الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 18 أغسطس 2021

الطعن 7 لسنة 45 ق جلسة 23 / 2 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 أحوال شخصية ق 103 ص 563

جلسة 23 من فبراير سنة 1977

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري، وصلاح نصار.

------------

(103)
الطعن رقم 7 لسنة 45 قضائية "أحوال شخصية"

 (1)حكم "بيانات الحكم". بطلان.
وجوب أن يكون الحكم ذاته مستكملا شروط صحته. اغفال الحكم المطعون فيه بيان اسم أحد المستأنفين في ديباجته. أثره. بطلان الحكم. مادة 178 مرافعات.
(3،2) وصية. إثبات. حكم.
(2) الوصية تصرف غير لازم. للموصي الرجوع فيها صراحة أو دلالة. إثبات الرجوع بعد وفاة الموصى. اشتراط الكتابة في الرجوع الصريح. الرجوع الضمني يكون بأي فعل أو تصرف يدل على نقضه الوصية. جواز إثبات ذلك. بكافة الطرق.
 (3)توكيل الموصى أحد المحامين لسحب وإلغاء كافة وصاياه. القضاء بأن هذا العمل لا يدل على الرجوع فيها. عدم تمحيص الحكم دلالة سحب الوصية بالفعل. خطأ وفساد في الاستدلال.

--------------
1 - إذ أوجبت المادة 178 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتضمن الحكم بيان أسماء الخصوم وألقابهم وصفتهم قد قصدت بذلك التعريف بأشخاص وصفات من تتردد بينهم الخصومة في الدعوى التي صدر فيها الحكم تعريفا نافيا للجهالة أو اللبس حتى لو يكتنف الغموض شخص المحكوم له أو المحكوم عليه، وإذ رتبت هذه المادة البطلان على "النقض أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم" إنما عنت النقص أو الخطأ اللذين تترتب عليهما التجهيل بالخصم أو اللبس في التعريف بشخصيته مما قد يؤدى إلى عدم التعرف على حقيقة شخصيته أو إلى تغيير شخص الخصم بآخر لا شأن له بالخصومة في الدعوى ولما كان لا يغنى عن هذا البيان إمكان معرفة اسم الخصم من ورقة أخرى من أورق الدعوى ولو كانت رسمية، لأن الحكم يجب أن يكون مشتملا بذاته على استكمال شروط صحته بحيث لا يقبل تكملة ما نقص فيه من البيانات الجوهرية التي يستلزمها القانون لصحته بأي دليل آخر غير مستمد منه، وإذ صدر الحكم المطعون فيه مغفلا في ديباجته ومدوناته أسم الطاعنة الثالثة إغفالا تاما وكان من شأن ذلك أن يشكك في حقيقة وضع الطاعنة الثالثة واتصالها بالخصومة المرددة في الدعوى ولا يغنى عن ذلك ما أورده الحكم المطعون فيه من أن المحكوم ضدهم طعنوا عليه بطريق الاستئناف لأن بعض المحكوم عليهم ارتضوا حكم محكمة أول درجة ولم يستأنفوه، ويكون الحكم قد أغفل بيانا جوهريا من بياناته يترتب عليه بطلانه.
2 - مفاد نص المادتين 2، 18 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 أن الوصية بحسب الأصل تصرف غير لازم لا تنفذ إلا بعد الوفاة، ولا يترتب عليها أي حق قبلها، فيجوز من ثم للموصي الرجوع صراحة أو دلالة عنها كلها أو بعضها ما دام أن الرجوع الصحيح يكون بأي عبارة ينطقها الموصى أو يكتبها تدل بوضوح على أنه غير راغب في الإبقاء على الوصية، وهو وحده الذى شرط المشرع لسماع الدعوى بعد ثبوته بورقة رسمية أو عرفية كتبت كلها بخط المتوفى وعليها إمضاؤه أو مصدق على توقيعه عليها في الحوادث الواقعة من سنة 1911 الميلادية، لأن الموصى إنما يقصد الرجوع ابتداء ويسعى إليه مما يحفزه إلى تحرير سند بإثباته، أما الرجوع دلالة فيصح بأي فعل أو تصرف يصدر من الموصى بعد الوصية ينبئ عنه وتقوم القرينة أو العرف على أنه أراد بالفعل نقض الوصية أو يتضمن الفعل من تلقاء نفسه نقضها، ولا يحتاج في إثباته بعد وفاة الموصى إلى ما يحفزه في الرجوع الصريح لأنه ينصب على حوادث مادية لا حصر لها يجوز إثباتها بكافة سبل الإثبات.
3 - إذ كان الواقع المسلم به من الخصوم في الدعوى أن الموصى قبل وفاته وكل أحد المحامين في سحب وإلغاء كافة وصاياه، وقام الوصي فعلا بسحبها جميعا - ومنها الوصية محل النزاع - من مكان إيداعها الشهر العقاري وكان الطاعنون قد تمسكوا أمام قضاء الموضوع أن هذا التصرف من الموصى ينبئ عن الرجوع دلالة عن هذه الوصية اعتمادا على القرينة المستقاة من انصراف إرادة الموصى في التوكيل الصادر منه لمحامية إلى السحب والإلغاء وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفاع بأن صدور توكيل عام من الموصى يتضمن فيما تضمنه سحب وإلغاء الوصايا لا يمكن أن يدل بقرينة أو عرف على الرجوع عن الوصية فإنه يكون بذلك قد تحجب عن بحث دلالة سحب الوصية فعلا، وعن تمحيص ما إذا كانت الإرادة بنوع خاص في توكيل عام إلى إلغاء الوصية وتصرف ينهض قرينة تدل على الرجوع فإنه يكون قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت على الطاعنين وأخريات الدعوى رقم 278 لسنة 1972 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بثبوت وصحة ونفاذ الوصية المحررة في 20/ 7/ 1965 وأمرهم بعدم التعرض لها فيها وقالت شرحا لها أنه بتاريخ 1/ 7/ 1972 توفى زوجها المرحوم..... وانحصر إرثه الشرعي فيها وفى أخوته الأشقاء وإذ أوصى لها بثلث تركته بمقتضى وصية مؤرخة 20/ 7/ 1961 كتبت بخطه وعليها إمضاؤه، وتوفى مصرا على وصيته، وإذ نازعها بقية الورثة فيها فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 28/ 5/ 1973 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ الوصية. استأنف الطاعنون وأخرى هذا الحكم بالاستئناف رقم 21 لسنة 1973 ق إسكندرية طالبين إلغاءه ورفض الدعوى. وبتاريخ 5/ 1/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه بالبطلان، وفى بيان ذلك يقولون أن الحكم أغفل في ديباجته وأسبابه اسم الطاعنة الثالثة ضمن من استأنفوا الحكم مما يشوبه بنقض جسيم في أسماء الخصوم يترتب عليه بطلان وفق المادة 178 من قانون المرافعات.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أن المادة 178 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذ أوجبت أن يتضمن الحكم بيان أسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم قد قصدت بذلك التعريف بأشخاص وصفات من تتردد بينهم الخصومة في الدعوى التي صدر فيها الحكم تعريفا نافيا للجهالة أو اللبس حتى لا يكشف الغموض شخص المحكوم له أو المحكوم عليه، وإذ رتبت هذه المادة البطلان على "النقض أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم" إنما عنت النقض أو الخطأ اللذين يترتب عليهما التجهيل بالخصم أو اللبس في التعريف بشخصيته مما يؤدى إلى عدم التعرف على حقيقة شخصيته أو إلى تغيير شخص الخصم بأخر لا شأن له بالخصومة في الدعوى، ولما كان لا يغنى عن هذا البيان إمكان معرفة اسم الخصم من ورقة أخرى من أوراق الدعوى ولو كانت رسمية لأن الحكم يجب أن يكون دالا بذاته على استكمال شروط صحته بحيث لا يقبل تكملة ما نقص فيه من البيانات الجوهرية التي يستلزمها القانون لصحته بأي دليل آخر غير مستمد منه، لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أنها رفعت ابتداء من كل من "..... - الطاعن الأول - و........ و........ و........ و........ - الطاعنة الثانية - و.... الطاعنة الثالثة" وصدر الحكم الابتدائي في غيبة كل من.... وحضوريا للباقين فاستأنف الطاعنون الثلاث وأخرى، ثم صدر الحكم المطعون فيه مغفلا في ديباجته ومدوناته اسم الطاعنة الثالثة إغفالا تاما، فأن من شأن ذلك أن يشكك في حقيقة وضع الطاعنة الثالثة واتصالها بالخصومة المرددة، ولا يغنى عن ذلك ما أورده الحكم المطعون فيه من أن المحكوم ضدهم طعنوا عليه بطريق الاستئناف لأن بعض المحكوم عليهم ارتضوا حكم محكمة أول درجة، ولم يستأنفوه، ويكون الحكم قد أغفل بيانا جوهريا من بياناته يترتب عله بطلانه ومن ثم يتعين نقض الحكم لهذا السبب.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون بباقي الأسباب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفى بيان ذلك يقولون أن الحكم أسس قضاءه على سند من القول بأنهم لم يقدموا الأوراق التي تتطلبها المادة الثانية من قانون الوصية في الرجوع القولي الصريح وأنه لا يجوز الاستناد إلى التوكيل الصادر من الموصى بسحب وإلغاء الوصايا، باعتباره رجوعا بالدلالة عنها، لأن صدور توكيل عام منه يتضمن ذلك فيما تضمنته من نطاق التوكيل لا يمكن أن يدل بقرينة أو عرف على الرجوع الفعلي عن الوصية، في حين أن الطاعنين لم يستندوا إلى المادة الثانية المشار إليها، وإنما ركنوا إلى المادة 18 من قانون الوصية التي تتكلم عن الرجوع دلالة بكل فعل أو تصرف يدل بقرينة أو عرف عليه، وقد غاب عن الحكم الدلالة الصريحة والقرينة المستفادة من توكيل الموصى محاميه بسحب وإلغاء كافة الوصايا الصادرة منه والمودعة مكاتب الشهر العقارى أو أية جهة أخرى، وقيام الوكيل بسحبها فعلا، وهو يدل على اتجاه إرادة الموصى في الرجوع عن وصاياه، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي سديد، ذلك أن النص في المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 على أنه ........ ولا تسمع عند الإنكار دعوى الوصية أو الرجوع القولي عنها بعد وفاة الموصى في........ الحوادث الواقعة من سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشر الإفرنجية........ إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفى وعليها إمضاءه كذلك تدل على ما ذكر، أو كانت ورقة الوصية أو الرجوع فيها مصدقا على توقيع الموصى عليها وفى المادة 18 منه على أنه "يجوز للموصي الرجوع عن الوصية كلها أو بعضها صراحة أو دلالة، ويعتبر رجوعا عن الوصية كل فعل أو تصرف يدل بقرينة أو عرف على الرجوع عنها... ومن الرجوع دلالة كل تصرف يزيل الملك الموصى عن الموصى به" يدل على أن الوصية بحسب الأصل تصرف غير لازم لا تنفذ إلا بعد الوفاة، ولا يترتب عليها أي حق قبلها، فيجوز من ثم للموصي الرجوع صراحة أو دلالة عنها كلها أو بعضها ما دام حيا. والرجوع الصريح يكون بأية عبارة ينطقها الموصى أو يكتبها تدل بوضوح على أنه غير راغب في الإبقاء على الوصية وهو وحده الذى شرط المشرع لسماع الدعوى به ثبوته بورقة رسمية أو ورقة عرفية كتبت كلها بخط المتوفى وعليها إمضاءه أو مصدق على توقيعه عليها في الحوادث الواقعة من سنة 1911 الميلادية، لأن الموصى أنما يقصد الرجوع ابتداء ويسعى إليه مما يحفزه إلى تحرير سندا بإثباته، أما بالرجوع دلالة فيصح بأى فعل أو تصرف يصدر من الموصى بعد الوصية ينبئ عنه وتقوم القرينة أو العرف على أنه أراد بالفعل نقض الوصية أو يتضمن الفعل من تلقاء نفسه نقضها، ولا يحتاج في إثباته بعد وفاة الموصى إلى ما يستلزم في الرجوع الصريح لأنه ينصب على حوادث ماديه لا حصر لها يجوز إثباتها بكافة سبل الإثبات، ولما كان الواقع المسلم به من الخصوم في الدعوى أن الموصى قبل وفاته وكل احد المحامين في سحب وإلغاء كافة وصاياه، وقام الوكيل فعلا بسحبها جميعا - ومنها الوصية محل النزاع - من مكان إيداعها بمكتب الشهر العقاري، وكان الطاعنون قد تمسكوا أمام قضاء الموضوع بأن التصرف من الموصى ينبئ عن الرجوع دلالة على هذه الوصية اعتمادا على القرينة المستقاة من انصراف إرادة الموصى في التوكيل الصادر منه لمحاميه إلى السحب والإلغاء وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد رد هذا الدفاع بأن صدور توكيل عام من الموصى يتضمن فيما تضه سحب وإلغاء الوصايا لا يمكن أن يدل بقرينة أو عرف على الرجوع عن الوصية فأنه يكون بذلك قد تحجب عن بحث دلالة الوصية فعلا، وعن تمحيص ما إذا كانت الإشارة بنوع خاص في توكيل عام إلغاء الوصايا تصرف ينهض قرينة تدل على الرجوع فإنه يكون قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه لهذا السبب أيضا.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم.

الثلاثاء، 17 أغسطس 2021

الطعن 21 لسنة 45 ق جلسة 9 / 3 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 أحوال شخصية ق 119 ص 654

جلسة 9 من مارس سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمن عياد، وصلاح نصار، وأحمد صلاح الدين وهدان.

------------------

(119)
الطعن رقم 21 سنة 45 القضائية "أحوال شخصية"

 (5 - 1)أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين". بطلان. إثبات.
(1) تغيير الطائفة أو الملة. لا ينتج أثره بمجرد إبداء الرغبة. وجوب الدخول فيها واتباع طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام من الجهة الدينية المختصة.
(2) سلطة الرئيس الديني في التحقق من جدية طلب تغيير الطائفة أو الملة قبل قبولها وإبطاله بعد حصوله. عمل ديني لا قضائي. لا يؤثر فيه صدور القانون 462 لسنة 1955.
(3) إبطال الانضمام للطائفة أو الملة الجديدة. أثره. عودة الشخص إلى الحالة التي كان عليها قبل التغيير. لا يتعارض ذلك مع مبدأ حرية العقيدة.
 (4)إبطال الانضمام للطائفة أو الملة الجديدة. عمل ديني. لمحكمة الموضوع مراقبة الأسباب التي حدت بالجهة الدينية على إبطال الانضمام.
 (5)انقضاء فترة وجيزة بين تغيير الزوج لطائفته وإيقاعه للطلاق قرينة على ثبوت نية التحايل لديه. إبطال الجهة الدينية قرار انضمامه بأثر رجعى. لا خطأ.

---------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تغيير الطائفة أو الملة أمر يتصل بحرية العقيدة، إلا أنه عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة، ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج بمجرد الطلب وإبداء الرغبة، ولكن بعد الدخول فيها وإتمام طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة.
2 - للرئيس الديني للملة أو الطائفة التي يرغب الشخص في الانضمام إليها أن يتحقق قبل قبول الطلب من جديته وأن يستوثق من صدوره عن نية سليمة، كما أن له أن يبطل الانضمام بعد قبوله ويعتبره كأن لم يكن إذا تبين عدم جديته، اعتبارا بأنه يندرج في صميم الأعمال الدينية الباقية للجهات الكنسية، ولا يعد من قبيل ممارسة أية سلطة قضائية أصبحت هذه الجهات لا تملكها بعد صدور القانون رقم 462 لسنة 1955، ومفاد ذلك أن للجهات الكنيسة سلطة البحث في دوافع وبواعث التغيير لقبول الانضمام إليه بداءه كما أن لها سلطة تتبع مدى سلامة الانضمام بعد حصوله، فلها أن تبطله وتعتبره كأن لم يكن متى استبان لها أن الشخص كان عند انضمامه سيء النية ولم يستهدف من التغيير إلا التحايل على القانون، بحيث يكون سبب البطلان معاصرا لقرار الانضمام وليس لاحقا عليه.
3 - بطلان الانضمام لا يترتب عليه أن يصبح الشخص بلا مذهب أو ملة بل يعتبر باقيا على مذهبه القديم لأن تغييرا لم يحدث فيه، إذ تعترض قواعد البطلان أن يعود الشخص إلى الحالة التي كان عليها قبل حدوث التغيير الباطل أخذا بأن التغيير عمل إرادي من جانب الجهة الدينية الجديدة وحدها، فإذا هي لم تقبل الانضمام أو أبطلته بعد قبوله فلا تفيد النية في العقيدة، فإنه لا تعارض بين سلطة الكنيسة في مسائل التغيير مع مبدأ حرية العقيدة طالما أن الانضمام معقود بإرادتها، وطالما أن هذه السلطة محدودة بمهمتها الدينية دون تدخل مع السلطة الحاكمة.
4 - إنه وأن كان من حق قاضى الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مراقبة الظروف التي حدت بالجهة الدينية على إبطال قرار الانضمام للتحقق من صدوره في نطاق السلطات الكنسية الباقية لها، وأنه مبنى على أساس سوء نية طالب الانضمام منذ تقدم الطلب به، لأنه مسألة تكييف تتعلق بتطبيق القانون على واقعة الدعوى، إلا أن القرار الصادر بالإبطال قرار ديني بحت تستقل الجهة الدينية بإصداره دون أن تقدم حسابا عنه أمام جهات القضاء أو أية سلطة دنيوية، وبهذه المثابة لا يلزم تسبيبه أو تضمينه المبررات المسوغة لإبطال طلب الانضمام واعتباره كأن لم يكن بعد سبق قبوله، بحيث تنحصر رقابة القضاء في أن يستشف من ظروف الدعوى وملابساتها بعد صدور قرار الإبطال ما يعين على الاعتداد به أو اطراحه، لما كان ما تقدم وكان ما أورده الحكم المطعون فيه ينطوي على مخالفة للقانون، ذلك أنه اقتصر على إهدار دلالة قرار إبطال الانضمام بمقولة خلوه من بيان سببه ومبرره، مستندا إلى مخالفة ذلك لحرية العقيدة، وتحجب بذلك عن مراقبه ظروف إبطال القرار توصلا إلى التحقق من صدوره في نطاق الرئاسة الدينية، وأن طالب الانضمام لم يكن يستهدف سوى التحايل على القانون، وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
5 - إذ كان الثابت أن المطعون عليه انضم إلى طائفة الروم الأرثوذكس في 13/ 1/ 1973 وأنه أوقع طلاقه على الزوجة في 18/ 2/ 1973، وأنه يستشف من هذا التقارب بين التاريخيين ظهور نية التحايل لديه الأمر الذى دفع رئاسة الجهة الدينية التي انضم إليها في 16/ 5/ 1973 لإبطال انضمامه بأثر رجعى، في حدود السلطات الباقية لها، فإنه يترتب على ذلك أن تغييرا في طائفته لم يحصل، وبالتالي لا يجوز له إيقاع الطلاق بإرادته المنفردة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 138 سنة 1973 "أحوال شخصية" نفس "أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة بطلب الحكم بإثبات طلاقه لها طلقة رجعية أولى. وقال شرحا لها أنه تزوجها وفقا لشريعة الأقباط الأرثوذكس في 20/ 5/ 1959، ثم انضم إلى طائفة الأرثوذكس في 13/ 1/ 1973، وإذ ظلت الطاعنة على مذهبها وهما يدينان بالطلاق وقد أوقعه عليها بقوله "زوجتي ومدخولتي مصرية ..... طالق منى وهذه أول طلقة رجعية" فقد أقام دعواه. دفعت الطاعنة بعدم سماع الدعوى لأنها كاثوليكية المذهب، كما طلبت رفضها استنادا إلى إن الرئيس الديني لطائفة الروم الأرثوذكس أصدر قرارا في 16/ 5/ 1973 بإلغاء انضمام المطعون عليه إلى الطائفة واعتباره كأن لم يكن. وبتاريخ 16/ 2/ 1974 حكمت المحكمة (أولا) برفض الدفع بعدم سماع الدعوى (ثانيا) برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 26 سنة 91 ق أحوال شخصية "نفس" القاهرة طالبا إلغاءه والحكم له بطلباته. وبتاريخ 18/ 3/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإثبات طلاق المطعون عليه للطاعنة واعتباره طلاقا رجعيا. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيه الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان تقول إن الحكم بنى قضاءه على سند من القول تغيير الطائفة أو الملة أمر يتصل بصميم حرية العقيدة، وأن قبول الانضمام بمجرده يوحى بسبق تمحيص الطلب واستيفائه كافة شرائطه ومظاهره الخارجية، بحيث لا يسوغ إلغاؤه بقول يصدر من الرئاسة الدينية بغير تسبيب أو تأويل أو تفسير للعدول عنه، في حين أن من حق الجهة الدينية أن تلغى الانضمام بأثر رجعى ويظل الشخص على مذهبه السابق، هذا إلى أنه لا يحق للمحاكم أن تتجاوز اختصاصها القضائي فتمنح نفسها سلطة الرقابة على الجهات الدينية فيما تصدره من قرارات دينية، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي في محله، ذلك لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تغيير الطائفة أو الملة أمر يتصل بحرية العقيدة، إلا أنه عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة، ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج أثره بمجرد الطلب وإبداء الرغبة، ولكن بعد الدخول فيها وإتمام طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة، مما مقتضاه أن على الرئيس الديني للملة أو الطائفة التي يرغب الشخص في الانضمام إليها أن يتحقق قبل قبول الطلب من جديته وأن يستوثق من صدوره عن نية سليمة كما أن له أن يبطل الانضمام بعد قبوله ويعتبره كأن لم يكن إذا تبين له عدم جديته، اعتبارا بأنه يندرج في صميم الأعمال الدينية الباقية للجهات الكنسية، ولا يعد من قبيل ممارسة أية سلطة قضائية أصبحت هذه الجهات لا تملكها بعد صدور القانون رقم 462 لسنة 1955، وكان مفاد ذلك أن للجهات الكنسية سلطة البحث في دوافع وبواعث التغيير لقبول الانضمام إليها بداءةً، كما أن لها سلطة تتبع مدى سلامة الانضمام بعد حصوله، فلها أن تبطله وتعتبره كأن لم يكن متى استبان لها إن الشخص كان عند انضمامه سيء النية ولم يستهدف من التغيير إلا التحايل على القانون، بحيث يكون سبب البطلان معاصرا لقرار الانضمام وليس لاحقا عليه، وكان بطلان الانضمام لا يترتب عليه أن يصبح الشخص بلا مذهب أو ملة بل يعتبر باقيا على مذهبه القديم لأن تغييرا لم يحدث فيه إذ تفترض قواعد البطلان أن يعود الشخص إلى الحالة التي كان عليها قبل حدوث التغيير الباطل أخذا بأن التغيير عمل إرادي من جانب الجهة الدينية الجديدة وحدها، فإذا هي لم تقبل الانضمام أو أبطلته بعد قبوله فلا تغيير البتة في العقيدة، فإنه لا تعارض بين سلطة الكنيسة في مسائل التغيير مع مبدأ حرية العقيدة طالما أن الانضمام معقود بإرادتها، وطالما أن هذه السلطة محدودة بهيمنتها الدينية دون تدخل مع السلطة الحاكمة. لما كان ذلك فإنه وإن كان من حق قاضى الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مراقبة الظروف التي حدت الجهة الدينية على إبطال قرار الانضمام للتحقق من صدوره في نطاق السلطات الكنسية الباقية لها، وأنه مبنى على أساس سوء نية طالب الانضمام منذ تقدم الطلب به، لأنه مسألة تكييف تتعلق بتطبيق القانون على واقعة الدعوى، إلا أن القرار الصادر بالإبطال قرار ديني بحت على ما سلف بيانه تستقل الجهة الدينية بإصداره دون أن تقدم حسابا عنه أمام جهات القضاء أو أية سلطة دنيوية، وبهذه المثابة لا يلزم تسبيبه أو تضمينه المبررات المسوغة لإبطال طلب الانضمام واعتباره كأن لم يكن بعد سبق قبوله، بحيث تنحصر رقابة القضاء في أن يستشف من ظروف الدعوى وملابساتها بعد صدور قرار الإبطال ما يعين على الاعتداد به أو إطراحه، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله "... فإنه بفرض سلامة هذه الشهادة فإنها لا تتقيد بها ذلك. (أولا) بأنه لم يثبت لدى المحكمة سبب يدعو إلى إصدارها فقد خلت مما يشير إلى سبب مؤد إلى ذلك (ثانيا) فإن من المستقر عليه فقها وقضاء أن تغيير الطائفة أو الملة إنما هو أمر يتصل بصميم حرية العقيدة فهو عمل نفساني بحيث لا يسوغ التدخل فيه لسبر غوره إنما فقط يتعين اتخاذ المظاهر الرسمية الخارجية فإن تم ذلك وصار قبول طلب الانضمام فإن مجرد هذا القبول ما يوحى إلى سبق تمحيص الطلب واستيفائه لكافة شرائطه ومظاهره الخارجية بحيث لا يسوغ القول بإلغاء الانضمام بقول يصدر من الرياسة الدينية بغير تسبيب أو تأويل أو تفسير للعدول عن طلب الانضمام وإلغائه، فالأمور المتعلقة بالعقيدة الدينية لا تؤخذ بهذا الهوان لما يترتب على ذلك من نتائج في غاية الخطورة ولمساسها بحرية العقيدة وهى أمر نفساني وشخصي بحت، فإن هذا الذى خلص إليه الحكم ينطوي على مخالفة للقانون، ذلك أنه اقتصر على إهدار دلالة قرار إبطال الانضمام بمقولة خلوه من بيان سببه ومبرره مستندا إلى مخالفة ذلك لحرية العقيدة، وتحجب بذلك عن مراقبة ظروف إبطال القرار توصلا إلى التحقق من صدوره في نطاق الرئاسة الدينية المشار إليها فيما سلف، وأن طالب الانضمام لم يكن يستهدف سوى التحايل على القانون، وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل ولما تقدم، ولما كان الثابت أن المطعون عليه انضم إلى طائفة الروم الأرثوذكس في 13/ 1/ 1973 وأنه أوقع طلاقه على الطاعنة في 18/ 2/ 1973، وأنه يستشف من هذا التقارب بين التاريخين ظهور نية التحايل لديه الأمر الذى دفع رئاسة الجهة الدينية التي انضم إليها في 16/ 5/ 1973 لإبطال انضمامه بأثر رجعى، في حدود السلطات الباقية لها، فإنه يترتب أن تغييرا في طائفته لم يحصل وبالتالي لا يجوز له إيقاع الطلاق بإرادته المنفردة.

الطعن 16 لسنة 45 ق جلسة 23 / 3 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 أحوال شخصية ق 137 ص 768

جلسة 23 من مارس سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضويه السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، ود/ عبد الرحمن عياد نصار، وأحمد صلاح الدين وهدان.

------------------

(137)
الطعن رقم 16 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"

 (1)إثبات "الإقرار". أحوال شخصية.
الإقرار. ماهيته. الإقرار القضائي قد يرد بصحيفة الدعوى. ما يرد على لسان الشخص تأييدا لادعائه من أقوال فيها مصلحة لخصمه لم يقصد أن يتخذها خصمه دليلا عليه. لا تعد إقرارا. علة ذلك. مثال في تحديد الفرقة بين الزوجين.
 (2)إثبات. حكم. نقض.
الأصل في الإجراءات أنها روعيت. عدم تقديم الطاعن دليل عدم إعلانه بجلسة التحقيق أثره. عدم قبول النعي في هذا الطعن.
(3) إعلان. تزوير.
إثبات المحضر اتباعه القواعد المقررة في القانون لضمان وصول صورة الإعلان إلى المعلن إليه. سبيل إثبات العكس. الادعاء بالتزوير.
 (4)إثبات "البينة".
صلة القرابة أو المصاهرة بين الخصم وشاهده ليست سببا لرد الشاهد أو لعدم سماع شهادته.
(5) أحوال شخصية "الطلاق".
عرض الصلح على الزوجين قبل إيقاع الطلاق. أمر لا توجيه مجموعة 1955 للأقباط الأرثوذكس. ما جاء بهذا الصدد في مجموعة 1938. لا مجال لتطبيقه أمام القضاء. علة ذلك.

-------------
1 - إنه وإن كان الأصل في الإقرار بوجه عام أنه اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج ضده آثارا قانونية بحيث تصبح في غير حاجة إلى الإثبات وينحسم النزاع في شأنها وأن الإقرار القضائي قد يرد في صحيفة الدعوى التي رفعها المقر، إلا أنه يشترط فيه ما يشترط في الأعمال القانونية من وجود الإرادة، بمعنى أنه يجب أن يدرك المقر مرمى إقراره، وأن يقصد به الزام نفسه بمقتضاه وأن يكون مبصرا أنه سيتخذ حجة عليه، وأن خصمه سيعفى بموجبه من تقديم أي دليل، فلا يعد من قبيل الإقرار الملزم ما يرد على لسان الشخص تأييدا لادعائه من أقوال فيها مصلحة لخصمه، ما دام لم يقصد به إدلائه بهذه الأقوال أن يتخذها خصمة دليلا عليه، ولما كان البين من صحيفة الدعوى التي أقامتها المطعون عليها أمام محكمة أول درجة أنها وأن حددت فيها حصول اعتداء الطاعن عليها بالضرب وتركه منزل الزوجية يوم 20/ 5/ 1970 إلا أنها أردفت ذلك بأنه حرر عن هذه الواقعة محضر إداري لم تذكر رقمه وكانت المطعون عليها قد أوضحت أمام محكمة الاستئناف أن الصحيفة المشار إليها وقع بها خطأ مادى يتعلق بتاريخ الفرقة، وكان الحكم المطعون فيه قد أوضح قد مدوناته عن أن المحضر الذى استندت إليه المطعون ضدها صادف محله في سنة 1969 فإن مجريات الخصومة ومسلك المطعون عليها فيها لا تساعد على حمل التاريخ المثبت في الصحيفة بأنه إقرار ملزم لها حددت فيه بدء الفرقة، وبالتالي فلا تثريب على محكمة الاستئناف إن هي أحالت الدعوى إلى التحقيق طالما لم تجد فيها ما يقيد الإقرار الحاسم للنزاع في خصومة.
2 - إذ كان البين من الصورة الرسمية لمحاضر جلسات التحقيق أمام محكمة الاستئناف المقدمة من الطاعن أنه حدد لإجرائه جلسة 4/ 2/ 1974؛ ولما استبان عدم إعلان الطاعن أجلت لجلسة 8/ 4/ 1974 وفيها سمعت شهود المطعون عليها وحدها لأنه لم يحضر، وكان المفروض في الإجراءات أن تكون قد روعيت، وكان الطاعن لم يقدم دليلا على إعلانه لتلك الجلسة، فإن النعي في هذا الشق يكون مقبولا.
3 - إذ كان الوارد بأصل إعلان الطاعن للجلسة التي حددت للمرافعة بعد التحقيق أن المحضر أثبت انتقاله إلى مسكنه ووجده مغلقا فسلم صورة الإعلان لمندوب الإدارة بقسم شبرا وأخطر عنه بكتاب مسجل، وكانت البيانات التي أثبتها المحضر دالة على أنه اتبع القواعد المقررة في القانون لضمان وصول الصورة إلى المعلن إليه، فإن الإعلان يكون صحيحا وتترتب عليه جميع الآثار القانونية ومنها اقتراض وصول الصورة فعلا إلى المعلن إليه، ولا سبيل لإثبات زعم الطاعن بأن إعلانه لم يتم لتلك الجلسة إلا عن طريق الادعاء بالتزوير.
4 - مفاد المادة 82 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن القانون لم يجعل القرابة أو المصاهرة بين الخصم وشاهده سببا لرد الشاهد أو عدم سماع شهادته.
5 - إذ كانت المادة 57 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس جاءت خلوا مما يوجب عرض الصلح بداءة على طرفي النزاع، وكانت محاولة التوفيق بين الزوجين وعرض الصلح عليها المشار إليه في المادتين 59، 60 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية الخاصة بالأقباط الأرثوذكس الصادرة في 1938 لا مجال للأخذ بها بعد إلغاء المجالس الملية بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 لأن المادتين وردتا في باب إجراءات الطلاق ولا تعتبران من القواعد الموضوعية المتعلقة بأسبابه، ومردهما إلى السلطات الممنوحة للكنيسة بشأن تأديب الأب الروحي للزوجين حتى يتوبا وينصلح أمرهما ولا محل لتطبيقهما أمام القضاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 743 سنة 1972 "أحوال شخصية نفس" أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها منه وأمره بعدم التعرض لها في أمور الزوجية، وقالت بيانا لدعواها أنها تزوجته بتاريخ 24/ 9/ 1967 طبقا لشريعة الأقباط الأرثوذكس، وبعد الدخول والمعاشرة اعتدى عليها بالضرب وترك منزل الزوجية، وإذ دامت فرقتهما أكثر من ثلاث سنوات واستحكم النفور بينهما فقد أقامت الدعوى بطلباتها. وبتاريخ 28/ 10/ 1972 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 150 لسنة 89 ق "أحوال شخصية" القاهرة طالبه إلغاءه والحكم بتطليقها من الطاعن. وفى 14/ 1/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن افترق عن المعيشة معها لخطأ من جانبه وبغير خطأ منها وأن هذه الفرقة استطالت مدة ثلاثة سنوات متصلة وأن عودة الحياة الزوجية بينهما مستحيلة، وبعد سماع شاهدي المطعون عليها حكمت بتاريخ 3/ 2/ 1975 بإلغاء الحكم المستأنف وتطليقها على زوجها الطاعن بطلقة بائنة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالسببين، الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم بنى قضاءه بالتطليق وفق المادة 57 من مجموعة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس استنادا إلى أقوال شاهدي المطعون عليها من أن استحكام النفور والفرقة بين الزوجين ترجع إلى سنة 1969، في حين أنها أقرت في صحيفة دعواها التي أقامتها في 21/ 2/ 1972 بأن واقعة اعتداء الزوج عليها وتركه منزل الزوجية صادفت محلها في 20/ 5/ 1970، مما يفيد أن الدعوى رفعت قبل اكتمال شرط الفرقة بثلاث سنوات متصلة، وما كان يسوغ لمحكمة الاستئناف أن تلتفت عن هذا الاعتراف إلى دليل أقل قوة في الإثبات هو أقوال الشهود، ويعتبر حكم الإحالة إلى التحقيق غير سديد لأنه ينطوي على أهدار الإقرار القضائي الصادر من المطعون عليها، في شأن تحديد مدة الفرقة بلجوئه إلى شهادة الشهود ولإثبات ما يخالفه، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وأن كان الأصل في الإقرار يوجه عام أنه اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج ضده آثارا قانونية بحيث تصبح في غير حاجة إلى الإثبات وينحسم النزاع في شأنها، وأن الإقرار القضائي قد يرد في صحيفة الدعوى التي رفعها المقر، إلا أنه يشترط فيه ما يشترط في الأعمال القانونية من وجود الإرادة، بمعنى أنه يجب أن يدرك المقر مرمى إقراره، وأن يقصد به الزام نفسه بمقتضاه، وأن تكون مبصرا أنه سيتخذ حجة عليه، وأن خصمه سيعفى بموجبه من تقديم أى دليل، فلا يعد من قبيل الإقرار الملزم ما يرد على لسان الشخص تأييدا لادعائه من أقوال فيها مصلحة لخصمه دليلا عليه، ولما كان البين من صحيفة الدعوى التى أقامتها المطعون عليها أمام محكمة أول درجة أنها وإن حددت فيها حصول اعتداء الطاعن عليها بالضرب وتركة منزل الزوجية يوم 20/ 5/ 1970 إلا أنها أردفت ذلك بأنه حرر عن هذه الواقعة محضر إدارى لم تذكر رقمه وكانت المطعون عليها قد أوضحت أمام محكمة الاستئناف أن الصحيفة المشار إليها وقع بها خطأ مادى يتعلق بتاريخ الفرقة، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح في مدوناته عن أن المحضر الذى استندت إليه المطعون عليها صادف محله في سنة 1969، فإن مجريات الخصوم ومسلك المطعون عليها فيها لا تساعد على حمل التاريخ المثبت في الصحيفة بأنه إقرار ملزم لها حددت فيه بدء الفرقة، وبالتالي فلا تثريب على محكمة الاستئناف أن هى أحالت الدعوى إلى التحقيق طالما لم تجد فيها ما يفيد الإقرار الحاسم للنزاع في خصوصه، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل السببين الثالث والرابع والنعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان من وجوه (أولها) إن محكمة الاستئناف سمعت شهادة شاهدي المطعون عليها بجلسة 8/ 4/ 1974 في غيبة الطاعن دون أن تتحقق من إعلانه إعلانا قانونيا بالجلسة المحددة لإجراء التحقيق، كما أنه بعد انتهاء التحقيق لم يعلن الطاعن لجلسة المرافعة التي تحدد لها يوم 10/ 12/ 1974 بدليل توجيه إعلانين له في يوم واحد أحدهما من قلم الكتاب أخطر عنه بالمسجل رقم 304 والثاني من المطعون عليها أخطر عنه بالمسجل رقم 10510، وبعيد عن العقل أن يكون الفارق بين الإخطارين هذا العدد الضخم من الخطابات (الثاني) أن المحكمة لم تتحقق من صلة ومدى قرابة شاهدي المطعون عليها بها، مع أن إثبات هذه الصفة بمحضر التحقيق أمر جوهري. بالإضافة إلى أن الحكم عول على شهادتهما في إثبات مدة الفرقة رغم أنهما لم يقطعا باستمرارها ثلاث سنوات قبل رفع الدعوى (الثالث) أن المحكمة أغفلت عرض الصلح على الزوجين المتنازعين قبل السير في إجراءات الإثبات أو التحقيق أسباب الطلاق، طبقا لشريعة الأقباط الأرثوذكس التي تستوجب عرض الصلح على الطرفين بمعرفة الهيئة المرفوع إليها الدعوى، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه لقيامه على إجراءات باطلة.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول بأنه لما كان البين من الصورة الرسمية لمحاضر جلسات التحقيق أمام محكمة الاستئناف المقدمة من الطاعن أنه حدد لإجرائه جلسة 4/ 2/ 1974 ولما استبان عدم إعلان الطاعن أحيلت لجلسة 8/ 4/ 1974 وفيما سمعت شهود المطعون عليها وحدها لأنه لم يحضر، وكان المفروض في الإجراءات أن تكون قد روعيت، وكان الطاعن لم يقدم دليلا على عدم إعلانه لتلك الجلسة، فإن النعي في هذا الشق يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان الوارد بأصل إعلان الطاعن للجلسة التي حددت للمرافعة بعد التحقيق أن المحضر أثبت انتقاله إلى مسكنه ووجده مغلقا فسلم صورة الإعلان لمندوب الإدارة بقسم شبرا وأخطر عنه بكتاب مسجل، وكانت البيانات التي أثبتها المحضر دالة على أنه اتبع القواعد المقررة في القانون لضمان وصول الصورة إلى المعلن إليه، فإن الإعلان يكون صحيحا وتترتب عليه جميع الآثار القانونية ومنها افتراض وصول الصورة فعلا إلى المعلن إليه، ولا سبيل لإثبات زعم الطاعن بان إعلانه لم يتم لتلك الجلسة إلا عن طريق الادعاء بالتزوير. والنعي مردود في وجهه الثاني بأنه لما كان مفاد المادة 82 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن القانون لم يجعل القرابة أو المصاهرة سببا لرد الشاهد أو عدم سماع شهادته، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى شهادة شاهدي المطعون عليها واستخلص منها استخلاصا سائغا النتيجة التي انتهى إليها من توافر الشروط المنصوص عليه في المادة 57 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، وكان تقرير الدليل والاطمئنان إلى أقوال الشهود من إطلاقات محكمة الموضوع، وكانت صفة الشاهدين أو قرابتهم للمطعون عليها لم تكن ذات أثر في تقدير أو عدم تقدير المحكمة لشهادتهما، فإن النعي في هذا الوجه لا يعدو إن يكون جدلا موضوعيا في الدليل بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، والنعي في الوجه الثالث مردود كذلك بأنه لما كانت المادة 57 المشار إليها جاءت خلوا مما يوجب عرض الصلح بداءة على طرفي النزاع، وكانت محاولة للتوفيق بين الزوجين وعرض الصلح عليهما المشار إليها في المادتين 59 و60 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية الخاصة بالأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1928 لا مجال للأخذ بها بعد إلغاء المجالس الملية بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 لأن المادتين وردتا في باب إجراءات الطلاق ولا تعتبران من القواعد الموضوعية المتعلقة بأسبابه، ومردهما إلى السلطات الممنوحة للكنيسة بشأن تأديب الأب الروحي المؤرخين حتى يتوبا وينصلح أمرهما، ولا محل لتطبيقها أمام القضاء الوضعي، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 19 لسنة 41 ق جلسة 27 / 4 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 أحوال شخصية ق 186 ص 1084

جلسة 27 من أبريل سنة 1977

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، ومحمد الباجورى، وصلاح نصار، وأحمد وهدان.

--------------

(186)
الطعن رقم 19 لسنة 41 ق "أحوال شخصية"

(1) إثبات. تزوير. موظفون.
الأوراق الرسمية. حجيتها. قاصرة على البيانات التي تتعلق بما قام به محررها أو شاهد حصوله من ذوى الشأن أو تلقاء عنهم في حدود سلطته واختصاصه. البيانات الأخرى التي يدونها نقلا عن ذوى الشأن. المرجع في إثبات حقيقتها إلى القواعد العامة في الإثبات.
 (2)أحوال شخصية "الزواج".
إثبات المأذون في وثيقة التصادق على الزواج خلو الزوجين من الموانع الشرعية. لا حجية على إسلام الزوجة. عدم إسلام الزوجة الكتابية. لا يعد مانعا شرعيا في مفهوم لائحة المأذونين.
 (3)إثبات. موظفون.
مباشرة الموظف العام أو المكلف بخدمة عاما لإجراء معين لا تنقطع بمجردها توافر شروط اختصاصه؛ كما أن امتناعه لا يفيد عدم توافرها. العبرة بحقيقة الواقع.
 (4)موظفون. أحوال شخصية. بطلان.
توثيق الزواج بغير المسلمات. عدم اختصاص المأذونين الشرعيين به. توثيق المأذون لهذا العقد. لا يؤدى إلى بطلانا مطلقا. جواز إبطاله بإثبات عدم إسلام الزوجة بكافة الطرق.
(5) موظفون. إثبات "محررات رسمية". أحوال شخصية. إثبات.
مهمة الموظف المختص بتدوين الوفيات. التحقق من شخصية المتوفى. البيانات الأخرى ومنها ديانة المتوفى يدونها الموظف طبقا لما يدلي به ذوي الشأن. جواز إثبات ما يخالفها بكافة الطرق.

--------------
1 - مفاد المادة 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - المقابلة للمادة 391 من القانون المدني - أن الحجية المقررة للأوراق الرسمية تقتصر على ما ورد بها من بيانات تتعلق بما قام به محررها أو شاهد حصوله من ذوى الشأن أو تلقاه عنهم في حدود سلطته واختصاصه، تبعا لما في إنكارها من مساس بالأمانة والثقة المتوافرين فيه، ومن ثم لا يتناول هذه الحجية البيانات الخارجة عن الحدود أو ما تعلق بمدى صحة ما ورد على لسان ذوى الشأن من بيانات لأن إثباتها في ورقة رسمية لا يعطيها قوة خاصة في ذاتها بالنسبة لحقيقة وقوعها، فيرجع في أمر صحتها أو عدم صحتها إلى القواعد العامة في الإثبات.
2 - عدم إسلام الزوجة الكتابية لا يعد مانعا شرعيا أو قانونيا في معنى المادة 335 من لائحة المأذونين الصادر بها قرار وزير العدل في 4/ 1/ 1955 يحول دون زواج المسلم بها بما لا يضفى على ما أورده المأذون في وثيقة زواج المورث بزوجته من ببان يفيد خلوهما من الموانع الشرعية والقانونية حجية على إسلام الزوجة.
3 - مباشرة الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة لإجراء معين لا تقطع بمجردها في توافر الشروط اللازمة لاختصاصه به، كما أن امتناعه عن ذلك لا يفيد تلك الشروط فيه، والعبرة في هذا الخصوص هي بحقيقة الواقع لا بصفة من قام بالإجراء أو مدى اختصاصه به.
4 - وإن كان توثيق الزواج بغير المسلمات يخرج عن اختصاص المأذونين الشرعيين طبقا للمادتين 18، 19 من لائحة المأذونين، إلا أن عقد التصادق على الزواج - الذي قام به المأذون بين زوج مسلم وزوجة كتابية - لم يقع باطلا بطلانا جوهريا إذا اتفق المتعاقدان فيه على الزواج، وإن كان من الجائز أن يطرأ عليه البطلان حين يتضح أن الزوجة لم تكن مسلمة وأنه لم تتبع الإجراءات الخاصة بالشكل الذي أوجب القانون اتباعها، ويجوز إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات اعتبار بأن ديانة الزوجة واعتبارها مسلمة ضمنا تبعا لتوثيق عقد الزواج بمعرفة المأذون لا يمكن اعتبارها من البيانات التي قام بها محرره في حدود مهمته.
5 - شهادة الوفاة ورقة رسمية معدة لإثبات حصول الوفاة، ومهمة الموظف المختص بتدوين الوفيات تقتصر وفقا لنص المادة 29 وما بعدها من قانون الأحوال المدنية رقم 260 لسنة 1960 على التحقيق من شخصية المتوفى قبل القيد إذا كان التبليغ إليه غير مصحوب بالبطاقة الشخصية، أما البيانات الأخرى المتعلقة بسن المتوفى ومحل ولادته وصناعته وجنسيته وديانته ومحل إقامته واسم ولقب والده ووالته فعلى الموظف المختص تدوينها طبقا لما يدلى به ذوى الشأن، ومن ثم فإن حجية شهادات الوفاة بالنسبة لتلك البيانات تنحصر في مجرد صدورها على لسان هؤلاء دون صحتها في ذاتها وتجوز الإحالة إلى التحقيق لإثبات ما يخالفها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 322 لسنة 1969 أحوال شخصية أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعن - وزير الخزانة بصفته ممثل بيت المال - بطلب الحكم ببطلان الإشهاد الصادر بتاريخ 21/ 1/ 1969 من محكمة رشيد للأحوال الشخصية في المادة رقم 3 لسنة 1969 وراثات والمتضمن توريث السيدة/ أنيسة خليل الحداد وبعدم تعرض الطاعن له به، وبصحة الإشهاد الصادر بتاريخ 9/ 8/ 1969 من محكمة باب شرقي للأحوال الشخصية في المادة 294 لسنة 1969 وراثات، وقال شرحا لدعواه أنه بتاريخ 13/ 1/ 1969 توفى المرحوم...... عن تركة تورث من بعده، فاستصدر بصفته شقيقة إشهادا شرعيا قيد برقم 3 لسنة 1969 وراثات رشيد بتحقيق وفاته وانحصار إرثه في زوجته أنيسه خليل الحداد وتستحق ربع التركة فرضا وفيه ويستحق الباقي تعصبا، ثم توفيت الزوجة في 17/ 6/ 1969، وعثر بين متاعها على مستند رسمي صادر من مديرية الأحوال الشخصية العامة بالجمهورية اللبنانية مؤرخ 28/ 2/ 1961 يفيد أنها مسيحية الديانة ولا يجوز بالتالي توريثها في زوجها تبعا لاختلافهما ديانة، فاستصدر الإشهاد رقم 294 لسنة 1969 وراثات باب شرقي بانحصار الإرث فيه، وإذ نازعه الطاعن بصفته في صحة هذا الإشهاد وذهب إلى أيلولة نصيب الزوجة إلى بيت المال فقد أقام الدعوى، وبتاريخ 27/ 1/ 1970 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن المرحومة أنيسه خليل الحداد كانت تدين بالمسيحية وقت وفاة زوجها منصور أحمد طبيخه، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت في 16/ 6/ 1970 (أولا) ببطلان إشهاد الوفاة والوراثة الصادر من محكمة رشيد للأحوال الشخصية في المادة 3 لسنة 1969 وراثات (ثانيا) بصحة إشهاد الوفاة والوراثة الصادر من محكمة باب شرقي للأحوال الشخصية في المادة 294 لسنة 1969 وراثات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 13 لسنه 70 ق أحوال شخصية الإسكندرية طالبا إلغاءه، وبتاريخ 9/ 5/ 1971 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالسبب الأول وبالوجه الثاني من السبب الثاني منها على الحكم الطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على سند من القول بأن وثيقة الزواج تقتصر حجيتها على حصول الزواج فقط دون التقرير بإسلام الزوجين، كما أن شهادة الوفاة حجة في إثبات واقعة الوفاة ولا علاقة لها بالدين الذى يعتنقه المتوفى عند حلول أجله، في حين أن المأذون أثبت في وثيقة الزواج خلو الزوجين من جميع الموانع الشرعية والقانونية مما مفاده تحققه من أن الزوجين مسلمان مصريان، إذ أن المادة 19 من لائحة المأذونين لا تجيز له توثيق عقود الزواج إذا كان أحد الطرفين غير مسلم، هذا إلى أن الثابت بشهادة وفاة الزوجة وفقا لتبليغ المطعون عليه أنها مسلمة، وكل من وثيقة الزواج وشهادة لوفاة تعتبر ورقة رسمية قام بتحريرها أحد المكلفين بخدمة عامة في حدود سلطته ولهما حجيتها الكاملة في الإثبات، ولا يجوز إهدار ما تضمنتاه من بيانات إلا عن طريق اتخاذ الادعاء بالتزوير ولا يسوغ إثبات عكس ما ورد بهما بطريق الإحالة إلى التحقيق. وإذا استدل الحكم بالبينة على أن زوجة المورث كانت تدين بالمسيحية وقت وفاته خلافا لما هو ثابت بوثيقة زواجها وشهادة وفاتها، فأنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان مؤدى النص في المادة 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - المقابلة للمادة 391 من القانون المدني على أن "المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن في حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا"؛ أن الحجية المقررة للأوراق الرسمية تقتصر على ما ورد بها من بيانات تتعلق بما قام به محررها أو شاهد حصوله من ذوى الشأن أو تلقاه عنهم في حدود سلطته واختصاصه، تبعا لما في إنكارها من مساس بالأمانة والثقة المتوافرين فيه، ومن ثم لا تتناول هذه الحجية البيانات الخارجة عن هذه الحدود أو ما تعلق بمدى صحة ما ورد على لسان ذوى الشأن من بيانات لأن إثباتها في ورقة رسمية لا يعطيها قوة خاصة في ذاتها بالنسبة لحقيقة وقوعها، فيرجع في أمر صحتها أو عدم صحتها إلى القواعد العامة في الإثبات، لما كان ذلك وكان عدم إسلام الزوجة الكتابية لا يعد مانعا شرعيا أو قانونيا في معنى المادة 33 من لائحة المأذونين الصادر بها قرار وزير العدل في 4/ 1/ 1955 يحول دون زواج المسلم بها بما لا يضفى على ما أورده المأذون في وثيقة زواج المورث بزوجته من بيان يفيد خلوهما من الموانع الشرعية والقانونية حجية على إسلام الزوجة، وكان لا يغير من ذلك خروج توثيق عقود الزواج بغير المسلمات عن اختصاص المأذونين الشرعيين طبقا للمادتين 18، 16 من اللائحة المشار إليها، لان مباشرة الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة لإجراء معين لا تقطع بمجردها في توافر الشروط اللازمة لاختصاصه به كما أن امتناعه عن ذلك لا يفيد عدم توافر تلك الشروط فيه، وأن العبرة في الخصوص هي بحقيقة الواقع لا بصفه من قام بالإجراء أو مدى اختصاصه به، وبالتالي فإن عقد التصادق على الزواج في 25/ 12/ 1961 لم يقع باطلا بطلانا جوهريا إذ اتفق المتعاقدان فيه على الزواج، وإن كان من الجائز أن يطرأ عليه البطلان حين يتضح أن الزوجة لم تكن مسلمة وأنه لم تتبع الإجراءات الخاصة بالشكل التي أوجب القانون اتباعها، ويجوز إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات اعتبارا بأن ديانة الزوجة مسلمة ضمنا تبعا لتوثيق عقد الزواج بمعرفة المأذون لا يمكن اعتبارها من البيانات التي قام بها محرره في حدود مهمته، لما كان ما تقدم وكانت شهادة الوفاة ورقة رسمية معدة لإثبات حصول الوفاه، وكانت مهمة الموظف المختص بتدوين الوفيات تقتصر وفقا لنص المادة 29 وما بعدها من قانون الأحوال المدنية رقم 260 لسنة 1960 على التحقيق من شخصية المتوفى قبل القيد إذا كان التبليغ إليه غير مصحوب بالبطاقة الشخصية، وأما البيانات الأخرى المتعلقة بسن المتوفى ومحل ولادته وصناعته وجنسيته وديانته ومحل إقامته واسم ولقب والده ووالدته فعلى الموظف المختص تدوينها طبقا لما يدلى به ذوو الشأن، ومن ثم فإن حجية شهادات الوفاة بالنسبة لتلك البيانات تنحصر في مجرد صدورها على لسان هؤلاء دون صحتها في ذاتها وتجوز الإحالة إلى التحقيق لإثبات ما يخالفها، وإذ أيد الحكم المطعون فه الحكم الابتدائي في إجازته للمطعون عليه إثبات أن زوجة المتوفى كانت مسيحية وقت وفاته فإنه لا يكون قد أهدر حجية الورقتين الرسميتين سالفتي الذكر، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم استدل على أن زوجة المورث كانت مسيحية وقت وفاته بالشهادة المؤرخة 28/ 8/ 1961، في حين أنها ورقة عرفية لا تقطع في صحة هذه الواقعة وأنه لا تلازم بين كون الزوجة مسيحية في ذلك التاريخ وبين كونها كذلك وقت الزواج الحاصل في 25/ 11/ 1961 وإلى حين وفاة زوجها في 13/ 1/ 1969 إذ لا مانع من أن تكون قد اعتنقت الإسلام في الأيام التالية لتحرير تلك الشهادة، وإذا كان الثابت من وثيقة زواجها ومن إبلاغ المطعون عليه عند وفاتها بأنها مسلمة، فإن الحكم إذا اعتمد في قضائه على الشهادة سالفة الإشارة يكون قد شابه فساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يقتصر في استدلاله على أن زوجة المورث كانت تدين بالمسيحية وقت وفاته على مجرد ما تضمنته الشهادة الصادرة عن مديرية الأحوال الشخصية العامة بالجمهورية اللبنانية والمؤرخة 28/ 8/ 1961 من أنها كانت مسيحية وإنما استند أيضا وفى المقام الأول إلى ما أجمع عليه الشهود ومنهم شاهد الطاعن من أن زوجة المتوفى كانت تعتنق الديانة المسيحية وظلت كذلك حتى وفاته، لما كان ذلك وكانت هذه الأدلة مجتمعة لها مأخذها من الأوراق وتؤدى إلى النتيجة التي خلص إليها الحكم فانه لا مساغ لتعييب أحدها على استقلال طالما استقام التدليل به مع سائر الأدلة الأخرى، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 27 لسنة 45 ق جلسة 1 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 أحوال شخصية ق 128 ص 651

جلسة أول مارس سنة 1978

برياسة السيد المستشار: محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، صلاح نصار وإبراهيم فراج.

----------------

(128)
الطعن رقم 27 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"

 (1)أحوال شخصية "الزواج". قانون "القانون الواجب التطبيق".
إبرام عقد الزواج. جوازه في الشكل الذي يقتضيه القانون الشخصي للزوجين أو قانون البلد الذي أبرم فيه. إثباته. خضوعه للقانون الذي يحكم الشكل.
 (2)إثبات "القانون الأجنبي". قانون.
القانون الأجنبي. واقعة مادية. وجوب إقامة الدليل عليه.
 (3)أحوال شخصية "الزواج. إثبات "الإقرار".
الإقرار. ماهيته. جواز اعتبار السكوت إقراراً ضمنياً بحصول الزواج. ليس للزوج نفي إقراره بعد ثبوته.
 (4)إثبات "الاستجواب".
طلب الخصم استجواب خصمه. عدم التزام المحكمة بإجابته متى وجدت في عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
(5) أحوال شخصية. إثبات.
الاعتقاد الديني. العبرة بظاهر اللسان. النطق بالشهادتين. كاف لاعتبار الشخصي مسلماً. شهر الإسلام على النموذج المخصص لذلك وثبوته. مجرد وسيلة تيسير الإثبات.

--------------
1 - للزوجين أن يبرما زواجهما في الشكل الذي يقتضيه قانونهما الشخصي، أو يبرما زواجهما في الشكل المقرر طبقاً لقانون البلد الذي عقد فيه، وإثبات الزواج يخضع للقانون الذي يحكم شكله.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون الأجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة مادية يجب على الخصوم إقامة الدليل عليه.
3 - الإقرار شرعاً هو إخبار الإنسان عند ثبوت حق لغيره على نفسه، وللسكوت في بعض المواقع يجعل الساكت مقراً بالحق بسكوته عنه كما يجعل المتكلم مقراً بالحق بكلامه وإن خالف القاعدة الفقهية القائلة لا ينسب لساكت قول، ومن بينها لو هنأ الناس الزوج بزواجه فسكت لزمه الزواج وليس له نفيه بعد أن أقر به لما كان ذلك فإن ما خلص إليه الحكم من إقرار ضمني صدر من المتوفى بحصول زواجه من المطعون عليها السادسة في سنة 1976 استقاه من مصاحبته لها إلى مجمع البحوث الإسلامية وتقريرها ذلك في مواجهته وقبوله له ليس فيه ما يعاب.
4 - وإن كان من حق الخصم أن يطلب استجواب خصمه إلا أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابته إلى طلبه لأنه من الرخص المخول لها، فلا عليها إن هي التفتت عنه متى وجدت في الدعوى من العناصر ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة لاتخاذ هذا الإجراء وفق المادة 108 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968.
5 - المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الاعتقاد الديني من الأمور التي تبنى الأحكام فيها على الأقوال بظاهر اللسان، والتي لا يجوز لقاضي الدعوى أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها أو دواعيها، وإن نطق الشخص بالشهادتين كاف في اعتباره مسلماً شرعياً ومعاملته معاملة المسلمين وسريان أحكام الإسلام عليه بدون حاجة إلى إعلان هذا الإسلام رسمياً أو اتخاذ أي إجراء آخر لاعتباره في عداد المسلمين، وبالتالي فإنه لا مساغ لما يستوجبه الطاعن من شهر الإسلام على النموذج الذي قدمه وتوثيقه والتصديق عليه من الجهات الإدارية لأنها إنما يقصد بها مجرد تيسير الإثبات لمن يطلبه دون أن تخل بحرية العقيدة الدينية فتضفى عليها شكلية معينة أو تحول دون من يبتغى الإسلام ديناً ومن سلوك أية وسيلة أخرى يرى فيها غناء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 530 لسنة 1972 "أحوال شخصية نفس" أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهن الخمسة الأوليات وفي مواجهة المطعون عليهم من السابع إلى التاسع بصفاتهم - مؤسسة الطيران المصرية وبنك مصر ومكتب تأمينات مصر الجديدة - بطلب الحكم ببطلان الإشهار الشرعي المتضمن وفاة ووراثة المرحوم...... الصادر من محكمة الخليفة الجزئية بتاريخ 24/ 4/ 1971 في المادة رقم 145 لسنة 1971 وراثات وقال بياناً لدعواه إنه بتاريخ 20/ 4/ 1971 توفى المرحوم..... في حادث انفجار بأحد الفنادق بمدينة بانكوك باليابان، وهو من ورثته بصفته ابن عمه الشقيق، وإذ تواطأت والدته - المطعون عليها الأولى - وأخوته الشقيقات - المطعون عليهن من الثانية إلى الخامسة - على حرمانه من الإرث واستصدرن إشهاراً شرعياً من محكمة الخليفة الجزئية بانحصار الإرث فيهن، واستطعن الحصول على كافة مستحقاته لدى المطعون عليهم من السابع إلى التاسع، فقد أقام الدعوى. تدخلت المطعون عليها السادسة استناداً إلى أنها زوجة للمتوفى منذ 23/ 2/ 1967 وأنها ترث فيه لاعتناقها دين الإسلام قبل وفاته وتستحق في تركته الريع فرضاً. أنكر المطعون عليهن الخمسة الأوليات على الطاعن صلة القرابة المدعاة، ووافقن على دعوى المطعون عليها السادسة من أنها زوجة للمتوفى وأنها تحجب الطاعن وتحرمه من الإرث كما يترتب على وجودها نقصان أنصبتهن، وطلبت المطعون عليها الأولى والثانية اعتبار الإشهار موضوع الدعوى باطلاً. وبتاريخ 18/ 3/ 1973 حكمت المحكمة (أولاً) بقبول تدخل المطعون عليها السادسة خصماً في الدعوى (ثانياً) بقبول الطلب العارض المقدم من المطعون عليها الأولى والثانية والحكم ببطلان الإشهار الشرعي الصادر من محكمة الخليفة الجزئية بتاريخ 24/ 4/ 1971 في المادة 145 لسنة 1971 وراثات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 58 لسنة 90 ق "أحوال شخصية" القاهرة، وبتاريخ 7/ 6/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان لا يكفي لقبول الطعن مجرد أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون خصماً حقيقياً وجهت إليه طلبات من خصمه أو وجه هو إليه طلبات، وكان المطعون عليهم من السابع إلى التاسع لم توجه إليهم طلبات ما، وكانت الخصومة في واقع الأمر معقودة بين الطاعن وبين من عداهم من المطعون عليهم، فإنه لا تكون للطاعن مصلحة في اختصامهم أمام محكمة النقض، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهم.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة إلى المطعون عليهن من الأولى إلى السادسة.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد، ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أسس قضاءه على سند من القول بصحة زوجية المطعون عليها السادسة للمتوفى طبقاً للمستخرج الرسمي من وثيقة الزواج الحاصل في 23/ 2/ 1967 أمام قاضي محكمة بيروت الشرعية والمصدق عليه من الجهات المختصة في لبنان ومصر، والتي تأيدت بإقرار المتوفى الضمني لهذا الزواج من مصاحبته زوجته المطعون عليها السادسة إلى مجمع البحوث الإسلامية لاعتناقها الدين الإسلامي وتقريرها أنها مسلمة منذ زواجها به في 1967 طبقاً للشهادة الصادرة من المجمع في 17/ 10/ 1973، في حين أو وثيقة الزواج المقدمة ليست إلا صورة شمسية خالية من توقيع الزوج المتوفى مما حال بين الطاعن وبين إمكان الادعاء بتزويرها، والتصديق المنسوب لقاضي محكمة بيروت على هذه الوثيقة باطل، لأن المطعون عليها السادسة لم تعتنق الإسلام إلا في 17/ 10/ 1970 والقاضي الشرعي اللبناني لا يختص إلا بتوثيق عقود الزواج الصادرة بين المسلمين، كما أن هذا التصديق لم يحصل إلا في 29/ 7/ 1972 أي في تاريخ لاحق لوفاة المورث في 20/ 4/ 1971 بما يستحيل معه وجود الزوج أمام القاضي وقت التصديق، يؤيد ذلك أن الزوجة تحمل جواز سفر صدر من ليفربول بإنجلترا في 25/ 4/ 1967 الأمر الذي ينفي وجودها ببيروت في 23/ 2/ 1967 تاريخ زواج المدعي هذا إلى أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بوجوب مناقشة المطعون عليها السادسة، مقرراً أنه لا يسلم بوجودها أو بأن المورث قد عقد عليها، أخذاً بمسلك والده - المتوفى وأخوته الشقيقات - المطعون عليهن الخمسة الأوليات - من استصدار إشهاد شرعي أغفلن فيه وجود الزوجة المدعاة مع أنه ليس معقولاً أن يخفي عليهن أمر زواجه؛ وتمكنهن بمقتضاه من الاستيلاء على كافة مستحقات المورث في مختلف الجهات الرسمية، وبأن كافة الأوراق الرسمية الخاصة بالطاعن تفيد أنه لم يكن متزوجاً، غير أن الحكم أغفل الاستجابة لهذا الطلب، رغم أن أوراق الدعوى خالية من أي اعتراف من المتوفى بهذا الزواج ولا يمكن القول بأن واقعة اصطحاب المورث للزوجة المزعومة إلى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بمثابة إقرار منه به. وبالإضافة إلى أن الشهادة المقدمة من المجمع المشار إليه باعتناق الزوجة الدين الإسلامي لا حجية لها، لأن الدولة وحدت الطريق الواجب الاتباع لمن يريد إشهار إسلامه وحتى يصبح اعتناقه إياه رسمياً وجعلته معقوداً بالتصديق عليه من مكاتب التوثيق ومديرية الأمن علاوة على أن الطاعن تقدم بشهادة من إدارة الجوازات والجنسية تفيد عدم حضور المطعون عليها السادسة إلى مصر للتدليل على عدم صدور التوكيل بالخصومة رقم 1280 لسنة 1972 جنوب القاهرة المنسوب إليها، مما يفيد أنه من صنع المطعون عليهن الخمسة الأوليات وأنهن أردن به حرمانه من حقه في الإرث وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن الواقع في الدعوى أن المطعون عليها السادسة تدخلت أمام محكمة أول درجة تأسيساً على أنها زوجة المورث، والبين من تقريرات الحكم الابتدائي أنها بعد أن قدمت صورة شمسية لوثيقة زواجها منه قدمت أصلها بناء على طلب المحكمة وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بصحة الزوجية على ما استخلصه من أن الوثيقة المقدمة هي مستخرج رسمي من وثيقة الزواج المثبتة لزواج المتوفى منها أمام قاضي بيروت في 23/ 2/ 1967، فإن ما يزعمه الطاعن من أن الوثيقة المقدمة صورة شمسية وليست أصلاً وأنه لم يتمكن بالتالي من الادعاء بتزويرها لا تظاهره فيه الأوراق، خاصة وأن الحكم المطعون فيه أثبت أنه رغم تلويح الطاعن برغبته في الادعاء بالتزوير تردد بين الطعن على العقد المؤرخ 23/ 2/ 1967 وبين الطعن على الحكم المثبت للزواج، دون أن يسلك الطريق الذي رسمه القانون، فتكون محكمة الاستئناف في مطلق حقها بعد إذ لم تر فيما أبداه الطاعن ما يقنع باستعمال الرخصة المخولة لها بالمادة 58 من قانون الإثبات من القضاء برد الورقة وبطلانها - أن تنتهي إلى صحة وثيقة الزواج. لما كان ذلك وكان للزوجين أن يبرما زواجهما في الشكل الذي يقتضيه قانونهما الشخصي، أو يبرما زواجهما في الشكل المقرر طبقاً لقانون البلد الذي عقد فيه، وكان إثبات الزواج يخضع للقانون الذي يحكم شكلاً، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون الأجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة يجب على الخصوم إقامة الدليل عليه، وكان الطاعن لم يبين النص في القانون اللبناني الذي يقصر اختصاص القاضي الشرعي على توثيق عقود زواج المسلمين دون غيرهم أو يدلل على سبق تمسكه أمام محكمة الموضوع بعدم إمكان وجود المطعون عليها السادسة في بيروت وقت عقد الزواج، بما لا يجوز له إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ما تقدم وكان الإقرار شرعاً هو إخبار الإنسان عند ثبوت حق لغيره على نفسه، وكان السكوت في بعض المواضع يجعل الساكت مقراً بالحق بسكوته عنه كما يجعل المتكلم مقراً بالحق بكلامه، وإن خالف القاعدة الفقهية القائلة ألا ينسب لساكت قول، ومن بينها لو هنأ الناس الزوج بزواجه فسكت لزمه الزواج وليس له نفيه بعد أن أقر به، فإن ما خلص إليه الحكم من إقرار ضمني صدر من المتوفى بحصول زواجه من المطعون عليها السادسة في سنة 1967 استقاه من مصاحبته لها إلى مجمع البحوث الإسلامية وتقريرها ذلك في مواجهته وقبوله له ليس فيه ما يعاب، ويكون ما يتذرع به الطاعن من مسلك والده المتوفى وأخوته وإغفالهن وجود الزوجة في البداية لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقرير قاضي الدعوى للدليل لا يقبل أمام هذه المحكمة، كما أنه وإن كان من حق الخصم أن يطلب استجواب خصمه إلا أن - محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابته إلى طلبه، لأنه من الرخص المخولة لها، فلا عليها إن هي التفتت عنه متى وجدت في الدعوى من العناصر ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة لاتخاذ هذا الإجراء وفق المادة 108 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968. لما كان ما سلف، وكان المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الاعتقاد الديني من الأمور التي تبنى الأحكام فيها على الأموال بظاهر اللسان، والتي لا يجوز لقاضي الدعوى أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها أو دواعيها، وأن نطق الشخص بالشهادتين كاف في اعتباره مسلماً شرعاً ومعاملته معاملة المسلمين وسريان أحكام الإسلام عليه بدون حاجة إلى إعلان هذا الإسلام رسمياً أو اتخاذ أي إجراء آخر لاعتباره في عداد المسلمين، فإنه لا مساغ لما يستوجبه الطاعن من شهر الإسلام على النموذج الذي قدمه وتوثيقه والتصديق عليه من الجهات الإدارية، لأنها إنما يقصد بها مجرد تيسير الإثبات لمن يطلبه دن أن تخل بحرية العقيدة الدينية فتضفى عليها شكلية معينة، أو تحول دون من يبتغي الإسلام ديناً وبين سلوك أية وسيلة أخرى يرى فيها غناء. وإذ كان الأصل أنه لا يسوغ التدخل بغير موجب في علاقة ذوي الشأن بوكلائهم إلا في صورة إنكار ذي الشأن لوكالة وكيله، وكانت الشهادة الصادرة من إدارة الجوازات والجنسية التي يستند إليها الطاعن للقول بعدم حضور المطعون عليها السادسة إلى جمهورية مصر في فترة صدور التوكيل بالخصومة عنها، تتناقض مع شهادة أخرى صادرة من ذات الإدارة تفيد قدومها إليها، فإنه لا يمكن نفي صدور التوكيل بالخصومة المشار إليه طالما أن المطعون عليها السادسة لم تنكره أو تجحده، ويكون النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.