الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2020

الطعن 4906 لسنة 5 ق جلسة 17 / 2 / 2016 مكتب فني 67 ق 28 ص 241

 جلسة 17 من فبراير سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / وجيه أديب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبد الرازق ، طارق بهنساوي ، حسام مطر وممدوح فزاع نواب رئيس المحكمة.
------------

(28)

الطعن رقم 4906 لسنة 5 القضائية

(1) نقض " المصلحة في الطعن " " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " . دعوى جنائية " انقضاؤها بالتصالح " .

القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح . قضاء في الموضوع يلتقي في النتيجة مع البراءة . الطعن فيه بطريق النقض . غير جائز . علة ذلك ؟

المصلحة . مناط الطعن .

القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح عن تهمتي القتل والإصابة الخطأ . النعي في خصوص هاتين الجريمتين . غير مقبول لانتفاء المصلحة .

(2) ارتباط . إتلاف . قتل خطأ . إصابة خطأ . دعوى جنائية " انقضاؤها بالتصالح " .

معاقبة الطاعن عن جريمة الإتلاف بإهمال بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي القتل والإصابة الخطأ التي قضى في أولاهما باعتبارها الأشد بالتصالح . أثره : انفصال الارتباط بينهم ولا أثر للتصالح على الجريمة الأولى المرتبطة بهما .

مناط الارتباط . رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب أو الانقضاء . علة ذلك ؟

الارتباط بين جريمتي القتل الخطأ والإتلاف بإهمال . لا يوجب انقضاء الدعوى الجنائية عن الأخيرة تبعاً لانقضائها بالنسبة للأولى بالتصالح ولا ينسحب أثره لها .

(3) قانون " تفسيره " " تطبيقه " . دعوى جنائية " انقضاؤها بمضي المدة " . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .

قصر حق الطعن بالنقض على الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح دون المخالفات إلَّا ما كان منها مرتبطاً بها . أساس ذلك ؟

جريمة الإتلاف بإهمال المعاقب عليها بالمادة 378/6 عقوبات . مخالفة طبقاً للمادة 12 عقوبات المعدلة . الطعن عليها بالنقض . غير جائز . انقضاؤها بمضي المدة . لا يغير من هذا النظر . علة ذلك ؟

(4) دعوى مدنية . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .

المادتان 266 ، 403 إجراءات جنائية . مفادهما ؟

الطعن بالنقض في الدعوى المدنية المطالب فيها بتعويض لا يجاوز النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي . غير جائز . علة ذلك ؟

قلة النصاب للدعوى المدنية وانفصالها عن الجنائية التي قضي فيها بالتصالح . أثره : عدم جواز الطعن فيها .

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- من المقرر أن القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح في واقعه وحقيقة أمره قضاء في الموضوع يلتقي في النتيجة مع القضاء ببراءة المتهم ، ومن ثم فإنه لا يكون قد أضر بالمتهم حتى يجوز له أن يطعن فيه بطريق النقض ، وكانت المصلحة مناط الطعن ، فحيث تنقضي لا يكون الطعن مقبولاً ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح بالنسبة للتهمتين الأولى والثانية – القتل والاصابة الخطأ – ومن ثم فإن كافة ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بالنسبة لهما - لجريمتي القتل والاصابة الخطأ - يكون غير مقبول لانتفاء مصلحته في الطعن عليهما .

 2- لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن عن جريمة إتلاف منقول مملوك للغير بإهمال الإتلاف بإهمال بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي القتل والإصابة الخطأ التي قضى فيهما بالتصالح على الرغم مما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها الحكم من أن جميع تلك الجرائم قد وقعت وليد نشاط إجرامي واحد يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة الذي عناه الشارع بالحكم الوارد في الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات ، مما كان يوجب الحكم على الطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهي العقوبة المقررة للجريمة الأولى – القتل الخطأ – دون عقوبة جريمة الإتلاف بإهمال ، إلَّا أنه نظراً لأن الحكم المطعون فيه قد قضى في الجريمة الأولى وهي الأشد بانقضائها بالتصالح ، فإن الارتباط بينهما ينفصل ولا يكون لهذا التصالح أثر على الجريمة المرتبطة بها وهي جريمة الإتلاف بإهمال التي قضى فيها بعقوبة الغرامة ، لما هو مقرر أن مناط الارتباط في حكم المادة 32 من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب ؛ لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة الأخرى لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتاً ونفياً ، ومن ثم فإن الارتباط بين جريمة القتل الخطأ التي قضى فيها بالتصالح وبين جريمة الإتلاف بإهمال لا يوجب البتة الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية عنها تبعاً لانقضائها بالنسبة لجريمة القتل الخطأ بالتصالح ولا تقتضي بداهة انسحاب أثر الصلح في جريمة القتل الخطأ لجريمة الاتلاف بإهمال .

3- لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قصرت حق الطعن على الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح دون المخالفات إلَّا ما كان منها مرتبطاً بها ، وكان البيِّن من الأوراق أن النيابة العامة قد أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعن بوصف أنه تسبب بإهماله في حدوث تلفيات بسيارتين الأمر المعاقب عليه طبقاً للمادة 378/6 من قانون العقوبات بالغرامة التي لا تتجاوز حدود عقوبة المخالفة ، مما يدخلها في عداد المخالفة طبقاً للمادة 12 من قانون العقوبات بعد تعديلها بالقانون رقم 169 لسنة 1981 ، ومن ثم فإن الطعن بالنقض بالنسبة لجريمة الإتلاف بإهمال يكون غير جائز وتقضي المحكمة بعدم قبول الطعن ، ولا يغير من هذا النظر أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة لمرور أكثر من سنة من تاريخ التقرير بالطعن وتقديم أسبابه وبين تاريخ الجلسة التي نظر فيها الطعن ، إذ أن عدم جوازه يحول دون النظر في ذلك ، لما هو مقرر من أن المناط في بحث هذا الأمر هو اتصال الطعن بمحكمة النقض اتصالاً صحيحاً يبيح لها التصدي لبحثه وإبداء حكمها فيه .

4- لما كان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى بتأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجه بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية " ورثة المجني علية في جريمة القتل الخطأ المرحوم / ... " مبلغ خمسين جنيهاً وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت ، لما كان ذلك ، وكانت المادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن يتبع في الفصل في الدعاوي المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة في قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن الدعاوى المدنية تخضع أمام القضاء الجنائي للقواعد المقررة في قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكم والأحكام وطرق الطعن فيها ، وكان مراد الشارع بما نص عليه في المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية في باب الاستئناف من أن شرط جواز الطعن في الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية هو تجاوز التعويض المطالب به حد النصاب النهائي للقاضي الجزئي ولو وصف هذا التعويض بأنه مؤقت ، وقد انصرف إلى وضع قاعدة عامة تسري على كافة طرق الطعن فيمتد أثرها إلى الطعن بالنقض ، وكان مفاد تلك المادة أيضاً أن استئناف المتهم للحكم الصادر ضده بالتعويض يخضع للقواعد العامة فيما يتعلق بالنصاب الانتهائي للقاضي الجزئي إذا كان مقصوراً على الدعوى المدنية وحدها ، أما إذا استأنف المتهم الحكم الصادر ضده في الدعويين الجنائية والمدنية ، فلا يتقيد بنصاب معين ، والعلة في ذلك أن الدعوى المدنية تابعة للدعوى الجنائية ، فلا يجوز قبول الاستئناف بالنسبة لإحداهما دون الأخرى لما في ذلك من تجزئة ، وكل ما يشترط في هذه الحالة أن يكون استئنافه للحكم الجنائي جائزاً ، لما كان ذلك ، وكان البِّين من الأوراق أنه ولئن كان استئناف الطاعن للحكم الصادر ضده بالتعويض جائزاً على الرغم من عدم تجاوز التعويض المطالب به – في الدعوى الماثلة – للنصاب النهائي للقاضي الجزئي وذلك لنظره مع استئنافه للشق الجنائي في الحكم الصادر ضده بالإدانة ولتبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية ، إلَّا أن هذا لا يخوله حق الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه الصادر ضده في الدعوى المدنية لقلة النصاب وذلك لانفصالها عن الدعوى الجنائية التي قضي فيها بالتصالح في هذه المرحلة من مراحل الدعوى ، ومن ثم فإن الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه يكون غير جائز .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

أولاً : بالنسبة للطعن في الدعوى الجنائية :

لما كان من المقرر أن القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح في واقعه وحقيقة أمره قضاء في الموضوع يلتقي في النتيجة مع القضاء ببراءة المتهم ، ومن ثم فإنه لا يكون قد أضر بالمتهم حتى يجوز له أن يطعن فيه بطريق النقض ، وكانت المصلحة مناط الطعن ، فحيث تنقضي لا يكون الطعن مقبولاً ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح بالنسبة للتهمتين الأولى والثانية – القتل والاصابة الخطأ – ومن ثم فإن كافة ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بالنسبة لهما - لجريمتي القتل والاصابة الخطأ - يكون غير مقبول لانتفاء مصلحته في الطعن عليهما . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن عن جريمة إتلاف منقول مملوك للغير بإهمال الإتلاف بإهمال بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي القتل والإصابة الخطأ التي قضى فيهما بالتصالح على الرغم مما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها الحكم من أن جميع تلك الجرائم قد وقعت وليد نشاط إجرامي واحد يتحقق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة الذي عناه الشارع بالحكم الوارد في الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات ، مما كان يوجب الحكم على الطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهي العقوبة المقررة للجريمة الأولى – القتل الخطأ – دون عقوبة جريمة الإتلاف بإهمال ، إلَّا أنه نظراً لأن الحكم المطعون فيه قد قضى في الجريمة الأولى وهي الأشد بانقضائها بالتصالح ، فإن الارتباط بينهما ينفصل ولا يكون لهذا التصالح أثر على الجريمة المرتبطة بها وهي جريمة الإتلاف بإهمال التي قضى فيها بعقوبة الغرامة ، لما هو مقرر أن مناط الارتباط في حكم المادة 32 من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب ؛ لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة الأخرى لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتاً ونفياً ، ومن ثم فإن الارتباط بين جريمة القتل الخطأ التي قضى فيها بالتصالح وبين جريمة الإتلاف بإهمال لا يوجب البتة الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية عنها تبعاً لانقضائها بالنسبة لجريمة القتل الخطأ بالتصالح ولا تقتضي بداهة انسحاب أثر الصلح في جريمة القتل الخطأ لجريمة الاتلاف بإهمال ، لما كان ذلك ، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قصرت حق الطعن على الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح دون المخالفات إلَّا ما كان منها مرتبطاً بها ، وكان البّيِن من الأوراق أن النيابة العامة قد أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعن بوصف أنه تسبب بإهماله في حدوث تلفيات بسيارتين الأمر المعاقب عليه طبقاً للمادة 378/6 من قانون العقوبات بالغرامة التي لا تتجاوز حدود عقوبة المخالفة ، مما يدخلها في عداد المخالفة طبقاً للمادة 12 من قانون العقوبات بعد تعديلها بالقانون رقم 169 لسنة 1981 ، ومن ثم فإن الطعن بالنقض بالنسبة لجريمة الإتلاف بإهمال يكون غير جائز وتقضي المحكمة بعدم قبول الطعن ، ولا يغير من هذا النظر أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة لمرور أكثر من سنة من تاريخ التقرير بالطعن وتقديم أسبابه وبين تاريخ الجلسة التي نظر فيها الطعن ، إذ إن عدم جوازه يحول دون النظر في ذلك ، لما هو مقرر من أن المناط في بحث هذا الأمر هو اتصال الطعن بمحكمة النقض اتصالاً صحيحاً يبيح لها التصدي لبحثه وإبداء حكمها فيه .

ثانياً : بالنسبة للطعن في الدعوى المدنية :

من حيث إن البّيِن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى بتأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجه بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية " ورثة المجني عليه في جريمة القتل الخطأ المرحوم / ... " مبلغ خمسين جنيهاً وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت ، لما كان ذلك ، وكانت المادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن يتبع في الفصل في الدعاوي المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة في قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن الدعاوى المدنية تخضع أمام القضاء الجنائي للقواعد المقررة في قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكم والأحكام وطرق الطعن فيها ، وكان مراد الشارع بما نص عليه في المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية في باب الاستئناف من أن شرط جواز الطعن في الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية هو تجاوز التعويض المطالب به حد النصاب النهائي للقاضي الجزئي ولو وصف هذا التعويض بأنه مؤقت ، وقد انصرف إلى وضع قاعدة عامة تسري على كافة طرق الطعن فيمتد أثرها إلى الطعن بالنقض ، وكان مفاد تلك المادة أيضاً أن استئناف المتهم للحكم الصادر ضده بالتعويض يخضع للقواعد العامة فيما يتعلق بالنصاب الانتهائي للقاضي الجزئي إذا كان مقصوراً على الدعوى المدنية وحدها ، أما إذا استأنف المتهم الحكم الصادر ضده في الدعويين الجنائية والمدنية ، فلا يتقيد بنصاب معين ، والعلة في ذلك أن الدعوى المدنية تابعة للدعوى الجنائية ، فلا يجوز قبول الاستئناف بالنسبة لإحداهما دون الأخرى لما في ذلك من تجزئة ، وكل ما يشترط في هذه الحالة أن يكون استئنافه للحكم الجنائي جائزاً ، لما كان ذلك ، وكان البّيِن من الأوراق أنه ولئن كان استئناف الطاعن للحكم الصادر ضده بالتعويض جائزاً على الرغم من عدم تجاوز التعويض المطالب به – في الدعوى الماثلة – للنصاب النهائي للقاضي الجزئي وذلك لنظره مع استئنافه للشق الجنائي في الحكم الصادر ضده بالإدانة ولتبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية ، إلَّا أن هذا لا يخوله حق الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه الصادر ضده في الدعوى المدنية لقلة النصاب وذلك لانفصالها عن الدعوى الجنائية التي قضي فيها بالتصالح في هذه المرحلة من مراحل الدعوى ، ومن ثم فإن الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه يكون غير جائز . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن في الدعويين الجنائية والمدنية يكون مفصحاً عن عدم قبوله ويتعين التقرير بذلك مع مصادرة الكفالة وتغريم الطاعن مبلغاً مساوياً لمبلغ الكفالة عملاً بنص المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 2007 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 8680 لسنة 82 ق جلسة 8 / 5 / 2018 مكتب فني 69 ق 106 ص 736

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة التجارية والاقتصادية
برئاسة السيد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي ود. مصطفى سالمان ومحمد القاضي وصلاح عصمت نواب رئيس المحكمة 

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بالقاهرة.

في يوم الثلاثاء 22 من شعبان سنة 1439 هـ الموافق 8 من مايو سنة 2018 م.

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 8680 لسنة 82 قضائية.

المرفوع من

..............

ضد

.............

----------------- 
الوقائع
بتاريخ 26/ 5/ 2012 طعن بطريق النقض في حكم محكمة القاهرة الاقتصادية الصادر بتاريخ 28/ 3/ 2012 في الاستئناف رقم 768 لسنة 1 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة، وفي نفس اليوم أودع الطاعن مذكرة شارحة وحافظة بمستنداته.
وفي 11/ 6/ 2012 أعلن المطعون ضده الأول بصحيفة الطعن.
وفي 6/ 6/ 2012 أعلن المطعون ضده الرابع بصحيفة الطعن.
وفي 14/ 6/ 2012 أعلن المطعون ضدهما الثاني والثالث بصحيفة الطعن.
وفي 28/ 6/ 2012 أودع المطعون ضده الثاني مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن.

في 27/ 6/ 2012 أودع المطعون ضده الثالث مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن.

ثم أودعت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها قبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه.

وبجلسة 13/ 12/ 2016 عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وبها سمعت المرافعة أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة. صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.

وبجلسة 24/ 1/ 2017 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه، وقبل الفصل في موضوع الدعوى بندب خبير لأداء المأمورية الموضحة بمنطوق هذا الحكم.

وبجلسة 28/ 11/ 2017 قضت محكمة النقض وقبل الفصل في موضوع الدعوى رقم 768 لسنة 1 ق اقتصادي القاهرة الاستئنافية بندب الخبير صاحب الدور بجدول خبراء المحاكم الاقتصادية لأداء المأمورية الموضحة بمنطوق هذا الحكم.

وبجلسة 10/ 4/ 2018 سمعت المرافعة أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعنة والمطعون ضدها الثانية والنيابة كل على ما جاء بمذكرته والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم. 

-------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ د. مصطفى سالمان نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.

وحيث إن الوقائع سبق أن أحاط بها وفصلها الحكمان الصادران من هذه المحكمة بتاريخ 17/ 1/ 2017 و28/ 11/ 2017 فتحيل المحكمة في بيانها إليهما وتجتزئ منهما أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهما الأولى والثانية الدعوى رقم 768 لسنة 1 ق القاهرة الاقتصادية الاستئنافية بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن بأداء مبلغ ستة ملايين جنيه على سند من أنها تمتلك الاسمين "....." و"....." والعلامة التجارية الخاصة بهما وأن المطعون ضدها الأولى قامت بالاعتداء عليها من خلال تسجيل شركة باسم "......" بغية إدخال الغش على جمهور المستهلكين. وأذاعت المطعون ضدها ذلك اللبس في الجمهور عن الطريق النشر بصحف المطعون ضدها الثانية مما سبب أضرارا للطاعنة قدرت قيمتها، وفق طلباتها الختامية، بمبلغ خمسة عشر مليون جنيه.

وبتاريخ 28/ 3/ 2012 حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي للطاعنة مبلغ أربعين ألف جنيه وبرفض ما عدا ذلك من طلبات. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وبتاريخ 24/ 1/ 2017 قضت هذه المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه – وقبل الفصل في موضوع الدعوى – بندب خبير لأداء المأمورية الموضحة بمنطوق هذا الحكم. باشر الخبير المنتدب المأمورية الموكلة إليه وقدم تقريرا خلص فيه إلى أن المطعون ضدها الثانية نشرت العديد من الإعلانات لصالح المطعون ضدها الأولى تحت باب مراكز الخدمة والصيانة وأنها إعلانات عن مركز لصيانة الغسالات الأتوماتيكية من نوع "......" وأن هذه الإعلانات من شأنها إيقاع جمهور المستهلكين في خلط وغلط بين الطاعنة والمطعون ضدها الأولى، وأن هناك أضرارا ترتبت على ذلك. وبموجب حكمها في 28/ 11/ 2017، أعادت هذه المحكمة ندب مكتب خبراء المحاكم الاقتصادية لأداء المأمورية المبينة بمنطوقه. وبعد أن باشر الخبير الثاني المأمورية الموكلة إليه قدم تقريرا خلص فيه إلى ذات النتيجة سالفة البيان وأضاف أن الخسائر التي أصابت الطاعنة تمثلت في تناقص أرباحها السنوية بشكل كبير خلال السنوات من 2006 وحتى 2009 جراء المنافسة غير المشروعة على نحو ما يظهر من قوائمها المالية، وكذلك مصاريف الدعاية التي أنفقتها الطاعنة دون طائل نظرا لأعمال المنافسة غير المشروعة، فضلا عن الاعتداء على اسم الطاعنة وسمعتها التجارية. وأردف الخبير أن الإعلانات المنشورة بمعرفة المطعون ضدها الثانية كانت المساهم الأكبر في استمرار خسائر الطاعنة.

وبجلسة المرافعة الأخيرة قدمت المطعون ضدها الثانية مذكرة بدفاعها دفعت فيها ببطلان تقرير الخبير الثاني لمباشرة المأمورية في غيابها ودون إعلانها وبرفض الطعن واحتياطيا إعادة الدعوى للخبراء والتزمت النيابة رأيها وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم ليصدر بجلسة اليوم.

وحيث إنه عن موضوع الدعوى، فقد انتهت الشركة الطاعنة في طلباتها الختامية إلى طلب إلزام المطعون ضدهما الأولى والثانية بالتضامن فيما بينهما بأداء مبلغ خمسة عشر مليون جنيه تعويضا عما لحقها من ضرر جراء اعتداء المطعون ضدها الأولى على الاسم والعلامة التجارية الخاصة بها وقيام المطعون ضدها الثانية بنشر إعلانات المطعون ضدها الأولى والتي كان من شأنها إيقاع المستهلكين في الغلط والاعتقاد – على خلاف الحقيقة – بأن الأخيرة هي صاحبة منتجات الطاعنة والمسئولة عن صيانة ما بعد البيع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 67 لسنة 2006 ولائحته التنفيذية، بما يرتب مسئوليتها عن الأضرار المطالب بقيمتها. وعلى نحو ما ورد بمدونات الحكم المطعون فيه، فقد ثبتت مسئولية المطعون ضدها الأولى بالحكم الجنائي البات الصادر في القضية رقم 63 لسنة 2009 جنح مستأنف اقتصادي القاهرة والذي قضى للطاعنة – في الدعوى المدنية المرفوعة منها بالتبعية للدعوى الجنائية – بتعويض مؤقت مقداره عشرة آلاف جنيه عن الأضرار التي لحقتها جراء اعتداء المطعون ضدها الأولى على الاسم والعلامة التجارية الخاصة بها. وقد حاز ذلك الحكم قوة الأمر المقضي بشأن مسئولية المطعون ضدها الأولى بعناصرها من الخطأ والضرر وعلاقة السببية، ومن ثم ينحصر دور هذه المحكمة في استكمال تقدير التعويض المؤقت.

وأما عن مسئولية المطعون ضدها الثانية، فإن استخلاص مدى اشتراكها في المسئولية عن الفعل الضار من شأن محكمة الموضوع بما لها من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها واستخلاص الخطأ الموجب للمسئولية والضرر وعلاقة السببية بينهما. وكان تقدير الضرر ومراعاة الظروف الملابسة في تقدير التعويض مسألة يستقل بها قاضي الموضوع ما دام لا يوجد نص في القانون يلزم باتباع معايير معينة في خصوصه. لما كان ذلك، فقد ثبت من الأوراق أن المطعون ضدها الثانية قد تجاهلت إنذارات عديدة بشأن ما تنطوي عليه إعلانات المطعون ضدها الأولى من غش وتضليل للجمهور واعتداء على حقوق الطاعنة. إذ يبين من المستندات المقدمة بالدعوى أن الشركة الطاعنة جاهدت في مطالبة المطعون ضدها الثانية بإيقاف الإعلانات تارة بالخطابات وأخرى بالإنذارات دون مجيب، فقد قامت الطاعنة بمخاطبة المطعون ضدها الثانية بإيقاف الإعلانات وبيان أنها مخالفة للقانون وتضلل الجمهور، كما قامت مصلحة الرقابة الصناعية بمخاطبة المطعون ضدها الثانية بذات المضمون وبأن المطعون ضدها الأولى لم يصرح لها بالإعلان عن نشاط صيانة الغسالات، وهو ما قام به كذلك جهاز حماية المستهلك بتاريخ 26/ 9/ 2010، كما طالبت الشركة العالمية صاحبة العلامة "......" المطعون ضدها الثانية بذات المضمون. ثم لجأت الطاعنة إلى إنذار الأخيرة بعدة إنذارات لوقف الإعلانات حرصا على ألا تكون المطعون ضدها الثانية مشاركة للأولى في تضليل الجمهور وإصابة الطاعنة بالخسائر، وهو ما لم تلتفت إليه المطعون ضدها الثانية ولم تقدم ما يفيد إعفاءها من المسئولية عن الأضرار التي لحقت بالطاعنة. وبذلك، فإن التفات المطعون ضدها الثانية عن كل تلك الإخطارات وإصرارها على الاستمرار في نشر إعلانات المطعون ضدها الأولى يقطع باشتراكها في المسئولية عن الفعل الضار. لما كان ذلك، وكان تقريرا الخبرة قد انتهيا إلى أن الإعلانات التي قامت بنشرها المطعون ضدها الثانية لصالح المطعون ضدها الأولى من شأنها إيقاع جمهور المستهلكين في خلط وغلط بين الطاعنة والمطعون ضدها الأولى وذلك لما تتمتع به الطاعنة من شهرة واسعة الانتشار في إنتاج وصيانة الغسالة "......" والأجهزة الكهربائية المنزلية بصفة عامة، وأن هناك أضرارا ترتبت على ذلك تمثلت أهم عناصرها في تناقص أرباحها بشكل كبير جراء المنافسة غير المشروعة وذلك خلال السنوات من 2006 وحتى 2009 على نحو ما يظهر من قوائمها المالية، إذ بلغت أرباحها في عام 2006 مبلغ 218 مليون جنيه ثم أخذت تنخفض إلى 212 مليون جنيه في عام 2007، ثم إلى 165 مليون جنيه في عام 2008، وأخيرا إلى مبلغ 138 مليون جنيه في عام 2009. كما تضمنت خسائر الطاعنة على نحو ما جاء بتقريري الخبرة مصاريف الدعاية التي أنفقتها الطاعنة دون طائل نظرا لأعمال المنافسة غير المشروعة، فضلا عن الاعتداء على اسم الطاعنة وسمعتها التجارية. وكانت الإعلانات المنشورة بمعرفة المطعون ضدها الثانية هي المساهم الأكبر في حدوث تلك الخسائر. وقد اطمأنت هذه المحكمة إلى تقريري الخبرة المذكورين ولا ترى بطلانا يعتري التقرير الأخير لقيام الخبيرة بإعلان الخصوم قانونا وفقا للثابت بمحضر الأعمال.

وأما عن تقدير قيمة التعويض، فإنه من المقرر أن التعويض – على نحو ما جاء بالمواد 170 و221 و222 من القانون المدني – يحكمه مبدأ التعويض الكامل (full compensation)، أي أن التعويض الذي تقضي به المحكمة ينبغي أن يجبر كل ضرر مباشر محقق أصاب الدائن، ماديا كان أم أدبيا. ويشمل الضرر المادي ما لحق الدائن من خسارة (damnum emergens) وما فاته من كسب (lucrum cessans). وغاية ذلك المبدأ إعادة الدائن إلى المركز الذي كان سيتمتع به لولا وقوع الخطأ. إلا أن نطاق التعويض في مجال المسئولية التقصيرية (tortious liability) أكثر اتساعا من نظيره في المسئولية العقدية (contractual liability)، إذ يمتد الأول ليشمل التعويض عن الضرر المتوقع (foreseeable harm) والضرر غير المتوقع (unforeseeable harm)، بينما يقتصر نطاق التعويض في المسئولية العقدية على عناصر الضرر التي كان من الممكن توقعها وقت إبرام العقد، طالما لم يرتكب المدين غشا أو خطأ جسيما.

وبالنسبة لطلب التعويض في الدعوى الماثلة، فإنه طلب بالتعويض عما فات الشركة الطاعنة من كسب نتيجة لعمل ضار هو المنافسة غير المشروعة، حتى وإن وصف ذلك الضرر في تقريري الخبرة بأنه خسارة مالية نتيجة لتناقص أرباح الشركة الطاعنة. فاستحقاق الطاعنة للتعويض عن الكسب الفائت ما كان لينتفي بفرض تسجيل قوائمها المالية زيادة في الأرباح خلال مدة المنافسة غير المشروعة، لأن ارتفاع أرباح المضرور لا يعني بذاته أنه لم يحرم من جني مزيد من الأرباح نتيجة للعمل غير المشروع.

وتحتم الطبيعة الخاصة للكسب الفائت أن تعمل المحكمة معيار إثبات (standard of proof) أقل صرامة من معيار إثبات الخسارة التي لحقت بالدائن، باعتبار أن عملها في هذا الصدد هو محاولة لقياس كسب لم يحدث فعلا، عن طريق مقارنة وضع المضرور في الواقع (factual scenario) بالحال التي كان سيصبح عليها لو أن الخطأ – تقصيريا كان أم عقديا – لم يقع (but-for scenario). وباستثناء حالات قليلة – كالفسخ التعسفي لعقد حدد فيه ربح الدائن بشكل واضح – يصعب حساب ما فات الدائن من كسب على نحو جازم. ولذا، فإن الدائن حسبه أن يثبت مقدار الكسب الفائت بقدر معقول من اليقين (reasonable certainty)، أي أن يبرهن لمحكمة الموضوع أن أمله في الحصول على ذلك الكسب الفائت إنما يستند إلى أسباب معقولة. وتقدير مدى معقولية تلك الأسباب وكفايتها هو من شأن محكمة الموضوع، لا سيما وأن العوامل التي تدخل في تقدير كفاية الأدلة على الكسب الفائت قد تختلف من حالة لأخرى. ومن أبرز العوامل التي يمكن أن تستهدي بها محكمة الموضوع في تقدير كفاية الأدلة على فوات الكسب هو مدى اطمئنانها إلى حصول ضرر بالفعل للدائن، وما إذا كان الأخير قد قدم أفضل الأدلة الممكنة لإثبات ما فاته من كسب، وطبيعة الخطأ الذي ارتكبه المدين، بحسب كونه خطأ تقصيريا أم عقديا، عمديا أم غير عمدي، ومدى معرفة الدائن بأحوال السوق ومخاطره، وما إذا كان لنشاط الدائن سجل سابق من الأرباح، أو كان قائما على الترويج لخدمة جديدة أو منتج لم يطرح له مثيل من قبل، ومدى معقولية المبلغ المطالب به بالنسبة إلى طبيعة النشاط الاقتصادي محل الدعوى، ومدى اطمئنان المحكمة إلى المنهج المتبع في حساب الكسب الفائت، سواء من قبل الدائن أو الخبير الذي تعينه المحكمة.

وبناء على ما تقدم، فإن المحكمة في مقام تقديرها للتعويض المستحق للطاعنة تضع في اعتبارها سلوك المطعون ضدها الأولى والذي بلغ أعلى درجات الخطأ بعد أن ارتكب ممثلها القانوني خطأ تقصيريا عمديا استمر لعدة سنوات وشكل جريمة جنائية على نحو ما أثبته الحكم الجنائي البات آنف البيان. وكذلك الحال بالنسبة إلى المطعون ضدها الثانية بعد أن انتهت هذه المحكمة إلى ثبوت خطئها التقصيري، والذي صار عمديا بعد أن بلغ إلى علمها بشكل جازم استغلال المطعون ضدها الأولى لجريدتها لإدخال الغش على الجمهور واستمرارها – رغم كل ذلك – في نشر الإعلانات المضللة، فتكون قد أصرت على الاشتراك في الاعتداء على حقوق الطاعنة. كما اطمأنت هذه المحكمة من واقع الأدلة المقدمة في الدعوى إلى وقوع أضرار مادية وأدبية للشركة الطاعنة تتمثل فيما فاتها من كسب جراء المنافسة غير المشروعة. وتضع المحكمة في اعتبارها كذلك أن المنافسة غير المشروعة التي أضرت بالطاعنة تنحصر في نطاق صيانة الغسالات الأتوماتيكية فقط دون سائر أنشطتها الأخرى. ومن جماع ما تقدم، ترى المحكمة أن التعويض الجابر لتلك الأضرار هو مبلغ ثلاثة ملايين وعشرة آلاف جنيه، على أن يخصم منه مبلغ عشرة آلاف جنيه قيمة التعويض المؤقت.

وحيث إنه عن التضامن بين المدينين، فإن المحكمة تقضي به إعمالا لنص المادة 169 من القانون المدني ولما هو مقرر بقضائها من أنه "إذا تعدد المسئولون عن فعل ضار كانوا متضامنين في إلزامهم بالتعويض".

لذلك

حكمت المحكمة في موضوع الدعوى رقم 768 لسنة 1 ق القاهرة الاقتصادية الاستئنافية بإلزام المطعون ضدهما الأولى والثانية بالتضامن فيما بينهما أن تؤديا للطاعنة مبلغ ثلاثة ملايين وعشرة آلاف جنيه على أن يخصم منه مبلغ عشرة آلاف جنيه قيمة التعويض المؤقت، وألزمتهما المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعون 8121 ، 9560 ، 9627 لسنة 82 ق جلسة 11 / 6 / 2013 مكتب فني 64 ق 113 ص 751

جلسة 11 من يوليو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ د. خالد عبد الحميد، عبد الرحيم الشاهد، الريدي عدلي وطارق سويدان "نواب رئيس المحكمة". 
------------------- 
(113)
الطعون 8121 ، 9560 ، 9627 لسنة 82 القضائية
(1) اختصاص "الاختصاص المتعلق بالولاية: اختصاص المحاكم العادية: القضاء العادي صاحب الولاية العامة".
القاضي العادي، صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية والتجارية. تقييد هذه الولاية. استثناء. وجوب عدم التوسع في تفسيره. 
(2) محاكم اقتصادية" اختصاص المحاكم الاقتصادية: الاختصاص النوعي".
الدعاوى المتعلقة بالنزاع حول ملكية العلامة التجارية والحماية التي كفلها لها ق 82 لسنة 2002. تعويض الضرر الناجم عن المنافسة غير المشروعة بالاعتداء عليها أو على الاسم التجاري. اختصاص القضاء العادي والمحاكم الاقتصادية بنظرها. علة ذلك. 
(3) قضاة "عدم الصلاحية لنظر الدعوى".
عدم صلاحية القاضي لنظر دعوى سبق له نظرها. مناطه. قيامه بعمل يجعل له رأيا في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع شروط خلو ذهنه عن موضوعها. م 146/5، 147/1 مرافعات. علة ذلك. إبداء الرأي. وجوب تفسيره بمعناه الواسع. اشتماله على كل خصومة سبق ترديدها بين الخصوم أنفسهم وأثيرت فيها ذات الحجج والأسانيد. الاستثناء. اكتساب الدعوى السابقة قوة الأمر المقضي. مؤداه. عدم حيلولتها دون الفصل في الخصومة المشار فيها ذات الحجج والأسانيد السابق له إبداء الرأي فيها. علة ذلك. حجية الأحكام تعلو على اعتبارات النظام العام. 
(4) قوة الأمر المقضي "أثر اكتساب قوة الأمر المقضي".
اكتساب الحكم قوة الأمر المقضي. أثره. منع الخصوم من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى ولم يبحثها الحكم. " مثال: في شأن حيازة الحكم الصادر برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي لقوة الأمر المقضي". 
(5) دعوى "المسائل التي تعترض سير الخصومة: وقف الدعوى: الوقف التعليقي".
الحكم بوقف الدعوى تعليقا لحين الفصل في مسألة أخرى، حكم قطعي. أثره. امتناع المحكمة عن نظر موضوع الدعوى قبل تقديم الدليل على تنفيذه. 
(6 ، 7) قوة الأمر المقضي "نطاقها".
(6) قوة الأمر المقضي. ثبوتها للحكم النهائي ولو كان مما يجوز الطعن فيه بالنقض أو طعن فيه بالفعل. 
(7) وقف الدعوى تعليقا لحين الفصل في الاستئناف المقام طعنا على الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها للمحكمة الاقتصادية. تعجيل المطعون ضدها الدعوى من الوقف بعد تنفيذ مقتضى الحكم الصادر به. أثره. التزام المحكمة بمعاودة نظر الموضوع والفصل فيه. الطعن بالنقض على الحكم الاستئنافي. لا أثر له. علة ذلك، ثبوت قوة الأمر المقضي للحكم النهائي الصادر بشأن مسألة الاختصاص رغم الطعن عليه بطريق النقض. 
(8) حكم "حجية الأحكام: حجية الحكم الجنائي".
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. شرطه. فصله فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. مثال: بشأن حجية الحكم الجنائي الصادر بالبراءة من تهمة تقليد علامة تجارية على الدعوى المدنية المقامة عن ذات العلامة بشأن عدم الأحقية في استعمالها واستعمال الاسم التجاري". 
(9 - 12) اسم تجاري. ملكية فكرية "العلامات التجارية: التشابه والاختلاف بين العلامات "حماية العلامة التجارية".
(9) العلامة التجارية. غرضها. تمييز المنتجات والسلع. سبيل ذلك وغايته. 
(10) الاسم التجاري. استخدامه لتمييز المنشأة التجارية أو الصناعية أو غيرها من المنشآت المماثلة. تمتعه بالحماية المقررة للعلامات التجارية فضلا عن الحماية المقررة للاسم التجاري. شرطه. 
(11) العلامة التجارية المشهورة. تمتعها بالحماية القانونية داخل مصر سواء كانت مسجلة بها أو غير مسجلة. شرطه. تحقق شهرتها داخل مصر بالإضافة إلى شهرتها العالمية. أثره.
لصاحب العلامة المشهورة التمتع بجميع الآثار القانونية المترتبة على ملكيتها. علة ذلك. م 68 ق 82 لسنة 2002. 
(12) التزام مصلحة التسجيل التجاري برفض تسجيل علامة مطابقة لعلامة مشهورة. شرطه. استخدامها لتمييز منتجات تماثل المنتجات التي تستخدم العلامة المشهورة في تميزها. رفض التسجيل في حالة عدم تماثل المنتجات. شرطه. 
(13) مسئولية "المسئولية التقصيرية: الخطأ التقصيري الموجب للمسئولية.
الخطأ التقصيري الموجب للمسئولية. من حالاته. المنافسة غير المشروعة. م 163 مدني. استخلاص الخطأ. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع. شرطه. 
(14) اسم تجاري. ملكية فكرية "العلامات التجارية: حماية العلامة التجارية".
استخدام الشركة الطاعنة الاسم التجاري المشهور للشركة المطعون ضدها الأولى ووضعه على منتجاتها من ذات نوعية منتجات الشركة الأخيرة. مؤداه. إحداث اللبس والخلط بين المنتجات والدفع إلى الاعتقاد خلاف الواقع بوجود صلة بين الشركتين. قضاء الحكم المطعون فيه بمنع الطاعنة من استعمال الاسم التجاري واستخلاصه خطأ الشركة الطاعنة الموجب للتعويض. سائغ. النعي عليه. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض. 
(15) تعويض "تقدير التعويض: سلطة محكمة الموضوع في تقدير التعويض".
تقدير التعويض الجابر للضرر. استقلال قاضي الموضوع بتقديره مستهدياً في ذلك بظروف الدعوى وملابساتها. شرطه. قيامه على أسباب سائغة. 
--------------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن القاضي العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية، وأي قيد يضعه المشرع على هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره. 
2 - مفاد نصوص المواد 80، 81، 82 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 أن المشرع قصر اختصاص محكمة القضاء الإداري على الطعن في القرارات الإدارية الصادرة من مصلحة التسجيل التجاري في شأن الاعتراض على تسجيل العلامة التجارية، سواء بقبول التسجيل أو برفضه، فيخرج عن دائرتها الدعاوى المتعلقة بالنزاع حول ملكية العلامة التجارية أو الدعاوى التي تقام للتمتع بالحماية التي كفلها القانون للعلامة التجارية، أو تلك التي تقام لتعويض الضرر الناجم عن المنافسة غير المشروعة بالاعتداء على العلامة التجارية أو الاسم التجاري، وتختص بالفصل في هذه الدعاوى المحاكم العادية دون جهة القضاء الإداري، وإذ صدر قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 فقد جعل الاختصاص بنظر المنازعات والدعاوى التي تنشأ عن تطبيق قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 للمحاكم الاقتصادية، عدا ما نص على اختصاص القضاء الإداري بها. لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها الأولى قد أقامت دعواها بطلب الحكم بعدم أحقية الطاعنة في استعمال اسم " ... " وهو الاسم التجاري والعلامة التجارية المملوكتين لها، وتعويضها عن الضرر الذي لحق بها بسبب الاعتداء عليه فإن دعواها بهذه المثابة تكون موجهة إلى الطاعنة وحدها لدفع الاعتداء الواقع منها على اسمها التجاري الذي اتخذته علامة تجارية لها ومنعها من الاستمرار في هذا الاعتداء وتعويضها عن ذلك، ولم توجه إلى القرارات الإدارية الصادرة من أي جهة إدارية، ومن ثم تكون المحاكم العادية هي المختصة بنظر الدعوى دون جهة القضاء الإداري، وإذ رفض الحكم المطعون فيه الدفع بعدم اختصاص القضاء العادي ولائيا، وأيد الحكم الابتدائي في قضائه بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية نوعيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية المختصة بنظرها، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون. 
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مناط منع القاضي من سماع الدعوى وبطلان حكمه متى سبق له نظرها قاضيا تطبيقا لنص المادتين 146/ 5، 147/ 1 من قانون المرافعات أن يكون قد قام في النزاع بعمل يجعل له رأيا في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوعها حتى يستطيع أن يزن حجج الخصوم وزنا مجردا مخافة أن يتشبث برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم، وأنه ولئن كان ظاهر نص المادة 146 المشار إليه يفيد أن إبداء الرأي يلزم أن يكون في ذات القضية المطروحة، إلا أنه ينبغي أن يفسر ذلك بالمعنى الواسع، فيؤخذ به متى كانت الخصومة الحالية مرددة بين نفس الخصوم ويستدعي الفصل فيها الإدلاء بالرأي في الحجج والأسانيد التي أثيرت في خصومة سابقة يكون القاضي قد عرض لها وأدلى برأيه لدى فصله فيها، مما تعتبر معه الخصومة الحالية استمرارا لها فيصبح بالتالي هذا القاضي غير صالح لنظرها ممنوعا من الفصل فيها، أما إذا كان القضاء في الدعوى السابقة توافرت فيه مقومات القضاء الحائز لقوة الأمر المقضي بصيرورته نهائيا فإن إصدار القاضي لهذا القضاء لا يحول دونه والفصل في الخصومة الحالية والمثار فيها ذات الحجج والأسانيد السابق له إبداء الرأي فيها، باعتبار أن حجية الأحكام تعلو على اعتبارات النظام العام وأن حجية الحكم الصادر في الدعوى السابقة تلتزم بها المحكمة التي أصدرته وكذلك أي محكمة أخرى غيرها. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الحكم الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 1ق اقتصادية القاهرة بتاريخ 11 من يوليه سنة 2010 بشطب كلمة " ... " الواردة باللغة العربية بالعلامة التجارية رقم ..." ... " المملوكة للشركة الطاعنة، وكذلك الحكم الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 1ق اقتصادية القاهرة بتاريخ 11 من نوفمبر سنة 2010 بشطب كلمة "..." الواردة باللغة العربية بالعلامة التجارية رقم ... " ... " المملوكة للشركة الطاعنة، قد حاز كل منهما قوة الأمر المقضي لصدوره من الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية، دون أن يؤثر في ذلك الطعن في الحكمين بطريق النقض باعتباره طريقا غير عادي للطعن لا ينال من نهائية الحكم الصادر ولا يوقف حجيته. فإن القضاء السابق لا يحول بين رئيس الدائرة التي أصدرته والفصل في الخصومة الحالية المثار فيها الحجج والأسانيد السابق له إبداء الرأي فيها في الدعوى السابقة، لأنه يتعين عليه التزام حجية الحكم السابق كما تلتزم بها أي محكمة أخرى يمكن أن تنظر النزاع فلا يكون غير صالح لنظر الدعوى الماثلة ويكون الدفع ببطلان الحكم الصادر فيها لعدم صلاحيته على غير أساس.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية جديدة لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى ولم يبحثها الحكم. لما كان ذلك، وكانت محكمة الجيزة الابتدائية قد قضت بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى الماثلة وبإحالتها إلى محكمة القاهرة الاقتصادية، وإذ استأنفت الطاعنة حكمها بالاستئنافين رقمي ...،... لسنة 127ق القاهرة، فقد أصدرت محكمة الاستئناف حكمها بتأييد الحكم المستأنف بعد أن رفضت الدفع المبدى من الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا مقررة انعقاد الاختصاص بنظر الدعوى للقضاء العادي دون قضاء مجلس الدولة، فيكون هذا الحكم قد حاز قوة الأمر المقضي، كما أضحى باتا بقضاء هذه المحكمة برفض الطعن بالنقض الموجه إليه، الأمر الذي تكون معه مسألة اختصاص المحكمة الاقتصادية بنظر النزاع وعدم اختصاص القضاء الإداري به قد تم حسمها بذلك الحكم، ويمتنع على الخصوم العودة إلى مناقشتها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها، كما يمتنع على المحكمة معاودة النظر فيها لما هو مقرر من أن حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام، ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه مخالفاً لحجية الحكم السابق، ومن ثم غير مقبول. 
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن تعليق أمر الفصل في الدعوى حتى يفصل في مسألة أخرى ترى المحكمة ضرورة الفصل فيها والحكم بوقفها لهذا السبب يجعل حكم الوقف حكما قطعيا فيما تضمنه من عدم جواز الفصل في موضوعها قبل تنفيذ مقتضاه بحيث يمتنع على المحكمة معاودة النظر في الموضوع قبل أن يقدم الدليل على تنفيذ ذلك الحكم. 
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن قوة الأمر المقضي تثبت للحكم النهائي، ولا يمنع من ثبوتها أن يكون الحكم مما يجوز الطعن فيه بطريق النقض أو أنه طعن فيه بالفعل. 
7 - إذ كانت المحكمة الاقتصادية قد نصت بتاريخ 14 من ديسمبر سنة 2010 بوقف الدعوى الماثلة تعليقا لحين الفصل في الاستئنافين رقمي ...، ... لسنة 127 ق القاهرة اللذين أقامتهما الطاعنة طعنا في الحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القاهرة الاقتصادية، وإذ صدر حكم محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 15 من مارس سنة 2011 برفض هذين الاستئنافين، فقد عجلت المطعون ضدها الأولى دعواها من الوقف بعد أن تم تنفيذ مقتضى حكم الوقف التعليقي، وتلتزم المحكمة بمعاودة نظر الموضوع والفصل فيه، دون أن يؤثر في ذلك الطعن بالنقض على حكم محكمة الاستئناف سالف البيان، لثبوت قوة الأمر المقضي للحكم رغم الطعن عليه بالنقض، ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه على غير أساس، فضلا عن أن هذا النعي قد أضحى غير منتج بعد أن قضت هذه المحكمة برفض الطعن بالنقض على حكم الاستئناف المشار إليه. 
8 - المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الحكم الصادر في الجنحة رقم ... لسنة 2004 جنح أول العاشر قد قضى ببراءة المتهم من تهمة تقليد علامة تجارية على سند مما أورده في أسبابه من عدم وجود تشابه بين علامة الشركة الشاكية (المطعون ضدها الأولى) وهي " ..." ... وعلامة الشركة المشكو في حقها (الطاعنة) وهي ... أما المحضر رقم ... لسنة 2011 جنح أول العاشر فقد خلص تقرير إدارة العلامات التجارية المقدم فيه إلى أن الشركة المشكو في حقها (الطاعنة) لديها مجموعة علامات مسجلة بأسماء مختلفة هي (...) و(...) و( ...) و(...)، وهي علامات لا تتشابه مع العلامة التجارية (...) المسجلة باسم الشركة الشاكية (المطعون ضدها الأولى)، وقررت النيابة العامة بالبناء على ذلك حفظ الأوراق إداريا لعدم توافر أركان جريمة تقليد علامة تجارية، وكانت الدعوى الماثلة قد أقامتها المطعون ضدها الأولى للحكم بعدم أحقية الطاعنة في استعمال اسمها التجاري وعلامتها التجارية (...) وتعويضها عن ذلك استنادا إلى أن الطاعنة قامت باستعمال هذا الاسم على منتجاتها مما يؤدي إلى اللبس والخلط واعتقاد جمهور المستهلكين بوجود صلة بين الشركتين، الأمر الذي يبين منه اختلاف موضوع الدعوى الماثلة عن جريمة تقليد علامة تجارية موضوع الجنحتين ... لسنة 2004، ... لسنة 2011 جنح أول العاشر، فضلا عن تعلقهما بعلامات تجارية أخرى مختلفة مملوكة للطاعنة وليست محلا لمنازعة من المطعون ضدها الأولى، فلا يكون للحكم الصادر في الجنحة الأولى أو لقرار النيابة العامة في الجنحة الثانية أية حجية أمام المحكمة المدنية وهي بصدد الفصل في موضوع الدعوى الماثلة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر والتفت عما تمسكت به الطاعنة في هذا الشأن فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس. 
9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن الغرض من العلامة التجارية هو أن تكون وسيلة لتمييز المنتجات والسلع، ويتحقق هذا الغرض بالمغايرة بين العلامات التي تستخدم في تمييز سلعة معينة بحيث يرتفع اللبس بينها ولا يقع جمهور المستهلكين في الخلط والتضليل. 
10 - إذ كان الاسم التجاري - على خلاف العلامة التجارية - يستخدم لتمييز المنشآت التجارية أو الصناعية عن غيرها من المنشآت المماثلة، فإن المشرع قد أجاز - في المادة 63 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 - أن تكون العلامة التجارية اسما من الأسماء إذا اتخذت شكلا مميزا، فيقوم الاسم التجاري على هذا النحو بوظيفة العلامة التجارية علاوة على وظيفته في تمييز المنشأة التجارية أو الصناعية، ويتمتع في هذه الحالة بالحماية القانونية المقررة للعلامات التجارية بالإضافة إلى الحماية المقررة للاسم التجاري. 
11 - مفاد نص المادة 68 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية سالف البيان أن المشرع التزاما منه بأحكام الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها مصر قرر حماية خاصة للعلامة التجارية المشهورة، فكفل لصاحبها التمتع بالحماية القانونية المقررة للعلامات التجارية إذا كانت تلك العلامة مشهورة داخل مصر بالإضافة إلى شهرتها العالمية، دون أن يلزم لتمتعها بهذه الحماية تسجيلها داخل مصر، فيحق لصاحب العلامة المشهورة، سواء كانت مسجلة في مصر أو غير مسجلة، التمتع بجميع الآثار القانونية المترتبة على ملكية العلامة التجارية، من تقرير حقه في احتكار استغلالها ومنع الغير من الاعتداء عليها بأي صورة من صور الاعتداء، وحقه في الالتجاء إلى دعوى المنافسة غير المشروعة - وفقا للمادة 66 من قانون التجارة - بما تكلفه من إزالة الضرر الواقع عليه والحق في التعويض عن الضرر الناجم عن ذلك. 
12 - المشرع أوجب على مصلحة التسجيل التجاري أن ترفض من تلقاء ذاتها تسجيل أي علامة مطابقة لعلامة مشهورة، إذا كان استخدامها لتمييز منتجات تماثل المنتجات التي تستخدم العلامة المشهورة في تمييزها، ما لم يكن الطلب مقدما من صاحب العلامة المشهورة، وأوجب عليها ذلك أيضا ولو كانت المنتجات غير متماثلة، بشرط أن تكون العلامة المشهورة في هذه الحالة مسجلة في إحدى الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية وفي مصر، وأن يكون استخدام العلامة على المنتجات غير المتماثلة من شأنه أن يحمل الغير على الاعتقاد بوجود صلة بين صاحب العلامة المشهورة وتلك المنتجات، وأن يؤدي ذلك إلى إلحاق ضرر بصاحب العلامة المشهورة.
13 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المنافسة غير المشروعة تعد من حالات الخطأ التقصيري التي توجب المسئولية عن تعويض الضرر المترتب عليه إعمالا للأصل العام الوارد بنص المادة 163 من القانون المدني، وأن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغا مستمدا من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى.
14 - إذ كان البين من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها الأولى قد اتخذت من اسمها التجاري وهو اسم (...) علامة تجارية لها سجلتها في مصر عن فئات عديدة، واستعملتها لتمييز منتجاتها المختلفة منذ عام 1963 وحتى الآن، مما أكسبها شهرة عالمية وداخل مصر لا خلاف عليها، ومن ثم فإنها تتمتع بالحماية التي قررها القانون للعلامة التجارية المشهورة، ويمتنع على الغير استخدام علامتها لتمييز أي منتجات أخرى خلاف تلك التي تنتجها المطعون ضدها الأولى المالكة لها. وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الشركة الطاعنة قد ضمنت اسمها التجاري كلمة " ... " ووضعتها على منتجاتها، وهي من ذات نوعية منتجات الشركة المطعون ضدها الأولى وفئاتها، وهو ما من شأنه تضليل جمهور المستهلكين وإحداث اللبس والخلط بين المنتجات ويدفع إلى الاعتقاد على خلاف الواقع بوجود صلة بين الشركتين وأن الشركة الطاعنة هي نائبة أو وكيلة عن الشركة المطعون ضدها الأولى أو مكلفة على نحو ما بالترويج لها، فتشكل هذه الأفعال صورة من صور الخطأ الذي من شأنه أن يخدع الغير المتعامل معها ويحمله على الاعتقاد بأن لها حقوقا على الاسم والعلامة (...) على خلاف الواقع، ورتب على ذلك قضاءه بمنعها من استعمال اسم ( ... ) وبإلزامها بالتعويض عن ذلك، ولما كانت هذه الأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه في استخلاص خطأ الشركة الطاعنة هي أسباب سائغة مستمدة من عناصر لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم غير مقبول. 
15 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن تقدير التعويض هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع بحسب ما يراه مناسبا لجبر الضرر مستهدياً في ذلك بظروف الدعوى وملابساتها، مادام تقديره قائما على أسباب سائغة تبرره. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع - بما لديها من سلطة تقديرية – قد خلصت إلى توافر الخطأ في حق المطعون ضدها الأولى لاستعمالها اسم وعلامة (...) على منتجاتها، والمملوكين للشركة الطاعنة. وقدرت مبلغ مائة ألف جنيه تعويضا عن الأضرار المادية التي لحقت بالطاعنة والتي تمثلت فيما تكبدته من مبالغ مالية ومصاريف ورسوم لتحذير عملائها ولإثبات أحقيتها في الاسم والعلامة التجارية المملوكين لها. وأن هذا المبلغ يعد كافيا لجبر ما لحقها من خسارة، أما ما فاتها من كسب فإن ما قدمته من إقرارات المطعون ضدها الأولى لمصلحة الضرائب على المبيعات وتقرير مراقب حساباتها لا يعد دليلا كافيا على ذلك، كما قدرت المحكمة مبلغ مائتي ألف جنيه تعويضا عن الضرر الأدبي الذي لحق الطاعنة، والمتمثل في الإساءة لسمعتها بسبب الاعتداء على اسمها وعلامتها التجارية، وكان هذا التقدير يقوم على أسس مقبولة ويستند إلى أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى الحكم إليها وتكفي لحمله، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن بسبب الطعن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع التقديرية، تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة، ويضحى من ثم غير مقبول. 
---------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى في الطعن الأول (شركة ... باليابان) أقامت على الشركة الطاعنة (... للإلكترونيات) الدعوى رقم ... لسنة 2008 تجاري الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بعدم أحقيتها في استعمال اسم " ... " الاسم التجاري والعلامة التجارية المملوكتين لها والمسجلتين عالميا ومحليا لصالحها، ومنعها من استعمال واستخدام أي علامات أو أسماء تجارية مشابهة أو تؤدي إلى الخلط، وبإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت جبرا للأضرار المادية والأدبية التي لحقت بها نتيجة الاعتداء على اسمها وعلامتها التجارية، مع نشر الحكم على نفقتها في إحدى الصحف القومية اليومية، وقالت بيانا لذلك إنها إحدى الشركات العالمية الكبرى المتخصصة في المنتجات الإلكترونية، واتخذت من اسم " ... " أسما تجاريا لها كما أنه مسجل باسمها ولصالحها كعلامة تجارية عالميا ومحليا في مصر تحت فئات عديدة، واكتسب شهرة تجارية عالمية واسعة فيتمتع بالحماية القانونية سواء وفقا للقانون المصري أو الاتفاقيات الدولية، إلا أن الشركة الطاعنة قامت بسوء قصد باستعماله كاسم لها على منتجاتها، وهي من ذات نوعية المنتجات التي تشتهر هي بصناعتها، مما يؤدي إلى الاعتقاد بوجود صلة بينهما ويؤدي إلى إحداث الخلط بين جمهور المستهلكين، كما قامت بتصدير هذه المنتجات خارج البلاد مما يسئ إلى سمعتها ويضعف الثقة في منتجاتها ويمثل اعتداء على اسمها وعلامتها التجارية ويعد من قبيل المنافسة غير المشروعة، فأقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا فيها، وبعد أن أودع تقريره عدلت المطعون ضدها الأولى مبلغ التعويض المطالب به إلى عشرين مليون جنيه، بتاريخ 30 من يناير سنة 2010 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القاهرة الاقتصادية، وأعيد قيدها برقم ... لسنة 2ق ونظرت أمام الدائرة الاستئنافية بتلك المحكمة. استأنفت الطاعنة الحكم الصادر بعدم الاختصاص بالاستئنافين رقمي ... ، ... لسنة 127ق لدى محكمة استئناف القاهرة، وبتاريخ 14 من ديسمبر سنة 2010 حكمت المحكمة الاقتصادية بوقف الدعوى تعليقا لحين الفصل في هذين الاستئنافين، وبتاريخ 15 من مارس سنة 2011 قضت محكمة استئناف القاهرة برفض الاستئنافين وبتأييد الحكم المستأنف، فعجلت المطعون ضدها الأولى دعواها من الوقف أمام المحكمة الاقتصادية، وبتاريخ 10 من أبريل سنة 2012 قضت المحكمة بعدم أحقية الشركة الطاعنة في استعمال اسم " ... " الاسم التجاري والعلامة التجارية المملوكة للمطعون ضدها الأولى، وبإلزامها بأن تؤدي للمطعون ضدها الأولى مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه تعويضا نهائيا ماديا وأدبيا مع نشر الحكم في إحدى الجرائد القومية اليومية على نفقتها. طعنت الشركة المحكوم عليها في الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 15 من مارس سنة 2011 بطريق النقض بالطعن رقم 8121 لسنة 81ق، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، كما طعنت المحكوم عليها بطريق النقض في الحكم الصادر من الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية بتاريخ 10 من أبريل سنة 2012 بالطعن رقم 9560 لسنة 82ق، وطعنت فيه أيضا بذات الطريق الشركة المحكوم لها بالطعن رقم 9627 لسنة 82ق، وقدمت النيابة مذكرة في كل طعن أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عرض الطعنان على دائرة فحص الطعون الاقتصادية حددت جلسة لنظرهما أمام هذه المحكمة، وبالجلسة المحددة لنظر الطعون الثلاثة ضمت المحكمة الطعنين الثاني والثالث إلى الأول، وقدمت الطاعنة في الطعن الثاني رقم 9560 لسنة 82 ق مذكرة دفعت فيها ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم صلاحية رئيس الدائرة التي أصدرته طبقا لنص المادة 146 /5 من قانون المرافعات، وببطلانه لمخالفته قضاء سابق بين ذات الخصوم حاز قوة الأمر المقضي والصادر في الدعوى رقم ... لسنة 1ق اقتصادية القاهرة، والتزمت النيابة رأيها. 
--------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعون الثلاثة قد استوفت أوضاعها الشكلية.

أولا: الطعن رقم 8121 لسنة 81ق:
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، إذ أيد الحكم الابتدائي في قضائه بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية نوعيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية، في حين أن الدعوى في حقيقتها هي طعن على القرارات الإدارية المتعلقة بتسجيل الاسم التجاري للشركة الطاعنة أو بتسجيل العلامات التجارية المملوكة لها، ذلك أن الطاعنة هي شركة مساهمة مصرية استوفت إجراءات تأسيسها بموافقة مصلحة الشركات والقيد في السجل التجاري ونشر عقدها في صحيفة الشركات، وقد اتخذت اسما تجاريا لها هو "شركة ... للإلكترونيات" منذ عام 1998 ولم تعترض عليه الشركة المطعون ضدها الأولى أو تطعن عليه خلال المواعيد المقررة أمام القضاء الإداري، فيتمتع هذا الاسم بالحماية القانونية في مواجهة الكافة ويمتنع التعرض لها في ذلك. ولا سبيل لمنعها من استعمال اسمها التجاري إلا بالطعن في القرار الإداري الصادر بذلك من الجهة الإدارية، وينعقد الاختصاص بنظر الطعن للقضاء الإداري وحده. كما أن القرارات الإدارية المتعلقة بتسجيل العلامات التجارية المملوكة لها وما تضمنته من عبارة (... للإلكترونيات) يختص القضاء الإداري بنظر الطعن عليها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القاضي العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية، وأي قيد يضعه المشرع على هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، وكان مفاد نصوص المواد 80، 81، 82 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 أن المشرع قصر اختصاص محكمة القضاء الإداري على الطعن في القرارات الإدارية الصادرة من مصلحة التسجيل التجاري في شأن الاعتراض على تسجيل العلامة التجارية، سواء بقبول التسجيل أو برفضه، فيخرج عن دائرتها الدعاوى المتعلقة بالنزاع حول ملكية العلامة التجارية أو الدعاوى التي تقام للتمتع بالحماية التي كفلها القانون للعلامة التجارية، أو تلك التي تقام لتعويض الضرر الناجم عن المنافسة غير المشروعة بالاعتداء على العلامة التجارية أو الاسم التجاري، وتختص بالفصل في هذه الدعاوى المحاكم العادية دون جهة القضاء الإداري، وإذ صدر قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 فقد جعل الاختصاص بنظر المنازعات والدعاوى التي تنشأ عن تطبيق قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 للمحاكم الاقتصادية، عدا ما نص على اختصاص القضاء الإداري بها. لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها الأولى قد أقامت دعواها بطلب الحكم بعدم أحقية الطاعنة في استعمال اسم "..." وهو الاسم التجاري والعلامة التجارية المملوكتين لها، وتعويضها عن الضرر الذي لحق بها بسبب الاعتداء عليه فإن دعواها بهذه المثابة تكون موجهة إلى الطاعنة وحدها لدفع الاعتداء الواقع منها على اسمها التجاري الذي اتخذته علامة تجارية لها ومنعها من الاستمرار في هذا الاعتداء وتعويضها عن ذلك، ولم توجه إلى القرارات الإدارية الصادرة من أي جهة إدارية، ومن ثم تكون المحاكم العادية هي المختصة بنظر الدعوى دون جهة القضاء الإداري، وإذ رفض الحكم المطعون فيه الدفع بعدم اختصاص القضاء العادي ولائيا، وأيد الحكم الابتدائي في قضائه بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية نوعيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية المختصة بنظرها، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويكون النعي عليه في ذلك على غير أساس.

ثانيا: الطعن رقم 9560 لسنة 82ق:
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من الطاعنة ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم صلاحية رئيس الدائرة التي أصدرته طبقا لنص المادة 146/5 من قانون المرافعات، أن رئيس الدائرة سبق أن أبدى رأيا بين نفس الخصوم وعن ذات الموضوع في الدعويين رقمي ... ، ... لسنة 1ق اقتصادية القاهرة واللتين قضى فيهما بشطب كلمة " ... " من العلامة التجارية الخاصة بالطاعنة، والمطعون عليها بالنقض بالطعنين رقمي 15664 لسنة 80ق و386 لسنة 81ق، فلا يكون صالحا لنظر النزاع في الدعوى الماثلة التي تطلب فيها المطعون ضدها الأولى الحكم بعدم أحقية الطاعنة في استعمال اسم " ... " الاسم والعلامة التجارية المملوكين لها، وإذ قضى رغم ذلك في الدعوى فإن حكمه يكون باطلا ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط منع القاضي من سماع الدعوى وبطلان حكمه متى سبق له نظرها قاضيا تطبيقا لنص المادتين 146/5، 1/ 147 من قانون المرافعات أن يكون قد قام في النزاع بعمل يجعل له رأيا في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوعها حتى يستطيع أن يزن حجج الخصوم وزنا مجردا مخافة أن يتشبث برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم. وأنه ولئن كان ظاهر نص المادة 146 المشار إليه يفيد أن إبداء الرأي يلزم أن يكون في ذات القضية المطروحة، إلا أنه ينبغي أن يفسر ذلك بالمعنى الواسع، فيؤخذ به متى كانت الخصومة الحالية مرددة بين نفس الخصوم ويستدعي الفصل فيها الإدلاء بالرأي في الحجج والأسانيد التي أثيرت في خصومة سابقة يكون القاضي قد عرض لها وأدلى برأيه لدى فصله فيها، مما تعتبر معه الخصومة الحالية استمرارا لها فيصبح بالتالي هذا القاضي غير صالح لنظرها ممنوعا من الفصل فيها، أما إذا كان القضاء في الدعوى السابقة توافرت فيه مقومات القضاء الحائز لقوة الأمر المقضي بصيرورته نهائيا فإن إصدار القاضي لهذا القضاء لا يحول دونه والفصل في الخصومة الحالية والمثار فيها ذات الحجج والأسانيد السابق له إبداء الرأي فيها، باعتبار أن حجية الأحكام تعلو على اعتبارات النظام العام وأن حجية الحكم الصادر في الدعوى السابقة تلتزم بها المحكمة التي أصدرته وكذلك أي محكمة أخرى غيرها. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الحكم الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 1ق اقتصادية القاهرة بتاريخ 11 من يوليه سنة 2010 بشطب كلمة " ... " الواردة باللغة العربية بالعلامة التجارية رقم ... " ... " المملوكة للشركة الطاعنة، وكذلك الحكم الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 1ق اقتصادية القاهرة بتاريخ 11 من نوفمبر سنة 2010 بشطب كلمة " ..." الواردة باللغة العربية بالعلامة التجارية رقم ... " .. " المملوكة للشركة الطاعنة، قد حاز كل منهما قوة الأمر المقضي لصدوره من الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية، دون أن يؤثر في ذلك الطعن في الحكمين بطريق النقض باعتباره طريقا غير عادي للطعن لا ينال من نهائية الحكم الصادر ولا يوقف حجيته، فإن القضاء السابق لا يحول بين رئيس الدائرة التي أصدرته والفصل في الخصومة الحالية المثار فيها الحجج والأسانيد السابق له إبداء الرأي فيها في الدعوى السابقة، لأنه يتعين عليه التزام حجية الحكم السابق كما تلتزم بها أي محكمة أخرى يمكن أن تنظر النزاع فلا يكون غير صالح لنظر الدعوى الماثلة ويكون الدفع ببطلان الحكم الصادر فيها لعدم صلاحيته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب المبدى في مذكرتها الأخيرة وبالوجه الأول من السبب الأول من أسباب الطعن البطلان والخطأ في تطبيق القانون وتأويله، إذ خالف قواعد الاختصاص الولائي وقضى باختصاصه بنظر الدعوى في حين أن طلبات المطعون ضدها الأولى في حقيقتها هي منع الطاعنة من استعمال اسمها التجاري الذي اكتسبته طبقا للقانون رقم 55 لسنة 1951 في شأن الأسماء التجارية بالقيد في السجل التجاري منذ نحو عشرين عاما، فتنصب خصومة الدعوى على القرار الإداري الصادر من مصلحة الشركات بالترخيص بإنشاء الشركة الطاعنة بالاسم التجاري (... للإلكترونيات) ويختص بها القضاء الإداري وإن جاز القول بوجود ارتباط بين الاسم التجاري والعلامة التجارية فإن موضوع النزاع يدخل أيضا في اختصاص القضاء الإداري، لأن تسجيل أي علامة تجارية لا يكون إلا بقرار من مصلحة التسجيل التجاري، ويكون الاعتراض على هذا القرار والطعن منه أمام محكمة القضاء الإداري كما خالف الحكم حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 1ق اقتصادية القاهرة والتي أقيمت بذات الطلبات وقضى فيها بعدم الاختصاص الولائي والإحالة لمجلس الدولة، هذا فضلا عن أن قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 لم يرد به النص على اختصاص تلك المحاكم بالمنازعات الناشئة عن تطبيق قانون الأسماء التجارية رقم 55 لسنة 1951، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية جديدة لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى ولم يبحثها الحكم. لما كان ذلك، وكانت محكمة الجيزة الابتدائية قد قضت بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى الماثلة وبإحالتها إلى محكمة القاهرة الاقتصادية، وإذ استأنفت الطاعنة حكمها بالاستئنافين رقمي ...، ... لسنة 127ق القاهرة، فقد أصدرت محكمة الاستئناف حكمها بتأييد الحكم المستأنف بعد أن رفضت الدفع المبدى من الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا مقررة انعقاد الاختصاص بنظر الدعوى للقضاء العادي دون قضاء مجلس الدولة، فيكون هذا الحكم قد حاز قوة الأمر المقضي، كما أضحى باتا بقضاء هذه المحكمة برفض الطعن بالنقض الموجه إليه، الأمر الذي تكون معه مسألة اختصاص المحكمة الاقتصادية بنظر النزاع وعدم اختصاص القضاء الإداري به قد تم حسمها بذلك الحكم، ويمتنع على الخصوم العودة إلى مناقشتها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها، كما يمتنع على المحكمة معاودة النظر فيها لما هو مقرر من أن حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام، ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه مخالفا لحجية الحكم السابق، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الرابع من السبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، إذ تمسكت في دفاعها بطلب إعادة الدعوى للوقف التعليقي لعدم صيرورة الحكم الصادر في الاستئنافين رقمي ...، ... لسنة 127ق القاهرة باتا للطعن عليه بالنقض بالطعن رقم 8121 لسنة 81ق وعدم الفصل في هذا الطعن، فتكون مسألة اختصاص المحكمة الاقتصادية بنظر الدعوى الماثلة لم تحسم بعد بحكم بات ولا يجوز تعجيلها من الوقف، إلا أن الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الطلب ولم يرد عليه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تعليق أمر الفصل في الدعوى حتى يفصل في مسألة أخرى ترى المحكمة ضرورة الفصل فيها والحكم بوقفها لهذا السبب يجعل حكم الوقف حكما قطعيا فيما تضمنه من عدم جواز الفصل في موضوعها قبل تنفيذ مقتضاه بحيث يمتنع على المحكمة معاودة النظر في الموضوع قبل أن يقدم الدليل على تنفيذ ذلك الحكم، وكانت قوة الأمر المقضي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تثبت للحكم النهائي، ولا يمنع من ثبوتها أن يكون الحكم مما يجوز الطعن فيه بطريق النقض أو أنه طعن فيه بالفعل. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الاقتصادية قد قضت بتاريخ 14 من ديسمبر سنة 2010 بوقف الدعوى الماثلة تعليقا لحين الفصل في الاستئنافين رقمي ...، ... لسنة 127ق القاهرة اللذين أقامتهما الطاعنة طعنا في الحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القاهرة الاقتصادية. وإذ صدر حكم محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 15 من مارس سنة 2011 برفض هذين الاستئنافين، فقد عجلت المطعون ضدها الأولى دعواها من الوقف بعد أن تم تنفيذ مقتضى حكم الوقف التعليقي، وتلتزم المحكمة بمعاودة نظر الموضوع والفصل فيه، دون أن يؤثر في ذلك الطعن بالنقض على حكم محكمة الاستئناف سالف البيان، لثبوت قوة الأمر المقضي للحكم رغم الطعن عليه بالنقض، ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه على غير أساس، فضلا عن أن هذا النعي قد أضحى غير منتج بعد أن قضت هذه المحكمة برفض الطعن بالنقض على حكم الاستئناف المشار إليه.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الأول من السبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، إذ قدمت الحكم الصادر في الجنحة رقم ... لسنة 2004 جنح أول العاشر والذي قضى ببراءة مدير إنتاج الشركة من تهمة تقليد العلامة التجارية الخاصة بالشركة المطعون ضدها الأولى، وتمسكت في دفاعها بحجية هذا الحكم، كما قدمت تقرير إدارة العلامات التجارية في المحضر رقم ... لسنة 2011 جنح أول العاشر والذي أعيد قيده برقم ... لسنة 2011 جنح اقتصادية، وقد انتهى أيضا إلى عدم وجود تقليد لعلامة الشركة المطعون ضدها الأولى وأصدرت النيابة العامة بالبناء على ذلك أمرا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وهو يحوز حجية أمام محكمة الموضوع، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن مفاد نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الحكم الصادر في الجنحة رقم ... لسنة 2004 جنح أول العاشر قد قضى ببراءة المتهم من تهمة تقليد علامة تجارية على سند مما أورده في أسبابه من عدم وجود تشابه بين علامة الشركة الشاكية (المطعون ضدها الأولى) وهي " ... " وعلامة الشركة المشكو في حقها (الطاعنة) وهي ... أما المحضر رقم ... لسنة 2011 جنح أول العاشر فقد خلص تقرير إدارة العلامات التجارية المقدم فيه إلى أن الشركة المشكو في حقها (الطاعنة) لديها مجموعة علامات مسجلة بأسماء مختلفة هي (...) و(...) و(...) و(...)، وهي علامات لا تتشابه مع العلامة التجارية (...) المسجلة باسم الشركة الشاكية (المطعون ضدها الأولى)، وقررت النيابة العامة بالبناء على ذلك حفظ الأوراق إداريا لعدم توافر أركان جريمة تقليد علامة تجارية، وكانت الدعوى الماثلة قد أقامتها المطعون ضدها الأولى للحكم بعدم أحقية الطاعنة في استعمال اسمها التجاري وعلامتها التجارية (...) وتعويضها عن ذلك استنادا إلى أن الطاعنة قامت باستعمال هذا الاسم على منتجاتها مما يؤدي إلى اللبس والخلط واعتقاد جمهور المستهلكين بوجود صلة بين الشركتين، الأمر الذي يبين منه اختلاف موضوع الدعوى الماثلة عن جريمة تقليد علامة تجارية موضوع الجنحتين ... لسنة 2004، ... لسنة 2011 جنح أول العاشر، فضلا عن تعلقهما بعلامات تجارية أخرى مختلفة مملوكة للطاعنة وليست محلا لمنازعة من المطعون ضدها الأولى، فلا يكون للحكم الصادر في الجنحة الأولى أو لقرار النيابة العامة في الجنحة الثانية أية حجية أمام المحكمة المدنية وهي بصدد الفصل في موضوع الدعوى الماثلة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر والتفت عما تمسكت به الطاعنة في هذا الشأن فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بباقي وجوه السببين الأول والثاني وبالسبب الثالث من أسباب الطعن على أن الحكم المطعون فيه أنه قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت في الأوراق وشابه القصور في التسبيب، ذلك أن الشركة الطاعنة قد قيدت اسمها التجاري وهو (... للإلكترونيات) بالسجل التجاري داخل مصر منذ عام 1998 واستقر وضعها ومركزها القانوني على ذلك فتكون هي المالكة لهذا الاسم ويحق لها استعماله، في حين أن الشركة المطعون ضدها الأولى لم تقيد اسمها التجاري في أي من مكاتب التسجيل التجاري داخل مصر فتنحسر عنها أي حماية قانونية مقررة للاسم التجاري، وقد أوجب قانون حماية المستهلك على كل منتج وضع اسمه التجاري على منتجاته، فلا يكون استعمال الطاعنة لاسمها التجاري ووضعه على منتجاتها خطأ يرتب مسئوليتها بل هو حق لها وواجب عليها. فضلا عن أن الأسماء التجارية تخضع لقوانين إقليمية ولا يوجد ما يمنع من استخدام شركتين في دولتين مختلفتين لذات الاسم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ومنع الطاعنة من استعمال اسمها التجاري، ورتب مسئوليتها التقصيرية عن استعمالها له وافترض سوء نيتها دون أن يفصح عن دليله على ذلك وبالمخالفة للثابت في الأوراق، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الغرض من العلامة التجارية هو أن تكون وسيلة لتمييز المنتجات والسلع، ويتحقق هذا الغرض بالمغايرة بين العلامات التي تستخدم في تمييز سلعة معينة بحيث يرتفع اللبس بينها ولا يقع جمهور المستهلكين في الخلط والتضليل وإذ كان الاسم التجاري - على خلاف العلامة التجارية - يستخدم لتمييز المنشآت التجارية أو الصناعية عن غيرها من المنشآت المماثلة، فإن المشرع قد أجاز - في المادة 63 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 - أن تكون العلامة التجارية اسما من الأسماء إذا اتخذت شكلا مميزا، فيقوم الاسم التجاري على هذا النحو بوظيفة العلامة التجارية علاوة على وظيفته في تمييز المنشأة التجارية أو الصناعية، ويتمتع في هذه الحالة بالحماية القانونية المقررة للعلامات التجارية بالإضافة إلى الحماية المقررة للاسم التجاري، وكان مفاد نص المادة 68 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية سالف البيان أن المشرع التزاما منه بأحكام الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها مصر قرر حماية خاصة للعلامة التجارية المشهورة، فكفل لصاحبها التمتع بالحماية القانونية المقررة للعلامات التجارية إذا كانت تلك العلامة مشهورة داخل مصر بالإضافة إلى شهرتها العالمية، دون أن يلزم لتمتعها بهذه الحماية تسجيلها داخل مصر، فيحق لصاحب العلامة المشهورة، سواء كانت مسجلة في مصر أو غير مسجلة، التمتع بجميع الآثار القانونية المترتبة على ملكية العلامة التجارية، من تقرير حقه في احتكار استغلالها ومنع الغير من الاعتداء عليها بأي صورة من صور الاعتداء، وحقه في الالتجاء إلى دعوى المنافسة غير المشروعة - وفقا للمادة 66 من قانون التجارة - بما تكلفه من إزالة الضرر الواقع عليه والحق في التعويض عن الضرر الناجم عن ذلك، بل إن المشرع أوجب على مصلحة التسجيل التجاري أن ترفض من تلقاء ذاتها تسجيل أي علامة مطابقة لعلامة مشهورة، إذا كان استخدامها لتمييز منتجات تماثل المنتجات التي تستخدم العلامة المشهورة في تمييزها، ما لم يكن الطلب مقدما من صاحب العلامة المشهورة، وأوجب عليها ذلك أيضا ولو كانت المنتجات غير متماثلة، بشرط أن تكون العلامة المشهورة في هذه الحالة مسجلة في إحدى الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية وفي مصر، وأن يكون استخدام العلامة على المنتجات غير المتماثلة من شأنه أن يحمل الغير على الاعتقاد بوجود صلة بين صاحب العلامة المشهورة وتلك المنتجات، وأن يؤدي ذلك إلى إلحاق ضرر بصاحب العلامة المشهورة، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المنافسة غير المشروعة تعد من حالات الخطأ التقصيري التي توجب المسئولية عن تعويض الضرر المترتب عليه إعمالا للأصل العام الوارد بنص المادة 163 من القانون المدني، وأن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مادام هذا الاستخلاص سائغا مستمدا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها الأولى قد اتخذت من اسمها التجاري وهو اسم ( ...) علامة تجارية لها سجلتها في مصر عن فئات عديدة، واستعملتها لتمييز منتجاتها المختلفة منذ عام 1963 وحتى الآن، مما أكسبها شهرة عالمية وداخل مصر لا خلاف عليها. ومن ثم فإنها تتمتع بالحماية التي قررها القانون للعلامة التجارية المشهورة، ويمتنع على الغير استخدام علامتها لتمييز أي منتجات أخرى خلاف تلك التي تنتجها المطعون ضدها الأولى المالكة لها. وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الشركة الطاعنة قد ضمنت اسمها التجاري كلمة " ... " ووضعتها على منتجاتها، وهي من ذات نوعية منتجات الشركة المطعون ضدها الأولى وفئاتها، وهو ما من شأنه تضليل جمهور المستهلكين وإحداث اللبس والخلط بين المنتجات ويدفع إلى الاعتقاد على خلاف الواقع بوجود صلة بين الشركتين وأن الشركة الطاعنة هي نائبة أو وكيله عن الشركة المطعون ضدها الأولى أو مكلفة على نحو ما بالترويج لها، فتشكل هذه الأفعال صورة من صور الخطأ الذي من شأنه أن يخدع الغير المتعامل معها ويحمله على الاعتقاد بأن لها حقوقا على الاسم والعلامة ( ... ) على خلاف الواقع، ورتب على ذلك قضاءه بمنعها من استعمال اسم (...) وبإلزامها بالتعويض عن ذلك، ولما كانت هذه الأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه في استخلاص خطأ الشركة الطاعنة هي أسباب سائغة مستمدة من عناصر لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع التقديرية لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم غير مقبول.

ثالثا: الطعن رقم 9627 لسنة 82ق:
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ إن خطأ الشركة المطعون ضدها الأولى المتمثل في استعمالها الاسم والعلامة التجارية ( ... ) وأقرانها باسمها بسوء قصد وسوء نية، وما ترتب على ذلك من خلط ولبس وإدخال الغش على جمهور المستهلكين للإيحاء بأنها تابعة للشركة الطاعنة أو إحدى فروعها، قد أدى إلى إلحاق أضرار مادية وأدبية عديدة إذ خسرت خسائر فادحة فضلا عن الإساءة إلى سمعتها وجودة منتجاتها، وما تكبدته من مبالغ كبيرة في سبيل المحافظة على اسمها وعلامتها التجارية على مستوى العالم، كما حققت المطعون ضدها الأولى مكاسب كبيرة من استخدام علامتها، وقد قدمت المستندات التي تؤكد ذلك، إلا أن الحكم المطعون فيه جاء تقديره للتعويض غير جابر لتلك الأضرار مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه في خصوص ما قضى به من تعويض.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن تقدير التعويض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع بحسب ما يراه مناسبا لجبر الضرر مستهديا في ذلك بظروف الدعوى وملابساتها، مادام تقديره قائما على أسباب سائغة تبرره. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع- بما لديها من سلطة تقديرية - قد خلصت إلى توافر الخطأ في حق المطعون ضدها الأولى لاستعمالها اسم وعلامة ( ...) على منتجاتها، والمملوكين للشركة الطاعنة، وقدرت مبلغ مائة ألف جنيه تعويضا عن الأضرار المادية التي لحقت بالطاعنة والتي تمثلت فيما تكبدته من مبالغ مالية ومصاريف ورسوم لتحذير عملائها ولإثبات أحقيتها في الاسم والعلامة التجارية المملوكين لها، وأن هذا المبلغ يعد كافيا لجبر ما لحقها من خسارة، أما ما فاتها من كسب فإن ما قدمته من إقرارات المطعون ضدها الأولى لمصلحة الضرائب على المبيعات وتقرير مراقب حساباتها لا يعد دليلا كافيا على ذلك، كما قدرت المحكمة مبلغ مائتي ألف جنيه تعويضا عن الضرر الأدبي الذي لحق الطاعنة، والمتمثل في الإساءة لسمعتها بسبب الاعتداء على اسمها وعلامتها التجارية، وكان هذا التقدير يقوم على أسس مقبولة ويستند إلى أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى الحكم إليها وتكفي لحمله، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن بسبب الطعن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع التقديرية، تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة، ويضحى من ثم غير مقبول. 

الاثنين، 16 نوفمبر 2020

الطعنان 18171 لسنة 76 ق ، 128 لسنة 77 ق جلسة 23 / 12 / 2013 مكتب فني 64 ق 149 ص 992

جلسة 23 من ديسمبر 2013
برئاسة السيد القاضي/ سيد محمود يوسف "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ أحمد سليمان، بليغ كمال، مجدي زين العابدين "نواب رئيس المحكمة" وأيمن كامل. 
--------------------- 
(149)
الطعنان 18171 لسنة 76 ق ، 128 لسنة 77 القضائية
(1) محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة لإجراءات الدعوى ونظرها والحكم فيها: سلطتها بالنسبة التكييف الدعوى".
محكمة الموضوع. سلطتها في تكييف الدعوى وفق ما تتبينه من وقائعها وإنزال وصفها الصحيح في القانون عليها. 
(2) ملكية "حق الملكية بوجه عام: وسائل حماية حق الملكية: عدم جواز نزع الملكية جبرا دون اتباع الإجراءات القانونية".
لحق الملكية حصانة. أثره. حمايته من اعتداء جهة الإدارة أو الأفراد عليه. م 805 مدني. 
(3) استيلاء "استيلاء الحكومة على العقارات".
استيلاء الحكومة على عقار جبراً دون اتباع إجراءات نزع الملكية. اعتباره غصباً يستوجب مسئوليتها عن تعويضه ولا ينقل بذاته الملكية للجهة الغاصبة. 
(4) تقادم "ما لا يسقط بالتقادم: دعوى الاستحقاق".
دعوى الاستحقاق. رفعها من المالك لاسترداد ملكه من غاصبه. أثره. عدم سقوطها بالتقادم. علة ذلك. . دعوى مطالبة المالك بقيمة العقار محل الغصب. اعتبارها مطالبة بإلزام المدين الغاصب بتنفيذ التزامه بالرد بطريق التعويض في حالة تعذر التنفيذ عينا. أثره. عدم سقوطها بالتقادم. 
(5) نزع ملكية "التعويض عن نزع الملكية: تقدير التعويض عن نزع الملكية".
قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الجهة نازعة الملكية بتعويض نقدي قدره للمطعون ضده لاستحالة التنفيذ العيني برد العقار المستولى عليه. صحيح. علة ذلك. النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. غير صحيح. 
(6) نقض "أسباب الطعن بالنقض: السبب المتعلق بدفاع لا حق للطاعن في إبدائه".
عدم جواز التمسك بتملك العقار بالمدة الطويلة المكسبة للملكية لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك. 
(7) نقض "أسباب الطعن بالنقض: السبب المتعلق بدفاع لا حق للطاعن في إبدائه".
ثبوت، تمسك الطاعن بصفته باكتسابه ملكية الأرض موضوع النزاع بمضي المدة لأول مرة أمام محكمة النقض دون محكمة الموضوع. غير مقبول. علة ذلك. 
(8) نزع ملكية "التعويض عن نزع الملكية: تقدير التعويض عن نزع الملكية".
استيلاء الحكومة على عقار جبرا عن صاحبه دون اتباع الإجراءات القانونية. اعتباره غصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض. مؤداه. وجوب تعويض المالك كمضرور من عمل غير مشروع سواء كان الضرر قائما وقت الغصب أو ما تفاقم بعد ذلك إلى تاريخ الحكم. مؤداه. تقدير التعويض بقيمة العقار وقت رفع الدعوى لا وقت الاستيلاء عليه. اعتداد الحكم المطعون فيه في تقديره للتعويض بقيمة عقار النزاع وقت الاستيلاء عليه لا وقت رفع الدعوى. خطأ. 
------------------ 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يتعين على محكمة الموضوع تكييف الدعوى بما تتبينه من وقائعها وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون. 
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لحق الملكية حصانة تدرأ عنه الاعتداء الذي يصدر من جهة الإدارة أو الأفراد. 
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - إن استيلاء الحكومة على عقار جبرا عن صاحبه بدون اتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية للمنفعة العامة يعتبر بمثابة غصب وليس من شأنه أن ينقل ملكية العقار المغتصب للحكومة بل تظل هذه الملكية لصاحب العقار رغم هذا الاستيلاء . 
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يحق له (المالك) رفع دعوى الاستحقاق لاسترداد ملكه من غاصبه وهي لا تسقط بالتقادم لكون حق الملكية حقا دائما لا يسقط بعدم الاستعمال، وعند استحالة التنفيذ العيني برد العقار المغتصب يكون للمالك المطالبة بإلزام المدين الغاصب بالرد بطريق التعويض النقدي وهي أيضا لا تسقط بالتقادم، وإن كان للغاصب أن يدفعها بتملك العقار بالتقادم المكسب. 
5 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الدعوي الراهنة وفقا لطلبات المطعون ضده هي دعوى استحقاق عقار تم الاستيلاء عليه غصبا بعدم اتباع الجهة نازعة الملكية للإجراءات القانونية لنزع ملكيته للمنفعة العامة وأنها دعوي لا تسقط بالتقادم، وإذ لم تدع الجهة الغاصبة ملكيتها بالتقادم المكسب فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتعويض نقدي قدره لاستحالة التنفيذ العيني برد العقار يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي في هذا الشأن على غير أساس. 
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز التمسك لأول مرة أمام محكمة النقض بتملك العقار بالمدة الطويلة المكسبة للملكية باعتباره سببا جديدا لا يقبل التحدي به أمامها لأول مرة. 
7 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن بصفته لم يسبق له التمسك أمام محكمة الموضوع باكتسابه ملكية الأرض موضوع النزاع بمضي المدة الطويلة فإن تمسكه به لأول مرة أمام محكمة النقض يكون سببا جديدا، ومن ثم غير مقبول. 
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن استيلاء الحكومة على عقار جبرا عن صاحبه بدون اتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية للمنفعة العامة يعتبر بمثابة غصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض ويكون شأن المالك عند مطالبته بالتعويض شأن المضرور من أي عمل غير مشروع له أن يطالب بتعويض الضرر سواء ما كان قائما وقت الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك إلى تاريخ الحكم بما يستتبع تقدير التعويض بقيمة العقار وقت رفع الدعوى لا وقت الاستيلاء عليه، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح هذا الدفاع واعتد في تقديره للتعويض بقيمة أرض النزاع التي استولى عليها المطعون ضده بصفته دون اتخاذ الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية بوقت الاستيلاء عليها وليس وقت رفع الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. 
---------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده - في الطعن الأول - أقام الدعوي... لسنة... مدني كلي قليوب على الطاعن بصفته في ذات الطعن بطلب الحكم أولا باستحقاقه للعقار المبين بصحيفة الدعوى وفي حالة تعذر تسليمه إلزامه بتعويضه بقيمة العقار وقت رفع الدعوى وبمقابل الانتفاع المطلوب بالصحيفة، وقال بيانا لذلك إنه بموجب القرار... لسنة... تم الاستيلاء بغير سند من القانون وبطريق الغصب على الأرض المملوكة له ومساحتها 12 س 3 ط مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى للمنفعة العامة دون علمه كما لم تحو الكشوف اسمه أو المساحة المغتصبة فأقام الدعوي ومحكمة أول درجة ندبت خبيرا وبعد أن قدم تقريره حكمت بسقوط حقه بالتقادم. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف.... لسنة... ق طنطا "مأمورية شبرا الخيمة" وندبت المحكمة خبيرا وبعد أن قدم تقريره قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بصفته - في الطعن الأول - بأن يؤدى للمطعون ضده - في ذات الطعن - مبلغ التعويض والريع المقدر، طعن الطاعن بصفته في الطعن الأول والمطعون ضده في الثاني في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمي... لسنة... ق،... لسنة... ق، وقدمت النيابة فيهما مذكرتين أبدت الرأي برفض أولهما وفي الطعن الثاني بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعنان على المحكمة – في غرفة مشورة – أمرت بضم الثاني للأول وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها. 
------------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من وجهين ينعى الطاعن بصفته بالوجه الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بسقوط حق المطعون ضده في المطالبة بتعويض عن نزع ملكية أطيانه بالتقادم الطويل بعدم اعتراضه على الكشوف التي خلت من بيان أسمه والمساحة المستولى عليها منه في الميعاد، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى له بتعويض عنها فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يتعين على محكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تكييف الدعوى بما تتبينه من وقائعها وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون. لما كان ذلك، وكان النص في المادة 805 من القانون المدني على أنه "لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي يرسمها ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل" ومن ثم فإن لحق الملكية حصانة تدرأ عنه الاعتداء الذي يصدر من جهة الإدارة أو الأفراد، وإذ كان استيلاء الحكومة على عقار جبرا عن صاحبه بدون اتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية للمنفعة العامة يعتبر بمثابة غصب وليس من شأنه أن ينقل ملكية العقار المغتصب للحكومة بل تظل هذه الملكية لصاحب العقار رغم هذا الاستيلاء، ويحق له رفع دعوى الاستحقاق لاسترداد ملكه من غاصبه وهي لا تسقط بالتقادم لكون حق الملكية حقا دائما لا يسقط بعدم الاستعمال، وعند استحالة التنفيذ العيني برد العقار المغتصب يكون للمالك المطالبة بإلزام المدين الغاصب بالرد بطريق التعويض النقدي وهي أيضا لا تسقط بالتقادم، وإن كان للغاصب أن يدفعها بتملك العقار بالتقادم المكسب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الدعوى الراهنة وفقا لطلبات المطعون ضده هي دعوى استحقاق عقار تم الاستيلاء عليه غصبا بعدم اتباع الجهة نازعة الملكية للإجراءات القانونية لنزع ملكيته للمنفعة العامة وأنها دعوى لا تسقط بالتقادم، وإذ لم تدع الجهة الغاصبة ملكيتها بالتقادم المكسب فإن الحكم المطعون فيه إذ قضي بتعويض نقدي قدره لاستحالة التنفيذ العيني برد العقار يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي في هذا الشأن على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي بالوجه الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الدولة اكتسبت ملكية الأرض محل النزاع بالتقادم الطويل وأصبحت من أملاكها العامة بعد أن وضعت اليد عليها لمدة تزيد على خمس عشرة سنة منذ أن نزعت ملكيتها سنة 1983، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضده بالتعويض عنها فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لا يجوز التمسك لأول مرة أمام محكمة النقض بتملك العقار بالمدة الطويلة المكسبة للملكية باعتباره سببا جديدا لا يقبل التحدي به أمامها لأول مرة. وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن بصفته لم يسبق له التمسك أمام محكمة الموضوع باكتسابه ملكية الأرض موضوع النزاع بمضي المدة الطويلة فإن تمسكه به لأول مرة أمام محكمة النقض يكون سببا جديدا، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى بهم الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الجهة نازعة الملكية لم تتبع الإجراءات القانونية لنزع ملكية الأرض محل النزاع للمنفعة العامة ومن ثم تعتبر غاصبة لها مما يستتبع تقدير التعويض بقيمة الأرض وقت تعذر ردها وهو وقت رفع الدعوى لا وقت الاستيلاء عليها إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع واعتد في تقدير التعويض المقضي به له بقيمة الأرض وقت الاستيلاء عليها مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن استيلاء الحكومة على عقار جبرا عن صاحبه بدون اتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية للمنفعة العامة يعتبر بمثابة غصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض ويكون شأن المالك عند مطالبته بالتعويض شأن المضرور من أي عمل غير مشروع له أن يطالب بتعويض الضرر سواء ما كان قائما وقت الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك إلى تاريخ الحكم بما يستتبع تقدير التعويض بقيمة العقار وقت رفع الدعوى لا وقت الاستيلاء عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح هذا الدفاع واعتد في تقديره للتعويض بقيمة أرض النزاع التي استولى عليها المطعون ضده بصفته دون اتخاذ الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية بوقت الاستيلاء عليها وليس وقت رفع الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.