمة أن تتولى بنفسها اختيار المُحَكَم المناسب لنظر النزاع، انصياعًا لصريح نص المادة 17 من قانون التحكيم، باعتبار أن المُحَكَم قاض. وأن تُولِى الاعتبار الواجب إلى المؤهلات المطلوب توافرها فى المُحَكَم وفقًا لاتفاق الطرفين وإلى الاعتبارات التى من شأنها ضمان اختيار مُحَكَم مستقل ومحايد. وإذا ما اختارت المحكمة مُحَكَمًا من بين قوائم المُحَكَمين التى يضعها وزير العدل بموجب المادة الثانية من مواد إصدار قانون التحكيم، فيتعين عليها أن تحدد بنفسها اسم من اختارته من المُحَكَمين دون غموض، وأن تتيقن من أنه صاحب الدور من بين المُحَكَمين أصحاب التخصص المطلوب، مُدرِكة للاعتبارات التى قادتها إلى هذا الاختيار. وينبغى وضع قوائم المُحَكَمين تحت تصرف المحكمة مباشرة، باستخدام وسائل الاتصال اليسيرة المتاحة للكافة. كما يجب أن تتضمن تلك القوائم بيانات تفصيلية عن خبرة المُحَكَم العملية، وآخر مرة تم تعيينه مُحَكَمًا بواسطة إحدى المحاكم المصرية، على أن يتم تحديث تلك البيانات بصفة دورية، مهما قصرت، وكلما جد جديد.
ولهذا، فليس للمحكمة أن تقتصر فى حكمها على مجرد الإشارة المبهمة للمُحَكَم "صاحب الدور"، إذ إن ذلك لا يعتبر اختيارًا من المحكمة للمُحَكَم على نحو ما تتطلبه المادة 17 من قانون التحكيم، بل تخليًا صريحًا منها عن سلطتها فى اختيار المُحَكَم، وتفويضًا للغير – دون سند من القانون - فى القيام بهذا الاختيار، وهو ما لا يجوز سواء كانت تلك الجهة المُفَوَضة من السلطة القضائية أو من السلطة التنفيذية.
كما أن المادة الثانية من مواد إصدار قانون التحكيم، والتى تنص على أن "يُصدِر وزير العدل القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون. ويضع قوائم المُحَكَمين الذين يُجرى الاختيار من بينهم وفقًا لحكم المادة (17) من هذا القانون"، لم تعهد إلى وزير العدل – فى شطرها الأخير - بأكثر من وضع قوائم المُحَكَمين الذين يُجرَى الاختيار من بينهم، بما مؤداه أن دور وزير العدل فى هذا الصدد ينتهى عند وضع تلك القوائم بينما يكون اختيار المُحَكَم المناسب، عند كل طلب، من صميم عمل المحكمة المختصة. ولا يغير من ذلك ما جاء بصدر تلك المادة من اختصاص وزير العدل بإصدار "القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون". إذ إن تلك العبارة إنما تشير إلى اختصاص وزير العدل - باعتباره جزءًا من السلطة التنفيذية - باتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لتنفيذ أحكام قانون التحكيم، دون أن تمتد سلطته إلى القيام بعمل قضائى كاختيار المُحَكَم المناسب فى كل قضية على حدة. فلا يُتصور أن يكون المقصود من تلك المادة هو الافتئات على دور المحكمة المختصة المنصوص عليه فى المادة 17 من ذات القانون. بعبارة أخرى، إذا كان وضع قوائم المُحَكَمين، وإضافة أسماء إليها أو رفعها منها، هو عمل تنفيذى يضطلع به وزير العدل، فإن اختيار اسم المُحَكَم الملائم من تلك القوائم، أو من غيرها، فى كل قضية، هو عمل قضائى تنفرد به المحكمة المختصة دون غيرها.
يؤكد هذا النظر ويدعمه، أنه أثناء مناقشات مجلس الشعب للمادة الثانية من مواد إصدار مشروع قانون التحكيم، استفسر رئيس مجلس الشعب من وزير العدل قائلًا: كيف ستقوم المحكمة بتعيين المُحَكَمين مع أن الواضح هنا أن وزير العدل سيقيد سلطة المحكمة عندما يضع قواعد قبول المُحَكَمين؟ والسؤال المطروح هل يملك قرار إدارى – وليس القانون – أن يضع قيودًا على سلطة المحكمة؟ فأجاب وزير العدل بأن المادة الثانية مادة مستحدثة بمعرفة اللجنة المشتركة تمكينًا للمحكمة من أداء مهمتها وليكون فى تلك القوائم ما يعين المحكمة على سرعة اتخاذ قرارها. وأنه كما قالت المذكرة الإيضاحية للجنة فإن وضع الوزير لقرار بأسماء المُحَكَمين ومجالات تخصصاتهم وقواعد تكليفهم سيكون هاديًا للمحكمة وهى "تتولى" الاختيار.
ولا ينال مما تقدم جميعه، ما تنص عليه المادة ٥(١) من قرار وزير العدل رقم ٢١٠٥ لسنة ١٩٩٥ بتنفيذ بعض أحكام قانون التحكيم - والتى تخول مساعد الوزير سلطة اختيار المُحَكَمين من القوائم بدلًا من المحكمة المختصة - من أنه "فى حالة تلقى المكتب [مكتب شئون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية] لطلب تعيين مُحَكَم أو أكثر وفقًا لحكم المادة 17 من القانون رقم 27 لسنة 1994، يقوم مساعد الوزير المختص بترشيح من تتوافر فيه الشروط الملائمة لموضوع التحكيم المطروح من بين المُحَكَمين المدرجة أسماؤهم فى القوائم، وتُخطَر الجهة الطالبة باسم المرشَح أو المرشحين فى موعد لا يتجاوز خمسة أيام من تاريخ الطلب". إذ إن القرار المذكور، شأنه شأن سائر القرارات التنفيذية التى تصدر ممن يفوضه القانون فى إصدارها، لا يعد تشريعًا نافذًا إلا بقدر خلوه مما يُعَد تعديلًا أو تعطيلًا أو إعفاءً من أحكام القانون الذى صدر لتنفيذه، وهو هنا قانون التحكيم. ولقد استقر قضاء محكمة النقض على أن النص فى المادة 170 من الدستور الحالى – والمقابلة للمادة 144 من دستور 1971 – على أن "يُصدِر رئيس مجلس الوزراء اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعطيل، أو تعديل، أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره فى إصدارها، إلا إذا حدد القانون من يُصدِر اللوائح اللازمة لتنفيذه"، مُفاده أن انطواء القرار التنفيذى للقانون على أى عيب من العيوب المشار إليها يُفقِد ذلك القرار قوته الملزمة كتشريع فلا ينزِل مَنزِلته ويكون لمحاكم السلطة القضائية من تلقاء ذاتها ألا تعتد به فى حدود مخالفته للقانون.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اختار المُحَكَم "صاحب الدور" دون تحديد اسمه، مُفوِضًا فى ذلك جهة أخرى، لم يُسَمِها ولم يحددها، ومتخليًا لها بغير سند من القانون عن سلطته فى تحديد اسم المُحَكَم، فإنه يكون قد صدر منعدمًا قانونًا، ولا يرتب أثرًا، لوروده على محل منعدم، لعدم اختيار المُحَكَم بمعرفة المحكمة على النحو الذى يتطلبه القانون، ومن ثم فإن الطعن فى هذا الحكم يكون جائزًا.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة قد انتهت فى مقام الرد على الدفع المبدَى من النيابة العامة - وعلى نحو ما سلف بيانه – إلى أن الحكم المطعون فيه قد صدر منعدمًا، فإنه يتعين الحكم بنقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أسباب الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 21707 لسنة 88 ق جلسة 11 / 12 / 2019 مكتب فني 70 ق 157 ص 1096

جلسة 11 من ديسمبر سنة 2019
برئاسة السيـد القاضي / إسماعيل عبد السميع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حسام قرني، سمير عبد المنعم، الدسوقي الخولي ومحمد الأتربي نواب رئيس المحكمة .
----------------
(157)
الطعن رقم 21707 لسنة 88 القضائية
(2،1) عمل " سلطة جهة العمل : سلطتها فى تأديب العامل : العاملون بشركة مصر للطيران".
(1) توقيع الجزاء الأشد . عدم جوازه إلا إذا عاد العامل إلى ارتكاب ذات المخالفة التى سبق مجازاته عنها . م 63 ق العمل رقم 12 لسنة 2003 .
(2) الجزاءات التأديبية للعاملين بشركة مصر للطيران للخطوط الجوية لتهريب أو محاولة تهريب نقد أو أية مواد أو أصناف أو بضائع من الدائرة الجمركية أو التهرب من دفع الرسوم الجمركية عليها أو المساعدة فى ذلك . ماهيتها . جزاءات متدرجة . مؤداه . عدم تطبيق الجزاء الأشد إلا فى حالة تكرار المخالفة . جزاء الفصل من العمل هو الجزاء الأشد . م 40 من اللائحة. قضاء الحكم المطعون فيه بفصل الطاعن بسبب محاولته تهريب بعض الأدوية وثلاثة أجهزة تليفون محمول من الدائرة الجمركية رغم عدم سبق اقتراف الطاعن هذه المخالفة من قبل . مخالفة للقانون وخطأ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - مؤدى النص فى المادة رقم 63 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 على أنه لا يجوز توقيع الجزاء الأشد إلا إذا عاد العامل إلى ارتكاب ذات المخالفة التى سبق مجازاته عنها.
2 - إذ كان النص فى المادة 40 من لائحة المخالفات والجزاءات التأديبية للشركة المطعون ضدها على أن "تهريب أو محاولة تهريب نقد أو أية مواد أو أصناف أو بضائع من الدائرة الجمركية أو التهرب من دفع الرسوم الجمركية عليها أو المساعدة فى ذلك حتى ولو لم يتم إقامة الدعوى العمومية نتيجة التصالح على المصادرة أو دفع الرسوم أو الغرامات، وسواء تم ذلك فى المنافذ الجمركية المصرية أو الأجنبية فإن الجزاء التأديبى المقرر لمرتكبيها هو 1- خفض الأجر بمقدار علاوة. 2- الخفض إلى وظيفة فى الدرجة الأدنى مباشرة. 3- الفصل وفقاً لأحكام المادة 71 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003"، بما مفاده أن الجزاءات التى وضعتها المطعون ضدها لهذه المخالفة جزاءات متدرجة بحيث لا يُطبق الجزاء الأشد إلا فى حالة تكرار المخالفة، ولما كان جزاء الفصل على نحو ما سلف هو الجزاء الأشد على المخالفة المنسوبة للطاعن، وكانت المطعون ضدها لا تُمارى فى أنه لم يسبق للطاعن اقتراف هذه المخالفة من قبل، ومن ثم فإن دعواها بتوقيع جزاء الفصل على الطاعن تكون فاقدة لسندها القانونى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بفصل الطاعن بسبب المخالفة التى نسبتها له المطعون ضدها وهى محاولته تهريب بعض الأدوية وثلاثة أجهزة تليفون محمول من الدائرة الجمركية رغم خلو الأوراق من سبق ارتكاب الطاعن لذات المخالفة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الـذى تـلاه السيد القاضى المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الشركة المطعون ضدها – شركة مصر للطيران للخطوط الجوية – أقامت على الطاعن الدعوى رقم ... لسنة 2014 عمال شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بفصله من العمل، وقالت بياناً لها إن الطاعن من العاملين لديها بوظيفة - مضيف جوى بالدرجة الثانية - وبتاريخ 16/3/2013 وحال عودته على رحلة الشركة القادمة من نيويورك ضُبط بالدائرة الجمركية وبحوزته بعض الأدوية يحاول تهريبها من الرسوم الجمركية بالمخالفة للمادة 40 من لائحة الجزاءات لديها، ومن ثم فقد أقامت الدعوى بطلبها سالف البيان، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 26/2/2018 برفض الدعوى، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ... لسنة 22، وبتاريخ 7/11/2018 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجدداً بفصل الطاعن من العمل لدى الشركة المطعون ضدها، طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، إذ قضى بفصله كجزاء تأديبى عن المخالفة التى نسبتها المطعون ضدها له مخالفاً بذلك تدرج الجزاءات المنصوص عليها بالمادة (40) من لائحة الجزاءات لدى المطعون ضدها، والتى تبدأ بجزاء خفض الأجر بمقدار علاوة ثم الخفض إلى الوظيفة الأدنى ثم الفصل من الخدمة، ومخالفاً المادة 63 من قانون العمل التى اشترطت لتوقيع الجزاء الأشد تكرار العامل لذات المخالفة بعد إبلاغه بتوقيع الجزاء السابق، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن النص فى المادة رقم 63 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 تنص على أنه "يجوز تشديد الجزاء إذا عاد العامل إلى ارتكاب مخالفة جديدة من نوع المخالفة التى سبق مجازاة العامل عنها متى وقعت المخالفة الجديدة خلال ستة أشهر من تاريخ إبلاغ العامل بتوقيع الجزاء السابق" يدل على أنه لا يجوز توقيع الجزاء الأشد إلا إذا عاد العامل إلى ارتكاب ذات المخالفة التى سبق مجازاته عنها، ولما كان النص فى المادة 40 من لائحة المخالفات والجزاءات التأديبية للشركة المطعون ضدها على أن "تهريب أو محاولة تهريب نقد أو أية مواد أو أصناف أو بضائع من الدائرة الجمركية أو التهرب من دفع الرسوم الجمركية عليها أو المساعدة فى ذلك حتى ولو لم يتم إقامة الدعوى العمومية نتيجة التصالح على المصادرة أو دفع الرسوم أو الغرامات، وسواء تم ذلك فى المنافذ الجمركية المصرية أو الأجنبية فإن الجزاء التأديبى المقرر لمرتكبيها هو 1- خفض الأجر بمقدار علاوة. 2- الخفض إلى وظيفة فى الدرجة الأدنى مباشرة. 3- الفصل وفقاً لأحكام المادة 71 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003"، بما مفاده أن الجزاءات التى وضعتها المطعون ضدها لهذه المخالفة جزاءات متدرجة بحيث لا يُطبق الجزاء الأشد إلا فى حالة تكرار المخالفة، ولما كان جزاء الفصل على نحو ما سلف هو الجزاء الأشد على المخالفة المنسوبة للطاعن، وكانت المطعون ضدها لا تُمارى فى أنه لم يسبق للطاعن اقتراف هذه المخالفة من قبل، ومن ثم فإن دعواها بتوقيع جزاء الفصل على الطاعن تكون فاقدة لسندها القانونى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بفصل الطاعن بسبب المخالفة التى نسبتها له المطعون ضدها وهى محاولته تهريب بعض الأدوية وثلاثة أجهزة تليفون محمول من الدائرة الجمركية رغم خلو الأوراق من سبق ارتكاب الطاعن لذات المخالفة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم تعين الحكم فى موضوع الاستئناف رقم ... لسنة 22 ق القاهرة برفضه، وتأييد الحكم المستأنف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 11815 لسنة 81 ق جلسة 11 / 12 / 2019 مكتب فني 70 ق 156 ص 1092

جلسة 11 من ديسمبر سنة 2019
برئاسة السيـد القاضي / إسماعيل عبد السميع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حسام قرني، سمير عبد المنعم، الدسوقي الخولي ومحمد الإتربي نواب رئيس المحكمة .
------------------
(156)
الطعن رقم 11815 لسنة 81 القضائية
(2،1) تأمينات اجتماعية " معاش : أنواع المعاش : معاش الوفاة : إثبات استحقاقه " منازعات التأمين : صاحب الصفة فى تمثيل الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى " .
(1) رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى . صاحب الصفة فى تمثيل الهيئة أمام القضاء وفى أية خصومة تتعلق بأى شأن من شئونها . مؤداه . اختصام مدير عام مكتب تأمينات الدقى فى الطعن يكون غير مقبول . م 14 ق 79 لسنة 1975 .
(2) شهادة الميلاد المحررة بناءً على إبلاغ الوالد . الاعتداد بها فى إثبات واقعة الميلاد ونسب الطفل لوالده . تحريرها بناءً على إبلاغ الأم عن وليدها . عدم الاعتداد بها إلا في إثبات واقعة الميلاد . مؤداه . عدم صلاحيتها فى الحالتين دليلاً على إثبات الزواج . قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعنة بإعادة صرف المعاش استناداً إلى شهادة ميلاد ابنتها واعتبارها دليلاً على زواجها من آخر بعد وفاة زوجها الذي استحقت عنه المعاش . فساد في الاستدلال ومخالفة للقانون وخطأ . م 15 ق 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل المعدل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - إذ كان مؤدى نص المادة 14 من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون 79 لسنة 1975 أن رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى هو صاحب الصفة فى تمثيل الهيئة أمام القضاء وفى أية خصومة تتعلق بأى شأن من شئونها، وكان لا شأن لمدير عام مكتب تأمينات الدقى - المطعون ضده الثانى - بخصومة الطعن، ومن ثم فإن اختصامه فى الطعن يكون غير مقبول.
2 - مؤدى النص فى المادة 15 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن إصدار قانون الطفل المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 على أن " الأشخاص المكلفون بالتبليغ عن الولادة هم 1- والد الطفل إذا كان حاضراً ...، ومع عدم الإخلال بأحكام المواد (22،21،4) من هذا القانون، للأم الحق فى الإبلاغ عن وليدها وقيده بسجلات المواليد واستخراج شهادة ميلاد له مدوناً بها اسمها، ولا يعتد بهذه الشهادة فى غير إثبات واقعة الميلاد" يدل على أن شهادة الميلاد إذا تحررت بناء عن إبلاغ الوالد فلا يعتد بها إلا فى إثبات واقعة الميلاد، ونسب الطفل لوالده، أما إذا تحررت بناءً على إبلاغ الأم عن وليدها فلا يُعتد بها إلا فى إثبات واقعة الميلاد، وفى الحالتين السابقتين لا تصلح شهادة الميلاد دليلاً على إثبات الزواج. لما كان ذلك، وكانت الهيئة المطعون ضدها الأولى لا تُمارى فى أن الطاعنة استحقت معاشاً عن زوجها/...، وكانت الطاعنة قد أقرت بصحيفة الطعن أن الذى أبلغ عن ميلاد ابنتها هو والدها/ ...، وأن شهادة ميلاد ابنتها تحررت بناءً عن هذا الإبلاغ، وإذ لم تُقدم الطاعنة ما يُثبت زواجها بهذا الأخير سواءً بوثيقة زواج رسمية أو عرفية، فإن شهادة الميلاد السالفة لا تصلح إلا لإثبات واقعة ميلاد هذه الطفلة دون إثبات زواج الطاعنة من والدها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، واعتبر شهادة ميلاد ابنة الطاعنة دليلاً على زواجها من آخر بعد وفاة زوجها الذى استحقت عنه المعاش، ورتب على ذلك قضائه برفض دعواها بإعادة صرف هذا المعاش، فإنه يكون فضلاً عما شابه من فساد فى الاستدلال قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الـذى تـلاه السيد القاضى المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم ... لسنة 2010 عمال كلى الجيزة الابتدائية على المطعون ضدهما (1) الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى. (2) مدير عام مكتب تأمينات الدقى. بطلب الحكم بإلزامهما بإعادة صرف معاشها المستحق لها عن زوجها المرحوم/... اعتباراً من تاريخ توقف المطعون ضدهما عن صرفه وما يُستجد حتى يسقط عنها الحق فى اقتضائه، وقالت بياناً لها إنها استحقت معاشاً عن زوجها المرحوم/ ...، وقامت بصرفه بصفة دورية ومستمرة حتى قامت المطعون ضدها الأولى بوقف صرفه لها بادعاء أنها تزوجت من آخر مستدلة بشهادة ميلاد ابنتها ... على حصول هذا الزواج رغم عدم زواجها من والد هذه الطفلة، وأنها كانت نتاج الاعتداء عليها من هذا الوالد، ورغم أن شهادة الميلاد لا تصلح إلا لإثبات نسب هذه الطفلة دون زواجها من والد الطفلة، ومن ثم فقد أقامت الدعوى بطلبها سالف البيان، وبتاريخ 27/12/2010 حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة "مأمورية الجيزة" بالاستئناف رقم ... لسنة 128 ق، وبتاريخ 10/5/2011 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة ضمنتها دفعاً بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثانى، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثانى فهو فى محله، ذلك إنه لما كان مؤدى نص المادة 14 من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون 79 لسنة 1975 أن رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى هو صاحب الصفة فى تمثيل الهيئة أمام القضاء وفى أية خصومة تتعلق بأى شأن من شئونها، وكان لا شأن لمدير عام مكتب تأمينات الدقى - المطعون ضده الثانى - بخصومة الطعن، ومن ثم فإن اختصامه فى الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه استند إلى شهادة ميلاد ابنتها على واقعة زواجها بآخر بعد وفاة زوجها الذى استحقت عنه المعاش، ورتب على ذلك قضائه برفض دعواها بإعادة صرف هذا المعاش رغم أن شهادة الميلاد السالفة، وإعمالاً للمادة (15) من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 لا تصلح دليلاً إلا لإثبات نسب الطفلة لوالدها دون واقعة زواجها من هذا الوالد فضلاً عن عدم تقديم الهيئة المطعون ضدها الأولى لعقد زواجها لهذا الوالد، وأن تحرياتها انتهت إلى ثبوت عدم زواجها بآخر، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان النص فى المادة 15 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن إصدار قانون الطفل المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 على أن "الأشخاص المكلفون بالتبليغ عن الولادة هم 1- والد الطفل إذا كان حاضراً ... ومع عدم الإخلال بأحكام المواد (22،21،4) من هذا القانون، للأم الحق فى الإبلاغ عن وليدها وقيده بسجلات المواليد واستخراج شهادة ميلاد له مدوناً بها اسمها، ولا يعتد بهذه الشهادة فى غير إثبات واقعة الميلاد" يدل على أن شهادة الميلاد إذا تحررت بناء عن إبلاغ الوالد فلا يعتد بها إلا فى إثبات واقعة الميلاد، ونسب الطفل لوالده، أما إذا تحررت بناءً على إبلاغ الأم عن وليدها فلا يُعتد بها إلا فى إثبات واقعة الميلاد، وفى الحالتين السابقتين لا تصلح شهادة الميلاد دليلاً على إثبات الزواج. لما كان ذلك، وكانت الهيئة المطعون ضدها الأولى لا تُمارى فى أن الطاعنة استحقت معاشاً عن زوجها المرحوم /...، وكانت الطاعنة قد أقرت بصحيفة الطعن أن الذى أبلغ عن ميلاد ابنتها هو والدها...، وأن شهادة ميلاد ابنتها تحررت بناءً عن هذا الإبلاغ، وإذ لم تُقدم الطاعنة ما يُثبت زواجها بهذا الأخير سواءً بوثيقة زواج رسمية أو عرفية، فإن شهادة الميلاد السالفة لا تصلح إلا لإثبات واقعة ميلاد هذه الطفلة دون إثبات زواج الطاعنة من والدها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، واعتبر شهادة ميلاد ابنة الطاعنة دليلاً على زواجها من آخر بعد وفاة زوجها الذى استحقت عنه المعاش، ورتب على ذلك قضائه برفض دعواها بإعادة صرف هذا المعاش، فإنه يكون فضلاً عما شابه من فساد فى الاستدلال قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم تعين القضاء فى موضوع الاستئناف رقم ... لسنة 128 ق القاهرة "مأمورية الجيزة" بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء بإلزام المطعون ضدها - الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى - بإعادة صرف معاش الطاعنة اعتباراً من تاريخ التوقف عن صرفه، وما يُستجد منه حتى يسقط عنها قانوناً الحق في اقتضائه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 11813 لسنة 88 ق جلسة 15 / 12 / 2019 مكتب فني 70 ق 158 ص 1100

جلسة 15 من ديسمبر سنة 2019
برئاسة السيـد القاضي / منصور العشرى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد خلف، بهاء صالح وليد رستم نواب رئيس المحكمة، ومحمد العبد .
----------------
(158)
الطعن رقم 11813 لسنة 88 القضائية
(1- 8) عمل " انتهاء الخدمة : إنهاء الخدمة بالإرادة المنفردة لرب العمل " " الدعوى العمالية: إجراءات رفعها " " عقد العمل : انتقال ملكية المنشأة وأثره " . محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لعقد العمل : سلطتها في تقدير مبرر فصل العامل ". حكم " بطلان الحكم: ما يؤدى إلى بطلانه " .
(1) تاريخ بداية النزاع . تحديده . امتناع المدين عن الوفاء بالحق للدائن عند مطالبته به. عدم تقديم الطاعنة دليل على قيام النزاع قبل رفع الدعوى . مؤداه . اعتبار تاريخ رفع الدعوى هو تاريخ بداية النزاع . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .
(2) حق صاحب العمل فى إنهاء عقد العمل . مناطه استناده الى مبرر مشروع . علة ذلك. م 69، 110 ق العمل 12 لسنة 2003 .
(3) فقد الثقة فى العامل لخطأه . اعتباره سبباً كافياً لإنهاء عقد العمل . شروطه وجوب توافر أسباب مشروعه وواقعية . مؤداه . وجوب التناسب بين خطأ العامل وإنهاء العقد جزاءً وفاقًا لخطأه . كون الخطأ يسيرا أو كان هناك شيوع فى الخطأ بين أكثر من عامل أو لم يثبت على وجه التحديد نسبة الخطأ للعامل . أثره . مبرر غير كاف للإنهاء وتكون المصلحة التى قصد الى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب مع الضرر المترتب على استعمال الحق . لازمه . سلطة رب العمل فى إنهاء عقد العمل ليست طليقة من كل قيد . لزوم ألا تكون مشوبة بعدم التناسب الظاهر بين ما نسب للعامل والجزاء الموقع عليه .
(4) قرار الطاعنة بإنهاء خدمة المطعون ضده فى ذات يوم الجرد لوجود زيادة فى عهدته دون تقديم ما يفيد تيقنها من اقترافه هذا الخطأ عن عمد أم أنها من جملة المبالغ الموجودة طرف أحد العمال الأخرين . عدم اعتبارها سببًا جدياً لارتياب صاحب العمل واتخاذه قرار الفصل .
(5) تقدير المبرر بفصل العامل . مسألة موضوعية . يستقل بتقديرها قاضي الموضوع . شرط . إقامة قضاءه على أسباب سائغة .
(6) الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقود العمل المبرمة مع صاحب العمل الجديد . التزام الأخير بها . أثره . عدم انتقالها إلى الجهة المالكة بعد انتهاء عقد الإدارة . علة ذلك .
(7) إغفال الحكم بحث دفاع جوهرى أبداه الخصم . قصور فى أسبابه الواقعية . مقتضاه . بطلانه .
(8) تمسك الطاعنة بامتلاكها للفندق محل عمل المطعون ضده وإسناد إدارته لشركة أخرى تعاقد معها الأخير قبل أن تتولى الإدارة بنفسها . التفات الحكم المطعون فيه عنه . خطأ وقصور .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- النص فى المادة 70 من قانون العمل رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳ المعدل بالقانون رقم ۱۸۰ لسنة ۲۰۰۸ على أنه "إذا نشأ نزاع فردى بين صاحب العمل والعامل فى شأن تطبيق أحكام هذا القانون أو أى من القوانين أو اللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية فلأى منهما أن يطلب من لجنة تشكل من ... خلال عشرة أيام من تاريخ النزاع تسويته ودياً فإذا لم تتم التسوية خلال واحد وعشرين يوما - من تاريخ تقديم الطلب - جاز لأى منهما أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية المنصوص عليها فى المادة 71 من هذا القانون أو أن يلجأ إليها فى موعد أقصاه خمسة وأربعين يوماً من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية سواء كان قد تقدم للجنة بطلب التسوية أو لم يتقدم، وإلا سقط حقه فى عرض الأمر على المحكمة" يدل- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن التاريخ الذى يبدأ منه النزاع يتحدد بتاريخ امتناع المدين عن الوفاء بالحق الدائن عند مطالبته به، وكانت الطاعنة لم تقدم صورة رسمية من شكوى المطعون ضده أمام مكتب العمل - وهى المكلفة بتقديم دليل ما تتمسك - وما تضمنته من منازعة، وما إذا كانت هى بذاتها الطلبات التى نازع فيها المطعون ضده أمام المحكمة من طلب التعويض ومهلة الإخطار وبدل العلاج والمستحقات المالية، وإذ خلت الأوراق مما يفيد تاريخ امتناع الطاعنة عن الوفاء بهذه المطالبات فإن تاريخ الإعلان بالطلبات الموضوعية يضحى هو تاريخ بدء النزاع، ويكون النعى بسقوط حق المطعون ضده في عرض النزاع على المحكمة العمالية على غير أساس.
2- إذ كان مفاد نص المادتين 69 ، ۱۱۰ من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳ - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن المشرع منح صاحب العمل الحق فى إنهاء عقد عمل العامل الغير محدد المدة إذا توافر المبرر المشروع لهذا الإنهاء، مواكباً فى ذلك مرحلة التحول الاقتصادى فى مصر واضعاً فى الاعتبار أن المنشأة الخاصة غير المنشأة العامة، وأن إهدار السلطة التنظيمية لصاحب العمل فى ظل نظام الاقتصاد الموجه ليس فى صالح منظومة العمل الخاصة، إلا انه ولإعادة التوازن بين أطراف هذه المنظومة اشترط المشرع فى العقد غير محدد المدة بالإضافة إلى وجوب الإخطار المسبق بالإنهاء أن يستند الإنهاء الى مبرر مشروع وکاف بمعنى أن يكون من استعمل حق الإنهاء غير متعسف فى استعمال حقه، وهو القيد الذى يتقيد به كل حق بمقتضى نص المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدنى من وجوب استعمال الحق استعمالاً مشروعاً دون أن يقصد به الإضرار بالطرف الأخر أو تحقيق مصالح قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها أو يقصد به تحقيق مصالح غير مشروعة، وهو عين ما انتظمته المادة 695 من القانون المدنى فى فقرتها الثانية من أنه إذا فسخ العقد بتعسف من أحد المتعاقدين كان للمتعاقد الآخر ... الحق فى تعويض ما أصابه من ضرر بسبب فسخ العقد فسخاً تعسفياً.
3- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن خطأ العامل أو سلوكه مسلكاً يفقد ثقة صاحب العمل فيه يعد سبباً كافيا لإنهاء عقد عمله، إلا أن انعدام الثقة يجب أن يبنى على أسباب مشروعة وواقعية فيجب أن يكون خطأ العامل - كمبرر للإنهاء- متناسباً مع إنهاء العقد جزاءً وفاقاً لخطأه، فإذا كان الخطأ يسيراً أو تافهاً أو كان هناك شيوع فى الخطأ بين أكثر من عامل أو لخللٍ فى إدارة المنشأة لم يثبت منه على وجه التحديد نسبة الخطأ للعامل فإنه لا يكون مبرراً للإنهاء بحيث يرتفع عنه وصف التعسف، إذ فى حالة وجود مبرر غير كاف للإنهاء تكون المصلحة التى قصد الى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب مع الضرر المترتب على استعمال الحق، ففكرة الجزاء - جنائيًا كان أم تأديبيًا أم مدنيًا - تعنى أن خطأً معيناً لا يجوز تجاوزه، وسلطة رب العمل فى إنهاء عقد العمل ليست طليقة من كل قيد إنما يلزم ألا تكون مشوبة بعدم التناسب الظاهر بین ما نسب للعامل والجزاء الموقع عليه وفقاً لمبدأ التناسب (The Principle of Proportionality).
4- إذا كان الثابت بالأوراق أن الطاعنة قدمت رفق طعنها محضر الجرد المؤرخ 21/11/2013، الثابت منه أن عهدة المطعون ضده عبارة عن 5۰۰۰۰ جنيه لشراء الخضروات والفاكهة بالإضافة الى ۲۰۰۰۰ جنيه لشراء الأسماك، ومبلغ 2500 جنيه للمشتريات الداخلية، وأنه بجرد هذه العهدة تبين وجود شيك لم يصرف بقيمة ۱۷۹۸۰ جنيهاً، ومبلغ نقدى مقداره 22523.50 جنيهاً، ومبلغ 25000 جنيه طرف العامل ...، ومبلغ 5800 جنيه طرف نفس العامل، ومبلغ 2000 جنيه طرف العامل ... ثم أصدرت قرارها بإنهاء خدمة المطعون ضده فى ذات يوم الجرد لثبوت وجود زيادة مقدارها 806,50 جنيه، دون تقديم ما يفيد تيقنها من اقتراف المطعون ضده لهذا الخطأ بشكل عمدى وفقاً للأصول المحاسبية من خلال مراجعتها للدورة المستندية لتداول عهدته وكيفية تسلمه لمبلغ العهدة وكيفية قيامه بتسوية وسداد هذه المبالغ وما إذا كانت هذه الزيادة ترجع للمطعون ضده أم أنها من جملة المبالغ الموجود طرف العامل... أو العامل...، أو وقوع ثمة خطأ فى استلام العهدة، ومن ثم فإن وجود هذه الزيادة فى عهدة المطعون ضده وإن كانت تشكل خطأ فى جانبه كمسئول مشتريات إلا أنها لا تعد سبباً جدياً لارتياب صاحب العمل– الذى لم يعن ببحث أسباب وجود هذه الزيادة– فى أمانته يبرر فصله فى ذات يوم الجرد.
5- تقدير مشروعية الفسخ أو عدم مشروعيته لقيام التعسف فى استعماله من الطرف المنهى للعقد غير المحدد المدة إنما هو تقدير موضوعى لا معقب عليه من محكمة النقض متى أقامت محكمة الموضوع بشأنه على استخلاص سائغ، وكان الحكم الابتدائى قد استخلص من أوراق الدعوى ومستنداتها أن إنهاء خدمة المطعون ضده من العمل لدى الطاعنة كان بغير مبرر وقد شابه التعسف ورتب على ذلك قضائه بالتعويض بما حصله (أنه لم يثبت بالأوراق وجود ثمة مبرر مشروع لذلك الإنهاء حيث أن الأوراق خلت من ثمة دليل يفيد ارتكاب المدعى لأى خطأ مما هو منصوص عليه فى المادة 69 من قانون العمل أو إخلاله باى من التزاماته المترتبة على عقد العمل)، وإذ كان ما خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وأیده فى ذلك الحكم المطعون فيه فإن النعى عليه فى هذا المقام ينحل إلى جدلٍ موضوعى فيما لمحكمة الموضوع من سلطة لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ويضحى النعى عليه غير مقبول.
6- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقود العمل المبرمة بين العمال وصاحب العمل الجديد يتحملها الأخير وحده ولا تنتقل إلى الجهة المالكة بعد انتهاء عقد الإدارة لأنها لا تعتبر خلفاً عاماً أو خاصاً له فى هذه الحالة.
7- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً فى النتيجة التى انتهت إليها المحكمة، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً فى أسباب الحكم الواقعية، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر فى أثره فى الدعوى، فإن كان منتجا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره فى قضائها، فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً.
8- إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة تمسكت أمام درجتى التقاضى بأنها الجهة المالكة للفندق الذى كان يعمل به المطعون ضده، وأنه بموجب عقد مقاولة عهدت بإدارته لشركة شيراتون أوفر سيز العالمية على أن تديره بعمالها، وأن المطعون ضده تعاقد مع الشركة الأخيرة بتاريخ 1/4/۱۹۹۷، وظلت علاقة العمل قائمة حتى تاريخ انتهاء عقد الإدارة فى 31/1/۲۰۰۷، ثم تولت الطاعنة الإدارة بنفسها وحررت للعاملين بالفندق عقود عمل مؤرخة 1/2/۲۰۰۷، وإذ التفت الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع -رغم أنه لو صح من خلال استظهار بنود عقد الإدارة - لتغير به وجه الرأى فى الدعوى من حيث مقابل الإخطار ومقدار التعويض، فإنه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الـذى تـلاه السيد القاضى المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضده تقدم بشكوى لمكتب العمل المختص يتضرر فيها من إنهاء الطاعنة لخدمته من العمل دون مبرر ولتعذر التسوية أحيلت الأوراق إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية وقيدت أمامها برقم ... لسنة 2014، وحدد المطعون ضده طلباته الموضوعية بطلب الحكم بإلزام الطاعنة بأن تؤدى له المبالغ التالية: 58644 جنيهاً تعويضاً عملاً بالمادة 70 من قانون العمل رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳ و 31276۸ جنيهاً تعويضاً عن الفصل التعسفى و53757 جنيهاً مستحقات من تاريخ الفصل و14661 جنيه مقابل مهلة الإخطار و3850 جنيهاً قيمة العلاج الشهرى من شهر نوفمبر وحتى شهر سبتمبر. ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره قضت بإلزام الطاعنة بان تؤدى له مبلغ 16500۰ جنيه تعويضا ًعن الفصل التعسفى، ومبلغ 3822.7 جنيهاً مستحقات، 14661 جنيهاً مقابل مهلة الإخطار ورفضت ماعدا ذلك من طلبات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ... لسنة ۲۱ ق، وبجلسة 18/4/ 20۱۸ حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه، وإذ عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول إن المطعون ضده أُعلن بصحيفة طلباته الموضوعية بتاريخ 11/8/2014 بعد مرور أكثر من 45 يوماً من تاريخ إحالة النزاع من مكتب التسوية الى المحكمة العمالية على النحو الذى حددته المادة ۷۰ من قانون العمل رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳ المعدل بالقانون ۱۸۰ لسنة ۲۰۰۸ وقد تمسكت أمام محكمتى الموضوع بسقوط حق المطعون ضده فى عرض النزاع على المحكمة العمالية إلا أن الحكم المطعون أعرض عن هذا الدفع ولم يرد عليه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سدید، ذلك أنه لما كان النص فى المادة 70 من قانون العمل رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳ المعدل بالقانون رقم ۱۸۰ لسنة ۲۰۰۸ على أنه " إذا نشأ نزاع فردى بين صاحب العمل والعامل فى شأن تطبيق أحكام هذا القانون أو أى من القوانين أو اللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية فلأى منهما أن يطلب من لجنة تشكل من ... خلال عشرة أيام من تاريخ النزاع تسويته ودياً، فإذا لم تتم التسوية خلال واحد وعشرين يوما - من تاريخ تقديم الطلب - جاز لأى منهما أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية المنصوص عليها فى المادة 71 من هذا القانون أو أن يلجأ إليها فى موعد أقصاه خمسة وأربعين يوماً من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية سواءً كان قد تقدم للجنة بطلب التسوية أو لم يتقدم وإلا سقط حقه فى عرض الأمر على المحكمة" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن التاريخ الذى يبدأ منه النزاع يتحدد بتاريخ امتناع المدين عن الوفاء بالحق الدائن عند مطالبته به، وكانت الطاعنة لم تقدم صورة رسمية من شكوى المطعون ضده أمام مكتب العمل - وهى المكلفة بتقديم دليل ما تتمسك - وما تضمنته من منازعة، وما إذا كانت هى بذاتها الطلبات التى نازع فيها المطعون ضده أمام المحكمة من طلب التعويض ومهلة الإخطار وبدل العلاج والمستحقات المالية، وإذ خلت الأوراق مما يفيد تاريخ امتناع الطاعنة عن الوفاء بهذه المطالبات فإن تاريخ الإعلان بالطلبات الموضوعية يضحى هو تاريخ بدء النزاع، ويكون النعى بسقوط حق المطعون ضده فى عرض النزاع على المحكمة العمالية على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك تقول إنها أفصحت أمام محكمتى الموضوع عن سبب إنهائها خدمة المطعون ضده وهو تشككها فى ذمته المالية لوجود زيادة فى عهدته مقدارها 806.46 جنيهاً وقدمت محضر جرد العهدة الدال على ذلك والموقع منه عليه إلا أن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بإلزامها بالتعويض بقالة إنها لم تقدم مبرراً مشروع للفصل ودون أن يعرض لما قدمته من مستندات، وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سدید، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادتين 69 ، ۱۱۰ من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳ - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن المشرع منح صاحب العمل الحق فى إنهاء عقد عمل العامل الغير محدد المدة إذا توافر المبرر المشروع لهذا الإنهاء، مواكباً فى ذلك مرحلة التحول الاقتصادى فى مصر واضعاً فى الاعتبار أن المنشأة الخاصة غير المنشأة العامة وأن إهدار السلطة التنظيمية لصاحب العمل فى ظل نظام الاقتصاد الموجه ليس فى صالح منظومة العمل الخاصة، إلا أنه ولإعادة التوازن بين أطراف هذه المنظومة اشترط المشرع فى العقد غير محدد المدة بالإضافة إلى وجوب الإخطار المسبق بالإنهاء أن يستند الإنهاء إلى مبرر مشروع وکاف، بمعنى أن يكون من استعمل حق الإنهاء غير متعسف فى استعمال حقه، وهو القيد الذى يتقيد به كل حق بمقتضى نص المادتين الرابعة و الخامسة من القانون المدنى من وجوب استعمال الحق استعمالاً مشروعاً دون أن يقصد به الإضرار بالطرف الأخر أو تحقيق مصالح قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها أو يقصد به تحقيق مصالح غير مشروعة، وهو عين ما انتظمته المادة 695 من القانون المدنى فى فقرتها الثانية من أنه "إذا فسخ العقد بتعسف من أحد المتعاقدين كان للمتعاقد الآخر... الحق فى تعويض ما أصابه من ضرر بسبب فسخ العقد فسخاً تعسفياً"، وكان من المقرر أيضا- فى قضاء هذه المحكمة - أن خطأ العامل أو سلوكه مسلكاً يفقد ثقة صاحب العمل فيه يعد سبباً كافياً لإنهاء عقد عمله، إلا أن انعدام الثقة يجب أن يبنى على أسباب مشروعة وواقعية فيجب أن يكون خطأ العامل - كمبرر للإنهاء - متناسباً مع إنهاء العقد جزاءً وفاقاً لخطأه، فإذا كان الخطأ يسيًرا أو تافهاً أو كان هناك شيوع فى الخطأ بين أكثر من عامل أو لخلل فى إدارة المنشأة لم يثبت منه على وجه التحديد نسبة الخطأ للعامل فإنه لا يكون مبرراً للإنهاء بحيث يرتفع عنه وصف التعسف، إذ فى حالة وجود مبرر غير كاف للإنهاء تكون المصلحة التى قصد إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب مع الضرر المترتب على استعمال الحق، ففكرة الجزاء - جنائيًا كان أم تأديبيًا أم مدنيًا - تعنى أن خطأ معيناً لا يجوز تجاوزه، وسلطة رب العمل فى إنهاء عقد العمل ليست طليقة من كل قيد إنما يلزم ألا تكون مشوبة بعدم التناسب الظاهر بین ما نسب للعامل والجزاء الموقع عليه وفقاً لمبدأ التناسب (The Principle of Proportionality). لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة قدمت رفق طعنها محضر الجرد المؤرخ 21/11/۲۰۱۳، الثابت منه أن عهدة المطعون ضده عبارة عن 5۰۰۰۰ جنيه لشراء الخضروات والفاكهة بالإضافة الى ۲۰۰۰۰ جنيه لشراء الأسماك، ومبلغ 2500 جنيه للمشتريات الداخلية، وأنه بجرد هذه العهدة تبين وجود شيك لم يصرف بقيمة ۱۷۹۸۰ جنيهاً، ومبلغ نقدى مقداره 22523.50 جنيهاً، ومبلغ 25000 جنيه طرف العامل ...، ومبلغ 5800 جنيه طرف نفس العامل، ومبلغ 2000 جنبه طرف العامل ... ثم أصدرت قرارها بإنهاء خدمة المطعون ضده فى ذات يوم الجرد لثبوت وجود زيادة مقدارها 806.50 جنيه، دون تقديم ما يفيد تيقنها من اقتراف المطعون ضده لهذا الخطأ بشكل عمدى وفقاً للأصول المحاسبية من خلال مراجعتها للدورة المستندية لتداول عهدته وکيفية تسلمه لمبلغ العهدة وكيفية قيامة بتسوية وسداد هذه المبالغ، وما إذا كانت هذه الزيادة ترجع للمطعون ضده أم أنها من جملة المبالغ الموجودة طرف العامل ... أو العامل ...، أو وقوع ثمة خطأ فى استلام العهدة، ومن ثمَّ فإن وجود هذه الزيادة فى عهدة المطعون ضده وإن كانت تشكل خطأ فى جانبه كمسئول مشتريات إلا أنها لا تعد سبباً جدياً لارتياب صاحب العمل – الذى لم يعن ببحث أسباب وجود هذه الزيادة – فى أمانته يبرر فصله فى ذات يوم الجرد، وكان تقدير مشروعية الفسخ أو عدم مشروعيته لقيام التعسف فى استعماله من الطرف المُنهى للعقد غير المحدد المدة إنما هو تقدير موضوعى لا معقب عليه من محكمة النقض متى أقامت محكمة الموضوع بشأنه على استخلاص سائغ، وكان الحكم الابتدائى قد استخلص من أوراق الدعوى ومستنداتها أن إنهاء خدمة المطعون ضده من العمل لدى الطاعنة كان بغير مبرر وقد شابه التعسف ورتب على ذلك قضائه بالتعويض بما حصله (أنه لم يثبت بالأوراق وجود ثمة مبرر مشروع لذلك الإنهاء حيث أن الأوراق خلت من ثمة دليل يفيد ارتكاب المدعى لأى خطأ مما هو منصوص عليه فى المادة 69 من قانون العمل أو إخلاله بأى من التزاماته المترتبة على عقد العمل)، وإذ كان ما خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وأیده فى ذلك الحكم المطعون فيه، فإن النعى عليه فى هذا المقام ينحل إلى جدلٍ موضوعى فيما لمحكمة الموضوع من سلطة لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ويضحى النعى عليه غير مقبول.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بباقى أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه قضى بأحقية المطعون ضده لمهلة إخطار مقدارها أجر ثلاثة أشهر بمبلغ 14661 جنيه ولمبلغ التعويض المقضى به على سند من أن خدمته لديها بدأت اعتباراً من 1/4/۱۹۹۷ حتى انتهاء خدمته فى 21/11/۲۰۱۳ أى لفترة تجاوزت العشر سنوات فى حين أنها تمسكت أمام درجتى التقاضى بـأن خدمته لديها بدأت اعتباراً من 1/2/۲۰۰۷ بعد انتهاء علاقة العمل التى كانت تربطه بشركة شيراتون التى كانت قد أسندت إليها إدارة الفندق الذى يعمل به المطعون ضده والمملوك لها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقود العمل المبرمة بين العمال وصاحب العمل الجديد يتحملها الأخير وحده ولا تنتقل إلـى الجهة المالكة بعد انتهاء عقد الإدارة لأنها لا تعتبر خلفاً عاماً أو خاصاً له فى هذه الحالة، وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً فى النتيجة التى انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً فى أسباب الحكم الواقعية، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر فى أثره فى الدعوى فإن كان مُنتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره فى قضائها فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة تمسكت أمام درجتى التقاضى بأنها الجهة المالكة للفندق الذى كان يعمل به المطعون ضده، وأنه بموجب عقد مقاولة عهدت بإدارته لشركة شيراتون أوفر سيز العالمية على أن تديره بعمالها وأن المطعون ضده تعاقد مع الشركة الأخيرة بتاريخ 1/4/۱۹۹۷ وظلت علاقة العمل قائمة حتى تاريخ انتهاء عقد الإدارة فى 31/1/۲۰۰۷، ثم تولت الطاعنة الإدارة بنفسها وحررت للعاملين بالفندق عقود عمل مؤرخة 1/2/2007، وإذ التفت الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع - رغم أنه لو صح من خلال استظهار بنود عقد الإدارة - لتغير به وجه الرأى فى الدعوى من حيث مقابل الإخطار ومقدار التعويض، فإنه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ