جلسة 19 من نوفمبر سنة 1964
برياسة السيد/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.
----------------
(156)
الطعن رقم 451 لسنة 29 القضائية
(أ) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "تقرير التلخيص"
جواز الاستدلال من الحكم وحده على تلاوة تقرير التلخيص.
(ب) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". "قطع التقادم". إثبات. "تقدير الدليل". محكمة الموضوع.
دلالة الورقة الصادرة من المدين في اعترافه بالدين وأثر ذلك في قطع التقادم. مسألة موضوعية.
(جـ) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". "قطع التقادم".
الإقرار القاطع للتقادم. شرطه، أن يكون كاشفاً عن نية المدين في الاعتراف بالدين. مثال.
(د) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". "قطع التقادم".
قطع التقادم بتدخل الدائن في الدعوى. شرطه، تمسكه فيها بحقه في مواجهة المدين.
(هـ) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". "قطع التقادم".
المطالبة أمام القضاء المستعجل بتسليم صورة تنفيذية من السند التنفيذي. لا أثر لها في انقطاع سير التقادم.
(و) وارث. "تمثيل الوارث لباقي الورثة". تجزئة. "أحوال عدم التجزئة". التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". تركة.
انفصال التركة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة. للدائنين عليها حق عيني بمعنى أنهم يتقاضون ديونهم منها قبل أن يؤول شيء منها للورثة. دفع المطالب الموجهة إلى التركة في شخص الورثة، عدم قابليته للتجزئة. يكفي أن يبديه بعض الورثة ليستفيد منه البعض الآخر. تمسك بعضهم بالتقادم. استفادة الورثة الآخرين الذين لم يشتركوا في الدعوى من الحكم بسقوط الحق.
(ز) إثبات. "طرق الإثبات". "الإقرار". التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". "قطع التقادم". وارث.
إقرار الوارث حجة قاصرة على المقر. لا يترتب عليه قطع التقادم بالنسبة للورثة الآخرين.
(ح) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام دون الوفاء به". تقادم. "التقادم المسقط". "وقف التقادم".
وقف التقادم. عدم احتساب المدة التي وقف سير التقادم خلالها ضمن مدة التقادم. إضافة المدة السابقة إلى المدة اللاحقة.
---------------
1 - متى كان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه أن تقرير التلخيص قد تلي، وكان يجوز الاستدلال من الحكم وحده على حصول هذه التلاوة، فإن النعي على الحكم بالبطلان لعدم تحرير تقرير بالتلخيص وتلاوته يكون على غير أساس من الواقع (1).
2 - بيان دلالة الورقة الصادرة من المدين في اعترافه بالدين محل النزاع وفيما يترتب على ذلك من الأثر في قطع التقادم هو من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض.
3 - يشترط في الإقرار القاطع للتقادم أن يكون كاشفاً عن نية المدين في الاعتراف بالدين. فإذا كانت محكمة الاستئناف قد اعتبرت ما احتواه طلب التسوية من خلط بين الديون ومن القول في أكثر من موضع أن الديون مسددة وميتة - اعتبرت هذا لبساً وغموضاً في الإقرار يجعله غير كاشف عن نية المدين في الاعتراف بالدين وهو ما يلزم توافره في الإقرار القاطع للتقادم، فإن هذا التعليل السائغ يكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه ويكون النعي عليه بالقصور على غير أساس.
4 - يشترط لانقطاع التقادم بتدخل الدائن في دعوى أن يتمسك فيها بحقه في مواجهة المدين.
5 - المطالبة أمام القضاء المستعجل بتسليم صورة تنفيذية من السند التنفيذي وإن كانت تمهد للتنفيذ إلا أنه لا يستنتج منها المطالبة الصريحة بالحق المهدد بالسقوط ولا تنصب على أصل الحق، إذ هي تعالج صعوبة تقوم في سبيل صاحب الحق الذي فقد سنده التنفيذي فلا أثر لها في انقطاع سير التقادم.
6 - ورثة المدين - باعتبارهم شركاء في تركته كل منهم يحسب نصيبه - إذا أبدى واحد منهم دفاعاً مؤثراً في الحق المدعى به على التركة كان في إبدائه نائباً عن الباقين فيستفيدون منه، وذلك لأن التركة منفصلة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة وللدائنين على حق عيني بمعنى أنهم يتقاضون منها ديونهم قبل أن يؤول شيء منها للورثة وبصرف النظر عن نصيب كل منهم منها. وعلى هذا الاعتبار يكون دفع المطالب الموجهة إلى التركة في شخص الورثة غير قابل للتجزئة ويكفي أن يبديه البعض ليستفيد منه البعض الآخر. فإذا تمسك بعض الورثة في دعوى مرفوعة منهم بطلب براءة ذمة مورثهم من دين عليه بسقوط هذا الدين بالتقادم فإنهم يكونون في إبداء هذا الدفع نائبين عن باقي الورثة الذين لم يشتركوا في الدعوى ويفيد من الحكم بسقوط الدين بالتقادم الورثة الآخرون الذين لم يشتركوا في الدعوى (2).
7 - إقرار الوارث حجة قاصرة على المقر، ومن ثم فلا يترتب عليه قطع التقادم بالنسبة للورثة الآخرين (3).
8 - القاعدة الصحيحة في احتساب مدة التقادم ألا تحسب المدة التي وقف سيره في خلالها ضمن مدة التقادم وإنما تعتبر المدة السابقة على الوقف معلقة حتى يزول سبب الوقف فإذا زال يعود سريان المدة وتضاف المدة السابقة إلى المدة اللاحقة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن المرحوم عبد الرحمن قرقوره مورث المطعون عليهم التسعة الأول كان مديناً لمحل تجارة عبد المنعم الديب وشركاه بمبلغ 10000 ج بعقد رسمي صادر في 27 أكتوبر سنة 1926 بتأمين عقاري 347 ف بزمام شرنوب بحيرة - وقد أقامت شركة محمد حنفي وأنجاله لتجارة الأقطان بسداد هذا الدين للدائن السابق وحلت محله في الدين وملحقاته وتأميناته بعقد حلول رسمي في 11 يونيو سنة 1928 كما حرر المدين للشركة في ذات التاريخ سنداً بهذا المبلغ - واستمر التعامل بين المورث وشركة حفني في تجارة الأقطان والبذرة - وتحرر بينهما في 22 سبتمبر سنة 1928 عقد رسمي بفتح اعتماد للمورث بمبلغ 10000 ج أخرى مؤمنة برهن على 341 ف أخرى نص فيه على أن يدفع هذا المبلغ على دفعات نظير توريد أقطان وبذرة، وأن أقصى ميعاد للاستحقاق هو 30 إبريل سنة 1929، وذكر في العقد المبالغ المضمونة بهذا الرهن الثاني وأنها العشرة آلاف جنيه التي فتح بها الاعتماد بالإضافة إلى عشرة الآلاف الأولى موضوع عقد الحلول والسند المحررين في 11 يونيه سنة 1928، وأن دين شركة حفني المضمون بهذا الرهن غير قابل للتجزئة ويمكن طلبه بالكامل من كل ورثته أو ممن يحل محل الشيخ عبد الرحمن قرقوره، وقد أسفر رصيد حساب هذا العقد الثاني عن مديونية مورث المطعون عليهم لشركة حفني بمبلغ 6115 ج و256 م حرر به المورث سنداً تاريخه 27 أغسطس سنة 1929، ولما حل موسم أقطان سنة 1929 فتحت شركة حفني للمورث اعتماداً آخر بحساب جار في حدود مبلغ 4000 ج نظير توريد أقطان وذلك بعقد رسمي في 29 أغسطس سنة 1929 وبتأمين عقاري 689 ف هو مجموع ما رهن من أطيان في العقدين السابقين، وبموجب هذا العقد الأخير وجهت شركة حفني في 20 مايو سنة 1939 تنبيهاً إلى المورث بنزع ملكية 689 ف وفاء لمبلغ 9147 ج وهو أصل الدين المترتب على العقد الرسمي الأخير بفتح الاعتماد مع فوائده وملحقاته، وعارض المدين في التنبيه في الدعوى رقم 394 سنة 1939 مدني الإسكندرية، وأثناء نظر المعارضة حلت بشركة حفني ضائقة مالية أعجزتها عن الوفاء بديونها لبنك مصر فاستصدر هذا حكماً في 23 سبتمبر سنة 1939 في القضية رقم 457 سنة 1939 تجاري الإسكندرية بإشهار إفلاسها وعين الطاعن السيد/ محسن الغريانى وكيلاً للدائنين وقد حل محله في الطعن الحالي بعد وفاته السيد/ توفيق علي، وبسبب إفلاس الدائنين أوقف نظر المعارضة في التنبيه، وعجلها ورثة قرقوره بعد ذلك فقضي فيها بندب خبير لفحص دفاتر شركة حفني الموجودة لدى السنديك، وقدم هذا الخبير تقريره موضحاً به الديون الثلاثة على الوجه الأتي: 1 - دين المبلغ 10000 ج حرر به سند وعقد رسمي بالحلول في 11 يونيه سنة 1928 يضمنه 347 ف ولم يسدد منه شيء 2 - دين مبلغ 6115 ج الرصيد المدين للعقد الرسمي بفتح الاعتماد المؤرخ 22 سبتمبر سنة 1928 وحرر به سند ويضمنه 339 ف أخرى بشرنوب بيعت في 8 يونيه سنة 1932 وفاء لدين الشركة العقارية المصرية التي كان لها تسجيل سابق.
3 - وبالنسبة للدين الثالث موضوع عقد فتح الاعتماد الرسمي مبلغ 4000 ج والمؤرخ 29 أغسطس سنة 1929 والمؤمن برهن 686 ف هو مجموع ما رهن في العقدين السابقين - تبين من فحص دفاتر الدائن (شركة حفني) أن هذا الدين وملحقاته قد سدد بالكامل وزيادة 539 ج و678 م خصم من المطلوبات الأخرى المستحقة على ورثة قرقورة ومقدارها 16115 ج وبناء على هذا التقرير قضى في المعارضة في 3 يونيه سنة 1946 بإلغاء التنبيه، وبعد أن قام السنديك على تفليسة أنجال حفني هو الآخر بفحص ديون التفليسة المترتبة في ذمة ورثة قرقورة - وهي لا تخرج عما أظهره الخبير السالف ذكره - تقدم له عبد الحميد قرقورة المطعون عليه الأول بطلب مؤرخ في 7 أكتوبر سنة 1940 طلب فيه تسوية ديون والده نظير قيامه بوصفه وارثاً بدفع مبلغ 350 ج للتفليسة مقابل تحويله بجميع هذه الديون التي لا يرجى تحصيلها - واستطلع السنديك رأى بنك مصر دائن التفليسة فوافق على إجرائها بعد أن تبين له من تقرير الخبير الذي ندبه أن الباقي من الأطيان المؤمنة هو 347 ف تقدر قيمتها بمبلغ 20820 ج بواقع الفدان 60 ج ولا يغطي ثمنها الديون السابقة في التسجيل على ديون التفليسة - وقدم السنديك تقريره إلى مأمور التفليسة بالموافقة على إجراء التسوية, وأوضح في تقريره أن ديون التفليسة بلغت 15575 ج من ذلك العشرة الآلاف الأولى موضوع عقد الحلول والباقي هو الرصيد المدين لعقد فتح الاعتماد الصادر في 22 سبتمبر سنة 1929، وقد صدر قرار مأمور التفليسة في 28 ديسمبر 1940 بالموافقة على التسوية وتكليف وكيل الدائنين بإجرائها وإيداع المبلغ على ذمة التفليسة، وسرعان ما أبرم السنديك التسوية في 31 ديسمبر سنة 1940 مع المطعون عليه الأول بعقد أسماه عقد بيع دين مضمون برهن - وما كادت تعقد هذه التسوية حتى قام عبد الحميد قرقوره بتوقيع الحجز التنفيذي في 3 فبراير سنة 1941 ضد باقي الورثة على المواشي والمحاصيل والآلات الزراعية وفاء لمبلغ 5000 جنيه من أصل المطلوب، إلا أن بعض ورثة قرقوره عملوا على إحباط هذه التسوية بعرض تسويات أخرى عن هذه الديون علي زكي حفني أحد المفلسين، وعابوا على التسوية التي تقدم بها عبد الحميد قرقوره ما لابسها من الغش والصورية، كما أن المفلسين أنجال حفني لم يرتضوا هذه التسوية، وتقدموا بالشكوى إلى مأمور التفليسة وكشفوا عن عيوبها، فأحال مأمور التفليسة الأمر بقرار منه إلى المحكمة التجارية التي أصدرت حكمها في 24 مايو سنة 1941 ببطلان التسوية وبتكليف السنديك بالسير في إجراءات التفليسة وتأيد هذا الحكم استئنافياً في 26 إبريل سنة 1945 - وأثناء هذه المراحل اتخذ بنك التسليف الزراعي العقاري إجراءات نزع الملكية على الـ 347 ف المؤمنة له برهن مسجل في الدرجة الأولى والباقية في تركة قرقورة - في الدعوى رقم 384 سنة 1942 كلي الإسكندرية - وحضر في هذه الدعوى المفلسون أنجال حفني بجلسة 27 أكتوبر سنة 1942 وطلبوا قبولهم خصوماً في الدعوى لأنهم من أرباب الديون المسجلة - وأصدرت المحكمة حكمها في تلك الجلسة بقبول ورثة محمد حفني خصوماً في الدعوى وبنزع ملكية المدعى عليهم (ورثة قرقورة) من أل 347 ف وفاء لمبلغ 27121 ج والمصاريف والمستجد من الفوائد بثمن أساسي قدره 60000 ج وإحالة القضية على قاضي البيوع - وقد تحدد للبيع بعد ذلك جلسة 5 فبراير سنة 1946 وفيها طلب أنجال حفني إجراء البيع باعتبارهم من أرباب الديون المسجلة وعارض الحاضر عن ورثة قرقورة في إجراء البيع لأن الديون متنازع في قيامها وطالب أنجال حفني بتقديم مستندات هذه الديون وقد شطبت الدعوى البيع بتلك الجلسة بناء على طلب بنك التسليف العقاري - ولما كان السنديك يعوزه الأوراق والسندات التنفيذية والتي تؤيد ديون التفليسة - والتي كان قد سلمها من قبل إلى عبد الحميد قرقوره عند إبرام التسوية معه وأبى عليه هذا الأخير أن يردها - فقد أقام الدعوى رقم 160 سنة 1946 مستعجل الإسكندرية طالباً الحكم له بصفة مستعجلة بتسليمه صورة تنفيذية من العقدين الثاني والثالث مع وضع أل 347 ف تحت الحراسة القضائية - وقضى فيها بتاريخ 6 إبريل سنة 1946 بتسليم صورة تنفيذية من العقدين الرسميين المشار إليهما ورفض دعوى الحراسة - ولما استخرج السنديك الصور التنفيذية. وتبين له أنها لا تشمل الدين الأول موضوع عقد الحلول رفع دعوى أخرى رقم 831 سنة 1947 مستعجل الإسكندرية ضد ورثة قرقورة بتسليمه صورة تنفيذية من ذلك العقد وقضى له بذلك في 20 أكتوبر سنة 1947 - وخشي الورثة المذكورون من هذه الإجراءات وما تمهد به لتنفيذ عقد الحلول - فأقاموا الدعوى الابتدائية رقم 1204 سنة 1948 كلي الإسكندرية بصحيفة معلنة في 26 و28 أغسطس سنة 1947 ضد الطاعن طلبوا فيها الحكم بسقوط الحق في مطالبتهم بملغ 10000 ج وملحقاته المحولة للمفلسين أنجال حفني بموجب عقد الحلول وبراءة ذمتهم من هذا البيع وشطب التسجيلات المتوقعة بموجبه على 347 ف المملوكة لمورثهم - وتدخل بنك مصر الطاعن الثاني في هذه الدعوى بوصفه دائن التفليسة كما تدخل فيها زكي ومحمد زكريا حفني من المفلسين - وركن ورثة قرقوره في دعواهم إلى أنه قد مضى أكثر من خمسة عشر سنة هجرية على استحقاق هذا الدين في 30 إبريل سنة 1929 حتى تاريخ إعلانهم من السنديك بنزع ملكيتهم في 19 أغسطس سنة 1948 - وقد أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في 25 مارس سنة 1952 برفض الدعوى - واستأنف ورثة قرقوره هذا الحكم بالاستئناف رقم 218 سنة 8 ق الإسكندرية - وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 6 يونيه سنة 1959 بإلغاء الحكم المستأنف وسقوط حق محل أنجال حفني في استيفاء الدين المقرر في عقد 11 يونيه سنة 1928 وما يتبعه من فوائد مع إلزامهم بالمصروفات عن الدرجتين وقد طعن السنديك وبنك مصر في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 5 يوليه سنة 1959 وأبدت النيابة رأيها بمذكرة طلبت فيها نقض الحكم - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على وجهة نظرها وقررت دائرة الفحص بجلسة 22 يناير سنة 1963 إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية - وقد تحدد أخيراً لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 22 أكتوبر سنة 1964 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على تسعة أسباب ينعى الطاعنان في السبب التاسع منها على الحكم المطعون فيه بطلانه لأنه لم يحرر تقرير بالتلخيص في الاستئناف وبالتالي لم تحصل تلاوته.
وحيث إنه لما كان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه أن تقرير التلخيص قد تلي - وكان يجوز الاستدلال من الحكم وحده على حصول هذه التلاوة فإن النعي يكون على غير أساس من الواقع.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في الأسباب الثاني والثالث والرابع والسادس والسابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور - وذلك فيما انتهى إليه من عدم اعتبار الأمور الخمسة الآتية قاطعة للتقادم: الأول - تمسك الطاعن الأول بأن عبد الحميد قرقوره المطعون عليه الأول قد اعترف صراحة بقيام الدين موضوع النزاع بالطلب المقدم منه في 7 أكتوبر سنة 1940 للطاعن الأول عارضاً فيه التنازل عن جميع ديون التفليسة قبل والده بما فيها الدين محل النزاع في مقابل 350 ج وأن الحكم الابتدائي قد رتب على الطلب انقطاع سير التقادم ولكن الحكم المطعون فيه ألغى هذا القضاء بمقولة إن الطلب المذكور وعقد بيع الديون الذي أبرمه السنديك لم يشيرا إلى عقد الحلول الصادر في 11 يونيه سنة 1928 وهذا يخالف الثابت بالأوراق - ذلك أن الطاعن قد تناول الديون الثلاث بما في ذلك الدين الأول محل النزاع بل خصصه بإحالته على تقرير السنديك وتلخيص ما فيه، وهذا التقرير شامل لديون التفليسة البالغ رصيدها 15575 ج هذا فضلاً عن أن قرار مأمور التفليسة قد أمر بإجراء التسوية من جميع الديون ولم يخصص الدينين الثاني والثالث. كما أقر المطعون عليه الأول في المذكرة المقدمة منه لمحكمة الاستئناف في قضية النزاع على بطلان التسوية بأنه عرض على أنجال حفني شراءه لديون التفليسة ومقدارها 15575 ج وأن تحول إلى اسمه خاصة - وأشار إلى ذلك قرار مأمور التفليسة الصادر في 28 ديسمبر سنة 1940 وحكم المحكمة التجارية القاضي بإلغاء التسوية. وقد جاء بعقد البيع المبرم في 31 ديسمبر سنة 1940 أن البيع شامل لجميع الديون وملحقاتها وأن قرار مأمور التفليسة متمم للعقد - وقد تضمن هذا البيع أن للمشتري حق مطالبة الورثة بالديون الثابتة بعقدي الرهن والسندات الإذنية - والدين محل النزاع يدخل في ذلك بداهة لأنه ثابت بسند إذني بمبلغ عشرة آلاف جنيه. ثانياً - كذلك تمسك الطاعن الأول باعتراف عبد الفتاح قرقورة بالدين في العرض الذي عرضه علي زكي حفني أحد المفلسين في سنة 1940 بأن تحول إليه ديون التفليسة مقابل 700 ج وقد اعتبر الحكم الابتدائي هذا الإجراء قاطعاً للتقادم. ولكن الحكم المطعون فيه ألغى هذا القضاء دون أن يرد على أسباب الحكم الابتدائي أن يبين وجهة نظره مما يجعله باطلاً لخلوه من التسبيب. ثالثاً - تمسك الطاعن الأول بالاعتراف الصادر من محمد عبد الرحمن قرقوره وعبد الفتاح قرقوره في خطابهما المؤرخ 10 يناير سنة 1941 إلى زكي حفني وقد حصلت المحكمة الابتدائية أن هذا الخطاب قاطع التقادم لأن محرريه قد أعلنا رغبتهما في وجوب سداد دين والدهما على أسس صحيحة في التقدير. وأنهما يقصدان بذلك الدين الأول لأن الدينين الآخرين كانا قد تصفيا قبل ذلك ولكن الحكم المطعون فيه قد ألغى هذا القضاء تأسيساً على أنه لم يرد بهذا الخطاب ذكر للدين المدعي بتقادمه ولا يستفاد منه الاعتراف بهذا الدين موضوع عقد الحلول الصادر في 11 يونيه سنة 1928 وما ذكره الحكم في هذا الخصوص لا يصلح رداً على ما جاء بالحكم الابتدائي فضلاً عن مخالفته للثابت بالأوراق. رابعاً - تدخل الدائنون أنجال حفني في دعوى نزع الملكية رقم 384 سنة 1942 كلي الإسكندرية منضمين إلى البنك العقاري في طلباته بجلسة 27 أكتوبر سنة 1942 وطلبوا تعديل الثمن الأساسي لأنهم من أرباب الديون المسجلة التي تلي دين البنك كما تدخل السنديك أمام قاضي البيوع بجلسة 5 فبراير سنة 1946 ولما شطبت الدعوى في تلك الجلسة قرر في قلم الكتاب بحلوله في إجراءات البيع محل البنك العقاري، ومن المقرر أن تدخل الدائن في دعوى مطروحة على القضاء وتمسكه فيها بحقه يقوم مقام المطالبة القضائية وينقطع به التقادم متى ظهر بوضوح نية صاحب الحق في التمسك بحقه المهدد بالسقوط - وقد رتب الطاعنان على هذا التدخل انقطاع التقادم قبل ورثة قرقوره - ولم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فهو مخالف للقانون. خامساً - تمسك الطاعنان لدى محكمة الموضوع بأن الطاعن الأول أقم الدعوى رقم 831 سنة 1947 مستعجل الإسكندرية - في 26 يناير سنة 1947 ضد ورثة قرقوره بطلب تسليمه صورة تنفيذية من عقد الحلول المؤرخ 11 يونيه سنة 1928 للتنفيذ بها عليهم وتمسك فيها بدينه وأن هذه مطالبة قضائية قاطعة للتقادم. وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري وأهدر حكم القانون - ذلك أن الدعاوى التي ترفع إلى القضاء المستعجل ولا تقطع التقادم هي التي ترمي إلى اتخاذ إجراءات تحفظية أو تدابير وقتية. أما غيرها من الدعاوى المستعجلة فشأنها شأن الدعاوى التي ترفع إلى قاضي الموضوع. وتعتبر الطلبات الموضوعية في دعوى مستعجلة مرفوعة أمام محكمة غير مختصة مما يترتب عليه قطع التقادم.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول - ذلك أن الطلب الذي قدمه المطعون عليه الأول إلى السنديك في 7 أكتوبر سنة 1940 جاء فيه "أن محل تجارة حفني يداين والدي ببعض مبالغ عمل عن أحدها وقدره 10000 ج عقد رهن عن 338 ف في سبتمبر سنة 1928 وتحرر بعد ذلك سند على المدين بمبلغ 6000 ج وكسور وأخيراً فتح حساب جار بمبلغ 4000 ج مضمون برهن في أغسطس سنة 1929 عن الأطيان السابق رهنها وأطيان أخرى مساحتها 347 ف وقد شرع أنجال حفني في اتخاذ إجراءات نزع ملكية الـ 347 ف وعارض والدي في هذا التنبيه في القضية 457 سنة 1939 كلي الإسكندرية وأوقفت المعارضة لإشهار إفلاس أنجال حفني - وبما أنه بعد أن استلمتم تركة المفلسين ودفاترهم وفحصتم حساباتهم قدمتم عدة تقارير ورد في أحدها أن شركة حفني كانت قد دفعت عن والدي 10000 ج بموجب كمبيالة إلى خلفاء الديب وعمل بالمبلغ رهنية بحساب جار - وقد اشتغل والدي مع محل أنجال حفني وتصفى حسابه فكانت النتيجة أن والدي يداينه بمبلغ 500 ج بعد سداد مبلغ الـ 4000 ج التي فتح له بها حساب جار برهنية جديدة - وخصمت الخمسمائة جنيه من أصل حساب المدين في محل حفني - وأوقف السير في دعوى المعارضة - نتيجتها الرفض - وبما أنه قد ورد في تقارير أخرى مقدمة في قضية الإفلاس أنه ثابت من فحص دفاتر المحل أن الحساب الجاري مسدد كذلك، وأن أولاد حفني تنازلوا فيما بينهم عن الفوائد المستحقة لهم واستنزلوه من أصل ما كانوا يستحقونه - وبما أن الأطيان التي كانت مرهونة من أجل الـ 10000 ج قد نزعت ملكيتها ورسا مزادها على الشركة العقارية في 8 يونيه سنة 1932 أي أن المبلغ الذي كانت مرهونة من أجله تلك الأطيان أصبح بدون تأمين - وبما أنه ثابت من التقارير المودعة في قضية الإفلاس والدفاتر التي تحت يدكم أن مبلغ الـ 4000 ج قد تسددت هي الأخرى وأن مبلغ 500 ج قد فاض من ذلك الحساب - وخصم من أصل الديون المستحقة لأنجال حفني - وبما أن ال 347 ف الضامنة لمبلغ ال40000 ج كان قد سبق رهنها لصالح الشركة العقارية التي حل محلها بنك التسليف العقاري مقابل 28000 ج وفوائدها - أي أن ثمن الأطيان لا يفي بسداد دين صاحب حق الامتياز الأول لأن الفوائد لا تساوي من الثمن أكثر من 60 ج - وبما أنه يتضح من ذلك أن الديون قد تسددت وأنه على فرض وجود البعض منها فإنها ديون ميتة - وبما أنه إبراء لذمة المدين بعد وفاته فمن المهم أن يثبت ذلك فعلاً وبصفة قاطعة - وبصفتي أحد الورثة فإني على استعداد لدفع مبلغ 350 ج للتفليسة مقابل تحويلي لجميع الديون التي تحررت عنها سندات أو عقود رهن بعد موافقة مأمور التفليسة - وقد تناولت محكمة الاستئناف أثر هذا الطلب على انقطاع التقادم فقالت "إنه يبين أن طلب التسوية لم يشمل عقد 11 يونيه سنة 1928 وإنما انصب على عقدي 22 سبتمبر سنة 1928 و29 سبتمبر سنة 1929 وهو ما فهمه وكيل الدائنين وما تقدم به إلى مأمور التفليسة وما صدر به قراره وما نفذه وكيل الدائنين وما قصده عبد الحميد أما القول بأنه ورد في عقد البيع أن من حق المشتري المطالبة بالدين بموجب عقدي الرهن والسندات الإذنية. وأن الإشارة إلى السندات الإذنية يتضمن عقد 11 يونيه سنة 1928 لأنه محرر به سند إذني فهو قول غير مقبول لأن المقصود بالسند الإذني هو السند الذي تحرر به المبلغ الذي تصفى به عقد 22 سبتمبر سنة 1928 بمبلغ 6115 ج و526 م وأمر هذه التصفية وتحرير سند بهذا المبلغ مسلم بهما من الخصوم وليس أدل على ذلك من أن وكيل الدائنين لم يسلم إلى المشتري سوى هذين العقدين ولذلك عندما حكم ابتدائياً ببطلان التسوية أقام دعوى مستعجلة بطلب تسليمه صورة تنفيذية من كل من العقدين على أساس أنه سلمهما إلى المشتري الذي رفض إعادتهما إليه. ولم يرفع الدعوى رقم 381 سنة 1947 مستعجل إسكندرية بطلب صورة تنفيذية من عقد 11 يونيه سنة 1928 إلا بعد أن تبين له أنه غير موجود في أوراق التفليسة وحيث إنه لكل هذا لا يكون للاعتراف المنسوب إلى عبد الحميد قرقوره وجود في الأوراق لأن الإقرار القاطع للتقادم يجب أن يكون خالياً من اللبس وبصورة لا غموض فيها وتكشف عن نية المدين في الاعتراف بالدين وهو أمر منعدم في هذه الدعوى" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وإن كان فيه مخالفة للثابت في الأوراق لأن عبارة الطلب تشير إلى عقد 22 سبتمبر سنة 1928 الذي اشتملت نصوصه على اعتراف بالدين السابق عليه موضوع عقد الحلول ومقداره 10000 ج ولأن هذا الطلب أحال على تقرير السنديك الذي حدد الديون الباقية للتفليسة في ذمة ورثة قرقورة بمبلغ 15575 ج إلا أن هذه المخالفة غير مؤثرة في صحة النتيجة التي انتهى إليها الحكم في هذا الخصوص - ذلك أن دلالة هذا الطلب في اعتراف المطعون عليه الأول بالدين محل النزاع وفيما يترتب عليه من الأثر في قطع التقادم هو من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض - ولما كانت محكمة الاستئناف قد اعتبرت ما احتواه هذا الطلب من خلط بين الديون الثلاثة وبين القول في أكثر من موضع منه بأن الديون مسددة وميتة - اعتبرت هذا لبساً وغموضاً في الإقرار يجعله غير كاشف عن نية المدين في الاعتراف بالدين وهو ما يلزم توافره في الإقرار القاطع للتقادم - فإن هذا التعليل السائغ يكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه ويكون النعي عليه بالقصور في هذا الخصوص على غير أساس - والنعي مردود في شقه الثاني أن الحكم المطعون فيه قد تناول هذا الطلب ورد عليه بأن الإقرار المدعى به لا وجود له بالأوراق وبالتالي لا يمكن الاستدلال منه على ما يريده الطاعنان - وهذا الذي قرره الحكم يعتبر رداً كافياً - وفي خصوص الشق الثالث من النعي فهو مردود بأن الخطاب المشار إليه في سبب النعي قد وجهه محمد وعبد الفتاح قرقوره إلى زكي حفني أحد المفلسين يقولان فيه إنهما علما أن بنك مصر يريد بيع دين التفليسة قبل مورثهما وأن الخبير الذي ندبه لتقدير ثمن الـ 347 ف قدرها بأقل من قيمتها ولم يقم بمعاينتها وأن عقد الإيجار المحرر عنها هو عقد صوري وأنهما يقرران هذه الحقيقة إبراء لذمة والدهما وقد تناولت محكمة الاستئناف دلالة هذا الخطاب فقالت" أما القول بأنهما أرادا بخطابهما عقد 11 يونيه سنة 1928 لأنه في تاريخ كتابته كان قد ثبت أن دين عقد 22 سبتمبر سنة 1928 وعقد 29 أغسطس سنة 1929 كانا قد تصفيا على أساس أن الدين الأول رصيده 6000 ج وكسور وأن الدين الثاني تسدد بزيادة 500 ج كما هو ظاهر من دعوى المعارضة في التنبيه. فإن هذا القول لا يصلح أساساً لتقرير أن محمد وعبد الفتاح اعترفا بين 11 يونيه سنة 1928 لأنه لا شأن لهما بملف التفليسة والاطلاع على تقرير السنديك. كما أن المعارضة في تنبيه نزع الملكية الخاص بعقد فتح الاعتماد المؤرخ 29 أغسطس سنة 1929 كانت لا تزال منظورة وقضى فيها بندب خبير لبحث ما إذا كانت قيمته قد تسددت أم لا. ثم قضى فيها في سنة 1946 بإلغاء التنبيه على أساس أن ذمة المورث بريئة من ذلك العقد - وقد اشتمل هذا التنبيه على نزع ملكية 347 ف وهي الأطيان التي كانت محلاً لتقدير ثمنها - واعترض محمد وعبد الفتاح قرقوره على تقدير الثمن في خطابيهما" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه في نفي دلالة خطاب 10 يناير سنة 1941 على قطع التقادم هو استخلاص موضوعي سائغ تستقل به محكمة الموضوع على ما سلف بيانه في معالجة الشق الأول - أما الشق الرابع من هذا النعي فمردود بأنه يشترط لانقطاع التقادم بتدخل الدائن في دعوى أن يتمسك فيها بحقه في مواجهة المدين - وإذ كان الثابت من مطالعة محضر جلسة 27 أكتوبر سنة 1942 في قضية نزع الملكية رقم 384 سنة 1942 الإسكندرية التي تدخل فيها أنجال حفني وصدر فيها الحكم بقبول تدخلهم وبنزع الملكية أن ورثة قرقوره لم يحضروا هذه الجلسة، فلا يكون من شأن هذا التدخل قطع التقادم، وبالتالي يكون النعي على الحكم بالقصور لإغفاله بحث أثر هذا التدخل في قطع التقادم غير منتج - والنعي مردود في شقه الأخير بأن المطالبة أمام القضاء المستعجل بتسليم صورة تنفيذية من عقد الحلول وإن كانت تمهد للتنفيذ إلا أنه لا يستنتج منها المطالبة الصريحة بالحق المهدد بالسقوط ولا تنصب على أصل الحق، إذ هي كما قال الحكم المستعجل الذي صدر بتسليم الصورة التنفيذية من ذلك العقد تعالج صعوبة تقوم في سبيل صاحب الحق الذي فقد سنده التنفيذي فلا أثر لها في انقطاع سير التقادم. ومن ثم فلا تثريب على محكمة الاستئناف إذ هي لم تتناول أثر هذه الدعوى المستعجلة على سير التقادم.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السببين الأول والخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور ذلك أن الطاعن الأول تمسك في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف أن الدين الأول موضوع عقد الحلول المؤرخ 11 يونيه سنة 1928 والدين الثاني كل لا يقبل التجزئة طبقاً لما ينص عليه البند 16 من العقد الثاني المؤرخ 22 سبتمبر سنة 1928 ولما كان الدين الثاني لا نزاع عليه من الطرفين فإن قيامه يمنع من سقوط الدين الأول تحقيقاً لأثر عدم قابلية الدينين للتجزئة وقد أطرح الحكم هذا الدفاع وقضى بسقوط الدين الأول جميعه من قيام الدين الثاني ورغم أن الدفع بسقوط الدين الأول لم يبد إلا من بعض ورثة قرقوره فلا يجوز أن يفيد منه إلا من دفع به، وقد تمسك الطاعنان بأن إقرارات الأخوة الثلاثة أولاد قرقوره بالدين يتعدى أثرها في قطع التقادم إلى باقي الورثة إعمالاً لآثار الالتزام غير القابل للانقسام - فيقطع التقادم بالنسبة للورثة جميعاً - وقد ذهب الحكم الابتدائي إلى أن الإقرارات الصادرة من بعض الورثة لا يتعدى أثرها المقرين بها فخالف بذلك قاعدة عدم قابلية الدين للانقسام التي نص عليها عقد 22 سبتمبر سنة 1928.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الدين الثاني قد تصفى باتفاق الطرفين وتحرر به سند مستقل برصيد الحساب الجاري في 27 أغسطس سنة 1929 ومفاد ذلك أن الحكم قد اعتبر أن العقد الثاني المؤرخ 22 سبتمبر سنة 1928 لم يفقد الدينين استقلالهما ونفي أن الدينين كل لا يقبل التجزئة - ومردود في شقه الثاني بأن ورثة المدين - باعتبارهم شركاء في تركته كل منهم بحسب نصيبه إذا أبدى واحد منهم دفاعاً مؤثراً في الحق المدعى به على التركة كان في إبدائه نائباً عن الباقين فيستفيدون منه، وذلك لأن التركة منفصلة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة، وللدائنين عليها حق عيني بمعنى أنهم يتقاضون منها ديونهم قبل أن يؤول شيء منها للورثة، وبصرف النظر عن نصيب كل منهم منها. وعلى هذا الاعتبار يكون دفع المطالب الموجهة إلى التركة في شخص الورثة غير قابل للتجزئة ويكفي أن يبديه البعض ليستفيد منه البعض الآخر من الورثة فإذا ما تمسك المطعون عليهم التسعة الأول بسقوط دين مورثهم بالتقادم فإنهم يكونون في إبداء هذا الدفع نائبين عن باقي الورثة الذين لم يشتركوا في الدعوى ويفيد من الحكم الصادر بسقوط الدين بالتقادم الورثة الآخرون الذين لم يشتركوا في الدعوى على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أما ما يثيره الطاعنان من أن إقرارات الإخوة الثلاثة أولاد قرقوره يتعدى أثرها في قطع التقادم إلى باقي الورثة إعمالاً لآثار الالتزام غير القابل للانقسام فمردود بأنه فضلاً عن أن إقرار الوارث حجة قاصرة على المقر - لا يترتب عليه قطع التقادم بالنسبة للورثة الآخرين طبقاً لما جرى به قضاء هذه المحكمة فإن الحكم المطعون فيه قد نفي دلالة الإقرارات المنسوبة إلى الإخوة الثلاثة على انقطاع سير التقادم كما سلف البيان فلم تكن به حاجة لمعالجة أثر هذه الإقرارات في قطع التقادم بالنسبة لباقي الورثة. ويكون النعي على الحكم الابتدائي فيما ذهب إليه مخالفاً لهذا النظر غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الثامن على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق ذلك أنه فضلاً عن أن التقادم قد انقطع فإنه قد وقف ابتداء من 7 أكتوبر سنة 1940 وهو تاريخ طلب التسوية من المطعون عليه الأول أو على الأقل من 28 ديسمبر سنة 1940 تاريخ صدور قرار مأمور التفليسة بالموافقة عليها - حتى 26/ 4/ 1945 تاريخ صدور الحكم الاستئنافي ببطلان التسوية - وذلك لاستحالة المطالبة بالدين موضوع النزاع في هذه الفترة - وقد أخذ الحكم الابتدائي بهذا النظر ولكن الحكم المطعون فيه ألغى هذا القضاء بمقولة إن ذلك أصبح غير ذي موضوع بعد أن رأى أن طلب التسوية والعقد الذي تحرر به لا يتناولان عقد الحلول الصادر في 11 يونيه سنة 1928 ولا شأن للنزاع الذي أثير حول التسوية بهذا الدين. فخالف بذلك الثابت في طلب التسوية من اعتراف بالدين محل النزاع.
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك أن التقادم في ظل القانون المدني القديم الذي يحكم واقعة النزاع هو خمسة عشر سنة هجرية تبدأ من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 30 إبريل سنة 1929 وتنتهي في 26 نوفمبر سنة 1943 وهو ما لم ينازع فيه أحد من الطرفين - وقد أخطأ الحكم الابتدائي في احتساب مدة الوقف التي استحال فيها على الطاعن الأول المطالبة بالدين. وقال إنها أربع سنوات وشهر وأربعة أيام بدأت في 22 مارس سنة 1941 تاريخ إحالة مأمور التفليسة موضوع التسوية على المحكمة التجارية وانتهت في 26 إبريل سنة 1945 تاريخ الحكم النهائي الصادر بعدم الموافقة على التسوية - فإذا أضيفت مدة الوقف بعد استئناف سير التقادم فإن الدين لا يتقادم لأن ميعاد سقوط في أول يونيه سنة 1949 يجئ تالياً لانقطاع التقادم الحاصل بإعلان تنبيه نزع الملكية إلى ورثة قرقوره في 19 أغسطس 1948 - ولما كانت القاعدة الصحيحة ألا تحسب المدة التي وقف سير التقادم في خلالها ضمن مدة التقادم وإنما تعتبر المدة السابقة على الوقف معلقة حتى يزول سبب الوقف، فإذا زال يعود سريان المدة وتضاف المدة السابقة إلى المدة اللاحقة. وبتطبيق هذه القاعدة يستأنف التقادم سيره من 26 إبريل سنة 1945 حتى يكتمل بإضافة المدة التي كانت باقية في التقادم قبل وقفه وهي 980 يوماً. وبذلك يكتمل التقادم في نهاية سنة 1947 - ويكتمل كذلك قبل إعلان تنبيه نزع الملكية على أساس ما جاء في سبب النعي من أن التقادم قد وقف ابتداء من 7 أكتوبر سنة 1940 تاريخ طلب التسوية أو من 28 ديسمبر سنة 1940 تاريخ صدور قرار مأمور التفليسة بالموافقة عليها - لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت في الأوراق يكون غير منتج لأنه سواء تعلقت التسوية بعقد الحلول الصادر في 11 يونيه سنة 1928 أو لم تتعلق به فإن وقف التقادم لم يؤثر في الحالين على اكتمال التقادم ولا يمتنع معه سقوط الدين.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
(1) راجع نقض 2/ 5/ 1962 طعن 87 س 28 ق السنة 14 ص 631.
(2) راجع نقض 6/ 2/ 1964 طعن 91 س 29 ق السنة 15 ص 199، 7/ 6/ 1962 طعن 495 س 26 ق السنة 13 ص 774.
(3) راجع نقض 7/ 6/ 1962 طعن 495 س 26 ق السنة 13 ص 774.