جلسة 31 من يناير سنة 1978
برئاسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس محكمة النقض، وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، زكي الصاوي صالح، جمال الدين عبد اللطيف ومحمد طه سنجر.
-----------------
(72)
الطعن رقم 631 لسنة 44 القضائية
(1، 2) دعوى "إعادة الدعوى للمرافعة". بطلان.
(1) وجوب إعلان طرفي الخصومة للاتصال بالدعوى عند إعادتها للمرافعة. حضور الخصم أو من يمثله بجلسة المرافعة. يغنى عن إعلانه.
(2) البطلان المترتب على إغفال الخصم بالجلسة المحددة عند إعادة الدعوى للمرافعة. بطلان نسبي. لا يجوز التمسك به إلا ممن شرع لمصلحته.
(3) استئناف "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن".
اعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال الميعاد المحدد بالمادة 70 مرافعات. لا خطأ.
(4) نقض "سبب الطعن". حكم.
النعي بوجود غش من الخصم أدى إلى عدم إعلانه بورقة التكليف بالحضور في الميعاد. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(5) استئناف. حكم.
إلزام الخصم مع آخر بالتضامن بالمبالغ المقضى بها. استئناف هذا الخصم وحده القضاء باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه للخصوم الحقيقيين في الميعاد. لا خطأ ولو كان المحكوم عليه الآخر بالتضامن قد أعلن في الميعاد. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم...... مدني القاهرة الابتدائية، كما أقامت المطعون عليها الثانية الدعوى رقم........ مدني الابتدائية، ضد الطاعنة وباقي ورثة المرحوم........ والمطعون عليهما الثالث والرابع وطلب كل منها في دعواه الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ عشرين ألفاً من الجنيهات على سبيل التعويض عن مقتل ولده المرحوم....... نتيجة خطأ مورث الطاعنة المرحوم.......، أثناء قيادته سيارة مملوكة للشركة المطعون عليها الرابعة ومؤمن عليها لدى شركة التأمين المطعون عليها الثالثة، ضمت المحكمة الدعويين ثم حكمت في 11/ 6/ 1969 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدون بمنطوق الحكم. وبعد سماع شهود الطرفين قضت في 7/ 4/ 1971 بإلزام الشركة المطعون عليها الرابعة وورثة المرحوم... من تركة مورثهم - بأن يدفعوا متضامنين إلى كل من المطعون عليهما الأولين مبلغ خمسة آلاف جنيه، استأنف المطعون عليه الرابع هذا الحكم بالاستئناف رقم...... القاهرة، كما استأنفه ورثة المرحوم.... بالاستئناف رقم....... القاهرة، وبتاريخ 7/ 4/ 1974 حكمت المحكمة في الاستئناف الأول بتأييد الحكم المستأنف؛ وفي الاستئناف الثاني باعتباره كأن لم يكن طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالنسبة لما قضى به في الاستئناف رقم..... بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثالث، وأبدت الرأي برفض الطعن بالنسبة لباقي المطعون عليهم، عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى دفع النيابة العامة أن الحكم الابتدائي قضى برفض الدعوى قبل شركة الشرق للتأمين "المطعون عليها الثالثة" التي لم تختصمها الطاعنة في الاستئناف المرفوع منها والمقيد برقم...... القاهرة، فإنه لا يجوز اختصامها في الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أنه لا يجوز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يختصم في الطعن إلا من كان طرفاً في الحكم المطعون فيه، ولا يكفي لاعتبار الشخص طرفاً في الحكم - أن يكون قد اختصم أمام محكمة أول درجة دون أن يختصم في الاستئناف. لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعنة لم تختصم المطعون عليها الثالثة في الاستئناف المقام منها، فإن الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة لها يكون في محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون عليهم الأول والثانية والرابع.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه بطلان الإجراءات، وفي بيان ذلك تقول إن محكمة الاستئناف نظرت الدعوى بجلسة 2/ 2/ 1974 وحددت للنطق بالحكم فيها جلسة 7/ 4/ 1974، وبسبب وفاة أحد أعضاء الهيئة قررت المحكمة - بهيئة أخرى - إعادة القضية للمرافعة لذات الجلسة - وأثبت في محضرها - حضور الأستاذ....... المحامي عن الطاعنة وحضور محام عن المطعون عليهما الأول والثانية، أما المطعون عليها الثالث والرابع فلم يثبت حضورهما أو من ينوب عنهما. وبعد أن حجزت المحكمة الدعوى لآخر الجلسة أصدرت حكمها فيها. وإذ أخبر الأستاذ.... الطاعنة بعدم حضوره في هذه الجلسة الأخيرة، كما لم يثبت حضور المطعون عليهما الثالث والرابع فيها أيضاً، فقد كان على المحكمة أن تأمر بإعلان الخصوم الذين لم يحضروا النطق بقرار إعادة القضية للمرافعة، إلا أنها أغفلت هذا الإجراء الجوهري وترتب على ذلك أنها - وبتشكيلها الجديد - أصدرت الحكم في الدعوى دون أن تسمع دفاع الخصوم فيها مما يعيب الإجراءات بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك أنه وإن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا بدا للمحكمة بعد حجز الدعوى للحكم أن تعيدها إلى المرافعة استئنافاً للسير فيها، تحتم دعوة طرفي الخصومة للاتصال بها بإعلانهما قانوناً، إلا أن حضور الخصم أو من يمثله بجلسة المرافعة التي تعاد إليها الدعوى، يغنى عن دعوته، وذلك لتحقيق الغاية من هذا الإجراء. إذ كان ذلك - وكان الثابت من محضر جلسة 7/ 4/ 1974 - الذي لم تدع الطاعنة بتزويره - أن الأستاذ.... المحامي حضر عنها وطلب الحكم في الدعوى، مما يفيد اكتفاءه بما سبق أن أبداه فيها من دفاع - فإنه لا جناح على المحكمة أن هي اعتبرت المرافعة منتهية وحجزت الدعوى للحكم فيها. لما كان ذلك وكان البطلان المترتب على عدم إعلان من لم يحضر من الخصوم في الجلسة التي أعيدت فيها الدعوى إلى المرافعة، بطلاناً نسبياً لا يجوز أن يتمسك به إلا من شرع لمصلحته، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن المشرع قصر دور المستأنف على تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم الكتاب، ورفع عنه كاهل متابعة إجراءات إعلانها، ومن ثم فلا محل لإعمال حكم المادة 70 من قانون المرافعات إذ لم يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال الثلاثة أشهر التالية لتقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى باعتبار استئناف الطاعنة كأن لم يكن، كما التفت عما ثبت في الأوراق من أن الطاعنة وجهت إعلان المستأنف عليهما "المطعون عليهما الأولين" بصحفية الاستئناف في موطنهما المبين بصحيفتي دعوييهما خلال الميعاد القانوني، إلا أن الإعلان لم يتم نتيجة غشهما وتحايلهما بقصد تفويت ميعاده، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المادة 70 من قانون المرافعات - التي يسري حكمها على الاستئناف إعمالاً للمادة 240 من ذلك القانون - تنص على اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب، وذلك حتى لا تترك الدعوى قائمة ومنتجة لآثارها في حق المدعى عليه مدة طويلة وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى باعتبار الاستئناف رقم....... القاهرة كأن لم يكن - تأسيساً على أن تكليف المستأنف عليهما الأول والثانية المطعون عليهما الأولين "بالحضور تم في 16/ 9/ 1971، أي بعد أكثر من ثلاثة أشهر من تاريخ تقدير صحيفة الاستئناف إلى قلم الكتاب في 15/ 5/ 1971، فإنه لا يكون قد خالف القانون. وإذ خلت الأوراق مما يفيد تمسك الطاعنة أمام محكمة الاستئناف، بوقوع غش من المطعون عليهما المذكورين أدى إلى عدم إعلانها ورقة التكليف بالحضور في الميعاد، فلا يقبل من الطاعنة التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون مخالفة القانون - وفي بيان ذلك تقول إن أحد المستأنف عليهم - في الاستئناف المرفوع منها - وهي شركة المشروعات الصناعية والهندسية تم تكليفها بالحضور في الميعاد، مما كان يتعين معه القضاء بقبول الاستئناف بالنسبة لها، إلا أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن الاستئناف سالف البيان بعد الحكم باعتباره كأن لم يكن بالنسبة للمطعون عليهما الأول والثاني، قد أصبح ولا قيمة له تأسيساً على انتفاء مصلحة الطاعنة في استئناف حكم ضد من لم يحكم له، بعد أن سقط استئنافها ضد من حكم له، في حين أن مصلحتها قائمة في نفي مسئولية مورثها عن التعويض المطالب به في مواجهة الشركة المطعون عليها الرابعة، والمختصمة أساساً في الاستئناف وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الثابت في الأوراق أن الطاعنة عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر، طلبت في الاستئناف المقام منها برقم...... القاهرة إلغاء الحكم الابتدائي الذي قضى بإلزامها من تركة مورثها وبإلزام الشركة المطعون عليها الرابعة، متضامنين بأن يدفعا إلى كل من المطعون عليهما الأول والثانية خمسة آلاف جنيه، ولم يكن للطاعنة في هذا الاستئناف طلبات ما قبل الشركة المذكورة، فإن المحكمة إذ اعتبرت الاستئناف منتهياً بالحكم باعتباره كأن لم يكن بالنسبة للخصمين الحقيقيين فيه، لا تكون قد خالفت القانون، ذلك أن النزاع في الاستئناف سالف البيان إنما قام حول مسئولية مورث الطاعنة عن التعويض المطالب به، وهو ما كانت تتناضل فيه مع المطعون عليهما الأول والثانية لا مع الشركة المطعون عليها الرابعة المسئولة عنه باعتبارها متبوعة لمحدث الضرر.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.