المذكرة الإيضاحية :
يميز الفقه الإسلامي بين حكم العقد وحقوق العقد وحكم العقد وهو الأثر الأصلي للعقد والغرض الذي قصد إليه المتعاقدان من إنشائه، وحقوق العقد هي ما يستتبعه العقد من إلتزامات ومطالبات تؤكد حكمه وتحفظه وتكمله فعقد البيع حكمه نقل ملكية المبيع إلى المشتري وثبوت الملك في الثمن للبائع، وحقوقه إلزام البائع بتسليم المبيع وقبوله إذا رد إليه بسبب الغيب وبثبوت حقه في المطالبة بالثمن وإلزام المشتري بأداء الثمن وثبوت حقه في المطالبة بتسليم المبيع ورد المبيع إذا وجده معيباً وغير ذلك من الحقوق التي تثبت لكل عاقد قبل صاحبه تكميلاً لأثر العقد ومحافظة عليه وتوفيراً لكمال الانتقاع به وحكم العقد يثبت من تلقاء نفسه بمجرد انعقاد العقد فهو أثر مباشر للانعقاد فهو لا يثبت التزاما في ذمة العاقد ثم يتولى العاقد الوفاء به بل يتحقق ذاتياً بمجرد انعقاد العقد أما حقوق العقد فهي التزامات ومطالبات تثبت في ذمة العاقد ويجب عليه الوفاء بها.
وذلك على خلاف القانون فالعقد فيه ليس إلا مصدراً للالتزامات وكل أثره ينحصر في إنشاء التزامات في ذمة أحد الطرفين أو كليهما.
لذلك حرص المشرع على إبراز هذا الفارق بالنص في المادة الحالية على أن حكم العقد يتحقق في المعقود عليه وبدله من تلقاء نفسه بمجرد انعقاد العقد دون توقف على القبض أو أي شيء آخر أما حقوق العقد فتثبت في ذمة العاقد ويجب عليه الوفاء بها وفقاً لما يقضي به العقد . وقد آثر المشرع التزام صياغة الفقه الإسلامي بقدر الإمكان وتقدم أن المقصود بالعقد هنا العقد الصحيح النافذ المنجز.
وتراجع المواد 369 و 374 و 583 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد من 307 309 من مرشد الحيران .
وهذه المادة تقابل المواد 199 أردني ومن 143 إلى 145 عراقي.
المادة 244
عقد المعاوضة الوارد على الأعيان إذا استوفي شرائط صحته يقتضي ثبوت الملك لكل واحد من المتعاقدين في بدل ملكه والتزام كل منهما بتسليم ملكه المعقود عليه للآخر
المادة 245
عقد المعاوضة الوارد على منافع الأعيان إذا استوفى شرائط صحته يوجب التزام المتصرف في العين بتسليمها للمنتفع والتزام المنتفع بتسليم بدل المنفعة لصاحب العين.
المذكرة الإيضاحية :
تضمنت هاتان المادتان تطبيقاً لحكم المادة السابقة فالأولى منهما تطبيق له في العقود الواردة على ملكية الأعيان والثانية نمهما تطبيق له في العقود الواردة على منافع الأعيان.
وهاتان المادتان تقابلان المادتين 200 و 201 أردني.
المادة 246
1. يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية.
2. ولا يقتصر العقد إلزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف وطبيعة التصرف.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة في فقرتها الأولى كيفية تنفيذ المتعاقد ما ألزمه به العقد فتوجب عليه أن يقوم بالتنفيذ بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية . وتتناول في فقرتها الثانية بيان المقصود بمضمون العقد وبعبارة أخرى تحديد نطاق العقد فتبين أنه لا يقتصر على الزام المتعاقد على ما ورد به على وجه التخصيص بل يلزمه كذلك بما تقتضيه طبيعته وفقاً لأحكام القانون والعرف.
ففي الفقه الإسلامي كما في الفقه الغربي يسترشد في تحديد نطاق العقد :
1. بالعرف والعادة .
2. بطبيعة الالتزام فيتبع العين ما تستلزمه طبيعتها من ملحقات.
1. فيرجع أولاً للعرف والعادة .
وقد أوردت المجلة كثيراً من القواعد الكلية توجب الأخذ بالعرف والعادة في تحديد نطاق العقد منها " العادة محكمة " واستعمال الناس حجة يجب العمل بها و"الممتنع عادة كالممتنع حقيقة" و "الحقيقة تترك بدلالة العادة" و "إنما تعتبر العادة إذا أطردت أو غلبت" و "العبرة للغالب الشائع لا للنادر" و "المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً" وقد أورد القانون هذه القواعد.
2. ويرجع ثانياً إلى طبيعة الالتزام :
وهي تقتضي أن يلحق العين ما هو تابع لها وما تستلزمه تلك الطبيعة من ملحقات ويستند المشرع في هذا الصدد إلى القواعد الفقهية " التابع للتابع " و " التابع لا يفرد بالحكم " و " من ملك شيئاً ملك ما هو من ضروراته " و " إذا سقط الأصل سقط الفرع " و " اذا بطل الشيء بطل ما هو في ضمنه ".
وهذه المادة تقابل المواد 47 و 48 و 49 و 50 و 52 من المجلة.
وهذه المادة تقابل المواد 202 أردني و 148 مصري و 149 سوري.
المادة 247
في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به.
المذكرة الإيضاحية :
من الأصول التي يقوم عليها نظام العقود الملزمة للجانبين ارتباط تنفيذ الالتزامات المتقابلة فيها على وجه التبادل أو القصاص، فإذا استحق الوفاء بهذه الالتزامات فلا يجوز تفريعاً على ما تقدم أن يجبر أحد المتعاقدين على تنفيذ ما التزم به قبل قيام المتعاقد الآخر بتنفيذ الالتزام المقابل وعلى هذا الأساس يتعين أن تنفذ الالتزامات المتقابلة في وقت واحد ويجوز الاستعانة بإجراءات العرض الحقيقي لمعرفة المتخلف عن الوفاء من المتعاقدين فلكل من المتعاقدين إزاء ذلك أن يحتبس ما يجب أن يوفي به حتى يؤدي إليه ما هو مستحق له وهو باعتصامه هذا الحق أو الدفع إنما يوقف أحكام العقد لا أكثر فالعقد لا يفسخ في هذه الصورة ولا تنقضي الالتزامات الناشئة عنه على وجه الإطلاق بل يقتصر الأمر على وقف تنفيذه وهذا الفارق الجوهري بين الفسخ والدفع بعدم تنفيذ العقد.
ومهما يكن من شيء فليس يباح للعاقد أن يسئ استعمال هذا الدفع فلا يجوز له أن يتمسك به ليمتنع عن تنفيذ التزامه، إذا كان التزام المقابل قد نفذ في جزء كبير منه وأصبح ما لم ينفذ منه ضئيلاً لدرجة لا تبرر اتخاذ مثل هذا الإجراء.
وقد فرض في الصورة المتقدمة، أن الالتزامات المتقابلة في العقد الملزم للجانبين قد حل ميعاد الوفاء بها من الطرفين معاً، أما أذا كان العقد يوجب على أحد المتعاقدين أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر فلا يحق له أن ينتفع من هذا الدفع إذ يتعين عليه أن يفي بما التزم به دون أن ينتظر وفاء المتعاقد الآخر .
وتراجع المادتان 262 و 379 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 203 أردني و 161 مصري و 162 سوري.
المادة 248
إذا تم العقد بطريقة الإذعان وكان قد تضمن شروطا تعسفية جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو يعفي الطرف المذعن منها وفقا لما تقضي به العدالة ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
خول المشرع في هذه المادة المحكمة الحق في إعادة التوازن بين المتعاقدين إذا كان العقد عقد إذعان وتضمن شروطاً تعسفية فأعطى المحكمة الحق في أن تعادل من هذه الشروط التعسفية تعديلاً يخفف العبء الواقع على عاتق الطرف المذعن أو تعفيه منها حسبما تقضي به العدالة.
وحتى يوضع هذا النص موضع التنفيذ لم يكن هناك مناص من النص على بطلان كل اتفاق على خلاف ذلك.
وهذه المادة تقابل المواد 204 أردني و 149 مصري و 150 سوري و 176 عراقي.
المادة 249
إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وان لم يصبح مستحيلا صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق الى الحد المعقول إن اقتضت العدالة ذلك ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
الأصل أنه لا يجوز لأحد طرفي التعاقد أن يستقل بنقضه أو تعديله ولا يجوز ذلك للقاضي لأنه لا يتولى انشاء العقود عن عاقديها إنما يقتصر عمله على تفسير مضمونها بالرجوع إلى نية هؤلاء المتعاقدين فلا يجوز اذن نق ض العقد أو تعديله إلا بتراضي عاقديه ويكون هذا التراضي بمثابة تعاقد جديد، أو لسبب من الأسباب المقررة في القانون كما هو الشأن في أسباب الرجوع في الهبة.
وقد أستثنى المشرع في هذه المادة اقتداء بالقانون المدني المصري وما تفرع عنه من قوانين عربية حكماً بالغ الأهمية إذ استثنى مبدأ الطوارئ غير المتوقعة من نطاق تطبيق القاعدة التي تحجر على القضاء تعديل العقود وقد حرص المشرع على :
أ أن يرسم في وضوح الحدود بين حالة الطوارئ غير المتوقعة وحالة القوة القاهرة ففي الحالة الأولى يصبح تنفيذ الالتزام التعاقدي على حد تعبير المشرع مرهقا يجاوز حدود السعة دون أن يكون مستحيلاً ومؤدي ذلك أن الحالة الثانية هي التي تتحقق فيها هذه الاستحالة.
ب أن يقنع في تحديد الحادث غير المتوقع بوضع ضابط للتوجيه دون أن يورد أمثلة تطبيقية فقهية الصيغة.
وإذا كانت نظرية الطوارئ غير المتوقعة تستجيب لحاجة ملحة تقتضيها العدالة فهي تستهدف للنقد باعتبارها مدخلاً لتحكم القاضي، بيد أن المشرع قد احتاط في أن يكفل لها نصيباً من الاستقرار فأضفى عليها صبغة مادية يتجلى أثرها في تحديد الطارئ غير المتوقع، وفي أعمال الجزاء الذي يترتب على قيامه فلم يترك أمر هذا الطارئ للقضاء يقدره تقديراً ذاتياً أو شخصياً بل استعمل المشرع عبارة "إن اقتضت العدالة ذلك " وهي عبارة تحمل في ثناياها معنى الإشارة إلى توجيه موضوعي النزعة وفضلا عن ذلك فإذا ثبت القاضي من قيام الطارئ غير المتوقع عمد إلى إعمال الجزاء برد الالتزام الذي أصبح يجاوز السعة إلى الحد المعقول" وهذا قيد آخر مادي الصبغة " هذا فضلاً عن اشتراط أن يكون الطارئ حادثة استثنائية عامة كالفيضان، والجراد وليست خاصة بالمدين كحريق المحصول مثلاً .
ونظرية الطوارئ غير المتوقعة تختلف عن نظرية القوة القاهرة في أن الطارئ غير المتوقع لا يجعل التنفيذ مستحيلاً بل يجعله مرهقاً يجاوز السعة دون أن يبلغ به حد الاستحالة ويستتبع ذلك قيام فارق آخر يتصل بالجزاء فالقوة القاهرة تفضي إلى انقضاء الالتزام وعلى هذا النحو يتحمل الدائن تبعتها كاملة أما الطارئ غير المتوقع فلا يترتب عليه إلا انقاص الالتزام إلى الحد المعقول وبذلك يتقاسم تبعته الدائن والمدين.
وهذا الحكم يجد لأساسه سنداً في الفقه الإسلامي في مبدأ " الإعذار " في الفقه الحنفي و "الجائحة" في الفقه المالكي والحنبلي مع خلاف في الأحكام وفي المساواة بين طرفي العقد التبادلي وفي العدالة عموماً.
ويراجع فيما يتعلق بالحوادث الطارئة غير المتوقعة الكاساني 4 / 276 والسنهوري مصادر الحق 6 : 95 118
وهذه المادة تقابل المواد 205 أردني و 147 مصري و 148 سوري و 146 عراقي.
2 أثر العقد بالنسبة إلى الغير
المادة 250
ينصرف اثر العقد الى المتعاقدين والخلف العام دون الإخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث ما لم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف الى الخلف العام.
المذكرة الإيضاحية :
لا تقتصر آثار العقد على المتعاقدين بذواتهم بل تتجاوزهم إلى من يخلفهم خلافة عامة من طريق الميراث أو الوصية ما لم تكن العلاقة القانونية شخصية بحته ويستخلص ذلك من إرادة المتعاقدين صريحة كانت أو ضمنية أو من طبيعة العقد كما هو الشأن في شركات الأشخاص والإيراد المرتب مدى الحياة، أو من نص في القانون كما هو الحال في حق الانتفاع .
وعلى ذلك ينتقل إلى الوارث ما يرتب العقد من حقوق والتزامات، أما الحقوق المالية فيكون انتقالها كاملاً إلى ما كان منها غير مالي كحق الولاية والحضانة وما اتصل منها بشخص المورث كدين النفقة وحق الانتفاع وحق الرجوع في الهبة وحق الأجل في الدين وما اتصل منها بمشيئة المورث كبعض الخيارات وحق الشفعة على خلاف بيد أن حكم الالتزامات يقتضي تحفظاً خاصاً يتصل بأحكام الميراث.
ذلك أن الوراث لا يلتزم بديون مورثه وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية إلا بقدر ما يؤول إليه من التركة بل وبنسبة ما يؤول إليه منها في صلته بالورثة الباقين، وبعد فليس ينبغي أن يعزل هذا النص عن النصوص التي تضمنها القانون بشأن تصفية التركات بالنسبة إلى الموصي له بجزء من مجموع التركة، ويقصد بالحقوق هنا الحقوق بالمعنى العام لا بالمعنى الذي يقابل حكم العقد في قولنا " حكم العقد وحقوق العقد ".
وتراجع المادة 278 و 306 من مرشد الحيران وانظر الكاساني .258 : 5
وهذه المادة تقابل المواد 206 أردني و 125 مصري و 146 سوري و 142 عراقي.
المادة 251
إذا انشأ العقد حقوقا شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك الى خلف خاص فان هذه الحقوق تنتقل الى هذا الخلف في الوقت الذي ينتقل فيه الشيء إذا كانت من مستلزماته وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء إليه.
المذكرة الإيضاحية :
الخلف الخاص هو من يكتسب ممن يستخلفه حقاً عينياً على شيء معين كالمشتري والموهوب له والمنتفع فإذا عقد المستخلف عقداً يتعلق بهذا الشيء انتقل ما يرتب هذا العقد من حقوق والتزامات إلى الخلف الخاص بشروط ثلاثة :
أولها : أن يكون تاريخ العقد سابقاً على كسب هذا الخلف لملكية الشيء ويراعى أن العقد يجب أن يكون ثابت التاريخ.
والثاني : أن تكون الحقوق والالتزامات الناشئة عن العقد مما يعتبر من مستلزمات هذا الشيء ويتحقق ذلك إذا كان هذه الحقوق مكملة له كعقود التأمين مثلاً أو إذا كانت تلك الالتزامات تحد من حرية الانتقاع به كما هو الشأن في الالتزام بعدم البناء.
والثالث : أن يكون الخلف قد علم بما ينتقل إليه من حقوق والتزامات، وحكم النص مقصور على ذلك دون أن يجاوزه إلى ما كان يستطيع أن يعلم به لدقة الموضوع.
فإذا أنشأ العقد التزامات وحقوق شخصية تتصل بشيء تم انتقال هذا الشيء إلى خلف خاص فإن هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إلى هذا الخلف مع الشيء إذا كان من مستلزماته وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء إليه .
ونجد تطبيقاً لذلك في الموصي له بعين معينة والمشتري لعين معينة.
أ. فبالنسبة للموصي له بعين معينة :
1. إذا اشترى شخص داراً ثم أوصى بها في حدود ثلث التركة إلى شخص آخر وانتقلت الدار إلى الموصي له بعد موت الموصي فالظاهر أن الموصي له يرجع على البائع بضمان العيب وبضمان الاستحقاق وبضمان الهلاك إذا كانت العين لا تزال في يد البائع كما كان يرجع الموصي لو كان حياً وبذا تنتقل العين إلى الخلف بالحقوق المكملة لها.
2. إذا اشترى شخص داراً ولم يقبضها ولم يدفع ثمنها فبقى الثمن ديناراً في ذمته ثم أوصى بها إلى شخص آخر ثم مات الموصي فإن الثمن يبقى ديناً في التركة ولا ينتقل إلى ذمة الموصي له فإذا سددت جميع ديون التركة ومنها ثمن الدار وكان ما بقي من أموال وفيها هذه الدار بعد سداد الديون لا يقل ثلثه عن قيمة هذه الدار خلصت الدار للموصي له دون أن ينصرف إليه أثر العقد من حيث ترتيب الثمن في ذمة المدين ويتحمل الموصي له كما كان يتحمل الموصي حبس البائع للدار حتى يستوفي الثمن وفسخ العقد ولو كان للبائع خيار النقد ولم يقبض الثمن في الأيام الثلاثة المشترطة وفسخ ومن ثم ينصرف إلى الخلف الخاص اثر العقد من حيث الإلتزامات التي تعتبر محددة للعين.
3. إذا باع شخص داراً ولم يقبض ثمنها فبقي الثمن دينا له في ذمة المشتري وأوصى بهذا الدين إلى آخر في حدود ثلث التركة فبعد موته ينتقل هذا الحق إلى الموصي له ويصبح هو الدائن بالثمن للمشتري فللموصي له حبس المبيع وله فسخ العقد بخيار النقد كما كان الموصي يفعل لو بقي حياً إذ الموصي له قد قام مقام الموصي في كل ذلك وبذا يكون أثر العقد من حيث الحقوق المكملة للشيء قد انصرف إلى الخلف الخاص الذي انتقلت إليه هذه العين.
4. إذا أوصى شخص لآخر بدار مرهونة أو مستأجرة في حدود ثلث التركة وعند موته انتقلت العين إلى الموصي له فإنها تنتقل إليه مثقلة بحق المرتهن أو بحق المستأجر كما كانت في حياة الموصي فعقد الرهن وعقد الإيجار ينصرف أثرهما من حيث ترتيبه لالتزامات محددة العين إلى الخلف الخاص الذي انتقلت إليه العين فالموصي له بوصفه خلفاً خاصاً للوصي ينصرف إليه أثر العقد سواء أكان حقاً مكملاً أم التزاماً محدداً.
ب. وبالنسبة للمشتري لعين معينة :
المشتري لعين معينة كالموصي له بعين معينة فيما تقدم :
1. فإذا باع شخص داراً وكان قد اشتراها من آخر فأصبح المشتري من البائع الثاني خلفاً خاصاً له على هذه العين فإذا فرض أن بها عيباً يرجع به البائع الثاني على البائع الأول أو كان للبائع الثاني خيار التعيين أو خيار فوات الوصف المرغوب فيه فالمشتري باعتباره خلفاً خاصاً للبائع الثاني له أن يرجع بضمان العيب على البائع الأول ولو استحقت العين وكان للبائع الثاني أن يرجع بضمان الاستحقاق على البائع الأول فإن المشتري له أن يرجع بدعوى الاستحقاق على البائع الأول لأن هذه الحقوق مكملة لعين فتنتقل معها إلى الخلف الخاص.
2. وإذا اشترى شخص داراً من آخر ولم يقبضها ولم يدفع ثمنها ثم باع الدار من مشتر فأصبح هذا المشتري خلفاً خاصاً للبائع الثاني كما في المثال المتقدم فإن البائع الأول له أن يحبس الدار عن المشتري حتى يستوفي الثمن كما كان يحبسها عن البائع الثاني ويستطيع أن يفسخ البيع بخيار النقد في حق المشتري كما كان يفعل في حق البائع الثاني ويستطيع أن يفسخ البيع بخيار النقد في حق المشتري كما كان يفعل في حق البائع الثاني وعلى ذلك فإن الخلف الخاص يتحمل أثر العقد الذي يبرمه سلفه فيما يتعلق بالالتزامات التي تعتبر محددة للعين.
3. إذا باع شخص داراً مرهونة أو مستأجرة فإن المشتري وهو خلف خاص للبائع تنتقل إليه الدار محملة بحق المرتهن أو بحق المستأجر بل أن البيع لا ينفذ إلا بإجازة المرتهن أو المستأجر وأذن فالخلف الخاص يتحمل أثر العقد من حيث الالتزامات التي تعتبر محددة.
يراجع في ذلك السنهوري، مصادر الحق 5 : 12 123 .
وهذه المادة تقابل المواد 207 أردني و 146 مصري و 147 سوري و 142 عراقي.
المادة 252
لا يرتب العقد شيئا في ذمة الغير و لكن يجوز أن يكسبه حقه.
المذكرة الإيضاحية :
الأصل في العقود أن تقتصر آثارها على عاقديها، فلا يترتب ما تنشئ من التزامات إلا في ذمة المتعاقدين ومن ينوب عنهم من الخلفاء والدائنين وليس الوعد بالتزام الغير إلا تطبيقاً لهذه القاعدة، كذلك الشأن فيما ترتب العقود من حقوق فلا ينصرف نفعها إلا إلى المتعاقدين ومن ينوب عنهم، على أنه يجوز الاشتراط لمصلحة الغير وهذا الاستثناء الحقيقي الذي يرد على القاعدة
تراجع المادة 306 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 208 أردني و 152 مصري و 153 سوري.
المادة 253
1. إذا تعهد شخص بان يجعل الغير يلتزم بأمر فلا يلزم الغير بتعهده فإذا رفض الغير أن يلتزم وجب على المتعهد أن يعوض من تعاقد معه. ويجوز له مع ذلك أن يتخلص من التعويض بأن يقوم هو بنفسه بتنفيذ الالتزام الذي تعهد به
2. أما إذا قبل الغير هذا التعهد فان قبوله لا ينتج أثرا إلا من وقت صدوره ما لم يتبين أنه قصد صراحة أو ضمنا أن يستند أثر هذا القبول الى الوقت الذي صدر فيه التعهد.
المذكرة الإيضاحية :
ليست أحكام هذه المادة إلا تطبيقاً للقواعد العامة في اقتصار آثار العقود على المتعاقدين فإذا تعهد شخص بأن يجعل الغير يلتزم بأمر ونصب نفسه زعيماً بذلك فلا يكون من أثر هذا التعهد الزام هذا الغير، وكل ما هنالك أن المتعهد يتعهد بالوفاء بالتزام بعمل شيء هو الحصول على إقرار الغير للتعهد الذي بذله ذلك هو مدى التزام المتعهد على وجه الدقة . فليس يكفي عند رف ض الإقرار أن يكون هذا المتعهد قد بذل ما في وسعه للحصول عليه ولا يشترط كذلك أن يقوم من بذل التعهد عنه بتنفيذ تعهده إذا أرتضى إقراره وهذا ما يفرق الوعد بالتزام الغير عن الكفالة.
وان امتنع الغير عن إجازة التعهد فلا تترتب على امتناعه هذا أية مسئولية ذلك أن التعهد لا يلزم إلا المتعهد ذاته ويكون من واجبه تنفيذ التزامه، إما بتعويض العاقد الآخر الذي صدر الوعد لمصلحته وإما بالوفاء عيناً بالتعهد الذي ورد الوعد عليه، اذا امكن دون الحاق ضرر بالدائن ويستوي في هذا أن يكون التعهد متعلقاً بالتزام بنقل حق عيني، أو بعمل شيء أو بالامتناع عنه .
ويتحلل المتعهد من التزامه بمجرد إقرار الغير للتعهد، والواقع أن التزام المتعهد ينقضي في هذه الصورة عن طريق الوفاء، ويترتب على إقراره أن يصبح الغير مديناً مباشرة للعاقد الآخر، لا على أساس التعهد الذي قطعه المتعهد بل بناء على عقد جديد يقوم بدءاً من تاريخ الإقرار ما لم يتبين أنه قصد صراحة أو ضمناً أن يستند أثر الإقرار إلى الوقت الذي صدر التعهد فيه، وغني عن البيان أن الإقرار ينزل منزلة القبول من هذا العقد الجديد.
وقد تقدم أن المشرع أخذ برأي من يرى من الفقهاء المسلمين بأن الوعد ملزم وعلى ذلك يكون "الوعد" بمنعى التعهد فكلا الكلمتين سواء في معنى الإلزام ولكن فصلت كلمة "المتعهد" لوضوح المعنى الإلزام فيها.
يراجع الكاساني 5 : 258 .
وهذه المادة تقابل المواد 209 أردني و 153 مصري و 154 سوري و 151 عراقي.
المادة 254
1. يجوز للشخص أن يتعاقد باسمه على حقوق يشترطها لمصلحة الغير إذا كان له في تنفيذها مصلحة شخصية مادية كانت أو أدبية.
2. ويترتب على هذا الاشتراط أن يكسب الغير حقا مباشرا قبل المتعهد بتنفيذ الاشتراط يستطيع أن يطالبه بوفائه ما لم يتفق على خلاف ذلك ويكون لهذا المتعهد أن يتمسك قبل المنتفع بالدفوع التي تنشأ عن العقد.
3. ويجوز أيضا للمشترط أن يطالب بتنفيذ ما اشترط لمصلحة المنتفع إلا إذا تبين من العقد أن المنتفع وحده هو صاحب الحق في ذلك.
المادة 255
1. يجوز للمشترط دون دائنيه أو ورثته أن ينقض المشارطة قبل أن يعلن المنتفع الى المتعهد أو الى المشترط رغبته في الاستفادة منها ما لم يكن ذلك مخالفاً لما يقتضيه العقد.
2. ولا يترتب على نقض المشارطة أن تبرأ ذمة المتعهد قبل المشترط إلا إذا اتفق صراحة أو ضمنا على خلاف ذلك.
وللمشترط إحلال منتفع آخر محل المنتفع الأول كما له أن يستأثر لنفسه بالانتفاع من المشارطة.
المادة 256
يجوز في الاشتراط لمصلحة الغير أن يكون المنتفع شخصا مستقبلا أو جهة مستقبلة كما يجوز أن يكون شخصا أو جهة لم يعينا وقت العقد متى كان تعيينها مستطاعا وقت أن ينتج العقد أثره طبقا للمشارطة.
المذكرة الإيضاحية :
ينطوي الاشتراط لمصلحة الغير على خروج حقيقي على قاعدة اقتصار منافع العقود على المتعاقدين دون غيرهم فالمتعهد يلتزم قبل المشترط لمصلحة المنتفع فيكسب الأخير بذلك حقاً مباشراً، ولو أنه ليس طرفاً في التعاقد وبهذه المثابة يكون التعاقد بذاته مصدراً لهذا الحق، ولهذا التصور على بساطته ووضوحه فضل الكشف عن وجه هذا النظام وإبراز مشخصاته من حيث شذوذه عن حكم القواعد العامة في القانون وكان انصراف منفعة العقد إلى غير عاقديه في القوانين الأجنبية استثناء لا يطبق إلا في حالات محصورة إلا أنه سما إلى مرتبة الأصل وبسط نطاقه على سائر الحالات في خلال القرن التاسع عشر على أثر ما أصاب عقد التأمين من نمو وذيوع وقد بلغ التوسع في تطبيق هذا الأصل شاناً بعيداً وانتهى الأمر إلى إباحة الاشتراط إذا كان المنتفع شخصاً مستقلاً، أو شخصاً لم يعين وقت التعاقد ما دام تعيينه مستطاعاً عندما ينتج هذا التعاقد أثره كما هو الشأن في التأمين لمصلحة من ولد ومن يولد من ذرية المؤمن.
ولكن هذا الأصل مسلم به في الفقه الإسلامي ووجد له تطبيقات عدة في الوصية والوقف وكذا الهبة عند مالك إذ يجيز مالك الهبة للجنين وللمعدوم أحمد إبراهيم التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد ج 2 صفحة 623 .
وللمشترط أن ينقضي المشارطة قبل إقرار المنتفع لها إلا أن يكون ذلك منافياً لروح التعاقد، وله عند نقض المشارطة أن يعين منتفعاً أخر أو أن يستأثر لنفسه منفعتها ما لم تكن نية المتعاقدين قد انصرفت صراحة أو ضمناً إلى أن الإلغاء ترتب عليه أن تبرأ ذمة المتعهد قبل المشترط ولما كان نقض المشارطة أمراً يرجع إلى تقدير المشترط ذاته فقد قصر استعمال هذه الرخصة عليه دون دائنيه أو ورثته وإذا رفض المنتفع المشارطة نهائياً فيكون للمشترط عين الحقوق التي تقدمت الإشارة إليها في الفرض السابق، والظاهر أنه يجوز له فوق ذلك أن يطلب فسخ العقد باعتبار أن المتعهد يستحيل عليه تنفيذ التزامه قبل المنتفع.
وإذا صح عزم المنتفع على قبول الاشتراط فيجوز له أن يعلن المتعهد أو المشترط بإقراره ويراعى أن هذا الإقرار تصرف قانوني ينعقد بإرادة منفردة، ولا يشترط فيه استيفاء شكل ما ولم يحدد المشرع أجلاً معيناً لصدوره، ولكن يجوز إنذار المنتفع بالإفصاح عما يعتزم في فترة معقولة، ويصبح حق المنتفع لازماً أو غير قابل للنقص بمجرد إعلان الإقرار وهو حق مباشر مصدره العقد ويترتب على ذلك نتيجتان :
الأولى : أنه يجوز للمنتفع أن يطالب بتنفيذ الاشتراط ما لم يتفق على خلاف ذلك، ولما كان للمشترط مصلحة شخصية في هذا التنفيذ وهو يفترق عن الفضولي من هذا الوجه فيجوز له أيضاً أن يتولى المطالبة بنفسه إلا إذا قضى العقد بغير ذلك .
والثانية : أنه يجوز للمتعهد أن يتمسك قبل المنتفع بالدفوع التي تتفرع على العقد انظر البدائع ج 55 و 72 ومجمع الضمانات ص 81 وابن عابدين 4 / 176 .
وهذه المادة تقابل المواد 210 و 211 أردني ومن 154 إلى 156 مصري و من 155 إلى 157 سوري ومن 152 إلى 154 عراقي.
الفرع الرابع
تفسير العقود
المادة 257
الأصل في العقد رضا المتعاقدين وما التزماه في التعاقد.
المذكرة الإيضاحية :
يعتمد في هذه المادة على الأحكام الفقهية العامة المبينة في مراجعها الشرعية مثل رد المحتار والكاساني وغيرهما وعلى المادتين 285 و 291 من مرشد الحيران والمادة 175 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 213 أردني.
المادة 258
1. العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني.
2. والأصل في الكلام الحقيقة فلا يجوز حمل اللفظ على المجاز إلا إذا تعذر حمله على معناه الحقيقي.
المذكرة الإيضاحية :
البند 1 من المادة أصله المادة 3 من المجلة ويقصد منه أنه عن مقصود العقد لا ينظر إلى الألفاظ التي يستعملها العاقدان بل ينظر إلى مقاصدها الحقيقية من الكلام الذي يلفظ به حين العقد لأن المقصود الحقيقي هو المعنى وليس اللفظ ولا الصيغة المستعملة وما الألفاظ إلا قوالب للمعاني ومثال ذلك لو قال شخص لآخر وهبتك هذه الفرس أو الدار بمائة جنية فيكون هذا العقد عقد بيع لا عقد هبة ولو قال شخص لآخر أعرتك هذا الفرس لتركبه بمبلغ كذا فالعقد إيجار لا إعارة بالرغم من استعمال كلمة الإعارة.
والبند 2 أصله المادة 2 من المجلة والمقصود بالحقيقة استعمال اللفظ في المعنى الذي وضع له وأما المجاز فهو استعمال اللفظ في غير ما وضع له بشرط أن يكون بين المعنى الحقيقي والمجازي علاقة ومناسبة مثال ذلك لو قال شخص رأيت أسد في الحمام يغتسل يفهم منه أنه رأى رجلاً شجاعاً في الحمام يغتسل لا أسداً حقيقياً لأن الحمام قرينة مانعة من وجود الأسد الحقيقي فيه يغتسل وبين الأسد والرجل الشجاع علاقة ومناسبة وهي الجرأة والشجاعة والمعنى الحقيقي هو الراجح فمتى أمكن حمل اللفظ عليه لا يعدل عنه إلى المعنى المجازي لأن المعنى الحقيقي أصل والمجازي بدل والبدل لا يعارض الأصل.
وهذه المادة تقابل المادة 214 أردني.
المادة 259
لا عبرة بالدلالة في مقابلة التصريح.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 13 من المجلة اللفظ الذي يكون به التصريح يسمى لفظاً صريحاً والصريح عند علماء أصول الفقه الذي يكون المراد منه ظاهراً ظهوراً بيناً وتاما ومعتاداً ومثال هذه المادة لو دخل إنسان دار شخص فوجد على المائدة كأساً فشرب منها ووقعت الكأس أثناء شربه وانكسرت فلا يضمن لأنه بدلالة الحال مأذون بالشرب منها بخلاف ما لو نهاه صاحب البيت عن الشرب منها وانكسرت فإنه يضمن لأن التصريح أبطل حكم الأذن المستند على دلالة الحال.
وهذه المادة تقابل المادة 215 أردني.
المادة 260
إعمال الكلام أولى من إهماله لكن إذا تعذر إعمال الكلام يهمل.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادتين 60 و 62 من المجلة وهي مأخوذة من كتاب الأشباه ومعناها أنه لا يجوز إهمال الكلام واعتباره بدون معنى ما أمكن حمله على معنى حقيقي له أو معنى مجازي لأن إهمال الكلام واعتباره لغواً وعبثاً والعقل والدين يمنعان المرء من أن يتكلم بما لا فائدة فيه فحمل كلام العاقل على الصحة واجب .
ومثال ذلك لو أقر شخص أنه مدين لآخر بألف درهم دون أن يذكر سبب الدين وأعطى سندا بذلك وأشهد على نفسه ثم بعد ذلك أقر الشخص نفسه مرة ثانية بألف درهم أيضاً وعمل له سنداً ولم يبين سبب الدين يعتبر دين السند الثاني غير دين السند الأول وليس تأكيداً له.
وأما إهمال الكلام إذا تعذر إعماله فمثاله لو ادعى شخص في حق من هو أكبر منه سناً بأنه ابنه فإن كلامه يهمل إذ ليس من المعقول أن يكون شخص والداً لرجل يكبره في السن.
وهذه المادة تقابل المادة 216 أردني.
المادة 261
ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكره كله.
المذكرة الإيضاحية :
وأصلها المادة 63 من المجلة وهي مأخوذة من الأشباه والمجامع ومفهومها أنه يكفي في الأشياء التي لا يتجزأ ذكر بعضها عن الكل مثال ذلك أن تكفل شخصاً آخر على نفسه فيقول أنني كفيل بنصف أو ربع هذا الشخص فيما أن نفس الرجل مما لا يقبل التجزئة أو التقسيم فالكفالة صحيحة ويكون قد كفل نفس الرجل كلها.
وهذه المادة تقابل المادة 217 أردني.
المادة 262
المطلق يجري على إطلاقه إذا لم يقم دليل التقييد نصاً أو دلالة.
المذكرة الإيضاحية :
وأصلها المادة 64 من المجلة وقد وردت في المجامع والمطلق هو الأمر المجرد من القرائن الدالة على التخصيص والتعميم والمقيد هو المقارن لإحدى هذه القرائن ومن أمثلة التقييد بالنص أن يتفق شخص مع خياط على خياطة جبة له دون أن يشترط عليه أن يخيطها بنفسه فيحق للخياط أن يعهد بخياطتها لأجيره بخلاف ما لو اشترط عليه صاحب الجبة أن يخيطها بنفسه.
وأما التقييد بالدلالة فمثاله الوكالة المطلقة لشراء شيء وإن لم يوجد بها قيد الثمن فالدلالة توجب على الوكيل الشراء بالقيمة المثلية أو مع غبن يسير.
وهذه المادة تقابل المادة 218 أردني.
المادة 263
الوصف في الحاضر لغو وفي الغائب معتبر.
المذكرة الإيضاحية :
وأصلها المادة 65 من المجلة ومثال ذلك لو أراد البائع بيع فرس أشهب حاضر في المجلس وقال في إيجابه بعت هذا الفرس الأدهم وأشار إليه وقبل البائع صح البيع ولغي وصف الأدهم، أما إذا كان الموصوف غائباً عن المجلس فالوصف معتبر.
وهذه المادة تقابل المادة 219 أردني.
المادة 264
المعروف بين التجار كالمشروط بينهم.
المذكرة الإيضاحية :
وأصلها المادة 44 من المجلة ومثال ذلك لو أشتغل شخصاً شيئاً لآخر ولم يتقاولا على الأجرة يجبر صاحب العمل على دفع أجرة المثل.
وهذه المادة تقابل المادة 225 أردني.
المادة 265
1. إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين.
2 .أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة
وثقة بين المتعاقدين وفقاً للعرف الجاري في المعاملات.
المادة 266
1. يفسر الشك في مصلحة المدين.
2. ومع ذلك لا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود الإذعان ضارا بمصلحة الطرف المذعن.
المذكرة الإيضاحية :
أول ما يعرض للقاضي في شأن العقد هو تفسيره إذا كان في حاجة إلى تفسير وتفسير العقد هو استخلاص النية المشتركة للمتعاقدين.
فإذا فرغ القاضي من التفسير انتقل إلى تحديد نطاق العقد، فلا يقتصر في هذا التحديد على النية المشتركة للمتعاقدين، بل يجاوز ذلك إلى ما هو من مستلزمات العقد، وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام.
وقد تناول المشرع تحديد نطاق العقد وتبع ذلك بتفسير العقد وقد أهتم الفقهاء المسلمون بتفسير العقد وتحديد نطاقه ووضعوا لذلك قواعد جمعها ابن نجيم في كتابه الأشباه والنظائر كما جمعها غيره في الفقه الحنفي وغيره من المذاهب وقد اهتمت المجلة بإيراد هذه القواعد في مقدمتها وقد حرص المشرع على إيراد هذه القواعد ويرجع في فهم هذه القواعد وتفسيرها إلى كتب القواعد ومنها الأشباه والنظائر لابن نجيم وإلى شروح المجلة.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك قاعدتين هامتين في هذا الصدد يرجع إليهما أكثر من القواعد الأخرى.
القاعدة الأولى :
العبرة في تفسير العقد في الفقه الإسلامي بالإرادة الظاهرة لا بالإرادة الباطنة يجب الوقوف في تفسير العقد عند الصيغ والعبارات الواردة في العقد واستخلاص معانيها الظاهرة دون الانحراف عن المعنى الظاهر إلى معان أخرى بحجة أنها هي المعاني التي تتمثل فيها الإرادة الباطنة، فالإرادة الباطنة لا شأن لنا بها إذ هي ظاهرة نفسية لا تعني المجتمع، والذي يعنيه هو الإرادة الظاهرة التي أطمأن إليها كل من المتعاقدين في تعامله مع الآخر، فهذه ظاهرة اجتماعية لا ظاهرة نفسية وهي التي يتكون منها العقد .
ومن أجل ذلك يقف المفسر عند الصيغ الواردة في العقد ويحللها تحليلاً موضوعياً ليستخلص منها المعاني السائغة ويعتبر هذه المعاني هي إرادة المتعاقدين .
يراجع مثلاً الكاساني، البدائع 5 : 123 و 235 والبغدادي، جمع الضمانات ص 28 و 40 41 .
فنية المتعاقدين تستخلص مما تدل عليه الألفاظ الواردة في العقد.
فإن كان المعني الذي يستخلص في العرف وفي الشرع واضحاً لم يجز الانحراف عنه إلى غيره.
وإن كان المعنى غير واضح، وجب تبين نية المتعاقدين.
فالعبرة في الفقه الإسلامي بالإرادة الظاهرة كما تستخلص من العبارات والصيغ التي استعملها المتعاقدان وفي هذا استقرار للتعامل وتحقيق للثقة المشروعة التي وضعها كل من المتعاقدين في الآخر عندما اطمأن إلى ما يمكن في عبارته من معان سائغة بخلاف الحال في الفقه الغربي وبخاصة في الفقه اللاتيني إذ العبرة بالإرادة الباطنة أما العبارة فهي دليل على الإرادة ولكنه دليل يقبل إثبات العكس فإذا كان هناك خلاف بين الإرادة والعبارة فالعبرة بالإرادة دون العبارة وهذا بخلاف الفقه الإسلامي وكذلك الفقه الجرمان إلى مدى يقرب من الفقه الإسلامي وكذلك الفقه فالعبارة هي التي يعتد بها ومنها وحدها تستخلص الإرادة.
ولا يقدح في ذلك قاعدة أن الأمور بمقاصدها أو أن " العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني " م 2 و 3 من المجلة ونحو ذلك فإن هذه القواعد لا تعني أنه يعتد بالإرادة الباطنة بل المقصود أن الذي يعتد به المقاصد والمعاني التي تستخلص من العبارات والصيغ المستعملة أو من دلائل موضوعية وعلامات مادية فلا تجاوز هذا البحث الموضوعي إلى بحث ذاتي تستشف به الضمير وتستكشف به خطايا النفوس .
يدعم هذا قواعد كلية ثلاث وردت في المجلة أوردها المشرع على الوجه السابق بيانه وهي :
1. الأصل في الكلام الحقيقة م 12 من المجلة فلا يجوز حمل اللفظ على المجاز إذا أمكن حمله على المعنى الحقيقي.
2. لا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح م 13 من المجلة فإذا تعارض المفهوم صراحة مع المفهوم ضمناً، قدم الأول على الثاني، لأن الدلالة المادية في الصريح أبلغ.
3. "دليل الشيء في الأمور الباطنة يقوم مقامه، يعني أن يحكم بالظاهر فيما يتعذر الاطلاع عليه" م 68 من المجلة فاستعمال الالة القاتلة دليل على نية القتل ويقول الأستاذ سليم باز في هذا الصدد" لقد ورد في شرح المجلة المادة الثانية أنه إذا تناول الملتقط اللقطة بنية ردها لصاحبها فلا يضمن لو ضاعت منه بدون تقصير، ولما كانت النية من الأمور الباطنة والاطلاع عليها متعذر، فيستدل عليها ببعض الدلائل الظاهرة كإعلان الملتقط أنه وجد لقطة " شرح سليم باز على المجلة ص 48 ويراجع أيضاً السيوطي الأشباه والنظائر ص 1111 13
القاعدة الثانية :
وهناك قاعدة أخرى جوهرية في تفسير العقد وهي : يفسر الشك في مصلحة المدين وهذا النص وإن كان مأخوذاً من الفقه الغربي إلا أنه يتفق كل الاتفاق مع قواعد تفسير العقد في الفقه الإسلامي .
فهناك قواعد كلية ثلاث أوردها ابن نجيم في الأشباه والنظائر تتضافر كلها على إقرار هذا المبدأ وهي :
1. اليقين لا يزول بالشك فإذا كان هناك شك في مديونية المدين، فاليقين أنه بريء الذمة ولا يزال هذا اليقين بالشك .
2. الأصل بقاء ما كان على ما كان وبراءة الذمة تسبق المديونية فتبقى براءة الذمة قائمة على ما كانت ولا تزول إلا بمديونية قامت على يقين، ويقول ابن نجيم في هذا الصدد: ومن فروع ذلك لو كان لزيد على عمرو ألف مثلاً فبرهن عمرو على الأداء أو الإبراء، الأشباه والنظائر، ابن نجيم ص 28 29 .
3. الأصل براءة الذمة فيفرض فيمن يدعي عليه بالدين أنه بريء الذمة حتى يقيم من يدّعي الدين الدليل القاطع على أنه له ديناً في ذمته، وإذا كان هناك شك في مديونية المدين استصحب براءة ذمته وفسر الشك في مصلحة ابن نجيم، الأشباه والنظائر ص 29 .
وقد أورد المشرع هذه القواعد من ضمن القواعد الأصولية الفقهية في الفصل الثاني من الباب التمهيدي .
وهاتان المادتان تقابلان المواد 239 240 أردني و 150 و 151 مصري و 151 و 152 سوري.
الفرع الخامس
انحلال العقد الإقالة
1 أحكام عامة
نظرة عامة :
يقصد بانحلال العقد زواله بعد أن انعقد صحيحاً نافذا وقبل أن يتم تنفيذه فلا يدخل في انقضاءه وهو زواله بعد تنفيذه ولا إبطاله وهو ما يرد على العقد في مرحلة الانعقاد ويكون اثره رجعياً بحيث يعتبر العقد كأن لم يكن أما الانحلال فقد يكون له أثر رجعي وقد لا يكون .
والحكم في الفقه الإسلامي أنه لا يجوز لأحد طرفي العقد أن يستبد بفسخ العقد بإرادته المنفردة ما لم يكن العقد غير لازم بالنسبة إليه، أما لطبيعة العقد نفسه كالوكالة والعارية والوديعة والقرض والشركة والهبة أو لاقترانه بخيار يعطي هذا العاقد حق الفسخ كخيار الشرط وخيار التعيين وخيار الرؤية وخيار العيب وخيار الوصف وخيار الغلط وخيار التدليس وخيار الغبن وخيار تفريق الصفقة .
والمقصود بالعقد فيما تقدم العقد الصحيح النافذ إذ العقد الباطل منعدم فلا يرد عليه فسخ، والعقد الفاسد واجب الرفع كما سبق والعقد غير النافذ موقوف على الإجازة : إن أجيز نفد، وإن لم يجز بطل.
إلا أنه مع ذلك ينحل العقد اللازم بالأسباب الآتية :
أ. بالتراضي
ب. بحكم القاضي .
ج. بقوة القانون .
وقد أقر المشرع الأصل العام في المادة 267 ثم تكلم عن الإقالة في المواد من 268 إلى 270 وعلى الاتفاق على انفساخ العقد في المادة 271 وعلى الفسخ بالقضاء في المادة 272 وعلى الانفساخ بقوة القانون في المادة 273 وعلى اثر الانحلال في المادتين 274 و 275 .
المادة 267
إذا كان العقد صحيحاً لازما فلا يجوز لأحد المتعاقدين الرجوع فيه ولا تعديله ولا فسخه إلا بالتراضي أو التقاضي أو بمقتضى نص في القانون.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة تتناول القاعدة العامة وهي أنه لا يجوز لأحد طرفي العقد أن يستقل بالرجوع عن العقد ولا تعديله ولا فسخه إلا برضاء العاقد الآخر أو بمقتضى نص في القانون وهذا إذا كان العقد صحيحاً لازماً ويلاحظ أن العقد يكون لازماً بالنسبة لأحد الطرفين غير لازم بالنسبة إلى الطرف الآخر، كأن يقترن البيع بخيار الشرط لأحد العاقدين دون الآخر أو بخيار الرؤية للمشتري ففي هذه الحالة لا يجوز لمن كان العقد لازماً في حقه أن يفسخ العقد ويجوز ذلك لمن كان العقد غير لازم بالنسبة إليه.
ولا يدخل في نطاق هذا النص العقد الباطل، لأنه معدوم فلا يرد عليه الفسخ أو التعديل أو الرجوع لأن ذلك لا يرد إلا على عقد قائم، ولا العقد الفاسد لأنه واجب الرفع، كما لا يدخل في العقد غير النافذ إذ أنه موقوف على إجازة من له حق في الإجازة فإن أجيز نفذ وإن لم يجز بطل وأما بالنسبة إلى الطرف الآخر فإما أن يكون لازماً أو قابلاً للفسخ على تفصيل سبق في العقد الموقوف الكاساني 5 306 ، وابن نجيم الأشباه والنظائر ص 185 .
ويلاحظ أن الحكم العام في القانون الألماني كالحكم العام سابق البيان، يراجع سالي، الالتزامات ف 171 ص 196 وتراجع المادة 306 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 241 أردني و 147 مصري و 148 سوري و 146 عراقي.
المادة 268
للمتعاقدين أن يتقابلا العقد برضاهما بعد انعقاده.
المذكرة الإيضاحية :
الإقالة جائزة :
1. لقوله صلى الله عليه وسلم "من أقال نادماً أقال الله عثرته يوم القيامة " .
2. ولإجماع المسلمين .
3. ولأن العقد حقهما فيملكان رفعه دفعاً لحاجتهما.
الهداية وشروحها 6 486 أول باب الإقالة من كتاب البيوع وتراجع المادتان 190 و 1159 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهذه المادة تقابل المادتين 242 أردني و 181 عراقي .
المادة 269
الإقالة في حق المتعاقدين فسخ وفي حق الغير عقد جديد.
المذكرة الإيضاحية :
اختلف في ماهية الإقالة في البيع :
فقال أبو حنيفة رحمه الله : الإقالة فسخ في حق العاقدين، بيع جيد في حق ثالث سواء قبل القبض أو بعده .
وروي عن أبي حنيفة أنها فسخ قبل القبض بيع بعده.
وقال أبو يوسف أنها بيع جديد في حق العاقدين وغيرهما إلا أن لا يمكن أن تجعل بيعاً فتجعل فسخاً وروي عنه أنها بيع على كل حال.
وقال محمد : أنها فسخ الا أن لا يمكن جعلها فسخاً فتجعل بيعاً للضرورة وقال زفر أنها فسخ في حق الناس كافة.
وثمرة الخلاف تظهر في البيع : إذا تقابلا ولم يسميا الثمن الأول أو سميا زيادة عن الثمن الأول أو نقص من الثمن الأول أو سميا جنساً آخر سوى جنس الأول قل أو كثر أو أجلاً الثمن الأول .
وفي قول أبي حنيفة رحمه الله الإقالة على الثمن الأول وتسمية الزيادة والنقصان والأجل والجنس الآخر باطلة سواء أكانت الإقالة قبل القبض أم بعده والمبيع منقول أو غير منقول لأنها فسخ في حق العاقدين والفسخ رفع العقد والعقد وقع بالثمن الأول فيكون فسخه بالثمن الأول ضرورة لأنه فسخ لذلك العقد وحكم الفسخ لا يختلف بين ما قبل القبض وبين ما بعده وبين المنقول وغير المنقول وتبطل تسمية الزيادة والنقصان والجنس الآخر والأجل وتبقى الإقالة صحيحة لأن إطلاق تسمية هذه الأشياء لا يؤثر في الإقالة لأن الإقالة لا تبطلها الشروط الفاسدة، وبخلاف البيع لأن الشرط الفاسد إنما يؤثر في البيع لأنه يمكن الربا فيه والإقالة رفع البيع فلا يتصور تمكن الربا فيه فهو الفرق بينهما .
وفي قول أبي يوسف إن كان بعد القبض فالإقالة على ما سميا لأنها بيع جديد كأنه باعه فيه ابتداء وان كان قبل القبض والمبيع عقاراً فذلك لأنه يمكن جعله بيعا لأن بيع العقار قبل القبض جائز عنده، وإن كان منقولاً فالإقالة فسخ لأنه لا يمكن جعلها بيعاً لأن بيع المبيع المنقول قبل القبض لا يجوز .
وروي عن أبي يوسف أن الإقالة بيع على كل حال فكل ما لا يجوز بيعه لا تجوز إقالته فعلى هذه الرواية لا تجوز الإقالة عنه في المنقول قبل القبض لأنه لا يجوز بيعه.
وعند محمد إن كان قبل القبض فالإقالة تكون على الثمن الأول وتبطل تسمية الزيادة على الثمن الأول والجنس الآخر والنقصان والأجل لأنها تكون فسخاً كما قاله أبو حنيفة رحمه الله لأنه لا يمكن جعلها قبل القبض بيعاً لأن بيع المبيع قبل القبض لا يجوز عنده منقولاً كان أو عقاراً .
وإن كان بعد القبض .
فإن تقايلا من غير تسمية الثمن أصلاً أو سميا الثمن الأول من غير زيادة ولا نقصان أو بنقصان عن الثمن الأول فالإقالة على الثمن الأول وتبطل تسمية النقصان وتكون فسخاً أيضاً فتجعل فسخاً وإن تقايلا وسميا زيادة على الثمن الأول أو على جنس آخر سوى جنس الثمن الأول قل أو كثر فالإقالة على ما سميا ويكون بيعاً عنده لأنه لا يمكن جعلها فسخاً ههنا لأن من شأن الفسخ أن يكون بالثمن الأول وإن لم يكن جعلها فسخاً تجعل بيعاً اسمياً.
وهذا بخلاف ما إذا تقابلا على أنقص من الثمن الأول : إن الإقالة تكون بالثمن الأول عنده وتجعل فسخاً ولا تجعل بيعاً عنده لأن هذا سكوت عن نقص الثمن وذلك نقص الثمن والسكوت عن النقص لا يكون أعلى من السكوت عن الثمن الأول وهناك يجعل فسخاً لا بيعاً فههنا أولى. الكاساني 5 : 306 310 .
وقد رؤي الأخذ بقول الإمام أبي حنيفة بأنها فسخ في حق العاقدين بيع جديد في حق ثالث سواء قبل القبض أو بعده ففي ذلك نزول على الواقع بين الطرفين من ناحية وحماية الغير من ناحية أخرى ويراجع رد المحتار باب الإقالة ج 4 / صفحة 146 وما بعدها.
وهذه المادة تقابل المادتين 243 أردني و 183 عراقي.
المادة 270
تتم الإقالة بالإيجاب والقبول في المجلس وبالتعاطي بشرط أن يكون المعقود عليه قائما وموجودا في يد المتعاقد وقت الإقالة ولو تلف بعضه صحت الإقالة في الباقي بقدر حصته من العوض.
المذكرة الإيضاحية :
ركن الإقالة الإيجاب من أحد العاقدين والقبول من الآخر، فإذا وجد الإيجاب من أحدهما والقبول من الآخر بلفظ يدل عليهما فقد تم الركن.
ولا خلاف في أنها تنعقد بلفظين من يعبر بهما عن الماضي بأن يقول أحدهما للآخر أقلتك ويقول الآخر قبلت .
وهل تنعقد بلفظين يعبر أحدهما عن الماضي والآخر عن المستقبل ؟ بأن قال أحدهما للآخر " أقلني " فيقول الآخر له " أقلتك "
قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله : تنعقد كما في النكاح . وقال محمد : لا تنعقد إلا بلفظين يعبر بهما عن الماضي كما في البيع.
وبقول أبي حنيفة وأبي يوسف أخذ المشرع.
ويشترط لصحتها :
1. رضا المتقايلين سواء في البيع على أصل أبي يوسف بأنها بيع مطلق والرضا شرط صحة البياعات كلها أو على أصل أبي حنيفة ومحمد وزفر بأنها فسخ لعقد والعقد لا ينعقد على الصحة إلا بتراضيهما فكذا لا يوقع إلا بتراضيهما.
2. اتحاد المجلس.
3. قيام المبيع وقت الإقالة فإن كان هالكا وقت الإقالة لم تصح وأما قيام الثمن وقت الإقالة فلا يشترط.
4. أن يكون المبيع بمحل الفسخ بسائر أسباب الفسخ عند أبي حنيفة وزفر كالرد بخيار الشرط والرؤية والبيع فإن لم يكن بأن ازداد زيادة تمنع الفسخ بهذه الأسباب لا تصح الإقالة عندهما وعند أبي يوسف ومحمد هذا ليس بشرط.
أما على أصل أبي يوسف فلأنها بعد القبض بيع معلق وهو بعد الزيادة محتمل البيع فيبقى محتملاً للإقالة وأما على أصل محمد فأنها وإن كانت فسخاً لكن عند الإمكان والإمكان هنا لان لو جعلناها فسخاً لم يصح ولو جعلناها بيعاً لصحت وجعلت بيعاً لضرورة الصحة فبهذا اتفق جواب محمد مع جواب أبي يوسف في هذا.
وقد رؤي في القانون اشتراط الشرط أخذاً برأي أبي حنيفة أيضاً ليتوافر الاتفاق مع ما أخذ به المشرع في المادة السابقة من تكييف الإقالة .
تراجع المواد من 191 195 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادتين 244 أردني و 182 عراقي.
المادة 271
يجوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه وهذا الاتفاق لا يعفي من الإعذار إلا إذا اتفق المتعاقدان صراحة على الإعفاء منه.
المادة 272
1. في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بما وجب عليه بالعقد جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه.
2. ويجوز للقاضي أن يلزم المدين بالتنفيذ للحال أو ينظره إلى أجل مسمى وله أن يحكم بالفسخ وبالتعويض في كل حال إن كان له مقتضى .
المذكرة الإيضاحية :
يفترض الفسخ وجود عقد ملزم للجانبين يتخاذل فيه أحد العاقدين عن الوفاء بالتزامه فيطلب الآخر فسخه ويقع الفسخ بناء على حكم يقضي به أو بتراضي العاقدين أو بحكم القانون وبذلك يكون الفسخ قضائياً أو اتفاقياً أو قانونياً على حسب الأحوال.
ففي حالة الفسخ القضائي يتخلف أحد العاقدين عن الوفاء بالتزامه رغم أن الوفاء لا يزال ممكناً ويكون العاقد الآخر بالخيار: بين المطالبة بتنفيذ العقد وبين طلب الفسخ على أن يكون قد أعذر المدين من قبل.
فإذا اختار الدائن تنفيذ العقد وطلبه وهو يدخل في حدود الإمكان، كما هو الفرض، تعين أن يستجيب القاضي لهذا الطلب وجاز له أن يحكم بالتعويض إذا اقتضى الحال ذلك أما اذا اختار الفسخ فلا يجبر القاضي على إجابته بل يجوز له أن ينظر المدين إلى مسيرة إذا طلب النظرة، مع إلزامه بالتعويض عند الاقتضاء بل ويجوز أن يقضي بذلك من تلقاء نفسه، وله كذلك، ولو كان التنفيذ جزئياً أن يقتصر على تعويض الدائن عما تخلف المدين عن تنفيذه، إذا كان ما تم تنفيذه هو الجزء الأهم في الالتزام على أن للقاضي أن يجيب الدائن إلى طلبه ويقضي بفسخ العقد مع إلزام المدين بالتعويض دائماً، إن كان ثمة محل لذلك، ولا يكون التعاقد ذاته في حالة الفسخ أساساً للالتزام بالتعويض إذ هو ينعدم انعداماً يستند أثره بفعل الفسخ، وإنما يكون مصدر الإلزام، في هذه الحالة، خطأ المدين أو تقصيره، على أن القاضي لا يحكم بالفسخ إلا بتوافر شروط ثلاثة : أولها: أن يظل تنفيذ العقد ممكناً . والثاني : أن يطلب الدائن فسخ العقد دون تنفيذه. والثالث : أن يبقى المدين على تخلفه، فيكون من ذلك مبرر للقضاء بالفسخ.
فإذا اجتمعت هذه الشروط تحقق بذلك ما ينسب إلى المدين من خطأ أو تقصير.
أما الفسخ الاتفاقي فيفترض اتفاق المتعاقدين على وقوع الفسخ بحكم القانون دون حاجة إلى حكم قضائي، عند التخلف عن الوفاء، ويفضي مثل هذا الاتفاق إلى حرمان العاقد من ضمانتين :
أ- فالعقد يفسخ حتمياً دون أن يكون لهذا العاقد، بل ولا للقاضي خيار بين الفسخ والتنفيذ و إنما يبقى الخيار للدائن بداهة فيكون له أن يرغب عن الفسخ ويصر على التنفيذ.
ب. ويقع الفسخ بحكم الاتفاق دون حاجة للتقاضي على أن ذلك لا يقبل الدائن من ضرورة الترافع إلى القضاء عند منازعة المدين في واقعة تنفيذ العقد بيد أن مهمة القاضي تقتصر، في هذه الحالة على التثبت من هذه الواقعة فإذا تحققت لديه صحتها أبقى على العقد، وإلا قضى بالفسخ على أن حرمان المدين من هاتين الضمانتين لا يسقط عنه ضمانة أخرى تتمثل في ضرورة الإعذار، ما لم يتفق المتعاقدان صراحة على عدم لزوم هذا الإجراء أيضاً.
يبقى بعد ذلك أمر الفسخ القانوني وهو يقع عند انقضاء الالتزام على أثر استحالة تنفيذه فانقضاء هذا الالتزام يستتبع انقضاء الالتزام المقابل له لتخلف المقصد منه ولهذه العلة ينفسخ العقد من تلقاء نفسه أو بحكم القانون بغير حاجة إلى التقاضي بل وبغير إعذار متى وضحت استحالة التنفيذ وضوحاً كافياً على أن الترافع إلى القضاء قد يكون ضرورياً عند منازعة الدائن أو المدين في وقوع الفسخ بيد أن موقف القاضي في هذه الحالة يقتصر على الاستيثاق من أن التنفيذ قد أصبح مستحيلاً فإذا تحقق من ذلك يثبت وقوع الفسخ بحكم القانون، ثم يقضي بالتعويض أو يرفض القضاء به تبعاً لما إذا كانت هذه الاستحالة راجعة إلى خطأ المدين أو تقصيره إلى سبب أجنبي لا يد له فيه.
ويترتب على الفسخ قضائياً كان أو اتفاقياً أو قانونياً انعدام العقد انعداماً يستنفد أثره فيعتبر كأن لم يكن، وبهذا يعود المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فيرد كل منهما ما تسلم بمقتضى هذا العقد، بعد أن تم فسخه، وإذا أصبح الرد مستحيلاً وجب التعويض على الملتزم وفقاً للأحكام الخاصة بدفع غير المستحق.
تراجع المادتان 82 و 83 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 245 و 246 أردني و 157 و158 مصري و 158 و 159 سوري و 177 و 178 عراقي.
المادة 273
1. في العقود الملزمة للجانبين إذا طرأت قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً انقضى الالتزام المقابل له وانفسخ العقد من تلقاء نفسه.
2. وإذا كانت الاستحالة جزئية انقضى ما يقابل الجزء المستحيل وينطبق هذا الحكم على الاستحالة الوقتية في العقود المستمرة وفي هاتين الحالتين يجوز للدائن فسخ العقد بشرط علم المدين.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة استحالة تنفيذ احد الالتزامات المتقابلة في العقود الملزمة للجانبين بقوة قاهرة بآفة سماوية سواء وردت هذه العقود على الملكية كالبيع أو وردت على المنفعة كالإجارة أو كان العقد شركة ففي هذه الحالة ينقضي الالتزام الذي استحال لأنه التزم بمستحيل وينقضي الالتزام المقابل له لارتباطه به، ففي البيع مثلاً إذا هلك المبيع في يد البائع قبيل التسليم فاستحال على البائع الوفاء بالتزامه بالتسليم سقط عنه هذا الالتزام لاستحالته ولكن من باب المقابلة يسقط عن المشتري الإلزام المقابل وهو الالتزام بدفع الثمن. فإذا كانت الاستحالة كلية أو أصبح تنفيذ الالتزام كله مستحيلاً بأن هلك المبيع كله قبل التسليم سقط الالتزام المقابل بجملته فيسقط الثمن كله عن المشتري .
وإذا كانت الاستحالة جزئية بأن هلك بعض المبيع في يد البائع قبل تسليمه للمشتري سقط من الالتزام المقابل وهو الالتزام بدفع الثمن أو ما يقابله، فإذا هلك نصف المبيع مثلاً في يد البائع قبل التسليم سقط عن المشتري نصف الثمن، ويفرق الحنفية في هذا بين ما إذا كان الهلاك قدر وبين ما إذا كان هلاك وصف ففي نقصان القدر يسقط عن المشتري من الثمن بنسبة الهالك، لأن كل جزء في المقدرات يقابله جزء من الثمن أما إذا كان الهلاك وصف فلا يسقط شيء من الثمن لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن ولكن يكون للمشتري حق الفسخ لفوات الوصف، فإن لم يفسخ وجب عليه الثمن كله.
وإذا كانت الاستحالة وقتية كأرض مستأجرة غشيها الماء فلم تصلح للزراعة مدة ما سقط عن المستأجر من الأجرة ما يستحق في هذه المدة ولكن لا ينفسخ العقد من تلقاء نفسه وإنما يكون قابلاً للفسخ فإن فسخه المستأجر انقضى العقد وإن لم يفسخه بقي.
وفي حالة الاستحالة الجزئية والوقتية يجوز للدائن أن يفسخ العقد ولكن الفسخ هنا لا يقع إلا بإعلان إرادة الدائن إلى المدين أي إخباره ولكن دون حاجة إلى التراضي أو التقاضي، والمقصود بالدائن والمدين هنا الدائن والمدين بالالتزام المستحيل أما الانفساخ فيقع بقوة القانون أي دون حاجة إلى تراض أو تقاض أو إخبار.
وانفساخ العقد أو فسخه يرجع أثره إلى الماضي حتى إن العقد المنفسخ أو المفسوخ يعتبر كأن لم يكن، وهذا إذا كان العقد منشئاً لالتزام فوري كالبيع أما إذا كان منشئاً لالتزام متتابع كالإجارة فإنه ليس للانفساخ ولا للفسخ أثره في الماضي بل أن أثرهما مقصوراً على المستقبل.
راجع المذكرة الإيضاحية للمادة السابقة.
وهذه المادة تقابل المواد 247 أردني و 159 مصري و 160 سوري و 179 و 180 عراقي.
2 آثار انحلال العقد
المادة 274
إذا انفسخ العقد أو فسخ أعيد المتعاقدان الى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فإذا استحال ذلك يحكم بالتعويض.
المذكرة الإيضاحية :
تراجع المذكرة الإيضاحية للمادة 272
وهذه المادة تقابل المواد 248 أردني و 160 مصري و 161 سوري و 180 عراقي.
المادة 275
إذا انحل العقد بسبب البطلان أو الفسخ أو بأي سبب آخر وتعين على كل من المتعاقدين أن يرد ما استولى عليه جاز لكل منهما أن يحبس ما أخذه ما دام المتعاقد الآخر لم يرد إليه ما تسلمه منه أو يقدم ضمانا لهذا الرد.
المذكرة الإيضاحية :
تنطبق الأحكام الخاصة بحق الحبس في أحوال انحلال العقود الملزمة للجانبين لسبب من أسباب البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الإقالة، ذلك أن انحلال العقد يوجب على كل من المتعاقدين رد ما أدى إليه فيجوز لكل منهما أن يحبس ما استوفاه ما دام المتعاقد الآخر لم يرد إليه ما تسلمه منه أو لم يقدم تأميناً لضمان ذلك فلا يجوز مثلاً للبائع إذا استعمل حقه في الاسترداد وانفسخ البيع بذلك أن يسترد الشيء المبيع إلا بعد أن يؤدي للمشتري ما هو مستحق له وفقاً للأحكام الخاصة بذلك.
وهذه المادة تقابل المادة 249 أردني.
الفصل الثاني
التصرف الانفرادي
نظرة عامة :
اختلفت القوانين في مدى قدرة الإرادة المنفردة على إنشاء التزام: هل تعتبر مصدراً عاماً للالتزام أم لا ؟
فالمشرع الفرنسي والإيطالي قررا المبدأ العام وهو أن الإرادة المنفردة قادرة على إنشاء الالتزام إذ نصت أحكامها على أن الإرادة المنفردة إذا كانت مكتوبة واقترنت بأجل محدد تلزم صاحبها بمجرد وصولها إلى علم من توجهت إليه ولم يرفضها وتنطبق على الإرادة المنفردة القواعد التي تنطبق على العقد عدا القواعد المتعلقة بضرورة توافق الإرادتين لإنشاء الالتزامات.
والتشريع الألماني لم يأخذ كقاعدة عامة بقدرة الإرادة المنفردة على إنشاء الالتزام وإنما أخذ بها على سبيل الاستثناء حيث يوجد نص بذلك.
أما التشريع المصري فكان قد أخذ في المشروع التمهيدي كمبدأ عام بقدرة الإرادة المنفردة على إنشاء الالتزام إذ نص في المادة 228 منه على ما يأتي :
1. إذا كان الوعد الصادر من جانب واحد مكتوباً وكان لمدة معينة، فإن هذا الوعد يلزم صاحبه من الوقت الذي يصل فيه إلى علم من وجه إليه ما دام هذا لم يرفضه .
2. وتسري على هذا الوعد الأحكام الخاصة بالعقود، إلا ما تعلق منها بضرورة وجود إرادتين متطابقتين لإنشاء الالتزام.
3. ويبقى الإيجاب في العقود خاضعاً للأحكام الخاصة به ويسري حكم المادة التالية على كل وعد بجائزة يوجه إلى الجمهور .
ولكن لجنة المراجعة حذفت هذا النص وكان حذفه عدولاً عن وضعه قاعدة عامة تجعل الإرادة المنفردة ملزمة واكتفت بالحالات المنصوص عليها في القانون التي تنشئ فيها الإرادة المنفردة التزاماً وهي حالات واردة على سبيل الاستثناء ومن أمثلة هذه الحالات الإيجاب الملزم م 93 مصري والوعد بجائزة الموجه للجمهور م 162 مصري وإنشاء المؤسسات م 70 / 1 مصري وتطهير العقار المرهون رهناً رسمياً م 1066 مصري.
ويلاحظ أن للإرادة المنفردة في القانون آثاراً قانونية أخرى غير إنشاء الالتزام فقد تنشئ الحق الشخصي في حالات خاصة م 162 مدني مصري.
وقد تكون سبباً لكسب الحقوق العينية كالوصية .
وقد تكون سبباً لسقوطها كالتنازل عن حق ارتفاق أو حق رهن وقد تثبت حقاً شخصياً ناشئاً عن عقد قابل للإبطال كالإجازة .
وقد تجعل عقداً يسري على الغير كالإقرار .
وقد تنهي رابطة عقدية كعزل الوكيل أو نزوله عن الوكالة.
وقد تسقط الحق الشخصي كالإبراء م 371 مدني مصري.
أما في الفقه الإسلامي فللإرادة المنفردة مجال كبير إذ تكفي الإرادة المنفردة لإنشاء كثير من التصرفات أهمها الطلاق والتفويض فيه الرجعة الإيلاء الظهار الإعتاق التدبير الوقف الجعالة الهبة العمري والرقبة على رأي الهدية الصدقة الوصية وقبولها والرجوع فيها وردها الإيصاء العارية والقرض والكفالة وردها والرهن على القول بأنها تصرفات انفرادية إسقاط الشفعة الإباحة أو التحليل الإسقاط الإبراء النذر الوعد التزام المعروف الاستصناع على القول بأنه وعد اليمين لتقوية عزم الحالف على عمل شيء التملك باستعمال حق التملك الإيجاب الرجوع عن الإيجاب رد الإيجاب القبول أذن الصبي والعبد في التجارة عزل الوكيل الحجر على العبد المأذون استعمال حق الخيار وإسقاطه فسخ العقد غير اللازم إجازة العقد الموقوف .
يضاف إليها الإقرار والإن كار واليمين كوسيلة للإثبات على ما ذكر الكاساني من أن الأخبار تصرف شرعي أيضاً. الكاساني 7 : 182
وهذه التصرفات الانفرادية أنواع مختلفة.
فمنها ما يكون الغرض منه تمليك مال، أو تمليك منفعة عين من الأعيان كما في الوصية أو تمليك حق كما في التفويض في الطلاق أو حبس عين لدى الدائنين كما في الرهن.
ومنها ما يكون الغرض منه إنهاء عقد وذلك في قيام أحد العاقدين بإنهاء عقد غير لازم أو إنقاذ عقد وإمضائه كما في إجازة العقد الموقوف.
ومنها ما يكون الغرض منه إسقاط حق كما في إسقاط حق الشفعة.
فهذه التصرفات إما تبرعات أو إسقاطات أو إطلاقات أو تقييدات أو تأمينات أو إباحات وبطريقة أخرى هذه التصرفات إما ترد على مال ملكية أو منفعة أو على حق أو على تصرف.
ومن هذه الأنواع ما يكون له شبهان وفيما يلي بيانها باختصار:
أ. التصرفات التي ترد على المال التمليكات وكلها بدون عوض وهي إما أن يقصد بها التمليك أو التملك بدون عوض.
1. فالمقصود بها التمليك تمليك العين أو المنفعة أو الانتفاع هي الوصية الوقف الصدقة الإباحة الإبراء وعلى بعض الأقوال الهبة والعمري والرقبي والعارية والقرض.
2. والمقصود بها التملك هي التملك باستعمال حق التملك ومن أمثلته تملك أحد الشريكين أو الشركاء في الدين المشترك حصته فيما يقبضه أحد الشركاء من هذا الدين فإن ما يقبضه عندئذ ملك له خاصة ولا يعد فيه وكيلاً عن صاحبه إذا لم يوكله في القبض ولذا يملكه بقبضه ومع ذلك يكون لشريكه أن يشاركه فيما قبض بنسبة حصته في الدين فيملك منه بقدر ذلك بإرادته المنفردة رغما عن شريكه القابض وتملك الوارث لتركه مدينه المستغرقة بالدين بإرادته المنفردة وفي ما عليها من دين من ماله القبول في البيع قبول الموصي له بعد وفاة الموصي مصراً على وصيته حق الواهب أن يرجع في هبته فيعود إليه ما وهب.
ب. التصرفات التي ترد على حق بإطلاقه أو تقييده أو إسقاطه أو إثباته على القول بأن الإخبار تصرف.
1. قد ترد على حق بإطلاقه الإطلاقات أي إطلاق الحق في التصرف مثل الإيصاء الإذن للصبي في التجارة التفويض في الطلاق.
2. وقد ترد على حق بتقييده التقييدات مثل عزل الوكيل الحجر على العبد المأذون الرجعة.
3. وقد ترد على حق بإسقاطه إسقاطاً محضاً الإسقاطات مثل :الطلاق إسقاط الحقوق الشخصية بما فيها الديون إسقاط الشفعة تسليم الشفعة إسقاط حق الخيار الإبراء الوقف .
4. وقد ترد على حق لضمان استيفائه مثل الإذن في حبس العين، أما الرهن والكفالة فعقدان على الراجح.
5. وقد ترد على حق بإثباته، على القول بأن الأخبار تصرف مثل الإقرار والإنكار واليمين.
ج. التصرفات التي ترد على تصرف سابق أو لاحق.
1. التي ترد على تصرف سابق : قد ترد عليه :
بالتصحيح أو الإمضاء أو الإتمام : إجازة العقد الموقوف وقبول الإيجاب بالوفاء به : كتسليم المبيع أو دفع الثمن.
بالإنهاء أو الإبطال : كالطلاق يرد على الزواج والفسخ بخيار يرد على المبيع مثلاً وفسخ الإجارة بعذر والرجوع عن الإيجاب ورد الإيجاب والرجوع في الوصية والهبة.
2. التي ترد على تصرف لاحق : مثل الإيجاب الإذن للصبي في التصرف الوعد على القول بإلزامه.
وفي الفقه الإسلامي كما في القانون على ما تقدم قد تحدث الإرادة المنفردة آثاراً أخرى غير إنشاء الحق.
فتارة تكون سبباً لكسب الملكية كالوصية.
وتارة تكون إسقاطاً كالإبراء والوقف.
ونذكر إلى جانب ذلك إجازة العقد، وإقراره من الغير، واستعمال خيار من الخيارات المعروفة وعزل الوكيل وإجازة الوصية.
كل هذه وغيرها إرادة منفردة تحدث أثاراً قانونية مختلفة كل إرادة بحسب ما تقصد إليه .
3. وقد تبع المشرع في الإرادة المنفردة أحكام الفقه الإسلامي غير ملتزم مذهباً معيناً وسلك النهج الآتي :
أ. استبعاد المسائل الخاصة بالرقيق كالإعتاق والتدبير والإذن للعبد في التجارة والحجر عليه.
ب. عدم التعرض للتصرفات الداخلة في نطاق ما يسمى بالأحوال الشخصية لاقتصار هذا القانون على المعاوضات المالية .
ج. تناول التصرف الانفرادي بوجه عام : هل تكفي الإرادة المنفردة قاعدة عامة لإنهاء تصرف أم أن ذلك محصور في حالات خاصة بينتها النصوص.
د. الإحالة على ما سبق في العقد فيما يتعلق بالأحكام المشتركة بين التصرف الانفرادي والعقد فيدخل في هذه الإحالة إعلان الإرادة والنيابة والأهلية والمقصد والجزاء على تخلف الركن أو الشرط ويخرج عنها ما كان خاصاً بالعقد من وجود توفر إرادتين متطابقتين لإنشاء العقد.
هـ. ترك الكلام تفصيلاً على كل تصرف من التصرفات الانفرادية إلى موضعه من التقنين مثل الوقف الوصية وقبولهما والرجوع فيهما تسليم الشفعة الإيجاب والرجوع فيه القبول إجازة العقد الموقوف فسخ العقد استعمال الخيار وإسقاطه رد الكفالة عزل الوكيل ..... إلخ.
المادة 276
يجوز أن يتم التصرف بالإرادة المنفردة للمتصرف دون توقف على قبول المتصرف إليه ما لم يكن فيه إلزام الغير بشيء طبقا لما يقضي به القانون كل ذلك ما لم ينص القانون على خلافه.
المذكرة الإيضاحية :
الظاهر في الفقه الإسلامي أن المرجع في اشتراط إرادتين متقابلتين أو الاكتفاء بإرادة واحدة لإنشاء التصرف هو ما إذا كان التصرف من المعاوضات أو من التبرعات.
فإن كان معاوضة ابتداء وانتهاء كالبيع والإجارة فلا يتم إلا بالإيجاب والقبول من الطرفين وإن كان تبرعاً ابتداء ومعاوضة انتهاء كالكفالة والقرض ففيه خلاف والراجح أن الركن هو الإيجاب والقبول.
وإن كان تبرعاً ابتداء وانتهاء كالهبة والعارية فالراجح أن الركن الإيجاب فقط والقبول غير لازم.
فالتصرف في الفقه الإسلامي يتم بإيجاب وقبول إذا كان من شأنه أن يرتب التزاماً في جانب كل من الطرفين ولو انتهاء أما التصرف الذي يرتب التزاماً في جانب أحد الطرفين دون الآخر فيتم بإيجاب الطرف الملتزم ورده فكأن الالتزام يكفي في إنشائه إرادة الملتزم وحدها، وكأن العقد نفسه، وهو إيجاب وقبول، يقوم التزام كل طرف فيه على إرادته دون اعتبار لإرادة الطرف الآخر، وعلى ذلك يمكن القول بأن الأصل في التصرفات في الفقه الإسلامي هو الإرادة المنفردة لا العقد.
وهذه المادة تتناول المبدأ العام فتقرر انعقاد التصرف بالإرادة المنفردة، ما دام لا يلزم غير المتصرف وهي تتناول التصرف من حيث انعقاده كل ذلك ما لم ينص القانون عل خلافه.
وهذه المادة تقابل المادة 250 أردني .
المادة 277
تسري على التصرف الانفرادي الأحكام الخاصة بالعقود إلا ما تعلق منها بضرورة وجود إرادتين متطابقتين لإنشاء العقد ما لم ينص القانون على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
متى تقرر مبدأ انعقاد التصرف بمجرد الإرادة المنفردة تعين سريان أحكام العقود عليه ويترتب على ذلك وجوب توافر أهلية التعاقد في الملتزم وخلو إرادته مما يشوب الرضا من عيوب وقيام التزامه على محل ومقصد أي سبب باصطلاح القانون تتوافر فيها الشروط اللازمة ويستثنى من هذه الأحكام بداهة ما يتعلق بضرورة توافق الإرادتين ما دامت الإرادة المنفردة هي مصدر الالتزام.
وهذه المادة تقابل المادتين 251 أردني و 184 عراقي.
المادة 278
إذا استوفى التصرف الانفرادي ركنه وشروطه فلا يجوز للمتصرف الرجوع فيه ما لم ينص القانون على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
التصرف الصادر من جانب واحد يمتاز بانعقاده بإرادة واحد دون حاجة إلى القبول وهذا ما يفرقه عن العقد فالعقد لا يتم إلا بالإيجاب وقبول و التصرف الانفرادي يتم بإرادة واحدة .
ومن الأهمية بم كان تبين ما إذا كان يقصد بالتعبير عن الإرادة إلى ارتباط بوعد من جانب واحد أم إلى مجرد الإيجاب فمن المعلوم أن الإيجاب وإن كانت له قوة في الإلزام من حيث جواز العدول عنه إلا أنه لا بد أن يقترن به القبول حتى ينعقد العقد وينشأ الالتزام الذي يراد ترتيبه بالعقد.
ويفترض عند الشك في مرمى التعبير عن الإرادة أنه قصد به إلى مجرد الإيجاب ويقع عبء إثبات قيام الوعد الصادر من جانب واحد على عاتق الدائن الذي يدعي ذلك.
وهذه المادة تقابل المادة 252 أردني .
المادة 279
1. إذا كان التصرف الانفرادي تمليكا فلا يثبت حكمه للمتصرف إليه إلا بقبوله.
2. وإذا كان إسقاطا فيه معنى التمليك أو كان إبراء من دين فيثبت حكمه للمتصرف إليه ولكن يرتد برده في المجلس.
3. وإذا كان إسقاطا محضا فيثبت حكمه للمتصرف إليه ولا يرتد بالرد.
4. كل ذلك ما لم ينص القانون على خلافه.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة حكم التصرف الانفرادي، والتصرف الانفرادي إما إثبات أو إسقاط.
فالإثبات يقصد به إثبات حق لآخر كالهبة استحساناً إذ الهبة في الاستحسان ركنها الإيجاب من الواهب فقط فأما القبول من الموهوب فليس بركن والصدقة والوصية .
والإسقاط يقصد به إنهاء حق لا إلى مالك وذلك بإزالته إزالة تامة وتلاشيه نهائياً كإسقاط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة وإسقاط حق الخيار .
فإذا كان التصرف تمليكاً فلا يثبت حكمه للمتصرف إليه إلا بقبوله لأنه لا يجوز تمليك شخص شيئاً بغير قبوله.
وإذا كان التصرف إسقاط فإن الحق يتلاشى نهائياً بالإرادة المنفردة دون حاجة إلى قبول ولا يرتد بالرد ولا يصح الرجوع فيه لأن أثره السقوط والساقط لا يعود .
وهناك من التصرفات ما فيه الشبهان : شبه بالإسقاط وشبه بالتمليك كهبة الدين للمدين عند الجمهور والإبراء من الدين فلشبهه بالإسقاط لا يتوقف حكمه على القبول ولا يقبل والأمر يحتاج بالنسبة للإسقاط والإبراء إلى التفصيل الآتي :
الإسقاط :
الإسقاط هو الإنهاء لا إلى مالك آخر أي بإزالته إزالة تامة وتلاشيه نهائياً ومثاله إسقاط الشفيع في حقه في الأخذ بالشفعة.
فالنقل لا يكون إسقاطاً لأن الإسقاط يكون بالإنهاء فإذا أجر المستأجر العين المستأجرة لغيره لا يعتبر مسقطاً حقه وإنما يكون مملكاً له.
لذلك فالإسقاط لا يرد على الأعيان فالأعيان لا تتلاشى بقبول يصدر من مالكها وإنما يرد على الحقوق لأنها هي التي تتلاشى فيرد على حق الملكية وحق الرهن وحقوق الارتفاق وحق الحبس .
ومن صور الإسقاط الطلاق المجرد عن العوض بخلاف الطلاق على مال فهو معاوضة.
والإسقاط لا يكون إلا في الحقوق الموجودة فعلاً فهي التي تقبل الزوال والإنتهاء أما الحقوق قبل وجودها فلا تقبل الإسقاط لأن إسقاط الساقط محال فإسقاط الحق قبل وجوده باطل لا أثر له.
وعلى ذلك فإذا أسقط الشفيع حقه قبل تمام البيع الذي يترتب عليه هذا الحق فإنه لا يسقط وكذلك الإبراء من الدين قبل وجوده.
وهل يتم الإسقاط بالإرادة المنفردة ؟ يجب أن نفرق بين ما إذا كان الإسقاط إسقاطاً محضاً وبين ما إذا كان إسقاطاً فيه معنى التمليك.
ومثال الأول إسقاط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة وإسقاط حق الخيار وإجازة العقد الموقوف لأنها إسقاط الحق في فسخه وكذا فسخه والإبراء عن الكفالة والإبراء عن الحوالة.
ومثال الثاني الإبراء من الدين وهبة الدين للمدين إذ في هاتين الصورتين يترتب على الإسقاط ثبوت الحق لمن تحملت ذمته به.
ففي الحالة الأولى ظاهر أن الإسقاط يرد على حق بحيث يتلاشى ويزول نهائياً فلا ينتقل إلى شخص آخر، وفي هذه الحالة يترتب على الإسقاط أثره وهو تلاشي الحق نهائياً بمجرد الإرادة المنفردة دون حاجة إلى قبول ولا يرتد بالرد ولا يصح الرجوع فيه لأن أثره السقوط والساقط لا يعود.
وفي الحالة الثانية حيث يكون في الإسقاط معنى التمليك يكون للإسقاط شبهان شبه بالإسقاط وشبه بالتمليك والإسقاط وفي هذه الحالة أيضاً لا يتوقف على القبول ولا يقبل الرجوع فيه من المسقط بل يلزم بمجرد صدور العبارة منه ولكنه يرتد بالرد لما فيه من معنى التمليك وقال زفر أنه يتوقف على قبول المدين وفي هبة الدين للمدين قال البعض أنها لا تتوقف على القبول.
وهل رد الإسقاط الذي في معنى التمليك يتقيد بالمجلس ؟ ذهب البعض إلى أنه لا يصح إلا في مجلس الإسقاط . وذهب آخرين إلى أنه يصح في المجلس وبعده.
الإبراء:
الإبراء إسقاط الدين عن المدين أي إخلاء ذمته منه فمحله دائماً الدين وأما الأعيان التي لا تتعلق بالذمة فليس محلاً للإبراء.
وإذا وقع الإبراء على عين مضمونة كان إبراء من قيمتها إن هلكت بسبب موجب للضمان أما غير ذلك فلا أثر للإبراء إذا وقع على عين بحيث يجوز المطالبة بالعين رغم الإبراء منها.
فاذا أمهر الرجل زوجته عيناً من الأعيان، عقاراً أو منقولاً، فأبرأت زوجها منه فلا يصح إبراؤها ولو قبله الزوج فلها أن تطالبه به بعد ذلك، لكن لهذا الإبراء تأثير آخر، فهو تغيير صفة اليد فبعد أن كانت يد الزوجة على المهر يد ضمان تصبح بهذا الإبراء يد أمانة فيعتبر المهر في يده وديعه فلا يضمنه عند الهلاك إلا بسبب التعدي أو الإهمال.
ويتم الإبراء بإرادة المبرئ وحده إذ هو إسقاط فلا يتوقف على القبول ولكنه يرتد بالرد لما فيه من معنى التمليك اتقاء المنه.
وفي الأشباه أن الإبراء يرتد بالرد في مسائل :
1. إذا أبرأ المحال عليه فرد إبراءه لم يرتد وقيل يرتد .
2. إذا قال المدين لدائنه أبرئني فأبراه، فرد الإبراء، لا يرتد.
3. إذا أبرأ الدائن الكفيل فرده لم يرتد وقيل يرتد.
4. لو قبل المدين الإبراء ثم رده لم يرتد.
وهل يشترط الرد في المجلس، قولان مصححان بناء على تغليب معنى التمليك أو الإسقاط في الإبراء، ويشترط أن يكون الدين المبرأ منه قائماً وقت الإبراء لأن الإبراء نوع من الإسقاط والإسقاط لا يكون إلا لشخص موجود فعلاً حتى يمكن تصوره، فالإبراء من المعدوم باطل لعدم مصادفة المحل.
والإبراء قد يكون خاصاً وقد يكون عاماً، فالإبراء الخاص كأن يبرئ الدائن شخصاً معيناً أو أشخاصاً معينين من حق معين له قبله أو قبلهم، والإبراء العام كالإبراء من جميع الدعاوى أو الحقوق التي لشخص قبل شخص معين أو جماعة معينين .
ولا بد أن يكون المبرأ منه معيناً ولا شمول له لما بعده بل للمبرئ أن يطالب مدينه بما أستجد له من الحقوق بعد الإبراء.
ومتى تم الإبراء صحيحاً سقط الحق فلا يعود عملاً بالقاعدة الساقط لا يعود تراجع المواد 224 و 236 و 239 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادة 253 أردني.
المادة 280
1. الوعد هو ما يفرضه الشخص على نفسه لغيره بالإضافة الى المستقبل لا على سبيل الالتزام في المال وقد يقع على عقد أو عمل.
2. ويلزم الوعد صاحبه ما لم يمت أو يفلس.
المذكرة الإيضاحية :
الالتزام يطلق في الفقه الإسلامي على الصورة العامة للالتزام بالإرادة المنفردة فيقال المطلوبات المترتبة على الالتزام أي على الالتزامات الناشئة عن الإرادة المنفردة.
فإذا التزم شخص بمال يعطيه لشخص آخر دون أن يتعاقد معه فهل يتقيد الملتزم بإرادته المنفردة هذه أن يعطي المال الذي ألتزم بإعطائه.
ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن هذا من قبيل التبرع، والتبرع غير ملزم عندهم وخالف في ذلك مالك وفيما يلي خلاصة لمذهبه :
الالتزام عند المالكية :
الالتزام في عرف الفقهاء هو إلزام الشخص نفسه شيئاً من المعروف مطلقاً أو معلقاً على شيء فهو بمعنى العطية وأركان الالتزام كأركان الهبة. الملتزم بكسر الزاء والملتزم له والملتزم به والصيغة ويشترط في كل ركن منها ما يشترط في الهبة.
فيشترط في الملتزم أن يكون أهلاً للتبرع إلا أن يكون من باب المعاوضة فيشترط أهلية المعاوضة فقط ويشترط في الملتزم له أن يكون ممن يصح أن يملك الانتفاع به كالمساجد والقناطر.
وأما الملتزم به فهو كل ما فيه منفعة وسواء كان فيه غرر أم لا إلا فيما كان من باب المعاوضة فيشترط فيه انتفاء الغرر.
أما الركن الرابع وهو الصيغة فهي لفظ أو ما يقوم مقامه من إشارة أو نحوها تدل على إلزام الشخص نفسه ما التزمه.
وإذا لم يكن الالتزام على وجه المعاوضة فلا يتم إلا بالحيازة ويبطل بالموت والفلس قبلها كما في سائر التبرعات.
ويدخل في الالتزام الصدقة والهبة والحبس والعارية والعمري والعمرية والمنحة والإرفاق والإخدام والإسكان والنذر، والضمان والالتزام بالمعنى الأخص أي بلفظ الالتزام.
ويقضي به على الملتزم ما لم يفلس أو يمت أو يمرض مرض الموت إن كان الملتزم له بفتح الزاء معيناً وليس في القضاء به خلاف إلا على القول بأن الهبة لا تلزم بالقول وهو خلاف المعروف من المذهب بل نقل ابن رشد الاتفاق على لزوم الهبة بالقول.
أما إذا كان الالتزام لغير معين كالمساكين والفقراء ونحو ذلك فالمشهور من المذاهب أن يؤمر بالوفاء بما التزمه ولا يقضي به.
والعدة أو الوعد، إخبار عن إنهاء الخبر معروفاً في المستقبل فهو ما يفرضه الشخص على نفسه لغيره بالإضافة إلى المستقبل لا على سبيل الالتزام في الحال.
والجمهور ومنهم الحنفية وأهل الظاهر على أن الوفاء بالوعد غير لازم قضاء فليس للموعود مطالبة الواعد قضاء الوفاء به.
وقال ابن شبرمة : الوعد كلمة لازم ويقضي به على الواعد ويجبر.
وفي المذهب المالكي الوفاء بالعدة مطلوب بلا خلاف، ولكن هل يجب القضاء بها واختلف على أربعة أقوال فقيل يقضي بها مطلقاً .
وقيل لا يقضي بها مطلقاً.
وقيل يقضي بها إن كانت على سبب وإن لم يدخل الموعود بسبب العدة في شيء كقولك : أريد أن أتزوج أو أن أشتري كذا فأسلفني كذا، فقال نعم ثم بدأ له قبل ان يتزوج أو أن يشتري، فإن ذلك يلزمه ويقضي عليه به، فإن لم يترك الأمر الذي وعدك عليه وكذا لو لم تسأله وقال لك هو من نفسه "أنا أسلفك أو أهب لك كذا لتقضي دينك أو لتتزوج" أو نحو ذلك فإن ذلك يلزمه ويقضي به عليه.