الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 مارس 2023

الطعن 293 لسنة 29 ق جلسة 25 / 11 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 157 ص 1067

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمود عباس العمراوي، وأمين محمد فتح الله.

----------------

(157)
الطعن رقم 293 لسنة 29 القضائية

(أ) ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "وعاء الضريبة". "التقدير الحكمي".
المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952. وحدة الممول في سنة القياس وفي السنوات المقيسة. تحويل شركة التضامن إلى شركة توصية. أثره. تغيير المركز القانوني للشركاء الموصين دون الشركاء المتضامنين من الناحية الضريبية. إعمال أحكام المرسوم بقانون المذكور على الشركاء الموصين. مخالفة للقانون.
(ب) ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "وعاء الضريبة". "التقدير الحكمي".
المرسوم بقانون 240 لسنة 1952. تقرير الحكم أن دفاتر المنشأة غير شاملة لجميع أوجه نشاطها، وأن القيود الواردة فيها إجمالية وبعضها غير مؤيد بالمستندات ولا تخرج عن كونها مسودات لتسوية الحساب بين الشركاء. إجراء مأمورية الضرائب تعديلات جوهرية تمس أمانتها. اعتبار دفاتر المنشأة وحساباتها غير منتظمة. اعتبار المطعون عليهما من الممولين الخاضعين لربط الضريبة بطريق التقدير. لا مخالفة فيه لأحكام المرسوم سالف الذكر.

---------------
1 - يفترض المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 وحدة الممول في سنة القياس وفي السنوات المقيسة. وإذ كان تحويل الشركة من شركة تضامن إلى شركة توصية ينبني عليه - من الناحية الضريبية - تغيير المركز القانوني للشركاء الموصين دون الشركاء المتضامنين، فإن الحكم المطعون فيه إذ أعمل أحكام المرسوم بقانون سالف الذكر على الشركاء الموصين - أو اللذين اعتبروا كذلك - يكون قد خالف القانون.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه على أن دفاتر المنشأة لم تكن شاملة لجميع أوجه نشاطها وأن القيود الواردة فيها إجمالية وبعضها غير مؤيد بالمستندات ولا تخرج عن كونها مسودات لتسوية الحساب بين الشريكين، وقد أجرت فيها المأمورية تعديلات جوهرية تمس أمانتها، وهي تقريرات موضوعية سائغة يجوز معها اعتبار دفاتر المنشأة وحساباتها غير منتظمة، فإن النعي عليه بمخالفة أحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 بأن اعتبر المطعون عليهما من الممولين الخاضعين لربط الضريبة بطريق التقدير يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب المنصورة قدرت أرباح المطعون عليهما من استغلال المطحن ومضرب الأرز ومصنع الثلج الكائنة بالمنصورة عن سنة 1949 بمبلغ 3770 ج ورأسمالهما الحقيقي المستثمر بمبلغ 13086 ج باعتبارهما شريكين الأول بحق 10 ط والثاني بحق 14 ط كما قدرت أرباحهما من ماكينة طحين كفر الأمير بمبلغ 55 جنيهاً و469 مليماً ورأسمالهما الحقيقي المستثمر بمبلغ 134 ج و56 م بحصة قدرها 8 ط للأول، 16 ط للثاني واعتبرت ماكينتي الطحين الكائنتين بطلخا وتمي الأمديد مملوكتين للمطعون عليه الثاني وحده وقدرت أرباحه منهما بمبلغ 134 جنيهاً و631 مليماً ورأسماله الحقيقي المستثمر بمبلغ 639 جنيهاً و493 مليماً، ولم يقبل المطعون عليهما هذه التقديرات وأحيل الخلاف على لجنة الطعن التي أصدرت قرارها في 28/ 3/ 1956 بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع: أولاً - باعتماد الشركة الفعلية بين عثمان عطية بدر بحق 10 ط وبين ورثة المرحوم إبراهيم الدمياطي بحق 14 ط كل بحسب نصيبه الشرعي وهم نبيل ونبيلة وفريال وعبد الحميد والسعيد والسيد وحسن وعزت باعتبارهم متضامنين وباقي الورثة باعتبارهم موصين وذلك بالنسبة لمنشأة المنصورة في المطحن والمضرب ومصنع الثلج وكذلك الشأن بالنسبة لماكينة طحين كفر الأمير بحق 8 ط لعثمان عطية بدر، 16 ط للورثة المذكورين. ثانياً - باعتماد شركة التوصية الفعلية بين الورثة المشار إليهم كل بحسب نصيبه الشرعي بالنسبة لماكينتي طلخا وتمي الأمديد. ثالثاً - باتخاذ الأرباح المقدرة للمنشأة في سنة 1947 عن نشاطها في المطحن والمضرب والثلج بالمنصورة وذلك بمبلغ 3120 ج ورأس المال الحقيقي المستثمر لمبلغ 8040 ج أساساً لربط الضريبة في سنة 1949 تطبيقاً للمرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 واتخاذ الأرباح المقدرة للمنشأة في سنة 1947 بمبلغ 35 ج عن ماكينة الطحين بناحية كفر الأمير أساساً لربط الضريبة في سنة 1949 تطبيقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 واتخاذ الأرباح المقدرة لورثة المرحوم إبراهيم الدمياطي عن ماكينتي طلخا وتمي الأمديد في سنة 1947 بمبلغ 160 ج ورأس المال الحقيقي المستثمر بمبلغ 665 ج أساساً لربط الضريبة في سنة 1949 تطبيقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952. وأقامت مصلحة الضرائب الدعوى رقم 72 لسنة 1956 تجاري المنصورة الابتدائية بطلب إلغاء هذا القرار واعتماد تقديرات المأمورية، وبتاريخ 20/ 2/ 1957 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد قرار اللجنة المطعون فيه مع إلزام مصلحة الضرائب المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها وقيد هذا الاستئناف برقم 10 تجاري سنة 10 ق. وبتاريخ 26/ 5/ 1958 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بصفته المصاريف الاستئنافية وخمسمائة قرش أتعاباً للمحاماة وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريقة النقض للسببين الواردين بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهما يبديا دفاعاً وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت نقض الحكم للسبب الأول.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه اتخذ أرباح المنشأة في سنة 1947 أساساً لربط الضريبة في سنة 1949 استناداً إلى ما ذهب إليه من أن تغيير صفة بعض الشركاء من شركاء متضامنين إلى شركاه موصين في السنة الأخيرة لا يعتبر تغييراً للشكل القانوني للمنشأة في نطاق تطبيق المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 وهو خطأ ومخالفة للقانون لأن الشكل القانوني لشركة التضامن يختلف عن الشكل القانوني لشركة التوصية فضلاً عن أن أرباح الشريك المتضامن تخضع برمتها للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية وتربط الضريبة باسمه شخصياً بينما يخضع المبلغ الموزع من أرباح الشريك الموصى للضريبة على القيم المنقولة وتربط الضريبة على حصته باسم الشركة، ومن ثم فإن تغيير صفة الشريك من شريك متضامن إلى شريك موصى يجعل منه ممولاً آخر بحيث لا يجوز اتخاذ الأرباح المقدرة عليه أساساً لربط الضريبة على غيره.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 يفترض وحدة الممول في سنة القياس وفي السنوات المقيسة، وإذ كان تحويل الشركة من شركة تضامن إلى شركة توصية على الوجه الذي استظهره قرار اللجنة ينبني عليه - من الناحية الضريبية - تغيير المركز القانوني للشركاء الموصين - دون الشركاء المتضامنين، وكان الحكم المطعون فيه قد أعمل أحكام المرسوم بقانون سالف الذكر على الشركاء الموصين - أو الذين اعتبروا كذلك - فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه اعتبر المطعون عليهما من الممولين الخاضعين لربط الضريبة بطريق التقدير في سنة 1947 في حين أن مصلحة الضرائب اعتمدت دفاتر المنشأة في تلك السنة وأخذت بنتيجتها، والتعديلات التي أجرتها عليها لا تمس أمانتها إذ هي لا تخرج عن تعديل نسبة الاستهلاك ورد الإكراميات للربح، ومن ثم فإن حسابات المنشأة في سنة 1947 تعتبر منتظمة وفي اتخاذ أرباح هذه السنة أساساً لربط الضريبة في سنة 1949 خطأ ومخالفة لأحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أنه "بالرجوع إلى مذكرة تقدير المأمورية لأرباح المطعون ضدهما في سنة 1949 والمؤرخة 29/ 1/ 1955 يبين أن كل ما كان يمسكه المطعون ضدهما من دفاتر في سنة 1947 خاص بالمنشآت الكائنة بالمنصورة فقط دون المنشآت الكائنة بكفر الأمير وطلخا وتمي الأمديد والتي تمت بشأنها المحاسبة في سنة الأساس بطريق التقدير" وأن "الثابت من تلك المذكرة ومحضر فحص الدفاتر المودع بالملف الفردي أن كل ما كان يمسكانه من دفاتر مجرد دفترين أحدهما دفتر يومية زفرة لقيد حركة نشاط ماكينة الطحين وماكينة ضرب الأرز ثابت بهما كمية الأرز المضروبة يومياً وأجرة المضرب وإيراد المطحن شهراً بشهر وكذلك المصروفات الشهرية بصفة إجمالية عن المطحن والمضروب ووابور الثلج معاً وأن هذا الدفتر غير مسجل ويبدأ من 1/ 11/ 1947 وينتهي في 31/ 7/ 1951 أما الدفتر الثاني فهو يومية زفرة لقيد إيرادات بيع الثلج ويبدأ في يوليه سنة 1937 وينتهي في آخر سنة 1953 ومخصص لكل شهر صحيفة مثبت بها الثلج والعدد المباع قرينة دون بيان أو توضيح وفي نهاية الشهر يجمع عدد المباع ويخصم منه الإكراميات ويضرب الباقي في ثمن الوحدة لاستخراج ثمن البيع الإجمالي أما بالنسبة للمستندات فقد ورد بتلك المذكرة أن المنشأة تحتفظ بأغلبية مستندات المصروفات الأساسية لعملية الطحن ولا توجد مستندات إطلاقاً لعمليتي ضرب الأرز وصناعة الثلج وانتهت المذكرة إلى أن الدفاتر بهذه الحال لا تخرج عن كونها مسودات لتسوية الحساب بين الشريكين المطعون ضدهما على ما هو موضح في نهاية كل سنة الأمر الذي رأت معه المأمورية أنه لا مناص من إطراحها والوقوف عند حد الاسترشاد بها بالنسبة للبيانات المؤيدة بالمستندات" وأنه "إذا كانت المأمورية قد ذهبت في دفاعها إلى القول بأنها اعتمدت الدفاتر الخاصة بالمنشأة الكائنة بالمنصورة بعد إجراء بعض تعديلات في رد مرتبات الشركاء إلى الأرباح وتعديل حساب القيمة الإيجارية والاستهلاك طبقاً للقانون ورد إكراميات الثلج لحساب إيراد الثلج مقررة مع ذلك أن هذه التعديلات قانونية بحتة لا تهدر هذه الدفاتر فإن هذا القول يرد عليه أمران أولاً: - أن اعتماد المأمورية لإجمالي بعض الأرقام من واقع الدفاتر بالرغم من عدم تأييدها بكامل المستندات لا يتضمن إقراراً من جانب المأمورية بقانونية تلك الدفاتر وكل ما يمكن القول به أن المأمورية قد استرشدت بهذه الدفاتر وصادفت هذه الأرقام الإجمالية قبولاً لديها عند إجراء التقدير بالطريق الجزافي مثل الدفاتر في ذلك مثل الإقرار الذي يقدمه الممول غير مؤيد بمستند ما فتنتهي المأمورية بعد الفحص بطرقها إلى اعتماده من الناحية الإجمالية - وثانياً - إن المأمورية أجرت بشأن هذه الدفاتر تعديلات موضوعية جوهرية وهي رد إكراميات الثلج لحساب إيراد الثلج وتعديل فئات الاستهلاك والتي تعتبر عنصراً من عناصر المصروفات المكون لصافي الربح وهذه التعديلات تمس أمانة الدفاتر من الناحية الموضوعية ولا يمكن معها القول - كما قالت المأمورية - إنها مجرد تعديلات قانونية" ومن هذا الذي أورده الحكم يبين أن دفاتر المنشأة في سنة 1947 لم تكن شاملة لجميع أوجه نشاطها وأن القيود الواردة فيها إجمالية وبعضها غير مؤيد بالمستندات ولا تخرج عن كونها مسودات لتسوية الحساب بين الشريكين وقد أجرت فيها المأمورية تعديلات جوهرية تمس أمانتها وهي تقريرات موضوعية سائغة يجوز معها اعتبار دفاتر المنشأة وحساباتها غير منتظمة ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.

الطعن 451 لسنة 29 ق جلسة 19 / 11 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 156 ص 1050

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1964

برياسة السيد/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.

----------------

(156)
الطعن رقم 451 لسنة 29 القضائية

(أ) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "تقرير التلخيص"
جواز الاستدلال من الحكم وحده على تلاوة تقرير التلخيص.
(ب) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". "قطع التقادم". إثبات. "تقدير الدليل". محكمة الموضوع.
دلالة الورقة الصادرة من المدين في اعترافه بالدين وأثر ذلك في قطع التقادم. مسألة موضوعية.
(جـ) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". "قطع التقادم".
الإقرار القاطع للتقادم. شرطه، أن يكون كاشفاً عن نية المدين في الاعتراف بالدين. مثال.
(د) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". "قطع التقادم".
قطع التقادم بتدخل الدائن في الدعوى. شرطه، تمسكه فيها بحقه في مواجهة المدين.
(هـ) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". "قطع التقادم".
المطالبة أمام القضاء المستعجل بتسليم صورة تنفيذية من السند التنفيذي. لا أثر لها في انقطاع سير التقادم.
(و) وارث. "تمثيل الوارث لباقي الورثة". تجزئة. "أحوال عدم التجزئة". التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". تركة.
انفصال التركة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة. للدائنين عليها حق عيني بمعنى أنهم يتقاضون ديونهم منها قبل أن يؤول شيء منها للورثة. دفع المطالب الموجهة إلى التركة في شخص الورثة، عدم قابليته للتجزئة. يكفي أن يبديه بعض الورثة ليستفيد منه البعض الآخر. تمسك بعضهم بالتقادم. استفادة الورثة الآخرين الذين لم يشتركوا في الدعوى من الحكم بسقوط الحق.
(ز) إثبات. "طرق الإثبات". "الإقرار". التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". "قطع التقادم". وارث.
إقرار الوارث حجة قاصرة على المقر. لا يترتب عليه قطع التقادم بالنسبة للورثة الآخرين.
(ح) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". "وقف التقادم".
وقف التقادم. عدم احتساب المدة التي وقف سير التقادم خلالها ضمن مدة التقادم. إضافة المدة السابقة إلى المدة اللاحقة.

---------------
1 - متى كان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه أن تقرير التلخيص قد تلي، وكان يجوز الاستدلال من الحكم وحده على حصول هذه التلاوة، فإن النعي على الحكم بالبطلان لعدم تحرير تقرير بالتلخيص وتلاوته يكون على غير أساس من الواقع (1).
2 - بيان دلالة الورقة الصادرة من المدين في اعترافه بالدين محل النزاع وفيما يترتب على ذلك من الأثر في قطع التقادم هو من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض.
3 - يشترط في الإقرار القاطع للتقادم أن يكون كاشفاً عن نية المدين في الاعتراف بالدين. فإذا كانت محكمة الاستئناف قد اعتبرت ما احتواه طلب التسوية من خلط بين الديون ومن القول في أكثر من موضع أن الديون مسددة وميتة - اعتبرت هذا لبساً وغموضاً في الإقرار يجعله غير كاشف عن نية المدين في الاعتراف بالدين وهو ما يلزم توافره في الإقرار القاطع للتقادم، فإن هذا التعليل السائغ يكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه ويكون النعي عليه بالقصور على غير أساس.
4 - يشترط لانقطاع التقادم بتدخل الدائن في دعوى أن يتمسك فيها بحقه في مواجهة المدين.
5 - المطالبة أمام القضاء المستعجل بتسليم صورة تنفيذية من السند التنفيذي وإن كانت تمهد للتنفيذ إلا أنه لا يستنتج منها المطالبة الصريحة بالحق المهدد بالسقوط ولا تنصب على أصل الحق، إذ هي تعالج صعوبة تقوم في سبيل صاحب الحق الذي فقد سنده التنفيذي فلا أثر لها في انقطاع سير التقادم.
6 - ورثة المدين - باعتبارهم شركاء في تركته كل منهم يحسب نصيبه - إذا أبدى واحد منهم دفاعاً مؤثراً في الحق المدعى به على التركة كان في إبدائه نائباً عن الباقين فيستفيدون منه، وذلك لأن التركة منفصلة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة وللدائنين على حق عيني بمعنى أنهم يتقاضون منها ديونهم قبل أن يؤول شيء منها للورثة وبصرف النظر عن نصيب كل منهم منها. وعلى هذا الاعتبار يكون دفع المطالب الموجهة إلى التركة في شخص الورثة غير قابل للتجزئة ويكفي أن يبديه البعض ليستفيد منه البعض الآخر. فإذا تمسك بعض الورثة في دعوى مرفوعة منهم بطلب براءة ذمة مورثهم من دين عليه بسقوط هذا الدين بالتقادم فإنهم يكونون في إبداء هذا الدفع نائبين عن باقي الورثة الذين لم يشتركوا في الدعوى ويفيد من الحكم بسقوط الدين بالتقادم الورثة الآخرون الذين لم يشتركوا في الدعوى (2).
7 - إقرار الوارث حجة قاصرة على المقر، ومن ثم فلا يترتب عليه قطع التقادم بالنسبة للورثة الآخرين (3).
8 - القاعدة الصحيحة في احتساب مدة التقادم ألا تحسب المدة التي وقف سيره في خلالها ضمن مدة التقادم وإنما تعتبر المدة السابقة على الوقف معلقة حتى يزول سبب الوقف فإذا زال يعود سريان المدة وتضاف المدة السابقة إلى المدة اللاحقة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن المرحوم عبد الرحمن قرقوره مورث المطعون عليهم التسعة الأول كان مديناً لمحل تجارة عبد المنعم الديب وشركاه بمبلغ 10000 ج بعقد رسمي صادر في 27 أكتوبر سنة 1926 بتأمين عقاري 347 ف بزمام شرنوب بحيرة - وقد أقامت شركة محمد حنفي وأنجاله لتجارة الأقطان بسداد هذا الدين للدائن السابق وحلت محله في الدين وملحقاته وتأميناته بعقد حلول رسمي في 11 يونيو سنة 1928 كما حرر المدين للشركة في ذات التاريخ سنداً بهذا المبلغ - واستمر التعامل بين المورث وشركة حفني في تجارة الأقطان والبذرة - وتحرر بينهما في 22 سبتمبر سنة 1928 عقد رسمي بفتح اعتماد للمورث بمبلغ 10000 ج أخرى مؤمنة برهن على 341 ف أخرى نص فيه على أن يدفع هذا المبلغ على دفعات نظير توريد أقطان وبذرة، وأن أقصى ميعاد للاستحقاق هو 30 إبريل سنة 1929، وذكر في العقد المبالغ المضمونة بهذا الرهن الثاني وأنها العشرة آلاف جنيه التي فتح بها الاعتماد بالإضافة إلى عشرة الآلاف الأولى موضوع عقد الحلول والسند المحررين في 11 يونيه سنة 1928، وأن دين شركة حفني المضمون بهذا الرهن غير قابل للتجزئة ويمكن طلبه بالكامل من كل ورثته أو ممن يحل محل الشيخ عبد الرحمن قرقوره، وقد أسفر رصيد حساب هذا العقد الثاني عن مديونية مورث المطعون عليهم لشركة حفني بمبلغ 6115 ج و256 م حرر به المورث سنداً تاريخه 27 أغسطس سنة 1929، ولما حل موسم أقطان سنة 1929 فتحت شركة حفني للمورث اعتماداً آخر بحساب جار في حدود مبلغ 4000 ج نظير توريد أقطان وذلك بعقد رسمي في 29 أغسطس سنة 1929 وبتأمين عقاري 689 ف هو مجموع ما رهن من أطيان في العقدين السابقين، وبموجب هذا العقد الأخير وجهت شركة حفني في 20 مايو سنة 1939 تنبيهاً إلى المورث بنزع ملكية 689 ف وفاء لمبلغ 9147 ج وهو أصل الدين المترتب على العقد الرسمي الأخير بفتح الاعتماد مع فوائده وملحقاته، وعارض المدين في التنبيه في الدعوى رقم 394 سنة 1939 مدني الإسكندرية، وأثناء نظر المعارضة حلت بشركة حفني ضائقة مالية أعجزتها عن الوفاء بديونها لبنك مصر فاستصدر هذا حكماً في 23 سبتمبر سنة 1939 في القضية رقم 457 سنة 1939 تجاري الإسكندرية بإشهار إفلاسها وعين الطاعن السيد/ محسن الغريانى وكيلاً للدائنين وقد حل محله في الطعن الحالي بعد وفاته السيد/ توفيق علي، وبسبب إفلاس الدائنين أوقف نظر المعارضة في التنبيه، وعجلها ورثة قرقوره بعد ذلك فقضي فيها بندب خبير لفحص دفاتر شركة حفني الموجودة لدى السنديك، وقدم هذا الخبير تقريره موضحاً به الديون الثلاثة على الوجه الأتي: 1 - دين المبلغ 10000 ج حرر به سند وعقد رسمي بالحلول في 11 يونيه سنة 1928 يضمنه 347 ف ولم يسدد منه شيء 2 - دين مبلغ 6115 ج الرصيد المدين للعقد الرسمي بفتح الاعتماد المؤرخ 22 سبتمبر سنة 1928 وحرر به سند ويضمنه 339 ف أخرى بشرنوب بيعت في 8 يونيه سنة 1932 وفاء لدين الشركة العقارية المصرية التي كان لها تسجيل سابق.
3 - وبالنسبة للدين الثالث موضوع عقد فتح الاعتماد الرسمي مبلغ 4000 ج والمؤرخ 29 أغسطس سنة 1929 والمؤمن برهن 686 ف هو مجموع ما رهن في العقدين السابقين - تبين من فحص دفاتر الدائن (شركة حفني) أن هذا الدين وملحقاته قد سدد بالكامل وزيادة 539 ج و678 م خصم من المطلوبات الأخرى المستحقة على ورثة قرقورة ومقدارها 16115 ج وبناء على هذا التقرير قضى في المعارضة في 3 يونيه سنة 1946 بإلغاء التنبيه، وبعد أن قام السنديك على تفليسة أنجال حفني هو الآخر بفحص ديون التفليسة المترتبة في ذمة ورثة قرقورة - وهي لا تخرج عما أظهره الخبير السالف ذكره - تقدم له عبد الحميد قرقورة المطعون عليه الأول بطلب مؤرخ في 7 أكتوبر سنة 1940 طلب فيه تسوية ديون والده نظير قيامه بوصفه وارثاً بدفع مبلغ 350 ج للتفليسة مقابل تحويله بجميع هذه الديون التي لا يرجى تحصيلها - واستطلع السنديك رأى بنك مصر دائن التفليسة فوافق على إجرائها بعد أن تبين له من تقرير الخبير الذي ندبه أن الباقي من الأطيان المؤمنة هو 347 ف تقدر قيمتها بمبلغ 20820 ج بواقع الفدان 60 ج ولا يغطي ثمنها الديون السابقة في التسجيل على ديون التفليسة - وقدم السنديك تقريره إلى مأمور التفليسة بالموافقة على إجراء التسوية, وأوضح في تقريره أن ديون التفليسة بلغت 15575 ج من ذلك العشرة الآلاف الأولى موضوع عقد الحلول والباقي هو الرصيد المدين لعقد فتح الاعتماد الصادر في 22 سبتمبر سنة 1929، وقد صدر قرار مأمور التفليسة في 28 ديسمبر 1940 بالموافقة على التسوية وتكليف وكيل الدائنين بإجرائها وإيداع المبلغ على ذمة التفليسة، وسرعان ما أبرم السنديك التسوية في 31 ديسمبر سنة 1940 مع المطعون عليه الأول بعقد أسماه عقد بيع دين مضمون برهن - وما كادت تعقد هذه التسوية حتى قام عبد الحميد قرقوره بتوقيع الحجز التنفيذي في 3 فبراير سنة 1941 ضد باقي الورثة على المواشي والمحاصيل والآلات الزراعية وفاء لمبلغ 5000 جنيه من أصل المطلوب، إلا أن بعض ورثة قرقوره عملوا على إحباط هذه التسوية بعرض تسويات أخرى عن هذه الديون علي زكي حفني أحد المفلسين، وعابوا على التسوية التي تقدم بها عبد الحميد قرقوره ما لابسها من الغش والصورية، كما أن المفلسين أنجال حفني لم يرتضوا هذه التسوية، وتقدموا بالشكوى إلى مأمور التفليسة وكشفوا عن عيوبها، فأحال مأمور التفليسة الأمر بقرار منه إلى المحكمة التجارية التي أصدرت حكمها في 24 مايو سنة 1941 ببطلان التسوية وبتكليف السنديك بالسير في إجراءات التفليسة وتأيد هذا الحكم استئنافياً في 26 إبريل سنة 1945 - وأثناء هذه المراحل اتخذ بنك التسليف الزراعي العقاري إجراءات نزع الملكية على الـ 347 ف المؤمنة له برهن مسجل في الدرجة الأولى والباقية في تركة قرقورة - في الدعوى رقم 384 سنة 1942 كلي الإسكندرية - وحضر في هذه الدعوى المفلسون أنجال حفني بجلسة 27 أكتوبر سنة 1942 وطلبوا قبولهم خصوماً في الدعوى لأنهم من أرباب الديون المسجلة - وأصدرت المحكمة حكمها في تلك الجلسة بقبول ورثة محمد حفني خصوماً في الدعوى وبنزع ملكية المدعى عليهم (ورثة قرقورة) من أل 347 ف وفاء لمبلغ 27121 ج والمصاريف والمستجد من الفوائد بثمن أساسي قدره 60000 ج وإحالة القضية على قاضي البيوع - وقد تحدد للبيع بعد ذلك جلسة 5 فبراير سنة 1946 وفيها طلب أنجال حفني إجراء البيع باعتبارهم من أرباب الديون المسجلة وعارض الحاضر عن ورثة قرقورة في إجراء البيع لأن الديون متنازع في قيامها وطالب أنجال حفني بتقديم مستندات هذه الديون وقد شطبت الدعوى البيع بتلك الجلسة بناء على طلب بنك التسليف العقاري - ولما كان السنديك يعوزه الأوراق والسندات التنفيذية والتي تؤيد ديون التفليسة - والتي كان قد سلمها من قبل إلى عبد الحميد قرقوره عند إبرام التسوية معه وأبى عليه هذا الأخير أن يردها - فقد أقام الدعوى رقم 160 سنة 1946 مستعجل الإسكندرية طالباً الحكم له بصفة مستعجلة بتسليمه صورة تنفيذية من العقدين الثاني والثالث مع وضع أل 347 ف تحت الحراسة القضائية - وقضى فيها بتاريخ 6 إبريل سنة 1946 بتسليم صورة تنفيذية من العقدين الرسميين المشار إليهما ورفض دعوى الحراسة - ولما استخرج السنديك الصور التنفيذية. وتبين له أنها لا تشمل الدين الأول موضوع عقد الحلول رفع دعوى أخرى رقم 831 سنة 1947 مستعجل الإسكندرية ضد ورثة قرقورة بتسليمه صورة تنفيذية من ذلك العقد وقضى له بذلك في 20 أكتوبر سنة 1947 - وخشي الورثة المذكورون من هذه الإجراءات وما تمهد به لتنفيذ عقد الحلول - فأقاموا الدعوى الابتدائية رقم 1204 سنة 1948 كلي الإسكندرية بصحيفة معلنة في 26 و28 أغسطس سنة 1947 ضد الطاعن طلبوا فيها الحكم بسقوط الحق في مطالبتهم بملغ 10000 ج وملحقاته المحولة للمفلسين أنجال حفني بموجب عقد الحلول وبراءة ذمتهم من هذا البيع وشطب التسجيلات المتوقعة بموجبه على 347 ف المملوكة لمورثهم - وتدخل بنك مصر الطاعن الثاني في هذه الدعوى بوصفه دائن التفليسة كما تدخل فيها زكي ومحمد زكريا حفني من المفلسين - وركن ورثة قرقوره في دعواهم إلى أنه قد مضى أكثر من خمسة عشر سنة هجرية على استحقاق هذا الدين في 30 إبريل سنة 1929 حتى تاريخ إعلانهم من السنديك بنزع ملكيتهم في 19 أغسطس سنة 1948 - وقد أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في 25 مارس سنة 1952 برفض الدعوى - واستأنف ورثة قرقوره هذا الحكم بالاستئناف رقم 218 سنة 8 ق الإسكندرية - وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 6 يونيه سنة 1959 بإلغاء الحكم المستأنف وسقوط حق محل أنجال حفني في استيفاء الدين المقرر في عقد 11 يونيه سنة 1928 وما يتبعه من فوائد مع إلزامهم بالمصروفات عن الدرجتين وقد طعن السنديك وبنك مصر في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 5 يوليه سنة 1959 وأبدت النيابة رأيها بمذكرة طلبت فيها نقض الحكم - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على وجهة نظرها وقررت دائرة الفحص بجلسة 22 يناير سنة 1963 إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية - وقد تحدد أخيراً لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 22 أكتوبر سنة 1964 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على تسعة أسباب ينعى الطاعنان في السبب التاسع منها على الحكم المطعون فيه بطلانه لأنه لم يحرر تقرير بالتلخيص في الاستئناف وبالتالي لم تحصل تلاوته.
وحيث إنه لما كان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه أن تقرير التلخيص قد تلي - وكان يجوز الاستدلال من الحكم وحده على حصول هذه التلاوة فإن النعي يكون على غير أساس من الواقع.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في الأسباب الثاني والثالث والرابع والسادس والسابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور - وذلك فيما انتهى إليه من عدم اعتبار الأمور الخمسة الآتية قاطعة للتقادم: الأول - تمسك الطاعن الأول بأن عبد الحميد قرقوره المطعون عليه الأول قد اعترف صراحة بقيام الدين موضوع النزاع بالطلب المقدم منه في 7 أكتوبر سنة 1940 للطاعن الأول عارضاً فيه التنازل عن جميع ديون التفليسة قبل والده بما فيها الدين محل النزاع في مقابل 350 ج وأن الحكم الابتدائي قد رتب على الطلب انقطاع سير التقادم ولكن الحكم المطعون فيه ألغى هذا القضاء بمقولة إن الطلب المذكور وعقد بيع الديون الذي أبرمه السنديك لم يشيرا إلى عقد الحلول الصادر في 11 يونيه سنة 1928 وهذا يخالف الثابت بالأوراق - ذلك أن الطاعن قد تناول الديون الثلاث بما في ذلك الدين الأول محل النزاع بل خصصه بإحالته على تقرير السنديك وتلخيص ما فيه، وهذا التقرير شامل لديون التفليسة البالغ رصيدها 15575 ج هذا فضلاً عن أن قرار مأمور التفليسة قد أمر بإجراء التسوية من جميع الديون ولم يخصص الدينين الثاني والثالث. كما أقر المطعون عليه الأول في المذكرة المقدمة منه لمحكمة الاستئناف في قضية النزاع على بطلان التسوية بأنه عرض على أنجال حفني شراءه لديون التفليسة ومقدارها 15575 ج وأن تحول إلى اسمه خاصة - وأشار إلى ذلك قرار مأمور التفليسة الصادر في 28 ديسمبر سنة 1940 وحكم المحكمة التجارية القاضي بإلغاء التسوية. وقد جاء بعقد البيع المبرم في 31 ديسمبر سنة 1940 أن البيع شامل لجميع الديون وملحقاتها وأن قرار مأمور التفليسة متمم للعقد - وقد تضمن هذا البيع أن للمشتري حق مطالبة الورثة بالديون الثابتة بعقدي الرهن والسندات الإذنية - والدين محل النزاع يدخل في ذلك بداهة لأنه ثابت بسند إذني بمبلغ عشرة آلاف جنيه. ثانياً - كذلك تمسك الطاعن الأول باعتراف عبد الفتاح قرقورة بالدين في العرض الذي عرضه علي زكي حفني أحد المفلسين في سنة 1940 بأن تحول إليه ديون التفليسة مقابل 700 ج وقد اعتبر الحكم الابتدائي هذا الإجراء قاطعاً للتقادم. ولكن الحكم المطعون فيه ألغى هذا القضاء دون أن يرد على أسباب الحكم الابتدائي أن يبين وجهة نظره مما يجعله باطلاً لخلوه من التسبيب. ثالثاً - تمسك الطاعن الأول بالاعتراف الصادر من محمد عبد الرحمن قرقوره وعبد الفتاح قرقوره في خطابهما المؤرخ 10 يناير سنة 1941 إلى زكي حفني وقد حصلت المحكمة الابتدائية أن هذا الخطاب قاطع التقادم لأن محرريه قد أعلنا رغبتهما في وجوب سداد دين والدهما على أسس صحيحة في التقدير. وأنهما يقصدان بذلك الدين الأول لأن الدينين الآخرين كانا قد تصفيا قبل ذلك ولكن الحكم المطعون فيه قد ألغى هذا القضاء تأسيساً على أنه لم يرد بهذا الخطاب ذكر للدين المدعي بتقادمه ولا يستفاد منه الاعتراف بهذا الدين موضوع عقد الحلول الصادر في 11 يونيه سنة 1928 وما ذكره الحكم في هذا الخصوص لا يصلح رداً على ما جاء بالحكم الابتدائي فضلاً عن مخالفته للثابت بالأوراق. رابعاً - تدخل الدائنون أنجال حفني في دعوى نزع الملكية رقم 384 سنة 1942 كلي الإسكندرية منضمين إلى البنك العقاري في طلباته بجلسة 27 أكتوبر سنة 1942 وطلبوا تعديل الثمن الأساسي لأنهم من أرباب الديون المسجلة التي تلي دين البنك كما تدخل السنديك أمام قاضي البيوع بجلسة 5 فبراير سنة 1946 ولما شطبت الدعوى في تلك الجلسة قرر في قلم الكتاب بحلوله في إجراءات البيع محل البنك العقاري، ومن المقرر أن تدخل الدائن في دعوى مطروحة على القضاء وتمسكه فيها بحقه يقوم مقام المطالبة القضائية وينقطع به التقادم متى ظهر بوضوح نية صاحب الحق في التمسك بحقه المهدد بالسقوط - وقد رتب الطاعنان على هذا التدخل انقطاع التقادم قبل ورثة قرقوره - ولم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فهو مخالف للقانون. خامساً - تمسك الطاعنان لدى محكمة الموضوع بأن الطاعن الأول أقم الدعوى رقم 831 سنة 1947 مستعجل الإسكندرية - في 26 يناير سنة 1947 ضد ورثة قرقوره بطلب تسليمه صورة تنفيذية من عقد الحلول المؤرخ 11 يونيه سنة 1928 للتنفيذ بها عليهم وتمسك فيها بدينه وأن هذه مطالبة قضائية قاطعة للتقادم. وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري وأهدر حكم القانون - ذلك أن الدعاوى التي ترفع إلى القضاء المستعجل ولا تقطع التقادم هي التي ترمي إلى اتخاذ إجراءات تحفظية أو تدابير وقتية. أما غيرها من الدعاوى المستعجلة فشأنها شأن الدعاوى التي ترفع إلى قاضي الموضوع. وتعتبر الطلبات الموضوعية في دعوى مستعجلة مرفوعة أمام محكمة غير مختصة مما يترتب عليه قطع التقادم.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول - ذلك أن الطلب الذي قدمه المطعون عليه الأول إلى السنديك في 7 أكتوبر سنة 1940 جاء فيه "أن محل تجارة حفني يداين والدي ببعض مبالغ عمل عن أحدها وقدره 10000 ج عقد رهن عن 338 ف في سبتمبر سنة 1928 وتحرر بعد ذلك سند على المدين بمبلغ 6000 ج وكسور وأخيراً فتح حساب جار بمبلغ 4000 ج مضمون برهن في أغسطس سنة 1929 عن الأطيان السابق رهنها وأطيان أخرى مساحتها 347 ف وقد شرع أنجال حفني في اتخاذ إجراءات نزع ملكية الـ 347 ف وعارض والدي في هذا التنبيه في القضية 457 سنة 1939 كلي الإسكندرية وأوقفت المعارضة لإشهار إفلاس أنجال حفني - وبما أنه بعد أن استلمتم تركة المفلسين ودفاترهم وفحصتم حساباتهم قدمتم عدة تقارير ورد في أحدها أن شركة حفني كانت قد دفعت عن والدي 10000 ج بموجب كمبيالة إلى خلفاء الديب وعمل بالمبلغ رهنية بحساب جار - وقد اشتغل والدي مع محل أنجال حفني وتصفى حسابه فكانت النتيجة أن والدي يداينه بمبلغ 500 ج بعد سداد مبلغ الـ 4000 ج التي فتح له بها حساب جار برهنية جديدة - وخصمت الخمسمائة جنيه من أصل حساب المدين في محل حفني - وأوقف السير في دعوى المعارضة - نتيجتها الرفض - وبما أنه قد ورد في تقارير أخرى مقدمة في قضية الإفلاس أنه ثابت من فحص دفاتر المحل أن الحساب الجاري مسدد كذلك، وأن أولاد حفني تنازلوا فيما بينهم عن الفوائد المستحقة لهم واستنزلوه من أصل ما كانوا يستحقونه - وبما أن الأطيان التي كانت مرهونة من أجل الـ 10000 ج قد نزعت ملكيتها ورسا مزادها على الشركة العقارية في 8 يونيه سنة 1932 أي أن المبلغ الذي كانت مرهونة من أجله تلك الأطيان أصبح بدون تأمين - وبما أنه ثابت من التقارير المودعة في قضية الإفلاس والدفاتر التي تحت يدكم أن مبلغ الـ 4000 ج قد تسددت هي الأخرى وأن مبلغ 500 ج قد فاض من ذلك الحساب - وخصم من أصل الديون المستحقة لأنجال حفني - وبما أن ال 347 ف الضامنة لمبلغ ال40000 ج كان قد سبق رهنها لصالح الشركة العقارية التي حل محلها بنك التسليف العقاري مقابل 28000 ج وفوائدها - أي أن ثمن الأطيان لا يفي بسداد دين صاحب حق الامتياز الأول لأن الفوائد لا تساوي من الثمن أكثر من 60 ج - وبما أنه يتضح من ذلك أن الديون قد تسددت وأنه على فرض وجود البعض منها فإنها ديون ميتة - وبما أنه إبراء لذمة المدين بعد وفاته فمن المهم أن يثبت ذلك فعلاً وبصفة قاطعة - وبصفتي أحد الورثة فإني على استعداد لدفع مبلغ 350 ج للتفليسة مقابل تحويلي لجميع الديون التي تحررت عنها سندات أو عقود رهن بعد موافقة مأمور التفليسة - وقد تناولت محكمة الاستئناف أثر هذا الطلب على انقطاع التقادم فقالت "إنه يبين أن طلب التسوية لم يشمل عقد 11 يونيه سنة 1928 وإنما انصب على عقدي 22 سبتمبر سنة 1928 و29 سبتمبر سنة 1929 وهو ما فهمه وكيل الدائنين وما تقدم به إلى مأمور التفليسة وما صدر به قراره وما نفذه وكيل الدائنين وما قصده عبد الحميد أما القول بأنه ورد في عقد البيع أن من حق المشتري المطالبة بالدين بموجب عقدي الرهن والسندات الإذنية. وأن الإشارة إلى السندات الإذنية يتضمن عقد 11 يونيه سنة 1928 لأنه محرر به سند إذني فهو قول غير مقبول لأن المقصود بالسند الإذني هو السند الذي تحرر به المبلغ الذي تصفى به عقد 22 سبتمبر سنة 1928 بمبلغ 6115 ج و526 م وأمر هذه التصفية وتحرير سند بهذا المبلغ مسلم بهما من الخصوم وليس أدل على ذلك من أن وكيل الدائنين لم يسلم إلى المشتري سوى هذين العقدين ولذلك عندما حكم ابتدائياً ببطلان التسوية أقام دعوى مستعجلة بطلب تسليمه صورة تنفيذية من كل من العقدين على أساس أنه سلمهما إلى المشتري الذي رفض إعادتهما إليه. ولم يرفع الدعوى رقم 381 سنة 1947 مستعجل إسكندرية بطلب صورة تنفيذية من عقد 11 يونيه سنة 1928 إلا بعد أن تبين له أنه غير موجود في أوراق التفليسة وحيث إنه لكل هذا لا يكون للاعتراف المنسوب إلى عبد الحميد قرقوره وجود في الأوراق لأن الإقرار القاطع للتقادم يجب أن يكون خالياً من اللبس وبصورة لا غموض فيها وتكشف عن نية المدين في الاعتراف بالدين وهو أمر منعدم في هذه الدعوى" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وإن كان فيه مخالفة للثابت في الأوراق لأن عبارة الطلب تشير إلى عقد 22 سبتمبر سنة 1928 الذي اشتملت نصوصه على اعتراف بالدين السابق عليه موضوع عقد الحلول ومقداره 10000 ج ولأن هذا الطلب أحال على تقرير السنديك الذي حدد الديون الباقية للتفليسة في ذمة ورثة قرقورة بمبلغ 15575 ج إلا أن هذه المخالفة غير مؤثرة في صحة النتيجة التي انتهى إليها الحكم في هذا الخصوص - ذلك أن دلالة هذا الطلب في اعتراف المطعون عليه الأول بالدين محل النزاع وفيما يترتب عليه من الأثر في قطع التقادم هو من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض - ولما كانت محكمة الاستئناف قد اعتبرت ما احتواه هذا الطلب من خلط بين الديون الثلاثة وبين القول في أكثر من موضع منه بأن الديون مسددة وميتة - اعتبرت هذا لبساً وغموضاً في الإقرار يجعله غير كاشف عن نية المدين في الاعتراف بالدين وهو ما يلزم توافره في الإقرار القاطع للتقادم - فإن هذا التعليل السائغ يكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه ويكون النعي عليه بالقصور في هذا الخصوص على غير أساس - والنعي مردود في شقه الثاني أن الحكم المطعون فيه قد تناول هذا الطلب ورد عليه بأن الإقرار المدعى به لا وجود له بالأوراق وبالتالي لا يمكن الاستدلال منه على ما يريده الطاعنان - وهذا الذي قرره الحكم يعتبر رداً كافياً - وفي خصوص الشق الثالث من النعي فهو مردود بأن الخطاب المشار إليه في سبب النعي قد وجهه محمد وعبد الفتاح قرقوره إلى زكي حفني أحد المفلسين يقولان فيه إنهما علما أن بنك مصر يريد بيع دين التفليسة قبل مورثهما وأن الخبير الذي ندبه لتقدير ثمن الـ 347 ف قدرها بأقل من قيمتها ولم يقم بمعاينتها وأن عقد الإيجار المحرر عنها هو عقد صوري وأنهما يقرران هذه الحقيقة إبراء لذمة والدهما وقد تناولت محكمة الاستئناف دلالة هذا الخطاب فقالت" أما القول بأنهما أرادا بخطابهما عقد 11 يونيه سنة 1928 لأنه في تاريخ كتابته كان قد ثبت أن دين عقد 22 سبتمبر سنة 1928 وعقد 29 أغسطس سنة 1929 كانا قد تصفيا على أساس أن الدين الأول رصيده 6000 ج وكسور وأن الدين الثاني تسدد بزيادة 500 ج كما هو ظاهر من دعوى المعارضة في التنبيه. فإن هذا القول لا يصلح أساساً لتقرير أن محمد وعبد الفتاح اعترفا بين 11 يونيه سنة 1928 لأنه لا شأن لهما بملف التفليسة والاطلاع على تقرير السنديك. كما أن المعارضة في تنبيه نزع الملكية الخاص بعقد فتح الاعتماد المؤرخ 29 أغسطس سنة 1929 كانت لا تزال منظورة وقضى فيها بندب خبير لبحث ما إذا كانت قيمته قد تسددت أم لا. ثم قضى فيها في سنة 1946 بإلغاء التنبيه على أساس أن ذمة المورث بريئة من ذلك العقد - وقد اشتمل هذا التنبيه على نزع ملكية 347 ف وهي الأطيان التي كانت محلاً لتقدير ثمنها - واعترض محمد وعبد الفتاح قرقوره على تقدير الثمن في خطابيهما" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه في نفي دلالة خطاب 10 يناير سنة 1941 على قطع التقادم هو استخلاص موضوعي سائغ تستقل به محكمة الموضوع على ما سلف بيانه في معالجة الشق الأول - أما الشق الرابع من هذا النعي فمردود بأنه يشترط لانقطاع التقادم بتدخل الدائن في دعوى أن يتمسك فيها بحقه في مواجهة المدين - وإذ كان الثابت من مطالعة محضر جلسة 27 أكتوبر سنة 1942 في قضية نزع الملكية رقم 384 سنة 1942 الإسكندرية التي تدخل فيها أنجال حفني وصدر فيها الحكم بقبول تدخلهم وبنزع الملكية أن ورثة قرقوره لم يحضروا هذه الجلسة، فلا يكون من شأن هذا التدخل قطع التقادم، وبالتالي يكون النعي على الحكم بالقصور لإغفاله بحث أثر هذا التدخل في قطع التقادم غير منتج - والنعي مردود في شقه الأخير بأن المطالبة أمام القضاء المستعجل بتسليم صورة تنفيذية من عقد الحلول وإن كانت تمهد للتنفيذ إلا أنه لا يستنتج منها المطالبة الصريحة بالحق المهدد بالسقوط ولا تنصب على أصل الحق، إذ هي كما قال الحكم المستعجل الذي صدر بتسليم الصورة التنفيذية من ذلك العقد تعالج صعوبة تقوم في سبيل صاحب الحق الذي فقد سنده التنفيذي فلا أثر لها في انقطاع سير التقادم. ومن ثم فلا تثريب على محكمة الاستئناف إذ هي لم تتناول أثر هذه الدعوى المستعجلة على سير التقادم.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السببين الأول والخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور ذلك أن الطاعن الأول تمسك في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف أن الدين الأول موضوع عقد الحلول المؤرخ 11 يونيه سنة 1928 والدين الثاني كل لا يقبل التجزئة طبقاً لما ينص عليه البند 16 من العقد الثاني المؤرخ 22 سبتمبر سنة 1928 ولما كان الدين الثاني لا نزاع عليه من الطرفين فإن قيامه يمنع من سقوط الدين الأول تحقيقاً لأثر عدم قابلية الدينين للتجزئة وقد أطرح الحكم هذا الدفاع وقضى بسقوط الدين الأول جميعه من قيام الدين الثاني ورغم أن الدفع بسقوط الدين الأول لم يبد إلا من بعض ورثة قرقوره فلا يجوز أن يفيد منه إلا من دفع به، وقد تمسك الطاعنان بأن إقرارات الأخوة الثلاثة أولاد قرقوره بالدين يتعدى أثرها في قطع التقادم إلى باقي الورثة إعمالاً لآثار الالتزام غير القابل للانقسام - فيقطع التقادم بالنسبة للورثة جميعاً - وقد ذهب الحكم الابتدائي إلى أن الإقرارات الصادرة من بعض الورثة لا يتعدى أثرها المقرين بها فخالف بذلك قاعدة عدم قابلية الدين للانقسام التي نص عليها عقد 22 سبتمبر سنة 1928.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الدين الثاني قد تصفى باتفاق الطرفين وتحرر به سند مستقل برصيد الحساب الجاري في 27 أغسطس سنة 1929 ومفاد ذلك أن الحكم قد اعتبر أن العقد الثاني المؤرخ 22 سبتمبر سنة 1928 لم يفقد الدينين استقلالهما ونفي أن الدينين كل لا يقبل التجزئة - ومردود في شقه الثاني بأن ورثة المدين - باعتبارهم شركاء في تركته كل منهم بحسب نصيبه إذا أبدى واحد منهم دفاعاً مؤثراً في الحق المدعى به على التركة كان في إبدائه نائباً عن الباقين فيستفيدون منه، وذلك لأن التركة منفصلة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة، وللدائنين عليها حق عيني بمعنى أنهم يتقاضون منها ديونهم قبل أن يؤول شيء منها للورثة، وبصرف النظر عن نصيب كل منهم منها. وعلى هذا الاعتبار يكون دفع المطالب الموجهة إلى التركة في شخص الورثة غير قابل للتجزئة ويكفي أن يبديه البعض ليستفيد منه البعض الآخر من الورثة فإذا ما تمسك المطعون عليهم التسعة الأول بسقوط دين مورثهم بالتقادم فإنهم يكونون في إبداء هذا الدفع نائبين عن باقي الورثة الذين لم يشتركوا في الدعوى ويفيد من الحكم الصادر بسقوط الدين بالتقادم الورثة الآخرون الذين لم يشتركوا في الدعوى على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أما ما يثيره الطاعنان من أن إقرارات الإخوة الثلاثة أولاد قرقوره يتعدى أثرها في قطع التقادم إلى باقي الورثة إعمالاً لآثار الالتزام غير القابل للانقسام فمردود بأنه فضلاً عن أن إقرار الوارث حجة قاصرة على المقر - لا يترتب عليه قطع التقادم بالنسبة للورثة الآخرين طبقاً لما جرى به قضاء هذه المحكمة فإن الحكم المطعون فيه قد نفي دلالة الإقرارات المنسوبة إلى الإخوة الثلاثة على انقطاع سير التقادم كما سلف البيان فلم تكن به حاجة لمعالجة أثر هذه الإقرارات في قطع التقادم بالنسبة لباقي الورثة. ويكون النعي على الحكم الابتدائي فيما ذهب إليه مخالفاً لهذا النظر غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الثامن على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق ذلك أنه فضلاً عن أن التقادم قد انقطع فإنه قد وقف ابتداء من 7 أكتوبر سنة 1940 وهو تاريخ طلب التسوية من المطعون عليه الأول أو على الأقل من 28 ديسمبر سنة 1940 تاريخ صدور قرار مأمور التفليسة بالموافقة عليها - حتى 26/ 4/ 1945 تاريخ صدور الحكم الاستئنافي ببطلان التسوية - وذلك لاستحالة المطالبة بالدين موضوع النزاع في هذه الفترة - وقد أخذ الحكم الابتدائي بهذا النظر ولكن الحكم المطعون فيه ألغى هذا القضاء بمقولة إن ذلك أصبح غير ذي موضوع بعد أن رأى أن طلب التسوية والعقد الذي تحرر به لا يتناولان عقد الحلول الصادر في 11 يونيه سنة 1928 ولا شأن للنزاع الذي أثير حول التسوية بهذا الدين. فخالف بذلك الثابت في طلب التسوية من اعتراف بالدين محل النزاع.
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك أن التقادم في ظل القانون المدني القديم الذي يحكم واقعة النزاع هو خمسة عشر سنة هجرية تبدأ من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 30 إبريل سنة 1929 وتنتهي في 26 نوفمبر سنة 1943 وهو ما لم ينازع فيه أحد من الطرفين - وقد أخطأ الحكم الابتدائي في احتساب مدة الوقف التي استحال فيها على الطاعن الأول المطالبة بالدين. وقال إنها أربع سنوات وشهر وأربعة أيام بدأت في 22 مارس سنة 1941 تاريخ إحالة مأمور التفليسة موضوع التسوية على المحكمة التجارية وانتهت في 26 إبريل سنة 1945 تاريخ الحكم النهائي الصادر بعدم الموافقة على التسوية - فإذا أضيفت مدة الوقف بعد استئناف سير التقادم فإن الدين لا يتقادم لأن ميعاد سقوط في أول يونيه سنة 1949 يجئ تالياً لانقطاع التقادم الحاصل بإعلان تنبيه نزع الملكية إلى ورثة قرقوره في 19 أغسطس 1948 - ولما كانت القاعدة الصحيحة ألا تحسب المدة التي وقف سير التقادم في خلالها ضمن مدة التقادم وإنما تعتبر المدة السابقة على الوقف معلقة حتى يزول سبب الوقف، فإذا زال يعود سريان المدة وتضاف المدة السابقة إلى المدة اللاحقة. وبتطبيق هذه القاعدة يستأنف التقادم سيره من 26 إبريل سنة 1945 حتى يكتمل بإضافة المدة التي كانت باقية في التقادم قبل وقفه وهي 980 يوماً. وبذلك يكتمل التقادم في نهاية سنة 1947 - ويكتمل كذلك قبل إعلان تنبيه نزع الملكية على أساس ما جاء في سبب النعي من أن التقادم قد وقف ابتداء من 7 أكتوبر سنة 1940 تاريخ طلب التسوية أو من 28 ديسمبر سنة 1940 تاريخ صدور قرار مأمور التفليسة بالموافقة عليها - لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت في الأوراق يكون غير منتج لأنه سواء تعلقت التسوية بعقد الحلول الصادر في 11 يونيه سنة 1928 أو لم تتعلق به فإن وقف التقادم لم يؤثر في الحالين على اكتمال التقادم ولا يمتنع معه سقوط الدين.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 2/ 5/ 1962 طعن 87 س 28 ق السنة 14 ص 631.
(2) راجع نقض 6/ 2/ 1964 طعن 91 س 29 ق السنة 15 ص 199، 7/ 6/ 1962 طعن 495 س 26 ق السنة 13 ص 774.
(3) راجع نقض 7/ 6/ 1962 طعن 495 س 26 ق السنة 13 ص 774.

الطعن 8 لسنة 30 ق جلسة 12 / 11 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 155 ص 1045

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد.

---------------

(155)
الطعن رقم 8 لسنة 30 القضائية

(أ) إثبات. "تقدير الدليل". محكمة الموضوع. نقض. "أسباب الطعن" "أسباب واقعية".
إقامة محكمة الموضوع قضاءها على ما استنبطته من أدلة اطمأنت إليها. كون هذه الأدلة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي استخلصتها منها المحكمة. تقدير كفايتها أو عدم كفايتها في الإقناع مسألة موضوعية لا دخل لمحكمة النقض فيها.
(ب) حكم. "تسبيب الأحكام". "كفاية التسبيب".
إقامة المحكمة الحقيقة الواقعية التي استخلصتها على ما يقيمها. لا يلزمها تتبع كل حجة للخصم والرد عليها استقلالاً.

--------------
1 - إذا كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما استنبطته من أدلة اطمأنت إليها، وكان من شأن هذه الأدلة أن تؤدي إلى النتيجة التي استخلصتها المحكمة، فإن تقدير كفاية تلك الأدلة أو عدم كفايتها في الإقناع من شأن محكمة الموضوع ولا دخل لمحكمة النقض فيه (1).
2 - متى كانت المحكمة قد أقامت الحقيقة الواقعية التي استخلصتها على ما يقيمها فإنها لا تكون بعد ملزمة بأن تتعقب كل حجة للخصم وترد عليها استقلالاً لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعنين رفعوا على المطعون ضدهم الدعوى رقم 118 سنة 1959 كلي أمام محكمة المنصورة الابتدائية طالبين الحكم بثبوت ملكيتهم للمائة وخمسين جوالاً من الأرز المحجوز عليها لصالح بنك التسليف المطعون ضده الأول وتسليمها إليه ورفع الحجز الموقع عليها واعتباره كأن لم يكن قائلين في تبيان دعواهم إنه بموجب عقد مؤرخ في 7 من يوليه سنة 1952 وثابت التاريخ في 13 منه أجر الطاعن الأول والمرحوم الأستاذ يوسف عبد اللطيف مورثه ومورث باقي الطاعنين إلى المطعون ضده الأخير وآخرين متضامنين أربعة وأربعين فداناً وعشرة قراريط واثني عشر سهماً مقابل التزامهم بإيجار عيني قدره ست وعشرون ضريبة من الأرز الياباني واثنان وعشرون قنطاراً وخمسة وعشرون رطلاً من القطن الكرنك على أن يكون تسليم هذا الإيجار في شهر سبتمبر من كل سنة. وأنه بموجب عقد آخر مبرم بين مورثهم المرحوم الأستاذ يوسف عبد اللطيف وبين المطعون ضده الأخير ومؤرخ في 12/ 3/ 1957 استأجر الأخير أثنين وستين فداناً وأحد عشر قيراطاً وثمانية عشر سهماً من أطيانها مقابل إيجار عيني قدره خمس وثلاثون ضريبة واثنا عشر قنطاراً واثنان وستون رطلاً من الأرز وثلاثون قنطاراً وسبعة وستون رطلاً من القطن الكرنك ومبلغ من النقود قدره أربعة وأربعون جنيهاً على أن يكون التسليم في سبتمبر من كل سنة - كما أنه بموجب عقد ثالث مؤرخ في 12/ 3/ 1957 ومحرر بين الطاعن الأول وبين المطعون ضده الأخير استأجر الأخر اثنين وستين فداناً وأحد عشر قيراطاً وثمانية عشر سهماً مقابل إيجار عيني قدره خمس وثلاثون ضريبة واثنا عشر قنطاراً وأربعة وستون رطلاً من الأرز وخمسة وثلاثون قنطاراً وسبعة وستون رطلاً من القطن الكرنك ومبلغ أربعة وأربعون جنيهاً على أن يكون التسليم في سبتمبر من كل عام وتنفيذاً لهذه العقود الثلاثة وفي أول نوفمبر سنة 1958 قام المطعون ضده الأخير بتسليم الطاعنين ثمان وستين ضريبة من الأرز معبأة في سبعمائة وخمسين جوالاً خصماً من مطلوبهم وعمل عنها علم وزن ووضعت جميعها في جرن المؤجرين وحرر بناء على ذلك ورقتا محاسبة الأولى بين المطعون ضده الأخير والأستاذ مصطفى عبد اللطيف والثانية بين المطعون ضده الأخير وبين ورثة المرحوم يوسف عبد اللطيف أقر فيها الملاك باستلام الأرز المنوه عنه مع احتفاظهم بحقهم قبل المستأجر فيما هو متأخر لديه من الإيجار إلا أنه بتاريخ 14 من ديسمبر سنة 1958 أوقع بنك التسليف الزراعي التعاوني حجزاً إدارياً على مائة وخمسين جوالاً من الأرز على زعم أنها مملوكة للمطعون عليه الأخير مع أنها ملك لهم مما حدا بهم إلى رفع هذه الدعوى طالبين الحكم لهم بالطلبات المذكورة وبتاريخ 30 من يونيه سنة 1959 قضت محكمة المنصورة الابتدائية بثبوت ملكية الطاعنين للأرز المحجوز عليه ورفع الحجز الموقع عليه واعتباره كأن لم يكن. استأنف بنك التسليف هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 218 سنة 11 ق مدني - ومحكمة استئناف المنصورة قضت في 7/ 12/ 1959 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى - طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفساد الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن ملكيتهم للأرز المحجوز عليه ثابتة من العقود الثلاثة المنوه عنها فيما تضمنته من إيجار عيني وبما نص عليه في هذه العقود من أنه محظور على المستأجر أخذ أو نقل أي شيء من المحصول الناتج من الأطيان قبل حصول المالك على جميع حقوقه وقد تأيد ذلك بتسليم المستأجر الطاعنين كمية من الأرز عمل عنها علم وزن وفاء لما التزم به بموجب هذه العقود وقد وضعت تلك الكمية في جرن الطاعنين وتحت حراسة خفرائهم وتمت المحاسبة بعد ذلك بينهم وبين المستأجر مشروطة باحتفاظهم قبله بما بقى من الإيجار ورغم تمسكهم بهذا الدفاع الجوهري المؤيد بالمستندات الحاسمة فإن الحكم المطعون فيه لم يعن بالرد عليه مما يعيبه بالقصور - كما أنه حين قضى برفض الدعوى قد أقام قضاءه على قرائن تتمثل فيما حصله من أن الأرز المحجوز عليه كان معبأ في جوالات قدمها المستأجر وهي جوالات تخالف باقي الجوالات وأن ابن المدين هو الذي أرشد عن الحجز وأن أحداً لم ينقض قول المرشد ويرى الطاعنون أن هذه القرائن غير منتجة في خصوص النزاع إذ ليست العبرة بتعبئة الأرز الموجود في حوزة الطاعنين والناتج من الأطيان المؤجرة في أجولة خاصة أو غير ذلك من القرائن التي انساق إليها الحكم بل العبرة بثبوت استيفاء الملاك حقهم المقرر بمقتضى عقود الإيجار المنوه عنها فإذا كانوا قد استوفوا المقدار المتفق عليه كانت الزيادة بعد ذلك للمستأجر وجاز الحجز عليها وفاء لدين مستحق عليه وإلا فلا - وبذلك يكون الحكم قد شابه فساد الاستدلال - كما أنه إذا استند في نفي ملكية الطاعنين للأرز المحجوز عليه إلى أن أحداً لم ينقض قول المرشد وأن حق الطاعنين ينصب على الستمائة جوال التي لم يحجز عليها وأن علم الوزن قد فصل بين الستمائة جوال هذه وبين المائة والخمسين جوالاً المحجوز عليها يكون قد خالف الثابت في الأوراق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين دلل على ملكية المطعون ضده الأخير للأرز المحجوز عليه قرر ما يأتي "وبما أن الذي يثبت للمحكمة أن الأرز المحجوز عليه مملوك للمستأنف عليه الأخير (المطعون ضده الأخير) دون المستأنف عليهم الأربعة الأول (الطاعنين) للأسباب الآتية: أولاً - أنه لا جدال بين طرفي الخصومة في أن ذلك الأرز كان وقت الحجز معبأ في مائة وخمسين جوالاً ليست مملوكة للمؤجرين بينما الستمائة جوال الأخرى هي التي كانت معبأة في جوالات لهم. ثانياً - أن الصراف وشيخ الناحية عبد الفتاح شرف قد أجمعا على أن ابن المدين هو الذي دل على الأرز المحجوز عليه وأفصح عن ملكية أبيه إياه دون الأرز المعبأ في ستمائة جوال الأخرى وقد أبان الأولى أن أحداً من رجال الحفظ لم ينقض قول الرشد المذكور. ثالثاً - أن قول مسعد أحمد سيد أحمد بتسليمه المستأنف عليه الأخير "المطعون ضده الأخير" مائة وخمسين جوالاً لتعبئة الأرز توطئة لإبرام عقد البيع بينهما يظاهر ما قال به ابن المدين للصراف وشيخ البلد - كما يظاهر هذا وذاك ورقة الوزن المقدمة من المستأنف ضدهم الأربعة الأول أنفسهم (الطاعنين) فقد قسمت الأرز إلى قسمين أحدهما ستمائة بالة والأخرى مائة وخمسين ولو كان الأرز جميعاً لهم لما كان ثمة مبرر لهذا التقسيم الذي يطابق قول ابن المدين ويطابق ما شهد به لدى محكمة أول درجة شيخ البلد عبد الفتاح محمد طه من أن الأرز كان مقسماً إلى قسمين ووقع الحجز على أصغرهما" ويبين من ذلك أن محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما استنبطته من أدلة اطمأنت إليها في ثبوت ملكية المطعون ضده الأخير للأرز المحجوز عليه وإذ كان من شأن هذه الأدلة أن تؤدى إلى النتيجة التي استخلصتها منها المحكمة فإن تقدير كفايتها أو عدم كفايتها في الإقناع من شأن محكمة الموضوع ولا دخل لمحكمة النقض فيه - ومتى كانت المحكمة قد أقامت الحقيقة الواقعية التي استخلصتها على ما يقيمها فإنها لا تكون بعد ملزمة بأن تتعقب كل حجة للخصم وترد عليها استقلالاً لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال لا أساس له - وأما ما نعاه الطاعنون على الحكم من مخالفة الثابت في الأوراق حين نقل عن المحضر الإداري أن أحداً من رجال الحفظ لم ينقض قول المرشد فإن الطاعنين لم يقدموا هذا المحضر للتدليل على أن ما نقله عنه الحكم يخالف الثابت في الأوراق ومن ثم يكون نعيهم في هذا الخصوص عارياً عن الدليل - أما ما يقول به الطاعنون من أنه يبين من الحكم أن حق الملاك يتمثل فقط في الستمائة جوال مخالفاً بذلك الثابت في علم الوزن حيث جاء به أن السبعمائة وخمسين جوالاً تعادل ثمان وستين ضريبة وهي أقل مما هو مستحق له فمردود بأنه يبين من علم الوزن أن السبعمائة وخمسين جوالاً وردت به مقسمة إلى قسمين أحدهما ستمائة جوال والآخر مائة وخمسون جوالاً وإذ اتخذ الحكم من هذا التقسيم قرينة على أن الأجولة كلها ليست ملكاً للطاعنين ومضيفاً هذه القرينة إلى القرائن الأخرى التي استند إليها في إثبات ملكية الأرز المحجوز عليه للمطعون ضده الأخير فإنه لا يكون مخالفاً للثابت في الأوراق ولم يكن الحكم بعد أن دلل على ملكية المطعون ضده الأخير للأرز المحجوز عليه بحاجة إلى بحث ما إذا كان الطاعنون قد استوفوا كامل حقهم من الإيجار العيني أم لا إذ أن ذلك بحث لا يقتضيه المقام.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 2/ 1/ 1963 الطعن 23 س 30 ق، 10/ 4/ 1963 الطعن 4 س 32 ق السنة 14 ص 21، 515.
(2) راجع نقض 2/ 1/ 1963 الطعن رقم 23 س 30 ق السنة 14 ص 21.

الطعن 6 لسنة 30 ق جلسة 12 / 11 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 154 ص 1042

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

--------------

(154)
الطعن رقم 6 لسنة 30 القضائية

إعلان. "إعلان الشركة". استئناف. شركة.
جواز تسليم صورة الإعلان في الحالات المبينة في المادة 14 مرافعات إلى من ينوب عن أحد الأشخاص الوارد ذكرهم فيها. توجيه الاستئناف إلى ممثل الشركة وتسليم صورة الإعلان في مركز الشركة إلى أحد موظفيها بوصفة نائباً عنه. صحة الإعلان.

---------------
إن المشرع وإن كان قد نص في البند 4 من المادة 14 من قانون المرافعات على أنه فيما يتعلق بالشركات التجارية تسلم صورة الإعلان في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الإدارة أو المدير، فإن لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤلاء لشخصه أو في موطنه. إلا أنه أردف ذلك بما نص عليه في الفقرة الأخيرة من أنه "إذا امتنع من أعلنت له الورقة عن تسلم صورتها هو أو من ينوب عنه أو امتنع عن التوقيع عن أصلها بالاستلام أثبت المحضر ذلك في الأصل وسلم الصورة للنيابة" فدل بذلك على جواز تسليم صورة الإعلان في الحالات المبينة بهذه المادة إلى من ينوب عن أحد الأشخاص الوارد ذكرهم فيها. فإذا كان الثابت من ورقة إعلان الاستئناف أنه وجه إلى المستأنف عليه بصفته عضو مجلس الإدارة المنتدب للشركة وسلمت صورة الإعلان في مركز الشركة إلى الموظف المختص الذي لم ينكر أحد نيابته عن المستأنف عليه في استلام صورة الأوراق المعلنة إلى الشركة فإن إعلان الاستئناف إذ تم على هذا النحو يكون قد وقع صحيحاً (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى الابتدائية رقم 379 لسنة 1953 كلي الجيزة ضد المطعون عليه بصفته عضواً بمجلس إدارة شركة البيبسي كولا المنتدب طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 9325 جنيهاً و539 مليماً والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. وبتاريخ 22/ 11/ 1956 حكمت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى وألزمت الطاعن بالمصروفات. استأنف الطاعن هذا الحكم بعريضة قدمت لقلم كتاب محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 1200 سنة 75 ق مصر وفي 6/ 12/ 1958 أعلنت صحيفة الاستئناف وأثبت المحضر في ورقة الإعلان أنه أعلن المستأنف ضده بصفته عضو مجلس الإدارة المنتدب لشركة البيبسي كولا مع الموظف المختص "عبد التواب حسنين".
دفعت المطعون ضدها ببطلان إعلانها بالاستئناف تأسيساً على أن المادة 14/ 4 مرافعات توجب فيما يتعلق بالشركات التجارية تسليم صورة الإعلان في مركز الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الإدارة أو للمدير، ولما كان الذي تسلم صورة الإعلان ليس واحداً ممن نصت عليهم المادة 14/ 4 مرافعات فإن إعلان الاستئناف يكون باطلاً. وبتاريخ 5/ 12/ 1959 حكمت محكمة الاستئناف بقبول هذا الدفع وببطلان إعلان صحيفة الاستئناف الحاصل في 6/ 12/ 1958. وبتاريخ 4/ 1/ 1960 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى أنها ترى نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 28/ 5/ 1963 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه ببطلان إعلان صحيفة الاستئناف على أن إعلان الشركة المطعون ضدها يجب أن تسلم صورته طبقاً لنص الفقرة الرابعة من المادة 14 من قانون المرافعات إلى أحد ممثليها ممن ورد ذكرهم في تلك الفقرة وإذ كان الثابت من إعلان صحيفة الاستئناف أنه سلم لشخص غير من ورد ذكرهم في المادة المشار إليها فإن إعلان الاستئناف يكون باطلاً هذا في حين أن تلك المادة تجيز تسليم صورة الإعلان إلى من ورد ذكرهم بها أومن ينوب عنهم وإذا كان الموظف الذي استلم صورة الإعلان ينوب عن ممثلها في استلام صورته فإن الإعلان يكون صحيحاً. وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه هذا الإعلان باطلاً فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن المشرع وإن كان قد نص في البند (4) من المادة 14 من قانون المرافعات على أنه فيما يتعلق بالشركات التجارية تسلم صورة الإعلان في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الإدارة أو المدير فإن لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤلاء لشخصه أو في موطنه إلا أنه أردف ذلك بما نص عليه في الفقرة الأخيرة من أنه " إذا امتنع من أعلنت له الورقة عن تسلم صورتها هو أو من ينوب عنه أو امتنع عن التوقيع على أصلها بالاستلام أثبت المحضر ذلك في الأصل والصورة وسلم الصورة للنيابة" فدل بذلك على جواز تسليم صورة الإعلان في الحالات المبينة بهذه المادة إلى من ينوب عن أحد الأشخاص الوارد ذكرهم فيها ولما كان الثابت من ورقة إعلان الاستئناف أنه وجه إلى المستأنف عليه (المطعون ضده) بصفته عضو مجلس الإدارة المنتدب لشركة البيبسي وسلمت صورة الإعلان في مركز الشركة إلى الموظف المختص الذي لم ينكر أحد نيابته عن ضده في استلام صورة الأوراق المعلنة إلى الشركة فإن إعلان الاستئناف إذ تم على هذا النحو يكون قد وقع صحيحاً ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلانه قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


(1) راجع نقض 2/ 1/ 1964 الطعن رقم 310 س 28 ق السنة 15 ص 13.

الطعنان 523 ، 524 لسنة 29 ق جلسة 12 / 11 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 153 ص 1028

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

----------------

(153)
الطعنان رقما 523 و524 لسنة 29 القضائية

(أ) التزام. "آثار الالتزام". "التنفيذ بطريق التعويض". "الإعذار. عقد. تعويض.
الأصل في الإعذار أن يكون بإنذار المدين على يد محضر بالوفاء بالتزامه. يقوم مقام الإنذار كل ورقة رسمية يدعو فيها الدائن المدين إلى الوفاء بالتزامه ويسجل عليه التأخير في تنفيذه. لا يلزم فوق ذلك تهديده بالفسخ - الفسخ والتعويض كلاهما جزاء يرتبه القانون على تخلف المدين عن الوفاء بالتزامه في العقود الملزمة للجانبين وليس بلازم أن ينبه المدين إليهما قبل رفع الدعوى بطلب أيهما. البروتستو يعتبر إعذاراً.
(ب) بيع. "آثار عقد البيع". "التزام المشتري بدفع الثمن". التزام. "انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء". "التجديد".
عقد اتفاق بين المشتري والبائع بشأن تجديد التزامه بالوفاء بباقي الثمن واستبدال التزام جديد به يكون مصدره عقد قرض. تعليق هذا الاتفاق على شرط واقف هو قيام الأول برهن بعض أطيانه لصالح البائع ضماناً لوفائه بدين القرض. تخلف هذا الشرط بقيام المشتري برهن هذه الأطيان إلى أحد البنوك. زوال الالتزام الجديد وبقاء الالتزام القديم وهو التزام المشتري بدفع الثمن على أصله دون أن ينقضي. اعتبار التجديد كأن لم يكن.
(ج) حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما لا يعد كذلك".
قصور الحكم في أسبابه القانونية غير مبطل له ولمحكمة النقض أن تستوفي ما قصر الحكم فيه من هذه الأسباب.
(د) تأمينات عينية. الرهن الرسمي. "إنشاء الرهن". محكمة الموضوع. حكم. "تسبيب الأحكام". "كفاية التسبيب".
بقاء الرهن الصادر من المالك في حالة إبطال أو فسخ سند ملكيته قائماً لمصلحة الدائن المرتهن. شرطه، حسن نية الدائن. انتفاء حسن النية متى كان الدائن يعلم وقت إبرام الرهن أو كان في مقدوره أن يعلم بأن ملكية الراهن للعين المرهونة مهددة بالزوال لأي سبب - استخلاص سوء النية مسألة موضوعية، لا تخضع لرقابة محكمة النقض إلا من جهة مطابقة ذلك للتعريف القانوني لسوء النية. تضمين عقد البيع المسجل سند ملكية الراهن وجود متأخر من الثمن. استخلاص الحكم من ذلك أن المرتهن كان في مكنته أن يعلم بأن العقد مهدد بالزوال عن طريق الفسخ واعتباره المرتهن سيء النية. سلامته.
(هـ) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "الوفاء". "أوراق تجارية". شيك.
مجرد سحب الشيك لا يعتبر وفاء مبرئاً لذمة صاحبه. عدم انقضاء التزامه إلا بقيام المسحوب عليه بصرف قيمة الشيك للمستفيد.

--------------
1 - الإعذار هو وضع المدين وضع المتأخر في تنفيذ التزامه، وقد بينت المادة 219 من القانون المدني الإجراءات التي يتم بها الإعذار فنصت على أن "يكون إعذار المدين بإنذاره أو بما يقوم مقام الإنذار، ويجوز أن يتم الإعذار عن طريق البريد على الوجه المبين في قانون المرافعات". فالأصل في الإعذار أن يكون بإنذار المدين على يد محضر بالوفاء بالتزامه الذي تخلف عن تنفيذه، ويقوم مقام الإنذار كل ورقة رسمية يدعو فيها الدائن المدين إلى الوفاء بالتزامه ويسجل عليه التأخير في تنفيذه. ولا يتطلب القانون أن تتضمن الورقة فوق ذلك تهديد المدين بطلب فسخ العقد في حالة عدم وفائه بالتزامه، ذلك لأن الفسخ والتعويض كليهما جزاء يرتبه القانون على تخلف المدين عن الوفاء بالتزامه في العقود الملزمة للجانبين وليس بلازم أن ينبه المدين إليهما قبل رفع الدعوى بطلب أيهما وإذ كان بروتستو عدم الدفع ورقة رسمية يقوم بإعلانها المحضر إلى المدين في السند لإثبات امتناعه عن الدفع وقد نصت المادة 174 من قانون التجارة على أن يعمل هذا البروتستو على حسب الأصول المقررة فيما يتعلق بأوراق المحضرين كما تتطلب المادة 175 من هذا القانون أن تشتمل ورقة البروتستو على التنبيه الرسمي على المدين بدفع قيمة السند، فإن البروتستو يعتبر إعذاراً للمدين بالمعنى الذي يتطلبه القانون في الإعذار (1).
2 - إذا كان الاتفاق الذي عقد بين المشتري والبائع - بشأن تجديد التزامه بالوفاء بالباقي من الثمن واستبدال التزام جديد به يكون مصدره عقد قرض - معلقاً على شرط واقف هو قيام المشتري برهن قدر من أطيانه رهناً تأمينياً في المرتبة الأولى لصالح هذا البائع ضماناً لوفائه بدين القرض، وكان هذا الشرط قد تخلف بقيام هذا المشتري برهن هذه الأطيان ذاتها إلى أحد البنوك مما أصبح معه مؤكداً أن الأمر الذي علق الالتزام الجديد على وقوعه لن يقع فإنه يترتب على تخلف هذا الشرط الواقف زوال هذا الالتزام وبقاء الالتزام القديم - وهو التزام المشتري بدفع باقي الثمن - على أصله دون أن ينقضي واعتبار التجديد كأن لم يكن.
3 - قصور الحكم في أسبابه القانونية غير مبطل له ولمحكمة النقض أن تستوفي ما قصر الحكم فيه من هذه الأسباب.
4 - حسن النية الذي تقتضيه الحماية التي أضفاها المشرع في المادة 1034 من القانون المدني على الدائن المرتهن في حالة إبطال أو فسخ سند ملكية الراهن ينتفي متى كان هذا الدائن يعلم وقت إبرام الرهن أو كان في مقدوره أن يعلم بأن ملكية الراهن للعين المرهونة مهددة بالزوال لأي سبب من الأسباب. واستخلاص قاضي الموضوع لسوء النية لا يخضع لرقابة محكمة النقض إلا من جهة مطابقته للتعريف القانوني لسوء النية. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من تضمين عقد البيع المسجل - سند ملكية الراهن - وجود باق من الثمن قدره أربعة آلاف من الجنيهات لم يدفع - أن البنك المرتهن كان في مكنته أن يعلم بأن هذا العقد مهدد بالزوال عن طريق الفسخ إذا ما تخلف المشتري (الراهن) عن الوفاء بهذا المبلغ وأنه لذلك يعتبر البنك سيء النية غير جدير بالحماية المقررة في المادة 1034 من القانون المدني، فإن الحكم يكون قد أقام استخلاصه لسوء نية البنك المرتهن على أسباب من شأنها أن تؤدى عقلاً إلى ما انتهى إليه في هذا الخصوص.
5 - مجرد سحب الشيك لا يعتبر وفاء مبرئاً لذمة صاحبه إذ أن الالتزام المترتب في ذمته لا ينقضي إلا بقيام المسحوب عليه بصرف قيمة الشيك للمستفيد (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقريرين الذين تلاهما السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بمقتضى عقد بيع رسمي محرر بمكتب توثيق القاهرة في 17/ 5/ 1953 باع المطعون ضدهم الأربعة الأولون وآخر إلى محمد صبحي التاجي (رافع الطعن رقم 524) ومحمد أحمد عبد الله الغير مختصم في الطعنين مناصفة بين المشتريين 349 فداناً و21 قيراطاً و8 أسهم كائنة بناحية الجعفرية مركز أبي حماد منها 281 فداناً و9 قراريط و8 أسهم مباعة من المطعون ضدهم بثمن قدره 8441 جنيهاً و670 مليماً وذكر في العقد أن البائعين تسلموا الثمن نقداً عداً مبلغ أربعة آلاف جنيه من نصيب محمد صبحي التاجي حرر به الأخير في تاريخ العقد شيكاً على بنك القاهرة لأمر المطعون ضده الرابع وفي ذات تاريخ تحرير هذا العقد عقد اتفاق بين المطعون ضدهم الأربعة المذكورين وبين محمد صبحي التاجي تضمن قبول هؤلاء المطعون ضدهم أن يقرضوه مبلغ 4583 جنيهاً و200 مليم منه 4000 ج قيمة الباقي عليه من ثمن الأطيان التي اشتراها منهم بموجب عقد بيع آنف الذكر والمحرر به الشيك ونص في البند الثاني من ورقة هذا الاتفاق على أن الطرف الثاني محمد صبحي التاجي تعهد بالتوقيع على عقد القرض في ظرف خمسة عشر يوماً من تاريخ تحرير عقد البيع سالف الذكر - أي من 17 مايو سنة 1953 - وأنه ضماناً لسداد قيمة القرض وفوائده يرهن الطاعن المذكور لصالح المطعون ضدهم رهناً تأمينياً في المرتبة الأولى 174 فداناً و22 قيراطاً و16 سهماً التي اشتراها بموجب عقد البيع المتقدم الذكر وفي حالة امتناعه عن التوقيع على عقد الرهن في الأجل السالف بيانه يكون للمطعون ضدهم الحق في قبض قيمة الشيك المسحوب منه على بنك القاهرة بتاريخ 17/ 5/ 1953 وأنه بمجرد توقيعه على عقد الرهن يتعهد المطعون ضده الرابع المسحوب لأمره الشيك برده إليه واتبع ذلك بعبارة نصها "ومن المتفق عليه بين الطرفين أن يبقى الشيك المذكور تحت يد الخواجة جان فرحيان (المطعون ضده الرابع) حتى إتمام عقد الرهن بالشروط المبينة بهذا العقد". وحدث بعد ذلك أن تقدم المطعون ضدهم البائعون إلى مأمورية الشهر العقاري ببلبيس بطلب إعطائهم كشف تحديد عن العقارات المراد رهنها تمهيداً لإتمام عقد الرهن وشهره وقيد طلبهم هذا برقم 1030 سنة 1953 وقبل أن يحصلوا على هذا الكشف علموا بأن الطاعن محمد صبحي التاجي رهن ذات الأطيان التي تعهد برهنها لهم إلى البنك المصري العربي (رافع الطعن رقم 523) وذلك بموجب عقد رهن تأميني حرر بمكتب توثيق القاهرة في 22/ 12/ 1953 وأشهرت قائمته في 28 من الشهر المذكور برقم 7523 شرقية وأبرم هذا الرهن ضماناً لمبلغ 13260 جنيهاً اقترضه الراهن من البنك المرتهن وعلى أثر علم المطعون ضدهم بحصول هذا الرهن بادر رابعهم بتقديم الشيك إلى بنك القاهرة لصرف قيمته ولكن البنك أعاده إليه في 18/ 2/ 1954 طالباً الرجوع على الساحب فوجه حامل الشيك بتاريخ 24 من الشهر المذكور بروتستو عدم الدفع إلى ساحب الشيك والبنك المسحوب عليه ولما أجاب البنك بعدم وجود رصيد لديه للساحب أبلغ المطعون ضده الرابع النيابة ضد الطاعن لإعطائه شيكاً بدون رصيد، ثم رفع المطعون ضدهم الأربعة الأول الدعوى رقم 4790 سنة 1954 كلي أمام محكمة القاهرة الابتدائية واختصموا فيها السيد إبراهيم هاشم بصفته السنديك المعين في تفليسه محمد صبحي التاجي ومدير البنك المصري العربي والأمين العام للشهر العقاري وانتهوا في هذه الدعوى إلى طلب الحكم لهم - أولاً: بفسخ عقد البيع الرسمي المحرر بمكتب توثيق القاهرة في 17/ 5/ 1953 والمشهر في 2/ 11/ 1953 والمتضمن بيعهم إلى الطاعن محمد صبحي التاجي 140 ف و16 ط و16 س شيوعاً في 349 ف و21 ط و8 س المبينة بهذا العقد وإلزام هذا الطاعن بتسليم تلك الأطيان لهم. ثانياً - ببطلان عقد الرهن التأميني المحرر بمكتب توثيق القاهرة في 22/ 12/ 1953 والمشهرة قائمته في 28/ 12/ 1953 برقم 7523 وذلك بالنسبة إلى 140 ف و16 ط و16 س من الأطيان المرهونة بمقتضى هذا العقد والتأشير بشطب قيد الرهن على هذا القدر. وأسس المدعون فسخ عقد البيع على تخلف المشتري عن تنفيذه التزامه بدفع الثمن كما أسسوا طلب إبطال الرهن على أن البنك المرتهن كان سيء النية عند إبرام الرهن وبتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1957 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية بفسخ عقد البيع وبرفض طلب إبطال الرهن فاستأنف المطعون ضدهم الأربعة الأولون هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 455 سنة 76 ق طالبين إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلبهم الخاص بإبطال الرهن والحكم لهم بهذا الطلب وأثناء سير هذا الاستئناف رفع محمد صبحي التاجي استئنافاً فرعياً قيد برقم 565 سنة 76 ق طالباً القضاء ببطلان الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة تأسيساً على أن السنديك الذي صدر الحكم الابتدائي ضده بوصفه ممثلاً له قد زالت صفته في تمثيله قبل صدور ذلك الحكم حيث قضى استئنافياً بتاريخ 6/ 11/ 1956 بإلغاء الحكم الصادر بشهر إفلاسه كما طلب احتياطياً رفض الدعوى استناداً إلى القول بعدم إعذاره قبل طلب الفسخ وإلى أنه قد حصل استبدال لمبلغ الـ 4000 ج الباقي عليه من الثمن بتغيير مصدر هذا الدين - وبتاريخ 28 من نوفمبر سنة 1959 حكمت محكمة الاستئناف: أولاً - بقبول الاستئنافين شكلاً. ثانياً - ببطلان الحكم المستأنف واعتباره كأن لم يكن. ثالثاً - بفسخ عقد البيع الصادر من المستأنفين (المطعون عليهم) لصالح محمد صبحي التاجي والمحرر بمكتب توثيق القاهرة في 17/ 5/ 1953 برقم 5773. رابعاً - ببطلان عقد الرهن الصادر من محمد صبحي التاجي لصالح البنك المصري العربي بتاريخ 22/ 12/ 1953 والمشهرة قائمته في 28/ 12/ 1953 والتأشير بذلك وبفسخ البيع على هامش العقد المقضي بفسخه وبتاريخ 27/ 12/ 1959 طعن البنك المصري العربي في هذا الحكم بطريق النقض طالباً نقضه والحكم برفض الدعوى واحتياطياً بإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف للحكم فيها من جديد وقيد هذا الطعن بجدول هذه المحكمة برقم 523 سنة 29 ق كما طعن محمد صبحي التاجي بدوره وفي ذات التاريخ في الحكم طالباً نفس الطلبات وقيد طعنه برقم 524 سنة 29 ق، وقدمت النيابة العامة مذكرة في كل طعن انتهت فيها إلى أنها ترى رفضه وبتاريخ 7/ 4/ 1963 قررت دائرة الفحص إحالة الطعنين إلى هذه الدائرة وبجلسة 29/ 10/ 1964 المحددة لنظرهما قررت هذه المحكمة ضم الطعنين إلى بعضهما وتمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مبنى السبب الأول من سببي الطعن رقم 524 المرفوع من صبحي التاجي أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وذلك أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المادة 157 من القانون المدني تتطلب إعذار المدين قبل طلب فسخ العقد بسبب عدم وفائه بالتزامه وأنه إذ كان المطعون ضدهم طالبو الفسخ لم يقوموا بهذا الإجراء فإن طلبهم فسخ عقد البيع يكون غير مقبول، وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفاع ورد عليه بأن طالبي الفسخ قد قاموا بتوجيه بروتستو عدم الدفع إلى الطاعن وأن هذا البروتستو يعد إعذاراً بطلب سداد الباقي من الثمن، ويرى الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم خطأ في القانون ذلك أن الإعذار الذي تتطلبه المادة 157 سالفة الذكر يجب أن يشتمل على طلب الدين من المدين وإعذاره باستعمال حق الفسخ إذا ما تخلف عن السداد وهو الأمر الذي لا يتضمنه بروتستو عدم الدفع.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الإعذار هو وضع المدين وضع المتأخر في تنفيذ التزامه، وقد بينت المادة 219 من القانون المدني الإجراءات التي يتم بها الإعذار فنصت على أن "يكون إعذار المدين بإنذاره أو بما يقوم مقام الإنذار، ويجوز أن يتم الإعذار عن طريق البريد على الوجه المبين في قانون المرافعات" فالأصل في الإعذار أن يكون بإنذار المدين على يد محضر بالوفاء بالتزامه الذي تخلف عن تنفيذه ويقوم مقام الإنذار كل ورقة رسمية يدعو فيها الدائن المدين إلى الوفاء بالتزامه ويسجل عليه التأخير في تنفيذه، ولا يتطلب القانون - خلافاً كما يقول الطاعن أن تتضمن الورقة فوق ذلك تهديد المدين بطلب فسخ العقد في حالة عدم وفائه بالتزامه، ذلك لأن الفسخ والتعويض كليهما جزاء يرتبه القانون على تخلف المدين عن الوفاء بالتزامه في العقود الملزمة للجانبين وليس بلازم أن ينبه المدين إليهما قبل رفع الدعوى بطلب أيهما - لما كان ذلك، وكان بروتستو عدم الدفع ورقة رسمية يقوم بإعلانها المحضر إلى المدين في السند لإثبات امتناعه عن الدفع وقد نصت المادة 174 من قانون التجارة على أن يعمل هذا البروتستو على حسب الأصول المقررة فيما يتعلق بأوراق المحضرين كما تتطلب المادة 175 من هذا القانون أن تشتمل ورقة البروتستو على التنبيه الرسمي على المدين بدفع قيمة السند، فإن البروتستو يعتبر إعذاراً للمدين بالمعنى الذي يتطلبه القانون في الإعذار. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد سجل في تقريراته أن المطعون عليه الرابع وهو أحد البائعين قد وجه إلى الطاعن (المشتري) قبل رفع الدعوى بروتستو عدم الدفع لإثبات امتناعه عن الوفاء بباقي الثمن الذي كان محرراً به الشيك فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر هذا البروتستو إعذاراً للمدين بالوفاء بهذا المبلغ لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن مبنى السبب الثاني في الطعن رقم 524 والسبب الثالث في الطعن رقم 523 أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب، ذلك أن الطاعنين تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الاستئناف بأن الاتفاق الذي أبرم في يوم تحرير عقد البيع بين الطاعن صبحي التاجي والمطعون ضدهم البائعين له يتضمن تجديداً لدين الثمن الذي كان متبقياً في ذمة هذا الطاعن إذ يقضي هذا الاتفاق بأن يبقى هذا الدين في ذمته على سبيل القرض، وبذلك تغير مصدر التزامه بالباقي من الثمن وأصبح مصدره عقد قرض بعد أن كان عقد بيع وإذ تم التجديد على هذا النحو فإنه قد ترتب عليه طبقاً للمادة 356 من القانون المدني انقضاء الدين القديم بتوابعه ونشوء دين القرض مكانه، وبالتالي فلا يكون للمطعون ضدهم أن يطالبوا بفسخ عقد البيع استناداً إلى تخلف المشتري عن الوفاء بالتزامه بالثمن لأن هذا الالتزام قد انقضى بالتجديد، ويقول الطاعنان إنه على الرغم من أن الحكم المطعون فيه قد سلم في أسبابه بأنه كان ملحوظاً عند التعاقد أن الشيك لم يكن له رصيد مقابل وأن نية المتعاقدين قد انصرفت إلى عدم قبض قيمته وأن اتفاقاً جديداً تم على أن يقوم المطعون عليهم البائعون بإقراض المشتري الطاعن مبلغ الشيك إلا أن الحكم عاد ورفض دفاع الطاعنين بتجديد دين الثمن استناداً إلى ما قاله من أن تحرير الشيك لا يعد تجديداً للدين الأصلي وهو دين الثمن أو وفاء به وأن ما يطرأ من تعديلات على الالتزام من حيث قيمته أو أجله أو طريقة الدفع أو التأمينات لا يكفي لإحداث التجديد ويرى الطاعنان أن هذا الذي قرره الحكم لا يواجه الدفاع الذي أثاراه ولا يصلح رداً عليه ذلك أن الحكم قد توهم أن التجديد المدعى به منهما هو استبدال شيك بالثمن الأمر الذي لم يقل به أحد منهما إذ حقيقة ما تمسكا به إنما هو استبدال قرض مضمون برهن تأميني بدين الثمن المضمون بحق امتياز البائع - ويضيف الطاعنان أنه وإن كان استخلاص نية التجديد مما تستقل به محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروطاً بأن يكون استخلاصها سائغاً أما إذا كان غير متفق مع دلالات التعاقد والأوراق وكانت المحكمة لم تواجه دفاع الطاعنين ولم تتعرض لأثر عقد القرض العرفي المؤرخ 17/ 5/ 1953 على التزام ثانيهما (المشتري) بأداء الثمن فإن حكمها يكون قاصراً بما يبطله.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين تمسكا لدى محكمة الموضوع بأن التزام ثانيهما (صبحي التاجي) بأداء الباقي من الثمن والناشئ عن عقد البيع قد تجدد بالاتفاق بين هذا الطاعن والمطعون ضدهم البائعين له على بقاء هذا الدين في ذمته على سبيل القرض وأن هذا يقتضي انقضاء الالتزام الأصل وقد رد الحكم على هذا الدفاع بقوله "وحيث إنه من استقراء كل من عقدي البيع والاتفاق يبين في وضوح جزءاً كبيراً من الثمن لم يدفع إذ أن إصدار الشيك لا يفيد أن الثمن قد تسدد فعلاً وأن ذمة المشتري قد برئت منه، كما أن تحرير عقد الاتفاق لا يعتبر تجديداً للمدين ذلك أنه وإن كان مقرراً في القانون أن الشيك أداة وفاء وأنه يجرى مجرى النقود إلا أن هذا الرأي هو في خصوص تداول الشيك وأنه يستحق الدفع بمجرد الاطلاع تطبيقاً لأحكام القانون التجاري - أما في المعنى الصحيح للعرض والوفاء طبقاً لأحكام القانون المدني وقانون المرافعات فإنه لا يجوز اعتبار الشيك أداة وفاء إذ أن الوفاء لا يتم إلا بأداء الشيء المستحق أصلاً فإذا كان المستحق مبلغاً من المال فلا يجوز التمسك بالسداد بإعطاء شيك إلا إذا تم الصرف فعلاً وتسلم الدائن النقود المحرر بها الشيك وبهذا فقط يتم الوفاء المبرئ للذمة. فقبول الدائن التعامل بالشيك واستلامه من المدين لا يعد تجديداً للدين الأصلي أو وفاء به ولا يؤثر في طبيعة الدين الذي يبقى قائماً إلى حين الوفاء الفعلي، كما أن التعديلات التي تطرأ على الالتزام من حيث قيمته أو أجلة أو طريقة الدفع أو التأمينات لا تكفي لإحداث الاستبدال". وهذا الرد من الحكم وإن كان لا يواجه صميم دفاع الطاعنين آنف الذكر إلا أنه لما كان بفرض أن نية الطاعن والمطعون ضدهم البائعين له قد اتجهت إلى تجديد التزامه بالوفاء بالباقي من الثمن واستبدال التزام جديد به يكون مصدره عقد قرض فإنه يبين من الوقائع التي سجلها الحكم المطعون فيه أن هذا الالتزام الجديد لم ينشأ إذ أن اتفاق 17/ 5/ 1953 الذي عقد بين الطاعن المشتري وبين المطعون ضدهم البائعين له بشأن إنشاء هذا الالتزام كان معلقاً على شرط واقف هو قيام الأول برهن 174 فداناً و22 قيراطاً و16 سهماً من أطيانه رهناً تأمينياً في المرتبة الأولى لصالح هؤلاء البائعين ضماناً لوفائه بدين القرض، وإذ كان هذا الشرط قد تخلف بقيام هذا المشتري برهن هذه الأطيان ذاتها إلى البنك المصري العربي (رافع الطعن رقم 523) مما أصبح معه مؤكداً أن الأمر الذي علق الالتزام الجديد على وقوعه لن يقع فإنه يترتب على تخلف هذا الشرط الواقف زوال هذا الالتزام وبقاء الالتزام القديم - وهو التزام المشتري بدفع باقي الثمن على أصله دون أن ينقضي واعتبار التجديد كأن لم يكن لما كان ذلك، وكان قصور الحكم في أسبابه القانونية غير مبطل له ولمحكمة النقض أن تستوفي ما قصر الحكم فيه من هذه الأسباب فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في هذا الخصوص يكون غير منتج.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني في الطعن رقم 523 المرفوع من البنك المصري العربي أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله كما شابه قصور في التسبيب ذلك أن المادة 1034 من القانون المدني تقضى بأن يبقى قائماً لمصلحة الدائن المرتهن الرهن الصادر من المالك الذي تقرر إبطال سند ملكيته أو فسخه متى كان حسن النية - وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بإبطال الرهن على أن البنك الطاعن كان سيء النية وقت إبرام الرهن ودلل على ذلك بقوله أن المطلع على عقد البيع يستطيع في سهولة أن يتبين أن جزءاً كبيراً من الثمن وهو أربعة آلاف جنيه لم يسدد بعد وأنه لذلك فقد كان في مكنة البنك الطاعن أن يعلم بعدم سداد كامل الثمن وبأن عقد الرهن مهدد لهذا السبب بالفسخ ومن ثم يكون البنك مقصراً تقصيراً جسيماً وبالتالي سيء النية في حكم المادة 1034 سالفة الذكر - ويرى الطاعن أن استخلاص الحكم لسوء نيته على هذا النحو لا يمكن أن تؤدي إليه عقلاً الأوراق التي كانت مطروحة على محكمة الموضوع ذلك أنه قد نص صراحة في عقد البيع المسجل على أن المشتريين قد دفعا ثمن الأطيان المبيعة وعلى أن يعتبر توقيع البائعين على هذا العقد مخالصة نهائية بالثمن جميعه ولم يحتفظ البائعون في العقد بامتياز البائع، وإذ كان قد نص في هذا العقد على أن هناك مبلغ أربعة آلاف جنيه حرر به صبحي التاجي شيكاً على بنك القاهرة لأمر أحد البائعين فإن صياغة هذا النص تدل على أن البائعين قبلوا الدفع بهذه الطريقة وأنهم وثقوا في ذمة ساحب الشيك واعتبروا هذا الشيك بمثابة النقد تماماً ولذلك ذكروا في العقد ما يفيد أن هذا الشيك مبرئ لذمة صبحي التاجي من باقي الثمن ثم إن البنك قبل أن يبرم عقد القرض المؤمن بالرهن تقدم إلى الشهر العقاري بطلب كشف تحديد عن الأطيان المراد رهنها فجاء له الكشف خالياً من ثبوت أي حق عيني لأحد عليها ولو كان البائعون المطعون ضدهم قد احتفظوا لأنفسهم بامتياز البائع المقرر لهم قانوناً وشهروه أو رفعوا دعوى الفسخ في الوقت المناسب وسجلوا صحيفتها لظهر ذلك في الكشف المذكور، أما الاتفاق الذي عقده صبحي التاجي والمطعون ضدهم فيما بينهم في ذات تاريخ عقد البيع والذي تضمن أن مبلغ الأربعة آلاف جنيه الباقي من الثمن يبقى في ذمة المشتري على سبيل القرض فإن البنك الطاعن لم يكن طرفاً في هذا الاتفاق ولم يعلم به ولم يكن في مقدوره أن يعلم به وقت إبرام الرهن لأن هذا الاتفاق لم يشهر ولم يعلن عنه بأية طريقة من طرق الإعلان ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ استخلص أن البنك الطاعن كان يستطيع أن يعلم بالعيب الذي يشوب سند ملكية الراهن ورتب على ذلك أن الطاعن كان سيء النية وقت إبرام الرهن فإن استخلاصه هذا يكون غير سائغ وغير مقبول عقلاً ويضيف الطاعن أنه من المقرر فقهاً أن الدائن المرتهن يستحق الحماية التي أسبغها عليه القانون ولو كان اعتقاده الخاطئ باستقرار الملكية للراهن مبيناً على خطأ منه متى كان هذا الخطأ مغتفراً وأن مجرد علم الدائن المرتهن بعدم سداد الراهن كامل ثمن العين المرهونة لا يكفي بذاته لاعتبار هذا الدائن سيء النية في حكم المادة 1034 مدني لأن وجود باق من الثمن على العين المبيعة لا يعتبر عيباً يشوب عقد ملكية الراهن لأن القانون قد نظم حق البائع في اقتضاء الثمن وجعل له امتيازاً على العين المبيعة فإن فرط البائع في هذا الحق ولم يحتفظ به من العقد فيكون هو المقصر ولا يلومن إلا نفسه ولا يمكن نسبة أي تقصير في هذه الحالة إلى الدائن المرتهن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد ضمن أسبابه التي أقام عليها قضاءه بإبطال الرهن ما يأتي: "أن الثابت من الاطلاع على البند الثاني من عقد البيع الصادر من المستأنفين (المطعون ضدهم) للمستأنف عليه الأول (رافع الطعن رقم 524) أنه الثمن الإجمالي هو 8441 ج و670 م دفع منه 1500 ج عند التوقيع على العقد الابتدائي المؤرخ 4/ 7/ 1951 ودفع منه في مجلس العقد 2941 ج و670 م نقداً ومبلغ 4000 ج بموجب شيك رقم 13951 من حساب المستأنف عليه الأول في تاريخ التوقيع في العقد (17/ 5/ 1953) وفي نهاية هذا البند نص على أن البائعين يقرون بأنهم استلموا الثمن بأكمله نقداً عداً مبلغ 4000 ج بموجب شيك وهي من نصيب محمد صبحي التاجي أي أن المشتري الثاني محمد أحمد عبد الله قد دفع جميع نصيبه من الثمن نقداً بالكامل. وحيث إن هذا النص صريح في الدلالة على أن المستأنف عليه الأول صبحي التاجي قد بقى في ذمته مبلغ أربعة آلاف من الجنيهات حرر بها شيكاً في نفس يوم العقد وحيث إن المطلع على هذا العقد يستخلص فور الاطلاع أن الثمن لم يسدد جميعه وأنه تبقى منه مبلغ أربعة آلاف من الجنيهات في ذمة المستأنف عليه الأول لم يسدد بعد وإن كان حرر به شيكاً يستحق في نفس يوم تحرير العقد، وأن المتعاقدين عندما فصلوا طريقة دفع الثمن إنما كان تفصيلهم هو بيان لطريقة الوفاء فقط ولا يدل هذا التفصيل على أن الوفاء تم على النحو الذي يتطلبه القانون ويستتبع براءة ذمة المشتري طبقاً لما سلف بيانه" ثم أورد الحكم نص المادة 1034 من القانون المدني وقال "وحيث إن النزاع بين المستأنفين (الطاعنين) وبين المستأنف ضده الثاني (البنك) بشأن الرهن المعقود لمصلحة هذا الأخير يدور حول تفسير حسن نية الدائن المرتهن وقت إبرام عقد الرهن. وحيث إن فقهاء القانون قد أجمعوا على القول بأن المرتهن يعد سيء النية إذا كان في مقدوره أن يعلم بالعيب الذي يشوب سند الراهن ولو لم يعلم به بالفعل كما إذا كان الراهن مشترياً وذكر في عقد شرائه المسجل أنه لم يدفع كل الثمن إذ يقظة الرجل المعتاد تحتم على المرتهن الاطلاع على سند ملكية الراهن لمعرفة العيوب التي تشوبه فإن لم يفعل كان مقصراً تقصيراً جسيماً هو صنو لسوء النية. وحيث إنه متى تقرر هذا وتقرر أيضاً أن المطلع على عقد البيع محل هذه الدعوى يستطيع في سهولة أن يتبين أن جزءاً كبيراً من الثمن هو أربعة آلاف جنيه لم يسدد بعد، متى تقرر كل هذا فإنه كان في مكنة المستأنف عليه الثاني (البنك) أن يعلم بعدم سداد كامل الثمن ومن ثم وجب اعتباره مقصراً تقصيراً جسيماً ويكون بالتالي سيء النية في حكم المادة 1034 مدني ولا يتمتع بالحماية التي فرضها القانون في ظل هذه المادة ولما كان حسن النية الذي تقتضيه الحماية التي أضفاها المشرع في المادة 1034 من القانون المدني على الدائن المرتهن في حالة إبطال أو فسخ سند ملكية الراهن ينتفي متى كان هذا الدائن يعلم وقت إبرام الرهن أو كان في مقدوره أن يعلم بأن ملكية الراهن للعين المرهونة مهددة بالزوال لأي سبب من الأسباب فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب في تعريفه لسوء النية في حكم تلك المادة وإذ كان استخلاص قاضي الموضوع لسوء النية لا يخضع لرقابة محكمة النقض إلا من جهة مطابقته للتعريف القانوني لسوء النية وكان الحكم المطعون فيه إذ استخلص من تضمين عقد البيع المسجل سند ملكية الراهن - وجود باقي من الثمن قدره أربعة آلاف من الجنيهات لم يدفع أن البنك المرتهن كان في مكنته أن يعلم بأن هذا العقد مهدد بالزوال عن طريق الفسخ إذا ما تخلف المشتري (الراهن) عن الوفاء بهذا المبلغ وأنه لذلك يعتبر البنك سيء النية غير جدير بالحماية المقررة في المادة 1034 من القانون المدني، فإن الحكم يكون قد أقام استخلاصه لسوء نية البنك المرتهن على أسباب من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى ما انتهى إليه في هذا الخصوص. ولا يقدح في ذلك أن يكون قد نص في عقد البيع على أن المشتري الراهن قد سحب شيكاً لأمر البائعين له بالمبلغ الباقي من الثمن ذلك أن مجرد سحب الشيك لا يعتبر وفاء مبرئاً لذمة ساحبه إذ أن الالتزام المرتب في ذمته لا ينقضي إلا بقيام المسحوب عليه بصرف قيمة الشيك للمستفيد - لما كان ما تقدم، وكان لا أثر لتقصير المطعون ضدهم البائعين للراهن في شهر امتياز البائع المقرر لهم قانوناً ولا لتراخيهم في رفع دعوى الفسخ، لا أثر لهذا أو ذاك على توفر سوء نية الدائن المرتهن فإن ما يثيره البنك الطاعن في هذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعنين.


(1) راجع نقض 1/ 5/ 1952 الطعن 138 س 20 ق مجموعة 25 سنة ص 259.
(2) راجع نقض 13/ 6/ 1957 الطعنين 246 و247 س 23 ق السنة الثامنة ص 576.

المؤيدات الشرعية

supporters of legitimacy
- confirmations légitimes

المؤيّدات: جمع مؤيَّد، من أيّد، والأيد: القوة الشديدة، وإياد الشيء ما يقيه، وقيل للأمر العظيم: مؤيِّد، والمؤيدات: اصطلاح قانوني وهي الأحكام التي تضمن تنفيذ التشريع، والمحافظة على الحقوق، وأداء الالتزام بها؛ والتقيد بحدودها، فإن صدرت من الشريعة الإسلامية سميت المؤيّدات الشرعيّة.

وهي معيار التفريق ين التشريع وبين الأخلاق؛ أو بين الأحكام الفقهية العملية وقواعدها وبين مبادئ الأخلاق وقواعدها

وتسمى بالاصطلاح الفقهي بالضوامن؛ جمع ضامن؛ لأنها تضمن الطاعة للشرع القائم، وتتكفل بها، كما تسمى في اصطلاح الفقهاء بالزواجر؛ لأنها تزجر المكلف عن مخالفة الشرع.

فالمؤيّدات الشرعيّة: كل ما يشرع من التدابير لحمل الناس على طاعة أحكام الشريعة الأصلية، وهذا يعني أن أحكام الشريعة قسمان:

1ـ الأحكام الأصلية: التي نزلت لبيان الحقوق والواجبات، وتنظم علاقة الإنسان بربه، وعلاقة الإنسان بنفسه؛ وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان.

2ـ الأحكام التأييدية: التي وضعت لحماية الأحكام الأصلية، وضمان تطبيقها، وحسن تنفيذها، والالتزام بها.

الطعن 516 لسنة 29 ق جلسة 12 / 11 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 152 ص 1022

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.

--------------

(152)
الطعن رقم 516 لسنة 29 القضائية

(أ) عقد. آثار العقد". خلف. غير.
لا ينصرف أثر العقد إلى غير عاقديه وخلفائهم، ولا يمكن أن يرتب التزاماً في ذمة الغير ولو كان تابعاً لأحد المتعاقدين.
(ب) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المتبوع من أعمال تابعة".
مسئولية المتبوع من أعمال تابعة. قوامها تحقق مسئولية التابع بناء على خطأ واجب إثباته أو بناء على خطأ مفترض.
(جـ) التزام. "أوصاف الالتزام". تضامن. تعويض. مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المتبوع من أعمال تابعة".
تضامن المسئولين في الالتزام بتعويض الضرر. مناطه أن تكون مسئوليتهم عن عمل غير مشروع. مثال.

---------------
1 - لا ينصرف أثر العقد إلى غير عاقديه وخلفائهم ولا يمكن أن يرتب التزاماً في ذمة الغير ولو كان تابعاًً لأحد المتعاقدين.
2 - لا يعرف القانون مسئولية التابع عن المتبوع وإنما هو قد قرر في المادة 174 من القانون المدني مسئولية المتبوع من أعمال تابعة غير المشروعة وهذه المسئولية مصدرها العمل غير المشروع وهي لا تقوم في حق المتبوع إلا حيث تتحقق مسئولية التابع بناء على خطأ واجب إثباته أو بناء على خطأ مفترض (1).
3 - لم يقرر القانون التضامن في الالتزام بتعويض الضرر إذا تعدد المسئولون عنه إلا عندما تكون مسئوليتهم عن عمل غير مشروع. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمساءلة الطاعنين "التابعين" عن الضرر الذي لحق المضرور على أن الوزارة التي يتبعها الطاعنان مسئولة عن الضرر مسئولية تعاقدية كما أنها مسئولة عن أعمالها بوصفهما تابعين لها مسئولية وصفها الحكم بأنها مسئولية التابع للمتبوع وأن من شأن هذه المسئولية أن تلتزم الوزارة والطاعنان بالتضامن بتعويض ذلك الضرر، فان الحكم المطعون فيه إذ رتب مسئولية الطاعنين على مجرد وجود تعاقد بين متبوعهما - وزارة التربية والتعليم - وبين المضرور وولي أمره يجعل الوزارة ملتزمة بتعويض الضرر الذي أصاب المضرور، ولم يكن الطاعنان طرفاً في هذا التعاقد، وعلى قيام التضامن بين الطاعنين وبين الوزارة دون أن يسجل عليهما وقوع أي خطأ شخصي من جانبهما ويبين ماهيته ونوعه، فإن هذا الحكم يكون قد بنى قضاءه بمسئولية الطاعنين على أساس فاسد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام بصفته ولياً شرعياً على ولده القاصر كمال الدعوى رقم 293 سنة 1957 مدني كلي شبين الكوم ضد الطاعنين ووزارة التربية والتعليم المطعون ضدها الثانية وطلب فيها إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 3000 ج على سبيل التعويض وقال في بيان هذه الدعوى أن مدرسة المساعي الإعدادية بشبين الكوم التي يدرس فيها ولده المذكور نظمت في يوم 5/ 4/ 1956 رحلة لتلاميذها لزيارة المحلة الكبرى وأشركت فيها ابنه هذا بغير علمه وقد عهدت إدارة المدرسة إلى الطاعنين المدرسين فيها بمهمة مصاحبة الطلبة والإشراف عليهم أثناء الرحلة غير أنهما قصرا في هذا الواجب ولم يلقيا بالاً لما تفرضه التعليمات ولوائح الوزارة على المشرفين على الرحلات من واجب المحافظة على الطلبة محافظة تامة فتركا ابنه الصغير السن يعبر من عربة إلى أخرى في القطار الذي كان يقل أفراد الرحلة في طريق عودتهم من المحلة إلى شبين الكوم مما نتج عن سقوطه تحت عجلات القطار وإصابته بإصابات جسيمة أدت إلى بتر ساعده وساقه اليسريين - ولهذا فقد أقام المطعون ضده بصفته الدعوى بطلب تعويضه عن الضرر الذي أصاب ولده وأسس مسئولية المدعى عليهم على وقوع خطأ شخصي من الطاعنين تسأل عنه الوزارة معهما بطريق التضامن مسئولية المتبوع من أعمال تابعه - دفع الطاعنان الدعوى بانتفاء الخطأ من جانبهما. كما دفعت الوزارة بأن مسئوليتها لا تقوم إلا حيث يثبت وقوع الخطأ من جانب تابعيها وأن هذا الخطأ منتف في الدعوى الحالية - وبتاريخ 31/ 3/ 1958 حكمت المحكمة الابتدائية بإلزام الطاعنين ووزارة التربية والتعليم (المطعون ضدها الثانية) متضامنين بأن يدفعوا للمطعون ضده الأول مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق الاستئناف أمام محكمة استئناف طنطا وقيد استئناف الوزارة برقم 196 سنة 8 ق واستئناف الطاعنين برقم 90 سنة 9 ق وبتاريخ 26/ 11/ 1959 حكمت المحكمة المذكورة برفض هذين الاستئنافين وبتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها رأيها بنقض الحكم - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 24/ 3/ 1963 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون، ذلك أنه أقام قضاءه بمساءلتهما عن الضرر الذي أصاب ابن المطعون ضده الأول على أساس المسئولية العقدية التي بناها على افتراض قيام عقد بين ولي أمر الطالب وبين المدرسة التي يدرس فيها يفرض على المدرسة التزاماً بأن ترد إليه ولده سالماً في نهاية الرحلة مع أن تطبيق أحكام المسئولية العقدية كان يقتضي بأنه إذا وقع إخلال بهذا الالتزام التعاقدي فلا يسأل عنه إلا الوزارة التي تتبعها المدرسة وذلك بوصفها المتعاقد مع ولي أمر الطالب. ولهذه الوزارة إذا شاءت أن ترجع بعد ذلك على الطاعنين بما يحكم به عليها من تعويض إذا ثبت إخلالهما بواجباتهما أثناء الرحلة وتقصيرهما في الإشراف على الطلبة المشتركين فيها. أما رجوع المضرور على الطاعنين اللذين لم تربطهما أية علاقة تعاقدية ولم يكونا طرفاً في العقد الذي افترض الحكم قيامه بينه وبين الوزارة. هذا الرجوع لا يكون إلا على أساس المسئولية التقصيرية والتي يلزم لتحققها أن يثبت المضرور وقوع الخطأ من جانب الطاعنين فإن فعل جاز مساءلة الوزارة عن خطأ الطاعنين مسئولية المتبوع من أعمال تابعة - لكن الحكم المطعون فيه بعد أن غير الأساس الذي أقام عليه المطعون ضده بصفته دعواه من المسئولية التقصيرية إلى المسئولية التعاقدية لم يتمشى مع أحكام هذه المسئولية إلى النهاية بل خلط بين أحكامها وأحكام المسئولية التقصيرية ولم يقصر قضاءه بالتعويض على الوزارة بوصفها المتعاقد مع ولي أمر المضرور بل جاوز ذلك إلى إلزام الطاعنين معها بالتضامن مع أن تضامن المسئولين عن الضرر لا يقوم إلا حيث تكون المسئولية عن عمل غير مشروع. ومن ثم فلم يكن للحكم أن يعتبر الطاعنين متضامنين مع الوزارة في التعويض ما دام قد انتهى إلى اعتبار المسئولية تعاقدية.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمساءلة الوزارة والطاعنين عن الضرر الذي لحق ابن المطعون ضده الأول على قوله "وبما أنه كان يمكن القول بعدم مسئولية الوزارة عن الحادث موضوع الدعوى لو أنه لم يحصل أثناء الرحلة. أما وقد حصل أثناء الرحلة فإن المسئولية في هذه الحالة تعتبر مسئولية تعاقدية ذلك لأن المدرسة بموجب ترتيبها أمر الرحلة لتلاميذها تكون قد التزمت قبلهم وقبل أهليتهم برعايتهم. وعلى ذلك فهي ضامنة سلامتهم وردهم إلى أهلهم سالمين ومن ثم فهي مسئولة عن كل ما يصيبهم في هذه الرحلة مسئولية تعاقدية تترتب عليها بمجرد إصابتهم وعليها هي يقع عبء إثبات عذرها من أن الحادث الذي حصل للتلميذ كان نتيجة لسبب أجنبي أي بقوة قاهرة أو بفعل التلميذ نفسه" وبعد أن نفي الحكم قيام القوة القاهرة ووقوع خطأ من المضرور مضى قائلاً "وبما أنه ترتيباً على ما تقدم تكون الوزارة مسئولة عن تعويض الضرر الحاصل للتلميذ بسبب إصابته......" ثم ختم الحكم أسبابه بقوله "أن طلب التضامن في محله لأن الوزارة مسئولة مسئولية تعاقدية قبل المدعي بصفته (المطعون ضده الأول) ومسئولة عن أعمال المدعى عليهما الأولين (الطاعنين) مسئولية المتبوع عن التابع" ولما استأنف الطاعنان هذا الحكم وتمسكا بانتفاء الخطأ من جانبهما وبأنه لا محل للقضاء عليهما بالتضامن ما دام الحكم قد اعتبر مسئولية الوزارة مسئولية عقدية وليست تقصيرية. رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بقوله "إنه يبين من أوراق الدعوى أن المسئولية التي أسست عليها محكمة أول درجة قضاءها هي المسئولية التعاقدية. كما أن الوزارة مسئولة عن أعمال المشرفين مسئولية التابع للمتبوع (كذا) ومن شأن هذه المسئولية أن يحكم على الوزارة وتابعها بالتعويض إذ أنه من المقرر في المسئولية عن الغير افتراض خطأ المسئول ابتداء لأن هذا الافتراض ملحوظ فيه فائدة المصاب وتهوين الأمر عليه في رجوعه على المسئول بالتعويض وهذا الافتراض بمثابة قرينة تكفي طالب التعويض مؤونة التعرض لنوع المراقبة التي أجراها المسئول عن سبب الضرر وبيان ما شابها من عيب أو نقص وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار تابعه متى كانت عليه سلطة مطلقة في رقابته وتوجيهه" ثم أحال الحكم المطعون فيه بعد ذلك إلى أسباب الحكم الابتدائي في خصوص الاستئناف المرفوع من الطاعنين. ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمساءلة الطاعنين عن الضرر الذي لحق ابن المطعون ضده الأول على أن الوزارة التي يتبعها الطاعنان مسئولة عن هذا الضرر مسئولية تعاقدية كما أنها مسئولة عن أعمال الطاعنين بوصفهما تابعين لها مسئولية وصفها الحكم بأنها مسئولية التابع للمتبوع وأن من شأن هذه المسئولية أن تلتزم الوزارة والطاعنان بالتضامن بتعويض ذلك الضرر - ولما كان العقد الذي قرر الحكم قيامه بين الوزارة من جهة وبين المضرور وولي أمره لا ينصرف أثره إلى غير عاقديه وخلفائهم ولا يمكن أن يرتب التزاماً في ذمة الغير ولو كان تابعاً لأحد المتعاقدين. وكان القانون لا يعرف مسئولية التابع عن المتبوع وإنما هو قد قرر في المادة 174 من القانون المدني مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة وهذه المسئولية مصدرها العمل غير المشروع وهي لا تقوم في حق المتبوع إلا حيث تتحقق مسئولية التابع بناء على خطأ واجب إثباته أو بناء على خطأ مفترض. وكان القانون أيضاً لم يقرر التضامن في الالتزام بتعويض الضرر إذا ما تعدد المسئولون عنه إلا عندما تكون مسئوليتهم عن عمل غير مشروع - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ رتب مسئولية الطاعنين على مجرد وجود تعاقد بين متبوعهما - وزارة التربية والتعليم - وبين المضرور وولي أمره يجعل الوزارة ملتزمة بتعويض الضرر الذي أصاب المضرور، ولم يكن الطاعنان طرفاً في هذا التعاقد، وعلى قيام التضامن بين الطاعنين وبين الوزارة دون أن يسجل عليهما وقوع أي خطأ شخصي من جانبهما ويبين ماهيته ونوعه، فإن هذا الحكم يكون قد بنى قضاءه بمسئولية الطاعنين على أساس فاسد. ويتعين لذلك نقضه بالنسبة لهما دون حاجة لبحث باقي ما تضمنته أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 16/ 5/ 1963 طعن 178 س 28 ق السنة 14 ص 689.

الطعن 8 لسنة 31 ق جلسة 11 / 11 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 أحوال شخصية ق 151 ص 1013

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم محمد عمر هندي، وصبري فرحات، ودكتور محمد حافظ هريدي.

-------------

(151)
الطعن رقم 8 لسنة 31 ق "أحوال شخصية"

(أ) حكم. "بياناته". أحوال شخصية. "تدخل النيابة العامة". نيابة عامة.
أحوال شخصية. عدم تعقيب النيابة العامة على دفاع أحد الخصوم. حمله على أنها لم تجد فيه ما يدعوها إلى إبداء رأي جديد. لا بطلان إلا إذا طلبت النيابة الكلمة الأخيرة وحيل بينها وبين ذلك.
(ب) نقض. "حالات الطعن". "وقوع بطلان في الحكم". "الخطأ في أسماء الخصوم".
الخطأ في أسماء الخصوم لا يصلح سبباً للطعن بطريق النقض.
(جـ) وقف. "شرط الواقف". "تفسيره".
إنشاء الوقف. دلالته على أن الواقف جعل نصيب من يموت عقيماً لإخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق. يستوي في ذلك ما كان موجوداً منهم عند الوفاة أو حدث بعدها مثال.

---------------
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أن بطلان الحكم لعدم إبداء رأي النيابة لا يكون إلا إذا طلبت الكلمة الأخيرة وحيل بينها وبين ما أرادت. فإذا لم تعقب النيابة العامة على دفاع الخصوم المتدخلين في الاستئناف كان ذلك محمولاً على أنها لم تجد فيه ما يدعوها إلى إبداء رأي جديد (1).
2 - الخطأ في أسماء الخصوم لا يصلح سبباً للطعن على الحكم بطريق النقض.
3 - متى كان الواقف قد أنشأ وقفه على نفسه مدة حياته ثم من بعده على أولاده ومن سيحدثه الله له من الأولاد ذكوراً وإناثاً للذكر مثل حظ الأنثيين ثم على أولادهم ثم على أولاد أولادهم ثم على أولاد أولاد أولادهم ثم على ذريتهم وعقبهم ونسلهم طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم بعد دخوله في هذا الوقف وترك ولد أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل ما كان يستحقه من ذلك لولده أو ولد ولده وأن سفل فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا ولد ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل ما كان يستحقه من ذلك لأخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق مضافاً لما يستحقونه من ذلك، فإن لم يكن له أخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم، فإن ظاهر هذا الإنشاء يدل على أن الواقف جعل نصيب من يموت عقيماً لإخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق لا فرق بين ما إذا كانوا موجودين عند الوفاة أو حدثوا بعدها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدات حياة عبد الرحمن التلمساني ودولت أحمد محمد إسماعيل وفاطمة أحمد الصغير أقمن الدعوى رقم 219 لسنة 1956 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد السيدتين أمينة مصطفى زكريا ورحمة عبد القادر التلمساني بصفتهما حارستين على وقف المرحوم عبد القادر مصطفى التلمساني وضد كل من سعيد ومحسن وشويكار ومحاسن وزينب عبد الله محيسن (المطعون عليهم) بطلب استحقاق كل منهن لحصة من نصيب عواطف عبد الله محيسن في هذا الوقف وقلن شرحاً لدعواهن إنه بموجب الإشهاد الشرعي المؤرخ 3 من يونيو سنة 1915 وقف المرحوم عبد القادر مصطفى التلمساني الأعيان المبينة به وأنه أنشأ وقفه هذا على نفسه ثم من بعده يكون منه 21 ط من 24 ط وقفاً على أولاده عبد الرحمن وعائشة ورحمة وأمينة وزكية ولبيبه ومن سيحدثه الله له من الأولاد ذكوراً وإناثاً للذكر مثل حظ الأنثيين ثم من بعدهم على أولادهم كذلك ثم على أولاد أولادهم كذلك ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم كذلك طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرع دون فرع غيره يستقل به الواحد إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم بعد دخوله في هذا الوقف وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل ما كان يستحقه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن سفل فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل ما كان يستحقه من ذلك لإخوته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق مضافاً لما يستحقونه من ذلك فإن لم يكن له أخوة ولا أخوات كذلك فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم وقد توفى الواقف في سنة 1918 والوقف باق على حاله وبوفاته انتقل الاستحقاق إلى أولاده فخص ابنه عبد الرحمن 6 ط وخص كل بنت من بناته 3 ط ثم توفيت ابنته أمينة في سنة 1919 وبوفاتها انتقل استحقاقها وقدره 3 ط إلى ابنتها عواطف عبد الله محيسن التي توفيت رضيعاً في سنة 1920 ثم توفيت ابنته عائشة في سنة 1939 عن أولادها عبد الفتاح زكي ومحمود فؤاد وحكمت وتفيده الشهيرة بعايدة من زوجها محمود شمس الإسكندراني وعن فاطمة من زوجها أحمد محمد الصغير ثم توفى ابنه عبد الرحمن في سنة 1944 عن أولاده محمد كامل وحسن عبد القادر وأسماء وحياة ثم توفيت ابنته زكية في سنة 1947 عن أولادها إسماعيل رأفت وعبد اللطيف فتحي ومحمد صفوت وعليه ودولت أولاد أحمد محمد إسماعيل وإذ توفيت عواطف عقيماً ولم يكن لها وقت وفاتها إخوة ولا أخوات ولم يوجد أحد في طبقتها ولا من أقرب الطبقات إليها من أهل حصتها وليس للواقف شرط فيمن يؤول إليه نصيبها فإنه يرجع إلى غلة الوقف جميعه ويقسم على مستحقيه ويخص المدعية الأولى فيه 14 سهماً من قيراط والمدعية الثانية 7 أسهم من قيراط والمدعية الثالثة 8 أسهم من قيراط، فقد انتهين إلى طلب الحكم لكل منهن بنصيبها وأمر الحارستين على الوقف بأدائه وتسليمه لها ومنع تعرض باقي المدعى عليهم لها في ذلك - وأثناء نظر الدعوى تدخل كل من محمد كامل وحسن عبد القادر وأسماء أولاد المرحوم عبد الرحمن التلمساني وإسماعيل رأفت ومحمد صفوت وعبد اللطيف فتحي وعليه أولاد أحمد محمد إسماعيل من المرحومة زكية بنت الواقف وعبد الفتاح زكي شمس ومحمود فؤاد شمس وتفيده شمس أولاد عائشة بنت الواقف خصوماً فيها منضمين للمدعيات في طلباتهن. ورد المدعى عليهم بأن نصيب عواطف المتنازع عليه انتقل إليهم عملاً بشرط الواقف باعتبارهم أخوة لها من أبيها ولأنهم من أهل الوقف عن طريق أمهم لبيبة بنت الواقف وسبق أن قضت المحكمة العليا الشرعية في الاستئناف رقم 202 لسنة 27 - 1928 وفي دعوى التفسير رقم 14 لسنة 28 - 1929 باستحقاقهم هذا النصيب كما قضت في الاستئناف رقم 242 لسنة 28 - 1929 برفض دعوى الولي على إسماعيل رأفت الاستحقاق في نصيب عواطف ومن ثم انتهوا إلى طلب الحكم بعدم سماع الدعوى لسبق الفصل فيها أو رفضها لمخالفتها لشرط الواقف وبتاريخ 29 يونيه سنة 1959 حكمت المحكمة حضورياً: أولاً - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وقبولها. ثانياً - باستحقاق المدعية الأولى حياة عبد الرحمن لثلاثة أسهم من قيراط وباستحقاق المدعية الثانية دولت أحمد محمد إسماعيل سهماً ونصف السهم من قيراط وباستحقاق المدعية الثالثة المرحومة فاطمة أحمد محمد الصغير سهماً وخمسة أسباع السهم من قيراط كل ذلك من 24 ط ينقسم إليها فاضل ريع الوقف بعد الخيرات وألزمت المدعى عليهم المصروفات وعشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنف المدعى عليهم الأخيرون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 151/ 76 ق وأثناء نظره تدخل كل من عبد الفتاح زكي شمس ومحمود فؤاد شمس وتفيدة شمس وأنور يوسف المشرى خصوماً فيه منضمين للمستأنف عليهم في طلباتهم. وبتاريخ 29/ 12/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وقبول الدفع بعدم سماع الدعوى لسبق الفصل فيها وعدم سماعها بالنسبة لإسماعيل رأفت أحمد محمد سليمان الذي كان مدعياً ورفض الدعوى بالنسبة لمن عداه مع إلزام المستأنف عليهم والمتدخلين في الاستئناف المصروفات وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة - وقد طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتيها السابقتين وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه باطل من وجهين (أولهما) أن النيابة العامة كانت قد أبدت رأيها في الاستئناف بمذكرتها المؤرخة 18/ 1/ 1960 وبعدها وبجلسة 20/ 3/ 1960 تدخل بعض الخصوم منضمين للمستأنف عليهم في طلباتهم وقدموا مذكرة بدفاعهم لجلسة 8 مايو سنة 1960 وإذ لم تعقب النيابة على دفاعهم فإنها لا تكون آخر من تكلم في الاستئناف وفي ذلك مخالفة لأحكام المادة 107 من قانون المرافعات توجب بطلان الحكم (وثانيهما) أن الحكم المطعون فيه أورد ضمن بياناته اسم وسيلة محمود شمس التي لم تكن خصماً في الاستئناف وأغفل اسم تفيده محمود شمس التي كانت خصماً فيه، كما أورد في منطوقه اسماً غير حقيقي لإسماعيل رأفت وهو نقص جوهري وخطأ جسيم في أسماء الخصوم يترتب عليه بطلان الحكم طبقاً للفقرة الثانية من المادة 349 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه بأن عدم تعقيب النيابة العامة على دفاع الخصوم المتدخلين في الاستئناف محمول على أنها لم تجد فيه ما يدعوها إلى إبداء رأي جديد وجرى قضاء هذه المحكمة على أن البطلان لا يكون إلا إذا طلبت النيابة الكلمة الأخيرة وحيل بينها وبين ما أرادت ولم يقدم الطاعنون ما يدل على ذلك، ومردود في الوجه الثاني بأن الحكم المطعون فيه أورد ضمن بياناته اسم تفيده محمود شمس أما الخطأ في اسم إسماعيل رأفت فلا يصلح سبباً للطعن عليه بطريق النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعوى الطاعنين الاستحقاق في نصيب عواطف بنت أمينة بنت الواقف التي توفيت عقيماً استناداً إلى أن نصيبها ينتقل من بعدها لإخوتها وأخواتها الذين وجدوا بعد موتها وهو خطأ ومخالفة للقانون لأن الواقف لم يقف نصيب من يموت بعد الاستحقاق على أولاده وذريته ثم من بعده على إخوته وأخواته ثم من بعده على أقرب الطبقات للمتوفى حتى يكون وقفه مرتب الطبقات وإنما وقفه على طائفة واحدة منها على سبيل الترديد وهذه الطائفة تتعين بما يكون عليه الحال عند موت صاحب النصيب بحيث إذا مات وكان له ذرية عند موته كان نصيبه موقوفاً عليهم لا على إخوته وأخواته ولا على أقرب الطبقات إليه وإن كانوا موجودين حين الموت، وإذ مات ولم يكن له ذرية وكان له إخوة وأخوات عند موته كان نصيبه موقوفاً عليهم لا على أقرب الطبقات وإن كانت موجودة عند الموت، وإن لم يكن له ذرية ولا أخوة ولا أخوات عند موته وكان له أقرب الطبقات كان نصيبه موقوفاً عليهم لا على الإخوة والأخوات حتى إذا وجدوا بعد ذلك لم يكن لهم أي حق فيه إذ العبرة بوجودهم عند موته ومن لم يكن كذلك لم يتحقق شرط الواقف فيه، وإذ توفيت عواطف عقيماً ولم يكن لها عند موتها أخوة ولا أخوات لم يكن نصيبها موقوفاً عليهم بل كان موقوفاً على أقرب الطبقات إليها وحدهم دون غيرهم وصار حقاً لهم لا ينتقل منهم إلى من يوجد بعد ذلك من الإخوة والأخوات، وهذا إذا حملنا الطبقة على الطبقة العامة أما إذا حملناها على الطبقة الخاصة وهي طبقة فرع العقيم فإن هذه الطبقة لم تكن موجودة عند موتها وبالتالي لا يكون لشرط الواقف عمل في نصيبها ويكون مسكوتاً عنه فيرجع إلى أصل الغلة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه بالرجوع إلى إشهاد الوقف المؤرخ 3 يونيه سنة 1915 يبين أن المرحوم عبد القادر مصطفى التلمساني وقف الأعيان المبينة به وأنه أنشأ وقفه على نفسه مدة حياته ثم من بعده يكون منه 21 ط من 24 ط وقفاً على أولاده وهم عبد الرحمن وعائشة ورحمة وأمينة وزكية ولبيبة ومن سيحدثه الله له من الأولاد ذكوراً وإناثاً للذكر مثل حظ الأنثيين ثم على أولادهم كذلك ثم على أولاد أولادهم كذلك ثم على أولاد أولاد أولادهم كذلك ثم على ذريتهم وعقبهم ونسلهم كذلك طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم بعد دخوله في هذا الوقف وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل ما كان يستحقه من ذلك لولده أو ولده وإن سفل فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا ولد ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل ما كان يستحقه من ذلك لإخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق مضافاً لما يستحقونه من ذلك فإن لم يكن له أخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم وظاهر هذا الإنشاء يدل على أن الواقف جعل نصيب من يموت عقيماً لإخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق لا فرق بين ما إذا كانوا موجودين عند الوفاة أو حدثوا بعدها، وإذ كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن عواطف توفيت عن أخوة وأخوات حدثوا بعد وفاتها وجرى الحكم المطعون فيه على أن "كلمة الأخوة والأخوات المشاركين للعقيم في الدرجة والاستحقاق تشمل عموم الإخوة الموجودين قبل وفاة العقيم وبعدها" فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السببين الرابع والخامس أن الحكم المطعون فيه خالف أحكام المواد 32 و33 و58 و60 من القانون رقم 48 لسنة 1946 وأخطأ في تطبيقها وتأويلها: أما مخالفة المادة 32 فلأن ترتيب الطبقات في الوقت محل النزاع يحتمل أن يكون ترتيباً إفرادياً أو جملياً وبصدور القانون رقم 48 لسنة 1946 وطبقاً للمادة 32 منه أصبح مرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً وبمثابة أوقاف متعددة بقدر عدد الأصول فيه وهذا الترتيب يقتضي أن نصيب كل ولد من أولاد الواقف يكون موقوفاً على أولاده هو دون غيرهم من ذرية الآخرين وأنه إذا انقرض أهل وقف من هذه الأوقاف لا يعمل بالإنشاء الخاص به في نصيب آخر من يموت منهم لانقراض أهل الحصة الذين اعتبر الإنشاء خاصاً بهم، وبالتزام هذا النظر وما سبق بيانه من أن نصيب عواطف موقوف على أقرب الطبقات إليهم وحدهم دون غيرهم ولا ينتقل منهم إلى من يوجد بعد موتها من الأخوة والأخوات فإن هذا النصيب يكون بحكم الفقه من قبيل المسكوت عنه ويعود إلى أصل غلة الوقف وأما مخالفة المواد 33، 58، 60 فلأن المادة 33 تنص على أنه إذا مات مستحق وليس له فرع يليه في الاستحقاق عاد نصيبه إلى غلة الحصة التي كان يستحق فيها، وهي مما تنطبق على الأوقاف السابقة وعلى الحوادث السابقة ما لم يوجد في كتاب الوقف نص يخالفها (المادة 58) أو تصدر أحكام تخالفها (المادة 60) وإذ لم تصدر أحكام تخالفها بالنسبة لمن رفضت دعواهم ولا يوجد في كتاب الوقف نص يخالفها، فإن نصيب عواطف طبقاً لأحكام هذه الفقرة يجب أن يرجع إلى أصل غلة الوقف ولا يمنع من ذلك قول الواقف في نصيب العقيم "انتقل ما كان يستحقه لإخوته وأخواته لأن ذلك لا يعتبر نصاً في استحقاق أخوة عواطف وأخواتها المطعون عليهم إذ النص هو ما كان صريحاً وقاطعاً في دلالته في نظر الفقه وفي نظر الشارع.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق الرد به من أن الواقف جعل نصيب من يموت عقيماً لإخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق لا فرق بين ما إذا كانوا موجودين حين الوفاة أو حدثوا بعدها ومتى كان ذلك فإن القول من الطاعنين بأن نصيب عواطف يعتبر من قبيل المسكوت عنه ويعود إلى أصل غلة الوقف يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن المطعون عليهم دفعوا بعدم سماع الدعوى لسبق الفصل في موضوعها بأحكام صادرة من المحكمة العليا الشرعية ضد ناظرتي الوقف ومع أن الحكم المطعون فيه انتهى في أسبابه إلى أن ناظر الوقف لا يمثل المستحقين في دعوى الاستحقاق ولا ينتصب خصماً عن أحد منهم كما انتهى إلى أنه لم تكن خصومة بين المستحقين فيما سبق من الخصومات إلا بين محاسن التي كانت ممثلة بوالدها عبد الله محيسن وبين إسماعيل رأفت الذي كان ممثلاً بوالده أحمد محمد إسماعيل، إلا أنه عاد فقضي بعدم سماع الدعوى من هذا الأخير بالنسبة لجميع المطعون عليهم حتى من لم تكن بينه وبين إسماعيل رأفت خصومة، وهو قضاء باطل لمخالفته أحكام الفقه وأحكام القانون وما انتهى إليه في أسبابه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى رفض دعوى المدعيين الاستحقاق في نصيب عواطف وانتقاله من بعدها إلى إخوتها وأخواتها المشاركين لها في الدرجة والاستحقاق فإن ما ينعاه إسماعيل رأفت أحمد محمد إسماعيل - وهو خصم متدخل في الدعوى - من عدم سماع دعواه لمن عدا محاسن عبد الله محيسن من المطعون عليهم يكون غير منتج ولا جدوى فيه - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 19/ 6/ 1963 الطعن رقم 40 س 29 ق أحوال شخصية السنة 14 ص 843.