الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 6 يونيو 2023

الطعن 58 لسنة 28 ق جلسة 18 / 4 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 79 ص 554

جلسة 18 من أبريل سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي, وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار.

-----------------

(79)
الطعن رقم 58 لسنة 28 القضائية

(أ) فوائد. "بدء سريان الفوائد". تعويض. مسئولية تقصيرية. مسئولية عقدية. التزام. "محل الالتزام".
عدم سريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية على المبالغ التي لا تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى. مثال ذلك التعويض عن العمل غير المشروع. يكون محل الالتزام معلوم المقدار إذا كان تحديد مقداره قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة التقدير. عدم جواز القضاء بالفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية بالنسبة للتعويض عن العمل غير المشروع، يقتضي تطبيق الحكم ذاته على التعويض عن عدم تنفيذ الالتزام بمعناه الدقيق أياً كان مصدره كلما كان تقدير هذا التعويض خاضعاً لمطلق تقدير القاضي، سريان الفوائد في هذه الحالة من تاريخ صدور الحكم النهائي في الدعوى باعتبار أنه التاريخ الذي يصبح فيه محل الالتزام معلوم المقدار.
(ب) فوائد. "بدء سريان الفوائد". تعويض.
استحقاق الفوائد من تاريخ الحكم النهائي بالتعويض. لا يحول دون الحكم بها القول بأنها لم تترتب بعد في الذمة. القضاء بها تقرير لحق الدائن فيها قبل مدينه إذا تأخر في الوفاء.

------------------
1 - مفاد نص المادة 226 من القانون المدني والأعمال التحضيرية لهذه المادة عدم سريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية على المبالغ التي لا تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى كالتعويض عن العمل غير المشروع. والمقصود يكون محل الالتزام معلوم المقدار أن يكون تحديد مقداره قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة رحبة في التقدير. وعدم جواز القضاء بالفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية بالنسبة للتعويض عن العمل غير المشروع يقتضي تطبيق الحكم ذاته على التعويض المستحق عن عدم تنفيذ الالتزام بمعناه الدقيق أياً كان مصدره كلما كان تقدير هذا التعويض خاضعاً لمطلق تقدير القاضي، وإذ كان التعويض المستحق للطاعن عن نزع ملكية أرضه للمنفعة العامة هو مما يخضع لسلطة القاضي التقديرية البحتة، فإن تحديد الطاعن لما يطلبه في صحيفة دعواه لا يجعله معلوم المقدار وقت الطلب بالمعنى الذي قصده القانون وإنما يصدق عليه هذا الوصف بصدور الحكم النهائي في الدعوى باعتبار أنه التاريخ الذي يصبح فيه محل الالتزام معلوم المقدار. (1)
2 - تاريخ الحكم النهائي بالتعويض عن العمل غير المشروع هو الوقت الذي يصبح فيه محل الالتزام معلوم المقدار والذي يبتدئ منه بالتالي استحقاق الفوائد فلا يحول دون الحكم بها القول بأنها لم تترتب بعد في الذمة، ذلك أن القضاء بالفوائد إنما هو تقرير لحق الدائن فيها قبل مدينه إذا تأخر في الوفاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن واقعة النزاع تتحصل في أن مرسوماً صدر في 28 مايو سنة 1951 بنزع ملكية 17081 متراً مربعاً يملكها الطاعن بناحية شبرا لإقامة مدارس عليها وقدرت مصلحة المساحة ثمن المتر عن هذه الأرض بأربعة جنيهات ولما لم يقبل الطاعن هذا التقدير أودعت الحكومة مبلغ 68324 جنيهاً لخزانة المحكمة وأحالت الأوراق إلى محكمة القاهرة الابتدائية فندبت رياسة المحكمة لإجراء المعاينة والتقدير خبيراً هندسياً وقدم هذا الخبير تقريره محدداً فيه ثمن المتر المربع بمبلغ ثمانية جنيهات وعارض الطرفان في هذا التقدير فأقامت الحكومة الدعوى رقم 3261 سنة 1952 كلي مصر طلبت فيها الحكم بقبول المعارضة شكلاً وفي موضوعها بتقدير العقار المنزوعة ملكيته على أساس أربعة جنيهات للمتر المربع - كما أقام الطاعن الدعوى رقم 3985 لسنة 1952 كلي مصر بصحيفة معلنة في 25 سبتمبر سنة 1952 طلب فيها تقدير ثمن المتر بمبلغ 12 جنيهاً وإلزام وزارة المالية بأن تدفع إليه 136648 جنيهاً وهو الفرق بين الثمن على أساس سعر المتر 12 جنيهاً وبين ما صرفه الطاعن من خزانة المحكمة في 22 يوليه سنة 1962 مع الفوائد القانونية بواقع 4% عن كامل الثمن وقدره 204972 جنيهاً من تاريخ الاستيلاء الحاصل في 6 ديسمبر سنة 1950 حتى 22 يوليه سنة 1952 ومع الفوائد بواقع 4% من مبلغ 136664 جنيهاً من 22 يوليه سنة 1952 حتى السداد وقد ضمت المحكمة الابتدائية المعارضتين إلى بعضهما وأصدرت حكمها فيهما بندب مكتب الخبراء الهندسيين بوزارة العدل وقدم هذا تقريره محدداً فيه ثمن المتر بمبلغ 8 جنيهات و184 مليماً - وبتاريخ 25 يونيه سنة 1957 أصدرت محكمة القاهرة الابتدائية حكمها باعتبار ثمن المتر الواحد 8 جنيهات أي بمبلغ 136648 جنيهاً للأرض جميعها تلتزم الحكومة بأدائه بعد خصم ما سبق قبضه من خزانة المحكمة مع الفوائد القانونية بالنسبة لمبلغ 68324 جنيهاً بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 25 سبتمبر سنة 1952 حتى السداد مع إلزام كل من الطرفين بمصروفات معارضته والمقاصة في أتعاب المحاماة ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات - استأنف كل من الطرفين هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئناف الطاعن راتب جرجس برقم 918 سنة 74 ق كما قيد استئناف الحكومة برقم 1187 سنة 74 ق وضم الاستئنافان إلى بعضهما وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 11 يناير سنة 1958 بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوعهما. أولاً - برفض استئناف وزارة المالية والمساحة موضوعاً وإلزامهما بمصاريفه ومصاريف معارضتهما. ثانياً - بتعديل الحكم المستأنف إلى مبلغ 139790 جنيهاً و904 مليمات يخصم منها ما سبق للمستأنف راتب جرجس قبضه من خزانة المحكمة وذلك على أساس سعر المتر 8 جنيهات و184 مليماً وذلك فيما يتعلق باستئناف راتب جرجس. ثالثاً - إلزام وزارة المالية والمساحة بالمصاريف المناسبة لمبلغ 71466 جنيهات و604 مليمات عن الدرجتين وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 20 فبراير سنة 1958 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأصدرت قرارها في 30 أبريل سنة 1961 بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية وبعد استيفاء الإجراءات تحدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 21 فبراير سنة 1963 وفيها صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه خطأه في تطبيق المادة 226 من القانون المدني إذ رفض الفوائد المقضي بها ابتدائياً بالنسبة للمبلغ الذي حكم بأحقيته فيه على أساس أنه غير معلوم المقدار وقت رفع الدعوى وأن الفوائد تستحق على كل التزام بدفع مبلغ عن النقود أياً كان مصدره إذ العبرة في استحقاقها هو بمحل الالتزام - وهذا المحل هو دفع مبلغ من النقود معلوم المقدار وقت الطلب - ولا عبرة بمصدر الالتزام فقد يكون عقداً أو عملاً غير مشروع والثابت في واقعة النزاع أن التزام المطعون عليهما هو التزام بدفع مبلغ من النقود - ثمناً لما نزعت ملكيته - وهذا المبلغ قد حدد في صحيفة الدعوى بل حدد من قبل رفعها وليس من شأن المنازعة في استحقاق المبلغ المطالب به في صحيفة الدعوى كله أو بعضه ما يجعله غير معلوم المقدار وقت الطلب ومما هو أمعن في مخالفة القانون أن الحكم المطعون فيه لم يقض بالفوائد من تاريخ صدور الحكم حتى السداد على أساس أن فوائد التأخير لم تترتب بعد في ذمة الخصم مع أن الأحكام مقررة للحقوق وليست منشئة لها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه برفض الفوائد القانونية التي قضى بها الحكم الابتدائي على قوله "وحيث إن التعويض محل النزاع هو مبلغ غير معلوم المقدار وقت رفع الدعوى. ولا يصبح كذلك إلا بالحكم النهائي. فلا محل للحكم بالفوائد التأخيرية المطلوبة عن المدة السابقة على القضاء في النزاع نهائياً بهذا الحكم لعدم توافر هذا الشرط المقرر بالمادة 226 مدني. ولا محل كذلك للحكم بفوائد التأخير الذي قد يقع بعد صدور الحكم لأنها لم تترتب بعد في ذمة الخصم". وهذا الذي أسس عليه الحكم قضاءه في خصوص بدء سريان الفوائد من تاريخ الحكم النهائي صحيح في القانون - ذلك أن المادة 226 من القانون المدني تنص على أنه "إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به - كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها 4% في المسائل المدنية، 5% في المسائل التجارية. وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً آخر لسريانها وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره" ويبين من الأعمال التحضيرية لتلك المادة أن إيراد عبارة - "وكان معلوم المقدار وقت الطلب التي وضعت بدلاً من عبارة "وكان معلوم المقدار وقت نشوء الالتزام" التي وردت أصلاً في المشروع التمهيدي للقانون قد قصد بها منع سريان الفوائد على المبالغ التي لا تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى كالتعويض عن العمل غير المشروع - والمقصود يكون محل الالتزام معلوم المقدار أن يكون تحديد مقداره قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة رحبة في التقدير - لما كان ذلك، وكان عدم جواز الحكم بالفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية بالنسبة للتعويض عن العمل غير المشروع يقتضي تطبيق الحكم ذاته على التعويض المستحق من عدم تنفيذ الالتزام بمعناه الدقيق أياً كان مصدره كلما كان تقدير هذا التعويض خاضعاً لسلطة القاضي التقديرية - لما كان ذلك، وكان التعويض المستحق للطاعن عن نزع ملكية أرضه للمنفعة العامة هو مما يخضع للسلطة التقديرية للقاضي. فإن تحديد الطاعن لما يطلبه في صحيفة دعواه لا يجعله معلوم المقدار وقت الطلب بالمعنى الذي قصده القانون. وإنما يصدق عليه هذا الوصف بصدور الحكم النهائي في الدعوى - وإذ التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض طلب الفوائد القانونية التي طلبها الطاعن من تاريخ المطالبة الرسمية بالنسبة للبائع المقضي بها فإنه لا يكون قد خالف القانون - أما ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بأنه لم يقض بالفوائد من تاريخ الحكم فهو نعي في محله - ذلك أن تاريخ الحكم هو - كما سبق بيانه - الوقت الذي يصبح فيه محل الالتزام معلوم المقدار والذي يبتدئ منه بالتالي استحقاق الفوائد ولا يحول دون الحكم بها ما برر به الحكم المطعون فيه قضاءه في هذا الخصوص من أنها لم تترتب بعد في الذمة لأن القضاء بالفوائد إنما هو تقرير لحق الطاعن فيها قبل مدينه إذا تأخر في الوفاء ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص - ولما كان الموضوع فيما يتعلق بذلك صالحاً للفصل فيه فإنه يتعين تعديل الحكم المستأنف في هذا الخصوص والقضاء بجريان الفوائد عن مبلغ 71466 ج و604 م المقضي به للطاعن بواقع 4% سنوياً ابتداء من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه حتى السداد.


(1) راجع نقض 15/ 2/ 1962 طعن 310 س 26 ق السنة 13 ص 253.

الطعن 172 لسنة 36 ق جلسة 25 / 3 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 61 ص 384

جلسة 25 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، محمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(61)
الطعن رقم 172 لسنة 36 قضائية

تأمينات عينية. "الرهن". التزام.
حائز العقار المرهون. وفاؤه بالدين المضمون للدائن. أثره. حلول الحائز محل الدائن. وله الرجوع على المدين بما أوفاه.

---------------
حائز العقار - المرهون - طبقاً للمواد 320 و326 و329 من القانون المدني ملزم بالدين عن المدين، وينبني على وفائه بالدين المضمون أو بجزء منه للدائن المرتهن، حلوله محل هذا الدائن في كافة حقوقه بمقدار ما أداه، ويشمل الحلول الرهن الوارد على عقار الحائز ذاته، ويترتب على الحلول، انتقال حق الدائن إلى الموفي فيكون له أن يرجع على المدين بهذا الحق بمقدار ما أوفاه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن فاطمة النبوية حسن الشربيني أقامت الدعوى رقم 1222 سنة 1951 كلي المنصورة ضد نجيب رزق شلبي وآخرين تطلب الحكم (أولاً) بإلزامهم متضامنين بتقديم كشف حساب مؤيد بالمستندات بما تسدد منهم لبنك الأراضي من ثمن الأطيان مشتراهم وذلك في بحر شهر من تاريخ النطق بالحكم، وفي حالة التأخير عن تقديمه إلزامهم بدفع تعويض يومي قدره خمسة جنيهات (ثانياً) وبعد تقديم الحساب ومناقشته وثبوت صحته الحكم عليهم متضامنين بأن يدفعوا لها صافي هذا الحساب وفوائده بواقع 7% سنوياً من تاريخ 17/ 4/ 1929 حتى تمام السداد. وقالت في بيان دعواها إن المدعى عليه الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً رسمياً عن باقي المدعى عليهم اشترى بتاريخ 16/ 4/ 1929 من أحمد عبد الرازق الشربيني 44 فدان و15 قيراط و10 أسهم بعقد بيع تسجل في 20/ 4/ 1929 برقم 1071 نظير ثمن قدره 4910 جنيهاً و660 مليماً دفع منه مبلغ 900 جنيهاً عند تحرير العقد والباقي وقدره 4010 جنيهاً و660 مليماً يسدد منه الدين المقيد على الأطيان محل التعاقد لبنك الأراضي المصري بالإسكندرية وكذا الدين المستحق على مساحة 23 قيراط و19سهم تقع بحوض يوسف أبو علي 32 قطعة رقم 2 بزمام ناحية بسنديلة ثم يدفع لها الباقي بعد استنزال مصاريف شطب الرهن ونقل التكليف، مع فائدة عنه بواقع 7% من تاريخ التصديق على العقد الحاصل في 17/ 4/ 1929 وأنه وقد نقل التكليف كما تسدد البنك بمطلوبه فإن من حقها مطالبتهم بدفع الباقي من الثمن مع فائدة بواقع 7% سنوياً من تاريخ التصديق على البيع حتى تمام السداد. وعند نظر الدعوى عرض عليها المدعى عليهم مبلغ 460 جنيه و959 مليماً فقبلته خصماً من مطلوبها وعدلت طلباتها إلى طلب الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 1878 جنيهاً و245 مليماً وفوائده بواقع 7% من 8/ 4/ 1945 حتى تمام السداد. ورد المدعى عليهم بأنهم غير ملزمين بدفع رصيد الثمن إلا بعد نقل التكليف وفرز الأطيان المبيعة من الرهن وتحديد مقدار الدين المحملة به 45 فدان و14 قيراط وذلك عملاً بما تم الاتفاق عليه في البند السادس من العقد الابتدائي ولم يحدد البائع والمدعية هذا الرصيد حتى 18/ 10/ 1940 بل، وحتى تاريخ نظر الدعوى، هذا فضلاً عن أن وكيلهم قد سدد 2000 جنيهاً كما سدد عدة مبالغ أخرى كانت سندهم في طلب استبعاد الأطيان المبيعة من قائمة شروط البيع التي وجهها البنك إليهم، وخلصوا إلى أنه باحتساب المبلغ المدفوع في العقد وباقي المبالغ الأخرى المدفوعة منهم يبين أنهم أوفوا بجميع الثمن وأنه لا محل لإلزامهم بالفوائد التأخيرية لأن البائع والمدعية هما اللذان تخلفا عن تنفيذ ما التزما به، فأجابت المدعية بأن العقد المسجل الذي نقل به التكليف هو المعول عليه وحده في تحديد التزامات البائع وإذ نص في البند الرابع منه على التزام المدعى عليهم بتحديد مقدار الدين وفرز الأطيان المبيعة من الرهن المشترك فإن عبء تنفيذ هذين الالتزامين يقع على عاتقهم، وبتاريخ 11/ 3/ 1959 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء الحسابيين الحكوميين بالمنصورة لفحص الحساب المقدم من المدعية والمدعى عليهم والمستندات المقدمة من كليهما لبيان حقيقة الدين الذي كان لبنك الأراضي المصري بالإسكندرية على الأرض المبيعة والـ 23 قيراط و19 سهماً موضوع العقد النهائي المؤرخ 16/ 4/ 1929 والمصدق عليه في 17/ 4/ 1969 والمسجل في 20/ 4/ 1969 في تاريخ التصديق على هذا العقد، وكذلك بيان المصاريف الرسمية التي صرفها المدعى عليهم في فك الرهن عن هذه الأطيان والباقي للمدعية من الثمن بعد خصم الدين المشار إليه ومصاريف فك الرهن وما قبضته المدعية من معجل الثمن وقدره 900 جنيه وما قبضه وكيلها بجلسة 22/ 1/ 1942 وقدره 460 جنيهاً و359 مليماً وما يكون قد قبضته من مبالغ أخرى، وقد انتهى الخبير المنتدب - على ما ثبت من مدونات الحكم - إلى أن حقيقة دين البنك على الأرض المبيعة وعلى مساحة الـ 23 قيراط و19 سهماً في تاريخ التصديق على العقد النهائي 1282 جنيهاً و515 مليماً وأن ما قبضته المدعية من الثمن هو مبلغ 1380 جنيهاً و359 مليماً منه 900 جنيه معجل الثمن و460 جنيهاً و359 مليماً ما تسلمه وكيلها بجلسة 22/ 11/ 1942، و20 ج تسلمها الوكيل في 24/ 4/ 1937، وأنه لا توجد مصاريف لفك الرهن لأن ذلك لم يحدث، وأن الباقي للمدعية من الثمن هو 2247 ج و786 م إلا أن المدعى عليهم اعترضوا على التقرير قائلين أنهم سددوا للبنك 3529 ج و707 م واستدلوا على ذلك مما ذكرته المدعية بالطلب المقدم منها إلى قاضي التوزيع في 24/ 2/ 1943 والذي قدموا صورة رسمية منه، ودفعوا بسقوط الفوائد بالتقادم عملاً بحكم المادة 37 من القانون المدني ذاكرين أن أقصى ما يمكن أن يتحملوه من فوائد يقتصر على المدة من 15/ 1/ 1942 حتى 22/ 11/ 1942 عن مبلغ 460 ج و959 م المسدد بالجلسة. وفي 14/ 4/ 1960 حكمت المحكمة بإعادة المأمورية لمكتب الخبرة للانتقال إلى بنك الأراضي بالإسكندرية للاطلاع على دفاتر البنك المذكور لبيان مجموع المبالغ التي قام المدعى عليه بسدادها وتواريخ سدادها ومقدار الفوائد التي تقضاها البنك من بدء السداد حتى نهايته مبيناً مقدار كل مبلغ تسدد ومقدار ما تقاضاه البنك من فائدة ومقدار الدين الذي كان مطلوباً عن القدر المبيع للمدعى عليهم وعن ألـ 23 ط و19 س وأصل الدين والقدر الذي كان مرهوناً ضماناً للدين، ومقدار الدين الذي كان يطالب به البنك المدعى عليه الأول مقابل فرز نصيبه والذي أرسل له من أجله خطاباً بعدم الموافقة على الفرز قبل سداد ما عليه من الديون. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة في 29/ 10/ 1964 بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للمدعية مبلغ 191 جنيهاً و250 مليماً والمصروفات المناسبة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنفت المدعية هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبة تعديله وإلزام المستأنف عليهم بأن يدفعوا لها مبلغ 1805 جنيه و940 مليماً مع الفوائد بواقع 7% من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 17/ 4/ 1929 حتى السداد وقيد هذا الاستئناف برقم 284 سنة 16 ق كما استأنفه المدعى عليهم طالبين إلغاءه بالنسبة لما قضى به من إلزامهم بمبلغ 161 جنيهاً و250 مليماً وتأييده فيما عدا ذلك وإلغاء الحكم الصادر في 11/ 3/ 1959 بكامل أجزائه، وقيد هذا الاستئناف برقم 297 سنة 16 ق. وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت بتاريخ 6/ 5/ 1965 في الاستئناف الثاني بسقوط حق المستأنفين في استئناف الحكم الصادر في 11/ 3/ 1959، ثم عادت وحكمت بتاريخ 8/ 2/ 1966 بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع "أولاً" في الاستئناف رقم 284 سنة 16 ق المرفوع من السيدة فاطمة النبوية بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف ضدهم بأن يدفعوا للمسٍتأنفة مبلغ 1805 جنيه و941 مليماً وفوائد هذا المبلغ بواقع 7% عن الخمس عشرة سنة السابقة وعلى هذا الحكم، المستأنف ضده الأول نجيب رزق شلبي بحق الريع وباقي المستأنف ضدهم من تركة مورثيهم المرحومين مينا أسعد واسكندر سليمان شلبي وشفيقة مينا إبراهيم كل منهم بقدر ما آل إليه إرثاً عن مورثيه. "ثانياً" وفي الاستئناف رقم 297 سنة 16 ق برفضه. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وأصرت النيابة العامة على طلبها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون في السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامهم بالمبلغ المحكوم به باعتباره باقياً في ذمتهم للمطعون عيها من ثمن الأطيان المبيعة لهم دون أن يخصم من هذا الثمن المبلغ المسدد منهم لبنك الأراضي ومقداره 3549 جنيه و770 مليماً مستنداً في ذلك إلى أن الحكم الصادر بتاريخ 11/ 3/ 1959 والذي سقط حقهم في استئنافه وأصبح نهائياً قد قطع بأنهم الملزمون بفرز الأطيان المبيعة من الرهن المشترك وتحديد مقدار الدين المستحق عليها للبنك، وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون ومخالفة لإرادة المتعاقدين، إذ أن واقعة سداد الطاعنين للمبلغ المدفوع للبنك غير متنازع عليها وإنما يدور النزاع بين الطرفين حول أثرها القانوني، إذ تتمسك المطعون عليها بأنها غير مسئولة عن سدادهم هذا المبلغ الجسيم لأنه يزيد عن حصة الأطيان المبيعة في جملة الدين التي التزموا بسدادها في عقد البيع في حين أن التزامهم بدفع رصيد الثمن على ما نص عليه في البند الرابع من عقد البيع معلق على قبول البنك فرز الأطيان واستنزال جميع مطلوباته والمصاريف الرسمية، ومع التسليم جدلاً بأن عقد البيع قد ألزمهم بدفع جزء من الدين يعادل نصيب الأرض المبيعة في مجموع الدين فإن هذا الاتفاق لا يقيد البنك لأنه لم يكن طرفاً فيه ومن حقه باعتباره دائناً مرتهناً للعين المبيعة أن يجبرهم على الوفاء بكل الدين عملا بقاعدة عدم التجزئة في الرهن، وإذ كان وفاؤهم بهذه المبالغ للبنك اضطراريا بحكم كونهم حائزين لأرض مرهونة وملزمين قانوناً بوفاء الدين عن مالكها الذي تلقوا الحق عنه فإن لهم وفقاً للمادة 326 من القانون المدني الحق في الحلول محل البنك الدائن والرجوع على المدين البائع، ومن صور هذا الرجوع أن تقع المقاصة بين الباقي في ذمتهم من الثمن وبين ما أدوه إلى الدائن المرتهن نيابة عن المدين، وإذ كانت نيابتهم عن المطعون عليها في الوفاء بدين البنك مصدرها القانون نفسه فإن التزامهم قبلها بباقي الثمن ينقضي بما أدوه للبنك حتى ولو ألزمهم عقد البيع بوفاء جزء من دين البنك، لأن ذلك لا يعفيهم من التزامهم بوفاء الدين عن البائع مثلهم في ذلك مثل المدين نفسه ولو بقي العقار على ملكه، وليس في طلب المقاصة ما يتنافي مع القول بالتزامهم بفرز الأطيان، إذ أن الوفاء الذي وقع فعلاً يخولهم حق الرجوع على المدين ما أوفوه وإيقاع المقاصة بينه وبين الباقي من الثمن وإلا لكان عليهم أن يؤدوا الثمن مرتين إحداهما للبنك والأخرى للمطعون عليها، وقد أكدت المطعون عليها حكم القانون بموافقتها على اعتبار وفائهم للبنك حاصلاً لحسابها وبالنيابة عنها حين طلبت إلى قاضي التوزيع حلوها محل البنك الدائن في الرجوع على باقي المدينين المتضامنين بما أداه الطاعنون عنها، وقد تمسك الطاعنون بهذا الإقرار باعتباره إقراراً قضائياً إلا أن الحكم المطعون فيه اكتفى بأن وصفه بأنه إقرار غير قضائي لصدوره في دعوى أخرى، مع أن مقطع النزاع ليس في تكييفه وإنما هو بيان الأثر القانوني المترتب عليه من قيام الطاعنين بالوفاء نيابة عن المطعون عليها وإجازتها هذا الوفاء، وإذ كان من حقهم خصم المبلغ الذي أوفوه للبنك من باقي الثمن لوقوع المقاصة قانوناً بين المبلغين استناداً إلى قواعد الحلول التي أكدتها المطعون عليها بإقرار الوفاء واعتماده، والتفت الحكم عن ذلك وألزمهم بباقي الثمن للمطعون عليها مرة أخرى دون أن يبين مصير المبالغ التي أدوها للبنك فإنه يكون قد أخطأ في القانون ومعيباً بالقصور في البيان.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على قوله "وبما أنه عن قول نجيب رزق شلبي ومن معه من أن مجموع المبالغ التي سددها للبنك تقدر بمبلغ 3529 جنيه و707 مليماً وهو ما يزيد عن مطلوبه وأن نفس البائعة أقرت هذا السداد فمردود بأن الحكم الصادر في 11/ 3/ 1959 والذي أصبح نهائياً قد ألزمهم بتحديد دين البنك وفرز الأطيان المبيعة من الرهن المشترك وذلك وقت التصديق على عقد البيع فإذا كانوا قد تراخوا في ذلك واستحق على الدين فوائد فهي تقع على عاتقهم وهم الملزمون بدفعها دون أن يحق لهم طلب خصمها من باقي الثمن لأن هذا الباقي حسبما جاء في الحكم السابق لا يخصم منه سوى ما كان مستحقاً للبنك وقت التصديق على عقد البيع في 17/ 4/ 1929، كما لا يغير من ذلك ما ذكره المشترون من أن المستأنفة قد أقرت في الطلب المقدم منها في قضية التوزيع بأن المشترين قد دفعوا نيابة عنها المبلغ المتقدم وأن هذا الإقرار حجة عليها لا يجوز لها العدول عنه، لأن الإقرار الذي يعتبر حجه قاطعة على المقر لا يجوز له العدول عنه، أو تجزئته هو الإقرار القضائي، ويشترط فيه كما تنص على ذلك المادة 408 من القانون المدني أن يصدر من المقر أمام القضاء أثناء سير الدعوى لا في دعوى أخرى كانت مرددة بين ذات الخصوم، هذا فضلاً عن أن الإقرار الذي يلوذ به المستأنف لا يفيد المعنى الذي ذهب إليه وهو وجوب خصم كل ما أدوه للبنك من باقي الثمن المستحق للمستأنفة، وكل ما كانت ترمي إليه بقولها إن المشترين قد دفعوا مبلغ 3529 جنيه هو أن تحل محلهم فيما لهم من حقوق على الأطيان المرهونة التي كان يجرى توزيع ثمنها وذلك على أساس أنهم كانوا في رأيها يؤدون هذه المبالغ عنها". وإذ كان ما قرره الحكم بشأن تحديد مقدار دين البنك الواجب خصمه من باقي الثمن بأنه هو ما كان مستحقاً في تاريخ التصديق على العقد لا يصادف محلاً من قضاء محكمة أول درجة الصادر في 11/ 3/ 1959 ذلك أن الحكم المشار إليه بعد أن أورد في أسبابه نص البند الثالث من العقد النهائي الذي عول عليه وحده وبعد أن خلص إلى أن الطاعنين هم الملزمون بتحديد الدين وفرز الأطيان من الرهن المشترك وأن العقد صريح في التزامهم بدفع الباقي من الثمن بعد استنزال جميع مطلوب البنك والمصاريف الرسمية وأن تحتسب على هذا الباقي فائدة بواقع 7% من تاريخ التصديق عليه قال "ولما كان المدعى عليهم قد أقروا بأن البنك تحصل على دينه وشطب الأطيان المبيعة من قائمة شروط البيع فإنه لا يبقى إلا معرفة حقيقة ما سدده المدعى عليهم للبنك وما صرفوه من مصاريف رسمية للوصول إلى حقيقة ما للمدعية قبلهم من باقي الثمن.... وأنه على ضوء ما تقدم وبما أن المدعية من جانبها قدمت كشف حساب قالت إنه عمل بمعرفة خبير حسابي كما وأن المدعى عليهم قدموا كشف حساب آخر يختلف عن الحساب الذي قدمته المدعية، وللوصول إلى الحقيقة فلا ترى المحكمة بدا من ندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق هذا الحكم" ثم قضى "بندب مكتب الخبراء المحاسبين الحكوميين بالمنصورة لفحص الحساب المقدم من المدعية والمدعى عليهم والمستندات المقدمة من كليهما لبيان حقيقة الدين الذي كان لبنك الأراضي المصري بالإسكندرية على الأرض المبيعة والـ 19 س و23 ط موضوع العقد النهائي المؤرخ 16/ 4/ 1929 والمصدق عليه في 17/ 4/ 1929 والمسجل في 20/ 4/ 1929 في تاريخ التصديق على هذا العقد وكذا بيان المصاريف الرسمية التي صرفها المدعى عليهم في فك الرهن عن هذه الأطيان والباقي للمدعية من الثمن بعد خصم الدين المشار إليه ومصاريف فك الرهن وما قبضته المدعية من معجل الثمن وقدره 900 جنيه وما قبضه وكيلها بجلسة 22/ 11/ 1942 وقدره 490 جنيه و359 مليماً وما تكون قد قبضته من مبالغ أخرى". ومن ذلك يبين أنه لم يرد في منطوق الحكم أو في أسبابه ما يفيد قضاءه بأن يخصم من باقي الثمن ما كان مستحقاً للبنك وقت التصديق على عقد البيع. وإذ كان حائز العقار طبقاً للمواد 320، 326، 329 من القانون المدني ملزم بالدين عن المدين وكان ينبني على وفائه بالدين المضمون أو بجزء منه للدائن المرتهن حلوله محل هذا الدائن في كافة حقوقه بمقدار ما أداه، ويشمل الحلول الرهن الوارد على عقار الحائز ذاته، ويترتب على الحلول انتقال حق الدائن إلى الموفي فيكون له أن يرجع على المدين بهذا الحق بمقدار ما أوفاه، وإذ أصبح المطعون عليهم حائزين بشرائهم العقار من المدينة المطعون عليها وتمسكوا بخصم ما دفعوه للبنك الدائن المرتهن من باقي ثمن العقار، وبتسليم المطعون عليها بقيامهم بدفعه نيابة عنها في الطلب المقدم منها لقاضي التوزيع، وبما انتهى إليه حكم محكمة أول درجة من خصمه إعمالاً لقواعد الحلول، استناداً إلى ما ثبت له من أوراق الدعوى ومستنداتها من أن الأطيان المبيعة كانت مرهونة لبنك الأراضي مع أطيان أخرى رهناً تأمينياً لا يقبل التجزئة تكون فيه العين المرهونة ضامنة للدين بأكمله ولكل جزء منه، وإذ تحجب الحكم المطعون فيه بحجية حكم محكمة أول درجة الصادر في 11/ 3/ 1959 عن بحث أثر الحلول، فإنه يكون قد خالف القانون ومشوباً بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 52 لسنة 28 ق جلسة 18 / 4 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 78 ص 550

جلسة 18 من أبريل سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

--------------

(78)
الطعن رقم 52 لسنة 28 القضائية

(أ) عقد "أركان العقد". "تلاقي الإيجاب والقبول".
عدم تعيين ميعاد للقبول لا يسقط به الإيجاب. عدم عدول الموجب عن إيجابه وصدور للقبول من المعروض عليه الإيجاب. تمام العقد.
(ب) طعن "أسباب الطعن".
ليس للطاعن أن يتمسك بسبب من أسباب الطعن لم يرد في تقرير الطعن.

-------------
1 - إذا لم يعين ميعاد للقبول فإن الإيجاب لا يسقط إلا إذا عدل عنه الموجب، فإن بقى الموجب على إيجابه حتى صدر القبول من المعروض عليه الإيجاب فقد تم العقد بتلاقي الإراديين ومن ثم فلا يجوز بعد ذلك لأي من الطرفين بإرادته المنفردة التنصل منه أو التحلل من آثاره.
2 - ليس للطاعن أن يتمسك بسبب من أسباب الطعن لم يبده في تقرير الطعن. (1)


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليها أقامت الدعوى الابتدائية بصحيفة أعلنت في 23 مارس سنة 1953 طلبت فيها الحكم بإلزام الطاعنة بأن تدفع لها مبلغ 2375 ج وقالت في بيان دعواها إنه بتاريخ 5 مايو سنة 1951 رسا على الطاعنة مزاد تأجير خمسة مخازن داخل الدائرة الجمركية لاستعمالها في تخزين مؤن السفن - الترانزيت - بجمرك السويس وذلك مقابل مبلغ 2375 ج سنوياً وأن المدعى عليها (الطاعنة) - أخذت تماطل وتستأجل التنفيذ إلى أن أخطرت المدعية في 29 ديسمبر سنة 1951 بأنها لا ترغب في تنفيذ الاتفاق وقد أدى ذلك إلى ضياع حق المصلحة وعدم انتفاعها بالمخازن منذ رسو المزاد وتكون الشركة ملزمة بتعويض قدرته المصلحة بالمبلغ المطالب به - وفي 30 ديسمبر سنة 1954 قضى للمطعون عليها بطلباتها فاستأنفت الطاعنة بالاستئناف رقم 455 سنة 72 - وفي 28 أكتوبر سنة 1957 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، وبتاريخ 16 فبراير سنة 1958 قررت الشركة الطاعنة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 4 فبراير سنة 1962 وفيها صممت النيابة على مذكرتها التي طلبت فيها رفض الطعن، وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة حدد لنظر الطعن بجلسة 21/ 3/ 1963 وفيها طلبت الشركة الطاعنة الحكم بطلباتها الموضحة بتقرير الطعن كما تمسكت النيابة بطلبها السابق.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب يتحصل السبب الأول منها في تعييب الحكم بمخالفة القانون وقصور تسبيبه - وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت تقدم الطاعنة بالعطاء - أي بالإيجاب - في 5 مايو سنة 1951 وأثبت عدم رد المطعون عليها بالقبول إلا في 27/ 9/ 1951 قرر أنه كان يتعين على الطاعنة متى رأت أن تأخر القبول يضر بصالحها أن تستعجل موافقة المطعون عليها أو تخطرها بالعدول - أما وقد سكتت حتى أخطرت بالقبول فإن العقد يكون قد تم صحيحاً وملزماً ولا يجوز لأحد الطرفين التنصل منه - وفي هذا الذي قرره الحكم قلب للأوضاع القانونية لأن تبليغ القبول في المدة المتفق عليها أو في المدة المعقولة واجب على الطرف المعروض عليه الإيجاب وكان يتعين على المطعون ضدها لاسيما مع مراعاة أن مدة الإجازة سنة وأن المخازن كان معروضاً إيجارها لتخزين المواد التموينية للبواخر - الترانزيت - أن تبادر في أقرب وقت إلى تبليغ الطاعنة بالقبول - أما وقد توانت نحو خمسة أشهر فإنه كان من حق الطاعنة أن تعتقد أن المصلحة صرفت النظر عن هذا المزاد خصوصاً وأن شروط قائمة المزاد تخولها سلطة مطلقة في هذا الصدد - كما أن الحكم بتقريره أنه لم يقم نزاع حول تاريخ بدء الإجازة يكون قد مسخ دفاع الطاعنة الذي تركز في التمسك بعدم انعقاد العقد، ويتحصل السبب الثاني في تعييب الحكم بالقصور إذ أغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة من أن القبول الذي جاء متأخراً في 27/ 9/ 1951 بعد سقوط الإيجاب لا يمكن وصفه قانوناً إلى بأنه إيجاب جديد خصوصاً وأنها - أي الطاعنة - تمسكت بأن الظروف التي طرأت وقت تبليغ القبول قد غيرت الأوضاع في منطقة السويس تغييراً من شأنه امتناع انعقاد عقد بإيجاب وقبول جديدين، ولقد قرر الحكم المطعون فيه أن الطاعنة لم تقدم دليلاً على وقوع الاضطرابات بتلك المنطقة في ذلك الوقت رغم أن المطعون عليها قد سلمت في مذكرتها المقدمة بجلسة 30/ 12/ 1954 وقوع الخلاف بين المصريين والسلطات البريطانية في شهر أكتوبر سنة 1951 - ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم المطعون فيه إذ لم يتناول البحث في تأخر المطعون عليها في القبول مدة غير معقولة قد فقد الأساس القانوني الذي يقوم عليه ذلك لأن مضي هذه المدة يترتب عليه سقوط الإيجاب وعدم إتمام التعاقد وقد أقرت المطعون عليها بحصول التأخير ولم يكن يجديها ما تعللت به في هذا الخصوص من أنها كانت تقوم بتحقيق شكوى قدمت من المتزايدين الآخرين بشأن هذا المزاد.
وحيث إن هذا النعي في جميع وجوهه مردود بأنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه واجه ما تمسكت به الطاعنة من الدفع بعدم إتمام العقد ولم يمسخ دفاعها في هذا الخصوص وخلص إلى أن العقد قد تم بين الطرفين مؤسساً قضاءه في ذلك على قوله: "وحيث إن تقدم الشركة المدعى عليها - الطاعنة - بعطائها وهي تعلم أن الشروط التي تقدمت على أساسها لم تحدد موعد البدء لنفاذ العقد فإن تقدمها هذا يعتبر إيجاباً منها وما دامت لم تعدل منه وصدر قبول الطرف الآخر فإن العقد ينفذ ابتداء من تاريخ القبول وفي هذه الدعوى يكون عقد الإيجار قد تم في 27/ 9/ 1951 ومن هذا التاريخ تبدأ مدة الإجارة" وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ذلك أنه إذا لم يعين ميعاد للقبول لا يسقط الإيجاب إلا إذا عدل عنه الموجب فإذا بقى على إيجابه حتى صدر القبول من المعروض عليه الإيجاب تم العقد بتلاقي الإرادتين ولا يجوز بعد ذلك التنصل من العقد أو التحلل من آثاره - لما كان ذلك، وكانت الشركة الطاعنة قد تقدمت بعطائها في يوم 5/ 5/ 1951 فإن هذا العطاء من جانبها هو إيجاب وقد ظل هذا الإيجاب قائما ولم تعدل عنه الشركة الموجبة حتى صدر قبول مصلحة الجمارك لهذا الإيجاب في 27/ 9/ 1951 ومن ثم فقد انعقد العقد ولا يجوز للشركة الطاعنة بإرادتها المنفردة أن تتحلل منه، وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى الأخذ بهذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، وما قرره الحكم في هذا الخصوص يحمل الرد الضمني على ما تمسكت به الطاعنة من أن القبول المتأخر من جانب المطعون عليها يعتبر إيجاباً جديداً، وأما ما أبدته الشركة الطاعنة في مذكرتها الشارحة من أن الحكم المطعون فيه قد عابه القصور حين أغفل الرد على ما تمسكت به من استحالة تنفيذ العقد بفرض تمامه بسبب الحوادث التي حدثت في منطقة السويس بين المصريين وقوات الجيش البريطاني - فإنه نعي غير مقبول لعدم إبدائه في تقرير الطعن.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 18/ 4/ 1963 طعن 48 س 28 ق السنة 14 العدد الحالي - ونقض 19/ 5/ 1932 طعن 39 س 1 ق مجموعة 25 سنة ص 1143.

الطعن 6 لسنة 38 ق جلسة 24 / 3 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 أحوال شخصية ق 60 ص 379

جلسة 24 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا علي، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي.

----------------

(60)
الطعن رقم 6 لسنة 38 ق " أحوال شخصية"

وقف. "الرجوع في الوقف". قانون.
قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946. تحريم الرجوع في الوقف السابق على العمل به. شرطه. حرمان الواقف نفسه وذريته من الاستحقاق ومن الشروط العشرة وجعل الاستحقاق للغير. أهلياً كان الوقف أو خيرياً. وقف المسجد أو ما وقف على المسجد. عدم جواز الرجوع فيه إطلاقاً.

---------------
الظاهر من سياق نص الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بشأن الوقف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أن المشرع قصد إلى تحريم رجوع الواقف عن وقفه السابق على العمل بهذا القانون إذا حرم نفسه وذريته من الاستحقاق ومن الشروط العشرة وجعل الاستحقاق لغيره، إذ لفظ الغير عام مطلق يشمل كل من عدا الواقف، جهة كان هذا الغير أو من أهل الاستحقاق، أهلياً كان الوقف أو خيرياً، فمتى توافرت شروط الاستثناء الواردة في هذه الفقرة امتنع على الواقف أن يرجع عن وقفه أياً كان هذا الوقف، ولا يدفع هذه الحجة ما يقال من أن المشرع قصد إلى إباحة رجوع الواقف عن وقفه إطلاقاً سواء كان ذلك قبل العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 أو بعد ذلك فيما عدا حالة وقف المسجد أو ما وقف على المسجد بدليل أنه أفرد لهذه الحالة الأخيرة فقرة خاصة - هي الفقرة الثالثة من المادة 11 - ذلك أن المحكمة التي اقتضت هذا النص الخاص هي تقرير قاعدة شرعية أجمع عليها أئمة الفقهاء وهي عدم جواز الرجوع في وقف المسجد أو ما وقف على المسجد إطلاقاً، فأراد المشرع أن يدفع كل شبه في عدم جواز الرجوع عن هذا الوقف متى انعقد سواء كان انعقاده قبل العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 أو بعد ذلك، ولا يجوز الرجوع فيه في الأحوال التي يجوز فيها الرجوع في الوقف الخيري، فالفقرة الثالثة تقرر حكماً خاصاً بالمسجد لا يغني عنه ما سبق أن قررته هذه المادة من أحكام بشأن الأوقاف الخيرية الأخرى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من القرار المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عبد الوهاب حسانين وهدان تقدم في 3/ 7/ 1966 إلى هيئة التصرفات بمحكمة طنطا الابتدائية بطلب قال فيه إنه بمقتضى حجة شرعية مؤرخة 9/ 10/ 1939 صادرة أمام محكمة زفتى الشرعية أوقف 14 قيراطاً من 15 فداناً أطياناً زراعية كائنة بزمام تفهنا العزب مبينة الحدود والمعالم بالطلب على زوجته المرحومة السيدة نفيسة أحمد وهدان يصرف ريعها على الفقراء والمساكين ببلدته، وإذ رجع عن وقفه وأعاده لملكه الحر - كما كان قبل وقفه - فقد انتهى إلى طلب الحكم بحقه في الرجوع عن الوقف، وقيد هذا الطلب برقم 1 سنة 1966 تصرفات طنطا الابتدائية، وبتاريخ 10/ 10/ 1967 قررت الهيئة رفض الطلب وألزمت الطالب المصروفات. واستأنف الطالب هذا القرار لدى محكمة استئناف طنطا طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته، وقيد هذا الاستئناف برقم 1 سنة 17 قضائية وبتاريخ 8/ 1/ 1968 قررت المحكم قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع، بإلغاء القرار المستأنف والتقرير بحق الواقف المستأنف عبد الوهاب حسانين وهدان في المرجوع عن وقفه الصادر به الحجة الشرعية المؤرخة 9/ 10/ 1939 أمام محكمة زفتى الشرعية رقم 13 متتابعة سنة 1939 وألزمت المستأنف بالمصروفات الاستئنافية. وطعنت النيابة العامة في هذا القرار بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض القرار، وطلب المطعون عليه رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن إن القرار المطعون فيه أقام قضاءه في الدعوى على أن المطعون عليه وقد جعل وقفه خيرياً ابتداء وانتهاء - على روح زوجته المرحومة نفيسة أحمد وهدان يصرف ريعه للفقراء والمساكين من المسلمين، فإنه يحق له الرجوع فيه ولو كان قد حرم نفسه وذريته من الاستحقاق ومن الشروط العشرة، مستنداً في ذلك إلى أن الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون رقم 48 لسنة 1946، والتي تمنع الواقف من الرجوع أو التغيير فيما وقفه قبل العمل بالقانون المذكور وجعل استحقاقه لغيره، إذا كان قد حرم نفسه وذريته من هذا الاستحقاق ومن الشروط العشرة بالنسبة له، أو ثبت أن هذا الاستحقاق كان بعوض مالي أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف، وفي وقف المسجد ابتداء وفيما وقف عليه ابتداء - إنما يقتصر حكمها على الوقف الأهلي ولا ينبسط على الوقف الخيرى. وهو من القرار خطأ ومخالفة للقانون، لأن نص الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون رقم 48 لسنة 1946 نص عام ويدل على أن المشرع قصد إلى تحريم رجوع الواقف عن وقفه - السابق على العمل بالقانون المشار إليه - إذا توافر شرط من الشروط الواردة فيها سواء كان الوقف أهلياً أو خيرياً ولا يسوغ التحدي في هذا الصدد بأنه لو صح هذا الفهم لما كان هناك محل لإيراد الفقرة الخاصة بوقف المسجد، لأن المشرع إنما أراد بهذه الفقرة أن يقرر عدم جواز الرجوع في وقف المسجد أو ما وقف عليه إطلاقاً سواء كان إنشاء الوقف سابقاً على العمل بالقانون المذكور أو لاحقاً له ولو توافرت للواقف أسباب الرجوع في الوقف.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن ظاهر من سياق نص الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بشأن الوقف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع قصد إلى تحريم رجوع الواقف عن وقفه السابق على العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 إذا حرم نفسه وذريته من الاستحقاق ومن الشروط العشرة وجعل الاستحقاق لغيره. إذ لفظ الغير عام مطلق يشمل كل من عدا الواقف جهة كان هذا الغير أو من أهل الاستحقاق، أهلياً كان الوقف أو خيرياً، فمتى توافرت شروط الاستثناء في هذه الفقرة امتنع على الواقف أن يرجع عن وقفه أياً كان هذا الوقف، ولا يدفع هذه الحجة ما يقال من أن المشرع قصد إلى إباحة رجوع الواقف عن وقفه إطلاقاً سواء كان ذلك قبل العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 أو بعد ذلك فيما عدا حالة وقف المسجد أو ما وقف على المسجد بدليل إنه أفرد لهذا الحالة الأخيرة فقرة خاصة هي الفقرة الثالثة من المادة 11، ذلك أن المحكمة التي اقتضت هذا النص الخاص هي تقرير قاعدة شرعية أجمع عليها أئمة الفقهاء وهي عدم جواز الرجوع في وقف المسجد أو ما وقف على المسجد إطلاقاً، فأراد المشرع أن يدفع كل شبه في عدم جواز الرجوع عن هذا الوقف متى انعقد سواء كان انعقاده قبل العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 أو بعد ذلك، ولا يجوز الرجوع عنه في الأحوال التي يجوز فيها الرجوع في الوقف الخيري، فالفقرة الثالثة تقرر حكماً خاصاً بالمسجد لا يغني عنه ما سبق أن قررته هذه المادة من أحكام بشأن الأوقاف الخيرية الأخرى. وإذ خالف القرار المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه في الدعوى على ما قرره من أن "للواقف في الوقف الخيري أن يرجع في وقفه إلا في وقف المسجد ابتداء أو فيما وقف عليه" وأن "الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون رقم 48 لسنة 1946 خاصة بالوقف الأهلي وقاصرة عليه" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.


(1) نقض 7/ 2/ 1957 مجموعة المكتب الفني السنة الثامنة ص 148.

الطعن 260 لسنة 27 ق جلسة 18 / 4 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 77 ص 543

جلسة 18 من أبريل سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي, وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

------------------

(77)
الطعن رقم 260 لسنة 27 القضائية

(أ) معارضة "ميعادها". قانون "قانون المرافعات الملغي".
المعول عليه في انفتاح ميعاد المعارضة في الحكم الغيابي في ظل قانون المرافعات الملغي هو تنفيذه أو الشروع في تنفيذه، لا يغني عن ذلك علم المحكوم عليه بالحكم بطريق آخر.
(ب) إثبات. "الإثبات بالكتابة". "تقدير الدليل". محكمة الموضوع.
استقلال محكمة الموضوع بتقدير الدليل، لا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض متى كانت الأسباب تؤدي إلى ما انتهت إليه في شأن الدليل. عدم اعتبار الشهادة المقدمة أصلاً أو صورة لورقة رسمية حتى يكون لها حجية معينة في الإثبات. تقدير الدليل المستمد منها خاضع لسلطان قاضي الموضوع.

---------------
1 - المعول عليه في انفتاح ميعاد الطعن بالمعارضة في الحكم الغيابي في ظل قانون المرافعات الملغي على ما نصت عليه المادتان 329 و330 منه هو تنفيذه أو الشروع في تنفيذه إذ بذلك يسقط عذر المحكوم عليه في الجهل به ويعتبر أنه علم به ويبدأ في حقه ميعاد المعارضة فيه، ولا يغني عن ذلك علم المحكوم عليه بالحكم بطريق آخر ذلك أنه متى رتب القانون بدء سريان ميعاد على إجراء معين فإنه لا يجوز الاستعاضة عن هذا الإجراء بإجراء آخر.
2 - تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا سبيل للمجادلة فيه أمام محكمة النقض متى كانت الأسباب التي ساقها لإطراح الدليل الذي لم تأخذ به أسباباً سائغة تؤدي إلى ما انتهت إليه. فإذا كان الثابت من الشهادة المستخرجة من سجلات المحكمة الشرعية من واقع حجة بيع أنها ليست أصلاً أو صورة لورقة رسمية حتى يكون لها حجية معينة في الإثبات وإنما هي لا تعدو أن تكون ملخصاً مستخرجاً من شروط عقد بيع فقد انحسرت عنها الحجية المقررة في القانون لأصل الورقة الرسمية أو صورتها لينبسط عليها سلطان قاضي الموضوع في تقدير الدليل المستمد منها. (1)


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على وقف شرف الدين الكردي الجندي (الطاعنة) رفعت الدعوى رقم 4629 سنة 1940 مدني الموسكي على نفيسة أحمد عقدة طالبة الحكم بإلزامها بمبلغ تسعمائة مليم قيمة الحكر من سنة 1930 وما بعدها وجعل الحكر السنوي مبلغ 4.842 جنيهات ابتداء من سنة 1940 وفسخ عقد الحكر وإزالة ما على العين المحكرة من مبان مع التسليم - وإلزامها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة قائلة في تبيان دعواها إن وقف شرف الدين الكردي المشمول بنظارتها يملك قطعة أرض مساحتها 707.20 أمتار مربعاً مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وأن منفعتها آلت بطريق الحكر إلى عبد الرحمن الخرزاتي ثم لورثته من بعده ثم آل من هذا القدر 89.5 متراً إلى المدعى عليها بطريق التحكير أيضاً ولكنها لم تدفع أجرة الحكر منذ سنة 1930 ولما كانت أجرة الحكر تتغير تبعاً للزمان والمكان فقد قدر قومسيون الوزارة قيمة الحكر السنوي بمبلغ 4.832 جنيهات. وإذا كان التأخير في دفع قيمة الحكر موجباً للفسخ فقد رفعت هذه الدعوى طالبة الحكم بالطلبات المنوه عنها آنفاً ومحكمة الموسكي الجزئية قضت غيابياً في 29 ديسمبر سنة 1940 بطلبات الطاعنة فعارضت المحكوم عليها في هذا الحكم قبل إعلانه ولم تحضر فحكم في 4/ 11/ 1945 بإبطال المرافعة ثم أقامت معارضة ثانية تأسيساً على أن الأرض غير محكرة وأدخلت كلاً من درويش محمد مصطفى البائع لها ومحمد مصطفي الهجين البائع للبائع لها ضامنين في الدعوى - كما رفعت الطاعنة الدعوى رقم 3341 سنة 1941 مدني الموسكي على أحمد محمود عبد الرحمن وفاطمة إبراهيم حسنين طالبة الحكم بتثبيت ملكية وقف شرف الدين الكردي الخيري إلى قطعة الأرض البالغ مساحتها 62.54 متراً مربعاً وإلزام المدعى عليهما بدفع قيمة الحكر وقدره 620 مليماً سنوياً من سنة 1930 حتى سنة 1939 وجعل أجرة الحكر مبلغ جنيهين و605 مليمات ابتداء من سنة 1940 وفسخ عقد الحكر وإزالة ما على العين المحكرة من مبان وغيرها مع التسليم وإلزامهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة قائلة إن المدعى عليهما ينتفعان بطريق الحكر بالمساحة المنوه عنها والمملوكة لوقف شرف الدين الكردي الخيري المشمول بنظارتها وأنهما تأخرا في سداد أجرة الحكر وبتاريخ 10، 21 ديسمبر سنة 1941 أدخل أحمد محمود عبد الرحمن كلاً من فاطمة إبراهيم حسنين وعلي الشهير بيوسف أحمد مصطفى الجندي ضامنين في الدعوى باعتبارهما بائعين له كما أدخلت فاطمة حسنين محمد مصطفى الهجين ضامناً باعتباره البائع الأصلي - كما رفعت وزارة الأوقاف ( الطاعنة) الدعوى رقم 700 سنة 1944 مدني الموسكي على محمد مصطفى الهجين طالبة الحكم بإلزامه بدفع مبلغ جنيه و188 مليماً قيمة متأخر الحكر حتى سنة 1942 عن مساحة قدرها 97.80 متراً مربعاً من الوقف نظارتها وجعل أجرة الحكر مبلغ 4 جنيهات و890 مليماً ابتداء من سنة 1943 والحكم بما يستجد على هذا الأساس حتى التسليم وفسخ عقد الحكر وإزالة ما على العين المحكرة من مبان ثم عدلت الوزارة طلباتها بجعل أجرة الحكر 5 جنيهات و280 مليماً سنوياً ابتداء من سنة 1944 - وقد قررت المحكمة ضم القضيتين السابقتين إلى هذه القضية - ولما كانت السيدة روز موسي قد رفعت الدعوى رقم 996 سنة 1946 مدني كلي مصر على (حسن خليل) طالبة الحكم بإلزامه بمبلغ 957 جنيهاً و580 مليماً بناء على أنها كانت قد اشترت منه منزلاً وإذ باعته اتضح أن الأرض المقام عليها محكرة من وقف شرف الدين الجندي فقررت محكمة الموسكي إحالة القضايا الثلاثة إلى محكمة القاهرة لنظرها مع هذه القضية للارتباط وبتاريخ 27 من يناير سنة 1949 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية بندب خبير هندسي لأداء المأمورية المبينة بمنطوق ذلك الحكم ثم قضت في 14 من يناير سنة 1954 أولاً - في الدعوى رقم 4629 سنة 1940 مدني الموسكي بقبول المعارضة شكلاً وفي موضوعها بإلغاء الحكم المعارض فيه وبرفض الدعوى. ثانياً - في الدعويين رقمي 3341 سنة 1941، 700 سنة 1944 مدني الموسكي برفضهما. ثالثاً - بإلزام وزارة الأوقاف بمصروفات هذه الدعاوى الثلاث ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. رابعاً - في الدعوى رقم 966 سنة 1946 مدني كلي مصر برفضها وإلزام المدعية روز موسى بمصروفاتها ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. خامساً - برفض جميع دعاوى الضمان وإلزام رافعيها بمصروفاتها رفعت وزارة الأوقاف استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 948 سنة 71 قضائية ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 28/ 2/ 1957 بتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفة بالمصاريف وبمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة لمحمد مصطفى الهجين وبتاريخ 4 يوليو سنة 1957 طعنت وزارة الأوقاف في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أنه قضى بقبول المعارضة الثانية المرفوعة من السيدة نفيسة أحمد محمد عقدة شكلاً رغم فوات ميعادها تأسيساً على أن ميعاد المعارضة لا يسري إلا من تاريخ العلم بالتنفيذ وإذ لم يحصل هذا التنفيذ فإن ميعاد المعارضة يظل مفتوحاً - مع أن السيدة/ نفيسة أحمد عقدة رفعت المعارضة الأولى قبل تنفيذ الحكم الغيابي وبذلك تأكد علمها به ولما كان المقصود من تنفيذ الحكم الغيابي هو إعلام المحكوم عليه بصدوره حتى يسري في حقه ميعاد المعارضة فإن رفع المعارضة الأولى - وقد حقق المقصود من التنفيذ - يبدأ منه سريان ميعاد المعارضة الثانية دون حاجة إلى التنفيذ وإذ حكم بإبطال المرافعة في المعارضة الأولى ورفعت المعارضة الثانية بعد فوات ميعادها محسوباً من تاريخ رفع المعارضة الأولى فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبولها يكون مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن المادة 329 من قانون المرافعات الملغي المنطبقة على واقعة الدعوى إذ نصت على أنه "تقبل المعارضة في الأحكام الصادرة في الغيبة إلى الوقت الذي علم فيه الغائب بتنفيذها" ونصت المادة 330 من هذا القانون على أنه "يعتبر علم الخصم بتنفيذ الحكم الصادر عليه في غيبته بمضي أربع وعشرين ساعة بعد وصول ورقة متعلقة بالتنفيذ لشخصه أو لمحله الأصلي أو وصول ورقة مذكورة فيها حصول شيء من التنفيذ" فإن مفاد هذين النصين أن المعول عليه في انفتاح ميعاد الطعن بالمعارضة في الحكم الغيابي هو تنفيذه أو الشروع في تنفيذه إذ بذلك يسقط عذر المحكوم عليه في الجهل به ويعتبر أنه علم به ويبدأ في حقه ميعاد المعارضة فيه ولا يغني عن ذلك علم المحكوم عليه بالحكم بطريق آخر إذ متى رتب القانون بدء سريان ميعاد على إجراء معين فإنه لا يجوز الاستعاضة عن هذا الإجراء بإجراء أخر ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر ميعاد المعارضة مفتوحاً لعدم حصول التنفيذ أو الشروع فيه وقضى بناء على ذلك بقبول المعارضة شكلاً لا يكون مخالفاً للقانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إنها قدمت لمحكمة الاستئناف شهادة رسمية بالحكر مستخرجة من محكمة القاهرة الشرعية وموقعاً عليها من الموظف المختص بتحريرها والمراجع المختص ومختومة بخاتم المحكمة ثابت بها أنه بموجب الحجة المؤرخة 8 جماد آخر سنة 1308 والمقيدة بسجل الباب العالي بمصر نمرة 231 مسلسلة مادة 6 صحيفة 5 اشترى عبد الرحمن محمد الخرزاتي من الخواجة سعيد نقاش جميع بناء حوش كائن بمصر بخط الحسينية بدرب الجيزة محدود بحدود أربعة موضحة بالشهادة المذكورة ومسطح أرضه 707.20 أمتار وأن على المشتري المذكور القيام بما على ذلك من الحكر لجهة وقف سيدي شرف الدين الكردي وقدره في كل سنة ثلاثون قرشاً صاغاً ديوانية ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه أهدر حجية هذه الورقة الرسمية التي تعتبر حجة على الناس كافة ما لم يتبين تزويرها بالطرق المبينة قانوناً مخالفاً بذلك نص المادة 226 من القانون المدني الملغي والمادتين 391 و392 من القانون المدني الجديد.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه حين أطرح هذه الشهادة قرر "ومن حيث إنه في خصوص الشهادة المستخرجة من سجلات المحكمة الشرعية من واقع حجة البيع الصادرة من الخواجة سعيد نقاش إلى الخرزائي فإن هذه الشهادة في ذاتها لا تصلح سنداً لإثبات الحكر.... وهي فضلاً عن ذلك لا تعدو أن تكون تلخيصاً لموظف من الموظفين انزعه من عقد نقاش ذلك العقد الذي لم يقدم للمحكمة حتى تستبين موضوعه وتستبين كذلك ما إذا كان هذا التلخيص يتفق مع نصوص العقد أو لا يتفق وأخيراً لتقول كلمتها في العقد المذكور وما إذا كان نقاش يملك القول في خصوص الحكر أو لا يملك - أضف إلى ذلك أن الوزارة تقدمت بشهادتين لا بشهادة واحدة وهناك خلاف بين الاثنين في التلخيص ومهما كان هذا الخلاف ضئيلاً فإنه يدل على عدم دقة الملخصين وما كانت هذه الشهادة لتقوم مقام حجة البيع المذكورة وخصوصاً وأن الحجة المذكورة قد لا تكون في ذاتها قرينة لحكر ما" ولما كان يبين من الاطلاع على الشهادة المذكورة أنها ليست أصلاً أو صورة لورقة رسمية حتى يكون لها حجية معينة في الإثبات وإنما هي لا تعدو أن تكون ملخصاً مستخرجاً من شروط عقد بيع ومن ثم فقد انحسرت عنها الحجية المقررة في القانون لأصل الورقة الرسمية أو صورتها لينبسط عليها سلطان قاضي الموضوع في تقدير الدليل المستمد منها - لما كان ذلك، وكانت الأسباب التي ساقتها محكمة الموضوع لإطراح هذه الشهادة هي أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهت إليه فلا سبيل إلى المجادلة في هذا التقدير أمام محكمة النقض لتعلقه بأمر تستقل به محكمة الموضوع أما صورة عقد البيع المستخرجة منه الشهادة والتي قدمتها الطاعنة لهذه المحكمة فلا يجوز للتحدي بها إذ لم يسبق تقديمها أمام محكمة الموضوع.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون حين قرر أن ورثة الخرزاتي ومن جاء بعدهم كانوا يضعون اليد على تلك الأعيان بصفتهم ملاكاً وضع يد هادئ ظاهر مستمر مدة تربو على ثلاث وثلاثين سنة ميلادية مع أن عبد الرحمن الخرزاتي أقر في عقد شرائه أن الأرض تابعة لوقف شرف الدين الكردي وتعهد بدفع أجرة الحكر المربوطة عليها ومثل هذا الإقرار ملزم لورثنه وخلفائهم في أنهم يضعوا اليد بطريق التحكير الذي يتنافى والتملك - كما أنها (الطاعنة) رفعت الدعوى رقم 54 سنة 1918 على هانم الغربية بطلب أجرة الحكر المتأخرة فدفعتها بأن رفع الدعوى يقطع التقادم كما أن دفع أجرة الحكر اعتراف بوضع اليد بطريق التحكير مما لا يصلح سبباً للتملك.
ومن حيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أن ما جاء بأسباب الحكم المطعون فيه على التملك بالتقادم كان تزيداً منه يستقيم الحكر بدونه إذ أنه لما كان قد أقام قضاءه أساساً على عدم توافر الدليل لديه على عدم تبعية الأعيان محل الدعوى للوقف المشمول بنظارته فإن ذلك كان حسبه للقضاء برفض الدعوى دون حاجة للتعرض للتملك بالتقادم.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.


(1) راجع نقض 3/ 11/ 1955 طعن 62 س 22 ق، 1/ 2/ 1951 طعن 191 س 18 ق مجموعة 25 سنة ص 86.

الطعن 311 لسنة 28 ق جلسة 17 / 4 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 76 ص 539

جلسة 17 من أبريل سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج.

------------

(76)
الطعن رقم 311 لسنة 28 القضائية

ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". "وعاء الضريبة". "التقدير الحكمي". "أرباح الشريك المتضامن".
الشريك المتضامن يأخذ حكم الممول الفرد من حيث إخضاع كل منهما للضريبة في حدود ما يصيبه من ربح - مباشرة الممول نشاطه كشريك متضامن في المنشأة خلال سنة 1947 اتخاذ الأرباح المقدرة في سنة 1948 وهي السنة التالية لبدء نشاطه أساساً لربط الضريبة عليه في السنوات التالية. م 1 ف 2 من المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952.

---------------

سوى المشرع في حكم المادة 34 من القانون 14 لسنة 1939 بين الشريك المتضامن في شركات التضامن والممول الفرد من ناحية إخضاع كل منهما للضريبة في حدود ما يصيبه من ربح - وإذا كان المرسوم بقانون 240 لسنة 1952 قد نص في الفقرة الثانية من المادة الأولى منه على أنه إذا لم يكن للممول نشاط ما خلال سنة 1947 أو كان قد بدأ نشاطه خلال تلك السنة اتخذ أساساً لربط الضريبة الأرباح المقدرة من أول سنة لاحقة بدأ فيها نشاطه أو استأنفه، وكانت المطعون عليها لم تباشر نشاطها كشريكة متضامنة في المنشأة إلا اعتباراً من 11/ 5/ 1947 فإنه يتعين اتخاذ الأرباح المقدرة في سنة 1948 وهي السنة التالية لبدء نشاطها أساساً لربط الضريبة عليها في السنوات التالية. (1)


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 1/ 1/ 1944 تكونت شركة تضامن بين كل من كربا كوبابا دوبلو "المطعون عليه الأول" وبنايوتي كريا كوبابا دوبلو واسبيرو وكريا كوبابا دوبلو لغرض الاتجار في البقالة وطحن البن وإدارة كازينو وبتاريخ 11/ 5/ 1947 انضمت مدام كريا كوبابا دوبلو كشريكة متضامنة في الشركة وبتاريخ 28/ 5/ 1953 صدر حكم في الدعوى رقم 71 سنة 1950 تجاري كلي المنيا باعتبار صافي أرباح الشركة عن سنة 1947 مبلغ 1884 ج و352 وأصبح هذا الحكم نهائياً وقد قدرت مأمورية الضرائب أرباح المنشأة عن كل من سنتي 1948 و1949. بمبلغ 4960 ج كما قدرت صافي ربح الكازينو وحده في المدة من 1/ 1/ 1950 حتى 31/ 7/ 1950 وهو تاريخ تنازل الشركاء عن الكازينو للغير بمبلغ 1200 ج طعن المطعون عليه الأول بصفته على هذه التقديرات أمام لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 16/ 12/ 1954 وهو يقضي بتخفيض ربح المنشأة في كل من السنوات 1948 و1949 و1950 إلى مبلغ 1884 ج و352 م قياساً على سنة 1947 وتطبيقاً لأحكام الفقرة الأولى من المادة الأولى من المرسوم بقانون 241 لسنة 1952. طعن المطعون عليه الأول بصفته في هذا القرار بالدعوى رقم 4 لسنة 1950 تجاري كلي المنيا تأسيساً على أن اللجنة قدرت أرباح الكازينو عن سنة 1950 كاملة في حين أن تقدير المأمورية المطعون فيه كان عن الفترة من 1/ 1/ 1950 حتى 31/ 7/ 1950 وهو تاريخ تنازل الشركاء عنه للغير كما طعنت مصلحة الضرائب في القرار آنف الذكر بالدعوى رقم 6 سنة 1955 تجاري كلي المنيا واستندت في طعنها إلى أن اللجنة اتخذت أرباح سنة 1947 قياساً في السنوات التالية في حين أن شكل المنشأة قد تغير اعتباراً من 11/ 5/ 1947 بدخول المطعون عليها الثانية شريكة. كما تغير رأس المال أيضاً مما يستتبع اتخاذ أرباح سنة 1948 قياساً في السنوات التالية وقد قررت محكمة المنيا ضم الطعنين وقضت فيهما بتاريخ 17/ 12/ 1956 بتعديل قرار اللجنة بالنسبة لأرباح سنة 1950 بجعلها 561 ج و124 م وهو أرباح المقهى في الفترة من 1/ 1/ 1950 إلى 31/ 7/ 1950 حيث إنتقلت ملكيتها إلى الغير بعد ذلك وبتأييد قرار اللجنة بالنسبة لكل من سنتي 1948 و1949 وأقامت قضاءها على أنه لا اعتداد بتغيير شكل المنشأة في تقدير الأرباح طالما أن نشاطها في السنوات التالية لم يتغير عن سنة القياس. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بالاستئناف الذي قيد برقم 154 لسنة 74 ق استئناف القاهرة وبتاريخ 19/ 6/ 1958 قضى برفضه وبتأييد الحكم المستأنف فطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون التي قررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر بجلسة 17/ 4/ 1963 وأمامها تمسكت مصلحة الضرائب بطلب نقض الحكم وأصرت النيابة على نقض الحكم نقضاً جزئياً بالنسبة للمطعون عليها الثانية ولم يحضر المطعون عليهما ولم يقدما دفاعاً.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصلة أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ اتخذ الأرباح المقدرة للمنشأة عن سنة 1947 أساساً لربط الضريبة في السنوات التالية تأسيساً على أن تغيير الكيان القانوني للمنشأة لا يحول دون انطباق حكم الفقرة الأولى من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 ما دام لم يطرأ تغيير على وحدة نشاط المنشأة في حين أن الثابت منه أن المطعون عليها الثانية بدأت نشاطها في الشركة اعتباراً من 11/ 5/ 1947 وبالتالي كان يتعين اتخاذ أرباح سنة 1948 وهي السنة التالية لبدء نشاطها أساساً للربط عليها في السنوات اللاحقة المقيسة إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة المشار إليها ومن مقتضى هذا تقدير أرباح المنشأة في سنة 1948 وتحديد نصيب المطعون عليها الثانية فيها واتخاذ هذا النصيب أساساً للربط.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 نص في الفقرة الثانية من المادة الأولى منه على أنه "إذا لم يكن للممول نشاط ما خلال سنة 1947 أو كان قد بدأ نشاطه خلال تلك السنة اتخذ أساساً لربط الضريبة لأرباح المقدرة عن أول سنة لاحقة بدأ فيها نشاطه أو استأنفه" وكان القانون رقم 14 لسنة 1939 قد سوى في حكم المادة 34 منه بين الشريك المتضامن في شركات التضامن وبين الممول الفرد من ناحية إخضاع كل منهما للضريبة في حدود ما يصيبه من ربح، ولما كان الثابت أن المطعون عليها الثانية لم تباشر نشاطها كشريكة متضامنة في المنشأة إلا اعتباراً من 11/ 5/ 1947 فقد كان يتعين اتخاذ الأرباح المقدرة في سنة 1948 وهي السنة التالية لبدء نشاطها أساساً لربط الضريبة عليها في السنوات التالية ويكون الحكم المطعون فيه إذ جانب هذا النظر قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه بالنسبة إليها في هذا الخصوص.


(1) راجع نقض 21/ 3/ 1962 الطعن 477 سنة 26 ق، 11/ 4/ 1962 الطعن 346 سنة 28 ق السنة 13 ص 313، 437.

الطعن 393 لسنة 36 ق جلسة 23 / 3 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 59 ص 371

جلسة 23 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

------------------

(59)
الطعن رقم 393 لسنة 36 القضائية

(أ) قانون. "تنازع القوانين من حيث المكان". نظام عام. دعوى.
قواعد المرافعات يسري عليها قانون البلد الذي تقادم فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات. سريانها على كافة المنازعات سواء كانت وطنية في جميع عناصرها من عدمه. هذه القاعدة لا تستند إلى فكرة النظام العام. عدم الاعتداد بما ورد بالمذكرة الإيضاحية للمادة 22 مدني في هذا الخصوص.
(ب) نقل بحري. "عدم سماع دعوى التعويض". دعوى. "منع سماع الدعوى". تعويض. نظام عام.
قواعد المادتين 274 و275 من قانون التجارة البحري المصري تنظم إجراءات التقاضي ومواعيد إتمامها وإلا سقط الحق في إقامة دعوى المسئولية. عدم مساسها بموضوع الحق. خضوعها لقانون القاضي في معنى المادة 22 مدني رغم عدم تعلقها بالنظام العام.
(جـ) نقض. "مسائل الواقع". نقل بحري. "سند الشحن". عقد. "تفسير العقد". قانون. محكمة الموضوع.
تحصيل الحكم لما ورد بسند الشحن من أنه يفيد الاتفاق على تطبيق قانون أجنبي أو لا يفيد ذلك. من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع.

---------------
1 - مفاد نص المادة 22 من القانون المدني أنه يسري على قواعد المرافعات سواء ما تعلق منه بالاختصاص أو بإجراءات التقاضي قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات، والأساس الذي تقوم عليه هذه القاعدة هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - أن القضاء وظيفة تباشرها الدولة وفقاً لقواعد المرافعات المقررة في قانونها، وأن هذه القواعد تعد من قواعد القانون العام اللازمة لمباشرة هذه الوظيفة، شأنها في ذلك شأن القواعد اللازمة لمباشرة وظائف الدولة الأخرى حتى وإن كانت الغاية منها هي حماية الحقوق الخاصة، وأنها بهذه المثابة تعد قواعد إقليمية تسري على كافة المنازعات سواء كانت وطنية في جميع عناصرها أو مشتملة على عنصر أو أكثر من العناصر الأجنبية، وأن هذا الأساس يتنافر مع أي أساس آخر يقوم على فكرة النظام العام لتبرير قاعدة خضوع قواعد الإجراءات لقانون القاضي، ذلك أن تطبيق القانون الوطني بناء على فكرة النظام العام مجاله أن يكون الاختصاص معقوداً أصلاً لقانون أجنبي، واستبعد هذا القانون بالدفع بالنظام العام لاختلاف حكمه مع المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون، أما حيث يكون القانون الوطني طبقاً لقاعدة الإسناد الواردة به هو صاحب الاختصاص العادي، والواجب التطبيق على قواعد المرافعات باعتباره قانون القاضي، فلا محل لإثارة النظام العام كأساس يقوم عليه تطبيقه. ومؤدى ذلك هو عدم الاعتداد بما ورد بالمذكرة الإيضاحية للمادة 22 من القانون المدني من أن هذا الحكم يقوم على اتصال تلك القواعد وهذه الإجراءات بالنظام العام. إذ أن قواعد الاختصاص وإجراءات التقاضي ما لا يتعلق بالنظام العام ويجوز النزول عنها، ولا يحول ذلك دون اعتبارها من قواعد المرافعات التي تخضع لقانون القاضي أسوة بتلك التي تتعلق بالنظام العام، وذلك إعمالاً للمادة 22 المشار إليها التي تنص على سريان قانون القاضي على قواعد المرافعات جميعها بغير تخصيص بتلك التي تتعلق بالنظام العام.
2 - المادتان 274، 275 من قانون التجارة البحري المصري تتعلقان، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - بالدعوى لا بالحق المراد حمايته بمقتضاها، ذلك أنهما وردتا دون سواهما في الفصل الرابع عشر من قانون التجارة البحري تحت عنوان "في عدم سماع الدعوى" على خلاف المواد 269 وما يليها، والتي جاءت ضمن مواد الفصل الثالث عشر من ذلك القانون بعنوان "زوال الحقوق بمضي المدة" مما يقيم فارقاً بين نوعي المواعيد الواردة في كل من الفصلين المشار إليهما. وإذ استهدف المشرع بهاتين المادتين تنظيم إجراءات التقاضي ومواعيد إتمامها وإلا سقط الحق في إقامة الدعوى دون أن يمتد السقوط إلى الحق في ذاته، وذلك بقصد إضفاء حماية على الناقل فلا يطالب بالتعويض عن الضرر اللاحق بالبضاعة في وقت متأخر قد يتعذر عليه فيه إثبات قيامه بتنفيذ التزاماته، فإن في ذلك جميعه ما يسبغ على القواعد المقررة بهاتين المادتين صفة الإجراءات التي لا تمس موضوع الحقوق المتنازع عليها، فتخضع بذلك لقانون القاضي في معنى المادة 22 من القانون المدني، ولا يقدح في ذلك أنه يجوز للطرفين عند إبرام عقد النقل إنقاص أو زيادة المواعيد المقررة بالمادتين المشار إليهما بتحديد مواعيد أخرى به أو بالاتفاق فيه على المواعيد الواردة في هذا الخصوص بقانون أجنبي أو أنه يجوز التنازل صراحة أو ضمناً عن الدفع المقرر بموجب هاتين المادتين لدى تسلم البضاعة أو بعد ذلك باعتبار هذه المواعيد غير متعلقة بالنظام العام، طالما أن المادة 22 المشار إليها قد أخضعت كافة قواعد المرافعات لقانون القاضي وإن كانت غير متعلقة بالنظام العام، ويجوز الاتفاق على ما يخالفها.
3 - تحصيل الحكم لما ورد بسند الشحن من أنه يفيد الاتفاق على تطبيق قانون أجنبي بما يؤدي إلى إنقاص أو زيادة المواعيد المقررة بالمادتين 274، 275 من قانون التجارة البحري أو لا يفيد ذلك هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - من قبيل فهم الواقع في الدعوى مما يستقل به قاضي الموضوع، ما دام قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على أسباب تحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن شركة النيل للتأمين المندمجة في شركة الشرق للتأمين - الطاعنة - أقامت الدعوى رقم 59 لسنة 1962 تجاري أمام محكمة بور سعيد الابتدائية بعريضة أعلنت بتاريخ 20 فبراير سنة 1962 إلى شركة جمال الدين لهيطة التي أدمجت في شركة القناة للتوكيلات الملاحية. - المطعون عليها - وانتهت إلى طلب الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 1443 جنيهاً و480 مليماً، وقالت شرحاً لدعواها أن الشركة العامة للتجارة الداخلية كان قد استوردت من ميناء بور سودان رسالة من السمسم زنتها 1500 طن على السفينة سيرجيوف الروسية الجنسية الوكيلة عنها الشركة المطعون عليها وأمنت عليها لدى الشركة الطاعنة، غير أنه تبين عند وصول السفينة إلى ميناء السويس في 6 من مارس سنة 1961 وجود تلف ظاهر بها على النحو الثابت بتقرير الخبير البحري المختص، وإذ دفعت الشركة الطاعنة للشركة صاحبة البضاعة قيمة التعويض المستحق لها عن التلف وحولت هذه الأخيرة حقوقها إليها فقد أقامت دعواها بالطلبات سالفة البيان. دفعت المطعون عليها بعدم قبول الدعوى إعمالاً لحكم المادتين 274، 275 من قانون التجارة البحري المصري. وبتاريخ 11 من نوفمبر 1963 حكمت محكمة أول درجة بقبول الدفع وبعدم قبول الدعوى. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 53 لسنة 4 ق المنصورة (مأمورية بور سعيد) ومحكمة الاستئناف حكمت في 8 من مايو 1966 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن حكم محكمة أول درجة الذي أيده الحكم المطعون فيه خلص إلى أن المواعيد المشار إليها في المادتين 274، 275 من قانون التجارة البحري تعد من المسائل الإجرائية التي عنتها المادة 22 من القانون المدني والتي يسري بموجبها قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات، في حين أن الدفع بعدم القبول الذي تقرره هاتان المادتان ليس قاعدة من قواعد التقاضي وليس شرطاً لقبول الدعوى بل هو وسيلة من وسائل الدفاع المتعلقة بالموضوع تستهدف المصالح الخاصة بطرفي النزاع كما أنه غير متعلق بالنظام العام، فيكون بهذه المثابة من المسائل الموضوعية التي يتحدد القانون الساري عليها وفقاً لقاعدة الإسناد الواردة بالمادة 19 من القانون المدني، وإذ يفيد البند 27 من سند الشحن الاتفاق بين المستورد وبين الشاحن على تطبيق أحكام القانون التجاري البحري الروسي الذي تقضي المادة 13 منه بتقادم مسئولية الشاحن بمضي سنة من تاريخ استلام البضاعة بما يعتبر تنازلاً متفقاً عليه عن تطبيق حكم المادتين 274، 275 من قانون التجارة البحري المصري، وكانت الدعوى قد رفعت قبل فوات ميعاد السنة، فإنه كان يتعين رفض الدفع بعدم قبولها، غير أن الحكم المطعون فيه اعتبر المواعيد المقررة بالمادتين 274، 275 من قانون التجارة ليست من القواعد الموضوعية وأخطأ في تفسير البند 27 من سند الشحن وقرر أن هذا البند لا يحيل في شأنها إلى القانون السوفيتي ورتب على ذلك قضاءه بعدم قبول الدعوى مما يعيبه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 22 من القانون المدني أنه يسري على قواعد المرافعات سواء ما تعلق منه بالاختصاص أو بإجراءات التقاضي قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات، وكان الأساس الذي تقوم عليه هذه القاعدة هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن القضاء وظيفة تباشرها الدولة وفقاً لقواعد المرافعات المقررة في قانونها، وأن هذه القواعد تعد من قواعد القانون العام اللازمة لمباشرة هذه الوظيفة، شأنها في ذلك شأن القواعد اللازمة لمباشرة وظائف الدولة الأخرى حتى وإن كانت الغاية منها هي حماية الحقوق الخاصة وأنها بهذه المثابة تعد قواعد إقليمية تسري على كافة المنازعات سواء كانت وطنية في جميع عناصرها أو مشتملة على عنصر أو أكثر من العناصر الأجنبية، وأن هذا الأساس يتنافر مع أي أساس آخر يقوم على فكرة النظام العام لتبرير قاعدة خضوع قواعد الإجراءات لقانون القاضي، ذلك أن تطبيق القانون الوطني بناء على فكرة النظام العام مجاله أن يكون الاختصاص معقوداً أصلاً لقانون أجنبي واستبعد هذا القانون بالدفع بالنظام العام لاختلاف حكمه مع المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون، أما حيث يكون القانون الوطني طبقاً لقاعدة الإسناد الواردة به هو صاحب الاختصاص العادي والواجب التطبيق على قواعد المرافعات باعتباره قانون القاضي فلا محل لإثارة النظام العام كأساس يقوم عليه تطبيقه، ومؤدى ذلك هو عدم الاعتداد بما ورد بالمذكرة الإيضاحية للمادة 22 من القانون المدني بشأن تحديد الأساس الذي تقوم عليه قاعدة خضوع قواعد الاختصاص وإجراءات التقاضي لقانون القاضي بقولها "إن هذا الحكم يقوم على اتصال تلك القواعد وهذه الإجراءات بالنظام العام" إذ أن من قواعد الاختصاص وإجراءات التقاضي ما لا يتعلق بالنظام العام ويجوز النزول عنها ولا يحول ذلك دون اعتبارها من قواعد المرافعات التي تخضع لقانون القاضي أسوة بتلك التي تتعلق بالنظام العام وذلك إعمالاً للمادة 22 المشار إليها التي تنص على سريان قانون القاضي على قواعد المرافعات جميعها بغير تخصيص بتلك التي تتعلق بالنظام العام. لما كان ذلك وكانت المادتان 274، 275 من قانون التجارة البحري المصري التي تنص أولاهما على أنه "لا تسمع جميع الدعاوى على القبودان أو المؤمن بشأن الخسارة الحاصلة للبضاعة المشحونة إذا صار استلامها بدون عمل بروتستو..." وتنص الثانية على أنه "تكون البروتستات والمطالبات المذكورة لاغيه إذا لم تحصل وتعلن في ظرف ثمان وأربعين ساعة ولم يعقبها رفع الدعوى للمحكمة في ظرف واحد وثلاثين يوماً من تاريخها". إنما تتعلقان - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالدعوى لا بالحق المراد حمايته بمقتضاها، ذلك أنهما وردتا دون سواهما في الفصل الرابع عشر من قانون التجارة البحري تحت عنوان "في عدم سماع الدعوى، على خلاف المواد 269 وما يليها والتي جاءت ضمن مواد الفصل الثالث عشر من ذلك القانون بعنوان "زوال الحقوق بمضي المدة" مما يقيم فارقاً بين نوعي المواعيد الواردة في كل من الفصلين المشار إليهما، ولأن المستفاد من نص المادتين 274، 275 من قانون التجارة البحري المصري آنفتي الإشارة أنهما انطويا على إجراءات محددة قوامها أن يوجه المرسل إليه أو الشاحن احتجاجاً إلى الناقل في ظرف ثمان وأربعين ساعة من تاريخ استلام البضاعة على أن يعقب ذلك رفع الدعوى خلال واحد وثلاثين يوماً من تاريخ الاحتجاج، وأن المشرع استهدف المشرع بهاتين المادتين تنظيم إجراءات التقاضي ومواعيد إتمامها وإلا سقط الحق في إقامة الدعوى دون أن يمتد السقوط إلى الحق في ذاته، وذلك بقصد إضفاء حماية على الناقل فلا يطالب بالتعويض عن الضرر اللاحق بالبضاعة في وقت متأخر قد يتعذر عليه فيه إثبات قيامه بتنفيذ التزاماته، فإن في ذلك جميعه ما يسبغ على القواعد المقررة بهاتين المادتين صفة الإجراءات التي لا تمس موضوع الحقوق المتنازع عليها فتخضع بذلك لقانون القاضي في معنى المادة 22 من القانون المدني. ولا يقدح في ذلك أنه يجوز للطرفين عند إبرام عقد النقل إنقاص أو زيادة المواعيد المقررة بالمادتين 274 و275 المشار إليهما بتحديد مواعيد أخرى به أو بالاتفاق فيه على المواعيد الواردة في هذا الخصوص بقانون أجنبي، أو أنه يجوز التنازل صراحة أو ضمناً عن الدفع المقرر بموجب هاتين المادتين لدى تسلم البضاعة أو بعد ذلك باعتبار هذه المواعيد غير متعلقة بالنظام العام، طالما أن المادة 22 المشار إليها قد أخضعت - وعلى ما سلف البيان كافة قواعد المرافعات لقانون القاضي وإن كانت غير متعلقة بالنظام العام ويجوز الاتفاق على ما يخالفها. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر المواعيد المقررة بالمادتين 274، 275 من قواعد المرافعات التي تخضع لقانون القاضي، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للبند 27 من سند الشحن بقوله ".... لا يكمن استخلاص الاتفاق على مد ميعاد الاحتجاج أو ميعاد رفع الدعوى من مجرد الاتفاق على تطبيق القانون الروسي بما اشتمل عليه في المادة 13 منه من تحديد سنة لرفع الدعوى لأن مثل هذا الاتفاق يجب أن يكون صريحاً ومحدداً فالقانون المذكور إما أن يستبعد ككل أو يطبق ككل...." وإذ يعد تحصيل الحكم لما ورد بسند الشحن من أنه يفيد الاتفاق على تطبيق قانون أجنبي بما يؤدي إلى إنقاص أو زيادة المواعيد المقررة بالمادتين 274، 275 من قانون التجارة البحري أو لا يفيد ذلك هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من قبيل فهم الواقع في الدعوى مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على أسباب تحمله، وكان ما قرره الحكم على النحو السالف بيانه من اطراح الإحالة الواردة بالبند 27 من سند الشحن إلى القانون الروسي قد استند فيه إلى أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه، فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال أو بمخالفة القانون بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 19/ 5/ 1970 مجموعة المكتب الفني السنة 21 ص 843.

الطعن 119 لسنة 28 ق جلسة 11 / 4 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 75 ص 529

جلسة 11 من أبريل سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي, وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار.

--------------

(75)
الطعن رقم 119 لسنة 28 القضائية

(أ) بورصة "عقود بيع القطن تحت سعر القطع". "خيار المشتري في التغطية". "أثر التغطية". بيع.
خيار البيع في قطع السعر يقابله خيار المشتري في التغطية. التزام البائع أن يوفر للمشتري الوقت الذي يتسع للتغطية التي تتم بإجراء عملية عكسية يجريها المشتري في وقت القطع وبسعره وعن مقدار معادل للمقدار الذي تم قطعه كي يأمن تقلبات الأسعار.
ومتى تمت التغطية تحقق للمشتري مركز قائم في البورصة قوامه العملية العكسية التي يكون قد أجراها ببورصة العقود. أما إذا استحال إجراء عملة التغطية لعدم وجود تعامل فعلي في بورصة العقود فلا يتحقق هذا المركز.
(ب) بورصة. "عقود بيع القطن تحت سعر القطع". "القطع على سعر التعامل". بيع.
القطع على سعر التعامل في بورصة العقود مقيد - على ما جرى عليه العرف - بشرط أن يكون السعر نتيجة تعامل فعلي وليس سعراً اسمياً. إقرار المشرع لهذا العرف وتقنينه بما أورده بالمادة الأولى من القانون 184 لسنة 1959 المعدل للمرسوم بقانون 131 لسنة 1939.

----------------
1 - عقود بيع القطن تحت القطع - على ما جرى به قضاء النقض - تقتضي أن يكون للمشتري خيار التغطية مقابل حق البائع في القطع ويلتزم البائع لذلك أن يوفر للمشتري الوقت الذي يتسع لإجراء عملية التغطية التي تتم بعملية عكسية يجريها المشتري في بورصة العقود في وقت القطع وبسعره وعن مقدار معادل للقدر الذي تم قطعه من البائع كي يأمن تقلبات الأسعار.
ومتى تمت التغطية تحقق للمشتري مركز قائم في البورصة قوامه العملية العكسية التي يكون قد أجراها ببورصة العقود. أما إذا استحال إجراء عملة التغطية لعدم وجود تعامل فعلي في بورصة العقود فلا يتحقق هذا المركز.
2 - القطع على سعر التعامل في بورصة العقود- على ما جرى به العرف - مقيد بشرط أن يكون السعر الذي يطلب البائع القطع به نتيجة تعامل فعلي في البورصة وليس سعراً اسمياً فرضته الحكومة كحد أدنى بائع يمتنع هبوط السعر عنه أو سعراً لم يحصل به تعامل بسبب عدم إقبال المشترين على الشراء به أو عدم عرض البائعين أقطانهم للبيع بهذا السعر، وقد أقر المشرع هذا العرف وقننه بما أورده في المادة الأولى من القانون 184 لسنة 1959 المعدل للمرسوم بقانون 131 لسنة 1939 من أنه إذا كان نهاية الأجل الذي يحق فيه للبائع قطع السعر يوم عطلة ببورصة العقود أو كان التعامل في البورصة في هذا اليوم محدداً بأسعار اسمية أو أسعار لا تعامل بها لأي سبب كان فإن الأجل يمتد إلى يوم العمل التالي - فإذا كان قرار وزير المالية رقم 17 لسنة 1952 الصادر في 17/ 2/ 1952 قد حظر إجراء أية عملية من عمليات البيع على استحقاق أشهر معينة من بينها فبراير ومارس سنة 1952 إلى إذا كان مقصوداً به تغطية مراكز قائمة في بورصة العقود وعلى أن يجرى التعامل في بورصة العقود على عقود قطن طويل التيلة لشهري مايو ويوليو سنة 1952 وعلى عقود قطن متوسط التيلة لشهري يونيو وأغسطس سنة 1952، وكانت لجنة البورصة قد أصدرت في 5 مارس سنة 1952 قراراً يقضى بمد كافة عمليات القطع بالنسبة للقطن طويل التيلة على شهر مايو سنة 1952 وبالنسبة للقطن متوسط التيلة على شهر يونيه سنة 1952 - فإن هذا القرار لم ينشئ حكماً جديداً وإنما اقتصر على إعمال مقتضى القرار الوزاري رقم 17 لسنة 1952، ذلك أن النتيجة الحتمية لما فرضه هذا القرار الأخير هى تأجيل القطع من الأشهر التي حظر التعامل على استحقاقاتها إلى الأشهر التي صرح بالتعامل عليها حتى يتمكن المشتري من إجراء عملية التغطية إعمالاً لقاعدة التلازم بين القطع والتغطية - فإذا كان ذلك وكانت الطاعنة قد استحال عليها إجراء عملية التغطية وذلك بسبب عدم قيام المطعون عليه بطلب القطع على السعر حتى صدور قرار 17/ 2/ 1952 فإن قطع سعر أقطان المطعون عليه يكون قد تأجل من استحقاق شهري فبراير ومارس إلى شهري يونيه ومايو على التوالي مما يتعين معه تحديد أسعاره على أساس سعر إقفال هذين الاستحقاقين الأخيرين في أول يوم يجرى فيه تعامل فعلي عليهما في بورصة العقود - ومن ثم فلا جدوى من الاحتجاج بعدم انصراف قرار لجنة البورصة سالف الذكر إلى عقود بيع الأقطان تحت القطع. (1)


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه أقام الدعوى الابتدائية رقم 422 لسنة 1952 كلي الزقازيق ضد الشركة الطاعنة وقال بياناً لها إنه بمقتضى عقد بيع مؤرخ 5/ 10/ 1951 باع للشركة الطاعنة 1153.73 قنطاراً من القطن الكرنك و111.60 قنطاراً من القطن الجيزة 30 على عقود شهر يناير سنة 1952 للقطن الكرنك وعقود ديسمبر سنة 1951 للقطن الجيزة 30 واشترط في العقد أن البائع يقطع سعر القطن قبل يوم 10 يناير سنة 1952 و10/ 2/ 1952 على التوالي وأن له حق النقل إلى استحقاق آخر تال، وأنه قد سلم القطن فعلاً في 26/ 10/ 1951 واستعمل حقه في النقل إلى شهري فبراير ومارس سنة 1952 بالنسبة للقطن جيزة 30 والكرنك على التوالي وبقى مركزه قائماً على هذين الشهرين غير أن للشركة المدعى عليها (الطاعنة) أبرقت إليه في 10 مارس سنة 1952 أنها نقلت القطن الكرنك إلى استحقاق شهر مايو والقطن الجيزة إلى استحقاق شهر يونيه بدعوى أن ذلك تم طبقاً لقرار بورصة مينا البصل فاعترض على ذلك التصرف بأن العقد قد تضمن بيع بضاعة حاضرة عن أقطان زهر وأنه وفق العقد وشروطه يجب احتساب سعر الكرنك على أساس 140 ريالاً للقنطار وهو السعر الذي أقفل به استحقاق مارس بموجب المرسوم الصادر في 8 مارس سنة 1952 واحتساب سعر القنطار من الجيزة بواقع 80 ريالاً وهو السعر الذي صفيت به عقود فبراير مع إضافة العلاوة المتفق عليها وهي 450 قرشاً للقنطار من الكرنك و625 قرشاً للقنطار من الجيزة 30 وعلى هذا الأساس يكون مجموع ثمن القطن المبيع منه للطاعنة 39979 جنيهاً و235 مليماً يستنزل منه مبلغ 32826 جنيهاً و122 مليماً قيمة مصاريف النقل وما استلمه فعلاً فيكون الباقي في ذمة الطاعنة مبلغ 7153 جنيهاً و113 مليماً وهو ما طلب الحكم به على الشركة مع فوائد هذا المبلغ منذ المطالبة الرسمية حتى السداد - وتحصل دفاع الطاعنة في أنه قد صدر في 17 فبراير سنة 1952 قرار وزاري يمنع إجراء أية عملية بيع على استحقاقات فبراير ومارس وقصر التعامل على شهري مايو ويوليو بالنسبة للقطن طويل التيلة وعلى شهري يونيه وأغسطس بالنسبة للقطن متوسط التيلة وأن لجنة البورصة أصدرت تنفيذاً للقرار السابق قراراً بمد عمليات القطع من شهري فبراير ومارس إلى شهري يونيه ومايو على التوالي وكان من نتيجة هذين القرارين أن أصبح القطع ممتنعاً على شهري فبراير ومارس لعدم وجود تعامل في البورصة أصلاً على استحقاقات هذين الشهرين. وبتاريخ 19 يناير سنة 1955 أصدرت المحكمة الابتدائية حكماً بتعين خبير لتصفية الحساب بين الطرفين على أساس أن سعر البيع بالنسبة لكمية الكرنك هو سعر القفل النهائي لاستحقاق شهر مارس سنة 1952 مضافاً إليه علاوة قدرها 450 قرشاً للقنطار وأن سعر البيع بالنسبة لكمية الجيزة 30 هو سعر القفل النهائي لاستحقاقات فبراير مضافاً إليه علاوة قدرها 625 قرشاً للقنطار وقد قدم الخبير تقريراً انتهي فيه إلى أن تصفية الحساب على الأساس المتقدم أسفرت عن أن للمدعي في ذمة الشركة المدعى عليها مبلغ 7151 ج و583 م وبتاريخ 20 أبريل سنة 1955 قضت المحكمة الابتدائية بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليه هذا المبلغ وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 5 يوليو سنة 1952 حتى تمام السداد والمصاريف المناسبة وقد استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافها برقم 172 سنة 7 ق وتمسكت بوجهة نظرها السابقة وبأن حق البائع في القطع يقابله خيار المشتري في التغطية وأنه ما دام إجراء هذه التغطية كان ممتنعاً لعدم وجود تعامل على شهري فبراير ومارس نتيجة لصدور القرار الوزاري رقم 17 لسنة 1952 فإن ذلك يستتبع عدم إمكان القطع على استحقاقات هذين الشهرين وطلبت الطاعنة في استئنافها أن تكون المحاسبة على أساس 116.30 ريالاً للقنطار من الكرنك وهو السعر الذي بدأ التعامل الفعلي به بالنسبة للقطن طويل التيلة ابتداء من 16 أبريل سنة 1952 وعلى أساس 67.67 ريالاً للقنطار من الجيزة 30 وهو السعر الذي بدأ التعامل الفعلي به في القطن متوسط التيلة ابتداء من 24 أبريل سنة 1952. وبتاريخ 28/ 1/ 1958 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فطعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 11 فبراير سنة 1962 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وطلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة حدد لنظره جلسة 28 مارس سنة 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن في أولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والعرف المستقر في شأن بيوع القطن تحت القطع ذلك أنه أجرى تصفية الحساب بين الطرفين على أساس سعر استحقاقات فبراير ومارس سنة 1952 على الرغم مما هو ثابت من عدم حصول تعامل فعلي في بورصة العقود على هذين الاستحقاقين نتيجة صدور القرار الوزاري رقم 17 لسنة 1952 مما كان يستحيل معه إجراء القطع لاستحالة قيام الطاعنة بإجراء عملية التغطية وبذلك خالف الحكم العرف المستقر في شأن بيوع القطن تحت القطع والذي يقضى بأن حق البائع في قطع السعر على أساس سعر بوصة العقود في يوم معين يقابله حق المشتري في إجراء عملية تغطية لتأمين نفسه من أخطار تقلبات الأسعار وتتم هذه العملية ببيع المشتري في البورصة كمية معادلة للكمية التي اشتراها من القطن الزهر وبنفس السعر الذي يتم به القطع من جانب البائع.
ولما كانت عملية التغطية لا يمكن إجراؤها إلا إذا كان هناك تعامل فعلي في بورصة العقود فإنه لم يجر هذا التعامل لسبب من الأسباب امتنع على البائع استعمال حقه في القطع وإذ كان الثابت في خصوص هذه الدعوى أن المطعون عليه لم يطلب قطع سعر أقطانه حتى صدر القرار الوزاري رقم 17 لسنة 1952 الذي منع إجراء أية عملية من عمليات البيع على استحقاقات فبراير ومارس سنة 1952 وقصر التعامل بالنسبة للقطن طويل التيلة على شهري مايو ويوليه وبالنسبة للقطن متوسط التيلة على شهري يوليو وأغسطس فإن القطع على استحقاقات فبراير ومارس أصبح ممتنعاً لاستحالة إجراء عملية التغطية نتيجة لصدور هذا القرار الذي يعتبر قوة قاهرة يترتب عليها تأجيل تنفيذ العقد إلى أول يوم يحصل فيه تعامل فعلي في البورصة ولما كان هذا التعامل لم يحصل بالنسبة للقطن طويل التيلة إلا ابتداء من 16 من أبريل سنة 1952 وبسعر 116.30 ريالاً للقنطار وبالنسبة لمتوسط التيلة ابتداء من 24 أبريل سنة 1952 وبسعر 67.67 ريالاً فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه إجراء المحاسبة على أساس هذين السعرين وإذ هو لم يفعل وأجاز القطع رغم استحالة التغطية من جانب المشتري فإنه يكون قد خالف القانون، ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون فيما أقام عليه قضاءه من أن قرار لجنة البورصة الصادرة في 5 مارس سنة 1952 لا ينصرف إلى العقد المبرم بين الطرفين - ذلك أن هذا القرار - الذي قضى بمد كافة عمليات قطع القطن على شهري مايو ويونيه دون غرامة أو خصم لم يستحدث جديداً وإنما أعمل على وجه صحيح مقتضى القرار رقم 17 لسنة 1952 إذ أنه ما دام أن القرار الوزاري المذكور قد منع التعامل على شهري فبراير ومارس فإن إجراء التغطية على استحقاقات هذين الشهرين أصبح مستحيلاً وبالتالي امتنع على البائعين قطع أقطانهم على أسعار هذه الاستحقاقات واستلزم ذلك حتماً تأجيل للقطع إلى استحقاقات الأشهر التالية التي أجاز القرار الوزاري التعامل عليها وهي استحقاقات مايو بالنسبة للقطن الطويل التيلة ويونيه بالنسبة للقطن متوسط التيلة وهذا هو ما قرره قرار لجنة البورصة الصادر في 5 مارس سنة 1952. ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ أجرى المحاسبة على أساس 140 ريالاً للأقطان طويلة التيلة و80 ريالاً للأقطان متوسطة التيلة استناداً إلى القول بأن السعر الأول هو الذي أقفلت به عقود مارس طبقاً للمرسوم بقانون رقم 18 لسنة 1952 وأن السعر الثاني هو الذي تمت به تصفية عقود فبراير واشترت به شركة مصر عقود هذا الشهر في حين أن المرسوم بقانون سالف الذكر لا يشمل إلا العقود القائمة في بورصة العقود يوم العمل به في 8 من مارس سنة 1952 ولا ينطبق على بيوع البضاعة الحاضرة ولو كانت تحت القطع - هذا على أنه لو فرض جدلاً أن هذا المرسوم بقانون ينطبق على هذه البيوع فإن هذا لا يمكن أن يؤدي إلى محاسبة الطاعنة على أساس السعر الذي قرره وهو 140 ريالاً للقنطار من القطن طويل التيلة وذلك لاستحالة التغطية بهذا السعر كذلك فإنه بالنسبة للقطن متوسط التيلة فإن التغطية لم تصبح ممكنة إلا منذ بدء التعامل الفعلي على هذا القطن في 24 من أبريل سنة 1952 بسعر 67.67 ريالاً ولم يكن ممكناً إجراء التغطية على أساس 80 ريالاً.
وحيث إن هذا النعي بجميع أوجهه صحيح - ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى بأن عقود بيع القطن تحت القطع ومنها عقد البيع أساس الدعوى يقتضي أن يكون للمشتري خيار التغطية مقابل حق البائع في القطع ويلتزم البائع لذلك بأن يوفر للمشتري الوقت الذي يتسع لإجراء عملية التغطية التي تتم بعملية عكسية يجريها المشتري في بورصة العقود في وقت القطع وبسعره وعن مقدار معادل للقدر الذي تم قطع السعر من البائع - وعملية التغطية هذه لازمة لتأمين المشتري ضد تقلبات الأسعار ومتى تمت التغطية تحقق للمشتري مركز قائم في بورصة العقود قوامه عملية البيع التي يكون قد أجراها في هذه البورصة - ولما كان يستحيل إجراء عملية التغطية إذا لم يكن هناك تعامل فعلي في بورصة العقود فإن القطع على سعر العقود - على ما جرى به للعرف - مقيد بشرط هو أن يكون سعر العقد الذي يطلب البائع القطع به نتيجة تعامل فعلي في البورصة وليس سعراً اسمياً فرضته الحكومة كحد أدنى بائع يمتنع هبوط السعر عنه أوسعواً لم يحصل به تعامل بسبب عدم إقبال المشترين على الشراء به أو عدم عرض البائعين أقطانهم للبيع بهذا السعر وقد أقر المشرع هذا العرف وقننه بما أورده في المادة الأولى من القانون رقم 184 لسنة 1959 المعدل للمرسوم بقانون رقم 131 لسنة 1939 من أنه إذا كان نهاية الأجل الذي يحق فيه للبائع قطع السعر يوم عطلة ببورصة العقود أو كان التعامل في البورصة في هذا اليوم محدداً بأسعار اسمية أو أسعار لا تعامل بها لأي سبب كان فإن الأجل يمتد إلى يوم العمل التالي ولما كان الثابت في الدعوى الحالية أن المطعون عليه لم يطلب قطع سعر أقطانه حتى أصدر وزير المالية في 17 فبراير سنة 1952 قراره رقم 17 لسنة 1952 الذي حظرت مادته الثانية إجراء أية عملة من عمليات البيع على استحقاق أشهر معينة من بينها فبراير ومارس سنة 1952 إلا إذا كان مقصوداً بها تصفية مراكز قائمة في بورصة العقود كما نصت مادته الأولى على أن يجرى التعامل في بورصة العقود على عقود قطن طويل التيلة - ومن بينه الكرنك - لشهري مايو ويوليو سنة 1952 وعلى عقود قطن متوسط التيلة ومن بينه الجيزة 30 لشهري يونيه وأغسطس سنة 1952 - لما كان ذلك، وكانت الشركة الطاعنة عند صدورهما القرار ليس لها مركز قائم في بورصة العقود بالنسبة للصفقة مثار النزاع وذلك لما سلف ذكره من أن المطعون عليه لم يكن قد طلب القطع حتى صدور هذا القرار وبالتالي فلم تكن للطاعنة قد أجرت عملية التغطية التي يتحقق لها بها ذلك المركز فإن القرار الوزاري سالف الذكر قد ترتب عليه أن أصبح قطع سعر أقطان المطعون عليه على أساس شهري فبراير ومارس سنة 1952 متعذراً لسبب قهري لا دخل للطاعنة فيه ولما كانت لجنة البورصة قد أصدرت في 5 مارس سنة 1952 قراراً يقضي بمد كافة عمليات القطع بالنسبة للقطن طويل التيلة على شهر مايو سنة 1952 وبالنسبة للقطن متوسط التيلة على شهر يونيه سنة 1952 وذلك بدون غرامة أو خصم وكان هذا القرار لم ينشئ حكماً جديداً وإنما اقتصر على إعمال مقتضى القرار الوزاري رقم 17 لسنة 1952 إذ أن النتيجة الحتمية لما فرضه هذا القرار الأخير من حظر على التعامل على استحقاقات شهري فبراير ومارس ومن جعل التعامل في القطن طويل التيلة قاصراً على استحقاق شهري مايو ويوليو وفي القطن متوسط التيلة على شهري يونيه وأغسطس - هذه النتيجة هي تأجيل القطع من الأشهر التي حظر التعامل على استحقاقاتها إلى الأشهر التي صرح بالتعامل عليها حتى يتمكن المشتري من إجراء عملية التغطية إعمالاً لقاعدة التلازم بين القطع والتغطية ومن ثم فلا جدوى من الاحتجاج بعدم انصراف قرار لجنة البورصة سالف الذكر إلى عقود بيع الأقطان تحت القطع لما كان ذلك، فإن قطع سعر أقطان المطعون عليه يكون قد تأجل نتيجة لصدور القرار الوزاري رقم 17 لسنة 1952 من استحقاق شهري فبراير ومارس إلى شهري يونيه ومايو على التوالي وكان من المفروض أن تحدد أسعاره على أساس سعر إقفال هذين الاستحقاقين الأخيرين في أول يوم يجري فيه تعامل فعلي عليهما في بورصة العقود إلا أنه لما كان مجلس الوزراء قد أصدر في 17 مارس سنة 1952 قراراً بدخول الحكومة مشترية في سوق عقود القطن وحدد سعر الشراء للقطن طويل التيلة 125 ريالاً للقنطار وللقطن متوسط التيلة 72 ريالاً وأعقب ذلك صدور قرار من لجنة البورصة مينا البصل في 14 مايو سنة 1952 يقضى بأن جميع العمليات التي تحت القطع والتي مد أجل قطعها من فبراير سنة 1952 إلى يونيه سنة 1952 تقطع بواقع 72 ريالاً يخصم منها المصاريف الفعلية وقدرها ريالان وأن العمليات التي مد أجل قطعها من مارس إلى مايو تقطع بواقع 125 ريالاً يخصم منها المصاريف الفعلية التي حددت بريالين ونصف وكلا السعرين اللذين حددهما هذا القرار يزيد على السعر الذي جرى به تعامل فعلي في أول يوم حصل فيه التعامل - لما كان ذلك، فإنه كان لزاماً على الحكم المطعون فيه تحديد ثمن الأقطان المبيعة من المطعون عليه للطاعنة على أساس أن سعر القطع هو 122.5 ريالاً للقنطار الكرنك و70 ريالاً للقنطار من الجيزة 30 مع إضافة العلاوات المتفق عليها ولا وجه لما تمسك به المطعون عليه وسايره فيه الحكم المطعون فيه من وجوب احتساب سعر القطن طويل التيلة على أساس السعر الذي قرره المرسوم بقانون رقم 8 لسنة 1952 وهو 140 ريالاً واحتساب سعر القطن متوسط التيلة على أساس السعر الذي تعهدت شركة مصر للأقطان بشراء عقود متوسط التيلة به وهو 80 ريالاً ذلك أن نصوص المرسوم بقانون رقم 8 سنة 1952 وعبارة تعهد شركة مصر يدلان على أنهما قاصران على المراكز القائمة فعلاً في بورصة العقود وقت صدورهما ولا ينطبقان على بيوع البضاعة الحاضرة ولو كانت تحت القطع وإذا لم يكن للشركة الطاعنة في ذلك الوقت مركز قائم في بورصة العقود لما سلف ذكره من أنه لا يتحقق لها هذا المركز بالنسبة للصفقة التي تشتريها تحت القطع إلا عند إجرائها عملية التغطية عنها وهذه العملية لم تكن قد تمت بالنسبة لأقطان المطعون عليه لاستحالة إجرائها للأسباب المتقدم ذكرها - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وجعل أساس تحديد الثمن هو 140 ريالاً للكرنك و80 ريالاً للجيزة 30 يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


(1) راجع نقض 25/ 1/ 1962 طعن 381 س 26 ق السنة 13 ص 115، 26/ 1/ 1961 الطعنان 163 س 25 ق، 412 س 25 ق السنة 12 ص 60، 72، 9/ 2/ 1961 الطعن 196 س 25 ق السنة 12 ص 131، 7/ 12/ 1961 الطعن 314 س 26 ق السنة 12 ص 765.

الطعن 379 لسنة 36 ق جلسة 23 / 3 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 58 ص 363

جلسة 23 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(58)
الطعن رقم 379 لسنة 36 القضائية

(أ) استئناف. "نطاق الاستئناف". "الطلبات الجديدة". ملكية.
طلب تثبيت ملكية أرض النزاع أمام محكمة أول درجة على أساس التقادم المكسب. إضافة أساس آخر إلى هذا الطلب أمام محكمة الاستئناف هو حجة وقف وبطلان إشهاد التغيير الصادر من الواقفة. اعتبار ذلك سبباً مضافاً وليس طلباً جديداً، جواز إبدائه في الاستئناف.
(ب) دعوى. "تدخل النيابة العامة في الدعوى". وقف. "الدعوى المتعلقة بالوقف". نيابة عامة. بطلان.
وجوب تدخل النيابة العامة في الدعاوى المتعلقة بأصل الوقف أو إنشائه أو شخص المستحق فيه مما كانت تختص به المحاكم الشرعية، سواء كانت الدعوى أصلاً من دعاوى الوقف أو رفعت باعتبارها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة تتعلق بالوقف في أي من درجات التقاضي. عدم تدخل النيابة في هذه الدعاوى. أثره. بطلان الحكم.

--------------
1 - أجازت المادة 411/ 3 من قانون المرافعات السابق للخصوم في الاستئناف مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله تغيير سببه والإضافة إليه. وإذا كان استناد الطاعنين أمام محكمة الاستئناف في طلب تثبيت ملكيتهما لأرض النزاع إلى حجة وقف جدتهما، وإلى بطلان إشهاد التغيير الصادر منها يعد سبباً جديداً أضافه الطاعنان إلى السبب الذي رفعت به الدعوى ابتداء - التقادم المكسب للملكية - وليس طلباً جديداً يتغير به موضوع الطلب الأصلي، لأن هذا الطلب وهو تثبيت ملكية الطاعنين ظل باقياً على حاله حسبما كان مطروحاً أمام محكمة الدرجة الأولى، فإن ما أبداه الطاعنان على الوجه المتقدم يكون مقبولاً أمام محكمة الاستئناف.
2 - مؤدى نص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - (1) أنه كلما كان النزاع متعلقاً بأصل الوقف أو إنشائه أو شخص المستحق فيه مما كانت تختص به المحاكم الشرعية في خصوص الوقف وأصبح الاختصاص بنظره للمحاكم عملاً بالقانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية، فإن تدخل النيابة العامة يكون واجباً عند نظر النزاع وإلا كان الحكم الصادر فيه باطلاً، يستوي في ذلك أن تكون الدعوى أصلاً من دعاوى الوقف، أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدنية، وأثيرت فيها مسألة متعلقة بالوقف. وإذ كان مما دار حوله النزاع أمام محكمة الاستئناف هو ما إذا كان الوقف الصادر من جدة طرفي النزاع قد أنشئ لضمان حق ثابت قبلها، وذلك لتحديد ما إذا كان لها حق الرجوع فيه من عدمه، وبيان شخص المستحق الذي تؤول إليه ملكية ما انتهى فيه الوقف تبعاً لطبقة استحقاقه وتحديد صفته فيه، وكانت هذه المسائل كلها متعلقة بالوقف من حيث إنشائه وشروطه ويستوجب بحثها الخوض في تفسير عبارات كاتب الوقف، ويطبق في شأنها القانون رقم 48 لسنة 1946 الخاص بأحكام الوقف، وهي مما كانت تختص المحاكم الشرعية بنظرها، ثم صارت بعد إلغاء تلك المحاكم من اختصاص دوائر الأحوال الشخصية في نطاق التنظيم الداخلي لكل محكمة، فإنه يتعين أن تتدخل النيابة العامة في الدعوى لإبداء رأيها فيها وإلا كان الحكم باطلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما على المطعون ضدهم الدعوى رقم 588 سنة 1962 كلي أسيوط طلباً فيها الحكم بتثبيت ملكيتهما إلى النصف في قطعة الأرض المبينة بالصحيفة بما عليها من مبان وتسليمها إليهما. وقالا بياناً لدعواهما أنه في تاريخ سابق على سنة 1913 وضع رزق الله مقار - جدهما وجد المطعون ضدهم - يده على قطعة أرض مساحتها 11 س و13 ط. موضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى كانت مملوكة لزوجته صفصف غبريال، وأن وضع يده عليها اقترن بنية التملك إذ ظهر عليها بمظهر المالك بأن أقام حولها سوراً من المباني وشيد على مساحة ستمائة متر منها منزلاً من طابقين الحق به مطحناً وإسطبلاً وغرس باقي الأرض حديقة، وأنه بتاريخ 23/ 11/ 1913 وقفت زوجته الأرض المشار إليها على نفسها ومن بعدها على ولديها ديمتري ووليم من زوجها رزق الله مقار جد الطرفين، وأن هذا الجد وقف في 3/ 12/ 1913 ما أنشأه من مباني على نفسه ومن بعده على ولديه المذكورين "مورثي طرفي الخصومة" مناصفة بينهما ثم من بعد وفاة كل منهما تكون حصته وقفاً مصروفاً على أولاده الذكور، وأنه وإن لم يقف باقي قطعة الأرض السابق ذكرها إلا أنها بقيت في وضع يده حتى وفاته في سنة 1922 ومن بعده استمرت في وضع يد ولديه ديمتري ووليم ومن بعدهما انتقل وضع اليد عليها إلى ولدي ديمتري وهما الطاعنان وإلى المطعون ضدهم الثاني والثالث والخامس من ورثة وليم، وبذلك اكتسبوا ملكيتها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وعقب صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف قام الطاعنان ومورث المطعون ضدهم بشهر حل وقف المباني المقامة على الأرض موضوع النزاع، وإذ دخلت تلك الأرض في ملكيتهم عن طريق التقادم المكسب الطويل، وترتب على حل وقف المباني أن صار العقار كله أرضه ومبانيه مملوكاً لهم جميعاً بحق النصف للطاعنين والنصف الآخر لمورث المطعون ضدهم، فقد أقام الطاعنان هذه الدعوى بطلباتهما المنوه عنها. وفي 24/ 11/ 1963 قضت محكمة أول درجة بتثبيت ملكية الطاعنين لنصف مباني المنزل وملحقاته وتسليم هذا القدر إليهما ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف الطاعنان هذا الحكم فيما قضى به من رفض دعواهما بالنسبة للأرض بالاستئناف رقم 3 سنة 39 ق أسيوط طالبين إلغاء الحكم المستأنف في هذا الخصوص والقضاء لهما بطلباتهما السابقة، استناداً إلى ما سبق أن أبدياه أمام محكمة أول درجة من أنهما كسبا ملكية أرض النزاع بالتقادم طويل المدة، وإلى أن ملكية هذه الأرض آلت إليهما أيضاً عن طريق حجة وقف جدتهما السيدة صفصف غبريال الصادرة في 23/ 11/ 1913 والتي جعلت فيها الاستحقاق لولديها ديمتري ووليم، إذ أن إشهاد التغيير الذي صدر منها في سنة 1927 والذي بمقتضاه قصرت الاستحقاق على ولدها وليم وحرمت دمتري "الطاعن" قد أصبح باطلاً بالتطبيق للمادتين 11، 56 من قانون الوقف الصادر في سنة 1946. وبتاريخ 12/ 5/ 1966 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السببين الأول والسادس على الحكم المطعون فيه البطلان والخطأ في تطبيق القانون، ويقولان في بيان ذلك إن الحكم صدر على خلاف ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 628 سنة 1955 من وجوب تدخل النيابة في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالوقف التي تختص بها المحاكم الابتدائية بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955، وإلا كان الحكم باطلاً، ذلك أنه على الرغم من أن النزاع أمام المحكمة الاستئنافية كان يدور حول اكتساب ملكية أرض موقوفة استناداً إلى وضع اليد عليها منذ وقفها وإلى حجة وقف السيدة صفصف غبريال الصادرة في 23/ 11/ 1913 وإلى بطلان إشهاد التغيير الصادر منها في سنة 1927 بحرمان الطاعنين من الاستحقاق عملاً بالمادتين 11، 56 من قانون الوقف الصادر في سنة 1946، وهو ما يقتضي تفسير حجتي الوقف الصادرتين من زرق الله مقار في 23/ 11/ 1913 ومن السيدة صفصف غبريال في 23/ 11/ 1913 لمعرفة ما إذا كانت أرض النزاع مذكورة في حجة الوقف الأولى على أنها في وضع يد الواقف أم لا، وما إذا كان الوقف الأخير قد ورعي فيه ضمان حقوق المباني على الأرض الموقوفة وحقوق المستحقين في الوقف الصادر منه مما ينبني عليه بطلان إشهاد التغيير الصادر من الواقفة في سنة 1927 فإن محكمة الاستئناف قضت في الدعوى على الرغم من ذلك دون أن تتدخل النيابة لإبداء رأيها فيها وهو ما يجعل حكمها باطلاً. ويضيف الطاعنان أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون أيضاً إذ اعتبر دفاعهما المبني على بطلان إشهاد التغيير سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة في الاستئناف وقضى بعدم قبوله إعمالاً لنص المادة 411 من قانون المرافعات السابق مع أن المادة المذكورة تبيح لهما في فقرتها الثالثة التمسك بهذا السبب الجديد أمام محكمة الاستئناف، وهو مما يعيب الحكم فوق بطلانه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان الثابت أن الطاعنين أقاما دعواهما أمام محكمة أول درجة بطلب تثبيت ملكيتهما إلى النصف في قطعة الأرض البالغ مساحتها 11 س و13 ط الموضحة بالعريضة بما عليها من مبان على أساس أنهما هما وأسلافهما قد كسبا ملكيتها بالتقادم طويل المدة، وإذ قضى الحكم المستأنف برفض الدعوى بالنسبة للأرض فقد استأنفه الطاعنان في هذا الخصوص طالبين إلغاءه والحكم لهما بملكية نصيبهما في الأرض المشار إليها، وكان الطاعنان قد أسسا استئنافهما على ما سبق أن أبدياه أمام المحكمة الابتدائية على النحو السالف بيانه وعلى أن جدتهما السيدة صفصف غبريان وقفت تلك الأرض بمقتضى حجة الوقف الصادرة منها في 23/ 11/ 1913 وجعلت الاستحقاق فيها قاصراً على ولديها ديمتري ووليم المرزوقين لها من زوجها رزق الله مقار دون باقي أولادها من الإناث، وذلك لأن تلك الأرض كانت مشغولة بالمباني التي أقامها عليها الزوج لتكون مقراً لولديه المذكورين من بعده والتي كان يزمع وقفها عليهما وأن هذا التخصيص كان ضماناً لحقوق ملك المباني على الأرض الموقوفة وحقوق المستحقين في وقف تلك المباني حتى تتحد جهة الوقف في كل من الأرض والمباني مما لا يحق معه للواقفة المذكورة الرجوع في الوقف ويكون إشهاد التغيير الصادر منها في سنة 1927 باطلاً، وينبني على ذلك أن تؤول ملكية أرض النزاع إلى المستحقين اللذين عينتهما الواقفة في كتاب وقفها الأصلي، وأنه بصدور قانون حل الوقف قد أصبح الطاعنان مالكين للنصف في الأرض سالفة الذكر. لما كان ذلك وكانت المادة 411/ 3 من قانون المرافعات السابق قد أجازت للخصوم في الاستئناف مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله تغيير سببه والإضافة إليه، وكان استناد الطاعنين أمام محكمة الاستئناف في طلب تثبيت ملكيتهما لأرض النزاع إلى حجة وقف جدتهما وإلى بطلان إشهاد التغيير الصادر منها، يعد سبباً جديداً أضافه الطاعنان إلى السبب الذي رفعت به الدعوى ابتداء وليس طلباً جديداً يتغير به موضوع الطلب الأصلي، لأن هذا الطلب وهو تثبيت ملكية الطاعنين إلى النصف في الأرض الموضحة الحدود والمعالم بالعريضة ظل باقياً على حاله حسبما كان مطروحاً أمام محكمة الدرجة الأولى، فإن ما أبداه الطاعنان على الوجه المتقدم يكون مقبولاً أمام محكمة الاستئناف. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول ما أبداه الطاعنان أمام محكمة ثاني درجة تأسيساً على أنه طلب جديد، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يحجب نفسه على الرغم من ذلك عن التعرض للطلب المشار إليه بل تناوله بالبحث وانتهى إلى عدم صحته وأورد في هذا الخصوص قوله إن ما ردده المستأنفان "الطاعنان" في مذكرتهما رقم 10 ملف بصدد الفصل الإضافي في قواعد الوقف ومدى تطبيق المادتين 11، 56 من قانون الوقف الصادر في سنة 1946 وقد انتهيا إلى أن وقف صفصف غبريال إنما صدر ضماناً لحقوق رزق الله مقار وديمتري ووليم قبلها وبالتالي لا يجوز لها التغيير بحرمان ما أنشئ الوقف ضماناً لحقوقه فترى المحكمة أنه ليس ثمة في الأوراق أي دليل على ما ذهب إليه المستأنفان "الطاعنان" من أن وقف صفصف غبريال صدر ضماناً لحقوق رزق الله مقار وولديه. لما كان ذلك وكان القانون رقم 628 سنة 1955 في شأن بعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف التي تختص بها المحاكم بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 ينص في مادته الأولى على أنه يجوز للنيابة العامة أن تتدخل في قضايا الأحوال الشخصية التي تختص بها المحاكم الجزئية بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار إليه، وعليها أن تتدخل في كل قضية أخرى تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالوقف وإلا كان الحكم باطلاً وكان المستفاد من هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه كلما كان النزاع متعلقاً بأصل الوقف أو إنشائه أو شخص المستحق فيه مما كانت تختص به المحاكم الشرعية في خصوص الوقف وأصبح الاختصاص بنظره للمحاكم عملاً بالقانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية، فإن تدخل النيابة العامة يكون واجباً عند نظر النزاع وإلا كان الحكم الصادر فيه باطلاً، يستوي في ذلك أن تكون الدعوى أصلاً من دعاوى الوقف أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة متعلقة بالوقف. لما كان ما تقدم وكان مما يدور حوله النزاع أمام محكمة الاستئناف - على ما سلف بيانه - هو ما إذا كان الوقف الصادر من جدة الطرفين "صفصف غبريال في 23/ 1/ 1913 قد أنشئ لضمان حق ثابت قبلها، وذلك لتحديد ما إذا كان لها حق الرجوع في الوقف من عدمه وبيان شخص المستحق الذي تؤول إليه ملكية ما انتهى فيه الوقف تبعاً لطبقة استحقاقه وتحديد صفته فيه، وكانت هذه المسائل كلها متعلقة بالوقف من حيث إنشائه وشروطه، ويستوجب بحثها الخوض في تفسير عبارات كاتب الوقف ويطبق في شأنها القانون رقم 48 لسنة 1946 الخاص بأحكام الوقف وهي مما كانت تختص المحاكم الشرعية بنظرها، ثم صارت بعد إلغاء تلك المحاكم من اختصاص دوائر الأحوال الشخصية في نطاق التنظيم الداخلي لكل محكمة. لما كان ذلك كله فإنه يتعين طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 سالفة الذكر أن تتدخل النيابة في الدعوى لإبداء رأيها فيها حتى ولو كانت منظورة أمام الدائرة المدنية وإلا كان الحكم باطلاً. وإذ كان الثابت أن النيابة العامة لم تتدخل في الدعوى لإبداء الرأي فيها إلى أن صدر الحكم المطعون فيه، فإن هذا الحكم يكون باطلاً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) نقض 23/ 5/ 68 مجموعة المكتب الفني. السنة 19. ص 995.
نقض 23/ 12/ 69 مجموعة المكتب الفني. س 20. ص 1312.