الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 18 أغسطس 2021

الطعن 4 لسنة 45 ق جلسة 24 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ج 2 أحوال شخصية ق 303 ص 1636

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي؛ والدكتور عبد الرحمن عياد؛ ومحمد الباجوري؛ وإبراهيم هاشم.

---------------

(303)
الطعن رقم 4 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"

1)،  (2 حكم "بيانات الحكم". نيابة عامة. أحوال شخصية. بطلان.
 (1)إغفال الحكم اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية. لا بطلان. كفاية إبداء النيابة الرأي بالفعل والإشارة إلى ذلك في الحكم.
 (2)عدم وجوب إبداء النيابة رأيها في كل خطوة من خطوات الدعوى. بطلان الحكم لعدم إبداء رأي النيابة. شرطه. أن تطلب النيابة الكلمة الأخيرة ولا تجيبها المحكمة إلى طلبها.
3)  (6 -أحوال شخصية "قواعد الإثبات الشرعية". إثبات.
 (3)شروط قبول الشهادة على حقوق العباد في المذهب الحنفي. موافقتها للدعوى. المقصود بالموافقة التامة والموافقة التضمنية. كفاية الموافقة في المعني دون اللفظ. مثال في دعوى طلاق.
(4) موافقة الشهادة للشهادة، شرائط ذلك في المذهب الحنفي. كفاية تطابق اللفظين على إفادة المعنى سواء كان ذلك بعين اللفظ أو بمرادف له. مثال في دعوى طلاق.
(5) اختلاف الشاهدين في الزمان والمكان. لا أثر له متى كان المشهود به قولاً محصناً.
 (6)الاختلاف بين الشهادتين في القذف. لا أثر لاختلاف الزمان والمكان. الاختلاف بين الإنشاء والإقرار. أثره. عدم قبول الشهادة. مثال في دعوى طلاق.
 (7)مسئولية. تعويض.
الحق في التبليغ عن الجرائم. مساءلة المبلغ مدنياً عن التعويض. شروطه.
(8) أحوال شخصية "طلاق" "ضرر".
طلب الزوج التطليق للضرر. ماهية الضرر. إيذاء الزوج زوجته بالقول أو بالفعل. التشهير بارتكاب الزوجة إحدى الجرائم. اعتباره إضراراً بها.
 (9)محكمة الموضوع "تقدير الدليل".
استقلال محكمة الموضوع بتقدير عناصر الضرر دون رقابة متى استندت على أدلة مقبولة.
(10) أحوال شخصية. دعوى.
اختلاف دعوى الطاعة عن دعوى التطليق موضوعاً وسبباً. النشوز لا يعد مانعاً من نظر دعوى الزوجة بالتطليق. التفات محكمة الموضوع عن دلالة حكم الطاعة في دعوى التطليق. لا خطأ.
 (11)محكمة الموضوع "تقدير الدليل" "شهادة الشهود" أحوال شخصية. قوة الأمر المقضي.
تقرير الدليل لا يحوز قوة الأمر المقضي. جواز الأخذ بأقوال شاهد سبق التشكك في شهادته في دعوى أخرى.

-------------
1 - النص في الفقرة الأولى من المادة 178 من قانون المرافعات على أنه "يجب أن يبين في الحكم...... أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة وحضروا تلاوته وعضو النيابة الذي أبدى الرأي في القضية إن كان والنص في الفقرة الثانية على أن "عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم يترتب عليه بطلان الحكم" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية ليس من البيانات الأساسية التي يترتب على إغفالها بطلان الحكم، وإذ كانت النيابة قد أبدت رأيها في القضية وأثبت ذلك في الحكم فإن النعي عليه لخلوه من بيان اسم عضو النيابة يكون على غير أساس.
2 - إذا كان الثابت أن النيابة أبدت رأيها بمذكرة قبل حجز الدعوى للحكم أمام محكمة الاستئناف بجلسة 20/ 5/ 1974 ثم طلبت بعد إعادة الدعوى للمرافعة وبجلسة 17/ 6/ 1974 التأجيل لإبداء الرأي فاستجابت المحكمة لطلبها، وفي الجلسة التالية لم تبد رأياً فحجزت المحكمة الدعوى مرة أخرى لإصدار الحكم ولما كان القانون لا يوجب إبداء النيابة رأيها في كل خطوة من خطوات الدعوى إذ يحمل سكوتها أنها لم تر فيها ما يغير رأيها الذي سبق أن أبدته، وكان بطلان الحكم لعدم إبداء رأي النيابة لا يصادف محله إلا إذا طلبت النيابة الكلمة الأخيرة وحيل بينها وبين ما أرادت وهو ما لم يحصل في الدعوى فإن النعي يكون على غير أساس.
3 - من المقرر في الفقه الحنفي أنه يشترط لقبول الشهادة على حقوق العباد أن تكون موافقة الدعوى فيما تشترط فيه الدعوى فإن خالفتها لا تقبل، وقد تكون الموافقة تامة بأن يكون ما شهد به الشهود هو عين ما ادعاه المدعي، وقد تكون الموافقة ببعض الدعوى وتسمى موافقة تضمنية وهي تقبل اتفاقاً ويأخذ القاضي بما شهد به الشهود باعتباره القدر الثابت من المدعي بالبينة، ولا تلزم الموافقة في اللفظ بل تكفي الموافقة في المعنى والمقصود سواء اتحدت الألفاظ أو تغايرت لما كان ذلك وكانت المطعون عليها قد أقامت دعواها بالتطليق استناداً إلى أن الطاعن أساء عشرتها وأضر بها وأنه دأب على الاعتداء عليها بالضرب والسب وضربت لذلك المثل الذي ساقته فإن شهادة شاهديها المتضمنة أن الطاعن وجه إليها ألفاظ سباب تكون ألفاظاً واردة على الدعوى والمقصود بها وتكون المطابقة قائمة بين الشهادة والدعوى.
4 - إنه وإن كان اشتراط التعدد في الشهادة في الشرع الإسلامي إنما يعني أصلاً موافقة الشهادة للشهادة بحيث ترد أقوال كل شاهد مطابقة لأقوال الآخر. ولئن اختلفت الأقوال عند الحنفية فيما يتعلق بشرائط موافقة الشهادة للشهادة بين الإمام وصاحبيه، فبينما يرى الصاحبان الاكتفاء بالموافقة التضمنية أسوة بمطابقة الشهادة للشهادة، إذ برأي الإمام يوجب لقول الشهادة تطابق لفظي الشاهدين بطريق الوضع لا بطريق التضمن، إلا أن المراد عنده أيضاً هو تطابق اللفظين على إفادة المعنى سواء كان ذلك بعين اللفظ أو بمرادف له، وإذ كان البين أن الشاهدين قد توافقت أقوالهما في العبارة الأولى من الطاعن، وأنهما وإن اختلفا في العبارة الثانية إلا أن كلا العبارتين تحقق ذات المعنى المتواضع عليه عرفاً في أنهما من ألفاظ السباب المترادفة والتي تعني مقصوداً واحداً، الأمر الذي يسوغ معه القول بمطابقة الشهادة للشهادة في هذا المجال.
5 - المقرر في الفقه الحنفي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان المشهود به قولاً محضاً فإن اختلاف الشاهدين في الزمان والمكان لا يمنع من قبول الشهادة لأن اللفظ مما يعاد ويكرر.
6 - الفتوى على أن الاختلاف بين الشهادتين في القذف لا يمنع من قبول الشهادة طالما اقتصر على الزمان والمكان بخلاف ما إذا كان الاختلاف بين الإنشاء وبين الإقرار فلا تقبل إجماعاً، وهو أمر غير متوافر في واقعة الدعوى لأن كلا الشهادتين من قبيل الإنشاء، هذا إلى أن الواقعة المطلوب إثباتها هي الإضرار الحادث بالزوجة من الزوج والذي يجيز للزوجة طلب التطليق، وما ألفاظ السباب إلا الدليل عليه وهي أمور تعاد وتكرر بالنسبة للمعنى المقصود منها، ومن ثم فإن الاختلاف في الشهادة زماناً ومكاناً في المظهر الذي استدل بها كل منهما على وقوع الإضرار وهي الأقوال التي سمعها الشاهدان ونقلاها ليس بضائر شهادتهما.
7 - الأصل أن التبليغ من الحقوق المباحة للأفراد واستعماله لا يدعو إلى مؤاخذة طالما صدر مطابقاً للحقيقة حتى ولو كان الباعث عليه الانتقام والكيد، لأن صدق المبلغ كفيل أن يرفع عنه تبعة الباعث السيئ، وإن المبلغ لا يسأل مدنياً عن التعويض إلا إذا خالف التبليغ الحقيقة أو كان نتيجة عدم ترو ورعونة.
8 - يشترط للحكم بالتطليق للضرر وفق المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 توافر وقوع الضرر أو الأذى من جانب الزوج دون الزوجة، وأن تصبح العشرة مستحيلة بين أمثالهما، ولما كان الضرر هو إيذاء الزوج لزوجته بالقول أو بالفعل ويدخل في ذلك التشهير بارتكاب إحدى الجرائم، وكان البين أن محكمة الموضوع ذهبت إلى أن الطاعن تسرع في التبليغ ضد المطعون عليها بمقارفة جريمة الإجهاض وأنه لم يثبت من التحقيقات التي أجريت أنها كانت حاملاً وتخلصت من حملها، وأن تقرير مفتش الصحة لا يفيد الجزم بحدوث إجهاض لما قرره من أن الظواهر التي أسفر عنها الكشف توجد في سائر السيدات اللاتي سبق لهن الولادة، وأنه لم ينتج عن هذا التبليغ أية معفيات واستخلص من ذلك أن الطاعن كان يستهدف الإضرار بالمطعون عليها بحيث لا تدوم العشرة بينهما وكان لهذا القول مأخذه من الأوراق، فإن هذا الاستخلاص يقوم على أسباب سائغة ويكون النعي على الحكم على غير أساس.
9 - إذ كانت محكمة الموضوع تستقل بتقدير عناصر الضرر دون رقابة محكمة النقض ما دامت استندت إلى أدلة مقبولة، وكانت المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية لم تتخذ من واقعة الاتهام بالزنا عنصراً، فإن محاولة الطاعن الاستعانة به للتزرع بأن ألفاظ السباب الموجهة لا تكفي لإثبات الضرر ولا تسوغ التفريق لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير أسباب الضرر مما يستقل به قاضي الموضوع دون رقابة ويكون النعي على الحكم الفساد في الاستدلال غير وارد.
10 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دعوى الطاعنة تختلف في موضوعها وسببها عن دعوى التطليق للضرر، إذ تقوم الأولى على الهجر وإخلال الزوجة بواجب الإقامة المشتركة والفرار في منزل الزوجية، بينما تقوم الثانية على ادعاء الزوجة إضرار الزوج بما لا يستطاع دوام العشرة، وأن النشوز ليس بمانع بغرض حصوله من نظر دعوى التطليق والفصل فيها، لما كان ذلك فإنه لا تثريب على محكمة الموضوع إذ هي رفضت الاستجابة لطلب الطاعن - الزوج - تقديم حكم الطاعة وأبت التعويل على دلالتها لاختلاف المناط في كل منهما.
11 - إذ كان تقدير الدليل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يحوز قوة الأمر المقضي فإنه لا على المحكمة إن هي أخذت في دعوى التطليق للضرر بشهادة شاهد سمعته هي وكانت المحكمة الجزئية قد تشككت في صحة شهادته في دعوى الطاعة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1195 لسنة 1969 أحوال شخصية أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة وقالت شرحاً لدعواها إنها زوجة له بموجب عقد شرعي صحيح مؤرخ 4/ 4/ 1968، وإذ امتنع عن الإنفاق عليها، وأبلغ ضدها كذباً بأنها أجهضت نفسها، ودأب على الاعتداء عليها بالضرب والسب في الطريق العام وفي ذلك إضرار بها بما لا تستقيم معه الحياة الزوجية بينهما فقد أقامت دعواها بطلبها سالف البيان. وبجلسة 13/ 1/ 1970 أضافت المطعون عليها العجز الجنسي للطاعن كسبب للتطليق. وبتاريخ 26/ 5/ 1970 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أنها زوجة للطاعن بصحيح العقد الشرعي ومدخولته وأنها في عصمته وطاعته وأنه أضر بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، وبعد سماع شهود الطرفين عادت فحكمت بتاريخ 6/ 3/ 1971 بتطليق المطعون عليها على الطاعن طلقة بائنة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 31 لسنة 88 ق القاهرة، ومحكمة الاستئناف حكمت في 17/ 10/ 1971 باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقيد برقم 26 لسنة 41 ق، وبتاريخ 31/ 10/ 1973 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وبعد إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف وبتاريخ 19/ 2/ 1975 حكمت بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالوجه الثالث من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان لخلوه من بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية، ولأنه بعد إعادة الدعوى للمرافعة بجلسة 20/ 5/ 1974 وتقديم الطرفين مستندات جديدة ومذكرات طلبت النيابة بجلسة 17/ 6/ 1974 التأجيل لإبداء الرأي، إلا أنه بعد أن أحيلت الدعوى إلى دائرة أخرى نظرتها بجلسة 16/ 11/ 1974 وقررت حجزها للحكم فحالت بذلك بين النيابة وبين إبداء رأيها الذي كانت قد طلبته من قبل بالمخالفة لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 9 من قانون المرافعات.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 178 من قانون المرافعات على أنه "يجب أن يبين في الحكم...... أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته وعضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية إن كان"، والنص في الفقرة الثانية في أن "عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم يترتب عليه بطلان الحكم"، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية ليس من البيانات الأساسية التي يترتب على إغفالها بطلان الحكم، وإذ كانت النيابة قد أبدت رأيها في القضية وأثبت ذلك في الحكم فإن النعي عليه لخلوه من بيان اسم عضو النيابة يكون على غير أساس لما كان ذلك وكان الثابت أن النيابة أبدت رأيها بمذكرة قبل حجز الدعوى للحكم أمام محكمة الاستئناف بجلسة 20/ 5/ 1974 ثم طلبت بعد إعادة الدعوى للمرافعة وبجلسة 17/ 6/ 1974 التأجيل لإبداء الرأي فاستجابت المحكمة لطلبها، وفي الجلسة التالية لم تبد رأياً فحجزت المحكمة الدعوى مرة أخرى لإصدار الحكم وكان القانون لم يوجب إبداء النيابة رأيها في كل خطوة من خطوات الدعوى إذ يحمل سكوتها على أنها لم تر فيها ما يغير رأيها الذي سبق أن أبدته وكان بطلان الحكم لعدم إبداء رأي النيابة لا يصادف محله إلا إذا طلبت النيابة الكلمة الأخيرة وحيل بينها وبين ما أرادت وهو ما لم يحصل في الدعوى فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الأول من الوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم عول في قضائه على ما أشهد به شاهدا المطعون عليها من توجيه الطاعن ألفاظ سباب إليها، في حين أنها لم تستند إلى هذا السبب في صحيفة الدعوى، فقد اقتصرت في أسباب التطليق على إدعاء الإضرار بها للتبليغ عنها بأنها أجهضت نفسها، وأنه اعتدى عليها طبقاً للثابت في شكوى قدمتها ثم أضافت سبب العنة، فتكون شهادة شاهديها على واقعة السب واردة على غير ادعاء ومنفردة عن الدعوى ومنعزلة عنها فلا تعتبر شرعاً، إذ الشهادة على حقوق العباد بالاتفاق لا تقبل بلا دعوى بخلاف حقوق الله تعالى، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر في الفقه الحنفي أنه يشترط لقبول الشهادة على حقوق العباد أن تكون موافقة للدعوى - فيما يشترط فيه الدعوى - فإن خالفتها لا تقبل، وقد تكون الموافقة تامة بأن يكون ما شهد به الشهود هو عين ما ادعاه المدعي، وقد تكون الموافقة لبعض الدعوى وتسمى موافقة تضمنية وهي تقبل اتفاقاً ويأخذ القاضي بما شهد به الشهود باعتباره القدر الثابت من المدعي بالبينة ولا تلزم الموافقة في اللفظ بل تكفي الموافقة في المعنى والمقصود سواء اتحدت الألفاظ أو تغايرت، لما كان ذلك وكانت المطعون عليها قد أقامت دعواها بالتطليق استناداً إلى أن الطاعن أساء عشرتها وأضر بها وأنه دأب على الاعتداء عليها بالضرب والسب وضربت لذلك المثل الذي ساقته فإن شهادة شاهديها المتضمنة أن الطاعن وجه إليها ألفاظ سباب يكون شهادة واردة على الدعوى والمقصود بها ويكون المطابقة قائمة بين الشهادة والدعوى، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالشق الثاني من الوجه الأول من السبب الأول وبالوجه الثاني منه على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بالتطليق على سند من أقوال شاهدي المطعون عليها من سماعهما المطعون عليه يوجه إليها لفظاً نابياً، وأن شهادتهما منصبة على قول فيكفي فيها أن تكون مؤدية إلى حقيقة يمكن استخلاصها من مجموعها وإن اختلفت أقوالهما زماناً ومكاناً، في حين أن لفظ السب الوارد على لسان أحدهما يخالف ما ورد على لسان الآخر شكلاً ومضموناً ومعنى ومبنى فلا تقبل الشهادتان. هذا إلى أن قيام الشهادتان على واقعة تغاير الأخرى زماناً ومكاناً يجعلها شهادة فردية لم يكتمل لها النصاب الشرعي اعتباراً بأن كل شاهد تحمل على زعمه الشهادة وحده على واقعة معينة دون اشتراك الآخر معه في سماعها، فتصبح الواقعة التي شهد بها كل غير ثابتة لعدم قيام البينة الشرعية عليها، بالإضافة إلى أن حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه اعتد بأقوال شخص غير مسلم في تحقيقات الشكوى رقم 4169 لسنة 1966 إداري قصر النيل، مع أن الشهادة عند الحنفية من باب الولاية وهي إخبار صادق في مجلس الحكم بلفظ الشهادة، وأقوال هذا الشخص فضلاً عن عدم إطلاقها بمجلس القضاء لا يجوز قبولها لأنه لا ولاية لغير المسلم على المسلم وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير صحيح، ذلك أنه وإن كان اشتراط التعدد في الشهادة في الشرع الإسلامي إنما يعني أصلاً موافقة الشهادة للشهادة بحيث ترد أقوال كل شاهد مطابقة لأقوال الآخر، ولئن اختلفت الأقوال عند الحنفية فيما يتعلق بشرائط موافقة الشهادة للشهادة بين الإمام وصاحبيه، فبينما يرى الصاحبان الاكتفاء بالموافقة التضمينية أسوة بمطابقة الشهادة للدعوى، إذا برأي الإمام يوجب لقبول الشهادة تطابق لفظي الشاهدين بطريق الوضع لا بطريق التضمن إلا أن المراد عنده أيضاً هو تطابق اللفظين على إفادة المعنى سواء كان ذلك بعين اللفظ أو بمرادف له،
ولما كان الحكم الابتدائي وهو بسبيل سرد أقوال شاهدي المطعون عليها أورد..... وقرر...... أنه سمع المدعى عليه - الطاعن - يسب زوجته المدعية - المطعون عليها - بقوله (يا بنت الكلب يا سافلة)، كما قرر الشاهد...... أنه سمع المدعى عليه يشتم المدعية قائلاً (أنت بنت كلب وسخة).....، وكان البين من ذلك أن الشاهدين قد توافقت أقوالهما على صدور العبارة الأولى من الطاعن وأنهما وإن اختلفا في العبارة الثانية إلا أن كلاً من العبارتين تحقق ذات المعنى المتواضع عليه عرفاً في أنهما من ألفاظ السباب المترادفة والتي تعني مقصوداً.....، والأمر الذي يسوغ معه القول بمطابقة الشهادة للشهادة في هذا المجال. لما كان ذلك وكان المقرر في الفقه الحنفي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان المشهود به قولاً محصناً فإن اختلاف الشاهدين في الزمان أو المكان لا يمنع من قبول الشهادة لأن اللفظ مما يعاد ويكرر؛ وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بثبوت الضرر على ما قرره من أن.... ومن حيث إنه في صدد ما أثاره المستأنف - الطاعن - عن أقوال شاهدي المستأنف ضدها - المطعون عليها - فإن المستفاد من تلاوة هذه الأقوال أنها أجمعت على أن المستأنف أهان المستأنف ضدها بلفظ ناب، وهذا وإن اختلفت أقوال شاهديها زماناً ومكاناً، ذلك أن شهادة الشاهد إنما ترد على الوقائع المطلوب إثباتها جملة وتفصيلاً فيكفي أن تكون مؤدية إلى حقيقة تستخلصها المحكمة من جماع هذه الأقوال وخاصة إذا كانت الشهادة منصبة على قول وغير منصبة على فعل بذاته يتحدد بمكان وزمان معينين ومن حيث إن هذه المحكمة ترى في دعامة الحكم المستأنف من أنه اعتمد على شهادة شاهدي المستأنف ضدها - وهي شهادة - تأخذ بها هذه المحكمة فإن في هذه الدعامة وحدها ما يكفي لحمل قضاء الحكم المستأنف فيما انتهى إليه.... فإن هذا الذي قرره الحكم لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الفتوى على أن الاختلاف بين الشهادتين في القذف لا يمنع من قبول الشهادة طالما اقتصر على الزمان والمكان، بخلاف ما إذا كان الاختلاف بين الإنشاء وبين الإقرار فلا تقبل إجماعاً، وهو أمر غير متوافر في واقعة الدعوى لأن كلا الشهادتين من قبيل الإنشاء. هذا إلى أن الواقعة المطلوب إثباتها هي الإضرار الحادث من الزوج والذي يجيز للزوجة طلب التطليق وما ألفاظ السباب إلا الدليل عليه، وهي أمور تعاد وتكرر بالنسبة للمعنى المقصود منها، ومن ثم فإن الاختلاف في الشهادة زماناً ومكاناً في المظاهر الذي استدل بها كل منهما على وقوع الإضرار، وهي الأقوال التي سمعها الشاهدان ونقلاها ليس بضائر شهادتهما. لما كان ما تقدم وكان تصريح الحكم المطعون فيه بأن أقوال شاهدي المطعون عليها كافية وحدها لحمل قضائه لا يفيد البتة أنه استند إلى الأقوال الواردة بالشكوى المشار إليها بسبب النعي أياً كان وجه الرأي فيها، وما قرره الحكم بعد ذلك من تأييد الحكم الابتدائي لأسبابه ناقلة لا يعتد به، ويكون النعي بكافة وجوهه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في القضاء بالتطليق على أنه بادر بلا مسوغ إلى التبليغ عن زوجته بمقارفة جريمة إجهاض نفسها وترتب على ذلك أنه يبغي الإضرار بها في حين أن التبليغ عن جريمة حق وواجب، وقد أبلغ الزوج عن جريمة تقع أكبر الضرر فيها عليه بحرمانه من وليد كان يرجوه، ولم يثبت أن بلاغه كان كاذباً، بل تأيد بالتقرير الطبي الذي رجح حصول الإجهاض لجنينين ذي ثلاثة أشهر، وإقرار الزوجة بذهابها إلى أحد الأطباء دون علمه، الأمر الذي يهدر اعتباره سبيل إضرار يبيح التطليق. هذا إلى أن استبعاد الحكم لواقعة اتهام المطعون عليها بالزنا بمقولة إنه كان بعد صدور الحكم الابتدائي يتناقض مع ما انتهى إليه قضائه من تأسيس التطليق على مضارتها بألفاظ سباب مدعاة، لأنه طالما كان المعيار شخصياً في تقدير الضرر، فإن مثل هذه الزوجة الخاطئة لا يضيرها توجيه ألفاظ تعد هينة بالقياس إلى سلوكها، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي في غير محله، وذلك أنه وإن كان الأصل أن التبليغ من الحقوق المباحة للأفراد، واستعماله لا يدعو إلى مؤاخذة طالما صدر مطابقاً للحقيقة حتى ولو كان الباعث عليه الانتقام والكيد، لأن صدق المبلغ كفيل أن يرفع عنه تبعة الباعث السيئ، وأن المبلغ لا يساءل مدنياً عن التعويض إلا إذا خالف التبليغ الحقيقة أو كان نتيجة عدم ترو أو رعونة، إلا أنه لما كان يشترط للحكم بالتطليق للضرر وفق المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 توافر وقوع الضرر أو الأذى من جانب الزوج دون الزوجة، وأن تصبح العشرة مستحيلة بين أمثالها، وكان الضرر هو إيذاء الزوج زوجته بالقول أو بالفعل ويدخل في ذلك التشهير بارتكاب أحد الجرائم، وكانت محكمة الموضوع تستقل بتقدير عناصر الضرر دون رقابة من محكمة النقض ما دامت قد استندت على أدلة مقبولة، لما كان ذلك وكان البين أن محكمة الموضوع ذهبت إلى أن الطاعن تسرع في التبليغ ضد المطعون عليها بمقارفة جريمة الإجهاض وأنه لم يثبت من التحقيقات التي أجريت أنها كانت حاملاً وتخلصت من حملها، وأن تقرير مفتش الصحة لا يفيد الجزم بحدوث إجهاض لما قرره من أن الظواهر التي أسفر عنها الكشف توجد في سائر السيدات اللاتي سبق لهن الولادة وأنه لم ينتج عن هذا التبليغ أية معقبات، واستخلص من ذلك أن الطاعن كان يستهدف الإضرار بالمطعون عليها بحيث لا تدوم العشرة بينهما، وكان لهذا القول مأخذه من الأوراق، فإن هذا الاستخلاص يقوم على أسباب سائغة، لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية لم تتخذ من واقعة الاتهام بالزنا عنصراً، فإن محاولة الطاعن الاستعانة به للتذرع بأن ألفاظ السباب الموجهة لا تكفي لإثبات الضرر ولا تسوغ التفريق لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير أسباب الضرر مما يستقل به قاضي الموضوع دون رقابة، ويكون النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال غير وارد.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن محكمة أول درجة لم تستجب لطلبه إعادة الدعوى إلى المرافعة لتقديم الحكم الصادر لصالحه ضد المطعون عليها في دعوى الطاعة، قولاً منها بأنه غير منتج أو مؤثر في الدعوى، في حين أن هذا الحكم أقيم على اعتبار الزوج أميناً على زوجته وعلى انتفاء أي أضرار من جانبه، وفصل محكمة الطاعة في هذه الوقائع وهي ذات وقائع دعوى التطليق يجعلها بمثابة الحقيقة القضائية والقرينة القاطعة على أنها بعدم تنفيذها له تعد ناشزاً لا يجوز الحكم بتطليقها إذ يكون فيه إعانة على ظلمها وعصيانها، وبالتالي فلا تسمع دعوى التطليق شرعاً. هذا إلى أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن أحد شاهدي المطعون عليها أمامها سبق له الإدلاء بأقواله في دعوى الطاعنة وردت المحكمة شهادته لما استبانته من كذبها فلا يجوز من ثم الاعتداد بشهادته، وأن الأسباب التي أبدتها في دعوى التطليق غير صحيحة لأنها أبدت استعدادها في دعوى الطاعة للإقامة مع الطاعن إذا هيأ لها مسكناً شرعياً ذلك قبل إقامتها دعوى التطليق بأيام قلائل، وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع رغم جوهريته فإنه يكون قاصر التسبيب.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دعوى الطاعة تختلف في موضوعها أو سببها عن دعوى التطليق للضرر، إذ تقوم الأولى على الهجر وإخلال الزوجة بواجب الإقامة المشتركة والفرار في منزل الزوجية بينما تقوم الثانية على إدعاء الزوجة إضرار الزوج بما لا يستطاع دوام العشرة، وأن النشوز ليس بمانع بغرض حصوله من نظر دعوى التطليق والفصل فيها، فإن لا تثريب على محكمة الموضوع إذا هي رفضت الاستجابة لطلب الطاعن عن تقديم حكم الطاعة وأبت التعويل على دلالتها لاختلاف المناط في كل منهما. لما كان ذلك وكان تقدير الدليل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يحوز قوة الأمر المقضي، فإنه لا على المحكمة إن هي أخذت في دعوى التطليق للضرر بشهادة شاهدة سمعته هي وكانت المحكمة قد تشككت في صحة شهادته في دعوى الطاعة لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد جعل دعامته الأساسية على أقوال شاهدي المطعون عليها على ما سبق بيانه، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتتبع حجج الخصوم وأوجه دفاعهم والرد على كل منها استقلالاً متى أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله، فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن

الطعن 20 لسنة 45 ق جلسة 15 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ج 2 أحوال شخصية ق 321 ص 1748

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري، وصلاح نصار؛ وإبراهيم هاشم.

---------------

(321)
الطعن رقم 20 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"

 (1)أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين".
التفرقة بين بطلان الزواج وانحلاله. أثر كل منهما.
 (2)دعوى "تكييف الدعوى".
التزام محكمة الموضوع بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح عليها. عدم تقييدها بتكييف الخصوم لها.
(3) دعوى "سبب الدعوى". أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين". عقد. بطلان.
سبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم. مثال في دعوى بطلان زواج.
(4، 5) أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين". زواج. إثبات "عبء الإثبات".
(4) شريعة الأقباط الأرثوذكس. الغش في بكارة الزوجة يجيز إبطال الزواج. توافر الغش بمجرد ادعائها كذباً بأنها بكر على الزوج عبء إثبات أن بكارتها قد أزيلت نتيجة سوء سلوكها.
(5) شريعة الأقباط الأرثوذكس. بطلان الزواج للغش في بكارة الزوجة. نسبي. يزول بالإجازة اللاحقة. ما يعتبر كذلك.
 (6)حكم "تسبيب الحكم".
إغفال المحكمة التحدث عن دفاع لم يطرح دليله أمامها. لا قصور.
 (7)أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين". إثبات "إقرار".
عدم الأخذ بإقرار المدعى عليه من الزوجين ما لم يكن مؤيداً بالقرائن أو شهادة الشهود. م 58 مجموعة 1955 لطائفة الأقباط الأرثوذكس. نطاقه قاصر على الطلاق وإجراءاته دون بطلان الزواج.
(8) محكمة الموضوع "إجراءات الإثبات". إثبات. حكم "تسبيب الحكم".
عدم التزام محكمة الموضوع بإجابة طلب التحقيق متى رأت من ظروف الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها. عدم التزامها بالرد استقلالاً على ما يثيره الخصم.
 (9)دعوى "الخصوم في الدعوى". نيابة عامة. أحوال شخصية.
النيابة العامة تعتبر طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحاكم الجزئية. ق 628 لسنة 1955. عدم سريان المادة 95 مرافعات التي تجيز للخصوم تصحيح الوقائع التي ذكرتها النيابة إلا حيث تكون النيابة طرفاً منضماً.
 (10)أحوال شخصية. نيابة عامة. حكم "بيانات الحكم".
إغفال الحكم بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية. لا بطلان. م 178 مرافعات. كفاية إبداء النيابة رأيها بالفعل والإشارة إلى ذلك في الحكم.

--------------
1 - بطلان الزواج هو الجزاء على استجماع الزواج شروط قيامه وهو ينسحب على الماضي بحيث يعتبر الزواج لم يقم أصلاً وهو بهذه المثابة يفترق عن انحلال الزواج بالتطليق الذي يفترض قيام الزواج صحيحاً مستوفياً أركانه وشرائطه القانونية فيعد إنهاء للزواج بالنسبة للمستقبل مع الاعتراف بكل أثاره في الماضي.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة  (1)  أن قاضي الدعوى ملزم في كل حال بإعطاء الدعوى وضعها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح عليها دون تقيد بتكييف الخصوم لها في حدود سبب الدعوى. والعبرة في التكييف هي بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها لا بالألفاظ التي صيغت فيها هذه الطلبات.
3 - سبب الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة  (2)  - هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم، لما كان ذلك وكان سبب الدعوى حدده المطعون عليه - المدعي بما اتضح له من أن الطاعنة كانت ثيباً عند الدخول وأنها أقرت بسبق الاعتداء - عليها وإزالة بكارتها قبل الزواج وأنه طالبها بالانفصال فامتنعت دون وجه حق، فإن ذلك لا ينم عن إقراره بصحة الزواج. لما كان ما تقدم وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد كيف الواقعة المطروحة عليه - دون أن يضيف إليها جديداً - بأنها في حقيقتها طلب بإبطال الزواج وليست طلباً بالتطليق فإنه لا يجوز الطعن عليه بأنه قد غير سبب الدعوى من تلقاء نفسه ويكون نسبة الخطأ في تطبيق القانون إليه على غير أساس.
4 - النص في المادة 37 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1938 على أنه ".... إذا وقع غش في شخص أحد الزوجين فلا يجوز الطعن في الزواج إلا من الزوج الذي وقع عليه الغش. كذلك الحكم فيما إذا وقع غش في شأن بكارة الزوجة بأن ادعت بأنها بكر وثبت أن بكارتها أزيلت بسبب سوء سلوكها أو في خلوها من الحمل وثبت أنها حامل" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (3) - على أن الغش في بكارة الزوجة يجيز إبطال الزواج على أساس أنه غلط في صفة جوهرية يعيب الإرادة وهو يتوافر بمجرد ادعاء الزوجة أنها بكر على خلاف الحقيقة ثم يثبت فيما بعد أنها لم تكن بكراً وأن الزوج لم يكن على علم بذلك من قبل، شريطة أن يثبت هو أن بكارتها أزيلت نتيجة سوء سلوكها.
5 - النص في المادة 38 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1938 على أنه "لا نقبل دعوى البطلان في الأحوال المنصوص عليها في المادة السابقة إلا إذا قدم الطلب في ظرف شهر من وقت أن أصبح الزوج متمتعاً بكامل حريته أو من وقت أن علم بالغش وبشرط ألا يكون قد حصل اختلاط زوجي من ذلك الوقت" يدل على أن - بطلان الزواج بسبب الغش في بكارة الزوجة أو الغش في شخص أحد الزوجين أو خلو الزوجة من الحمل - بطلان نسبي يزول بالإجازة اللاحقة من الزوج الذي وقع في الغلط بما وقع فيه ويعتبر الاختلاط الزوجي بعد اكتشاف الغلط من قبيل الإقرار اللاحق، لما كان ذلك وكان الحكم قد اتخذ من تاريخ إقرار الطاعنة بتحقيقات النيابة العامة في 10/ 4/ 1973 تاريخاً لعلم الزوج اليقيني بالغش المدعى به، وقضى بقبول الدعوى لرفعها خلال شهر من تاريخ هذا العلم، وكان ما خلص إليه الحكم في هذا الصدد سائغ وله مأخذه من التحقيقات، فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
6 - لا على الحكم المطعون فيه - إن هو أغفل التحدث عن دفاع متجرد عن دليله لم يطرح أمام محكمة الموضوع.
7 - تقضي المادة 58 من قواعد التقنين العرفي لطائفة الأقباط الأرثوذكس الصادر في سنة 1955 بأنه "لا يؤخذ بإقرار المدعى عليه من الزوجين بما هو منسوب إليه ما لم يكن مؤيداً بالقرائن وشهادة الشهود"، وقد وردت هذه المادة ضمن مواد الباب الخاص بالطلاق وإجراءاته ولا صلة لها بالمواد الخاصة ببطلان الزواج وهو مغاير للطلاق.
8 - محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة طلب التحقيق متى رأت من ظروف الدعوى والأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها أو الرد استقلالاً على كل ما يثيره الخصم متى كانت أسباب الحكم مؤدية إلى ما انتهى إليه ولها أصلها الثابت بالأوراق.
9 - المقرر في قضاء هذه المحكمة (4) أنه بعد صدور القانون 628 لسنة 1955 أصبحت النيابة طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحاكم الجزئية، ومن ثم فلا تسري في شأنها المادة 95 من قانون المرافعات - التي تجيز للخصوم تصحيح الوقائع التي ذكرتها النيابة - إذ هي لا تسري - وعلى ما يبين من عبارتها - إلا حيث تكون النيابة طرفاً منضماً.
10 - مفاد نص المادة 178 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية ليس من البيانات الأساسية التي يترتب على إغفالها بطلانه ما دامت النيابة قد أبدت بالفعل رأيها وأثبت ذلك في الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 296 سنة 1973 "أحوال شخصية" أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة طالباً تطليقها منه، وقال بياناً لدعواه إنه تزوج بها في 23/ 7/ 1972 طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس، وإذ فوجئ بأنها ليست بكراً، وأقرت في تحقيقات النيابة العامة أن أحد أقاربها اعتدى عليها وأزال بكارتها قبل الزواج، فقد أقام الدعوى بطلباته، وبتاريخ 1/ 12/ 1973 حكمت المحكمة بإبطال الزواج. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 130 سنة 90 ق "أحوال شخصية" القاهرة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 4/ 3/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر؛ وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الثاني فيها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنه على الرغم من أن المطعون عليه أقام دعواه بطلب التطليق تأسيساً على أنه فوجئ عند الدخول بها بأنها ثيب وأنه طالبها بفصم عرى الزوجية فأبت دون وجه حق، إلا أن الحكم غير أساس الدعوى وذهب إلى أن التكييف الصحيح لها أنها طلب بإبطال الزواج، في حين أن التطليق يختلف اختلافاً جوهرياً عن الإبطال ويفيد إقرار الطاعن أن زواجه تم بناء على عقد صحيح، ولا تملك المحكمة من تلقاء نفسها تغييره لما ينطوي على خلط بين سبب الدعوى وبين تكييفها، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود ذلك أنه وإن كان بطلان الزواج هو الجزاء على عدم استجماع الزواج شروط قيامه وهو ينسحب على الماضي بحيث يعتبر الزواج لم يقم أصلاً، وهو بهذه المثابة يفترق عن انحلال الزواج بالتطليق الذي يفترض قيام الزواج صحيحاً مستوفياً أركانه وشرائطه القانونية فيعد إنهاء للزواج بالنسبة للمستقبل مع الاعتراف بكل آثاره في الماضي، إلا أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قاضي الدعوى يلزم في كل حال بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح عليها دون تقيد بتكييف الخصوم لها في حدود سبب الدعوى، وكانت العبرة في التكييف هي بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها لا بالألفاظ التي صيغت منها هذه الطلبات، وكان سبب الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم، لما كان ذلك وكان سبب الدعوى الماثلة حدده المطعون عليه بما اتضح له من أن الطاعنة كانت ثيباً عند الدخول، وأنها أقرت بسبق الاعتداء عليها وإزالة بكارتها قبل الزواج وأنه طالبها بالانفصال فامتنعت دون وجه حق، فإن ذلك لا ينم عن إقراره بصحة الزواج، لما كان ما تقدم وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد كيف الواقعة المطروحة عليه - دون أن يضيف إليها جديداً - بأنها في حقيقتها طلب بإبطال الزواج، فإنه لا يجوز النعي عليه بأنه قد غير سبب الدعوى من تلقاء نفسه، ويكون نسبة الخطأ في تطبيق القانون إليه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الأول والثالث مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم بنى قضاءه ببطلان الزواج على سند من المادتين 37، 38 من قانون الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، وعلى أنها أقرت في تحقيقات النيابة بأنها كانت ثيباً عند زواجها في حين أن المادة 38 سالفة الإشارة تشترط للقضاء ببطلان الزواج أن ترفع الدعوى به خلال شهر من وقت العلم بالفسق، وهي مدة سقوط يترتب على اقتضائها سقوط الحق ورفع الدعوى، والثابت من تحقيقات النيابة علم الطاعن بفض بكارة الطاعنة يوم دخوله بها وأنه حصل على إقرار منها بذلك في 28/ 1/ 1973 وإذ لم ترفع الدعوى إلا في 18/ 4/ 1973 فإنه يكون متعيناً القضاء بعدم قبولها. هذا إلى أن المادة تشترط أيضاً ألا يحصل اختلاط زوجي من وقت العلم بالفسق وقد أغفل الحكم تحقيق هذا الشرط رغم جوهريته بما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. بالإضافة إلى أنه لا يجوز الأخذ باعتراف الطاعنة وحده بسبق فض بكارتها قبل الزواج لأن شريعة الأقباط الأرثوذكس في المادة 58 من الموسوعة الصادرة سنة 1955 لا تتيح الاعتداد بإقرار أحد الزوجين ما لم يكن مؤيداً بالقرائن وشهادة الشهود استهدافاً لقطع دابر التحايل على أحكام الزواج والطلاق، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 37 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1938 على أنه "إذا وقع غش في شخص أحد الزوجين فلا يجوز الطعن في الزواج إلا من الزوج الذي وقع عليه الغش. وكذلك الحكم فيما إذا وقع غش في شأن بكارة الزوجة بأن ادعت أنها بكر وثبت أن بكارتها أزيلت بسبب سوء سلوكها أو في خلوها من الحمل وثبت أنها حامل"، وفي المادة 38 منها على أنه "لا تقبل دعوى البطلان في الأحوال المنصوص عليها في المادة السابقة إلا إذا قدم الطلب في ظرف شهر من وقت أن أصبح الزوج متمتعاً بكامل حريته أو من وقت أن علم بالغش وبشرط ألا يكون حصل اختلاط زوجي من ذلك الوقت" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الغش في بكارة الزوجة يجيز إبطال الزواج على أساس أنه غلط في صفة جوهرية يعيب الإرادة، وهو يتوافر بمجرد ادعاء الزوجة أنها بكر على خلاف الحقيقة ثم يثبت فيما بعد أنها لم تكن بكراً، وأن الزوج لم يكن على علم بذلك من قبل، شريطة أن يثبت هو أن بكارتها أزيلت نتيجة سوء سلوكها، كما وأن هذا البطلان نسبي يزول بالإجازة اللاحقة من الزوج الذي وقع في الغلط، ويعتبر إجازة لاحقة السكوت عن طلب الإبطال مدة شهر من وقت صيرورة الزوج المبكرة متمتعاً بكامل حريته أو علم الزوج الذي وقع في الغلط بما وقع فيه، ويعتبر الاختلاط الزوجي بعد اكتشاف الغلط من قبيل الإقرار اللاحق. ولما كان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قرر "...... ومن حيث إن المدعي - المطعون عليه - أقام دعواه الماثلة بطلباته استناداً إلى ما ثبت له من أن المدعى عليها - الطاعنة - لم تكن بكراً وقت الزواج، وأنها كانت حاملاً وعلى علاقة آثمة سابقة على الزواج على ما ثبت من المحضر الإداري رقم 2490 سنة 1973 شبرا الذي أقرت فيه الزوجة ذلك، ولم تجحده بجلسات المرافعة، وقد أجريت تحقيقات ذلك المحضر بمعرفة النيابة العامة في 10/ 4/ 1973، وأقام المدعي دعواه الماثلة بصحيفتها المقدمة لقلم الكتاب في 18/ 4/ 1973 والمعلنة في 24/ 4/ 1973" بما مفاده أن الحكم اتخذ من تاريخ إقرار الطاعنة بتحقيقات النيابة العامة في 10/ 4/ 1973 تاريخاً لعلم الزوج اليقيني بالغش المدعي به، وقضي بقبول الدعوى لرفعها خلال شهر من تاريخ هذا العلم. لما كان ذلك وكان ما خلص إليه الحكم في هذا الصدد سائغ وله مأخذه من التحقيقات، وكان الثابت بالأوراق أنه لم يطرح على محكمة الموضوع الإقرار المؤرخ 28/ 1/ 1973 الذي تدعي الطاعنة أنها أقرت فيه بإزالة بكارتها قبل الزواج وقدمته للمطعون عليه قبل رفع دعواه، وكانت الطاعنة لم تدع بحصول اختلاط زوجي بينها وبين المطعون عليه بعد إقرارها له وبتحقيقات النيابة العامة بإزالة بكارتها قبل الزواج، فلا على الحكم إن هو أغفل التحدث عنه. لما كان ما تقدم وكان لا يسوغ التذرع بما أوردته المادة 58 من قواعد التقنين العرفي لطائفة الأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1955 والتي تقضي "بألا يؤخذ بإقرار المدعى عليه من الزوجين بما هو منسوب إليه ما لم يكن مؤيداً بالقرائن أو شهادة الشهود" لأن هذه المادة إنما وردت ضمني مواد الباب الخاص بالطلاق وإجراءاته ولا صلة لها، بالمواد الخاصة ببطلان الزواج، وهو مغاير للطلاق، فلا يجوز القول بالخروج على قواعد الإثبات في هذا المجال، ويكون النعي على الحكم بمخالفة القانون والقصور في التسبيب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها تمسكت في صحيفة الاستئناف بأن اعتراضها في تحقيقات النيابة، وفي إقرارها المؤرخ 28/ 1/ 1973 بأن أحد أقاربها قد اعتدى عليها وأزال بكارتها قبل زواجها بالمطعون عليه، كان وليد إكراه وقع عليها بالضرب والإيذاء والتهديد، وقد طلبت على سبيل الجزم إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عناصر هذا الدفاع الجوهري، غير أن محكمة الاستئناف أغفلت الرد عليه بما يعيب حكمها بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود ذلك أنه لما كانت الطاعنة قد أوردت بصحيفة استئنافها أن المطعون عليه دأب بعد وضع حملها على التعدي عليها بالضرب، وقد حصل بطريق الإيذاء والتهديد على إقرار منها مؤرخ 28/ 1/ 1973 تقر فيه بأن أحد أقربائها قد أزال بكارتها قبل الزواج، وأرغمت نتيجة هذا الإقرار على الاعتراف بأقوالها الواردة بمحضر التحقيق في الشكوى سالفة البيان، وطلبت إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات دعواها، وكان الثابت بالأوراق أنه لم يطرح على محكمة الموضوع هذا الإقرار الذي أشارت إليه الطاعنة، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أن المحكمة تلتفت عما قررته المستأنفة - الطاعنة - من أن المستأنف ضده - المطعون عليه - هو الذي فض بكارتها ذلك أنها اعترفت اعترافاً صريحاً في تحقيقات النيابة التي بأوراق الشكوى المنوه عنها أن خالها هو الذي جامعها وفض بكارتها قبل الدخول على المستأنف ضده ومن ثم تطرح المحكمة هذا الدفاع. لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة طلب التحقيق متى رأت من ظروف الدعوى الأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها أو الرد استقلالاً على كل ما يثيره الخصم طالما كانت أسباب الحكم مؤدية إلى ما انتهى إليه، ولها أصلها الثابت بالأوراق، وكان المستفاد مما أورده الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف تبينت عدم جدية ادعاء الطاعنة بأن إقرارها بفض بكارتها قبل زواجها كان وليد إكراه لاعترافها بذلك اعترافاً صريحاً في تحقيقات النيابة العامة، فإن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب لعدم تناول هذا الدفاع يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وبطلان الإجراءات والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إن محكمة الاستئناف نظرت الدعوى بجلسة 9/ 12/ 1974 وفيها قررت حجزها للحكم لجلسة 3/ 2/ 1975 على أن تبدي النيابة رأيها في ثلاثين يوماً، وفي الجلسة الأخيرة قررت مد أجل الحكم لجلسة 4/ 3/ 1975 لذات السبب، ثم صدر الحكم المطعون عليه في تلك الجلسة، وثبت به أن النيابة قدمت مذكرة طلبت فيها تأييد الحكم المستأنف، وإذ تعد النيابة خصماً منضماً وتجيز المادة 95 من قانون المرافعات للخصوم أن يقدموا للمحكمة بياناً كتابياً لتصحيح الوقائع التي ذكرتها النيابة، وكان قد حيل بين الطاعنة وبين تقديم هذا البيان تبعاً لعدم إتاحة الفرصة لها للاطلاع على تلك المذكرة فإن الحكم يكون مشوباً ببطلان الإجراءات والإخلال بحق الدفاع، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه خلا من اسم عضو النيابة الذي أبدى الرأي في الدعوى، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 أصبحت النيابة طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحاكم الجزئية، ومن ثم فلا تسري في شأنها أحكام المادة 95 من قانون المرافعات، إذ هي لا تسري - وعلى ما يبين من عبارتها - إلا حيث تكون النيابة طرفاً منضماً، لما كان ذلك وكان مفاد نص المادة 178 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية ليس من البيانات الأساسية التي يترتب على إغفالها بطلانه، ما دامت النيابة قد أبدت بالفعل رأيها وأثبت ذلك في الحكم، وكان ذلك الإجراء قد تم، فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع وبطلان الإجراءات يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1) نقض 19/ 6/ 1973 مجموعة المكتب الفني السنة 24 ص 940.
 (2) نقض 4/ 6/ 1996 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 868.
 (3) نقض 3/ 5/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 811.
 (4)نقض 13/ 12/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 1377.

الطعن 3 لسنة 46 ق جلسة 29 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ج 2 أحوال شخصية ق 339 ص 1851

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: عبد الرحمن عياد، محمد الباجوري، صلاح نصار، أحمد وهدان.

--------------

(339)
الطعن رقم 3 لسنة 46 ق "أحوال شخصية"

 (1)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". إثبات "إجراءات التحقيق". خبرة.
لمحكمة الموضوع تقدير عمل الخبير ورأيه دون معقب. عدم التزامها بإجابة طلب ندب خبير آخر أو ضم أوراق أخرى متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لاقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه.
2)،  (3 أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين" "ديانة" إثبات.
 (2)تغير الطائفة أو الملة. اتصاله بحرية العقيدة. تحقق أثره بإتمام طقوسه ومظاهره الخارجية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة.
 (3)إتمام الخطبة أو إبرام عقد الزواج وفقاً لطقوس الطائفة التي ينتمي إليها أحد الزوجين. لا تنهض دليلاً على انضمام الزوج الآخر إلى ذات الطائفة. علة ذلك.
 (4)أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين". دعوى "عدم سماع الدعوى".
ثبوت أن الزوجة كاثوليكية المذهب من قبل زواجها. القضاء بعدم سماع دعوى الزوج بإثبات طلاقه لها بإرادته المنفردة. لا خطأ.

--------------
1 - لمحكمة الموضوع السلطة في تقدير عمل الخبير ورأيه دون معقب عليها باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات، وهي ليست ملزمة بإجابة طلب تعيين خبير آخر أو ضم أوراق أخرى استجابة لطلب أحد الخصوم متى وجدت في تقرير الخبير المنتدب وفي أوراق الدعوى وعناصرها ما يكفي لاقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه.
2 - تغيير الطائفة أو الملة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وإن كان مسألة نفسية يتعلق بحرية العقيدة إلا أنه عمل إداري من جانب الجهة الدينية المختصة لا يتم ولا ينتج أثره إلا بعد إبداء الرغبة فيه وإتمام طقوسه ومظاهره الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة، ويتعين ثبوته على نحو قاطع لا يقبل تأويلاً.
3 - إتمام الخطبة أو إبرام عقد الزواج وفقاً لطقوس الطائفة التي ينتمي إليها أحد الزوجين لا يسوغ له التحدي بانضمام الزوج الآخر إلى ذات الطائفة التي تمت الخطبة أو إبرام الزواج على أساسها، ولا ينهض بذاته دليلاً على تغيير طائفته أو مذهبه لأنه قد يكون المراد به مجرد تيسير توثيق العقد دون مساس بالملة أو المذهب الذي يدين به، وبالتالي فإن رضاء المطعون عليها إجراء الخطبة وعقد الزواج وفقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس التي ينتمي إليها الطاعن وقبولها إتباع طقوسها لا يفيد بذاته تغيير طائفتها وانضمامها إلى طائفة الطاعن (الزوج).
4 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة استخلصت من أوراق الدعوى في حدود سلطتها الموضوعية أن الزوجة المطعون عليها كاثوليكية المذهب منذ 4/ 11/ 1956 - قبل الزواج - وأقامت قضاءها بعدم سماع الدعوى على سند صحيح من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية باعتبار أن طائفة الكاثوليك التي تنتمي إليها المطعون عليها لا تدين بوقوع الطلاق، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 807 سنة 1972 "أحوال شخصية" أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليها طالباً إثبات طلاقه لها، وقال بياناً لدعواه إنه تزوج بها في 17/ 10/ 1958 طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس، وإذ انضم لطائفة الروم الأرثوذكس، واختلفا ملة، وأوقع عليها الطلاق عند رفعه الدعوى بقوله "زوجتي ومدخولتي السيدة..... طالق مني وهذه أول طلقة رجعية"، فقد أقام الدعوى بطلباته. دفعت المطعون عليها بعدم سماع الدعوى تأسيساً على أنها كاثوليكية منذ 4/ 11/ 1956 ومن قبل رفع الدعوى طبقاً لشهادة مؤرخة 19/ 2/ 1972 صادرة من مطرانية الأقباط الكاثوليك بأسيوط ادعى الطاعن بتزوير هذه الشهادة وبتاريخ 27/ 6/ 1972 حكمت المحكمة بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي بأسيوط للاطلاع على مسجل الانضمامات ببطريركية الأقباط الكاثوليك بأسيوط في المدة من 1955 حتى 1972 لبيان ما إذا كانت العبارة المثبتة لانضمام المطعون عليها حررت في تاريخ يرجع إلى 4/ 11/ 1956 أم في تاريخ لاحق، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 19/ 3/ 1974 برفض الادعاء بالتزوير ثم عادت فحكمت في 17/ 12/ 1974 بعدم سماع الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 8 سنة 92 ق "أحوال شخصية" القاهرة طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته، وبتاريخ 16/ 11/ 1975 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأسباب الثلاثة الأولى منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بضرورة ضم السجلات الخاصة بمطرانية الأقباط الكاثوليك بأسيوط حتى تكون تحت بصر المحكمة إذ العبرة بأصول الأوراق، وبأنه لا يقبل القول بعجز الطب الشرعي عن التحقق من تحديد عمر المداد وطالب بعرض الأوراق على قسم أبحاث التزييف والتزوير بمدينة القاهرة حيث تتوافر الإمكانيات، غير أن المحكمة أعرضت عن تحقيق هذا الدفاع الجوهري، وقضت برفض الادعاء بالتزوير، هذا إلى أن التقرير الذي اعتدت به المحكمة يتضمن بيانات تؤدي إلى عدم الاطمئنان إلى صحة القيود الواردة بسجل الانضمام مما يحمل على عدم صحة الشهادة المدعى بتزويرها، بالإضافة إلى أن الحكم أورد أن تاريخ الحبر الذي حررت فيه بيانات الانضمام قديم رغم خلو تقرير الخبير من هذا الوصف، وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي مردود ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قرر "..... إنه بمطالعة أوراق الدعوى وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير نجد أن خبير الدعوى في القضية قد أثبت بتقريره أنه قام بالاطلاع على دفاتر الطائفة الكاثوليكية وسجل الانضمام وسجل أحوال العلاقات المسيحية، وقرر سلامتها جميعاً، وعدم وجود ما يشكك فيها، كما أثبت أن اسم عائل المستأنف ضدها - المطعون عليها مدرج بسجلات مطرانية الكاثوليك، وأن تاريخ الحبر - المداد - قديم، ومن كل هذا يتضح أن خبير الطب الشرعي سلك كافة السبل التي بنى عليها تقريره الذي أخذت به محكمة أول درجة وبنت حكمها عليه بعد أن اكتفت به، وثبت لها يقيناً جدوى الأسس التي بنى عليها هذا الخبير تقريره، ولا يسع هذه المحكمة إلا تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في هذا الخصوص". لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع السلطة في تقدير عمل الخبير ورأيه دون معقب عليها باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات، وهي ليست ملزمة بإجابة طلب تعيين خبير آخر، أو ضم أوراق أخرى استجابة لطلب أحد الخصوم متى وجدت في تقرير الخبير المنتدب، وفي أوراق الدعوى وعناصرها ما يكفي لاقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه، وكان الثابت من الأوراق أن محكمة الدرجة الأولى تحقيقاً لدفاع الطاعن قضت بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي بأسيوط للانتقال إلى بطريركية الأقباط الكاثوليك بأسيوط لفحص سجل الانضمامات لبيان ما إذا كانت العبارات المثبتة لانضمام المطعون عليها ترجع إلى تاريخ تحرير العبارات المثبتة به أو في تاريخ لاحق، وقد أخذت محكمة الاستئناف بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى، بعد أن اقتنعت به ورأت فيه ما يكفي للفصل في النزاع المطروح، فإنه لا تثريب عليها إن لم تندب خبيراً آخر ولم تستجب لطلب الطاعن ضم أصول دفاتر سجل الانضمام للكنيسة طالما أن ما بين يديها من أوراق كاف بذاته لتكوين عقيدتها، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم وكانت المحكمة رتبت على ذلك ثبوت حجة الشهادة بانضمام المطعون عليها لطائفة الأقباط الكاثوليك منذ 4/ 11/ 1956، وكانت هذه الدعامة تكفي وحدها لحمل الحكم، فإن النعي عليه بما أورده بأسبابه من أن الحبر الذي حررت به بيانات انضمام المطعون عليها لكنيسة الكاثوليك قديم خلافاً للثابت بأوراق الدعوى - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتبر أن المطعون عليها ظلت على انتمائها لطائفة الأقباط الكاثوليك منذ انضمامها إليها في 4/ 11/ 1956 وحتى رفع الدعوى، في حين أنه تمت خطبتها للطاعن في 7/ 8/ 1956 ثم وثق عقد زواجهما في 17/ 10/ 1968 وفقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس مما مفاده أنها تخلت عن انضمامها لطائفة الكاثوليك، واتخذت مظهر خارجياً يدل على أنها قبطية أرثوذكسية، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن تغيير الطائفة أو الملة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وإن كان مسألة نفسية تتعلق بحرية العقيدة إلا أنه عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة لا يتم ولا ينتج أثره إلا بعد إبداء الرغبة فيه وإتمام طقوسه ومظاهره الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة، ويتعين ثبوته على نحو قاطع لا يقبل تأويلاً. لما كان ذلك وكان إتمام الخطبة أو إبرام عقد الزواج وفقاً لطقوس الطائفة التي ينتمي إليها أحد الزوجين لا يسوغ له التحدي بانضمام الزواج الآخر إلى ذات الطائفة التي تمت الخطبة أو أبرم الزواج على أساسها، ولا ينهض بذاته دليلاً على تغيير طائفته أو مذهبه لأنه قد يكون المراد به مجرد تيسير توثيق العقد دون مساس بالملة أو المذهب الذي يدين به، فإن رضاء المطعون عليها إجراء الخطبة وعقد الزواج وفقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس التي ينتمي إليها الطاعن وقبولها إتباع طقوسها لا يفيد بذاته تغيير طائفتها وانضمامها إلى طائفة الطاعن. لما كان ما تقدم وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة استخلصت من أوراق الدعوى في حدود سلطتها الموضوعية أن الزوجة المطعون عليها كاثوليكية المذهب منذ 4/ 11/ 1956، وأقامت قضاءها بعدم سماع الدعوى على سند صحيح من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية باعتبار أن طائفة الكاثوليك التي تنتمي إليها المطعون عليها لا تدين بوقوع الطلاق. فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
ولما كان ما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 7 لسنة 42 ق جلسة 19 / 1 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 أحوال شخصية ق 58 ص 276

جلسة 19 من يناير سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمن عباد، وصلاح نصار، وأحمد صلاح الدين وهدان.

-----------------

(58)
الطعن رقم 7 لسنة 42 ق "أحوال شخصية"

 (1)دعوى "التدخل". نقض. "الخصوم في الطعن".
إطراح محكمة الاستئناف طلب التدخل. مؤداه. عدم اعتبار طالب التدخل خصما في الدعوى. اختصامه في الطعن بالنقض. غير مقبول. عدم جواز التدخل لأول مرة أمام محكمة النقض.
 (2)قانون. نظام عام.
استبعاد تطبيق أحكام القانون الأجنبي. مناطه. مخالفتها للنظام العام أو الآداب.
(3) وصية. نظام عام أحوال شخصية.
المنع من التصرف. م 823 مدنى. شروط صحته. الباعث المشروع والمدة المؤقتة. مثال في وصية.
 (4)وصية. قانون. نظام عام.
الوصية بالمنافع. جائزة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي. اختلاف أحكام القانون الأجنبي عن أحكام القانون الوطني في شأن القدر الجائز الإيصاء به وطريقة الانتفاع وترتيب الموصى لهم. لا مخالفة في ذلك للنظام العام.
 (5)وقف. وصية. عقد.
الادعاء بأن نية الموصى قد انصرفت إلى إنشاء وقف لا وصية. لا محل له طالما ثبت انتفاء التأييد للشرط المانع من التصرف.
 (6)وصية. دعوى "المصلحة".
طلب إبطال استنادا إلى تعذر تنفيذ الرغبة التالية للموصي بعد وفاة الموصى لها نعى سابق لأوانه. غير مقبول.
 (7)قانون. إثبات. وصية.
الاستناد إلى قانون أجنبي. مجرد واقعة مادية. على الخصوم إقامة الدليل عليه. مثال بشأن إبطال وصية.

---------------
1 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الأخير طلب قبول تدخله أمام محكمة الاستئناف وإزاء عدم إعلانه طلبه للغائب من الخصوم فقد أطرحته المحكمة، مما مفاده أنها لم تقبل تدخله ولا يعتبر طرفا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، ولما كان لا يجوز التدخل لأول مرة أمام محكمة النقض كما لا يجوز أمامها اختصام من لم يكن طرفا في الخصومة أمام المحكمة الاستئنافية فإن اختصام المطعون عليه السادس يكون غير مقبول.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز استبعاد أحكام القانون الأجنبي الواجبة التطبيق وفقا للمادة 28 من القانون المدني إلا أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو الآداب في مصر بأن تمس كيان الدولة أو تتعلق بمصلحة عامة وأساسية للجماعة.
3 - المادة 823 من القانون المدني لا تبيح اشتراط حظر التصرف إلا لمدة مؤقتة وبناء على باعث مشروع، وهى الحدود التي أباح المشرع في نطاقها الخروج على مبدأ حرية تداول الأموال، وقد استخلص الحكم - المطعون فيه - من عبارات الوصية وفى استدلال سائغ أن الباعث على حظر التصرف الموقوت بحياة الموصى إليها هو حمايتها وتحقيق مصلحتها بما لا خروج فيه على قواعد النظام العام، ومن ثم فإن هذا الذى انتهى إليه الحكم لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون.
4 - الوصية بالمنافع جائزة في الشريعة الإسلامية باتفاق الأئمة الأربعة، وتعتبر صحيحة وفقا لأحكام القانون المدني وقانون الوصية رقم 71 لسنة 1946، ولا يدخل في نطاق مخالفة النظام العام مجرد اختلاف أحكام القانون الأجنبي عن أحكام القانون الوطني في تحديد القدر الذى تجوز فيه الوصية لغير المسلمين أو طريقة الانتفاع بالموصي به، أو ترتيب الموصى لهم بحق الانتفاع.
5 - إذ كانت محكمة الموضوع قد دللت وبأسباب تكفى لحمل قضائها وفى حدود سلطتها لتقدير الدليل على توافر عناصر الوصية، وكان ما تدعيه الطاعنة من انصراف نية الموصى إلى إنشاء وقف لا وصية يتنافى مع انتفاء التأييد، فإن النعي يكون على غير أساس.
6 - إذ كان القول بتعذر رغبة الموصى بعلاج فقراء الطائفة اليهودية - في المستشفى الإسرائيلي بعد أن آلت ملكيتها إلى القوات المسلحة - لا يصادف محلا إلا بعد وفاة الطاعنة والبدء في تنفيذ الشق الثاني من الوصية، فإن التذرع بسبب النعي يكون سابقا لأوانه.
7 - إذ كانت الطاعنة لم تقدم السند الذى يبيح لها طلب إبطال الوصية من نصوص القانون الإسباني عملا بالمادة 17 من القانون المدني، وكان الاستناد إلى قانون أجنبي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعدو أن يكون مجرد واقعة مادية وهو ما يوجب على الخصوم إقامة الدليل عليه، فإن النعي لا يكون مقبولا.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 99 سنة 1965 "أحوال شخصية" أجانب أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم الخمسة الأول بطلب الحكم ببطلان الوصية المحررة من زوجها المرحوم...... بتاريخ 30/ 11/ 1940 بالقنصلية الإسبانية بالقاهرة وبإلغائها وبأحقيتها لكامل تركته ميراثا، وقالت شرحا لها إنها تزوجت من......... الإسباني الجنسية المتوفى بتاريخ 1/ 8/ 1952، عن تركة موجودة في مصر تتمثل في أسهم وسندات وأموال مودعة بالبنوك، عدا فيلا كائنة بالمعادي وكان قد حرر وصية مؤرخة 30/ 11/ 1940 مودعة بالقنصلية الإسبانية بالقاهرة تضمنت إيصاءه لها بحق الانتفاع بجميع أمواله الكائنة بمصر أو بالخارج طيلة حياتها طالما لم تتزوج، وعين المطعون عليه الرابع وآخر منفذين لوصيته وخول لهما إدارة أمواله والحق في بيع ممتلكاته واستبدالها وتصفية محلاته التجارية، على أن تؤول ثروته عند زواجها أو عقب وفاتها إلى المستشفى الإسرائيلي بمصر الذى حل محله مستشفى القوات المسلحة المطعون عليه الخامس على أن يكون لها حق الانتفاع فقط بقصد توفير العلاج مجانا لفقراء الطائفة الإسرائيلية وإذ تضمنت الوصية المنع من التصرف في الأموال الموصى بها على وجه التأييد خلافا للقانون المصري، وتعذر تنفيذ رغبة الموصى حال وفاة زوجته بسبب أيلولة المستشفى الإسرائيلي إلى القوات المسلحة، فقد أقامت دعواها بطلبها سالف البيان. وبتاريخ 27 يناير سنة 1970 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 6 سنة 87 ق أحوال شخصية أجانب القاهرة طالبة إلغاءه والقضاء لها بطلباتها. وبتاريخ 12/ 2/ 1973 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون علية السادس، وأبدت الرأي في الموضوع برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفه مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة في محله، ذلك أنه لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الأخير - مدير جمعية المستشفى الإسرائيلي - طلب قبول تدخله أمام محكمة الاستئناف، وإزاء عدم إعلانه طلبه للغائب من الخصوم فقد أطرحته المحكمة، مما مفاده أنها لم تقبل تدخله ولا يعتبر طرفا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، ولما كان لا يجوز التدخل لأول مرة أمام محكمة النقض كما لا يجوز أمامها اختصام من لم يكن طرفا في الخصومة أمام المحكمة الاستئنافية فإن اختصام المطعون عليه السادس يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ذلك - قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بنى على سببين؛ تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم أسس قضاءه برفض الدعوى على سند من القول بأنه ليس في بنود الوصية التي جاءت متسقة شكلا وموضوعا مع أحكام القانون الإسباني ما يتعارض تعارضا أساسيا مع قواعد النظام العام المقررة في القانون المصري في معنى المادة 28 من القانون المدني، في حين أنه لما كانت التركة التي خلفها الموصى موجودة في مصر ويسرى عليها القانون المصري بالتطبيق للمادة 18 من القانون المدني، وكان المقصود من ظاهر الوصية هو الوقف وكيانه حبس الأعيان عن التمليك والتصرف بالمنفعة، وكان الموصى لم يلتزم الشكل المقرر في مصر لإنشاء الوقف. بالإضافة إلى أنه خلق عن طريق الإيصاء حقوفا وتكاليف عينية لا يقرها قانون موقع المال، ومن بينها شرط المنع من التصرف بصورة أبدية، وكان لا يناهض بطلان الوصية أن تكون صحيحة وفقا لأحكام القانون الإسباني، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز استبعاد أحكام القانون الأجنبي الواجبة التطبيق وفقا للمادة 28 من القانون المدني إلا أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو الآداب في مصر بأن تمس كيان الدولة أو تتعلق بمصلحة عامة وأساسية للجماعة، ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أورد في هذا الخصوص قوله "...... يبين من مطالعة الوصية موضوع التداعي أنه قد توافر في شأنها الباعث للمشروع والمدة المعقولة على نحو ما نصت عليه المادة 823 من القانون المدني المصري، ذلك أن الموصى قد هدف من وصيته على نحو ما يخلص منها - إلى أن يكفل لزوجته مستوى معينا من المعيشة طالما عاشت منفذة لرغباته وهو لا شك أمر مشروع كما أن علاج فقراء اليهود يعتبر أيضا من قبيل الباعث المشروع، ومن ناحية أخرى فإن شرط المدة قد توافر بدوره وهو الأمر المستفاد من سماح الموصى يبيع بعض أملاكه وتصفية محلاته لضمان الإيراد الذى يكفل لزوجته المدعية - الطاعنة - بما ينبئ أنه لم يقصد مطلقا حبس أموله عن التصرف. فإن هذا الذى انتهى إليه الحكم لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المادة 823 من القانون المدني لا تبيح اشتراط حظر التصرف إلا لمدة مؤقتة وبناء على باعث مشروع، وهى الحدود التي أباح المشرع في نطاقها الخروج على مبدأ حرية تداول الأموال، وقد استخلص الحكم من عبارات الوصية وفى استدلال سائغ أن الباعث على حظر التصرف الموقوف بحيازة الموصى إليها هو حمايتها وتحقيق مصلحتها بما لا خروج فيه على قواعد النظام العام. لما كان ذلك وكانت الوصية بالمنافع جائزة في الشريعة الإسلامية باتفاق الأئمة الأربعة، وتعتبر صحيحة وفقا لأحكام القانون المدني وقانون الوصية رقم 71 سنة 1946، وكان لا يدخل في نطاق مخالفة النظام العام مجرد اختلاف أحكام القانون الأجنبي عن أحكام القانون الوطني في تحديد القدر الذى تجوز فيه الوصية لغير المسلمين، أو طريقة الانتفاع بالموصي به، أو ترتيب الموصى لهم بحق الانتفاع، وكانت محكمة الموضع قد دللت وبأسباب تكفى لحمل قضائها، وفى حدود سلطتها لتقدير الدليل على توافر عناصر الوصية، وكان ما تدعيه الطاعنة من انصراف نية الوصي إلى إنشاء وقف لا وصية يتنافى مع انتفاء التأبيد على ما سلف بيانه، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني الفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه قرر أن الأوراق خلت مما يفيد تعذر تنفيذ رغبة الموصى في علاج فقراء اليهود بمستشفى القوات المسلحة بعد وفاتها متجاهلا أنه مستحيل حصوله، الأمر الذى يجعل لها حقا في إبطال الوصية.
وحيث إن النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان القول يتعذر تنفيذ رغبة الموصى بعلاج فقراء الطائفة اليهودية لا يصادف محلا إلا بعد وفاة الطاعنة والبدء في تنفيذ الشق الثاني من الوصية، ومن ثم فإن التذرع بسبب النعي يكون سابقا لأوانه. لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تقدم السند الذى يبيح لها طلب إبطال الوصية لهذا السبب من نصوص القانون الإسباني عملا بالمادة 17 من القانون المدني، وكان الاستناد إلى قانون أجنبي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعدو أن يكون مجرد واقعة مادية وهو ما يوجب على الخصوم إقامة الدليل عليه، فإن النعي على أى وجه لا يكون مقبولا.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.