باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني مــــن ديسمبر
سنة 2023م، الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1445 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار
والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد
الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد
طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع
أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1
لسنة 45 قضائية دستورية، بعد أن أحالت محكمة حلوان الابتدائية بحكمها الصادر بجلسة
31/ 5/ 2021، ملف الدعوى رقم 553 لسنة 2020 عمال حلوان.
المقامة من
مصطفى محمد عبد السلام سليمان
ضـد
أحمد عبدالله فكري أحمد، الممثل القانوني لشركة أنجل
للخدمات الغذائية.
-----------------
" الإجراءات "
بتاريخ الثالث والعشرين من يناير سنة 2023، وَرد إلى قلم
كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم ٥٥٣ لسنة 2020 عمال حلوان، بعد أن
قضت محكمة حلوان الابتدائية بجلسة ٣١/ ٥/ ٢٠٢١، بوقف الدعوى، وإحالة أوراقها إلى
هذه المحكمة؛ للفصل في دستورية نص المادتين (١١٤ و ۱۱۸) من قانون العمل الصادر
بالقانون رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳، المعدل بالقانون رقم ۱۸۰ لسنة ۲۰۰۸، فيما تضمناه من أن
عقد العمل يظل قائمًا طول مهلة الإخطار، ويلتزم طرفاه بتنفيذ جميع الالتزامات
الناشئة عنه، وذلك في حالة ما إذا كان الإنهاء بسبب ارتكاب العامل خطأً جسيمًا،
بمنافسة رب العمل في ذات نشاطه.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض
الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت
المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر
الأوراق - في أن المدعي في الدعوى الموضوعية، أقام أمام محكمة حلوان الابتدائية
الدعوى رقم ٥٥٣ لسنة 2020 عمال حلوان، ضد الشركة المدعى عليها، طالبًا الحكم
بإلزامها بأن تؤدى إليه، أولًا: راتبه المستحق عن شهري مارس وأبريل سنة ٢٠٢٠،
ثانيًا: مبلغ مائتي ألف جنيه تعويضًا ماديًّا وأدبيًّا عن إنهاء العقد تعسفيًا،
ثالثًا: مبلغ 266850 جنيهًا، مقابل مهلة الإخطار، رابعًا: تعويضًا عن الأجر الشامل
مقابل رصيد الإجازات، خامسًا: شهادة نهاية الخدمة ومسوغات التعيين. وذلك على سند
من أنه التحق بالعمل لدى الشركة المدعى عليها لمدة خمسة عشر عامًا، وفي بداية شهر
مايو من سنة ٢٠٢٠، تم فصله فصلًا تعسفيًّا؛ فأقام تلك الدعوى. دفعت الشركة المدعى
عليها بسقوط حق المدعي في إقامة الدعوى، كما ادعت فرعيًّا ضد المدعي بطلب الحكم
بفصله من العمل لإنشائه شركة تباشر ذات نشاطها، مما يعد خطأً جسيمًا يستوجب فصله.
وبجلسة ٣١/ ٥/ ٢٠٢١، أصدرت المحكمة حكم الإحالة المتقدم ذكره، متضمنًا أسباب رفض
طلب المدعي التعويض عن إنهاء عقد عمله، لارتكابه خطأً جسيمًا بمنافسة صاحب العمل
في ذات نشاطه، مما يبرر إنهاء عقده وفقًا لنص المادة (110) من قانون العمل الصادر
بالقانون رقم 12 لسنة 2003، وبرفض الدعوى الفرعية، لسبق إنهاء عقد العمل قبل إقامة
الدعوى المشار إليها. وفي شأن طلب المدعي التعويض عن مقابل مهلة الإخطار، فقد
تراءى للمحكمة أن ثمة عوارًا دستوريًّا لَحقَ المادتين (١١٤ و١١٨) من قانون العمل
المشار إليه، فيما تضمنتاه من أن عقد العمل غير محدد المدة يظل قائمًا طوال مهلة الإخطار،
ويلتزم طرفاه بتنفيذ جميع الالتزامات الناشئة عنه، وذلك في حالة ما إذا كان
الإنهاء بسبب ارتكاب العامل خطأً جسيمًا، بمنافسة صاحب العمل في ذات نشاطه، مما
يمثل إضرارًا بمصالح رب العمل، ومنح الأفضلية للعامل، وذلك بالمخالفة لما يوجبه نص
المادة (۱۳) من الدستور، من التزام الدولة بالعمل على بناء علاقات عمل متوازنة بين
طرفي العملية الإنتاجية.
وحيث إن المادة (114) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم
12 لسنة 2003 تنص على أنه يظل عقد العمل قائماً طوال مُهلة الإخطار ويلتزم طرفاه
بتنفيذ جميع الالتزامات الناشئة عنه، وينتهي العقد بانقضاء هذه المهلة.
وتنص المادة (118) من القانون ذاته على أنه إذا أنهى صاحب
العمل عقد العمل دون إخطار أو قبل انقضاء مُهلة الإخطار التزم بأن يؤدي للعامل
مبلغًا يعادل أجره عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها.
وفي هذه الحالة تحسب مدة المهلة أو الجزء الباقي منها ضمن
مدة خدمة العامل، ويستمر صاحب العمل في تحمُّل الأعباء والالتزامات المترتبة على
ذلك.
أما إذا كان الإنهاء صادرًا من جانب العامل فإن العقد
ينتهي من وقت تركه العمل.
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهي شرط لقبولها،
مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين
المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية
على الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوي في شأن توافر
المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفــــع أو عن طريق الإحالة،
والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى
الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى
المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم
في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع. لما كان
ذلك، وكان نص المادة (114) من قانون العمل المار بيانه، قد أوجب استمرار عقد العمل
طوال مهلة الإخطار، بما مؤداه قيام ارتباط حتمي بين الأمرين، فإن انتهى العقد غير
محدد المدة بإرادة أحد طرفيه؛ غدا الالتزام بالإخطار واردًا على غير محل. وكان
الثابت بالأوراق أن الشركة المدعى عليها لم تقم بإخطار المدعي بإنهاء عقد العمل،
فمن ثم لا يكون لنص المادة (١١٤) مـن القانون ذاته مجال من الإعمـال على النـزاع
الموضوعـي، ولا ينعكس الفصل في دستوريته على الطلبات المطروحة في الدعوى
الموضوعية، وتنتفي تبعًا لذلك المصلحة في الطعن عليه بعدم الدستورية، وتغدو الدعوى
قمينة بعدم القبول في هذا الشق منها. وإذ يُلزم نص المادة (١١٨) من قانون العمل
المار ذكره صاحب العمل الذي ينهي عقد العمل دون إخطار، بأن يؤدي إلى العامل مبلغاً
يعادل أجره عن مدة المهلة، وأوجب احتساب تلك المدة ضمن مدة خدمة العامل، واستمرار
تحمل صاحب العمل الأعباء والالتزامات المترتبة على ذلك. وكان شق من طلبات المدعي
في الدعوى الموضوعية، ينصرف إلى الحكم بإلزام الشركة المدعى عليها بأداء مقابل
مهلة الإخطار، واستمرارها في تحمل الأعباء والالتزامات المترتبة على ذلك، وإن ثبت
ارتكابه خطأً جسيمًا، ومن ثم فإن المصلحة في الطعن على هذا النص تكون متحققة،
بحسبان القضاء في دستوريته سيكون له أثره وانعكاسه على الدعوى الموضوعية، وبعضٍ من
الطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها. ويتحدد نطاق الدعوى المعروضة
فيما تضمنته الفقرتان الأولى والثانية من المادة (118) من قانون العمل الصادر
بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣، من إلزام صاحب العمل الذي أنهى عقد العمل غير محدد
المدة دون إخطار، بأن يؤدي للعامل مبلغًا يعادل أجره عن مدة المهلة واحتسابها ضمن
مدة خدمته، واستمرار صاحب العمل في تحمُّل الأعباء والالتزامات المترتبة على ذلك،
وإن ثبت ارتكاب العامل خطأً جسيمًا، بمنافسة صاحب العمل في ذات نشاطه.
وحيث إن البيّن من استقراء أحكام قانون العمل الصادر
بالقانون رقم 12 لسنة 2003، السابق الإشارة إليه، أن المشرع قد ضمَّنه أحكامًا
آمرة متعلقة بالنظام العام، لتنظيم علاقات العمل وروابطه وإنهائه، وإرساء
الالتزامات المتبادلة بين العامل وصاحب العمل، مستهدفًا تحقيق التوازن في علاقات
العمل بين طرفي العملية الإنتاجية، بما لا يهدر مصلحة لحساب المصلحة الأخرى،
مراعيًا من خلال هذا التنظيم الحفاظ على الحقوق الاجتماعية والمالية للعمال من
جانب، والاستقرار الإداري والاقتصادي للمنشأة من جانب آخر. فوضع تنظيمًا متكاملًا
لفصم صاحب العمل عرى علاقة العمل غير محددة المدة، في حالة ارتكاب العامل أيًّا من
الأخطاء الجسيمة المنصوص عليها في المادة (69) من قانون العمل الآنف الإشارة إليه،
فخوله حق الولوج إلى أحد طريقين: إما عرض أمر الفصل على المحكمة العمالية المنصوص
عليها في المادة (71) من قانون العمل المار ذكره، المعدل بالقانون رقم 180 لسنة
2008، بالإجراءات الواردة في المواد المنظمة لتأديب العامل، وإما النكوص عن ذلك
وإنهاء العقد بإرادته المنفردة إعمالًا لنص المادة (110) من ذلك القانون، بشرط
إخطار العامل كتابةً قبل الإنهاء، على أن يكون ذلك الإخطار في المدة المحددة في
المادة (111) من القانون ذاته. وأوجبت المادة (114) منه استمرار قيام عقد العمل
والالتزامات الناشئة عنه طوال مهلة الإخطار، حتى تتاح للعامل فرصة البحث عن عمل
جديد. وينظم الباب السابع من الكتاب الثاني من قانون العمل إجراءات الإخطار وقيوده
وضوابطه والالتزامات القائمة على طرفي علاقة العمل وحقوقهما خلال مهلة الإخطار،
فيما نصت المادة (118) من ذلك القانون على الآثار القانونية الناشئة عن إخلال صاحب
العمل بالتزامه بإخطار العامل قبل إنهاء عقد العمل أو إنهائه قبل انقضاء مهلة
الإخطار، وأخصها: التزام الأول بأن يؤدي للثاني مبلغًا يعادل أجره عن مدة المهلة
أو ما تبقى منها على أن تحسب مدة مهلة الإخطار في هذه الحالة أو الجزء الباقي منها
ضمن مدة خدمة العامل، وهو ما يُعد بمثابة تعويض للعامل عن إخلال صاحب العمل
بالتزاماته في شأن الإخطار بإنهاء عقد العمل غير محدد المدة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن لكل حق أوضاعًا
يقتضيها، وآثارًا يرتبها، من بينها - في مجال حق العمل - ضمان الشروط التي يكون
أداء العمل في نطاقها منصفًا وإنسانيًّا ومواتيًا، فلا تنتزع هذه الشروط قسرًا من
محيطها، ولا ترهق بفحواها بيئة العمل ذاتها أو تناقض بأثرها ما ينبغي أن يرتبط
حقًّا وعقلاً بالشروط الضرورية لأداء العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها. ومن ثم لا
يجوز أن تنفصل الشروط التي يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها عن
متطلبات ممارستها، وإلا كان تقريرها انحرافًا بها عن غايتها.
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن
حرية التعاقد قاعدة أساسية يقتضيها الدستور، وهى فوق كونها من الخصائص الجوهرية
للحرية الشخصية، فإنها وثيقة الصلة بحرية العمل، وذلك بالنظر إلى الحقوق التي
يرتبها عقد العمل فيما بين أطرافه - أيًّا كان العامل أو صاحب العمل- بيد أن هذه
الحرية التي لا يكفلها انسيابها دون عائق، ولا جرفها لكل قيد عليها، ولا علوها على
مصالح ترجحها، وإنما يدنيها مــــــن أهدافهــــــا قدر من التوازن بين جموحهــــا
وتنظيمهــــا، لا تعطلها تلك القيود التي تفرضها السلطة التشريعية عليها بما يحول
دون انفلاتها من كوابحها، ويندرج تحتها أن يكون تنظيمها لأنواع من العقود محددًا
بقواعد آمرة، تحيط ببعض جوانبها، غير أن هذه القيود لا يسعها أن تدهم الدائرة التي
تباشر فيها الإرادة حركتها، فلا يكون لسلطانها بعد هدمها من أثر.
وحيث إن من المقرر أيضا في قضاء هذه المحكمة، أنه يتعين
تفسير النصوص التشريعية التي تنتظم مسألة معينة، بافتراض العمل بها في مجموعها،
وأنها لا تتعارض أو تتهادم فيما بينها، وإنما تتكامل في إطار الوحدة العضوية التي
تنتظمها من خلال التوفيق بين مجمـوع أحكامها، باعتبار أنها متآلفة فيما بينها، لا
تتماحى معانيها، وإنما تتضافر توجهاتها، تحقيقًا للأغراض النهائية والمقاصد الكلية
التي تجمعها، ذلك أن السياسة التشريعية لا يحققها إلا التطبيق المتكامل لتفاصيل
أحكامها، دون اجتزاء جزء منها ليطبق دون الجزء الآخر، لما في ذلك من إهدار للغاية
التي توخاها المشرع من ذلك التنظيم.
وحيث إن الأصـل في سلطة المشرع في مجــــال تنظيم الحقوق
- على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيد الدستور
ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتكون تخومًا لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها.
وكان الدستور إذ يعهد بتنظيم موضوع معين إلى السلطة التشريعية، فإن ما تقره من القواعد
القانونية بصدده، لا يجوز أن ينال من الحق محل الحماية الدستورية، سواء بالنقض أو
الانتقاص، ذلك أن إهدار الحقوق التي كفلها الدستور أو تهميشها، يعد عدوانًا على
مجالاتها الحيوية التي لا تتنفس إلا من خلالها، بما مؤداه: أن تباشر السلطة
التشريعية اختصاصاتها التقديرية - وفيما خلا القيود التي يفرضها الدستور عليها -
بعيدًا عن الرقابة القضائية التي تمارسها المحكمة الدستورية العليا، فلا يجوز لها
أن تزن بمعاييرها الذاتية السياسة التي انتهجها المشرع في موضوع معين، ولا أن
تناقشها، أو تخوض في ملاءمة تطبيقها عملًا، ولا أن تنتحل للنص المطعون فيه أهدافًا
غير التي رمى المشرع إلى بلوغها، ولا أن تقيم خياراتها محل عمل السلطة التشريعية،
بل يكفيها أن تمارس السلطة التشريعية اختصاصاتها تلك، مستلهمة في ذلك أغراضًا
يقتضيها الصالح العام في شأن الموضوع محل التنظيم التشريعي، وأن تكون وسائلها إلى
تحقيق الأغراض التي حددتها مرتبطة عقلًا بها.
متي كان ما تقدم، وكان النص المحال قد أوجب تعويض العامل
إذا أنهى صاحب العمل عقد العمل غير محدد المدة دون إخطاره أو قبل انقضاء مهلة
الإخطار، واحتسب مدة المهلة أو الجزء الباقي منها ضمن مدة خدمة العامل، وألزم صاحب
العمل بالاستمرار في تحمل الأعباء والالتزامات المترتبة على ذلك؛ فإنه يكون قد
أقام توازنًا بين حق صاحب العمل في إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بالإرادة
المنفردة، والتزامه بإخطار العامل بالإنهاء وفق الإجراءات والالتزامات التي
انتظمتها نصوص الباب السابع من الكتاب الثاني من قانون العمل المشار إليه،
والمعنون انقضاء علاقة العمل، وكان النص المحال قد أقام من عدم الإخطار أو إنهاء
العقد قبل انقضاء مدة الإخطار، قرينة قانونية قاطعة - في علاقة من علاقات القانون
الخاص - على إخلال صاحب العمل بالتزام جوهري يترتب على إنهائه عقد العمل غير محدد
المدة بالإرادة المنفردة، توجب تعويض العامل وإن ارتكب خطأً جسيمًا، بما يعادل
أجره عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها، فضلاً عن استمرار صاحب العمل في تحمل
الأعباء والالتزامات المترتبة على ذلك؛ فإن النص المحال يغدو متضمنًا - إلى جانب
التوازن بين طرفي علاقة العمل الذي يوجبه نص المادة (13) من الدستور - تنظيمًا
آمرًا لحرية التعاقد، بما يحول دون انفلاتها من كوابحها، بمراعاة أن النص ذاته لم
ينفصل عن الأهداف التي سعى المشرع إلى تحقيقها في مسألة إنهاء علاقة العمل غير
محددة المدة، على النحو المار بيانه، ليتكامل التنظيم التشريعي لهذه المسألة في
إطار وحدة عضوية، وكان تعيين النص المحال لمقدار التعويض في الحالتين اللتين
انتظمهما، يقع في إطار سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق باعتبارها سلطة تقديرية،
ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، مستلهمًا في تنظيمه لها
أغراضًا يقتضيها الصالح العام، بما يكون معه النعي على النص المحال بمخالفته
المادة (13) من الدستور غير قائم على سند صحيح، خليقًا برفضه.
وحيث إن النص المحال لا يخالف أي نص آخر في الدستور؛
الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
فلهــذه الأسبـاب
حكمت المحكمة برفض الدعوى