الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 16 ديسمبر 2023

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / مَادَّةٌ 19 : اَلْقَانُونُ اَلْمُطَبَّقُ عَلَى اَلِالْتِزَامَاتِ اَلتَّعَاقُدِيَّةِ

عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


مادة 19 (1)

1 - يسري على الالتزامات التعاقدية ، قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً ، فإن اختلفا موطناً سري قانون الدولة التي تم فيها العقد . هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانوناً آخر هو الذي يراد تطبيقه.

2 - على أن قانون موقع العقار هو الذي يسري على العقود التي أبرمت في شان هذا العقار.

التقنين المدني السابق :

لا مقابل لها.

المشروع التمهيدي :

المادة 42 - يسري على الالتزامات التعاقدية القانون الذي يقرر المتعاقدان صراحة أو ضمناً الخضوع لأحكامه مع مراعاة ما نصت عليه المادتان 44 ، 48 . (2) (3)

المادة 44 – (صدر المادة) يسري قانون موقع العقار على العقود التي أبرمت بشأن هذا العقار .

المادة 47- (فقرة أولى) أما الالتزامات التي تنشأ عن عقود غير التي نص عليها في المواد من 43 إلى 46 فإن القانون الذي يسري عليها هو قانون الموطن المشترك للمتعاقدين فإذا اختلف الموطن فقانون الجهة التي ابرم فيها العقد هذا مالم يتبين غير ذلك من الرجوع إلى الغرض المقصود من هذه الالتزامات .

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - عرض المشروع في هذه المواد من 42 – 48 للقاعدة العامة في الالتزامات التعاقدية ولصور خاصة من صور العقود وتنفيذها، ثم قرر في نهايتها القاعدة الخاصة بوجوب احترام القواعد الآمرة في حدود معينة، ويراعي بادئ ذي بدء أن فقه القانون الدولي الخاص لا يزال غير مستقر فيما يتعلق بتعيين القانون الواجب تطبيقه في شأن الالتزامات التعاقدية لتنوع صور العقود وتباين القواعد التي تسري عليها من حيث أركان التعاقد، وشروط الصحة وترتيب الآثار.

2 - ولذلك توخي المشروع تجنب التفاصيل واقتصر على أكثر الأحكام استقرارا في نطاق التشريع، فقرر في المادة 42 أن الالتزامات التعاقدية يسري عليها القانون الذي يقرر المتعاقدان الخضوع لأحكامه صراحة أو ضمنا مع مراعاة الأحكام المقررة في المادتين 44 ، 48 ، وهذا حكم عام يمكن لسلطان الإرادة ويضمن وحدة القانون الواجب تطبيقه على العقد، وهي وحدة لا تكفلها فكرة تحليل عناصر العقد واختيار القانون الذي يتلاءم مع طبيعة كل منها وقد استرشد المشروع فيه بالمادة 7 من القانون الملحق بالتقنين المدني الياباني والمادة 15 من التقنين الإيطالي الجديد . فالأولى تقضي بأن القانون الذي يطبق في شأن وجود التصرف القانوني وما يترتب عليه من آثار هو القانون الذي يختاره المتعاقدان . والثانية تنص على أن الالتزامات التي تنشأ عن العقود يسري عليها قانون جنسية المتعاقدين إذا اتحدوا جنسية والا فقانون انعقاد العقد وهذا كله ما لم يتفق على خلافه .

ويلاحظ أن المشروع قد اختار صيغة مرنة لا تقطع على القضاء سبيل الاجتهاد، ولا تحول دون الانتفاع من كل تطور مقبل في حركة الفقه، وقد قرن المشروع هذه الصيغة بنصوص خاصة بعضها يعين اختصاصا تشريعياً آمرا بالنسبة لعقود معينة، وبعضها يضع قرائن يستخلص منها الإرادة عند عدم الاتفاق، وبعض آخر يعين اختصاصا تشريعيا لمسائل تتعين بتنفيذ العقود.

3 – وقد بذلت الجمعيات والمعاهد العلمية جهوداً موفقة لمسايرة الاتجاهات العلمية فلم تقنع بإقرار القاعدة العامة التي تقدمت الإشارة إليها ولكنها تناولت العقود الهامة وعينت لكل عقد منها الاختصاص التشريعي الذي يناسبه ( معهد القانون الدولي في اجتماعه في فلورنسا سنة 1908 ومشروعات جمعية القانون الدولي الخاصة بالبيع وعقد العمل وإجارة الأشخاص وقد أعدت في اجتماعات فينا في سنة 1926 وفرسوفيا في سنة 1928 وأكسفورد في سنة 1932 ومشروعات المعاهدات الخاصة بالبيع التي اعدها مؤتمر لاهاي السادس ) . وبذلك تسنى لها أن تؤثر في حركة التشريع ( انظر اتفاقية مونتفيديو سنة 1899 ومشروعات القوانين التي أعدت في النمسا 1913 ورومانيا سنة 1932 وتشيكوسلوفاكيا سنة 1924 والتشريع البولوني الصادر في سنة 1926 وتقنين بوستامنتي) بما أعدت من مشروعات . وقد وقف المشروع من هذه المشروعات موقف تحفظ فلم ينقل عنها من القواعد إلا ما تثبت من سلامة صلاحيته وهذه القواعد هي التي تقررت في المواد التالية للمادة 42 . (4)

المشروع في لجنة المراجعة :

تليت المادة 42 واقترح معالي السنهوري باشا تحوير النص بحيث يتضمن قرائن قانونية مقيدة إذا انعدمت إرادة المتعاقدين الصريحة أو الضمنية .

فوافقت اللجنة وأصبح نص المادة ما يأتي :

1 - الالتزامات التعاقدية يسري عليها قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً ، فإن اختلفا موطناً سري قانون الدولة التي تم فيها العقد . هذا كله إذا لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانوناً آخر هو الذي يراد تطبيقه.

2 - على أن قانون موقع العقار هو الذي يسري على العقود التي أبرمت في شأن هذا العقار.

 وأصبح رقم المادة 22 في المشروع النهائي . (5)

المشروع في مجلس النواب :

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 22 .

المشروع في مجلس الشيوخ :

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الخمسين

تليت المادة ٢٢ فوافقت عليها اللجنة مع تعديل صدر الفقرة الأولى كالآتي :

« يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة ... الخ » .

تقرير اللجنة :

تعديل صدر الفقرة الأولى كالآتي :

« يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة ... الخ » .

وأصبح رقمها ١٩ .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على هذه المادة كما أقرتها اللجنة .



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 284.

(2) هذه المادة من المواد التي نظرتها لجنة المرحوم كامل صدقي باشا وفيما يلي مناقشات تلك اللجنة عنها :

محضر جلسة ١٩ مارس سنة ١٩٣٧

تلا المسيو بنيتا المادة ۱۷ من المشروع التمهيدي للمسيو لينان دي بلفون ونصها كالآتي :

« يجوز أن تخضع الالتزامات التعاقدية من حيث موضوعها وآثارها تبعا لإرادة الطرفين لقانون الجهة التي أبرم فيها العقد أو الجهة التي يتعين فيها تنفيذه أو لقانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك المتعاقدين .

فإذا لم تتضح من العقد إرادة المتعاقدين أو لم يتسن استنباطها من ظروف الحال طبق القاضي أي القوانين السابق ذكرها تبعا لطبيعة الالتزام .

وعلى أي حال فإن الشروط الموضوعية لصحة العقد فيما عدا أهلية المتعاقدين . يحددها قانون الجهة التي أبرم فيها العقد أو القانون المصري إذا كان العقد واجب التنفيذ في مصر » .

وقرر المسيو بنينا فيما يتعلق بالفقرة الأولى أن اللجنة الفرعية لا ترى محلاً لإيراد قيد يحد من مبدأ حرية الإرادة وأنها ترى أن يترك لإرادة المتعاقدين كامل الحرية فيما يختص بالالتزامات التعاقدية .

وأضاف المسيو فان أكر أنه يجب أن يترك المتعاقدون أحراراً في تنظيم علاقاتهم التعاقدية كما يشاءون طالما أنهم يحترمون النظام العام ويرعون حرمة الآداب .

وأبدى المسيو بسار أن المسائل العقارية في مصر تتصل بالنظام العام ولذا ينبغي أن يضاف إلى النص تحفظ صريح فيما يتعلق بالاتفاقات المنصبة على عقارات .

وأوضح الرئيس أن القواعد المتصلة بالمسائل العقارية في مصر ليست من النظام العام إلا بالنسبة للقوانين الخاصة بالأوضاع الشكلية كقانون التسجيل العقاري وآثاره وفيما عدا ذلك فإن للمتعاقدين مطلق الحرية في أن يتصرفوا كيف شاءوا لذا يتعين ترك الحرية لهم دون قيد بالنسبة للعقارات كما هو الحال بالنسبة للمنقولات مع مراعاة القوانين المصرية المتصلة بالشكل.

وقال صليب بك سامي إنه يشاطر المسيو بسار رأيه من حيث وجوب تضمين النص تحفظاً صريحاً فيما له صلة بالعقارات لتعلق المسائل العقارية بالنظام العام .

وقررت اللجنة أنها ترى الحرص على إقرار مبدأ حرية الإرادة في الفقرة الأولى من هذه المادة.

وانتقل المسيو بنيتا إلى الفقرة الثانية من هذه المادة فقال : إن من الخطر ترك أمر اختيار القانون الواجب التطبيق للقاضي في حالة عدم وضوح إرادة الطرفين وضوحاً صريحاً .

ورأى فؤاد بك حسني أن القانون الذي يطبق في هذه الحالة هو قانون المحكمة المنظور أمامها النزاع .

وذكر المسيو فان أكر أن الرأي عنده في حالة عدم الإفصاح صراحة عن إرادة المتعاقدين أن يلجأ القاضي إلى تلمس هذه الإرادة المفترضة في ظروف العقد وملابساته فإذا لم يستطع الوصول إلى ذلك وجب أن يطبق القانون المحلي .

واقترح عبد الفتاح بك السيد النص التالي :

« إذا لم تكن إرادة المتعاقدين صريحة أمكن للقاضي أن يستنتجها من ظروف العقد وطبيعته فإذا استحال عليه ذلك كان القانون المصري وحده هو الواجب التطبيق ».

وقال المستر جراهام إن إرادة المتعاقدين لا تكون جلية في كثير من الحالات ومع ذلك يمكن استخلاصها من نصوص العقد ومجموع ظروفه ففي العقود التي تبرم بين التجار مثلاً يتسنى استخلاص إرادتهم من العرف الجاري بينهم وطلب المسيو فان أكر تأجيل بحث هذه المادة إلى الجلسة القادمة .

فوافقت اللجنة على ذلك .

محضر جلسة ١٦ إبريل سنة ١٩٣٧

ذكر الرئيس أنه تلقى من المسيو فان أكر مذكرة خاصة بالمادة ١٧ من المشروع التمهيدي للمسيو لينان دي بلفون وهي التي سبق إرجاء نظرها إلى الجلسة الحالية وفيها يعرض النص التالي :

« تخضع العقود من حيث موضوعها وآثارها للقانون الذي اختاره المتعاقدان » .

« فإذا لم تتضح إرادة المتعاقدين صراحة كان للقاضي أن يتلمسها مستأنساً في ذلك بظروف الدعوى وطبيعة العقد » .

« فإذا لم يجد القاضي ظروفاً تساعده على استخلاص إرادة المتعاقدين طبق قانونهما المشترك وإذا اختلفت جنسية المتعاقدين طبق قانون الجهة التي أبرم فيها العقد » .

وذكر الرئيس أن اللجنة الفرعية توافق على هذا النص في جوهره ولكنها ترى صياغته على وجه آخر . وطلب من المسيو بنيتا أن يتلو الصيغة التي اقترحتها اللجنة الفرعية فتلا النص الآتي :

« يسري على الالتزامات التعاقدية القانون الذي يقرر المتعاقدان الخضوع لأحكامه » .

« فإذا لم يقرر المتعاقدان ذلك صراحة طبق القانون الذي يتبين من طبيعة العقد ومن مجموع ملابساته أنهما قصدا تطبيقه » .

« وفي حالة الشك يطبق القانون المشترك للمتعاقدين فإذا اختلفت جنسيتهما طبق قانون المكان الذي أبرم فيه العقد » .

وأبان أن صياغة هذا النص تطابق صياغة النص المماثل في المشروع التمهيدي للقانون البلجيكي الذي أعده الأستاذ لوران .

وتساءل الرئيس عما إذا كانت عبارة « في حالة الشك » واضحة وضوحاً كافياً وعما إذا كان من المستحسن الاستعاضة عنها بعبارة أخرى كتلك التي اقترحها المسيو فان أكر وهي « فإذا لم توجد نصوص كافية للتدليل على إرادة المتعاقدين ».

وقال عبد الفتاح بك السيد أن عبارة « في حالة الشك » تبدو غير وافية بالغرض وأنه يفضل العبارة التي اقترحها مسيو فان أكر .

وقرر كل من المسيو بنيتا والمسيو باسار أنه يبدو لهما أن كلتا العبارتين متماثلتان وقال المستر جراهام إن من رأيه حذف الفقرة الثالثة من المادة التي اقترحتها اللجنة الفرعية فمن جهة مجرد وجود القانون المشترك للمتعاقدين هو عنصر حاسم لدى القاضي إذا خلا العقد من عناصر أخرى ومن جهة ثانية فإن الشق الأخير من النص قد يفضي في بعض الحالات إلى تطبيق قانون اتجهت إرادة المتعاقدين كما تبدو من ظروف العقد إلى استبعاده بحيث يفضي النص إلى حل يتعارض مع مبدأ حرية إرادة المتعاقدين وعلى ذلك فهو يستصوب أن تترك للقاضي الحرية الكاملة طبقا للنظام الذي جرى عليه القضاء الإنجليزي فالقاضي لا يعوزه مطلقا إيجاد الحل وليس من اللازم أن يفرض عليه تطبيق قانون معين سيما وأنه قد يبدو له أن تطبيق قانون محل إبرام العقد وسيلة سائغة لتجنب بحث عويص دقيق .

وأضاف أنه عندما تعرض الأستاذ بييه لموضوع القانون الواجب التطبيق في حالة عدم وجود عنصر يهدي إلى تعرف إرادة المتعاقدين انتهى إلى اقتراح تطبيق قوانين عدة تبعاً لطبيعة العقد وظروف الحال .

واستصوب المسيو فان أكر الإبقاء على الفقرة الثالثة من المادة موضوع البحث لأنه من المتعين في العقود ذات الصبغة الدولية أن يتولى التشريع تحديد القانون الذي يجب على القاضي تطبيقه في حالة عدم وضوح إرادة المتعاقدين صراحة أوضمنا فتدخل المشرع أمر لا مندوحة عنه لتجنب كل تحكم من جانب القاضي .

وانضم عبد الفتاح بك السيد إلى الرأي الذي أبداه المستر جراهام من أن الفقرتين الأوليين كافيتان .

وذكر فؤاد بك حسني أن الفقرة الثالثة تحدد القانون الذي يطبق في حالة عدم إبداء إرادة المتعاقدين صراحة أو عدم اتضاحها من نصوص العقد لغموضه أو لالتباس فيه لذا فهو يرى الإبقاء على هذه الفقرة لمنع تحكم القاضي في مثل هذه الحالة .

وقرر المسيو دوفيه أنه يشاطر الرأي القائل بالإبقاء على الفقرة الثالثة كما يؤيد الملحوظات التي أبداها فؤاد بك حسني بهذا الصدد .

وأوضح المسيو بنيتا أن وجوب ترك الحرية للقاضي مما لا يعترض عليه بالنسبة إلى العقود ذات الصبغة الداخلية أما موضوع البحث فيقع في نطاق العقود الدولية وفي هذا النطاق تذهب غالبية التشريعات إلى ضرورة تحديد المبادئ التي تسري على العقد وتعيين القانون الواجب التطبيق عندما لا يفصح المتعاقدان عن إرادتهما صراحة أو ضمناً وفي البلاد التي لم يتدخل فيها المشرع لتحديد القانون الواجب التطبيق ترى أن القضاء قد تكفل بتحديد هذا القانون طبقا لنفس المبادئ .

ولاحظ المسيو فان أكر أن جمهور الشراح يؤيد المبدأ الذي يقرره النص المقترح من اللجنة الفرعية .

ولم ير المسيو باسار بأساً من اقتباس النص المقترح بل لفت النظر إلى أن الفقرة الأولى التي تقرر مبدأ حرية الإرادة تواجه حالة التعبير عن هذه الإرادة صراحة وأن الفقرة الثانية تتعرض لحالة إرادة المتعاقدين الضمنية أما الفقرة الثالثة فتتناول حالة الشك وتعين بطريقة آمرة القانون الواجب التطبيق لتجنب إحلال القاضي إرادته بطريق التحكم محل إرادة المتعاقدين .

ولاحظ مصطفى بك الشوربجي أن تعيين قانون محل العقد قد يكون من العسير أحيانا لذا فهو يقترح أن يستبدل به قانون محل تنفيذ العقد .

وعقب الرئيس بأن النص الذي اقترحته اللجنة الفرعية يعالج جميع الفروض التي يمكن أن تعرض وأجاب على ملاحظات المستر جراهام بأن المشروع لا يفرض قانونا معينا إلا في الحالة التي لا يبدي فيها المتعاقدان إرادتهما صراحة أو ضمناً على أن لهما دائما حرية اختيار القانون الذي يرغبان في الخضوع لأحكامه .

وأجاب على ملحوظة مصطفى بك الشوربجي بأن تعيين محل العقد لا يثير أية صعوبة إذ هو مسألة وقائع وانضم عبد الفتاح بك السيد إلى الرأي الذي أبداه مصطفى بك الشوربجي في بعض جزئياته مقترحاً أن تضاف العبارة التالية إلى نهاية الفقرة الثالثة وهي :

« فإذا لم يتسن تعيين محل العقد طبق قانون المحل الذى يجب فيه تنفيذ العقد » .

وطلب الرئيس أخذ الرأي بالنسبة لكل من اقتراحي المستر جراهام وعبد الفتاح بك السيد وأولها يرمي إلى حذف الفقرة الثالثة بينما يهدف الثاني إلى إضافة عبارة جديدة إلى هذه الفقرة .

وناهضت أغلبية الأصوات كلا الاقتراحين فقررت اللجنة اقتباس النص بصيغته كما اقترحته اللجنة الفرعية وجعله المادة 19 من الباب التمهيدي .

(3) مواد محذوفة :

المادة ٤٣ - إذا لم يتفق المتعاقدان وقت إبرام العقد على القانون الواجب التطبيق بالنسبة للعقود التي تتم في البورصات والأسواق العامة فإن القانون الذي يسري هو قانون البلد الذي توجد فيه هذه البورصات والأسواق .

التقنين المدني الساق :

لا مقابل لها .

المادة 44 - يسري قانون موقع العقار على العقود التي أبرمت بشأن هذا العقار ويسري على العقود الخاصة بالسفن وبالطائرات قانون الجهة التي تم بها تسجيل تلك السفن والطائرات ، ويسري على العقود التي يبرمها أصحاب المصانع والمتاجر والمزارع مع عمالهم ومستخدميهم القانون المعمول به في الجهة التي يوجد بها مركز إدارة هذه الأعمال فاذا كان المركز الرئيسي لهذه الأعمال في الخارج وكانت فروعها في مصر هي التي أبرمت هذه العقود فإن القانون المصري هو الواجب التطبيق ، وتسري القوانين المتقدمة الذكر حتى لو اتفق المتعاقدان على قانون آخر .

المادة ٤٥ : 1 - يسري قانون موطن البائع على بيع العروض من حيث شروط صحته وما يترتب عليه من آثار إذا لم يتفق المتعاقدان على غير ذلك .

2 - ومع ذلك فإن قانون موطن المشتري هو الواجب التطبيق في الأحوال الآتية :

(أ) إذا كان العقد قد أبرمه البائع أو وكيله أو نائبه أثناء مروره ببلد المشتري.

(ب) إذا كان لوكيل البائع أو نائبه موطن تجاري في البلد الذي يتوطن فيه المشتري أو إذا كان الوكيل أو النائب قد أبرم العقد باسمه خاصة أو إذا وجدت العروض المبيعة وقت إبرام العقد في موطن المشتري .

(جـ) إذا كانت الجهة التي عينها المتعاقدان لتنفيذ العقد هي الجهة التي يوجد فيها موطن المشتري .

المادة ٤٦ - إذا كانت هناك عروض يجب تسليمها تنفيذا لعقد بيع فإن قانون الجهة التي تجب معاينة هذه العروض بها هو الذي يسري لتحديد المسائل الآتية :

(أ) ما يجب توافره من شروط في معاينة هذه العروض .

(ب) ما تجب مراعاته من أوضاع في الإخطار عما يستبين عند المعاينة من عجز أو عيوب أو عدم مطابقة العروض للأوصاف المطلوبة أو في الإخطار عن رفض تسلم هذه العروض أو التحفظ عند تسلمها .

(جـ) المواعيد التي يجب أن تتم فيها المعاينة والإخطار .

(د) ما يترتب لكل من المتعاقدين قبل الآخر من التزامات وحقوق بشأن الإجراءات الواجبة الاتباع بالنسبة للعروض عند رفض تسلمها .

المادة ٤٧ : ١ - أما الالتزامات التي تنشأ عن عقود غير التي نص عليها في المواد من ٤٣ إلى ٤٦ فإن القانون الذي يسري عليها هو قانون الموطن المشترك للمتعاقدين ، فإذا اختلف الموطن فقانون الجهة التي أبرم فيها العقد هذا ما لم يتبين غير ذلك من الرجوع إلى الغرض المقصود من هذه الالتزامات .

2 - فإذا كان للمتعاقدين أو لأحدهما أكثر من موطن فلا يعتبر في تطبيق الفقرة السابقة إلا الموطن الذي وجه إليه أو صدر منه كل من الإيجاب والقبول .

المادة ٤٨ - لا يحول اختيار المتعاقدين لقانون يسري على تعاقدهما دون تطبيق الأحكام الناهية والآمرة التي تقررها المادة ٤٣ والمواد من ٤٥ إلى ٤٧ .

مذكرة المشروع التمهيدي :

المادة ٤٣ تواجه حكم العقود التي تتم في البورصات والأسواق العامة عند عدم اتفاق المتعاقدين على تطبيق قانون معين فتقضي بوجوب تطبيق قانون البلد الذي توجد فيه البورصة أو السوق . ويتفق حكم هذه المادة مع الفقرة (1) من المادة 8 من القانون البولوني الصادر في سنة ١٩٢٦ ومع قرارات كثير من الجمعيات والمعاهد العلمية ( معهد القانون الدولي في اجتماع فلورنسا سنة ۱۹۰۸ ومشروع جمعية القانون الدولي ومؤتمر لاهاي السادس والمشروع التشيكوسلوفاكي في المادة ٢٤ فقرة ١) . وإذا اتفق المتعاقدان على تطبيق قانون آخر فلا يحول اتفاقهما هذا دون تطبيق القواعد الآمرة في قانون البلد الذي توجد فيه السوق أو البورصة ( ماده ٤٨ من المشروع ) .

وتعرض المادة ٤٤ لعقود معينة تنفي بالنسبة إليها سلطان الإرادة في اختيار القانون الواجب تطبيقه . فلا يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على إسناد الاختصاص إلى قانون غير الذي يعينه النص . وهذه العقود قسمان ، قسم يتعلق بأشياء لها ذاتية معينة تدخل فيه العقود المتعلقة بالعقارات والسفن والطائرات فإن تعلق العقد بعقار وجب تطبيق قانون موقع العقار (المادة 8 فقرة ٢ من القانون البولوني) وإن تعلق بسفينة أو طائرة وجب تطبيق قانون الجهة التي تم فيها تسجيلها (مشروع الجمعية الدولية في اجتماع فينا) ولا يجوز الاتفاق على خلاف ذلك وقسم يتعلق بالعمل تدخل فيه العقود التي يبرمها أصحاب المصانع والمناجم والمزارع مع عمالهم ومستخدميهم وهذه العقود يسري عليها قانون مركز إدارة العمل فإذا كان المركز الرئيسي في الخارج وتولت إدارة العمل لحسابه فروع في مصر وجب أن تخضع عقود هذه الفروع للقانون المصري ولا يجوز فيما يتعلق بالعقود التي تدخل في هذا القسم إسناد الاختصاص لقانون آخر باتفاق المتعاقدين ( مشروع الجمعية الدولية في اجتماع فينا).

ويتفرع على هذه الأحكام أن جميع العقود المتعلقة بعقارات ولو كانت مرتبة لحقوق شخصية تخضع لقانون موقع العقار . ويأتي الإيجار في طليعة هذه العقود بل هو أخص ما يتناوله النص لأن حق المستأجر قد تشترط في شهره إن جاوزت مدته حدا معيناً بعض الأوضاع الخاصة بالحقوق العينية ثم إن الحقوق التي تترتب على الإيجار لها أهمية عظيمة وتتصل بالسياسة الاجتماعية في كل دولة . وهذا هو شأن العقود التي ترد على العمل فتشريعات العمل بصوره المختلفة توضع لحماية العمال ويقصد من أحكامها الأساسية أن تكون آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو استبعادها بحال من الأحوال ولم ير المشروع أن ينظم الاختصاص التشريعي فيما يتعلق بعقود التزام المرافق العامة وعقود العمل التي تعقدها الدولة مع العمال اكتفاء بالقواعد العامة .

هذا وقد استقر العمل على الاعتداد بقانون البائع في عقود بيع العروض إلا إذا وجدت قرائن معينة وذلك ما لم يتفق الطرفان على غيره، وهذه قواعد أقرتها جمعية القانون الدولي في اجتماع فينا في سنة ١٩٢٦ وأقرها أيضا مؤتمر لاهاي السادس وأخذ بها المشروع في المادة ٤٥ فنص على أن الأصل تطبيق قانون البائع وفصل القرائن المتقدم ذكرها وعلق على توافر هذه القرائن تطبيق قانون المشتري دون قانون البائع ، وقد نص المشروع كذلك على القانون الذي يطبق في شأن تنفيذ البيع إذا كان الشيء الواجب تسليمه عروضا فقضى في المادة ٤٦ بتطبيق قانون الجهة التي تجب معاينة هذه العروض فيها وقد أقرت هذا الحكم جمعية القانون الدولي في اجتماع فينا في سنة ١٩٢٦ كما أقره مؤتمر لاهاي في اجتماعه السادس.

أما الالتزامات التي تنشأ من عقود غير التي نص عليها في المواد من ٤٣ إلى ٤٦ فقد تكفلت المادة ٤٧ ببيان حكمها فأخضعتها كقاعدة عامة لقانون الموطن المشترك للمتعاقدين فإن اختلفا موطنا فلقانون الجهة التي أبرم فيها العقد إلا إذا تبين غير ذلك من الرجوع إلى الغرض المقصود من تلك الالتزامات ، وقد استر شد المشروع في وضع هذا النص بأحكام المادة ١٥ من التقنين الإيطالي الجديد ولكنه لم يحذ حذوه في اختيار قانون جنسية المتعاقدين بل آثر قانون الموطن لأن الخضوع لأحكامه أغلب في المسائل التجارية ويلاحظ أن المشروع لم يطلق تلك الأحكام بل استثنى منها الحالات التي يتعارض فيها الغرض من الالتزامات مع خضوع هذه الالتزامات لقانون موطن المتعاقدين أو قانون محل انعقاد العقد حتى يظل باب الاجتهاد مفتوحاً أمام القضاء ، وتعرض الفقرة ٢ من المادة ٤٧ لحالة تعدد موطن المتعاقد فتجعل العبرة بالموطن الذي وجه إليه أو صدر منه كل من الإيجاب والقبول.

وأخيرا نصت المادة ٤٨ على أن اختيار المتعاقدين القانون يسري على تعاقدهما لا يحول دون تطبيق القواعد الآمرة في القانون الواجب تطبيقه وفقاً لأحكام المادة ٤٣ أو المواد من ٤٥ إلى ٤٧ ، وقد استلهم المشروع في وضع هذا الحكم نص المادة 10 من القانون البولوني الصادر في سنة ١٩٢٦ ولم يشر المشروع إلى المادة ٢٤ في عداد المواد التي خصها بالذكر لأن القانون الواجب تطبيقه وفقا لهذه المادة يسري في أحكامه جميعا يستوي في ذلك الآمر وغير الآمر .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المواد من ٤٣ إلى ٤٨ واقترح معالي السنهوري باشا حذفها لأن بعضها يتضمن أحكاما تفصيلية والبعض الآخر سبق ذكر أحكامها فوافقت اللجنة .

(4) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 287 .

(5) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 292 .

الجمعة، 15 ديسمبر 2023

الطعنان 2408 ، 3166 لسنة 38 ق جلسة 13 / 6 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 أحزاب ق 3 ص 54

جلسة 13 من يونيه سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد معروف محمد - نائب رئيس مجلس الدولة، محمد عبد الغني حسن - نائب رئيس مجلس الدولة، أحمد عبد العزيز أبو العزم - وكيل مجلس الدولة، الدكتور/ منيب محمد ربيع - وكيل مجلس الدولة وبحضور السادة الأساتذة أعضاء المحكمة من الشخصيات العامة وهم: - 1 - السيد المهندس/ عبد الغني حسن السيد، 2 - السيد الأستاذ/ حسين فكري جلال فكري، 3 - السيد المهندس/ حسن محمد شبانة، 4 - السيد الأستاذ/ برنس محمد حسين صالح، 5 - السيد الدكتور/ علي علي حبيش.

---------------

(3)

الطعنان رقما 2408/ 3166 لسنة 38 القضائية

أحزاب سياسية - محكمة الأحزاب - ما يدخل في اختصاصها - قرار لجنة شئون الأحزاب بعدم الاعتداد برئيس الحزب.
المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية.
محكمة الأحزاب هي محكمة متخصصة أُنشئت للفصل في المنازعات التي حددتها مواد قانون الأحزاب السياسية المشار إليه - تختص هذه المحكمة بالطعن في قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بعدم الاعتداد برئيس الحزب - أساس ذلك: أنه لا يتصور أن تختص محكمة الأحزاب بالطعن في قرار لجنة الأحزاب السياسية بشأن الاعتراض على نشوء الحزب السياسي لعدم تميزه عن غيره ولا يكون لها اختصاص بشأن استحالة قيام الحزب بنشاطه لعدم وجود ممثل شرعي له أو لعدم اعتداد اللجنة المذكورة بمن اختاره أعضاء الحزب رئيساً له - الاعتراض على قيام الحزب لا يختلف في طبيعته وآثاره عن عدم الاعتداد بوجود ممثل للحزب - محكمة الأحزاب السياسية هي صاحبة الولاية في شئون وجود وزوال الأحزاب ويشمل ذلك التصرفات أو القرارات الإدارية التي تصدر من لجنة شئون الأحزاب السياسية في هذا الشأن - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 21/ 6/ 1992 أودع الأستاذ محمد أبو الفضل المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، تقرير طعن سكرتارية المحكمة الإدارية العليا قيد أمامها برقم 2408 لسنة 38 ق - في القرار الصادر من رئيس لجنة شئون الأحزاب بتاريخ 23/ 5/ 1992 فيما تضمنه من عدم الاعتداد به رئيساً لحزب الشعب الديمقراطي وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه الحكم بإلغاء القرار المشار إليه والاعتداد بتعيينه رئيساً للحزب المذكور وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات.
وبتاريخ 11/ 7/ 1992 أودع الأستاذ جاد العبد جاد المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3166 لسنة 38 ق في ذات القرار المشار إليه فيما تضمنه من عدم الاعتداد به رئيساً لحزب الشعب الديمقراطي، وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه الحكم بإلغاء القرار المذكور فيما تضمنه من عدم الاعتداد به رئيساً لحزب الشعب الديمقراطي، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن الطعنان إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق وأودع الأستاذ المستشار عبد السميع بريك مفوض الدولة تقريراً برأي هيئة مفوضي الدولة في الطعن انتهى فيه للأسباب المشار إليها به إلى طلب الحكم بضم الطعن 3166 لسنة 38 ق إلى الطعن 2408 لسنة 38 ق. ليصدر فيهما حكم واحد. والحكم بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى - أحزاب نوعياً بنظر الطعنين وبإحالتهما إلى محكمة القضاء الإداري لنظرهما مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حيث قررت بجلسة 4/ 4/ 1993 إصدار الحكم فيه بجلسة 16/ 5/ 1993 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم 6/ 6/ 1993 لاستكمال المداولة وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن الطعن يتلخص في أنه بجلسة 15/ 3/ 1992 أصدرت المحكمة الإدارية العليا دائرة الأحزاب، حكمها في الطعن رقم 3293 لسنة 36 ق بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب الصادر بتاريخ 9/ 7/ 1990 فيما تضمنه من الاعتراض على إنشاء "حزب الشعب الديمقراطي" مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبتاريخ 9/ 4/ 1992، اجتمع مؤسسو الحزب بمقره المؤقت الكائن في 34 أ شارع الروضة حيث بلغ عدد الحاضرين تسعة وأربعين مؤسساً من إجمالي عدد المؤسسين البالغ 90 عضواً بعد وفاة اثنين من الأعضاء المؤسسين خلال فترة التأسيس الأمر الذي يعد معه استكمال الاجتماع للنصاب القانوني المقرر لعقده بتوافر النصف زائد واحداً.
وقد تم في هذا الاجتماع - والذي كان مخصصاً لانتخاب وتعيين تشكيلات الحزب انتخابه رئيساً للحزب ومن ثم تقدم بهذا الإجراء إلى لجنة شئون الأحزاب لقيده وإعلانه تمكيناً له باستكمال هذه الإجراءات، من ممارسة نشاطه كرئيس للحزب.
وأضاف المدعي أنه فوجئ بإخطاره من قبل "لجنة شئون الأحزاب" بعدم الاعتداد به رئيساً للحزب ولما استفسر عن ذلك وضح له أن "السيد أنور محمد عفيفي" قد تقدم هو الآخر بإجراءات اجتماع المؤسسين وانتخابه رئيساً ثانياً للحزب وهو الأمر الذي ترتب عليه عدم الاعتداد بأي منهما حتى يستقر رأي المؤسسين إلى واحد منهما.
ونعى الطاعن على هذا القرار مخالفة القانون إذ أن الاختصاص المنوط بلجنة شئون الأحزاب قد تحدد على سبيل الحصر بالمادتين 8، 17 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية ولا يدخل ضمن هذا الاختصاص الموافقة أو رفض الاعتداد بترشيح الأعضاء وانتخابهم لرئيس الحزب وحيث يقتصر دور اللجنة على إثبات هذا الإخطار والإعلان عنه استكمالاً للإجراءات وتحقيقاً لما تطلبه القانون في هذا الشأن. فضلاً عن أن صدور القرار بعد الاعتداد به أو بالسيد/ أنور محمد عفيفي - المنتخب أيضاً رئيساً للحزب لا يتفق وصحيح القانون والواقع إذ أن المذكور كان معيناً وكيلاً للمؤسسين وإذ انتهت الغاية من توكيله بإتمام إنشاء الحزب فلم يعد له صفة قانونية في التقدم لشغل منصب رئيس الحزب وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته.
وأورد الطاعن الثاني "الطاعن في الطعن رقم 3166 لسنة 38 ق أنه تقدم بطلب إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب طلب فيه الاعتداد بتأسيس حزب الشعب الديمقراطي والتي قررت الاعتراض على تأسيس الحزب فبادر بالطعن على هذا القرار بالطعن رقم 3293 لسنة 36 ق حيث قررت المحكمة الإدارية العليا - دائرة الأحزاب - بجلسة 15/ 3/ 1992 إلغاء هذا القرار، حيث قام بدعوة طالبي التأسيس على صفحات جريدة الجمهورية يومي 3، 7 إبريل سنة 1992، للاجتماع بالمقر المؤقت للحزب الكائن بالعقار 22 شارع الوايلي بالشرابية وذلك بعد إخطار لجنة الأحزاب تطبيقاً لحكم المادة (130) من اللائحة الداخلية للحزب لانتخاب رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للحزب حيث حضر خمسون عضواً من إجمالي عدد المؤسسين الباقين وهو 90 عضواً بعد وفاة اثنين من أعضائه خلال إجراءات التأسيس حيث كان العدد 92 عضواً وبتوافر هذه الأغلبية انتخب من قبلهم رئيساً للحزب حيث قام بإخطار السيد رئيس لجنة شئون الأحزاب لاتخاذ إجراءات القيد والإعلان وفقاً لأحكام القانون إلا أنه فوجئ بإخطاره بعدم الاعتداد بتعيينه هو أو السيد/ محمود الصاوي حتى يتوافر لمؤسسي الحزب الاتفاق على تعيين أحدهما أو أي رئيس للحزب.
ونعى الطاعن على القرار مخالفة القانون لبطلان الاجتماع الذي دعى إليه السيد/ محمود الصاوي لمخالفته لأحكام المواد 128، 129، 130 من اللائحة الداخلية للحزب كما أن علاقته بالحزب تربطها التوكيلات التي أصدرها المؤسسون إليه أما الآخر فلا علاقة بينه وبين المؤسسين فضلاً عن أن التوكيل الصادر إليه من الأعضاء المؤسسين يخوله حق اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأسيس الحزب وتعديل مواد اللائحة وفقاً لما جاء بالمادة 123 منها وإضافة أية مواد جديدة إذا اقتضت الظروف ذلك وتنتهي بانتخاب رئيس الحزب، وأنه ما دام الحزب قد تأسس تأسيساً صحيحاً كما أنه انتخب انتخاباً صحيحاً، كما تم انتخاب أعضاء المجلس الأعلى وقامت الجمعية العمومية بالتصديق على برنامج الحزب وكذلك اللائحة الداخلية للحزب ومن ثم فقد توافرت له شروط إقامة الطعن الماثل ومن ثم الحكم له بطلباته لمخالفة قرار لجنة شئون الأحزاب لصحيح تطبيق أحكام القانون.
وقد ردت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن المطعون ضده بمذكرة طلبت فيها الحكم بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا - دائرة الأحزاب - بنظر الطعنين، واختصاص محكمة القضاء الإداري بنظرهما باعتبارهما طعنين على قرار إداري توافرت له شرائطه القانونية وفقاً لنص المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن نظام الأحزاب السياسية والمادة (10) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على أن المحكمة تلتزم بالتصدي لبحث الدفع بعدم الاختصاص قبل النظر في شكل الدعوى أو الغوص في موضوعها باعتبار هذا الدفع من الدفوع المتعلقة بالنظام العام الذي يجوز للمحكمة التصدي له ولو لم يدفع به أي من الخصوم، كما يجوز إثارته في أي حالة تكون عليها الدعوى إعمالاً لنص المادة (32) من الدستور وأحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة.
ومن حيث إن مقطع الفصل في النزاع هو مدى توافر أركان القرار الإداري وفق ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة فيما تصدره لجنة شئون الأحزاب فيما لم يرد على سبيل الحصر بالاختصاص المنوط بها وفقاً لأحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن نظام الأحزاب السياسية وتختص بنظره محاكم القضاء الإداري بمجلس الدولة وفق الاختصاص المنوط بها وفق أحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة، أم أن القرار وقيد تعيين رئيس الحزب يدخل في نطاق اختصاص اللجنة المشار إليها بالاعتداد بإنشاء الحزب أو رفضه مما يدخل في اختصاص هذه المحكمة بتشكيلها المشار إليه في المادة (8) من قانون الأحزاب المشار إليه.
ومن حيث إن المادة (5) من القانون رقم 40 لسنة 1977 المشار إليه تنص على أن "يجب أن يشمل النظام الداخلي للحزب القواعد التي تنظم كل شئونه السياسية والتنظيمية والمالية والإدارية مما يتفق وأحكام هذا القانون ويجب أن يتضمن هذا النظام بصفة خاصة خامساً - طريقة وإجراءات تكوين تشكيلات الحزب واختيار قياداته وأجهزته القيادية.
كما تنص المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن نظام الأحزاب والمعدلة بالقانون رقم 144 لسنة 1980 والقانون رقم 114 لسنة 1983 تنص على أن تشكيل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالي............
وتختص اللجنة بالنظر في المسائل المنصوص عليها في هذا القانون، وبفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب السياسية طبقاً لأحكامه ويجوز لطالبي تأسيس الحزب خلال ثلاثين يوماً التالية لنشر قرار الاعتراض في الجريدة الرسمية أن يطعنا بالإلغاء في هذا القرار أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها مجلس الدولة على أن يضم تشكيلها عدد مماثل من الشخصيات العامة يصدر باختيارهم قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية من الكشوف الخاصة بالشخصيات العامة المنظمة وفقاً لحكم المادة (28) من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب.
كما تنص المادة (9) من ذات القانون على أن يتمتع الحزب بالشخصية الاعتبارية ويمارس نشاطه السياسي اعتباراً من اليوم التالي لنشر قرار لجنة شئون الأحزاب بالموافقة على تأسيسه بالجريدة الرسمية وتنص المادة 10 على أن رئيس الحزب هو الذي يمثله في كل ما يتعلق بشئونه أمام القضاء أو أمام أية جهة أخرى أو في مواجهة الغير.
وتنص المادة (16) والمعدلة بالقانون رقم (144) لسنة 1980 على أن يخطر رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بكتاب موصى عليه بعلم الوصول بأي قرار يصدره الحزب بتغيير رئيسه أو بحل الحزب أو اندماجه أو بأي تعديل في نظامه الداخلي وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ صدور القرار.
كما تنص المادة (17) من ذات القانون المعدلة بالقانون رقم 36 لسنة 1989 على أنه يجوز لرئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بعد موافقتها أن يطلب من المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه في المادة (8) الحكم بصفة مستعجلة حل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال وذلك إذا ثبت...... ويجوز للجنة شئون الأحزاب السياسية لمقتضيات - المصلحة القومية وقف إصدار صحف الحزب أو نشاطه أو أي قرار أو تصرف مخالف اتخذه الحزب.
وتسري بالنسبة للطعن في قرار الإيقاف الإجراءات والمواعيد والأحكام المنصوص عليها في الفقرتين الحادية عشرة والثانية عشرة من المادة (8) من هذا القانون.
ومن حيث إن دائرة المحكمة الإدارية العليا المشكلة وفقاً للمادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية على ماجرى به قضاء هذه المحكمة جهة قضاء متخصصة أُنشئت كمحكمة أصلية ومخصصة للفصل في المنازعات التي حددتها مواد القانون رقم (40) لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية وذلك وفقاً للضوابط والإجراءات التي نصت عليها المواد (8)، (17) منه وتختص هذه الدائرة دون غيرها بالفصل في الطعون المتعلقة بالإجراءات والقرارات التي تتخذ وفقاً للمادة (38)، (17) المشار إليهما.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن محكمة الأحزاب السياسية قد أنشأها المشرع من دائرة المحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة مضافاً إلى تشكيلها في قانون مجلس الدولة عدد من الشخصيات العامة، وقد نظم المشرع إجراءات ومواعيد خاصة للطعن على قرارات لجنة شئون الأحزاب فيما يتعلق بالمواعيد فضلاً عن التشكيل الخاص لمحكمة الأحزاب، ومن ثم تخرج المنازعات التي لم يرد بشأنها نص في المادتين السابقتين ولا تدخل في نطاق أحكامها باعتبارهما من المنازعات الخاصة بالأحزاب السياسية من اختصاص محكمة الأحزاب السياسية ويكون ولاية الفصل فيها لمحاكم مجلس الدولة المنشأة وفقاً لأحكام المادة (172) من الدستور بمقتضى أحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة مثل سائر المنازعات في مجال الاختصاص القضائي الأصيل لمجلس الدولة باعتبار أن المادة (8) من قانون الأحزاب السياسية أوردت تنظيماً خاصاً لمحكمة الأحزاب السياسية يجعلها المحكمة الأساسية المختصة وحدها بمنازعات تلك الأحزاب ما لم تكن المنازعة خارجة عن ولايتها وتدخل وبالتالي في نطاق اختصاص المحكمة الأصلية ذات الاختصاص المتميز بشئون الأحزاب السياسية يؤكد ذلك أنه لا يتصور أن تتولى هذه المحكمة بحكم تشكيلها المتميز الفصل في الطعن بالإلغاء في قرار لجنة الأحزاب السياسية بشأن الاعتراض على نشوء الحزب السياسي لعدم تميزه عن غيره أو لأي سبب آخر ولا يكون لها اختصاص بشأن استحالة قيام الحزب السياسي ذاته بنشاطه لعدم وجود ممثل شرعي له، أو لعدم اعتداد اللجنة المذكورة بالمثل الذي يكون قد تم اختياره من أعضاء الحزب كرئيس له، فالاعتراض على قيام الحزب السياسي لا يختلف في طبيعته ولا في آثاره جوهرياً عن عدم الاعتداد بوجود ممثل لحزب سياسي وبصفة خاصة لو كان نشوئه مبناه حكم صادر من محكمة الأحزاب السياسية بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض عليه، كما أنه لا يسوغ في المنطق السليم أن يكون النزاع الخاص بالطعن على اعتراض اللجنة المذكورة، على الوجود القانوني، لحزب معين من اختصاص هذه المحكمة لتشكيلها المتميز الذي يراعي فيه المشرع الطبيعة القانونية والسياسية والدستورية للنزاع على نشوء حزب سياسي، ويكون الاختصاص فيما يتعلق بالامتناع السلبي للجنة شئون الأحزاب السياسية عن تسجيل اسم الممثل القانوني للحزب لمحكمة أخرى بزعم أنها صاحبة الاختصاص العام إذ أن هذه المحكمة - محكمة الأحزاب السياسية - هي المحكمة صاحبة الولاية الأصلية والوحيدة التي لها الاختصاص العام في شئون وجود وزوال الأحزاب السياسية ويدخل في وجود وزوال أي حزب حسب صريح نصوص قانون الأحزاب السياسية كل ما يعد كذلك ضمناً أو ما يؤدي بحسب المآل إليه من تصرفات أو قرارات إدارية من لجنة شئون الأحزاب السياسية.
ومن حيث إنه يضاف إلى ما سلف بيانه أنه لايتصور عقلاً ومنطقاً أن تكون المنازعة في تسجيل أو إشهار اسم رئيس الحزب الذي تم اختياره وفقاً لقانون الأحزاب السياسية وبإرادة أعضاء الحزب حسب لوائحه منازعة إدارية بحتة لا شأن لها بالحزب ذاته الذي هو بنص القانون منظمة أو جمعية سياسية تسعى إلى الحكم لتنفيذ برامج اجتماعية واقتصادية وسياسية لتحقيق التقدم بالبلاد في الوقت ذاته الذي لا سبيل إلى أي شخص معنوي والحزب السياسي شخص قانوني ومعنوي إلى مباشرة أي نشاط بغير إنسان طبيعي يمثله قانوناً - والممثل القانوني للحزب السياسي هو رئيسه الذي يتحدث باسمه ويمثله أمام لجنة الأحزاب وبالنسبة للأحزاب الأخرى وفي مواجهة الدولة وأمام القضاء ومن ثم فإنه لا يكون صحيحاً أن التصرف أو القرار من لجنة شئون الأحزاب بشأن رئاسة حزب سياسي ما مجرد قرار إداري عادي لا ينضوي ضمن القرارات الإدارية المتعلقة بالأحزاب السياسية والتي لها طبيعة سياسية ودستورية وقانونية متميزة بررت أصلاً نشوء محكمة الأحزاب السياسية بتشكيلها المتميز الوارد في قانون الأحزاب السياسية والتي رؤى في تشكيلها أيضاً أن تحسم أنزعة وجود وزوال الأحزاب السياسية على درجة واحدة لسرعة حسم النزاع وبيان الحق والحقيقة بشأن ما يتفق مع السرعة الواجبة في حسم المنازعات المتعلقة بالحريات والحقوق العامة.
من حيث إنه من المسلمات أن قاضي الموضوع هو قاضي الدفع، وأن قاضي الأصل هو قاضي الفرع، كما أن للمحكمة التي تنظر النزاع الهيمنة ثم تكييف طلبات الخصوم في الدعوى دون أن تخرج على صحيح إرادتهم الحقيقية أو تضيف أو تحذف منها وذلك بصرف النظر عن تصويرهم لطلباتهم أو توجيههم لهذه الطلبات وادعاءاتهم بشأنها فالعبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني، كما جرى قضاء هذه المحكمة في هذا الشأن في التكييف بصفة خاصة إذا كان التصديق أو الاعتماد أو اتخاذ إجراءات قيد وإشهار الإجراء يعد إجراءً مكملاً للشكل الذي تطلبه القانون لتعيين رئيس الحزب - كما في الطعن الماثل، ينطوي على إهدار لضوابط نص عليها القانون أو إهدار إجراء ضمني أوجبه المشرع لصالح المواطنين تحقيقاً لحقهم إذا ما ترتب على هذا الإجراء مركز قانوني يؤثر سلباً أو إيجاباً على الحقوق والمراكز القانونية المقررة لصاحب المصلحة دون أن يتضمن القرار أو الإجراء الحل المباشر الذي ينصرف الأثر حتماً إليه.
ومن حيث إن مقتضى التفسير السليم لنص المادة (72) من الدستور والمواد الخاصة بقانون الأحزاب السياسية وأحكام القانون رقم 146 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة أصبحت له شخصيته الاعتبارية بقوة القانون ومع ذلك فإنه بالضرورة أن الحزب السياسي متى ووفق عليه يمثله في كل ما يتصل بشئونه رئيسه، ويتعين لذلك لمباشرة الحزب لوجوده ونشاطه الوجود الشرعي والقانوني لهذا الرئيس ولما كان كل حزب يلتزم بما يدرجه في نظامه من إجراءات وقواعد في إطار أحكام الدستور وقانون الأحزاب السياسية وتكوين تشكيلاته واختيار قياداته وأجهزته القيادية، كما أن المشرع قد ضمن القانون رقم 40 لسنة 1977 المشار إليه نصاً يحتم ضرورة إخطار رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية برئيس الحزب وبأي قرار يصدره الحزب بتغيير رئيسه أو بحل الحزب.... والحكمة المتوخاة من النص هي تمكين لجنة شئون الأحزاب من مباشرة الاختصاصات المنوط بها في شأن الأحزاب السياسية رغم أنه ليس لإرادتها قانوناً أي دور فيمن ينتخب رئيساً للحزب وإنما يتعين أن يتم إخطار اللجنة من قبل الحزب بالبيان والتجديد الذي يتعلق برئيس الحزب أو تغييره لاستيفاء الشكل القانوني الذي يتطلبه النص في تسجيل تعيين رئيس الحزب أو تغييره وتحديد من له الصفة القانونية لتمثيله أمام اللجنة أو القضاء أو الجمهور وفقاً لإرادة الحزب ذاته وهو إجراء الهدف منه إعلام رئيس اللجنة المختصة بشئون الأحزاب بالممثل القانوني للحزب واستكمال الإجراءات بالإعلان عن هذا التعيين أو التغيير وهي جميعها أعمال وإجراءات يتوافر فيها الشكل القانوني للتصرف أو للقرار الإداري المتعلق بشئون الأحزاب السياسية مما يدخل في الفصل فيما يثور بشأنه من خلاف إلى قضاء المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" بتشكيلها المشار إليه سلفاً كمحكمة أحزاب وذلك باعتبار أن هذا القرار إنما يتصل اتصالاً وثيقاً لوجود الحزب قانوناً من الناحية الواقعية وبإمكانية ممارسة الحزب لنشاطه السياسي حيث إنه يعتبر رئيس الحزب الذي هو وفقاً للمادة التاسعة من قانون الأحزاب هو الممثل القانوني للحزب لايمكن له أن يباشر نشاطه السياسي قانوناً بل أن زعزعة الشرعية لرئيس الحزب تعني في حقيقة الأمر زعزعة وجوده القانوني والشرعي على الساحة السياسية حيث لا يتصور لأي وجود قانوني للحزب كشخص معنوي دون الوجود القانوني والشرعي المعبر عن إرادته وممثله أمام الغير وهو الرئيس الشرعي للحزب، ومن ثم فإن وجود أي نزاع عن وجود رئيس الحزب قانوناً يمثل بالحتم والضرورة نزاعاً بحسب المآل أو في الحال بحسب الآثار المترتبة على ذلك في وجود الحزب ذاته وكيانه وهو ما يعد نزاعاً في قيام الحزب أو نزاعاً حول حله أو زواله أو إلغائه.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن المنازعة على رئاسة الحزب تعتبر والحال هذه منازعة في أمر جوهري وأساسي يتعلق بإمكانية ممارسة الحزب لنشاطه أو مباشرته للعمل بين الجماهير وينبني على عدم اعتداد لجنة شئون الأحزاب السياسية بوجود رئيس الحزب أو يعتد بها بالفصل في رئاسة الحزب على هدي أو بالنسبة لمدى الاعتداد بممثله القانوني قرار أو تصرف أو إجراء يرتبط ارتباطاً وثيقاً في الحال أو الاستقبال لنشوء الحزب ومباشرة لنشاطه أو زواله يدخل حتماً في اختصاص المحكمة المختصة أصلاً وأساساً بمنازعات الأحزاب السياسية خاصة وأن إخطار لجنة شئون الأحزاب بتعيين رئيس الحزب والتزامها بإجراء التسجيل والشهر أو الإعلان عن هذا الاختيار أو التعيين لرئيس الحزب يعتبر إجراءاً أساسياً وواجباً لاستكمال إجراءات نشوء الحزب السياسي وممارسة نشاطه السياسي ولا شك أن إمكان ممارسة النشاط السياسي للحزب قانوناً هي جزء من الوجود القانوني الحقيقي والفعلي للحزب على الساحة السياسية في البلاد... وعدم توفره يجعل الحزب في حقيقة الأمر موقوف النشاط مهدر الوجود بالفعل لعجزه عن التعبير عن ذاته في مواجهة الغير وتحويله إلى شخص معنوي بلا ممثل طبيعي أي فرد قانوني دون نشاط حقيقي وكائناً هامداً مسجلاً في السجلات دون حياة حقيقية بين الأحزاب السياسية الأخرى أو أثر سياسي حقيقي وفعلي بين المواطنين.
وبناءً على ما تقدم يضحى الاختصاص بالنزاع الماثل طبقاً لأحكام الدستور وقانون الأحزاب وقانون مجلس الدولة معقوداً للدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة (محكمة الأحزاب السياسية) دون غيرها من المحاكم.
ومن حيث إن الأوراق أجدبت عن المستندات والأوراق الممكنة للمحكمة من إنزال حكمها فيمن يعد رئيساً للحزب المشار إليه وهو أمر يجب استكماله من خلال جلسات المرافعة وسماع أطراف المنازعة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة باختصاص محكمة الأحزاب وحدها بنظر الطعنين المعروضين وقررت إعادة الطعنين إلى المرافعة لنظرهما بجلسة اليوم وأبقت الفصل في المصروفات.

الطعن 3873 لسنة 57 ق جلسة 22 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ق 71 ص 422

جلسة 22 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي أسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وسري صيام وإبراهيم عبد المطلب.

-------------

(71)
الطعن رقم 3873 لسنة 57 القضائية

(1) نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". مخالفة. مرور.
حق الطعن بالنقض. قصره على الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح دون المخالفات إلا ما كان مرتبطاً بها. أساس ذلك؟
الطعن بالنقض على الحكم المطعون فيه في خصوص ما قضى به عن مخالفة قيادة سيارة بحالة ينجم عنها الخطر. غير جائز. متى لم تتوافر وحدة الغرض بينها وبين الجريمة الأخرى التي دين بها الطاعن أو لم ترتبط بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة.
(2) نيابة عامة. نقض. "المصلحة في الطعن".
حق النيابة العامة في الطعن في الحكم ولو كان ذلك لمصلحة المحكوم عليه. أساس ذلك؟
(3) استئناف "نظره والحكم فيه". دعوى جناية. نيابة عامة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
عدم جواز نظر الاستئناف المرفوع من النيابة. متى كان الحكم المستأنف قابلاً للمعارضة فيه من المتهم. علة ذلك؟
تصدي المحكمة الاستئنافية للفصل في الاستئناف المقام من النيابة قبل إعلان الحكم الغيابي المستأنف للمتهم. خطأ في القانون يوجب النقض والتصحيح بإيقاف نظر الاستئناف حتى يفصل في معارضة المحكوم عليه. أو ينقضي ميعادها.

-------------
1 - لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قصرت حق الطعن على الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح دون المخالفات إلا ما كان مرتبطاً بها، وكانت جريمة قيادة سيارة بحالة ينجم عنها الخطر مخالفة لأن العقوبة التي قررها لها الشارع هي الغرامة التي لا تزيد على مائة قرش عملاً بالمادة 77 من قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973 ولا تتوافر وحدة الغرض بينها وبين جريمة عدم حمل اللوحات المعدنية المنصرفة للسيارة، وهي أيضاً ليست مرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون صادراً بالنسبة لتهمة قيادة السيارة بحالة ينجم عنها الخطر في مخالفة غير جائز الطعن فيه.
2 - من المقرر أن النيابة العامة وهي تمثل الصالح العام وتسعى في تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية هي خصم يختص بمركز قانوني خاص يجيز لها أن تطعن في الحكم وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه، وكانت مصلحة المجتمع تقتضي أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى صحيحة وأن تبنى الأحكام على تطبيق قانوني صحيح خال مما يشوبه من أسباب الخطأ والبطلان، فإن مصلحة النيابة العامة في هذا الطعن تكون قائمة.
3 - لما كان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية لا يجوز لها أن تنظر الاستئناف المرفوع من النيابة العامة ما دام الحكم المستأنف ما زال قابلاً للمعارضة فيه من المتهم، لأن سلطة المحكمة تكون معلقة على مصير المعارضة أو على انقضاء ميعادها، كما أن استئناف النيابة العامة يكون معلقاً كذلك على تأييد ذلك الحكم أو إلغائه أو تعديله. لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن المتهم لم يعلن بعد بالحكم الغيابي الصادر من محكمة أول درجة، وكانت المحكمة الاستئنافية قد نظرت الاستئناف المقام من النيابة العامة وقضت في موضوعه، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بإيقاف النظر في الاستئناف المقام من النيابة العامة حتى يفصل في معارضة المطعون ضده في الحكم الابتدائي الغيابي أو ينقضي ميعادها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: 1 - لم يحمل اللوحات المعدنية المنصرفة للسيارة. 2 - قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر. وطلبت عقابه بمواد القانون 66 لسنة 1973، ومحكمة جنح مركز دمياط قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم عشرة جنيهات عن التهمة الأولى ومائة قرش عن التهمة الثانية. استأنفت النيابة العامة، ومحكمة دمياط الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى تغريم المتهم مائة قرش عن التهمة الأولى وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على المطعون ضده بوصف أنه (1) لم يحمل اللوحات المعدنية المنصرفة لسيارته. (2) قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر. لما كان ذلك، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قصرت حق الطعن على الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح دون المخالفات إلا ما كان مرتبطاً بها، وكانت جريمة قيادة سيارة بحالة ينجم عنها الخطر. مخالفة لأن العقوبة التي قررها لها الشارع هي الغرامة التي لا تزيد على مائة قرش عملاً بالمادة 77 من قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973 ولا تتوافر وحدة الغرض بينها وبين جريمة عدم حمل اللوحات المعدنية المنصرفة للسيارة، وهي أيضاً ليست مرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون صادراً بالنسبة لتهمة قيادة السيارة بحالة ينجم عنها الخطر في مخالفة غير جائز الطعن فيها.
ومن حيث إن النيابة العامة وهي تمثل الصالح العام وتسعى في تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية هي خصم يختص بمركز قانوني خاص يجيز لها أن تطعن في الحكم وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه، وكانت مصلحة المجتمع تقتضي أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى صحيحة وأن تبنى الأحكام على تطبيق قانوني صحيح خال مما يشوبه من أسباب الخطأ والبطلان، فإن مصلحة النيابة العامة في هذا الطعن تكون قائمة.
ومن حيث إن الطعن بالنسبة لتهمة عدم حمل اللوحات المعدنية قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى في موضوع الاستئناف المقام منها عن الحكم الابتدائي القاضي بإدانة المطعون ضده بجريمة عدم حمل اللوحات المعدنية المنصرفة لسيارته قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المحكمة الاستئنافية نظرت الدعوى وفصلت في موضوع الاستئناف المقام من النيابة العامة في حين أن الحكم الغيابي الابتدائي لم يعلن إلى المتهم بعد. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المحكمة الاستئنافية لا يجوز لها أن تنظر الاستئناف المرفوع من النيابة العامة ما دام الحكم المستأنف ما زال قابلاً للمعارضة فيه من المتهم، لأن سلطة المحكمة تكون معلقة على مصير المعارضة أو على انقضاء ميعادها، كما أن استئناف النيابة العامة يكون معلقاً كذلك على تأييد ذلك الحكم أو إلغائه أو تعديله. لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن المتهم لم يعلن بعد بالحكم الغيابي الصادر من محكمة أول درجة، وكانت المحكمة الاستئنافية قد نظرت الاستئناف المقام من النيابة العامة وقضت في موضوعه، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بإيقاف النظر في الاستئناف المقام من النيابة العامة حتى يفصل في معارضة المطعون ضده في الحكم الابتدائي الغيابي أو ينقضي ميعادها دون حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن.

الطعن 639 لسنة 39 ق جلسة 6 / 6 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 أحزاب ق 2 ص 17

جلسة 6 من يونيه سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد معروف محمد - نائب رئيس مجلس الدولة، عبد القادر هاشم النشار - نائب رئيس مجلس الدولة، إدوارد غالب سيفين - نائب رئيس مجلس الدولة، الدكتور/ منيب محمد ربيع - وكيل مجلس الدولة وبحضور السادة الأساتذة أعضاء المحكمة من الشخصيات العامة وهم: - 1 - السيد المهندس/ عبد الغني حسن السيد، 2 - السيد الأستاذ/ حسين فكري جلال فكري، 3 - السيد المهندس/ حسن محمد شبانة، 4 - السيد الأستاذ/ برنس محمد حسين صابر، 5 - السيد الدكتور/ علي علي حبيش.

---------------

(2)

الطعن رقم 639 لسنة 39 القضائية

(أ) أحزاب سياسية - لجنة شئون الأحزاب السياسية - اختصاصها - الرقابة على قراراتها 

- المواد 4 و7 و8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 في شأن الأحزاب السياسية - تبحث لجنة شئون الأحزاب السياسية أوراق الحزب للتأكد من توافر الشروط المقررة قانوناً بشأنه - تعترض اللجنة على قيام الحزب إذا تخلف شرط من الشروط المذكورة - يجب أن يكون قرارها مسبباً وبعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن - القرار الصادر في هذا الشأن يخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المتميز (محكمة الأحزاب السياسية) - تطبيق.
(ب) أحزاب سياسية - شروط إنشائها - شرط تميز برنامج الحزب عن غيره.
شرط التميز في البرنامج مستمد من مبدأ تعدد الأحزاب السياسية - ليس المقصود به الانفصال التام بين برامج الأحزاب الأخرى - يتحقق هذا الشرط إذا وجد بعض أوجه التشابه مع البرامج الأخرى - يكفي أن تكون برامج الحزب منطقية وممكنة - المحظور هو تعارض برنامج الحزب مع المقومات الأساسية للمجتمع والمبادئ التي يقوم عليها النظام الدستوري في البلاد - تطبيق. (1)


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 2 من يناير 1993، أودع الأستاذ/ محمود عبد العزيز الشوربجي المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن د. محمد عبد العال حسن عن نفسه وبصفته وكيلاً عن طالبي تأسيس حزب "العدالة الاجتماعية"، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم (639) لسنة 39 ق. (شئون أحزاب) في القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية في 10/ 12/ 1992 بالاعتراض على الطلب المقدم من الدكتور/ محمد عبد العال حسن لتأسيس حزب سياسي باسم "حزب العدالة الاجتماعية" وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 10/ 12/ 1992 من لجنة شئون الأحزاب السياسية المشار إليه واعتباره كأن لم يكن وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق وأودع السيد الأستاذ المستشار/ عبد السميع بريك، مفوض الدولة، تقريراً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد تحددت جلسة 31/ 1/ 1993 لنظر الطعن حيث نظرته هذه المحكمة بالجلسة المذكورة وما تلاها من جلسات، إلى أن تقرر حجز الطعن للنطق بالحكم بجلسة 9/ 5/ 1993 مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين وقد قدم الطاعن خلال الأجل مذكرة استعرض فيها وقائع الطعن، وفي مجال أهم ما يميز برنامج الحزب عن باقي الأحزاب المصرية، أوضحت المذكرة أن ثمة حلولاً يراها الحزب لتحقيق العدالة السريعة ومنها وضع القضاة والقضاء في المكان الصحيح، وتوعية المواطنين بمفهوم العدالة، وإرساء هذا المفهوم لدى الحكام، إدخال نظام القاضي النوباتجي، وإنشاء هيئة قومية عليا للتشريع، وإنشاء الشرطة القضائية، كما أوضح الحزب كيفية توفير الأموال اللازمة لذلك، كما يرى الحزب ضرورة عرض جميع القوانين والتشريعات على مجلس الدولة للموافقة على إصدارها ويكون رأيه ملزماً وليس استشارياً، وفي مجال الوحدة الوطنية ينادي الحزب بتخصيص أحد الأيام وليكن يوم أول فبراير من كل عام ليكون عيداً قومياً يسمى "يوم الإخاء المصري".
كما حرص الحزب على تعريف التطرف والإرهاب ومظاهرهما وخطورتهما كما تطرق إلى أسبابها ثم حدد أساليب حلهما.
واستطردت المذكرة قائلة إن الحزب يرى ضرورة إنشاء مجلس لشئون النقابات يقوم بوضع قانون موحد للنقابات، واقترح الحزب - في مجال الضرائب - تطبيق قانون "من أين لك هذا" بجدية وحزم على جميع أفراد الشعب وربط هذا القانون بالضرائب، وتناول الحزب تحقيق العدالة الضريبية في أحد عشر بنداً أهمها اعتبار "التهرب من الضرائب جريمة مخلة بالشرف والأمانة عقوبتها الحبس".
وعن "المشكلة السكانية" فقد وضع برنامجاً محدداً لمواجهة هذه المشكلة في خمس نقاط أهمها إنشاء هيئة خاصة لغزو الصحراء تقوم بتمليك الشباب الأراضي الصحراوية مجاناً أو برسوم رمزية لتشجيعهم على إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة على شواطئ البحرين المتوسط والأحمر.
وأضاف الطاعن في مذكرته أن "حزب العدالة الاجتماعية" يرى ضرورة إنشاء هيئة قومية لنهر النيل تضم ممثلي الوزارات والهيئات المعنية لكي تضطلع بعدد من المسئوليات في هذا الصدد، كما يرى الحزب التوسع في المشروعات النيلية مثل الصيد النهري والمواصلات النيلية، وتشجيع السياحة النيلية.
ومن الشئون السياسية قالت المذكرة أن الحزب يرى إعادة صياغة تعريف العامل والفلاح على النحو الذي أورده الحزب في برنامجه، كما يرى ضرورة اختيار رئيس الجمهورية ونائبه بطريق الانتخاب العام المباشر.
وفي مجال السياسة الخارجية يرى الحزب ضرورة التركيز على قيام "اتحاد عربي فعلي" وليس شكلي. وينشئ هذا الاتحاد سوقاً عربية مشتركةً وجيشاً عربياً موحداً، وخلص الطاعن لكل ما جاء بمذكرته إلى طلب الحكم له بطلباته، وبجلسة 9/ 5/ 1993 أعيد الطعن للمرافعة لجلسة اليوم لتغيير تشكيل الهيئة وقررت الهيئة إصدار الحكم بجلسة 30/ 5/ 1993 ولأنه إجازة رسمية فقد مد أجل النطق بالحكم إدارياً لجلسة 6/ 6/ 1993.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 16 من أغسطس سنة 1992 وجه الطاعن إلى المطعون ضده إخطاراً كتابياً يطلب فيه الموافقة على تأسيس حزب سياسي جديد باسم "حزب العدالة الاجتماعية" وأرفق بطلبه كشفاً بأسماء المؤسسين للحزب وعددهم (178) عضواً مصدقاً على توقيعاتهم بالشهر العقاري منهم (63) عضواً مؤسساً من الفئات، (115) عضواً مؤسساً من العمال والفلاحين، وأرفق به برنامج الحزب وأهدافه وبرامجه وأساليبه، فضلاً عن لائحة نظامه الداخلي.
وإعمالاً لنص المادة (7) من القانون (40) لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية قام رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية باتخاذ إجراءات إخطار رئيس مجلس الشعب، ورئيس مجلس الشورى وكذلك المدعي العام الاشتراكي بأسماء الأعضاء المؤسسين، وعرض الطلب على اللجنة بجلستها المعقودة بتاريخ 7/ 8/ 1992، واستمر نظر الطلب بجلسات تالية، وبجلسة 3/ 12/ 1992 استدعت اللجنة وكيل المؤسسين واستمعت إلى شرحه لبرنامج الحزب وأوجه تميزه عن الأحزاب الأخرى، ومن ثم أصدرت قرارها المطعون فيه، متضمناً الاعتراض على الطلب المقدم من الدكتور/ محمد عبد العال حسن (الطاعن) بتأسيس حزب سياسي باسم "حزب العدالة الاجتماعية" وأقامت اللجنة قرارها على أن برنامج الحزب وأساليبه وسياساته لتنفيذ هذا البرنامج يفتقد شرط "التميز الظاهر" الذي عنته المادة الرابعة من القانون رقم (40) لسنة 1977.
وقد أوردت اللجنة بياناً بذلك - أن برنامج الحزب في المجال السياسي لم يأت بجديد يتميز به عن الأحزاب الأخرى فهي مجمعة على الأخذ بنظام الانتخاب الفردي المباشر لاختيار أعضاء السلطة التشريعية وأغلبيتها ترى أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية بالطريق المباشر وإباحة الترشيح لهذا المنصب وتعديل الدستور بما يتحقق معه ذلك، وعن أعطاء سلطة تشريعية لمجلس الشورى فقد ورد ذلك بجميع برامج الأحزاب ولا تميز فيه وبالنسبة لإعداد دراسات لاختيار القادة في العمل الإداري فقد نص عليه قانون قطاع الأعمال وتم إصداره والعمل به.
وعن القضاء على ظاهرة "بطء التقاضي" لتحقيق العدل الاجتماعي وأساليب الحزب لتنفيذ ذلك، فهذا كله موضع اهتمام وتنفيذ حكومة الحزب الوطني التي أعادت مجلس القضاء الأعلى، ووضعت خطة لتشييد دور القضاء وتزويدها بكل الوسائل الحديثة وأحاطت رجال القضاء بالرعاية الصحية والاجتماعية واهتمت بالهيئات المعاونة للقضاء، واستطرد قرار اللجنة المطعون فيه إلى أن ما أورده الحزب في شأن الأمن الداخلي - فإنه فضلاً عن اهتمام حكومة الحزب الوطني بالأمن الداخلي وما قامت به من إدخال تعديلات على قانون العقوبات، وتزويد رجال الشرطة بالسيارات المجهزة وإنشاء قوات خاصة مدربة على مقاومة الإرهاب، ورعاية رجال الشرطة وأسرهم اجتماعياً وصحياً، فإن الأحزاب الأخرى كحزب "الأمة" و"الأحرار" و"العربي الديمقراطي الناصري" و"العمل" ضمنت برامجها الاهتمام بالأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب والتطرف، وعن نظام المدعي العام الاشتراكي فهو قائم ومستمر بحكم الدستور.
ومن ثم فإن برنامج الحزب طالب التأسيس لا يتميز عن باقي الأحزاب الأخرى في مجال الأمن الداخلي.
وما ورد ببرنامج الحزب في "الإصلاح الاقتصادي والتنمية الزراعية والصناعية" فإنه كما قالت اللجنة يفتقد سمة التميز ويتصف بالعمومية والخلو من الوسائل اللازمة لتنفيذه بعد أن تم سرده في عموميات.
وعن التنمية الاجتماعية وما جاء بشأنها في برنامج الحزب من اهتمام بالشباب ومعالجة ظاهرة البطالة بينهم وتدريب الشباب على أنظمة العمل بالكمبيوتر، واهتمام بالرياضة ومكافحة ظواهر الإدمان والتطرف ووضع خطة قومية لمحو الأمية، فإن كل ذلك نادت به كافة الأحزاب القائمة ولا يتميز برنامج الحزب طالب التأسيس عن غيره في هذا المجال.
وبالنسبة "لسياسة التعليم" فإن ما أورده برنامج الحزب في شأنها وفي أسلوب تنفيذها لا تميز فيه لأن برامج كافة الأحزاب تدعو إلى التوسع في التعليم الفني وإنشاء مراكز للتدريب الحرفي وترشيد مجانية التعليم، وأن مبدأ استقلال الجامعات ورد بمناهج العديد من الأحزاب الأخرى.
وعما أورده برنامج الحزب بشأن "السياسة الإعلامية"، وتحويل وسائل الإعلام إلى شركات لإيجاد التمويل الذاتي لها وتوجيه برامجها إلى التوعية بالمشاكل الاجتماعية والأسرية والدينية، فإن وسائل الإعلام حالياً تعتمد في غالبية تمويلها على الأعمال التجارية التي تقوم بها كالإعلانات، وليس من الصالح العام تحويل كافة وسائل الإعلام إلى شركات لا تعمل سوى للربح فقط دون مراعاة المصالح العليا للدولة وللمجتمع وبالتالي ينحسر دورها في التوعية بالمشكلات الاجتماعية التي ينادي بها برنامج الحزب.
وفيما يتعلق بما أشار إليه الحزب من إنشاء "نقابة للحرفيين" ووضع قانون موحد للنقابات وتطبيق قانون الكسب غير المشروع على المواطنين كافة فإن النقابات العمالية تقوم بدورها، وكذا النقابات المهنية، وأن برنامج الحزب جاء في هذا الشأن مرسلاً دون تفصيل وبغير أن يصاحبه أسلوب تنفيذه والفائدة المرجوة منه، وهو الأمر الملاحظ أيضاً في شأن تطبيق قانون الكسب غير المشروع الذي لم يتضمن برنامج الحزب أسلوب تطبيقه.
وأما ما تضمنه برنامج الحزب من حل لمشكلة المرور بإنشاء "هيئة للجراچات" تتبع رئيس مجلس الوزراء ففضلاً عن أن البرنامج خلا من الأساليب التي توضح كيفية التنفيذ ومن الدراسة العملية للمشكلة فإن حكومة الحزب الوطني أولت هذه المشكلة اهتمامها فتم إنشاء العديد من الجراچات المتعددة الطوابق ووضع الحلول المبنية على دراسات وأبحاث علمية لحل المشاكل المرورية.
وعن "منصب الشريف" بالأحياء والمدن والقرى، الذي ورد ببرنامج الحزب فقد جاء في عموميات ودون تفصيل لكيفية إنشاء هذا المنصب وصلاحياته.
وما تضمنه برنامج الحزب من الاستعانة برجال القوات المسلحة في إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة واستصلاح الأراضي الصحراوية وتحسين المرافق فهو أمر رأته لجنة شئون الأحزاب المطعون في قرارها أنه يخرج عن مهام القوات المسلحة المنوط بها الدفاع عن الوطن والتدريب على أحدث الأسلحة.
وخلصت لجنة شئون الأحزاب السياسية إلى أن برنامج الحزب قد خلا من أيدولوچية واضحة المعالم ذات أساليب قابلة للتنفيذ لتحقيق العدالة الاجتماعية بين طبقات الشعب وجموع أفراده يتميز بها عن باقي الأحزاب تتفق مع الاسم الذي اختاره لنفسه لذا فإن اللجنة ترى انتفاء برنامج الحزب طالب التأسيس وأساليبه وسياساته لتنفيذ برنامجه، للتميز الظاهر الذي ينفرد به عن الأحزاب الأخرى ولذلك فهي تعترض على تأسيسه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن القرار المطعون فيه قد قام على غير أساس من القانون أو الواقع وبني على أسباب بعيدة عن الحقيقة، ذلك أن الهيئة التأسيسية للحزب قد اطلعت على جميع برامج الأحزاب الأخرى، وتم حذف المشابه لها من برنامج الحزب قبل تقديمه إلى لجنة شئون الأحزاب السياسية مما يجعله متميزاً عن برامج الأحزاب الأخرى باستثناء القضايا التي يستحيل أن تكون متميزة التزاماً بأحكام الدستور والقانون والصالح العام.
ولقد أعد الحزب في برنامجه رؤية واضحة ومحددة لتحقيق العدالة السريعة، ولو لم يفعل الحزب غير ذلك لكفاه، وأن المدخل الحقيقي لتحقيق العدالة السريعة هو إعادة النظر في وضع أعضاء الهيئات القضائية في مصر بحيث ينظر لهم نظرة مختلفة كما يحدث في جميع دول العالم المتقدمة، وقد وضع حزب العدالة الاجتماعية تصوراً كاملاً في برنامجه لتحقيق العدالة السريعة.
ويستطرد الطاعن قائلاً عن برنامج الحزب تصدى لعدد كبير من القضايا الحيوية التي تؤثر على حاضر الشعب ومستقبله مثل "مشكلة المرور" و"مشكلة الذين يخرجون من السجون"، وكيفية الاستفادة من الجيش في القضاء على الأمية وتعليم المجندين مختلف الحرف، وإنه من المؤسف أن ترد لجنة شئون الأحزاب على ذلك بأنه يخرج عن مهام القوات المسلحة المنوط بها الدفاع عن الوطن والتدريب على المهام العسكرية والأسلحة الحديثة المتطورة والأخذ بأسباب التكنولوچيا.
كما وضع الحزب في برنامجه تصوراً كاملاً للاستفادة من الكمبيوتر في تحقيق التقدم لشعبنا وكيفية تعريب شفرته، كما شمل برنامج الحزب الأسلوب الأمثل للاستفادة من الفنون والآداب، وتناول البرنامج موضوعات على قدر كبير من الخطورة والأهمية مثل الوحدة الوطنية والإرهاب والبطالة والتثقيف الصحي ووقاية المجتمع من الإيدز والإدمان ومحو الأمية، وكيفية تحقيق العدالة الاجتماعية، وخلص الطاعن لما تقدم - ولكل ما جاء بتقرير الطعن - إلى أن قرار اللجنة صدر على غير أساس من القانون ويتعين الحكم بإلغاء هذا القرار.
ومن حيث إن هذه المحكمة بتشكيلها المتميز الذي حددته المادة الثامنة من القانون رقم (40) لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية المعدل بالقانونين رقمي (144) لسنة 1980 و(114) لسنة 1983 إنما تلتزم في أعمال رقابتها على القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب بالاعتراض على تأسيس الحزب، بأحكام الدستور والقانون ويقتضي ذلك ابتداءً تحديد دور هذه اللجنة في أداء مهمتها الواردة بالقانون والصلاحيات والإمكانيات التي أتيحت لها في بسط رقابتها القانونية على برامج الأحزاب تحت التأسيس وذلك في ضوء أحكام مواد الدستور والمبادئ الدستورية العامة التي يتعين فهم وتفسير أحكامه في ظله والأهداف والغايات القومية التي تسعى إلى تحقيقها.
فقد أكدت وثيقة إعلان الدستور على أن جماهير شعب مصر هي التي قبلت وأعلنت ومنحت لنفسها الدستور وقد انعقد عزمها على بذل كل الجهد لتحقق: -
(أولاً) السلام القائم على العدل بحسبان أن التقدم السياسي والاجتماعي لكل الشعوب لا يمكن أن يتم إلا بحرية الشعوب وبإرادتها المستقلة.
(ثانياً) أن الوحدة العربية هي أمل الأمة العربية باعتبارها نداء تاريخ ودعوة مستقبل.
(ثالثاً) التطوير المستمر للحياة في الوطن إيماناً بأن التقدم لا يحدث تلقائياً أو بالوقوف عند إطلاق الشعارات وإنما قوته الدافعة لتحقيقه في إطلاق جميع الإمكانيات والملكات الخلاقة والمبدعة للشعب.
(رابعاً) حرية الإنسان المصري عن إدراك بأن حرية الإنسان وعزته هي الشعاع الذي هدى ووجه مسيرة التطور الذي قطعته الإنسانية نحو مثلها العليا وأن كرامة الفرد انعكاس لكرامة الوطن، وأن سيادة القانون ليست ضماناً مطلوباً وحسب لحرية الفرد ولكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة.
ولا يمكن تفسير تلك المبادئ التي تضمنتها مقدمة الدستور الذي أقره الشعب في استفتاء عام تفسيراً سليماً إلا إذا تم استعراض تطور الحياة السياسية في مصر فيما قبل ثورة 23 يوليو 1952، وبعد هذه الثورة، ويبين من الدراسة لما قبلها أنه لم يرد في دستور سنة 1882 أي نص بإباحة أو حظر تكوين الأحزاب السياسية، فهو بحكم نصوصه وظروف إصداره لم يتعرض إلا لنظام عضوية مجلس النواب واختصاصاته الدستورية، ولم يتغير هذا الوضع في ظل القانون النظامي الصادر سنة 1913 في ظل الاحتلال البريطاني أُلغي دستور 1882، كما لم يرد في دستور سنة 1923 أي نص صريح بإباحة تشكيل الأحزاب السياسية أو تنظيم هذه الأحزاب، وإنما ورد النص فيه على كفالة حرية الرأي، وأن لكل إنسان الإعراب عن فكره بالقول أو بالكتابة أو بالتصوير أو بغير ذلك في حدود القانون (م 14) وعلى أن للمصريين حق الاجتماع في هدوء وسكينة غير حاملين سلاح (م 20)، وأن لهم حق تكوين الجمعيات، وحظر الجمعيات السرية، أو ذات النظام العسكري، وكيفية استعمال هذا الحق يحددها القانون (م 31)، وهذا النص الأخير يطابق النص الوارد في المادة (21) من دستور سنة 1930.
وقد قامت معظم الأحزاب السياسية في مصر قبل دستور 1923 واستمرت قائمة بعده، كما نشأت أحزاب أخرى بعد صدوره دون مجادلة من أحد في أن حق تكوين الجمعيات شامل لها بجميع أنواعها وبينها الأحزاب السياسية وأنه حق متفرع كذلك عن حرية الاجتماع وحرية إبداء الرأي، وحق الترشيح وحق الانتخاب هي حقوق قررتها دساتير سنة 1923 وسنة 1930 ولم يصدر قانون لتنظيم الأحزاب السياسية بعد صدور دستور سنة 1923 وقبل قيام ثورة 23 يوليو 1952 ليضع القواعد الكفيلة لتحقيقها لأهدافها السياسية في خدمة الشعب، وبعد أن قامت ثورة 23 يوليو سنة 1952 وأعلنت مبادئها الستة المعروفة وبينها "إقامة حياة ديمقراطية سليمة" صدر في سبتمبر سنة 1952 المرسوم بقانون رقم (179) لسنة 1952 بتنظيم الأحزاب السياسية وقد استهدف هذا المرسوم إتاحة الفرصة للأحزاب السياسية القائمة لتنظيم نفسها وتطهير صفوفها مما يزيل عيوب تعددها وتفتتها عن غيرها من الأحزاب التي نشأت قبل المرسوم بالقانون المشار إليه، والذي نص في المادة الأولى منه على حرية المصريين في تكوين الأحزاب السياسية والانتماء إليها، وفي 17 من يناير سنة 1953 أصدر القائد العام للقوات المسلحة بصفته رئيساً لحركة الجيش إعلاناً دستورياً انتهى فيه إلى إعلان فترة انتقال لمدة ثلاث سنوات حتى تتمكن الثورة من إقامة حكم ديمقراطي سليم، مع حل الأحزاب السياسية القائمة اعتبار أن هذا التاريخ، وقد أبان هذا الإعلان الدستوري أن الأساس الذي قام عليه في حل الأحزاب السياسية هو الحفاظ على الوحدة الوطنية في مواجهة الاحتلال الأجنبي، ومنع التأثير الأجنبي على الحياة السياسية المصرية من خلال التحالف أو الاتصال بين الأحزاب والدول الأجنبية المختلفة، وصدر عقب ذلك المرسوم بقانون رقم (37) لسنة 1953 الذي قام على عدة مبادئ أساسية بينها حظر نشاط أي نوع من النشاط الحزبي على أعضاء الأحزاب السياسية المنحلة (م 2) وحظر قيام أية أحزاب سياسية جديدة مع إلغاء المرسوم بقانون رقم (179) لسنة 1952 بتنظيم الأحزاب السياسية (م، 6)، وفي 10 من فبراير سنة 1953 صدر إعلان دستوري تضمن المبادئ الأساسية للحكم في المرحلة الانتقالية المؤقتة السابق إعلانها.
وصدر مرسوم بقانون رقم (36) لسنة 1953 في شأن التدابير المتخذة لحماية حركة 23 يوليو سنة 1952 والنظام القائم عليها، وقضت أحكامه اعتبار كل تدبير اتخذ خلال سنة من 23 يوليو سنة 1952، بقصد حماية هذه الحركة والنظام القائم عليها من أعمال السيادة.
وأثر إلغاء الأحزاب السياسية أنشأ النظام الحاكم (هيئة التحرير) وكانت طبقاً لنظامها الأساسي تجمعاً شعبياً ووطنياً هدفه توحيد جهود المواطنين بكافة طوائفهم وفئاتهم ونزعاتهم لتحقيق الهدف الأول من أهداف ثورة 23 يوليو سنة 1952 وهو "إجلاء المستعمر الأجنبي عن البلاد، واستمرت هذه الهيئة حتى صدر دستور سنة 1956 الذي تضمن النص في أحكامه الختامية والانتقالية على إنشاء "اتحاد قومي" يهدف إلى بناء البلاد بناءً سليماً من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وترك الدستور تنظيم هذا الاتحاد لقرار يصدره رئيس الجمهورية، وفي عام 1962 أعلن الميثاق الوطني، ثم صدر دستور سنة 1964 الذي نص في المادة الثالثة منه على أن "الوحدة الوطنية التي يصنعها تحالف قوى الشعب العاملة المختلفة للشعب العامل وهي الفلاحون والعمال والجنود والمثقفون والرأسمالية الوطنية هي التي تقيم الاتحاد الاشتراكي العربي ليكون السلطة الممثلة للشعب والدافعة لإمكانات الثورة والحارسة على قيم الديمقراطية السليمة".
وفي مارس سنة 1968 صدر بيان 30 مارس الذي تضمن أن الأسباب الرئيسية لهزيمة يونيو سنة 1967 هي إهدار سيادة القانون وانعدام الديمقراطية في ظل سيطرة مراكز القوى على الاتحاد الاشتراكي العربي، وعلى السلطة في البلاد، ورغم تأكيد البيان على صيغة الاتحاد الاشتراكي العربي، إلا أنه أرجع المشاكل الناتجة عن وجوده إلى عدم قيامه على الانتخاب الحر من القاعدة إلى القمة.
وبعد أن أعلن في 15 مايو سنة 1971 إزاحة مراكز القوى المتسلطة على الشعب وبدأ الإعداد للتصحيح الكامل لمسار ثورة 23 يوليو بوضع مبدأها السادس وهو إقامة الحياة الديمقراطية السليمة - موضع التطبيق بدأ للإعداد لوضع دستور دائم للبلاد وإزالة التناقض المصطنع بين الحرية السياسية ومصالح الأغلبية العظمى من الشعب، وفتح الطريق أمام الديمقراطية باعتبارها الضمان الوحيد ضد ظهور مراكز القوى، وضد الولاء للفرد، ومن ثم صدر دستور سنة 1971 الذي نص في المادة الثالثة منه على أن "السيادة للشعب وهو مصدر السلطات ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور، ونص في المادة الخامسة على قيام الاتحاد الاشتراكي العربي والمبادئ الأساسية التي تنظم وتحكم نشاطه وبينها مبدأ "الديمقراطية".
ثم أفرد الدستور الباب الثالث للحريات والحقوق والواجبات العامة وتضمن النص في المادتين (47، 48) على حرية الرأي وحرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام.
ونص في المادة (54) منه على حق المواطنين في الاجتماعات العامة والمواكب الشعبية، ونصت المادة (55) على حق المواطنين في تكوين الجمعيات على الوجه المبين في القانون وحظر في ذات الوقت "إنشاء جمعيات يكون نشاطها معادياً لنظام المجتمع أو سرياً أو ذا طابع عسكري".
ثم صدرت ورقة أكتوبر سنة 1974 التي طرحت استفتاءً شعبياً والتي تضمنت أنه "إذا كانت ثورة يوليو سنة 1952 قد أنجزت الكثير من "الحرية الاجتماعية" فإنه بكل أمانة لابد أن يسلم أن جانب "الحرية السياسية" لم يتحقق على الوجه الذي يريده الشعب..... وأنه لا جدوى للقمة العيش إذا فقد الإنسان أهم ما يميزه وهو الحرية السياسية..... وأن "الديمقراطية ليست مجرد نصوص ولكنها ممارسة عملية ويومية".
وكانت ورقة تطوير الاتحاد الاشتراكي التي قدمها الرئيس الراحل أنور السادات في أغسطس سنة 1974 قد تضمنت أن نفي فكرة الحزب الواحد عن الاتحاد الاشتراكي العربي لا يمكن أن يتم إلا بالتسليم بتعدد الاتجاهات داخله.
ثم شكلت لجنة مستقبل العمل السياسي برئاسة رئيس مجلس الشعب وعضوية عدد من أعضاء النقابات المهنية والعمالية التي تدارست الاتجاهات السياسية للتطوير، وهي ثلاثة اتجاهات: أولاها يرى إنشاء "منابر ثابتة" داخل إطار الاتحاد الاشتراكي والثاني يذهب إلى إنشاء "منابر متحركة" داخل إطار هذا الاتحاد، أما الثالث فيعتبر "الاتحاد حزباً سياسياً للثورة يلتزم بمبادئها ومواثيقها"، ويقوم خارجه أحزاب أخرى، وبعد تطوير نظام المنابر طالبت اللجنة البرلمانية للرد على بيان الحكومة في مجلس الشعب في تقرير لها مؤرخ 23 ديسمبر سنة 1976 بإعداد تشريع للأحزاب السياسية، وبناءً على ذلك صدر القانون رقم (40) لسنة 1977 بتنظيم الأحزاب السياسية الذي عمل به اعتباراً من تاريخ نشره بتاريخ 7 من يوليو سنة 1977.
ونص في المادة (30) منه على أن "تستمر قائمة التنظيمات السياسية الثلاثة الحالية وهى: -
1 - حزب مصر العربي الاشتراكي.
2 - حزب الأحرار الاشتراكيين.
3 - حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي.
وتتمتع بالشخصية الاعتبارية وتمارس نشاطها كأحزاب طبقاً لأحكام هذا القانون....".
وقد نصت المادة الأولى منه على أن "للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصري الحق في الانتماء لأي حزب سياسي وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون.
وتنص المادة الثانية على أن "يقصد بالحزب السياسي كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة، وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم".
وحددت المادة الثالثة دور رسالة "الأحزاب السياسية" بأن نصت على أن "تسهم الأحزاب التي تؤسس طبقاً لأحكام القانون في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية، وتحالف قوى الشعب العاملة، والسلام الاجتماعي والاشتراكية الديمقراطية......".
وقد أورد القانون المذكور الأحكام المتعلقة بشروط التأسيس للأحزاب السياسية واستمرارها وانقضائها، وإنشاء لجنة خاصة لشئون الأحزاب تقدم إليها طلبات تأسيس الأحزاب، ويكون لها حق الاعتراض عليها بقرار مسبب، إذا كان قيامها يتعارض مع أحكام القانون.
وفي 11 من إبريل سنة 1979 نشر قرار رئيس الجمهورية رقم (157) لسنة 1979 بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء حيث تضمن الموضوعات المحدد طرحها للاستفتاء الشعبي ومنها ما ورد تحت البند ثانياً الخاص بإعادة تنظيم الدولة على الأسس التالية تدعيماً للديمقراطية.... إطلاق حرية تكوين الأحزاب السياسية..." وبعد موافقة الشعب على ما طرح في الاستفتاء الذي تم في 22 مايو سنة 1980 وأصبح نصها على النحو الآتي: -
"النظام السياسي في جمهورية مصر العربية يقوم على أساس تعدد الأحزاب، وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور وينظم القانون الأحزاب السياسية".
ومن حيث إنه يبين من العرض المتقدم أن أحكام القانون رقم (40) لسنة 1977 صدرت بمراعاة ما قررته أحكام الدساتير المصرية المتعاقبة ومنها دستور سنة 1971 من حق المصريين في تكوين الجمعيات بما يشمل الجمعيات السياسية أو الأحزاب بشرط ألا تكون معادية لنظام المجتمع، أو تقوم على تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية، وبناءً على الحريات العامة المقررة في هذه الدساتير مثل حرية الرأي والتعبير وكذا حق الاجتماع لذلك فإن قيام الأحزاب بناءً على كونها حقاً عاماً للمصريين، كان معلقاً على إزالة الحظر القانوني الذي فرض انفراد الاتحاد الاشتراكي بالساحة السياسية، ومن ناحية أخرى فإن تعديل أحكام الدستور لجعل النظام السياسي يقوم على أساس تعدد الأحزاب لم يأت بجديد في شأن إطلاق حرية إنشاء كل الأحزاب السياسية، وحق الانتماء إليها دستورياً، بل إن ذلك كان مجرد تأكيد لهذا الحق الدستوري للمصريين، كما أن ذلك يعتبر تسجيلاً للإدارة الشعبية التي أفصحت عنها جموع الشعب في الاستفتاء الذي أجري على القانون رقم (2) لسنة 1977 بشأن تعدد الأحزاب السياسية وإطلاق حرية تكوينها، وبذلك فإن تعدد الأحزاب وحرية تكوينها أو الانتماء إليها يكون هو الأصل والمبدأ العام الدستوري الذي يتلاءم صدقاً وحقاً مع النظام الديمقراطي الذي تأخذ به جمهورية مصر العربية ليس فقط لأن ذلك تنفيذ لأحكام المادة الخامسة من الدستور بعد تعديلها بل لأن ذلك حق متفرع على حق تكوين الجمعيات، والحزب السياسي "جمعية سياسية"، وبناءً على ما نص عليه الدستور في المادة (47) من حرية الرأي والعقيدة، وفي المادة (48) من حرية التعبير في جميع وسائل الإعلام والنشر وتعد نوعاً من المساهمة في الحياة العامة التي نصت عليها المادة (62) من الدستور واعتبرتها واجباً وطنياً، بل إن وجود الأحزاب وتعددها يعد في ذاته ضرورة لاتصاله أوثق الصلة بنظام المؤسسات الدستورية وكيفية سيرها وطريقة اضطلاعها بالاختصاصات المقررة لها بمقتضى الدستور والقانون، ومن وجه آخر لأن النظم الديمقراطية تقوم على أساس سليم من خلال تعدد الأحزاب السياسية باعتبار ذلك ضرورة واقعية للتعبير عن اختلاف الرأي الذي تحتمه طبيعتها الديمقراطية ولو لم ينص الدستور صراحة على حرية تكوين الأحزاب السياسية وتنظيمها.
(حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم (44) لسنة 7 ق)
ومن حيث إن القانون رقم (40) لسنة 1977 في شأن نظام الأحزاب السياسية بعد أن حدد الأسس والمبادئ الأساسية لتنظيم الأحزاب السياسية، نظم الأحكام الخاصة بشروط تأسيس هذه الأحزاب واستمرارها وحلها وكيفية وصولها كحزب سياسي إلى الساحة السياسية فقد نصت المادة الرابعة من القانون المشار إليه على أنه يشترط لتكوين أو استمرار حزب سياسي ما يلي: -
(أولاً) عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع: -
1 - مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع.
2 - مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952، 15 مايو 1971.
3 - الحفاظ على الوحدة الوطنية، والسلام الاجتماعي، والنظام الاشتراكي الديمقراطي، والمكاسب الاشتراكية.
(ثانياً) تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى.
(ثالثاً) ..... (رابعاً) ...... (خامساً) ....... (سادساً) ...... (سابعاً) ....... (ثامناً) ...... (تاسعاً) ........
كما تنص المادة السابعة من القانون المشار إليه بعد تعديلها بالقانون رقم (144) لسنة 1980 على أنه "يجب تقديم إخطار كتابي إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية المنصوص عليها في المادة التالية عن تأسيس الحزب موقعاً عليه من خمسين عضواً من أعضائه المؤسسين، ومصدقاً رسمياً على توقيعاتهم على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين وترفق بهذا الإخطار جميع المستندات المتعلقة بالحزب........".
وتنص المادة على أن تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالي: -
1 - رئيس مجلس الشورى - (رئيساً).
2 - وزير العدل.
3 - وزير الداخلية.
4 - وزير الدولة لشئون مجلس الشعب.
5 - ثلاثة من غير المنتمين إلى أي حزب سياسي......
"وتختص اللجنة بالنظر في المسائل المنصوص عليها في هذا القانون وبفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب السياسية طبقاً لأحكامه.....".
"وعلى اللجنة أن تصدر قرارها بالبت في تأسيس الحزب على أساس ما ورد في إخطار التأسيس الابتدائي وما أسفر عنه الفحص أو التحقيق وذلك خلال الأربعة أشهر التالية على الأكثر لعرض الإخطار بتأسيس الحزب على اللجنة....".
"ويجب أن يصدر قرار اللجنة بالاعتراض على تأسيس الحزب مسبباً بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن...".
ويجوز لطالبي تأسيس الحزب خلال الثلاثين يوماً التالية لنشر قرار الاعتراض في الجريدة الرسمية أن يطعنوا بالإلغاء في هذا القرار أمام "الدائرة الأولى" للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها "رئيس مجلس الدولة" على أن ينضم لتشكيلها عدد مماثل من الشخصيات العامة يصدر باختيارهم قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية من الكشوف الخاصة بالشخصيات العامة.....
وتفصل المحكمة المذكورة في الطعن خلال أربعة أشهر على الأكثر من تاريخ إيداع عريضته إما بإلغاء القرار المطعون فيه أو بتأييده وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي منه الرئيس...
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم من أحكام أن مهمة اللجنة وسلطاتها إزاء الأحزاب المزمع تأسيسها تتحدد في ضوء المبادئ الدستورية والقانونية سالفة البيان والتي قررت أن تكوين الأحزاب حق عام للمصريين، ولهم حرية تكوينها والانتماء إليها، وأن كل جماعة ارتضت تكوين حزب سياسي يجب عليها إخطار اللجنة المذكورة، قبل البدء في ممارسة مهامها ونشاطها على الساحة السياسية، وجعل القانون مهمة هذه اللجنة منحصرة في بحث أوراق الحزب تحت التأسيس للتأكد من مدى توافر الشروط التي حددها الدستور، وأورد القانون تفصيلاً لها، ويكون للجنة حق الاعتراض على قيام الحزب قانوناً إذا ما تخلف في حقه شرط أو أكثر من الشروط المتطلبة، وفي هذه الحالة فإن عليها أن تصدر قرارها مسبباً بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن، وقد حتم المشرع سماع ذوي الشأن حرصاً على تحقيق دفاعهم وإيضاح مواقفهم وتوجهاتهم أمام اللجنة، كما حرص على ضرورة أن "يصدر قرار اللجنة مسبباً "باعتبار أنها تتصرف في إطار "سلطة مقيدة" بنص الدستور وأحكام القانون وفي مجال ممارسة حرية من الحريات التي كفلها الدستور، وعلى أن يخضع ما تقرره اللجنة للرقابة القضائية من هذه المحكمة التي شكلها المشرع بالتشكيل المتميز الذي يكفل لها أعمال هذه الرقابة والتحقق من مدى سلامة قرار اللجنة ومطابقته لأحكام الدستور والقانون.
ومن حيث إن نصوص القانون قد حرصت على تأكيد هذا المعنى عندما عبر المشرع في المادة السابعة عن الطلب المقدم بتأسيس الحزب بأنه "إخطار" أي إبلاغ عن نية جماعة منظمة في ممارسة حقوقها الدستورية على الوجه الذي يكفله الدستور والقانون، كما عبر المشرع عن سلطة اللجنة عند البت في الإخطار بعبارة "الاعتراض" على التأسيس مستبعداً وبحق - عبارتي الموافقة أو الرفض حرصاً منه على التأكيد على أن مهمة اللجنة تقف عند حد فحص أوراق الحزب والتحقق من توافر الشروط الواردة في الدستور والقانون أو الاعتراض عليها، فاللجنة تباشر سلطة مقيدة لا تسمح لها أن تقف حائلاً في سبيل ولوج أي حزب إلى ميدان السياسة إلا إذا كان لديها من الأسباب الحقيقية والجوهرية - وفقاً لما هو وارد بنص دستوري أو قانوني - ما يبرر عدم السماح لمؤسسي الحزب بإقامته إعلاء للشرعية واحتراماً لأحكام الدستور والديمقراطية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن لجنة الأحزاب السياسية قد أصدرت قرارها المطعون فيه بالاعتراض على الطلب المقدم من الطاعن بصفته بتأسيس حزب سياسي باسم "حزب العدالة الاجتماعية" وذلك على سند من أن اللجنة استظهرت - على النحو الوارد بأسباب الاعتراض - افتقاد برنامج الحزب طالب التأسيس وأساليبه وسياساته لتنفيذ برنامجه، للتميز الظاهر الذي ينفرد به عن الأحزاب الأخرى وهو الشرط اللازم الذي نصت عليه المادة الرابعة في فقرتها الثانية من القانون رقم (40) لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية لإمكان إجازته للعمل السياسي.
ومن حيث إنه من بين الشروط والضوابط التي أوردها القانون رقم (40) لسنة 1977 لتأسيس الأحزاب السياسية أو استمرارها ما ورد بالبند ثانياً من المادة الرابعة التي تشترط لتأسيس الحزب واستمراره تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى.
ومن حيث إنه لا شك أنه يتعين توافر هذا الشرط في كل حزب ضماناً للجدية التي تمثل مبدءاً أساسياً من النظام العام السياسي والدستوري في تطبيق مبدأ التعدد الحزبي وفقاً لأحكام الدستور وقانون تنظيم الأحزاب السياسية سالفة الذكر، وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية للعمل السياسي ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى، وذلك حتى يكون لمبدأ تعدد الأحزاب السياسية جدوى سياسية محققة للصالح القومي، بما تحققه من إثراء للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية للمواطنين، وتوسيعاً لنطاق المفاضلة بين الأحزاب أمامهم واختيار أصلحها من حيث تبنيها لأنسب الحلول وأنفعها لتحقيق المصالح العامة للشعب.
ومن حيث إنه يتعين الإشارة - بادئ ذي بدء - إلى أن الأحزاب السياسية القائمة فعلاً أو التي تطلب التأسيس تلتزم أساساً باحترام المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور والتي نظمها في الباب الثاني منه متمثلة في المقومات الاجتماعية والخلقية الواردة في الفصل الأول، والمقومات الاقتصادية الواردة في الفصل الثاني من الباب المذكور وتلتزم تلك الأحزاب بألا تتعارض في مقوماتها أو مبادئها أو أهدافها أو برامجها أو سياستها أو أساليب ممارستها لنشاطها مع مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع ومبادئ ثورتي 23 يوليو 1952، 15 مايو 1971.
كما تلتزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية على النحو المنصوص عليه في القانون رقم (40) لسنة 1977، ومقتضى ذلك أن الدستور ومن بعده القانون المشار إليه، قد تطلبا لزاماً اتفاق الأحزاب في أمور غير مسموح في شأنها بالاختلاف أو التميز دستوراً وقانوناً سواء في المبادئ والمقومات أو في الأساليب والسياسات، ومن ثم فإن دائرة التميز المطلوب كشرط لتأسيس الحزب المزمع قيامه سوف يكون دائماً خارج إطار تلك المبادئ والأهداف الأمر الذي يؤدي إلى أن التماثل الذي قد يقترب من التطابق مفترض حتماً في تلك المبادئ والأهداف الأساسية التي تقوم عليها الأحزاب، ولذلك فإن عدم التميز أو التباين في هذا المجال الوطني والقومي لا يمكن أن يكون حائلاً دون تأسيس أي حزب، كذلك فإن التميز المطلوب قانوناً في حكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة المشار إليها سلفاً، لا يمكن أن يكون مقصوداً به الانفصال التام في برامج الحزب وأساليبه عن برامج وأساليب الأحزاب الأخرى مجتمعة فليس في عبارة النص المشار إليه - أو دلالته - ما يوحي بأن التميز يجب أن ينظر إليه بالمقارنة بما ورد ببرامج وسياسات الأحزاب الأخرى جميعها ذلك أن الأخذ بمنطق هذا التفسير إلى منتهاه يفرض قيداً هو أقرب إلى تحريم تكوين أي حزب جديد ومصادرة حقه في ممارسة الحياة السياسية، منه إلى تنظيم هذا الحق ومن ثم فليس المطلوب في التميز لبرنامج الحزب وسياساته، أن يكون هناك تناقض واختلاف وتباين تام وكامل بينه وبين جميع الأحزاب الأخرى، بل إن هذا التميز يظل قائماً ومنتجاً لآثاره القانونية والدستورية ولو وجدت بعض أوجه التشابه بين برامجه أو أساليبه أو اتجاهاته مع الأحزاب الأخرى فذلك أمر منطقي وطبيعي، مرده إلى أن جميع الأحزاب تخضع لحكم عام واحد يمثل جانباً من النظام العام السياسي والدستوري للبلاد، يلزمها وفقاً للمبدأ الأساسي لوطنية الأحزاب، بالمقومات الأساسية للمجتمع المصري التي توحدت عليها الإرادة الشعبية واكتسبتها وتمسكت بها من خلال تجاربها عبر العصور التي انصهرت في بوتقة التاريخ، وكونت لها شخصيتها المصرية المتميزة المتعارف عليها بين الدول، فكل حزب - إذا كان مصرياً - لا بد أن يحمل على كاهله، وهو يعد برامجه وسياساته - تراث آلاف السنين وتجارب المصريين في صراعهم المستمر في سبيل الحياة وفي سبيل الحرية والتقدم وبناء مجتمع متطور يتمتع بالقوة والرفاهية.
وهذه التجارب وما نجم عنها جزء لا يتجزأ من الشخصية المصرية عند التعامل مع الأحداث، مما يفرض فوراً وحتماً عديداًً من أوجه الشبه بين جميع الأحزاب المصرية حتى عند وضعها للسياسات والبرامج الخاصة بكل منها، دون أن ينفي ذلك عن كل حزب شخصيته المتميزة التي تشكل منه إضافة غير مكررة للحياة السياسية المصرية.
ومن حيث إن التميز يكمن - صدقاً وحقاً - في تلك المقولات والتعبيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترد في برامج الحزب وأساليبه وسياساته التي ارتضاها لنفسه لتكون ملامح شخصية حزبية متميزة وتعبر عن توجه فكري مميز في مواجهة المشاكل العامة، واختيار الحلول لها بين البدائل المتعددة ينفرد به عن باقي الأحزاب ويعرف به بينها فلا يكون نسخة أخرى مكررة من برامج وسياسات يتبناها حزب قائم فعلاً، فالمحظور هو التطابق التام بين الحزب تحت التأسيس وأي من الأحزاب القائمة فالتميز يختلف عن الانفراد، ذلك لأن التميز - وهو مناط ومبرر شرعية وجود حزب جديد - يعني ظهور ملامح الشخصية المتميزة للحزب تحت التأسيس، بينما الانفراد يعني عدم تماثل أي أمر من أمور الحزب تحت التأسيس مع أي من الأحزاب القائمة، وهو أمر يستحيل في ظل الدستور وقانون الأحزاب الحاليين على النحو المشار إليه.
ومن حيث إن الامتياز والأفضلية لحزب على غيره يكمنان في مدى قدرة الحزب على تحقيق برامجه وسياساته وأن ينقل أفكاره من دائرة العقل والتفكير إلى دائرة الواقع والتطبيق، وهما بهذا يخرجان عن نطاق الرقابة التي تتم ممارستها عند تأسيس الحزب السياسي ليدخلان في نطاق الرقابة على الممارسة والأداء في ساحة العمل والنضال السياسي، ومن ثم يكفي لكي يكون الحزب متميزاً فيما قدمه من برامج وسياسات، وهو ما يخضع للرقابة عند التأسيس - أن تكون تلك البرامج والسياسات جدية، وممكنة عقلاً، وتؤدي بطريقة معقولة، وواقعية، إلى النتائج التي انتهى إليها الحزب في برنامجه ويستهدف تحقيقها من خلال نشاطه، ومن ثم فإنه لا يجب أن توصد الأبواب أمام أي حزب تحت التأسيس يكون له تميز ظاهر في برامجه أو سياساته يجعله أهلاً في المشاركة في حل مشاكل الجماهير ورفع المعاناة عنها.
ومن حيث إنه على هدي المبادئ المتقدمة فإنه يبين من الاطلاع على برنامج حزب العدالة الاجتماعية أن مؤسسي الحزب يرون أن السلام والأمن والاستقرار الداخلي - وهي الدعامات اللازم وجودها لكي يستطيع أي مجتمع أن يعمل وينتج ويبدع ويحقق التقدم في شتى مناحي الحياة - لا يمكن تحقيقها إلا من خلال العدالة الاجتماعية بين أبناء المجتمع.
وأن تلك العدالة الاجتماعية تتمثل في المبادئ والنظم التي تؤدي إلى أقصى منفعة اجتماعية للمواطنين، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا إذا تحرر المواطن من الاستغلال في جميع صوره، وحصل على الفرص المتكافئة في جميع المجالات وتخلص من كل قلق يؤثر على حاضره أو مستقبله، ويرى الحزب أن المجتمع الذي يحقق ذلك يتسم أولاً: بالحرية السياسية ويعني حكم الشعب بالشعب وللشعب وثانياً: بالحرية السياسية وثالثاً: بالمساواة في الحقوق والواجبات، وفي المسئولية والجزاء أمام القضاء، رابعاً: تكافؤ الفرص، خامساً: التكافل الاجتماعي بما يحققه من خدمات الرعاية الاجتماعية فلن تكون عدالة اجتماعية في مجتمع تتكدس فيه الثروات الضخمة في خزائن بعض الناس في حين لا يجد بعضهم الآخر قوت يومه، ولذلك فإن شعار الحزب هو "الحق - العدل - السلام".
ويرى الحزب أن أهم مظاهر احترام الدستور والدفاع عنه، العمل على تنقيته من الغموض أو العيوب التي تشوب بعض مواده ونصوصه، من خلال تعديلها عملاً بنص المادة (189) من الدستور بحيث يكون معبراً عن الصالح العام ومبادئ العدالة والديمقراطية وحقوق وكرامة المواطنين، وفي مجال القضاء يرى الحزب ضرورة أن تحترم الأجهزة الحكومية أحكام القضاء وتعمل على تنفيذها وبسرعة، وضرورة وضع القضاء والقضاة في مكانهما الصحيح من أجل تحقيق "العدالة السريعة" وفي هذا المجال يرى الحزب وجود قاضي نوبتجي للفصل في المشاكل اليومية على مستوى القسم أو المركز، لأن التأخر في حسم مثل هذه الأمور يؤدي إلى آثار اجتماعية خطيرة، كما إنه يجب إعادة النظر في نظام المحضرين الحالي، بحيث لا يعين في هذه الوظيفة إلا حاملي المؤهلات العليا، وتغيير المسمى "محضر" إلى "منفذ قضائي" وأن يتم استخدام الكمبيوتر في مجال القضاء، وإنشاء "هيئة قومية عليا للتشريع" لكي تتولى حصر القوانين واللوائح والقرارات لبحث مدى مطابقتها لأحكام الدستور وإزالة التعارض بينها ومراجعة مشروعات القوانين واللوائح، وإنشاء النيابة المدنية أمام كافة المحاكم، وكافة الدرجات وإنشاء "الشرطة القضائية" - تتبع وزارة العدل - ويعهد إليها بأعمال الضبطية القضائية وضرورة أن يكون إعداد "موازنة القضاء" من اختصاص مجلس القضاء الأعلى على أن تدرج رقماً واحداً في الموازنة العامة للدولة، وقد أورد الحزب في برنامجه - تفصيلاً - كيفية تدبير الموارد المالية اللازمة لتحقيق كل ذلك.
وعن دور "مجلس الدولة" يرى الحزب ضرورة عرض جميع القوانين عليه قبل إصدارها بحيث يكون رأيه ملزماً، وضرورة عرض جميع الاتفاقات الداخلية والخارجية على المجلس لإقرارها والالتزام بما ينتهي إليه رأي المجلس.
كما يرى الحزب أن يقتصر دور المدعي العام الاشتراكي على حماية المجتمع من الذين يستغلون الثغرات القانونية للإفلات من العقاب أو الذين يتهربون من تنفيذ الأحكام القضائية.
وفي مجال الشرطة، يرى الحزب ضرورة الاهتمام برجال الشرطة، وإعادة بناء أقسام ومراكز الشرطة وتزويدها بأجهزة الكمبيوتر وزيادة الاهتمام بالشرطة السياحية.
وفي "مجال المرور" يرى الحزب أن من أهم المشاكل التي تعاني منها مصر وتؤدي إلى ضياع الوقت والجهد والمال وتعرقل زيادة الإنتاج مشكلة المرور، لذلك يرى الحزب ضرورة إنشاء هيئة مستقلة تحت مسمى "هيئة الجراچات" حدد البرنامج اختصاصاتها، كما يرى الحزب تشجيع استخدام الدراجات كوسيلة للمواصلات ومن ناحية أخرى يتعين صدور تشريع ينص على أنه إذا اصطدمت سيارة بأخرى يتم تقدير الخسارة وسداد كافة التكاليف في ذات الوقت، وألا يتم حجز السيارة أو حبس قائدها، وإنه يتعين تحصيل المخالفات المرورية في وقتها وما في ذلك من مزايا، كما أوضح برنامج الحزب ضرورة تحسين السجون والاستفادة منها وفقاً للوسائل التي أوردها، وفي مجال القوات المسلحة يرى الحزب أن الجيش يستطيع أن يقوم بدور مؤثر في تحقيق التقدم والرخاء لمصر ولا سيما في وقت السلم بحيث يكون مصدراً للإنتاج.
وقد أوضح برنامج الحزب أهمية وخطورة مشكلة "الفتنة الطائفية"، وأورد الوسائل التي يتعين اتباعها للقضاء عليها، موضحاً دور الإعلام والصحافة ودور الفن والثقافة ودور المدارس والجامعات ودور رجال الدين، وإباحة بناء المساجد والكنائس دون قيد أو شرط، وإلغاء بند "الديانة" من المكاتبات الرسمية، واقتراح الحزب إنشاء لجنة عليا للوحدة مهمتها كسر الحاجز النشئ بين جناحي الأسرة المصرية من مسلمين وأقباط ومعاقبة كل من يتخذ الدين ستاراً لهدم الكيان المصري واتخاذ الإجراءات التي تكفل التزام الجميع بهذه الوحدة الوطنية وتعريف المواطن المصري بالقوى الخارجية التي تستهدف تقسيم مصر بهذه الفتنة الطائفية وتخصيص يوم من كل عام يطلق عليه "يوم الإخاء المصري" يكون بمثابة عيد قومي.
كما بين الحزب في برنامجه أن "قضية التطرف والإرهاب" من القضايا الخطيرة التي تهدد الحريات وأن الإرهاب والتطرف وجهان لعملة واحدة، وعدد برنامج الحزب العوامل التي أدت إلى نشوء هذه الظاهرة، كالبطالة، والنمو السرطاني للأحياء العشوائية، وقصور التنوير والوعي في التعامل مع الإرهاب وغياب الأسلوب الاجتماعي السليم، واتساع دائرة ظاهرة أطفال الشوارع وتفشيها في المجتمع، وأوضح الحزب كيفية مواجهة هذه العوامل لاقتلاع المشكلة من جذورها من خلال إصلاحات تشريعية واجتماعية، كما أفرد الحزب بنداً خاصاً للبطالة والعمالة الزائدة موضحاً أسباب البطالة وكيفية القضاء على المشكلة، موضحاً أن زيادة الإنتاج لا تتحقق في ظل العمالة الزائدة وأورد الحزب تصوره في كيفية مواجهة العمالة الزائدة.
كما تناول الحزب في برنامجه دور أجهزة الإعلام في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.
ويرى الحزب تحت التأسيس ضرورة إنشاء هيئة قومية تتبع وزارة التعليم تكون مهمتها مكافحة الأمية على أن يساهم في هذه الحملات كل من القوات المسلحة والمكلفون بأداء الخدمة العامة والأحزاب والجمعيات وأولى الحزب اهتماماً بالصحة وبأن ثمة قضايا صحية على قدر كبير من الخطورة يتعين الالتفات إليها وهو الإيدز، الإدمان، التدخين، تنظيم الأسرة، وقد تبنى الحزب مشكلة الإيدز ووضع مقترحات جادة لمواجهة هذه المشكلة وباقي القضايا الأخرى.
ويرى الحزب تحت التأسيس أيضاً أن يتم إدخال منصب "الشريف" بدائرة كل قسم أو مركز يتم انتخابه من بين المرشحين للمنصب ويكون هدفه تشجيع الجهود الذاتية لأبناء القسم أو المركز.
كما يرى الحزب ضرورة الاستفادة من المحالين إلى المعاش في بعض الأنشطة المختلفة للدولة مثل محو الأمية أو لجان التحكيم، أو تنشيط السياحة، ومنحهم بطاقات خاصة تتيح لهم ارتياد كافة الأماكن السياحية والترفيهية بتخفيض وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية، كما يرى الحزب عدم إحالة رجال القضاء إلى المعاش إلا بناءً على رغبتهم.
ويتضمن برنامج الحزب تحت التأسيس أن يكون التعليم مجاناً حتى نهاية المرحلة الإعدادية ويستمر مجاناً بعد ذلك للمتفوقين فقط.
وفي مجال الضرائب يرى الحزب أن يكون اعتبار التهرب من سداد الضرائب جريمة مخلة بالشرف والأمانة عقوبتها الحبس، ويرى الحزب في مجال الشئون الاقتصادية ضرورة إنشاء الصناعات الزراعية، وتحديد حد أدنى للملكية الصغيرة، وفي مجال الصناعة يرى ضرورة نشر خريطة سنوية بتوزيع المصانع في البلاد ونوعية وحجم إنتاج كل منها وضرورة القضاء على مشكلة الدعم للقضاء على كل أسباب الانحراف ومظاهر الاستغلال التي نتجت عن هذه المشكلة.
وفي مجال "السياسة الداخلية" يرى الحزب تحت التأسيس ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه بالانتخاب العام المباشر، وتعديل قانون مجلس الشورى لمنحه سلطات التشريع، وإلغاء المجالس القومية المتخصصة توفيراً للنفقات، وفي مجال السياسة الخارجية يرى الحزب التركيز على قيام اتحاد عربي فعلي وليس شكلياً بحيث ينشئ هذا الاتحاد "سوق عربية مشتركة" و"جيش عربي موحد".
ومن حيث إنه يبين مما تقدم ومن برنامج الحزب ذاته - أن حزب العدالة الاجتماعية تحت التأسيس - قدم كما هو ظاهر - بعض المبادئ والأهداف التي تتشابه في بعضها مع برامج وأهداف الأحزاب الأخرى، إلا أن ثمة برامج وأساليب مختلفة اشتمل عليها برنامج الحزب من شأنها أن توضح ملامح الشخصية الحزبية المتميزة للحزب.
ومن حيث إن الحزب المذكور في تبنيه "للعدالة الاجتماعية" كمسمى له يدرك بوضوح بعض المشاكل العامة التي تواجه المجتمع المصري وأدلها وأخطرها "مشكلة البطالة" والعمالة الزائدة، ويربط بين هذه المشكلة وبين الإرهاب والتطرف بحسبان أن قضية البطالة هي أحد الأسباب الرئيسية لظاهرة الإرهاب والتطرف، موضحاً أنه لا توجد إحصاءات وثيقة بعدد العاطلين في مصر، ويبين أن الحزب قد أجرى دراساته وأبحاثه توصلاً لأسباب البطالة فأورد في برنامجه أن أهم أسباب البطالة: -
1 - عدم توافق السياسات التعليمية مع احتياجات سوق العمل.
2 - غياب التخطيط العلمي الواقعي والحقيقي للقوى العاملة.
3 - اختلال السياسات الاقتصادية.
4 - قصور برامج التدريب الحرفي والفني.
5 - عدم ملائمة النظام الضريبي مع متطلبات العصر الحالي.
6 - عقم التشريعات الخاصة بقوانين العمل والمشروعات.
ولذلك فإن الحزب تحت التأسيس يطرح حلولاً من شأنها - على ما يرى - القضاء على المشكلة المذكورة من خلال أولاً: ضرورة التعديل السريع والهادف للسياسات التعليمية لكي تتوافق مع احتياجات سوق العمل بحيث يجد كل خريج عقب تخرجه فرصة عمل مناسبة ثانياً: إعداد سجل دائم بالعاطلين في كل محافظة حتى يكون التخطيط العلمي على مستوى واقعي ثالثاً: معالجة اختلال السياسات الاقتصادية عن طريق خلق فرص عمل جديدة، وفي هذا يرى الحزب تحت التأسيس: -
1 - التوسع في إنشاء مجتمعات صناعية وزراعية مع استخدام التكنولوچيا في غزو الصحراء.
2 - زيادة الاهتمام بمجال السياحة وتطويره.
3 - وضع برامج هادفة لمحو الأمية يشترك فيها كل فئات الشعب.
4 - إنشاء صندوق لمواجهة البطالة يتم تمويله من خلال تحميل صاحب العمل 1% من الأجر بالإضافة إلى 2% من الأجر المستقطع، وجزء من ربح استثمار أموال هيئة التأمينات الاجتماعية على أن يقوم الصندوق المقترح بصرف 5% من قيمة أجر العامل في حالة تعطله.
5 - إنشاء شركة متخصصة للاستيراد والتصدير يكون لها فروع في المحافظات، وقد أبرز البرنامج كيفية قيام الشركة بدورها في هذا المجال.
6 - توفير مواقع جديدة للمشروعات الصغيرة.
7 - إحياء نشاط تربية دودة القز بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحرير الطبيعي.
8 - حث البنوك على تغيير وتطوير أساليب منح الائتمان وإنشاء وحدات متخصصة بها لمنح المشروعات الصغيرة قروضاً ذات فوائد مخففة.
رابعاً: دعم برامج التدريب الحرفي والفني، وضرورة التدريب التأهيلي والتحويلي للشباب لإكسابهم مهارات جديدة في مجالات جديدة خامساً: تعديل قوانين الضرائب والجمارك سادساً: تطوير وتعديل التشريعات الخاصة بالعمل وبالمشروعات الصغيرة ويرى الحزب تحت التأسيس أن يسمح للمجمعات بأن تزاول نشاطاً إنتاجياً وليس خدمياً فقط.
ومن حيث إنه من ناحية أخرى وفي مجال تحقيق العدالة الاجتماعية فإن الحزب تحت التأسيس يعرض لقضية التطرف والإرهاب بحسبانها من القضايا التي تهدد السلام والأمن فأوضح العوامل المسببة للتطرف والإرهاب، وأبان عن أن التصدي لهذا يكون من خلال القضاء على النمو السرطاني للأحياء العشوائية بإزالة المناطق العشوائية التي لا يجدي معها الإصلاح ونقل سكانها إلى مناطق سكانية جديدة، وإصلاح المناطق العشوائية القابلة للتطوير، كما يتعين ضرورة الإصلاح الاجتماعي بمراعاة اتباع أسلوب جديد للتعامل مع الجماعات المتطرفة عن طريق فتح قنوات اتصال شرعية بينهم وبين أجهزة الدولة، لمعرفة مشاكلهم ودراسة أحوالهم النفسية، والاجتماعية، وإنشاء النوادي والساحات الشعبية بالجهود الذاتية في المحافظات والمدن والقرى، وإنشاء المكتبات الثقافية مما يشغل أوقات فراغ الشباب ويحميهم من الانحراف، وإلحاق الطلبة المتزمتين بجامعة الأزهر والمعاهد الأزهرية، كما يرى الحزب تحت التأسيس ضرورة وضع خطة للتنوير والتثقيف من خلال برامج الإذاعة والتليفزيون.
وأخيراً يركز برنامج الحرب في هذا الخصوص على ما أسماه "أطفال الشوارع" بعد أن احتل الطفل مركزاً مؤثراً على الخريطة الإرهابية، موضحاً أن الإحصائيات في مصر تؤكد أن في مصر (24) مليون حدث ويتعرض منهم (23) ألف حدث سنوياً للانحراف وتتباين صور الانحراف من منطقة لأخرى، وعدد برنامج الحزب أسباب هذه الظاهرة سواء في التفكك الأسري، غياب دور المدرسة، والمؤسسات العلاجية للأحداث، أو بعدم وجود التشريعات الرادعة التي تلزم أولياء الأمور بإدخال أبنائهم المدارس في فترة التعليم الإلزامي، وكذا انتشار ظاهرة العنف والإثارة الجنسية في دور السينما والمقاهي، وأوضح الحزب أنه يرى علاج هذه الظاهرة من خلال حلول أبرزها الأخذ بالتشريع الفرنسي الذي يجيز توقيع العقوبة على الحدث ابتداءً من (13) عاماً إلى (18) عاماً مع منع العقوبات الجسيمة كالإعدام أو الأشغال الشاقة، والالتزام بقوانين العمل الخاصة بتشغيل الصبية، وضرورة تطبيقها، وتعديلها لضمان حصولهم على كافة حقوقهم الصحية والمعيشية وتأمين مستقبلهم.
ومن حيث إنه في مجال الصحة فإن أبرز ما يميز برنامج الحزب تحت التأسيس اهتمامه ببعض قضايا صحية على قدر كبير من الخطورة مثل "الإيدز - والإدمان، والتدخين، وتنظيم الأسرة" وبالنسبة لمرض الإيدز أورد البرنامج خطورة هذا المرض ومنها انتشاره بين الشباب وهم في سن الإنتاج مما يؤثر سلباً على التنمية الاقتصادية، وأوضح برنامج الحزب أن الإحصاءات الحديثة تثبت أن أكثر من (90%) من المصريين لا يعرفون طرق العدوى بالفيروس المسبب للمرض، وأن أكثر من (95%) من الأطباء المصريين لا يعرفون حتى الآن تشخيص المرض نفسه ويحذر الحزب من عدم تنبه مصر إلى خطورة هذا الوباء الذي لا توجد دولة في مأمن منه، ووضع برنامج الحزب تحت التأسيس اقتراحات لمواجهة المرض عن طريق القيام بحملة إعلامية لتوعية المواطنين بطرق العدوى، المشاركة في المؤتمرات العالمية عن هذا المرض ومعرفة الجديد في تطوره، تدريب جيل جديد من الممرضات تدريباً حديثاً على تمريض مرض الإيدز، وإنشاء مراكز لعلاج مرض الإيدز بكافة المحافظات.
وفي مجال "الإدمان" فإن الحزب تحت التأسيس يرى ضرورة إنشاء هيئة عليا لمكافحة الإدمان تضم أطباء نفسيين وعلماء اجتماع ورجال قانون وشرطة وإعلاميين ومفكرين وفنانين، بحيث تتولى الهيئة التصدي لمشكلة الإدمان من خلال اهتمامها بالفرد والأسرة ودور المجتمع في مواجهتها.
ومن حيث إن الحزب تحت التأسيس يرى وجوب أن تكون مجانية التعليم حتى نهاية المرحلة الإعدادية، ويستمر بعد ذلك التعليم مجاناً للمتفوقين فقط، أما لغيرهم فيكون بمصروفات وأن تفرض رسوم رمزية على العلاج وعلى غيره من الخدمات التي تقدمها الدولة لكل مواطن قادراً على الكسب، أما غير القادرين فيتم منحهم "شهادة عدم قدرة" تتيح لهم الحصول على كافة الخدمات مجاناً، وبذلك سوف تتحقق العدالة الاجتماعية، وفي هذا الصدد يرى الحزب أيضاً أن يتم منح المحالين إلى المعاش بطاقة خاصة تعطيهم الحق في استخدام المواصلات العامة، وفي ارتياد كافة الأماكن المستحق عنها رسوم بتخفيض قدره (50%) من توفير الرعاية الصحية والاجتماعية الكاملة لهم.
ومن حيث إن الحزب تحت التأسيس تميز في برنامجه بالتركيز على "مشكلة المرور" فأكد أنها تؤدي إلى ضياع الوقت والجهد وتعرقل زيادة الإنتاج، وأوضح كيفية التغلب على هذه المشكلة بحلول أبرزها إنشاء هيئة تتولى إنشاء الجراچات، والتأكد من التزام جميع المباني والمنشآت الجديدة بإقامة جراچات، وتشجيع استخدام الدراجات كوسيلة للمواصلات، كما اقترح برنامج الحزب تحت التأسيس سن قانون يقضي بأنه إذا اصطدمت سيارة بأخرى يتم تقدير الخسارة وسداد كافة التكاليف في ذات الوقت، أسوة بما يحدث في البلدان المتقدمة، كما يرى الحزب ضرورة تحصيل المخالفات المرورية في وقتها توفيراً لوقت المواطن ووقت النيابة والقضاء، كما يرى الحزب ضرورة إعادة النظر في نظام منح رخص القيادة وضرورة العناية بشرطي المرور ورفع مستواه، وتعميم الأتوبيسات النهرية.
ومن حيث إنه عن الشئون السياسية فإن أبرز ما يميز برنامج الحزب تحت التأسيس في مجال السياسة الداخلية - إنه يرى ضرورة إعادة صياغة تعريف العامل والفلاح فأوضح بأن يعتبر "عاملاً" جميع العاملين بالحكومة والقطاع العام والخاص بأجر يومي أو مرتب شهري مهما بلغت درجاتهم أو مستواهم العلمي ويعتبر "فلاحاً" كل العاملين بأجر أو بمرتب في مجال الزراعة أو الإنتاج الزراعي والحيواني مستأجراً كان أو عاملاً زراعياً أو مالكاً لمساحة لا تزيد عن عشرة أفدنة يقوم هو بزراعتها، وقد كشف مؤسسو الحزب عن الحكمة من هذا التعريف وهي الرقي بالمستوى العلمي والثقافي لمن يمثل العمال والفلاحين في المجالس الشعبية والمحلية فيكون قادراً على التعبير عن آمالهم وآلامهم، ومن ناحية أخرى فإن الحزب يرى - في المجال المشار إليه - أن يكون اختيار رئيس الجمهورية ونائبه بالانتخاب العام المباشر، وقصر مدة تعيين الوزراء على خمس سنوات فقط.
وفي مجال "السياسة الخارجية" يرى الحزب أن جامعة الدول العربية فشلت مراراً وتكراراً في حل أي نزاع عربي، ومن ثم فلا بد من التركيز على قيام "اتحاد عربي فعلي" وليس شكلي، وينشئ هذا الاتحاد "سوقاً عربية مشتركة" تدريس احتياجات كل بلد عربي بحيث لا يتم تصدير أو استيراد أية سلعة من دول العالم الخارجي من أو البلاد العربية إلا من خلال هذا السوق.
ومن حيث إنه يبين من العرض المتقدم لبعض برامج الحزب وسياساته ملامح الشخصية المتميزة لحزب "العدالة الاجتماعية" على نحو ظاهر وواضح ذلك التميز الذي يركز على كيفية تحقيق مفهوم العدالة الاجتماعية من حيث تهيئة فرص العمل للكافة من خلال برامج وسياسات محددة تهدف إلى القضاء على البطالة ومعالجة مشكلة العمالة الزائدة، ومن حيث الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار من خلال التصدي لمشكلة الإرهاب والتطرف بوسائل عملية وفعالة تقتلع المشكلة من جذورها، واهتمام الحزب تحت التأسيس بمشكلة الأحداث وأطفال الشوارع وما يمثلونه من شريحة اجتماعية لها دورها المؤثر والفعال وكيفية معالجة هذه المشكلة، فضلاً عن تصدي الحزب لبعض القضايا الصحية التي تؤثر ولا شك على طاقات الإنتاج في المجتمع مما تتراجع معه العدالة الاجتماعية، مثل قضايا مرض الإيدز والإدمان وإيجاد الحلول الكفيلة بمكافحة انتشار هذه الأمراض والقضاء عليها.
ومن حيث إن الحزب تحت التأسيس قد تميز في برنامجه حينما رأى ضرورة عرض جميع القوانين على "مجلس الدولة" للموافقة عليها قبل إصدارها بحيث يكون رأيه ملزماً وليس استشارياً وهو ما يتفق ودور مجلس الدولة بصفته هيئة قضائية مستقلة نص عليها الدستور، وفي هذا الصدد فإن الحزب تميز بأن تبنى فكرة إنشاء "النيابة المدنية" أمام كافة المحاكم على اختلاف درجاتها، وذلك من منطلق تحقيق العدالة السريعة التي ينادي بها الحزب، الذي أوضح أيضاً أنه يمكن الاستفادة من نظام النيابة المدنية في بعض الأنزعة البسيطة كدعوى إثبات الحالة، كما تميز الحزب أيضاً في رؤيته بعدم إحالة رجال القضاء إلى المعاش إلا بناءً على رغبتهم، وأن من يحال منهم إلى المعاش يمنح بطاقة خاصة تعطيه الحق في الحصول على احتياجاته برسوم رمزية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق - ومن كل ما تقدم - أن الحزب تحت التأسيس قد تبنى في برنامجه سياسات وبرامج من شأنها أن تجعل شرط التميز وفقاً للمعنى الدستوري والقانوني سالف البيان الذي جرى عليه قضاء هيئة المحكمة متوافراً فيه ولا ينال من صحة ذلك اعتراضات لجنة شئون الأحزاب السياسية وما انتهت إليه من أن برنامج الحزب تحت التأسيس يفتقد للتميز الظاهر الذي ينفرد به عن الأحزاب الأخرى ذلك أن اللجنة في استعراضها لبرنامج الحزب لم تتعرض صراحة وبوضوح لمناقشة كل ما تضمنه برنامج الحزب من سياسات وأساليب، بل هي اجتازت بعضاً من تلك البرامج والأساليب وتبينت فيها حسب وجهة نظرها عدم التميز، واعترضت على البعض الآخر بأنه جاء في عموميات مثل سياسات الحزب في حل "مشكلة المرور" بالرغم من أن برنامج الحزب قد وضع تصوراً كاملاً لكيفية القضاء على هذه المشكلة.
كما إن الظاهر من معالجة الحزب تحت التأسيس في برنامجه لبعض القضايا الصحية كمرض الإيدز أو لمشكلة المرور، وفي وضعه تعريفاً للعامل والفلاح ونظاماً للتعليم ولمجانية التعليم ونظام الإعلام والشرعية، وعلاجه مشكلة البطالة والإرهاب والتصدي لظاهرة أطفال الشوارع والاهتمام بالأحداث قدر ظاهر من التميز اللازم توافره لقيام الحزب السياسي.
ومن حيث إنه بناءً على ما سبق جميعه فإن الثابت من الأوراق ومن دراسة وتحليل برنامج الحزب تحت التأسيس، أن هذا البرنامج قد تضمن سياسات وأساليب تميزه عن غيره على النحو الذي سلف ذكره ولم توضح اللجنة في قرارها المطعون فيه أسباب رفضها وحذف التميز لهذه السياسات والأساليب.
ومن ثم فإن قرار اللجنة بالاعتراض على قيام الحزب يكون فاقداً لسنده الواقعي ولأساسه القانوني ويكون قد صدر من ثم بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون.
ومن حيث إنه لا وجه لما قد يثار من أن بعضاً من برامج الحزب وسياساته وأساليبه مخالف للدستور في نصوصه الخاصة مثل منح مجلس الشورى سلطة التشريع ومثل انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه بالانتخاب المباشر والعام، ذلك أنه وفقاً لما جرى به قضاء هذه المحكمة لا تثريب على أي حزب أن يتقدم ببرنامج وسياسات إذا اتفقت مع ما حتمه قانون الأحزاب السياسية وفقاً للدستور عدم الخروج عليه من مبادئ قومية وأساسية لكيان المجتمع المصري مثل الالتزام بالشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع والوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي.... إلخ على النحو السابق بيانه وإيضاحه، فإنه لا تثريب على أي حزب أن يقترح في برنامجه ما يراه محققاً للمصلحة الوطنية وله جدوى في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لتحقيق التقدم والتطور في البلاد ولو اقتضى ذلك تعديل بعض الأحكام الواردة في الدستور، وبشرط أن يلتزم بالشرعية وسيادة القانون والأسلوب الديمقراطي في تحقيق ما يرد ببرنامجه وتعديل أحكام الدستور بما يتفق معه لو تمكن من الحصول على الأغلبية الشعبية التي تمكنه من مباشرة الحكم وتحقيق ذلك التعديل بالأسلوب الديمقراطي والشرعي في إطار من سيادة الدستور والقانون فالمحظور هو أن يتصادم ويتعارض برنامج الحزب مع المقومات الأساسية للمجتمع المصري أو مع المبادئ الدستورية العامة الأساسية التي يقوم عليها النظام الدستوري بحيث يحتاج الأمر إلى كيان دستوري جديد لتعارض البرنامج بصفة عامة وشاملة مع الأسس الدستورية الرئيسية القائمة أو لإباحة الحزب استخدام الأساليب غير المشروعة والمخالفة للدستور والقانون والمتعارضة مع الديمقراطية لإحداث التغيير الذي يستهدفه في أحكام الدستور والقوانين القائمة ولا يدخل في مجال هذا الحظر أن تبني الحزب تحت التأسيس بعض البرامج التي تتعارض مع بعض مواد الدستور دون أن تمس المقومات الأساسية للمجتمع أو الكيان الأساسي للنظام الدستوري ويلتزم في تحقيق برنامجه في هذا الجانب بالشريعة الدستورية والقانونية وبالوسائل الديمقراطية بتعديل بعض مواد الدستور التي تتعارض مع ما ورد من مبادئ وسياسات في برنامج الحزب تحت التأسيس فالدستور القائم ذاته قد نظم في أحكامه (المادة 189) إجراءات وأسلوب تعديل هذه الأحكام على نحو شرعي ودستوري وديمقراطي.
ومن حيث إنه بناءً على ما سبق جميعه يكون برنامج الحزب تحت التأسيس في جملته وعمومه قد جاء متفقاً مع الأركان والأسس العامة والأساسية للنظام الدستوري المصري وأن ما تضمنه برنامج الحزب في بعض سياساته مما يتعارض مع بعض نصوص الدستور ويتطلب تعديلاً لبعض مواد الدستور لا يخلع عن برنامج الحزب تحت التأسيس وصف الشرعية حيث لا يتصادم برنامج الحزب مع المقومات الأساسية للمجتمع المصري من جهة، ولا يخرج هذا البرنامج على النظام العام الدستوري المصري من جهة أخرى، ولم يتبنى الحزب فيما تضمنه برنامجه من أوضاع تقتضي تعديل بعض مواد الدستور ما يفيد عدم التزامه بالشرعية والديمقراطية في إجراء التعديل بالأسلوب الدستوري وفقاً لما نصت علية المادة (189) من الدستور والتي نصت على جواز تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور بالشروط والإجراءات التي حددها.
وغني عن البيان أنه لا توضع الدساتير كي تجمد وتوقف تطوير الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للشعوب والدولة ولكن لكي تنظم علاقة الدولة والسلطات العامة بالأفراد وتحمي حقوقهم العامة والخاصة في مواجهتها وفي مواجهة بعضهم البعض ولهذه الشعوب التي تمنح ذاتها تلك الدساتير أن تعدلها وتعيد صياغة أحكامها بالطريق الدستوري والديمقراطي بما يحقق لها التطور والتقدم في كل مجال وفقاً لمصالحها القومية والعليا وبمراعاة حقوق الإنسان التي يتعين أن تستهدف حمايتها ورعايتها وتحقيقها نصوص الدساتير والقوانين.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أنه قد اشتمل برنامج الحزب تحت التأسيس في بعض سياساته وأساليبه على العديد الذي يتميز عما عداه من برامج الأحزاب الأخرى القائمة وفقاً للمعيار الذي جرى عليه قضاء هذه المحكمة في تحديد مفهوم التميز الظاهر الذي اشترطه قانون الأحزاب السياسية وأن ما طرحه الحزب تحت التأسيس أمر معقول وقابل للتطبيق ويمثل إضافة إلى الحياة السياسية والحزبية المصرية، وقد جرى قضاء هذه المحكمة أن مهمة الحزب بعد تأسيسه أن يحقق أهدافه في توعية وتعبئة الجماهير وإقناعهم بقدرته على تحقيق ما قدمه من برامج ولا شك أن الحكم عليه وعلى مقدرته في ذلك هو مهمة السلطة الشعبية ممثلة في القاعدة الشعبية بالجماهير المصرية، ومن ثم فإن برامج الحزب تحت التأسيس يكو قد توافر لها - على الوجه المتقدم - التميز الظاهر، ويكون قد توفر لهذا الحزب صفة الجدية كذلك في برامجه وسياساته فضلاً عن معقوليتها واستهدافها الصالح العام القومي للوطن مما يتحقق في شأنه صفة الجدوى السياسية، ويجعل قيام هذا الحزب ومشاركته الجادة - بعد قيامه - في العمل السياسي لتحقيق برامجه وسياساته إثراءً للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية بالمعنى الذي عناه الدستور وأفصح عنه قانون الأحزاب السياسية وذلك طبقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة.
ومن حيث إنه بناءً على ذلك يكون قرار لجنة الأحزاب السياسية بالاعتراض على حزب العدالة الاجتماعية تحت التأسيس غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون وجدير بالإلغاء.
ومن حيث إنه من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر من لجنة الأحزاب السياسية في 10/ 12/ 1992 فيما تضمنه من الاعتراض على تأسيس حزب العدالة الاجتماعية مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المطعون ضده بصفته المصروفات.


(1) راجع الطعن رقم 3293 لسنة 39 ق بجلسة 15/ 3/ 1992.