جلسة 17 من أبريل سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ فتحي محمد حنضل "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة د/ محسن إبراهيم، إبراهيم المرصفاوي، محمد عبد الحليم وعدلي فوزي محمود "نواب رئيس المحكمة".
-----------------
(71)
الطعن رقم 2333 لسنة 67 القضائية
(1، 2) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية التقصيرية والتعويض عنها: الخطأ التقصيري الموجب للمسئولية".
(1) سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية. شرطه. أن يكون سائغا له أصل ثابت في الأوراق.
(2) تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ من عدمه. خضوعه لرقابة محكمة النقض. امتداد الرقابة إلى تقدير الوقائع والظروف المؤثرة في استخلاص الخطأ.
(3 ، 4) ري "الدعاوى المتعلقة بالري والصرف: دعاوى حق ارتفاق الري".
(3) الحق في شق مجرى للري في أرض الجار لأرض منفصلة عن مآخذ المياه. سبيله. التراضي بين الطرفين وفي حالة تعذره الحصول على حكم قضائي أو إذن الجهة الإدارية مفتش الري لتحديد مكان وكيفية شق المجرى والتعويض العادل مقابل تقرير ذلك الحق، صدور حكم محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار السلبي لجهة الإدارة بعدم توصيل المياه للأرض المنفصلة عن مآخذ المياه. لا يكفي لشق المجرى. علة ذلك. م 809 مدني، المواد 24، 25، 26، 29، 102 ق 12 لسنة 1984 بشأن الري والصرف.
(4) ثبوت شق المطعون ضده مروى في أرض الطاعن لتوصيل المياه لأرضه دون التراضي بينهما أو اتخاذ الإجراءات القانونية لتقرير ذلك الحق ببيان مكانها والتعويض العادل. مؤداه. توفر الخطأ في جانبه. أثره. وجوب تعويض الطاعن عن الأضرار التي لحقت به من جراء ذلك. قضاء الحكم المطعون فيه ببراءة ذمة المطعون ضده لانتفاء الخطأ من جانبه استنادا لصدور حكم القضاء الإداري بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بعدم توصيل المياه لأرضه. قصور وفساد.
---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أنه يشترط أن يكون هذا الاستخلاص سائغا وله أصل ثابت بالأوراق.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من مسائل القانون التي يخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض، وأن هذه الرقابة تمتد إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في حصول هذا الخطأ، وتقدير محكمة الموضوع لهذا الخطأ واستخلاصه.
3 - البين من استقراء المادة 809 من القانون المدني والمواد 24، 25، 26 من القانون 12 لسنة 1984 بشأن الري والصرف أنه يتعين على من يثبت له الحق في شق مجرى في أرض جاره أن يلجأ إلى جاره للتراضي على ذلك، فإن تعذر حصول هذا التراضي يطلب إلى المحكمة أو إلى الجهة الإدارية المختصة - مفتش الري - لتقرير هذا الحق وبيان الكيفية التي يتم بها إنشاء المجرى من حيث المكان المناسب وتحديد التعويض العادل الذي يدفعه مقابل تقرير هذا الحق له - إذ أن تقرير هذا الحق لا يكون بلا مقابل، وإنما يتعين بعد إيداع التعويض اتخاذ الإجراءات والأوضاع المقررة في المادتين 29، 102 من ذات القانون وأنه يتعين إتباع هذه الإجراءات وتلك القواعد في كل حالة يثبت فيها قطع طريق الري عن أرض أصبحت منفصلة عن مأخذ المياه وترتب على ذلك حرمانها من الري واستلزم الأمر إنشاء طريق آخر للري، مما مؤداه أن مجرد صدور حكم من محكمة القضاء الإداري بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بعدم توصيل المياه إلى أرض صاحب الأرض لا يكفي بمجرده لشق المجرى في أرض جاره دون رضاه بل يجب الرجوع إلى مالك الأرض أو جهة الإدارة المختصة ويتعين اتخاذ الإجراءات السالف بيانها ولا يسوغ لمن يثبت له هذا الحق القيام بهذا الأمر بنفسه وفقا لإرادته ومشيئته وحده ذلك أن تقرير حق المجرى أو حق المروي إنما يقوم على غير سبب ملكيته لأرضه ويمتد إلى أرض الغير المجاورة لأرضه المنفصلة عن مأخذ المياه وعلى ذلك فإنه إذا تعذر التراضي بين الطرفين يتعين إلزام من يثبت له هذا الحق أن يؤدي لصاحب الأرض التي يمر فيها المجرى التعويض العادل والذي يشمل الحرمان من الانتفاع بالجزء الذي يشغله المجرى، يشمل الأضرار الأخرى التي تصيب الأرض من جراء شق المجرى وما ينشأ عن ذلك من آثار.
4 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى بمقولة انتفاء الخطأ في جانب المطعون ضده، في حين أن الثابت من الأوراق أنه قام بشقه المجرى في الأرض المملوكة للطاعن لتوصيل المياه إلى أرضه دون حصول التراضي بينهما على ذلك أو اتخاذ الإجراءات اللازمة باللجوء إلى الجهة الإدارية المختصة لتقرير هذا الحق في المكان المناسب له وبيان الكيفية التي يتم بها إنشاء المجري في أرض الجار وتحديد التعويض العادل وهو ما يعد خطأ يستوجب القضاء للطاعن بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به، وإذ لم يفطن الحكم إلى هذه الأمور، ولم يستظهر هذا الخطأ وما رتبه من أضرار في حق الطاعن ملتفتا عن دفاعه وما يقتضيه من البحث والتمحيص فإنه يكون معيبا.
--------------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم ... لسنة 1989 مدني محكمة دمنهور الابتدائية "مأمورية كفر الدوار" على المطعون ضده بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ 129148 جنيه تعويضا، على سند من أن المطعون ضده صدر لصالحه حكما من محكمة القضاء الإداري بتوصيل المياه إلى أرضه من المورد البعيد عنها فقام بشق مروى له بنفسه دون الرجوع إلى مالك الأرض التي أجرى فيها المياه إلى أرضه أو اللجوء إلى مفتش الري المختص لتحديد المروى والمكان المناسب لإنشاء هذا المسقى مما ترتب عليه استقطاع مساحة 450 م2 من الأرض المملوكة للوحدة الزراعية وتقدر قيمتها بمبلغ 54000 جنيه بالإضافة إلى مساحة 360 م2 تسبب في عزلها عن باقي أرض الوحدة الزراعية وتقدر قيمتها بمبلغ 43200 جنيه فضلا عما ترتب على ذلك من إتلاف مزروعات خاصة بها تقدر بمبلغ 488 جنيه وحرمان الوحدة الزراعية من حق الارتفاق بالري في الترعة الرئيسية التي تخدم تلك المساحة والذي يقدر بمبلغ 31500 جنيه، وإذ كان المطعون ضده لجأ إلى تنفيذ الحكم المشار إليه في أرض الطاعن، ذلك دون اللجوء للإدارة لتحديد كيفية مرور المروى في أرض الوحدة الزراعية وحدودها وتقدير التعويض الذي يتعين سداده في مقابل الأرض، ومن ثم فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدعوى.
استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 52 ق الإسكندرية "مأمورية دمنهور" وبتاريخ 5/ 3/ 1997 قضت بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في - غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابية رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي في القضاء برفض الدعوى باقتضاء التعويض من المطعون ضده بمقولة إن توصيل المروى إلى أرضه وشق هذه المروى في الأرض المملوكة للوحدة الزراعية دون موافقتها أو الرجوع إليها لا يتوافر به الخطأ الموجب للمسئولية لصدور حكم لصالحه من القضاء الإداري يخوله الحق في تنفيذه بنفسه في حين أن مجرد صدور حكم للمطعون ضده بتوصيل المياه إلى أرضه لا يخول له شقها في أرض الوحدة بنفسه بل لا بد من اتخاذ ما يلزم بالرجوع إلى جهة الإدارة لتعين هذه المسقاة وكيفية إنشائها ومسارها وتحديد مساحتها والتعويض المستحق للجهة مالكة الأرض وإذ لم يتفهم الحكم هذه الأمور ولم يستظهر هذا الخطأ وما رتبه من أضرار في حق الطاعن فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أن من المقرر في - قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أنه يشترط أن يكون هذا الاستخلاص سائغا وله أصل ثابت بالأوراق وأن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من مسائل القانون التي يخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض، وأن هذه الرقابة تمتد إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في حصول هذا الخطأ، وتقدير محكمة الموضوع لهذا الخطأ واستخلاصه، وإذ كان البين من استقراء المادة 809 من القانون المدني والمواد 24، 25، 26 من القانون 12 لسنة 1984 بشأن الري والصرف أنه يتعين على من يثبت له الحق في شق مجرى في أرض جاره أن يلجأ إلى جاره للتراضي على ذلك، فإن تعذر حصول هذا التراضي يطلب إلى المحكمة أو إلى الجهة الإدارية المختصة - مفتش الري - لتقرير هذا الحق وبيان الكيفية التي يتم بها إنشاء المجرى من حيث المكان المناسب وتحديد التعويض العادل الذي يدفعه مقابل تقرير هذا الحق له، إذ إن تقرير هذا الحق لا يكون بلا مقابل، وإنما يتعين بعد إيداع التعويض اتخاذ الإجراءات والأوضاع المقررة في المادتين 29، 102 من ذات القانون وأنه يتعين إتباع هذه الإجراءات وتلك القواعد في كل حالة يثبت فيها قطع طريق الري عن أرض أصبحت منفصلة عن مأخذ المياه وترتب على ذلك حرمانها من الري واستلزم الأمر إنشاء طريق آخر للري، مما مؤداه أن مجرد صدور حكم من محكمة القضاء الإداري بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بعدم توصيل المياه إلى أرض صاحب الأرض لا يكفي بمجرده لشق المجرى في أرض جاره دون رضاه بل يجب الرجوع إلى مالك الأرض أو جهة الإدارة المختصة ويتعين اتخاذ الإجراءات السالف بيانها ولا يسوغ لمن يثبت له هذا الحق القيام بهذا الأمر بنفسه وفقا لإرادته ومشيئته وحده ذلك أن تقرير حق المجرى أو حق المروى إنما يقوم على غير سبب ملكيته لأرضه ويمتد إلى أرض الغير المجاورة لأرضه المنفصلة عن مأخذ المياه وعلى ذلك فإنه إذا تعذر التراضي بين الطرفين يتعين إلزام من يثبت له هذا الحق أن يؤدي لصاحب الأرض التي يمر فيها المجرى التعويض العادل والذي يشمل الحرمان من الانتفاع بالجزء الذي يشغله المجرى، كما يشمل الأضرار الأخرى التي تصيب الأرض من جراء شق المجرى وما ينشأ عن ذلك من آثار. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى بمقولة انتفاء الخطأ في جانب المطعون ضده، في حين أن الثابت من الأوراق أنه قام بشقه المجرى في الأرض المملوكة للطاعن لتوصيل المياه إلى أرضه دون حصول التراضي بينهما على ذلك أو اتخاذ الإجراءات اللازمة باللجوء إلى الجهة الإدارية المختصة لتقرير هذا الحق في المكان المناسب له وبيان الكيفية التي يتم بها إنشاء المجرى في أرض الجار وتحديد التعويض العادل وهو ما يعد خطأ يستوجب القضاء للطاعن بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به، وإذ لم يفطن الحكم إلى هذه الأمور، ولم يستظهر هذا الخطأ وما رتبه من أضرار في حق الطاعن ملتفتا عن دفاعه وما يقتضيه من البحث والتمحيص فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.